١ - باب الرجل يتداوى
٣٨٥٥
- حدَّثنا حفصُ بنُ عَمَرَ النَّمريُّ،
حدَّثنا شُعبةُ، عن زياد بنِ عِلاقة عن أسامةَ بنِ شَريكٍ، قال: أتيتُ رسولَ الله
ﷺ وأصحابُه كأنما على رؤوسِهُم الطيرُ، فَسَلَّمتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فجاء الأعرابُ
مِن هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسولَ الله ﷺ، أنتداوى؟ فقال: «تَدَاوَوْا، فإنَّ
الله عز وجل لم يَضَعْ دَاءً إلا وضع له دَوَاءً غيرَ داءٍ واحدٍ الهرَمُ» (١).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٤٣٦)، والترمذي
(٢١٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥١١) و(٧٥١٢) من طريق زياد بن علاقة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٥٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٦١).
قال ابن القيم في «زاد المعاد» ٤/ ١٥
بعد أن ذكر حديث أسامة بن شريك هذا، وحديث جابر بن عبد الله وحديث أبي هريرة وحديث
ابن مسعود: وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل كما لا
ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا
بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعًا، وأن تعطيلها
يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن
تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزًا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على
الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا
بدَّ مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلًا للحكمة والشرع، فلا يجعل
العبد عجزه توكلًا، ولا توكله عجزًا.
وفيها رد على من أنكر التداوي، وقال:
إن كان الشفاء قد قُدِّر، فالتداوي لا يفيد، وإن لم يكن قد قدر فكذلك. وأيضًا فإن
المرض حصل بقدر الله، وقدر الله لا يدفع =
٢ - باب في الحِميَةِ
٣٨٥٦
- حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله،
حدَّثنا أبو داود وأبو عامر - وهذا لفظُ أبي عامر- عن فُلَيْح بنِ سليمان، عن
أيوبَ بنِ عبدِ الرحمن بن صعصعةَ الأنصاري، عن يعقوب بن أبي يعقوب
عن أُمِّ المنذر بنت قيسٍ الأنصارية،
قالت: دخل علىَّ رسولُ الله ﷺﷺ، ومعه عليٌّ، وعلي نَاقِهٌ، ولنا دَوالي
مُعلَّقَةٌ، فقامَ رسولُ الله ﷺ يأكُلُ منها، وقام عليٌّ ليأكلَ، فَطَفِقَ رسولُ
الله ﷺ: لِعليٍّ: «مَهْ، إنَّك نَاقِهٌ». حتى كَفَّ عليٌّ، قالت: وصنعتُ شعيرًا
وسِلْقًا، فجئتُ به، فقال رسولُ الله ﷺ: «يا عليُّ، أصِبْ مِن هذا فهو أنْفَعُ لك»
(١).
= ولا يُرد، وهذا السؤال هو الذي أورده
الأعراب على رسول الله ﷺ، وأما أفاضل الصحابة، فأعلم باللهِ وحكمته وصفاته من أن
يوردوا مثل هذا، وقد أجابهم النبي ﷺ بما شفى وكفى، فقال: هذه الأدوية والرقى
والتقى، هي من قدر الله، فما خرج شيء عن قدره، بل يرد قدره بقدره، وهذا الرد من
قدره، فلا سبيل إلى الخروج عن قدره بوجه ما، وهذا كرد قدر الجوع والعطش والحر
والبرد بأضدادها، وكرد قدر العدو بالجهاد، وكلٌّ من قدر الله الدافع والمدفوع
والدفع.
(١)
إسناده حسن. فليح بن سليمان مختلف فيه. فقد احتج به الشيخان، وقال عنه الدارقطني
مرة: ثقة، وقال مرة: لا بأس به، وقال ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار»: من
متقني أهل المدينة، وقال الساجي: إنه يَهِم وان كان من أهل الصدق- قلنا: وأي ثقة
لم يقع له وهم- وقال ابن عدي بعد أن سبر أحاديثه: ولفليح أحاديث صالحة يرويها عن
نافع عن ابن عمر نسخة ... ويروي عن سائر الشيوخ من أهل المدينة، مثل أبي النضر
وغيره أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في «صحيحه» وروى عنه زيد بن أبي
أُنيسة، وهو عندي لا بأس به.
وقال الحافظ الذهبي في «تذكرة
الحفاظ»: وكان صادقًا عالمًا صاحب حديث ... قال: وحديثه في رتبة الحَسَن. وقال في
«الميزان»: أحد العلماء الكبار، احتجا به في «الصحيحين». =
قال هارون: قال أبو داود الطيالسي:
العدوية.
= وقد صحح أحاديثه الإِمام عبد الحق
الإشبيلي على اطّراد كما قال ابن القطان الفاسي في «الوهم والإيهام» ٤/ ٣٨. وصحح
له الترمذي تارة وحسَّن له أخرى.
وصحح له الحافظ العراقي في «تخريج
أحاديث الإحياء» إسناد حديث: «من تعلّم علمًا مما يبتغى به وجه الله»، وهو الحديث
السالف عند المصنف برقم (٣٦٦٤)، وحسّن له البزار إسناد حديث عنده برقم (٣٤٣).
لكن ضعَّفه يحيى بن معين وأبو زرعة
والنسائي وأبو داود، وتبعهم ابن القطان الفاسي.
وقد تتبَّعنا أحاديثه في «مسند
أحمد»، فإذا هي تزيد على مئة حديث، وقد توبع عليها كلها خلا ستة أحاديث، أخرج
البخاري في «صحيحه» أربعة أحاديث منها، والحديثان الباقيان، صحح أحدهما الحافظ
العراقي في «تخريج أحاديث الاحياء»، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححًا له، وهو
حديث: «من تعلَّم علمًا مما يبتغَى به وجه الله ...»، والحديث الآخر في «المسند»
(١١٦٢٨)، وصححه ابن حبان (٣٠٠٦)، والحاكم ١/ ٣٥٧، وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي
في «مجمع الزوائد» ٣/ ٢٦: رواه أحمد، ورجاله ثقات. وكنا قد ضعفنا إسناد هذا الحديث
في «المسند»، و«سنن ابن ماجه»، و«سنن الترمذي» فيُستدرك من هنا.
أبو عامر: هو عبد الملك بن عَمرو
العَقَدي، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٤٤٢)، والترمذي
(٢١٥٦) من طريق أبي عامر وأبي داود، وابن ماجه (٤٤٢٣) من طريق يونس بن محمد،
ثلاثتهم عن فليح بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢١٥٥) من طريق يونس
بن محمد، عن. فليح، عن
عثمان بن عبد الرحمن، عن يعقوب بن أبي يعقوب، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، لا
نعرفه إلا من حديث فليح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٥١).
ناقةٌ، أي: قريب العهد بالمرض.
والدَّوالي: جمع دالية، وهي العِذق
من البُسر يعلق فإذا أرطَبَ أُكِلَ.
٣ - باب في الأمر بالحِجامة
٣٨٥٧
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرِو، عن أبي سَلَمَةَ
عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ قال:
«إن كان في شيء مما تَدَاويتُم به خيرٌ، فالحِجامَة» (١).
٣٨٥٨
- حدَّثنا محمدُ بنُ الوزير الدمشقيُّ،
حدَّثنا يحى بنُ حسان، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن أبي المَوَالي، حدَّثنا فائدٌ مولى
عُبيدِ الله بن علي بنِ أبي رافعٍ، عن مولاه عُبيدِ الله بنِ علي بنِ أبي رافع
عن جَدَّتِهِ سَلْمى خَادِمِ رسولِ
الله ﷺ، قالت: ما كان أحَدٌ يَشْتكي إلى رَسُولِ الله ﷺ وجَعًا في رَأسِهِ إلا
قال: «احْتَجِمْ» ولا وجَعًَا في رِجليه إلا قال: «اخْضِبْهُمَا» (٢).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد
بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وحماد: هو
ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٤٧٦) من طريق حماد
بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٥١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٧٨).
وفي الباب عن أنس بن مالك عند
البخاري (٥٦٩٦)، ومسلم (١٥٧٧)، والترمذي (١٣٢٤) بلفظ: «إن أمثلَ -وفي رواية: خير-
ما تداويتم به الحجامة والقُسط البحري».
وعن جابر بن عبد الله، عند البخاري
(٥٦٨٣)، ومسلم (٢٢٠٥) بلفظ: «إن كان
في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة
محجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار».
وعن ابن عباس عند البخاري (٥٦٨٥)
بلفظ: «الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار».
(٢)
إسناده جيد من أجل عُبيد الله بن علي بن أبي رافع، فهو صدوق لا بأس به.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٠٢)، والترمذي
(٢١٨٠) من طريق زيد بن الحُباب، والترمذي (٢١٧٩) من طريق حماد بن خالد الخياط،
كلاهما عن فائد مولى عُبيد الله بن =
٤ - باب في موضع الحجامة
٣٨٥٩
- حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ ابراهيمَ
الدِّمشقيُّ دُحيم وكثيرُ بن عُبيدٍ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن ابنِ ثوبانَ، عن
أبيهِ
= علي بن أبي رافع، به. وقد وقع في
رواية حماد بن خياط: علي بن عبيد الله، والصواب كما قال الترمذي: عبيد الله بن
علي. وقد اقتصرا على ذكر الحناء، لكن قال الأول في روايته: كان لا يصيبُ النبي ﷺ
قَرحة ولا شوكة إلا وضع عليه الحناء. وقال الثاني: قرحة أو نكبة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٦١٧) و(٢٧٦١٨).
وفي باب الحجامة من ألم الرأس ما
أخرجه البخاري (٥٧٠٠) و(٥٧٠١) عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله ﷺ وهو محرم في
رأسه من شقيقة كانت به. ونحوه عند مسلم (١٢٠٢).
قال ابن القيم في «زاد المعاد» ٤/
٨٩: ومن منافع الحناء: أنه مُحلِّل نافع من حرق النار، وفيه قوة موافقة للعصب إذا
ضمِّد به، وينفع إذا مضغ من قروح الفم والسُّلاق (وهو بثر تخرج على أصل اللسان،
وتقشر في أصول الأسنان) العارض فيه، ويبرئ القُلاع (وهي بثرات تكون في جلدة الفم
أو اللسان) الحادث في أفواه الصبيان، والضماد به ينفع من الأورام الحارة الملهبة
...
وقال أيضًا في «الزاد» ٤/ ٥٥:
والحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق، والحجامة على الأخدعين تنفع من
أمراض الرأس وأجزائه كالوجه والأسنان والأذنين والعينين والأنف، والحلق إذا كان
صدور ذلك عن كثرة الدم أو فساده، أو عنهما ...
والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع
الأسنان والوجه والحلقوم، إذا استُعملت في وقتها، وتنقي الرأس والفكين، والحجامة
على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن، وهو عرق عظيم عند الكعب، وتنفع من قروح الفخذين
والساقين، وانقطاع الطمث، والحكة العارضة في الأنثيين.
والحجامة في أسفل الصدر نافعة من
دماميل الفخذ، وجَرَبه وبثوره، ومن النِّقرس والبواسير، والفيل (وهو داء يحدث من
غلظ كثيف في القدم والساق، تتخلله عجر صجرة ناتئة).
عن أبي كَبْشَةَ الأنماريِّ -قال
كثيرٌ: إنَّه حدَّثه-: أن النبيَّ ﷺ كان يَحْتَجِمُ على هامَتِه وبينَ كَتِفَيْهِ،
وهو يقول: «مَنْ أهْراق مِنْ هذهِ الدِّماء، فلا يَضُرُّه أن لا يتداوى بشيءٍ
لشيءٍ» (١).
٣٨٦٠
- حدَّثنا مُسلِمُ بنُ إبراهيمَ،
حدَّثنا جريرٌ -يعني ابنَ حازم- حدَّثنا قتادةُ عن أنسٍ: أن النبي ﷺ احْتَجَمَ
ثلاثًا في الأخدَعَيْنِ والكاهِلِ (٢).
(١) إسناده ضعيف، ابن ثَوبان -وهو عبد الرحمن
بن ثابت- مُختلَف فيه، وثقه بعضهم وضعفه آخرون ثم إن الحديث مرسل، لأن ثابت بن
ثوبان لم يذكر له سماع من أحد من الصحابة، فهو من الطبقة السادسة على ما قال
الحافظ، وقد اضطرب عبد الرحمن ابن ثابت بن ثوبان في هذا الحديث كما سيأتي. الوليد:
هو ابن مسلم الدمشقي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٤٨٤)، وابن أبي
عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٢٨٣)، والطبراني في «الشاميين» (١٧٩)، والبيهقي ٩/
٣٤٠، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٧/ ٢٠ - ٢١، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة
أبي كبشة الأنماري ٣٤/ ٢١٤ من طريق الوليد بن مسلم، وابن جرير الطبري في «تهذيب
الآثار» ١/ ٥٠٦ (مسند ابن عباس)، والطبر اني في «الكبير» ٢٢/ (٨٥٨)، وفي «الأوسط»
(٩٣٦)، وفي، «الشاميين» (١٧٩)، وابن عساكر ٧/ ٢٠ - ٢١ من طريق أبي معيد حفص بن
غيلان، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، به.
ورواه عبد الله بن صالح بن مسلم
العجلي عند ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ١/ ٤٤٦، وغسان بن الربيع الموصلي عند ابن
قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ١٧٥، والطبراني في «مسند الشاميين» (٢١١)، وزيد بن
الحباب عند ابن جرير الطبري في «تهذيب الآثار» ١/ ٥٠٨ - ٥٠٩ (مسند ابن عباس)، وابن
عبد البر في «الاستيعاب» في ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وابن عساكر في
«تاريخ دمشق» ٣٤/ ٣٢٤، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن أبي
هزان، عن عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد.
(٢)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي. =
قال معمر: احتَجَمْتُ فذهبَ عَقْلي،
حتى كُنْتُ أُلقَّنُ فاتحةَ الكِتَابِ في صلاتي، وكان احْتَجَمَ على هَامتِهِ (١).
٥
- باب، متى
تستحب الحجامة؟
٣٨٦١
- حدَّثنا أبو تَوْبةَ الربيعُ بنُ
نافعٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ عبدِ الرحمن الجُمحيُّ، عن سهيلٍ، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «مَنِ احْتَجَمَ لِسبْعَ عشرةَ وتسْعَ عشرة وإحدى وعشرين، كان شفاءً مِنْ كلِّ
داء» (٢).
= وأخرجه ابن ماجه (٣٤٨٣) من طريق جرير
بن حازم، والترمذي (٢١٧٦) من
طريق همام بن يحيى وجرير بن حازم،
كلاهما عن قتادة، به. زاد الترمذي في روايته: وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة
واحدى وعشرين.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٩١)، و«صحيح
ابن حبان»، (٦٠٧٧).
ويشهد لزيادة الترمذي حديث أبي هريرة
الآتي بعده.
الأخدعان: عرقان في جانب العنق،
والكاهل: ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر.
(١)
مقالة معمر هذه أثبتناها من هامش (أ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن
داسه وابن العبد. قلنا: لكنها لم ترد
عندنا في (هـ) مع أنها برواية ابن داسه!
(٢)
إسناده ضعيف. سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، قال الساجي: يروي عن هشام وسهيل أحاديث
لا يتابع عليها. قلنا: وقد انفرد بهذا الحديث، ولهذا ضعفه الحافظ ابن حجر في
«الفتح» ١٠/ ١٥٠، والإمام العيني في «عمدة القاري»، وضَعَّفا عامة أحاديث التوقيت،
وسبقهما إلى ذلك العقيلي في «الضعفاء» ١/ ١٥٠ فقال: وليس في هذا الباب في اختيار
يوم للحجامة شيء يثبت.
وأخرجه الطبراني في «لأوسط» (٦٦٢٢)،
والحاكم ٤/ ٢١٠، والبيهقي ٩/ ٣٤٠ من طريق أبي توبة، بهذا الإسناد. لكن الطبراني
والحاكم اقتصرا في روايتهما على ذكر اليوم السابع عشر وقال الطبراني: لم يرو هذا
الحديث عن سهيل بن أبي صالح إلا سعيد بن عبد الرحمن، تفرد به أبو توبة.
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرج الطبراني في «الأوسط» (٦٧٦) من
طريق محمد بن محصن العكاشي، عن ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة بلفظ: «احتجموا
لسبع عشرة من الشهر وتسع عشرة وإحدى وعشرين» ومحمد بن محصن كذاب.
وأخرجه بنحوه الطبراني في «الصغير»
(٢٣٦) من طريق عمر بن صهبان، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رفعه.
وعمر بن صهبان متروك.
وأخرجه بنحوه أيضًا ابن عدي في
«الكامل» في ترجمة نصر بن طريف، ٧/ ٢٤٩٨ من طريق نصر هذا، وهو متروك الحديث.
وفي الباب عن ابن عباس عند الطيالسي
(٢٦٦٦)، وابن أبي شيبة ٨/ ٨٢، وأحمد (٣٣١٦)، وعبد بن حميد (٥٧٤)، والترمذي (٢١٧٨)،
والطبري في «تهذيب الآثار» ١/ ٤٨٨ و٥١٦ (مسند ابن عباس)، والطبراني في «الكبير»
(١١٠٧٦)، والحاكم ٤/ ٢٠٩ و٢١٠، والسهمي في «تاريخ جرجان» ترجمة (٥٩٠)، والبيهقي ٩/
٤٣٠ وقال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ١٥٠: معلول، قنا: لأنه روي من طريقين أحدهما عن
عباد بن منصور، عن عكرمة، وهذا إنما دلسه عباد، لأنه سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى
الأسلمي المتروك، عن داود بن الحصين عن عكرمة كما قاله غير واحد من أهل العلم،
والطريق الثاني فيه ليث بن أبي سُليم سيئ الحفظ.
وعن معقل بن يسار عند ابن سعد في
«الطبقات» ١/ ٤٤٨، وحرب في «مسائله» كما في «المنتقى» للمجد ابن تيمية مع «نيل
الأوطار» للشوكاني ٩/ ٩٨، والطبري في «تهذيب الآثار» ١/ ٥١٦ (مسند ابن عباس)،
والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٤٩٩)، والبيهقي ٩/ ٣٤٠، وابن عدي في، «الكامل» في
ترجمة زيد بن الحواري العمي ٣/ ١٠٥٧ وفي ترجمة سلام بن سليم الطويل ٣/ ١١٤٧ - ١١٤٨
من طريق سلام الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن معقل. وقال الطبري: خبر
واه لا تثبت بمثله في الدين حجة، وقال ابن الجوزي: موضوع، وسلام وشيخه متروكان،
وقال مجد الدين ابن تيمية: ليس إسناده بذاك.
وقد صح من فعله ﷺ أنه كان يحتجم لسبع
عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كما في الحديث السالف قبله. وعن أنس بن مالك عند
الطبراني في، «تهذيب الآثار» ١/ ٥٢٠ (مسند ابن عباس) من طريق هشام، عن قتادة، عن
أنس، قال: كان أصحاب النبي ﷺ يحتجمون لوتر من الشهر. وإسناده صحيح.
٣٨٦٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، أخبرني
أبو بَكْرَةَ بكارُ بن عبدِ العزيز، أخبرتني عمَّتي كَبْشَةُ بنتُ أبي بكرةَ -وقال
غيرُ موسى: كَيِّسةَ بنتُ أبي بَكْرَةَ-
أن أباها كان ينهى أهلَه، عن
الحِجَامَةِ يومَ الثُّلاثاء، ويزعُمُ عن رسولِ الله ﷺ أن يومَ الثلاثاء يومُ
الدَّمِ وفيه ساعةٌ لا يَرْقَأُ (١).
٣٨٦٣
- حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا
هشامٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابرٍ، أن النبيَّ ﷺ احتَجمَ على
وَرِكِهِ مِنْ وَثْء كانَ بِهِ (٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف بكار بن عبد العزيز،
وجهالة عمته، ولهذا قال العقيلي في «الضعفاء» في ترجمة بكار ١/ ١٥٠: لا يتابع
عليه، وقال البيهقي ٩/ ٣٤٠: إسناده ليس بالقوي. وكبْشة جاء اسمها في رواية موسى بن
إسماعيل، والصواب كيّسة كما في «التهذيب» وفروعه. قال الحافظ في «تهذيب التهذيب»
في ترجمة كيِّسة: وقع في رواية ابن داسه عن أبي داود كبشة -بموحدة ساكنة ومعجمة-
ونبه أبو داود على أن غير موسى بن إسماعيل يقول: كيِّسة، أي: على الصواب.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ١/ ١٥٠،
والبيهقي ٩/ ٣٤٠ من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» ١/
٥٣٤ (مسند ابن عباس) من طريق أبي عاصم، عن بَكار، عن أبيه، عن أبي بكرة. فقال: عن
أبيه. بدل عمته. وجعل قوله: فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم من قول أبي بكرة.
وفي الباب عن ابن عباس موقوفًا عند
أبي يعلى (٢٦١٢) وإسناده تالف.
ورقأ الدم والعِرْق والدمعة، يرقأ
رَقْأ ورُقُوءًا: انقطع بعد جَرَيانه.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس
المكي- لم يُصرِّح بسماعه من جابر .. وقد انفرد ملم بن إبراهيم بقوله: على وركه،
وخالفه سائر أصحاب هشام -وهو الدستوائي- فقالوا: احتجم من وثء كان بوركه أو ظهره.
وأخرجه النسائي (٢٨٤٨) من طريق يزيد
بن إبراهيم، عن أبي الزبير، به. دون ذكر الورك، وقال في روايته: وهو محرم.
=
٦ - باب في قطع العرق
٣٨٦٤
- حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ
الأنباريُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي سفيان
عن جابر، قال: بَعَثَ النبيُّ ﷺ إلى
أُبيٍّ طبيبًا (١)، فَقَطَعَ مِنْه عِرْقًا (٢).
٧
- باب في
الكَيِّ
٣٨٦٥
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن ثابتٍ، عن مُطرِّفٍ
= وأخرجه ابن ماجه (٣٥٨٢) من طريق ابن
خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي ﷺ احتجم وهو محرم من رهْصة أخذته.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٨٠) بزيادة:
وهو محرم، وكذلك زاد كل من خرج حديث جابر هذا.
ويشهد له حديث عبد الله بن عباس عند
البخاري (٥٧٠٠)، ومسلم (١٢٠٢).
وحديث عبد الله بن بحينة عند البخاري
(١٨٣٦)، ومسلم (١٢٠٣).
الوثء: وجع يصيب العضو من غير كسر،
وثئتِ اليدُ والرِّجلُ، أي: أصابها وجع دون الكسر فهي موثوءة، وقد يترك همزه،
فيقال: وثي.
(١)
وقع في (أ): بعث النبي ﷺ إلى أبي طيبة فقطع منه عرقًا، وهو خطأ، والمثبت من سائر
أصولنا الخطية وهو الموافق لرواية مسلم وغيره.
(٢)
إسناده قوي من أجل أبي سفيان -وهو طلحة بن نافع- فهو صدوق لا بأس به. الأعمش: هو
سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه مسلم (٢٢٠٧) من طريق أبي
معاوية، بهذا الإسناد، وزاد: ثم كواه عليه.
وأخرجه مسلم (٢٢٠٧) من طريق جرير بن
عبد الحميد و(٢٢٠٧) من طريق سفيان الثوري، و(٢٢٠٧) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن
سليمان الأعمش، به. بذكر الكي دون ذكر قطع العرق.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٥٢) و(١٤٣٧٩).
عن عِمران بن حُصين، قال: نهى
النبيُّ ﷺ عن الكَيِّ، فاكْتَوَيْنا، فما أفْلَحْنَ ولا أنْجَحْنَ (١).
قال أبو داود: وكان يَسْمَعُ تسليمَ
الملائِكَةِ، فلما اكتوى، انقطَعَ عنه، فلما تَرَكَ، رَجَعَ إليه (٢).
٣٨٦٦
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، عن أبي الزبير
عن جابر: أن النبي ﷺ كَوى سعد بن
مُعاذٍ مِنْ رَمِيَّتِه (٣).
(١) إسناده صحيح. مُطرَّف: هو ابن عبد الله
بن الشِّخِّير، وثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٤٩٠)، والترمذي
(٢١٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٥٨) من طريق الحسن البصري، عن عمران. والحسن
البصري لم يسمع من عمران.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٦٤)
و(١٩٩٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٨١). قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ١٥٥: والنهي فيه
محمول على الكراهة، أو على خلاف الأولى لما يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل: إنه خاص
بعمران، لأنه كان به الباسور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيِّه، فلما اشتد عليه
كواه، فلم يُنْجِحْ. قلنا: وذكر الخطابي وجهين آخرين لمعنى النهي، مُلخَّصهما:
أولًا: أن يكون من أجل أنهم كانوا
يعظمون أمره ويقولون: آخر الدواء الكي، ويرون أنه يحسم الداء ويبرئه وإذا لم يفعل
ذلك عطب صاحبه وهلك، فنهاهم عن ذلك إذا كان على هذا الوجه، وأباح لهم استعماله إذا
كان على معنى التوكل على الله، فيكون الكي والدواء سببًا لا علة.
والثاني: أن يكون معنى نهيه عن الكي
هو أن يفعله احترازًا عن الداء قبل وقوع الضرورة، ونز ول البلية، وذلك مكروه.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في روايتي ابن الأعرابي
وأبي عيسى الرملي.
(٣)
إسناده صحيح. وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد
=
٨ - باب في السَّعُوط
٣٨٦٧
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ، حدَّثنا وُهَيب، عن عبدِ الله بنِ طاووس، عن أبيه
عن ابنِ عباسٍ؟ أن رَسُولَ الله -
اسْتَعَطَ (١).
٩
- باب في
النُّشْرَةِ
٣٨٦٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا
عبدُ الرَّزاق، حدَّثنا عَقيلُ بنُ معقل، سمعتُ وهبَ بنَ مُنبِّه يُحدث
= روى هذا الحديث عنه الليث بن سعد عند
أحمد والترمذي والنسائي، ولم يرو عنه الليث إلا ما سمعه من جابر. حماد: وابن سلمة.
وأخرجه مسلم (٢٢٠٨) من طريق زهير بن
معاوية، وابن ماجه (٣٤٩٤) من طريق سفيان الثوري، والترمذي (١٦٧٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٨٦٢٦) من طريق الليث بن سعد، ثلاثتهم عن أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٤٣)
و(١٤٧٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٧٨٤) و(٦٠٨٣).
وإنما كوى سعدًا حين خاف عليه الهلاك
من النزف.
(١)
إسناده صحيح. طاووس: هو ابن كيسان اليماني، ووهيب: هو ابن خالد، وأحمد بن إسحاق:
هو ابن زيد الحضرمي البصري.
وأخرجه البخاري (٥٦٩١)، ومسلم بإثر
(١٥٧٧)، وبإثر (٢٢٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٣٦) من طريق وُهيب بن خالد، بهذا
الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٣٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٥١٥٠).
قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ١٤٧:
قوله: استعط، أي: استعمل السعوط، وهو أن يستلقي على ظهره، ويجعل بين كتفيه ما
يرفعهما لينحدر رأسُه، ويقطر في أنفه ماء أو دهن فيه دواء مفرد أو مركب ليتمكن
بذلك من الوصول إلى دماغه، لاستخراج ما فيه من الداء بالعُطاس.
عن جابرِ بنِ عبد الله، قال: سُئِلَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ عن النُشْرَةِ، فقالَ: «هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»
(¬١).
١٠
- باب في
شرب الترياق
٣٨٦٩
- حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمر بنِ
مَيْسَرَةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيدَ، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، حدَّثنا
شُرَحْبِيلُ بنُ يزيدَ المَعَافِريُّ، عن عبد الرحمن بن رافعٍ التَّنُوخيِّ، قال:
(١) إسناده صحيح.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٩٧٦٢)،
ومن طريقه أخرجه أحمد (١٤١٣٥)، وابن حبان في «الثقات» ٨/ ٣١٥ في ترجمة شعثم بن
أصيل، والبيهقي ٩/ ٣٥١.
قال الخطابي: النُّشرة: ضرب من
الرقية والعلاج، يعالج به من كان يُظنُّ به مس الجن، وسميت نشرة، لأنه يُنشر بها
عنة، أي: يحل عنه ما خامره من الداء.
وقد أورد البخاري في «صحيحه» قبل
الحديث (٥٧٦٥) بصيغة الجزم: عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طبٌّ -أو
يؤخذ عن امرأته- أيُحَلُّ عنه أو يُنشَّر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به
الإصلاح، فأما ما ينفع فلم يُنْه عنه. قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٢٣٣: قال ابن
الجوزي: النشرة: حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر. وقد
سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور، فقال: لا بأس به، وهذا هو المعتمد، ويجاب عن
الحديث بأن قوله: «النشرة من عمل الشيطان» إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد،
فمن قصد بها خيرًا كان خيرًا، وإلا فهو شر ... ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم
في باب الرقية في حديث جابر عند مسلم مرفوعًا: «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل»
ويؤيد مشروعية النشرة ما تقدم في حديث: «العين حق» في قصة اغتسال العائن.
قال الحافظ: وممن صرح بجواز النشرة
المزني صاحب الشافعي وأبو جعفر الطبري وغيرهما وقال في «عون المعبود» ١٠/ ٢٤٩
تعليقًا على قوله ﷺ: «هو من عمل الشيطان»: أي: من النوع الذي كان أهل الجاهلية
يعالجون به ويعتقدون فيه، وأما ما كان من الآيات القرآنية، والأسماء والصفات
الربانية، والدعوات المأثورة النبوية، فلا بأس به.
سمعتُ عبدَ الله بنَ عمرو يقولُ:
سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «ما أُبالي ما أَتيْتُ إن أنا شَرِبْتُ تِرْياقًا،
أو تعلقتُ تَميِمةً، أو قُلتُ الشِّعرَ مِن قِبَلِ نفسي» (١).
(١) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن رافع
التنُوخي. وشرحبيل بن يزيد المعافري كذا جاء مسمى في رواية أبي داود، قال الحافظ
المزي في «تهذيب الكمال» ١٢/ ٤٣٢: والمعروف شرحبيل بن شريك، وقد رواه أبو بكر بن
أبي شيبة وغير واحد عن المقرئ كذلك. قلنا: وسبب هذا الوهم أن هناك رجلًا آخر يروي
عن عبد الرحمن ابن رافع، ويروي عنه سعيد بن أبي أيوب كذلك اسمُه شراحيل بن يزيد،
وهو معافري أيضًا، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» ٢/ ١٥٩: ومن
الجائز أن يكون الحديث عندهما جميعًا.
ونقل المناوي في «فيض القدير» ٥/ ٤٠٨
عن الحافظ الذهبي قوله في «المهذب»: هذا حديث منكر.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٧٨، وأحمد
(٧٠٨١)، والطبراني في «الكبير» -قسم من الجزء ١٣ - (١٣١)، والبيهقي ٩/ ٣٥٥، والمزي
في «تهذيب الكمال» في ترجمة شرحبيل بن يزيد المعافري ١٢/ ٤٣٢ من طريق عبد الله بن
يزيد -وهو المقرئ-، بهذا الإسناد إلا أن أحمد والطبراني والمزي قد ذكروا اسم
شرحبيل على الصواب، فقالوا: ابن شريك.
وأخرجه أحمد (٦٥٦٥)، ومن طريقه عبد
الغني المقدسي في «أحاديث الشعر» (٤١) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن
شريح، عن شرحبيل بن شريك، به.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٧٩٥٩)،
وعنه أبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٣٠٨ عن موسى بن عيسى بن المنذر الحمصي، عن محمد بن
المبارك الصوري، عن معاوية بن يحيى الطرابلسي، عن سعيد بن أبي أيوب، عن شرحبيل بن
شريك، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وقد أخطأ موسى
بن عيسى بن المنذر في إسناده فذكر أبا عبد الرحمن الحبلي بدل عبد الرحمن بن رافع،
وموسى بن عيسى هذا قال عنه النسائي: لا أحدث عنه شيئًا، ليس هو شيئًا.
=
قال أبو داود: هذا كانَ للنبي ﷺ
خاصةً، وقد رَخَّصَ فيه قومٌ، يعني التِّرياقَ.
١١
- باب في
الأدوية المكروهة
٣٨٧٠
- حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله،
حدَّثنا محمدُ بنُ بشرٍ، حدَّثنا يونسُ بنُ أبي إسحاقَ، عن مجاهدٍ
عن أبي هُريرة قال: نهى رسولُ الله ﷺ
ِ عنِ الدَّواءِ الخَبيثِ (١).
= قال ابن الأثير في «النهاية»:
الترياق: ما يستعمل لدفع السّم من الأدوية والمعاجين، وهو معرّب، ويقال بالدال
أيضًا.
وقال الخطابي: شرب الترياق مكروه من
أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي، وهي محرمة، وهو أنواع، فإذا لم يكن فيه لحوم
الأفاعي فلا بأس بتناوله، والله أعلم.
وقال المناوي في «فيض القدير» ٥/
٤٥٨: فإن اضطر إليه ولم يقم غيره مقامه جاز، قال بعض المحدثين: النفع به محسوس
والبرء به موجود، وذلك مما يبعد صحة الحديث، والكلام في الترياق المعمول بلحم
الحيات لا غيره، ...، فإن هذا استعماله جائز مطلقًا.
وقال الخطابي: والتميمة يقال: إنها
خرزة كانوا يتعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلال،
إذ لا مانع ولا دافع غير الله سبحانه، ولا يدخل في هذا التعوّذ بالقرآن والتبرك
والاستشفاء به، لأنه كلام الله، والاستعاذة به ترجع إلى الاستعاذة بالله سبحانه،
ويقال: بل التميمة قلادة تُعلّق به العُوَذ، ...، وقد قيل: إن المكروه من العُوَذ
هو ما كان بغير لسان العرب، فلا يُفهم معناه، ولعله قد يونس فيه سحر أو نحوه من
المحظور، والله أعلم.
(١)
إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه
(٣٤٥٩)، والترمذي (٢١٦٨) من طريق يونس بن أبي إسحاق، به. ووقع تفسير الدواء الخبيث
عند الترمذي: أنه السُّم.
وهو في «مسند أحمد» (٩٧٥٦).
=
٣٨٧١ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن سعيدِ بنِ خالدٍ، عن سعيدِ بنِ المُسيَّب
عن عبدِ الرحمن بنِ عثمانَ: أن
طَبيبًا سألَ النبي ﷺ عَنْ ضِفْدعٍ يجعَلُها في دَوَاءٍ، فنهاه النبيُّ ﷺ عن
قَتْلِها (١).
٣٨٧٢
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا أبو
معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح
= قال الخطابي: الدواء الخبيث قد يكون
خبثه من وجهين، أحدهما: خبث النجاسة وهو أن يدخله المحرم، كالخمر ونحوها من لحوم
الحيوان غير مأكولة اللحم، وقد يصف الأطباء بعض الأبوال وعذرة بعض الحيوان لبعض
العلل، وهي كلها خبيثة نجسة وتناولها محرّم إلا ما خصته السنة من أبوال الإبل، فقد
رخص فيها رسولُ الله ﷺ لنفر من عُرينة وعُكْل.
وسبيل السنن أن يقر كل شيء منها في
موضعه، وأن لا يُضرب بعضها ببعض، وقد يكون خبث الدواء أيضًا من جهة الطعم والمذاق،
ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، ولتكرَّه النفس إياه،
والغالب أن طعوم الأدوية كريهة، ولكن بعضها أيسر احتمالًا وأقل كراهة.
(١)
إسناده صحيح. سعيد بن خالد: هو القارظي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن
المغيرة، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه النسائي (٤٣٥٥) من طريق ابن
أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٥٧).
قال الخطابي: في هذا دليل على أن
الضفدع محرم الأكل وأنه غير داخل فيما أُبيح من دوابّ الماء، فكل منهي عن قتله من
الحيوان، فإنما هو لأحد أمرين: إما لحرمته في نفسه كالآدمي، وإما لتحريم لحمه
كالصُّرَد والهدهد ونحوهما.
وإذا كان الضفدع ليس بمحترم كالآدمي
كان النهي فيه منصرفًا إلى الوجه الآخر، وقد نهى رسول الله ﷺ عن ذبح الحيوان إلا
لمأكلة.
عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ: «مَن حَسا سُمًّا، فَسُمُّهُ في يده يَتَحَسَّاه في نارِ جهنم خالدًا
مُخَلَّدًا فيها أبدًا» (١).
(١) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان
السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه البخاري (٥٧٧٨)، ومسلم (١٠٩)،
وابن ماجه (٣٤٦٠)، والترمذي (٢١٦٥ - ٢١٦٧)، والنسائي (١٩٦٥) من طريق سليمان
الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤٤٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٨٦).
وقوله: «في نار جهنم خالدًا مخلدًا
فيها أبدًا» تمسّك به من قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار، قال الحافظ في
«الفتح» ٣/ ٢٢٧: وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة: منها توهيم هذه الزيادة، قال
الترمذي بعد أن أخرجه: رواه محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فلم
يذكر «خالدًا مخلدًا»، وكذا رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ... قال
الترمذي: وهو أصح، لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يُعذّبون ثم يخرجون
منها ولا يُخلَّدون.
قال الحافظ: وأجاب غيره يحمل ذلك على
من استحله، فإنه يصير باستحلاله كافرًا، والكافر مخلد بلا ريب.
وقيل: ورد مورد الزجر والتغليظ،
وحقيقه غير مُرادة.
وقيل: المعنى: أن هذا جزاؤه، لكن قد
تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم.
وقيل: التقدير: مخلدًا فيها إلى أن
يشاء الله.
وقيل: المراد بالخلود طول المدة، لا
حقيقة الدوام، كأنه يقول: يخلد مدة معينة وهذا أبعدها.
وقال الحافظ في موضع آخر من «الفتح»
١٠/ ٢٤٨: وأولى ما حُمل عليه هذا الحديث ونحوه من أحاديث الوعيد: أن المعنى
المذكور جزاء فاعل ذلك، إلا أن يتجاوز الله عنه. =
٣٨٧٣ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا
شُعبةُ، عن سِماكٍ، عن عَلْقَمَةَ بنِ وائلٍ
عن أبيه، ذكر طارقَ بنَ سويد، أو
سويدَ بنَ طارق سأل النبيَّ ﷺ، عن الخمر فنهاهُ، ثم سأله فَنَهَاه، فقال له: يا
نبيَّ الله، إنها دَوَاءٌ، فقال النبيُّ ﷺ: «ولكِنَّها دَاءٌ» (١).
= قلنا: وما يشهد لعدم تخليد قاتل نفسه
من الموحدين بالنار ما أخرجه أحمد (١٤٩٨٢)، ومسلم (١١٦) من حديث جابر أن الطُّفيل
بن عمرو الدوسي أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله ﷺ، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال:
حصن كان لدوس في الجاهلية فأبى ذلك النبي ﷺ، للذي ذخر الله للأنصار، فلما هاجر
النبي ﷺ إلى المدينة، هاجر إليه الطُّفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا
المدينة، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشَخَبَت يداه حتى مات، فرآه
الطُّفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيًا يديه، فقال له: ما صنع
بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيّه ﷺ، فقال: مالي أراك مغطيًا يديك؟ قال: قيل
لي: لن نُصلح منك ما أفسدتَ، فقصها الطُّفيل على رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:
«اللهم وليديه فاغفِر».
قال الإِمام النووي في، «شرح مسلم»:
في هذا الحديث حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها
ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة ... وهذا
الحديث شرح للأحاديث التي قبله المُوهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب
الكبائر في النار، والله تعالى أعلم.
(١)
إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب- فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه مسلم (١٩٨٤)، والترمذي (٢١٦٩)
من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٨٨)، و«صحيح
ابن حبان» (١٣٩٠).
وخالف شعبةَ في هذا الحديث حمادُ بنُ
سلمة، فرواه عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سويد الحضرمي، فجعله من مسند
طارق بن سويد لا وائل بن حُجْر. أخرجه من طريقه ابن ماجه (٣٥٠٠).
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٨٧). وقد صحح
ابنُ عبد البر في «الاستيعاب» في ترجمة طارق بن سويد إسناد حماد بن سلمة.
=
٣٨٧٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ عَبَادةَ
الواسطيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا إسماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عن ثعلبةَ بنِ
مُسلم، عن أبي عِمْرَانَ الأنصاريِّ، عن أُمِّ الدرداء
عن أبي الدرداء قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ: «إنَّ الله عز وجل أنْزَلَ الدَّاءَ والدَّواء، وجَعَلَ لِكُل داءٍ دَوَاءً،
فَتَداووا، ولا تَدَاووا بحرَام» (١).
= قال الخطابي: تسمية الخمر داء إنما
هو في حق الدين وحرمة الشريعة، لما يلحق شاربها من الإثم، وان لم يكن داء في البدن
ولا سقمًا في الجسم.
قال: وقد تستعمل لفظة الداء في
الآفات والعيوب، ومساوئ الأخلاق.
قال: وفي الحديث بيان أنه لا يجوز
التداوي بالخمر، وهو قول أكثر الفقهاء، وقد أباح التداوي بها عند الضرورة بعضهم،
واحتج في ذلك بإباحة رسول الله ﷺ للعُرنيين التداوي بأبوال الإبل، وهي محرمة، إلا
أنها لما كانت مما يُستشفى بها في بعض العلل رخص لهم في تناولها.
قلت [القائل الخطابي]: وقد فرق رسول
الله ﷺ بين الأمرين اللذين جمعهما هذا القائل، فنص على أحدهما بالحظر، وهو الخمر،
وعلى الآخر بالإباحة، وهو بول الإبل، والجمع بين ما فرّقه النص غير جائز.
وأيضًا: فإن الناس كانوا يشربون
الخمر قبل تحريمها ويشغفون بها، ويبتغون لذتها، فلما حرمت صعب عليهم تركها والنزوع
عنها، فغلظ الأمر فيها بإيجاب العقوبة على متناوليها، ليرتدعوا عنها، وليكفوا. عن
شربها، وحَسَم الباب في تحريمها على الوجوه كلها شربًا وتداويًا لئلا يستبيحوها
بعلة التساقم والتمارض، وهذا المعنى مأمون في أبوال الإبل لانحسام الدواعي، ولما
في الطباع من المؤنة في تناولها، ولما في النفوس من استقذارها والتكره لها، فقياس
أحدهما على الآخر لا يصح ولا يستقيم، والله تعالى أعلم.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد اختُلف فيه على إسماعيل بن عياش، فقد رواه عنه يزيد بن
هارون كما في رواية المصنف، وخالفه علي بن عياش وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي،
فروياه عن إسماعيل بن عياش عن ثعلبة، عن أبي عمران الأنصاري، عن أبي الدرداء، وفي
رواية أخرى لعلي بن عياش قال: عن أم الدرداء بدل أبي الدرداء، فأسقطا
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= من الإسناد راويًا، فإن كان الساقط
أم الدرداء، فالإسناد منقطع، وإن كان أبا الدرداء فهو مرسل، لأن أم الدرداء
تابعية، والله تعالى أعلم.
وأخرجه الدولابي في «الكنى» ٢/ ٣٨ من
طريق علي بن عياش، وابن عبد البر في «التمهيد» ٥/ ٢٨٢ من طريق سليمان بن عبد
الرحمن الدمشقي، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أبي
عمران الأنصاري، عن أبي الدرداء.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٤/
(٦٤٩) من طريق علي بن عياش، عن إسماعيل ابن عياش، عن ثعلبة بن مسلم، عن أبى عمران
سليمان بن عبد الله، عن أم الدرداء.
ويشهد له دون قوله: «ولا تداووا
بحرام» حديث أسامة بن شريك السالف عند المصنف برقم (٣٨٥٥). وإسناده صحيح.
وحديث عبد الله بن مسعود عند أحمد
(٣٥٧٨) و(٣٩٢٢)، وابن حبان (٦٠٦٢) وغيرهما. وإسناده صحيح.
وحديث أبي هريرة عند البخاري (٥٦٧٨)،
وابن ماجه (٣٤٣٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥١٣).
وحديث أنس عند أحمد (١٢٥٩٦) وغيره.
وإسناده صحيح.
وحديث جابر بن عبد الله عند أحمد
(١٤٥٩٧)، ومسلم (٢٢٠٤)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥١٤).
وحديث رجل من الأنصار عند أحمد
(٢٣١٥٦). وإسناده صحيح.
ويشهد لقوله: «ولا تداووا بحرام»
حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (٣٨٧٠)، ولفظه: نهى رسول الله ﷺ عن الدواء
الخبيث.
وحديث أم سلمة عند أحمد في «الأشربة»
(١٥٩)، وابن أبي الدنيا في «ذم المسكر» (١٢)، وأبي يعلى (٦٩٦٦) وابن حبان (١٣٩١)،
والطبراني في «الكبير» ٢٣/ (٧٤٩). وإسناده حسن في الشواهد.
وحديث عبد الله بن مسعود موقوفًا عند
عبد الرزاق (١٧٠٩٧) و(١٧١٠٢)، وابن أبي شيبة ٨/ ٢٣ و١٣٠، وأحمد في «الأشربة» (١٣٠)
و(١٣٣)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ١/ ١٠٨، وأبي القاسم البغوي في «الجعديات»
(١٩٠)، والطبراني في «الكبير» (٩٧١٤) - (٩٧١٧) وعلقه البخاري في «صحيحه» قبل
الحديث (٥٦١٤) بصيغة الجزم، وإسناده صحيح.
١٢ - باب في تمرِ العجوةِ
٣٨٧٥
- حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ،
حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ
عن سَعْدٍ، قال: مرضتُ مرضًا فأتاني
رسولُ الله ﷺ يَعُودُني، فَوَضَعَ يَدَه بين ثَدْيَىَّ حتى وجدتُ بَرْدَهَا على
فؤادي، فقالَ: «إنَّكَ رَجُل مَفْؤودٌ، ائتِ الحَارِثَ بنَ كَلَدَةَ أخا ثَقِيفٍ،
فإنَّه رجل يَتَطَبَّبُ، فليأخُذ سَبع تَمَرَاتٍ من عَجْوَةِ المدينةِ،
فليَجَأهُنَّ بِنَوَاهُنَّ، ثم لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ» (١).
(١) رجاله ثقات لكنه مرسل، لأن مجاهدًا -وهو
ابن جبْر المكي- روايته عن سعْد -وهو ابن أبي وقاص- مرسلة فيما قاله أبو حاتم وأبو
زرعة. وما جاء عند الطبراني من تقييد سعْد بابن أبي رافع تفرد به يونس بن الحجاج
الثقفي، عن سفيان بن عيينة، ويونس هذا مجهول لم يرو عنه إلا واحد، ولم يوثقه غير
ابن حبان. ولا يُعرف في الصحابة مَن اسمه سعْد بن أبي رافع من غير هذا الطريق.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى»
٣/ ١٤٦ عن محمد بن عُمر الواقدي، والحسن بن سفيان كما في «الإصابة» ٣/ ٥٨ عن قتيبة
بن سعيد، كلاهما عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقيد الواقدي في روايته سعْدًا
بابن أبي وقاص.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٥٤٧٩)
من طريق يونس بن الحجاج الثقفي، عن سفيان بن عيينة، به. فقال: عن سعْد بن أبي رافع.
قال ابن الأثير في «أسد الغابة» في
ترجمة الحارث بن كَلَدة ١/ ٤١٣: وروى ابن إسحاق، عن إسماعيل بن محمد بن سعْد بن
أبي وقاص، عن أبيه، قال: مرض سعد ... ثم ساق نحو هذه القصة.
قال الخطابي: «المفؤود» الذي أصيب في
فؤاده، كما قالوا لمن أصيب رأسه: مرؤوس، ولمن أصيب بطنه: مبطون.
قال: قوله: «فليجأهن بنواهن» يريد
ليَرُضَّهن، والوجيئة: حساء يتخذ من التمر والدقيق فيتحساه المريض.
وأما قوله: «فليلدَّك بهن» فإنه من
اللدود، وهو ما يُسقاه الإنسان في أحد جانبي الفم، وأخذ من اللديدَين، وهما جانبا
الوادي.
٣٨٧٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة،
حدَّثنا أبو أسامةَ، حدَّثنا هاشمُ بنُ هاشمٍ، عن عامرِ بنِ سعْد بنِ أبي وقاص
عن أبيه، عنِ النبيِّ ﷺ، قال: «مَن
تَصَبَّح سَبْعَ تَمَرَاتِ عَجْوةٍ، لم يَضُرَّهُ ذلك اليومَ سُمٌّ ولا سِحْرٌ»
(¬١).
١٣
- باب في
العِلاق
٣٨٧٧
- حدَّثنا مُسدَّدٌ وحامدُ بنُ يحيى،
قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله
عن أُمِّ قيسٍ بنتِ مِحْصَن، قالت:
دخلتُ على رسولِ الله ﷺ بابنٍ لي قد أعْلَقْتُ عليه مِن العُذْرَةِ، فقال: «عَلامَ
تَدْغَرْن أولادَكُنَّ بهذا
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن
أسامة.
وأخرجه البخاري (٥٤٤٥)، ومسلم
(٢٠٤٧)، والنسائي في»الكبرى«(٦٦٨٠) من طرق عن هاشم بن هاشم، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٥٧٢).
وأخرجه مسلم (٢٠٤٧) من طريق عبد الله
بن عبد الرحمن بن معمر، عن عامر ابن سعد، عن أبيه بلفظ:»من أكل سبع تمرات مما بين
لابَتَيْها حين يصبح، لم يضره سُمٌ حتى يمسي«.
وأخرجه أحمد (١٥٧١) عن عبد الله بن
نمير، عن هاشم بن هاشم، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، عن أبيها.
قال المناوي في»فيض القدير«٦/ ١٠٥:
ليس ذلك عامًا في العجوة، بل خاصًا بعجوة المدينة، بدليل رواية مسلم ... فذكر
رواية ابن معمر، ثم نقل عن القرطبي (شارح مسلم) قوله: فمطلق هاتين الروابتين مقيد
بالأخرى، فحيث أطلق العجوة هنا أراد عجوة المدينة.
وقال ابن الأثير في»النهاية":
العجوة: نوع من تمر المدينة أكبر من الصيحاني، يضرب إلى السواد، من غرس النبي ﷺ.
العِلاق؟ عليْكُنَّ بهذا العودِ
الهِنْدِيِّ، فإن فيهِ سبعةَ أشفيةٍ منها: ذاتُ الجَنْبِ: يُسعَطُ من العُذْرةِ،
ويُلَدُّ مِنْ ذاتِ الجَنْب» (١).
قال أبو داود: يعني بالعُودِ:
القُسْطَ.
١٤
- باب في
الأمرِ بالكُحل
٣٨٧٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا
زُهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن عثمان بنِ خُثَيم، عن سعيدِ بنِ جُبير
عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ
الله ﷺ: «البَسُوا مِن ثيابكُمُ البياضَ، فإنَّها مِنْ خير ثيابِكُم، وكَفِّنُوا
فيها مَوْتَاكُم، وإنَّ خَيْرَ
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٥٦٩٢)، ومسلم
(٢٢١٤)، وابن ماجه (٣٤٦٢) و(٣٤٦٨)،
والنسائي في»الكبرى«(٧٥٣٩) و(٧٥٤٣)
من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في»مسند أحمد«(٢٦٩٩٧)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٠٧٠).
قال الخطابي: هكذا يقول المحدّثون:
أعلقت عليه، وإنما هو: أعلقت عنه، قال الأصمعي: الإعلاق: أن تُرفع العُذرة باليد.
وقوله:»علام تدغرن«. قال العيني
في»عمدة القاري": الدغر: هو غمز الحلق بالأصبع، وذلك أن الصبي تأخذه العذرة
-وهو وجع يهيج في الحلق من الدم- فتدخل المرأة أصبعها، فتدفع بها ذلك الموضع
وتبهسه، وأصل الدغر: الدفع.
قال علي القاري: والمعنى: على أي شيء
تعالجن أولادكن وتغمزن حلوقهن بهذا العِلاق، أي: بهذا العصر والغمز. وكره الرسول ﷺ
العِلاق، لأنه لا يغني شيئًا، وأمر بالعود الهندي، لأنه يؤخذ ماؤه ويُسعَطُ به،
فيصل إلى العذرة فيقبضها.
قلنا: وذات الجَنْب -أو الجناب- في
الطب الحديث: هو التهاب غلاف الرئة، فيحدث منه سعال وحمى ونخس في الجنب، يزداد عند
التنفس.
وقد سلف ذكر الاستعاط وهيئته برقم
(٣٨٦٧).
أكحالِكُم الإثمدُ: يَجْلُو
البَصَرَ، ويُنْبِتُ الشَّعَرَ» (¬١).
١٥
- باب في
الاتقاء من العين (٢)
٣٨٧٩
- حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا
عبدُ الرزاقِ، حدَّثنا معمرٌ، عن همام بنِ مُنبه، قال:
هذا ما حدَّثنا أبو هُريرة، عن رسولِ
الله ﷺ قال: «والعَيْنُ حَقٌ» (٣).
٣٨٨٥
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ
(١) إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن
خثيم، فهو صدوق لا بأس به.
زهير: هو ابن معاوية الجُعفي.
وأخرجه ابن ماجه (١٤٧٢) و(٣٤٩٧)
و(٣٥٦٦)، والترمذي (١٠١٥)، والنسائي (٥١١٣) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم،
به. وقطّعه ابن ماجه، ولم يذكر الترمذي الاكتحال، وعليه اقتصر النسائي فلم يذكر
اللباس الأبيض.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٤٧) و(٢٢١٩)،
و«صحيح ابن حبان» (٥٤٢٣). وسيتكرر برقم (٤٠٦١).
(٢)
كذا جاء هذا الباب مسمى في روايتي ابن العبد وابن داسه، وفي رواية اللؤلؤي قال:
باب ما جاء في العين.
(٣)
إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٩٧٧٨)،
ومن طريقه أخرجه البخاري (٥٧٤٠)، ومسلم (٢١٨٧). زاد عبد الرزاق ومن طريقه البخاري:
ونهى عن الوشم.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٠٧) من طريق
مضارب بن حزن، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٨٣) و(٨٢٤٥)،
و«صحيح ابن حبان» (٥٥٠٣).
وقد نقل الإِمام النووي في «شرح صحيح
مسلم» عن الإِمام أبي عبد الله المازَري قوله: أخذ جماهير العلماء بظاهر هذا
الحديث، وقالوا: العين حق. وأنكره طوائف من المبتدعة ... قال: ومذهب أهل السنة أن
العين إنما تُفسِد وتُهلِك عند نظر العائن بفعل الله تعالى، أجرى الله سبحانه
وتعالى العادة أن يخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص لشخص آخر.
عن عائشة، قالت: كانَ يُؤمَر
العائِنُ، فيتوضّأُ، ثم يَغْتَسِلُ منه المَعِينُ (١).
(١) إسناده صحيح. الأسود: هو ابن يزيد
النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي ابنُ أخت الأسود، والأعمش: هو سُليمان بن
مِهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٥٩، والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (٢٨٩٣)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٩/ ٣٥١، وفي «شعب
الإيمان» (١١٢٢٤)، من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد (٢٤٣٤٥)، والبخاري
(٥٧٣٨)، ومسلم (٢١٩٥)، وابن ماجه (٣٥١٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٤٩٤) من طريق عبد
الله بن شداد، عن عائشة قالت: أمرني رسول الله ﷺ أو أمر أن يُسترقى من العين. لفظ
البخاري.
والعائن: هو الذي أصاب غيره بالعين،
يراد به الحاسد، والمعين: المصاب بعين
غيره، أي: المحسود.
ويشهد لذكر الاغتسال للعين حديث عبد
الله بن عباس عند مسلم (٢١٨٨)، والترمذي (٢١٩١) ولفظه عند مسلم: «العين حق، ولو
كان شيء سابَقَ القَدَرَ سبقتْه العينُ، وإذا استُغسِنتُم فاغسِلوا».
وحديث سهل بن حنيف عند مالك في
«موطئه» ٢/ ٩٣٨ و٩٣٩، وابن ماجه (٣٥٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٧١) و(٧٥٧٢) حيث
قال ﷺ لعائنه: «اغتسل له» وجاء فيه صفة وضوء العائن، وهو أن يغسل وجهه ويديه
ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم يصب ذلك الماء على
المَعين، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم يكفئ القدح وراءه.
وجاء عند ابن أبي شيبة ٨/ ٥٨ - ٥٩،
والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢٨٩٦)، والطبراني في «الكبير» (٥٥٧٨)، وابن عبد
البر في «التمهيد» ٦/ ٢٤٢ في تفصيل صفة الغسل وهو أن يُدخل العائن يده في القدح،
فيمضمض ويمجه في القدح، ويغسل وجهه في القدح، ثم يصب بيده اليسرى على كفه اليمنى،
ثم بيده اليمنى على كفه اليسرى، ويدخل يده اليسرى فيصب على مرفق يده اليمنى، فيغسل
يده اليسرى، ثم يده اليمنى فيغسل الركبتين، ويأخذ داخل إزاره فيصب على رأسه صبة
واحدة، ولا يدع القدح حتى يفرغ.
١٦ - باب في الغَيْل
٣٨٨١
- حدَّثنا الربيع بنُ نافع أبو توبةَ،
حدَّثنا محمدُ بن مُهاجرٍ، عن أبيه
عن أسماء بنتِ يزيدَ بنِ السَّكَنِ،
قالت: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «لا تَقْتُلُوا أولادَكم سِرًّا، فإن الغَيْلَ
يُدْرِكُ الفارِسَ فيُدَعْثِرُهُ، عن فرسِه» (١).
٣٨٨٢
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
محمد بنِ عبدِ الرحمن بنِ نَوفلٍ، أخبرني عُروةُ بنُ الزبير، عن عائشةَ زوجِ
النَبيِّ ﷺ
عن جُدَامَةَ الأسديَّةِ، أنها
سَمِعت رسولَ الله ﷺ يقول: «لقد هَمَمْتُ أن أنهى عن الغِيْلَةِ حتى ذكرتُ أن
الرومَ وفارِسَ يفعلونَ ذلك فلا يَضُرُّ أولادَهم».
قال مالك: الغِيلة: أن يمسَّ الرجُلُ
امرأته وهي تُرْضِعُ (٢).
(١) إسناده ضعيف. المهاجر -وهو ابن أبي مسلم
الأنصاري، وإن روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات»- قد انفرد به، ومثله لا
يحتمل تفرّده، ثم إنه مخالف للحديث الصحيح الآتي بعده.
وأخرجه ابن ماجه (١٠١٢) من طريق عمرو
بن مهاجر أخي محمد، عن أبيه، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٥٦٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٨٤) من طريق محمد بن مهاجر.
قال الخطابي: أصل الغيل: أن يجامع
الرجلُ المرأة وهي موضع.
قال: وقوله: «ويدعثره عن فرسه»
معناه: يَصرعه ويُسقطه.
يقول ﷺ: إن المرضع إذا جومعت، فحملت
فسد لبنها، ونهك الولد إذا اغتذى بذلك اللبن، فيبقى ضاويًا، فإذا صار رجلًا فركب
الخيل، فركضها، أدركه ضعف الغيل، فزال وسقط عن متونها، فكان ذلك كالقتل له إلا أنه
سر لا يرى ولا يشعر به.
(٢)
إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. =
١٧ - باب تعليق التمائم
٣٨٨٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا
أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن عمرو بنِ مُرة، عن يحيى بنِ الجزَّارِ، عن ابنِ
أخي زينب امرأةِ عبد الله، عن زينبَ امرأةِ عبدِ الله
عن عبد الله قال: سمعتُ رسولَ اللهِ
ﷺ يقولُ: «إنَّ الرُّقَى والتَمائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ» قالت: قلتُ: لِمَ تقولُ
هذا؟ واللهِ لقد كانت عَيني تَقْذِفُ وكنتُ أختلِفُ إلى فُلانٍ اليهوديِّ
يَرْقِيني، فإذا رقَانِي سَكَنَتْ، فقال عبدُ الله: إنما ذاكَ عملُ الشَّيطانِ كان
يَنْخَسُها بيدِه، فإذا رقَاها كَفَّ عنها، إنما كانَ يَكْفيكِ أن تقولي كما كان
رسولُ الله ﷺ يقولُ: «أذْهِبِ البأس ربَّ النَّاسِ، اشْفِ أنت الشَّافي، لا
شِفَاءَ إلا شِفاؤُك، شفاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا» (١).
= وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٦٠٧ - ٦٠٨.
وأخرجه مسلم (١٤٤٢)، وابن ماجه
(٢٠١١)، والترمذي (٢٢٠٨) و(٢٢٠٩)، والنسائي (٣٣٢٦) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن
بن نوفل أبي الأسود يتيم عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٣٤)
و(٢٧٤٤٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٩٦).
(١)
المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن أخي زينب، وقد توبع في بعض
حديثه هذا، ولبعضه الآخر ما يشهد له.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٣٠) من طريق عبد
الله بن بشر، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وخالف أبا معاوية وعبدَ الله بنَ بشر محمدُ
بنُ سلمة الكوفي عند الحاكم ٤/ ٤١٧ - وتحرف اسمه في المطبوع إلى ابن مسلمة- فروى
الشطر الأول منه -وهو قوله: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك»- عن الأعمش، عن عمرو
بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زينب. وصحح الحاكم
إسناده، ومحمد بن سلمة هذا ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٧/ ٢٧٦، وقال:
سألت أبي عنه، فقال: هو شيخ لا أعرفه، وحدثه ليس بمنكر. =
٣٨٨٤ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ
الله بنُ داود، عن مالكِ بنِ مِغْوَلٍ، عن حُصَينٍ، عن الشعبيِّ
عن عِمرانَ بنِ حُصين، عن النبيِّ ﷺ
قال: إلا رُقْيَةَ إلا مِنْ عَيْنٍ أو حُمَةِ» (١).
= وأخرج الشطر الأول أيضًا الحاكم ٤/
٢١٧ من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال
بن عمرو، عن في بن السكن الأسدي، قال: دخل عبد الله بن مسعود على امرأة ... فذكره.
وصحح إسناده. وهو كما قال.
وأما الشطر الثاني فيشهد لقوله:
«أذهب البأس ...» منه، حديث عائشة عند البخاري (٥٧٤٣)، ومسلم (٢١٩١) وغيرهما.
وحديث أنس بن مالك عند البخاري
(٥٧٤٢) وغيره، وسيأتي عند المصنف برقم (٣٨٩٠).
قال الخطابي: التِّولة يقال: إنه ضرب
من السحر، قال الأصمعي: وهو الذي يحبب المرأة إلى زوجها.
أما الرقى فالمنهي عنه هو ما كان
منها بغير لسان العرب، فلا يُدرى ما هو؟ ولعله قد يدخله سحر أو كفر، فأما إذا كان
مفهوم المعنى، وكان فيه ذكر الله تعالى فإنه مستحب متبرك به، والله أعلم.
وقال الخطابي أيضًا: التميمة: يقال:
إنها خرزة كانوا يتعلقونها، يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل
وضلال، إذ لا مانع ولا دافع غير الله سبحانه، ويقال: بل التميمة قلادة تعلق فيها
العُوَذ ... وقد قيل: إن المكروه من العُوَذ هو ما كان بغير لسان العرب، فلا يفهم
معناه، ولعله قد يكون فيه سحر أو نحوه من المحظور، والله أعلم.
(١)
إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي،
وعبد الله بن داود: هو الخُريبي الهمْداني، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه الترمذي (٢١٨٤) من طريق سفيان
بن عيينة، عن حُصين بن عبد الرحمن، به. =
١٨ - باب ما جاء في الرقى
٣٨٨٥
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح وابنُ السرحِ
-قال أحمدُ: حدَّثنا ابن وهب، وقال ابن السرح: أخبرنا ابنُ وهب- حدَّثنا داودُ بنُ
عبدِ الرحمن، عن عمرو ابنِ يحيى، عن يوسفَ بنِ محمد -وقال ابن صالح: محمدُ بنُ
يوسف بن ثابت ابنِ قيس بنِ شماس- عن أبيهِ
= وقد تابع مالكَ بنَ مغول. وسفيان بن
عيينة على رفع هذا الحديث عبدُ الله بن إدريس وشعبةُ وإسماعيلُ بن زكريا وطلقُ بن
غنام ومحمدُ بن فضيل في رواية وغيرهم، عن حصين. وقد بينا مواضع رواياتهم في «مسند
أحمد» (١٩٩٠٨).
وخالفهم محمد بن فضيل في رواية أخرى
عند البخاري (٥٧٠٥) فرواه عن حصين بن عبد الرحمن، به موقوفًا على عمران. ورواية
الجمهور أَولى.
وخالف الجمهور أيضًا هشيم، فرواه عن
حصين، عن الشعبي، عن بريدة موقوفًا.
أخرجه من طريقه مسلم (٢٢٠)، وهو عند
ابن حبان (٦٤٣٠).
وخالف هشيمًا شعبةُ وأبو جعفر
الرازي، فروياه عن حصين، عن الشعبي، عن بريدة مرفوعًا. أخرجه من طريق شعبة تعليقًا
الترمذي بإثر (٢١٨٤)، وأبو حاتم في «العلل» ٢/ ٣٤٨، ومن طريق أبي جعفر الرازي ابنُ
ماجه (٣٥١٣).
ورجّح المزي في «التحفة» ٢/ ٧٧ أن
الحديث حديث عمران، وأما ابن حجر فقال في «الفتح» ١٠/ ١٥٦: والتحقيق أنه عند حصين
عن عمران وعن بريدة جميعًا.
وانظر ما سيأتي برقم (٣٨٨٩).
قال الخطابي: الحُمَة: سُم ذوات
السُّموم، وقد تسمى إبرة العقرب والزنبور حمة، وذلك لأنها مجرى السم.
وليس في هذا نفي جواز الرقية في
غيرها من الأمراض والأوجاع، لأنه قد ثبت عن النبي ﷺ أنه رقى بعض أصحابه من وجع كان
به. وقال للشفاء: «علمي حفصة رقية النملة».
وإنما معناه: أنه لا رقية أولى وأنفع
من رقية العين والسم، وهكذا كما قيل: لا فتى إلا عليّ، ولا سيف إلا ذو الفقار.
عن جَدِّه، عن رسولِ الله ﷺ أنه دخلَ
على ثابتِ بنِ قيس -قال أحمدُ: وهو مريض- فقالَ: «اكْشِفِ البَاْسَ ربَّ النَّاسِ،
عن ثابت بنِ قيس بنِ شمَّاس» ثم أخذ ترابًا من بُطحانَ فجعله في قَدَحٍ، ثم نَفَثَ
عليه بماءِ، ثم صبَّه عليهِ (١).
قال أبو داود: والصواب ما قال ابنُ
السرح: يوسفُ بنُ محمد.
٣٨٨٦
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
ابنُ وهبٍ، أخبرني معاويةُ، عن عبدِ الرحمن بنِ جُبير، عن أبيه
عن عَوْفِ بنِ مالك، قال: كنَّا
نَرْقِي في الجاهلية، فقُلنا: يا رسولَ الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعرِضُوا
عليَّ رُقَاكُمْ، لا بأس بالرُّقى ما لم تكُن شِرْكًا» (٢).
(١) إسناده ضعيف لجهالة يوسف بن محمد بن ثابت
بن قيس بن شماس. عمرو ابن يحيى: هو ابن عمارة المازني، وابن وهب: هو عبد الله،
وابن السَّرْح: هو أحمد ابن عمرو بن عبد الله المصري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٥٧٨٩)
و(١٥٨١٢) من طريق عبد الله بن وهب،
بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (١٠٧٩٠) و(١٠٨١٣) من
طريق ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن يحيى، قال: أخبرني يوسف بن محمد بن ثابت بن
قيس بن شماس، أن النبي ﷺ أتى ثابتَ بن قيس ... نحوه مرسلًا.
(٢)
إسناده صحيح. معاوية: هو ابن صالح بن حُدير الحضرمي، وابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم (٢٢٠٠) من طريق ابن وهب،
بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٠٩٤) أدرجه
تحت باب: ذكر إباحة استرقاء المرء للعلل التي تحدث بما يبيحه الكتاب والسنة.
٣٨٨٧ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مَهْديٍّ
المِصِّيصيُّ، حدَّثنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، عن عبدِ العزيز بنِ عُمَرَ بنِ عبدِ
العزيز، عن صالح بنِ كَيْسان، عن أبي بكرِ بنِ سُليمانَ بن أبي حَثْمَةَ
عن الشِّفَاء بنتِ عبدِ الله، قالت:
دخلَ عليَّ النبي ﷺ وأنا عندَ حفصةَ، فقال لي: «ألا تُعَلِّمين هذه رُقْيَةَ
النملة، كما علَّمتِيها الكتابةَ» (١).
(١) رجاله ثقات، لكنه قد اختُلف في وصله
وإرساله، والصحيح إرساله كما قال الدارقطني في «العلل» ٥/ ورقة ١٩٤ - ١٩٥. وانظر
تفصيل الكلام عليه في «مسند أحمد» (٢٦٤٤٩) و(٢٧٥٩٥).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٥٠١)
من طريق محمد بن بشر، عن عبد العزيز ابن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (٧٥٠٠) من طريق محمد بن
المنكدر، عن أبي بكر بن سُليمان بن أبي حثمة، عن حفصة أن النبي ﷺ دخل عليها وعندها
امرأة يقال لها: الشفاء، ترقي من النملة، فقال لها النبي ﷺ: «علميها حفصة».
وفي الباب من حديث أنس بن مالك عند
مسلم (٢١٩٦) وغيره. أنه ﷺ رخّص في الرُّقية من النملة.
قال الخطابي: النملة: قررح تخرج في
الجنبين، ريقال: إنها تخرج أيضًا في غير الجنب، تُرقى فتذهب بإذن الله عز وجل.
وفي الحديث جواز تعليم الكتابة
للنساء. قاله ابن تيمية الجد في «المنتقى». وللعلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي
رسالة قيمة في هذه المسألة واسمها «عقود الجمان في جواز الكتابة للنسوان» فلتراجع.
وقال المنذري في «تهذيب السنن» ٥/
٣٦٤: والشِّفاهُ هذه قرشية عدوية أسلمت قبل الهجرة، وباعت رسول الله ﷺ، وكان رسول
الله ﷺ يأتيها ويقيل عندها في بيتها، وكان عمر رضي الله عنه يقدمها في الرأي،
ويرضاها ويفضلها، رربما ولاها شيئًا من أمر السوق، وقال أحمد بن صالح: اسمها ليلى
وغلب عليها الشفاء. وانظر «الإصابة» ٧/ ٧٣٧ - ٧٣٩.
٣٨٨٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ
الواحدِ بنُ زيادٍ، حدَّثنا عثمانُ بنُ حكيمٍ، حدَّثتني جَدَّتي الربابُ، قالت:
سمعتُ سهلَ بنَ حُنَيفِ يقول:
مَرَرْنَا بسيلٍ فدخلتُ، فاغتسلتُ فيه، فخرجتُ محمُومًا، فَنُمِيَ ذلك إلى رسُول
الله ﷺ، فقال: «مُرُوا أبا ثابتٍ يتعوَّذُ» قالت: فقلتُ: يا سيِّديِ والرُّقَى
صَالِحَة؟ فقال: «لا رُقيةَ إلا في نَفْسٍ أو حُمَةٍ أو لَدْغَةٍ» (١).
قال أبو داود: الحُمة مِن الحيّات
وما يلسَعُ (٢).
٣٨٨٩
- حدَّثنا سليمانُ بنُ داود العَتكيُّ،
حدَّثنا شَريك (ح)
وحدَّثنا العباسُ العنبريُّ، حدَّثنا
يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا شَريك، عن العباسِ بن ذَرِيح، عن الشعبىِّ - قال العباسُ:
(١) المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
الرباب جدة عثمان بن حكيم -وإن انفرد بالرواية عنها حفيدها عثمان- تابعية كبيرة
سمعت من سهْل بن حُنَيف المتوفى في خلافة علي بن أبي طالب يعني قبل الأربعين. وقد
وردت قصة اغتسال سهْل بن حنيف اصابته بالعين من طريق آخر صحيح يعضد هذه الرواية
عند مالك في «موطئه» ٢/ ٩٣٨ و٩٣٩ وابن ماجه (٣٥٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٧١)
و(٧٥٧٢)، وهي في «مسند أحمد» (١٥٩٨٠).
وأخرجه من طريق المصنِّف هنا النسائي
في «الكبرى» (١٠٠١٥) و(١٠٨٠٦) من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٧٨).
ويشهد للمرفوع منه حديث عائشة عند
البخاري (٥٧٤١) بلفظ: رخص النبي ﷺ الرقية من كل ذي حُمة و(٥٧٣٨) بلفظ: أمرني النبي
ﷺ أو أمر أن يُسترقى من العين.
وحديث أنس عند مسلم (٢١٩٦) بلفظ: رخص
في الحمة والنملة والعين.
وانظر تمام شواهده في «المسند»
(١٥٩٧٨).
النفس: العين.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (ب).
عن أنس، قال: قال النبيُّ ﷺ: «لا
رُقْيةَ إلا منِ عَيْنٍ أو حُمَةٍ أو دَمٍ لا يَرْقأ». لم يذكر العباس العَيْنَ،
وهذا لفظ سليمان بن داود (١).
(١) صحيح دون قوله: «أو دم لا يرقأ»، وهذا
إسناد وهم فيه شريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وهو سيئ الحفظ- فجعله من مسند أنس
بن مالك، واختلف عنه أيضًا في وصله وإرساله، فقد وصله عنه يزيد بن هارون كما في
رواية المصنف هذه وكذلك محمد بن سعيد بن الأصبهاني، وخالفهما سليمان بن داود -وهو
العتكي الزهراني- في رواية المصنف هنا، وعلي بن الجعد وعمرو بن عون، فرووه عنه، عن
العباس، عن الشعبي مرسلًا، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في «العلل» ٢/ ٢٤٨: لا
معنى لذكر أنس فيه، لأن الحفاظ يُرسلونه من حديث شريك، إلا أن يكون هذا من شريك.
وقد سلف الحديث (٣٨٨٤) دون قوله: «أو
دمٍ لا يرقأ» من طريق حُصين بن عبد الرحمن السُّلمي، عن الشعبي، عن عِمران بن
حُصين. قال المزي في «تحفة الأشراف» ٢/ ٧٧: وهو المحفوظ.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٣٣)،
والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٤١٣ من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني، عن شريك النخعي،
بهذا الإسناد. وسقط اسم شريك من مطبوع الطبراني.
وأخرجه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه
في «العلل» ٢/ ٢٤٨ من طريق عمرو بن عون، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (٢٤٨٨)
عن علي بن الجعد، كلاهما عن شريك النخعي، عن العباس بن ذريح، عن الشعبي، مرسلًا.
وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد»
٢٣/ ١٥٨ من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر، عن النبي ﷺ قال: «لا رقية إلا
من عين أو حُمة أو دم لا يرقأ» ومجالد بن سعيد ضعيف الحديث، وقد وهم في هذا الحديث
أيضًا، إذ جعله من مسند جابر، ورواه مجالد مرة أخرى عن الشعبي عن بعض أصحاب النبي
ﷺ دون قوله: «أو دم لا يرقأ» أخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٣٥.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٣٦ - ٣٧ من
طريق زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي،
عن ابن مسعود قوله موقوفًا. دون
قوله: «أو دم لا يرقأ». =
١٩ - باب، كيف الرُّقَى؟
٣٨٩٠
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ
الوارِثِ، عن عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيْبِ قال:
قال أنس بن مالك -يعني لِثابت-: ألا
أرْقِيكَ بِرُقيةِ رسولِ الله؟ قال: بلى، قال: فقال: «اللهمَّ ربَّ الناس،
مُذْهِبَ الباسِ، اشفِ أنتَ الشَّافي، لا شَافِيَ إلا أنتَ، اشْفِهِ شِفاءَ لا
يُغادِرُ سَقَمًا» (١).
٣٨٩١
- حدَّثنا عبدُ الله بن مَسْلَمة
القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يزيد ابنِ خُصيفَةَ، أن عمرو بنَ عبدِ الله بنِ كعبٍ
السُّلميِّ أخبره، أنَّ نافعَ بنَ جُبير أخبره
عن عثمانَ بنِ أبي العاص: أنه أتى
رسولَ الله ﷺ، قال عثمانُ: وبي وجَعٌ قد كاد يهلِكُني، قال: فقال رسولُ الله ﷺ:
«امْسَحْه بِيَميِيكَ سبعَ مراتٍ، وقُلْ: أعوذُ بعزةِ الله وقُدرتِه، مِن شرِّ ما
أجِدُ» قال: ففعلتُ ذلك، فأذهبَ اللهُ عز وجل ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي
وغيرَهم (٢).
= وقد صح عن أنس بن مالك عند مسلم
(٢١٩٦) بلفظ: رخص رسول الله ﷺ في الرقية من العين والحمة والنملة.
يقال: رَقأ الدمْعُ والدمُ والعرق
يَرْقأ رُقُوءًا بالضم، إذا سكن وانقطع.
(١)
إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العَنْبري.
وأخرجه البخاري (٥٧٤٢)، والترمذي
(٩٩٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٧٩٤) من طريق عبد الوارث بن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٥٣٢).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٨١٤)
من طريق حميد الطويل وحماد بن أبي سليمان، عن أنس، أن رسول الله ﷺ كان إذا دخل على
مريض قال: «أذهب البأس ...» الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٨٢٣).
(٢)
إسناده صحيح. عبدُ الله القعنبيّ: هو ابن مسلمة بن قَعْنَب. =
٣٨٩٢ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ بنِ
مَوْهَبٍ الرمليُّ، حدَّثنا الليثُ، عن زيادةَ ابنِ محمد، عن محمد بنِ كعب
القُرظِىِّ، عن فضالةَ بنِ عُبيد
عن أبي الدَّرداء، قال: سمعتُ رسولَ
الله ﷺ يقول: «من اشْتكَى مِنْكُم شيئًا أو اشتكَاهُ أخٌ لهُ فَلْيقُلْ: ربُّنا
اللهُ الذي في السَّماء، تَقَدَّسَ اسمُكَ، أمرُكَ في السَّماء والأرضِ، كما
رحمتُك في السَّماء، فاجعلْ رحمتَك في الأرضِ، اغْفِرْ لنَا حُوبَنَا وخَطَايانا،
أنتَ ربُّ الطَّيبين، أنزِلْ رحمةً من رحمتِك، وشفاء مِن شِفَائِكَ على هذا
الوَجْعِ، فيبرأُ» (١).
= وأخرجه مسلم (٢٢٠٢)، وابن ماجه
(٣٥٢٢)، والترمذي (٢٢١٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٠٤) و(٧٦٧٧) و(١٠٧٧١) و(١٠٧٧٢)
و(١٠٧٧٣) من طريق نافع ابن جبير، به. وفي رواية مسلم وابن ماجه والرواية الأخيرة
عند النسائي زيادة: «باسم الله قبل الدعاء لكه عند ابن ماجه مرة وعند مسلم
والنسائي قال: ثلاثًا، والدعاء سبع مرات. وزادوا أيضًا آخر الحديث:»من شر ما أجد
وأحاذر«.
وهو في»مسند أحمد«(١٦٢٦٨)، و»صحيح
ابن حبان«(٢٩٦٤).
(١)
إسناده ضعيف من أجل زيادة بن محمد، فقد قال فيه البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر
الحديث، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًا. الليث: هو ابن سعْد.
وأخرجه بنحوه النسائي
في»الكبرى«(١٠٨١٠) من طريق سعيد بن الحكم ابن أبي مريم، عن الليث بن سعْد، بهذا
الإسناد.
وأخرجه أيضًا بنحوه (١٠٨٠٩) من طريق
عبد الله بن وهب، عن الليث، قال:
وذكر آخر قبله، عن زيادة بن محمد، عن
محمد بن كعب القرظي، عن أبي الدرداء.
فأسقط من إسناده فضالة بن عبيد.
وهو في»مسند أحمد«(٢٣٩٥٧) من طريق
أبي بكر ابن أبي مريم، عن الأشياخ، عن فضالة بن عبيد قال: علمني النبي ﷺ رقيةً،
... فذكر نحو الحديث وزاد فيه:»وقيل ذلك ثلاثًا، ثم تعوَّذ بالمعوِّذتين ثلاث
مرات" وأبو بكر ابن أبي مريم ضعيف. =
٣٨٩٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّه: أنَ رسولَ الله ﷺ كان
يُعلِّمُهُمْ مِن الفَزَعِ كلِمَاتٍ: «أعوذُ بكلِماتِ اللهِ التامةِ، من غضبه
وشرِّ عِباده، ومن هَمَزَاتِ الشَّياطين وأن يحضُرُونِ» وكان عبدُ اللهِ بنُ عَمرو
يُعلِّمُهُن مَنْ عَقَلَ مِن بنيهِ، ومَنْ لم يَعْقِلْ كَتَبُه فعَلّقَه عليه (١).
= وفي الباب عن رجل عند النسائي في
«الكبرى» (١٠٨٠٧) و(١٠٨٠٨) لكنه اختُلف في إسناده كما بيَّنه النسائي، وانظر مزيد
بيان لذلك أيضًا في «المسند» (٢٣٩٥٧).
قال الخطابي: «الحُوب»: الإثم، ومنه
قول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢] والحوبة أيضًا مفتوحة الحاء مع إدخال
الهاء.
(١)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطبي مولاهم-
مدلس وقد عنعن. حماد: هو ابن سلمة. وقال ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٤/ ١٠٩: هذا
حديث مشهور مسندًا وغير مسند.
وأخرجه الترمذي (٣٨٣٩)، والنسائي في
«الكبرى» (١٠٥٣٣) و(١٠٥٣٤) من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. زاد النسائي في
روايتيه قبل الدعاء: «باسم الله، أعوذ بكلمات الله ...».
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٩٦).
وفي الباب عن يحيى بن سعيد الأنصاري،
عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلًا عند ابن أبي شيبة ٨/ ٦٠ و١٠/ ٣٦٢، وابن السني في
«عمل اليوم والليلة» (٧٥٥)، وابن عبد البر في «التمهيد» ٢٤/ ١٠٩، والبيهقي في
«الأسماء والصفات» ص ١٨٥.
وهذا مرسل رجاله ثقات. وهو عند مالك
في «الموطا» ٢/ ٩٥٠ عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: بلغني ... الحديث.
وعن محمد بن المنكدر مرسلًا أيضًا
عند ابن السني (٧٤٧) وفي إسناده أبو هشام الرفاعي مختلف فيه، لكه يصلح للاعتبار.
وانظر ما سيأتي برقم (٣٨٩٨) و(٣٨٩٩)
بلفظ: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» فهو صحيح. =
٣٨٩٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سُريجٍ
الرازيُّ، أخبرنا مكِّيُّ بن إبراهيم
حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي عُبيدٍ، قال:
رأيتُ أثر ضَرْبَةٍ في ساقِ سَلَمةَ، فقلت: ما هذه، قال: أصابتْني يَوْمَ خيبرَ،
فقال الناسُ: أُصيبَ سلمةُ، فأُتي بِي النبيَّ ﷺ فَنَفَثَ فيَّ ثلاث نَفَثَات، فما
اشتكَيْتُها حتى السَّاعَة (١).
٣٨٩٥
- حدَّثنا زهيرُ بنُ حربٍ وعثمانُ بنُ
أبي شيبة، قالا: حدَّثنا سفيانُ ابن عُيينةَ، عن عبدِ ربِّه ابنِ سعيدٍ، عن
عَمْرَةَ
عن عائشةَ، قالت: كان النبيُّ ﷺ
يقولُ للإنسان إذا اشتكىِ، يقول بِرِيقِه، ثم قال به في التُّراب: «تُربَةُ
أرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنا يُشْفى سَقِيمُنا بإذنِ ربِّنا» (٢).
= وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري
(٣٣٧١) وغيره ولفظه: «أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين
لامَّة».
وللاستعاذة من الشياطين يشهد له قوله
تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ
بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٧ - ٩٨].
قوله: «كلمات الله التَّامة»: قال
الحافظ أبو موسى المديني في «غريبي القرآن والحديث» ١/ ٢٤١: إنما وصف كلامه تبارك
وتعالى بالتمام، لأنه لا يجوز أن يكون في شيء من كلامه نقص أو عيب كما يكون في لام
الآدميين ... وفي وصفه بالتمام قطعًا للأوهام، وإعلامًا أن حكم كلامه خلاف كلام
الآدميين وقيل: معنى التمام ها هنا: أنها تنفع المتعوّذ بها وتشفيه وتحفظه من
الآفات وتكفيه.
وقوله: «وأن يحضرونِ» قال ابن عبد
البر في «التمهيد» ٢٤/ ١١٠: قال أهل المعاني: معناه: وأن تصيبوني بسوء، وكذلك قال
أهل التفسير في قوله عز وجل: ﴿وَقُلْ
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ
يَحْضُرُونِ﴾.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاريُّ (٤٢٠٦) عن مكي بن
إبراهيم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٥١٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٥١٠).
(٢)
إسناده صحيح. عمرة: هي بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زرارة. =
٣٨٩٦ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن
زكريا، حدَّثني عامرٌ، عن خارجةَ بنِ الصَّلْتِ التميميِّ
عن عمه: أنه أتى النبيَّ ﷺ فأسلم، ثم
أقبلَ راجعًا مِنْ عنده، فمرَّ على قومِ عندَهم رَجُلٌ مجنونٌ مُوثَقٌ بالحديدِ،
فقال أهلُه: إنَّا حُدِّثْنا أن صاحبَكم هذا قد جاء بخيرٍ، فهلْ عندكم شيءٌ
نُداويه؟ فرقَيتُه بفاتحةِ الكتابِ، فبرأ، فأعطَوني مئة شاةٍ، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ
فاخبرتُه، فقال: «هلْ إلا هذا؟» - وقال مُسَدَّدٌ: في موضعٍ آخر: «هل قلت غير
هذا؟» قلت: لا، قال: «خُذها، فَلَعَمْرِي لَمَن أكلَ برقيَةِ باطلِ لقد أكلتَ
برُقْيَةِ حَقٍّ» (١).
٣٨٩٧
- حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ معاذٍ،
حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي السَّفَر، عن الشعبيِّ، عن
خَارِجَةَ بنِ الصَّلْتِ
= وأخرجه البخاري (٥٧٤٥) و(٥٧٤٦)،
ومسلم (٢١٩٤)، وابن ماجه (٣٥٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٠٨) و(١٠٧٩٥) من طرق عن
سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال النسائي: لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث إلا
ابن عيينة. وزادوا جميعًا في هذا الحديث خلا البخاري في الموضع الثاني: «باسم
الله، تربة أرضنا ...، وعند مسلم زيادة قبل الحديث: أن رسول الله ﷺ كان إذا اشتكى
الإنسان والشيء منه، أو كانت به قَرحة أو جرح، قال النبي ﷺ بإصبعه هكذا، ووضع
سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ... فذكر الحديث.
وهو في»مسند أحمد«(٢٤٦١٧)، و»صحيح
ابن حبان«(٢٩٧٣).
قوله: يقول بريقه، أي: يُشير بالريق،
ففيه استعمال القول بمعنى الفعل.
(١)
إسناده حسن من أجل خارجة بن الصلت، فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان وابن خلفون
في»الثقات"، وقال ابن معين: إذا روى الحسن والشعبي عن رجل فسمياه فهو ثقة
يحتج به، وقال الذهبي: محله الصدق، فهو كما قال الذهبي.
وقد سلف عند المصنف برقم (٣٤٢٠).
وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم
(٣٩٠١).
عن عمِّه، أنه مرَّ، قال: فرقَاه
بِفَاتحةِ الكتَابِ ثلاثة أيامٍ غُدْوةً وعشيةً، كما خَتَمَها جَمَعَ بُزَاقُه ثم
تفل، فكأنما أُنْشِطَ مِن عِقَالٍ، فأعطوهُ شيئًا، فأتى النبيَّ ﷺ، ثم ذكر معنى
حديث مُسَدَّدٍ (١).
٣٨٩٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا
زُهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بنُ أبي صالح، عن أبيهِ، قال:
سمعتُ رجلًا من أسلمَ، قال: كنْتُ
جالسًا عندَ رسولِ الله ﷺ، فجاء رجلٌ مِن أصحابِه، فقال: يا رسولَ اللهِ، لُدِغتُ
الليلةَ، فلم أنَمْ حتى أصبحتُ، قال: «ماذا؟» قال: عقربٌ، قال: «أما إنَّك لو قلت
حين أمسَيْتَ: أعُوذُ بِكلِماتِ الله التَّاماتِ من شرِّ ما خَلَقَ، لم يَضُرَّك
إنْ شاءَ اللهُ» (٢).
(١) إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٤٩٢)
و(١٠٨٠٤) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وقد سلف من هذا الطريق بتمامة عند
المصنف برقم (٣٤٢٠).
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم
(٣٩٠١).
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ب)
و(ج). فقد جاء فيهما هذا الحديث من هذا الطريق مكررًا، إذ إنه سلف بأطول مما ها
هنا برقم (٣٤٢٠) وقد ورد في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، إلا أنه قرن
برواية عبيد الله بن معاذ رواية محمد بن بشار الآتية برقم (٣٩٠١). والصواب حذفها
كما في (ب) و(ج). ولأن اللفظ المذكور فيها هو لفظ رواية عبيد الله السالفة بتمامها
عند المصنف برقم (٣٤٢٠). وقد فرقهما المزي في «التحفة» (١١٠١١).
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف في وصله وإرساله عن سهيل بن أبي
صالح، فقد رواه جماعة عنه، عن أبيه، عن رجل من أسلم، ورواه جماعة آخرون عنه، عن
أبيه، عن أبي هريرة يحكي قصة الرجل الأسلمي. وما جاء عن تصريح
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= أبي صالح بسماعه من الرجل الأسلمي
تفرد به أحمد بن يونس، عن زهير عند المصنف هنا، وخالفه أبو نعيم الفضل بن دكين، عن
زهير عند النسائي في «الكبرى» (١٠٣٥٥)، فقال: عن رجل من أسلم دون التصريح بالسماع.
وذلك رواه معمر بن راشد وسفيان ابن عيينة وسفيان الثوري -في رواية عنه- ووهيب بن
خالد وشعبة بن الحجاج وأبو عوانة اليشكري، عن سهيل بن أبي صالح، فقالوا جميعًا: عن
رجل من أسلم. دون التصريح بالسماع.
ورواه مالك وحماد بن زيد وهشام بن
حسان وعُيد الله بن عُمر وسفيان الثوري -في رواية أخرى- وروح بن القاسم وجرير بن
حازم وسعيد بن عبد الرحمن الجُمحي وغبرهم، فقالوا: عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه،
عن أبي هريرة يحكي قصة هذا الرجل الأسلمي.
ومما يقوي أن رواية أبي صالح، عن
الرجل الأسلمي مرسلة أن الحديث رواه عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح قال: لدغ رجل
من الأنصار، فلما أصبح ...
الحديث مرسلًا، وبذلك تكون روايته عن
أبي صالح عن أبي هريرة هي الصحيحة كما رواه مالك وأصحابه، وهذا ما قواه الطحاوي في
«شرح مشكل الآثار ١/ ٢٧، وصنيع البخاري في»خلق أفعال العباد«يدل على ذلك، إذ لم
يُورده إلا من طريق أبي صالح، عن أبيه، وساق ذلك من طرق عن سهيل.
وأخرجه عبد الرزاق في»مصنفه«(١٩٨٣٤)
عن معمر بن راشد، والنسائي في»الكبرى«(١٠٣٥٤) من طريق وهيب بن خالد، و(١٠٣٥٥) من
طريق زهير بن معاوية، و(١٠٣٥٦) من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد في»مسنده«(١٥٧٠٩)،
والنسائي (١٠٣٥٧) من طريق شعبة بن الحجاج، وأحمد في»مسنده«(٢٣٠٨٣) والنسائي
في»الكبرى«كما في»تحفة الأشراف«١١/ ١٤٦ من طريق سفيان الثوري، كلهم عن سهيل ابن
أبي صالح، عن أبيه، عن رجل من أسلم. ورواية أبي عوانة اليشكري أخرجها الطحاوي
في»شرح مثكل الآثار«(٢٧).
وأخرجه مالك في»موطئه«٢/ ٩٥١ ومن
طريقه النسائي في»الكبرى" (١٠٣٥٠)، وابن حبان (١٠٢١)، وأخرجه النسائي (١٠٣٤٩)
من طريق حماد بن زيد، والترمذي =
٣٨٩٩ - حدَّثنا حيوة بنُ شُريحٍ، حدَّثنا
بقيةُ، حدَّثني الزُّبيديُّ، عن الزهريَّ، عن طارِق -يعني ابنَ مُخَاشِنِ-
عن أبي هريرة، قال: أُتيَ النبيُّ ﷺ
بلديغٍ لدغَتْهُ عقربٌ، قال: فقال: «لو قال: أعوذُ بِكلماتِ اللهِ التَّامةِ مِنْ
شرِّ ما خَلَقَ لم يُلْدَغْ -أو لم يَضُرَّه-» (١).
= (٣٩٢٣)، والنسائي (١٠٣٥١) من طريق هشام بن
حسان، و(١٠٣٥٢) من طريق عُبيد الله بن عمر، وابن ماجه (٣٥١٨)، والنسائي (١٠٣٥٣) من
طريق سفيان الثوري، كلهم (مالك وحماد وهشام وعُبيد الله والثوري) عن سهيل، عن أبيه
عن أبي هريرة - وعند مالك تنصيص على أن أبا هريرة هو الذي حكى قصة الأسلمي.
ورواية روح بن القاسم عند الطحاوي
(١٨)، وأما رواية جرير بن حازم فهي عند الطحاوي (٢١)، وابن حبان (١٠٢٢)، وأما سعيد
بن عبد الرحمن الجمحي فروايته عند البخاري في «خلق أفعال العباد» (٤٤٨) و(٤٤٩).
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٤١٧ - ٤١٨
عن جرير بن عبد الحميد، والنسائي في «الكبرى» (١٠٣٥٨) من طريق إسرائيل بن يونس
السَّبيعي، كلاهما عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن أبي صالح قال: لُدع رجل من الأنصار
... الحديث هكذا رواه مرسلًا. وقد جاء اسمُ عبد العزيز بن رفيع في مطبوع ابن أبي
شيبة: رُفَيعًا، والصواب عبد العزيز ابن رفيع كما عند النسائي.
وقد جاء عن أبي هريرة بإسناد آخر عند
مسلم (٢٧٠٩) والنسائي في «الكبرى» (١٠٣٤٦ - ١٠٣٤٨) من طريق القعقاع بن حكيم،
ويعقوب بن عبد الله بن الأشج، كلاهما عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة. وهذا
أيضًا يؤكد صحة ما قلناه سابقًا بأن الصحيح رواية أبي صالح عن أبي هريرة. والله
تعالى أعلم.
(١)
حديث صحح كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وللاختلاف
فيه عن الزهري كما سيأتي بيانه الزُّبَيدي: هو محمد بن الوليد.
فأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٣٥٩)
من طريق ابن أخي الزهري، و(١٠٣٦٠) من طريق بقية بن الوليد، عن الزبيدي، كلاهما عن
الزهري، به. غير أن ابن أخي الزهري قال: عن طارق بن مخاشن، وقال الزبيدي: طارق أبي
مخاشن. =
٣٩٠٠ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو
عَوانةَ، عن أبي بِشرٍ، عن أبي المُتوكِّل
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ: أن رهطًا مِن
أصحاب النبي ﷺ انطلقُوا في سَفْرَةٍ سافَرُوهَا، فنزلوا بحيٍّ مِنْ أحياءِ
العَرَبِ، فقال بعضُهم: إن سيَّدنا لُدِغَ فهلْ عِنْدَ أحدٍ منكم شيءٌ ينفعُ
صاحبَنا؟ فقال رجلٌ مِن القوم: نَعَمْ، واللهِ إني لأَرْقِي، ولكن استضفنَاكُم
فأبيتُم أن تُضيِّفونا، ما أنا بِرَاقٍ حتى تَجْعَلُوا لي جُعْلًا، فجعلُوا له
قطيعًا مِن الشاءِ، فأتاهُ، فقرأ عليهِ أمَّ الكِتَابِ، ويَتْفُلُ، حتى برأ كأنما
أُنْشِطَ من عقالٍ، قال: فأوفاهُم جُعْلَهُمْ الذي صالحوهُم عليه، فقالوا:
اقتسِمُوا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا، حتى نأتيَ رسولَ الله ﷺ فنستأمِرَه،
فَغَدَوْا على رسولِ الله ﷺ، فذكرُوا له، فقال رسولُ الله ﷺ: «مِنْ أين عَلِمْتُم
أنَّها رُقْيَةٌ؟ أحسنتُم، اقتسِمُوا، واضْرِبُوا لي معكُم بِسهْمٍ» (١).
٣٩٠١
- حدَّثنا ابنُ بشَّار، حدَّثنا محمدُ
بنُ جعفر، حدَّثنا شعبةُ، عن عبدِ الله ابن أبي السَّفر، عن الشَّعبي، عن خارجة
بنِ الصَّلت التميمي
عن عمه، قال: أقبلنا مِن عندِ رسولِ
الله ﷺ، فأتَيْنا على حيٍّ مِن العربِ، فقالوا: إنا أُنبِئْنا أنَّكم قد جِئْتُم
مِن عندِ هذا الرجلِ بخيرٍ، فهل عِنْدكُم من دواءٍ أو رُقيةٍ، فإنَّ عندنا
مَعتْوهًا في القيودِ؟ قال: فقلنا:
= وخالفهما يونس بن يزيد الأيلي، فرواه
عن الزهري قال: بلغنا أن أبا هريرة نحوه أخرجه النسائي (١٠٣٦١). وطريق يونس هذه
أصح من الطريقين السالفين عن ابن أخي الزهري والزبيدي.
لكن صح الحديث عن أبي هريرة من غير
طريق الزهري كما في الحديث الذي
(١)
إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (٣٤١٨).
نعم، قال: فجاؤوا بمعتوهٍ في
القُيود، قال: فقرأتُ عليه فاتحة الكتابِ ثلاثة أيَّام غُدْوَةً وعَشِيَّةَ، أجمعُ
بُزاقي ثم أتْفُلُ، فكأنما أُنشِطَ من عِقَالٍ فأعطَوْني جُعْلَا، فقلتُ: لا، حتى
أسألَ رسولَ الله ﷺ، فقال: «كُلْ، فَلَعَمْري مَنْ أكل برُقية باطلٍ لقد أكلتَ
برقيةِ حقٍّ» (١).
٣٩٠٢
- حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
ابنِ شهابٍ، عن عُروة
عن عائشةَ زوجِ النبيِّ ﷺ: أن رسولَ
الله ﷺ كان إذا اشْتكَى يقرأُ على نفسِه بالمعوِّذاتِ وينفُثُ، فلما اشتَدَّ وجعه
كنتُ أقرأُ عليه وأمْسَحُ عليه بيده رجاءَ بركَتِها (٢).
(١) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (٣٤٢٠)
و(٣٨٩٧).
ننبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا
الخطية مقرونة فيه رواية ابن بشار، برواية عبيد الله بن معاذ السالفة برقم (٣٤٢٠)
و(٣٨٩٧) والصواب حذف رواية عُبيد الله من هنا كما جاء عند المزي في «الأطراف»
(١١٠١١)، ويؤيده أن اللفظ المذكور هنا هو لفظ ابن بشار وحده كما في «سنن النسائي
الكبرى» (٧٤٩٢).
وهذا الحديث اختلف محلُّه في أصولنا
الخطية، فقد جاء في (أ) بعد الحديث السالف برقم (٣٨٩٦)، وفي (ج) جاء بعد الحديث
التالي وهو حديث (٣٩٠٢)، وجاء في (هـ) بعد الحديث (٣٨٩٥). ومكانه هنا في (ب) وحدها.
(٢)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، وابن شهاب: هو الزهري، والقعنبي: هو
عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٩٤٢.
وأخرجه البخاري (٤٤٣٩)، ومسلم
(٢١٩٢)، وابن ماجه (٣٥٢٨) و(٣٥٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٠٤٩) و(٧٤٨٨) و(٧٥٠٢)
و(٧٥٠٦) و(٧٥٠٧) و(١٠٧٨١)
من طريق ابن شهاب الزهري، به. واقتصر
ابن ماجه في الموضع الأول والنسائي في الموضع الرابع على ذكر النفث في الرقية.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٧٢٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٩٦٣) و(٦٥٩٠). =
٢٠ - باب في السُّمْنَةِ
٣٩٠٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس،
حدَّثنا نوحُ بنُ يزيدَ بن سَيّار، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدٍ، عن محمد بنِ
إسحاقَ، عن هشام بنِ عُروة،
عن أبيه عن عائشة، قالت: أرادت
أُمِّي أن تُسمِّنني لِدُخُولي على رسول الله ﷺ، فلم أقبلْ عليها بشيءٍ مِمَّا
تُريد، حتى أطعمتني القِثَّاء بالرطبِ، فَسَمِنْتُ عليه كأحْسَنِ السِّمَنِ (١).
٢١
- باب في
الكاهن
٣٩٠٤
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن حمادِ بنِ سلمةَ، عن حكيمٍ الأثْرم،
عن أبي تَميمَةَ
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال:
«مَنْ أتى كاهِنًا -قال موسى في حديثه:- فَصَدَّقَهُ بما يَقُولُ، -ثم اتفقا- أو
أتى امرأةً -قال مسدَّدٌ: امرأته حائضًا أو أتى امرأةً- قال مُسَدَّدٌ: امرأتَه في
دُبُرِهَا- فقد برِئ مِمَّا أنْزَلَ اللهُ على محمدِ» (٢).
وأخرجه مسلم (٢١٩٢) من طريق هشام بن
عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ إذا مرض أحد من أهله نفث عليه
بالمعوِّذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه ...
(١)
أثر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار- وهو وإن لم يُصرِّح
بسماعه متابع.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٦٩١)
من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٢٤) من طريق يونس
بن بكير، عن هشام بن عروة، به.
ويونس بن بكير صدوق حسن الحديث.
(٢)
حديث صحيح دون قوله: «حائضًا» وهذا إسناد رجاله ثقات لكن قال البخاري في «تاريخه»
في ترجمة حكيم الأثرم: لا يتابع في حديثه -يعي هذا الحديث- ولا نعرف
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= لأبي تميمة [قلنا: هو طريف بن مجالد
الهُجيمي] سماعًا من أبي هريرة. ولم يُشر المزي في «تهذيب الكمال» ولا في «تحفة
الأشراف» إلى وجود إرسال في رواية أبي تميمة عن أبي هريرة على عادته، وقد توبع.
وله ما يشهد له دون ذكر الحائض.
يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه ابن ماجه (٦٣٩)، والترمذي
(١٣٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٦٧) و(٨٩٦٨) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بذكر الكاهن وحسب الحارث بن
أبي أسامة في مسنده«، ومن طريقه الحاكم ١/ ٨ من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي،
عن خلاس ومحمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح، وقال الحافظ العراقي
في»أماليه«: حديث صحيح، ورواه عن الحاكم البيهقي في»سننه«[٨/ ١٣٥]، فقال الذهبي
في»مختصره«: إسناده قوي. نقله عنهما المناوي في»فيض القدير«٦/ ٢٣.
وقد سلف ذكر الإتيان في الدبر برقم
(٢١٦٢) من طريق الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال:»ملعون من أتى
امرأة في دبرها«.
ويشهد للنهي عن الإتيان في الدبر
حديث ابن عباس عند الترمذي (١٢٠٠)، والنسائي في»الكبرى«(٨٩٥٢)، وصححه ابن حبان
(٤٢٠٢) بلفظ:»لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأة في الدبر«.
وحديث خزيمة بن ثابت عند أحمد
(٢١٨٥٨)، والنسائي في»الكبرى«(٨٩٣٣) بلفظ: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا
النساء في أدبارهن». وهو صحيح لغيره، ورجاله ثقات.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند
أحمد (٦٧٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٤٧) بلفظ: «هي اللوطية الصغرى»، يعني الرجل
يأتي امرأته في دبرها. وإسناده حسن.
ويشهد للنهي عن إتيان الكاهن حديث
جابر بن عبد الله عند البزار (٣٠٤٥ - كشف الأستار) بلفظ: «فقد كفر بما أنزل على
محمد» وإسناده صحيح.
وحديث عمران بن الحصين عنده كذلك
(٣٠٤٤)، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. =
٢٢ - باب النظر في النجوم
٣٩٠٥
- حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شَيبةَ
ومُسَدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ الله بنِ الأخنَسِ، عن الوليدِ
بنِ عبدِ اللهِ، عن يوسفَ بنِ ماهَكَ
= وحديث عبد الله بن مسعود موقوفًا
عليه عند الطيالسي (٣٨٢)، والبزار (١٨٧٣)، و(١٩٣١)، وأبو يعلى (٥٤٠٨) وأبو القاسم
البغوي في «الجعديات» (٢٠١٧ - ٢٠٣٩)، والطبراني في «الكبير» (١٠٠٠٥)، وفي «الأوسط»
(١٤٥٣) بلفظ: من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ
ومثل هذا في حكم المرفوع، لأنه لا يقال من قِبَل الرأي كما قال الحافظ في «الفتح»
١٠/ ٢١٧. وإسناده صحيح. وجاء عند بعضهم زيادة الساحر أيضًا.
وأخرج مسلم (٢٢٣٠) من حديث صفية بنت
أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي ﷺ عن النبي ﷺ قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم
تقبل له صلاة أربعين ليلة». وهو في «مسند أحمد» (١٦٦٣٨)، وهذا الحديث فيه ذكر
السؤال وحسب الذي قد يقترن بالتصديق، وقد لا يقترن به. وحديثنا فيه ذكر التصديق،
ومن هنا اختلف حُكم كلٍّ منهما.
قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٢١٧:
والوعيد جاء تارة بعدم قبول الصلاة، وتارة بالتكفير، فيحمل على حالين من الآتي،
أشار إليه القرطبي.
وقال الخطابي في «الغنية عن الكلام
وأهله» ص ٢٤: والعلة الموجبة للحكم بالكفر ليست إلا اعتقاد أنه مشارك الله تعالى
في علم الغيب، مع أنه يقع في الغالب غير مصحوب بهذا الاعتقاد، ولكن من حام حول
الحمى يوشك أن يقع فيه.
قال الخطابي: الكاهن: هو الذي يدعي
مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون
كثيرًا من الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رَئيًا من الجن وتابعة تلقي إليهم
الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه، وكان منهم من يُسمى
عرافًا وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها
كالشيء يسرق، فيعرف المظنون به السرقة، وتتهم المرأة بالزنى، فيعرف من صاحبها ونحو
ذلك من الأمور، ومنهم من كان يُسمي المنجم كاهنًا، فالحديث يشتمل على النهي عن
إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم، وتصديقهم على ما يدعونه من هذه الأمور.
عن ابنِ عباسِ، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «من اقتبَسَ علْمًا مِنَ النُّجُومِ اقْتبَسَ شُعبَة مِن السِّحرِ، زادَ ما
زادَ» (١).
٣٩٠٦
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
صالح بنِ كَيسانَ، عن عُبَيْدِ الله بنِ عبدِ الله عن زيد بن خالد الجُهَنِي، أنه
قال: صلَّى لنا رسولُ الله ﷺ صلاةَ الصُّبْحِ بالحُديبيَةِ في إثْر سَمَاءٍ كانت
مِن الليلِ، فلما انصرفَ أقبلَ على الناسِ، فقالَ: «هَلْ تَدْرونَ ماذا قال
ربُّكم؟» قالوا: الله ورسولُه أعلمُ، قال: قال: «أصبحَ مِنْ عبادِي مُؤْمنٌ بي
وكافِرٌ: فأما من قال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ ورَحْمَتِه، فذلك مؤمِنٌ بي
كافِرٌ بالكوكَبِ، وأما مَنْ قال: مُطِرْنَا بِنَوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن
بالكوكبِ» (٢).
(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٢٦) من طريق يحيى
بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٠).
قلنا: المنهي عنه من علم النجوم هو
علم التأثير، الذي يقول أصحابه: إن جميع أجزاء العالم السُّفلي صادر عن تأثير
الكواكب والرُّوحانيات، فهذا محرّم لا شك فيه، لأنه ضرب من الأوهام، وما سوى ذلك
من علم الفلك فتعلُّمُه مباح لا حرج فيه، بل هو فرض كفاية لا بد أن يقوم به نفر من
المسلمين ليرفع الإثم عن عامتهم، قال الله تعالى: ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ
هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [النحل:١٦]، وقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ
لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الأنعام:٩٧].
(٢)
إسناده صحيح. عُبيد الله بن عَبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود، والقعنبي: هو عبد
الله بن مسلمة بن قعب.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ١٩٢، ومن
طريقه أخرجه البخاري (٨٤٦)، ومسلم (٧١)، والنسائي في «الكبرى» (١٨٤٦) و(١٠٦٩٥)،
وأخرجه البخاري (٤١٤٧) من =
٢٣ - باب في الخَط وزجْر الطَّير
٣٩٠٧
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى،
حدَّثنا عوف، حدَّثنا حيَّان -قال غيرُ مُسَدَّدٍ: حَيان بنُ العلاء- حدَّثنا
قَطَنُ بنُ قَبيصَةَ
عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ
يقولُ: «العيِافَةُ والطِّيرَةُ والطَّرقُ مِن الجِبتِ» الطرق: الزَّجْرُ،
والعيافة: الخطُّ (١).
= طريق سليمان بن بلال، والبخاري
مختصرًا (٧٥٠٣)، والنسائي (١٨٤٧) و(١٥٦٩٤) من طريق سفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن
صالح بن كيسان، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٦١)، و«صحيح
ابن حبان» (١٨٨) و(٦١٣٢).
وخالف صالحَ بن كيسان ابنُ شهاب
الزهري عند مسلم (٧٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٨٤٨) و(١٠٦٩٣) فرواه عن عُبيد الله
بن عَبد الله، عن أبي هريرة. فجعله من مسند أبي هريرة، ومثل هذا الاختلاف لا يضر،
لأنه حيثما دار كان على صحابي، وكلهم عدول.
وله أصل من حديث أبي هريرة، فقد
أخرجه مسلم (٧٢) من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة، عنه.
قال الخطابي: قوله: في إثر سماء، أي:
في إثر مطر، والعرب تسمي المطر سماء، لأنه نزل منها. قال الشاعر:
إذا سقط السماءُ بأرضِ قوم ...
رعيناه، وإن كانوا غضابا
والنَّوء: واحد الأنواء، وهي الكواكب
الثمانية والعشرون التي هي منازل القمر، كانوا يزعمون أن القمر إذا في نزل بعض تلك
الكواكب مُطرِوا. فأبطل ﷺ قولهم، وجعل سقوط المطر من فعل الله سبحانه دونَ فعل
غيره.
(١)
إسناده ضعيف. حيان قيل: هو حيان بن العلاء، وقيل: حيان أبو العلاء، وقيل: حيان بن
عُمير، وقيل: حيان بن مخارق أبو العلاء، لم يذكروا في الرواة عنه غير عوف -وهو ابن
أبي جميلة الأعرابي- ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. وقد نفى أحمد وابن معين أن
يكون حيان بن عمير أبي العلاء البصري الثقة. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
=
٣٩٠٨ - حدَّثنا ابنُ بشار، حدَّثنا محمدُ بن
جعفرٍ:
قال عوف: العيافةُ: زَجْرُ الطيرِ،
والطرقُ: الخَطُّ يُخَطُّ في الأرضِ، والجبت: من الشيطان (١).
٣٩٠٩
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن
الحجاجِ الصَّوَّافِ، حدَّثني يحيى ابنُ أبي كثير، عن هلالِ بنِ أبي ميمونةَ، عن
عطاء بنِ يَسَارٍ
عن مُعاويَةَ بنِ الحكمِ
السُّلَميِّ، قال: قلتُ: يا رسول الله، ومنّا رجال يَخُطُّونَ، قال: «كان نبيٌّ من
الأنبياء يَخُطُّ، فمن وافق خَطَّه فذَاكَ» (٢).
= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٠٤٣)
من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩١٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٦١٣١).
العيافة بكسر العين: زجر الطير
للتفاؤل، والطرق بفتح الطاء وسكون الراء: هو الضرب بالحصى التي تفعله النساء، قال
لبيد:
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ...
ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وأصل الطرق: الضرب، ومنه سميت مطرقة
الصائغ والحداد، لأنه يطرق بها، أي: يضرب بها.
والجبت بكسر الجيم وسكون الباء: هو
المذكور في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ
الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ [النساء:٥١] أي: من التكهن
والسحر. قاله السندي.
وقال في «لسان العرب»: الجبت كل ما
عبد من دون الله، وقيل: هي كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك.
(١)
رجاله ثقات. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وابن بشار: هو محمد.
(٢)
إسناده صحيح. الحجاج الصوّاف: هو ابن أبي عثمان، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
=
٢٤ - باب في الطِّيَرةِ
٣٩١٥
- حدَّثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان،
عن سلمةَ بنِ كُهَيل، عن عيسى بن عاصم، عن زِرِّ بن حُبيش
عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله
ﷺ قال: «الطِّيَرَةُ شِرْك، الطِّيرة شركٌ، الطيرة شِرْكٌ -ثلاثًا- وما منا إلا،
ولكن اللهُ يُذْهبه بالتوكل» (١).
= وأخرجه ضمن حديث مطول مسلم (٥٣٧)،
وبإثر (٢٢٢٧)، والنسائي (١٢١٨) من طريق يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٦٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٢٤٧).
وقد سلف ضمن حديث مطول عند المصنف
برقم (٩٣٠).
قال الخطابي: صورة الخط ما قاله ابن
الأعرابي، ذكره أبو عمر، عن أبي العباس أحمد بن يحيى، عنه، قال: يقعد المُحازي
[المُحازي والحزاء: الذي يحزر الأشياء ويقدرها بظنه]، ويأمر غلامًا له بين يديه،
فيخط خطوطًا على رملٍ، أو تراب، ويكون ذلك منه في خفة وعجلة كي لا يدركها العَدُّ
والإحصاء، ثم يأمره فيمحوها خطين خطين، وهو يقول: ابني عِيان أسرِعا البيان، فإن
كان آخر ما يبقى منها خطين فهو آية النجاح، وإن بقي خط واحد فهو الخيبة والحرمان.
وأما قوله: «فمن وافق خطه فذاك» فقد
يحتمل أن يكون معناه الزجر عنه، إذ كان مَن بعده لا يوافق خطه ولا ينال حظه من
الصواب، لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبيِّ، فليس لمن بعده أن يتعاطاه طمعًا في
نيله، والله أعلم.
(١)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٣٨)، والترمذي
(١٧٠٦) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٨٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٦١٢٢).
قال الخطابي: قوله: وما منا إلا،
معناه: إلا من يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف اختصارًا للكلام
واعتمادًا على فهم السامع. =
٣٩١١ - حدَّثنا محمدُ بنُ المُتوكِّل
العسقلانيُّ والحسنُ بنُ علي، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمَر، عن
الزهريِّ، عن أبي سَلَمَةَ
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«لا عَدْوى، ولا صَفَرَ، ولا هَامةَ» فقال أعرابيٌّ: ما بالُ الإبل تكون في
الرّمْل كأنَّها الظِّباء فَيُخَالِطُها البَعِيرُ الأجْرَبُ فيُجْرِبُها؟ قال:
«فمن أعْدى الأوَّلَ؟» (١).
= قلنا: ونقل الترمذي بإثر الحديث عن
البخاري قوله: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: وما منا إلا، ولكن اللهُ
يُذهبه بالتوكل. قال سليمان: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود.
(١)
إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد
الرزاق: هو ابن همام، والحسن بن علي: هو الخلاّل الحُلْواني.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٩٥٠٧).
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري
(٥٧١٧) و(٥٧٧٠) و(٥٧٧١) و(٥٧٧٣)، ومسلم (٢٢٢٠) و(٢٢٢١) من طرق عن ابن شهاب الزهري،
به. والرجل الذي حدث الزهري بالشطر الثاني من القصة هو أبو سلمة نفسه كما جاء
موضحًا عند البخاري (٥٧٧١)، وكما في بعض روايات مسلم.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٢٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٦١١٥) و(٦١١٦).
وأخرج الشطر الأول منه البخاري
(٥٧٠٧) تعليقًا، و(٥٧٥٧) و(٥٧٧٥)، ومسلم (٢٢٢٠) وبإثر (٢٢٢١) من طرق عن أبي هريرة.
زاد البخاري في الموضع الأول: «وفرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد، واقتصر في
الموضع الثالث على ذكر العدوى وسؤال الأعرابي.
وأخرج البخاري (٥٧٥٤)، ومسلم (٢٢٢٣)
من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ومسلم بإثر (٢٢٢٤) من طريق محمد بن
سيرين، كلاهما عن أبي هريرة -قال عُبيد الله:»لا طيرة، وخيرها الفأل«، وقال ابن
سيرين: إلا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل الصالح» زاد عبيد الله: قالوا: وما الفأل؟
قال: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم».
وهو في «مسند أحمد» (٧٦١٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٨٢٦). =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرج الترمذي (١٠٢٢) من طريق أبي
الربيع، عن أبي هريرة رفعه: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لن يدعهن الناس: ..
وذكر منها:»العدوى«. قال:»أجربَ بعيرٌ، فأجرب مئةَ بعيرٍ، من أجرب البعير الأول؟«.
وهو في»مسند أحمد«(٧٩٠٨)، و»صحيح ابن
حبان«(٣١٤٢) وإسناده عند ابن حبان صحيح، وعند الباقين حسن.
وأخرج الشطر الثاني منه، وهو
قوله:»لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ«ابن ماجه (٣٥٤١) من طريق محمد بن عمرو بن
علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وهو في»مسند أحمد«(٩٢٦٣).
وانظر ما بعده.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله
عنه الحافظ ابن حجر في»الفتح«١٠/ ١٦٠:
إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص
من عموم نفي العدوى، فيكون معنى قوله:»لا عدوى«أي: إلا من الجذام والبرص والجرب
مثلًا، فكأنه قال: لا يعدي شيء شيئًا إلا ما تقدم تبييني له أن فيه العدوى.
ونقل علي القاري في»شرح المشكاة«٤/
٥١٩ عن التوربشتي قوله: العدوى هنا مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره، يقال: أعدى
فلان فلانًا من خلقه أو من علة به وذلك على ما يذهب إليه المتطببة في علل سبعٍ:
الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائية.
وقد اختلف العلماء في التأويل، فمنهم
من يقول: المراد منه نفي ذلك وإبطاله على ما يدل عليه ظاهر الحديث والقرائن
المنسوقة على العدوى وهم الأكثرون.
ومنهم من يرى أنه لم يرد إبطالها،
فقد قال ﷺ:»وفر من المجذوم فرارك من الأسد«وقال:»لا يُوردن ذو عاهة على مصح«وإنما
أراد بذلك نفي ما كان يعتقده أصحاب الطبيعة، فإنهم كانوا يرون»العلل«المعدية مؤثرة
لا محالة، فأعلمهم بقوله هذا: أن ليس الأمر على ما يتوهمون، بل هو متعلق بالمشيئة
إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن، ويشير إلى هذا المعنى قوله:»فمن أعدى الأول«أي: إن
كنتم ترون أن السبب في ذلك العدوى لا غير، فمن أعدى الأول، وبين بقوله:»وفر من
المجذوم«وبقوله:»لا يوردن ذو عاهة على مصح" أن مداناة ذلك بسبب العلة فليتقه
اتقاءه من الجدار =
قال معمرٌ: قال الزهريُّ: فحذَثني
رجلٌ، عن أبي هريرة أنه سَمِع رسولَ الله ﷺ يقولُ: «لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على
مُصِحٍّ» قال: فراجَعَه الرجلُ، فقال: أليس قد حدَّثتنا أن النبي ﷺ قال: «لا
عَدْوى ولا صَفَر ولا هامة؟» قال: لم أُحدِّثْكموه، قال الزهري: قال أبو سلمة: قد
حَدَّثَ به، وما سمعتُ أبا هريرة نَسِيَ حديثًا قطُّ غيرَه.
٣٩١٢
- حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ
العزيز -يعني ابنَ محمد-، عن العلاء، عن أبيه
عن أبي هريرِة، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا عَدْوى، ولا هَامةَ، ولا نَوْءَ ولا صَفرَ» (١).
= المائل والسفينة المعيوبة ... واختار
هذا التأويل وقال: هو أولى لما فيه من التوفيق بين الأحاديث الواردة فيه، ثم لأن
القول الأول يفضي إلى تعطيل الأصول الطبية، ولم يرد الشرع بتعطيلها، بل ورد
بإثباتها والعبرة بها على الوجه الذي ذكرناه.
وقال البيهقي في «معرفة السنن
والآثار»١٠/ ١٨٩ - ١٩٠: ثابت عن النبي ﷺ أنه قال: «لا عدوى» وإنما أراد به على
الوجه الذي كانوا يعتقدون في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله عز وجل، وقد
يجعل الله تعالى بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب سببًا لحدوث ذلك
به، ولهذا قال النبي ﷺ: «لا يورد ممرض على مصح» وقال في الطاعون: «من سمع به في
أرض فلا يقدمن عليه» وغير ذلك مما في معناه، وذلك ذلك بتقدير الله عز وجل.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدَّراوَرْدي- وقد
توبع. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قَعْنَب والعلاء: هو ابن عبد الرحمن
الحُرقي.
وأخرجه مسلم (٢٢٢٠) من طريق إسماعيل
بن جعفر، عن العلاء، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦١٣٣).
وانظر ما قبله. =
٣٩١٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرَّحيم بنِ
البَرْقيِّ، أن سعيدَ بن الحكم حدَّثهم، أخبرنا يحيى بنُ أيوبَ، حدَّثني ابنُ
عجلانَ، حدَّثني القعقاعُ بنُ حَكيمٍ وعُبَيدُ الله بنُ مِقْسَم وزيدُ بنُ أسلمَ،
عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ قال:
«لا غُوْلَ» (١).
٣٩١٤
- قُرئ على الحارِثِ بنِ مِسكينٍ -وأنا
شاهدٌ- أخبركم أشهبُ، قال:
= قال الخطابي: وأما الهامة، فإن العرب
كانت تقول: إن عظام الموتى تصير هامة فتطير، فأبطل النبي ﷺ ذلك من قولهم، وتطير
العامة اليوم من صوت الهامة ميراث ذلك الرأي. وهو من باب الطيرة المنهي عنها.
وقوله: ولا نوء، أي: لا تقولوا: مطرنا بنوء كذا ولا تعتقدوه.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب -وهو الغافقي المصري- ابن عجلان:
هو محمد، وسعيد بن الحكم: هو ابنُ أبي مريم.
وأخرجه الطبري في مسند علي من «تهذيب
الآثار» ص ٨ والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٣٠٨ من طريق ابن أبي مريم، بهذ
الإسناد.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند
أحمد (١٤١١٧)، ومسلم (٢٢٢٢)، ابن حبان (٦١٢٨).
قال الخطابي: قوله: «لا غول» ليس
معناه نفي الغول عينًا، وإبطالها كونًا، وإنما فيه إبطال ما يتحدثون به عنها من
تغوُّلها، واختلات تلوّنها في الصور المختلفة وإضلالها الناس عن الطريق، وسائر ما
يحكون عنها مما لا يعلم له حقيقة، يقول: لا تصدقوا بذلك ولا تخافوها، فإنها لا
تقدر على شيء من ذلك إلا بإذن الله عز وجل، ويقال: إن الغيلان سحرة الجن تسحر
الناس وتفتنهم بالإضلال عن الطريق، والله أعلم.
وقال الدميري في «حياة الحيوان» ٢/
١٣٤: والذي ذهب إليه المحققون أن الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر:
الغول والخل والعنقاء ثالثة ...
أسماه أشاء لم توجد ولم تكن
سُئِلَ مالكٌ عن قوله: «لا صَفَر»؟
قال: إن أهل الجاهليَّة كانوا يُحِلُّونَ صَفَرَ، يُحِلُّونه عامًا ويُحرِّمُونَه
عامًا، فقال النبيُّ ﷺ: «لا صَفَرَ» (١).
٣٩١٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ المُصفَّى،
حدَّثنا بقيَّةُ، قال: قلت لمحمدٍ -يعني ابنَ راشِدِ- قوله: «هَامَ»؟ قال:
كانتِ الجاهليَّةُ تقولُ: ليس أحدٌ
يموتُ فيدفن إلا خرج من قبره هامة، قلت: فقوله: «صَفَرَ»، قال: سمعتُ أن أهلَ
الجاهلية يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَر، فقال النبيُّ ﷺ: «لا صفر». قال محمد: وقد
سمِعْنا مَنْ يقول: هو وجع يأخُذُ في البَطْنِ، فكانُوا يقولُونَ: هو يُعْدِي،
فقال: «لا صَفَرَ».
٣٩١٦
- حدَّثنا مسلِمُ بنُ إبراهيمَ،
حدَّثنا هِشَامٌ، عن قتادة
عن أنسِ، أن النبيَّ ﷺ قال: «لا
عَدْوى ولا طِيرَةَ، ويُعجِبُني الفألُ الصَّالِحُ، والفألُ الصَّالِحُ:
الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ» (٢).
(١) رجاله ثقات. أشهب: هو ابن عبد العزيز
القيسي، من أشهر تلامذة الإمام مالك.
وقال المنذري: وقد قيل: كانوا يزيدون
في كل أربع سنين شهرًا يسمونه صفر الثاني، فتكون السنة الرابعة ثلاثة عشر شهرًا
لتستقيم لهم الأزمان على موافقة أسمائها مع المشهور وأسمائها، ولذلك قال ﷺ: «السنة
اثنا عشر شهرًا»
(٢)
إسناده صحيح قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله
الدَّسْتوائي.
وأخرجه البخاري (٥٧٥٦) و(٥٧٧٦)،
ومسلم (٢٢٢٤)، وابن ماجه (٣٥٣٧) والترمذي (١٧٠٧) من طرق عن قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٧٩) و(١٣٩٢٠).
قال الأصمعي: سألت ابن عونٍ عن
الفألِ؟ قال: هو أن تكون مريضًا فتسمع: يا سالم أو تكون طالبًا فتسمع: يا واجد.
٣٩١٧ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
وُهَيْبٌ، عن سُهَيْل، عن رجُل
عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ سَمِعَ
كلمةً فأعجبتْه فقال: «أخذْنا فَأْلَكَ مِن فِيك» (١).
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام
الراوي عن أبي هريرة، وقد ورد في بعض الروايات تعيين هذا الرجل المبهم بأنه أبو
صالح السمان والد سهيل، ولكن ذلك لا يصح، والله تعالى أعلم، وسيأتي بيانه. سهيل:
هو ابن أبي صالح السمان،
ووُهَيب: هو ابن خالد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٩٠٤٠) عن
عفان بن مسلم، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٢٩١) عن أبي يعلى الموصلي، عن
العباس بن الوليد النَّرسي، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ» ص ٢٥١ من طريق عبد
الأعلى بن حماد، ثلاثتهم (عفان والعباس وعبد الأعلى) عن وهيب بن خالد، به.
وأخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ»
ص ٢٥١ عن ابن رُسْتَهْ، عن العباس بن الوليد، وص ٢٥١ من طريق مؤمّل ابن إسماعيل،
والبيهقي في «شعب الإيمان» (١١٦٩) من طريق سهل بن بكار، ثلاثتهم (العباس ومزمل
وسهل) عن وُهَيب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. ومؤمَّل ضعيف سيئ الحفظ، وابن
رُسْتَه قد خالف في هذه الرواية أبا يعلى الموصلي، ولا شك أن أبا يعلى أجلُّ
وأوثقُ من ابن رُسته، وأما طريق سهل ففي الإسناد إليه محمد بن راشد - وهو محمد بن
محمد بن حيان بن راشد الأنصاري التمار، يُنسب لجده أحيانًا- وهذا روى عنه جمع،
وقال فيه الدارقطني: لا بأس به، وقال فيه الحاكم في «معرفة علوم الحديث» ص ٥٩ إثر
حديث رواه: طريق محمد بن محمد بن حيان بن راشد عن أبي الوليد الطيالسي، عن مالك،
عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة: هذا إسناد تداوله الأئمة والثقات وهو باطل من حديث
مالك«... قال: ولقد جهدت جهدي أن أقف على الواهم فيه من هو فلم أقف عليه. اللهم
إلا أن أكبر الظن على ابن حيان البصري، على أنه صدوق مقبول. قلنا: وأغلب الظن أن
الوهم في هذا الخبر منه، والله أعلم، لأن من دونه ومن فوقه أوثق منه.
فما قاله الشيخ ناصر الألباني رحمه
الله في»صحيحته" (٧٢٦) بعد تخريجه
الحديث: هذا إسناد صحيح لولا الرجل
المبهم الذي لم يسم، لكنه جاء مسمى بذكر =
٣٩١٨ - حدَّثنا يحيى بنُ خَلَفٍ، حدَّثنا
أبو عاصمٍ، حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ، عن عطاء، قال:
يقول ناسٌ: الصفر وجَعٌ يأخذ في
البطن، قلت: ما الهامة؟ قال: يقولُ ناسٌ: الهامةُ التي تَصْرُخُ هامةُ الناسِ،
وليست بهامَة الإنسانِ، إنما هي دابّةٌ (١).
٣٩١٩
- حدَّثنا أحمد بن حنبل وأبو بكرِ بنُ
أبي شيبةَ -المعنى-، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن
عروة بنِ عامر -قال أحمد: القرشي- قال:
= أبي صالح السمان واسمه ذكوان، فصح
الحديث بحمد الله - غير مُسلَّم له، لأن مقتضى المنهج العلمي هو تعليل الرواية
التي قيل فيها: عن أبيه، بدل: عن رجل، كما بيناه، والله تعالى أعلم.
لكن يشهد له حديث كثير بن عبد الله
المزني، عن أبيه، عن جده عند ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١١١٧)، والطبراني
في «الكبير» ١٧/ (٢٣)، وفي «الأوسط» (٣٩٢٩) و(٩١٣٢)، وابن السني في «عمل اليوم
والليلة» (٢٩٠)، وأبو الشيخ ص ٢٥٥، وابن عدي في «الكامل» في ترجمة كثير بن عبد
الله المزني. وهذا يصلح للشواهد، فكثير بن عبد الله حسَّن الرأيَ فيه البخاريُّ
والترمذي، وضعفه الجمهور، فمثله يصلح للاعتبار كما بيناه في مقدمتنا على «سنن
الترمذي».
ويشهد له أيضًا حديث ابن عمر عند
البزار في «مسنده» كما في «المداوي لعلل المناوي» ١/ ٢٣٧ وعنه أبو الشيخ في «أخلاق
النبي ﷺ» ص ٢٥٠ وإسناده ضعيف.
وحديث سمرة عند الخلعي في «فوائده»
كما في «المداوي لعلل المناوي» ١/ ٢٣٧ وإسناده ضعيف أيضًا.
وبمجموع هذه الأحاديث مع أحاديث
التفاؤل الصحيحة الأخرى يحسن الحديث، والله تعالى أعلم.
(١)
رجاله ثقات. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو
عاصم: هو الضحاك بن مخلد.
ذُكرت الطِّيَرَةُ عند النبي ﷺ،
فقال: «أحسنها الفأل، ولا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فإذا رأى أحَدُكُم ما يَكْرَه
فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ لا يأتي بالحَسَنَات إلا أنْتَ، ولا يدَفْعَ السَّيئَاتِ إلا
أنت، ولا حَوُلَ ولا قُوةَ إلا بِكَ» (١).
٣٩٢٠
- حدَّثنا مسلم بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا
هِشامٌ، عن قتادةَ، عن عبدِ الله بنِ بُريدةَ
عن أبيه: أن النبيَّ ﷺ كان لا
يتطيَّرُ مِن شيءٍ، وكان إذا بَعَثَ عاملًا سأل عن اسمِه: فإذا أعجَبَه اسمُه
فَرِحَ به ورُئيَ بِشْرُ ذلك في
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن
عروة بن عامر مختلف في صحبته، وقد مال إلى القول بصحبته الحافظ في «تهذيب
التهذيب»، لكنه قال: الظاهر أن رواية حبيب عنه منقطعة: قلنا: وقد صحح إسنادَه
النووي في «رياض الصالحين»، فلم يُصِبْ، وذهب الأكثرون منهم أبو حاتم وأبو أحمد
العسكري والبيهقي في «الدعاء»، وأبو موسى المديني والمزي في «تهذيب الكمال»، وتقي
الدين الفاسي في «العقد الثمين» ٦/ ٧٥ وغيرهم إلى القول بعدم صحة صحبته، وأنه
مرسل، وإليه يشير صنيع ابن حبان في «الثقات» حيث ذكره في طبقة التابعين، وكذلك
صنيع الذهبي حيث قال في «الكاشف»: وثق. لكن للحديث شاهد يُحسن به إن شاء الله
تعالى. وانظر «الإصابة» ٤/ ٤٩٠.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٣٩، وابن
قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٦٢، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٨/ ١٣٩ من طريق سفيان
الثوري، وابن أبي شيبة ١٠/ ٣٣٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١١٧١)، والخطيب في
«تالي تلخيص المتشابه ١/ ١٦٥ من طريق الأعمش، كلاهما (سفيان الثوري والأعمش) عن
حبيب بن أبي ثابت، به.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٩٥١٢)
عن معمر، عن الأعمش أن رسول الله ﷺ قال:»أصدق الفأل ... «هكذا رواه مرسلًا بإسقاط
رجلين.
ويشهد له حديث عبد الرحمن بن سابط
الجُمحي مرسلًا أيضًا عند أبي داود في»المراسيل" (٥٣٩) وإسناده وإن كان فيه
ضعْف يَشُدُّ من حديثنا فيرتقي إلى درجة الحسن إن شاء الله.
وجهه، وإن كَرِهَ اسمَه رُئي
كراهِيةُ ذلك في وجهِه، وإذا دَخَل قريةً سأل عن اسمها: فإن أعجبه اسمُها فَرِحَ
بها ورُئي بِشْرُ ذلك في وجهه، وإن كرِهَ اسمَها رُئيَ كراهِيةُ ذلك في وجهه (١).
٣٩٢١
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
أبانُ، حدَّثني يحيى، أن الحضرميَّ ابنَ لاحِقٍ حَدَّثه، عن سعيد بنِ المُسيَّب
عن سعدِ بنِ مالك، أن رسولَ الله ﷺ
كان يقولُ: «لا هَامَةَ، ولا عَدْوى، ولا طِيرَةَ، وإن تكن الطِّيَرَةُ في شيءٍ
ففي الفَرَسِ والمرأةِ والدارِ» (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجال ثقات، لكن
قال البخاري في «التاريخ الكبير» ٤/ ١٢: لا يعرف سماعُ قتادة من عبد الله بن
بُريدة، ونقله عنه الترمذي أيضًا بإثر الحديث (١٠٠٣) فقال: وقد قال بعض أهل العلم:
لا نعرف لقتادة سماعًا من عبد الله بن بريدة. وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده في
«الفتح» ١٠/ ٢١٥. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. وقد صحح الحافظان
المنذري والعراقي والإمام النووي إسناد حديث قتادة، عن عبد الله بن بريدة لحديث:
«لا تقولوا للمنافق سيدنا».
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٧٧١)
من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٤٦).
وله ما يشهد له ذكرناه في «مسند
أحمد» فراجعه.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد جيد من أجل الحضرمي بن لاحق، فهو صدوق لا بأس به.
وأخرجه أحمد بن حنبل (١٥٠٢) و(١٥٥٤)،
والدورقي في «مسند سعد بن أبي وقاص» (٩٥)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٢٦٦) و(٢٦٧)
والبزار في «مسنده» (١٥٨٢)، وأبو يعلى (٧٦٦) و(٨٩٨)، والطبري في مسند علي من
«تهذيب الآثار» ص١٠و١٠ - ١١ و١١ و٢١ و٢١ - ٢٢، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار»
(١٧٤٥) و(١٧٤٦) و(٢٨٨٦)، وفي«شرح معاني الآثار» ٤/ ٣١٤، والشاشي في «مسنده» (١٥٣)
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= وابن حبان (٦١٢٧)، والبيهقي ٨/ ١٤٠،
والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ١/ ٢٢٨ وابن عبد البر في «التمهيد» ٢٤/
١٩٤ من طريق يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. والحديث عند بعضهم مختصر.
وفي باب قوله: «لا هامة، ولا عدوى،
ولا طيرة عدة أحاديث منها حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (٣٩١١)، وحديث
أنس سلف أيضًا برقم (٣٩١٦).
وحديث ابن عمر عند البخاري (٥٧٥٣)
و(٥٧٧٢) ومسلم (٢٢٢٥).
وفي باب قوله:»وإن تكن الطيرة في شيء
ففي الفرس والمرأة والدار«حديث ابن عمر عند البخاري (٥٠٩٤)، ومسلم (٢٢٢٥).
وحديث سهل بن سعْد عند البخاري
(٢٨٥٩) و(٥٠٩٥)، ومسلم (٢٢٢٦).
وحديث جابر بن عبد الله عند مسلم
(٢٢٢٧) إلا أنه ذكر الخادم بدل المرأة.
ورواية هؤلاء الثلاثة بلفظ:»إن كان
الشؤم في شيء ... «كصيغة لفظ المصف.
وجاء في روايات أخرى لحديث ابن عمر
بصيغة الجزم:»الشؤم في ثلاثة ... «كما في الحديث التالي والصحيح رواية الأكثرين.
ويكون المعنى حينذٍ ما قاله الإمام
الطبري في مسند علي من»تهذيب الآثار«ص ٣٤: أنه لم يُثبت بذلك صحة الطيرة، بل إنما
أخبر ﷺ أن ذلك إن كان في شيء، ففي هذه الثلاث، وذلك إلى النفي أقرب منه إلى
الإيجاب، لأن قول القائل: إن كان في هذه الدار أحد فزيد، غير إثبات منه أن فيها
زيدًا، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد، أقرب منه إلى الإثبات أن فيها زيدًا.
وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار»:
فكان ما في هذا على أن الشؤم إن كان، كان في هذه الثلاثة الأشياء، لا يتحقق كونه
فيها، وقد وافق ما في هذا الحديث ما روي عن جابر وسهل بن سعد عن النبي ﷺ في هذا
المعنى.
قال: وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها
إنكارها لذلك، وإخبارها أن رسول الله ﷺ إنما قال ذلك إخبارًا منه عن أهل الجاهلية
أنهم كانوا يقولونه، غير أنها ذكرته عنه عليه السلام بالطيرة لا بالشؤم، والمعنى
فيهما واحد.
قلنا: حديث عائشة هذا أخرجه أحمد
(٢٦٠٣٤) وإسناده صحيح.
وانظر كلام الإِمام العيني عند
الحديث التالي.
٣٩٢٢/ ١ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا مَالِكٌ، عن ابنِ
شهابٍ، عن حمزةَ وسالم ابني عَبدِ الله بنِ عُمَرَ
عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ، أن رسولَ
الله ﷺ ِ قال: «الشُوْمُ في الدَّارِ والمَرْأةِ والفَرَسِ» (١).
(١) إسناده صحيح، وقد روي بلفظ: «إن كان
الشؤم في شيء ...» بصيغة الشرط، رواه كذلك محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن
جده، وكما رواه عتبة بن مسلم، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، وهي أصح
لموافقتها لرواية سهل بن سعْد عند البخاري (٢٨٥٩) و(٥٠٩٥)، ومسلم (٢٢٢٦)، وروايه
جابر بن عبد الله عند مسلم (٢٢٢٧)، ورواية سعد بن أبي وقاص في الحديث السالف قبله
وقد بينتْ عائشةُ رضي الله عنها أن هذا الحديث إنما ورد في معرض الإنكار على أهل
الجاهلية لا الإقرار، كما بيناه عند الحديث السابق. ولعل ما جاء بصيغة الجزم إنما
هو من تصرف بعض الرواة إذ رواه بالمعنى، والله تعالى أعلم.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٩٧٢.
وأخرجه بصيغة المصنف هنا بالجزم:
البخاري (٢٨٥٨) و(٥٠٩٣) و(٥٧٥٣) و(٥٧٧٢)، ومسلم (٢٢٢٥)، وابن ماجه (١٩٩٥)،
والترمذي (٣٠٣٤) و(٣٥٣٥)، والنسائي (٣٥٦٩) من طريق ابن شهاب الزهري، عن حمزة وسالم
ابني عبد الله بن عمر -وبعضهم رواه عن الزهري بذكر سالم فقط دون حمزة، وصححه
الترمذي كذلك- عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري (٥٠٩٤)، ومسلم (٢٢٢٥)
من طريق محمد بن زيد بن عبد الله ابن عمر، ومسلم (٢٢٢٥) من طريق عتبة بن مسلم، عن
حمزة بن عبد الله بن عمر، كلاهما (محمد بن زيد وحمزة) عن ابن عمر بلفظ: «إن كان
الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس».
وانظر معنى هذا الحديث عند الحديث
السالف قبله.
وقال الإِمام العيني في «عمدة
القاري» ١٤/ ١٥٠ عند الرواية: «إنما الشؤم في ثلاثة ...»: هذا الحديث متروك
الظاهر، لأجل قوله ﷺ: «لا طيرة»، وهي نكرة في =
٣٩٢٢/ ٢ - قُرِئ على الحارث بن مسكين -وأنا شاهدٌ-:
أخْبَرَك ابنُ القاسم، قال سُئِلَ
مالكٍ عن الشؤم في الفرس والدار، قال: كم مِنْ دَارٍ سَكَنَها ناسٌ فهلَكُوا، ثم
سَكَنها آخرون فهَلَكُوا، فهذا تفسيرُه فيما نُرى، والله أعلم (١).
قال أبو داود: قال عمرُ رضي الله عنه:
حَصِيرٌ في البيتِ خَيْرٌ من امرأةٍ
لا تَلِدُ (٢).
٣٩٢٣
- حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ وعبَّاس
العنبريُّ -المعنى-، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن يحيى بن عبدِ
الله بن بحيرٍ، قال:
= سياق النفي فتعم الأشياء التي يتطير
بها، ولو خلينا الكلام على ظاهره لكانت هذه الأحاديث ينفي بعضها بعضًا، وهذا مُحال
أن يُظن بالنبي ﷺ مثل هذا الاختلاف من النفي والإثبات في شيء واحد ووقت واحد،
والمعنى الصحيح في هذا الباب نفي الطيرة بأسرها بقوله: «لا طيرة» فيكون قوله عليه
الصلاة والسلام: «إنما
الشؤم في ثلاثة» بطريق الحكاية عن أهل الجاهلية، لأنهم كانوا يعتقدون الشؤم في هذه
الثلاثة، لا أن معناه أن الشؤم حاصل في هذه الثلاثة في اعتقاد المسلمين، وكانت
عائشة تنفي الطيرة ولا تعتقد منها شيئًا، حتى قالت لنسوة كن يكرهن الابتناء
بأزواجهن في شوال: ما تزوجني رسول الله ﷺ إلا في شوال ولا بني بي إلا في شوال، فمن
كان أحظى مني عنده، وكان يستحب أن يدخل على نسائه في شوال ... ثم ذكر حديث عائشة
في اعتراضها على أبي هريرة إذ روى عن النبي ﷺ أنه قال: «الطيرة في المرأة والدار
والفرس».
(١)
رجاله ثقات، ابن القاسم: هو عبد الرحمن. والصحيح في معنى هذا الحديث ما سلف ذكره
عند الحديثين السالفين.
(٢)
ما نقله أبو داود هنا عن عمر بن الخطاب أثبتناه من هامش (هـ). وهذا الأثر أخرجه
ابن أبي الدنيا في «العمر والشيب» (٧٩)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد
١٢/ ٣٧٧ وإسناده عند الخطيب صحيح.
أخبرني مَنْ سَمعَ فَرْوةَ بن
مُسَيْكٍ، قال: قلتُ: يا رسولَ الله ﷺ ِ، أرض عندنا يقال لها: أرضُ أبينَ هي أرضُ
رِيفنِا وميرتنا وإنها وبئَةٌ -أو قال: وباؤها شديدٌ -، فقال النبي ﷺ:، دَعْها
عنك، فإن مِنَ القَرَفِ التَّلَفَ» (١).
٣٩٢٤
- حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى الأزدُني،
حدَّثنا بِشرُ بنُ عُمَرَ، عن عِكرمةَ ابنِ عمار، عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله بنِ أبي
طلحةَ
عن أنس بنِ مالكٍ، قال: قال رجلٌ: يا
رسولَ اللهِ، إنَّا كُنَّا في دارٍ، كثيرٌ فيها عَدَدُنا، وكثيرُ فيها أموالُنا،
فتحوَّلنا إلى دارٍ أخرى، فقلَّ فيها عَدَدُنَا، وقَلَّت فيها أموالُنا، فقال
رسولُ الله ﷺ ِ: «ذَرُوها ذَمِيمَةً» (٢).
(١) إسناده ضعيف، لإبهام الرجل الذي سمع فروة
بن مُسيك، وجهالة يحيى بن عبد الله بن بَحير.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٢٠١٦٣)،
ومن طريقه أحمد (١٥٧٤٢)،
والبخاري في التاريخ «الكبير»، ٨/
٢٨٦، وإبراهيم الحربي في «غريب الحديث» ٢/ ٣٦٥، والبيهقي في السنن الكبرى، ٩/ ٣٤٧،
وفي «شعب الإيمان» (١٣٦٥)، والمزي في ترجمة فروة بن مسيك من «تهذيب الكمال» ٢٣/
١٧٧.
وأخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة»
٢/ ٣٣٧، وأبو الشيخ في «الأمثال» (٣٠٥) من طريق عبد الله بن معاذ الصنعاني، عن
معمر، عن يحيى بن عبد الله عن فروة. لم يذكر فيه الراوي المبهم.
قال الخطابي: ذكر القتبي (هو ابن
قتيبة) هذا الحديث في كتابه وفسّرهُ، قال: القرف: مداناة الوباء ومداناة المرض.
(٢)
إسناده ضعيف، عكرمة بن عمار قد انفرد بهذا الإسناد، ولا يحتمل تفرُّد مثله، ولهذا
قال البخاري في «الأدب المفرد»: في إسناده نظر. وقد رواه مالك، عن يحيى بن سعيد
الأنصاري مرسلًا. ورواه الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن
شداد مرسلًا أيضًا. =
٣٩٢٥ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا يونسُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا مُفَضَّلُ ابنُ فَضَالةَ، عن حبيبِ بنِ الشهيدِ،
عن محمدِ بنِ المنكدرِ
عن جابِرٍ: أن رسولَ الله ﷺ أخذ بيدِ
مَجْذوُمٍ فوضَعَها مَعَه في
= وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد»
(٩١٨)، والطبري في مسند علي من «تهذيب الآثار» ص ٢٥، والبيهقي ٨/ ١٤٠ من طريق
عكرمة بن عمار، به.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب عند
البيهقي في «شعب الإيمان» (١٣٦٢) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن السائب بن
يزيد وعُبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر، قال
البيهقي: هذا الحديث بهذا الإسناد غلط.
قلنا: وذلك لأنه روي بهذا الإسناد
حديثان، وهذا الثاني منهما جاء موصولًا بالأول، وإنما الإسناد للأول، كما رواه
جماعة عن يونس فلم يذكروا حديثنا هذا.
قلنا: قد رواه عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٩٥٢٦)، ومن طريقه اليهقي ٨/ ١٤٠ عن معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن
نوفل، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، مرسلًا ورجاله ثقات.
وخالف معمرًا صالحُ بن أبي الأخضر
عند البزار (٣٠٥١ - كشف الأستار)، والطبري في «تهذيب الآثار» في مسند علي ص ٢٦،
فرواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. قال البزار: أخطأ فيه عندي صالح، إنما يرويه
الزهري، عن عبد الله بن عبد الله ابن الحارث، عن عبد الله بن شداد مرصلًا. قلنا:
صالح بن أبي الأخضر ضعيف الحديث.
وعن عبد الله بن مسعود عند البيهقي
في «شعب الإيمان» (١٣٦٣) وإسناده ضعيف.
وعن سهل بن حارثة عند البخاري في
«التاريخ الكبير» ٤/ ١٠٠، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢١٦٠) والطبراني في
«الكبير» (٥٦٣٩) وهو مرسل كما قال البخاري، وقال ابن حبان في ترجمته في «الثقات»:
يروي المراسيل.
وفي الباب أيضًا عن يحيى بن سعيد
الأنصاري عند مالك في «موطئه» ٢/ ٩٧٢ مرسلًا. ورجاله ثقات.
القَصْعَةِ، وقال: «كُلْ، ثَقةً
بالله وتوكُّلًا عَلَيْهِ» (١)
آخر كتاب الطب
(١) إسناده ضعيف لضعف مُفضَّل بن فضالة، وقال
ابن عدي في ترجمته في «الكامل» لم أر في حديثه أنكر من هذا الحديث الذي أمليتُه،
وقال الدارقطني في «الغرائب والأفراد» كما في «أطرافه» لابن طاهر المقدسي (١٦٧٨):
تفرد به مفضل بن فضالة، أخو مبارك، عن حبيب بن الشهيد. قلنا: وخالفه شعبة بن
الحجاج، فرواه عن حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة، أن عمر أخذ بيد مجذوم.
قال الترمذي: حديث شعبة أشبه عندي وأصح، وقال العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٢٤٢ - ٢٤٣
بعد أن أسنده لكن جعله عن سلْمان بدل عمر: أنه كان يعمل بيديه ثم يشتري طعامًا، ثم
يبعث إلى المجذمين فيأكلون معه. قال: هذا أصل الحديث، وهذه الرواية أولى.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٤٢)، والترمذي
(١٩٢٠) من طريق مفضل بن فضالة، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦١٢٠).
وأخرج ابن سعد في الطبقات ٤/ ٨٩،
وابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (٣٢١)، والعُقيلي في «الضعفاء الكبير» ٤/ ٢٤٢،
وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ١/ ٢٠٠، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٢١/ ٤٤٠ من طريق
شعبة بن الحجاج، والطبري في «تهذيب الآثار» في «مسند علي» ص ٢٩ من طريق سفيان بن
حبيب، كلاهما (شعبة وسفيان بن حبيب) عن حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة
يقول: كان سلمان يعمل بيديه، ثم يشتري طعامًا، ثم يبعث إلى المجذمين فيأكلون معه.
وهذا إسناد رجاله ثقات.
وقد ثبت في الصحيح ما يخالفه: منها
ما رواه البخاري في «صحيحه» تعليقًا بصيغة الجزم (٥٧٠٧) عند أبي هريرة يقول: قال
رسول الله ﷺ: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة
ولا صفر وفِرَّ من المجذُوم ما تفر
من الأسد» قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ١٦٧: لم يصله البخاري في موضع آخر ..، وقد
وصله أبو نعيم من طريق أبي داود الطيالسي وأبي قتيبة سَلْم بن قتيبة.
وأخرج أحمد (١٩٤٦٨)، ومسلم (٢٢٣١)،
وغيرهما من طريق عمرو بن الشريد، عن أبيه قال: كان في وقد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل
إليه النبي ﷺ: «إنا قد بايعناك فارجع». لفظ مسلم.