recent
آخر المقالات

٢٨ - كِتَاب الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ

 

١ - بَاب الْقَسَامَةِ


(القسامة) قال القاضي: حديث القسامة أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد. وبه أخذ العلماء كافة من الصحابة والتابعين. ومن بعدهم من علماء الأمصار الحجازيين والشاميين والكوفيين وغيرهم، رحمهم الله تعالى.


١ - (١٦٦٩) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن يحيى (وهو ابن سعيد)، عن بشير بن يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ (قَالَ يَحْيَى: وَحَسِبْتُ قَالَ) وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ؛ أَنَّهُمَا قَالَا:
خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد. حَتَّى إِذَا كَانَا بِخَيْبَرَ تَفَرَّقَا فِي بَعْضِ مَا هُنَالِكَ. ثُمَّ إِذَا مُحَيِّصَةُ يَجِدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا. فَدَفَنَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هو وحويصة ابن مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ. وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ. فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ قَبْلَ صَاحِبَيْهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (كَبِّرِ) (الْكُبْرَ فِي السِّنِّ) فَصَمَتَ. فَتَكَلَّمَ صَاحِبَاهُ. وَتَكَلَّمَ مَعَهُمَا. فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ. فَقَالَ لَهُمْ (أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَتَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ؟)

١٢٩٢
(أَوْ قَاتِلَكُمْ) قَالُوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ؟ قَالَ (فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا؟) قَالُوا: وَكَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَلَمَّا رَأَى ذلك رسول الله ﷺ أعطى عقله.


(فذهب عبد الرحمن ليتكلم) معنى هذا القول أن المقتول هو عبد الله. وله أخ اسمه عبد الرحمن. ولهما ابنا عم وهما محيصة وحويصة. وهما أكبر سنا من عبد الرحمن. فلما أراد عبد الرحمن أن يتكلم، قال له النبي ﷺ (كبر) أي ليتكلم أكبر منك.
واعلم أن حقيقة الدعوى إنما هي لأخيه عبد الرحمن، لا حق فيها لابني عمه. وإنما أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يتكلم الأكبر، وهو حويصة، لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى، بل سماع صورة القصة وكيف جرت. فإذا أراد حقيقة الدعوى تكلم صاحبها.
(الكبر في السن) منصوب باضمار يريد ونحوها.
(فتستحقون صاحبكم) فمعناه يثبت حقكم على من حلفتم عليه.
(فتبرئكم يهود بخمسين يمينا) أي تبرأ إليكم من دعواكم بخمسين يمينا. وقيل: معناه يخلصونكم من اليمين بأن يحلفوا. فإذا حلفوا انتهت الخصومة ولم يثبت عليهم شيء، وخلصتم أنتم من اليمين. ويهود مرفوع غير منون، لا ينصرف، لأنه اسم للقبيلة والطائفة. ففيه التأنيث والعلمية.
(أعطى عقله) أي ديته من عنده. كما قال في الرواية الأخرى: فوداه رسول الله ﷺ من قبله، كراهة إبطال دمه.

٢ - (١٦٦٩) وحدثني عبيد الهل بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ؛
أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ. فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ. فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ. فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ. فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (كَبِّرِ الْكُبْرَ) أَوَ قَالَ (لِيَبْدَأْ الْأَكْبَرُ) فَتَكَلَّمَا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا. فقال رسول الله ﷺ (يَقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ؟) قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ؟ قَالَ (فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَوْمٌ كُفَّارٌ. قَالَ: فَوَدَاهُ رسول الله ﷺ من قِبَلِهِ.
قَالَ سَهْلٌ: فَدَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْمًا. فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِهَا. قال حماد: هذا أو نحوه.


(فيدفع برمته) أي يسلم إليكم بحبله الذي شد به لئلا يهرب. ثم اتسع فيه حتى قالوا: أخذه برمته. قال في المصباح: الرمة: القطعة من الحبل. وأخذت الشيء برمته أي جميعه. وأصله أن رجلا باع بعيرا وفي عنقه حبل. فقيل ادفعه برمته. ثم صار كالمثل في كل مالا ينقص ولا يؤخذ منه شيء.
(فوداه) أي دفع ديته. يقال: ودي القاتل القتيل، يديه دية، إذا أعطى المال الذي هو بدل النفس. ثم سمى ذلك المال دية، كعدة، تسمية بالمصدر.
(فدخلت مربدا لهم) المربد هو الموضع الذي يجتمع فيه الإبل وتحبس. والربد الحبس. ومعنى ركضتني رفستني. وأراد بهذا الكلام أنه ضبط الحديث وحفظه حفظا بليغا.

(١٦٦٩) - وحَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَعَقَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ. وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِهِ: فركضتني ناقة.

٢ م - (١٦٦٩) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ (يَعْنِي الثَّقَفِيَّ) جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.

٣ - (١٦٦٩) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ؛
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ، خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ. وَأَهْلُهَا يَهُودُ. فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا. فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ. فَوُجِدَ فِي شَرَبَةٍ مَقْتُولًا. فَدَفَنَهُ صَاحِبُهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَمَشَى أَخُو الْمَقْتُولِ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ. فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَحَيْثُ قُتِلَ. فَزَعَمَ بُشَيْرٌ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ (تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ؟) (أَوْ صَاحِبَكُمْ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا شَهِدْنَا وَلَا حَضَرْنَا. فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ (فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ؟) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَزَعَمَ بُشَيْرٌ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عقله من عنده.


(فوجد في شربة) هو حوض يكون في أصل النخلة. وجمعه شرب كثمرة وثمر.

٤ - (١٦٦٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار؛
أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ. انْطَلَقَ هُوَ وَابْنُ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ اللَّيْثِ. إِلَى قَوْلِهِ: فَوَدَاهُ رسول الله ﷺ من عِنْدِهِ.

١٢٩٤
قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ بِالْمِرْبَدِ.


(ركضتني فريضة) المراد بالفريضة، هنا، الناقة من تلك النوق المفروضة في الدية. وتسمى المدفوعة في الزكاة أو في الدية فريضة، لأنها مفروضة، أي مقدرة بالسن والعدد.

٥ - (١٦٦٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ. حَدَّثَنَا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ نَفَرًا منهم انطلقوا إلى خيبر. فتفرقوا فيها. فوجد أَحَدَهُمْ قَتِيلًا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ فِيهِ: فَكَرِهَ رسول الله ﷺ أن يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ.


(من إبل الصدقة) قال بعض العلماء: إنها غلط من الرواة. لأن الصدقة المفروضة لا تصرف هذا المصرف. بل هي لإصناف سماهم الله تعالى. وقال الإمام أبو إسحاق المروزي، من أصحابنا. يجوز صرفها من إبل الزكاة لهذا الحديث. فأخذ بظاهره. وقال جمهور أصحابنا وغيرهم: معناه اشتراه من أهل الصدقات بعد أن ملكوها، ثم دفعها تبرعا إلى أهل القتيل. قال النووي: فالمختار ما حكيناه عن الجمهور أنه اشتراها من إبل الصدقة.

٦ - (١٦٦٩) حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ؛
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ. مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ. فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ. فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ، وَاللَّهِ! قَتَلْتُمُوهُ. قَالُوا: وَاللَّهِ! مَا قَتَلْنَاهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ. فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ. ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ. وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ. فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ. وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمُحَيِّصَةَ (كَبِّرْ. كَبِّرْ) (يُرِيدُ السِّنَّ) فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ. ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ. فَقَالَ رسول الله ﷺ

١٢٩٥
(أما أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ؟). فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ. فَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ! مَا قَتَلْنَاهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟) قَالُوا: لَا. قَالَ (فَتَحْلِفُ لَكُمْ يهود؟) قالوا: ليسوا بمسلمين. فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ.
فَقَالَ سَهْلٌ: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا ناقة حمراء.


(وطرح في عين أو فقير) الفقير هنا، على لفظ الفقير في لآدميين. والفقير، هنا، البئر القريبة من القعر، الواسعة الفم. وقيل: هو الحفيرة التي تكون حول النخل.
(إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بحرب) معناه: إن ثبت القتل عليهم بقسامتكم، إما أن يدوا صاحبكم، أي يدفعوا إليكم ديته، وإما أن يعلمونا أنهم ممتنعون من التزام أحكامنا، فينتقض عهدهم ويصيرون حربا لنا.

٧ - (١٦٧٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (قَالَ أبو الطاهر: حَدَّثَنَا. وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ). أَخْبَرَنِي يونس عن ابن شهاب. أخبرني أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْأَنْصَارِ؛
إن رسول الله ﷺ أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الجاهلية.


(أقر القسامة) في النهاية: القسامة، بالفتح، اليمين. كالقسم. وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفرا على استحقاقهم دم صاحبهم، إذا وجدوه قتيلا بين قوم ولم يعرف قاتله. فإن لم يكونوا خمسين، أقسم الموجودون خمسين يمينا. ولا يكون فيهم صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم. فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية. وقد جاءت على بناء الغرامة والحمالة لأنها تلزم أهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل. وزاد في الفائق: يتخيرهم الولي (أي بتخير الخمسين) وقسمهم أن يقولوا: بالله ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا.

٨ - (١٦٧٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَزَادَ: وَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ نَاسٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فِي قَتِيلٍ ادَّعَوْهُ عَلَى الْيَهُودِ.

(١٦٧٠) - وحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ). حَدَّثَنَا أَبِي عن صالح، عن ابن شهاب؛ أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار أَخْبَرَاهُ عَنْ نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ جريج.

٢ - بَاب حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ وَالْمُرْتَدِينَ
٩ - (١٦٧١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بن أبي شيبة. كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ. (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، ﷺ، الْمَدِينَةَ. فَاجْتَوَوْهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا) فَفَعَلُوا. فَصَحُّوا. ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرُّعَاةِ فَقَتَلُوهُمْ. وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ. وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ. فَبَعَثَ فِي أَثَرِهِمْ. فَأُتِيَ بِهِمْ. فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ. وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ. وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا.


هذا الحديث أصل في عقوبة المحاربين. وهو موافق لقوله تعالى: ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض. قال القاضي عياض رضي الله عنه: واختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا. فقال بعض السلف: كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة. فهو منسوخ. وقيل: ليس منسوخا، وفيهم نزلت آية المحاربة.
(عرينة) قال في الفتح: عرينة حي من قضاعة وحي من بجيلة من قحطان. والمراد هنا الثاني. كذا ذكره موسى بن عقبة في المغازي.
(فاجتووها) معناه: استوخموها. أي لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم. قالوا: وهو مشتق من الجوى، وهو داء في الجوف.
(ثم مالوا على الرعاة) وفي بعض الأصول المعتمدة: الرعاء. وهما لغتان. يقال: راع ورعاة كقاض وقضاة. وراع ورعاء كصاحب وصحاب.
(وساقوا ذود رسول الله ﷺ أي أخذوا إبله وقدموها أمامهم سائقين لها، طاردين.
(سمل أعينهم) هكذا هو في معظم النسخ: سمل. وفي بعضها: سمر. ومعنى سمل فقأها وأذهب ما فيها. ومعنى سمر حلها بمسامير محمية. وقيل: هما بمعنى.
(وتركهم في الحرة) هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة. وإنما ألقوا فيها لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.

١٠ - (١٦٧١) حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ. حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ.

١٢٩٧
حَدَّثَنِي أَنَسٌ؛
أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ، ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ. فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ (أَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا؟) فَقَالُوا: بَلَى. فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا. فَصَحُّوا. فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَطَرَدُوا الْإِبِلَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ. فَأُدْرِكُوا. فَجِيءَ بِهِمْ. فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِرَ أَعْيُنُهُمْ. ثُمَّ نُبِذُوا فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا.
وقَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ فِي رِوَايَتِهِ: وَاطَّرَدُوا النعم. وقال: وسمرت أعينهم.


(عكل) قبيلة من تيم الرباب، من عدنان، كذا في الفتح.

١١ - (١٦٧١) وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ. قَالَ: قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَوْمٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عرينة. فاجتوا الْمَدِينَةَ. فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلِقَاحٍ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا. بِمَعْنَى حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عثمان.
قال: وسمرت أعينهم وألقو في الحرة يستسقون فلا يسقون.


(بلقاح) جمع لقحة، بكسر اللام وفتحها، وهي الناقة ذات الدر.

١٢ - (١٦٧١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ. ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ. حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ. قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بن الْعَزِيزِ. فَقَالَ لِلنَّاسِ: مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ؟ فقال عنبسة: قد حدثنا أنس ابن مَالِكٍ كَذَا وَكَذَا. فَقُلْتُ: إِيَّايَ حَدَّثَ أَنَسٌ. قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قَوْمٌ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَيُّوبَ وَحَجَّاجٍ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَلَمَّا فَرَغْتُ، قَالَ عَنْبَسَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَقُلْتُ: أَتَتَّهِمُنِي يَا عَنْبَسَةُ؟ قَالَ: لَا. هَكَذَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ، يَا أَهْلَ الشَّامِ! مَا دَامَ فِيكُمْ هَذَا أَوْ مِثْلُ هذا.

(١٦٧١) - وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ. حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ (وَهُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ الْحَرَّانِيُّ). أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدرامي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ مِنْ عُكْلٍ. بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ فِي الحديث: ولم يحسمهم.


(ولم يحسمهم) أي لم يكوهم. والحسم، في اللغة، كي العرق بالنار لينقطع الدم.

١٣ - (١٦٧١) وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ. قال: أتي رسول الله ﷺ نَفَرٌ مِنْ عُرَيْنَةَ. فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوهُ. وَقَدْ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ الْمُومُ (وَهُوَ الْبِرْسَامُ). ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ: وَعِنْدَهُ شَبَابٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ. فَأَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ. وَبَعَثَ مَعَهُمْ قائفا يقتص أثرهم.


(الموم) هو نوع من اختلال العقل. ويطلق على ورم الرأس وورم الصدر. وهو معرب. وأصل اللفظة سريانية.
(قائفا) القائف هو الذي يتتبع الآثار ويميزها.

(١٦٧١) - حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قتادة، ع أَنَسٍ. وَفِي حَدِيثِ هَمَّامٍ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَهْطٌ مِنْ عُرَيْنَةَ. وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ: مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ. بِنَحْوِ حديثهم.

١٤ - (١٦٧١) وَحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بن غيلان. حدثنا يزيد عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْيُنَ أُولَئِكَ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ.

٣ - بَاب ثُبُوتِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِالْحَجَرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَدَّدَاتِ وَالْمُثَقَّلَاتِ، وَقَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ
١٥ - (١٦٧٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حَدَّثَنَا شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ؛
أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا. فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ. قَالَ: فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. وَبِهَا رَمَقٌ. فَقَالَ لَهَا (أَقَتَلَكِ فُلَانٌ؟) فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا؛ أَنْ لَا. ثُمَّ قَالَ لَهَا الثَّانِيَةَ. فأرشارت بِرَأْسِهَا؛ أَنْ لَا. ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ. فَقَالَتْ: نَعَمْ. وَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا. فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بين حجرين.


(على أوضاح لها) أي لأجل حلى لها من قطع فضة. ذكر أهل اللغة أن الفضة تسمى وضحا، لبياضها، ويجمع على أوضاح.
(وبها رمق) الرمق هو بقية الحياة والروح.

(١٦٧٢) - وحدثني يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد (يعني بْنُ الْحَارِثِ). ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ: فَرَضَخَ رَأْسَهُ بين حجرين.


(فرضخ رأسه بين حجرين) قال النووي: رضخه بين حجرين ورضه بالحجارة ورجمه بالحجارة. هذه الألفاظ معناها واحد. لأنه إذا وضع رأسه على حجر، ورمى بحجر آخر، فقد رجم وقد رض وقد رضخ.

١٦ - (١٦٧٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَتَلَ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا. ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي الْقَلِيبِ. وَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ. فَأُخِذَ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ. حَتَّى يَمُوتَ. فرجم حتى مات.


(القليب) هو البئر.

(١٦٧٢) - وحدثني إسحاق بن منصور. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

١٧ - (١٦٧٢) وحدثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عن أنس ابن مَالِكٍ؛
أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. فَسَأَلُوهَا: مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكِ؟ فُلَانٌ؟ فُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا. فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا. فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بالحجارة.


(فأومت) يريد أومأت. أي أشارت. كما قال الشاعر:
أومى إلى الكوماء هذا طارق * نحرتني الأعداء إن لم تنحرى.

٤ - بَاب الصَّائِلِ عَلَى نَفْسِ الْإِنْسَانِ أَوْ عُضْوِهِ، إذا دفعه المصول عَلَيْهِ
١٨ - (١٦٧٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. قَالَ:
قَاتَلَ يَعْلَى بْنُ مُنْيَةَ أَوِ ابْنُ أُمَيَّةَ رَجُلًا. فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ. فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ. (وقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: ثَنِيَّتَيْهِ) فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ (أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الفحل؟ لا دية له).


(يعلى بن منية) منية هي أم يعلى، وقيل جدته. وأما أمية فهو أبوه. فيصح أن يقال: يعلى بن أمية ويعلى بن منية.
(فعض أحدهما صاحبه) المعضوض هو يعلى. وفي الرواية الثانية والثالثة أن المعضوض هو أجير يعلى لا يعلى. قال الحفاظ: الصحيح المعروف أنه أجير يعلى لا يعلى. ويحتمل أنهما قضيتان جرتا ليعلى وأجيره. في وقت أو وقتين.
(فنزع ثنيته) أي أسقط العاض ثنية المعضوض من فيه. والثنية واحد الثنايا، مقدم الأسنان.
(الفحل) الذكر من الحيوان.

(١٦٧٣) - وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله.

١٩ - (١٦٧٣) حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (يَعْنِي ابْنُ هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛
أَنَّ رَجُلًا عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ. فَجَذَبَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ. فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَبْطَلَهُ. وَقَالَ (أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ لَحْمَهُ؟).

٢٠ - (١٦٧٤) حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يعلى؛
أن أجيرا ليعلى بن مُنْيَةَ، عَضَّ رَجُلٌ ذِرَاعَهُ. فَجَذَبَهَا فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ. فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَبْطَلَهَا وَقَالَ (أَرَدْتَ أَنْ تَقْضَمَهَا كَمَا يَقْضَمُ الفحل؟).


(أردت أن تقضمها كما يقضم الفحل) أي تعض ذراعه بأطراف أسنانك كما يعض الجمل. قال أهل اللغة: القضم بأطراف الأسنان.

٢١ - (١٦٧٣) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛
أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ. فَانْتَزَعَ يَدَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ أَوْ ثَنَايَاهُ. فَاسْتَعْدَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فقال رسول الله ﷺ (مَا تَأْمُرُنِي؟ تَأْمُرُنِي أَنْ آمره أن يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ؟ ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعها).


(فَاسْتَعْدَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقال استعديت الأمير على الظالم، أي طلبت منه النصرة، فأعداني عليه أي أعانني ونصرني. فالاستعداء طلب التقوية والنصرة.
(ما تأمرني! تأمرني أن آمره ..) ليس المراد بهذا أمره بدفع يده ليعضها. وإنما معناه الإنكار عليه. أي إنك لا تدع يدك في فيه يعضها. فكيف تنكر عليه أن ينتزع يده من فيك وتطالبه بما جنى في جذبه لذلك.

٢٢ - (١٦٧٤) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا عَطَاءٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ، وَقَدْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتَاهُ (يَعْنِي الَّذِي عَضَّهُ). قَالَ: فَأَبْطَلَهَا النَّبِيُّ ﷺ. وَقَالَ (أَرَدْتَ أَنْ تَقْضَمَهُ كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ؟).


(فأبطلها النبي ﷺ أي حكم بأن لا ضمان على المعضوض. وكذلك معنى قوله: فأهدر ثنيته.

٢٣ - (١٦٧٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. أَخْبَرَنِي صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ. قَالَ: وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ: تِلْكَ الْغَزْوَةُ أَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي. فَقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ صَفْوَانُ: قَالَ يَعْلَى: كَانَ لِي أَجِيرٌ. فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الْآخَرِ (قَالَ: لَقَدْ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ أَيُّهُمَا عَضَّ الْآخَرَ) فَانْتَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِي الْعَاضِّ. فَانْتَزَعَ إحدى ثنيتيه. فأتيتا النَّبِيَّ ﷺ. فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ.

(١٦٧٤) - وحَدَّثَنَاه عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نحوه.

٥ - بَاب إِثْبَاتِ الْقِصَاصِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا
٢٤ - (١٦٧٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ، أُمَّ حَارِثَةَ، جَرَحَتْ إِنْسَانًا. فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ رسول الله ﷺ (الْقِصَاصَ. الْقِصَاصَ) فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ؟ وَاللَّهِ! لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (سُبْحَانَ اللَّهِ! يَا أُمَّ الرَّبِيعِ! الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ) قَالَتْ: لَا. وَاللَّهِ! لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا. قَالَ: فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ من لو أقسم على الله لأبره).


(القصاص القصاص) هما منصوبان. أي أدوا القصاص وسلموه إلى مستحقه.
(والله! لا يقتص منها) ليس معناه رد حكم النبي ﷺ. بل المراد الرغبة إلى مستحقي القصاص أن يعفوا. وإلى النبي ﷺ في الشفاعة إليهم في العفو.
(لأبره) أي لجعله بارا صادقا في يمينه. قال النووي: لكرامته عليه.

٦ - بَاب مَا يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ
٢٥ - (١٦٧٦) حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا حفص بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثيب الزان.

١٣٠٣
والنفس بالنفس. والتارك لدينه. المفارق للجماعة).


(لا يحل دم إمرئ مسلم) أي لا يحل إراقة دمه كله، وهو كناية عن قتله ولو لم يرق دمه.
(إلا بإحدى ثلاث) أي علل ثلاث.
(الزان) هكذا هو في النسخ: الزان. من غير ياء بعد النون. وهي لغة صحيح. قرئ بها في السبع. كما في قوله تعالى: الكبير المتعال. والأشهر في اللغة إثبات الياء في كل ذلك.
(والنفس بالنفس) المراد به القصاص بشرطه.
(والتارك لدينه المفارق للجماعة) عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت. فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام. قال العلماء: ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما. وكذا الخوارج.

(١٦٧٦) - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنَا ابن إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مثله.

٢٦ - (١٦٧٦) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى (واللفظ لأحمد) قالا: حدثنا عبد الرحمن ابن مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الله ابن مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قام فينا فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ! لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: التَّارِكُ الْإِسْلَامَ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ أَوِ الْجَمَاعَةَ (شَكَّ فِيهِ أَحْمَدُ). وَالثَّيِّبُ الزَّانِي. وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ).
قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ. فَحَدَّثَنِي عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، بِمِثْلِهِ.

(١٦٧٦) - وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ. قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ شَيْبَانَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا. نَحْوَ حَدِيثِ سُفْيَانَ. وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْحَدِيثِ قَوْلَهُ (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرَهُ!).

٧ - بَاب بَيَانِ إِثْمِ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ
٢٧ - (١٦٧٧) حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ) قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عن عبد الله ابن مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ

١٣٠٤
(لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا. لِأَنَّهُ كان أول من سن القتل).


(لا تقتل نفس ظلما) هذا الحديث من قواعد الإسلام. وهو أن كل من ابتدع شيئا من الشر كان عليه مثل وزر كل من اقتدى به في ذلك، فعمل مثل عمله إلى يوم القيامة. ومثله من ابتدع شيئا من الخير كان له مثل أجر من يعمل به إلى يوم القيامة. وهو موافق للحديث الصحيح (من سن سنة حسنة. ومن سن سنة سيئة). وللحديث الصحيح (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فاعله) وللحديث الصحيح (ما من داع يدعو إلى هدى، وما من داع يدعو إلى ضلالة).
(كفل) الكفل الجزء والنصيب. وقال الخليل: هو الضعف.

(١٦٧٧) - وحَدَّثَنَاه عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وحدثنا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ وعيسى ابن يُونُسَ (لِأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ) لَمْ يَذْكُرَا: أَوَّلَ.

٨ - بَاب الْمُجَازَاةِ بِالدِّمَاءِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّهَا أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٨ - (١٦٧٨) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، ومحمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ، عن الأعمش. ح وحدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يوم القيامة، في الدماء).


(أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ في الدماء) فيه تغليظ أمر الدماء، وَأَنَّهَا أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يوم القيامة. وهذا لعظم أمرها وكثير خطرها. وليس هذا الحديث مخالفا للحديث المشهور في السنن (أول ما يحاسب به العبد صلاته) لأن هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى. وأما حديث الباب فهو فيما بين العباد.

(١٦٧٨) - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحدثني يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). ح وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بن جعفر. ح وحدثنا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، عن النبي ﷺ، بمثله. غير أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ عَنْ شُعْبَةَ (يُقْضَى). وَبَعْضُهُمْ قَالَ (يُحْكَمُ بَيْنَ النَّاسِ).

٩ - بَاب تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ
٢٩ - (١٦٧٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ). قَالَا: حَدَّثَنَا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب، عن ابن سِيرِينَ، عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عشرة شَهْرًا. مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ. ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ. وَرَجَبٌ، شَهْرُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ). ثُمَّ قَالَ (أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟) قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ (أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟) قُلْنَا: بَلَى. قَالَ (فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟) قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ (أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟) قُلْنَا: بَلَى. قَالَ (فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟) قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ (أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟) قُلْنَا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ

١٣٠٦
(قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ) وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ. كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا. وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ. فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا (أَوْ ضُلَّالًا) يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ). ثُمَّ قَالَ (أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟).
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي رِوَايَتِهِ (وَرَجَبُ مُضَرَ). وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ (فَلَا ترجعوا بعدي).


(إن الزمان قد استدار) قال العلماء: معناه أنهم في الجاهلية يتمسكون بملة إبراهيم ﷺ في تحريم الأشهر الحرم. وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات. فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده وهو صفر. ثم يؤخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر. وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة، حتى اختلط عليهم الأمر.
وصادفت حجة النبي ﷺ تحريمهم، وقد طابق الشرع. وكانوا في تلك السنة قد حرموا ذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرناه. فأخبر النبي ﷺ أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السموات والأرض.
وقال أبو عبيد: كانوا ينسؤون، أي يؤخرون. وهو الذي قال الله تعالى فيه: إنما النسيء زيادة في الكفر. فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم فيؤخرون تحريمه إلى صفر. ثم يؤخرون صفر في سنة أخرى. فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه.
(ذو القعدة وذو الحجة) هذه اللغة المشهورة. ويجوز في لغى قليلة كسر القاف وفتح الحاء.
(ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) إنما قيده هذا التقييد مبالغة في إيضاحه وإزالة اللبس عنه. قالوا: وقد كان بين مضر وبين ربيعة اختلاف في رجب. فكانت مضر تجعل رجبا هذا الشهر المعروف الآن، وهو الذي بين جمادى وشعبان. وكانت ربيعة تجعله رمضان. فلهذا أضافه النبي ﷺ إلى مضر.
(أي شهر هذا ..) هذا السؤال والسكوت والتفسير أراد به التفخيم والتقرير والتنبيه على عظم مرتبة هذا الشهر والبلد واليوم.
(قلنا: الله ورسوله أعلم) هذا من حسن أدبهم. فإنهم علموا أنه ﷺ لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب. فعرفوا أنه ليس المراد مطلق الإخبار بما يعرفون.
(فإن دماءكم وأموالكم) المراد بهذ كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض، والتحذير من ذلك.

٣٠ - (١٦٧٩) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي بكرة، عن أبيه. قال:
لما كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ. قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إنسان بخظامه. فَقَالَ (أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟) قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ. فَقَالَ (أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ؟) قُلْنَا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟) قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ (أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ؟) قُلْنَا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟) قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ. قَالَ (أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ؟) قُلْنَا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا. فِي شَهْرِكُمْ هَذَا. فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ).
قَالَ: ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا.


(وأخذ إنسان بخطامه) إنما أخذ بخطامه ليصون البعير من الاضطراب على صاحبه والتهويش على راكبه.
(ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما) انكفأ أي انقلب. والأملح هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر.
(وإلى جزيعة من الغنم) ورواه بعضهم: جزيعة. وكلاهما صحيح. والأول هو المشهور في رواية المحدثين. وهو الذي ضبطه الجوهري وغيره من أهل اللغة، وهي القطعة من الغنم تصغير جزعة. وهي القليل من الشيء يقال جزع له من ماله أي قطع. وبالثاني ضبطه ابن فارس في المجمل وقال: وهي من الغنم. وكأنها فعيلة بمعنى مفعولة، كضفيرة بمعنى مضفورة.

(١٦٧٩) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ. قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ

١٣٠٧
بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ جَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بَعِيرٍ. قَالَ: وَرَجُلٌ آخِذٌ بِزِمَامِهِ (أَوَ قَالَ بِخِطَامِهِ). فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ.

٣١ - (١٦٧٩) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد. حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وعن أبي بكرة، وعن رجل آخر هو نَفْسِي أَفْضَلُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكرة. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا قُرَّةُ بِإِسْنَادِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (وَسَمَّى الرَّجُلَ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ. قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم النَّحْرِ. فَقَالَ (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟) وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بمثل ابْنِ عَوْنٍ. غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ (وَأَعْرَاضَكُمْ) وَلَا يَذْكُرُ: ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ، وَمَا بَعْدَهُ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ (كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا. فِي شَهْرِكُمْ هَذَا. فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟) قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ (اللَّهُمَّ! اشْهَدْ).

١٠ - بَاب صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ وَتَمْكِينِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ مِنَ الْقِصَاصِ، وَاسْتِحْبَابِ طَلَبِ الْعَفْوِ مِنْهُ
٣٢ - (١٦٨٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ؛ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ:
إِنِّي لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا قَتَلَ أَخِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أقتلته؟) (فقال: إنه لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ) قَالَ: نَعَمْ قَتَلْتَهُ. قَالَ (كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟) قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبِطُ مِنْ شَجَرَةٍ فَسَبَّنِي فَأَغْضَبَنِي. فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ فَقَتَلْتُهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ (هَلْ لَكَ مِنْ

١٣٠٨
شَيْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟) قَالَ: مَا لِي مَالٌ إِلَّا كِسَائِي وَفَأْسِي. قَالَ (فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟) قَالَ: أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ ذَاكَ. فَرَمَى إِلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ. وَقَالَ (دُونَكَ صَاحِبَكَ). فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ) فَرَجَعَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ (إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ) وَأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟) قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! (لَعَلَّهُ قَالَ) بَلَى. قَالَ (فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ). قال: فرمى بنسعته وخلى سبيله.


(بنسعة) هي حبل من جلود مضفورة، جعلها كالزمام له، يقوده بها.
(فقال إنه لو لم يعترف) هذا قول القائد، الذي هو ولى القتيل. أدخله الرواي بين سؤال النبي ﷺ وبين جواب القاتل. يريد أنه لا مجال له في الإنكار.
(نختبط) أي نجمع الخبط، وهو ورق السمر. بأن يضرب الشجر بالعصا فيسقط ورقه، فيجمه علفا.
(على قرنه) أي جانب رأسه.
(إن قتله فهو مثله) الصحيح في تأويله أنه مثله في أنه لا فضل ولا منة لأحدهما على الآخر، لأنه استوفى حقه منه. بخلاف ما لو عفا عنه فإنه كالن له الفضل والمنة وجزيل ثواب الآخرة وجميل الثناء في الدنيا.
(فرجع) أي فأبلغه رجل كلام النبي ﷺ، فرجع.
(أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ) أراد بالصاحب، هنا، أخاه المقتول. قال: ابن الأثير: البوء أصله اللزوم. فيكون المعنى: أن يلتزم ذنبك وذنب أخيك ويتحملهما. وقال النووي: قيل: معناه يتحمل إثم المقتول بإتلافه مهجته، وإثم الولي لكونه فجعه في أخيه.

٣٣ - (١٦٨٠) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
أتى رسول الله ﷺ بِرَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا. فَأَقَادَ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ مِنْهُ. فَانْطَلَقَ بِهِ وَفِي عُنُقِهِ نِسْعَةٌ يَجُرُّهَا. فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (القاتل والمقتول في المنار) فَأَتَى رَجُلٌ الرَّجُلَ فَقَالَ لَهُ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَخَلَّى عَنْهُ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَشْوَعَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّمَا سأله أن يعفو عنه فأبى.


(فأفاد ولي المقتول منه) أي حكم ﷺ بإجراء القود، وهو القصاص، ومكنه منه.
(القاتل والمقتول في النار) ليس المراد به في هذين. فكيف تصح إرادتهما مع أنه أخذه ليقتله بأمر النبي ﷺ. بل المراد غيرهما. وهو: إذا التقى المسلمان بسيفهما في المقاتلة المحرمة. كالقتال عصبية ونو ذلك. فالقاتل والمقتول في النار. والمراد به التعريض.

١١ - بَاب دِيَةِ الْجَنِينِ، وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي
٣٤ - (١٦٨١) حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ، رَمَتْ إحداهما الأخرى، فطرحت جنينه. فَقَضَى فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ، بغرة: عبد أو أمة.


(فطرحت جنينها) أي ألقته ميتا.
(فقضى فيه) أي حكم في جنينها النَّبِيُّ ﷺ.
(بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أو أمة) ضبطناه على شيوخنا في الحديث والفقه: بغرة، بالتنوين. وهكذا قيده جماهير العلماء في كتبهم وفي مصنفاتهم في هذا، وفي شروحهم. وقال القاضي عياض: الرواية فيه: بغرة، بالتنوين. وما بعده بدل منه. وقد فسر الغرة، في الحديث، بعبد أو أمة. وأو هنا للتقسيم لا للشك. والمراد بالغرة عبد أو أمة وهو اسم لكل منهما.
قال الجوهري: كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله، كما قالوا أعتق رقبة. وأصل الغرة بياض في الوجه.
ولهذا قال أبو عمرو: المراد بالغرة الأبيض منهما خاصة. قال: ولا يجزئ الأسود. قال. ولولا أن رسول الله ﷺ أراد بالغرة معنى زائدا على شخص العبد والأمة، لما ذكرها، ولا قتصر على قوله: عبد أو أمة.
قال أهل اللغة: الغرة عند العرب أنفس الشيء. وأطلقت هنا، على الإنسان لأن الله تعالى خلقه في أحسن تقويم.

٣٥ - (١٦٨١) وحدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ، سَقَطَ مَيِّتًا، بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بالغرة توفيت. فقضى رسول اله ﷺ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وزوجها. وأن العقل على عصبتها.


(ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ توفيت) قال العلماء: هذا الكلام قد يوهم خلاف مراده. فالصواب أن المرأة التي ماتت هي المجني عليها أم الجنين، لا الجانية. وقد صرح به في الحديث بعده بقوله: فقتلتها وما في بطنها. فيكون المراد بقوله: التي قضى عليها بالغرة أي التي قضى لها بالغرة. فعبر بعليها عن لها.
(وأن العقل على عصبتها) أي دية المتوفاة المجني عليها على عصبتها أي على عصبة الجانية.

٣٦ - (١٦٨١) وحدثني أبو الطاهر. حدثنا ابن وهب. ح وحدثنا حرملة ابن يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن؛ أن أبا هريرة

١٣١٠
قَالَ:
اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ. فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا. وَمَا فِي بَطْنِهَا. فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ. وقضى بدية المرأة على عاقلتها. وورثها ولد وَمَنْ مَعَهُمْ. فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكهان). من أجل سجعه الذي سجع.


(كيف أغرم) الغرم أداء شيء لازم. قال في المصباح: غرمت الدية والدين وغير ذلك، أغرم، من باب تعب. إذا أديته، غرما ومغرما وغرامة.
(ولا استهل) أي ولا صاح عند الولادة ليعرف به أنه مات بعد أن كان حيا.
(فمثل ذلك يطل) أي يهدر ولا يضمن. يقال: طل دمه، إذا أهدر، وطله الحاكم أهدره، ويقال: أطله أيضا فطل هو وأطل، مبنيين للمفعول.
(إنما هذا من إخوان الكهان) قال العلماء: إنما ذم سجعه لوجهين: أحدهما أنه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله. والثاني أنه تكلفه في مخاطبته. وهذان الوجهان من السجع مذمومان. وأما السجع الذي كان النبي ﷺ يقوله في بعض الأوقات، وهو مشهور في الحديث، فليس من هذا. لأنه لا يعارض به حكم الشرع ولا يتكلفه. فلا نهي فيه، بل هو حسن. ويؤيد ما ذكرناه من التأويل قوله (كسجع الأعراب) فأشار إلى أن بعض السجع هو المذموم.

(١٦٨١) - وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ. وَقَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ نَعْقِلُ؟ وَلَمْ يسم حمل بن مالك.


(كيف نعقل) أي كيف ندى.

٣٧ - (١٦٨٢) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرنا جرير عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قَالَ:
ضَرَبَتِ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ وَهِيَ حُبْلَى. فَقَتَلَتْهَا. قَالَ: وَإِحْدَاهُمَا لِحْيَانِيَّةٌ. قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ

١٣١١
الْقَاتِلَةِ. وَغُرَّةً لِمَا فِي بَطْنِهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ: أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ؟).
قَالَ: وجعل عليهم الدية.


(ضرتها) قال أهل اللغة: كل واحدة من زوجتي الرجل ضرة للأخرى. سميت بذلك لحصول المضارة بينهما في العادة، وتضرر كل واحدة بالأخرى.

٣٨ - (١٦٨٢) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا يحيى بن آدَمَ. حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ؛
أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ. فَأُتِيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقَضَى عَلَى عَاقِلَتِهَا بِالدِّيَةِ. وَكَانَتْ حَامِلًا. فَقَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ. فَقَالَ بَعْضُ عَصَبَتِهَا (أَنَدِي مَنْ لَا طَعِمَ وَلَا شَرِبَ وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ؟ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ قَالَ: فَقَالَ (سَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ؟).

(١٦٨٢) - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ مَعْنَى حديث جرير ومفضل.

٢ م - (١٦٨٢) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ. بِإِسْنَادِهِمُ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ. غَيْرَ أَنَّ فِيهِ: فَأَسْقَطَتْ. فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ. وَجَعَلَهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ: دِيَةَ الْمَرْأَةِ.

٣٩ - (١٦٨٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ. قَالَ:
اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الخطاب الناس في ملاص الْمَرْأَةِ. فَقَال الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ. قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بن مسلمة.


(ملاص المرأة) هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم: ملاص. وهو جنين المرأة. والمعروف في اللغة إملاص المرأة، قال أهل اللغة: يقال: أملصت به وأزلفت به وأمهلت به وأخطأت به، كله بمعنى. وهو إذا وضعته قبل أوانه. وكل ما زلق من اليد فقد ملص ملصا وأملصته أنا. قال القاضي. قد جاء ملص الشيء إذا أفلت، فإن أريد به الجنين صح ملاص، مثل لزم لزاما.

 


google-playkhamsatmostaqltradent