recent
آخر المقالات

أول كتاب الأيمان والنّذور

 

١ - باب التغليظ في اليمين الفاجرة
٣٢٤٢ - حدَّثنا محمد بن الصَّبَّاح البزَّاز، حدَّثنا يزيد بنُ هارونَ، أخبرنا هشام بنَ حسَّان، عن محمد بنِ سيرين
عن عمران بن حُصَين قال: قال رسول الله ﷺ: «من حَلَفَ على يمين مَصبورَةٍ كاذبًا، فليتبَؤَأ بوجهه مَقعدَهُ من النَّار» (١).



(١) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ٥، والبزار في «مسنده» (٣٦١١) والروياني في «مسنده» (١٣٩)، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (٤٤٥) و(٤٤٦)، والحاكم ٤/ ٢٩٤، وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٢٧٧، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» ١/ ١٧٢، من طريقين عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد. زاد الروياني والطبراني في الموضع الأول: «ليقتطع بها مال امرئ مسلم».
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩١٢).
وأخرجه الطبراني ١٨/ (٣١٩) و(٣٢٠) و(٣٤١) من طرق عن الحسن البصري، عن عِمران بن حُصين، به نحوه. زاد في الموضع الأول: «ليقتطع بها مال أخِيه»، وفي الموضع الثالث: «مال امرئ مسلم».
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ٣/ ٣٢٢، من طريق زائدة بن قدامة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عمران موقوفًا.
وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد (٣٥٧٦) و(٧٤٤٥)، ومسلم (١٣٨) (٢٢٢) بلفظ: «من حلف على يمين يقتطع بها مال مسلم لقي الله وهو عليه غضبان».
وقوله: «مصبورة» قال ابن الأثير في «النهاية»: أي أُلزِمَ بها وحُبسَ عليها، وكانت لازمةً لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها: مصبورة - وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور - لأنه إنما صبر من أجلها، أي: حبس، فوصفت بالصبر، وأضيفت إليه مجازًا.

٢ - باب فيمن حلف يمينًا ليقتطع بها مالًا لأحد
٣٢٤٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى وهنَّاد بنُ السري - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن شقيق
عن عبد الله قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ حَلَفَ على يمينِ هو فيها فاجرٌ ليقتطعَ بها مالَ امرئِ مسلمٍ، لقيَ الله وهو عليه غَضْبَان» فقال الأَشعثُ: فىَّ واللهِ كان ذلك، كان بيني وبين رجلِ من اليهود أرض، فجحدني فقدمتُه إلى النبي ﷺ فقال لي النبيُّ ﷺ «ألكَ بيِّنَةٌ؟» قلت: لا، قال لليهوديِّ: «احْلِفْ» قلت: يا رسول الله، إذًا يحلفَ ويذهبَ بمالي، فأنزل الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ إلى آحر الآية [آل عمران:٧٧] (١).
٣٢٤٤ - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا الحارثُ بنُ سليمانَ، حدَّثني كُرْدُوسٌ


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهران. وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه البخاري (٢٣٥٦)، ومسلم (١٣٨)، وابن ماجه (٢٣٢٣)، والترمذي (١٣١٥) و(٣٢٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٤٨) و(١٠٩٤٥) و(١٠٩٩٦) و(١٠٩٩٧)، من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة بهذا الاسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥٧٦) و(٤٢١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٠٨٤).
قال ابن بطال في شرح البخاري ونقله عنه العيني في «عمدة القاري»: وبهذه الآية والحديث: احتج الجمهور في أن اليمين الغموس لا كفارة فيها، لأنه عليه الصلاة والسلام ذكر في هذه اليمين المقصود بها الحنث والعصيان، والعقوبة والاثم، ولم يذكر فيها كفارة، ولو كانت لذكرت كلما ذكرت في اليمين المعقودة، فقال: فليكفر عن يمينه ولياتِ الذي هو خير. قال ابن المنذر: لا نعلم سنة تدل على قول من أوجب فيها الكفارة؟ بل هي دالة على قول مَنْ لم يوجبها.

عن الأشعثِ بن قيسٍ، أن رجلًا من كِنْدَةَ ورجلًا من حَضْرَموت اختصما إلى النبيَّ ﷺ في أرضٍ من اليمن، فقال الحَضْرميُّ: يا رسولَ الله، إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا وهي في يده، قال: «هل لكَ بينةٌ؟» قال: لا، ولكن أُحَلِّفهُ واللهُ يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيَّأ الكِنْديُّ لليمين، فقال رسولُ الله ﷺ: «لا يقتطع أحدٌ مالًا بيمينٍ إلا لقي اللهَ وهو أجْذَمُ» فقال الكِنْديُّ: هي أرضُه (١).
٣٢٤٥ - حدَّثنا هنَّاد بن السَّرِيِّ، حدَّثنا أبو الأحْوصِ، عن سماكٍ، عن علقمةَ بن وائلِ بن حُجْرٍ الحضرميِّ
عن أبيه، قال: جاء رجلٌ من حضرموت ورجل من كِنْدةَ إلى رسولِ الله ﷺ، فقال الحضرميُّ: يا رسولَ الله، إن هذا غلبني على أرضٍ كانت لأبي، فقال الكِنْديُّ: هي أرضي في يدي أزرعُها ليس له فيها حق، قال: فقال النبيَّ ﷺ للحضرميِّ: «ألك بينةٌ؟» قال: لا، قال: «فلك يمينُه» قال: يا رسول الله، إنه فاجرٌ ليس يُبالي ما حلف عليه،


(١) حديث صحيح، دونَ قوله: «إلا لقي الله وهو أجذمُ»، فقد تفرد بها كُرْدوُس - وهو التغلبي أو الثعلبي - وهو لين عند عدم المتابعة، وهو صحيح بلفظ: «لقي الله وهو عليه غضبان» أخرجه أحمد (٢١٨٤٢) ومسلم (١٣٨) (٢٢٠).
الفريابي: هو محمد بن يوسف.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٩٥٩)، من طريق الحارث بن سليمان بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢١٨٤٣)، و«صحيح ابن حبان»، (٥٠٨٨).
وسيأتي برقم (٣٦٢٢).
وقوله: «لقي الله وهو أجذم» الأجذم، أي: مقطوع اليد، أو البركة، أو الحجة وقال الطيبي: أجذم الحجة لا لسان له يتكلم، ولا حجة في يده. يعني ليكون له عذر في أخذ مال مسلم ظلمًا، وفي حلفه كاذبًا.

ليس يتورَّع من شيءٍ، فقال: «ليس لك منه إلا ذاكَ» فانطلق ليحلفَ
له، فلمَّا أدبر قال رسولُ الله ﷺ: «أما لئِن حلفَ على مالٍ ليأكلَه ظالمًا ليَلْقَيَنَّ اللهَ عز وجل وهو عنه مُعْرِضٌ» (١).

٣ - باب في تعظيمِ اليمين على مِنبَرِ رسول الله ﷺ -
٣٢٤٦ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابن نُميرٍ، حدَّثنا هاشمُ بن هاشمٍ، أخبرني عبدُ الله بن نِسْطاسٍ من آل كثيرِ بن الصَّلْتِ
أنه سمع جابرَ بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يَحلفُ أحدٌ عند منبري هذا على يمين آثمةٍ ولو على سواكٍ أخضرَ إلا تَبَوَّأ مَقعَدَهُ من النَّار - أو وجبت له النارُ -» (٢).


(١) إسناده حسن من أجل سماك - وهو ابن حرب - أبو الأحوص: هو سَلاّم بن سُلَيْم.
وأخرجه مسلم (١٣٩)، والترمذي (١٣٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٤٦)، من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٦٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٠٧٤).
وسيأتي برقم (٣٦٢٣).
قال الخطابي: في هذا الحديث دليل على أن ما يجري بين المتخاصمين من كلام وتشاجر وتنازع وإن خرج بهم الأمر في ذلك إلى أن ينسب كل واحد منهم صاحبه فيما يدعيه قبله إلى خيانة وفجور واستحلال ونحو ذلك من الأمور، فإنه لا حكومة بينهما في ذلك.
وفيه دليل على أن الصالح المظنون به الصدق، والصالح الموهوم به الكذب في ذلك الحكم سواء، وأن لا يحكم لهما ولا عليهما إلا بالبينة العادلة أو اليمين.
(٢) إسناده قوي. عبد الله بن نسطاس وإن لم يرو عنه غير هاشم بن هاشم - قد وثقه
النسائي، وابن عبد البر في «الاستذكار» ٢٢/ ٨٣، واحتج به مالك. وباقي رجاله ثقات.
ابن نمير: هو عبد الله. =

٤ - باب الحَلْف بالأنْدَاد
٣٢٤٧ - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن حُميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَن حلَفَ فقال في حَلفِه: واللاَّتِ، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أُقامِرْك، فلْيتصدق بشيء» (١).


= وأخرجه ابن ماجه (٢٣٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٧٣) من طريق هاشم ابن هاشم بهذا الإسناد.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٧٢٧ عن هاشم بن هاشم بهذا الإسناد، وهو من طريق مالك عند أحمد (١٤٧٠٦)، وابن حبان (٤٣٦٨).
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد (٨٠٨٧)، وابن ماجه (٢٣٢٦).
(١) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، والحسن بن علي: هو الخَلاَّل.
وأخرجه البخاري (٤٨٦٠)، ومسلم (١٦٤٧)، وابن ماجه (٢٠٩٦)، والترمذي (١٦٢٦)، والنسائي (٣٧٧٥)، من طريق محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٨٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٠٥).
قال المهلب: أمر ﷺ للحالف باللات والعُزى بقول: «لا إله إلا الله، خشية أن يستديم حاله على ما قال، فيخشى عليه من حبوط عمله فيما نطق به من كلمة الكفر بعد الإيمان.
وروى ابن حبان (٤٣٦٤) ما يشبه أن يكون سببًا لهذا الحديث من طريق مصعب ابن سعد، عن أبيه قال: كنا حديث عهد بجاهلية، فحلفت باللاتِ والعُزى فقال لي أصحابي: بئس ما قلتَ، فذكرتُ ذلك للنبي ﷺ، فقال:»قل: لا إله إلا الله وحده ثلاثًا ثم اتفُل عن يسارك ثلاثًا؟ وتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تعد«وهو في»المسند" (١٥٩٠)، وسنن ابن ماجه (٢٠٩٧) وإسناده صحيح. =

٣٢٤٨ - حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا عوفٌ، عن محمد بن سيرين
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا تحلِفُوا - بآبائكم، ولا بأمهاتِكم، ولا بالأندادِ، ولا تحلِفُوا إلا بالله عز وجل، ولا تحلِفُوا بالله إلا وأنتم صادقُون» (١).


= وقال الخطابي: اليمين إنما تكون بالمعبود المعظم، فإذا حلف باللات ونحوها، فقد ضاهى الكفار، فأمر أن يتدارك بكلمة التوحيد.
وقال أبو بكر بن العربي: من حلف بها جادًا، فهو كافر، ومن قالها جاهلًا أو ذاهلًا يقول: لا إله إلا الله، يكفر الله عنه، ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر، ولسانه إلى الحق، وينفي عنه ما جرى به من اللغو.
وقوله: «ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق بشيء». قال الخطابي: أي بالمال الذي كان يريد أن يقامر به، وقيل: بصدقة ما لتكفر عنه القول الذي جرى على لسانه، قال النووي: وهذا هو الصواب، وعليه يدل رواية أبي داود هذه ورواية مسلم.
(١) إسناده صحيح. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٦٩٢) من طريق عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٣٥٧).
والحكمة في النهي عن الحلف بالآباء أنه يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مختصة بالله جلَّتْ عظمته، فلا يضاهى به غيره، وهكذا حكم غير الآباء من سائر الأشياء.
قال النووي: يكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته، سواء في ذلك النبي ﷺ والكعبة والملائكة والأمانة والحياة والروح وغيرها، ومن أشدها كراهة الحلف بالأمانة، والكراهة هنا تحريمية.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ) وهامش (ب). وقد أشار المزي في «الأطراف» (١٤٤٨٣) إلى أنه في رواية أبي الحسن ابن العبد وأبي بكر ابن داسه فقط.
قلنا: (هـ) عندنا برواية ابن داسه.

٥ - باب في كراهية الحلف بالآباء
٣٢٤٩ - حدَّثنا أحمدُ بن يونس، حدَّثنا زهيرٌ، عن عُبيد الله بن عُمر، عن نافع، عن ابن عمر
عن عمر بن الخطاب: أن رسولَ الله ﷺ أدركَه وهو في رَكْبٍ وهو يحلِفُ بأبيه، فقال: «إن الله عز وجل ينهاكُم أن تَحلِفُوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلفْ بالله أو ليَسْكُتْ» (١).


(١) إسناده صحح. وقد رواه غير زهير -وهو ابن معاوية الجعفي- عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ أدرك عمر وهو في ركب. فجعله من مسند عبد الله بن عمر. وكذلك رواه غير واحد عن نافع فجعلوه من مسند عبد الله بن عمر، وكذا روي عن سالم بن عبد الله عن أبيهَ مرة فقال: سمع النبي ﷺ عمر بن الخطاب وهو يحلف ...، وروي عنه مرة أخرى عن أبيه، عن عمر بن الخطاب كرواية المصنف. وقد أسنده البخاري ومسلم على الوجهين. قال الحافظ في «الفتح» ١١/ ٥٣٣: يشبه أن يكون ابن عمر سمع المتن من النبي ﷺ، والقصة التي وقعت لعمر منه، فحدث به على الوجهين. قلنا: ويحتمل أنه سمع القصة مع المتن من عمر. ثم كان يرويه أحيانًا مرسلًا.
ومرسل الصحابي حجةٌ عند أهل العلم، ويحتمل أن يكون ابن عمر حضر القصة، فكان يقول فيه أحيانًا: عن عمر، تجوُّزًا، وهذا أسلوب في الرواية معروف.
وأخرجه الترمذي (١٦١٤) من طريق عبدة بن سليمان، والنسائي في «الكبرى» (٧٦١٦) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ أدرك عمر في ركب ... الحديث.
وأخرجه البخاري (٢٦٧٩) و(٦١٠٨) و(٦٦٤٦)، ومسلم (١٦٤٦) من طرق عن نافع، عن عبد الله بن عمر رفعه ورواية يعضهم مختصرة.
وأخرجه البخاري (٦٦٤٧)، ومسلم (١٦٤٦)، وابن ماجه (٢٠٩٤)، والنسائي في «الكبرى» (٤٦٩٠) و(٤٦٩١) من طرق عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فجعلوه من مسند عمر بن الخطاب. دون قوله: «فمن كان حالفًا ...».

٣٢٥٠ - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ، عن أبيه
عن عمر، قال: سمعني رسولُ الله ﷺ، نحو معناه إلى: «بآبائكم» زاد: قال عمرُ: فوالله ما حلفتُ بها ذاكرًا ولا آثرًا (١).
٣٢٥١ - حدَّثنا محمد بن العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، قال: سمعتُ الحسنَ ابن عُبيد الله، عن سعْد بن عُبيدة، قال:


= وأخرجه مسلم (١٦٤٦)، والترمذي (١٦١٣)، والنسائي (٤٦٨٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال سمع النبي ﷺ عمر وهو يقول ... فجعله من مسند عبد الله بن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢) و(٤٥٢٣).
(١) إسناده صحيح.
معمر: هو ابن راشد، سالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه مسلم (١٦٤٦) (١) و(٢)، وابن ماجه (٢٠٩٤)، والنسائي (٣٧٦٧) و(٣٧٦٨) من طريق عن سالم عن ابن عمر عن عمر به.
وأخرجه النسائي (٣٧٦٦) من طريق سالم عن ابن عمر عن النبي ﷺ.
فلم يذكر عمر بن الخطاب، وهذا لا يضر؛ لأنه يكون عندئذٍ مرسل صحابي، وإرسال الصحابي لا يضر.
قال السندي: فوالله من كلام عمر: ما حلفتُ بها، أي: بالآباء أو بهذه اللفظة وهي: وأبي، ذاكرًا من نفسي، ولا آثرًا، أي: راويًا من غيري بان أقول: قال فلان: وأبي، ومعنى ما حلفت بها: ما أجريتُ على لساني الحلف بها، فيصح التقسيم إلى القسمين، وإلا فالراوي عن الغير لا يُسمى حالفًا.
تنبيه: هذا الحديث مع الحديثين التاليين أثبتناها من (أ) و(هـ) وهامش (ب) وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أن هذه الأحاديث في رواية أبي الحسن ابن العبد وأبي بكر ابن داسه فقط.

سمع ابنُ عُمر رجلًا يحلفُ: لا والكعبة، فقال له ابنُ عمر: إني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَن حلَفَ بغيرِ الله فقد أشركَ» (١).
٣٢٥٢ - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ العَتَكيُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بن جعفرٍ المدنيُّ، عن أبي سُهيلٍ نافعِ بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه
أنه سمع طلحةَ بن عُبيد الله، يعني في حديث قصةِ الأعرابي، قال النبيُّ ﷺ: «أفلحَ وأبيه إن صَدَقَ، دخل الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدَقَ» (٢).

٦ - باب كراهية الحلف بالأمانة
٣٢٥٣ - حدَّثنا أحمدُ بن عبد الله بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا الوليد بن ثعلبةَ الطائيُّ، عن ابن بُريدةَ


(١) حديث صحيح. ابن إدريس: هو عبد الله.
وأخرجه الترمذي (١٦١٥) من طريق الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن، وتفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله: كفر أو أشرك على التغليظ، والحجةُ في ذلك حديث ابن عمر: أن النبي ﷺ سمع عمر يقول: وأبي وأبي فقال: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» وحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: «من قال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله» وهذا مثل ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: «الرياء شرك».
وهو في «مسند أحمد» (٦٠٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٥٨).
وله طريق آخر بإسناد صحيح عند أحمد (٥٣٤٦) قال: قال رسول الله ﷺ: «من حلف بغير الله ...» فقال فيه قولًا شديدًا.
قال الخطابي: قوله: آثِرًا: يريد مُخبرًا به، من قولك: أثَرتُ الحديث آثُره: إذا رويتَه. يقول: ما حلفتُ ذاكرًا عن نفسي، ولا مُخبِرًا به عن غيري.
(٢) إسناده صحيح.
وقد سلف تخريجه برقم (٣٩٢).

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ «مَنْ حلفَ بالأمانةِ فليس منا» (١).

٧ - باب لَغْوِ اليمينِ
٣٢٥٤ - حدَّثنا حميدُ بن مَسعَدةَ الشاميُّ، حدَّثنا حسَّان -يعني ابنَ إبراهيمَ- حدَّثنا إبراهيمُ -يعني ابن ميمون الصائغَ- عن عطاء: اللَّغْو في اليمين، قال:
قالت عائشةُ: إن رسولَ الله ﷺ قال: «هو كلامُ الرجلِ في بيتِه، كلاَّ واللهِ، وبَلَى والله» (٢).


(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعْفِيّ، وابن بريدة: هو عبد الله. وأخرجه أحمد (٢٢٩٨٠)، والبزار في «كشف الأستار» (١٥٠٠)، وأبو يعلى في «مسنده الكبير» كما في «إتحاف الخيرة» (٦٦٠٠)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٣٤٢)، وابن حبان (٤٣٦٣)، والحاكم ٤/ ٢٩٨، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٣٠، وفي «شعب الإيمان» (١١١١٦)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ١٤/ ٣٥ من طرق عن الوليد بن ثعلبة الطائي بهذا الإسناد.
قال الخطابي: هذا يشبه أن تكون الكراهة فيه من أجل أنه أمر أن يحلفَ بالله وبصفاته، وليست الأمانة من صفاته، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما في ذلك من التسوية بينها وبين أسماء الله عز وجل وصفاته.
(٢) صحيح موقوفًا. حسان بن إبراهيم -وهو الكرماني- ينحط عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات لكن الأصح وقفه كما أشار إليه المصنف بإثره.
وأخرجه ابن جرير ٤/ ٤٠٥، والبيهقي ١٠/ ٤٩ من طريق حسان الكرماني بهذا الإسناد.
وصححه ابن حبان (٤٣٣٣).
وأخرجه مالك في «الموطأ» ٢/ ٤٧٧ عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة موقوفًا.
وأخرجه البخاري (٤٦١٣) و(٦٦٦٣) من طريقين عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة موقوفًا. =

قال أبو داود: كان إبراهيمُ الصائغُ رجلًا صالحًا، قتله أبو مسلمٍ بِفَرَنْدُس، قال: وكان إذا رفَع المطرقةَ فسمع النِّداء سَيَّبها.
قال أبو داود: روَى هذا الحديثَ داودُ بن أبي الفُرات، عن إبراهيمَ الصائغ، عن عطاء، عن عائشة موقوفًا، ورواه الزهري وعبد الملك ابن أبي سليمان ومالك بن مِغْوَلٍ، كلُّهم عن عطاءٍ، عن عائشة موقوفًا أيضًا.

٨ - باب المعاريض في اليمين
٣٢٥٥ - حدَّثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هُشَيمٌ، عن عبَّاد بن أبي صالح وحدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرني عبد الله بن أبي صالح، -ثم اتفقا- عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «يمينُكَ على ما يُصدِّقُك عليها صاحبُك» (١).


= وصحح وقفه الدارقطني في «العلل» ٥/ ورقة ٣٧.
قلنا: اللغو: هو اليمن التي تمر على لسانه في عُرض حديثه من غير قصد إليها لا كفارة فيها في قول أكثر أهل العلم: عمر وعائشة وعطاء والقاسم وعكرمة والشعبي والشافعي ومحمد بن الحسن.
ومن اللغو في اليمن: اليمن التي يحلف بها الحالفُ وهو يرى أنه كما يحلفُ عليه، ثم يتبيَّنُ غير ذلك، وأكثر أهل العلم أن هذه اليمن لا كفارة فيها، وهو قول زرارة بن أوفى ومجاهد والحسن والنخعي وقتادة ومكحول وسليمان بن يسار وربيعة ومالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه. انظر: «مختصر اختلاف العلماء» ٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧، و«تفسير القرطبي» ٣/ ٩٩.
(١) إسناده حسن. هشيم وهو ابن بشير بن القاسم صرح بالتحديث عند مسلم وغيره فزالت شبهة تدليسه، وعباد بن أبي صالح، ويقال: عبد الله بن أبي صالح السمان =

قال أبو داود: هما واحدٌ: عبد الله بن أبي صالح، وعبَّاد بن أبي صالح.
٣٢٥٦ - حدَّثنا عَمرو بن محمدٍ الناقدُ، حدَّثنا أبو أحمد الزبيريُّ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن إبراهيمَ بن عبد الأعلى، عن جدته
عن أبيها سُوَيدِ بن حَنظلةَ، قال: خرجنا نريدُ رسولَ الله ﷺ ومعنا وائلُ بن حُجْر فأخذه عدوٌّ له، فتحرَّجَ القوم أن يحلِفُوا، وحلفتُ إنه أخي، فخَلَّى سبيلَه، فأتينا رسولَ الله ﷺ فأخبرتُه أن القوم تَحرجوا أن يحلِفُوا وحلفتُ إنه أخي، فقال: «صَدَقْتَ، المسلمُ أخو المسلم» (١).


= وثقة ابن معين، وقال الساجي وتبعه الأزدي: ثقة إلا أنه روى عن أبيه ما لم يتابع عليه. وقال الذهبي: مختلف في توثيقه، وحديثه حسن.
وأخرجه مسلم (١٦٥٣) (٢٠)، وابن ماجه (٢١٢١)، والترمذي (١٤٠٤) من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال الذهبي في «تلخيص المستدرك» ٤/ ٣٠٣: صحيح إن شاء الله.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا كان المستحلف ظالمًا، فالنية نية الحالف، وإن كان المستحلف مظلومًا، فالنية فيه الذي استحلف. وقال القاري: قوله: على ما يصدقك به صاحبك، أي: خصمك ومدعيك ومحاورك، والمعنى: أنه واقع عليه لا يؤثر فيه التورية، فإن العبرة في اليمين بقصد المستحلف إن كان مستحقًا لها، وإلا فالعبرة بقصد الحالف، فله التورية. وانظر «شرح مسلم» للنووي ١١/ ١١٧.
وهو في «مسند أحمد» (٧١١٩).
(١) إسناده ضعيف.
قال المنذري في «تهذيب سنن أبي داود» ٤/ ٣٥٩: اِلحديث أخرجه ابن ماجه.
وسويد بن حنظلة لم ينسب، ولم يعرف له غير هذا الحديث، وقال ابن حجر في =

٩ - باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام
٣٢٥٧ - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بن نافعٍ، حدَّثنا معاويةُ بن سلاَّمٍ، عن يحيى ابن أبي كثيرٍ، أخبرني أبو قِلابةَ
أن ثابتَ بن الضَحّاك أخبره -أنه بايعَ رسولَ الله ﷺ تحتَ الشجرةِ- أن رسولَ الله ﷺ قال: «مَن حلف بملةِ غيرِ الإسلام كاذبًا فهو كما قال، ومن قتل نفسَه بشيءِ عُذِّب به يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ فيما لا يملِكُه» (١).


= «الإصابة» ٣/ ٢٢٥: قال الأزدي: ما روى عنه إلا ابنته. قلنا: وابنته هذه مجهولة لا تعرف. وباقي رجاله رجال الصحيح. وفي الباب ما يقويه عند البخاري (٣٣٥٨) من حديث أبي هريرة، وفيه: أن إبراهيم عليه السلام لما سأله الجبار عن زوجته سارة، قال: هي أختي.
وأورد البخاري هذه القطعة في كتاب الطلاق: باب إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شيء عليه، قال النبي ﷺ: قال إبراهيم لسارة: هذه أختي، وذلك في ذات الله عز وجل.
قال السندي في «حاشية المسند»: قوله: «صدقت المسلم أخو المسلم» يدل على أن التورية في الحلف مؤثرة إذا لم يكن للمستحلف حق الاستحلاف، وما جاء أن اليمين على نية المستحلف، فذاك فيما إذا كان له حق الاستحلاف.
وانظر لزامًا كلام الإمام الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» ٥/ ١٢٧ - ١٣١.
وأخرجه ابن ماجه (٢١١٩) من طريق إسرائيل -وهو ابن يونس-، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٢٦).
(١) إسناده صحيح. أبو قِلابة: هو عبدُ الله بن زيد بن عمرو.
وأخرجه البخاري (١٣٦٣)، ومسلم (١١٠)، وابن ماجه (٢٠٩٨)، والترمذي (١٦٢٤) و(٢٨٢٦)، والنسائي (٣٧٧٠) و(٣٧٧١) و(٣٨١٣) من طرق عن أبي قلابة، به. =

٣٢٥٨ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا زيدُ بن الحُبَاب، حدَّثنا حسينٌ -يعني ابنَ واقدٍ- قال: حدَّثني عبدُ الله بن بُريدةَ


= وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٦٦) و(٤٣٦٧).
قال الإِمام الترمذي: وقد اختلف أهل العلم في هذا إذا حلف الرجل بملة سوى الإسلام قال: هو يهودي أو نصراني، إن فعل كذا وكذا ففعل ذلك الشيء، فقال بعضهم: قد أتى عظيمًا ولا كفارة عليه، وهو قول أهل المدينة، وبه يقول مالك بن أنى، وإلى هذا القول ذهب أبو عبيد. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين وغيرهم: عليه في ذلك الكفارة وهو قول سفيان وأحمد وإسحاق (والحنفية) وانظر «شرح السنة» ١٠/ ٩ بتحقيقنا.
وقال القسطلاني في «إرشاد الساري» ٢/ ٤٥٦ تعليقًا على قوله: «كاذبًا»: في تعظيم تلك الملة التي حلف بها «فهوكما قال» أي: فيحكم عليه بالذي نسبه لنفسه، وظاهره الحكم عليه بالكفر إذا قال هذا القول، ويحتمل أن يعلق ذلك بالحنث، لما روى بريدة مرفوعًا: «من قال: أنا بريء من الإسلام، فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا فلن يرجع إلى الإسلام سالمًا» والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وان قصد حقيقة التعليق، يخنظر، فإن كان أراد أن يكون متصفًا بذلك كفر، لأن إرادة الكفر كفر، وان أراد البعد عن ذلك لم يكفر، لكن يحرم عليه ذلك.
ويحتمل أن يكون المراد به: التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم بأنه صار يهوديًا، وكأنه قال فهو مستحق لمثل عذاب ما قال، ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: «من ترك الصلاة فقد كفر» أي: استوجب عقوبة من كفر.
وقال ابن المنذر: قوله: «فهو كما قال» ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر، بل المراد أنه كاذب ككذب المعظم لتلك الجهة.
تنبيه: هذا الحديث والحديث الذي يليه أثبتناهما من (أ) و(هـ) وهامش (ب)، وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أن هذا الباب كله في رواية ابن العبد فقط. قلنا: وهو في رواية ابن داسه أيضًا، إذ هو في (هـ) عندنا وهي بروايته.

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من حلفَ فقال: إني بَرِيءٌ من الإسلام: فإن كان كاذبًا، فهو كما قال، وإن كان صادقًا فلن يرجعَ إلى الإسلام سالمًا» (¬١).

١٠ - باب من حلف أن لا يتأدَّم
٣٢٥٩ - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا يحيى بن العلاء، عن محمد بن يحيى
عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: رأيتُ النبي ﷺ وضع تمرةً على كسرة، فقال: «هذه إدامُ هذه» (٢).


(١) إسناده قوي. حسين بن واقد روى له أصحاب السنن والبخاري تعليقًا ومسلم متابعة، وهو صدوق لا بأس به، وباقي رجال الإسناد ثقات.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٠٠)، والنسائي (٣٧٧٢) من طرق عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٠٠٦).
(٢) إسناده هالك، وقال ابن حبان في «الثقات» ٣/ ٤٤٦: لست بالمعتمد على إسناد خبر يوسف. يحيى بن العلاء -وهو البجلي- كذبه أحمد، وقال عمرو بن علي والنسائي والدارقطني: متروك الحديث، وضعفه أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود.
ومحمد بن يحيى كذا جاء عند أبي داود في الأصول عدا (هـ) والصواب: محمد بن أبي يحيى الأسلمي نبه عليه المزي وابن حجر وجاء في (هـ): يعني ابنَ حبَّان، وهو خطأ.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٧٤٩٤) من طريق يحيى بن العلاء، عن محمد ابن أبي يحيى الأسلمي، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه. فسماه على الصواب إلا أنه جعله من مسند عبد الله بن سلام.
وانظر ما بعده.

٣٢٦٠ - حدَّثنا هارونُ بن عَبد الله، حدَّثنا عُمر بن حفْصٍ، حدَّثنا أبي، عن محمد بن أبي يحيى، عن يزيدَ الأعورِ، عن يوسفَ بن عبدِ الله بن سلَامٍ، مثله١).

١١ - باب الاستثناء في اليمين
٣٢٦١ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن أيوبَ، عن نافعِ
عن ابن عمر، يبلغُ به النبيَّ ﷺ، قال: «مَنْ حَلَفَ على يمين، فقال: إن شاء الله فَقَدِ استَثْنَى» (٢).


(١) إسناده ضعيف لجهالة يزيد الأعور - وهو ابن أبي أمية، ومع ذلك فقد حَسَّن إسناده الحافظ في «الفتح» ١١/ ٥٧١! حفص: هو ابن غياث.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٨/ ٣٧١ - ٣٧٢، والترمذي في «الشمائل» (١٨٤)، والطحاوي في المشكل، (٤٤٥٣)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٣/ ٢٣٤، والطبراني ٢٢/ (٧٣٢)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» ٣/ ٢٩٠، وتمام في «فوائده» (١٦٢٩)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» في ترجمة يوسف بن عبد الله ابن سلام، وفي «أخبار أصبهان» ٢/ ١٦٨ - ١٦٩، والبيهقي ١٠/ ٦٣، والبغوي في «شرح السنة» (٢٨٨٦)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣٢/ ٨٩ في ترجمة يزيد الأعور، من طريق عمر بن حفص بن غياث، بهذا الإسناد.
وأخرجه إسحاق الحربي في «غريب الحديث» ٣/ ١١٤١ - ١١٤٢ عن ضرار بن صُرد، عن حفص بن غياث، به. وابن صرد ضعيف جدًا.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٥٢) من طريق سفيان ابن عيينة، بهذا الإسناد. ولفظ ابن ماجه: «من حلف واستثنى فلن يحنث».
وأخرجه الترمذي (١٦١١) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، به بلفظ: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى فلا حنث عليه».
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٧٥١) من طريق كثير بن فرقد، عن نافع، به.
بنحو لفظ المصنف. =

٣٢٦٢ - حدَّثنا محمدُ بن عيسى ومُسدَّد -وهذا حديثه- قالا: حدَّثنا عبدُ الوارث، عن أيوبَ، عن نافعٍ
عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ حلفَ فاستثنى فإن شاء رجعَ، وإن شاءَ ترك غيرَ حَنِثٍ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٤٥٨١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٣٩).
وانظر ما بعده.
قال السندي: قوله: «على يمين»، أي: على محلوف عليه، أو بيمينٍ فقد استثنى، أي: ومن استثنى، فلا يحنث فَعَلَ أو تَرَكَ.
(١) إسناده صحيح. مسدَّد: هو ابن مسرهد بن مسربَل البصري، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري مولاهم.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٠٥)، والترمذي (١٦١١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧١٦) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. ولفظ الترمذي: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فقد استثنى، فلا حنث عليه».
وأخرجه بنحوه النسائي في «الكبرى» (٤٧٥٣) من طريق وهيب، عن أيوب، به.
قال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن، وقد رواه عُبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وهكذا روي عن سالم، عن ابن عمر موقوفًا.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم أن الاستثناء
إذا كان موصولًا باليمين، فلا حِنث عليه، وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي، ومالك ابن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق (وأبو حنيفة).
وقول الترمذي: ولا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب، فيه نظر، فقد تابعه على رفعه كثير بن فرقد عند النسائي ٧/ ٢٥، وأيوب بن موسى عند ابن حبان (٤٣٤٠) وكلاهما ولحديث ابن عمر شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (٢١٠٤)، والترمذي (١٦١٢) وصححه ابن حبان (٤٣٤١).
وهو في «مسند أحمد» (٤٥١٠)، و«صحيح ابن حبان»، (٤٣٤٢). =

١٢ - باب ما جاء في يمين النبي ﷺ ما كانت
٣٢٦٣ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ النُّفَيليُّ، حدَّثنا ابنُ المبارَك، عن موسى ابن عقبة، عن سالم
عن ابن عمر، قال: أكثرُ ما كان رسولُ الله ﷺ يحلف بهذه اليمين: «لا، ومُقَلِّبِ القلوب» (١).


= تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(ب) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد وليس في رواية اللؤلؤي. وذكره المزي في «الأطراف» (٧٥١٧) وذكر أنه في رواية ابن داسه أيضًا. قلنا: نسخة (هـ) عندنا برواية ابن داسه، والحديث فيها كما قال المزي.
(١) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري (٦٦١٧)، وابن باجه (٢٠٩٢)، والترمذي (١٦٢١)، والنسائي في، «الكبرى» (٤٦٨٥) و(٤٦٨٦) و(٧٦٦٦) من طرق عن سالم، به. ولفظه عند ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني: «لا ومصرِّف القلوب».
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٨٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٣٢).
وقوله: «لا ومقلب القلوب» قال العيني: لا فيه حذف نحو: لا أفعل أو لا أترك والواو فيه للقسم، ومقلب القلوب: هو المقسَمُ به، والمراد بتقليب القلوب تقليب أعراضها وأحوالها لا تقليب ذات القلب.
تنبيه: هذا الحديث والحديثان التاليان أثبتناها من (أ) و(ب) و(هـ)، وزاد في (ب) وهامش (هـ) الحديث الرابع حديث الحسن بن علي، وقد أشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أن الأحاديث الثلاثة الأولى في هذا الباب من رواية ابن العبد. قلنا: وهي في رواية ابن داسه أيضًا فقد جاءت عندنا في (هـ) وهي بروايته.
وقد ذكرها المزي في «الأطراف» (٧٠٢٤) و(٤٠٨٦) و(١٤٨٠٢) وأشار إلى أنها في رواية ابن داسه أيضًا.
وأما الحديث الرابع في الباب فقد ذكره المزي في «الأطراف» (١١١٧٧) وقال: هكذا وجدت هذا الحديث في باب لغو اليمين في نسخة ابن كَرَوَّس بخطه من رواية أبي سعيد ابن الأعرابي، وفي أوله: حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا الحسن بن علي، وأخشى =

٣٢٦٤ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا عكرمةُ بنُ عمَّار، عن عاصمِ بن شُمَيخٍ -هو الغيلاني-
عن أبي سعيد الخُدْريِّ، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا اجتهد في اليمين قال: «والذي نفسُ أبي القاسم بيده» (١).
٣٢٦٥ - حدَّثنا محمدُ بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ، أخبرني زيدُ بن حُبابٍ، أخبرني محمدُ بن هلالٍ، حدَّثني أبي
أنه سمع أبا هريرةَ يقول: كانت يمينُ رسولِ الله ﷺ إذا حلف يقول: «لا، وأستغفرُ اللهَ» (٢).


= أن يكون من زيادات ابن الأعرابي، فإني لم أجده في باقي الروايات. قلنا: ابن كَرَوَّس هذا مترجم في «سير أعلام النبلاء» للذهبي ٢٠/ ٣٩٢.
(١) إسناده ضعيف. عاصم بن شميخٍ لم يرو عنه غير اثنين، ولم يوثقه غير ابن حبان والبجلي، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال البزار في «مسنده»: يشير بالمعروف.
وكيع: هو ابن الجراح بن مليح.
وأخرجه ابن أبي شية في «مصنفه» (١٢٦٠٢) -طبعة الرشد-، وأحمد في «مسنده» (١١٢٨٥)، وابنه عبد الله في «السنة» (١٥١٢)، والبيهقي ١٠/ ٢٦، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٣/ ٤٩٥ من طريق وكيع بن الجرَّاح، بهذا الإسناد.
لكن صح عنه ﷺ أنه حلف بهذا اليمين في حديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد (١٦٠٤) وغيره. وإسناد جيد.
وحديث أبي هريرة عند أبي يعلى (٦٥٨٤) وإسناده صحيح.
(٢) إسناده ضعيف. هلال والد محمد -وهو هلال بن أبي هلال المدني- لا يعرف تفرد ابنه محمد بالرواية عنه.
وأخرجه ابن ماجه (٢٠٩٣)، والنسائي (٤٧٧٦) من طريق محمد بن هلال، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٦٩).
وانظر (٤٧٧٥). =

٣٢٦٦ - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا إبراهيمُ بن حمزةَ، حدَّثنا عبد الرحمن ابن عيَّاش السَّمَعيُّ الأنصاريُّ، عن دَلْهمِ بن الأسود بن عبدِ الله بن حاجبِ بن عامر بن المُنتفِقِ العُقَيلىِّ، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر. قال دَلْهم: وحدَّثنيه أيضًا أبي الأسودُ بن عبد الله، عن عاصم بن لَقِيط
أن لقيط بن عامر خرج وافدًا إلى النبي ﷺ، قال لقيطٌ: فقدِمنا على رسولِ الله ﷺ، فذكر حديثًا فيه: فقال النبيُّ ﷺ: «لَعَمْرُ إلهِكَ» (¬١).

١٣ - باب في القسم هل يكون يمينًا
٣٢٦٧ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله عن ابن عباس: أن أبا بكر أقسمَ على النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: «لا تُقسِمْ» (٢).


= قال الطيبي: والوجه أن يقال: إن الواو في قوله: وأستغفر الله، للعطف، وهو يقتضي معطوفًا عليه ومحذوفًا، والقرينة لفظة «إلا»، لأنها لا تخلو إما أن تكون توطئة للقسم كما في قوله تعالى جل شأنه: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ ردًا للكلام السابق أو إنشاء قسم، وعلى كلا التقديرين المعنى: لا أقسم باللهِ وأستغفر الله.
(١) إسناده ضعيف مسلسل بالمجاهيل. عبد الرحمن بن عياش، ودلهم بن الأسود، وأبوه الأسود بن عبد الله بن حاجب مجهولون ولم يؤثر توثيقهم إلا عن ابن حبان.
وأخرجه مطولًا عبد الله بن أحمد في الزيادات على «المسند» (١٦٢٠٦) -وقد توسعنا في الكلام عليه فيه - والبخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٢٤٩، وابن أبي عاصم في «السنة» ١/ (٥٢٤) و(٦٣٦)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» ٢/ ٤٨٥، والطبراني ١٩/ (٤٧٧)، وأبو الشيخ في «الأمثال في الحديث النبوي» (٣٤٥)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٥٦٠ من طريق عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وعُبيد الله: هو ابن عَبد الله بن عتبة ابن مسعود. =

٣٢٦٨ - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، -قال محمد ابن يحيى: كتبته من كتابه- أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله، عن ابن عباس، قال: كان أبو هريرةَ يحدِّث: أن رجلًا أتى رسولَ الله ﷺ فقال: إني أرى الليلةَ، فذكر رؤيا، فعَبَرها أبو بكر، فقال النبيَّ ﷺ: «أصَبتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا» فقال: أقسمتُ عليك يا رسولَ الله بأبي أنت لَتُحَدِّثَنِّي ما الذي أخطات، فقال له النبيَّ ﷺ: «لا تُقسِمْ» (١).


= وأخرجه البخاري (٧٠٤٦)، ومسلم (٢٢٦٩)، وابن ماجه (٣٩١٨)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٧٥٩٣) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٤)، و«صحيح ابن حبان»، (١١١).
وأخرجه مسلم (٢٢٦٩) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس أو أبي هريرة -على الشك.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٩)، والنسائي في «الكبرى، (٧٥٩٤) عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله، قال عبد الرزاق: كان معمر أحيانًا يقول: عن ابن عباس، وأحيانًا يقول: عن أبي هريرة.
وانظر تالييه.
وقوله:»لا تقسم،، ولفظ مسلم: فوالله يا رسولَ الله لتحدثني به.
قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال: أقسمتُ بالله أو أقسمت مجردة، فقال قوم: هي يمين وإن لم يقصد، وممن روي ذلك عنه ابن عمر وابن عباس، وبه قال النخعي والثوري والكوفيون، وقال الأكثرون: لا تكون يمينًا إلا أن ينوي، قال مالك: أقسمت بالله يمين، وأقسمت مجردةً لا تكون يمينًا إلا إن نوى. وقال الشافعي: لا تكون يمينًا أصلًا ولو نوى، وأقسمتُ بالله إن نوى تكون يمينًا، وقال إسحاق: لا تكون يمينا أصلًا وعن أحمد كالأول، وعنه: كالثاني، وعنه إن قال: قسمًا بالله، فيمين جزمًا، لأن التقدير: أقسمت بالله قسما. وكذا لو قال: أليّةٌ بالله.
(١) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعُبيد الله: هو ابن عبد الله بن عُتبة ابن مسعود. =

٣٢٦٩ - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارس، حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سليمانُ بن كثير، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله
عن ابن عباس، عن النبي ﷺ، بهذا الحديث، لم يذكر القسم، زاد فيه: ولم يخبره١).

١٤ - باب فيمن حلف على طعام لا يأكلُه
٣٢٧٠ - حدَّثنا مُؤمَّل بن هشامٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن الجُريريَّ، عن أبي عثمانَ -أو عن أبي السَّليلِ عنه-
عن عبدِ الرحمن بن أبي بكرٍ، قال: نزل بنا أضيافٌ لنا، قال: وكان أبو بكر يتحدثُ عندَ رسولِ الله ﷺ بالليل، فقال: لا أرجعنَّ إليك حتى تفرُغَ من ضيافةِ هؤلاء ومن قِرَاهم، فأتاهُم بقِراهُم، فقالوا: لا نَطْعَمه حتى يأتي أبو بكرٍ، فجاء، فقال: ما فعل أضيافُكم؟ أفرغْتُم من قِراهم؟ قالوا: لا، قلت: قد أتيتُهم بقِراهم، فأبَوا، وقالوا: والله لا نَطعَمُه حتى يجيءَ، فقالوا: صَدَقَ، قد أتانا به فأبَينا حتى تجيء، قال: فما منعكم؟ قالوا: مكانُك، قال: فوالله لا أَطعَمُه الليلةَ، قال: فقالوا: ونحنُ والله لا نَطعَمُه حتى تَطْعمَه، قال: ما رأيتُ في الشرِّ كالليلةِ قط، قال: قرِّبوا طعامَكم، قال: فقُرِّب طعامُهم، قال:


= وأخرجه الترمذي (٢٤٤٦) من طريق معمر، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (٤٦٣٢) بأطول مما ها هنا، وانظر ما قبله.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٩) من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (٣٢٦٧).
وسيتكرر برقم (٤٦٣٣).

باسم الله، فطعِم وطعِموا، فأُخبِرْتُ أنه أصبح فغدا على النبي ﷺ فأخبره بالذي صَنَع وصنَعُوا، قال: «بل أنتَ أبَرُّهُم وأصدقُهم» (١).
٣٢٧١ - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا سالمُ بن نُوحٍ وعبدُ الأعلى، عن الجُريريِّ، عن أبي عثمانَ
عن عبد الرحمن بن أبي بكر، بهذا الحديث نحوه، زاد عن سالم في حديثِه، قال: ولم تبلُغني كفارةٌ (٢).

١٥ - باب اليمين في قطيعة الرحم
٣٢٧٢ - حدَّثنا محمدُ بن المِنهال، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ، حدَّثنا حبيبٌ المعلمُ، عن عَمرو بن شُعيب


(١) إسناده صحيح. وسماعُ إسماعيل -وهو ابن عُلَيه- من الجُريري -وهو سعيد بن إياس- قبل الاختلاط. أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النَّهدي، وأبو السَّليل: هو ضُريب بن نُقَير.
وأخرجه بنحوه البخاري (٦٠٢)، ومسلم (٢٠٥٧) (١٧٦) من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٢).
وانظر ما بعده.
وانظر ما في هذا الحديث من الفوائد في «فتح الباري» ٦/ ٦٠٠ - ٦٠١ عند شرح الحديث (٣٥٨١).
(٢) إسناده صحيح، وعبد الأعلى -وهو ابن عبد الأعلى السامي- سمع من الجريري -وهو سعيد بن إياس- قبل الاختلاط.
وأخرجه البخاري (٦١٤٠) من طريق عبد الأعلى، ومسلم (٢٠٥٧) (١٧٧) من طريق سالم بن نوح، كلاهما عن الجُريري، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٣٥٠).
وقوله: ولم تبلغني كفارة. قال النووي: يعني أنه لم يكفر قبل الحنث، فأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه.

عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدُهما صاحبَه القسمةَ، فقال: إن عُدتَ تسألُني القسمةَ، فكلُّ مالٍ لي في رِتاجِ الكعبة، فقال له عمر: إن الكعبةَ غنيةٌ عن مالك، كَفِّرْ، عن يمينك وكلِّمْ أخاك، سمعتُ رسول الله ﷺ يقولُ: «لا يَمينَ عليك، ولا نذرَ في معصية الربِّ، ولا في قطيعةِ الرحم، وفيما لا تَملِكُ» (١).
٣٢٧٣ - حدَّثنا أحمد بن عبْدةَ الضبِّي، أخبرنا المغيرةُ بن عبد الرحمن، حدَّثني أبو عبدُ الرحمن، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه
عن جدِّه، أن رسول الله ﷺ قال: «لا نَذرَ إلا فيما يُبتَغَى به وَجْهُ الله عز وجل، ولا يمينَ في قطيعةِ رَحِمٍ» (٢).


(١) إسناده صحيح. قال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد، عن عمر، فمن يقبل؟! وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيب يسمّى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته.
وأخرجه ابن حبان (٤٣٥٥)، والإسماعيلي في «المعجم في أسامي الشيوخ» ٣/ (٣٦٤)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣٠٠، والبيهقي ١٠/ ٣٣ و٦٥ - ٦٦ من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.
وقوله: في رتاج الكعبة، أي: للكعبة، فكنى عنها بالباب، لأن منه يُدخل إليها، وجمع الرِّتاج رُتُج.
وأخرج أبو عبيد في «الغريب» ٤/ ٣٢٤ عن إسماعيل ابن علية، عن منصور بن عبد الرحمن الحَجَبي، عن أمه صفية، عن عائشة فيمن جعل مالَه في رتاج الكعبة أنه يكفِّره ما يكفِّر اليمين.
(٢) حديث حسن. عبد الرحمن: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي.
وقد سلف برقم (٢١٩١) و(٢١٩٢).

٣٢٧٤ - حدَّثنا المُنذر بن الوليد الجارودي، حدَّثنا عبدُ الله بن بكرٍ، حدَّثنا عُبيد الله بن الأخنس، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه
عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا نَذْرَ ولا يمينَ فيما لا يملكُ ابنُ آدم، ولا في معصيةِ الله، ولا في قطيعةِ رَحِيمٍ ومن حلفَ على يمينٍ فرأى غيرَها خيرًا منها، فَلْيَدَعْها ولياتِ الذي هو خيرٌ، فإنَّ تركَها كفارتُها» (١).
قال أبو داودَ: الأحاديثُ كلُّها عن النبي ﷺ «وليكفِّرْ عن يمينه» إلاما لا يُعبَأُ به (٢).
قال أبو داود: قلت لأحمد: روى يحيى بنُ سعيد عن يحيى بن عُبيد الله؟ فقال: تركه بعد ذلك، وكان أهلًا لذلك، قال أحمد: أحاديثه مناكير، وأبوه لا يعرف (٣).


(١) إسناده حسن. عبد الله بن بكر: هو ابن حبيب.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٧١٥) من طريق عُبيد الله بن الأخنس، به.
دون قوله: «ومن حلف على يمين ...».
وهو في «مسند أحمد» (٦٩٩٠).
وأخرجه ابن ماجه (٢١١١) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب، مختصرًا بقوله: «ومن حلف على يمين فرأى غيرها ...».
وانظر ما قبله.
(٢) وجاء في رواية ابن العبد: الأحاديث عن النبي ﷺ كلها: «فليكفر عن يمينه».
وهي الصحاح. أشار إليها الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). والمثبت من (هـ) ومن «مختصر المنذري».
(٣) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ).

١٦ - باب فيمن يحلف كاذبًا متعمدًا
٣٢٧٥ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا عطاءُ بن السائبِ، عن أبي يحيى
عن ابن عباس: أن رجلين اختصما إلى النبي ﷺ، فسأل النبيُّ ﷺ الطالبَ البينةَ، فلم تكن له بينةٌ، فاستحلفَ المطلوبَ فحلف باللهِ الذي لا إله إلا هو، فقال رسولُ الله ﷺ: «بلى قَدْ فَعَلْتَ، ولكن غُفر لك بإخلاصِ قولِ لا إله إلا الله» (١).
قال أبو داود: يُراد من هذا الحديث أنه لم يأمرْه بالكفَّارة.

١٧ - باب الرجل يكفِّر قبلَ أن يَحنَثَ
٣٢٧٦ - حدَّثنا سليمانُ بن حَرْبٍ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا غَيلان بن جَرير، عن أبي بُردةَ


(١) إسناده ضعيف. عطاء بن السائب اختلط بأخرة، ولا يحتمل مثل هذا المتن وقد عد الإِمام الذهبي هذا الحديث في «ميزان الاعتدال» ٣/ ٧٢ من مناكيره. حماد: هو ابن سلمة، أبو يحيى: هو زياد مولى الأنصار.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٩٦٣) و(٥٩٦٤) من طريق عطاء بن السائب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٨٠).
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير عند أحمد (١٦١٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٦٢): أن رجلًا حلف باللهِ الذي لا إله إلا هو كاذبا فغفر له. وسنده ضعيف، اضطرب فيه عطاء بن السائب.
قال شعبة أحد رواته: من قبل التوحيد، قال السندي: أي: من أجل اشتمال حلفه على لا إله إلا هو، ففيه ترغيب في قول لا إله إلا الله.
وعن عبد الله بن عمر عند أحمد (٥٣٦١) وفي سنده انقطاع.

عن أبيه، أن النبي ﷺ قال: «إني والله إن شاء الله لا أحْلِف على يمينِ فأرى غيرَها خَيْرًا منها إلا كفَّرتُ عن يميني وأتيتُ الذي هو خير -أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني-» (١).
٣٢٧٧ - حدَّثنا محمدُ بن الصّبَّاح البزاز، حدَّثنا هُشَيمٌ، حدَّثنا يونسُ ومنصورٌ -يعني ابن زاذان-، عن الحسنِ
عن عبد الرحمن بن سَمُرة، قال: قال لي النبيُّ ﷺ: «يا عَبْدَ الرحمن ابن سمُرة، إذا حلفتَ على يمينٍ فرأيتَ غيرَها خيرًا منها فأتِ الذي هو خَير وكفِّر يمينَك» (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد بن درهم، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله ابن قيس الأشعري.
وأخرجه البخاري (٦٦٢٣) و(٦٧١٨) و(٦٧١٩)، ومسلم (١٦٤٩)، وابن ماجه (٢١٠٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٠٣) من طريق أبي بردة، به.
وأخرجه البخاري (٣١٣٣)، ومسلم (١٦٤٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٥٢) من طريق زَهْدَم بن مُضرِّبٍ عن أبي موسى، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٥٨).
قال العيني في «عمدة القاري» ٢٣/ ٢٢٥: اختلف العلماء في جواز الكفارة قبل الحنث فقال ربيعة ومالك والثوري والليث والأوزاعي: تجزىْ قبل الحنث، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور، وروي مثله عن ابن عباس وعائشة وابن عمر، وقال الشافعي: يجوز تقديم الرقبة والكسوة والطعام قبل الحنث ولا يجوز تقديم الصوم، وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تجزئ الكفارة قبل الحنث وهو مذهب أشهب من المالكية وداود الظاهري.
(٢) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير بن القاسم بن دينار، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار البصري.
وأخرجه البخاري (٧١٤٧)، ومسلم (١٦٥٢)، والترمذي (١٦٠٩) من طريق يونس، ومسلم (١٦٥٢) من طريق منصور، كلاهما عن الحسن، به. =

قال أبو داود: سمعت أحمدَ يُرخِّصُ فيها: الكفَّارةِ قبل الحِنْث.
٣٢٧٨ - حدَّثنا يحيى بن خَلَفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسن
عن عبد الرحمن بن سمُرة، نحوه، قال: فكفِّرْ عن يمينِك، ثم ائْتِ الذي هو خيرٌ» (١).
قال أبو داود: أحاديثُ أبي موسى الأشعري وعديِّ بن حاتمٍ وأبي هريرةَ في هذا الحديث، رُوِيَ عن كل واحدٍ منهم في بعض الرواية: الحِنْث قبل الكفارة، وفي بعض الرواية: الكفارةُ قبل الحِنث.

١٨ - باب كم الصاعُ في الكفارة
٣٢٧٩ - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، قال: قرأتُ على أنسِ بن عياضٍ، قال: حدَّثني عبد الرحمن بن حَرملةَ، عن أمِّ حبيبٍ بنت ذُؤيبِ بن قَيس المُزَنيةِ -وكانت تحتَ رجلِ منهم من أسلمَ، ثم كانت تحت ابنِ أخٍ لصفيةَ زوجِ النبي ﷺ


= وأخرجه البخاري (٦٧٢٢) من طريق عبد الله بن عون، عن الحسن، به.
وأخرجه البخاري (٦٦٢٢) و(٧١٤٦)، ومسلم (١٦٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٠٦) و(٤٧٠٧) من طرق عن الحسن البصري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦١٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٤٨).
وانظر ما بعده.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٦٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٠٨) من طريق قتادة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦٢٧).
وانظر ما قبله.

قال ابن حرملةَ: فوهبتْ لنا أمُّ حبيبٍ صاعًا، حدَّثتنا عن ابن أخي صفيةَ، عن صفيةَ: أنه صاعُ النبي ﷺ، قال أنسٌ: فجرَّبتُه، فوجدتُه مُدَّين ونِصْفًا بمُدِّ هشام (١).
٣٢٨٠ - حدَّثنا (٢) محمدُ بن محمدِ بن خلاَّد أبو عمر، قال: كان عندنا مَكُّوك يقال له: مَكُّوك خالدٍ، وكان كَيْلَجتَين بكيلجة هارون، قال محمدٌ: صاعُ خالدٍ صاعُ هشامٍ، يعني ابنَ عبد الملك (٣).
٣٢٨١ - حدَّثنا محمدُ بن محمد بن خلاّد، حدَّثنا مُسدَّدٌ
عن أميةَ بن خالدٍ، قال، لما وَلِيَ خالدٌ القَسْرِيُّ أضعفَ الصاعَ، فصار الصاعُ ستةَ عشرَ رِطلَا (٤).


(١) إسناده ضعيف الجهالة. أم حبيب بنت ذؤيب بن قيس المزينة، وابن أخي صفية لا يعرف.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات»الكبرى«٨/ ٤٩١، والمزي في ترجمة أم حبيبة بنت ذؤيب في»تهذيب الكمال«من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد.
وهشامٌ الذي ورد ذكره في الأثر هو ابن عبد الملك بن مروان.
(٢) هذا الأثر والذي بعده أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد أيضًا. ولم يشر إلى غيرها مع أنه في (هـ) عندنا، وهي برواية ابن داسه.
(٣) محمد بن محمد بن خلاّد الباهلي أبو عمر البصري: ابن أخي أبي بكر بن خلاد، ذكره ابن حبان في»الثقات«٩/ ١١٥ وقال: كان راويًا لمعن بن عيسى يُغْرِب، وقال مسلمة بن القاسم: بصري ثقة.
(٤) خالد القسري: هو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد، أمير الحجاز ثم الكوفة.
وقوله:»أضعف الصاع«: قال في»عون المعبود": هذا ليس فيه حجة؟ والصحيح أن الصالح خمسة أرطال وثلث رطل فقط، والدليل عليه نقل أهل المدينة خلفا عن سلف، =

١٩ - باب الرقبة المؤمنة
٣٢٨٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الحجَّاج الصَّوَّاف، حدَّثني يحيى ابنُ أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسارٍ
عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، جاريةٌ لي صَكَكتُها صكَّةً، فعَظَّم ذلكَ علىَّ رسولُ الله ﷺ، فقلت: أفلا أُعتِقُها؟ قال: «ائتِني بها» قال: فجئتُ بها، فقال: «أينَ اللهُ؟» قالت: في السماء، قال: «مَن أنا؟» قالت: أنتَ رسولُ اللهِ، قال: «أعتِقْها فإنها مؤمنةٌ» (١).
٣٢٨٣ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلمةَ عن الشَّريد: أن أُمه أوصتْه أن يُعتقَ عنها رقبةً مؤمنةً، فأتى النبي ﷺ فقال: يا رسولَ الله، إن أمي أوصتْ أن أُعتِق عنها رقبةً مؤمنةً، وعندي جاريةٌ سوداءُ نُوبيَّةٌ، أفأعتقها، فقال رسولُ الله ﷺ: «ادْعُ بها»، فدعوتها، فجاءت، فقال لها النبي ﷺ: «من ربُّكِ؟» قالت: الله، قال: «فمن أنا» قالت: رسولُ الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة» (٢).


= قال الإِمام العيني في «عمدة القاري»: لما اجتمع أبو يوسف مع مالك في المدينة فوقعت بينهما المناظرة في قدر الصاع فزعم أبو يوسف أنه ثمانية أرطال، وقام مالك ودخل بيته وأخرج صاعًا. وقال: هذا صاع النبي ﷺ، قال أبو يوسف: فوجدته خمسة أرطال وثلث، فرجع أبو يوسف إلى قول مالك وخالف صاحبيه، رواه البيهقي بسند جيد.
(١) إسناده صحيح. مسدَّد: هو مسدَّد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والحجاج الصوّاف: هو حجاج بن أبي عثمان الصواف.
وقد سلف برقم (٩٣٠). وانظر تخريجه هناك.
(٢) إسناده حسن. الشريد: هو ابن سُويد الثقفي، وحماد: هو ابن سلمة بن دينار، ومحمد بن عمرو: هو ابن علقمة الليثي. =

قال أبو داود: خالدُ بن عبد الله أرسلَه، لم يذكر الشَّريدَ.
٣٢٨٤ - حدَّثنا إبراهيمُ بن يعقوبَ الجُوزَجانيُّ، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرني المسعوديُّ، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عتبة
عن أبي هريرة: أن رجلًا أتى النبيَّ ﷺ بجاريةٍ سوداءَ، فقال: يا رسولَ الله، إنَّ عليَّ رقبةً مؤمنةً، فقال لها: «أينَ اللهُ؟» فأشارت إلى السماء بإصبعها، فقال لها: «فمن أنا؟» فأشارت إلى النبي ﷺ وإلى السماء، يعني أنت رسولُ الله، فقال رسول الله ﷺ: «أعتِقْها فإنها مؤمنة» (١).


= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٤٤٧) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٤٥)، و«صحيح ابن حبان» (١٨٩).
وانظر تخريج الحديث السالف برقم (٩٣٠).
تنببه: اختصر اللؤلؤي روايته لهذا الحديث إلى قوله: سوداء نُوبيَة، ثم قال: فذكر نحوه. وجاء الحديث بتمامه في رواية ابن داسه وابن العبد.
(١) حديث صحيح، المسعودي: -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- وإن كان اختَلَطَ ويزيد بن هارون ممن روى عنه بعد الاختلاط، روى عنه هذا الحديث أيضًا عبد الله بن رجاء، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط. وقد حسَّن الحافظ الذهبي إسناد هذا الحديث في «العلو للعلي الغفار».
وأخرجه أحمد وابن خزيمة في «التوحيد» ١/ ٢٨٤ - ٢٨٥، والبيهقي ٧/ ٣٨٨، وابن عبد البر في «التمهيد» ٩/ ١١٥ من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد إلا أنهم قالوا في إسناده: عن عُبِيد الله بن عبد الله بن عتبة -وهو أخوه-، بدل: عبد الله ابن عتبة.
وأخرجه ابن خزيمة ١/ ٢٨٥ - ٢٨٦ من طريق أسد بن موسى، و١/ ٢٨٦ من طريق أبي داود الطيالسي، والطبراني في «الأوسط» (٢٥٩٨) من طريق عبد الله بن رجاء، ثلاثتهم عن المسعودي، عن أخيه عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة. =

٢٠ - باب الاستثناء في اليمين بعد السُّكوت
٣٢٨٥ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا شريكٌ، عن سماكٍ
عن عكرمةَ، أن رسول الله عنه قال: «والله لأغزُوَنَّ قُريشًا، والله لأغزُوَنَّ قُريشًا، والله لأغزونَّ قريشًا» ثم قال: «إن شاء الله» (١).


= وأخرجه مالك في «الموطأ» عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن رجلًا من الأنصار جاء إلى رسول الله ﷺ بجارية له سوداء، فقال: يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها، فقال لها رسول الله ﷺ: «أتشهدين أن لا إله إلا الله» قالت: نعم، قال: «أتشهدين أن محمدًا رسول الله» قالت: نعم، قال: «أتؤمنين بالبعث بعد الموت» قالت: نعم، فقال رسول الله ﷺ: «أعتقها».
وهذا مرسل صحيح الإسناد، وتابع مالكًا على إرساله يونس بن يزيد عند البيهقي ١٠/ ٥٧.
ووصله معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء وقال: يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها، فقال لها رسول الله ﷺ: «أتشهدين أن لا إله إلا الله» قالت: نعم، قال: «أتشهدين أني رسول الله» قالت: نعم، قال: «أتؤمنين بالبعث بعد الموت» قالت: نعم، قال: «أعتقها».
أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٦٨١٤)، ومن طريقه أحمد في «المسند» (١٥٧٤٣)، وابن خزيمة في «التوحيد»١/ ٢٨٦ - ٢٨٧.
وأخرجه ابن خزيمة في «التوحيد» ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤ من طريق زياد بن الربيع، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ... إلا أنه قال فيه: فرفعت رأسها، فقالت: في السماء ... وهذا إسناد حسن لولا أن محمد بن عمرو بن علقمة قد اختُلف عنه فيه، فقد رواه مرة عن أبي سلمة، عن الشريد كما في الحديث السالف قبله.
(١) إسناده ضعيف. شريك -وهو ابن عبد الله- سيئ الحفظ، وسماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة اضطراب. ثم هو مرسل؛ وقد روي موصولًا كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث. لكن قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في «العلل» ١/ ٤٤٠: المرسل أشبه. =

قال أبو داود: وقد أسنَد هذا الحديثَ غيرُ واحد عن شريكٍ عن سماكِ، عن عكرمةَ، عن ابن عباس.
٣٢٨٦ - حدَّثنا محمدُ بن العلاء حدَّثنا ابن بِشْرِ، عن مِسعرٍ، عن سماكٍ
عن عكرمة يرفعه، قال: «والله لأغزوَنَّ قريشًا» ثم قال: «إن شاء الله» ثم قال: «والله لأغزون قريشًا إن شاء الله» لا ثم قال: «والله لأغزون قريشًا» ثم سكت، ثم قال: «إن شاء الله» (١).


= وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٢/ ٧٤٣، والبيهقي في «الكبرى» ١٠/ ٤٧ من طريقين عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (٢٦٧٤)، والطحاوي في «مشكلل الآثار» (١٩٣٠) و(١٩٣١)، والطبراني (١١٧٤٢)، وابن عدي في «الكامل» ٢/ ٧٤٣، والبيهقي ١٠/ ٤٧ من طرق عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولًا.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (١٠٠٤) من طريق سفيان بن مسعود، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولًا.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٩٣٧ من طريق عبد الواحد بن صفوان عن عكرمة، عن ابن عباس موصولًا. وعبد الواحد بن صفوان قال عنه ابن عدي: عامة ما يرويه مما لا يتابع عليه. وقد أورد عبد الحق الإشبيلي هذه الطريق في «الأحكام الوسطى» وقال: عبد الواحد بن صفوان ليس بشيء، والصحيح مرسل. ووافقه ابن القطان ٢/ ٣٢٩.
(١) إسناده ضعيف. ابن بشر: هو محمد بن بشر العبدي، ومسعر: هو ابن كدام ابن ظهير الهلالي.
وأخرجه عبد الرزاق (١١٣٠٦) و(١٦١٢٣)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١٩٢٩)، والبيهقي ١٠/ ٤٨ من طرق عن مسعر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (٢٦٧٥)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١٩٢٨)، وابن حبان (٤٣٤٣)، وأبو نعيم في «الحلية» ٣/ ٣٤٤ و٧/ ٢٤١، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ٧/ ٤٠٤ من طرق عن مسعر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولًا.
وانظر ما قبه.

قال أبو داود: زاد فيه الوليدُ بن مُسلمٍ، عن شريكٍ: قال: ثم لم يغزُهم.

٢١ - باب النهي عن النذر
٣٢٨٧ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرُ بن عبد الحميد، وحدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن منصور بن المعتمر، عن عبد الله بن مرة -قال عثمان: الهَمْداني-
عن عبد الله بن عمر قال: أخذ رسولُ الله ﷺ يَنْهَى عن النَّذْر ويقول: «لا يَرُدُّ شيئًا، وإنما يُسْتَخرجُ به من البخيل» (١).


(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعبد الله بن مرة: هو الهمداني الخارفي.
وأخرجه البخاري (٦٦٠٨) و(٦٦٩٣)، ومسلم (١٦٣٩)، وابن ماجه (٢١٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٢٤) و(٤٧٢٥) و(٤٧٢٦) من طرق عن منصور بهذا الإسناد. بعضهم يقول: «من البخيل»، وبعضهم يقول: «من الشحيح»، وبعضهم يقول: «اللئيم»، ورواية ابن ماجه دون قوله: «لا يرد شيئًا».
وهو في «مسند أحمد» (٥٢٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٧٥) و(٤٣٧٧).
وأخرجه البخاري (٦٦٩٢) من طريق سعد بن الحارث، ومسلم (١٦٣٩) (٣) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر.
قال القرطبي في «المفهم»: النذر من العقود المأمور بالوفاء بها، المثني على فاعلها، وأعلى أنواعه ما كان غير معلق على شيءِ، كمن يعافى من مرض، فقال: لله علي أن أصوم كذا أو أتصدق بكذا شكرًا لله تعالى، ويليه المعلق على فعل طاعة كإن شفى الله مريضي صمتُ كذا أو صليت كذا، وما عدا هذا من أنواعه كنذر اللجاج كمن يستثقل عبده، فينذر أن يعتقه ليتخلص من صحبته، فلا يقصد القربة بذلك، أو يحمل على نفسه، فينذر صلاة كثيرة أو صومًا مما يشق عليه فعله ويتضرر بفعله فإن ذلك يكره وقد يبلغ بعضه التحريم. وقال في «المفهم»: يحمل ما ورد في الأحاديث من =

قال مُسدَّد: قال رسولُ الله ﷺ: «إنّ النذرَ لا يَردُّ شيئًا».
٣٢٨٨ - حدَّثنا أبو داودَ، قال: قرئ على الحارثِ بن مسكينٍ -وأنا شاهدٌ-: أخبرَكم ابنُ وهْبٍ، قال: أخبرني مالكٌ، عن أبي الزنادِ، عن عبد الرحمن بن هُرْمز
عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ قال: «لا يأتي ابنَ آدم النذر القدرَ بشيءٍ لم أكُن قدَّرتُه له (١)، ولكن يُلقِيه النذرُ القدرَ قدَّرتُهُ، يُستخرج به من البخيل، يؤتَى عليه ما لم يكُن يؤتَى من قبلُ» (٢).


= النهي عن نذر المجازاة، فقال: هذا محله أن تقول مثلًا: إن شفى الله مريضي، فعلي صدقة كذا، ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الفرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه، بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبًا، وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث لقوله: «وإنما يستخرج به من البخيل» ما لم يكن البخيل يخرجه.
(١) في رواية ابن العبد: بشيء لم يكن قُدِّر له. كما أشار إليه الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). والمثبت من (هـ) وهي برواية ابن داسه، وهو الموافق لروايتي البخاري، وفيه التصريح بنسبة هذا الحديث إلى الله عز وجل. قال الحافظ في «الفتح» ١١/ ٥٧٩: هذا من الأحاديث القدسية، لكن سقط منه التصريح بنسبته إلى الله عز وجل.
(٢) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، وعبد الرحمن بن هرمز: هو الأعرج.
وأخرجه البخاري (٦٦٩٤)، ومسلم (١٦٤٠) (٧)، وابن ماجه (٢١٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٢٧) من طريقين عن عبد الرحمن بن هرمز، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٦٥٩) من طريق همام بن منبه، ومسلم (١٦٤٠) (٥) و(٦)، والترمذي (١٦١٩)، والنسائي (٤٧٢٨) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، كلاهما، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٠٨) و(٧٢٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٧٦). =

٢٢ - باب ما جاء في النذْر في المعصية
٣٢٨٩ - حدَّثنا عبد الله بن مَسْلَمة القَعْنبيُّ، عن مالكِ، عن طلحةَ بن عبدِ الملك الأَيليِّ، عن القاسمِ
عن عائشة قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «من نذَرَ أن يطيعَ اللهَ فليُطِعْه، ومن نذَرَ أن يعصيَ اللهَ فلا يَعصِه» (١).
٣٢٩٠ - حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ أبو مَعْمَرٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن المبارك، عن يونسَ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمةَ
عن عائشة، أن النبي ﷺ قال: «لا نذرَ في معصية، وكفَّارَتُهُ كَفارةُ يمين» (٢).


= تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو أيضًا في رواية ابن داسه، لأن (هـ) عندنا بروايته.
(١) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٤٧٦.
وأخرجه البخاري (٦٦٩٦) و(٦٧٠٠)، وابن ماجه (٢١٢٦)، والترمذي (١٦٠٥) و(١٦٠٦)،والنسائي في «الكبرى» (٤٧٢٩) و(٤٧٣٠) و(٤٧٣١) من طريقين عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٨٧).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه. الزهري -وهو محمد بن مسلم- لم يسمعه من أبي سلمة - وهو ابن عبد الرحمن فيما قاله أبو داود والترمذي، ونقله عن الإِمام البخاري في «جامعه» و«العلل» ٢/ ٦٥١، والواسطة بينهما سليمان بن أرقم فقد رواه محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة كلاهما عن الزهري، عن سليمان ابن أرقم عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، وسيمان بن أرقم متروك الحديث.
قال الدارقطني في «العلل» الورقة ٧٣: هذا الحديث روي عن الزهري عن أبي سلمة، =

٣٢٩١ - حدَّثنا ابنُ السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهبِ، عن يونسَ، عن ابنِ شهابٍ، بمعناه وإسناده (١).


= عن عائشة مرفوعًا، وروي عن الزهري قال: حدَّث أبو سلمة، وروي عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن كثير، عن أبي سلمة عن عائشة، وهذا هو الصحيح.
وقال الحافظ في «الفتح» ١١/ ٥٨٧ بعد أورد الحديث: أخرجه عن أصحاب السنن ورواته ثقات، لكنه معلول، فإن الزهري رواه عن أبي سلمة، ثم بين أنه حمله عن سليمان ابن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، فدلسه بإسقاط اثنين، وحسَّن الظن بسليمان بن أرقم، وهو عند غيره ضعيف باتفاقهم. لكن تابع الزهري على روايته يحيى بن أبي كثير عند الطيالسي (١٤٨٤) فقد رواه عن أبي سلمة، عن عائشة. وإسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (١٦٠٣)، والنسائي في «المجتبى» (٣٨٣٥ - ٣٨٣٨) من طرق عن يونس بن يزيد الأيلي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٠٩٨).
وانظر ما بعده.
وله شاهد من حديث ابن عباس بسند قوي عند ابن الجارود (٩٣٥) ومن طريقه البيهقي ١٠/ ٧٢ رفعه: «النذر نذران، فما كان لله، فكلفارته الوفاء، وما كان للشيطان فلا وفاء فيه، وعليه كفارة يمين».
وفي الباب حديث عقبة بن عامر مرفوعًا عند مسلم (١٦٤٥) وسيرد عند أبي داود (٣٢٢٤) ولفظه «كفارة النذر كفارة يمين».
وفي «المغني» لابن قدامة ١٣/ ٦٢٤: نذر المعصية لا يحل الوفاء به إجماعًا ... ويجب على الناذر كفارة يمين، روي نحو هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حُصين وسمرة بن جندب، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه، فإنه قال فيمن نذر: ليهدمن دار غيره لبنة لبنة: لا كفارة عليه، وهذا في معناه وروي هذا عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي ...
وانظر لزامًا «تهذيب السنن» لابن القيم ٤/ ٣٧٣ - ٣٧٦.
(١) حديث صحيح كسابقه. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله، وابن وهب: هو عبد الله. =

٣٢٩٢ - حدَّثنا أحمدُ بن محمد المروزيُّ، حدَّثنا أيوبُ بن سليمانَ، عن أبي بكر بن أبي أويسٍ، عن سليمانَ بن بلال، عن ابن أبي عَتيقٍ وموسى بن عُقبةَ، عن ابن شهابٍ، عن سليمانَ بن أرقمَ، أن يحيى بن أبي كثير أخبره، عن أبي سلمةَ
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «لا نَذْرَ في معصيةٍ، وكفارتُهُ كفارةُ يمين» (١).
قال أبو داود: سمعت أحمدَ بن حنبل يقول: أفسدُوا علينا هذا الحديثَ، قيل له: وصحَّ إفسادُه عندك؟ هل رواه غير ابن أبي أويس؟ قال: أيوبُ كان أمثلَ منه، يعني أيوب بن سليمان بن بلال، وقد رواه أيوب.
قال أبو داود: وسمعت أحمد بن شَبُّويه يقول: قال ابنُ المبارك -يعني في هذا الحديث-: حَدَّثَ أبو سلمةَ، فدلَّ ذلك على أن الزهريَّ لم يسمعْه من أبي سلمةَ، وقال أحمد بن محمد: وتصديقُ ذلك ما حدَّثنا أيوبُ -يعني ابنَ سليمانَ-، وقصَّ هذا الحديث.


= وأخرجه ابن ماجه (٢١٢٥)، والنسائي في «المجتبى» (٣٨٣٤) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. وذكر المزي في «الأطراف» (١٧٧٧٠): أنه في رواية ابن داسه أيضًا. قلنا: هو عندنا في (هـ) وهي بروايته.
(١) إسناده ضعيف جدًا، سليمان بن أرقم متروك الحديث. لكن روي الحديث من طريق آخر صحيح كما أشرنا إليه في الطريق الذي قبله.
وأخرجه الترمذي (١٦٥٤)، والنسائي (٣٨٣٩) من طريقين عن أيوب بن سليمان، بهذا الإسناد.
وقد بسطنا القول في تخريجه في «مسند أحمد» (٢٦٠٩٨) فارجع إليه.

قال أحمد بن محمد المروزي: وإنما الحديث حديث علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن الزبير، عن أبيه، عن عمران بن حصين، عن النبي ﷺ. أراد أن سليمان بن أرقم وهم فيه، وحمله عنه الزهري. وأرسله عن أبي سلمة، عن عائشة.
قال أبو داود: سمعت من يقول: سقط من كتاب ابن أبي أويس ابنُ شهاب. ورواه بقية، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن محمد بن الزبير، بإسناد علي بن المبارك مثله.
٣٢٩٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى بن سعيد، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرني عُبيد الله بن زَحْرٍ، أن أبا سعيد أخبرَه، أن عبد الله بن مالك أخبرَه
أن عقبةَ بن عامر أخبره: أنه سأل النبيَّ ﷺ عن أختٍ له نذرت أن تحج حافيةً غير مُخْتَمِرةٍ، فقال: «مُرُوها فلتَخْتمِرْ ولتَركَبْ، ولتَصُمْ ثلاثةَ أيام» (١).


(١) حديث صحيح دون قوله: «ولتصم ثلاثة أيام» وهذا إسناد ضعيف، عُبيد الله ابن زحر مختلف فيه والأكثر على تضعيفه. أبو سعيد: هو الرُّعيني جُعْثُل بن هاعان، وعبد الله بن مالك: هو اليَحْصبي.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٣٤)، والترمذي (١٦٢٥)، والنسائي (٣٨١٥) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٢٩، والطبراني ١٧/ (٨٨٦) دون قوله: «ولتصم ثلاثة أيام» وسنده حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣٠٦) وانظر تمام الكلام عليه فيه. =

٣٢٩٤ - حدَّثنا مَخلَدُ بن خالد، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا ابن جُرَيج، قال: كتب إليَّ يحيى بنُ سعيد، قال:
أخبرني عُبيد الله بن زَحْرٍ مولًى لبني ضمرة، وكان أيَّما رجلٍ، أن أبا سعيدٍ الرُّعينيَّ أخبره، بإسناد يحيى ومعناه (١).
٣٢٩٥ - حدَّثنا حجَّاج بن أبي يعقوبَ، حدَّثنا أبو النضْر، حدَّثنا شريكٌ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كُريبٍ
عن ابن عباس، قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ ﷺ، فقال: يا رسولَ الله، إن أختي نذَرَتْ -يعني أن تحجَّ ماشيةً- فقال النبيُّ ﷺ: «إن الله لا يصنَع بشقاء أُختِك شيئًا، فلتَحُجَّ راكبةً، وتُكفِّر عن يمينها» (٢).


= والصحيح عن عقبة بن عامر في كفارة النذر ما أخرجه مسلم (١٦٤٥)، وسيأتي عند المصنف برقم (٣٣٢٣) و(٣٣٢٤)، ولفظه: «كفارة النذر كفارة اليمين». فقد أطلق في هذا الحديث ولم يقيده بالصوم. وقد جاء تقييده بالهدي بدل الصوم في حديث ابن عباس: أن أخت عقبة بن عامر نذرت ... وسيأتي عند المصنف برقم (٣٢٩٦).
وإسناده صحيح.
وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (٣٢٩٩).
(١) صحيح كسابقه دون ذكر الصوم فيه. ابن جُرَيْج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده ضعيف لسوء حفظ شريك -وهو ابن عبد الله القاضي- وقال البيهقي ١٠/ ٨٠: تفرد به شريك القاضي. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي، وكُريب: هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس.
وأخرجه أحمد (٢٨٢٨) و(٢٨٨٥)، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٤٤٣)، وابن خزيمة (٣٠٤٦) و(٣٠٤٧)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٣٠، وابن حبان (٤٣٨٤)، والحاكم ٤/ ٣٠٢، والبيهقي ١٠/ ٨٠ من طرق عن شريك، بهذا الإسناد. =

٣٢٩٦ حدَّثنا محمدُ بن المُثنَّى، حدَّثنا أبو الوليد، حدَّثنا همَّام، عن قتادةَ، عن عِكرمةَ
عن ابن عبَّاس: أن أختَ عقبةَ بن عامرِ نذرت أن تمشيَ إلى البيتِ، فأمرها النبيُّ ﷺ أن تركَب وتُهدِي هَدْيًا (١).


= والرجل السائل في هذا الحديث هو عقبة بن عامر الجهني كما في الحديث الذي بعده.
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و(هـ) حديثُ مطر، عن عكرمة، عن ابن عباس الآتي برقم (٣٣٠٣) ونحن تركناه على ترتيب المطبوع.
(١) إسناده صحيح. كما قال ابن التركماني في «الجوهر النقي» ١٠/ ٨٠، والحافظ في«التلخيص الحبير» ٤/ ١٧٨. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامةَ السَّدوسيُّ.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢١٣٤) و(٢١٣٩) و(٢٢٧٨) و(٢٨٣٤)، والدارمي (٢٣٣٥)، وابن الجارود (٦٣٦)، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٧٣٧)، وابن خزيمة (٣٠٤٥)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٣١، وفي «شرح مشكل الآثار» (٢١٥١)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١١٨٢٨)، والبيهقي ١٠/ ٧٩ من طرق عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وجاء ذكر الهدي عند أحمد وابن الجارود وأبي يعلى وابن خزيمة والطبراني والبيهقي مقيدًا بالبدنة.
وقد تابع همامًا على ذكر الهدي فيه مطرٌ الورّاق عن عكرمة فيما سيأتي برقم (٣٣٠٣).
وسيأتي بعده عن هشام الدستوائي عن قتادة. دون ذكر الهدي.
وبرقم (٣٢٩٨) عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة مرسلًا دون ذكر الهدي أيضًا.
وسياتي من طريق أبي الخير، عن عقبة نفسه برقم (٣٢٩٩) وليس فيه ذكر الهدي كذلك.
قال ابن التركماني: وسكوت من سكت ليس بحجة على من ذكر.

٣٢٩٧ - حدَّثنا مُسلم بن إبراهيمَ، حدَّثنا هشامٌ، عن قتادةَ، عن عكرمة
عن ابن عبَّاس: أن النبيَّ ﷺ ما بلغَه أن أخت عقبةَ بن عامر نذرتْ أن تحُجَّ ماشيةً، قال: «إن الله لَغَنِيٌّ عن نذْرِها، مُرْها فلتَركَبْ» (١).
قال أبو داود: رواه سعيدُ بن أبي عَروبةَ نحوه، وخالدٌ، عن عكرمةَ، عن النبي ﷺ نحوه.
٣٢٩٨ - حدَّثنا محمدُ بن المُثنَّى، حدَّثنا ابن أبي عَديٍّ، عن سعيدِ، عن قتادةَ عن عكرمةَ: أن أختَ عقبةَ بن عامرٍ، بمعنى هشامٍ، ولم يذكُر الهدي، وقال فيه: «مُرْ أختَك فلتَركَبْ» (٢).


(١) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وخالد: هو ابن مهران الحذاء.
وأخرجه الطبراني (١١٨٢٩)، والبيهقي ١٠/ ٧٩ من طريق مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني (١١٩٤٩) من طريق بشر بن المفضل، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس. دون ذكر الهدي.
وانظر الحديثين السالفين قبله.
وانظر تالييه.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، وقد أُسند من طريق هشام الدستوائي وهمام وغيرهما كما في الطريقين السالفين قبله، فالحكم للمسند.
ابن عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي السلمي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة.
وأخرجه البيهقي ١٠/ ٧٩ من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.
وانظر سابقيه.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وهو في رواية ابن داسه وابن العبد.
وقد جاء بعد هذا الحديث في (أ) حديث سفيان الثوري عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس الآتي برقم (٣٣٠٤)، وقد جاء هذا الحديث نفسه في (هـ) بعد حديث هشام عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس السالف برقم (٣٢٩٧).

قال أبو داود: رواه خالدٌ عن عكرمةَ، بمعنى هشام.
٣٢٩٩ - حدَّثنا مَخلدُ بن خَالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابن جُريجِ، أخبرني سعيدُ بن أبي أيوبَ، أن يزيدَ بن أبي حبيب أخبره، أن أبا الخير حدثه
عن عقبة بن عامر الجُهنيِّ أنه قال: نذرتْ أُختي أن تمشيَ إلى بيت الله، فأمرتْني أن أستفتيَ لها رسولَ الله ﷺ، فاستفْتَيتُ النبيَّ ﷺ فقال: «لتَمْشِ ولْتَركَبْ» (١).


(١) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الخير: هو مَرْثد بن عبد الله اليَزَني.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٥٨٧٣).
وأخرجه البخاري (١٨٦٦)، ومسلم (١٦٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٣٧) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢١٥٠) عن عُبيد بن رِجَال، عن أحمد بن صالح، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، به بلفظ: عن عقبة بن عامر: أن أخته نذرت أن تحج ماشية ناشرة شعرها، فسأل عقبة رسول الله ﷺ، فقال: «لتركب، ولتصم ثلاثة أيامًا. وذكر نشرالشعر والأمر بالصوم في هذا الحديث غير محفوظ من هذا الطريق، ويغلب على ظننا أن الوهم فيه من قِبَل عُبيد بن رجَال -كذا ضبطه الفيروزآبادي، وهو عبيد بن محمد بن موسى المصري المقرئ- لا من قبل أحمد بن صالح المصري الحافظ، فلم يُؤثَر توثيق عُبيد هذا عن أحدٍ. وقد رواه جماعة عن ابن جريج فلم يذكروا فيه نشر الشعر ولا الأمر بالصوم.
وكذلك أخرجه مسلم (١٦٤٤) من طريق يحيى بن أيوب. ومن طريق عبد الله بن عياش كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب. فلم يذكرا نشر الشعر ولا الأمر بالصوم.
وهو في»مسند أحمد" (١٧٣٨٦).
وانظر ما سلف برقم (٣٢٩٥)، وما سيأتي برقم (٣٣٠٤).
وقد سلف ذكر نشر الشعر والأمر بالصوم في الحديث السالف برقم (٣٢٩٣) وهو ضعيف أيضًا.

٣٣٠٠ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمةَ
عن ابن عباس، قال: بينما النبيُّ ﷺ يخطُب إذا هو برجلٍ قائمٍ في الشَّمس، فسأل عنه؟ قالوا: هذا أبو إسرائيلَ، نذر أن يقومَ ولا يقعدَ، ولا يَستظلَّ، ولا يتكلمَ، ويصومَ. قال: «مُرُوهُ فَلْيتكلمْ وليستظلَّ وليقعدْ، وليتمَّ صومه» (١).
٣٣٠١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن حميدٍ الطويل، عن ثابت البُنانىِّ
عن أنس بن مالك: أن رسولَ الله ﷺ رأى رجلًا يُهادَى بين ابنَيه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشيَ، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله لَغنيٌّ عن تَعذيبِ هذا نَفْسَهُ وأمره أن يركب (٢).


(١) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختيانيّ.
وأخرجه البخاري (٦٧٥٤)، وابن ماجه (٢١٣٦ م) من طرق عن وهيب، بهذا الإسناد.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٤٣٨٥).
وأخرجه ابن ماجه (٢١٣٦) عن عطاء، عن ابن عباس.
وفيه دليل على أن كل شيء يتأذى به الإنسان مما لم يرد بمشروعيته كتاب ولا سنة كالمشي حافيًا والجلوس في الشمس ليس من طاعة الله تعالى، فلا ينعقد النذر به، فإنه ﷺ أمر أبا إسرائيل في هذا الحديث بإتمام الصوم دون غيره، وهو محمول على أنه علم أنه لا يشق عليه. هذا معنى كلام الخطابي.
(٢) إسناده صحيح. حُميد الطويل: هو ابن أبي حُميد. ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وثابت البناني: هو ابن أسلم، ومُسَدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد.
وأخرجه البخاري (١٨٦٥) و(٦٧٥١)، ومسلم (١٦٤٢)، والترمذي (١٦١٧)، والنسائي في»المجتبى" (٣٨٥٢) و(٣٨٥٣) من طرق عن حُميد الطويل، بهذا الإسناد. =

قال أبو داودَ: رواه عَمرو بن أبي عَمرٍو، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، عن النبي ﷺ نحوه (١).
٣٣٠٢ - حدَّثنا يحيى بنُ مَعين، حدَّثنا حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، أخبرنا سليمانُ الأحولُ، أن طاووسًا أخبره
عن ابن عباس: أن النبي ﷺ مَرَّ وهو يطوفُ بالكعبة بإنسانٍ يقودُه إنسانٌ بخُزَامةٍ في أنفِهِ، فقطَعَهُ النبيَّ ﷺ بيده، ثم أمره أن يقودَه بيدهِ (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٨٣).
وقوله: يُهادى، هو بضم أوله من المهاداة: وهو أن يمشي معتمدًا على غيره.
وأخرجه الترمذي (١٦١٨) من طريق محمد بن أبي عدي، والنسائي (٣٨٥٤) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس. دون ذكر ثابت. قال حماد بن سلمة وشعبة: ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت أو ثبته فيها ثابت، قلنا: ولهذا قال الحافظ العلائي في «جامع التحصيل»: على تقدير أن تكون روايات حميد عن أنس مراسيل، قد تبين الواسطة فيها، وهو ثقة محتج به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٣٨).
وأخرجه الترمذي (١٦١٦) من طريق عمران القطان، عن حميد، عن أنس، إلا أنه أخطأ فجعل الناذر امرأة، وخالف الجماعة من أصحاب حميد.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و(هـ).
(٢) إسناده صحيح. حجاج: هو ابن محمد الأعور، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وطاووس: هو ابن كَيْسان.
وأخرجه البخاري (١٦٢٠) و(١٦٢١) و(٦٧٠٢) و(٦٧٠٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٣٣) و(٤٧٣٤) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٤٤٢) و(٣٤٤٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣٨٣١) و(٣٨٣٢). =

٣٣٠٣ - حدَّثنا أحمدُ بن حفصِ بن عَبد الله السَّلَمِيُّ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني إبراهيمُ -يعني ابنَ طهمانَ- عن مَطَرٍ، عن عكرمةَ
عن ابن عباس، أن أختَ عقبةَ بن عامرٍ نذَرَتْ أن تحجَّ ماشيةً، وأنها لا تُطيق ذلك، فقال النبيُّ ﷺ: «إن الله لَغَنيٌّ عن مَشْي أختِك، فلْتَركَبْ، ولْتُهْدِ بَدَنةَ» (١).


= والخزامة: بكسر الخاء: حلقة من شعر أو وَبرِ تجعل في الحاجز الذي بين منخري البعير يشذ فيها الزِّمامُ ليسهل انقياده إذا كان صعبًا، قال ابن بطال: وإنما قطعه، لأن القَوْدَ بالأزمة إنما يُفعل بالبهائم وهو مُثلَةٌ.
وانظر «الفتح» ٣/ ٤٨٢ في وجه إدخال هذا الحديث في أبواب النذر.
ننبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ) وهو في روايتي ابن العبد وابن داسه.
وذكره المزي في «تحفة الأشراف».
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. مطر -وهو ابن طهمان الورَّاق- ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثقات. وقد تابعه همام ابن يحيى فيما سلف برقم (٣٢٩٦).
وهو عند ابن طهمان في «مشيخته» برقم (٢٩)، ومن طريقه أخرجه البيهقي ١٠/ ٧٩، والخطيب في «تاريخ بغداد» ٤/ ٣٢٩ وقد زاد الخطيب في إسناده قتادة بين مطر وعكرمة، ونقل عن الحافظ الدارقطني قوله: لم يقل لنا في هذا الإسناد: عن قتادة، غيرُ أبي الحَسَنِ البغوي، وكان من الثقات. وهو عند غيره: عن مطر، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢١٥٢) من طريق عبد العزيز بن مسلم القَسْملي، عن مطر الوراق، عن عكرمة، عن عقبة بن عاصم. فجعله من مسند عقبة بن عامر.
وانظر ما سلف برقم (٣٢٩٥) و(٣٢٩٦). وما سيأتي بعده.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. وموضعه في (أ) و(هـ) بعد الحديث (٣٢٩٥)، ولكننا أبقيناه على ترتيب المطبوع.

٣٣٠٤ - حدَّثنا شعيبُ بن أيوبَ،. حدَّثنا معاويةُ بن هشامٍ، عن سفيانَ، عن أبيه، عن عكرمةَ
عن عقبة بن عامر الجُهنىِّ، أنه قال للنبي ﷺ: إن أختي نذرتْ أن تمشيَ إلى البيتِ، فقال: «إن الله لا يصنَع بمشْيِ أختِكَ إلى البيت شيئًا» (١).

٢٣ - باب من نذر أن يصليَ في بيتِ المقدس
٣٣٠٥ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا حبيبٌ المعلمُ، عن عطاء بن أبي رباحٍ
عن جابرِ بن عبد الله: أن رجلًا قام يوم الفتح، فقال: يا رسولَ الله، إني نذرتُ لله إن فتح الله عليك مكةَ أن أصلِّيَ في بيت المقدس -قال أبو سلمة مرة:- ركعتين، قال: «صَلِّ ها هنا» ثم أعاد عليه، فقال: «صَلِّ ها هنا» ثم أعادَ عليه، فقال: شأنَك إذَنْ«(٢).


(١) حديث صحيح. شعيب بن أيوب ومعاوية بن هشام متابعان.
سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري.
وأخرجه البيهقي ١٥/ ٧٩ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وقد سلف من طريق أبي الخير، عن عقبة بن عامر، برقم (٣٢٩٩). وإسناده صحيح، وقال فيه:»لتمش ولتركب«.
وأخرجه الطحاوي في»شرح المشكل«(٢١٥٢) من طريق عبد العزيز القسملي، عن مطر الوراق، عن عكرمة عن عقبة بن عامر وقال فيه:»فتركب، ولتهدِ بدنة".
تنبيه: هذا الحديث أثبتاه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد.
قلنا: وهو أيضًا عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. ومن طريقه أخرجه البيهقي وموضع هذا الحديث في (أ) و(هـ) بعد الحديث (٣٢٩٨). ولكننا أبقيناه على ترتيب المطبوع.
(٢) إسناده قوي من أجل حبيب المُعلِّم فهو صدوق لا بأس به. حماد: هو ابن سلمة. =

قال أبو داودَ: رُوي نحوُه، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي ﷺ (١).
٣٣٠٦ - حدَّثنا مَخلَدُ بن خالدٍ، حدَّثنا أبو عاصم (ح)
وحدَّثنا عباس العَنْبريُّ، حدَّثنا رَوحٌ، عن ابنِ جُريجٍ، أخبرني يوسفُ بن الحكم بن أبي سفيانَ، أنه سمع حفصَ بن عُمر بن عبد الرحمن بن عَوف وعَمْرًا -وقال عبَّاس: ابن حَنَّة- أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن بن عَوف
عن رجالٍ من أصحابِ النبي ﷺ بهذا الخبر، زاد: فقال النبيَّ ﷺ:


= وأخرجه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» ٤/ ٤٢ - قسم العمروي- وأحمد (١٤٩١٩)، وعبد بن حميد (١٠٠٩)، والدارمي (٢٣٣٩)، وابن الجارود (٩٤٥)، وأبو يعلى (٢١١٦) و(٢٢٢٤)، وأبو عوانة (٥٨٨٣)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٢٥، والحاكم ٤/ ٣٠٤ - ٣٥٥، وابن عبد البر في «الاستذكار» (٢٠٧٧٣) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٢/ ٤٧٧، والبيهقي ١٠/ ٨٢ - ٨٣ من طريق حبيب بن الشهيد عن عطاء، به والإسناد إليه ضعيف. وقال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد لا أعرفه إلا عن بكار هذا عن حبيب.
وأخرجه عبد الرزاق (٩١٤٠) و(١٥٨٩١) من طريق إبراهيم بن يزيد، عن عطاء ابن أبي رباح قال: جاء الشريد إلى رسول الله ﷺ ... فذكره مرسلًا. وإبراهيم بن يزيد هو الخُوزي متروك الحديث.
وفي هذا الحديث دليل على أن من جعل لله عليه أن يُصليَ في مكان، فصلى في غيره أجزأه ذلك، قال في «بدائع الصنائع»: وإن كان الشرط مقيدًا لمكان بأن قال: لله علي أن أصلِّي ركعتين في موضع كذا، أو أتصدق على فقراء في بلد كذا يجوز أداؤه في غير ذلك المكان عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و(هـ). وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه.

«والذي بعث محمدًا بالحق لو صليتَ ها هنا لاجزأَ عنك صلاةً في بيت المقدس» (١).
قال أبو داود: رواه الأنصاريُّ عن ابن جريجٍ، فقال: جعفر بن عمر، وقال: عَمرو بن حَيّه، وقال: أخبراه عن عبد الرحمن بن عوف، وعن رجال من أصحاب النبي ﷺ.

٢٤ - باب (٢) في قضاء النذر عن الميت
٣٣٠٧ - حدَّثنا القَعْنبي، قال: قرأتُ على مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُبيد الله بن عَبد الله
عن عبد الله بن عباس: أن سعدَ بن عُبادةَ استفتى رسولَ الله ﷺ


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يوسف بن الحكم، ويشهد له حديث جابر بن عبد الله السالف عند المصف قبله. مخلد بن خالد: هو ابن يزيد، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني، وعباس العنبري: هو عباس بن عبد العظيم، ورَوْح: هو ابن عُبادة القيسي.
وأخرجه عبد الرزاق (١٥٨٩٠)، وأحمد (٢٣١٦٩) و(٢٣١٧٠)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤٥/ ١٢١ و١٢٢ و١٢٣، والمزي في ترجمة حفص بن عمر بن عبد الرحمن في «تهذيب الكمال» ٧/ ٣١ - ٣٢ من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
(٢) هذا الباب برمته جاء في (أ) بعد باب من نذر أن يتصدق بماله، وجاء في (هـ) كذلك غير أنه بوب لحديثي القعنبى وعمرو بن عون بقوله: باب ما جاء في قضاء النذر عن الميت. ثم بوّب بقوله: باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه، وذكر حديث مسدَّدٌ وأحمد بن صالح. ولم يذكر حديث أحمد بن يونس وجاء في (ب) و(ج) مثل (أ) غير أنه ليس فيهما حديث مسدَّد عن يحيى، ولا حديث أحمد بن صالح. ونحن تركناه على ترتيب المطبوع.

فقال: إن أمي ماتتْ وعليها نذْرٌ لم تَقْضِه، فقال رسولُ الله ﷺ: «اقْضِهِ عنها» (١).
٣٣٠٨ - حدَّثنا عَمرو بن عَونٍ، أخبرنا هُشيمٌ، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس: أن امرأةً ركبتِ البحر، فنذرتْ إن الله نجّاها أن تصومَ شهرًا، فنجّاها الله، فلم تصُمْ حتى ماتتْ، فجاءت ابنتُها أو أختُها إلى رسولِ الله ﷺ فأمرَها أن تصومَ عنها (٢).


(١) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، وعُبيد الله بن عَبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود الهُذَلي.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٤٧٢.
وأخرجه البخاري (٢٧٦١) و(٦٦٩٨) و(٦٩٥٩)، ومسلم (١٦٣٨)، وابن ماجه (٢١٣٢)، والترمذي (١٦٢٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٤٠ - ٤٧٤٢) و(٦٤٥٣) و(٦٤٥٦) و(٦٤٥٧) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٦٤٥٠ - ٦٤٥٢) و(٦٤٥٥) من طرق عن الزهري، عن عُبيد الله، عن ابن عباس، عن سعد. فجعله من مسند سعد بن عبادة. ومثل هذا لا يضر، لأن كلًا من ابن عباس وسعد بن عبادة صحابي. ومرسل الصحابي حجة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٩٣ - ٤٣٩٥).
(٢) إسناده صحيح. هشيم -وهو ابن بشير وإن كان مدلسًا وقد عنعن- تابعه شعبة بن الحجاج عن أبي بشر -وهو جعفر بن إياس- عند الطيالسي (٢٦٢١). وحماد ابن سلمة عن أبي بشر عند البيهقي ٤/ ٢٥٦ على أنه رواه غير أبي بشر أيضًا. وهذا الحديث هو الحديث الآتي برقم (٣٣١٠) غير أنه أُطلق هناك ذكر الصوم، وقُيِّد هنا بأنه صوم نذر، يوضح ذلك ويؤكده رواية شعبة لهذا الحديث عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عند أحمد والنسائي. وقد نص المصنف على ذلك وحكاه عن الإِمام أحمد فيما سلف برقم (٢٤٠٠). =

٣٣٠٩ - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عَبد الله بن عطاءٍ، عن عبدِ الله بن بُريدةَ
عن أبيه بُريدةَ: أن امرأةً أتت رسولَ الله ﷺ فقالت: كنت تصدقتُ على أُمي بوَليدة، وإنها ماتت وتركتْ تلك الوليدةَ، قال: «قد وجبَ أجرُك ورجعتْ إليك في الميراث»، قالت: وإنها ماتت وعليها صومُ شهرٍ، فذكر نحوَ حديث عَمرٍو (١).

٢٥ - باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه (٢)
٣٣١٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، سمعتُ الأعمشَ وحدَّثنا محمدُ بن العَلاءِ، حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمشِ، -المعنى- عن مُسلمٍ البَطِين، عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس: أن امرأةً جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: إنه كان على أُمِّها صومُ شهرٍ، أفاقضِيه عنها؟ قال: «لو كان على أمكِ دَينٌ، أكنتِ قاضيتَه؟» قالت: نعم، قال: «فَدَينُ الله أحقُّ أن يُقضَى» (٣).


= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٧٣٩) من طريق مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٦١).
وانظر ما سيأتي برقم (٣٣١٠).
(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي.
وقد سلف تخريجه برقم (٢٨٧٧).
(٢) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).
(٣) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومسلم البطين: هو مسلم بن عمران الكوفي، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. =

٣٣١١ - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا عبد الله بنُ وهْب، أخبرني عَمرو بن الحارث، عن عُبيد الله بن أبي جَعفرٍ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبير، عن عُروة
عن عائشة، أن النبيَّ ﷺ قال: «مَنْ مات وعليه صيام صامَ عنه وليُّه» (١).


= وأخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨)، وابن ماجه (١٧٥٨)، والترمذي (٧٢٥) و(٧٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٢٩٢٤ - ٢٩٢٨) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقد قرن بمسلم البطين في بعض طرقه الحكم وسلمةُ بن كهيل، وقرن أيضًا بسعيد بن جبير عطاءٌ ومجاهد. واختُلف أيضًا في ذكر السائل فبعضهم رجلًا، وبعضهم يذكر امرأةً تسأل عن أختها، وبعضهم يذكر صوم شهر كما عند المصنف، وبعضهم يذكر شهرين متتابعين. وهذا يؤيد أن المقصود بهذا الصوم المذكور صوم النذر.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٧٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٥٧٠).
وأخرجه مسلم (١١٤٨)، والنسائي (٢٩٢٩) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وقال فيه: عيها صوم نذر.
وعلَّقه البخاري بإثر (١٩٥٣) بصيغة الجزم. وهذا كالحديث السالف برقم (٣٣٠٨) مُقيِّد لمطلق الصوم بأنه صوم نذر.
وانظر ما سلف برقم (٣٣٠٨).
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه.
(١) إسناده صحيح. أحمد بن صالح: هو المصري، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، عمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب الأنصاري.
وقد سلف تخريجه برقم (٢٤٠٠).
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبدء قلنا: وهو أيضًا عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. لكنه جاء موضعه في (أ) بعد الحديث (٣٣٠٧). =

٢٦ - باب ما يؤمر بوفائه من النذر (١)
٣٣١٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا الحارثُ بن عُبيد أبو قُدامةَ، عن عُبيد الله بن الأخنس، عن عَمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه
عن جده: أن امرأةً أتتِ النبيَّ ﷺ، فقالت: يا رسولَ الله، إني نَذَرْتُ أن أضرِبَ على رأسِك بالدُّفِّ، قال: «أوفِي بنذْرِكِ» قالت: إني نذرتُ أن أذبحَ بمكان كذا وكذا -مكانِ كان يَذبح فيه أهلُ الجاهلية- قال: «لصِنمِ؟» قالت: لا، قال: «لِوثَنِ؟» قالت: لا، قال: «أوفي بنذْرِكِ» (٢).


= قال الحافظ في «الفتح» ٤/ ١٩٣: وقد اختلف السلف في مسألة الصيام عن الميت، فأجاز أصحاب الحديث الصيام عنه، وعلق الشافعي في القديم القول به على صحة الحديث كلما نقله البيهقي في «المعرفة» وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية.
وقال الشافعي في الجديد ومالك وأبو حنيفة لا يُصام عن الميت.
وقال الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد: لا يُصام عنه إلا النذر حملًا للعموم الذي في حديث عائشة على المقيد في حديث ابن عباس، وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما فحديث ابن عباس صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة، وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى نحو هذا العموم حيث قيل في آخره: فدين الله أحق أن يقضى، وأما رمضان فيطعم عنه. وقوله: «صام عنه وليه» خبر بمعنى الأمر تقديره: فليصم عنه وليه، وليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور.
(١) هذا الباب جاء في أصولنا الخطية بعد باب في النذر فيما لا يملك، غير أنه ليس في (ب) و(ج) حديث الحسن بن علي وحديث محمد بن بشار.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. الحارث بن عُبيد ضعيف يعتبر به. وقد روي ما يشهد لحديثه. =

٣٣١٣ - حدَّثنا داودُ بن رُشَيد، حدَّثنا شعيبُ بن إسحاقَ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى بن أبي كثيرِ، حدَّثني أبو قِلابةَ
حدَّثني ثابتُ بن الضحَّاك، قال: نذرَ رجلٌ على عهدِ رسولِ الله ﷺ أن ينحرَ إبلًا ببُوانةَ، فأتى رسول الله ﷺ، فقال: إني نذرتُ أن أنحر إبلًا ببُوانةَ، فقال رسول الله ﷺ: «هل كان فيها وثنٌ من أوثانِ الجاهليةُ يُعبَدُ؟» قالوا: لا، قال: «هل كان فيها عِيدٌ من أعيادِهم؟»


= وأخرجه البيهقي ١٠/ ٧٧ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث بريدة الأسلمي بسند قوي عند أحمد (٢٢٩٨٩)، والترمذي (٤٠٢٢)، وابن حبان (٦٨٩٢)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
قال البيهقي: يشبه أن يكون ﷺ إنما أذن لها في الضرب لأنه أمر مباح، وفيه إظهار الفرح بظهور رسول الله ﷺ، ورجوعه سالمًا لا أنه يجب بالنذر.
وتعقبه الحافظ في «الفتح» ١١/ ٥٨٨ فقال: إن من قسم المباح ما قد يصير بالقصد مندوبًا كالنوم في القائلة للتقوي على قيام الليل، وأكلة السحور للتقوي على صيام النهار، فيمكن أن يُقال: إن إظهار الفرح بعود النبىٍ ﷺ سالمًا معنى مقصود يحصل به
الثواب.
وقد اختلف في جواز الضرب بالدف على غير النكاح والختان، ورجح الرافعي في «المحرر» وتبعه في «المنهاج» الإباحة والحديث حجة في ذلك.
وقال الإِمام الخطابي: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح لسلامة مقدم رسول الله ﷺ حين قدم من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب، ولهذا استُحب ضرب الدف في النكاح لما فيه من إظهاره والخروج به عن معنى السفاح الذي لا يظهر، ومما يشبه هذا المعنى قول النبي ﷺ في هجاء الكفار: «اهجوا قريشًا، فإنه أشد عليهم من رشْق النبل».
تنبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا الخطية متاخرًا إلى آخر الباب.

قالوا: لا، قال رسولُ الله ﷺ: «أوْفِ بنَذْرِكَ، فإنه لا وفاءَ لنذْرِ في معصيةِ الله، ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدمَ» (١).
٣٣١٤ - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، أخبرنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا عبدُ الله ابن يزيدَ بن مِقْسَم الثقفيُّ -من أهل الطائف- قال: حدَّثتني سارَة بنت مِقْسمٍ الثقفيّ
أنها سمعتْ ميمونةَ بنتَ كَرْدَم، قالت: خرجتُ مع أبي في حجةِ رسولِ الله ﷺ، فرأيتُ رسولَ الله ﷺ، وسمعتُ الناسَ يقولون: رسول الله ﷺ فجعلت أُبِدُّه بصري، فدنا إليه أبي وهو على ناقةٍ له معه دِرَّةٌ كدِرَّةِ الكُتَّاب، فسمعت الأعرابَ والناسَ يقولون: الطَّبطَبيَّة الطَّبطَبيَّة ..
فدنا إليه أبي، فأخذ بقدَمِه، قالت: فأقرَّ له، ووقف عليه واستمع منه، فقال: يا رسول الله، إني نذرتُ إنْ ولدٌ لي ولا ذكرٌ أن أنحرَ على رأسِ بُوانةَ -في عقبة من الثَّنايا- عدةً من الغنم، قال: لا أعلم إلا أنها قالت: خمسين، فقال رسولُ الله ﷺ: «هل بها من الأوثان شيءٌ؟» قال: لا، قال: «فأوفِ بما نذرتَ به لله» قالت:


(١) إسناده صحيح. كما قال ابن الملقن في «البدر المنير» ٩/ ٥١٨، ووافقه الحافظ في «التلخيص» ٤/ ١٨٠.الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١٣٤١)، والبيهقي ١٠/ ٨٣ من طريق داود بن رشيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
وبُوانة: هضبة من وراء ينبع، قاله في «النهاية».

فجمعها فجعل يذبحُها، فانفلتت منهُ شاةٌ، فطلبَها وهو يقول: اللهم أوفِ عني نذْري، فظفِر بها، فذبحَها (١).
٣٣١٥ - حدَّثنا محمد بن بشَّار، حدَّثنا أبو بكر الحنفيُّ، حدَّثنا عبدُ الحميد ابن جعفرٍ، عن عَمرو بن شُعيب، عن ميمونةَ بنت كرْدَمِ بن سفيانَ
عن أبيها، نحوه، مختصرٌ منه شيءٌ، قال: «هل بها وثنٌ أو عيدٌ من أعياد الجاهليَّة؟» قال: لا، قلت: إن أمِّي (٢) هذه عليها نذرٌ،


(١) إسناده ضعيف لجهالة حال سارة بنت مقسم، فقد إنفرد بالرواية عنها ابن أخيها عبد الله بن يزيد بن مقسم الضبي، وقصة النذر ببوانة وردت من طريق آخر عن ميمونة بنت كردم بسند حسن، ويشهد لها أيضًا حديث الضحاك بن ثابت السالف قبله، وإسناده صحيح.
وأخرجه مختصرًا بقصة بُوانة ابنُ ماجه (٢١٣١/ م) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن يزيد بن مقسم، عن ميمونة بنت كَرْدَم. وسنده حسن كما قال ابن الملقن في «البدر المنير» ٩/ ٥١٩.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٣١) من طريق عبد الله بن عبد الله الطائفي، عن ميمونة.
دون ذكر يزيد بن مقسم وهو منقطع.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٥٦) و(٢٧٠٦٤) و(٢٧٠٦٦).
وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه (٢١٣٠)، وهو حسن في الشواهد. وحسّن إسناده ابن الملقن في «البدر المنير» ٩/ ٥١٩.
والدِّرة: السوط، والطَّبْطَبيَّة: قيل: هي حكايته وقع الاقدام، أي: يقولون بأرجلهم على الأرض طب طب، أي: أن الناس يسمعون لاقدامهم صوت: طب طب، أو كناية عن الدِّرة، فإنها إذا ضرب بها حكت صوت طب طب.
وقولها: أُبِدُّه بصري: قال الخطابي: معناه: أُتبعه بصري وألزمه إياه لا أقطعه عنه.
تنيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وَأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه.
(٢) في رواية ابن العبد: إن امرأتي هذه. والمثبت هي رواية ابن داسه.

ومَشْيٌ، أفاقضيه عنها، وربما قال ابن بشَّار: أنقضيه عنها؟ قال: «نعم» (١) ..

٢٧ - باب في النذر فيما لا يملك (٢)
٣٣١٦ - حدَّثنا سليمانُ بن حَرْب ومحمد بن عيسى، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ؟، عن أيوبَ، عن أبي قلابة، عن أبي المُهلَّب
عن عمران بن حُصَين، قال: كانت العَضْباءُ لرجل من بني عُقيلٍ، وكانت من سوابق الحاجِّ، قال: فاُسِرَ، فأُتيَ النبيَّ ﷺ وهو في وَثاقٍ، والنبي ﷺ على حمارِ عليه قطيفةٌ، فقال: يا محمد، عَلامَ تأخذُني وتأخذُ سابِقةَ الحاج؟ -زاد ابنُ عيسى: فقال رسولُ الله ﷺ إعظامًا لذلك، ثم اتفقا- قال: «نأخُذُكَ بجَريرَةِ حُلفائكَ ثَقيفِ» قال: وكانَ ثقيفٌ قد أسَرُوا رجلَين من أصحاب النبي ﷺ، قال: وقد قال فيما قال: وأنا مسلمٌ -أو قال: وقد أسلمتُ- فلما مضى النبيَّ ﷺ-قال أبو داود: فهمت هذا من محمد بن عيسى- ناداه يا محمد! يا محمد! قال: وكان


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمرو بن شعيب لم يسمع من ميمونة بنت كردم. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد البصري.
وأخرجه أحمد (١٦٦٠٧) عن أبي بكر الحنفي، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
وأخرجه الطبراني في الكبير ١٩/ (٤٢٧) من طريق كامل بن طلحة الجحدري عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو: أن كردم بن سفيان الثقفي أتى النبي ﷺ فذكر الحديث بنحوه، وابن لهيعة ضعيف.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وهو في رواية ابن العبد وابن داسه.
(٢) هذا الباب جاء في أصولنا الخطية بعد باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس.

النبيُّ ﷺ رحيمًا رَفيقًا فرجع إليه، فقال: «ما شانُك؟» قال: إني مسلمٌ، قال: «لو قلتَها وأنت تملكُ أمرَك إذن أفلحتَ كلَّ الفَلاح».
قال أبو داود: ثم رجعتُ إلي حديث سَليمانَ - قال: يا محمد، إني جائع فأطعِمْني، إني ظماَنُ فاسْقِني، قال: فقال النبي ﷺ: «هذه حاجتُك -أو قال: هذه حاجتُه-» ففُودِي الرجلُ بعدُ بالرجلين.
قال: وحبس رسولُ الله ﷺ العضباءَ لرَحْلِه، قال: فأغارَ المشركون على سَرْح المدينةِ فذهبوا به وذهبوا بالعَضْباء، قال: فلما ذهبُوا بها وأسرُوا امرأةَ من المسلمين، قال: فكانوا إذا كان من الليل يُريحون إبلَهم في أفْنيتِهم، قال: فنُوِّمُوا ليلةً وقامتِ المرأةُ فجَعلت لا تضعُ يدَها على بعيرٍ إلا رَغَا، حتى أتت على العضباء«قال: فأتت على ناقةٍ ذَلُولٍ مُجَرَّسةٍ، -قال ابن عيسى: فلم تَرْغُ- قال: فركبَتْها، ثم جعلتْ لله عليها إن نجّاها الله لتنحرنَّها، قال: فلما قدمتِ المدينةَ عُرِفَتْ الناقةُ ناقةُ النبي ﷺ، فأُخبر النبي ﷺ بذلك، فأرسل إليها، فجيء بها، وأُخبِر بنذْرِها، فقال:»بئس ما جزيتيها -أو جَزَتهْا- إنِ اللهَ عز وجل نجاها عليها لَتنحرنَّها، لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ الله، ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدم«(١).


(١) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن زيد الأزدي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأبو المهلب: هو الجَرْمي عم أبي قلابة.
وأخرجه مسلم (١٦٤١)، وابن ماجه (٢١٢٤)، والنسائي في»الكبرى«(٤٧٣٥) من طريق أيوب السختياني، بهذا الإسناد.
ورواية ابن ماجه والنسائي مختصرة بقوله ﷺ:»لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرج منه قصة نداء الرجل بالرجلين الترمذي (١٦٥٨) من طريق أيوب، به.
وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٦٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٩١).
وأخرج منه قصة أسْر المرأة إلى آخر الحديث النسائي في «الكبرى» (٨٧٠٩) من طريق الحسن، عن عمران. والحسن لم يسمع من عمران.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٩٢).
وأخرجه أحمد (١٩٨٨٨)، والنسائي في «المجتبى» (٣٨٤١) و(٣٨٤٥) من طريق محمد بن الزبير، عن أبيه، عن رجل، عن عمران بن حصين، عن النبي ﷺ: «لا نذر في غضب وكفارته كفارة اليمين» وإسناده ضعيف جدًا، محمد بن الزبير متروك الحديث، وفيه رجل مبهم، وقد روي بإسقاط الرجل المبهم عند النسائي (٣٨٤١) و(٣٨٤٥)، ولم يسمع الزبير من عمران. العضباء: اسم ناقة النبي ﷺ وهو علم منقول من قولهم: ناقة عضباء، أي: مشقوقة الأذن، ولم تكن مشقوقة الأذن، وقال بعضهم: إنها كانت مشقوقة الأذن، والأول أكثر. وقوله: نأخذك بجريرة حلفائك، معناه: الذنب والجناية، قال الخطابي: اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: هذا يدل على أنهم عاهدوا بني عقيل على أن لا يعرضوا للمسلمين ولا لأحد من حلفائهم، فنقض حلفاؤهم العهد، ولم ينكره بنو عقيل، فأخذوا بجريرتهم.
وقال آخرون: هذا رجل كافر لا عهد له، وقد يجوز أخذه وأسره وقتله، فإن جاز أن يؤخذ بجريرة نفسه وهي كفره، جاز أن يؤخذ بجريرة غيره ممن كان على مثل حاله من حليف وغيره، ويحكى معنى هذا عن الشافعي.
وفيه وجه ثالث وهو أن يكون في الكلام إضمار يريد أنك إنما أُخِذْتَ ليدفع بك جريرة حلفائك فيفدى بك الأسيرين اللذين أسرتهم ثفيف، ألا تراه يقول: ففودي الرجل بعد بالرجلين.
وقوله: «لو قلتها وأنت تملك أمرك». قال الخطابي: يريد أنك لو تكلمت بكلمة الإسلام طائعًا راغبًا فيه قبل الإسار، أفلحت في الدنيا بالخلاص من الرق، وأفلحت في الآخرة بالنجاة من النار. =

قال أبو داود: والمرأة هذه امرأةُ أبي ذرٍّ.

٢٨ - باب فيمن نذر أن يتصدق بماله (١)
٣٣١٧ - حدَّثنا سليمانُ بن داود وابنُ السَّرْح، قالا: حدَّثنا ابن وهْبٍ، أخبرني يونسُ، قال ابن شهابٍ: فأخبرني عبدُ الرحمن بن عبد الله بن كعْب بن مالك، أن عبدَ الله بن كعب -وكان قائد كعْبٍ من بنَيه حين عَمِيَ- قال:
سمعتُ كعب بن مالك، قال: قلت: يا رسول الله، إن من تَوْبتي أن أنخلعَ من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله، قال رسولُ الله ﷺ: «أمسِكْ عليك بعضَ مالِكَ، فهو خيرٌ لك»، قال: فقلتُ: فإني أُمسك سهمي الذي بخيبر (٢).


= والسرح: المال السائم، والرغاء: صوت الإبل. مجرسة: مدربة في الركوب والسير.
وفي هذا الحديث جواز سفر المرأة وحدها بلا زوج ولا محرم ولا غيرها إذا كان سفر ضرورة كالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكالهرب ممن يريد منها فاحشة ونحو ذلك، والنهي عن سفرها وحدها محمول على غير الضرورة.
(١) هذا الباب جاء في أصولنا الخطية بعد باب ما يؤمر بوفائه من النذر غير أنه سقط من (ب) و(ج) الأحاديث (٣٣١٨) و(٣٣١٩) و(٣٣٢٠).
(٢) إسناده صحيح. ابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو، وابن وهب: عن عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزهري.
وأخرجه البخاري (٢٧٥٧) (٤٤١٨)، ومسلم (٢٧٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٤٧) و(٤٧٤٨) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. ورواية البخاري الثانية وكذا مسلم مطولة.
وأخرجه الترمذي (٣٣٥٩) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه. وقال: وقد روي عن الزهري هذا الحديث بخلاف هذا الإسناد فقد قيل: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن =

٣٣١٨ - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني يونُس، عن ابن شهابٍ، أخبرني عبدُ الله بن كعْب بن مالك
عن أبيه: أنه قال لرسول الله ﷺ حين تِيبَ عليه: إني أنخلعُ من مالي، فذكر نحوه، إلى «خيرٌ لك» (١).


= أبيه، عن كعب وقد قيل غير هذا، وروى يونس بن يزيد هذا الحديث، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن أباه حدثه عن كعب بن مالك.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٨٩) مطولًا.
وانظر ما سيأتي (٣٣١٨) و(٣٣١٩) و(٣٣٢٠) و(٣٣٢١).
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و(ب) و(ج) حديث محمد بن يحيى الآتي برقم (٣٣٢١) ونحن أبقيناه على ترتيب المطبوع.
(١) إسناده صحيح. وقد روى البخاريُّ هذا الحديثَ في موضعين (٤٦٧٦) و(٦٦٩٠) عن أحمد بن صالح، فذكر بين ابن شهاب وبين عبد الله بن كعب بن مالك: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك. وقد رواه كالمصنِّف الطبرانيُّ في «الكبير»، ١٩/ (٩٦) عن إسماعيل بن الحسن الخفاف، عن أحمد بن صالح. فالظاهر أن أحمد بن صالح قد رواه على الوجهين. ويؤيده أن الحديث قد رواه عن ابن وهب غير أحمد بن صالح، كرواية المصنِّف بإسقاط عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك من إسناده.
فقد أخرجه كذلك النسائي في «الكبرى» (٤٧٤٦) عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب. ولهذا قال النسائي بإثره: يشبه أن يكون الزهري سمع هذا الحديث من عبد الله بن كعب بن مالك، وسمعه من عبد الرحمن بن عبد الله، عنه في الحديث الطويل. قلنا: وقد رواه ابن وهب في «موطئه» فيما نقله عنه ابن عبد البر في «التمهيد» دون ذكر عبد الرحمن في إسناده، فبان بذلك صحة ما عند المصنف هنا، والله أعلم.
ابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزهري.
وانظر ما قبله.
تنبيه: هذا الحديث والحديثان التاليان أثبتناها من (أ) و(هـ). وذكر المزي في «الأطراف» (١١١٣٥) أن حديث أحمد بن صالح وعبيد الله بن عمر في رواية أبي الحسن ابن العبد. قلنا: والأحاديث الثلاثة عندنا أيضًا في (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسه.

٣٣١٩ - حدَّثني عُبيد الله بن عُمر، حدَّثنا سفيان بن عُيينة، عن الزهريِّ، عن ابن كعب بن مالك
عن أبيه أنه قال للنبي ﷺ أو أبو لبابةَ أو مَنْ شاءَ الله-: إن من توبتي أن أهجُر دارَ قومي التي أصَبْتُ فيها الذنْبَ، وأن أنخلعَ من مالي كلِّه صدقةً، قال: «يُجزئ عنك الثلث» (١).


(١) حسن لغيره، لكن القصة فيه بهذه السياقة لأبي لبابة -وهو ابن عبد المنذر- جزمًا، لا لكعب، ومع هذا فلا تصح قصة أبي لبابة، بهذا الإسناد، والخطأ فيه من سفيان بن عيينة، وذلك أن المحفوظ عن الزهري أنه إنما روى بهذا الإسناد قصة توبة كعب بن مالك التي ليس فيها ذكر هجران الدار والتقدير بالثلث، كذلك رواه الجماعة عن الزهري، كما في الطريقين السالفين قبله. ومنشأ الوهم أن الزهري روى القصتين: قصة كعب بن مالك، وقصة أبي لُبابة، ولكل من هذه القصتين إسناد يختلف عن إسناد الأخرى، فاختلط الأمر على بعض من لم يضبط هذه الرواية من أصحاب الزهري كابن عيينة وابن إسحاق، فقلبوا الإسناد، فجعلوا قصة أبي لبابة بإسناد قصة كعب. وإليه يشير كلام المصف بإثر الحديث التالي، وأشار إليه أيضًا البيهقي وابن القيم في «حاشية السنن».
فاما قصة أبي لبابة التي فيها ذكر هجران الدار والتقدير بالثلث، فإنما أخذها الزهري عن الحسين بن السائب بن أبي لبابة كما أخرجه أحمد (١٥٧٥٠)، والبخاري في «تاريخه الكبير» تعليقًا ٢/ ٣٨٥، وأبو عوانة (٥٨٨٧)، وابن حبان (٣٣٧١)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٣٨٥، والطبراني في «الكبير» (٤٥٠٩)، والحاكم ٣/ ٦٣٢، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٤/ ١٨١.
وأخذها الزهري أيضًا عن سعيد بن المسيب كما أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» ٥/ ٢٧٥.
وربما قال الزهري فيها: عن بعض بني السائب بن أبي لبابة كما أخرجه ابن وهب في «موطئه» فيما نقله عنه ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٠/ ٨٢، والبخاري في «تاريخه» تعليقًا ٢/ ٣٨٥، والطبراني في «الكبير» (٤٥١٠)، والبيهقي ١٠/ ٦٧.وربما أرسله =

٣٣٢٠ - حدَّثنا محمدُ بن المتوكِّل العسقلاني، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهري


= الزهري فلم يذكر أحدًا كلما أخرجه مالك ٢/ ٤٨١، وعبد الرزاق في «تفسيره» ٢/ ٢٨٦، وفي «المصنف» (٩٧٤٥) و(١٦٣٩٧)، والطبراني في «تفسيره» ٩/ ٢٢١ و١١/ ١٥.
وهذه الأسانيد التي تلقى من خلالها الزهري قصة أبي لبابة لا يخلو واحدٌ منها من مقال، ولهذا قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٠/ ٩٠: حديث منقطع لا يتصل بوجه من الوجوه. وقال ابن حزم في «المحلى» ٨/ ١٣: كلها مراسيل. قلنا: ولكنها بانضمامها يحدث منها قوة، فيحسن الحديث، والله أعلم.
وقد تابع ابن عيينة على ذكر هذه القصة بهذا اللفظ لكعب بن مالك وبهذا الإسناد محمد بن إسحاق كما سيأتي برقم (٣٣٢١) إلا أنه جعل الحديث عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن جده. وابن إسحاق متكلَّم في روايته عن الزهري كما بسطه الحافظ ابن رجب في شرح «العلل» ٢/ ٤٨٣ - ٤٨٥. وكذلك ابن عيينة في روايته عن الزهري شيء كما بينه الحافظ ابن رجب. قلنا: وهذا عند الانفراد، فكيف وقد خالفهما الحفاظ من أصحاب الزهري، فرووا بهذا الإسناد قصة توبة كعب بن مالك التي ليس فيها ذكر هجران الدار ولا التقدير بالثلث. مثل يونس بن يزيد الأيلي، وعقيل بن خالد الأيلي، ومعمر بن راشد.
على أنه اختُلف على محمد بن إسحاق في إسناده ومتنه كما سيأتي بيانه هناك.
وقال البيهقي ١٠/ ٦٨: هو بهذا اللفظ في قصة أبي لبابة، فاما ما قال لكعب فغير مقدّر بالثلث.
وقال ابن القيم في «حاشية السنن» ٩/ ١٠٩: لعل بعض الرواة وهم في نقله هذا إلى حديث كعب بن مالك في قصة توبته.
وقد أشار المصنف بإثر الحديث التالي إلى ذلك بقوله: والقصة لأبي لبابة، ثم ساق بعض الأسانيد التي تؤيد ذلك معلقة.
وأخرجه من طريق المصنف هنا البيهقي ١٠/ ٦٨.
وأخرجه سيد بن منصور في «سننه» قسم التفسير (٩٨٨) عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك: أن أبا لبابة بن عبد المنذر، أو كعب بن مالك ... الحديث. هكذا رواه هنا مرسلًا. وفي هذا دليل آخر على عدم ضبط ابن عيينة لهذا الحديث عن الزهري، والله أعلم.

أخبرنا ابنُ كعْب بن مالك، قال: كان أبو لُبابةَ، فذكر معناه، والقصةُ لأبي لُبابةَ (١).
قال أبو داود: رواه يونسُ عن ابن شهابٍ عن بعض بني السائب ابن أبي لُبابةَ، ورواه الزُّبيديُّ عن ابن شهاب، فقال: عن حسين بن السائب بن أبي لُبابةَ، مثله.
٣٣٢١ - حدَّثنا محمدُ بن يحيى، حدَّثنا الحسن بن الربيع، حدَّثنا عبد الله بنُ إدريس قال: قال ابنُ إسحاقَ: حدَّثني الزهريُّ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعْب بن مالك، عن أبيه عن جده، في قصته، قال: قلت: يا رسولَ الله، إن من توبتي إلى الله أن أخرجَ من مالي كلِّه إلى الله وإلى رسولِه صدقةً، قال: «لا» قلت: فنصفُه، قال: «لا» قلت: فثلثُه، قال: «نعم» قلت: فإني أُمسِك سَهْمي من خيبر (٢).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف للاختلاف في إسناده ومتنه. والصحيح أن قصة أبي لبابة إنما أخذها الزهري من غير طريق ابن كعب بن مالك كما بيناه عند الحديث السالف قبله. وقد اختلف فيه على عبد الرزاق في إسناد الحديث ومتنه: فقد رواه عنه محمد بن المتوكل كما عند المصنف هنا.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٦٣٩٥) غير أنه قال فيه: عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه، أنه لما تاب الله عليه، قال: يا نبي الله إن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقًا، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي ﷺ: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك»، قال: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره «٢/ ٢٨٦، وفي»المصنف" (١٦٣٩٧) عن ابن جريج ومعمر، عن الزهري: أن أبا لبابة لما تاب الله عليه، قال: ... مرسلًا.
وانظر ما سلف برقم (٣٣١٧) و(٣٣١٩).
(٢) ضعيف بهذه السياقة، على الاختلاف في إسناده عن محمد بن إسحاق، فقد =

٢٩ - باب النذر لا يُسمَّى
٣٣٢٢ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافرٍ التِّنِّيسيُّ، عن ابن أبي فُديكٍ، حدَّثني طلحةُ بن يحيى الأنصاريُّ، عن عَبد الله بن سعيد بن أبي هندٍ، عن بُكير بن عبد الله ابن الأشَجِّ، عن كُريب


= رواه ابن إدريس -وهو عبد الله- عن محمد بن إسحاق كما عند المصنف هنا بهذا اللفظ.
وهو في «السيرة النبوية» لابن هشام ٤/ ١٧٥ - ١٨٠ عن ابن إسحاق، عن الزهري محمد بن مسلم، به لكن بلفظ روايته الجماعة عن الزهري. يعني دون ذكر هجران الدار، ولا التقدير بالثلث.
وكذلك أخرجه الطبراني في «الكبير» ١٩/ (٩١) من طريق أبي جعفر النُّفيليُّ، عن محمد بن إسحاق. لكن تحرف فيه الزهري محمد بن مسلم، إلى: الزهري عن محمد بن مسلم. وقال البخاري في «تاريخه»الكبير«٢/ ٣٨٥ وروى ابن إسحاق، عن حجاج بن السائب أخي حسين بن السائب بن أبي لبابة. قلنا: يعني قصة أبي لبابة التي فيها هجران الدار والتقدير بالثلث. فلعل ابن إسحاق دخل عليه حديث الزهري في حديث حجاج هذا فقلب الإسناد، فجعل إسناد الزهري لحديث أبي لبابة، ولم يضبط حديث أبي لبابة أيضًا فرواه بهذه السياقة التي عند المصنف. ولهذا قال ابن القيم في»حاشية السنن«٩/ ١٠٩: المحفوظ في هذا الحديث ما أخرجه أصحاب الصحيح من قوله:»أمسك عليك بعض مالك«وأما ذكر الثلث فيه، فإنما أتى به ابن إسحاق، ولكن هو في حديث أبي لبابة بن عبد المنذر لما تاب الله عليه قال: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك وأنخلع من مالي صدقة لله عز وجل ولرسوله. فقال رسول الله ﷺ:»يجزئ عنك الثلث"، ولعل بعض الرواة وهم في نقله هذا إلى حديث كعب بن مالك في قصة توبته ...
وانظر ما سلف برقم (٣٣١٧) و(٣٣١٩).
تنبيه: هذا الحديث مكانه في (أ) و(ب) و(ج) بعد الحديث (٣٣١٧).

عن ابن عبَّاس، أن رسول الله ﷺ قال: «من نذر نذْرًا لم يُسمِّه فكفارتُه كفارةُ يمين، ومن نذر نذرًا في معصيةٍ فكفارتُه كفارةُ يمينٍ، ومن نذر نذْرًا لا يُطيقُه فكفارتُه كفارةُ يمينٍ، ومن نذر نذرًا أطاقه فليف به» (١).
قال أبو داود: روى هذا الحديثَ وكيعٌ وغيرُه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، أوقفوه على ابن عباس.
٣٣٢٣ - حدَّثنا هارونُ بن عبَّادِ الأزديُّ، حدَّثنا أبو بكر -يعني ابنَ عياشٍ- عن محمد مولى المغيرة، حدَّثني كعبُ بن علقمةَ، عن أبي الخير
عن عقبة بن عامر، قال: قال رسولُ الله ﷺ:كفارةُ النذر كفارةُ اليمين«(٢).


(١) طلحة بن يحيى بن النعمان الأنصاري روى له البخاري في الحج حديثًا واحدًا بمتابعة سليمان بن بلال، ومسلم (٢٠٩٤) بمتابعة عبد الله بن وهب وسليمان بن بلال، ووثقه يحيى بن معين وعثمان بن أبي شيبة وأبو داود، وقال أحمد: مقارب الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: ضعيف جدًا. والأصح وقفه كما قال الحافظ في»الفتح«١١/ ٥٨٧. ابن أبي فُدَيك: هو محمد بن إسماعيل، وكريب: هو ابن أبي مسلم الهاشمي.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٢٨) من طريق خارجة بن مصعب عن بُكَير، بهذا الإسناد، وخارجة متروك.
وقوله في الحديث:»ومن نذر نذرًا أطاقه فليف به" أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد مولى المغيرة بن شعبة واسمه محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي، واإن كان مجهولًا - قد توبع كما في الطريق الذي بعده. =

قال أبو داود: ورواه عَمرو بن الحارث عن كعْب بن علقمةَ، عن ابنِ شِماسة، عن عُقبةَ (١).
٣٣٢٤ - حدَّثنا محمد بن عَوفٍ، أن سعيدَ بن الحكَم حدثهم، أخبرنا يحيى ابنُ أيوب، حدثني كعْب بن علقمةَ، أنه سمع ابن شِمَاسةَ، عن أبي الخير، سمعت عقبةَ بن عامر، يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول مثله (٢).


= وأخرجه الترمذي (١٦٠٨) من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد، وزاد فيه: «إذا لم يسمَّ» وهي زيادة ضعيفة انفرد بها محمد بن يزيد مولى المغيرة.
وأخرجه أحمد (١٧٣٠١)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢١٥٦) و(٢١٥٧)، والطبراني ١٧/ (٤٧٩) من طرق عن أبي بكر بن عياش بهذا الإسناد، ولم يذكروا في حديثهم جميعًا: إذا لم يُسمَّ.
وفي الباب عن عائشة سلف برقم (٣٢٩٠).
وعن عمران عند النسائي (٣٨٤٠ - ٣٨٤٥)، وأحمد (١٩٨٨٨).
وانظر ما بعده.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من. (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد. قلنا: وهي عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه.
(٢) إسناده صحيح. ابن شماسة: هو عبد الرحمن، وأبو الخير: هو مَرْثَد بن عبد الله.
وأخرجه مسلم (١٦٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٥٥) من طريق كعب بن علقمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣١٩).
قال الإِمام النووي في «شرح مسلم» ١١/ ١٠٤: اختلف العلماء في المراد به، فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج، وهو أن يقول الإنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلًا: إن كلمت زيدًا مثلًا، فلله علي حجة أو غيرها فيكللمه، فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه. هذا هو الصححيح في مذهبنا، وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق، كقوله: عَلَيَّ نذر؟ وحمله أحمد وبعض أصحابنا على =

٣٣٢٥ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، حدَّثني نافعٌ، عن ابن عمر
عن عمر أنه قال: يا رسول الله، إني نذرتُ في الجاهليةِ أن أَعتكِفَ في المسجد الحرام ليلةَ، فقال له النبيَّ ﷺ: «أوْفِ بنَذْرِكَ» (١).
آخر كتاب الأيمان والنذور


= نذر المعصية كمن نذر أن يشرب الخمر، وحمله جماعة من فقهاء أصحاب الحديث على جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير في جميع النذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة يمين. والله أعلم.
وقال العلامة الشوكاني: والظاهر أن اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسمَّ، لأن حمل المطلق على المقيد واجب، وأما النذور المسماة إن كانت طاعة، فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة، وجب الوفاء بها سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال، وإن كان معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد، ولا يلزم فيها الكفارة وإن كانت مباحة مقدورة، فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة، لوقوع الأمر بها في أحاديث الباب في قصة الناذرة بالمشي، وإن كانت غير مقدورة، ففيها الكفارة، لعموم: «ومن نذر نذرًا لم يطقه» هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة.
(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه البخاري (٢٠٣٢) و(٢٠٤٢) و(٢٠٤٣)، ومسلم (١٦٥٦) (٢٧)، وابن ماجه (١٧٧٢) و(٢١٢٩)، والترمذي (١٦٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٤٤) و(٤٧٤٥) من طريقين عن نافع، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٧٤٣) من طريق نافع، عن ابن عمر، عن عمر فجعله من مسند عمر. وهذا لا يضر بصحة الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥) و(٤٥٧٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٧٩) و(٤٣٨٠) و(٤٣٨١).
وانظر ما سلف برقم (٢٤٧٤).

 


google-playkhamsatmostaqltradent