١ - بَاب حَدِّ السَّرِقَةِ وَنِصَابِهَا
١
- (١٦٨٤)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي
عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) (قَالَ ابْنُ أَبِي عمر: حدثنا. وقال الآخران:
أخبرنا سفيان ابن عُيَيْنَةَ) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْطَعُ
السَّارِقَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.
(يقطع السارق) قال القاضي عياض رضي الله عنه:
صان الله تعالى الأموال بإيجاب القطع
على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة. كالاختلاس والانتهاب والغصب. لأن ذلك
قليل بالنسبة إلى السرقة. ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالستعداء إلى ولا ة
الأمور. وتسهل إقامة البينة عليه. بخلاف السرقة فإنه تندر إقامة البينة عليها.
فعظم أمرها واشتدت عقوبتها ليكون أبلغ في الزجر عنها. وقد أجمع المسلمون على قطع
السارق في الجملة، وإن اختلفوا في فروع منه.
(١٦٨٤) - وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن
حميد. قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَر. ح وحدثنا أبو
بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
كَثِيرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. كلهم عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِمِثْلِهِ، فِي
هَذَا الْإِسْنَادِ.
٢ - (١٦٨٤)
وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ
بْنُ شُجَاعٍ (وَاللَّفْظُ لِلْوَلِيدِ وَحَرْمَلَةَ). قَالُوا: حدثنا ابن وهب.
أخبرني يونس عن ابن شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
عَنْ رسول الله ﷺ قال (لَا تُقْطَعُ
يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دينار فصاعدا).
٣ - (١٦٨٤)
وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ
بْنُ عِيسَى (وَاللَّفْظُ لِهَارُونَ وَأَحْمَدَ) (قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ:
أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ). أَخْبَرَنِي
مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ
⦗١٣١٣⦘
بْنِ يَسَارٍ عَنِ عَمْرَةَ؛
أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تُحَدِّثُ؛
أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ (لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ).
٤ - (١٦٨٤)
حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ
بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ
يَقُولُ (لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فصاعدا).
(١٦٨٤) - وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. جَمِيعًا
عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، مِنْ
وَلَدِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْهَادِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٥ - (١٦٨٥)
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا حميد بن عبد
الرحمن الرواسي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ:
لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ فِي
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ، حَجَفَةٍ أَوْ ترس.
وكلاهما ذو ثمن.
(المجن) اسم لكل ما يستجن به، أي يستتر.
(حجفة)
الحجفة الترس من جلد بلا خشب جـ حجف. وهي الدرقة. وهي الترس مجروران، بدل من المجن.
(ترس)
الترس صفحة من الفولاذ تحمل للوقاية من السيف ونحوه جـ أتراس وتراس وتروس وترسة.
(١٦٨٥) - وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بن سليمان وحميد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ح
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ
سُلَيْمَانَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ.
كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرواسي. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ
وَأَبِي أُسَامَةَ: وَهُوَ يؤمئذ ذو ثمن.
٦ - (١٦٨٦)
حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛
أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَطَعَ
سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.
(١٦٨٦) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
وَابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَابْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ). ح
وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. ح
وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ
عُلَيَّةَ). ح وحَدَّثَنَا أَبُو الربيع وَأَبُو كَامِلٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى
وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدارمي. أخبرنا أبو نعيم. حدثنا سفيان عن أيوب وإسماعيل ابن
أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ
وَهْبٍ عَنْ حنظلة بن أبي سفيان الجمحي وعبيد الله ابن عُمَرَ وَمَالِكِ بْنِ
أَنَسٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ. غَيْرَ أَنَّ
بَعْضَهُمْ قَالَ: قِيمَتُهُ. وَبَعْضَهُمْ قَالَ: ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.
٧ - (١٦٨٧)
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (لَعَنَ اللَّهُ
السَّارِقَ. يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ. ويسرق الحبل فتقطع يده).
(لعن الله السارق يسرق البيضة ..) قال جماعة:
المراد بها بيضة الحديد وحبل السفينة وكل واحد منهما يساوي أكثر من ربع دينار.
وأنكر المحققون هذا وضعفوه. فقالوا: بيضة الحديد وحبل السفينة لهما قيمة ظاهرة،
وليس هذا السياق موضع استعمالهما، بل بلاغة الكلام تأباه. ولأنه لا يذم. في
العادة، من خاطر بيده في شيء له قدرر. وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له. فهو
موضع تقليل لا تكثير. والصواب أن المراد التنبيه على عظم ما خسر، وهي يده، في
مقابلة حقير من المال، وهو ربع دينار. فإنه يشارك البيضة والحبل في الحقارة.
(١٦٨٧) - حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ
وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. كُلُّهُمْ عَنْ عِيسَى
بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ
يَقُولُ (إِنْ سَرَقَ حَبْلًا، وَإِنْ سَرَقَ بَيْضَةً).
٢ - بَاب قَطْعِ السَّارِقِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهِ،
وَالنَّهْيِ عَنِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ
٨
- (١٦٨٨)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح.
أخبرنا الليث عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ
الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ. فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ
فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقالوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ،
حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ. فقال رسول الله ﷺ (أَتَشْفَعُ
فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟) ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ (أَيُّهَا
النَّاسُ! إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا
سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ، تَرَكُوهُ. وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ،
أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَايْمُ اللَّهِ! لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ
مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).
وَفِي حَدِيثِ رمح (إنما هلك الذين
من قبلكم).
(ومن يجترئ عليه) أي لا يتجاسر على الكلام في
ذلك أحد، لمهابته.
(إلا
أسامة حب رسول الله) أي ولكن أسامة بن زيد يجسر على ذلك. فإنه حبه ﷺ، أي حبيبه.
٩ - (١٦٨٨)
وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لِحَرْمَلَةَ). قَالَا: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
ﷺ؛
أَنَّ قُرَيْشًا أهمهم شأن المرأة
المخزومية الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ. فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ.
فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ
يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَأَتَى
بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. فَتَلَوَّنَ
وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟)
فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَلَمَّا كَانَ
الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاخْتَطَبَ. فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا
هُوَ أَهْلُهُ. ثُمَّ قَالَ (أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ
قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تَرَكُوهُ. وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ
الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَإِنِّي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ!
لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا) ثُمَّ أَمَرَ
بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا.
قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ:
قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ.
وَتَزَوَّجَتْ. وَكَانَتْ تَأتِينِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
١٠ - (١٦٨٨) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ
الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا. فَأَتَى
أَهْلُهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَلَّمُوهُ. فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
فِيهَا. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الليث ويونس.
(تستعير المتاع) قال العلماء: المراد أنها
قطعت بالسرقة. وإنما ذكرت العارية تعريفا لها ووصفا لها. لا أنها سبب القطع.
١١ - (١٦٨٩) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن
أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛
أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي
مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فأتي بها النبي ﷺ. فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ
النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (وَاللَّهِ! لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ
لَقَطَعْتُ يَدَهَا) فقطعت.
٣ - باب حد الزنى
١٢
- (١٦٩٠)
وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ
مَنْصُورٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ،
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ (خُذُوا
عَنِّي. خُذُوا عَنِّي. قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. الْبِكْرُ
بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ
مِائَةٍ وَالرَّجْمُ).
(قد جعل الله لهن سبيلا) إشارة إلى قوله
تعالى: ﴿فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا﴾. فبين
النَّبِيُّ ﷺ إِنَّ هَذَا هو ذلك السبيل. واختلف العلماء في هذه الآية. فقيل: هي
محكمة، وهذا الحديث مفسر لها. وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور. وقيل:
إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين.
(البكر
بالبكر .. والثيب بالثيب) ليس هو على سبيل الاشتراط. بل حد البكر الجلد والتغريب.
سواء زنى ببكر أم ثيب. وحد الثيب الرجم. سواء زنى بثيب أم ببكر. فهو شبيه بالتقييد
الذي يخرج على الغالب.
(١٦٩٠) - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ.
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
١٣ - (١٦٩٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى. قَالَ ابْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قتادة، عن
الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ.
⦗١٣١٧⦘
قَالَ:
كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِذَا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهُهُ. قَالَ: فَأُنْزِلَ
عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ. فَلُقِيَ كَذَلِكَ. فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ (خُذُوا
عَنِّي. فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ
وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ. الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ. ثُمَّ رَجْمٌ
بِالْحِجَارَةِ. وَالْبِكْرُ جلد مائة ثم نفي سنة).
(كرب لذلك وتربد له وجهه) كرب أي لما أصابه
الكرب وهو المشقة. وتربد وجهه أي علته غبرة. والربدة تغير البياض إلى السواد.
وإنما حصل ذلك لعظم موقع الوحي. قال الله تعالى: ﴿إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا﴾.
١٤ - (١٦٩٠) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار.
قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي.
كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا
(الْبِكْرُ يُجْلَدُ وَيُنْفَى. وَالثَّيِّبُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ) لَا
يَذْكُرَانِ: سَنَةً ولا مائة.
٤ - باب رجم الثيب في الزنى
١٥
- (١٦٩١)
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: حدثنا ابن وهب
يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بن عتبة؛ أنه سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رسول الله ﷺ: أن اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ
بِالْحَقِّ. وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ. فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ
آيَةُ الرَّجْمِ. قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا. فَرَجَمَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. فَأَخْشَى، إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، أَنْ
يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ
فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ. وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ
عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ
الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الاعتراف.
(فكان مما أنزل عليه آية الرجم) أراد بآية
الرجم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه.
(أو
كان الحبل) بأن كانت المرأة حبلى. ولم يعلم لها زوج ولا سيد.
(١٦٩١) - وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
٥ - باب من اعترف على نفسه بالزنى
١٦
- (١٦٩١)
وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ. فَنَادَاهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ. حَتَّى
ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ
أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ (أَبِكَ جُنُونٌ؟)
قَالَ: لَا. قَالَ (فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟) قَالَ: نَعَمْ. فقال رسول الله ﷺ
(اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ).
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي
مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ.
فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحجارة هرب. فأدركناه بالحرة
فرجمناه.
(فتنحى تلقاء وجهه) أي تحول الرجل من الجانب
الذي أعرض عنه النبي ﷺ إلى الجانب الآخر.
(حتى
ثنى عليه أربع مرات) هو بتخفيف النون. أي كرره أربع مرات.
(بالمصلى)
المراد بالمصلى، هنا، مصلى الجنائز. ولهذا قال في الرواية الأخرى: في بقيع الغرقد،
وهو موضع الجنائز بالمدينة.
(فلما
أذلقته) أي أصابته بحدها.
(١٦٩١) - وَرَوَاهُ اللَّيْثُ أَيْضًا عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا
الإسناد، مثله.
٢ م - (١٦٩١) وحجدثنيه عبد الله بن عبد
الرحمن الدرامي. حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَيْضًا، وَفِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعًا: قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عبد الله. كما ذكر عقيل.
٣ م - (١٦٩١) وحَدَّثَنِي أَبُو
الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ.
أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وحَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا
مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ. كلهم عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبي سلمة، عن جابر ابن
عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
١٧ - (١٦٩٢) وحَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ
بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ
حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
رَأَيْتُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ
جِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. رِجْلَ قَصِيرٌ أَعْضَلُ. لَيْسَ عَلَيْهِ
رِدَاءٌ. فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ زَنَى. فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (فَلَعَلَّكَ؟) قَالَ: لَا. وَاللَّهِ! إِنَّهُ قَدْ زَنَى
الْأَخِرُ. قَالَ: فَرَجَمَهُ. ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ (أَلَا كُلَّمَا نَفَرْنَا
غَازِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَلَفَ أَحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ
التَّيْسِ، يَمْنَحُ أَحَدُهُمُ الْكُثْبَةَ. أَمَا وَاللَّهِ! إِنْ يمكني من
أحدهم لأنكلنه عنه).
(أعضل) أي مشتد الخلق.
(فلعلك.
قال: لا) معنى هذا الكلام الإشارة إلى تلقينه الرجوع عن الإقرار بالزنى، واعتذاره
بشبهة يتعلق بها. كما جاء في الرواية الأخرى: لعلك قبلت أو غمزت. فاقتصر في هذه
الرواية على: لعلك. اختصارا وتنبيها واكتفاء بدلالة الكلام والحال على المحذوف. أي
لعلك قبلت أو نحو ذلك.
(الأخر)
معناه الأرذل والأبعد والأدنى. وقيل اللئيم. وقيل: الشقي. وكله متقارب. ومراده
نفسه فحقرها وعابها، لاسيما وقد فعل الفاحشة. وقيل: إنها كناية يكنى بها عن نفسه
وعن غيره، إذا أخبر عنه بما يستقبح.
(نفرنا
غازين) أي ذهبنا إلى الحرب.
(خلف
أحدهم) أي تخلف أحد هؤلاء عن الغزو معنا.
(له
نبيب كنبيب التيس) النبيب صوت التيس عند السفاد.
(يمنح
أحدكم الكثبة) يمنح أي يعطي. والكثبة القليل من اللبن أو غيره. ومفعول يمنح محذوف.
أي إحداهن. والمراد إحدى النساء المغيبات، أي اللاتي غاب عنهن أزواجهن.
(إن
يمكني من أحدهم لأنكلنه عنه) أي إن مكنني الله تعالى منه وأقدرني عليه. لأمنعنه عن
ذلك بعقوبة. وفي الصحاح: نكل به تنكيلا أي جعله نكالا وعبرة لغيره.
١٨ - (١٦٩٢) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار
(واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ
بْنِ حَرْبٍ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ:
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِرَجُلٍ
قَصِيرٍ، أَشْعَثَ، ذِي عَضَلَاتٍ، عَلَيْهِ إِزَارٌ، وَقَدْ زَنَى. فَرَدَّهُ
مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. فَقَالَ رسول الله ﷺ
⦗١٣٢٠⦘
(كلما
نَفَرْنَا غَازِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تَخَلَّفَ أَحَدُكُمْ يَنِبُّ نَبِيبَ
التَّيْسِ. يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثْبَةَ. إِنَّ اللَّهَ لَا يُمْكِنِّي مِنْ
أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا جَعَلْتُهُ نَكَالًا) (أَوْ نَكَّلْتُهُ).
قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ سَعِيدَ بْنَ
جُبَيْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
(أشعث) الأشعث متغير الرأس، ومتلبد الشعر
لقلة تعهده بالدهن والترجيل.
(ذي
عضلات) قال أهل اللغة: العضلة كل لحمة صلبة مكتنزة.
(عليه
إزار) أي ليس عليه رداء.
(ينب
نبيب التيس) أي يصوت كصوته عند السفاد. وهو كناية عن إرادة الوقاع، لشدة توقانه
إليه.
(إلا
جعلته نكالا) أي عظة وعبرة لمن بعده، بما أصبته من العقوبة، ليمتنعوا من تلك
الفاحشة.
(١٦٩٢) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. ح وحَدَّثَنَا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. نحو حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ.
وَوَافَقَهُ شَبَابَةُ عَلَى قَوْلِهِ: فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي عَامِرٍ: فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
١٩ - (١٦٩٣) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ (وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ). قَالَا: حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عباس؛
أن النبي ﷺ قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ
مَالِكٍ (أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عنك؟) قال: وما بلغك عني؟ قال (أَنَّكَ وَقَعْتَ
بِجَارِيَةِ آلِ فُلَانٍ) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ.
ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فرجم.
٢٠ - (١٦٩٤) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛
أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ
لَهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ
فَاحِشَةً. فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَرَدَّهُ النَّبِيُّ ﷺ مِرَارًا. قَالَ: ثُمَّ
سَأَلَ قَوْمَهُ؟ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَ
شَيْئًا، يَرَى أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُقَامَ فِيهِ
الْحَدُّ. قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَأَمَرَنَا أَنْ نَرْجُمَهُ.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ. قَالَ: فَمَا
أَوْثَقْنَاهُ وَلَا حَفَرْنَا لَهُ. قَالَ:
⦗١٣٢١⦘
فرميناه بالعظم والمدر والخزف. قال:
فاشتد واشتددنا خَلْفَهُ. حَتَّى أَتَى عُرْضَ الْحَرَّةِ. فَانْتَصَبَ لَنَا.
فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ (يَعْنِي الْحِجَارَةَ). حَتَّى سَكَتَ.
قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطِيبًا مِنَ الْعَشِيِّ فَقَالَ (أَوَ
كُلَّمَا انْطَلَقْنَا غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي
عِيَالِنَا. لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ، عَلَيَّ أَنْ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ
فَعَلَ ذَلِكَ إلا نكلت به). قال: فاستغفر له ولا سبه.
(إني أصبت فاحشة) أراد بالفاحشة، هنا، الزنى.
(فأقمه
علي) أي فأقم حده علي.
(بقيع
الغرقد) موضع بالمدينة، وهو مقبرتها.
(فرميناه
بالعظم والمدر والخزف) العظم معروف. والمدر الطين المتماسك. والخزف قطع الفخار
المنكسر.
(فاشتد
واشتددنا خلفه) أي عدا وأسرع للفرار، وعدونا خلفه.
(حتى
أتى عرض الحرة) عرض الحرة أي جانبها. والحرة بقعة بالمدينة ذات حجارة سود.
(بجلاميد
الحرة) أي بصخورها. وهي الحجارة الكبار. واحدها جلمود وجلمد.
(على
أن لا أوتى) أن مخففة واسمها ضمير الشأن أي ليكن لازما على هذا الشأن وهو: لا أوتى
برجل فعل الفجور بإحدى عيال الغزاة إلا فعلت به من العقوبة ما يكون عبرة لغيره.
(فما
استغفر له ولا سبه) أما عدم السب فلأن الحد كفارة له، مطهرة له من معصيته. وأما
عدم الاستغفار فلئلا يغتر غيره فيقع في الزنى اتكالا على استغفاره ﷺ.
٢١ - (١٦٩٤) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا دَاوُدُ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ مَعْنَاهُ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:
فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ
الْعَشِيِّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ (أَمَّا بعد فَمَا
بَالُ أَقْوَامٍ، إِذَا غَزَوْنَا، يَتَخَلَّفُ أَحَدُهُمْ عَنَّا. لَهُ نَبِيبٌ
كَنَبِيبِ التَّيْسِ). وَلَمْ يَقُلْ (في عيالنا).
(١٦٩٤) - وحَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ.
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ. كِلَاهُمَا عَنْ دَاوُدَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، بَعْضَ هَذَا
الْحَدِيثِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حديث سفيان: فاعترف بالزنى ثلاث مرات.
٢٢ - (١٦٩٥) وحدثنا محمد بن العلاء الهمذاني.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ) عَنْ
غَيْلَانَ (وَهُوَ ابْنُ جَامِعٍ الْمُحَارِبِيُّ)، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ
مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ
⦗١٣٢٢⦘
أَبِيهِ. قَالَ:
جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! طَهِّرْنِي. فَقَالَ (وَيْحَكَ!
ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ) قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ.
ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! طَهِّرْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
(وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ) قَالَ: فَرَجَعَ
غَيْرَ بَعِيدٍ. ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! طَهِّرْنِي. فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ مِثْلَ ذَلِكَ. حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (فيم أطهرك؟) فقال: من الزنى. فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
(أَبِهِ جُنُونٌ؟) فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ. فَقَالَ (أَشَرِبَ
خَمْرًا؟) فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أَزَنَيْتَ؟) فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ
فَرُجِمَ. فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ: قَائِلٌ يَقُولُ: لَقَدْ هَلَكَ.
لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ. وَقَائِلٌ يَقُولُ: مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ
مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ: أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي
يَدِهِ. ثُمَّ قَالَ اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ. قَالَ: فَلَبِثُوا بِذَلِكَ
يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُمْ جُلُوسٌ
فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ. فَقَالَ (اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ). قَالَ:
فَقَالُوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ (لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ).
قَالَ: ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ
مِنْ غَامِدٍ مِنَ الْأَزْدِ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! طَهِّرْنِي.
فَقَالَ (وَيْحَكِ! ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ).
فَقَالَتْ: أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ.
قَالَ: (وَمَا ذَاكِ؟) قالت: إنها حبلى من الزنى. فَقَالَ (آنْتِ؟) قَالَتْ:
نَعَمْ. فَقَالَ لَهَا (حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ). قَالَ: فَكَفَلَهَا
رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ. قَالَ: فَأَتَى النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ:
قَدْ وَضَعَتِ الغامدية. فقال (إذا لا نرجمها وندع لها وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ
لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ). فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ:
⦗١٣٢٣⦘
إِلَيَّ رَضَاعُهُ. يَا نبي الله!
قال: فرجمها.
(يحيى بن يعلى عن غيلان) هكذا هو في النسخ:
عن يحيى بن يعلى عن غيلان. قال القاضي: والصواب ما وقع في نسخة الدمشقي. عن يحيى
بن يعلى، عن أبيه، عن غيلان - فزاد في الإسناد: عن أبيه.
(ويحك)
قال في النهاية: ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها.
(فاستنكهه)
أي شم رائحة فمه. طلب نكهته بشم فمه. والنكهة رائحة الفم.
(غامد)
بطن من جهينة.
(إنها
حبلى من الزنى) أرات إني حبلى من الزنى. فعبرت عن نفسها بالغيبة.
(فكفلها
رجل من الأنصار) أي قام بمؤنتها ومصالحها. وليس هو من الكفالة التي هي بمعنى
الضمان، لأن هذا لا يجوز في الحدود التي لله تعالى.
(إلى
رضاعه) إنما قاله بعد الفطام. وأراد بالرضاعة كفايته وتربيته. وسماه رضاعا مجازا.
٢٣ - (١٦٩٥) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُمَيْرٍ (وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ). حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا
بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ
أَبِيهِ؛
أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ
الْأَسْلَمِيَّ أَتَى رسول الله ﷺ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي قَدْ
ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. فَرَدَّهُ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي قَدْ
زَنَيْتُ. فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ. فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى قَوْمِهِ
فَقَالَ (أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا؟)
فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا وَفِيَّ الْعَقْلِ. مِنْ صَالِحِينَا. فِيمَا
نُرَى. فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا فَسَأَلَ عَنْهُ
فَأَخْبَرُوهُ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِعَقْلِهِ. فَلَمَّا كَانَ
الرَّابِعَةَ حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
قَالَ: فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي. وَإِنَّهُ
رَدَّهَا. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ تَرُدُّنِي؟
لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا. فَوَاللَّهِ! إِنِّي
لَحُبْلَى. قَالَ (إِمَّا لَا، فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي) فَلَمَّا وَلَدَتْ
أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ. قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ. قَالَ
(اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ). فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ
بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ. فَقَالَتْ: هَذَا، يَا نَبِيَّ اللَّهِ!
قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ. فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى رَجُلٍ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا.
وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا. فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ.
فَرَمَى رَأْسَهَا. فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ. فَسَبَّهَا.
فَسَمِعَ
⦗١٣٢٤⦘
نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ سبع إِيَّاهَا.
فَقَالَ (مَهْلًا! يَا خَالِدُ! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ تَابَتْ
تَوْبَةً، لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ).
ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عليها
ودفنت.
(إما لا فاذهبي) هو بكسر الهمزة من إما،
وتشديد الميم، وبالإمالة. الأصل: إن ما. فأدغمت النون في الميم وحذف فعل الشرط
فصار إما لا. ومعناه: إذا أبيت أن تستري على نفسك وتتوبي وترجعي عن قولك فاذهبي
حتى تلدي، فترجمين بعد ذلك.
(فيقبل
خالد) حكاية للحال الماضية، أي فأقبل.
(فتنضح)
روى بالحاء المهملة وبالمعجمة. والأكثرون على المهملة ومعناه: ترشش وانصب.
(صاحب
مكس) معنى المكس الجباية. وغلب استعماله فيما يأخذه أعوان الظلمة عند البيع
والشراء. كما قال الشاعر:
وفي كل أسواق العراق إتاوة * وفي كل
ما باع امرؤ مكس درهم.
٢٤ - (١٦٩٦) حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ
بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (يَعْنِي ابْنَ
هِشَامٍ) حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو
قِلَابَةَ؛ أَنَّ أَبَا الْمُهَلَّبِ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛
أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ
أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، وهي حبلى من الزنى. فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ!
أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَلِيَّهَا.
فَقَالَ (أَحْسِنْ إِلَيْهَا. فَإِذَا وَضَعَتْ فائتني بِهَا) فَفَعَلَ. فَأَمَرَ
بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ. فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا
فَرُجِمَتْ. ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا؟
يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَقَدْ زَنَتْ. فَقَالَ (لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ
قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ. وَهَلْ
وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بنفسها لله تعالى؟).
(أصبت حدا) أي ارتكبت أمرا يوجب الحد.
(فشكت
عليها ثيابها) هكذا هو في معظم النسخ: فشكت. وفي بعضها: فشدت. وهو معنى الأول. وفي
هذا استحباب جمع أثوابها عليها وشدها، بحيث لا تنكشف عورتها في تقلبها وتكرار
اضطرابها.
(جادت
بنفسها) أي أخرجت روحها ودفعتها لله تعالى.
(١٦٩٦) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عفان عن مسلم. حدثنا أبان العطار. حدثنا يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٢٥ - (١٦٩٧/ ١٦٩٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا
اللَّيْثُ عَنْ ابن شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن
عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ
الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّهُمَا قَالَا:
إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ
أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
⦗١٣٢٥⦘
أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ
لِي بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ، وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ:
نَعَمْ. فَاقْضِ بيننا بكتاب الله. وائذن لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (قُلْ)
قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ. وَإِنِّي
أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ. فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ
وَوَلِيدَةٍ. فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي؛ أَنَّمَا عَلَى ابْنِي
جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَأَقْضِيَنَّ
بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ. الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ. وَعَلَى ابْنِكَ
جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَاغْدُ، يَا أُنَيْسُ! إِلَى امْرَأَةِ
هَذَا. فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا).
قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا.
فَاعْتَرَفَتْ. فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ الله ﷺ فرجمت.
(أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي
بِكِتَابِ اللَّهِ) معنى أنشدك أسألك رافعا نشيدي، وهو صوتي. وقوله: بكتاب الله أي
بما تضمنه كتاب الله.
(وهو
أفقه منه) قال العلماء: يجوز أنه أراد أنه بالإضافة أكثر فقها منه. ويحتمل أن
المراد أفقه منه في القضية لوصفه إياها على وجهها. ويحتمل أنه لأدبه واستئذانه في
الكلام وحذره من الوقوع في النهي في قوله تعالى: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله.
بخلاف خطاب الأول في قوله: أنشدك بالله. فإنه من جفاء الأعراب.
(عسيفا)
العسيف هو الأجير. وجمعه عسفاء كأجير وأجراء، وفقيه وفقهاء.
(على
هذا) يشير إلى خصمه، وهو زوج مزنية ابنه. وكان الرجل استخدمه فيما تحتاج إليه
امرأته من الأمور. فكان ذلك سببا لما وقع له معها.
(فافتديت)
أي أنقذت ابني منه بفداء مائة شاة ووليدة، أي جارية. وكأنه زعم أن الرجم حق لزوج
المزني بها، فأعطاه ما أعطاه.
(الوليدة
والغنم رد) أي مردودة. ومعناه يجب ردها إليك. وفي هذا أن الصلح الفاسد يرد. وأن
أخذ المال فيه باطل يجب رده. وأن الحدود لا تقبل الفداء.
(واغد
يا أنيس) قال الإمام النووي رضي الله تعالى عنه: واعلم أن بعث أنيس محمول عند
العلماء من أصحابنا وغيرهم على إعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفها بابنه. فيعرفها
بأن لها عنده حد القذف فتطالب به أو تعفو عنه. إلا أن تعترف بالونى فلا يجب عليه
حد القذف بل يجب عليها حد الزنى، وهو الرجم لأنها كانت محصنة. فذهب إليها أنيس،
فاعترفت بالزنى، فأمر النبي ﷺ برجمها، فرجمت. ولا بد من هذا التأويل لأن ظاهره أنه
بعث لإقامة حد الزنى. وهذا غير مراد. لأن حد الزنى لا يحتاط له بالتجسس والتفتيش
عنه، بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقن الرجوع.
(١٦٩٧/
١٦٩٨) - وحدثني أبو الطاهر وحرملة. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحدثني
عمرو الناقد. حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. حدثنا أبي عن صالح. ح وحدثنا عبد بن
حميد. أخبرنا عبد الرزاق عن معمر. كلهم عن الزهري، بهذا الإسناد، نحوه.
٦ - باب رجم اليهود، أهل الذمة، في الزنى.
٢٦
- (١٦٩٩)
حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ. حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ
إِسْحَاقَ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ أَخْبَرَهُ؛
إن رسول الله ﷺ أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ
وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى جَاءَ
يَهُودَ. فَقَالَ (مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى من زنى؟) قالوا: نسود
وجوهمما وَنُحَمِّلُهُمَا. وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا. وَيُطَافُ بِهِمَا.
قَالَ (فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ. إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) فَجَاءُوا بِهَا
فقرأوها. حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ، وَضَعَ الْفَتَى، الَّذِي
يَقْرَأُ، يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ. وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا
وَرَاءَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَهُوَ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَهُ. فَرَفَعَهَا. فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ
الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَرُجِمَا.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ:
كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَقِيهَا مِنَ الْحِجَارَةِ
بنفسه.
(ما تجدون في التوراة) قال العلماء: هذا
السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم. وإنما هو لألزامهم بما يعتقدونه في
كتابهم.
(ونحملهما)
هكذا هو في أكثر النسخ: نحملهما. وفي بعضها: بجملهما. وفي بعضها نحممهما. وكله
متقارب. فمعنى الأول نحملهما على حمل. ومعنى الثاني نجملهما جميعا على الجمل.
ومعنى الثالث نسود وجوههما بالحمم، وهو الفحم. وهذا الثالث ضعيف، لأنه قال قبله:
نسود وجوههما.
٢٧ - (١٦٩٩) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ) عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنِي
أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي رِجَالٌ
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ؛ أَنَّ نَافِعًا
أَخْبَرَهُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ إن رسول الله ﷺ رجم في الزنى يَهُودِيَّيْنِ.
رَجُلًا وَامْرَأَةً زَنَيَا. فَأَتَتْ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
بِهِمَا. وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ.
(١٦٩٩) - وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ.
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عُمَرَ؛ أَنَّ
الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ
زَنَيَا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ.
٢٨ - (١٧٠٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ
يَحْيَى: أَخْبَرَنَا أَبُو معاوية عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. قَالَ:
مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ
بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا. فَدَعَاهُمْ ﷺ فقا (هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ
الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟) قَالُوا: نَعَمْ. فَدَعَا رَجُلًا مِنْ
عُلَمَائِهِمْ. فَقَالَ (أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ
عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟) قَالَ: لَا.
وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ. نَجِدُهُ الرَّجْمَ.
وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا. فَكُنَّا، إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ
تَرَكْنَاهُ. وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ. قُلْنَا:
تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ.
فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ (اللَّهُمَّ! إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أمرك إذا أَمَاتُوهُ). فَأَمَرَ بِهِ
فَرُجِمَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿يا
أيها الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ. إِلَى
قَوْلِهِ: إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ [٥ /المائدة /٤١] يَقُولُ: ائْتُوا
مُحَمَّدًا ﷺ. فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ. وَإِنْ
أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [٥ /المائدة
/٤٤]. ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ﴾ [٥ /المائدة /٤٥]. ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [٥ /المائدة /٤٧]. في الكفار كلها.
(محمما) أي مسود الوجه، من الحممة، الفحمة.
(١٧٠٠) - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو
سَعِيدٍ الْأَشَجّ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. إِلَى قَوْلِهِ: فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَرُجِمَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: مَا بَعْدَهُ من نزول الآية.
٢٨ م - (١٧٠١) وحَدَّثَنِي هَارُونُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن محمد. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:
أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
يَقُولُ: رَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ، ورجلا من اليهود، وامرأته.
(وامرأته) أي صاحبته التي زنى بها. ولم يرد
زوجته. وفي رواية: وامرأة.
(١٧٠١) - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَامْرَأَةً.
٢٩ - (١٧٠٢) وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ
الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ. حدثنا سليمان الشَّيْبَانِيِّ.
قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ. قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي
أَوْفَى:
هَلْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ: بَعْدَ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ أَمْ
قَبْلَهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
٣٠ - (١٧٠٣) وحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ
الْمِصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول
(إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الحد. ولا
يثرب عليها. ثم إن زنت، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا.
ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا. وَلَوْ
بِحَبْلٍ من شعر).
(فليجلدها الحد) أي الحد اللائق بها، المبين
في الآية، وهي قوله تعالى: ﴿فإذا أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من
العذاب﴾.
(ولا
يثرب عليها) التثريب التوبيخ واللوم على الذنب.
٣١ - (١٧٠٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق
بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ
حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا
هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. ح وحَدَّثَنَا
أَبُو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. ح وحَدَّثَنِي
⦗١٣٢٩⦘
هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن
وهب. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. ح وحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ
وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. إِلَّا أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ قَالَ فِي
حَدِيثِهِ: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
ﷺ، فِي جَلْدِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ ثَلَاثًا (ثُمَّ لِيَبِعْهَا فِي
الرَّابِعَةِ).
٣٢ - (١٧٠٣) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ سُئِلَ عَنْ
الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ؟ قَالَ (إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا. ثُمَّ
إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا. ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا. ثُمَّ بِيعُوهَا
وَلَوْ بِضَفِيرٍ).
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي،
أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ.
وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ، فِي
رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: والضفير الحبل.
٣٣ - (١٧٠٤) وحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي ابْنِ
شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنِ
الْأَمَةِ. بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ ابْنِ شِهَابٍ:
وَالضَّفِيرُ الْحَبْلُ.
(١٧٠٤) - حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ.
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ
صَالِحٍ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عن أبي
هريرة وزيد ابن خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ
مَالِكٍ. وَالشَّكُّ فِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعًا، فِي بَيْعِهَا فِي الثَّالِثَةِ
أَوِ الرَّابِعَةِ.
٧ - بَاب تَأْخِيرِ الْحَدِّ عَنِ النُّفَسَاءِ
٣٤
- (١٧٠٥)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ السُّدِّيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ
عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ فَقَالَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَقِيمُوا
عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الْحَدَّ. مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لم يحص. فَإِنَّ
أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ زَنَتْ. فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا. فَإِذَا هِيَ
حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ. فَخَشِيتُ، إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا، أَنْ أَقْتُلَهَا.
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ. فقال (أحسنت).
(أقيموا على أرقائكم الحد) الأرقاء جمع رقيق.
بمعنى المملوك، عبدا كان أو أمة. أي لا تتركوا إقامة الحدود على مماليككم. فإن
نفعها يصل إليكم وإليهم.
(١٧٠٥) - وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ
السُّدِّيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ
وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: (اتْرُكْهَا حَتَّى تَمَاثَلَ).
(تماثل) أي تقارب البرء. والأصل تتماثل.
٨ - بَاب حَدِّ الْخَمْرِ
٣٥
- (١٧٠٦)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا
محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِرَجُلٍ
قَدْ شَرِبَ الخمر. فجلدته بِجَرِيدَتَيْنِ، نَحْوَ أَرْبَعِينَ.
قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ.
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفَّ
الْحُدُودِ ثَمَانِينَ. فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ.
(أخف الحدود) منصوب بفعل محذوف أي اجلده كأخف
الحدود. أو اجعله كأخف الحدود.
(١٧٠٦) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ
الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ بِرَجُلٍ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
٣٦ - (١٧٠٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسٍ بن مالك؛
أن نبي الله ﷺ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ
بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ. ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. فَلَمَّا
كَانَ عُمَرُ، وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، قَالَ: مَا تَرَوْنَ
فِي جَلْدِ الْخَمْرِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَرَى أَنْ
تَجْعَلَهَا كَأَخَفِّ الحدود. قال: فجلد عمر ثمانين.
(ودنا الناس من الريف والقرى) الريف المواضع
التي فيها المياه، أو هي قريبة منها. ومعناه: لما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه، وفتحت الشام والعراق، وسكن الناس في الريف ومواقع الخصب وسعة العيش وكثرة
الأعناب والثمار - أكثروا من شرب الخمر. فزاد عمر في حد الخمر تغليظا عليهم وزجرا
لهم عنها.
(أرى
أن تجعلها) يعني العقوبة التي هي حد الخمر. وقوله: أخف الحدود يعني المنصوص عليها
في القرآن. وهي حد السرقة بقطع اليد، وحد الزنى جلد مائة، وحد القذف ثمانون.
فاجعلها ثمانين كأخف هذه الحدود.
(١٧٠٦) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٣٧ - (١٧٠٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أن النبي ﷺ كان يَضْرِبُ فِي
الْخَمْرِ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ أَرْبَعِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ
حَدِيثِهِمَا. وَلَمْ يَذْكُرِ: الرِّيفَ وَالْقُرَى.
٣٨ - (١٧٠٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير
بْنُ حَرْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (وَهُوَ
ابْنُ عُلَيَّةَ) عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ. ح
وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ).
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
الْمُخْتَارِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ
الدَّانَاجِ. حَدَّثَنَا حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ، أَبُو سَاسَانَ. قَالَ:
شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ
وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ، قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ:
أَزِيدُكُمْ؟ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ؛ أنه
⦗١٣٣٢⦘
شرب الخمر. وشهد آخر؛ أن رَآهُ
يَتَقَيَّأُ. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا.
فَقَالَ: يَا عَلِيُّ! قُمْ فَاجْلِدْهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ، يَا حَسَنُ!
فَاجْلِدْهُ. فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا (فَكَأَنَّهُ
وَجَدَ عَلَيْهِ). فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ! قُمْ فَاجْلِدْهُ.
فَجَلَدَهُ. وَعَلِيٌّ يَعُدُّ. حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ. فَقَالَ: أَمْسِكْ.
ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ ﷺ أَرْبَعِينَ. وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ
أَرْبَعِينَ. وَعُمَرُ ثَمَانِينَ. وَكُلٌّ سُنَّةٌ. وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
زَادَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فِي
رِوَايَتِهِ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَقَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَ الداناج منه فلم أحفظه.
(شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد) أي حضرت
عنده بالمدينة وهو خليفة. والوليد هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي أنزل فيه:
إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. أتى به من الكوفة. كان واليا عليها. وكان شاربا سيء
السيرة. صلى بالناس الصبح أربعا وهو سكران. ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال أهل
الصف الأول: ما زلنا في زيادة منذ وليتنا؟ لا زادك الله من الخير! وحصب الناس
الوليد بحصباء المسجد. فشاع ذلك في الكوفة، وجرى من الأحوال ما اضطر سيدنا عثمان
إلى استحضاره.
(ول
حارها من تولى قارها) الحار الشديد المكروه. والقار البارد الهنيء الطيب. وهذا مثل
من أمثال العرب. قال الأصمعي وغيره: معناه ول شدتها وأوساخها من تولى هنئتها
ولذاتها. والضمير عائد إلى الخلافة والولاية. أي كما أن عثمان وأقاربه يتولون هنئ
الخلافة ويختصون به - يتولون نكدها وقاذوراتها. ومعناه ليتول هذا الجلد عثمان
بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين.
(وجد
عليه) أي غضب عليه.
٣٩ - (١٧٠٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ
الضَّرِيرُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ:
مَا كُنْتُ أُقِيمُ عَلَى أَحَدٍ
حَدًّا فَيَمُوتَ فِيهِ، فَأَجِدَ مِنْهُ فِي نَفْسِي، إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ.
لِأَنَّهُ إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ. لِأَنَّ رسول الله ﷺ لم يسنه.
(إن مات وديته) أي غرمت ديته. قال بعض
العلماء: وجه الكلام أن يقال: فإنه إن مات وديته. وهكذا هو في رواية البخاري.
(لِأَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لم يسنه) معناه: لم يقدر فيه حدا مضبوطا.
٩ - بَاب قَدْرِ أَسْوَاطِ التَّعْزِيرِ
٤٠
- (١٧٠٨)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ. قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ، إِذْ جَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن جابر، حدثه. فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا
سُلَيْمَانُ.
⦗١٣٣٣⦘
فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ ابن جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيِّ؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ (لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ. إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ
حُدُودِ اللَّهِ).
(لا يجلد) ضبطوا يجلد بوجهين: أحدهما يجلد.
والثاني يجلد. وكلاهما صحيح.
١٠ - بَاب الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ
لِأَهْلِهَا
٤١
- (١٧٠٩)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة
وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. كُلُّهُمْ
عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ (وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو) قَالَ: حدثنا سفيان بن عيينة عن
الزهري، عن أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي
مَجْلِسٍ. فَقَالَ (تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا،
وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ. فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.
وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ.
وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ
إِلَى اللَّهِ. إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عذبه).
٤٢ - (١٧٠٩) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: فَتَلَا عَلَيْنَا آيَةَ النِّسَاءِ: أَنْ
لا يشركن بالله شيئا الآية [٦٠ /الممتحنة /١٢].
٤٣ - (١٧٠٩) وحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ
سَالِمٍ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ
أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ:
أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا
نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نقتل أولادنا، ولا يعضه بعضا بَعْضًا. (فَمَنْ
وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ
عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ. وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى
اللَّهِ. إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ له).
(ولا يعضه بعضنا بعضا) أي لا يرميه بالعضيهة.
وهي البهتان والكذب.
٤٤ - (١٧٠٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن
⦗١٣٣٤⦘
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ
أَبِي الْخَيْرِ، عن الصنابجي، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ أَنَّهُ قَالَ:
إِنِّي لَمِنْ النُّقَبَاءِ
الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا
نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَقْتُلَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَلا نَنْتَهِبَ، وَلَا نَعْصِيَ.
فَالْجَنَّةُ، إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ. فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كَانَ
قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ.
وَقَالَ ابن رمح: كان قضاؤه إلى الله.
(إني لمن النقباء) جمع نقيب. وهو كالعريف على
القوم، المقدم عليهم، الذي يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم أي يفتش. وكان النبي ﷺ
قد جعل، ليلة العقبة، كل واحد من الجماعة الذين بايعوه بها، نقيبا على قومه
وجماعته. ليأخذوا عليهم الإسلام ويعرفوهم شرايطه. وكانوا اثني عشر نقيبا. كلهم من
الأنصار. وكان عبادة بن الصامت منهم.
(لا
ننتهب) الانتهاب هو الغلبة على المال والغارة والسلب.
(فإن
غشينا) معناه أتينا وارتكبنا.
١١ - بَاب جُرْحُ الْعَجْمَاءِ
وَالْمَعْدِنِ وَالْبِئْرِ جُبَارٌ
٤٥
- (١٧١٠)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا
اللَّيْثُ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سعيد. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ،
عن رسول الله ﷺ أَنَّهُ قَالَ
(الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ. وَالْبِئْرُ جُبَارٌ. والمعدن جبار. وفي الركاز
الخمس).
(العجماء جرحها جبار) العجماء هي كل الحيوان
سوى الآدمي. وسميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم. والجبار الهدر. فأما قوله ﷺ:
العجماء جرحها جبار فمحمول على ما إذا أتلفت شيئا بالنهار، أو أتلفت شيئا بالليل
بغير تفريط من مالكها. أو أتلفت شيئا وليس معها أحد - فهذا غير مضمون. وهو مراد
الحديث. والمراد بجرح العجماء إتلافها، سواء كان بجرح أو غيره.
(والبئر
جبار) معناه أنه يحفرها في ملكه أو في موات فيقع فيها إنسان وغيره ويتلف، فلا
ضمان. فأما إذا حفر البئر في طريق المسلمين أو في ملك غيره، بغير إذنه فتلف فيها
إنسان - فيجب ضمانه على عاقلة حافرها، والكفارة في مال الحافر. وإن تلف بها غير
الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر.
(والمعدن
جبار) معناه أن الرجل يحفر معدنا في ملكه أو في موات، فيمر بها مار، فيسقط فيها
فيموت، أو يستأجر أجراء يعملون فيها، فيقع عليهم فيموتون، فلا ضمان في ذلك.
(وفي
الركاز الخمس) الركاز هو دفين الجاهلية، أي فيه الخمس لبيت المال والباقي لواجده.
قال النووي: وأصل الركاز، في اللغة، الثبوت.
(١٧١٠) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى
بْنُ حَمَّادٍ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ (يَعْنِي ابْنَ عِيسَى). حَدَّثَنَا مَالِكٌ.
كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ. بإسناد الليث. مثل حديثه.
٢ م - (١٧١٠) وحدثني أبو الطاهر
وحرملة. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن ابْنِ الْمُسَيَّبِ
وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ.
بِمِثْلِهِ.
٤٦ - (١٧١٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ
بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ
الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن، عن أبي
هريرة،
عن رسول الله ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
(الْبِئْرُ جَرْحُهَا جُبَارٌ. وَالْمَعْدِنُ جَرْحُهُ جُبَارٌ. وَالْعَجْمَاءُ
جَرْحُهَا جُبَارٌ. وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ).
(١٧١٠) - وحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ (يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ). ح
وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حدثنا أبي. ح وحدثنا ابْنُ بَشَّارٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. كِلَاهُمَا
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي ﷺ. بمثله.