١ - باب في المكاتب يُؤَدِّي بعض كتابته فيعجِز أو
يموت
٣٩٢٦
- حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله،
حدَّثنا أبو بدرِ، حدَّثني أبو عُتتةَ -وهو إسماعيلُ بنُ عياش- حدَّثني سليمانُ
بنُ سليم، عن عمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيه عن جَدِّه، عن النبيِّ قال: «المكاتَبُ
عَبدٌ ما بَقِيَ عليهِ مِنْ مكَاتبتِه دِرهَمٌ» (١).
٣٩٢٧
- حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى،
حدَّثنا عبدُ الصَّمدِ، حدَّثنا همامٌ، حدَّثنا عباس الجُرَيرِيُّ، عن عمرِو بنِ
شُعيب، عن أبيه
عن جَدِّه، أن النبيَّ ﷺ قال:
«أيُّما عبدٍ كاتَبَ على مئة أوقِيَّة فأداها إلا عشرةَ أواقٍ فهو عبدٌ، وأيُّما
عبدٍ كاتب على مئة دينارٍ فأدّاها إلا عشرةَ دنانيرَ فهو عَبْدٌ» (٢).
(١) إسناده حسن. إسماعيل بن عياش روايته عن
أهل بلده مستقيمة وهذا منها، لأن شيخه هنا حمصي. على أنه متابع بمعنى حديثه في
الحديث التالي.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين»
(١٣٨٦) من طريق يحيى بن حمزة، والبيهقي ١٠/ ٣٢٤ من طريق إسماعيل بن عياش، كلاهما
عن أبي سلمة سليمان بن سُليم، به.
وانظر ما بعده.
(٢)
حديث حسن، وهذا إسناد اختُلف فيه في تعيين الراوي عن عمرو بن شعيب، فذكر المصنِّف
بإثر الحديث أنه ليس عباسًا الجُريريَّ الثقة -وهو ابن فرُّوخ- وأن مَن قال ذلك
فهو واهم، لأن هذا شيخ آخر، وأشار عبد الله بن أحمد بن حنبل إلى أنه كان في نسخة
أبيه: عباس الجُريري، فأصلحه الإِمام أحمد على وفق ما قال عبد الصمد: عباس
الجَزَري. وجاء عند النسائي من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن همام، فقال: عن
العلاء الجُريري. =
قال أبو داود: ليس هو عباس الجُريري،
قالوا: هُوَ وَهْمٌ، ولكنه هو شيخٌ آخر (١).
٣٩٢٨
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ،
عن الزهريِّ، عن نَبْهَانَ مكاتَبِ أمِّ سَلَمَةَ، قال: سمعتُ أمَّ سَلَمَةَ
تقولُ: قال لنا رسولُ الله ﷺ ِ: «إذا كان لإحداكُنَّ مُكاتَبٌ فكان عنْده ما
يُؤَدِّي فلتحتَجِبْ منه» (٢).
= وهذا لا يضر فقد تابعه أبو سلمة
سُليمان بن سُلَيم في الحديث السابق وحجاج بن أرطاة ويحيى بن أبي أُنيسة كما
سيأتي. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري مولاهم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٠٠٩)
من طريق عمرو بن عاصم، عن همام، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك (٥٠٠٨) من طريق أبي
الوليد الطيالسي، عن همام، عن العلاء الجُريري، عن عمرو بن شعيب، به وقال النسائي
بإثره: العلاء الجُريري كذا قال.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥١٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٠٠٧) من طريق الحجاج ابن أرطأة، والترمذي (١٣٠٦) من طريق يحيى بن أبي
أُنيسة، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٦٦) و(٦٧٢٦).
(١)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي والنسخة التي
شرح عليها السهارنفوري، وأشار هذا الأخير إلى أنها موجودة أيضًا في النسخة التي
شرح عليها المنذري والنسخة التي شرح عليها ابنُ رسلان، قلنا: وهي عندنا في (أ) لكن
بلفظ: قال أبو داود قالوا: ليس هو عباس الجريري، قالوا: وهْمٌ. ونبه على أنها في
رواية ابن العبد.
(٢)
إسناده ضعيف. نَبْهان مُكاتَب أم سلمة مقبول حيث يتابع، ولم يتابع على هذا الحديث
وتفرد به، قال الإِمام أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين، يعني هذا الحديث
=
٢ - باب بَيع المكاتب إذا فُسخت المكاتبة
٣٩٢٩
- حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ
القعنبيُّ وقتيبةُ بنُ سعيدٍ، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ شهابِ، عن عُروة
أنَّ عائشةَ أخبرته: أن بَرِيرَة
جاءت عائشةَ تستعينُها في كتابتِها، ولم تكن قَضَت مِن كتَابتِها شيئًا، فقالت لها
عائِشَةُ: ارجِعِي إلى أهلِكِ، فإن أحبُّوا أن أقْضِي عَنْكِ كتابتَك ويكُونَ
ولاؤُكِ لي فَعَلْتُ، فذكرت ذلك بَرِيرةُ لأهلِها، فأبَوْا، وقالوا: إن شاءَتْ أن
تحتسِبَ عليكِ فلتَفْعَلْ، ويكونَ لنا ولاؤك، فذكرتْ ذلك لِرسولِ الله ﷺ، فقال لها
رسولُ الله ﷺ: «ابتاعِي فأعْتِقي؟ فإنما الولاءُ لِمَن أعْتَقَ» ثم قام رسولُ الله
ﷺ ِ فقال: «ما بالُ أناسِ يَشترِطُونَ شُرُوطاَ ليست في كِتَابِ اللهِ؟ مَنِ
اشترطَ شَزطًا ليس في كِتَابِ اللهِ فليس له، وإن شَرَطَهُ مِئةَ مرةِ، شَرْطُ
اللهِ أحقُّ وأوثَقُ» (١).
= وحديث أفعمياوان أنتُما، قلنا: ومما
يدل على ضعفه عمل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بخلافه، فقد روى البيهقي في
«سننه» ١٠/ ٣٢٤ بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار قال: استأذنت على عائشة، فقالت: مَن
هذا؟ فقلتُ: سليمان، قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك، قال: قلت: عشر أواقٍ، قالت:
ادخُل، فإنك عبد ما بقي عليك درهم. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٢٠)، والترمذي
(١٣٠٧)، والنسائي في «الكبرى» (٥٠١١ -
٥٠١٦)
و(٩١٨٣) و(٩١٨٤) من طرق عن ابن شهاب
الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٧٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٣٢٢).
وانظر تمام الكلام على إسناده
وتخريجه في «مسند أحمد».
(١)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري،
والليث؟ هو ابن سعْد. =
٣٩٣٠ - حدَثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
وُهَيْبٌ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه
عن عائشة، قالت: جاءت بَريرَةُ
لِتَسْتَعِينَ في كِتابتهِا، فقالت: إني كاتبتُ أهْلي على تِسْعِ أواقٍ، في كُلِّ
عامٍ أُوقية، فأعينيني، فقالت: انْ أحبَّ أهلُكِ أن أعُدَّها عَدَّةً واحِدَةَ
وأُعْتِقَكِ ويكونَ ولاؤُكِ لي فَعَلْتُ، فذهَبَتْ إلى أهلِهَا، وساق الحديثَ نحو
الزهري، زادَ في كلامِ النبيِّ ﷺ في آخره:، «ما بالُ رِجَالٍ يقول أحدهم: أعْتِقْ
يا فلانُ والولاءُ لي، إنَّما الولاءُ لِمَنْ أعْتَقَ» (١).
٣٩٣١
- حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ يحيى أبو
الأصبغ الحرَّاني، حدَّثني محمد -يعني ابنَ سلمةَ- عن محمد بنِ إسحاق، عن محمدِ
بنِ جعفر بنِ الزبير، عن عُروة بن الزبير
= وأخرجه البخاري (٢٥٦٠) تعليقًا
و(٢٥٦١) و(٢٧١٧)، ومسلم (١٥٠٤)، والترمذي (٢٢٥٧)، والنسائي (٤٦٥٥) و(٤٦٥٦) من طريق
ابنُ شهاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٥٣).
وانظر ما سلف برقم (٢٩١٦).
وما سيأتي بعده.
(١)
إسناده صحيح. وُهَيب: هو ابن خالد.
وأخرجه البخاري (٢٠٦٠) و(٢٥٦٣)،
ومسلم (١٥٠٤)، وابن ماجه (٢٥٢١)، والنسائي (٣٤٥١) من طرق عن هشام بن عروة، به. وقد
صرح هشام بسماعه من أبيه عند مسلم.
وأخرجه بنحوه مختصرًا مسلم (١٥٥٤) من
طريق هشام بن عروة، عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٢٧٢)
و(٤٣٢٥).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٢٩١٦).
عن عائشة، قالت: وقَعَتْ جُويريةُ
بنتُ الحارث بنِ المُصْطَلِقِ في سَهْمِ ثابت بن قيس بن شمَّاس، أو ابنِ عمٍّ له،
فكاتَبت على نفسِها، وكانتِ امرأةً مُلاحةً تاخُذها العينُ، قالت عائِشةُ: فجاءت
تسألُ رسول الله ﷺ في كتابتها، فلما قامَتْ على البابِ فرأيتُها كَرِهْتُ مكانَها،
وعرفتُ أن رسولَ الله ﷺ سيرى منها مِثْلَ الذي رأيتُ، فقالت: يا رسول الله ﷺ، أنا
جُويريةُ بنتُ الحارِثِ، وأنا كان من أمرِي (١) ما لا يخفى عليكَ، وإني وقعتُ في
سهم ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شمّاس، وإني كاتبتُ على نفسي، فجئتُك أسالُك في كتابتي،
فقال رسولُ الله ﷺ:»فهل لك إلى ما هو خيرٌ منه؟، قالت: وما هو يا رسولَ الله؟ قال:
«أُؤدِّي عَنْكِ كتابتك وأتزوَّجُكِ» قالت: قد فعلتُ، قالت: فتسامع -تعني الناسَ-
أن رسولَ الله ﷺ ِ قد تزوَّج جُويريَةَ، فأرسلُوا ما في أيدِيهم من السَّبْي،
فاعتقُوهُمْ، وقالوا: أصهار رسول الله ﷺ، فما رأينا امرأةً كانت أعْظَمَ بركةً على
قومها منها، أُعتق في سَبَبِها مئةُ أهلِ بَيْتٍ من بني المُصْطَلِقِ (٢).
(١) جاء في (أ): وإنّا كان من أمرنا.
(٢)
إسناده حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب «السيرة» وقد
صرَّح بالسماع عند أحمد (٢٦٣٦٥) وغيره فانتفت شبهة تدليسه.
وهو في «السيرة» لابن إسحاق برواية
يونس بن بكير (٣٨٤)، ومن طريقه أخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (٧٢٥)، وأحمد
(٢٦٣٦٥)، وابن الجارود (٧٠٥)، وأبو يعلى (٤٩٦٣) والطبري في «تاريخه» ٢/ ٦١٠،
والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٧٤٨)، وفي «شرح معاني الآثار» ٣/ ٢١، وابن حبان
(٤٠٥٤) و(٤٠٥٥)، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (١٥٩)، والحاكم ٤/ ٢٦، والبيهقي ٩/ ٧٤
- ٧٥، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٧/ ٥٦ - ٥٧. =
قال أبو داود: هذا حجةٌ في أن الولي
هو يُزوِّجُ نفسَه.
٣
- باب في
العَتق على الشرط
٣٩٣٢
- حدَّثنا مُسَدَّدُ بن مُسَرهَدٍ،
حدَّثنا عبدُ الوارث، عن سعيد بنِ جُمْهان
عن سفينة، قال: كنت مملوكًا لأمِّ
سلمة، فقالت: أعتِقُكَ وأشترِطُ عليكَ أن تَخْدِمَ رسولَ الله ﷺ ما عِشْتَ، فقلتُ:
إن لم تشترطي عليَّ ما فارقت رسولَ الله ﷺ ما عِشْتُ، فاعتقتني واشترَطَتْ عليَّ
(١).
٤
- باب من
أعتقَ نصيبًا في مَملوكٍ له
٣٩٣٣
- حدَّثنا أبو الوليدِ الطَّيالسيُّ،
حدَّثنا همام. وحدَّثنا محمدُ بنُ كثير -المعنى- أخبرنا همَّام، عن قتادةَ، عن أبي
المليحِ، -قال أبو الوليد:-
عن أبيهِ، أنَّ رجلًا أعتق شِقْصًا
له من غلامٍ، فذُكِر ذلك للنبيِّ ﷺ، فقال: «ليس لله شَريكٌ» زاد ابنُ كثير في
حديثه: فأجازَ النبيُّ ﷺ عِتْقَهُ (٢).
= وانظر تمام تخريجه في «مسند أحمد».
قال الخطابي: قوله: «مُلاحة»: يقال:
جارية مليحة وملاحة: وفُعالة: يجئ في النعوت بمعنى التوكيد، فإذا شدد كان أبلغ في
التوكيد، كقوله سبحانه: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ [نوح: ٢].
(١)
إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان، فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٢٦)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٩٧٦) و(٤٩٧٧) من طريقين عن سعيد بن جُمهان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٩٢٧).
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله على قتادة كما بيناه
في «مسند أحمد» (٢٠٧٠٩). أبو المليح: هو ابن أسامة بن عُمير، وهمام: هو ابن يحيى
العوذي، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =
٥ - باب من أعتقَ نصيبًا له من مملوك بينه وبين آخر (١)
٣٩٣٤
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرني
همَّامٌ، عن قتادَةَ، عن النَّضرِ بنِ أنسٍ، عن بَشِيرِ بنِ نَهيك
عن أبي هريرة: أن رجلًا أعْتَقَ
شِقْصًا لهُ من غُلامٍ، فأجازَ النبيُّ ﷺ عِتْقَه، وغرَّمَهُ بقِيةَ ثمنِهِ (٢).
= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٥١)
من طريق أبي الوليد الطيالسي، ومن طريق حَبان بن هلال، كلاهما عن همام بن يحيى،
بهذا الإسناد. موصولًا.
وأخرجه النسائي (٤٩٥٢) من طريق سعيد
بن أبي عروبة، و(٤٩٥٣) من طريق هشام الدستوائي، كلاهما عن قتادة، عن أبي المليح،
مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٠٩) من طريق
سعيد بن أبي عروبة موصولًا، و(٢٠٧١٠) عن بهز بن أسد، عن همام مرسلًا، (٢٠٧١٦) عن
أبي سعيد مولى بني هاشم، عن همام موصولًا، و(٢٠٧١٨) عن أبي سعيد، عن هشام مرسلًا.
قال الخطابي: فيه دليل على أن المملوك يعتق كله إذا عتق الشقص منه، ولا يتوقف على
عتق الشريك الآخر وأداء القيمة ولا على الاستسعاء، ألا تراه يقول: فأجاز النبي ﷺ
عتقه، وقال: «ليس لله شريك» فنفى أن يقارّ الملك العتق، وأن يجتمعا في شخص واحد،
وهذا إذا كان المعتق موسرًا، فإذا كان معسرًا فإن الحكم بخلاف ذلك على ما ورد
بيانه في السنة، وسيأتي برقم (٣٩٣٧).
(١)
هذا العنوان أثبتناه من (أ)، وأشار إلى أنه في رواية ابن العبد، وهو عندنا في (هـ)
أيضًا وهي برواية ابن داسه.
(٢)
إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي.
وهو في «مسند أحمد» (٨٥٦٥).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٣٩٣٥ -
٣٩٣٩).
وما سيأتي برقم (٣٩٤٠).
قال الخطابي: وهذا يبين لك أن العتق
قد كمل له باعتاق الشريك الأول نصيبه منه، فلولا أنه قد استهلكه لم يكن لقوله:
«وغرمه بقية ثمنه» معنى، لأن الغرم يقع في الشيء المستهلك.
٣٩٣٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى،
حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرِ.
وحدَّثنا أحمدُ بنُ علي بنِ سُويدِ
مَنجُوفٍ، حدَّثنا روح بن عبادة، قالا: حدَّثنا شعبةُ
عن قتادة، بإسنادِه، عن النبيِّ ﷺ
قال: «من أعتق مملوكًا كان بَيْنَهُ وبين آخرَ فعليهِ خلاصُه» هذا لفظُ ابنِ
سُويدٍ (١).
٣٩٣٦
- حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا
معاذُ بنُ هِشام، حدَّثني أبي، وحدَّثنا أحمدُ بنُ علي بنِ سُويدٍ، حدَّثنا روح،
حدَّثنا هشامُ بنُ أبي عبدِ الله
عن قتادةَ، بإسناده، أن رسول الله ﷺ
قال: «من أعتقَ نصيبًا له في مملُوكٍ عَتَقَ مِن مالِه إن كان له مالٌ» ولم يذكُرِ
ابنُ المُثنى النضرَ ابن أنسٍ، وهذا لفظُ ابنِ سُويدٍ (٢).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٥٠٢)، وبإثر (١٦٦٧)،
والنسائي في «الكبرى» (٤٩٤٧) من طريق محمد بن جعفر، وبإثر (١٦٦٧) من طريق معاذ بن
معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. ولفظ محمد بن جعفر: عن النبي ﷺ قال
في المملوك بين الرجلين يعتق أحدهما، قال: يضمن. ولفظ معاذ العنبري: «من أعتق
شقيصًا من مملوك فهو حرٌّ في ماله. وهو في»مسند أحمد«(١٠٠٥١). وانظر ما قبله.
والشَّقيصُ: النصيب قليلًا كان أو
كثيرًا، ويقال له: الشِّقص أيضًا بحذف الياء.
(٢)
إسناده صحيح. روح: هو ابن عُبادة، وهثام: هو الدَّستُوائي.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٤٩٤٨) من
طريق أبي عامر العَقَدي، و(٤٩٤٩)
من طريق معاذ بن هشام، كلاهما عن
هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (١٠٨٧٣).
وانظر سابقيه.
٦ - باب من ذكر السِّعاية في هذا الحديث
٣٩٣٧
- حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا
أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، عن النضر بنِ أنسٍ، عن بَشيرِ بنِ نَهيك
عن أبي هريرة، قال: قال النبيُّ ﷺ:
«من أعتَقَ شَقِيصًا في مملوكِهِ، فعليه أن يُعْتِقَه كُلَّه إن كان لهُ مال، وإلا
اسْتُسْعِي العَبْدُ غيرَ مَشقُوقٍ عليهِ» (١).
(١) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٤٦)
من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، عن أبان بن يزيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٥٠٤) و(٢٥٢٦)،
ومسلم (١٥٠٣) من طريق جرير بن حازم، عن قتادة، به.
وانظر ما سلف برقم (٣٩٣٤)، وما بعده.
قال الخطابي: هذا الكلام [يعني ذكر
الاستسعاء] لا يثبته أكثر أهل النقل مسندًا عن النبي ﷺ ويزعمون أنه من كلام قتادة.
وقد تأوله بعض الناس، فقال: معنى السعاية أن يُستسعى العبد لسيده، أي: يستخدم،
ولذلك قال: «غير مشقوق عليه» أي: لا يحمّل فوق ما يلزمه من الخدمة بقدر ما فيه من
الرق، لا يطالب بأكثر منه.
وقال النسائي: بلغني أن همامًا رواه
فجعل هذا الكلام (أي الاستسعاء) من قول قتادة، وقال الإسماعيلي: قوله: «ثم استسعى
العبد» ليس في الخبر مسندًا، وإنما هو من قول قتادة مدرج في الخبر.
وقال ابن المنذر: هذا الكلام الأخير
من فتيا قتادة ليس في المتن.
قال الحافظ: ورواه عبد الله بن يزيد
المقرئ عن همام، فذكر فيه السعاية وفصلها من الحديث المرفوع.
أخرجه الإسماعيلي وابن المنذر
والدارقطني والحاكم في «علوم الحديث» والخطيب في «الفصل والوصل» كلهم من طريقه
ولفظه مثل رواية محمد بن كثير سواء، وزاد: =
٣٩٣٨ - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا
يزيدُ بن زُريعٍ.
وحدَّثنا علي بنُ عبدِ الله، حدَّثنا
محمدُ بنُ بشرٍ -وهذا لفظُه- عن سعيدِ ابنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قتادَة، عن النضرِ
بنِ أنس، عن بشير بنِ نَهيكٍ
عن أبي هريرة، عن رسولِ الله ﷺ قال:
«من أعتَقَ شِقْصًا -أو شَقيصًا- له، في مملوكٍ، فخلاصُهُ عليه في مالِه إن كانَ
له مال، فإن لم يكن له مال قُوِّمَ العبدُ قيمةَ عَدْلٍ، ثم استُسْعِيَ لِصاحبه في
قيمته غيرَ مشقوقٍ عليه» (١).
قال أبو داود: في حديثهما جميعًا
«فاستُسعي غيرَ مشقوقٍ عليه» وهذا لفظ علي (٢).
= فكان قتادة يقول: إن لم يكن له مال
استسعى العبد، قال الدارقطني: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: ما أحسن ما رواه همام
ضبطه وفصل بين قول النبي ﷺ وبين قول قتادة. هكذا جزم هؤلاء بأنه مدرج، وأبى ذلك
آخرون، منهم صاحبا «الصحيح» فصححا كون الجميع مرفوعًا، وهو الذي رجحه ابن دقيق
العيد وجماعة، وانظر تمام كلام الحافظ في «الفتح» ٥/ ١٥٨.
وانظر «نصب الراية» ٣/ ٢٨٢ - ٢٨٤،
و«تهذيب السنن» ٥/ ٣٩٦ - ٤٠٢ لابن القيم.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٤٩٢) و(٢٥٢٧)،
ومسلم (١٥٠٣) وبإثر (١٦٦٧)، وابن ماجه (٢٥٢٧)، والترمذي (١٣٩٧)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٩٤٣) و(٤٩٤٤) و(٤٩٤٥) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.
ورواية ابن ماجه مختصرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤٦٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٣١٨) و(٤٣١٩).
والشِقص والشقيص: النصيب في العين
المشتركة من كل شيء. وانظر ما قبله وما بعده.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن
الأعرابي.
٣٩٣٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا
يحيى وابنُ أبي عدي، عن سعيدٍ، بإسناده ومعناه (١).
قال أبو داود: رواه روحُ بنُ عُبادةَ
عن سعيدِ بنِ أبي عروبة، لم يذكر السِّعاية. ورواه جريرُ بنُ حازم وموسى بنُ خلَفٍ
جميعًا عن قتادةَ، بإسناد يزيدَ بنِ زُريع ومعناه، وذكرا فيه: السِّعايَةَ.
٧
- باب من
روى إن لم يكن له مال لم يُسْتَسعَ
٣٩٤٠
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
نافعٍ
عن عبدِ الله بنِ عمر، أنَّ رسولَ
الله ﷺ قال: مَنْ أعْتَقَ شركًا له في مملوكٍ أُقيم عليه قيمةُ العَدْلِ، فأعطى
شركاءهُ حِصَصَهُم، وأُعْتِقَ عليه العَبْدُ، وإلا فَقَد أُعتِقَ منه ما أَعتَقَ»
(٢).
٣٩٤١
- حدَّثنا مُؤمَّلٌ، حدَّثنا إسماعيلُ،
عن أيوبَ، عن نافعٍ
(١) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة،
ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم.
وأخرجه الترمذي (١٣٩٨) عن محمد بن
بشار، عن يحيى بن سعيد القطان وحده، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قَعْنَب.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٧٧٢، ومن
طريقه أخرجه البخاري (٢٥٢٢)، ومسلم (١٥٠١)، وبإثر (١٦٦٧)، وابن ماجه (٢٥٢٨)،
والنسائي في «الكبرى» (٤٩٣٧).
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٥٢٥)
و(٢٥٥٣)، ومسلم (١٥٠١)، وبإثر (١٦٦٧)، والنسائي (٤٩٣١) و(٤٩٣٢) و(٤٩٤١) و(٤٩٤٢) من
طرق عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٩٧) و(٥٩٢٠)،
و«صحيح ابن حبان» (٤٣١٦).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٣٩٤١ -
٣٩٤٧).
عن ابنِ عمر، عن النبيِّ ﷺ، بمعناه،
قال: وكان نافعٌ ربما قال: «فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ» وربما لم يَقلْهُ (١).
٣٩٤٢
- حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ العتكيُّ،
حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ، عن نافعِ عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ ﷺ، بهذا الحديثِ، قال
أيوبُ: فلا أدرِي هو في الحديثِ عن النبيِّ ﷺ أو شيءٌ قاله نافعٌ «وإلا عتَقَ منه
ماعَتَقَ» (٢).
٣٩٤٣
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ،
أخبرنا عيسى -يعني ابنَ يونس- حدَّثنا عُبيدُ اللهِ، عن نافعٍ
عن ابنِ عمر، قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ: «مَنْ أعْتَقَ شِركًا من مملوكٍ، فعليه عِتْقُهُ كُلِّهِ إن كان لهُ ما يَبلُغُ
ثمنَه، وإن لم يكن له مالٌ عَتَقَ نَصِيبُهُ (٣).
(١) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة
السختياني، واسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقسَم المعروف بابن عُلَيَّه، ومؤمّل: هو
ابن هشام اليشكري.
وأخرجه البخاري (٢٤٩١)، ومسلم
(١٥٠١)، والترمذي (١٣٩٥)، والنسائي في»الكبرى«(٤٩٣٣ - ٤٩٣٦) من طرق عن أيوب
السختياني، به.
وهو في»مسند أحمد" (٤٦٣٥).
وانظر ما قبله، وما بعده.
(٢)
إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد.
وأخرجه البخاري (٢٥٢٤)، ومسلم
(١٥٠١)، وبإثر (١٦٦٧) من طريق حماد ابن زيد، بهذا الإسناد.
وانظر سابقيه.
(٣)
إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عُمر العُمري، وعبسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق
السَّبيعي. =
٣٩٤٤ - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا
يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرني يحيى بنُ سعيدٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ ﷺ،
بمعنى حديث إبراهيم بنِ
موسى (١).
٣٩٤٥
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد بنِ
أسماءَ، حدَّثنا جويريةُ، عن نافع
عن ابنِ عمر، عن النبيِّ ﷺ، بمعنى
مالكٍ، ولم يذكر: «وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ». انتهى حديثُه إلى «وأُعتِق
عليه العبْدُ» على معناه (٢).
٣٩٤٦
- حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا
عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن الزُّهري، عن سالمٍ
عن ابن عمر، أن النبي ﷺ قال: «من
أعتَقَ شِرْكاَ له في عَبْدٍ عَتَق ما بقي في ماله إذا كان له مال يَبْلُغُ ثَمَنَ
العبدِ» (٣).
= وأخرجه البخاري (٢٥٢٣)، ومسلم
(١٥٠١)، وبإثر (١٦٦٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٢٥ - ٤٩٣١) من طرق عن عُبيد الله
بن عمر، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥١٥٠) و(٦٢٧٩).
وانظر ما سلف برقم (٣٩٤٠).
(١)
إسناده صحيح. يحى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه مسلم (١٥٠١)، وبإثر (١٦٦٧)،
والنسائي في «الكبرى» (٤٩٣٨ - ٤٩٤٠) من طرق عن يحى بن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٥١).
وانظر ما سلف برقم (٣٩٤٠).
(٢)
إسناده صحيح. جويرية: هو ابن أسماء.
وأخرجه البخاري (٢٥٠٣) عن مسدّد بن
مُسَرْهَد، عن جويرية بن أسماء، به.
وانظر ما سلف برقم (٣٩٤٠).
(٣)
إسناده صحح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعمر: هو ابنُ راشد، والحسن
بن علي: هو الحُلْواني الخَلاَّل. =
٣٩٤٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا
سفيانُ، عن عمرو بنِ دينارٍ، عن سالمٍ عن أبيه يَبْلُغُ به النبيَّ ﷺ: «إذا كان
العبْدُ بينَ اثنينِ، فأعتق أحدُهُما نصيبَهُ، فإن كانَ موسِرًا يُقَوَّمُ عليه
قيمةً لا وَكْسَ ولا شَطَطَ ثمَّ يُعْتَقُ» (١).
٣٩٤٨
- حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا
محمدُ بنُ جعفرٍ، حدَّثنا شعبةُ، عن خالدٍ، عن أبي بِشرٍ العنبريِّ، عن ابنِ
الثَّلِبِ
عن أبيه: أن رجلًا أعْتَقَ نصيبًا له
من مملوكٍ فلم يضمِّنه النبيَّ ﷺ. قال أحمدُ: إنما هو بالتاء -يعني التَّلِبَ-
وكان شعبةُ ألثغَ، لم يُبين التاءَ مِن الثاءِ (٢).
= وهو في«مصنف عبد الرزاق» (١٦٧١٢)،
ومن طريقه أخرجه مسلم بإثر (١٦٦٧)،
والترمذي (١٣٩٦)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٩٢٣) و(٤٩٢٤).
وهو في «مسند أحمد» (٤٩٠١).
وانظر ما بعده، وما سلف برقم (٣٩٤٠).
(١)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٢٥٢١)، ومسلم بإثر
(١٦٦٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٢١)
و(٤٩٢٢) من طريق سفيان بن عيينة،
بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٨٩).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٣٩٤٠).
قوله: «لا وَكْس ولا شَطَط» قال ابن
الأثير في «النهاية»: الوكس: النقص، والشَّطَط: الجَور.
(٢)
إسناده ضعيف لجهالة حال ابن التَّلِب -واسمه مِلقام، ويقال: هِلْقام- خالد: هو ابن
مهران الحذاء.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٥٠)
من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٠٩/ ٦٨).
٨ - باب فيمن ملك ذا رَحِمٍ مَخْرَمٍ
٣٩٤٩
- حدَّثنا مسلمُ بنُ ابراهيمَ وموسى
بنُ إسماعيلَ، قالا: حدَّثنا حمادُ ابنُ سلمةَ، عن قتادَةَ، عن الحسنِ
عن سمرةَ، عن النبي ﷺ وقال موسى في
موضع آخر: عن سمرة بن جندب فيما يحسب حمادٌ -قال: قال رسول الله ﷺ: «من مَلَك ذا
رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حُرٌّ» (١).
قال أبو داود: روى محمدُ بنُ بكْرٍ
البُرسَانيُّ عن حمادِ بنِ سَلَمةَ، عن قتادة. وعاصِم، عن الحسنِ، عن سمرة، عن
النبيِّ ﷺ، مثلَ ذلك الحديث. قال أبو داود: لم يُحدِّث هذا الحديثَ إلا حمادُ بنُ
سلمةَ، وقد شَكَّ فيه (٢).
٣٩٥٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ
الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، عن سعيدٍ، عن قتادةَ
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن
الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة -وهو ابن جندب. قتادة: هو ابن دعامة
السدوسي.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٢٤)، والتر مذي
(١٤١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٨٧٨ - ٤٨٨٢) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا
الإسناد. وقرن عد ابن ماجه والنسائي (٤٨٨٢) بقتادة عاصمًا الأحول.
وقد رواه غير حماد بن سلمة، عن قتادة
فلم يرفعه إلى النبي ﷺ، وإنما جعله من كلام عمر بن الخطاب وبعضهم يجعله من كلام
الحسن البصري.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠١٦٧) و(٢٠٢٢٧).
ويشهد له حديث ابن عمر عند ابن ماجه
(٢٥٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٨٧٧) وإسناده قوي كما بيناه في «سنن ابن ماجه».
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٣٩٥٠)
و(٣٩٥١) و(٣٩٥٢).
(٢)
مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من (هـ).
أن عمر بنَ الخطاب رضي الله عنه قال:
من مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حرٌّ (١).
٣٩٥١
- حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ
الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، عن سعيدٍ، عن قتادةَ
عن الحَسَنِ، قال: من مَلَكَ ذا
رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حرٌّ (٢).
٣٩٥٢
- حدَّثنا أبو بكْرِ بنِ أبي شَيبةَ،
حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن جابر بن زيد والحسن، مثلَه (٣).
(١) رجاله ثقات لكنه مرسل، فإن قتادة -وهو
ابن دعامة- لم يدرك عمر بن الخطاب. لكن صح عن عمر من طريق آخر كما سيأتي. سعيد: هو
ابن أبي عَروبة، وعبد الوهاب: هو ابن عطاء الخفّاف.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٨٨٣)
من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، و(٤٨٨٦) من طريق ابن أبي عدي، كلاهما عن سعيد
بن أبي عروبة، به.
وأخرجه كذلك (٤٨٨٧) و(٤٨٨٨) و(٤٨٨٩)
من طريق الحكم بن عتيبة، قال: قال عمر ... والحكم لم يدرك عمر بن الخطاب، بينه
وبين عمر في هذه الرواية رجلان: فقد أخرجه النسائي (٤٨٩٠) و(٤٨٩١) من طريق الحكم
بن عتيبة، عن إبراهيم ابن يزيد النخعي، عن خاله الأسود بن يزيد النخعي، قال: قال
عمر ... والأسود تابعي كبير مخضرم أدرك النبي ﷺ مسلمًا ولم يره. وهذا إسناد صحيح
متصل.
وانظر ما قبله.
(٢)
رجاله ثقات كسابقه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٨٨٥)
من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.
وانظر سابقيه، وما سيأتي بعده.
(٣)
رجاله ثقات. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٨٨٣)
من طريق سعيد بن أبي عروبة، و(٤٨٨٤) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي،
كلاهما عن قتادة، به.
وانظر ما سلف برقم (٣٩٤٩) و(٣٩٥٠)
و(٣٩٥١).
قال أبو داود: سعيد أحفظ من حَمَّاد
(١).
٩
- باب في
عَتْق أمهات الأولاد
٣٩٥٣
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سَلَمَةَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن خطَّابِ بنِ
صالحٍ مولى الأنصارِ، عن أمَّه
عن سلامةَ بنتِ مَعْقِلٍ -امرأةٍ من
خَارِجَة قيسِ عَيْلانَ- قالت: قَدِمَ بي عمي في الجاهلية، فباعني من الحُبابِ بنِ
عمرو أخي أبي اليَسَرِ بنِ عمرو، فَوَلَدْتُ له عبدَ الرحمن بنَ الحُباب، ثُمَّ
هَلَكَ، فقالت امرأتُه: الآنَ واللهِ تُباعِينَ في دَيْنِهِ، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ،
فقلتُ: يا رسولَ الله، إني امرأةٌ من خَارِجَة قيسِ عيلانَ، قَدِمَ بي عمي
المدينةَ في الجاهلية، فَبَاعَني مِن الحُبابِ بنِ عمرو أخي أبي اليَسَرِ بنِ
عَمرو، فولدتُ له عبد الرحمن، فقالت: امرأتُه: الآن والله تُباعِين في دَيْنه،
فقال رسول الله ﷺ: «مَنْ وَلِيُّ الحُبابِ؟» قيل: أخوه أبو اليَسَرِ بنُ عمرو،
فبعث إليه، فقال: «أعْتِقُوها، فإذا سَمِعْتُم برقِيقٍ قَدِمَ عليَّ، فأتوني
أُعَوِّضْكُم منها»، قالت: فأعتَقُوني، وقدِمَ على رسولِ الله ﷺ رَقِيقٌ
فعوَّضَهُمْ مني غلامًا (٢).
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ).
(٢)
إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مُدلِّس وقد عنعن، وأم خطاب بن صالح في عداد المجاهيل.
وأخرجه أحمد (٢٧٠٢٩)، وابن أبي عاصم
في «الآحاد والمثاني» (٣٤٢٣)، والطبراني في «الكبير» (٣٥٩٦) و٢٤/ (٧٨٠)، وفي
«الأوسط» (١٠٦٣)، والبيهقي ١٠/ ٣٤٥، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٧/ ١٤٦ من طريق
محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
٣٩٥٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن قيسٍ، عن عطاء عن جابرِ بنِ عبدِ الله، قال: بِعْنا أمهاتِ الأولادِ على
عَهْدِ رسولِ الله ﷺ وأبي بكرِ، فلما كانَ عُمَرُ نهانا، فانْتهَينَا
(¬١).
١٠
- باب في
بيع المدبر
٣٩٥٥
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا
هُشَيم، عن عبدِ الملك بنِ أبي سُليمانَ، عن عطاءٍ. وإسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن
سَلَمَةَ بنِ كُهيلٍ، عن عطاء
عن جابرِ بنِ عبد الله: أن رجلًا
أعتق غُلاماَ له عن دُبُرٍ منهُ، ولم يكن له مالٌ غيرُه، فأمرَ به النبيُّ ﷺ
فَبِيعَ بسبع مئةِ درهمٍ أو بتسع مئةٍ (٢).
(١) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح،
وقيس: هو ابن سعْد المكي، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥١٧)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٠٢١) و(٥٠٢٢)، من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر
بن عبد الله يقول: كنا نبيع سَراريَّنا وأمهات أولادنا، والنبي ﷺ حيٌّ، لا نرى
بذلك بأسًا. وإسناده صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٤٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٣٢٣) و(٤٣٢٤). قال البيهقي في سننه «الكبرى» ١٠/ ٣٤٨: ليس في شيء من
هذه الأحاديث أن النبي ﷺ علم بذلك فأقرهم عليه، وقد روينا ما يدل على النهي، والله
أعلم.
وقال ابن قدامة في المغني«١٤/ ٥٨٥:
إن أم الولد تعتق بموت سيدها من رأس المال ولا يجوز بيعها، ولا التصرف فيها بما
ينقل الملك من الهبة والوقف ولا ما يراد للبيع وهو الرهن، ولا تورث، لأنها تعتق
بموت السيد ويزول الملك عنها، روي هذا عن عمر وعثمان وعائشة وعامة الفقهاء، وروي
عن علي وابن عباس وابن الزبير إباحة بيعهن ... وفي»مصنف عبد الرزاق" (١٣٢٢٤)
بإسناد صحيح عن عبيدة السلماني قال: سمعت عليًا يقول: اجتمع رأي ورأي عمر في أمهات
الأولاد أن لا يُبعن، قال: ثم رأيت بعد أن يُبعن، قال عبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي
عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة، أو قال: في الفتنة، قال: فضحك علي.
(٢)
إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وهُشيم: هو ابن بَشير الواسطي.
=
٣٩٥٦ - حدَّثنا جَعفرُ بن مسافرِ
التَّنِّيسيُّ، حدَّثنا بِشرُ بن بكرٍ، أخبرنا الأوزاعيُّ، حدَّثني عطاءُ بنُ أبي
رباحٍ
حدَّثني جابِرُ بنُ عبدِ الله، بهذا،
زاد: وقال -يعني النبي ﷺ-: «أنت أحقُّ بثَمنِه واللهُ أغنى عنه» (١).
٣٩٥٧
- حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا
إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أيوبُ، عن أبي الزُّبيرِ
= وإسماعيل بن أبي خالد معطوف على عبد
الملك بن أبي سُليمان.
وأخرجه البخاري (٢٢٣٠) و(٧١٨٦)، وابن
ماجه (٢٥١٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٨٣ - ٤٩٨٥) و(٦٢٠٥) من طريق سلمة بن كُهيل،
به. ورواية بعضهم مختصرة.
وأخرجه بنحوه البخاري (٢١٤١)
و(٢٤٠٣)، ومسلم بإثر (١٦٦٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٨٠) و(٤٩٨١) و(٤٩٨٦) و(٥٩٣٨)
من طريق عطاء بن أبي رباح، به.
وأخرجه بنحوه أيضًا البخاري (٢٢٣١)
و(٢٥٣٤) و(٦٧١٦) و(٦٩٤٧)، ومسلم بإثر (١٦٦٨)، وابن ماجه (٢٥١٣)، والترمذي (١٢٦٢)،
والنسائي في «الكبرى» (٤٩٧٩) من طريق عمرو بن دينار، والبخاري (٢٤١٥) والنسائي في
«الكبرى» (٤٩٨٩) من طريق محمد بن المنكدر، كلاهما عن جابر بن عبد الله.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٣٣)
و(١٤٢١٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٣٤) و(٤٣١٧).
والمدبَّر: هو العبدُ الذي يُعتَق
بعدما يُدبِّره سيده ويموتُ.
وانظر تالييه.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل جعفر بن مسافر، وهو متابع.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٨٢)
من طريق عمر بن عبد الواحد السُّلمي، عن الأوزاعي، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٢٣٤)
و(٤٩٣٣).
وانظر ما قبله.
عن جابرِ: أن رجلًا مِن الأنصارِ
-«يُقال له: أبو مذْكُور- أعْتَقَ غلامًا له -يقال له: يعقوبُ- عن دُبُرٍ لم
يَكُنْ له مالٌ غيره، فدعا به رسولُ الله ﷺ، فقال:»مَنْ يَشْتَرِيهِ؟ فاشتراه
نُعيم بنُ عبدِ الله بن النَّخَّام بثمان مئة درهم، فدفعها إليه، ثم قال: «إذا كان
أحدُكُم فقيرًا، فليبدأ بنفْسِه، فإن كانَ فيها فضلٌ فعلى عِيالِه، فإن كان فيها
فَضْلٌ، فعلى ذِي قرابتِه -أو قال: على ذي رحِمِه- فإن كان فَضَلٌ فهاهنا وهاهنا»
(¬١).
١١
- باب فيمن
أعتق عَبيدًا له لم يبلُغْهم الثلُثُ
٣٩٥٨
- حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا
حماد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابَة، عن أبي المُهَلَّبِ
عن عِمرانَ بنِ حُصَينِ: أن رجلًا
أعْتَقَ ستةَ أعْبُدٍ عند موته، لم يكن له مالٌ غيرُهم، فبلغَ ذلك النبي ﷺ، فقال
له قولًا شَدِيْداَ ثم دعاهُمْ فجزّأهُمْ ثلاثةَ أجزاءٍ، فأقرع بينهم، فأعْتَقَ
اثنَينِ، وأرَقَّ أربعةً (٢).
(١) إسناده صحيح، وقد صرّح أبو الزبير -وهو
محمد بن مسلم بن تدْرُس المكي- بالسماع عند الشافعي في «مسنده» ٢/ ٦٨ وعبد الرزاق
(١٦٦٨١) وغيرهما، فانتفت شبهة تدليسه. على أنه روى هذا الحديث عنه الليث بن سعد
عند مسلم ولم يرو عنه الليث إلا ما ثبت سماعهُ له من جابر.
وأخرجه مسلم (٩٩٧) وبإثر (١٦٦٨)،
والنسائي في «الكبرى» (٤٩٨٨) من طريق الليث بن سعْد، ومسلم (٩٩٧)، والنسائي (٤٩٨٧)
من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٣٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٣٩) و(٤٩٣٤).
(٢)
إسناده صحيح. أبو المُهلَّب: هو الجَرمي، مختلف في اسمه، وهو عم أبي قلابة -وهو
عبد الله بن زيد الجرمي- وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحماد:
=
هو ابن زيد. =
٣٩٥٩ - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ
العزيزِ -يعني ابنَ المُختارِ- حدَّثنا عن أبي قِلابةَ، بإسناده ومعناه، لم
يَقُلْ: فقال له قولًا شديدًا (١).
٣٩٦٠
- حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّه، حدَّثنا
خالدُ بنُ عبدِ الله، عن خالدٍ، عن أبي قلابة عن أبي زيدِ: أن رجلًا مِن الأنصارِ،
بمعناه، وقال -يعني النبيَّ
ﷺ-: «لو شَهِدتُهُ قَبْلَ أن
يُدْفَنَ لم يُدْفَن في مَقَابِرِ المُسلِمِينَ» (٢).
= وأخرجه مسلم (١٦٦٨)، والترمذي
(١٤١٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٥٥)
من طريق أيوب السختياني، بهذا
الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٢٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٥٤٢).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٥٦ -
٤٩٥٨) من طريق الحسن البصري، عن عمران بن حصين. والحسن لم يسمع من عمران.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٤٥).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٣٩٥٩)
و(٣٩٦٠) و(٣٩٦١).
(١)
إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذاء.
وأخرجه ابن ماجه (٢٣٤٥) من طريق عبد
الأعلى بن عبد الأعلى السامي، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله، وما بعده.
(٢)
صحيح من حديث أبي قلابة عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين. دون قوله: «لو شهدته قبل
أن يُدفن لم يدفن في مقابر المسلمين» وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، لأن أبا قلابة
-وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يسمع من أبي زيد -وهو عمرو بن أخطب- كما قال أبو
حاتم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٥٤)
من طريق عمرو بن عون، عن خالد بن عبد الله الطحان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٨٩١).
=
٣٩٦١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ
بنُ زيدٍ، عن يحيى بنِ عَتيق وأيوبَ، عن محمدِ بنِ سِيرينَ
عن عِمرانَ بنِ حُصَين: أن رجلًا
أعْتَقَ سِتَّةَ أعْبُدٍ عند موتِه ولم يَكُنْ لهُ مالٌ غيرُهم، فبلغَ ذلكَ
النبيَّ ﷺ، فأقْرَعَ بينَهم، فأعْتَقَ اثْنَيْنِ، وأرقَّ أربَعَةً
(¬١).
١٢
- باب فيمن
أعتق عَبْدًا وله مالٌ
٣٩٦٢
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا
ابنُ وهبٍ، أخبرني ابنُ لَهِيعَةَ والليثُ ابنُ سعد، عن عُبيد اللهِ بن أبي
جَعفرٍ، عن بُكير ابن الأشَجِّ، عن نافعٍ
= والمحفوظ في هذا الحديث ما رواه عبد
الأعلى وعبد العزيز بن المختار كما في الطريق السالف قبله: عن خالد الحذاء، عن أبي
قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران ابن حصين. موافقًا لرواية أيوب السختياني عن أبي
قلابة. في الحديث السالف برقم (٣٩٥٨).
وانظر ما قبله.
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (هـ):
قال أبو داود: خالد الحذّاء: هو المُنازل، وخالد بن عبد الله الواسطي يقال له:
الطحّان، وأبو عَروبة اسمه مِهْران، وهو أبو سعيد ابن أبي عَروبة، والأعمش سليمان
بن مِهران، وخالد الحذّاء كان على عمل السلطان في الجِسْر، وابن عُلية تولى على
الصدقة، وحبسه هارون. قال أبو داود: قال عبد الوارث لابن عُلية: ذهبت من عندنا
وأنت عالم، وجئتا وأنت أمير، فقال: العِيال والدَّين، فقال: أينساك الذي لا ينسى
الذَّرَّة في جُحرها. كان ابن عُلية يتشبّه بشمائل ابن عون، ولكنه بُلِي.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٦٦٨) من طريق هشام بن
حسان، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٥٨) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن محمد بن
سيرين، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩٣٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٠٧٥).
عن عبدِ الله بنِ عُمر، قال: قال
رسولُ الله ﷺ: من أعْتَقَ عَبْدًا ولَهُ مالٌ فمالُ العبدِ له، إلا أن يشترطَ
السَّيِّدُ«(¬١).
١٣
- باب في
عتق ولد الزنى
٣٩٦٣
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا
جرير، عن سهيلِ بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: ولدُ
الزَّنى شرُّ الثلاثَةِ» (٢).
(١) إسناده صحيح، وقد اختُلف في إسناده بين
نافع وسالم بن عبد الله بن عمر كما سلف بيانه برقم (٣٤٣٤).
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٢٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٩٦٢) من طريق عبيد الله ابن أبي جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٤٩٦١) من طريق أشهب،
عن الليث بن سعْد، عن عُبيد الله ابن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر فأسقط من
إسناده بُكير ابن الأشج.
وانظر ما سلف برقم (٣٤٣٣) و(٣٤٣٤).
(٢)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٠٩)
من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وقال سفيان الثوري وقد روى هذا الحديث
عن سهيل عند البيهقي ١٠/ ٥٩: يعني إذا عمل بعمل والديه.
لكن روي عن أم المؤمنين عائشة أنها
أنكرت على أبي هريرة تحديثه بهذا، وأخبرت أن النبي ﷺ إنما قصد إنسانًا بعينه، فقد
أخرج الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٩١٠)، والحاكم ٢/ ٢١٥، والبيهقي ١٠/ ٥٨ من
طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، قال: بلغ عائشة أن أبا
هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: «ولد الزنى شر الثلاثة» فقالت: يرحم الله أبا هريرة،
أساء سمعًا فأساء إجابة - هكذا في الحديث، وأما أهل اللغة فيقولون: إنه أساء سمعًا
فأساء جابة، =
وقال أبو هريرة: لأن أُمتِّع بِسَوطٍ
في سَبِيلِ الله أحبُّ إليَّ من أن أعتق ولد زِنْيةٍ.
١٤
- باب في
ثواب العتق
٣٩٦٤
- حدَّثنا عيسى بنُ محمدِ الرمليُّ،
حدَّثنا ضمرةُ، عن إبراهيمَ بن أبي عَبْلَةَ عن الغَريفِ ابنِ الدَّيْلمي، قال:
أتْيَنا واثلةَ بنَ الأسقعِ، فقلنا له: حدِّثنا حديثًا ليس فيه زيادةٌ ولا
نُقصانٌ، فغضب، وقال: إن أحدَكُم ليقرأ ومُصْحَفُه معلَّقٌ في بيتِه، فيزيدُ
وينقُص، قلنا: إنما أردنا حديثًا سمعتَه مِن النبي ﷺ، قال: أتينا رسولَ الله ﷺ ِ
في صاحِبٍ لنا أوْجَبَ -يعني النارَ- بالقتلِ، فقال: «أعتِقُوا عنه يُعْتقِ اللهُ
بِكُلِّ عُضْوٍ منه عُضْوًا منه من النَّار» (١).
= بلا ألف -ثم رجعنا إلى حديث الزهري،
عن عائشة- لم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل يؤذي رسولَ الله ﷺ، فقال رسولُ
الله ﷺ: «أما إنه مع ما به ولد زنى»، وقال رسول الله ﷺ: «هو شر الثلاثة».
وسلمة بن الفضل أثبت الناس في ابن
إسحاق، ومما يؤيد رواية ابن إسحاق هذه أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قيل لها:
هو شر الثلاثة (يعني ولد الزنى) عَابت ذلك، وقالت: ما عليه من وزر أبويه، قال
الله: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ أخرجه عنها عبد الرزاق (١٣٨٦٠)
و(١٣٨٦١)، والحاكم ٤/ ١٠٠، والبيهقي ١٠/ ٥٨ وإسناده صحيح.
وانظر تمام الكلام عليه في «مسند
أحمد» (٨٠٩٨).
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الغريف ابن الديلمي، وهو متابع.
ضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني.
=
١٥ - باب، أي الرقاب أفضل؟
٣٩٦٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنى، حدَّثنا
معاذُ بنُ هشامٍ، حدَّثني أبي، عن قتادة، عن سالمِ بنِ أبي الجَعْدِ، عن مَعْدانَ
بنِ أبي طلحةَ اليَعمَرِيِّ
عن أبي نَجِيحٍ السُّلَمي، قال:
حاصرْنا معَ رسولِ الله ﷺ بقصرِ الطائفِ، قال معاذٌ: سمعتُ أبي يقول: بِقَصْرِ
الطائفِ، بحصن الصائف، كلَّ ذلك، فسمعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «مَنْ بَلَغَ
بِسَهْمٍ في سبيلِ اللهِ عز وجل، فله درجةٌ» وساق الحديثَ، وسمعتُ رسولَ الله ﷺ
يقول: «أيُّما رجُلٍ مُسْلمٍ أعتقَ رجُلًا مسلمًا فإنَ اللهَ عز وجل جَاعِلٌ وقاءَ
كُلِّ عَظْمٍ من عِظَامِهِ عظمًا مِن عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِن النَّارِ، وأيُّما
امرأةٍ أعْتَقَتْ امرأةً مسلمةً، فإن الله عز وجل جاعلٌ وقاءَ كلِّ عظمٍ من
عظامِها عظمًا من عظام مُحَرَّرِها مِنَ النار يوم القيامة» (١).
= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٨٧٢)،
وابن حبان (٤٣٠٧) من طريق عبد الله ابن سالم الأشعري، والطحاوي في «شرح مشكل
الآثار» (٧٣٧) من طريق مالك بن أنس، كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: كنت
جالسًا بأريحاء، فمر بي واثلة بن الأسقع متوكئًا على عبد الله بن الديلمي، فأجلسه،
ثم جاء إليَّ فقال: عجبٌ ما حدثني الشيخ يعني واثلة، قلت: ما حدثك؟ قال ... فذكر
الحديث. وعبد الله بن الديلمي -وهو ابن فيروز- ثفة، فالإسناد صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠١٢) من حديث
الغريف الديلمي، عن واثلة. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه هناك.
(١)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله
الدَّسْتُوائي.
وأخرج الحديث الأول منه، وهو في فضل
الرمي في سبيل الله: النسائي في «المجتبى» (٣١٤٣) من طريق هشام الدستُوائي، بهذا
الإسناد. =
قال أبو داود: أبو نجيح السُّلَمي:
هو عَمرو بن عَبَسةَ.
٣٩٦٦
- حدَّثنا عبدُ الوهاب بنُ نَجْدةَ،
حدَّثنا بقيةُ، حدَّثنا صفوانُ بنُ عميرو، حدَّثني سَلِيمُ بنُ عامِرٍ، عن
شُرَحْبيلَ بنِ السِّمْطِ
أنَّه قال لِعمرو بنِ عبَسةَ:
حدِّثنا حديثًا سمعتَه مِنْ رسولِ الله ﷺ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «مَنْ
أعتقَ رقبةً مؤمنةً كانت فِداءَهُ مِن النَّارِ» (١).
= وأخرج الحديث الثاني النسائي في
«الكبرى» (٤٨٥٩) من طريق هشام الدستوائي، وأخرج الحديث الثاني في «الكبرى» (٤٨٦٨)
لكن دون ذكر إعتاق المرأة من طريق أبي عبد الرحمن الصُّنابحي؟ عن عمرو بن عبسة.
والحديثان في «مسند أحمد» (١٧٠٢٢).
وأخرج الترمذي (١٧٣٣)، والنسائي في
«المجتبى» (٣١٤٣) من طريق هشام الدستوائي، به. مرفوعًا: «من رمى بسهم في سيل الله،
فهو له عَدل مُحرَّر» وهذا جزء من الحديث الثاني لم يذكره المصنف هنا.
وأخرج هذه القطعة أيضًا ابن ماجه
(٢٨١٢) من طريق القاسم بن عبد الرحمن، والنسائي في «المجتبى» (٣١٤٢) و(٣١٤٥) من
طريق شرحبيل بن السِّمط، كلاهما عن عمرو بن عبسة.
وانظر تالييه.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- لكنه متابع في
الحديث السابق قبله؟ وفيما سيأتي.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٣١٤٢)
من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين»
(٩٥٧) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج الخولاني، عن صفوان بن عمرو،
بهذا الإسناد. وأبو المغيرة ثقة. =
٣٩٦٧ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا
شعبةُ، عن عمرو بنِ مُرةَ، عن سالمِ ابنِ أبي الجَعْدِ، عن شُرحبِيلَ بن السِّمط
أنه قال لِكعْبِ بنِ مُرَّةَ -أو
مُرَّة بنِ كعبٍ- حدِّثنا حديثًا سَمِعْتَهُ مِن رسولِ الله ﷺ ِ، فذكر معنى معاذٍ،
قوله: «أيُّمَا امرئٍ أعتق مُسلمًا، وأيما امرأةٍ أعتقتِ امرأةً» زاد «وأيُّما
رَجُلٍ أعتَق امرأتَينِ مسلمَتَينِ إلا كانتا فِكَاكَه مِنَ النَّارِ، يُجْزَى
مكانَ كُلِّ عظمَيْن منهما عظمٌ مِن عظامه» (١).
قال أبو داود: سالم لم يسمع من
شرحبيل، مات شرحبيل بصِفِّين.
١٦
- باب في
فضل العتق في الصحة
٣٩٦٨
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي حَبيبةَ الطائيِّ
= وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٣١٤٥)
من طريق خالد بن زيد أبي عبد الرحمن الشامي، عن شرحبيل بن السمط، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٢٠).
وانظر ما قبله.
(١)
صحيح دون قوله: «وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين ...» وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه،
لأن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل بن السِّمط كما قال المصنِّف بإثر الحديث.
وأخرجه ابن ماجه (٢٥٢٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٨٦٣) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٠٥٩).
وانظر سابقيه.
عن أبي الدَّرْدَاءِ، قال: قال رسولُ
الله ﷺ: مَثَلُ الذي يُعْتِقُ عِنْدَ الموتِ، كمثَلِ الذي يُهْدِي إذا شَبِعَ» (١).
آخر كتاب العتق
(١) إسناده ضعيف لجهالة أبي حبيبة الطائي،
فقد قال ابن معين في رواية عباس الدوري: لا أدري من هو. ومع ذلك صحح حديثه
الترمذي، وابن حبان والحاكم، وحسنه الحافظ في الفتح، ٥/ ٣٧٤! أبو إسحاق: هو عمرو
بن عبد الله السَّبيعي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه الترمذي (٢٢٥٦)، والنسائي
(٣٦١٤) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧١٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٣٦).
ويشهد له حديث أبي هريرة قال: قال
رجل لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: «أن تصَّدق وأنت صحيح حريص،
تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا ولفلان
كذا، وقد كان لفلان» وهو في «صحيح البخاري» (١٤١٩)، و«صحيح مسلم» (١٠٣٢)، وسلف عند
المصنف برقم (٢٨٦٥). وهذا لفظه.
أول كتاب الحروف (١)
٣٩٦٩
- حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ
النُّفيليُّ، حدَّثنا حاتِمُ بن إسماعيل، وحدَّثنا نصرُ بنُ عاصمٍ، حدَّثنا يحيى
بنُ سعيدٍ، عن جعفر بنِ محمد، عن أبيه
عن جابرٍ: أن النبيَّ ﷺ قرأ:
﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] (٢).
٣٩٧٠
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن عُروة عن عائشةَ: أن رجلًا قامَ مِن الليلِ، فقرأ،
فرفعَ صوتَه بالقُرآنِ،
فلما أصبح، قال رسولُ الله ﷺ:
يَرْحَمُ اللهُ فلانًا كَأَيِّنْ (٣) مِن آيةٍ أذكرنِيها الليلةَ كنتُ قد
أسقطتُها» (٤).
(١) جاء عنوان هذا الكتاب في رواية أبي عيسى
الرملى: كتاب القراءات وما يُروى عن النبي ﷺ فيها. أشار إليه في هامش (هـ).
(٢)
إسناده صحيح. وقد سلف برقم (١٩٠٥) ضمن حديث الحج الطويل وبرقم (١٩٠٩) وهذه القراءة
بكسر الخاء هي قراءة الأكثر، وقرأ ابن عامر ونافع بفتح الخاء.
انظر «حجة القراءات» ص ١١٣.
وانظر «قراءات النبي ﷺ» للدوري ص ٧١
و٧٢.
(٣)
المثبت من (هـ)، وهو الموافق لقراءة الجماعة في قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ
نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ [آل عمران:١٤٦]، وفي بقية الأصول:
كائن، وهي قراءة ابن كثير للآية، ومعنى كأيِّن وكائن معنى كم الخبرية.
(٤)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، وحماد: هو ابن سلمة.
وهو مكرر الحديث السالف برقم (١٣٣١).
=
٣٩٧١ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
عبدُ الواحِدِ بن زياد، حدَّثنا خُصَيفٌ، حدَّثنا مِقسَمٌ مولى ابنِ عباسِ، قال:
قال ابنُ عبَّاسِ: نزلت هذه الآية:
﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ [آل عمران:١٦١] في قطيفةٍ حمراءَ فُقِدَتْ
يومَ بدرٍ، فقال بعضُ الناسِ: لعلَّ رسولَ الله ﷺ أخذها، فأنزلَ اللهُ عز وجل:
﴿وَمَا
كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ إلى آخر الآية (١).
= قوله: «أسقطتها» قال أبو الطيب
العظيم آبادي: بصيغة المجهول أو المعروف من باب الأفعال، وعند البخاري: «كنتُ
أنسيتُها من سورة كذا وكذا. ورواية البخاري مفسِّرة لقوله:»أسقطتها«، فكأنه قال:
أسقطتها نسيانًا لا عمدًا، قاله الحافظ.
قال العلماء: ويجوز النسيان على رسول
الله ﷺ فيما ليس طريقه البلاغ والتعليم، قاله عياض والنووي وابن حجر رحمهم الله.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف خُصيف -وهو ابن عبد الرحمن- لكن روي الحديث بنحوه
من طريقين آخرين يصح بهما إن شاء الله.
وأخرجه الترمذي (٣٢٥٥) عن قتيبة بن
سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب.
وهو في»شرح مشكل الآثار«(٥٦٠١)
و(٥٦٠٢).
وأخرجه بنحوه الطبراني
في»الكبير«(١١١٧٤)، وفي»الأوسط«(٥٣١٣)، وفي»الصغير«(٨٠٣)، ومن طريقه الواحدي
في»أسباب النزول«ص ٨٤، والخطيب البغدادي في»تاريخه«١/ ٣٧٢ عن محمد بن أحمد بن يزيد
النرسي، عن أبي عمر حفص ابن عمر الدُّوري، عن أبي محمد اليزيدي، عن أبي عمرو بن العلاء،
عن مجاهد، عن ابن عباس. وهذا سند رجاله ثقات.
وأخرج الطبراني في»الكبير"
(١١٩٤٢) عن عبدان بن أحمد، عن محمد بن عبد الرحيم أبي يحيى صاعقة (وتحرف في
المطبوع إلى: حدَّثنا صاعقة)، عن عبد الوهاب الخفاف، عن هارون بن موسى، عن الزبير
بن الخريت، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ [آل
عمران:١٦١] يقول: أن يتهمه أصحابه. ورجاله ثقات أيضًا. =
قال أبو داود: يَغُلَّ مفتوحة الياء.
٣٩٧٢
- حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا
معتَمِرٌ، قال: سمعتُ أبي، قال:
سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ: قال
النبيُّ ﷺ: «اللهُمَّ إني أعوذُ بكَ من البَخَلِ والهَرَم» (١).
قال أبو داود: مفتوحة الباء والخاء.
٣٩٧٣
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
يحيى بنُ سُلَيم، عن إسماعيلَ بنِ كثيرٍ، عن عاصم بنِ لقيط بنِ صَبِرة
عن أبيه لقيط بنِ صَبِرَةَ قال: كنتُ
وافدَ بني المُنتفِقِ -أو في وفْدِ بني المُنتفِقِ- إلى رسولِ الله ﷺ، فذكرَ
الحديثَ، فقال -يعني النبيَّ ﷺ-: «لا تَحْسِبَنَّ» ولم يقل: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ﴾ (٢).
= وقوله: (أن يَغُلَّ): هو بفتح الياء
وضم الغين، أي: ما كان لنبي أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم، وهي قراءة ابن
كثير وأبي عمرو وعاصم، وقرأ الباقون: يُغَلَّ، بضم الياء وفتح الغين، أي ة ما كان
لنبي أن يَغُلَّه أصحابُه، أي: يخونوه، ثم أسقط (الأصحاب) فبقي الفعل غير مسمى
فاعله، وتأويله: ما كان لنبي أن يخان.
(١)
إسناده صحيح. معتمر: هو ابن سُليمان بن طَرْخان التيمي، ومحمد بن عيسى: هو ابن
الطبّاع البغدادي.
وقد سلف عند المصنف برقم (١٥٤٠).
وقال ابن زنجلة في: «حجة القراءات»
عند قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾
[النساء:٣٧]: قرأ حمزة والكسائي: بالبَخَل، بفتح الباء والخاء، وقرأ الباقون:
بالبُخل، وهما لغتان، مثل الحُزْن والحَزَن، والرُّشْد والرَّشَد.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سُليم -وهو الطائفي-، لكنه متابع.=
مكسورة السين (١).
٣٩٧٤
- حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا
سفيانُ، حدَّثنا عمرو بنُ دينارٍ، عن عطاء
= وأخرجه الشافعي في «مسنده» ١/ ٣٢ -
٣٣، وابن حبان (١٠٥٤) و(٤٥١٠)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٤٨٠)، والحاكم ٤/ ١١٠،
والبيهقي في «السنن» ٧/ ٣٠٣، وفي «المعرفة» (٦٥٧)، والبغوي في «شرح السنة» (٢١٣)
من طريق يحيى بن سُليم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٠)،
وأحمد (١٦٣٨٤)، والطبراني ١٩/ (٤٧٩)، والحاكم ٢/ ٢٣٢ - ٢٣٣، والخطيب في «موضح
الأوهام» ٢/ ٣٨٢ - ٣٨٣ من طريق ابن جريج، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٦٦) من
طريق داود بن عبد الرحمن العطار، وأحمد (١٦٣٨٢)، والبخاري في «التاريخ»الكبير«١/
٣٧٠، وابن قانع في»معجم الصحابة«٣/ ٨ - ٩، والحاكم ٢/ ٢٣٣، وأبو نعيم في»الحلية«٧/
١١١، والبيهقي في»الشعب«(٩٦٠٢) من طريق سفيان الثوري، والطبراني في»المعجم
الكبير«، ١٩/ (٤٨٣)، وفي»الأوسط«(٧٤٤٦) من طريق قرة بن خالد، أربعتهم عن إسماعيل
بن كثير أبي هاشم، به.
وقد سلف ضمن حديث مطول برقم (١٤٢).
وقوله: لا تحسِبن ولم يقل: لا
تَحْسَبَنَّ. قال النووي: مراد الراوي أن النبي ﷺ نطق بها مكسورة السين، ولم ينطق
بها في هذه القضية بفتحها، فلا يظن ظان أني رَوَيتُها بالمعنى على اللغة الأقرب،
أو شككت فيها أو غلطت، بل أنا متيقن بنطقه بالكسر.
وقال ابن الجوزي في»زاد المسير"
عند قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا
يُعْجِزُونَ﴾ [الأنفال:
٥٩].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو
والكسائي وأبو بكر عن عاصم (ولا تحسبن) بالتاء وكسر السين إلا أن عاصمًا فتح
السين، وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم: بالياء وفتح السين.
(١)
قوله: مكسورة السين، زيادة أثبتناها من (أ) وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.
عن ابن عباس، قال: لَحِقَ المسلمُون
رجلًا في غُنَيمةٍ له، فقال: السلامُ عليكم، فقتلوه، وأخذوا تلك الغنَيمةَ، فنزلت:
﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا
تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء:٩٤] تلك الغُنَيمة (١).
٣٩٧٥
- حدَّثنا سعيدُ بنُ منصورٍ، حدَّثنا
ابنُ أبي الزِّناد (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا حَجَّاجُ
بنُ محمدٍ، عن ابنِ أبي الزِّنادِ -وهو أشبعُ- عن أبيه، عن خارجةَ بن زيد بن ثابت
عن أبيه: أن النبي ﷺ كان يقرأ: (غيرَ
أولي الضَّرَر) (٢) ولم يقل سعيد: كان يقرأُ (٣).
(١) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح،
وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (٤٥٩١)، ومسلم (٣٠٢٥)، والنسائي في «الكبرى»
(٨٥٣٦) و(١١٠٥١) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الترمذي (٣٢٧٩) من طريق
سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٢٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٧٥٢).
قال ابن زنجلة في «حجة القراءات» ص
٢٠٩: قرأ نافع وابن عامر وحمزة: ﴿لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ﴾ بغير ألف،
أي: المقادة والاستسلام، وعن الربيع قال: الصلح. وقرأ الباقون: ﴿السَّلَامَ﴾ أي:
التحية وحجتهم في ذلك أن المقتول قال لهم: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا سَلبَه،
فأعلمَ اللهُ أن حق مَن ألقى السلام أن يُتبَيَّن أمرُه.
(٢)
المثبت في ضبط (غيرَ) بالنصب، من (أ) و(ب) وأشار في هامش (هـ) إلى أنه كذلك بالنصب
في رواية ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي واللؤلؤي من طريق أبي ذر.
وضبط في (هـ): (غيرُ) بالرفع.
والصحيح الذي أثبتناه بالنصب كما جاء منصوصًا عليه في «قراءات النبي ﷺ» لأبي حفص
الدوري من طريق ابن أبي الزناد. وكما ضبطت في أكثر روايات «السنن».
(٣)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل ابن أبي الزناد -واسمه
عبد الرحمن- فهو ضعيف يعتبر به، وقد توبع. =
٣٩٧٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، قال:
حدَّثنا. وحدثنا محمدُ بنُ العلاءِ قال: أخبرنا عبدُ الله بنُ المبارك، حدَّثنا
يونس بن يزيد، عن أبي علي بنِ يزيدَ، عن الزهري
عن أنسِ بنِ مالكٍ، - قال: قرأها
رسولُ الله ﷺ: ﴿وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] (١).
= وقد سلف بأطول مما هاهنا برقم (٢٥٠٧).
قال ابن زنجلة في «حجة القراءات» ص
٢٥٩ - ٢١٠: قرأ نافع وابن عامر والكسائي: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ بنصب الراء،
وقرأ الباقون بالرفع، قال الزجاج: فأما الرفع فمن جهتين: إحداهما: أن يكون «غير»
صفة للقاعدين ان كان أصلها أن تكون صفة للنكرة، المعنى: لا يستوي القاعدون الذين
هم غير أولي الضرر، أي: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون وإن كانوا كلهم
مؤمنين. قال: ويجوز أن يكون «غير» رفعًا على جهة الاستثناء. المعنى: لا يستوي
القاعدون والمجاهدون إلا أولو الضرر، فإنهم يساوون المجاهدين، لأن الذي أقعدهم عن
الجهاد الضرر.
ومن نصب جعله اسشناء من القاعدين،
وهو استثناء منقطع عن الأول، المعنى: لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر، فإنهم
يساوون، وحجتهم أن الأخبار تظاهرت بأن هذه الآية لما نزلت شكا ابن أم مكتوم إلى
رسول الله ﷺ عجزه عن الجهاد في سيل الله، فاستثنى اللهُ أهلَ الضرر من القاعدين
وأنزل: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ).
(١)
إسناده ضعيف لجهالة أبي علي بن يزيد - وهو ابن أبي النّجاد الأيلي، أخو يونس. فقد
جهّله أبو حاتم كما في «العلل» لابنه ٢/ ٧٩، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي
بإثر (٣١٥٧): تفرد ابن المبارك بهذا الحديث عن يونس بن يزيد.
وأخرجه الترمذي (٣١٥٦) عن أبي غريب
محمد بن العلاء، و(٣١٥٧) عن سويد ابن نصر، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا
الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٢٤٩) وزاد في
روايته: نصب النفس ورفع العين.
وانظر ما بعده. =
٣٩٧٧ - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرني أبي،
حدَّثنا عبدُ الله بنُ المباركِ، حدَّثنا يونسُ بنُ يزيدَ، عن أبي علي بنِ يزيدَ،
عن الزهريِّ
عن أنس بنِ مالك: أن رسولَ الله ﷺ
قرأ: (وكتبنا عليهم فيها أن النفسَ بالنفس والعينُ بالعين) (١).
٣٩٧٨
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ،
حدَّثنا فُضَيلُ بنُ مرزوقٍ، عن عطيَّةَ ابنِ سَعْد العَوفيِّ، قال:
قرأت على عبدِ الله بنِ عُمَرَ
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾ [الروم: ٥٤] فقال: ﴿مِنْ ضُعْفٍ﴾ قرأتُها على
رسولِ الله ﷺ كما قرأتَها عليَّ، فأخَذَ علىَّ كما أخذتُ عليك (٢).
= قال ابن مجاهد في «السبعة» ص ٢٤٤:
واختلفوا في الرفع والنصب من قوله: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ إلى قوله:
﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾: فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: ﴿أَنَّ النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ
بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ ينصبون ذلك، ويرفعون: ﴿وَالْجُرُوحُ﴾.
وقرأ عاصم ونافع وحمزة بنصب ذلك كله.
وقرأ الكسائي: ﴿أَنَّ النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ﴾ نصبًا، ورفع ما بعد ذلك كله.
(١)
إسناده ضعيف كسابقه.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف عطية بن سعْد العوفي. زهير: هو ابن معاوية، والنُّفَيلي: هو عبد
الله بن محمد بن علي بن نُفَيل.
وأخرجه الترمذي (٣١٦٤) و(٣١٦٥) من
طريق فضيل بن مرزوق، به، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن
مرزوق.
وهو في «مسند أحمد» (٥٢٢٧).
وانظر ما بعده.
ويريد ابن عمر أنه قرأ على النبي ﷺ
كلمة «ضعف» بفتح الضاد، فأقرأه النبي ﷺ «ضعف» بضمها.
قال البغوي في «تفسيره» ٣/ ٤٨٧: الضم
لغة قريش، والفتح لغة تميم. =
٣٩٧٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى القُطَعِيُّ،
حدَّثنا عُبيدٌ -يعني ابنَ عَقيل- عن هارونَ، عن عبدِ الله بنِ جابر، عن عطية
عن أبي سعيد، عن النبيَّ ﷺ: (من
ضُعْفٍ) (١).
٣٩٨٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
سفيانُ، عن أسلم المِنْقَرِيِّ، عن عبدِ الله، عن أبيه عبدِ الرحمن بنِ أبزى، قال:
قال أُبيُّ بن كعب: (بفضْل الله وبِرحمتِه فَبِذلِكَ فلتَفْرحوا) [يونس: ٥٨] (٢).
= وقال ابن زنجلة في «حجة القراءات» ص
٥٦٢: قرأ عاصم وحمزة: «من ضَعْفٍ» بفتح الضاد، وقرأ الباقون بالرفع، وهما لغتان
مثل: القَرْح والقُرْح.
وقال ابن الجزري في «النشر»٢/ ٣٣١:
واختلف عن حفص، فروى عنه عُبيد وعمرو أنه اختار فيها الضم خلافًا لعاصم للحديث
الذي رواه عن الفضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن ابن عمر مرفوعًا. وروينا عنه من
طرق أنه قال: ما خالفت عاصمًا في شيء من القرآن إلا في هذا الحرف.
(١)
إسناده ضعيف لضعف عطية -وهو ابن سعْد العَوفي- محمد بن يحيى القُطَعي: هو ابن أبي
حَزْم.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ٢/ ٢٣٨
من طريق عبد الله بن جابر، به.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزَى، فهو صدوق حسن الحديث. سفيان:
هو الثوري.
وأخرجه أحمد (٢١١٣٧)، والبخاري في
«خلق أفعال العباد» (٥٣٤) و(٥٣٥)، والطبري ١١/ ١٢٦، والشاشي (١٤٣٨)، والحاكم ٣/
٣٠٤، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢٥١، وفي «معرفة الصحابة» (٧٥١) و(٧٥٢)، والبيهقي
في «شعب الإيمان» (٢٥٩٤)، والضياء المقدسي في «المختارة» (١٢٢٨) من طريق أسلم
المنقري، بهذا الإسناد. وقد تصحفت الآية عند بعضهم في المطبوع إلى: «فليفرحوا»
بالياء، وإنما هي في قراءة أبيّ بالتاء، كما قال أبو داود بإثر الحديث.
وانظر ما بعده. =
٣٩٨١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله، حدَّثنا
المغيرةُ بنُ سَلَمَةَ، حدَّثنا ابنُ المبارَك، عن الأجْلَح، حدَّثني عبدُ الله
بنُ عبدِ الرحمن بن أبزى، عن أبيه
عن أُبيٍّ أن النبيَّ ﷺ قرأ: (بفضلِ
الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا، هو خيرٌ مما تجمعون) (١).
قال أبو داود: بالتاء (٢).
= وقوله: ﴿فلتفرحوا﴾، بالتاء المثناة
من فوق على أمر المخاطبين، وهي قراءة يعقوب الحضرمي أحد القراء العشرة في رواية
رُوَيس اللؤلؤي، وقرأ الباقون: ﴿فليَفرَحُواْ﴾، بالياء المثناة من تحت على أمر
الغائبين، وقرأ أبي بن كعب أيضًا في تتمة الآية: ﴿هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ﴾
[يونس:٥٨] بالتاء الفوقية على الخطاب، وبها قرأ ابن عامر الدمشقي وأبو جعفر المدني
ورُوَيس اللؤلؤي وقرأ الباقون: ﴿يَجْمَعُونَ﴾ بالياء التحتية على الغيبة، ورجح ابن
جرير الطبري قراءة الياء التحتانية في الحرفين جميعًا. انظر «جامع البيان» ١١/
١٢٦، و«حجة القراءات» ص ٤٢٤، و«النشر في القراءات العشر» ٢/ ٢٨٥.
(١)
حديث حسن. الأجلح -وهو ابن عبد الله بن حُجَيَّه الكِنْدي- ضعيف يعتبر به، وقد
توبع في الحديث السابق.
وأخرجه الطيالسي (٥٤٥)، وأبو عُبيد
في «فضائل القرآن» ص ٣٥٨، وأحمد (٢١١٣٦)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (٥٣٦)
و(٥٣٧) و(٥٣٨)، والطبري في «تفسيره» ١١/ ١٢٦، والشاشي في «مسنده» (١٤٣٧)، والحاكم
٢/ ٢٤٠ - ٢٤١، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢٥١، وفي «معرفة الصحابة» (٧٥٠)، والضياء
المقدسي (١٢٢٧)، والمزي في ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى من «تهذيب
الكمال»، وابن الجزري في «النشر في القراءات العشر» ٢/ ٢٨٥ من طريق الأجلح بن عبد
الله الكندي، به. وقد تصحفت الآية عند بعضهم في المطبوع إلى: ﴿فليَفرَحُواْ﴾
بالياء، وإنما هي في قراءة أبي بن كعب بالتاء كما قال المصنف بإثر الحديث. وقد جاء
إسناد الطيالسي في المطبوع: عن الأجلح، عن زر، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه.
عن أبي بن كعب، وهو خطأ.
وانظر ما قبله.
(٢)
قول أبي داود هذا أثبتناه من (أ). وأشار إلى أنه في رواية ابن العبد.
٣٩٨٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، أخبرنا ثابت، عن شَهْرِ ابنِ حَوْشَب
عن اْسماءَ بنتِ يزيدَ، أنها
سَمِعَتِ النبي ﷺ يقرأ: (إنه عَمِلَ غَيْرَ صالحٍ) (١).
٣٩٨٣
- حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ
العزيز -يعني ابنَ المختار- حدَّثنا ثابت، عن شهرِ بنِ حوشب، قال:
سألتُ أمَّ سلمةَ: كيفَ كانَ رسولُ
الله ﷺ يقرأُ هذه الآية: ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود: ٤٦] فقالت: قرأها: (إنه عَمِلَ غيرَ
صالح) (٢).
(١) حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف
شهر بن حوشب. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص
٣١١، والطيالسي (١٦٣١)، وأحمد (٢٧٥٦٩) و(٢٧٦٠٦) و(٢٧٥٩٥)، وأبو عمر حفص الدُّوري
في «قراءات النبي» (٦٠) و(٦١) و(٩٨) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
وله شاهد من حديث عائشة عند البخاري
في «التاريخ الكبير»١/ ٢٨٦ - ٢٨٧، والفراء في «معاني القرآن» ٢/ ١٧ - ١٨، وأبي عمر
حفص الدُّوري في «قراءات النبي» (٦٢)، والحاكم ٢/ ٢٤١ من طريق محمد بن جُحادة، عن
أبيه، عن عائشة. وجُحادة لم يرو عنه غير ابنه.
وآخر من حديث ابن عباس عند أبي الشيخ
في «طبقات المحدثين بأصبهان» ٢/ ٢٢، وأبي نعيم في «أخبار أصبهان» ١/ ٣٠٢ وإسناده
حسن في الشواهد.
ويؤيده أيضًا ما أخرجه عبد الرزاق في
«تفسيره» ٢/ ٣١٠، وسعيد بن منصور في قسم التفسير (١٠٩٢)، والطبري في «تفسيره» ١٢/
٥١ و٥٣ عن ابن عباس أنه قرأ: ﴿إنه عَمِلَ غيرَ صالح﴾ وإسناده صحيح. وقد قرأ بهذه
القراءة الكسائي ويعقوب كما في «النشر» ٢/ ٢٨٩.
(٢)
حديث حسن بشواهده كما سلف بيانه عند الحديث السابق. وأم سلمة هي=
قال أبو داود: رواه هارونُ النحويُّ
وموسى بنُ خلف، عن ثابتٍ، كما قال عبدُ العزيز.
٣٩٨٤
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا
عيسى، عن حمزةَ الزياتِ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباس
عن أُبي بنِ كعب، قال: كان رسولُ
الله ﷺ إذا دعا بَدَأ بنفسه، وقال: «رحمةُ الله علينا وعلى موسى، لو صَبَرَ لرأى
مِن صاحِبِه العَجَبَ، ولكنه قال: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا
تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾ [الكهف: ٧٦]. طوَّلها حمزة (١).
= كنية أسماء بنت يزيد فيما قاله عبد
بن حميد وأبو زرعة والخطيب البغدادي وغيرهم، وهو الذي استظهره ابن كثير
في»تفسيره«، وقال الحافظ في»النكت الظراف«١٣/ ١١: جزم جماعة من الأئمة بأن أم سلمة
التي روى عنها شهر هي أسماء بنت يزيد الأنصارية، لكن وقع في بعض حديثه وصفها بأم
المؤمنين، فإن ثبت، تعينت أنها زوجُ النبي ﷺ. ثابت: هو ابنُ أسلم البناني.
وأخرجه الترمذي (٣١٥٩) و(٣١٦٠) من
طريقين عن ثابت البناني، به. وهو في»مسند أحمد«(٢٦٥١٨).
وانظر ما قبله، فقد ذكرنا ثَمَّ
شواهدَه.
(١)
إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وحمزة الزيات: هو ابن
حبيب، وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
وأخرجه مسلم (٢٣٨٠)، والنسائي
في»الكبرى«(١١٢٤٤) من طريق رقبة بن مصقلة، ومسلم (٢٣٨٠) (٥٨١٣) من طريق إسرائيل بن
يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، و(١١٢٤٨) من طريق حمزة الزيات، ثلاثتهم عن أبي إسحاق
السبيعي، بهذا الإسناد. ورواية رقبة وإسرائيل مطولة. ولم يسق مسلم رواية إسرائيل.
ولم يذكر إسرائيل في روايته قوله: ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾.
وأخرجه ضمن حديث مطول البخاري (٣٤٠١)
و(٤٧٢٥)، ومسلم (٢٣٨٠)، والترمذي (٣٤١٦)، والنسائي في»الكبرى" (١١٢٤٥) من
طريق عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، به. =
٣٩٨٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمن أبو
عبد الله العنبريُّ، حدَّثنا أميةُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا أبو الجارِيهِ العبديُّ، عن
شُعبةَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباسٍ
عن أُبيِّ بنِ كعب، عن النبيَّ ﷺ:
أنه قرأها: ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي﴾
[الكهف: ٧٦] وثقَّلها (١).
٣٩٨٦
- حدَّثنا محمدُ بنُ مسعودٍ، حدَّثنا
عبدُ الصَّمدِ بنُ عبدِ الوارثِ، حدَّثنا محمدُ بنُ دينارٍ، حدَّثنا سعدُ بنُ
أوسٍ، عن مِصْدَعٍ أبي يحيى، قال:
= وأخرج قطعة ابتدائه ﷺ الدعاء لنفسه
الترمذي (٣٦٨٢) من طريق أبي قطن عمرو ابن الهيثم، عن حمزة الزيات، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١١٤) و(٢١١١٨)
و(٢١١٢٣) و(٢١١٢٦)، والروايات الثلاث الأولى زوائد عبد الله بن أحمد.
وانظر ما بعده.
وقوله: طولها حمزة، أي: ثقل لدني،
وقرأها بتشديد النون.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وابن عامر
وحمزة والكسائي وعاصم: (من لَدُنِّي) مثقل، وقرأ نافع وأبو جعفر (مِن لَدُنِي) بضم
الدال مع تخفيف النون. انظر«زاد المسير» لابن الجوزي ٥/ ١٧٤، و«البدور الزاهرة»
للقاضي عبد الفتاح ص ١٩٥.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي الجارية العبْدي، وهو متابع.
وأخرجه الترمذي (٣١٦١) من طريق أمية
بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه حفص بن عمر الدوري في «قراءات
النبي ﷺ» (٧٦)، والطبري ١٥/ ٢٨٨، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٨٩٥) و(٤٨٩٦) من
طريق حمزة الزيات، عن أبي إسحاق.
وهو في زوائد عبد الله بن أحمد على
«المسند» لأبيه (٢١١٢٤).
وانظر ما قبله.
سمعتُ ابنَ عباسِ يقولُ: أقرأني
أبيُّ بنُ كعبٍ كما أقرأه رسولُ الله ﷺ، ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ [الكهف:٨٦] مخففة
(١).
(١) صحيح من حديث عبد الله بن عباس، وهذا
إسناد ضعيف لضعف سعد بن أوس -وهو العدوي- وضعف محمد بن دينار. وهما متابعان.
وأخرجه الترمذي (٣١٦٢) من طريق محمد
بن دينار، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والصحيح
ما روي عن ابن عباس قراءته.
قال: ويُروى أن ابن عباس وعمرو بن
العاص اختلفا في قراءة هذه الآية وارتفعا إلى كعب الأحبار في ذلك، فلو كانت عنده
رواية عن النبي ﷺ لاستغنى بروايته ولم يَحتجْ إلى كعب.
قلنا: أما قول الترمذي لو كانت عنده
رواية عن النبي ﷺ، فقد ثبت عنه رواية من غير هذا الطريق، فقد أخرجه الطحاوي في
«شرح مشكل الآثار» (٢٨٢)، والطبراني في «الكبير» (١٢٤٨٠)، وفي «الصغير» (١١١٥)،
والحاكم في «المستدرك» ٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨ و٢٤٤ من طريق عبد الغفار بن داود الحراني، عن
حماد بن سلمة، عن عبد الله ابن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن
النبي ﷺ كان يقرأ ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾. وإسناده عند الطحاوي والحاكم في الموضع
الثاني جيد. لكن قال الطحاوي: كأن هذا الحديث مما لم يرفعه أحد من حديث حماد بن
سلمة غير عبد الغفار بن داود، وهو مما يخطئه فيه أهل الحديث، ويقولون: إنه موقوف
على ابن عباس، وقد خالفه فيه أصحاب حماد فلم يرفعوه، فممن خالفه فيه منهم خالد بن
عبد الرحمن الخراساني، وحجاج بن منهال الأنماطي.
قلنا: ثم أخرجه من طريقيهما بإسناده
إليهما موقوفًا على ابن عباس. وهذا وإن روي موقوفًا على ابن عباس، لم يكن ابن عباس
ليبتدعه من عند نفسه، وإنما هو مما نقله عن رسول الله ﷺ أو عمن نقله عن رسول الله
ﷺ أمثال أبيٍّ وغيره من كبار قراء الصحابة.
وأخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٢/
٤١١ من طريق خليل بن أحمد الفراهيدي، وعبد الرزاق ٢/ ٤١٢ والطحاوي في «شرح المشكل»
١/ ٢٥٨ و٢٦٠ من طريق عمرو ابن ميمون بن مهران، والطبري في «تفسيره» ١٦/ ١١ من طريق
إسماعيل بن أمية ثلاثتهم عن عثمان بن حاضر (وقيل: ابن أبي حاضر)، قال: قال لي ابن
عباس: لو =
٣٩٨٧ - حدَّثنا يحيى بنُ الفضلِ، حدَّثنا
وُهَيبٌ -يعني ابنَ عمرو النَّمَرِي- أخبرنا هارونُ، أخبرني أبانُ بنُ تَغلِبَ، عن
عطيةَ العوفيِّ
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أن النبي ﷺ
قال: «إن الرَّجُلَ مِنْ أهْلِ عِلَّيينَ لَيُشرِفُ على أهلِ الجنةِ فتُضِيءُ
الجنَّةُ لِوَجهه كأنها كَوكَبٌ دُرِّيٌّ -قال: وهكذا جاء الحديثُ»دُرِّيّ«مرفوعة
الدالِ لا تُهمَزُ- وإنَّ أَبا بكرٍ وعمر لَمِنْهُم وأنْعَمَا» (١).
= رأيتَ إليَّ وإلى معاوية وقرأت: ﴿فِي
عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾، فقال: حامية، ودخل كعب فسأله، فقال: أنتم أعلم بالعربية مني،
ولكنها تغرب في عين سوداء، أو قال: في حمأة ... هذا لفظ خليل بن أحمد، وقال
الآخران: تغيب في ثأط، والثأط: الطين. وقد تحرف اسم عمرو بن ميمون إلى عمرو بن
مبذول، واسم إسماعيل بن أمية إلى إسماعيل بن عُلَية، وإسناد طريق الخليل صحيح.
وأخرجه الطبري ١٦/ ١١، والطحاوي في
«شرح المشكل» ١/ ٢٥٧ من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قرأت ﴿فِي عَيْنٍ
حَمِئَةٍ﴾ وقرأ عمرو بن العاص ﴿في عين حامية﴾ فأرسلنا إلى كعب، فقال: إنها تغرب في
حمأة طينة سوداء.
وإسناده صحيح عند الطحاوي.
وأخرجه أيضًا ١٦/ ١١ من طريق سعيد بن
جبير، عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف: ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ ويقول: حمأة
سوداء تغرب فيها الشمس. وإسناده رجاله ثقات.
قال ابن زنجلة في «حجة القراءات» ص
٤٢٨ - ٤٢٩: قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: ﴿فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ﴾ بالألف،
أي: حارة ... وقرأ الباقون: ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ مهموزًا، فالحمأة: الطين المنتن
المتغير اللون والطعم.
قوله: مخففة، أي: بحذف الألف بعد
الحاء، أي: لا حامية، كما في قراءة.
وستأتي رواية بالقراءة الثانية -أي
بالألف- برقم (٤٠٠٢).
(١)
حديث صحيح دون قوله: «وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما» فصحيح لغيره، وهذا إسناد
ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن سعْد- هارون: هو ابن موسى العتكي مولاهم النحوي،
ويحيى بن الفضل: هو ابن يحيى العَنَزي. =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن ماجه (٩٦)، والترمذي
(٣٩٨٧) من طريق عطية العوفي، به. لكنهما لم يقولا في روايتيهما: «كوكب دُرِّي»،
انما قال ابن ماجه: «الكوكب الطالع في الأفق» وقال الترمذي: «النجم الطالع في أفق
السماء».
وهو في «مسند أحمد» (١١٢١٣).
وأخرجه أحمد أيضًا (١١٢٠٦) من طريق
مجالد بن سعيد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد. ومجالد ضعيف، وسياقه فيه اختلاف.
وأخرجه البخاري (٣٢٥٦)، ومسلم (٢٨٣١)
من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعًا: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل
الغرف من فوقهم كما تَراءون الكوكبَ الدُّريَّ الغابر في الأفق من المشرق أو
المغرب لتفاضل ما بينهم»، قالوا: يا رسول الله ﷺ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها
غيرهم؟ قال: «بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدّقوا المرسلين».
وأخرجه البخاري (٦٥٥٦) من طريق
النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعًا بلفظ: «إن أهل الجنة ليتراءون
الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب الغارب في الأفق الشرقي والغربي».
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد في
«فضائل الصحابة» (٧٠٦)، والطبراني في «الأوسط» (٦٠٠٦) وفيه: «وإن أبا بكر وعمر
لمنهم وأنعما» وإسناده حسن.
وعن جابر بن سمرة عند الطبراني في
«الكبير» (٢٠٦٥) وفيه أيضًا: «وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما» قال الهيثمي في «مجمع
الزوائد»: وفيه: الربيع بن سهل الواسطي لم أعرفه.
وفي قوله تعالى: ﴿كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾
[النور:٣٥] اختلف القراء في قراءة كلمة (دريّ) فقرأها نافع وابن كثير وابن عامر
وحفص وأبو جعفر ويعقوب وخلف: ﴿دُرِّيٌّ﴾ بضم الدال وتشديد الياء من غير مَدّ ولا
همز، نسبة إلى الدُّرّ لصفائها، وقرأ أبو عمرو والكسائي (دِرِّيءٌ) بكسر الدال
والراء وياء بعدها همزة ممدودة صفة كوكب على المبالغة، وهو بناء كثير في الأسماء
نحو سِكّين، وفي الأوصاف نحو سِكّير. وقرأ أبو بكر وحمزة (دُرِّيءٌ) بضم الدال، ثم
ياء ساكنة ثم همزة ممدودة من الدرء بمعنى الدفع، أي: يدفع بعضها بعضًا، أو يدفع
ضوؤها خفاءها. انظر «حجة القراءات»، لابن زنجلة ص ٤٩٩، و«إتحات فضلاء البشر في
القراءات الأربع عشر» لأحمد بن عبد الغني البناء ص ٣٢٤.
وقوله: «وأنعما» أي: زادا وفَضَلا.
٣٩٨٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ
وهارونُ بنُ عبد الله، قالا: حدَّثنا أبو أُسامةَ، حدَّثني الحسنُ بنُ الحكم
النَّخعيُّ، حدَّثنا أبو سَبْرة النخعيُّ
عن فَروةَ بن مُسَيكٍ الغُطَيفيِّ،
قال: أتيتُ النبيَّ ﷺ، فذكر الحديثَ، فقال رجلٌ مِن القومِ: يا رسولَ الله،
أخبِرنا عن سبأ، ما هُوَ؟ أرْضٌ أم امرأةٌ؟ فقال: أليس بأرضِ ولا امرأةِ، ولكنه
رجلٌ ولَدَ عشرةً من العرب، فتيامن سِتةٌ، وتشاءم أربعةٌ» (١).
قال عثمانُ: الغَطَفانيُّ، مكانَ
الغُطَيفي، وقال: حدَّثنا الحسنُ بن الحكم النخعي.
٣٩٨٩
- حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدةَ وإسماعيلُ
بنُ إبراهيم أبو مَعمرِ الهذَلي، عن سفيانَ، عن عمرٍو، عن عِكرمة
حدَّثنا أبو هريرة، عن النبي ﷺ -قال
إسماعيلُ: عن أبي هريرة روايةً- فذكر حديثَ الوحي، قال: فذلك قوله: حَتَّى إِذَا
فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ [سبأ: ٢٣] (٢).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي
سبْرة النخعي، فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد جوّد إسناده
الحافظ ابن كثير في «تفسيره» ٦/ ٤٩٢.
وأخرجه الترمذي (٣٥٠١) من طريق أبي
أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٠٩/ ٨٧ و٨٩
و٩٠).
وفي الباب عن عبد الله بن عباس عند
أحمد في «مسنده» (٢٨٩٨)، وفي «فضائل الصحابة» (١٦١٦)، والطبراني (١٢٩٩٢)، وابن عدي
في «الكامل» ٤/ ١٤٧٠، والحاكم ٢/ ٤٢٣. وإسناده حسن.
(٢)
إسناده صحيح. عمرو: هو ابن دينار، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٤٧٠١)، وابن ماجه
(١٩٤)، والترمذي (٣٥٠٢) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث
حسن صحيح. =
٣٩٩٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع
النَّيسابوريُّ، حدَّثنا إسحاقُ بن سليمان الرازيُّ، سمعتُ أبا جعفرٍ يذكُرُ، عن
الربيع بنِ أنس
عن أُمِّ سلمة زوج النبيِّ ﷺ، قالت:
قراءَةُ النبيِّ ﷺ: (بلى قَدْ جاءتْكِ آياتي فكَذّبتِ بها واسْتَكْبَرتِ وكنتِ من
الكافرين) [الزمر:
٥٩] (١).
= وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٦).
وقولى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ﴾ كذا
ضبطت في (أ) و(ب) و(هـ)، وضبطت في (ج): فَرَغَ، بالفاء والراء المهملة والغين
المعجمة بالتحريك، لكن جاء عند البخاري بإثر الحديث أن سفيان بن عيينة روى عن
عمرو، عن عكرمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قرأ: (فُرِّغ) بالفاء المضمومة
والراء المهملة المشددة والغين المعجمة، وقال سفيان: وهي قراءتُنا.
وذكر ابن الجوزي في «زاد المسير» ٦/
٤٥٢ أنها قر اءة الحسن وقتادة وابن يعمر، قال: وهو بمعنى الأول، لأنها فرغت من
الفزع. وقال الحافظ في «الفتح» ٨/ ٥٣٩: وهذه القراءة رويت أيضًا عن الحسن وقتادة
ومجاهد، والقراءة المشهورة بالزاي والعين المهملة.
وقرأها ابن عامر [قلنا: ويعقوب
الحضرمي] (فَزَّعَ) مبنيا للفاعل، ومعناه بالزاي والمهملة: أدهشَ الفزع عنهم،
ومعنى التي بالراء والغين المعجمة: ذهب عن قلوبهم ما حلّ فيها.
وقال السهارنفوري في «بذل المجهود»
١٦/ ٣١٩: وهذه القراءة بالراء والمعجمة خارجة عن القراءات المتواترة.
(١)
إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر -وهو عيسى بن أبي عيسى ماهان الرازي- وقول المصنف بإثر
الحديث: هذا مرسل، هو كما قال، وعنى بقوله: مرسل أنه منقطع، إطلاق المرسل على
المنقطع شائع عند الأئمة المتقدمين. لكن جاء تعيين الواسطة بين الربيع وبين أم
سلمة، وهو أبو العالية رُفيع بن مِهران، عند الحاكم في «مستدركه» وغيره، فإن صح
ذكر الواسطة يبقي ضعفُ أبي جعفر الرازي.
وأخرجه أبو عمر حفص بن عمر الدُّوري
في «قراءات النبي» (٩٩) عن محمد بن عنبسة، والخطيب في تاريخ بغداد" ٦/ ٣٢٤ من
طريق الحسن بن مُكرم، كلاهما عن إسحاق بن سليمان الرازي، بهذا الإسناد. ويغلب على
الظن أن محمد بن عنبسة محرّف عن محمد بن عيسى -وهو ابن رزين التيمي الرازي-
والتحريف قديم، لأن المزي ذكر في ترجمة الدوري من شيوخه محمد بن عنبسة، فالله
تعالى أعلم. =
قال أبو داود: هذا مرسلٌ، الربيعُ لم
يُدْرِكْ أُمَّ سلمة.
٣٩٩١
- حدَّثنا مسلم بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا
هارونُ بنُ موسى النَّحويُّ، عن بُدَيل بن ميسرة، عن عبدِ الله بنِ شقيقٍ
عن عائشة، قالت: سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ
يقرؤها: (فرُوحٌ ورَيحانٌ) [الواقعة: ٨٩] (١).
= وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٢/ ٢٣٧
و٢٥٢ من طريق إسحاق بن أحمد بن مهران، والطبراني في «المعجم الكبير» ٢٣/ (٩٤٣)،
والخطيب في «تاريخه» ٦/ ٣٢٤ من طريق نعيم بن حماد، كلاهما عن إسحاق بن سليمان
الرازي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أم سلمة.
وإسحاق بن أحمد بن مهران وثقة الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام».
وهذه القراءة ضبطت بكسر تاء الخطاب
في المواضع الأربعة، على أن الخطاب للنفس.
قال الإِمام الطبري في «تفسيره» ١١/
٢٠:
والقراءة التي لا أستجيز خلافها ما
جاءت به قراءُ الأمصار مجمعة عليه، نقلًا عن رسول الله ﷺ وهو الفتحُ في جميع ذلك.
قلنا: يعني فتح ضمائر الخطاب.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٣١٦٧)، والنسائي في
«الكبرى» (١١٥٠٢) من طريق هارون ابن موسى النحوي الأعور، بهذا الإسناد. وقال
الترمذي: حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٥٢).
قال ابن الجوزي في «زاد المسير» ٨/
١٥٦ - ١٥٧: الجمهور يفتحون الراء، وفي معناها الفرح أو الراحة، أو المغفرة، أو
الجنة، أو رَوح من الغم الذي كان فيه، أو روح في القبر، أي: طيب نسيم، وقرأ أبو
بكر الصديق وأبو رَزين والحسن وعكرمة وابن يعمر، وقتادة ورُويس عن يعقوب، وابن أبي
سريج عن الكسائي: (فرُوح)، برفع الراء، وفي معنى هذه القراءة قولان: أحدهما: أن
معناها فرحمة، والثاني: فحياة وبقاء، قال الزجاج: معناه فحياة دائمة لا موت معها.
=
٣٩٩٢ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل وأحمدُ بنُ
عَبْدَةَ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرو، عن عطاءٍ -قال ابنُ حنبل: يعني عن عطاء،
قال أحمد: لم أفهمه جيدًا-، عن صفوان -قال ابن عَبْدةَ: ابنِ يَعْلى-
عن أبيه، قال: سمعتُ النبيَّ ﷺ على
المِنْبَر يقرأ: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ﴾ [الزخرف: ٧٧] (١).
قال أبو داود: يعني بلا تَرخِيمٍ (٢).
٣٩٩٣
- حدَّثنا نَصْرُ بنُ عليٍّ، أخبرنا
أبو أحمدَ، أخبرنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن عبدِ الرحمن بنِ يزيد
عن عبد الله، قال: أقرأني رَسُولُ
اللهِ ﷺ: (إني أنا الرزَّاق ذو القوة المتين) [الذاريات: ٥٨] (٣).
= تنبيه: جاء في بعض النسخ أشار إليها
أبو الطيب زيادة: قال أبو عيسى -أي الرملي - بلغي عن أبي داود أنه قال: هذا حديث
منكر. قلنا: لا ندري ما وجه نكارته عنده -إن صح هذا عنه- وقد رواه عن بديل حماد بن
زيد أيضًا عند الحاكم ٢/ ٢٥٠.
(١)
إسناده صحيح. يعلى: هو ابن أمية التميمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح، وعمرو: هو ابن
دينار، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٣٢٣٠) و(٣٢٦٦)
و(٤٨١٩)، ومسلم (٨٧١)، والترمذي (٥١٤)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤١٥) من طريق
سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٦١).
وهو عندهم جميعًا (يا مالك) بإثبات
الكاف وهي قراءة الجمهور، قال ابن الجوزي وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن
مسعود وابن يعمر «يا مالِ» بغير كاف مع كسر اللام، قال الزجاج: وهذا يسميه
النحويون الترخيم، ولكني أكرهها لمخالفة المصحف.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). وهي تبين أن بعضهم قد قرأها بالترخيم، كما
أشار إليه ابن الجوزي والزجاج. وهي قراءة شاذّة.
(٣)
إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، وعبد الرحمن بن يزيد: هو ابن
=
٣٩٩٤ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا
شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن الأسودِ عن عبدِ الله أن النبيَّ ﷺ كان يقرأُ: ﴿فَهَلْ
مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر:
١٥] يعني
مُثَقَّلًا (١).
قال أبو داود: مضمومةُ الميم مفتوحةُ
الدَّالِ مكسورةُ الكافِ.
٣٩٩٥
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
عبدُ الملك بنُ عبدِ الرحمن الذِّمَاريُّ، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثني محمدُ بنُ
المنكدِرِ
= في النخعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن
عبد الله السبيعي، وإسرائيل: هو ابن يونس ابن أبي إسحاق السّبيعي، وأبو أحمد: هو
محمد بن عبد الله الزُّبيري.
وأخرجه الترمذي (٣١٦٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٧٦٦٠) و(١١٤٦٣) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسندأحمد» (٣٧٤١)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٣٢٩).
قلنا: وهذه القراءة شاذة مع صحة
إسنادها لمخالفتها القراءة المتواترة ﴿إنَّ اللهَ ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ
ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات:٥٨].
(١)
إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، والأسود: هو ابن يزيد النخعي، وأبو إسحاق:
هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وشعبة: هو ابن الحجاج.
وأخرجه البخاري (٣٣٤١)، ومسلم (٨٢٣)،
والترمذي (٣١٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٩١) من طريق أبي إسحاق السبيعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧٥٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٣٢٧) ولفظ أحمد: عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله ﷺ: ﴿وَلَقَدْ
يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ فقال رجل: يا أبا عبد
الرحمن (مُدَّكِر) أو (مُذَّكِر)؟ قال: أقرأني رسول الله ﷺ (مُدَّكِر) أي: بالدال
المهملة.
وقوله: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾
بالدال المهملة المشددة، وهي قراءة عامة القراء، وأصل مدكر مفتعل من ذكر اجتمعت
فاء الفعل وهي ذال وتاء، وهي بعد الذال، فصيرتا دالًا مشددة، وكذلك تفعل العرب يما
كان أوله ذالًا يتبعها تاء الافتعال، يجعلونهما جميعًا دالًا مشددة، فيقولون:
ادَّكرتُ ادّكارًا وإنما هو اذتكرت اذتكارًا. قاله الطبري في جامع البيان ٢٧/
٩٥
- ٩٦.
عن جابرٍ، قال: رأيتُ النبيَّ ﷺ
يقرأ: (يَحْسِبُ أنَّ مالَهُ أخْلَدَه) [الهمزة: ٣] (١).
٣٩٩٦
- حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا
شعبةُ، عن خالدٍ، عن أبي قلابة
عمن أقرأه رسولُ الله ﷺ: (فيومئذٍ لا
يُعَذَّبُ عذابَه أحدٌ، ولا يُوثَقُ وثاقَه أحدٌ) [الفجر: ٢٥ - ٢٦] (٢).
(١) إسناده حسن من أجل عبد الملك بن عبد
الرحمن الذِّماري. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٦٣٤)
من طريق عبد الملك بن هشام الذِّماري.
بهذا الإسناد. هكذا قال: عبد الملك
بن هشام، وإنما هشام جده، والنسبة إلى الجد سائغة.
وهو في «صحيح ابن حبان»، (٦٣٣٢).
وهذه القراءة بكسر السين، قرأ بها
أبو عمرو ونافع وابن كثير والكسائي وخلف ويعقوب، وقرأ الباقون بفتح السين. انظر
«النشر» لابن الجزري ٢/ ٢٣٦، و«إتحاف فضلاء البشر» لأحمد بن عبد الغني البناء ص
٤٤٣.
(٢)
رجاله ثقات، لكلنه اختُلف في إسناده على أبي قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي-
كما سيأتي. خالد: هو ابن مهران الحذاء.
وأخرجه أحمد (٢٠٦٩١)، وأبو عمر حفص
الدوري في «قراءات النبي» (١٢٦) و(١٢٧)، والطبري في «تفسيره» ٣٠/ ١٨٩، والحاكم ٢/
٢٥٥ من طرق عن خالد الحذاء، به.
وأخرجه الحسن بن سفيان كما في
«الإصابة» للحافظ ابن حجر ٢/ ١٤٢، ومن طريقه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» في ترجمة
حويرث، من طريق روح بن عبد المؤمن، عن عُبيد بن عَقيل، عن سليمان أبي محمد
القافلاني، عن خالد الحذاء، والحاكم ٣/ ٦٢٧، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» من طريق
سويد بن سعيد، عن عُبيد بن عقيل، عن سليمان القافلاني، عن عاصم الجَحْدري، كلاهما
عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، فسمى الصحابي مالك بن الحويرث. وسويد وسليمان
القافلاني ضعيفان. =
٣٩٩٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا
حمادٌ، عن خالدٍ الحذَّاءِ، عن أبي قِلابة، قال: أنباني من أقرأه النبيُّ ﷺ أو من
أقرأه من أقرأه النبيُّ ﷺ (فيومئذٍ لا يُعَذَّبُ) [الفجر:٢٥] (١).
قال أبو داود: قرأ عاصمٌ وسليمانُ
الأعمشُ وطلحةُ بنُ مُصرِّفٍ وأبو جعفرٍ يزيدُ بنُ القَعقاع، وشَيْبَةُ بنُ
نِصَاحٍ ونافعُ بنُ عبد الرحمن وعبدُ اللهِ ابنُ كثيرٍ الدَّارِيُّ، وأَبو عمرو
بنُ العلاءِ وحمزةُ بن حبيب الزَّيَّات وعبدُ الرحمن الأعرجُ، وقتادةُ والحسنُ
البصريُّ ومجاهدٌ، وحُمَيدٌ الأعرجُ وعبدُ الله بنُ عباس ﴿لَا يُعَذِّبُ﴾، ﴿وَلَا
يُوثِقُ﴾ وعبد الرحمن بن أبي بكر أيضًا قرأ: ﴿لَا يُعَذِّبُ﴾ وقرؤوا كلهم ﴿وَلَا
يُوثِقُ﴾ إلا الحديثَ المرفوعَ، فإنه (يُعذَّب) بالفتح (٢).
= وأخرجه ابن منده كما في «أسد الغابة»
٦/ ٤٢٧، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» من طريق عبيد الله بن موسى العبْسي، عن
سليمان الخوزي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث. وسليمان الخوزي
مجهول.
وانظر ما بعده.
وهذه القراءةُ على البناء للمفعول في
كلمتي (يُعذَّب) و(يُوثَق) قرأ بها الكسائي ويعقوب، وقرأ الباقون على البناء
للفاعل. انظر «النشر» ٢/ ٤٠٠، و«إتحاف فضلاء البشر» للبناء ص٤٣٩.
(١)
رجاله ثقات كسابقه.
وأخرجه الرامَهُزمُزي في «المحدث
الفاصل» ص ٤٨٢ من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.
٣٩٩٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ
بنُ العلاءِ، أن محمدَ بنَ أبي عبيدة حدَّثهم، حدَّثنا أبي، عن الأعمَشِ، عن سعدٍ
الطائي، عن عَطيةَ العَوْفي
عن أبي سعيد الخدري، قال: حدَّثَ
رسولُ الله ﷺ حديثًا ذكر فيه «جبريل وميكائيل» فقال: (جَبْرَائل ومِيكائل) (١).
٣٩٩٩
- حدَّثنا زيدُ بنُ أخزمَ، حدَّثنا
بِشرٌ -يعني ابنَ عمر- حدَّثنا محمدُ ابنُ خازِمٍ، قال: ذُكر كيفَ قراءةُ جبريل
وميكائل عندَ الأعمش، فحدَّثنا الأعمشُ، عن سعْدٍ الطائيِّ، عن عطية العوفي
عن أبي سعيد الخدري، قال: ذكَر رسولُ
الله ﷺ صاحب الصُّورِ فقال: «عن يمينه جَبْرَائِل، وعن يسارهِ ميكَائِل» (٢).
٤٠٠٠
- حدَّثنا أحمدُ بنَ حنبل، حدَّثنا
عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن الزهريِّ -قال معمر: وربما ذكرَ ابنَ المسيَّب- قال:
(١) إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن
سعْد-. أبو عُبيدة: هو عبد الملك ابن مَعْن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود
الهُذلي، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران.
وأخرجه أبو عمر الدوري في «قراءات
النبي ﷺ» (١٨)، وابن أبي داود في «المصاحف، ص ٩٥، وأبو الشيخ في»العظمة«(٣٧٩)،
والحاكم ٢/ ٢٦٤ من طرق عن الأعمش، به. وجاء عند الدوري بعد الرواية زيادة توضح
القراءة، فقال: مهموزان.
لكن تحرف عنده إلى: جبرائيل
وميكائيل، والصواب حذف الياء.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي. محمد بن خازم: هو أبو معاوية الضرير معروف بكنيته.
وأخرجه أحمد (١١٠٦٩)، وابن أبي داود
في»المصاحف" ص ٩٥، والحاكم ٢/ ٢٦٤ من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
كان النبيُّ ﷺ وأبو بكرٍ وعُمر
وعثمانَ يقرؤون: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ وأوَّل من قرأها (مَلِكِ يومِ
الدِّينِ) مَروانُ (١).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه
مرسل، ومراسيل ابن المسيب تُعَدُّ من أقوى المراسيل.
وأخرجه أبو عمر حفص الدُّوري (٤)
و(٥) و(٦)، وابن أبي داود في «المصاحف» ص ١٠٤ من طريق أبي مُطرِّف طلحة بن عُبيد
الله، وابن أبي داود ص ١٠٣ من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن الزهري: أن النبي ﷺ
وأبا بكر وعمر وعثمان قرؤوا: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾. قلنا: يعني بالألف وجعلاه
من مرسل الزهري.
وأخرجه أبو عمر (٢)، والترمذي
(٣١٥٥)، وابن أبي داود ص ١٠٣ من طريق أيوب بن سويد، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن
الزهري، عن أنس. وأيوب بن سويد كان سيئ الحفظ، ولهذا قال الترمذي: هذا حديث غريب
لا نعرفه من حديث الزهري عن أنس بن مالك إلا من حديث هذا الشيخ أيوب بن سويد
الرملي، وقال أبو داود بإثر مرسل ابن المسيب: هذا أصح من حديث الزهري، عن أنس،
والزهري عن سالم، عن أبيه. وقال ابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٩٢٦: ليس ذاك بمحفوظ.
وأخرجه أبو عمر الدوري (١)، وابن أبي
داود ص ١٠٤، وتمام في «فوائده» (١٣٧٧) من طريق أبي بكر بن عياش، عن سليمان التيمي،
عن الزهري، عن سعيد بن المسيب والبراء بن عازب قال ابن أبي داود: هذا عندنا وهم
وإنما هو سليمان بن أرقم.
وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير
من «سننه» (١٦٩)، وأخرجه ابن أبي داود ص ١٠٣ من طريق أبي الربيع، كلاهما (سعيد بن
منصور وأبو الربيع) عن هشيم بن بشير، قال: أخبرنا مُخبر، عن الزهري، عن سالم، عن
أبيه. وفي إسناده من لم يُسمَّ.
وأخرجه ابن أبي داود ص ١٠٣ عن محمد
بن عوف، عن سعيد بن منصور، عن هشيم، قال: أخبرني مخبر، عن الزهري، عن سالم، عن
أبيه إلا أنه قال: ﴿مَلِكِ يوم الدين﴾. وتحرف في «المطبوع» إلى: «مالك»، والصواب
﴿مَلِك﴾ كذلك جاءت رواية محمد بن عوف. قال ابن أبي داود: هذا عندنا وهم، والصواب
رواية أبي الربيع وغيره عن هشيم. وكل من رواه عن الزهري متصلًا وغير متصل ف
﴿مالِك﴾ إلا رجل واحد فإنه قال: ﴿مَلِك﴾ قلنا: الوهم فيه من محمد بن عوف، لأن سعيد
بن منصور قد رواه في «سننه» كما سلف قريبًا فقال في روايته: ﴿مالك﴾ بالألف.
=
قال أبو داود: هذا أصحُّ مِن حديث
الزهريِّ عن أنسٍ، والزهريِّ عن سالمٍ عن أبيه.
= وأخرجه أبو عمر (٣)، والعقيلي في
«الضعفاء» ٣/ ١٥، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٩٢٥ - ١٩٢٦ من طريق عبد العزيز بن
الحصين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال العقيلي: لا يتابع عليه عبد
العزيز، والرواية فيه من غير هذا الوجه مضطربة فيها لين، وقال ابن عدي: هذا بهذا
الإسناد منكر.
وأخرجه ابن أبي داود ص ١٠٣ من طريق
بحر بن كنيز السّقّاء، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وبحر هذا ضعيف جدًا.
وأخرجه أبو يعلى (٤١٥٩)، وابن أبي
داود ص ١٠٤ من طريق أبي إسحاق الحُميسي، عن مالك بن دينار، عن أنس بن مالك. وأبو
إسحاق الحُميسي -واسمه خازم بن الحُسين- ضعيف.
وقد جاءت هذه القراءة عن عمر بن
الخطاب من طريقين آخرين، أولهما: عن هشيم، عن الحجاج بن أرطأة، عن عبد الرحمن بن
الأسود، عن أبيه، عن عمر، أخرجه من هذا الطريق سعيد بن منصور في قسم التفسير من
«سننه» (١٧٠). وهذا إسناد حسن في المتابعات.
وثانيهما: عن الأعمش، عن إبراهيم
النخعي، قال: كان عمر يقرأ ... أخرجه من هذا الطريق سعيد بن منصور أيضًا (١٧٢)
وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، لأن النخعي يصغر عن إدراك عمر، لكنه يصلح
للمتابعات.
ويشهد لقراءة ﴿مَالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ﴾ بالألف حديثُ أبي هريرة عند مسلم (٣٩٥) وسلف عند المصنف برقم (٨٢١) في
الحديث الطويل، وفيه: «قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي
ما سأل ... وإذا قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال الله تعالى: مَجَّدني عَبْدي
...».
قال ابن كثير في «تفسيره» ١/ ٤٠:
مروان عنده علم بصحة ما قرأه، لم يطلع عليه ابن شهاب. والله أعلم.
قلنا: يشهد لقراءته بغير الألف حديث
أم سلمة الآتي بعده.
وقد قرأها ﴿مالِكِ﴾ بالألف عاصم
والكسائي ويعقوب وخلف، وقرأها الباقون بغير ألف. انظر «إتحاف فضلاء البشر» للبناء
ص ١٢٢.
٤٠٠١ - حدَّثنا سعيدُ بنُ يحيى الأمويُّ،
حدَّثني أبي، حدَّثنا ابنُ جُريج، عن عبدِ الله بن أبي مُلَيكةَ
عن أُمِّ سلمة ذكرت -أو كلمةً
غيرَها- قراءةَ رسولِ الله ﷺ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَلِكِ
يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾ يُقَطِّع قراءته آيةً آيةً (١).
قال أبو داود: سمعت أحمدُ يقولُ:
القراءة القديمة ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (٢).
٤٠٠٢
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ
وعُبيدُ اللهِ بنِ عُمر بنِ مَيْسَرَةَ، -المعنى- قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ،
عن سفيان بنِ حُسينٍ، عن الحكم بنِ عتيبة، عن إبراهيمَ التيميِّ، عن أبيه
عن أبي ذَرٍّ، قال: كنتُ رَدِيفَ
رسُولِ الله ﷺ وهو على حِمارٍ، والشمسُ عندَ غروبها، فقال:»هل تَدرِي أين تَغْرُبُ
هذه؟ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: «فإنَّها تغْرُبُ في عَيْنٍ حاميةٍ» (٣).
(١) رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على عبد
الله بن أبي مُليكة كما أوضحناه في
«مسند أحمد» (٢٦٤٥١) و(٢٦٥٨٣). فمرة
يروى عن ابن أبي مليكة، عن بعض أزواج النبي ﷺ، ومرة يروى عنه عن أم سلمة، ومرة
يُروى عنه عن يعلى بن مملك، عن أم سلمة كما سلف برقم (١٤٦٦). ويعلى بن مملك مجهول.
ومع ذلك فقد صحح هذا الحديثَ ابنُ خزيمة والدارقطني والحاكم. لكن قال الترمذي: هذا
حديث غريب، وقال الذهبي في «السير» ١٥/ ٣٦٢ - ٣٦٣: غريب منكر، وإسناده نظيف.
وأخرجه الترمذي (٣١٥٤) من طريق يحيى
بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥٨٣).
وانظر ما قبله.
(٢)
ما نقله أبو داود عن أحمد -وهو ابنُ حنبل- زيادة أئبتناها من (هـ).
(٣)
إسناده صحيح. إبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك. =
٤٠٠٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا
حجّاجٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ، أخبرني عُمَرُ بنُ عطاءٍ، أن مولىَ لابنِ الأسقعِ -رجُلَ
صدقٍ- أخبره
= وأخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده» كما
في «إتحاف الخيرة» للبوصيري (٧٦٦٩)، وأحمد (٢١٤٥٩)، وأبو عمر الدُّوري في «قراءات
النبي» (٧٨)، والبزار في «مسنده» (٤٠١٠)، وأبو يعلى في «مسنده» كما في «تخريج
أحاديث الكشاف» للزيلعي ٢/ ٣١٠، والطبري في «تفسيره» (١٤٢٢٢)، والحاكم ٢/ ٢٤٤،
وابن مردويه في «تفسيره» كما في «تخريج أحاديث الكشاف» ٢/ ٣١٠، وأبو زكريا ابن
منده في «معرفة أسامي أرداف النبي» ص ٤١ من طريق سفيان بن حسين، بهذا الإسناد
اختصره أبو داود ولفظه عند أحمد وغيره بتمامه عن أبي ذر قال: كنت مع النبي ﷺ على
حمارٍ وعليه بَزْذعَة أو قطيفة، قال: وذلك عند غروب الشمس، فقال لي: «يا أبا ذر،
هل تدري أين تغيب هذه؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها تغرُبُ في عينٍ
حامية، تنطلق حتى تخِرّ لربها ساجدةً تحت العرش، فإذا حان خروجها أذن الله لها
فتخرج فتطلع، فإذا أراد أن يُطلعها من حيث تغرب حبسها، فتقول: يا رب إنّ مسيري
بعيد، فيقول لها: اطلعي من حيث غبت، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها». وقد تحرفت
كلمة «حامية» عند بعضهم إلى «حمئة»، والصحيح في حديث سفيان بن حسين: «حامية» كذلك
قراءة أبي ذر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه ومعاوية بن أبي سفيان كما سلف
بيانه عند تخريج الحديث (٣٩٨٦).
وأصل الحديث في «صحيح البخاري»
(٣١٩٩)، ومسلم (١٥٩) من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر. وليس فيه عندهما
«أنها تغرب في عين حامية».
وقد قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو
وحفص ويعقوب بالهمز من غير ألف (حمئة)، صفة مشبهة يقال: حمئت البئر، تحمأ حمأً فهي
حبة، إذا صار فيها الطين. وقرأ الباقون (حامية) بألف بعد الحاء وإبدال الهمز ياء
مفتوحة اسم فاعل من حمى يحمي، أي: حارة، ولا تنافي بينهما؟ لجواز أن تكون العين
جامعة للوصفين: الحرارة وكونها من طين. انظر «النشر» ٢/ ٣١٤، و«إتحاف فضلاء البشر»
ص ٢٩٤. وقال الطبري: هما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، ولكل واحدة منهما وجه
صحيح، ومعنى مفهوم.
والمراد من قوله تعالى: ﴿وَجَدَهَا
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب.
عن ابنِ الأسْقَعِ، أنه سمعه يقول:
إن النبي ﷺ جاءهم في صُفَّةِ المهاجرين فسأله إنسانٌ: أيُّ آية في القرآن أعظمُ؟
قال النبي ﷺ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا
تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة:٢٥٥] (١).
٤٠٠٤
- حدَّثنا أبو معمرٍ عبدُ اللهِ بنُ
عمرو بنِ أبي الحجَّاج المِنْقَرِيُّ، حدَّثنا عبدُ الوارِثِ، حدَّثنا شيبانُ، عن
الأعمشِ، عن شقيق
عن ابنِ مسعودٍ، أنه قرأ ﴿هَيْتَ
لَكَ﴾ [يوسف:٢٣] فقال شقيقٌ:
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لابهام مولى
ابن الأسفع بالفاء على ما ضبطه ابن ماكولا، ونقله عنه ابن الأثير وأقره، غير أنهما
قالا: عن الأسفع البكري تبعًا لرواية الطبراني حيث رواه من طريق مسلم بن خالد
الزنجي عن ابن جريج فسماه كذلك، ومسلم ضعيف وقد انفرد بتسميته كذلك، والصحيح: ابن
الأسفع. لكن جزم أبو القاسم ابن عساكر في «الأطراف» - وسكت عنه المزي ٩/ ٨١ - ٨٢ -
بأنه ابن الأسقع
بالقاف وأنه واثلة الصحابي المعروف،
وحجته أنه من المهاجرين وأنه من أهل الصُّفَّة، فالله تعالى أعلم.
وأخرجه البخاري في «تاريخه الكبير»
تعليقًا ٨/ ٤٣٠ من طريق سعيد بن سالم، عن ابن جريج، به.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٩٩٩)،
ومن طريقه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» في ترجمة الأسفع البكري، وابن الأثير في
«أسد الغابة» ١/ ٨٩ في ترجمة الأسفع أيضًا، من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن
جريج، عن عمر بن عطاء، أن مولى ابن الأسفع رجل صدق أخبره، عن الأسفع البكري. كذا
سماه مسلم بن خالد في رواية الأسفع، ومسلم ضعيف الحديث. وتحرف «الأسفع» عند
الطبراني وأبي نعيم إلى «الأسقع» بالقاف، وجاء في إسناد أبي نعيم وابن الأثير:
أخبرني عمر بن عطاء مولى ابن الأسقع، وهو تحريف.
وفي الباب عن أبيّ بن كعب عند مسلم
(٨١٠). وسلف عند المصنف (١٤٦٠) وإسناده صحيح.
إنا نقرؤها: (هِئْتُ لَكَ) فقال ابنُ
مسعود: أَقرَؤُهَا كما عُلِّمْتُ أحبُّ إليَّ (١).
٤٠٠٥
- حدَّثنا هنَّاد، حدَّثنا أبو
معاويةَ، عن الأعمشِ، عن شَقيقٍ، قال: قيلَ لِعبد الله: إن أُناسًا يَقْرَؤون هذه
الأيةَ (وقالت هِئتُ لَكَ)، فقال: إني أقرأُ كما عُلِّمتُ أحبُّ إليَّ ﴿وَقَالَتْ
هَيْتَ لَكَ﴾ [يوسف:٢٣] (٢).
٤٠٠٦
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحِ (ح)
وحدَّثنا سليمانُ بنُ داود
المَهْرِيُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرنا هشامُ بنُ سعْد، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن
عطاء بن يَسارٍ
عن أبي سعيد الخُدري، قال: قال رسول
الله ﷺ: قال الله عز وجل لبني إسرائيل: (ادخُلُوا البابَ سُجَّدًا وقولوا حِطَّةٌ
تُغفَرْ لكُم خطاياكُم) [البقرة:٥٨] (٣).
(١) إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو
وائل، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وعبد
الوارث: هو ابن سعيد العنبري.
وأخرجه البخاري (٤٦٩٢) من طريق شعبة،
عن الأعمش، به.
وانظر ما بعده.
وقد قرأ بقراءة ابن مسعود هذه
(هَيْتَ) أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف، وقرأ أبو جعفر ونافع وابن
عامر في رواية ابن ذكوان (هِيْتَ) بكسر الهاء وفتح التاء من غير همز، وقرأ ابن
عامر في رواية هشام بن عمار من طريق الحلواني كذلك لكن بالهمز (هِئْتَ). ومن طريق
غير الحلواني (هِئْتُ) بكسر الهاء مع الهمز وضم التاء، وقرأ ابن كثير (هَيْتُ)
بفتح الهاء وضم التاء من غير همز. انظر«النشر» ٢/ ٢٩٣ - ٢٩٥،
و«إتحاف فضلاء البشر» ص ٢٦٣.
(٢)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وهناد: هو ابن السَّرِي.
وانظر ما قبله.
(٣)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. هشام بن سعْد ضعيف يُعتبر به.
=
٤٠٠٧ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافِرٍ، حدَّثنا
ابن أبي فُديكٍ، عن هشام بن سعد، بإسناده، مثلَه (١).
٤٠٠٨
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، حدَّثنا هشامُ بن عُروة، عن عُروة
أن عائشة، قالتْ: نزلَ الوحيُ على
رسولِ الله ﷺ فقرأ عليها
﴿سُورَةٌ
أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ [النور:١] (٢).
قال أبو داود: يعني مخفَّفةً، حتى
أتى على هذه الآيات.
آخر كتاب الحروف
= وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري
(٤٦٤١)، ومسلم (٣٠١٥)، وهو في
«مسند أحمد» (٨٢٣٠)، و«صحيح ابن حبان»
(٦٢٥١).
وقد اختلف القراء في قراءة كلمة
﴿نَغْفِرْ﴾ التي في هذه الآية من سورة البقرة، والتي في سورة الأعراف (الآية: ١٦١)
أيضًا، فقرأ ابن عامر بالتأنيث فيهما (يعني بالتاء: تُغفَر). وقرأ نافع وأبو جعفر
بالتذكير في هذه الآية (يعني بالياء: يُغفر)، والتأنيث في الأعراف، ووافقهما يعقوب
في الأعراف. واتفق هؤلاء الأربعة على ضم حرف المضارعة وفتح الفاء على المبني
للمفعول وقرأ الباقون بالنون وفتحها وكسر الفاء في الموضعين على البناء للفاعل.
انظر «النشر» ٢/ ٢١٥.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف سابقه. ابن أبي فُديك: هو محمد بن إسماعيل.
وأخرجه البزار (١٨١٢ - كشف الأستار)
من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وقد قرأ بقراءة عائشة هذه بتخفيف
الراء دون تشديد في كلمة «فرضاها» نافع وابن عامرِ وعاصم والكسائي وحمزة وأبو جعفر
ويعقوب وخلف، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (وفرَّضْنَاها) بتشديد الراء للمبالغة.