recent
آخر المقالات

أول كتاب الأطعمة

 

١ - باب ما جاء في إجابة الدعوة (١)
٣٧٣٦ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن نافع
عن عبدِ الله بن عُمر، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إذا دُعِيَ أحدُكُم إلى الوَليمَة فَلْيَأتِها» (٢).



(١) لفظ عنوان هذا الباب في رواية ابن العبد: باب استحباب إجابة الدعوة.
(٢) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٥٤٦، ومن طريقه أخرجه البخاري (٥١٧٣)، ومسلم (١٤٢٩)،والنسائي في «الكبرى» (٦٥٧٣).
وأخرجه البخاري (٥١٧٩)، ومسلم (١٤٢٩) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم (١٤٢٩)، والترمذي (١١٢٣) من طريق إسماعيل بن أمية، ومسلم (١٤٢٩) من طريق عمر بن محمد، ثلاثتهم عن نافع، عن ابن عمر. لفظ موسى بن عقبة: «أجيبوا هذه الدعوة إذا دُعيتم»، ولفظ إسماعيل بن أمية: «ائتوا الدعوة إذا دعيتُم»، ولفظ عمر بن محمد: «إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا».
وهو في «مسند أحمد» (٤٧١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٩٤).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٣٧٣٧ - ٣٧٣٩) و(٣٧٤١).
قال الإِمام الشافعي في «الأم» ٦/ ١٨١: إتيان دعوة الوليمة حق، والوليمة التي تعرف وليمة العرس، وكل دعوة كانت على إملاك أو نفاس، أو ختان أو حادث سرور، دُعِيَ إليها رجلٌ فاسمُ الوليمة يقع عليها، ولا أرخص لأحد في تركها، ولو تركها لم يبن لي أنه عاصٍ في تركها كما يبين في وليمة العُرس.
ونحو هذا ما قاله ابن عبد البر في «التمهيد»١/ ٢٧٢، وأخرج عبد الرزاق في «المصنف» (١٩٦٦٣): أن ابن عمر دُعي يومًا إلى طعام، فقال رجل من القوم: أما أنا فأعفني من هذا، فقال له ابن عمر: لا عافية لك من هذا فقم. وصحح إسناده الحافظ =

٣٧٣٧ - حدَّثنا مَخْلَدُ بنُ خَالدِ، حَدثنا أبو أُسَامَةَ، عن عُبَيدِ الله، عن نافعٍ
عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ، بمعناه، زاد «فإنْ كانَ مُفْطِرًا فليَطْعَمْ، وإن كان صائمًا فلْيَدْعُ» (١).
٣٧٣٨ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن أيوبَ، عن نافع
عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا دَعَا أحدُكُم أخاه فَلْيُجِبْ، عُرسًا كان أو نَحْوَهُ» (٢).


= في «الفتح» ٩/ ٢٤٧ وهو كما قال، وهذا يدل على أن ابن عمر فهم من الخبر عموم
الدعوة كما قال المناوي في «فيض القدير» ٦/ ١٢٦ وانظر الحديث الآتي (٣٧٣٨).
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعُبيد الله: هو ابن عمر العمري.
وأخرجه مسلم (١٤٢٩) من طريق خالد بن الحارث، ومسلم (١٤٢٩)، وابن ماجه (١٩١٤) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن عُبيد الله، به. ولفظ حديث خالد كلفظ حديث مالك السابق، لكنه زاد: فإذا عُبيد الله ينزله على العُرس، وأما ابن نمير فلفظه: «إذا دُعي أحدكم إلى وليمة عُرس فليُجب».
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٣٠).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو الخَلاّل الحُلْواني.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٩٦٦٦)، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٤٢٩).
وأخرجه مسلم (١٤٢٩) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به بلفظ: «ائتوا الدعوة إذا دُعيتُم».
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٨٩).
وانظر ما سلف (٣٧٣٦).
وانظر ما بعده.

٣٧٣٩ - حدَّثنا ابنُ المصفَّى، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثنا الزبيديُّ، عن نافعٍ، بإسنادِ
أيوبَ ومعناه (١).
٣٧٤٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن أبي الزبيرُ عن جابر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ، فإنْ شاء طَعِمَ، وإنْ شاءَ تَرَكَ» (٢).
٣٧٤١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا دُرُسْتُ بن زياد، عن أبانَ بن طارق، عن نافع، قال: قال عبدُ الله بن عُمَرَ: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ دُعِيَ فلم يُجِبْ فقد عَصَى اللهَ ورَسُولَه، ومَن دخلَ على غير دَعوَةِ دخلَ سارِقًا وخرجَ مُغيرًا» (٣).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- لكنه قد توبع.
وأخرجه مسلم (١٤٢٩) (١٠١) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٣٧٣٦).
(٢) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد
صرح بسماعه من جابر عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٠٣٠).
وأخرجه مسلم (١٤٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٧٥) من طريق سفيان الثوري، ومسلم (١٤٣٠)، وابن ماجه (١٧٥١) من طريق ابن جريج، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر. زاد ابن ماجه في روايته: «من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب ...».
وهو في «مسند أحمد» (١٥٢١٩).
وانظر ما سلف برقم (٣٧٣٦).
(٣) إسناده ضعيف لضعف دُرُسْت بن زياد، وجهالة أبان بن طارق، وقد توبع دُرُست، فتبقى جهالة أبان بن طارق، وقال ابن عدي في «الكامل» في ترجمته: ليس له أنكر من هذا الحديث. قلنا: لكن قوله في الحديث: «من دعي فلم يُجب فقد عصى الله ورسوله» صحيح من قول أبي هريرة الآتي بعده. =

قال أبو داود: أبانَ بنُ طارقٍ مجهول (١).
٣٧٤٢ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابِ، عن الأعرج عن أبي هريرة، أنه كان يقول: شَرُّ الطَّعام طعامُ الوليمة، يُدْعَى لها الأغنياءُ ويُتْرَكُ المَساكِينُ، ومَنْ لم ياتِ الدَّعوةَ، فقَدْ عَصَى الله ورسوله (٢).


= وأخرجه البزار (١٢٤٥ - كشف الأستار)، والعقيلي في «الضعفاء» ٢/ ١٦١، وابن حبان في «المجروحين» ١/ ٢٩٤، وابن عدي في «الكامل» في ترجمة أبان بن طارق ١/ ٣٨١ وفي ترجمة درُست ٣/ ٩٦٨، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٥٢٧) و(٥٢٨) و(٥٢٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٧/ ٦٨ و٢٦٥، وفي «شعب الإيمان» (٩٦٤٧) و(٩٦٤٨)، وفي «الآداب» (٥٦٨)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٨٧١)، والمزي في لأتهذيب الكمال«في ترجمة دُرست بن زياد ٨/ ٤٨٥ من طريق دُرُست بن زياد، وابن عدي ١/ ٣٨٠، ومن طريقه ابن الجوزي في»العلل المتناهية«(٨٧٠) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن أبان بن طارق، به.
وفي الباب عن عائشة عند البزار (١٢٤٤ - كشف الأستار)، والطبراني في»الأوسط«(٨٢٧٠) وابن عدي في»الكامل«في ترجمة يحيى بن خالد أبي زكريا ٧/ ٢٧٠٣ ولفظه:»من دخل على قوم لطعام لم يُدع له، دخل فاسقًا وأكل حرامًا، قال ابن عدي: حديث منكر، لا يرويه عن روح غير يحيى بن خالد، وهو من مجهولي شيوخ بقية، ولا أعلم رواه عن يحيى هذا غير بقية.
وعن سمرة بن جندب عند البزار (١٢٤٦ - كشف الأستار) أن رسول الله ﷺ كان ينهى إذا دعي الرجلُ إلى طعام أن يدعو معه أحدنا أو أحدًا، إلا أن يأمره أهل الطعام.
وإسناده مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.
(٢) إسناده صحيح موقوفًا. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وابن شهاب: هو الزهري، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. =

٢ - باب استحباب الوليمة عند النكاح
٣٧٤٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، وقتَيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا حمادٌ
عن ثابت، قال: ذُكِرَ تزويج زينَب بنتِ جَحْشِ عند أنسِ بنِ مالك، فقال: ما رأيتُ رسولَ الله ﷺ أوْلَمَ على أحدٍ مِن نسائه ما أوْلَمَ عليها، أولَم بِشَاةٍ (١).


= وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٥٤٦، ومن طريقه أخرجه البخاري (٥١٧٧)، ومسلم (١٤٣٢)، وأخرجه مسلم (١٤٣٢)، وابن ماجه (١٩١٣) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (١٤٣٢) من طريق معمر، ثلاثتهم (مالك وابن عيينة ومعمر) عن ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه مسلم (١٤٣٢) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، به.
وأخرجه أيضًا (١٤٣٢) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه (١٤٣٢) من طريق ثابت الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ فرفعه!
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٠٤) و(٥٣٠٥) وقال ابن حبان: قال لنا ابن قتيبة: عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ، وأنا قصّرتُ به، لأن أصحاب الزهري كلهم كذا قالوا موقوفًا، والمسند هو آخر الحديث: ومن لم يُجب الدعوة.
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وثابت: ابن أسلم البُناني.
وأخرجه البخاري (٥١٦٨)، ومسلم (١٤٢٨)، وابن ماجه (١٩٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٧) من طريق حماد بن زيد، به.
وأخرجه ضمن قصة زواجه ﷺ بزينب مسلم (١٤٢٨) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، به ... قال: ولقد رأيتنا أن رسولَ الله ﷺ أطعمنا الخبزَ واللحمَ حين امتد النهار.
وأخرجه مسلم (١٤٢٨) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٨) من طريق عيسى بن طهمان، كلاهما عن أنس أن رسول الله ﷺ أطعمهم خبزًا ولحمًا. =

٣٧٤٤ - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا وائلُ بن داود، عن ابنه بكر بن وائلٍ، عن الزُّهري
عن أنس بنِ مالك: أن النبيَّ ﷺ أولَمَ على صفيةَ بسَويقٍ وتَمْرٍ (١).


= وأخرج مسلم (١٤٢٨) من طريق أبي مجلز، و(١٤٢٨) من طريق ابن شهاب الزهري، و(١٤٢٨) من طريق الجعد أبي عثمان، ثلاثتهم عن أنس بقصة زواجه ﷺ بزينب، لكن الزهري وأبا مجلز أطلقا الطعام ولم يسمياه، وأما الجعد فذكر أن أم سليم صنعت حَيْسا في تور وأرسلته للنبي - فأولم عليه.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٤٣) و(١٢٧٥٩) و(١٣٣٧٨).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على سفيان - وهو ابن عُيينة- فمرة رواه كما عند المصنف هنا، ومرة رواه عن الزهري مباشرة وهو معروف بالرواية عنه، فأسقط من إسناده وائل بن داود وابنَه بكرًا، ولهذا قال الترمذي: كان سفيان بن عيينة يدلس في هذا الحديث، فربما لم يذكر فيه: عن وائل عن ابنه، وربما ذكره. قلنا: قد بيّن ابن عيينة سبب ذلك، فقد روى عنه الحميدي (١١٨٤) قوله: وقد سمعت الزهري يحدث به، فلم أحفظه، وكان بكر بن وائل يجالس الزهري معنا.
وقد روي الحديثُ مِن طرق أخرى عن أنس كما سيأتي.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٠٩)، والترمذي (١١٢٠) و(١١٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٦) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٠٦١) و(٤٠٦٤).
وأخرجه الحميدي (١١٨٤)، وأحمد (١٢٠٧٨)، وأبو يعلى (٣٥٥٩)، وابن الجارود (٧٢٧) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس.
وأخرجه ضمن قصة غزوة خيبر البخاري (٣٧١) و(٢٢٣٥) و(٤٢١٣) و(٥١٦٩)، ومسلم بإثر (١٤٢٧) وبإثر (١٤٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥٦٥) من طرق عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٩٢).

٣ - باب كم تُستحب الوليمة؟
٣٧٤٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثتى، حدَّثنا عفانُ بنُ مسلم، حدَّثنا هَمَّامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ، عن عبدِ الله بن عُثمانَ الثقفيِّ
عن رَجُلٍ أعورَ مِن ثقيف -كان يُقال له معروفًا، أي: يُثنَى عليه خيرًا، إن لم يكن اسمُه زهيرَ بنَ عثمان، فلا أدري ما اسمُه- أن النبيَّ ﷺ قال: «الوليمَةُ أوَّلَ يومٍ حَقٌّ، والثَّاني مَعْرُوفٌ، واليومُ الثالث سُمعةٌ ورِياء» (١).


(١) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عثمان الثقفي، وزهير بن عثمان مختلف في صحبته تفرد بالرواية عنه عبد الله بن عثمان. وقال البخاري فيما نقله عنه البيهقي ٧/ ٢٦١: لا يصح إسناده. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٥٦١) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (١٩٦٦٠) من طريق معمر، عن قتادة، وابن أبي شيبة ١٤/ ١٣٠ من طريق عوف الأعرابي، والنسائي (٦٥٦٢) من طريق يونس بن عُبيد، عن الحسن البصري، مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٣٢٤) و(٢٠٣٢٥).
وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني (٨٩٦٧) موقوفًا، وعند الترمذي (١١٢٢)، والبيهقي ٧/ ٢٦٠ مرفوعًا، وفيهما عطاء بن السائب كان قد اختلط، والراوي عنه زياد بن عبد الله ممن سمع منه بعد إلاختلاط كما قال الحافظ في «التلخيص» ٣/ ١٩٥.
وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (١٩١٥). وفي إسناده عبد الملك بن حسين النخعي متروك الحديث.
وعن أنس عند البيهقي ٧/ ٢٦٠ - ٢٦١. وفي إسناده بكر بن خُنيس، وهو ضعيف. =

قال قتادة: وحدثني رَجُلٌ: أنَّ سعيدَ بنَ المسيِّب دُعيَ أوَّلَ يومٍ فأجابَ، ودُعيَ اليومَ الثاني فأجابَ، ودُعيَ اليومَ الثالث، فلم يجب، وقال: أهلُ سُمْعةٍ ورِيَاء.
ْ٣٧٤٦ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هِشامٌ، عن قتادةَ
عن سعيد بن المُسيِّب، بهذه القصة، قال: ودُعيَ اليوم الثالث فلم يُجب وحَصَبَ الرسول (١).

٤ - باب الإطعام عند القدوم من السفر
٣٧٤٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن شُعبةَ، عن مُحاربِ ابن دثارٍ
عن جابرٍ، قال: لما قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ نحر جزورًا أو بقرةً (٢).

٥ - باب في الضِّيافة
٣٧٤٨ - حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن سعيد المَقبُري


= وعن وحشي عند الطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٣٦٢) وعن ابن عباس عنده أيضًا (١١٣٣١)، وقال الحافظ في «التلخيص» ٣/ ١٩٦: إسنادهما ضعيف.
والأثر الذي رواه قتادة عن رجلٍ عن سعيد بن المسيب أخرجه أحمد في «العلل» (٥٤٦٨)، والدارمي (٢٠٦٥)، والبيهقي ٧/ ٢٦٠.
(١) رجاله ثقات، إلا أن قتادة لم يسمع هذا الخبرَ من سعيد بن المسيب، وإنما أخبره عنه رجل كما في الطريق السالف قبله.
وأخرجه عبد الرزاق (١٩٦٦١) عن معمر، عن قتادة قال: دُعي ابن المسيب.
قوله: حَصَب الرسولَ، أي: رماه بالحَصْباء، وهي صغار الحصى.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٠٨٩) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢١٣).

عن أبي شُرَيحٍ الكعبىِّ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «مَنْ كان يُؤمِن بالله واليوم الآخرِ فَلْيُكرِم ضَيفَه، جائزَتُهُ يومٌ وليلة (١)، والضيافةُ ثلاثةُ أيام، وما بعد ذلك فهو صدقةٌ، ولا يَحِلُّ له أن يَثْوِيَ عنده حتى يُحْرِجَهْ» (٢).


(١) كذا جاء في (هـ): جائزته يوم وليلة، وعليها شرح الخطابي، وما نقله أشهب عن مالك بإثر الخبر يدل عليه، وكذا قال يحيى الليثي ومحمد بن الحسن وأبو مصعب الزهري في رواياتهم «للموطأ» وفي سائر أصولنا الخطية: جائزته يومه وليلته.
(٢) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قعنب، وسعيد المقبري: هو ابن كَيسان.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٩٢٩.
وأخرجه البخاري (٦٠١٩) و(٦١٣٥)، ومسلم بإثر (١٧٢٦)، وابن ماجه (٣٦٧٥)، والترمذي (٢٠٨٢) و(٢٠٨٣)، والنسائي في «الكبرى» كما في «تحفة الأشراف» ٩/ ٢٢٤ من طرق عن سعيد المقبري، به.
وأخرجه مسلم (٤٨)، وابن ماجه (٣٦٧٢) من طريق نافع بن جبير، عن أبي شريح الخزاعي. دون ذكر مدة الضيافة.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٧٠) و(١٦٣٧١) و(١٦٣٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٨٧).
قال الخطابي: قوله: «جائزته يوم وليلة» سئل مالك بن أنس عنه، فقال: يُكرمه ويُتحفه ويَخُصُّهُ ويحفظه يومًا وليلة، وثلاثة أيام ضيافة.
قلت [القائل الخطابي]: يريد أنه يتكلَّفُ له في اليوم الأول بما اتَّسع له من بر وإلطاف ويُقدم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته، ولا يزيدُ على عادته، وما كان بعد الثلاث فهو صدقة ومعروف إن شاء فعل، وإن شاء ترك.
وقوله: «ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه» يريد أنه لا يحل للضيف أن يُقيم عنده بعد الثلاث من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره فيبطل أجره. وأصل الحرج: الضيق.

قال أبو داود: قُرئ على الحارثِ بن مسكين -وأنا شاهدٌ-: أخبرَكُم أشهبُ، قال: وسُئِلَ مالكٌ عن قولِ النبي ﷺ: «جائزتُه يوم وليلةٌ»، فقال: يُكرِمُه ويُتْحِفُه ويخُصُّهُ ويحفظه يوماَ وليلةً، وثلاثة أيام ضيافةً.
٣٧٤٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، ومحمدُ بنُ مَحبوبٍ، قا لا: حدَّثنا حمادٌ، عن عاصمٍ، عن أبي صالح
عن أبي هُريرة، عن النبي ﷺ قال: «الضيافةُ ثلاثةُ أيامٍ، فما سوى ذلك فهو صدقةٌ» (١).
٣٧٥٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وخلفُ بنُ هشامٍ المُقرئ، قالا: حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن منصورٍ، عن عامر


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجود- ولكنه متابع. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه أحمد (٨٦٤٥) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٤٧٧، وأحمد (٧٨٧٣) و(٩٥٦٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٧٤٢)، والبيهقي ٧/ ١٩٧ من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، والطيالسي (٥٢٦٠)، وابن راهويه (٣٠٥)، والبخاري في «تاريخه»الكبير«تعليقًا ٣/ ٣٦٧، والبزار (١٩٣٠ - كشف الأستار) وأبو يعلى (٦١٣٤) من طريق زياد بن أبي المغيرة، وأحمد (١٠٦٢٨) من طريق محمد بن سيرين، وابن حبان (٥٢٨٤)، وأبو يعلى (٦٥٩٠) من طريق سعيد المقبري، وأبو يعلى (٦٢١٨) من طريق أبي حازم، خمستهم عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في»الجعديات" (١٦٤٧) من طريق داود بن فراهيج، عن أبي هريرة من قوله موقوفًا عليه.

عن أبي كريمة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ليلةُ الضَّيفِ حَقٌّ على كُلِّ مُسلمٍ، فمن أصبحَ بفِنائِهِ، فهو عليه دَيْنٌ، إن شاءَ اقْتَضَى، وإن شاءَ تَرَكَ» (١).
٣٧٥١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبةَ، حَدَّثني أبو الجُوديِّ، عن سعيدِ بن أبي المُهاجر
عن المقدامِ أبي كَريمةَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أيُّما رَجُلٍ أضاف قومًا فأصْبَحَ الضَّيفُ مَحرومًا فإنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ على كلِّ مُسْلِمٍ حتى يأخُذَ بقِرى لَيلتِه من زَرْعِهِ ومَالِهِ» (٢).
٣٧٥٢ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن أبي الخير


(١) إسناده صحيح. أبو كريمة: هو المقدام بن معدي كرب، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٧٧) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧١٧٢).
قال الخطابي: وجه ذلك أنه رآها حقًا من طريق المعروف والعادة المحمودة، ولم يزل قرى الضيف وحسن القيام عليه من شيم الكرام وعادات الصالحين، ومنع القرى مذموم على الألسن وصاحبه ملوم، وقد قال ﷺ: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه».
(٢) إسناده ضعيف لجهالة سعيد بن أبي المهاجر -وقيل: ابن المهاجر-.
وأخرجه الطيالسي (١١٤٩)، وأحمد (١٧١٧٨)، والدارمي (٢٠٣٧)، والحاكم ٤/ ١٣٢، والبيهقي ٩/ ١٩٧ و١٠/ ٢٧٠، والمزي في «تهذيب الكمال» ١١/ ٨٢ - ٨٣ من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٦٦٥) من طريق أبي يحيى الكلاعي، عن المقدام. وفي إسناده أبو فروة يزيد بن سنان ضعيف الحديث.

عن عُقبة بن عامر، أنه قال: قلنا: يا رسولَ الله ﷺ، إنك تَبْعَثُنا فننزِلُ بقوم، فلا يَقرُونَنَا، فما ترى؟ فقالَ لنَا رسولُ الله ﷺ: «إنْ نَزَلتُمْ بقوْمٍ فأمَرُوا لكم بما يَنْبَغي للضَّيْفِ فأقبَلُوا، فإن لم يَفْعَلُوا فخُذُوا منهم حَقَّ الضَّيْفِ الذي ينبغِي لَهمْ» (١).
قال أبو داود: وهذه حجة للرجلِ يأخذ الشيء يعني إذا كان له حقٌّ (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني، والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البخاري (٢٤٦١) و(٦١٣٧)، ومسلم (١٧٢٧)، وابن ماجه (٣٦٧٦) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الترمذي (١٦٧٩) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣٤٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٨٨).
قال الحافظ في «الفتح» ٥/ ١٠٨: وظاهر هذا الحديث أن قرى الضيف واجب، وأن المنزول عليه لو امتنع من الضيافة أخذت منه قهرًا، وقال به الليث بن سعد مطلقًا، وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى، وقال الجمهور: الضيافة سنة مؤكدة، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة، أحدها: حمله على المضطرين، ثم اختلفوا: هل يلزم المضطر العوض أم لا ... وأشار الترمذي إلى أنه محمول على من طلب الشراء محتاجًا فامتنع صاحب الطعام، فله أن يأخذ منه كرهًا، قال: وروي نحو ذلك في بعض الحديث مفسرًا.
ثانيها: أن ذلك كان في أول الإسلام، وكانت المواساة واجبة، فلما فتحت الفتوح، نسخ ذلك.
ثالثها: أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام.
رابعها: أنه خاص بأهل الذمة، وأقوى الأجوبة الأول.
وانظر: «نيل الأوطار» ٩/ ٣٨، فقد ذهب إلى وجوبها مطلقًا وهو مذهب الليث ابن سعد.
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

٦ - باب نَسْخ الضِّيق في الأكل من مال غيره (١)
٣٧٥٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المَزوَزيُّ، حدَّثني عليُّ بنُ الحُسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيدَ النحوي، عن عِكْرمَة
عن ابنِ عباس، قال: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء:٢٩] فكان الرجل يتحرَّجُ أن يأكُلَ عندَ أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخَ ذلك الَايةُ التي في النور، قال: ﴿ليس عليكم جُناح أن تأكُلُوا من بُيوتكم﴾ (٢) إلى قوله: ﴿أشْتَاتًا﴾ كان الرجلُ الغنيُّ يَدْعُو الرَّجلَ مِن أهله إلى الطعام، فقال: إني لأتجَنَّحُ أن آكُلَ منه -والتَّجَنُّح: الحرج- ويقول: المسكينُ أحقُّ به مني، فاُحِلَّ في ذلك أنْ يأكُلُوا مما ذُكِرَ اسمُ الله عليه، وأُحِلَّ طعامُ أهلِ الكتاب (٣).


(١) هكذا جاءت ترجمة هذا الباب في (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها رواية ابن العبد. قلنا: ونسخة (هـ) عندنا برواية ابن داسه، فالمثبت إذًا هو رواية ابن العبد وابن داسه. قال العظيم آبادي في «شرحه»: هذه النسخة أولى النسخ المذكورة كلها، قال: وهذه أعم النسخ، لأن الحُرمة في هذه النسخة مطلقة غير مقيدة بالضيافة بخلاف النسخ الأخرى، وهذه النسخة التي ينطبق عليها حديث الباب انطباقًا تامًّا.
(٢) قال في «عون المعبود»: ليست التلاوة هكذا، فهذا النقل الذي في الكتاب إنما هو نقل بالمعنى لا باللفظ. قلنا: والتلاوة: ... ﴿وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ﴾.
(٣) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد، فقد روى عنه جمع من الحفاظ. وقال النسائي: ليس به بأس، ووصفه الحافظ الذهبي في «السير» بالإمام المحدث الصدوق، وبأنه كان عالمًا صاحب حديث كأبيه، ويغلب على ظننا أن تضعيف أبي حاتم والعقيلي له للإرجاء، كالذي نقله البخاري عن إسحاق بن راهويه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وليس ذلك بجرح، لأن الإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة مِسعَر بن كدام من «الميزان»، والله تعالى أعلم.
يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد أبو الحسن القرشي مولاهم، وأحمد بن محمد المروزي: هو أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، ابن شبُّويه.
وأخرجه البيهقي ٧/ ٢٧٤ من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ٥/ ٣١ عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي ضعيف الحديث.
وأخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٤٤٣)، والطبري ١٨/ ١٦٨، وأبو جعفر النحاس في معاني القرآن، ٤/ ٥٥٨، وفي «الناسخ والمنسوخ» ص ٢٣٦ - ٢٣٧، وأبو بكر الجصاص في «أحكام القرآن» ٣/ ٣٣٤ من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
وقد خالف ابنَ عباس في دعوى النسخ عبدُ الله بن مسعود كما رواه عنه ابن أبي حاتم، والطبراني في «الكبير» (١٠٠٦١)، فقال في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] قال: إنها محكمة ما نُسخت. وصحح إسناده الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» ٢/ ٤٩٤، وهو كما قال.
وقال مكي بن أبي طالب في «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه» ص ٢٢٥: روي من طريق ابن عباس، وهو غير صحيح عنه. قلت [القائل مكي]: وهذا لا يجوز أن يُنسخ، لأن أكل الأموال بالباطل لا يُنسخ إلا إلى جواز ذلك، وجوازه لا يحسُن ولا يحل، فأما من أكلت ماله بطيب نفسه من قريب أو صديق فهو جائز، وليس ذلك من أكل الأموال بالباطل في شيء. والآية في النساء وهي في النهي عن أكل مال غيرك من غير طيب نفسه، فهو من أكل المال بالباطل. والآية في النور هي في جواز أكل مال غيرك عن طيب نفسه، وذلك جائز.
فالآيتان في حكمين مختلفين، لا تنسخ إحداهما الأخرى، فلا مدخل لذكرهما في هذا الباب.=

٧ - باب في طعام المتبارِيَين
٣٧٥٤ - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا جريرُ بنُ حازم، عن الزُّبير بن خِرِّيتٍ، سمعتُ عِكرمة يقول:
كان ابنُ عباسِ يقول: إن النبيَّ ﷺ نَهَى عن طَعامِ المُتبارِيَيْنِ أن يُؤكَلَ (١).


= وقال ابن الجوزي في «نواسخ القرآن» ص ٤١٣: وقد زعم بعضهم أنها (أي آية النور) منسوخة بقوله: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ وليس هذا بقول فقيه.
تنبيه: جاء في هامش (هـ) عند هذا الباب ما نصه: حدَّثنا محمد بن المثنى، حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن عامر، عن أبي عياض قال: قال عمر بن الخطاب: إذا مر أحدكم بالحائط فليأكل ولا يتخذه خُبْنَةً. ولم نتبين من أي الروايات هو، فلم يرد في غير هامش (هـ) ولم ينبه عليه المزي في «الأطراف».
(١) إسناده صحيح. وقد صححه ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والأيهام» ٥/ ٤٢٨ رادًّا على عبد الحق الإشبيلي إذ قال عقبه في «الأحكام الوسطى» ٤/ ٦٦: أكثر من رواه لم يذكر ابن عباس.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ٧/ ٢٧٤ من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي في الكامل«٢/ ٥٠٩ و٥٥١، والبيهقي في»شعب الإيمان«(٦٠٦٧) من طريق بقية بن الوليد، حدثني ابن المبارك، وأبو الفتح الأزدي في»من وافق اسمه اسم أبيه«ص ٢٨ - ٢٩ من طريق عباد بن عباد المهلبي، كلاهما (ابن المبارك وعباد) عن جرير بن حازم، به.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في»الجعديات«(٣٢٥٧) عن علي بن الجعد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن خريت، عن عكرمة مرسلًا.
وأخرجه موصولًا الطبراني في»الكبير«(١١٩٤٢)، والحاكم ٤/ ١٢٨ - ١٢٩ من طريق هارون بن موسى النحوي، وأبو نعيم في»أخبار أصبهان" ١/ ٢٢٢ من طريق عبد الله ابن عبد الله، كلاهما عن الزبير بن خريت (وتحرف في مطبوع الحاكم إلى: ابن الحارث)، عن عكرمة، عن ابن عباس، وصحح إسناده الحاكم وسكت عنه الذهبي. =

قال أبو داود: أكثرُ من رواه عن جريرٍ لا يذكرُ فيه ابنَ عباس، وهارون النحوي ذكر فيه ابن عباس أيضًا، وحماد بنُ زيد لم يذكر ابنَ عباس.

٨ - باب إجابة الدعوة إذا حضَرها مكروه
٣٧٥٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سعيد بن جَمْهَان
عن سفينة أبي عبد الرحمن: أن رجلًا أضافَ عليَّ بن أبي طالب، فصَنَعَ له طَعامًا، فقالت فاطمة: لو دعونا رسولَ الله ﷺ فأكَلَ مَعَنا، فدَعَوْه، فجاءَ، فوضَعَ يَدَه على عِضَادتَي الباب، فرأى القِرَام قد ضُرِبَ به في ناحية البيت، فرَجَعَ، فقالتْ فاطمةُ لعليٍّ: الحقْهُ فانْظر ما رَجَعَه، فتبعتُه، فقلت: يا رسولَ الله، ما ردَّك؟ قال: «إنه ليس لي -أو لنبيٍّ- أن يدخلَ بيتًا مُزوَّقًا» (١).


= وأخرجه موصولًا أيضًا الخطيب في «تاريخ بغداد» ٣/ ٢٤٠ من طريق عاصم بن هلال إمام مسجد أيوب السختياني، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعاصم وإن كان فيه لين، يعتبر به في المتابعات والشواهد.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن لال في «زهر الفردوس» (٩٧/ ٤ - هامش مسند الفردوس)، وابن السماك في «جزئه» ورقة ٦٤/ ١، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٠٦٨)، وإسناده صحيح، ولفظه: «المتباريان لا يُجابان، ولا يؤكل طعامهما».
قال الخطابي: المتباريان: المتعارضان بفعلهما، يقال: تبارى الرجلانِ إذا فعل كُلُّ واحد منهما مثل فعلِ صاحبه ليرى أيهما يغلب صاحبه، وإنما كره ذلك لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه داخل في جملة ما نهى عنه من أكل المال بالباطل.
(١) إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان، فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٦٠) من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٩٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٣٥٤). =

٩ - باب إذا اجتمع. الداعيان، أيُّهما أحق؟
٣٧٥٦ - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، عن (١) عبد السَّلام بن حَرْبٍ، عن أبي خالد الدَّالاني، عن أبي العلاء الأودِيِّ، عن حُمَيد بن عبدِ الرحمن الحِمْيري
عن رَجُلِ من أصحابِ النبيَّ ﷺ، أن النبيَّ ﷺ قال: «إذا اجْتمَعَ الدَّاعيان، فأَجِبْ أقربَهما بابًا، فإنَّ أقربَهما بابًا أقربُهما جِوارًا، وإن سَبقَ أحدُهما فَأجِبِ الذي سَبَقَ» (٢).

١٠ - باب إذا حضرت الصلاةُ والعَشَاء
٣٧٥٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ومُسدَّدٌ -المعنى، قال أحمد ُ:- حدَّثني يحيى، عن عُبيدِ الله، قال؟ حدَّثني نافِعٌ
عن ابنِ عمر، عن النبي ﷺ قال: «إذا وُضِعَ عَشَاءُ أحدكم وأُقيمَتِ الصَّلاةُ، فلا يَقومُ حَتى يَفرُغَ». زاد مُسدَّد: وكان عبدُ الله إذا


= القِرام: الستر، وفي رواية أخرى أنه كان سترًا موشًّى، كره الزينة والتصنع.
ونقل صاحب «بذل المجهود» عن المولى محمد يحيى رحمه الله قوله: ولعل القِرام كان فيه تصاوير أو لأنه عُلِّقَ في غير محله من نحو جدارٍ مما نهى عنه ﷺ.
قال الخطابي: وفيه دليل على أن من دُعي إلى مدعاة يحضرها الملاهي والمنكر، فإن الواجبَ عليه أن لا يُجيب.
(١) في (أ) وحدها: حدَّثنا عبد السلام بن حرب.
(٢) إسناده حسن من أجل أبي خالد الدالاني -وهو يزيد بن عبد الرحمن. أبو العلاء الأودي: هو داود بن عبد الله.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (١٣٦٨)، وأحمد (٢٣٤٦٦)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار، (٢٧٩٨)، والبيهقي ٧/ ٢٧٥، وابن الأثير في»أسد الغابة" ٦/ ٤١٣ - ٤١٤ من طريق عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد.

وُضِعَ عَشاؤُه -أو حَضَر عشاؤُه- لم يَقُمْ حتَّى يَفْرُغَ، وإن سَمِعَ الإقامَةَ، وإن سمع قراءةَ الإِمام (١).
٣٧٥٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ حاتم بن بَزِيعٍ، حدَّثنا مُعلَّى -يعني ابنَ منصور- عن محمد بن ميمونِ، عن جعفرِ بن محمد، عن أبيه
عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا تُؤخَّرُ الصلاةُ لطعامٍ ولا لغَيرِهِ» (٢).
٣٧٥٩ - حدَّثنا عليُّ بنُ مُسلم الطُوسيُّ، حدَّثنا أبو بكير الحنفيُّ، حدَّثنا الضحاكُ بنُ عثمان
عن عبدِ الله بن عُبيد بن عُميرِ، قال: كنتُ مع أبي في زمان ابنِ الزبير إلى جنب عبدِ الله بن عمر، فقال عَبَّادُ بنُ عبدِ الله بن الزبير: إنَّا


(١) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه البخاري (٦٧٣)، ومسلم (٥٥٩)، والترمذي (٣٥٤) من طريق عبيد الله ابن عمر، والبخاري (٥٤٦٤)، ومسلم (٥٥٩)، وابن ماجه (٩٣٤) من طريق أيوب السخياني، والبخاري تعيقًا (٦٧٤)، ومسلم (٥٥٩) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم (٥٥٩) من طريق ابن جريج، أربعتهم عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٢٠٦٧).
قال الترمذي: وعليه العمل عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ منهم أبو بكر وعمر. وابن عمر، وبه يقول أحمد وإسحاق، يقولان: يبدأ بالعشاء، وان فاتته الصلاة في الجماعة.
(٢) إسناده ضعيف، محمد بن ميمون -وهو الزعفراني الكوفي- اختُلف فيه وثقه بعضهم وضعفه آخرون، وقد إنفرد بهذا الحديث، ولا يحتمل تفرد مثله، كيف وقد خالف حديث ابن عمر السالف وهو في «الصحيحين».
وأخرجه البيهقي ٣/ ٧٤، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة محمد بن ميمون الزعفراني ٢٦/ ٥٤٢ من طريق محمد بن ميمون، بهذا الإسناد.

سَمِعْنا أنه يُبدأ بالعَشاءِ قبلَ الصَّلاة، فقال عبدُ الله بن عمر: وَيْحَكَ! ما كانَ عشاؤُهُم؟ أتراه كان مثلَ عشاء أبيك؟١).

١١ - باب غسل اليد عند الطعام
٣٧٦٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا أيوبُ، عن عبدِ الله بن أبي مُليكة
عن عبدِ الله بن عباس: أن رسولَ الله ﷺ خرج مِن الخَلاء، فقُدِّم إليه طعامٌ، فقالوا: ألا نأتيكَ بوَضوءٍ، فقال: إنما أُمِرْتُ بالوُضُوء، إذا قُمْتُ إلى الصّلاة» (٢).


(١) أثر إسناده قوي من أجل الضحاك بن عثمان -وهو الحزامي- فهو صدوق لا بأس به. أبو بكر الحنفي: هو عبدُ الكبير بن عبد المجيد البصري.
وأخرجه البيهقي ٣/ ٧٤ من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّهَ.
وأخرجه الترمذي (١٩٥٣)، والنسائي في «المجتبى» (١٣٢) من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٠٣) من طريق سعيد بن الحويرث عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٣٢) و(٢٥٤٩) و(٣٣٨١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٠٨).
قوله: «أُمرت بالوضوء» قال المناوي في «فيض القدير» ٣/ ٢٠٠: المراد بذلك الوضوء الشرعي، وفيه رد على من زعم كراهة غسل اليد قبل الطعام وبعده، وما تمسك به من أنه من فعل الأعاجم لا يصلح حجة، ولا يدل على اعتباره دليلٌ.
وقال الإِمام النووي في «شرح مسلم»: اختلف العلماء في استحباب غسل اليد قبل الطعام وبعده، والأظهر استجابه أولًا إلا أن يتيقن من نظافة اليد من النجاسة =

٣٧٦١ - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا قيسٌ، عن أبي هاشم، عن زَاذَان
عن سلمانَ، قال: قرأت في التوراة، أنَّ بركةَ الطعامِ الوضوءُ قبلَه، فذكرتُ ذلك للنبيِّ ﷺ، فقال: «بَرَكَةُ الطعامِ الوضوءُ قَبلَه، والوضوءُ بَعدَه» (١).
وكان سفيانُ يكرهُ الوضوءَ قبل الطعام (٢).
قال أبو داود: وهو ضعيف (٣).


= والوسخ، واستحبابه بعد الفراغ إلا أن لا يبقى على اليد أثر الطعام بأن كان يابسًا ولم يمسه بها، وقال مالك رحمه الله تعالى: لا يستحب غسل اليد للطعام إلا أن يكون على اليد أولًا قذر ويبقى عليها بعد الفراغ رائحة، والله أعلم.
وقال ابن قدامة في «المغني» ١٠/ ٢١١: يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء، قال المرُّوذي: رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده لأن كان على وضوء.
(١) إسناده ضعيف كما قال المصنف، من أجل قيس بن الربيع.
وأخرجه الترمذي (١٩٥٢) من طريقين عن قيس بن الربيع، بهذا الإسناد. وقال: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس بن الربيع يضعَّف في الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٣٢).
قال المناوي في «فيض القدير» ٣/ ٢٠٠: «بركة الطعام» أي: نموه وزيادة نفعه في البدن، «الوضوء قبله» أي: تنظيف اليد بغسلها، و«الوضوء بعده» كذلك قال الطيبي: معنى بركته قبلَه نموه وزيادة نفعه، وبعده دفع ضرر الغمر الذي علق بيده وعيافته.
(٢) حكايته رأي سفيان هذه أثبتناها من (هـ)، وهي برواية ابن داسه، وأشار إليها الحافظ في هامش نسخته.
(٣) ولفظ رواية ابن داسه كما في (هـ): ليس هذا بالقوي.

١٢ - باب طعام الفُجاءة
٣٧٦٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي مريم، حدَّثنا عمي - يعني سعيدَ بن الحَكَم، حدَّثنا الليثُ بنُ سعدٍ، أخبرني خالدُ بنُ يزيدَ، عن أبي الزُّبير
عن جابر بن عبد الله، أنه قال: أقبلَ رسولُ الله ﷺ من شِعْبٍ من الجَبَل وقد قضى حاجَتَه، وبين أيدينا تمرٌ على تُرسٍ -أو حَجَفَةٍ- فَدَعَوْناه، فأكلَ معنا، وما مسَّ ماءً١).

١٣ - باب في كراهية ذم الطعام
٣٧٦٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي حازمٍ عن أبي هريرة، قال: ما عابَ رسولُ الله ﷺ طعامًا قَطُّ، إن اشتهاه أكَلَه، وإن كَرِهَهُ تَرَكهُ (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- لم يصرح بسماعه من جابر، والليث بن سعد لم يروه عن أبي الزبير مباشرة فتُحمَل عنعنة أبي الزبير على السماع. سعيد بن الحكم: هو ابن أبي مريم.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٨٦٧٤) و(٩٠٦٧)، والبيهقي في «السنن» ٧/ ٦٨ من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه«(١١٦٠)، والبيهقي في»السنن«٧/ ٦٨ من طريق عمرو بن الحارث، وأحمد (١٥٢٧٢) من طريق ابن لهيعة، والبيهقي في»الشعب" (٥٨٨٨) من طريق زهير بن معاوية، ثلاثتهم عن أبي الزبير، عن جابر.
ويشهد له حديث عبد الله بن عباس السالف برقم (٣٧٦٠).
(٢) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلْمان الأشجعي، والاعمش: هو سليمان ابن مهران، وسفيان: هو الثورى، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي.
وأخرجه البخاري (٥٤٠٩)، ومسلم (٢٠٦٤)، وابن ماجه (٣٢٥٩)، والترمذي (٢١٥٠) من طرق عن الأعمش، به. =

١٤ - باب في الاجتماع على الطعام
٣٧٦٤ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، حدَّثنا الوليدُ بن مسلم، حَدَّثني وحشيُّ بنُ حربٍ، عن أبيه
عن جدِّه، أن أصحابَ النبيِّ ﷺ قالوا: يا رسولَ الله، إنا نأكُلُ ولا نَشْبَعُ، قال: «فلعَلَّكم تَفْتَرِقُون؟» قالوا: نَعَمْ، قال: «فاجْتَمِعُوا على طَعامِكُم، واذكُرُوا اسمَ الله عليه، يُبارَك لكم فيه» (١).


= وأخرجه مسلم (٢٠٦٤)، وابن ماجه بإثر (٣٢٥٩) من طريق الأعمش، عن أبي يحيى مولى آل جعدة، عن أبي هريرة. فذكر أبا يحيى مولى آل جَعْدة بدل: أبي حازم سلْمان الأشجعي، والأعمش واسع الرواية ليس ببعيد أن يسمعه من كليهما.
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٠٧) و(١٠١٤١)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٣٦) و(٦٤٣٧).
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وحشي بن حرب الحفيد ليِّن الحديث، وأبوه مجهول، ومع ذلك فقد حسنه الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» ٢/ ٥!
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٨٦) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٢٤).
ويشهد له حديث جابر عند أبي يعلى (٢٠٤٥)، والطبراني في «الأوسط» (٧٣١٧)، والبيهقي في «الشعب» (٩١٧٤) و(٩١٧٥) ولفظه: «إن أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي» ورجاله ثقات.
وحديث عمر عند ابن ماجه (٣٢٨٧) بلفظ: «كلوا جميعًا ولا تتفرقوا، فإن البركة مع الجماعة». وإسناده ضعيف.
وحديث أنس بنِ مالك قال: إن رسول الله ﷺ لم يجمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضَفَفٍ، أي: اجتماع الناس. وإسناده صحيح.
وانظر تمام شواهده في «مسند أحمد» (١٦٠٧٨).

قال أبو داود: إذا كنت في وليمةٍ فوُضِعَ العَشاءُ، فلا تأكُلْ حتَّى يأذَنَ لَكَ صاحبُ الدار١).

١٥ - باب التسمية على الطعام
٣٧٦٥ - حدَّثنا يحيى بنُ خَلَفٍ، حدَّثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله، سَمِعَ النبي ﷺ يقول: «إذا دَخَلَ الرَّجُلُ بيتَه، فذكَرَ الله عز وجل عند دخوله وعندَ طَعامِهِ قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عشاءً، وإذا دَخَلَ، فلم يذكرِ الله عندَ دخوله، قال الشيطان: أدركتُمُ المبيتَ، فإذا لم يذكرِ الله عندَ طعامِه قال: أدْرَكْتُمُ المَبيتَ والعَشاءَ» (٢).
٣٧٦٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن خَيثَمَة، عن أبي حُذيفة
عن حُذَيفة، قال: كُنا إذا حَضَرنا معَ رسولِ الله ﷺ طعامًا لم يضَعْ أحدُنا يده حتى يبدأ رسول الله ﷺ، وإنا حَضَرْنا مَعَه طعامًا،


(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
(٢) إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- بسماعه من جابر عند مسلم، فانتفت شبهة تدليسه، وابن جريج صرح بالسماع عند المصنف وغيره.
وأخرجه مسلم (٢٠١٨)، وابن ماجه (٣٨٨٧)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٢٤) و(٩٩٣٥) من طريق ابن جريج، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٧٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٨١٩).
وقوله: أدركتم المبيت والعشاء. معناه: قال الشيطان ذلك لإخوانه وأعوانه ورففته.

فجاء أعرابيّ كأنما يُدفَعُ، فذهبَ ليضع يدَه في الطّعام، فأخذَ رسولُ الله ﷺ بيده، قال: ثم جاءت جارِية كأنما تُدفَعُ، فذَهَبَت لِتضع يدَها في الطعام، فأخذَ رسولُ الله ﷺ بيدِها، وقال: «إن الشَّيطان لَيَستَحِلُّ الطعامَ الذي لم يُذكَرِ اسمُ الله عليه، وأنه جاء بهذا الأعرابىِّ يستحِلُّ به، فأخذتُ بيده، وجاء بهذه الجاريةِ يستحِلُّ بها فأخذتُ بيدها، فوالذي نفسي بيدِه إن يَدَهُ لفي يَدِي مَعَ أيديهِما» (١).
٣٧٦٧ - حدَّثنا مُؤمَّل بنُ هشام، حدَّثنا إسماعيلُ، عن هشام -يعني ابن أبي عبد الله الدَّستُوائيَّ- عن بُدَيْل، عن عبدِ الله بن عُبيدٍ، عن امرأة منهم يقال لها: أمُّ كلثومٍ عن عائشة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إذا أكل أحدُكُم فليذكُرِ اسمَ الله، فإن نَسِيَ أن يَذكُرَ اسمَ الله في أوَّلِه فليقُلْ: باسم الله أوَّلَهُ وآخِرَهُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو حُذيفة: هو سلمة بن صهيب الأرحبي، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة الجعفي.
وأخرجه مسلم (٢٠١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٢١) و(١٥٥٣١) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٤٩).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أم كلثوم - وهي الليثية على ما رجَّحناه في «مسند أحمد» (٢٥١٠٦). بُديل: هو ابن ميسرة، وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّهَ.
وأخرجه الترمذي (١٩٦٥) من طريق وكيع بن الجراح، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠٤٠) من طريق معتمر بن سليمان، كلاهما عن هشام الدستوائي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٦٤) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام الدستوائي، عن بديل بن ميسرة، عن عَبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن عائشة. فلم يذكر في إسناده أم كلثوم. والصواب ذكرها. =

٣٧٦٨ - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفَضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا عيسى -يعني ابنَ يونسَ- حدَّثنا جابرُ بن صُبْحٍ، حدَّثنا المثنى بنُ عبدِ الرحمن الخُزاعيُّ
عن عمِّه أميةَ بن مَخشيٍّ - وكان مِن أصحابِ رسولِ الله ﷺ قال: كان رسولُ الله ﷺ جالسًا ورجلٌ يأكُلُ، فلم يُسَمِّ حتَّى لم يَبْقَ من طعامِهِ إلا لُقمةٌ، فلما رفعَها إلى فيه قال: باسم الله أولَه وآخرَه، فضحك النبيُّ ﷺ ثم قال: ما زالَ الشيطانُ يأكلُ معَه، فلما ذَكرَ اسمَ الله استقاءَ ما في بَطنِهِ» (١).
قال أبو داود: جابر بن صُبْحٍ جَدُّ سليمانَ بنِ حربٍ من قِبَلِ أمه (٢).

١٦ - باب الأكل متكئًا
٣٧٦٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن علي بن الأقمر


= وهو في «مسند أحمد» (٢٥١٠٦) و(٢٥٧٣٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢١٤).
وفي الباب عن ابن مسعود عند ابن حبان (٥٢١٣) وإسناده صحيح.
وعن أمية بن مخشي سيأتي عند المصنف بعده.
(١) إسناده حسن في الشواهد، المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي تفرد بالرواية عنه جابر بن صُبْح، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، لكن يشهد لحديثه حديث عائشة السالف قبله، وحديث ابن مسعود المشار إليه هناك. وقد صحح الحديث الحاكمُ ٤/ ١٠٨ - ١٠٩ وسكت عنه الذهبي!
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٧٢٥) و(١٠٠٤١) من طريق جابر بن صُبْح، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٦٣).
وانظر الأحاديث الثلاثة السالفة قبله.
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وذكر هناك أن أبا سعيد -يعني ابن الأعرابي- نقلها عن غيره عن أبي داود.

سمعتُ أبا جُحيفة، قال: قال النبيَّ ﷺ: «لا آكلُ مُتَّكئًا» (١).
٣٧٧٠ حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن ثابت البُناني، عن شُعيبِ بن عبدِ الله بنِ عمرو
عن أبيه، قال: ما رُئِيَ رَسولُ الله ﷺ يأكُلُ مُتكِئًا قَطُّ، ولا يَطأ عَقِبَهُ رَجُلان (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي.
وأخرجه البخاري (٥٣٩٨) و(٥٣٩٩)، وابن ما جه (٣٢٦٢)، والترمذي (١٩٣٥)
من طرق عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٤٠).
قال الخطابي: يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه، لا يعرفون غيره، وكان بعضهم يتأول هذا الكلام على مذهب الطب، ودفع الضرر عن البدن، إذ كان معلومًا أن الأكل مائلًا على أحد شقيه لا يكاد يسلمُ من ضغط يناله في مجاري طعامه فلا يُسيغه ولا يسهل نزوله إلى معدته. وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، وإنما المتكئ ها هنا هو المعتمد على الوطاء الذي تحته، وكل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ. والإتكاء مأخوذ من الوكاء ووزنه الافتعال منه، فالمتكئ هو: الذي أوكى مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى: أني إذا أكلتُ لم أقعد متمكنا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع في الألوان، ولكني آكل عُلْقةً، وآخذ من الطعام بُلْغة، فيكون قعودي مستوفزًا له، وروي أنه كان ﷺ يأكل مُقعِيا، ويقول: «أنا عبد آكل كما يأكل العبيد».
ويؤيد تفسير الخطابي هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٣١٤ بسند صحيح إلى إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا تكأة مخافة أن تعظم بطونهم.
(٢) إسناده حسن. شعيب بن عبد الله بن عمرو: هو شعيب بن محمد بن عبد الله ابن عمرو بن العاص، والد عمرو بن شعيب، وقوله: عن أبيه: يريد أباه الأعلى عبد الله ابن عمرو بن العاص، وسماه أباه لأنه هو الذي ربّاه، وشعيب هذا صدوق حسن الحديث،
وباقي رجال الإسناد ثقات. ثابت البُناني: هو ابن أسلم، وحماد: هو ابن سلمة. =

٣٧٧١ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا وكيعٌ، عن مُصعب بن سُلَيم
سمعت أنس بن مالك يقول: بعثني النبيَّ ﷺ فرجعتُ إليه فوجدتُه يأكُلُ تمرًا وهو مُقْعٍ١).

١٧ - باب في الأكل من أعلى الصَّحفة
٣٧٧٢ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عطاء بن السَّائب، عن سعيدِ بنِ جُبير
عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ ﷺ قال: «إذا أكلَ أحَدُكم طعامًا فلا يَأكُلْ مِن أعلى الصَّحْفة، ولكن ليأكُل مِن أسْفَلِها؛ فإنَّ البَركَةَ تَنْزِلُ مِن أعلاهَا» (٢).


= وأخرجه ابن ماجه (٢٤٤) من طريق سويد بن عمرو، عن حماد بن سلمة، بهذا الاسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٤٩).
قال المناوي في «فيض القدير» ٥/ ١٨١: «لا يطأ عقبه رجلان» أي: لا يمشي خلفه رجلان ولا أكثر، كما يفعلُ الملوكُ يتبعهم الناسُ كالخدم.
وقال القاري في «مرقاة المفاتيح» ٤/ ٣٧٩: أي: لا يمشي قُدَّام القوم، بل يمشي في وسط الجمع، أو في آخرهم تواضعًا.
(١) إسناده قوي من أجل مصعب بن سليم، فهو صدوق لا بأس به.
وأخرجه مسلم (٢٠٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧١١) من طرق عن مصعب ابن سُليم، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٨٦٠)
قوله: وهو مُقعٍ، قال ابن الأثير في «النهاية»: أراد أنه كان يجلس عند الأكل على وركيه مستوفزًا غير متمكن.
(٢) إسناده صحيح. شعبة -وهو ابن الحجاج- سمع عطاء بن السائب قبل اختلاطه. =

٣٧٧٣ - حدَّثنا عمرُو بنُ عثمانَ الحمصيُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحمن بن عِرْق
حدَّثنا عبدُ الله بنُ بُسْرٍ، قال: كان للنبيِّ ﷺ قَصْعَةٌ يقال لها: الغَرَّاء يَحمِلُها أربعةُ رجالٍ، فلما أضْحَوا وسَجَدُوا الضُّحَى، أُتي بتلك القصعة -يعني وقد ثُرِدَ فيها- فالتَفُّوا عليها، فلما كَثُرُوا جَثَى رسولُ الله ﷺ، فقال أعرابي: ما هذه الجِلْسَة؟ قال النبي ﷺ: «إن اللهَ جَعلَني عَبدًا كريمًا، ولم يجعلني جبًارًا عَنيدًا» ثم قال رسول الله ﷺ: «كُلُوا مِنْ حَوالَيْها، ودَعُوا ذِرْوتَها يُبارَكْ فيها» (١).


= وأخرجه ابن ماجه (٣٢٧٧)، والترمذي (١٩٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٢٩)
من طرق عن عطاء بن السائب، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٤٥).
(١) ضعيف بهذه السياقة، على نكارة في قوله: كان للنبي ﷺ قصعة يقال لها: الغرّاء، يحملها أربعة رجال. محمد بن عبد الرحمن بن عِرْق -وهو اليَحصبي الحمصي- قال فيه دُحيم: لا أعلمه إلا ثقة، وقال فيه ابن حبان: لا يُعتد بحديثه ما كان من حديث إسماعيل بن عياش وبقية ويحيى بن سعيد العطار وذويهم، بل يُعتبر بحديثه من رواية الثقات عنه، وذكره ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والايهام» ٤/ ٦١٧ في حديث رواه عن عبد الله بن بسر في باب الأحاديث التي سكت عنها عبد الحق الإشبيلي، وليست بصحيحة، وقال عنه: ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر له حالًا، فهي عنده مجهولة. قلنا: وخالفه جماعة فرووه عن عبد الله بن بُسر بسياقة أخرى ليست فيه تلك الجملة المنكرة.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (٣٢٦٣) و(٣٢٧٥) عن عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (١٧٦٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٣٠) من طريق صفوان ابن عمرو، عن عبد الله بن بسر قال: بعثني أبي إلى رسول الله ﷺ أدعوه إلى طعام، فجاء معي، فلما دنوتُ من المنزل أسرعتُ، فأعلمت أبويَّ فخرجا فتلقيا رسول الله ﷺ، ورحَّبا به، ووضعنا له قطيفة كانت عندنا زئبرية (أي ذات وبر) فقعد عليها، ثم قال =

١٨ - باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره
٣٧٧٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا كثيرُ بنُ هشام، عن جعفر بن بُرقَان، عن الزهري، عن سالمٍ
عن أبيه، قال: نَهَى رَسُولُ الله ﷺ عن مَطعَمَين: عن الجلوسِ على مائدةٍ يُشرَبُ عليها الخَمرُ، وأن يأكلَ الرجلُ وهو مُنبطِحٌ على بَطنِهِ (١).


= أبي لأمي: هات طعامك، فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء وملح، فوضعته بين يدي رسول الله ﷺ، فقال: «خذوا باسم الله من حواليها، وذروا ذروتها، فإن البركة فيها» فأكل رسول الله ﷺ وأكلنا معه، وفَضَل منها فضلة، ثم قال رسول الله ﷺ: «اللهم اغفر لهم وارحمهم، وبارك عليهم، ووسِّع عليهم في أرزاقهم». هذا لفظ أحمد، ولفظ النسائي مختصر.
وقد سلف عند المصنف مختصرًا بنحو لفظ صفوان برقم (٣٧٢٩).
(١) إسناده ضعيف كما أفاده المصنِّف. جعفر بن بُرقان -وهو الجزري- ضعَّف الأئمة روايته عن الزهري، وقالوا: يضطرب فيها، وقد ضعف أبو حاتم هذا الحديث فيما نقله عنه ابنه في «العلل» ٢/ ٢٧، وقال الدارقطني: ربما حدث الثقة عن ابن برقان، عن الزهري، ويحدث الآخر بذلك الحديث عن ابن برقان، عن رجل، عن الزهري، أو يقول: بلغني عن الزهري. وهذا ما حَصَل له في هذا الإسناد، فقد رواه في الطريق الآتي بعده زيدُ بن أبي الزرقاء عنه، فقال: إنه بلغه عن الزهري. وللنهي عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر شواهد يصح بها.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٧٠) عن محمد بن بشار، عن كثير بن هشام، بهذا الإسناد.
بذكر النهي عن الأكل منبطحًا فقط.
ويشهد للنهي عن الجلوس على مائدة يُشرب عليها الخمر حديث عمر بن الخطاب عند أحمد (١٢٥)، وأبي يعلى (٢٥١)، والبيهقي ٧/ ٢٦٦.
وحديث جابر بن عبد الله عند الترمذي (٣٠٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٠٨).
ورجاله ثقات عند النسائي.
وانظر ما بعده.

قال أبو داود: هذا الحديث لم يسمعْه جعفرٌ من الزهري، وهو مُنكَرٌ.
٣٧٧٥ - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا جعفرٌ، أنه بلغه عن الزهري، بهذا الحديث١).

١٩ - باب الأكل باليمين
٣٧٧٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، أخبرني أبو بكر بن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُمر
عن جده ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: «إذا أكَلَ أحَدُكُم فليأكُل بيمينِه، وإذا شَرِبَ فلْيَشرَبْ بيمينِه، فإنَّ الشيطانَ يأكُلُ بشمالِه ويشربُ بشماله» (٢).
٣٧٧٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ لُوَيْنٌ، عن سليمانَ بن بلالٍ، عن أبي وَجْزَة


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه. جعفر: هو ابن بُرقان الجزري.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه مسلم (٢٠٢٠)، والترمذي (١٩٠٣)، والنسائى في «الكبرى» (٦٧١٣) و(٦٧١٥) و(٦٧١٧) و(٦٨٦٣) من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه مسلم (٢٠٢٠)، والنسائى في «الكبرى» (٦٧١٤) و(٦٨٦٢) و(٦٨٦٤) و(٦٨٦٥) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.
وأخرجه النسائى (٦٧١٨) من طريق شريك النخعي، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر. قال النسائي: هذا خطأ، والصواب الذي قبله، يعني رواية عبيد الله، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبيد الله، عن جده ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٣٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٢٦) و(٥٣٣١).

عن عُمَرَ بن أبي سلمة، قال: قال النبيُّ ﷺ: «ادْنُ بُنَيَّ فسَمِّ الله، وكُلْ بيمينِكَ، وكُل مِمَّا يَليكَ» (١).

٢٠ - باب في أكل اللحْم
٣٧٧٨ - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصور، حدَّثنا أبو مَعْشرِ، عن هشام بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «لا تَقطَعُوا اللحْم بالسِّكِّين، فإنّه مِن صَنيعِ الأعاجمِ، وانهَسُوه فإنه أهناُ وأمرأُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو وَجْزَة: هو يزيد بن عُيد السَّعْدي.
وأخرجه الطيالسي (١٣٥٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٢١١) من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبي وجزة، عن عمر بن أبي سلمة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٧٢٣) و(١٠٠٣٥) و(١٠٠٣٦) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبي وَجْزَة، عن رجل من مزينة، عن عمر بن أبي سلمة. فزاد في الإسناد: رجلًا من مزينة. لكن وقع تصريح أبي وجزة بسماعه من عمر بن أبي سلمة عند أحمد (١٦٣٣٩) و(١٦٣٤٠)، فاتصل الإسناد، فلا يبعد أن يكون أبو وجزة قد سمعه على الوجهين، والله تعالى أعلم. قال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد«٢٣/ ١٧:
وقد سمع أبو وجزة السعدي هذا الحديث من عمر بن أبي سلمة.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٦٧٢٢) و(١٠٠٣٢ - ١٠٠٣٤)، والترمذي (١٩٦٣) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة.
وأخرجه مسلم (٢٠٢٢)، وابن ماجه (٣٢٦٧) من طريق وهب بن كيسان، عن عمر بن أبي سلمة.
وهو في»مسند أحمد«(١٦٣٣٠) و(١٦٣٣٢) و(١٦٣٣٤)، و»صحيح ابن حبان" (٥٢١١) و(٥٢١٥).
(٢) إسناده ضعيف كما قال المصنف، أبو معشر -وهو نجيح بن عبد الرحمن السَّندي- ضعيف الحديث، وعدَّ النسائي بإثر الحديث (٢٢٤٣) هذا الحديث من مناكيره. =

قال أبو داود: وليس هو بالقوي (١).
٣٧٧٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا ابنُ عُلَيَّة، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن عثمانَ بن أبي سليمان
عن صفوان بن أمية، قال: كنتُ آكلُ مع النبيَّ ﷺ منه فآخذُ اللحمَ مِن العَظمِ، فقال: أدْنِ العَظْمَ مِنْ فيك، فإنه أهناُ وأَمرأُ» (٢).


= وأخرجه ابن حبان في «المجروحين» ٣/ ٦٠، وابن عدي في «الكامل» ٧/ ٢٥١٨، والبيهقي ٧/ ٢٨٠ من طريق أبي معشر السندي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي ٧/ ٢٧٠٦ من طريق يحيى بن هاشم السمسار، عن هشام بن عروة، به قال ابن عدي: وهذا حديث يُعرف بأبي معشر، وإن كان ضعيفًا عن هشام، عن عروة سرقه منه يحيى بن هاشم هذا.
ويخالف ما جاء في هذا الحديث من النهي عن قطع اللحم بالسكين حديث عمرو ابن أمية عند البخاري (٢٠٨)، ومسلم (٣٥٥) ولفظه: عن عمرو بن أمية: أنه رأى رسول الله ﷺ يحتزّ كتف شاة، فدعي إلى الصلاة، فألقى السكين، فصلى، ولم يتوضأ.
وأما نهسُ اللحم فقد ورد من فعله ﷺ في حديث طويل رواه أبو هريرة، أخرجه البخاري (٣٣٤٠)، ومسلم (١٩٤)، وفيه: كنا مع النبي ﷺ في دعوةٍ، فرفعت إليه ذراع -وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة.
وورد أيضًا في الحديث الآتي بعده.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الرحمن بن معاوية - وهو الزُّرَقي. ولانقطاعه: عثمان بن أبي سليمان لم يسمع مِن صفوان بن أمية. ابن عُليّة: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم. وله طريقان آخران ضعيفان كذلك، لكن بمجموعها يحسن الحديث إن شاء الله، كما قال الحافظ في الفتح، ٩/ ٥٤٧.
وأخرجه أحمد (١٥٣٠٩)، والطبراني في «الكبير»، (٧٣٣٣)، والحاكم ٤/ ١١٢ - ١١٣، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٧/ ٢٨٠، وفي «الشعب» (٥٩٠١)، وفي «الآداب» (٥٠٦) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: هذا مُرسَل، عثمانُ لم يَسمَعْ من صفوان (١).
٣٧٨٠ - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا زُهير، عن أبي إسحاق، عن سعْد بن عِياض
عن عبد الله بن مسعود، قال: كان أحبَّ العُراقِ إلى رسولِ الله ﷺ عُرَاقُ الشاة (٢).
٣٧٨١ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارِ، حدَّثنا أبو داود، بهذا الإسناد، قال:


= وأخرجه الحميدي (٥٦٤)، وابن سعد في «طبقاته» ٥/ ٢٥، وأحمد (١٥٣٠٠)، والدارمي (٢٠٧٠)، والترمذي (١٩٤٠)، والطبراني في «الكبير» (٧٣٣٢)، والبيهقي في «الآداب» (٥٠٧) من طريق عبد الكريم بن أبي المُخارق، عن عبد الله بن الحارث، عن صفوان بن أمية. وابن أبي المخارق ضعيف الحديث.
وأخرجه الطبراني (٧٣٣١) من طريق يوسف بن حماد المعني، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن محمد بن الفضل بن العباس، عن صفوان بن أمية. وعثمان بن عبد الرحمن ومحمد بن الفضل ضعيفان. ويشهد له حديث عائشة السالف قبله.
ويشهد له أيضًا فعلُه ﷺ كما أشرنا إليه في الحديث السالف قبله.
(١) مقالة أبو داود هذه أثبتناها من هامش (أ) و(هـ)، وأشار في (هـ) إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة سعد بن عياض. وزهير -وهو ابن معاوية- سماعه من أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي- بعد اختلاطه. أبو داود: هو سليمان ابن داود الطيالسي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٦٢٠) عن هارون بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧٣٣).
وانظر ما بعده.
العُراق بضم العين: جمع العَرْقِ: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم، يقال: عَرَقتُ العظمَ واعترقتُه وتعرّقتُه: إذا أخذتَ عنه اللحم بأسنانك.

كان النبيُّ ﷺ يُعْجِبه الذِّراع، قال: وسُمَّ في الذِّرَاع، وكان يرى أن اليهود هم سَمُّوه (١).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سعْد بن عياض. وزهير بن معاوية -وإن روى عن أبي إسحاق السبيعي بعد اختلاطه- قد توبع على هذه الرواية. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.
وهو في «مسند الطيالسي» (٣٨٨)، ومن طريقه أخرجه أحمد (٣٧٣٣) الترمذي في «الشمائل» (١٦٩)، والبيهقي في شعب الإيمان (٥٨٩٧)، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة سعْد بن عياض ١٠/ ٢٩٤.
وأخرجه البخاري في «تاريخه الكبير» ٤/ ٦١، والشاشي في «مسنده» (٧٨٥)، والطبراني في الأوسط«(٢٤٦١) من طريق عمرو بن مرزوق، وأبو الشيخ في»أخلاق النبي ﷺ ص ٢٠٢ من طريق مالك بن إسماعيل، كلاهما عن زهير، به.
وأخرجه أحمد (٣٧٧٨)، والشاشي (٧٨٣) و(٧٨٤) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده، بالحديث الثاني.
ولقوله: كان النبي ﷺ يعجبه الذراع، شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (٣٣٤٠)، ومسلم (١٩٤) بلفظ: كنا مع النبي ﷺ في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه. ولذكر السم الذي وضعته يهود في الشاة التي قدموها للنبي ﷺ في خيبر شواهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (٣١٦٩)، وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (٤٥٠٩) و(٤٥١٢).
ْومن حديث عبد الله بن عباس عند أحمد (٢٧٨٤).
ومن حديث أنس بن مالك عند البخاري (٢٦١٧)، ومسلم (٢١٩٠)، وسيأتي عند المصنف برقم (٤٥٠٨).
وعن جابر سيأتي عند المصنف برقم (٤٥١٠).
وعن أم مبشر سيأتي كذلك برقم (٤٥١٣) و(٤٥١٤).
وعن أبي سعيد الخدري عند الحاكم ٤/ ١٠٩.
وعن عائشة عند البخاري (٤٤٢٨) معلقا بصيغة الجزم.
وانظر ما قبله.

٢١ - باب في كل الدُّبَّاء
٣٧٨٢ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طلحة
أنه سَمعَ أنسَ بن مالكِ يقول: إن خيَّاطًا دعا رسولَ الله ﷺ لطعامٍ صنعَه، قال أنس: فذهبتُ معَ رسولِ الله ﷺ إلى ذلك الطعام، فقرَّبَ إلى رسولِ الله ﷺ خُبزًا من شَعيرٍ ومَرَقًا فيه دُبَّاءٌ وقَديدٌ، قال أنس: فرأيتُ رسولَ الله ﷺ يتَّبَّعُ الدُّبَّاء مِن حَوالَي الصَّحْفَة، فلم أزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاء بعدَ يومئذ (١).

٢٢ - باب في أكل الثَّريد
٣٧٨٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ حسَّان السَّمتيُّ، حدَّثنا المباركُ بنُ سعيد، عن عُمَرَ بن سعيد، عن رجلٍ من أهلِ البَصرة، عن عِكرِمَة
عن ابنِ عباسٍ، قال: كان أحبَّ الطعامِ إلى رسولِ الله ﷺ الثريدُ من الخبز، والثريدُ من الحَيْسِ (٢).


(١) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسلمة بن قعنب.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٥٤٦، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٠٩٢)، ومسلم (٢٥٤١)، والترمذي (١٩٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (٦٦٢٨).
وأخرجه البخاري (٥٤٢٠) و(٥٤٣٣) و(٥٤٣٥)، ومسلم (٢٠٤١) وابن ماجه (٣٣٠٢) و(٣٣٠٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٦٢٩) و(٦٦٣٠) و(٦٧٢٨) من طرق عن أنس بن مالك.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٥٢) و(١٢٥١٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٣٩) و(٦٣٨٠).
والدباء: القرع، واليقطين، والقديد: اللحم المجفف بالشمس.
(٢) إسناده ضعيف ما قال المصنف لابهام الرجل البصري، المبارك بن سعيد وعُمر بن سعيد هما ابنا سعيد بن مسروق الثوري، وأخوهما سفيان الثوري. =

قال أبو داود: وهو ضعيف.

٢٣ - باب كراهية التَّقذُّر للطعام
٣٧٨٤ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيز، حدَّثنا سِماكُ بنُ حربٍ، حدَّثني قَبِيصَةُ بن هُلْبٍ


= وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٥٩٠٨)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤/ ٢٤١ من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات»الكبرى«١/ ٣٩٣ عن سعيد بن سليمان سعدويه، عن المبارك بن سعيد، به.
وأخرجه أبو الشيخ في»أخلاق النبي ﷺ«ص ١٩٣ و٢١١ من طريق الحسن بن عرفة، والحاكم ٤/ ١١٦ من طريق محمد بن شجاع الحضرمي، كلاهما عن المبارك ابن سعيد، عن عمر بن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس. فأسقطا من إسناده الرجل البصري، والصواب الأول. وقد صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي!
وأخرجه البيهقي في»الشعب«(٥٩٢٢) من طريق الحسن بن عرفة، عن المبارك ابن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس. فأسقط من إسناده الرجل البصري وعمر بن سعيد. والصواب رواية سعيد بن سليمان. سعدويه ورواية محمد بن حسان السمتي.
وفي باب تفضيله ﷺ الثريدَ على غيره من الطعام، حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (٣٤١١)، ومسلم (٢٤٣١)، ولفظه:»وإن فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام«.
وعن أنس بن مالك عند أحمد (١٣٣٠٠)، والترمذي في»الشمائل«(١٨٥) وغيرهما، قال: كان رسول الله ﷺ يعجبه الثُّفْلُ، وقد جاء في بعض روايات الحديث منها عند ابن سعد في»الطبقات" ١/ ٣٩٣ زيادة: يعني الثريد، وكذلك فسَّره ابن خزيمة فيما أسنده عنه الحاكم ٤/ ١١٦، وفسره غيره بما بقي من الطعام.
الثريد فعيل بمعنى مفعول، يقال: ثردت الخبز ثردًا من باب قتل، وهو أن تفته ثم تبله بمرق اللحم، والحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن أو الدقيق أو فتيت بدل أقط.

عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ وسأله رجلٌ، فقال: إنَّ مِنَ الطعام طَعامًا أتحَرَّجُ منه - فقال: «لا يَتَحَلَّجَنَّ في صَدْرِكَ شيءٌ ضَارَعْتَ فيه النَّصرانيَّه (١).

٢٤ - باب النهي عن أكل الجلاَّلة وألبانِها
٣٧٨٥ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عَبدةُ، عن محمد بن إسحاقَ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ
عن ابن عمر، قال: نَهَى رسولُ الله ﷺ عن أكل الجَلاَّلة وألبانِها (٢).


(١) حسن من حديث عدي بن حاتم، وهذا إسناد ضعيف، قبيصة بن هُلْب مجهول كما قال ابن المديني والنسائي. زهير: هو ابن مُعاوية.
وأخرجه ابن ماجه (٢٨٣٠)، والترمذي (١٦٥٣) و(١٦٥٤) من طريق سماك بن حرب، به. وهو في»مسند أحمد«(٢١٩٦٥).
وأخرجه أحمد (١٨٢٦٢)، وابن حبان (٣٣٢) من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن مري بن قطري، عن عدي بن حاتم. فجعله من مسند عدي. وهذا سند حسن. ومري بن قطري وثقه ابن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي.
قال الخطابي: قوله:»لا يَتَحَلَّجَنَّ«معناه: لا يقعن في نفسك ريبة منه، وأصله من الحَلْج، وهو الحركة والاضطراب، ومنه حَلْج القطن.
ومعى المضارعة: المقاربة في الشبه، ويقال للشيئين بينهما مقاربة: هذا ضرع هذا، أي: مثله.
وقال صاحب»عون المعبود" تعليقًا على قوله: ضارعت فيه النصرانية: جواب شرط محذوف، أي: إن شككت شابهت فيه الرهبانية، والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي، والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنيفية السهلة، فإذا شككت، وشدَّدت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- مدلس وقد عنعن، ثم إنه خالفه سفيان الثوري، فرواه عن ابن أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= نجيح -واسمه عبد الله- عن مجاهد -وهو ابن جَبْر- مرسلًا دون ذكر ابن عمر في إسناده، وكذلك رواه غير ابن أبي نجيح، عن مجاهد مرسلًا كما سيأتي.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٨٩)، والترمذي في «الجامع الكبير» (١٩٢٨)، وفي «العلل الكبير» ٢/ ٧٧٣، والطبراني في «الكبير» (١٣٥٠٦)، والحاكم ٢/ ٣٤، وابن حزم في «المحلى» ١/ ١٨٣، والبيهقي ٩/ ٣٣٢، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٨٢، وابن الجوزي في «التحقيق» (١٩٧٤) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عنه في «العلل» فأعله بالإرسال.
وأخرجه عبد الرزاق (٨٧١٨)، وابن أبي شيبة ٨/ ٣٣٦ من طريق سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مرسلًا.
وأخرجه عبد الرزاق (٨٧١٤) عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن أبي حرة، عن مجاهد، مرسلًا وسيأتي برقم (٣٧٨٧) بذكر النهي عن شرب ألبان الجلالة دون ذكر لحمها.
وأخرج الطبراني في «الكبير» (١٣٤٦٤) من طريق أبي الزبير، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: نُهي عن الجلاّلة. ورجاله ثقات.
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي عند المصنف برقم (٣٨١١) وإسناده حسن. وحديث عبد الله بن عباس عند أحمد (١٩٨٩) و(٢١٦١)، والطبراني في «الكبير» (١١٦٩٢) و(١١٨١٩) و(١١٩٧٧)، والحاكم ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥. وسيأتي بعده بذكر اللبن فقط.
وحديث جابر بن عبد الله عند ابن أبي شيبة في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة»
(٤٩٥٩)، وفي «مصنفه» ٨/ ٣٣٤، ومن طريقه ابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٨٢.
ورجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير.
وحديث أبي هريرة عند الحاكم ٢/ ٣٥، والبيهقي ٩/ ٣٣٣. وإسناده صحيح.
قال الخطابي: «الجلالة»: هي الإبل التي تأكل الجَلَّة، وهي العَذِرة، كره أكل لحومها وألبانها تنزهًا وتنظفًا. وذلك أنها إذا اغتذت بها، وُجد نَتْنَ رائحتها في لحومها، وهذا إذا كان غالب علفها منها. فأما إذا رعت الكلأ، واعتلفت الحب، وكانت تنال من ذلك شيئًا من الجَلَّة، فليست بجلالة، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها، وغالب غذائه وعلفه من غيرها، فلا يُكره أكله. =

٣٧٨٦ - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثني أبو عامرٍ، حدَّثنا هشامٌ، عن قتادةَ، عن عِكرِمَة
عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ ﷺ نَهَى عن لَبَنِ الجَلاَّلة (١).


= واختلف الناس في أكل لحوم الجلالة وإلبانها، فكره ذلك أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد بن حنبل، وقالوا: لا تؤكل حتى تحبس أيامًا وتُعلف علفًا غيرها، فإذا طاب لحمها فلا بأس بأكله.
وقد روي في حديث أن البقر تعلف أربعين يومًا، ثم يؤكل لحمها، وكان ابن عمر رضي الله عنه يحبس الدجاجة ثلاثًا، ثم يذبحها.
وقال إسحاق بن راهويه: لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يُغسَل غسلًا جيدًا، وكان الحسن البصري لا يرى بأسًا بأكل لحوم الجلالة، وكذلك قال مالك بن أنس.
(١) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي، وابن المثنَّى: هو محمد.
وأخرجه أحمد (١٩٨٩) و(٢٦٧١) و(٢٩٤٩)، والدارمي (٢٠٠١)، والترمذي (١٩٢٩)، والنسائي (٤٤٤٨)، وابن الجارود (٨٨٧)، والطبراني في «الكبير» (١١٨٢١)، وابن حزم في «المحلى» ١/ ١٨٣، والبيهقي ٩/ ٣٣٣، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٨٢ - ١٨٣، وابن الجوزي في «التحقيق» (١٩٧٣) من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٣١٤٣)، وابن حبان (٥٣٩٩) من طريق أبي عبد الصمد عبد العزيز ابن عبد الصمد البصري، والحاكم ٢/ ٣٤، والبيهقي ٩/ ٣٣٤ من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف، والترمذي (١٩٣٠) - ولم يسق لفظه وإنما أحال على رواية هشام الدستوائي السالفة - من طريق ابن أبي عدي، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، به.
وأخرجه أحمد (٢١٦١) و(٣١٤٢) عن محمد بن جعفر، وابن حزم في «المحلى» ٧/ ٤١١، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٨٣ من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن سعيد بن أبي عَروبة. عن قتادة، به. قال ابن جعفر في روايته: نهى رسول الله ﷺ عن الجلالة -فأطلق-، وقال ابن زريع: نهى رسول الله ﷺ عن لبن الجلالة ولحومها.
والإطلاق يشمل الأكل منها والشرب من ألبانها وركوبها. =

٣٧٨٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سريجٍ الرازي، أخبرني عبدُ الله بنُ جَهْمٍ، حدَّثنا عمرو بنُ أبي قيسٍ، عن أيوبَ السَّختيانيِّ، عن نافعٍ


= وأخرجه الطبراني (١١٨١٩)، والحاكم ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥ من طريق حماد بن سلمة، والطبراني (١١٨٢٠) من طريق مجاعة بن الزبير، كلاهما عن قتادة، به: أن رسول الله ﷺ نهى عن الجلالة -فأطلقا أيضًا- وهذا لا يتعارض مع ما سلف عند المصنف برقم (٣٧١٩) بذكر النهي عن ركوب الجلالة، لأن هناك نص على بعض أفراد المنهي عنه الذي يشمل الأكل منها والشرب من ألبانها وركوبها.
وأخرجه الطبراني (١١٦٩٢) من طريق بسام بن عبد الله الصيرفي، و(١١٩٧٧) من طريق خالد الحذاء، كلاهما عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ نهى عن الجلالة. -فأطلقا كذلك- وإسنادهما صحيح.
وأخرجه الحاكم ٢/ ٣٥، والبيهقي ٩/ ٣٣٣ من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ نهى عن الجلالة - فأطلق وجعله من مسند أبي هريرة. وإسناده صحيح. وهذا لا يتعارض مع ما سلف عند المصنف برقم (٣٧١٩) من رواية حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس بذكر النهي عن ركوب الجلالة، لأنه هناك نص على بعض أفراد المنهي عنه الذي يشمل الأكل منها والشرب من ألبانها وركوبها. ولا يؤثر الاختلاف في تعيين الصحابي، فكلهم ثقات عدول.
وأخرجه البزار (٢٨٦٠ - كشف الأستار)، والطبراني (١١٠٨٠)، والبيهقي ٩/ ٣٣٢ من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس، وليث -وإن كان سئ الحفظ- يعتبر حديثه في المتابعات. ولفظه عند البزار: نهى رسول الله ﷺ يوم فتح مكة عن لحوم الجلالة وألبانها وظهورها، وأطلق عند الطبراني والبيهقي.
وأخرجه الطبراني (١٠٩٦٤) من طريق ليث بن أبي سليم ومجاهد بن جبر، والبيهقي ٩/ ٣٣٣ من طريق عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، ثلاثتهم (ليث ومجاهد وأبو الزبير) عن طاووس، عن ابن عباس. بلفظ: نهى رسول الله ﷺ يوم الفتح عن لحوم الجلالة وألبانها -زاد الطبراني: وظهورها- وإسناداهما حسنان في المتابعات.

عن ابن عمر، قال: نهى رَسُولُ الله ﷺ عن الجَلَّالةِ في الإبلِ: أن يُركَبَ عليها، أو يُشْرَبَ من ألبانِها (١).

٢٥ - باب في أكلِ لحومِ الخيل
٣٧٨٨ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حمادٌ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن محمد بن علي
عن جابر بن عبد الله، قال: نهانا رسولُ الله ﷺ يَومَ خَيْبَر عن لحومِ الحُمُرِ، وأذِنَ لنا في لُحُومِ الخيل (٢).


(١) حديث صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٥٥٨) لكنه زاد هنا في متن الحديث النهي عن شرب ألبان الجلالة، وهو صحيح كذلك كما بيناه في الحديث السالف قبله، وكما سلف برقم (٣٧١٩).
(٢) إسناده صحيح. محمد بن علي: هو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بالباقر، وحماد: هو ابن زيد.
وأخرجه البخاري (٤٢١٩)، ومسلم (١٩٤١) والنسائي (٤٣٢٧) من طريق حماد ابن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (١٨٩٦) والنسائي (٤٣٢٨) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر. دون ذكر محمد بن علي الباقر. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا روى غيرُ واحد عن عمرو بن دينار، عن جابر. وروى حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن جابر. ورواية ابن عيينة أصحُّ، وسمعتُ محمدًا [يعني البخاري] يقول: سفيان بن عيينة أحفظ من حماد بن زيد. قلنا: الظاهر أن الصحيح هو قول حماد بن زيد، وذلك أن الحميدي روى في «مسنده» (١٢٥٥) عن سفيان بن عيينة قوله: كل شيء سمعتُه من عمرو بن دينار قال لنا فيه: سمعت جابرًا، إلا هذين الحديثين، يعني لحوم الخيل والمخابرة، فلا أدري بينه وبين جابر فيه أحد أم لا؟ قلنا: وعليه يكون عمرو بن دينار أحيانًا يرويه عن جابر يذكر فيه الواسطة، على ما رواه حماد بن زيد عنه، وأحيانًا لا يذكر الواسطة على ما رواه عنه سفيان بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عيينة. وبذلك يكون سفيان وحماد بن زيد قد أدَّياه على ما سمعاه، وإنما الشأن في عمرو بن دينار نفسه، لا كما توهم الترمذي، والله تعالى أعلم. ويؤيد ذلك رواية ابن جريج، عن عمرو بن دينار الآتية عند المصنف برقم (٣٨٠٨). ثم في قول سفيان بن عيينة السابق دليل على وهم تصريح عمرو بالسماع من جابر عند عبد الرزاق (٨٧٣٤).
وأخرجه النسائي (٤٣٢٩) من طريق الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن جابر. كرواية ابن عيينة.
وأخرج الترمذي (١٥٤٧) من طريق أبي سلمة، عن جابر قال: حرَّم رسول الله ﷺ يعني يوم خيبر الحُمر الإنسية، ولحوم البغال.
وأخرج ابن ماجه (٣١٩٧)، والنسائي (٤٣٢٩) و(٤٣٣٠) و(٤٣٣٣) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر قال: كنا نأكل لحوم الخيل -وفي رواية النسائي الثانية: على عهد رسول الله ﷺ- قلت: فالبغال: قالا: لا.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٦٨).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: في حديث جابر بيان إباحة لحوم الخيل، وإسناده جيد. وأما حديث خالد بن الوليد، ففي إسناده نظر. [قلنا: يعني الحديث الآتي برقم (٣٧٩٠)] وصالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده لا يُعرف سماع بعضهم من بعض.
وقد اختلف الناس في لحوم الخيل:
فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره لحوم الخيل.
وكرهها أبو حنيفة وأصحابه ومالك بن أنس.
وقال الحكم: لحوم الخيل في القرآن حرام. ثم تلا: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨].
ورخصت طائفة فيها. روي ذلك عن شريح والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وهو قول حماد بن أبي سليمان، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق. =

٣٧٨٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابر بن عبد الله، قال: ذَبَحْنا يومَ خيبر الخيلَ والبِغالَ والحميرَ فنهانا رسولُ الله ﷺ عن البِغالِ والحميرِ، ولم يَنْهنا عن الخيل (١).
٣٧٩٠ - حدَّثنا سعيدُ بنُ شَبيبٍ وحيوَةُ بنُ شُرَيحِ الحِمصيُّ، -قال حيوةُ:- حدَّثنا بقيةُ، عن ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرِب، عن أبيه، عن جدِّه


= فأما احتجاج من احتج بقوله عز وجل: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ في تحريم لحوم الخيل، فإن الآية لا تدل على أن منفعة الخيل مقصورة على الركوب دون الأكل، وإنما ذكر الركوب والزينة، لأنها معظم ما يُبتغى من الخيل. كقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ [المائدة:٣] فنصّ على اللحم، لأنه معظم ما يؤكل منه، وقد دخل في معناه دمه وسائر أجزائه. وقد سكت عن حمل الأثقال على الخيل، وقال في الأنعام: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥] وقال: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ [المؤمنون: ٢٢] وقال تعالى: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾ [النحل: ٧]. ثم لم يدل ذلك على أن حمل الأثقال على الخيل غير مباح. كذلك الأكل، والله أعلم.
(١) إسناده صحيح. فقد صرح أبو الزبير بسماعه من جابر عند مسلم وغيره.
فانتفت شبهة تدليسه. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (١٩٤١)، وابن ماجه (٣١٩١)، والنسائي (٤٣٤٣) من طريق ابن جريج، والنسائي (٤٣٢٩) من طريق الحسين بن واقد المروزي، كلاهما عن أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٥٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٦٩) و(٥٢٧٠) و(٥٢٧٢).
انظر ما قبله.

عن خالد بن الوليد: أن رسولَ الله ﷺ نهى عن أكلِ لحومِ الخَيلِ والبِغالِ والحميرِ، زاد حيوةُ: وكلِّ ذي نَابٍ مِن السِّبَاع (١).
قال أبو داود: وهو قولُ مالكٍ (٢).
قال أبو داود: لا بأسَ بلحومِ الخيلِ، وليسَ العملُ عليه.
قال أبو داود: وهذا منسوخٌ، قد أكَلَ لحومَ الخيلِ جماعةٌ من أصحابِ النبي ﷺ: منهم ابنُ الزبير، وفضالةُ بنُ عُبيد، وأنسُ بن مالك، وأسماءُ بنتُ أبي بكر، وسُويدُ بنُ غَفلَة، وعلقمةُ، وكانت قريشٌ في عهد رسولِ الله ﷺ تَذْبَحُها (٣).


(١) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي-، ولضعف صالح بن يحيى بن المقدام، وجهالة أبيه، على نكارة في متنه في ذكر النهي عن لحوم الخيل.
وقال الخطابي: في إسناده نظر، وصالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٩٨)، والنسائي (٤٣٣١) و(٤٣٣٢) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (٣٨٠٦) من طريق أبي سلمة سليمان بن سُليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده، به. دون ذكر يحيى بن المقدام.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨١٧) من طريق بقية، و(١٦٨١٦) من طريق أبي سلمة سليمان بن سُليم الحمصي. ورواه أبو سلمة الحمصي مرة عند أحمد (١٦٨١٨) كما رواه بقية.
وانظر ما سيأتي برقم (٣٨٠٤).
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.
(٣) مقالتا أبي داود هاتان هذه والتي قبلها، أثبتناهما من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنهما من بعض النسخ. كما نبه عليه الحافظ أبو علي الغساني بخطّه في نسخته.

٢٦ - باب في أكل الأرنب
٣٧٩١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن هشامِ بن زيدٍ
عن أنسِ بنِ مالك، قال: كُنتُ غلامًا حَزَوَّرًا فصِدْتُ أرنبًا، فشَوَيتُها، فبَعَثَ معي أبو طلحة بعَجُزِها إلى النبيِّ ﷺ، فأتيتُه بها (١).
٣٧٩٢ - حدَّثنا يحيى بن خَلَفِ، حدَّثنا رَوحُ بنُ عُبادةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد، قال: سمعتُ أبي خالدَ بنَ الحُوَيرث: أن عَبدَ الله بن عمرو كان بالصِّفَاحِ -قال محمد: مكانٍ بمكة-: وأنَّ رجلًا جاء بأرنب قد صَادَها، فقال:


(١) إسناده صحيح. هشام بن زيد: هو ابن أنس بن مالك، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٥٧٢)، ومسلم (١٩٥٣)، وابن ماجه (٣٢٤٣)، والترمذي (١٨٩٢)، والنسائي (٤٣١٢) من طريق شعبة، عن هشام بن زيد. وزاد البخاري وغيره: فقبِله - يعني الوَرِك.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٨٢).
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ٦٦٢: وفي الحديث جواز أكل الأرنب، وهو قول العلماء كافة، إلا ما جاء في كراهتها عن عبد الله بن عُمر من الصحابة، وعن عكرمة من التابعين، وعن محمد بن أبي ليلى من الفقهاء. واحتج بحديث خزيمة بن جزء، قلت: يا رسول الله، ما تقول في الأرنب؟ قال: «لا آكلُه ولا أحرمه»، قلت: فإني آكل مما لم تحرِّم، ولم يا رسول الله؟ قال: نبئت أنها تدمي. وسنده ضعيف، ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة.
قال الحافظ: وله شاهد عن عبد الله بن عمرو ... [وهو الحديث الآتي بعده] قال: وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهويه في «مسنده»، وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرّمها، وغلَّطه النووي في النقل عن أبي حنيفة.

يا عبدَ الله بن عمرو، ما تقولُ؟ قال: قد جِيءَ بها إلى رسولِ الله ﷺ وأنا جالِسٌ فلم يأكلها ولم يَنْهَ عن أكلها، وزَعَم أنها تَحِيضُ (١).

٢٧ - باب في أكل الضبِّ
٣٧٩٣ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي بِشرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَير
عن ابنِ عباس: أن خالتَه أهْدَتْ إلى رسولِ الله ﷺ سَمْناَ وأضُبًّا وأقِطًَا، فأكَلَ من السمنِ ومِنَ الأقِطِ، وتَرَكَ الأضُبَّ تَقَذُّرًا، وأُكِلَ على مائِدَتِه، ولو كان حَراماَ ما أُكِلَ على مائِدةِ رَسُولِ الله ﷺ (٢).
٣٧٩٤ - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن أبي أُمامةَ بن سهلِ بنِ حُنَيْفِ، عن عبدِ الله بن عباس


(١) إسناده ضعيف لجهالة محمد بن خالد بن الحويرث وأبيه.
وأخرجه البيهقي ٩/ ٣٢١ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن خزيمة بن جَزْء عند ابن ماجه (٣٢٤٥). وقد ضعف إسناده الحافظ في «الفتح» ٩/ ٦٦٢.
(٢) إسناده صحيح. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشية.
وأخرجه البخاري (٢٥٧٥)، ومسلم (١٩٤٧)،والنسائي (٤٣١٨) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٢١) و(٥٢٢٣) وانظر ما بعده، وما سلف برقم (٣٧٣٠).
قال الخطابي: وقد اختلف الناس في أكل الضب، فرخص فيه جماعة من أهل العلم، روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وإليه ذهب مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي [قلنا: وكذلك أحمد كما في «مسائل» ابنه عبد الله (١١٩٣)، والليث وابن المنذر فيما نقله ابن قدامة في «المغني» ١٣/ ٣٤١] وكرهه قوم. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه [قلنا: نقل ابن قدامة في "المغني ١٣/ ٣٤١ أن أبا حنيفة والثوري قالا: هو حرام].

عن خالدِ بن الوليدِ أنه دَخَلَ مع رسولِ الله ﷺ بَيتَ مَيمُونَةَ، فأتِيَ بضَبٍّ مَحنوذٍ فأهوى إليه رسولُ الله بيده، فقال بعضُ النسوة اللاتي في بيت ميمونةَ: أخبروا رسولَ الله ﷺ بما يُريدُ أن يَأكُلَ منه، فقالَ: هو ضَبٌّ، فرَفَعَ رسولُ الله ﷺ يدَه، قال: فقلت: أحرامٌ هو؟ قال: «لا، ولكنَّه لم يكُنْ بأرضِ قومي، فأجِدُني أعافُه» قال خالد: فاجترَرْتُه، فأكلتُه ورسول الله ﷺ يَنْظُرُ (١).


(١) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
وهو في «موطأ مالك»، برواية يحيى الليثي ٢/ ٩٦٨، وبرواية محمد بن الحسن (٦٤٥).
وأخرجه البخاري (٥٥٣٧) عن عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٣٩١)، ومسلم (١٩٤٦) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، والبخاري (٥٤٠٠) من طريق معمر بن راشد، ومسلم (١٩٤٦)، والنسائي (٤٣١٧) من طريق صالح بن كيسان، وابن ماجه (٣٢٤١)، والنسائي (٤٣١٦) من طريق محمد ابن الوليد الزبيدى، أربعتهم عن الزهري، به.
ورواه أبو مصعب الزهري في «موطئه» (٢٠٣٧)، ويحيى بن يحيى التميمي النيسابوري عند مسلم (١٩٤٥) عن مالك، عن الزهري، عن أبي أمامة، عن ابن عباس، قال: دخلت أنا وخالد. وأخرجه الشافعي في «مسنده» ٢/ ١٧٤ عن مالك، عن الزهري، عن أبي أمامة، قال الشافعي: أشك أقاله عن ابن عباس وخالد بن الوليد، أو عن ابن عباس وخالد بن المغيرة.
وأخرجه مسلم بإثر (١٩٤٦) من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة، عن ابن عباس قال: أتي النبي ﷺ ونحن في بيت ميمونة بضبَّين ... الحديث.
قال الحافظ في "الفتح، ٩/ ٦٦٣ - ٦٦٤: والجمع بين هذه الروايات أن ابن عباس كان حاضرًا للقصة في بيت ميمونة كما صرح به في إحدى الروايات، وكأنه استثبت خالد بن الوليد في شيء منه لكونه الذي باشر السؤال عن حكم الضب، وباشر أكله أيضًا، فكان ابن عباس ربما رواه عنه. =

٣٧٩٥ - حدَّثنا عمرُو بنُ عَونٍ، أخبرنا خالِدٌ، عن حُصَينٍ، عن زَيدِ بن وهب
عن ثابت بن وديعة، قال: كنا مع رسول الله ﷺ في جيش، فأصبنا ضبابًا، قال: فشويْتُ منها ضَبًّا، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ، فوضعتُه بينَ يديه، قال: فأخَذَ عودًا، فعدَّ به أصابِعَه، ثم قال: «إنَّ أُمةً من بني إسرائيلَ مُسخَتْ دَوابَّ في الأرضِ، وإني لا أدري أيُّ الدوبِ هي» قال: فلم يَأكُلْ ولم ينْه (١).


= قلنا: رواية أبي مصعب ويحيى النيسابوري عن مالك، ورواية معمر عند مسلم التي سلفت الإشارة إليها، فهي التي فيها أن ابن عباس وخالدً دخلا بيت ميمونة.
وهو في «مسند أحمد» (٣٠٦٧) و(١٦٨١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٦٣) و(٥٢٦٧).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٣٧٣٠).
المحنوذ: المشوي، ويقال: هو ما شوي على الرضف، وهي الحجارة المحماة، ومنه قوله تعالى: ﴿فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ [هود: ٦٩] وقوله: أعافه معناه: أقذره وأتكرَّهه.
(١) إسناده صحيح. حصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، وقد اختُلف في تعيين صحابي الحديث، فقال حصين بن عبد الرحمن وعدي بن ثابت: عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وداعة -أو وديعة أو يزيد، على الاختلاف في اسم أبيه-، وكذلك قال الحكم بن عتيبة ويزيد بن أبي زياد، لكنهما زادا بين زيد بن وهب وبين ثابت البراء ابن عازب. وخالفهم الأعمش، فقال: عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، ومثل هذا الاختلاف لا يضر، لأن كلا من ثابت وعبد الرحمن والبراء صحابة، والصحابة كلهم عدول، قال البخاري فيما نقله الترمذي في «العلل الكبير» ٢/ ٧٥٤: وكأن حديث هؤلاء عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وديعة أصح، ويحتمل عنهما جميعًا. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٣٨)، والنسائي (٤٣٢٠) من طريق حصين بن عبد الرحمن، به. =

٣٧٩٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ الطائيُّ، أن الحَكَمَ بن نافعٍ حدثهم، حدَّثنا ابنُ عياش، عن ضَمْضم بن زُزعة، عن شُرَيحِ بن عُبيد، عن أبي راشد الحُبْرانيِّ
عن عبد الرحمن بن شِبْلٍ: أن رسولَ الله ﷺ نهى عن أكلِ لَحْمِ الضَّبِّ (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٣١).
وأخرجه مختصرًا النسائي (٤٣٢١) من طريق عدي بن ثابت، عن زيد بن وهب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٢٨).
وأخرجه النسائي (٤٣٢٢) من طريق شعبة، عن الحكم بن عتيبة، والطيالسي (١٢٢٢) عن شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، كلاهما عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت بن وداعة.
وهو في «المسند» (١٧٩٣٢).
وأخرجه أحمد (١٧٧٥٧)، والترمذي في «العلل الكبير» ٢/ ٧٥٣، والبزار (١٢١٧ - كشف الأستار)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٢٧٥) و(٣٢٧٦)، وفي «شرح معاني الآثار» ٤/ ١٩٧ من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن ابن حسنة. وزاد فيه: أن النبي ﷺ أمرهم بإكفاء القدور، فأكفؤوها.
(١) حديث منكر، قال الخطابي: ليس إسناده بذاك، وقال البيهقي ٩/ ٣٢٦: هذا ينفرد به إسماعيل بن عياش، وليس بحجة، وقال الجورقاني في «الأباطيل» (٦٠٨): هذا حديث منكر، وإسناده ليس بمتصل، وإسماعيل بن عياش ضعيف الحديث، وقال ابن الجوزي في «العلل» (١٠٩٧): هذا حديث لا يصح، وإسماعيل بن عياش ضعيف، وقال المنذري في «اختصار السنن»: في إسناده إسماعيل بن عياش وضمضم ابن زرعة، وفيهما مقال، وقال الذهبي في «الميزان» و«سير أعلام النبلاء» في ترجمة إسماعيل بن عياش: هذا حديث منكر، زاد في «السير»: وأراه مرسلًا.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٢٩١ و٢/ ٣١٨ و٤٤٧، والبيهقي ٩/ ٣٢٦، والجورقاني في «الأباطيل» (٦٠٨) من طريق إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. =

٢٨ - باب في أكل لَحْمِ الحُبَارَى
٣٧٩٧ - حدَّثنا الفضلُ بنُ سهل، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثني بُرَيْهُ بن عمر بن سفينة، عن أبيه
عن جدِّه، قال: أكلتُ مع النبي ﷺ لحم حُبَارَى (١).

٢٩ - باب في أكل حشرات الأرض
٣٧٩٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا غالبُ بن حَجْرة، حدَّثني مِلْقامُ ابن تَلِب


= وأخرجه تمام في «فوائده» (٩٥٠) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، عن أبيه، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي راشد الحُبراني، عن عبد الله ابن شبل أحد النقباء: أن رسول الله ﷺ يوم خيبر حرَّم الضب وحمر الإنس وكل ذي ناب من السباع. ومحمد بن إسماعيل بن عياش ضعفه أبو داود وعمرو بن عثمان، ثم إنه قد خالف في إسناد الحديث ومتنه.
(١) إسناده ضعيف لضعف بُريه بن عمر بن سفينة -واسمه إبراهيم، وبُريه لقبه- وقد ضعّف حديثه هذا البخاري في «تاريخه الكبير» ٢/ ١٤٩ والعقيلي في «الضعفاء» ١/ ١٦٧ - ١٦٨، وابن حبان في «المجروحين» ١/ ١١١، وغيرهم.
وأخرجه الترمذي (١٩٣٣) عن الفضل بن سهل، بهذا الإسناد.
قال الدميري في «حياة الحيوان» ١/ ٣٢٠ - ٣٢١: الحُبارَى، بضم الحاء المُهملة، وفتح الباء المُوحَّدة: طائر معروفٌ ...، طويلُ العُنُقِ، رمادي اللون، في مِنقاره بعضُ طُول، ولحمه بين لحم الدجاج ولحم البط في الغلظ، وهو أخف من لحم البط لأنه بري.
قال ابن قدامة في «المغني» ١٣/ ٣٢٧: ويباح من الطيور ما لم نذكره في المحرمات، من ذلك الدجاج .. والحُبارى ... ويباح الزاغ وغراب الزرع ... وتباح العصافير كلها ...، ويُباح الحمام كله على اختلاف أنواعه ... إلى أن قال: لا أعلم فيه خلافا.

عن أبيه، قال: صَحِبْتُ النبيَّ ﷺ فلم أسمع لحشَرَةِ الأرضِ تحريمًا (١).
٣٧٩٩ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد الكلبيُّ أبو ثورٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ منصورٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمدٍ، عن عيسى بن نُميلةَ
عن أبيه، قال: كنت عند ابن عمر فسُئل عن أكلِ القُنفُذِ، فتلا: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآية [الأنعام: ١٤٥]، قال: قال شيخٌ عنده: سمعتُ أبا هريرة يقول: ذُكِر عندَ النبيِّ ﷺ فقال: «خَبيثةٌ مِن الخَبائثِ» فقال ابنُ عمر: إن كان قال رسولُ الله ﷺ هذا، فهو كما قال ما لم نَدْرِ (٢).

٣٠ - باب ما لم يُذكَرْ تحريمه
٣٨٠٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ داود بن صَبيحٍ، حدَّثنا الفضلُ بن دُكَيْنِ، حدَّثنا محمدٌ -يعني ابنَ شَريك المكيَّ- عن عَمرو بن دينارٍ، عن أبي الشعثاء


(١) إسناده ضعيف لجهالة مِلْقام بن التَّلِب.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١٢٩٩)، والبيهقي ٩/ ٣٢٦ من طريق موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد.
قال الخطابي والبيهقي وغيرهُما: هذا لا يدل على الإباحة لجواز أن يكون قد سمعه غيرُه.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة عيسى بن نُميلة وأبيه، ولإبهام الراوي عن أبي هريرة.
وقد ضعف هذا الإسناد الخطابي والبيهقي وغيرهما.
وأخرجه أحمد (٨٩٥٤)، والبيهقي ٩/ ٣٢٦، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٨١، وابن الجوزي في «التحقيق» (١٩٦٨)، والمزي في تهذيب الكمال«في ترجمة عيسى ٢٣/ ٥٢ - ٥٣ من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد.
وقوله في الحديث:»ما لم ندْرِ" أثبتناه من (ب) وحدها. ومعناه: ما لم ندْرِ صحته وثبوته.

عن ابنِ عباسِ، قال: كان أهلُ الجاهليّه يأكلُون أشياءَ ويتركُونَ أشياءَ تقذُّرًا، فبَعَث الله عز وجل نبيَّه ﷺ، وأنزل كتابَه، وأحَلَّ حلالَه وحَرَّم حرامَه، فما أحَلَّ فهو حَلالٌ، وما حَرَّمَ فهو حَرامٌ، وما سَكَتَ عنه فهو عَفْوٌ، وتلا: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ إلى آخر الآية [الأنعام: ١٤٥] (١).


(١) إسناده صحيح. كما قال الحافظ ابن كثير في «تخريج أحاديث التنبيه» ١/ ٣٦٨. وأخرجه الحاكم ٤/ ١١٥، وابن مردويه في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» ٣/ ٣٤٧ من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه الحاكم ٢/ ٣١٧، وعنه البيهقي ٩/ ٣٣٠ من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. وصححه أيضًا الحاكم وسكت عنه الذهبي.
قال ابن الجوزي في «نواسخ القرآن» ص ٣٣٥: اختلف العلماء في حكم هذه الآية على قولين:
أحدهما: أن المعنى: لا أجد محرمًا مما كنتم تستحلون في الجاهلية إلا هذا، قاله طاووس ومجاهد.
والثاني: أنها حصرت المحرم، فليس في الحيوانات محرم إلا ما ذكر فيها، ثم اختلف أرباب هذا القول: فذهب بعضهم إلى أنها محكمة، وأن العمل على ما ذكر فيها، فكان ابن عباس لا يرى بلحوم الحمر الأهلية بأسًا، ويقرأ هذه الآية، ويقول: ليس بشيء حرامًا إلا ما حرمه الله في كتابه، وهذا مذهب عائشة والشعبي، وذهب آخرون إلى أنها نسخت بما ذكر في المائدة من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وقد ردَّ قوم هذا القول بأن قالوا: كل هذا داخل في الميتة، وقد ذكرت الميتة ها هنا فلا وجه للنسخ، وزعم قوم أنها نسخت بآية المائدة، وبالسنة في تحريم الحمر الأهلية، وكل ذب ناب من السباع ومخلب من الطير، وهذا ليس بصحيح، أما آية المائدة فقد ذكرنا أنها داخلة في هذه الآية.
وأما ما ورد في السنة فلا يجوز أن يكون ناسخًا، لأن مرتبة القرآن لا يقاومها أخبار الآحاد، ولو قيل: إن السنة خصت ذلك الإطلاق أو ابتدأت حكما كان أصلح، وإنما الصواب عندنا أن يقال: هذه الآية نزلت بمكة، ولم تكن الفرائض قد تكاملت، =

٣١ - باب في أكل الضَّبُع
٣٨٠١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله الخُزاعِيُّ، حدَّثنا جريرُ بنُ حازمٍ، عن عبدِ الله بن عُبيد، عن عبد الرحمن بن أبي عمَّارٍ
عن جابر بن عبد الله، قال: سألتُ رسول الله ﷺ، عن الضَّبُعِ، فقال: «هُوَ صَيدٌ، ويُجعلُ فيه كَبشٌ إذا صَادَهُ (١) المُحرِمُ» (٢).


= ولا المحرمات اليوم قد تتامَّت، ولهذا قال: ﴿فِي مَا أُوحِيَ﴾ على لفظ الماضي، وقد كان حينئذٍ من قال: لا إله إلا الله، ثم مات دخل الجنة، فلما جاءت الفرائض والحدود وقعت المطالبة بها، فكذلك هذه الآية إنما أخبرت بما كان في الشرع من التحريم يومئذٍ، فلا ناسخ إذن ولا منسوخ، ثم كيف يُدَّعى نسخها وهي خبر، والخبر لا يدخله النسخ.
(١) جاء في (هـ) -وهي برواية ابن داسه-: اصَّاده، وفي رواية ابن العبد: أصابه.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٠٨٥) من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٩٦٤).
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٣٦)، والترمذي (٨٦٧) و(١٨٩٤)، والنسائي (٢٨٣٦) و(٤٣٢٣) من طريق ابن جُريج، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، قال: سألت جابر بن عبد الله، أصيد هو؟ قال: نعم، قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أشيء سمعته من رسول الله ﷺ قال: نعم.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٦٥).
قال الإِمام البغوي في «شرح السنة» ٧/ ٢٧١: اختلف أهل العلم في إباحة لحم الضبع، فروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع وروي عن ابن عباس إباحة لحم الضبع، وهو قول عطاء، وإليه ذهب الشافعي وأحمد إسحاق وأبو ثور، وكرهه (أي حرمه) جماعة يُروى ذلك عن سعيد بن المسيب، وبه قال ابن المبارك ومالك والثوري وأصحاب الرأي، واحتجوا بأن النبي ﷺ نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وهذا عند الآخرين عام خصه حديث جابر، وانظر «شرح مشكل الآثار» للإمام الطحاوي ٩/ ٩٢ - ١٠٩. وقال صاحب «بذل المجهود» ١٦/ ١٢٩: كتب مولانا محمد يحيى المرحوم: (تعليقًا على رواية أبي داود: هو صيد): لا حجة فيه على حِلِّ أكله لمن =

٣٢ - باب النهي عن أكل السباع
٣٨٠٢ حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن ابنِ شهاب، عن أبي إدريس الخولانيِّ
عن أبي ثعلبةَ الخُشَني: أن رسولَ الله ﷺ نَهَى عَنْ أكْلِ كلِّ ذي نَابٍ من السَّباعِ (١).
٣٨٠٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانَة، عن أبي بِشرِ، عن ميمونَ بن مِهران
عن ابنِ عباس، قال: نَهَى رَسُولُ الله ﷺ عن أكلِ كُل ذي نَاب مِنَ السَّباعِ، وعن كُلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطيرِ (٢).


= أحل أكله، لأنه بيان لكونه صيدًا حتى يجب الجزاء بقتلِه للمحرم ولذلك ذكر الكبش.
انتهى. قلت: (القائل صاحب بذل المجهود) ولكن الرواية التي في الترمذي كأنه صريح في حل أكله، ويمكن أن يقال: إن حديث حرمة كل ذي ناب من السباع مصرح بتحريم جميعها، وأما الضبع فليس فيه نصّ بإباحته، بل الذي قاله جابر هو من اجتهاده، كأنه فهم من قوله ﷺ: «إن الضبع صيد» بأنه يحل أكله، ولما فهم من قوله حلَّه، نسب الحل إلى رسول الله ﷺ كأنه قال: فهو اجتهاد من جابر رضي الله عنه، ثم نقول: إن الضبع سبع ذو ناب فيدخل تحت الحديث المشهور، وما روي ليس بمشهور، فالعمل بالمشهور، على أن ما روينا محرِّم، وما رواه محلِّل، والمحرِّم يقضي على المُبيح احتياطًا.
(١) إسناده صحيح. أبو إدريس الخولاني: عائذ الله بن عبد الله، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
وهو في «موطأ مالك» برواية يحيى الليثي ٢/ ٤٩٦ بلفظ: قال رسول الله ﷺ: «أكل كل ذي ناب من السباع حرام». ورواه محمد بن الحسن الشيباني وأبو مصعب الزهري في «موطأيهما كما رواه القعنبيُّ حكايته نهي.
وأخرجه البخاري (٥٥٣٠) و(٥٧٨٠) و(٥٧٨١)، ومسلم (١٩٣٢)، وابن ماجه (٣٢٣٢)، والترمذي (١٥٤٥) و(١٥٤٦)، والنسائي (٤٣٢٥) و(٤٣٤٢) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٧٧٣٨)، و»صحح ابن حبان" (٥٢٧٩).
(٢) إسناده صحيح. وقد روى هذا الحديث -ما رواه أبو بشر- وهو جعفر بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إياس -الحكمُ بن عتيبة وجعفرُ بن بُرقان وعمرو بنُ دينار- يعني عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس.
وخالفهم علي بن الحكم كما سيأتي عند المصنف برقم (٣٨٠٥)، فرواه عن ميمون ابن مهران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - فزاد في الإسناد سعيد بن جبير، وقد صحح الخطيب البغدادي فيما نقله عنه الحافظ في «النكت الظراف» ٥/ ٢٥٣ عدم ذكر سعيد بن جبير في الإسناد، وقال البزار فيما نقله عنه الحافظ أيضًا: تفرد علي بن الحكم بإدخال سعيد بين ميمون وابن عباس، ولهذا حكم الحافظ على رواية علي بن الحكم بالشذوذ.
لكن ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والايهام» ٢/ ٤٥٠ قال: لم يسمعه ميمون من ابن عباس. بل بينهما فيه سعيد بن جبير، ورواه البخاري في «تاريخه» ٦/ ٢٦٢ عن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن علي الأرقط، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما -قال سعيد: وأظن بين ميمون وابن عباس سعيد بن جبير-: نهى النبي ﷺ عن ذي مخلب.
وأما ابن حزم في المحلى، ٧/ ٤٠٥ فقال: وأسلم الوجوه لعلي بن الحكم إن لم يوصف بأنه أخطأ في هذا الخبر، أن يقال: إن ميمون بن مهران سمعه من ابن عباس، وسمعه أيضًا من سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وفي هذا الحديث اختلاف آخر، وهو أن الثلاثة علي بن الحكم وأبو بشر والحكم بن عتيبة قد رووه مرفوعًا، وخالفهم غيلان بن جامع المحاربي وحجاج بن أرطأة فروياه عن ميمون بن مهران عن ابن عباس لم يرفعه. كذلك قال شعبة كما في «المسند» (٢٦١٩)، وقال: وأنا أكره أن أحدث برفعه. وغيلان ثقة وحجاج ضعيف.
وقد حكى ابن عبد البر في «التمهيد» ١٥/ ١٧٧ أن مالكًا أنكر الحديث عن النبي ﷺ أنه نهى عن أكل ذي المخلب من الطير، وأنه قال: لم أر أحدًا من أهل العلم يكره أكل سباع الطير.
أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه مسلم (١٩٣٤) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، و(١٩٣٤) من طريق الحكم بن عتيبة كلاهما عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٩٢) من طريق أبي بشر، و(٢٦١٩) من طريق الحكم ابن عتيبة. =

٣٨٠٤ حدَّثنا محمدُ بنُ المُصَفَّى الحمصي، حدَّثنا محمدُ بنُ حَرْبٍ، عن الزُّبيدي، عن مروانَ بن رُؤبَةَ التَّغلبي، عن عبد الرحمن بن أبي عوف
عن المِقدامِ بن مَعْدِي كَرِبَ، عن رسولِ الله ﷺ، قال: «ألا لا يَحِلُّ ذو ناب من السِّبَاع، ولا الحمارُ الأهليُّ، ولا اللُّقَطَة من مالِ مُعاهَدٍ إلا أن يستغنيَ عنها، وأيُّما رَجُلٍ ضَافَ قومًا، فلم يَقْرُوهُ، فإنَّ له أن يُعقِبَهُمْ بمثْلِ قِرَاهُ» (١).


= وأخرجه مختصرًا بالنهي عن السبع ذي الناب الطبراني في «الكبير» (١٢٩٩٦) من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس.
وسيأتي من طريق علي بن الحكم برقم (٣٨٠٥).
(١) حديث صحيح، مروان بن رُؤبة التغلبي، وان كان مجهولًا متابع.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في «السنة» (٤٠٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٠٩، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٦٦٧)، والدارقطني (٤٧٦٨)، والبيهقي ٩/ ٣٣٢، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» ١/ ٨٩ من طريق مروان ابن رؤبة. واقتصر الطحاوي على ذكر النهي عن ذي الناب من السباع وعن الحمار الأهلي، واقتصر الطبراني على ذكر القِرى.
وأخرجه أحمد (١٧١٧٤)، وابن زنجويه في «الأموال» (٦٢٠)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (٢٤٤)، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٦٦٨) و(٦٧٠)، وفي «الشاميين» (١٠٦١)، والبيهقي في دلائل النبوة، ٦/ ٥٤٩، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» ١/ ٨٩، وابن عبد البر في «التمهيد» ١/ ١٤٩ - ١٥٠ من طريق حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، به. وإسناده صحيح. وبعضهم يختصر الحديث.
وسيأتي ضمن الحديث الآتي برقم (٤٦٠٤).
قوله: «يُعقِبهم بمثل قِراه، قال ابن الأثير في»النهاية": أي: يأخذ منهم عِوضا عما حَرَمُوه من القِرى. وهذا في المضطر الذي لا يجد طعامًا ويخاف على نفسه التلَف.
يقال: عقَّبهم مشددًا ومخففًا وأعقبهم، إذا أخذ منهم عُقبَى وعُقبةً، وهو أن يأخذ منهم بدلًا عما فاته.

٣٨٠٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّار، عن ابن أبي عَدي، عن ابن أبي عَروبة، عن عليٍّ بن الحكم، عن مَيمُون بن مِهْران، عن سعيدِ بن جُبير
عن ابنِ عباس، قال: نهى رسولُ الله ﷺ يومَ خيبرَ عَنْ أكْلِ كُلِّ ذي نابٍ مِنَ السِّباعِ، وعن كُلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطَّيرِ (١).
٣٨٠٦ - حدَّثنا عمرو بن عثمانَ، حدَّثنا محمدُ بنُ حربٍ، حدَّثني أبو سلمةَ سليمانُ بنُ سُلَيمٍ، عن صالحِ بنِ يحيى بن المِقدام، عن جَدِّه المقدام بن مَعْدِي كَرِبَ
عن خالد بن الوليد، قال: غزوتُ مَعَ رسولِ الله ﷺ خيبرَ، فأتَتِ اليهودُ، فشكَوْا أن النَّاسَ قد أسْرَعُوا إلى حَظائِرِهمْ، فقال رسولُ الله ﷺ: «ألا لا تَحِلُّ أموالُ المعاهَدين إلا بحَقِّها، وحرامٌ عليكم حُمُرُ الأهلية، وخيلُها، وبِغَالُها، وكل ذي نابٍ مِنَ السِّباع، وكُلُّ ذي مِخلَبٍ من الطَّير» (٢).


(١) إسناده صحيح، وقد سلف الكلام عليه برقم (٣٨٠٣). ابن أبي عروبة: هو سعيد، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٣٤)، و(٤٣٤٨) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا إلاسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣١٤١).
وانظر ما سلف برقم (٣٨٠٣).
(٢) إسناده ضعيف لضعف صالح بن يحيى بن المقدام، على نكارة في متنه في ذكر النهي عن لحوم الخيل، وقد سلف بعضه عند المصنف برقم (٣٧٩٠) من طريق بقية بن الوليد، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده، بزيادة يحيى بن المقدام في إسناده وهو مجهول، وقد نقل المنذري في «اختصار السنن» تضعيف أهل العلم لهذا الحديث كالإمام أحمد والإمام البخاري والنسائي والبرديجي والخطابي والدارقطني والواقدي والبيهقي. =

٣٨٠٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، ومحمدُ بنُ عبد الملك الغزال، قالا: حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاق، عن عُمَر بن زيد الصَّنعاني، أنه سَمعَ أبا الزبير
عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبي ﷺ نهى عن ثمَنِ الهِرِّ. قال ابن عبد الملك: عن أكْلِ الهِرِّ وأكْلِ ثمَنِها (١).

٣٣ - باب في أكل لحوم الحمر الأهليَّة
٣٨٠٨ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحسن المصِّيصيُّ، حدَّثنا حجَّاج، عن ابن جُرَيجٍ، أخبرني عمرو بن دينار، أخبرني رجلٌ
عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسولُ الله ﷺ عن أن نأكلَ لحومَ الحُمُرِ، وأمَرَنا أن نأكُلَ لُحُومَ الخَيل. قال عمرو: فأخبرتُ هذا الخبر أبا الشعثاء، فقال: قَدْ كانَ الحَكَمُ الغِفَاريُّ فينا يقول هذا، وأبَى ذلك البَحْرُ، يريدُ ابنَ عباس (٢).


= وقد صح عن المقدام من حديثه ذكر أموال المعاهدين والحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع كما سلف برقم (٣٨٠٤).
وصح ذكر ذي المخلب من الطير في حديث ابن عباس السالف برقم (٣٨٠٣) و(٣٨٠٥) وغيره.
وانظر ما سلف برقم (٣٧٩٠).
(١) صحيح بلفظ أحمد بن حنبل بذكر ثمن الهر دون أكله، وهذا إسناد ضعيف لضعف عُمر بن زيد الصنعاني، لكنه متابع، وقد سلفت رواية أحمد برقم (٣٤٨٥).
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٨٧٤٩)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (٣٢٥٠)، والترمذي (١٣٢٦). بلفظ رواية محمد بن عبد الملك. وقال الترمذي: حديث غريب.
وانظر ما سلف برقم (٣٤٨٠).
(٢) إسناده صحيح. والرجل المبهم في هذا الخبر هو محمد بن علي الباقر كما سلف بيانه في الحديث رقم (٣٧٨٨). أبو الشعثاء: هو جابر بن زيد. =

٣٨٠٩ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ أبي زيادٍ، حدَّثنا عُبيدُ الله، عن إسرائيلَ، عن منصورِ، عن عُبيدٍ أبي الحسن، عن عبدِ الرحمن
عن غالب بن أبْجَر، قال: أصابتنا سَنَةٌ، فلم يَكُنْ في مالي شيءٌ أُطعِمُ أهلي إلا شيء من حُمُرِ، وقد كانَ رسولُ الله ﷺ حَرَّمَ لحومَ الحُمُرِ الأهليةِ، فأتيتُ النبيَّ ﷺ، فقلت: يا رسولِ الله، أصابتنا السَّنةُ، ولم يكُنْ في مالي ما أُطْعِمُ أهلي إلا سِمَانُ حُمُرِ، وإنَّك حرَّمتَ لحومَ الحُمُرِ الأهليَّة، فقال: «أطعِمْ أهلَكَ مِنْ سمين حُمُرِكَ، فإنما حرمتُها مِن أجل جَوَالِّ (١) القرية» يعني الجَلاَّلة (٢).


= وخبر أبي الشعثاء أخرجه البخاري (٥٥٢٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. وزاد في خبره: أبى ذلك البحر، وقرأ:، ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥].
وهو في «مسند أحمد» (١٧٨٦١).
وانظر ما سلف برقم (٣٧٨٨).
قال الخطابي: لحوم الحمر الأهلية محرمة في قول عامة العلماء، وإنما رُويت الرخصة فيها عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولعل الحديث في تحريمها لم يبلغه، فأما حديث ابن أبجر فقد اختلف في إسناده ... وقد ثبت التحريم من طريق جابر متصلًا.
(١) المثبت من (هـ)، وهو الصواب، قال ابن الأثير: الجَوالّ، بتشديد اللام، جمع جالّة كسامّة، وسوامّ: قلنا: وهي الجلالة التي تأكل العَذِرة، وفي سائر أصولنا الخطية: جوَّالي، وهو خطأ.
(٢) إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد رواه منصور وهو ابن المعتمر - واختُلف عنه: فرواه عنه إسرائيل كما في هذه الرواية، ورواه شريكٌ النخعي، عنه، عن عُبيد -وهو ابنُ الحَسن- عن غالب، دون ذكر عبد الرحمن بن معقل.
ورواه شعبة بن الحجاج، واختلف عنه كذلك: فرواه روح بن عبادة وأبو نعيم الفضل بن دكين ومحمد بن جعفر، عنه، عن عُبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= -وقال أبو نعيم: عبد الرحمن-، عن عبد الرحمن بن بِشْر، عن ناس من مزينة من أصحاب النبي ﷺ، أن أبجر أو ابن أبجر سأل النبي ﷺ -وقال أبو نعيم: عن أبجر أو ابن أبجر- ورواه وكيع، عن شعبة، عن عبيد، عن ابن معقل، عن ناس من مزينة، عن غالب بن أبجر، ورواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن عبيد، عن عبد الله بن معقل -وفي رواية: عبد الرحمن بن معقل- عن عبد الله بن بُسْر، عن ناس من مزينة أن أبجر أو ابن أبجر.
ورواه مِسعَر بن كدام، واختلف عنه أيضًا: فرواه أبو نعيم الفضْل بن دكين، عنه، عن عبيد بن الحسن، عن ابن معقل، عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر عبد الله بن عمرو بن عويم والآخر غالب بن أبجر، قال مسعر: أُرى غالبًا الذي أتى النبي ﷺ كما في رواية المصنف الآتية بعد هذه الرواية. ورواه وكيع بن الجراح، عن مسعر، عن عبيد، عن ابن معقل المزني، عن أناس من مزينة، عن غالب. ورواه سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن عُبيد، عن عبد الله بن معقل، عن رجلين من مزينة أتيا النبي ﷺ.
ورواه أبو العُميس عن عبيد الله بن الحسن، عن عبد الله بن معقل، عن غالب بن أبجر.
إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وعُبيد الله: هو ابن موسى العبْسي، وعبيد أبو الحسن: هو ابن الحسن.
وأخرجه البيهقي ٩/ ٣٣٢، وابن الأثير في «أُسد الغابة» ٤/ ٣٣٥ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٦/ ٤٨ عن عبيد الله بن موسى، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٢٦٥، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١١٣٢)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٠٣، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٣١٩ من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن منصور، عن عبيد أبي الحسن، عن غالب بن ذِيخ، كذا قال شريك النخعي، قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» في ترجمة غالب بن أبجر: ويقال: غالب بن ذِيخ، ولعله جدُّه.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (١٣٠٥)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في «الآحاد» (١١٣٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٠٣، والطبراني في «الكبير» =

قال أبو داود: عبدُ الرحمن: هذا هو ابن معقل.
قال أبو داود: روى شعبةُ هذا الحديث، عن عُبيد أبي الحسن، عن عبد الرحمن بن مُعْقلٍ، عن عبد الرحمن بن بِشْرٍ، عن ناسٍ من مُزَينَةَ، أن سيد مُزَيْنَةَ أبجَرَ، أو ابنَ أبْجَرَ، سأل النبي ﷺ (١).
٣٨١٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان، حدَّثنا أبو نُعيم، عن مِسْعَرٍ، عن عُبَيدٍ، عن ابن معقل


= ١٨/ (٦٦٧)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة، (١٠٨١)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ١/ ٤٨، عن شعبة، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل -وعند الطحاوي: عبد الرحمن بن معقل- عن عبد الله بن بُسْر، عن ناس من مزينة الظاهرة: أن أبجر أو ابن أبجر ... الحديث.
وأخرجه الطحاوي ٤/ ٢٠٣ من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، و٤/ ٢٠٣ من طريق روح بن عبادة، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (١٠٨٢)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ١/ ٤٨ من طريق محمد بن جعفر، ثلاثتهم عن شعبة، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل -وقال أبو نعيم: عبد الرحمن بن معقل- عن عبد الرحمن بن بِشر، عن ناس من أصحاب النبي ﷺ من مزينة: أن أبجر أو ابن أبجر سأل النبي ﷺ وقال أبو نعيم: عن أبجر أو ابن أبجر ...
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٢٦٥ - ٢٦٦، وعنه ابن أبي عاصم في "الآحاد (١١٣١)، عن شعبة، عن عُبيد بن الحسن، عن ابن معقل، عن أناس من مزينة الظاهرة قال: قال غالب بن أبجر ...
وأخرجه الطبراني ١٨/ (٦٦٤) من طريق أبي العُميس، عن عبيد بن الحسن عن عبد الله بن معقل، عن غالب بن أبجر. كرواية إسرائيل عن منصور -أعني رواية المصنف- غير أنه قال: عن عبد الله بن معقل بدل: عبد الرحمن.
وسيأتي بعده من طريق مِسْعَر، عن عُبيد بن الحسن واختُلف فيه على مسعر أيضًا كما سيأتي.
(١) مقالتا أبي داود هاتان أثبتاهما من (هـ).

عن رجُلَيْن من مُزينة، أحدُهما عن الآخر عبدُ الله بنُ عمرو بن عُوَيم، والآخر غالبُ بنُ الأبجَرِ، قال مسعرٌ: أُرى غالبًا الذي أتى النبيَّ ﷺ، بهذا الحديث (١).
٣٨١١ - حدَّثنا سهلُ بنُ بَكَّارٍ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن ابن طاووس، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه
عن جدِّه، قال: نهى رسولُ الله ﷺ يومَ خيبَر عن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّه، وعن الجَلاَّلة: عن رَكوبِها، وأكلِ لَحمِها (٢).


(١) إسناده ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه في الطريق الذي قبله. مِسعَر: هو ابن كدام، وأبو نعيم: هو الفضل بن دكين.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٠٣، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٣١٨، والطبراني ١٨/ (٦٦٦) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني ١٨/ (٦٦٥) من طريق وكيع بن الجراح، عن مِسعر، عن عُبيد ابن الحَسَن، عن ابن معقل المزني، عن أناس من مزينة، عن غالب بن أبجر.
وأخرجه عبد الرزاق (٨٧٢٨)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١١٣٣)، والطبراني ١٨/ (٦٦٨) من طريق سفيان بن عيينة، عن مِسعَر، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل -وجاء عند الطبراني: عن رجل، بدل: عبد الله بن معقل-، عن رجلين من مزينة أتيا النبي ﷺ فقالا: إن السَّنَة أصابتنا ...
وانظر ما قبله.
تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو في رواية ابن داسه أيضًا، لأن (هـ) عندنا بروايته.
(٢) إسناده حسن. ابن طاووس: هو عبد الله، ووُهَيب: هو ابن خالد.
وأخرجه النسائي (٤٤٤٧) من طريق سهل بن بكار -وتحرف في المطبوع إلى: سُهيل-، عن وُهيب، عن ابن طاووس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن أبيه محمد ابن عبد الله بن عمرو بن العاص -قال مرة: عن أبيه، وقال مرة: عن جده-، وهذا الشك من سهيل بن بكار، فقد روى الحديث جماعة عن وُهَيب فلم يَشُكُّوا: =

٣٤ - باب في أكل الجراد
٣٨١٢ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَريُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي يَعفُورٍ
سمعتُ ابن أبي أوفى وسالتُه عن الجَراد، فقال: غَزَوتُ مع رسولِ الله ﷺ في ستَّ -أو سَبْعَ- غَزَواتٍ، فكُنَّا نأكُلُه مَعَهُ (١).
٣٨١٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ الفرج البغداديُّ، حدَّثنا ابنُ الزِّبرِقَان، حدَّثنا
سليمان التيميُّ، عن أبي عثمان النهديِّ
عن سَلْمان، قال: سُئِلَ النبيَّ ﷺ عن الجَرَاد، فقال: أكثرُ جُنُودِ الله، لا آكُلُه، ولا أُحرِّمُهُ» (٢).


= فقد أخرجه أحمد (٧٠٣٩) من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، والطبراني في «الأوسط» (٢٨٠٩) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، والحاكم ٢/ ١٠٣، والبيهقي ٩/ ٣٣٣ من طريق أحمد بن إسحاق الحضرمي، ثلاثتهم عن وهيب، بهذا الإسناد.
(١) إسناده صحيح. ابن أبي أوفى: هو عبد الله، وأبو يعفور: هو وقدان العبدي الكوفي.
وأخرجه البخاري (٥٤٩٥)، ومسلم (١٩٥٢)، والترمذي (١٩٢٥) و(١٩٢٦) و(١٩٢٧)، والنسائي (٤٣٥٦) و(٤٣٥٧) من طرق عن أبي يعفور العبْدي، عن ابن أبي أوفى.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٥٧).
وقوله: فكنا نأكله معه. قال الحافظ: يحتمل أن يريد بالمعية مجرد الغزو دون ما تبعه من أكل الجراد ويحتمل أن يريد مع أكله، قلنا: ويرجح الأول الحديث الذي يأتي بعد هذا عند المؤلف.
(٢) ابن الزبرقان -واسمه محمد بن الزبرقان الأهوازي أبو همام- وإن احتج به الشيخان - فيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، لا سيما إذا خالف، وقد تابعه في الطريق الآتي عند المصنف بعده أبو العوام -وهو فائد بن كيسان- وهو دون الثقة، وقد خالفهما محمد بن عبد الله الأنصاري ومعتمر بن سليمان ويزيد بن هارون، فرووه عن سليمان =

قال أبو داود: رواه المُعتَمِرُ، عن أبيه، عن أبي عُثمان، عن النبي ﷺ: لم يذكر سَلْمانَ.
٣٨١٤ - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ وعلي بنُ عبد الله، قالا: حدَّثنا زكرياء بن يحيى بن عُمارة، عن أبي العوّام الجزَّار، عن أبي عثمانَ النَّهديِّ
عن سلمانَ، أن رسولَ الله ﷺ سُئِلَ، فقال مثله. فقال: «أكثرُ جُنْد الله» قال عليٌّ: اسمه فائدٌ، يعني أبا العوَّام (١).


= التيمي، عن أبي عثمان النهدي -واسمه عبد الرحمن بن ملّ- مرسلًا، وهم من الثقة بمكان، ولهذا رجح ابن معين في رواية الدُّوري عنه ٤/ ٢٦٨ المُرسلَ، وكذلك رجحه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في «العلل» ٢/ ٨، وإليه مال البيهقي ٩/ ٢٥٧.
وأخرجه البزار (٢٥٠٩)، والطبراني في «الكبير» (٦١٢٩)، والبيهقي ٩/ ٢٥٧، والخطيب البغدادي في «تاريخه» ١٤/ ٧٢، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٢١/ ٣٧٤ من طريق محمد بن الزِّبرِقان، بهذا الإسناد.
وخالف محمد بنَ الزِّبرقان محمدُ بنُ عبد الله الأنصاري عند البيهقي ٩/ ٢٥٧، ومعتمر بن سليمان عند عبد الرزاق (٨٧٥٧)، ويزيد بن هارون عند ابن أبي شية ٨/ ٣٢٩ فرووه عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي مرسلًا، وهذا مرسل صحيح. رجاله ثقات. وأبو عثمان النهدي من كبار التابعين وهو مخضرم.
وكذلك رواه شعبة بن الحجاج، عمن سمع أبا عثمان النهدي، عن أبي عثمان مرسلًا. أخرجه عنه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (٦٥٣).
وانظر ما بعده.
(١) أبو العوَّام الجزار -واسمه فائد بن كيسان- وإن كان حسنَ الحديث، وتابعه محمد بن الزِّبرقان وهو مثلُه في الدرجة، خالفهما من هم أوثق منهما كما سلف بيانه في الحديث السابق، فرووه عن أبي عثمان النهدي مرسلًا، وهو الصحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢١٩)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ٢٨٥، والطبراني في «الكبير» (٦١٤٩)، والبيهقي ٩/ ٢٥٧، والمزي في ترجمة أبي العوام في «تهذيب الكمال»، من طريق أبي العوام، به.
وانظر ما قبله.

قال أبو داود: رواه حمادُ بنُ سلمةَ، عن أبي العوَّام، عن أبي
عثمان، عن النبيَّ ﷺ، لم يذكر سلمان.

٣٥ - باب في أكل الطافي من السمك
٣٨١٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدة، أخبرنا يحيى بنُ سليم الطائفيُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ أُمية، عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ما ألقى البحرُ، أو جَزَرَ عنه فكُلُوه، وما ماتَ فيه وطَفَا، فلا تأكُلُوه» (١).


(١) إسناده ضعيف. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- مدلس وقد ععن، ثم إن يحيى بن سُلَيم الطائفي في حفظه شيء، وقد خالفه الثقات، فرووه عن أبي الزبير، عن جابر موقوفًا، كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث، وهو الصحيح، نص عليه المصنف والدارقطني وغيرهما.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٤٧)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٠٢٨)، والطبراني في «الأوسط» (٢٨٥٩)، والدارقطني (٤٧١٥)، والبيهقي ٩/ ٢٥٥ - ٢٥٦، وابن عبد البر في «التمهيد»١٦/ ٢٢٥، وابن الجوزي في «التحقيق» (١٩٤٥) من طريق يحيى بن سُليم الطائفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (٤٧١٦) من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفًا من قوله. وقال الدارقطني: وهو الصحيح.
وأخرجه الترمذي في «العلل»، ٢/ ٦٣٦، والطبراني في «الأوسط» (٥٦٥٦)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٠/ ١٤٨ من طريق حُسين بن يزيد الطحان، عن حفص ابن غياث، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا، قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي: ليس هذا بمحفوظ، ويُروى عن جابر خلاف هذا، ولا أعرف لابن أبي ذئب، عن أبي الزبير شيئًا. قلنا: وقد ضعفه المصنّف أيضًا بإثر الحديث. وحسين ابن يزيد الطحان لين الحديث، كما قال الحافظ. =

قال أبو داود: روى هذا الحديث سفيانُ الثوري، وأيوبُ، وحمادٌ، عن أبي الزُّبير، أوقفوه على جابر.
وقد أُسْنِدَ هذا الحديثُ أيضًا من وجه ضعيف، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبيَّ ﷺ.


= وأخرجه الدارقطني (٤٧١٤)، والبيهقي ٩/ ٢٥٥ من طريق أبي أحمد الزُّبيري، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا كذلك. قال الدارقطني: لم يُسنده عن الثوري غير أبي أحمد، وخالفه وكيع والعَدَنيان، وعبد الرزاق ومُؤمَّل وأبو عاصم، وغيرهم، رووه عن الثوري موقوفًا، وهو الصواب، وكذلك رواه أيوب السَّخْتياني وعُبيد الله بن عمر وابن جُريج وزهير وحماد بن سلمة، وغيرهم، عن أبي الزبير، موقوفًا. قلنا: ووهَّم أبا أحمد كذلك الطبراني والبيهقي.
وأخرجه موقوفًا ابنُ أبي شيبة ٥/ ٣٧٩ من طريق أيوب السَّختياني، والدارقطني (٤٧١٧) و(٤٧١٨)، والبيهقي ٩/ ٢٥٥ من طريق عُبيد الله بن عمر، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر.
وأخرجه مرفوعًا الطحاوي في «شرح المشكل» (٤٠٢٦) و(٤٠٢٧)، والدارقطني (٤٧١٣) من طريق عبد العزيز بن عُبيد الله، عن وهب بن كيسان -زاد الطحاوي: ونعيم بن عبد الله- عن جابر. قال الدارقطني: تفرد به عبد العزيز، عن وهب، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به، وكذلك قال أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في «العلل» ٢/ ٤٦ و٤٩، وضعفه كذلك عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» ٤/ ١٢٤، ووافقه ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» ٣/ ٥٧٧.
قال الخطابي: قد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه أباح الطافي من السمك، ثبت ذلك عن أبي بكر الصدِّيق وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما.
وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح ومكحول وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور، وروي عن جابر وابن عباس رضي الله عنهما أنهما كرها الطافي من السمك، وإليه ذهب جابر بن زيد وطاووس، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
قلنا: وذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى جوازه كذلك نقله عنهما إسحاق بن منصور الكوسج في «مسائله» (٣٠٢٦).

٣٨١٥/ ١ - حدَّثنا ابن نُفَيلِ، حدَّثنا إسماعيل، عن خالد، عن معاوية بن قرَّة أبي إياس
أن أبا أيوب أُتِي بسمكةٍ طافية فأكلها (١).
قال أبو داود: وروى عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة، قال أشهد على ابن عباس، قال: أشهد على أبي بكر الصديق قال: كلوا الطافيَ من السمك.
٣٨١٥/ ٢ - حدَّثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، قال: أشهد على ابن عباس، قال:
أشهد على أبي بكر الصديق قال: كلوا الطافيَ من السمك (٢).

٣٦ - باب في المضطر إلى الميتة
٣٨١٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن سماك بن حربٍ
عن جابر بن سَمُرَةَ، أن رجلًا نزل الحرَّةَ ومعه أهلُه وولَدُه، فقال رجل: إن ناقةً لي ضَلَّتْ، فإن وجدْتَها، فأمْسِكْها، فوجدها، فلم


(١) رجاله ثقات. ابن نُفيل: هو عبد الله بن محمد بن علي النُّفيلي، وإسماعيل: هو ابن عُلية، وخالد: هو ابن مهران الحذاء.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ٣٨٠ عن ابنُ علية، به.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ)، وأشار هناك -والمزي من قبله في «الأطراف» (٣٤٨٩) - إلى أنه في رواية ابن العبد.
(٢) إسناده صحيح، وهو موقوف.
وأخرجه عبد الرزاق (٨٦٥٤)، وابن أبي شبة ٥/ ٣٨٠، والدارقطني (٤٧٢١ - ٤٧٢٤).
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ)، وأشار هناك -ومن قبله المزي في «الأطراف» (٦٦٠٢) - إلى أنه في رواية ابن العبد.

يَجِدْ صاحِبَها، فمرِضَتْ، فقالت امرأتُه: انحَرْها، فأبى، فنَفَقَتْ، فقالت امرأته: اسْلَخْها حتى نُقَدِّدَ شحمَها ولحمَها ونأكلَه، فقال: حتى أسألَ رسولَ الله ﷺ، فأتاه، فسأله، فقال: «هَلْ عندَكَ غِنًى يُغنيكَ؟» قال: لا، قال: «فَكُلُوها»، قال: فجاءَ صاحبُها، فأخبره الخبَر، فقال: هَلَّا كنْتَ نحرْتَها، قال: استَحيَيتُ مِنْكَ (١).
٣٨١٧ - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا الفضلُ بنُ دكينٍ، حدَّثنا عُقبةُ بن وهْبٍ بن عُقبةُ العامريُّ، سمعتُ أبي يُحدث


(١) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. وقد صحح حديثه هذا الإِمام أحمد فيما نقله عنه الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي» (١٣٣٦) لكنه قال [يعني الإِمام أحمد]: ولا أعرف معناه، وقال البيهقي بعد أن سرد عدة أحاديث في باب ما يحل من الميتة بالضرورة: في ثبوت هذه الأحاديث نظر، وحديث جابر بن سمرة أصحها، وقال الحافظ ابن كثير في «تخريج أحاديث التنبيه» ١/ ٣٧٠: إسناده على شرط مسلم، وقال الشوكاني: ليس في إسناده مطعَن. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه الطيالسي (٧٧٦)، وأحمد (٢٠٨١٥)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على «المسند» (٢٠٩٠٣)، وأبو يعلى (٧٤٤٨)، والطبراني (١٩٢٤) و(١٩٤٦) و(١٩٧١) و(١٩٧٧) و(٢٠٤٣)، والحاكم ٤/ ١٢٥، والبيهقي ٩/ ٣٥٦، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (١٣٣٦) من طرق عن سماك بن حرب، به. وجاء عند بعضهم: مات بغل، بدل: الناقة. وجاء في بعض روايات الحديث: «فقدِّدوا شحمه ولحمه وكلُوه»، وفي بعضها: فاستذابوا ودكها واستعانوا بلحمها بقية سنتهم.
وإنما يجوز أكل الميتة بقدر ما يسدُّ الرمق، ويأمن معه الموت، كما أجمع عليه أهل العلم فيما نقله ابن قدامة في «المغني» ١٣/ ٣٣٠.
وقال البغوي في «شرح السنة» ١١/ ٣٤٦: فأما من كان محتاجًا إلى الطعام، ولم يبلغ حالة الاضطرار بأن كان لا يخاف على نفسه التلف، فاتفقوا على أنه لا يحل له تناولُ الميتة.

عن الفُجَيع العامريِّ، أنه أتى رسولَ الله ﷺ، فقال: ما يَحِلُّ لنا من الميتة؟ قال: «ما طعامكم؟» قلنا: نَغْتَبِقُ ونَصطَبِحُ -قال أبو نعيم: فسَّرَهُ لي عُقْبةُ، قَدَحٌ غُدوةً، وقَدَحٌ عَشيةً- قال: «ذاك وأبي الجوع»، فاحلَّ لهم الميتةَ على هذه الحال (١).
قال أبر داود: الغَبوقُ من آخر النهار، والصَّبُوحُ مِن أول النهار.

٣٧ - باب في الجمع بين لونين من الطعام
٣٨١٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد العزيز بن أبي رِزمَة، أخبرَنا الفضلُ بنُ موسى، عن حسينِ بن واقدٍ، عن أيوبَ، عن نافعٍ


(١) إسناده ضعيف، عقبة بن وهب بن عقبة العامري مقبول حيث يتابع، ولكنه انفرد بهذا الحديث، وقال البيهقي ٩/ ٣٥٧: في ثبوته نظر. قلنا: ومع ذلك قال الحافظ في «الإصابة» في ترجمته ٥/ ٣٥٤: إسناده لا بأس به!
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٦/ ٤٦، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٥٠٣)، وابن قانع في «معجم الصحابة، ٢/ ٣٣٨، والطبراني في»الكبير«١٨/ (٨٢٩)، والبيهقي ٩/ ٣٥٧، والمزي في»تهذيب الكمال«في ترجمة فجيع العامري ٢٣/ ١٤٤ من طريق عقبة بن وهب، به.
ويخالفه حديث أبي واقد الليثي عند أحمد (٢١٨٩٨) وغيره بلفظ: قلت: يا رسول الله ﷺ، إنا بأرض تصيبُنا بها مخمصة، فما يحل لنا من الميتة؟ قال:»إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا بقلًا؟ فشأنكم بها«وهو حديث حسن في المتابعات والشواهد كما حققناه في»مسند أحمد«.
قال الخطابي:»الغَبُوق«: العشاء، و»الصبوح" الغداء، والقدح من اللبن بالغداة، والقدح بالعشي: يمسك الرَّمَق، ويقيم النفس، ان كان لا يغذو البدن، ولا يُشبع الشبع التام.
وانظر ما قبله.

عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ:»ودِدْتُ أنَّ عندي خُبزةً بيضاءَ من بُرَّة سَمْراءَ مُلَبَّقةً بسَمْن ولَبن، فقام رَجُلٌ مِن القوم، فاتَّخذه، فجاءَ به، فقال: «في أيِّ شيءٍ كان هذا»، قال: في عُكَّة ضَبٍّ، قال: «ارْفَعْهُ» (١).
قال أبو داود: هذا حديثٌ منكر.
قال أبو داود: وأيوبُ ليس هو السَّخْتياني (٢).

٣٨ - باب في أكل الجُبْن
٣٨١٩ - حدَّثنا يحيى بن موسى البَلْخيُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عُيينةَ، عن عمرو بن منصورٍ، عن الشعبيِّ
عن ابن عمر، قال: أُتِيَ النبيَّ ﷺ بجُبنةٍ في تَبُوكَ، فَدَعا بسِكِّين، فسَمَّى وقَطَعَ (٣).


(١) إسناده ضعيف جدًا. أيوب الذي نفى المصنف أن يكون السَّختياني هو ابن خوط كما استظهره الحافظ العراقي فيما نقله عنه تلميذه الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب»، وقال ابن حبان في «الثقات» ٦/ ٢٠٩ - ٢١٠ في ترجمة حسن بن واقد: قد كتب عن أيوب السختياني وأيوب بن خوط جميعًا، فكل حديث منكر عنده عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، إنما هو أيوب بن خُوط، وليس بأيوب السختياني.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٤١) من طريق الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.
وقد جاء في الجمع بين لونين من الطعام عدة أحاديث انظرها فيما سيأتي بالأرقام (٣٨٣٥) - (٣٨٣٧).
(٢) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من (هـ)، وأشار هناك إلى أن المقالة الثانية من رواية ابن الأعرابي.
(٣) إسناده ضعيف موصولًا، إبراهيم بن عُينة - قال أبو حاتم: شيخ يأتي بمناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقد خالفه عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي الثقة وقيس بن الربيع فأرسلاه عن الشعبي. =

٣٩ - باب في الخَلِّ
٣٨٢٠ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا معاويةُ بنُ هشام، حَدّثنا سفيانُ -يعني الثوريَّ- عن مُحَارب بن دِثار
عن جابرٍ، عن النبيَّ ﷺ قال: «نِعْمَ الأُدُمُ الخَلُّ» (١).
٣٨٢١ - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي ومسلمُ بنُ إبراهيمَ -المعنى- قالا: حَدَّثنا المثنى بنُ سعيدٍ، عن طلحةَ بن نافعٍ
عن جابرٍ عن النبيَّ ﷺ قال: نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ«(٢).


= وأخرجه ابن حبان (٥٢٤١)، والطبراني في»الأوسط«(٧٠٨٤)، وفي»الصغير«(١٠٢٦)، والبيهقي ١٠/ ٦، والمزيإ»تهذيب الكمال«في ترجمة عمرو بن منصور الهمْداني، من طريق إبراهيم بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٢٨٨ عن عيسى بن يونس السَّبيعي، وعبد الرزاق (٨٧٩٥) عن قيس بن الربيع، كلاهما عن عمرو بن منصور الهمْداني، عن الشعبي -وقرن به قيسٌ الضحاك بن مزاحم:- قال: أتي النبي ﷺ في غزوة تبوك بجبنة، فقيل: إن هذا طعام يصنعه المجوس، فقال:»اذكروا اسم الله عليه وكلوه«وهذا مُرسَلٌ صحيح.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معاوية بن هشام -وهو القصار- وهو متابع في الطريق الآتي بعده.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣١٧) من طريق قيس بن الربيع، والترمذي (١٩٤٥) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، كلاهما عن محارب بن دثار، به. وأخرجه الترمذي (١٩٤٤) من طريق مبارك بن سعيد أخي سفيان الثوري، عن أخيه سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر.
وقال الترمذي عن رواية معاوية بن هشام: هذا أصح من حديث مبارك بن سعيد.
وهو في»مسند أحمد" (١٤٢٢٥) و(١٤٩٨٨).
وانظر ما بعده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل طلحة بن نافع -وهو أبو سفيان، مشهور بكنيته- فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع في الطريق السالف قبله. =

٤٠ - باب في أكل الثوم
٣٨٢٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يُونُس، عن ابنِ شِهابٍ، حدَّثني عطاءُ بنُ أبي رباحٍ.
أن جابرَ بنَ عبد الله قال: إنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «مَنْ أَكَلَ ثومًا أو بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنا -أو ليعتزِلْ مسجِدَنا- وليقعُدْ في بيته»، وإنه أُتيَ ببَدرٍ فيه خَضِراتٌ مِنَ البُقُولِ، فوَجَدَ لها ريحًا، فسأل، فأُخْبِرَ بما فيها من البُقُول، فقال: «قَرِّبُوها» إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كَرِهَ أكلَها قال: «كُلْ، فإنِّي أُناجي مَنْ لا تُنَاجِي» (١).


= وأخرجه مسلم (٢٠٥٢)، والنسائي (٣٧٩٦) من طرق عن أبي سفيان طلحة بن نافع، به.
ولفظ مسلم: أن النبي ﷺ سأل أهله الأدُمَ، فقالوا: ما عندنا إلا خلٌّ، فدعا به، فجعل يأكل به ويقول: «نعم الأدُم الخلُّ، نعم الأدُم الخلُّ» قال ابن القيم: هذا ثناء على الخل بحسب الوقت لا لتفضيله على غيره، إذ لو حصل نحو لحمٍ أو عسل أو لبن، كان أحق بالمدح. ولأحمد (١٤٨٠٧) من حديث جابر: (نعم الإدام النحل ما أقفر بيت فيه خل«.
وهو في»مسند أحمد«(١٤٢٢٥).
وانظر ما قبله.
(١) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزُّهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه البخاري (٨٥٥)، ومسلم (٥٦٤) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه البخاري (٨٥٤)، ومسلم (٥٦٤)، والترمذي (١٩٠٩)، والنسائي (٧٠٧) من طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، به.
وأخرجه مسلم (٥٦٤) من طريق هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى رسول الله ﷺ عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة، فأكلنا منها، فقال:»من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس. =

قال أحمدُ بنُ صالحِ: ببَدْرٍ، فسره ابنُ وهب: طَبَقٍ.
٣٨٢٣ - حدَّثنا أحمدُ بن صالحِ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني عَمرٌو، أن بكْرَ ابن سَوادةَ حدَّثه، أن أبا النجيب مولى عبد الله بن سعْد حدَّثه
أن أبا سعيد الخُدْريَّ حدَّثه: أنه ذُكِرَ عندَ رسولِ الله ﷺ الثُّومُ والبَصَلُ، وقيل: يا رسولَ الله -، وأشدُّ ذلكَ كلِّه الثُّومُ، أفتُحَرِّمه؟ فقال النبيَّ ﷺ: «كلُوهُ، ومن أكله منكم، فلا يَقْرَبْ هذا المسجدَ حتَّى يذهبَ ريحُهُ مِنْه» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٥٠١٤) و(١٥٠٦٩) و(١٥٢٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٤٤) و(٢٠٨٦).
قال الخطابي: قوله: ببدر، يريد الطبق، وسمي الطبق بدرًا لاستدارته، ومنه سمي القمر حين كماله بدرًا، وذلك لاستدارته وحسن اتساقه.
وقوله: «فليعتزل مسجدنا» إنما أمره باعتزال المسجد عقوبةً له، وليس هذا من باب الأعذار التي تُبيح للمرء التخلف عن الجماعة كالمطر والريح العاصف ونحوهما من الأمور، وقد رأيت بعض الناس صنف في الأعذار المانعة عن حضور الجماعة بابًا ووضع فيه أكل الثوم والبصل، وليس هذا من ذاك في شيء، والله أعلم.
وقد ألحق بعض أهل العلم بذلك من كان بفيه بخر، أو به جرح له رائحة، وزاد بعضهم، فألحق أصحاب الصنائع كالسَّمَّاك والعاهات كالمجذوم، ومن يؤذي الناس بلسانه.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي النجيب مولى عبد الله بن سعْد، لكن روي الحديث من طريقين آخرين.
وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» ٢/ ١٤٣، وابن خزيمة (١٦٦٩)، وابن حبان (٢٠٨٥)، والبيهقي ٣/ ٧٧ من طريق أبي النجيب، به.
وأخرجه بنحوه مسلم (٥٦٥) من طريق أبي نضرة العَبْدي، عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه مسلم (٥٦٦) من طريق عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ مر على زرّاعة بصل هو وأصحابه. فنزل ناس منهم، فأكلوا منه، ولم =

٣٨٢٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الشَّيبانيِّ، عن عَدي ابن ثابتٍ، عن زِرِّ بن حُبَيش
عن حُذيفة، أظنُّه قال: عن رسول الله ﷺ قال: «من تَفَلَ تُجاهَ القِبلةِ جاء يومَ القيامةِ تَفْلُهُ بين عَينَيه، ومَن أَكَل مِن هذه البَقلَةِ الخبيثةِ فلا يقربَنَّ مسجِدَنا» ثلاثًا (١).
٣٨٢٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلِ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ
عن ابن عُمَرَ، أن النبيَّ ﷺ قال: «مَنْ أَكَلَ من هذه الشَّجَرَةِ فلا يَقْرَبَنَّ المساجد» (٢).


= يأكل آخرون، فرُحنا إليه، فدعا الذين لم يأكلوا البصلَ، وأخر الآخرين حتى ذهب ريحُها.
وهو في «مسند أحمد» (١١٥٨٤) من طريق أبي نضْرة، عن أبي سعيد.
(١) إسناده صحيح. الشيباني: هو أبو إسحاق سُليمان بن أبي سُليمان، وجرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٢٩٠٥)، وابن خزيمة (٩٢٥) و(١٣١٤) و(١٦٦٣)، وابن حبان (١٦٣٩)، والبيهقي ٣/ ٧٦ من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
ولم يذكر البقلة الخبيثة سوى البزار وابن خزيمة في الموضع الأخير والبيهقي.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٣٦٥ عن علي بن مُسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، به موقوفًا من قول حذيفة دون ذكر البقلة الخبيثة.
وأخرجه البزار (٢٩٠٤) من طريق جرير بن عبد الحميد، به مرفوعًا بلفظ: «إذا بصق أحدكم في المسجد، فلا يبصق عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه».
(٢) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه البخاري (٨٥٣)، ومسلم (٥٦١)، وابن ماجه (١٠١٦) من طريق عُبيد الله ابن عمر، به. وعندهم أن ذلك كان في غزوة خيبر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦١٩)، و«صحيح ابن حبان» (٢٠٨٨).

٣٨٢٦ - حدَّثنا شيبانُ بن فَرُّوخَ، حدَّثنا أبو هلالٍ، حدَّثنا حُمَيْد بن هلال، عن أبي بُردة عن المُغيرة بن شُعبةُ، قال: أكلتُ ثومًا، فأتيتُ مُصَلَّى النبيِّ ﷺ وقد سُبِقتُ بركعةٍ، فلما دخلتُ المسجدَ وَجَدَ رسولُ الله ﷺ ريحَ الثُّوم، فلما قَضَى رَسولُ الله ﷺ صلاتَه قال: «مَن أَكلَ مِنْ هذه الشجرةِ فلا يَقربَنَا حتى يَذْهَبَ رِيحُها - أو ريحُه» فلما قضيتُ الصلاةَ جئتُ إلى رسولِ الله ﷺ، فقلت: يا رسولَ الله ﷺ، والله لتُعطينِّي يَدَكَ، قال: فأدخلتُ يَدَهُ في كُمِّ قميصي إلى صَدْرِي فإذا أنا مَعصُوبُ الصَّدرِ، قال: «إنَّ لَكَ عُذرًا» (١).
٣٨٢٧ - حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيم، حدَّثنا أبو عامر عبدُ الملك بن عَمرو، حدَّثنا خَالدُ بن ميسرةَ -يعني العطارَ- عن معاويةَ بن قُرَّة


(١) إسناده ضعيف لضعف أبي هلال -وهو محمد بن سُلَيم الراسبي- وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني في «العلل» ٧/ ١٤٥ إرساله. أبو بُردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.
وأخرجه أحمد (١٨١٧٦)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٣٨، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (١٠٠٣)، والبيهقى ٣/ ٧٧ من طرق عن أبي هلال الراسبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٥١٠ و٨/ ٣٠٣، وأحمد (١٨٢٠٥)، وابن خزيمة (١٦٧٢)، وابن حبان (٢٠٩٥)، والبيهقي ٣/ ٧٧ من طريق سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، به. وسليمان بن المغيرة ثقة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٣٠٢ عن إسماعيل ابن عُلَيَّه، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (١٠٠٤) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة أن النبي ﷺ وجد من المغيرة ريح ثوم ... فذكره مرسلًا.
وذكر الدارقطني في «العلل» ٧/ ١٤٠ أن يونس بن عبيد رواه عن حميد بن هلال مرسلًا أيضًا، ثم قال: وكان المرسل هو الأقوى.
قوله: فإذا أنا معصوب الصدر، كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشُدَّ جوفَه بعصابة، وربما جعل تحتها حجرًا. قاله في «النهاية».

عن أبيه: أن النبيَّ ﷺ نهى عن هاتَيْنِ الشَّجرتَين، وقال: «مَن أكَلَهُما فلا يَقرَبَنَّ مَسجِدَنا» وقال: «إن كنتم لا بُدَّ آكِليهِما فأمِيتُوهُمَا طَبخًا» قال: يعني البَصَلَ والثُّوم (١).
٣٨٢٨ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا الجرَّاحُ أبو وكيع، عن أبي إسحاقَ، عن شَريكٍ -هو ابن حنبل-
عن علي قال: نُهِي عَنْ أكْلِ الثُّوم إلا مَطبُوخًا (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل خالد بن ميسرة العطار. وقد حسّن البخاري هذا الحديث فيما نقله عنه الترمذي في «العلل الكبير» ٢/ ٧٦٥ - ٧٦٦.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٦٤٧) من طريق خالد بن ميسرة، به وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٤٧).
وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في «الأوسط» (٣٦٦٨)، ومن طريقه الضياء في «المختارة» (١٧٤٠) ورجاله ثقات غير شيخ الطبراني، وهو سليمان ابن داود بن يحى الطيب البصري، فلم نقف له على ترجمة. وقد روى عنه أيضًا ابن قانع وكناه أبا أيوب، وقال: مولى بني هاشم.
وجاء عن عمر بن الخطاب موقوفًا من قوله عند مسلم (٥٦٧).
وانظر ما بعده.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. شريك بن حنبل. روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال ابن سعد: كان معروفًا قليل الحديث، وقد اختُلف عنه، فمرة روي عنه عن علي بلفظ المصنّف بعبارة تحتمل الرفع، وروي عنه عن علي أنه كره الثوم إلا مطبوخًا موقوفًا كذا رواه جماعة كما سيأتي. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
فأخرجه الترمذي (١٩١١)، والبيهقي ٣/ ٧٨ من طريق مُسدَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (١٩١٢) من طريق وكيع بن الجراح، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي قال: إنه كره أكل الثوم إلا مطبوخًا. هكذا رواه موقوفًا.=

٣٨٢٩ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازي، أخبرنا وحدَّثنا حيوةُ بنُ شُرَيح، حدَّثنا بقيةُ، عن بَجرٍ، عن خالدٍ
عن أبي زيادٍ خيارِ بن سَلَمةَ، أنه سألَ عائشةَ عن البَصَل، فقالت: إن آخِرَ طعامٍ أكَلَهُ رسولُ الله ﷺ طَعامٌ فيه بَصَلٌ (١).

٤١ - باب في التمر
٣٨٣٠ - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا عُمَرُ بنُ حفصٍ، حدَّثنا أبي، عن محمد بن أبي يحيى، عن يزيدَ الأعور
عن يوسف بن عبد الله بن سَلام، قال: رأيتُ النبي ﷺ أخذ كِسْرَةً من خُبْز شعيرٍ فوضع عليها تمرةً، وقال: «هذه إدامُ هذه» (٢).


= وكذلك رواه موقوفًا عبد الرحمن بن مهدي فيما حكاه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه في «العلل» (٤١٦٢)، وكذا يحيى الحماني فيما حكاه الدارقطني في «العلل» ٣/ ٢٤٢، كلاهما عن وكيع.
وكذلك رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق موقوفًا فيما حكاه أحمد بن حنبل في «العلل» (٤١٦٢).
ويشهد له الحديث السالف قبله.
(١) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- ثم إنه يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالسماع، وقد اختُلف عليه أيضًا كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٤٥٨٥). بَحير: هو ابن سعْد، وخالد: هو ابن مَعْدان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٦٤٦) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٨٥).
(٢) إسناده هالك من أجل محمد بن أبي يحيى -وهو الأسلمي- فهو متروك الحديث، ويزيد الأعور - وهو ابن أبي أمية مجهول.
وقد سلف هذا الحديث برقم (٣٢٥٩) و(٣٢٦٠).

٣٨٣١ - حدَّثنا الوليدُ بنُ عُتبةَ، حدَّثنا مروانُ بنُ محمد، حدَّثنا سُليمانُ بنُ بلال، حدَّثني هشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيه
عن عائشة قالت: قال النبيُّ ﷺ: «بَيْتٌ لا تَمْرَ فيه جِياعٌ أهلُهُ» (١).

٤٢ - باب تفتيش التمر المُسوِّس عند الأكل
٣٨٣٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو بن جَبَلَة، حدَّثنا سَلْمُ بن قتيبة أبو قتيبةُ، عن هَمَّام، عن إسحاقَ بن عبد الله بنْ أبي طلحةَ
عن أنس بن مالكٍ، قال: أُتِي النبيَّ ﷺ بتمرٍ عَتيقٍ، فجعل يُفتِّشه يُخرِجُ السُّوسَ منه (٢).


(١) إسناده صحيح، مروان بن محمد -هو الطاطري- وقد تابعه يحيى بنُ حسان التَّنِّيسيُّ الثقة أيضًا، فقول البخاري فيما نفله عنه الترمذي بإثر الحديث (١٩١٨): لا أعلم أحدًا رواه غير يحيى بن حسان. غير مُسلَّم، لما ذكرنا من متابعة مروان بن محمد الطاطري عند المصنف وغيره.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٢٧) من طريق مروان بن محمد الطاطري، ومسلم (٢٠٤٦)، والترمذي (١٩١٨) من طريق يحيى بن حسان التِّنِّيسيُّ، كلاهما عن سليمان ابن بلال، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٠٤٦)، والنسائي في «الكبرى» كما في «تحفة الأشراف» ١٢/ ٤١٧ من طريق أبي الرجال، عن أمه عمرة، عن عائشة.
وقال البغوي في «شرح السنة» (٢٨٨٥): هذا حديث صحيح. وهو في «مسند أحمد» (٢٥٤٥٨) من طريق عمرة عن عائشة، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٠٦) من طريق عروة عن عائشة.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في «عارضته» ٨/ ٨ لأن التمر كان قوتهم، فإذا خلا منه البيت جاع أهله، وأهل كل بلد يقولون في قوتهم الذي اعتادوه مثله.
وقال الطيبي: لعله حث على القناعة في بلاد كثر فيها التمر، أي: من قَنِعَ به لا يجوع«.
(٢) إسناده صحيح. وقد تابع سَلْمَ بنَ قتيبة على وصل هذا الحديث محمدُ بن
فضيل عند ابن عبد البر في التمهيد» ١٥/ ١٨٨. ورواه محمد بن كثير - وهو العَبْدي =

٣٨٣٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا همَّام
عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طَلْحةَ: أن النبيَّ ﷺ كان يُؤتَى بالتَّمْرِ فيه الدُّودُ، فذكر معناه (١).

٤٣ - باب الإقران في التمر عند الأكل
٣٨٣٤ - حدَّثنا واصِلُ بن عبدِ الأعلى، حدَّثنا ابنُ فُضَيل، عن أبي إسحاقَ، عن جَبَلَة بن سُحَيم
عن ابن عمر، قال: نَهى رسولُ الله ﷺ عن الاقران، إلا أن تستأذِنَ أصحابَكَ (٢).


= في الطريق الآتي بعده عند المصنف عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة مرسلًا.
وهذا لا يضعف الموصول، لأن اللذين وصلاه ثقتان.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٣٣) من طريق أبي قتيبة سَلْم بن قتيبة، بهذا الإسناد.
(١) مرسل صحيح. رجاله ثقات، وقد صح موصولًا كما هو مبين في الطريق السالف قبله.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ٧/ ٢٨١، و«شعب الإيمان» (٥٨٨٧) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعي، وابن فُضَيل: هو محمد.
وأخرجه البخاري (٢٤٥٥)، ومسلم (٢٠٤٥) من طريق شعبة بن الحجاج، والبخاري (٢٤٨٩)، ومسلم (٢٠٤٥)، والترمذي (١٩١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٦٦٩٤) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن جَبَلة بن سُحَيم، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٠٣٧) و(٥٢٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٣١). يقرن، بضم الراء وكسرها: يجمع بين الشيئين.
قال الخطابي: إنما جاء النهي عن القران لمعنى مفهوم، وعلة معلومة، وهي ما كان عليه القوم من شدة العيش، وضيق الطعام وإعوازه، وكانوا يتجوّزون في المأكل =

٤٤ - باب في الجمع بين اللونَين في الأكل
٣٨٣٥ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمريُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعد، عن أبيه
عن عبدِ الله بن جعفر، أن النبيَّ ﷺ كان يأكُلُ القِثِّاء بالرُّطَب (١).
٣٨٣٦ - حدَّثنا سعيدُ بنُ نُصير، حدَّثنا أبو أُسامة، حدَّثنا هِشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيه


= ويُواسُون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل تجافى بعضُهم عن الطعام لبعض، وآثر صاحبه على نفسه، غير أن الطعام ربما يكون مشفوها (قليلًا)، وفي القوم من بلغ به الجوعُ الشدة، فهو يُشفق من فنائه قبل أن يأخذ حاجته منه، فربما قرن بين التمرتين، وأعظم اللقمةَ ليَسُدَّ به الجوع، ويشفي به القَرَم، فأرشد النبيُّ إلى الأدب فيه، وأمر بالاستئذان، ليستطيب به نفس أصحابه. فلا يجدوا في أنفسهم من ذلك إذا رأوه قد استأثر به عليهم.
أما اليوم فقد كثر الخير واتسعت الحالُ، وصار الناسُ إذا اجتمعوا تلاطفُوا على الأكل، وتحاضُّوا على الطعام، فهم لا يحتاجون إلى الاستئذان في مثل ذلك. إلا أن يحدث حالٌ من الضيق والإعواز تدعو الضرورة فيها إلى مثل ذلك. فيعود الأمر أبيه إذا عادت العلة. والله أعلم.
وقال الحافظ في «الفتح» ٩/ ٥٧١ - ٥٧٢ ثم نسخ (يعني النهي عن الإقران) لمَّا حصلت التوسعة، روى البزار (٢٨٤ - كشف الأستار) والطبراني في «الأوسط» (٧٠٦٨) من حديث بريدة رفعه «كنت نهيتكم عن القِران وإن وسع عليكم فاقرنوا».
وقال ابن القيم في «تهذيب السنن»: وهذه الكلمة، وهي «الاستئذان» قد قيل: إنها مدرجة من كلام ابن عمر، قال شعبة: لا أرى هذه الكلمة إلا من كلام ابن عمر، يعني «الاستئذان» ذكره البخاري في «الصحيح» [(٥٤٤٦)].
(١) إسناده صحيح. إبراهيم بن سعْد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وأخرجه البخاري (٥٤٤٠)، ومسلم (٢٠٤٣)، وابن ماجه (٣٣٢٥)، والترمذي (١٩٥٠) من طرق عن إبراهيم بن سعد الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٤١).

عن عائشة قالت: كان رسولُ الله ﷺ يأكُلُ الطِّبِّيخَ بالرُّطَبِ، فيقول: «نكسِرُ حَرَّ هذا ببرد هذا، وبَرْدَ هذا بحَرِّ هذا» (١).
٣٨٣٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ الوزير، حدَّثنا الوليدُ بنُ مَزْيَد، سمعتُ ابنَ جابر، حَدَّثني سُلَيمُ بنُ عَامرٍ
عن ابني بُسْرٍ السُّلميَّين، قالا: دَخَلَ علينا رسولُ الله ﷺ فقَدَّمْنا زُبْدًا وتمرًا، وكان يُحِبُّ الزُّبْدَ والتَّمَر (٢).


(١) إسناده جيد. من أجل سعيد بن نُصير -وهو البغدادي ثم الرقي- فهو صدوق لا بأس به. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه الترمذي (١٩٤٩)، والنسائي في «الكبرى» (٦٦٨٨) من طريق سفيان الثورى، والنسائي (٦٦٨٧) من طريق إبراهيم بن حميد الرؤاسي، كلاهما عن هشام ابن عروة، به دون قوله: «نكسر حرَّ هذا ...».
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٦٩٣) من طريق يزيد بن رومان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة دون قوله: «نكسر حر هذا ...». قال النسائي فيما نقله عنه المزي في «تحفة الأشراف» ١٢/ ١٠١: ليس هو بمحفوظ من حديث الزهري.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٥٢٤٦) و(٥٢٤٧). دون قوله: «نكسر حر هذا ...».
وقوله: الطِّبِّيخ أثبتناه من (أ) و(ج) و(هـ)، وفي (ب): البطيخ، والطِّبِّيخ لغة في البِطِّيخ.
قال الخطابي: فيه إثبات الطب والعلاج ومقابلة الشيء الضار بالشيء المضادّ له في طبعه على مذهب الطب والعلاج، وفيه إباحة التوسع من الأطعمة والنيل من الملاذّ المباحة.
(٢) إسناده صحح. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٣٤) من طريق صدقة بن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، به. =

٤٥ - باب الأكل في آنية أهل الكتاب والمجوس والطبخ فيها
٣٨٣٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الأعلى وإسماعيلُ، عن بُردِ بن سنان، عن عطاء
عن جابر، قال: كنَّا نَغزُو مع رَسُولِ الله ﷺ، فنَصيبُ مِن آنيةِ المُشركينَ وأسقيتِهم فنَستمتِعُ بها، فلا يَعيبُ ذلكَ عَلَيهم (١).


= قال ابن القيم في «زاد المعاد» ٤/ ٣١٨: الزبد حارٌّ رطب، فيه منافع كثيرة، منها الإنضاج والتحليل، ويبرئ الأورام التي تكون إلى جانب الأذنين والحالبين، وأورام الفم، وسائر الأورام التي تعرض في أبدان النساء والصبيان إذا استعمل وحده، وإذا لُعق منه نفع من نفث الدم الذي يكون من الرئة، وأنضج الأورام العارضة فيها.
وهو مليِّن للطبيعة والعصب والأورام الصلبة العارضة من المرة السوداء والبلغم، نافع من اليُبس العارض في البدن ... وهو نافع مِن السعال العارض من البرد واليبس، ويذهب القُوباء والخشونة التي في البدن، ويَذهَبُ بوخامته الحلُو كالعسل والتمر، وفي جمعه ﷺ بين التمر وبينه من الحكمة إصلاح كل منهما بالآخر.
(١) إسناده قوي من أجل بُرْد بن سنان، فهو صدوق لا باس به. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السَّامي، وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّه.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٢٧٩ و١٢/ ٢٥١، وأحمد (١٥٠٥٣)، والطبراني في «مسند الشاميين» (٣٧٤) و(٣٧٥)، والبيهقي ١/ ٣٢ و١٠/ ١١ من طرق عن برد بن سنان، به.
وأخرجه بنحوه أحمد (١٤٥٠١)، والحارث بن أبي أسامة (٦٨ - زوائده)، والطحاوي في «شرح معاني الأثار» ١/ ٤٧٣ من طريق سليمان بن موسى، عن عطاء، عن جابر قال: كنا نصيب مع النبيَّ ﷺ في مغانمنا من المشركين الأسقية والأوعية، فنقسمها، وكلها مَيتةٌ.
قال الخطابي: ظاهر هذا يبيح استعمال آنية المشركين على الاطلاق، من غير غسل لها وتنظيف.
وهذه الإباحة مقيدة بالشرط الذي هو مذكور في الحديث الذي يليه في هذا الباب.

٣٨٣٩ - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصم، حدَّثنا محمدُ بنُ شُعيب، أخبرنا عبدُ الله ابنُ العَلاءِ بن زَبْرٍ، عن أبي عُبيد الله مُسلمِ بن مِشكَمٍ
عن أبي ثعلبةَ الخُشَنيِّ: أنه سألَ رسولَ الله ﷺ قال: إنا نُجَاوِرُ أهْلَ الكتابِ وهم يَطبُخُونَ في قُدورهم الخنزير ويَشرَبونَ في آنيتِهم الخمرَ، فقال رسولُ الله ﷺ: «إن وجَدتُم غَيرها فكلوا فيها واشرَبُوا، وإن لم تَجِدُوا غيرَهَا فارْحَضُوها بالماء، وكلُوا واشرَبُوا» (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نصر بن عاصم -وهو الأنطاكي- لكنه متابع. محمد بن شعيب: هو ابن شابور الدمشقي.
وأخرجه البيهقي ١/ ٣٣ من طريق نصر بن عاصم، والطبراني في «مسند الشاميين» (٧٨٣) من طريق هشام بن خالد (وتحرف في المطبوع إلى محمد بن خالد)، كلاهما عن محمد بن شعيب، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٥٨٤) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما (محمد بن شعيب والوليد) عن عبد الله بن العلاء، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٥٤٧٨)، ومسلم (١٩٣٠) وابن ماجه (٣٢٧)، والترمذي (١٥٣٢) و(١٦٤٦) من طريق أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الخشني. وزاد الترمذي في الموضع الأول آنية المجوس.
وأخرجه الترمذي (١٩٠١) من طريق أبى قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة. وأخرجه الترمذي (١٦٤٥) و(١٩٠٠) من طريق أبي قلابة، عن أبي ثعلبة دون ذكر أبي أسماء الرحبي، وقال الترمذي: أبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة، إنما رواه عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة. قلنا: ثم إنه ذكر في هذه الرواية قدور المجوس لا أهل الكتاب، وهذا وهم، والله تعالى أعلم.
وأخرجه الترمذي (١٥٣٢) من طريق حجاج بن أرطاة، عن مكحول، عن أبي ثعلبة. وحجاج ضعيف، ومكحول لم يسمع من أبي ثعلبة فيما قاله غير واحد من أهل العلم. =

٤٦ - باب في أكل دوابِّ البحر
٣٨٤٠ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو الزُّبير
عن جابر، قال: بعثنا رسولُ الله ﷺ وأمَّرَ علينا أبا عُبيدة ابنَ الجراح نتلقَّى عيرًا لقُريشٍ، وزوَّدنا جرابًَا مِن تمرٍ لم نجد له غيرَه، فكان أبو عبيدةَ يُعطينا تمرةً تمرةً، كنا نَمَصُّها كما يَمَصُّ الصبيُّ، ثم
نَشْرَبُ عليها من الماء، فتكفينا يَومَنا إلى الليل، وكنَّا نَضْرِبُ بعصيِّنا الخَبَطَ ثم نَبُلُّه بالماء، فنأكلُه، وانطلقنا على ساحل البحرِ، فرُفِعَ لنا كهَيْئةِ الكَثيبِ الضَّخم، فأتيناه، فإذا هو دابَّة تُدعى العنبرَ، فقال أبو عُبيدة: مَيتةٌ ولا تَحِلُّ لنا، ثم قال: لا، بل نحنُ رُسُلُ رسولِ الله ﷺ وفي سبيل الله، وقد اضطُرِرْتُم، فكُلوا، فأقمنا عليه شهرًا ونحن ثلاثُ مئةٍ حتى سَمِنَّا، فلما قَدِمْنا إلى رسولِ الله ﷺ ذَكرنا ذلك له،


= وأخرجه ابن ماجه (٢٨٣١) من طريق أبي فروة يزيد بن سنان، عن عروة بن رويم اللخمي، عن أبي ثعلبة الخشني. وأبو فروة ضعيف. وفي سماع عروة من أبي ثعلبة نظر.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٧٣١) و(١٧٧٥٠) و(١٧٧٥٢)، و"صحيح ابن حبان، (٥٨٧٩).
قال الخطابي: والأصل في هذا أنه إذا كان معلومًا من حال المشركين أنهم يطبخون في قدورهم لحم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمور، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد الغسل والتنظيف، فأما مياههم وثيابهم، فإنها على الطهارة، كمياه المسلمين وثيابهم، إلا أن يكونوا من قوم لا يتحاشون النجاسات، أو كان من عادتهم استعمال الأبوال في طهورهم، فإن استعمال ثيابهم غير جائز، إلا أن يعلم أنه لم يصبها شيء من النجاسات، والله أعلم. والرَّحْض: الغسل.

فقال: «هو رِزقٌ أخرجه الله لكم، فهل مَعكُم مِن لحمه شيءٌ فتطعمونا؟» فأرسلنا إلى رسولِ الله ﷺ، فأكَلَ (١).


(١) إسناده صحح. وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بالسماع عند أحمد (١٤٣٣٧) فانتفت شبهة تدليسه، على أنه متابع.
وأخرجه البخاري (٤٣٦٢) مختصرًا، ومسلم (١٩٣٥)، والنسائي (٤٣٥٣) و(٤٣٥٤) من طريق أبي الزبير المكي، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٥٩ - ٥٢٦١).
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٢٤٨٣) و(٢٩٨٣) و(٤٣٦٥)، ومسلم (١٩٣٥)، وابن ماجه (٤١٥٩)، والترمذي (٢٦٤٣)، والنسائي (٤٣٥١) من طريق وهب بن كيسان، والبخاري (٤٣٦١) و(٤٣٦٢) و(٥٤٩٣) و(٥٤٩٤)، ومسلم (١٩٣٥)، والنسائى (٤٣٥٢) من طريق عمرو بن دينار، ومسلم (١٩٣٥) من طريق عُبيد الله بن مقسم، ثلاثتهم عن جابر بن عبد الله.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٨٦) و(١٤٣١٥) و(١٤٣٣٧)، و«صحيح ابن حبان» وأخرج مسلم (٣٠١٤) من طريق عبادة بن الوليد، عن جابر: شكا الناس إلى رسول الله ﷺ الجوع، فقال: «عسى اللهُ أن يطعمكم» فأتينا سيف البحر، فزخر زخرة، فألقى دابَّه ... فذكر نحوه. قلنا: الظاهر أنهما حادثتان، وانظر «فتح الباري» ٨/ ٨١.
قال الخطابي: الخَبَط: ورق الشجر يضرب بالعصا فيسقط.
وفيه دليل على أن دواب البحر كلها مباحة إلا الضفدع لما جاء من النهي عن قتلها، وفيه أن ميتتها حلال، ألا تراه يقول: «هل معكم من لحمه شيء؟» فأرسلنا إليه فأكل، وهذا حال رفاهية، لا حال ضرورة.
وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن كل دابة في البحر فقد ذبحها الله لكم
أو ذكاها لكم.
وعن محمد بن علي أنه قال: كل ما في البحر ذكي، وكان الأوزاعي يقول: كل شيء كان عيشه في الماء فهو حلال، قيل: فالتمساح؟ قال: نعم. وغالب مذهب الشافعي إباحة دواب البحر كلها إلا الضفدع لما جاء من النهي عن قتلها. =

٤٧ - باب في الفأرة تقع في السَّمْن
٣٨٤١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا الزهريُّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباسٍ
عن ميمونةَ، أن فأرةً وقَعَتْ في سَمْنٍ فاُخبِرَ النبي ﷺ، فقال: «ألْقُوا ما حَوْلَها وكُلُوا» (١).


= وكان أبو ثور يقول: جميع ما يأوي إلى الماء فهو حلال، فما كان منه يُذكى لم يحل إلا بذكاة، وما كان منه لا يذكى مثل السمك أخذه حيًا وميتًا. وكره أبو حنيفة دواب البحر إلا السمك.
وقال سفيان الثوري: أرجو أن لا يكون بالسرطان بأس.
وقال ابن وهب: سألت الليث بن سعْد عن أكل خنزير الماء وكلب الماء ودواب الماء كلها، فقال: أما إنسان الماء فلا يؤكل على شيء من الحالات، والخنزير إذا سماه الناس خنزيرًا فلا يؤكل، وقد حرم الله الخنزير، وأما الكلاب فليس بها بأس في البر والبحر.
قلت: لم يختلفوا أن المارماهي مباح أكله، وهو شبيه بالحيات، ويُسمى أيضًا حية، فدل ذلك على بطلان اعتبار معنى الأسماء والأشباه في حيوان البحر، وإنما هي كلها سُموك، وإن اختلف أشكالها وصورها، وقد قال سبحانه: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ﴾ [المائدة:٩٦] فدخل كل ما يُصاد من البحر من حيوانه لا يُخَصُّ شيء منه إلا بدليل، وسئل رسول الله ﷺ عن ماء البحر، فقال: «طهور ماؤه، حلال متته»، فلم يستثن شيئًا منها دون شيء، فقضية العموم توجب فيها الإباحة إلا ما استثناه الدليل، والله أعلم.
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيية.
وأخرجه البخاري (٢٣٥)، والنسائي (٤٢٥٩) من طريق مالك بن أنس، والبخاري (٥٥٣٨)، والترمذي (١٩٠٢)، والنسائي (٤٢٥٨) من طريق سفيان بن عيية، كلاهما عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٧٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٩٢). ولفظ ابن حبان كلفظ رواية معمر الآتية بعده. وقد بين الإمام ابن قيم الجوزية في «تهذيب السنن» شذوذ رواية ابن حبان.
وانظر تالييه، وفقه الحديث في الذي يليه.

٣٨٤٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ والحسنُ بن علي -وهذا لفظُ الحسن- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيِّب
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا وَقَعَتِ الفأرةُ في السَّمْنِ: فإنْ كانَ جامدًا فألْقُوها وما حَولَها، وإن كانَ مائِعًا فلا تَقرَبُوه» (١).


(١) حديث صحيح دون قوله: «وإن كان مائعًا فلا تقربوه»، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن معمرًا قد أخطأ في إسناد هذا الحديث ومتنه، فقد رواه الناس عن الزهري بالإسناد السالف قبله وبمتنه، وأصحاب الزهري كالمجمعين على ذلك، وخالفهم معمر، فجعله عن الزهرى، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وزاد فيه الزيادة المشار إليها منفردًا بذلك. وقد خطَّأ معمرًا في ذلك البخاريُّ فيما نقله عنه الترمذي بإثر الحديث (١٩٠٢)، وأبو حاتم في «العلل» لابنه ٢/ ١٢، والترمذي بإثر الحديث (١٩٠٢). وانظر تفصيل ذلك في «تهذيب السنن» لابن قيم الجوزية ٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧، و«مسند أحمد» بتحقيقنا (٧١٧٧). وقد رواه معمر أحيانًا كما رواه أصحاب الزهري عنه على الصواب كما قال عبد الرزاق بإثر الحديث، وسيأتي بعده.
وهو عند عبد الرزاق (٢٧٨)، ومن طريقه أخرجه أحمد (٧٦٠١)، وابن حبان (١٣٩٣)، والدارقطني في «العلل» ٧/ ٢٨٧، والبيهقي ٩/ ٣٥٣، وابن حزم في «المحلى» ١/ ١٤٠، والبغوي (٢٨١٢).
وأخرجه ابن أبي شية ٨/ ٢٨٠ عن عبد الأعلى السامي، وأحمد (٧١٧٧) عن محمد بن جعفر، والدارقطني في «العلل» ٧/ ٢٨٧ من طريق يزيد بن زريع، والبيهقي ٩/ ٣٥٣ من طريق عبد الواحد بن زياد، أربعتهم عن معمر، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله وما بعده.
قال الخطابي قوله: «لا تقربوه» أي: لا تقربوه أكلًا وطعمًا، ولا يحرم الانتفاع به من غير هذا الوجه استصباحًا وبيعًا، ممن يستصبح به ويدهن به السفن ونحوها.
وأخرج البخاري (٥٥٣٩) عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري: عن الدابة تموت في الزيت والسمن وهو جامد أو غير جامد، =

قال الحسن: قال عبد الرزاق: ورُبَّما حَدَّث به معمرٌ عن الزهري
عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباس، عن ميمونةَ عن النبيِّ ﷺ. ٣٨٤٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا عبدُ الرحمن ابن بُوذُويه، عن مَعْمَرٍ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباس
عن ميمونة، عن النبيِّ ﷺ بمثل حديث الزهريِّ عن ابن المسيِّب (١).

٤٨ - باب في الذُّباب يقع في الطعام
٣٨٤٤ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضِّل، عن ابن عجلانَ، عن سعيد المَقبريِّ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا وَقَعَ الذُّبابُ في إناءِ أحدِكُم، فإنَّ في أحَدِ جناحَيه داءً وفي الآخر شِفَاءً، وإنَّه يتَّقي بجنَاحِه الذي فيه الدَّاءُ، فَلْيَغمِسهُ كُلَّه» (٢).


= الفأرة وغيرها، قال: بلغنا أن رسول الله ﷺ أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل.
قال الحافظ: وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب، لأنه لو كان عنده مرفوعًا ما سوّى في فتواه بين الجامد وغير الجامد، وليس الزهري ممن يقال في حقه: لعله نسي الطريق المفضلة المرفوعة، لأنه كان أحفظ الناس في عصره، فخفاء ذلك عنه في غاية البُعد.
(١) صحيح دون ذكر المائع كما بيناه في الحديث السالف قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن بُوذويه، فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه النسائي (٤٢٦٥) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٠٢).
وانظر سابقيه.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمد- لكنه متابع. سعيد المقبُري: هو ابن أبي سعيد. =

٤٩ - باب في اللقمة تسقُطُ
٣٨٤٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ
عن أنس بن مالكٍ: أن رسولَ الله ﷺ كان إذا أكَلَ طعامًا لَعِقَ أصابِعَه الثلاث، وقال: «إذا سَقَطَت لُقْمَةُ أحَدِكُم، فليُمِطْ عنها الأذَى ولْيأكُلْها ولا يَدَعْها للشَّيطان» وأمَرَنا أن نَسْلُتَ الصَّحْفة، وقال: «إنَّ أحَدَكُم لا يَدْرِي في أيِّ طَعامِه يُبارَكُ له» (١).


= وأخرجه البخاري (٣٣٢٠)، وابن ماجه (٣٥٠٥) من طريق عُتبة بن مسلم، عن عُبيد بن حُنين، عن أبي هريرة. وقال فيه عند البخاري: «فليغمسه ثم لينزِعه»، وعند ابن ماجه: «ثم ليطرحه».
وهو في مسند أحمد، (٧١٤١) و(٩١٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٤٦) و(٥٢٥٠). وهو عند ابن حبان من طريق بشر بن المفضل، وقال فيه: «فليغمسه كله ثم لينزعه».
قال الخطابي: فيه من الفقه أن أجسام الحيوان طاهرة إلا ما دلت عليه السنة من الكلب ونحوه، وما ألحق به في معناه.
وفيه دليل على أن ما لا نفى له سائلة إذا مات في الماء القليل لم ينجسه، وذلك أن غمْس الذباب في الإناء قد يأتي عليه، فلو كان نَجَّسَهُ إذا مات فيه لم يأمره بذلك، لما فيه من تنجيس الطعام وتضييع المال، وهذا قول عامة العلماء، إلا أن الشافعي قد علَّق القول فيه فقال في أحد قولين: إن ذلك ينجسه.
(١) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (٢٠٣٤)، وبإثر (٢٠٣٥)، والترمذي (١٩٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٣٢) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٦٤) و(١٢٨١٥)، و«صحيح ابن حبان»، (٥٢٤٩).
قال الخطابي: سلت الصحفة: تتبُّع ما يبقى فيها من الطعام، ومسحها بالإصبع ونحوه، ويقال: وقد بين النبي ﷺ والعلة في لعق الأصابع وسلت الصحيفة، وهو قوله: «فإنه لا يدري في أي طعامه يبارك له»، يقول: لعل البركة فيما لعق بالأصابع والصحفة من لطخ ذلك الطعام.

٥٠ - باب في الخادم يأكل مع المولى
٣٨٤٦ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا داودُ بن قيس، عن موسى بنِ يَسَار
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا صَنَعَ لأحدكم خادِمُهُ طعامًا، ثُمَّ جاءَه به وقد وَلِيَ حَرَّهُ ودُخَانه، فليُقعِدْه معه فليأكلْ، فإن كان الطعامُ مَشفُوهًا، فليضَغ في يدِه منه أُكْلةَ أو أُكلَتَين» (١).

٥١ - باب في المنديل بعد الطعام
٣٨٤٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن جُرَيجٍ، عن عطاء
عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا أكَلَ أحدُكم فلا يَمسَحْ يَدَه بالمِنديلِ حتَّى يَلْعَقَها أو يُلْعِقَها» (٢).


(١) إسناده صحيح. موسى بن يسار: هو المطلبي مولاهم عمّ محمد بن إسحاق، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
وأخرجه مسلم (١٦٦٣) عن عبد الله بن مَسلمة القعنبيُّ، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٥٥٧) من طريق محمد بن زياد، وابن ماجه (٣٢٨٩)، والترمذي (١٩٥٩) من طريق أبي خالد البجلي الأحمسي، وابن ماجه (٣٢٩٠) من طريق عبد الرحمن الأعرج، ثلاثتهم عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٣٨) و(٧٥١٤).
قال الخطابي: المشفوه: القليل، وقيل له: مشفوه، لكثرة الشفاه التي تجتمع على أكله، والأكلة مضمومة الألف: اللقمة، والأكلة بفتحها: المرة الواحدة من الأكل.
(٢) إسناده صحيح. وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- قد صرح بالسماع عند مسلم وغيره، وهو وإن لم يصرح بالسماع تحمل عنعنته عن عطاء -وهو ابن أبي رباح- على السماع كما صرح هو نفسه بذلك فيما حكاه يحيى القطان عنه. ذكره ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (٨٥٨). يحيى: هو ابن سعيد القطان. =

٣٨٤٨ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن هشامِ بن عُروة، عن عبد الرحمن بن سعدِ، عن ابن كعب بن مالك
عن أبيه: أن النبيَّ ﷺ كان يأكُلُ بثلاثِ أصابعَ، ولا يَمسَحُ يَدَه حتَّى يَلْعَقَها (١).


= وأخرجه مسلم (٢٠٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٤٥) من طريق ابن جريج، به.
وأخرجه البخاري (٥٤٥٦)، ومسلم (٢٠٣١)، وابن ماجه (٣٢٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧٤٤) من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٤).
وقال الحافظ في «الفتح» ٩/ ٥٧٩: وفيه استحباب مسح اليد بعد الطعام. قال عياض: محله فيما لم يحتج فيه إلى الغسل مما ليس فيه غَمْر ولُزوجة مما لا يُذهبه إلا الغسل لما جاء في الحديث من الترغيب في غسله والحذر من تركه.
وقال المناوي في «فيض القدير» ١/ ٢٩٧: وأراد بالمنديل هنا المعدُّ لإزالة الزُّهومة، لا المسح بعد الغسل، وظاهر الخبر أنهم كان لهم مناديل معدة لمسح الأيدي، ولا ينافيه ما في خبر أنهم لم يكن لهم مناديل، لأن ذلك كان في أول الأمر قبل ظهور الإسلام وانتشاره، فلما ظهر وحث على النظافة اتخذوا لهم مناديل لما قبل الغسل ولما بعده، ففيه ندب اتخاذ ذلك ورد على من كره لعق الأصابع استقذارًا. نعم لا يفعله أثناء الأكل لأنه يُعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه فيستقذر.
(١) إسناده صحيح. عبد الرحمن بن سعْد: هو المدني مولى ابن سفيان، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل الحرّاني.
وأخرجه مسلم (٢٠٣٢) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (٢٠٣٢) عن محمد بن عبد الله بن نمير، و(٢٠٣٢) عن أبي كريب، كلاهما عن عبد الرحمن بن سعْدٍ، قال الأول: أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أو عبد الله بن كعب، وقال الثاني: أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وعبد الله ابن كعب حدثاه أو أحدهما، عن كعب بن مالك. =

٥٢ - باب ما يقول الرجل إذا طَعِمَ
٣٨٤٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ثورٍ، عن خالد بن مَعْدانَ
عن أبي أمامة، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا رُفِعَت المائدةُ قال: «الحمدُ لله كثيرًا طيِّبًا مُبارَكًا فيه غيرَ مَكفِيٍّ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مُستغنًى عنه رَبّنا» (١).


= وأخرجه مسلم (٢٠٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٦٧١٩) من طريق سعد بن إبراهيم، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٦٤) و(١٥٧٦٧)، و«صحيح ابن حبان»، (٥٢٥١).
(١) إسناده صحيح. ثور: هو ابن يزيد الحمصي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه البخاري (٥٤٥٨) و(٥٤٥٩)، وابن ماجه (٣٢٨٤)، والترمذي (٣٧٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٦٨٩٧) و(١٠٠٤٣) من طريق ثور بن يزيد، والنسائي في «الكبرى» (٦٨٦٨) و(٦٨٦٩) و(١٠٠٤٢) من طريق عامر بن جَشيب، كلاهما عن خالد بن معدان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢١٦٨) و(٢٢٢٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢١٧) و(٥٢١٨) قال الخطابي: قوله: «غير مكفيٍّ ولا مُودَّع ولا مستغنى عنه ربُّنا» معناه: إن الله سبحانه هو المُطعم والكافي، وهو غير مُطعم ولا مكفي، كما قال سبحانه: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [الأنعام: ١٤] وقوله: «ولا مُودَّع» أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده، ومنه قوله سبحانه: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ٣] أي: ما تركك ولا أهانك، ومعنى المتروك: المُستغنى عنه.
قوله: «ربنا» قال في «هدي الساري» ٨/ ٢٤٦: بالنصب على المدح أو الاختصاص أو النداء، ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هو، والجر على البدل من اسم الله في قوله: الحمد لله. قال الكرماني: وباعتبار مرجع الضمير ورفع غير ونصبه تكثر التوجيهات.

٣٨٥٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أبي هاشمٍ الواسطيِّ، عن إسماعيل بن رِياحٍ، عن أبيه أو غيره
عن أبي سعيدٍ الخدري، أن النبيَّ ﷺ كان إذا فَرَغَ مِنْ طَعامِهِ قال: «الحمدُ لله الذي أطعَمَنَا وسَقَانَا وجَعَلنا مُسْلِمين» (١).
٣٨٥١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني سعيدُ بن أبي أيوب، عن أبي عَقيل القرشيِّ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ
عن أبي أيوب الأنصاريِّ، قال: كانَ رسولُ الله ﷺ إذا أكلَ أو شَرِبَ قال: «الحمدُ لله الذي أطعَمَ وسَقَى وسَوَّغهُ وجَعَلَ له مَخْرَجًَا» (٢).


(١) إسناده ضعيف. إسماعيل بن رياح، قال الذهبي في «الميزان»: شبه تابعي، ما أدري من ذا، خرج له أبو داود، وروى عنه أبو هاشم الرماني وحده، وحديثه مضطرب. ورياح بن عَبيدة -وهو السُّلَمي الكوفي- فيه جهالة. وانظر الاختلاف في إسناده في «مسند أحمد». (١١٢٧٦). سفيان: هو الثوري، ووكيع: هو ابن الجراح.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٧٦) عن وكيع، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠٤٨) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير (وهو غير أبي هاشم الرماني) عن إسماعيل بن رياح، عن رياح بن عَبيدة، عن أبي سعيد.
وأخرجه النسائي (١٠٠٤٧) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن أبي هاشم، عن رباح -وقال مرة أخرى: رياح- عن أبي سعيد الخدري. ولم يذكر إسماعيل.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٨٣)، والترمذي (٣٧٦٠) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج بن أرطأة، عن رياح بن عبيدة، عن مولى لأبي سعيد، عن أبي سعيد.
وهذا إسناد ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة وإبهام مولى أبي سعيد.
(٢) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُليّ: هو عبد الله بن يزيد المَعافِري، وأبو عَقيل القرشي: هو زُهرة بن مَعْبَد، وابن وهب: هو عبد الله. =

٥٣ - باب في غسل اليد من الطعام
٣٨٥٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهَيرٌ، حدَّثنا سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من نامَ وفي يَدِهِ غَمَرٌ، ولم يَغْسِلْهُ، فأصابَه شيءٌ، فلا يَلُومنَّ إلا نفسَه» (١).

٥٤ - باب في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده
٣٨٥٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّار، حدَّثنا أبو أحمدَ، حدَّثنا سفيانُ، عن يزيدَ أبي خالد الدَّالانيِّ، عن رجلٍ
عن جابر بن عبد الله، قال: صَنعَ أبو الهيثم بنُ التَّيِّهان للنبيِّ ﷺ
طعامًا، فدعا النبيَّ ﷺ وأصحابَه، فلما فَرَغُوا قال: «أثِيبُوا أخاكُم»


= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٨٦٧) و(١٠٠٤٤) من طريق عبد الله بن وهب،
بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٥٢٢٠).
وقوله: وسوغه: جعله سائغًا، سهل المدخل في الحلق.
(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٩٧) من طريق سهيل بن أبي صالح، والترمذي (١٩٦٨) من طريق الأعمش، كلاهما عن أبي صالح، به.
وأخرجه الترمذي (١٩٦٧) من طريق سعيد المقبري، والنسائي في «الكبرى» (٦٨٧٨) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، و(٦٨٧٩) من طريق سعيد بن المسيب، ثلاثتهم عن أبي هريرة. وطريق المقبري فيها يعقوب بن الوليد المدني كذاب، وأما الطريقان الآخران فخطَّأهما النسائي مع أن رجالهما ثقات، للاختلاف فيهما على معمر بن راشد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٦٩) و(٨٥٣١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٢١).
قال ابن الأثير في «النهاية»: الغَمَر بالتحريك: الدَّسَم والزُّهومة من اللحم، كالوَضَر من السَّمْن.

قالوا: يا رسولَ الله، وما إثابَتُه؟ قال: «إنَّ الرجلُ إذا دُخِل بَيتُه فأُكِلَ طَعامُهُ، وشُرِبَ شَرابُه فَدَعَوْا له، فذلك إثابتُه» (١).
٣٨٥٤ - حدَّثنا مخلدُ بن خالدٌ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن ثابتٍ
عن أنس: أن النبيَّ ﷺ جاءَ إلى سعدِ بن عُبَادَةَ، فجاءَ بخُبْزٍ وزَيْتٍ، فاكَلَ، ثم قال النبي ﷺ: «أفْطَرَ عندَكُمُ الصَّائمونَ، وأَكَلَ طَعامَكُم الأبْرَارُ، وصَلَّتْ عَلَيكُم المَلائِكة» (٢).


(١) إسناده ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن جابر بن عبد الله كما قال الحافظ في «تخريج أحاديث الاذكار» نقله عنه ابن علان في «الفتوحات الربانية» ٥/ ٢٤٨، وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن زيد الجزري -وهو ابن أبي أُنيسة- عن شرحبيل المدني -وهو ابن سَعْد- عن جابر بن عبد الله. وشرحبيل هذا ضعيف. والإسناد إليه ضعيف، ورواه غير يزيد الدالاني، فخالفوه في متنه.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٤٦٠٥) من طريق محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، وأبو موسى في «ذيل معرفة الصحابة» كما في «الإصابة» للحافظ ابن حجر ٥/ ٦٦٦ من طريق عيسى بن موسى غنجار، كلاهما عن أبي حمزة السُّكَّري، عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن زيد الجزري -وهو ابن أبي أُنيسة- عن شرحبيل المدني -وهو ابن سعْد- عن جابر. ومحمد بن الحسن ضعيف، وعيسى بن مرص غنجار يُدلس ويحدث عن المتروكين، وشرحبيل ضعيف.
وسيأتي عند المصنف برقم (٤٨١٣) بلفظ: «من أعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليُئنِ به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره» من طريق عمارة ابن غزية، عن رجل -وهو شرحبيل بن سعْد نفسه- عن جابر.
وكذلك رواه بهذا اللفظ أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد الحراني، عن زيد بن أبي أنيسة، عن شرحبيل بن سعْد، عن جابر عند ابن حبان (٣٤١٥)، والقضاعي (٤٨٥).
وانظر تمام تخريجه عند المصنف برقم (٤٨١٣).
(٢) إسناده صحيح كما قال الإِمام النووي في «الاذكار»، والحافظ العراقي في =

آخر كتاب الأطعمة
تمَّ الجزء الخامس من «سنن أبي داود»
ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الطب


= «تخريج أحاديث الإحياء»، والحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» ٣/ ١٩٩.
ثابت: هو ابن أسلم البناني، ومعمر: هو ابن راشد.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٧٩٥٧) و(١٩٤٢٥)، ومن طريقه أخرجه أحمد (١٢٤٠٦)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» كما في «المختارة» للضياء بإثر (١٧٨٤)، والطبراني في «الدعاء» (٩٢٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٤/ ٢٤٠ و٧/ ٢٨٧، وفي «الآداب» (٣٢٩)، وفي «شعب الإيمان» (٦٠٤٨) و(٦٠٤٩) و(٦٠٥٠)، والبغوي
في «شرح السنة» (٣٣٢٠) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٢٠/ ٢٥٢، والضياء المقدسي
في «المختارة» (١٧٨٤). ووقع عند عبد الرزاق في الموضع الثاني: زبيبًا، بدل زيتًا، وكذلك رواية أحمد وابن راهويه والطبراني والبيهقي في «السنن الكبرى» والبغوي وابن عساكر والضياء.
ووقع عند عبد الرزاق أيضًا في الموضع الثاني: عن أنس أو غيره، وكذلك روايةُ أحمد وابن راهويه والبيهقي في «السنن الكبرى» والموضع الثالث من «الشعب» والبغوي والضياء.
وأخرجه البزار (٢٠٠٧ - كشف الأستار)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٥٧٧) والبيهقي في «السنن الكبرى» ٧/ ٢٨٧، وفي «الآداب» (٥٧١) من طريق ابن أبي الشوارب، عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت، عن أنس. ولم يشك.
وأخرجه ابن حبان في «المجروحين» ٢/ ١٤٣، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» ٢/ ٢٨٠ وابن عساكر ٢٠/ ٢٥٢ - ٢٥٣ من طريق عبد الحكم بن عبد الله -ويقال: ابن زياد- القسملي البصري، عن أنس بن مالك. وعبد الحكم هذا قال ابن حبان: كان يروي عن أنس ما ليس من حديثه، وقال أبو نعيم الأصبهاني: روى عن أنس نسخة منكرة لا شيء.
وأخرجه ابن السني في «عمل اليوم واليلة» (٤٨٢) من طريق قتادة، عن أنس.
والإسناد إليه ضعيف.
وستأتي قصة سعد بن عُبادة مطولة عند المصنف برقم (٥١٨٥) دون ذكر هذا الدعاء.

 


google-playkhamsatmostaqltradent