١ - باب ما يُذكَرُ في قَرْنِ المِئَة
٤٢٩١
- حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ
المَهْريُّ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني سعيدُ ابنُ أبي أيوبَ، عن شَرَاحِيلَ بنِ
يزيدَ المَعافِريِّ، عن أبي علقمةَ
عن أبي هريرةَ -فيما أعلمُ- عن رسول
الله ﷺ قال: «إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كلِّ مِئة سنةٍ من يُجَدِّدُ
لها دينَها» (٢).
(١) الملاحم، بفتح الميم وكسر الحاء، قال في
«النهاية»: الملحمة: هي الحرب وموضع القتال، والجمع: الملاحم، مأخوذ من اشتباك
الناس واختلاطهم فيها، كاشتباك لُحمة الثوب بالسَّدَى، وقيل: هو من اللحم، لكثرة
لحوم القتلى فيها.
(٢)
إسناده صحيح، وقد احتج بهذا الحديث أحمد بن حنبل، فقال: إن الله يُقيِّض للناس في
رأس كل مئة من يُعلِّمهم السنن وينفي عن رسول الله ﷺ الكذب.
وقد ذكره الحافظ في «توالي التأسيس»
ص ٤٦ - ٤٩ من طرق عن أحمد بن حنبل، ثم قال: وهذا يُشعر بأن الحديث كان مشهورًا في
ذلك العصر، ففيه تقوية للسند المذكور، مع أنه قوي لثقة رجاله وصححه أيضًا ملا علي
القاري في «مرقاة المفاتيح» ١/ ٢٤٨ قلنا: أبو علقمة: هو الفارسي المصري سماه ابن
عدي: مسلم بن بشار.
وهو في كتاب «الرجال» لابن وهب كما
في «الكامل» لابن عدي ١/ ١٢٣، ومن طريقه أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٦٥٢٧)، وابن
عدي في «الكامل في الضعفاء» ١/ ١٢٣، والحاكم ٤/ ٥٢٢، وأبو عمرو الداني في «الفتن»
(٣٦٤)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (٤٢٢)، وفي «مناقب الشافعي» ١/ ٥٣،
والخطيب في «تاريخه» ٢/ ٦١ - ٦٢، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥١/ ٣٣٨، وفي «تبيين
كذب المفتري» ص ٥١ و٥١ - ٥٢ والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة شراحيل بن يزيد
المعافري ١٢/ ٤١٢، وفي ترجمة محمَّد بن إدريس الشافعي، وابن حجر في «توالي التأسيس
لمعالي محمَّد بن إدريس» ص ٤٥ - ٤٦. =
قال أبو داود: رواه عبدُ الرحمن بنُ
شُريح الإسكندرانيُّ لم يَجُزْ به شَراحِيلَ.
٢
- باب ما
يُذكر من ملاحم الروم
٤٢٩٢
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى
بن يونس، حدَّثنا الأوزاعيُّ، عن حسانَ بن عطيَّة، قال: مال مكحولٌ وابن أبي زكريا
إلى خالد بن مَعدانَ، وملت معهم، فحدَّثنا عن جُبير بن نُفير عن الهُدنةِ قال:
= وقال الطبراني: تفرد به ابن وهب،
وقال ابن عدي: هذا الحديث لا أعلم يرويه غير ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب.
وقوله بإثر الحديث: رواه عبد الرحمن
بن شُريح الإسكندراني لم يجز به شراحيلَ فسره المنذري في «مختصره» بقوله: يعني عضل
الحديث. قلنا: يعني أسقط من إسناده أبا علقمة وأبا هريرة. غير أننا لم نجد هذه
الطريق مسندة عند أحد.
قال ابن كثير في «النهاية» في الفتن
والملاحم «١/ ٣٩: الظاهر -والله أعلم- أن هذا الحديث يعُمُّ جملة أهل العلم من كل
طائفة، وكل صنف من. أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين إلى غير
ذلك من الأصناف، والله أعلم.
ونحوه ما قاله ملا علي القاري»مرقاة
المفاتيح«١/ ٢٤٦.
وقوله:»يجدد لها دينها" قال ملا
علي القاري: أي يبين السنة من البدعة، ويُكثِّر العلم ويُعزُّ أهله، ويقمع البدعة
ويكسر أهلها.
ثم قال القاري: المراد بمن يجدد، ليس
شخصًا واحدًا، بل المراد به جماعة، يجدد كل أحدٍ في بلد في فن أو فنون من العلوم
الشرعية ما تيسر من الأمور التقريرية أو التحريرية ويكون سببًا لبقائه وعدم
اندراسه وانقضائه إلى أن يأتي أمر الله. ولا شك أن هذا التجديد أمر إضافي، لأن
العلم كل سنة في التنزل، كما أن الجهل كل عام في الترقي، وإنما يحصل ترقي علماء
زماننا بسبب تنزل العلم في أواننا، وإلا فلا مناسبة بين المتقدمين والمتأخرين
علمًا وعملًا وحلما وفضلًا وتحقيقا وتدقيقًا لما يقتضي البعد عن زمنه عليه الصلاة
والسلام كالبعد عن محل النور يوجب كثرة الظلمة وقلة الظهور.
قال جُبير: انطلق بِنا إلى ذي
مِخْبَرٍ -أو قال: ذي مِخْمَرٍ، الشك من أبي داود- رجُلٍ من أصحابِ النبي ﷺ،
فأتيناه، فسأله جُبيرٌ عن الهُدنة، فقال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «ستُصالحون
الرُّومَ صُلحًا آمِنًا، فتغزون أنتم وهم عدوًا من ورائكم، فتُنصَرونَ وتَغنَمُون
وتَسلَمُون، ثم تَرجِعُون حتى تنزلوا بمرج ذي تُلُولٍ، فيرفعُ رجلٌ من أهلِ
النصرانية الصليبَ فيقول: غلب الصليبُ، فيغضبُ رجلٌ من المسلمين فيدُقُّه، فعند
ذلك تغدِرُ الرومُ وتجمعُ للملحمةِ» (١).
٤٢٩٣
- حدَّثنا مُؤمَّل بن الفضل
الحرَّانيُّ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، حدَّثنا أبو عمرو
عن حسانَ بن عطيةَ بهذا الحديث، وزاد
فيه: «ويثورُ المسلمون إلى أسلحتِهم، فيقتتِلُون، فيُكرمُ الله تلك العِصَابة
بالشهادَةِ» إلا أن الوليدَ جعل الحديث، عن جُبيرٍ، عن ذي مِخْبَرٍ عن النبيِّ ﷺ
(٢).
(١) إسناده صحيح. وقد سلف مختصرًا برقم
(٢٧٦٧)، وسلف تخريجه هناك.
وانظر ما بعده.
وقوله: «مرج ذي تُلُول»: قال ابن
الأثير في «النهاية»: المرج: الأرض الواسعة ذات نبات، تمرُج فيه الدَّوابُّ، أي:
تُخلَّى تسرح مختلطة كيف شاءت.
وقوله: «ذو تلول» قال ملا علي القاري
في «المرقاة» ٥/ ١٦٤: بضم التاء، جمع تل، بفتحها، وهو موضع مرتفع.
(٢)
إسناده صحيح كسابقه وما سلف برقم (٢٧٦٧). أبو عمرو: هو عبد الرحمن ابن عمرو
الأوزاعي، والوليد: هو ابن مسلم.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٧٠٨)
و(٦٧٠٩) من طريق الوليد بن مسلم، به.
وانظر ما قبله.
قال أبو داود: ورواه رَوْحٌ ويحيى
بنُ حمزةَ وبشر بنُ بكرٍ، عن الأوزاعي، كما قال عيسى.
٣
- باب في
أمارات الملاحم
٤٢٩٤
- حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا
هاشم بن القاسم، حدَّثنا عبد الرحمن ابن ثابتِ بن ثوبانَ، عن أبيه، عن مكحولٍ، عن
جُبير بن نُفيرِ، عن مالك بنِ يُخامر
عن معاذ بنِ جبلِ، قال: قالَ رسولُ
الله ﷺ: «عُمرانُ بيتِ المقدس خَراب يُثرب، وخرابُ يُثرِبَ خروجُ الملحَمَةِ،
وخُروجُ الملحمةِ، فتحُ قُسطَنْطِينيَة، وفتحُ القسطنطينيةِ خُروجُ الدَّجَّالِ»
ثم ضربَ بيدِه على فخذِ الذي حدَّثه -أو منكِبِه- ثم قال: إنَّ هذا لحقٌ كما أنكَ
ها هنا -أوكما أنَّك قاعدٌ- يعني معاذَ بنَ جبل (١).
(١) حديث ضعيف. عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان
حسن الحديث إذا لم يأت بما بنكر أو ينفرد بما لا أصل له، وقد تفرد بهذا الحديث ولا
يحتمل تفرد مثله به، ولهذا عدَّه الحافظ الذهبي في ترجمته من «الميزان» في جملة
مناكيره، على أنه اختلف عليه في إسناده، كما سيأتي. ومع ذلك جود إسناده ابن كثير
في «النهاية» ١/ ٩٤!!
وأخرجه أبو القاسم البغوي في
«الجعديات» (٣٥٣٠)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٥٢٠) والطبراني في «الكبير»
٢٠/ (٢١٤)، وأبو محمَّد البغوي في «شرح السنة» (٤٢٥٢)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»
٥٦/ ٥٢٠ من طريق علي بن الجعد، والطحاوي (٥١٩) من طريق الهيثم بن جميل، وابن أبي
شيبة ١٥/ ١٣٥، والخطيب البغدادي في «»تاريخه«١٠/ ٢٢٣ من طريق أبي النضر هاشم بن
القاسم، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو عمرو الداني في»السنن
الواردة في الفتن" (٤٥٩) و(٤٨٩) من طريق شريح بن عبيد، عن ابن ثوبان، عن
أبيه، عن مكحول، عن مالك بن يخامر، عن معاذ، فأسقط من إسناده جبير بن نُفير.
=
٤ - باب في تَواتُر المَلاحِم
٤٢٩٥
- حدَّثنا عبد الله بن محمَّد
النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الوليد بن سُفيان
الغسانيِّ، عن يزيد بن قُطَيب السَّكونىِّ، عن أبي بحرية
عن معاذ بنِ جبلِ، قال: قالَ رسولُ
الله ﷺ: الملحمَةُ الكبرى وفتحُ القُسطنطينية وخروجُ الدجال في سَبعَة أشهر» (١).
= وأخرجه أحمد (٢٢٠٢٣) عن زيد بن
الحباب، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ بن جبل. فأعضل الإسناد.
وخالف عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان
في إسناده ومتنه عبدُ الرحمن بنُ يزيد بن جابر وهو ثقة، عند البخاري في «التاريخ
الكبير» ٥/ ١٩٣، والحاكم ٤/ ٤٢٠ - ٤٢١
فقد روي من طريقين، عنه، عن مكحول،
عن عبد الله بن مُحيريز، أن معاذ بن جبل كان يقول: ... فذكره موقوفًا. وابن محيريز
لم يسمع من معاذ.
(١)
إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم والوليد بن سفيان، ولجهالة يزيد بن قُطيب.
أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٩٢)، والترمذي
(٢٣٨٨) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٠٤٥).
وقد روي هذا الحديث من طريق آخر
ظاهره الحسن، لكنه مُعَل، فقد أخرج الطبراني في مسند الشاميين، (٦٩١) عن أبي زرعة
الدمشقي، عن أبي اليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن أرطأة بن المنذر، عن ضمرة بن
حبيب، عن أبي بحرية، عن معاذ ابن جبل.
وإسماعيل بن عياش تقبل روايته عن أهل
بلده، وأرطأة بن المنذر من أهل بلده. وبقية رجاله كلهم ثقات إلا أنه اختلف عن ابن
عياش في إسناد هذا الخبر: فقد رواه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني عند نعيم بن
حماد في «الفتن» (١٤٧٧)، وعبد الجبار ابن عاصم الخراساني عند أبي عمرو الداني في
«السنن الواردة في الفتن» (٦١٥) كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو
السيباني، عن عبد الله بن محيريز من قوله مقطوعًا بلفظ بين الملحمة وخراب
القسطنطينية وخروج الدجال حمل امرأة. =
٤٢٩٦ - حدَّثنا حيوة بن شُرَيح الحمصيُّ،
حدَّثنا بقيَّة، عن بَحِيْرٍ، عن خالدٍ، عن ابن أبي بلالٍ
عن عبدِ الله بن بُسرٍ، أن رسولَ
الله ﷺ قال: «بين الملحمةِ وفتح المدينة ستُّ سنينَ، ويخرج المسيحُ الدَّجالُ في
السابعة» (١).
قال أبو داود: هذا أصحُّ من حديثِ
عيسى.
٥
- باب في
تداعي الأمم على الإسلام
٤٢٩٧
- حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيمَ
الدِّمشقيُّ، حدَّثنا بشرُ بنُ بكرٍ، حدَّثنا ابنُ جابر، حدَّثني أبو عبدِ
الَسَّلام
= وقد تابع ابن عياش على روايته الأولى
أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عند نعيم ابن حماد (١٤٧٦) فرواه عن ضمرة بن حبيب
كذلك وهذه متابعة لا يفرح بها البتة، لأن ابن أبي مريم ضعيف سيئ الحفظ. وربما يكون
ابن عياش سمعه من أبي بكر ابن أبي مريم، فاختلط عليه الأمر فظن أنه سمعه من أرطأة
بن المنذر، وليس الأمر كذلك، ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (١٧٣) من
طريق عبد الله بن صالح، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أبي بحرية
عن معاذ بن جبل، لكنه لم يذكر ضمرة بن حبيب هنا.
ثم إن هذا الحديث مشكل مع الذي بعده
كما قال الحافظ ابن كثير في «النهاية» ١/ ٩٧.
(١)
إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وجهالة ابن أبي بلال -واسمه عبد
الله- خالد: هو ابن معدان الكلاعي، وبَحِير: هو ابن سعد السَّحُولي.
وقال الحافظ ابن كثير في «النهاية»
١/ ٩٧: هذا مشكل مع الذي قبله.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٩٣) عن سويد بن
سعيد، عن بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن أبي بلال -كذا وقع في رواية ابن ماجه-
عن عبد الله بن بسر. قال المزي في «تحفة الاشراف» ٤/ ٢٩٤: وهو وهم، والصواب الأول
- يعني رواية أبي داود.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٦٩١) عن حيوة
بن شريح.
عن ثوبانَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«يوشِكُ الأُممُ أن تَداعَى عليكم كما تَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها» فقال
قائل: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغثاء
السَّيلِ، ولَينْزِعَنَّ اللهُ مِن صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ اللهُ
في قلوبِكم الوَهْنَ». فقال قائلٌ: يا رسُولَ الله، وما الوهنُ؟ قال: حبُّ الدُنيا
وكراهيةُ الموتِ«(١).
(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي
عبد السلام -واسمه صالح بن رستم- لكنه متابع. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في»الزهد«(٢٦٨)،
والروياني في»مسنده«(٦٥٤)، والطبراني في»الشاميين«(٦٠٠)، والبيهقي في»الدلائل «٦/
٥٣٤، والبغوي (٤٢٢٤)، وابن عساكر في»تاريخ دمشق«٢٣/ ٣٣٠، والمزي في ترجمة صالح بن
رستم أبي عبد السلام من»تهذيب الكمال«١٣/ ٤٦ من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،
به.
وأخرجه أحمد (٢٢٣٩٧)، وابن أبي
الدنيا في»العقوبات«(٥)، والطبراني في»الكبير«(١٤٥٢)، وأبو نعيم في»حلية
الأولياء«١/ ١٨٢ من طريق أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. وإسناده حسن. ولم يسق
الطبراني لفظه.
وأخرجه سعيد بن منصور في»سننه«(٢٨٩٧)
عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن ثوبان موقوفًا عليه من قوله. وإسناده
حسن. ورواية إسماعيل هنا عن رجل من أهل بلده فهي مقبولة.
وأخرجه موقوفًا كذلك الطيالسي (٩٩٢)،
وابن أبي شيبة ١٥/ ٥٣، والبخاري في»تاريخه الكبير«٦/ ٣٥٢، والبيهقي
في»الشعب«(١٠٣٧٢) من طريق عمرو بن عبيد العبشمي، عن ثوبان. وعمرو بن عبيد هذا
مجهول.
قوله:»الأكلة«كذا ضبطت في (هـ)
بفتحتين، وضبطت في (أ): بالمد وكسر الكاف بوزن فاعلة، وكلاهما جمع آكل. قال أبو
الطيب: ضبط في بعض النسخ الصحيحة بفتحتين، بوزن طلبة، وهو جمع آكل، وقال
في»المجمع«نقلًا عن»المفاتيح شرح المصايح«: ويُروى:»الأكلة«بفتحتين أيضًا جمع آكل.
انتهى. وقال فيه قُبيل هذا: ورواية أبي داود لنا:»الآكلة" بوزن فاعلة.
=
٦ - باب في المَعْقِل (١) من الملاحم
٤٢٩٨
- حدَّثنا هشامُ بن عمَّار، حدَّثنا
يحيى بن حمزة، حدَّثنا ابنُ جابر، حدَّثني زيدُ بنُ أرطأةَ، قال: سمعت جبير بن
نُفيرٍ يحدث
عن أبي الدَّرداء أن رسولَ الله ﷺ
قال: «إن فُسْطَاطَ المسلمينَ يومَ المَلحَمَةِ بالغوطةِ. إلى جانب مدينةٍ، يقال
لها: دمشقُ مِن خيرِ مدائن الشام (٢).
= وقال القاري في»المرقاة«:»الآكلة
بالمد، وهي الرواية، على نعت الفئة والجماعة أو نحو ذلك، كذا روي لنا عن كتاب أبي
داود.
وقوله: «تداعى»، بحذف إحدى التائين،
أي: تتداعى، بأن يدعو بعضهم بعضًا لمقاتلتكم وكسر شوكتكم وسلبِ ما ملكتموه من
الديار والأموال.
(١)
المعقل، بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف، والمراد منه: الملجأ الذي يتحصن
المسلمون ويلتجئون إليه.
(٢)
حديث صحيح. هشام بن عمار متابع. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر.
وأخرجه أحمد (٢١٧٢٥)، ويعقوب بن سفيان
في «المعر فة والتاريخ» ٢/ ٢٩٠، والطبراني في «الأوسط» (٣٢٠٥)، وفي «مسند
الشاميين» (٥٨٩)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١/ ٢٣١ و٢٣٢ و٢٣٣ من طرق عن يحيى بن
حمزة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر ١/ ٢٣٣ من طريق
صدقة بن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، به.
وأخرجه الطبراني في «الشاميين»
(١٣١٣)، والحاكم ٤/ ٤٨٦، وابن عساكر ١/ ٢٣٠ و٢٣١ من طريق خالد بن دهقان، عن زيد بن
أرطأة.
وقد روى جبير بن نفير هذا الحديث ضمن
حديث مطوّل عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، عن النبي ﷺ. أخرجه أحمد (٢٣٩٨٥)
وانظر تمام تخريجه هناك.
والفسطاط: قال ابن الأثير في
«النهاية»: هو بالضم والكسر: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينهٍ فُسطاط.
٤٢٩٩ - قال أبو داود: حُدِّثت عن ابنِ وهبٍ،
قال: حَدثني جريرُ بن حازم، عن عُبيد الله بنِ عُمر، عن نافع
عن ابنِ عمر، قال: قال رسول الله ﷺ:
«يوشِكُ المسلمونَ أن يُحاصَرُوا إلى المدينةِ حتى يكونَ أبعدَ مسالحِهم سَلَاحٌ»
(١).
٤٣٠٠
- حدَّثنا أحمد بن صالحٍ، عن عنبسة، عن
يونس، عن الزهري، قال: وسلاحٌ قريبٌ من خيبر.
٧
- باب
ارتفاع الفتنة في الملاحم
٤٣٠١
- حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن نجدةَ،
حدَّثنا اسماعيلُ (ح).
وحدَّثنا هارونُ بن عبد الله،
حدَّثنا الحسنُ بنُ سوار، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا سليمانُ بنُ سليم، عن يحيى
بنِ جابر الطائى -قال هارونُ في حديثه-:
عن عوف بن مالكِ، قال: قالَ رسولُ
الله ﷺ: «لن يجمعَ اللهُ على هذه الأمةِ سيفينِ: سيفًا منها، وسيفاَ من عدوها» (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه راوٍ لم
يُسَمَّ، وهو مكرر الحديث السالف برقم (٤٢٥٠).
(٢)
إسناده حسن. إسماعيل -وهو ابن عياش- تقبل روايته عن أهل بلده خاصة، وهذا منها.
وأخرجه أحمد (٢٣٨٨٩) عن الحسن بن
سوَّار، بهذا الإسناد.
قال المناوي في «فيض القدير» ٥/ ٣٠٢:
«سيفًا منها» أي من هذه الأمة في قتال بعضهم لبعض أيام الفتن والملاحم، و«سيفًا من
عدوها» من الكفار والذين يقاتلونهم في الجهاد. بمعنى أن السيفين لا يجتمعان
فيؤديان إلى استئصالهم، ولكن إذا جعلوا بأسهم بينهم سلّط عليهم عدوهم، وكف بأسهم
عن أنفسهم، وقيل: معناه محاربتهم إما معهم أو مع الكفار.
٨ - باب في النهي عن تهييج التُّرك والحبشة
٤٣٠٢
- حدَّثنا عيسى بن محمَّد الرَّمليُّ،
حدَّثنا ضمرةُ، عن السَّيباني، عن أبي سكينةَ رجلٍ من المحرَّرين
عن رجُلٍ من أصحابِ النبي ﷺ عن، عن
النبيَّ ﷺ أنه قال: «دعوا الحَبَشة ما وَدَعُوكم، واتركوا التُّرك ما تَركوكم» (١).
(١) حسن لغيره. وأبو سكينة هذا لم يرو عنه
غير السَّيباني -وهو يحيى بن أبي عمرو- وبلال بن سعد، كما في «تهذيب الكمال»
وفروعه، وهو غير أبي السَّكينة -بفتح السين وكسر الكاف كما ضبطه ابن ماكولا في
«الإكمال» ٤/ ٣١٩ - الذي يروي عنه أبو بكر ابن أبي مريم وجعفر بن برقان، وهذا
الثاني هو الذي ذكره البخاري في «تاريخه» ٣/ ٣٧٢، وابن أبي حاتم في االجرح
والتعديل«٣/ ٥٤٥ وابن حبان في»الثقات«٦/ ٣٣٠ - وقال: يروي المراسيل - وابن عساكر
في»تاريخه«٣٥/ ٧٢.
وعليه يكون أبو سكينة في إسناد
المصنف مجهولًا، كما قال ابن القطان في»بيان الوهم والإيهام«٢/ ٥٩٨، وقد ذكره
بعضهم في الصحابة لكن قال علي ابن المديني فيما أسنده عنه الطبراني ٢٢/ (٨٣٩): لا
يُعلم له صحبة، وقال ابن عبد البر في»الاستيعاب«(٣٠٠١)، وأقره ابن الأثير في»أسد
الغابة«، ٦/ ١٥٠: ذكروه في الصحابة ولا دليل على ذلك، وقال الذهبي في»تجريد أسماء
الصحابة«(٢٠٢٨): الأظهر أن حديثه مرسل -يعني أنه لا تثبت صحبته-.
ضمرة: هو ابن ربيعة.
وقوله: رجل من المحرَّرين، أي: من
المُعتقين.
وأخرجه النسائي في»الكبرى"
(٤٣٧٠) عن عيسى بن يونس الرملي، عن ضمرة ابن ربيعة، بهذا الإسناد. وروايته مطولة.
ويشهد له حديث أبي أُمامة بن سهل بن
حُنيف، عن عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي عند المصنف برقم (٤٣٠٩) لكنه اقتصر على
ذكر ترك الحبشة. وإسناده حسن في الشواهد. =
٩ - باب في قتال الترك
٤٣٠٣
- حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا
يعقوبُ -يعني الإسكندرانىَّ- عن سهيلٍ -يعني ابنَ أبي صالح- عن أبيه
عن أبي هريرة، أن رسُولَ اللهِ ﷺ
قال: «لا تقوم السَّاعة حتى يقاتِلَ المُسلِمُون التُّركَ، قومًا وجوههم كالمجانِّ
المطرقةِ، يلبسُونَ الشَّعر» (١).
= ويشهد للأمر بترك التُّرك حديث ذي
الكلاع، عن معاوية بن أبي سفيان عند ابن عبد الحكم في «فتوح مصر» ص ٢٦٦، والطبراني
في«الكبير» ١٩/ (٨٨٢) وفي إسناده ابنُ لهيعة سيئ الحفظ.
وحديث ذي الكلاع عند ابن أبي عاصم في
«الآحاد والمثاني» (٢٧٥٣) وهو إسناد معاوية السالف نفسه، وفي إسناده ابن لهيعة
أيضًا.
وحديث ابن مسعود من طرق ذكرها
السيوطي في «اللالئ المصنوعة» ١/ ٤٤٥ - ٤٤٦.
قال السخاوي في «المقاصد الحسنة»
(١٨): وبعضها يشهد لبعض، ولا يسوغ معها الحكم عليه بالوضع.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» ٦/
٦٠٩: وقد كان مشهورًا في زمن الصحابة حديث: «اتركرا الترك ما تركوكم».
قال العيني في «عمدته» ١٤/ ٢٠٠:
الترك والصين والصقالبة ويأجوج ومأجوج من ولد يافث بن نوح باتفاق النسابين، وكان
ليافث سبعة أولاد، منهم ابنٌ يُسمى كومر، فالترك كلهم من بني كومر، ويقال: الترك:
هو ابن يافث لصلبه، وهم أجناس كثيرة، ذكرناهم في تاريخنا الكبير. قلنا: وقد بسط
القول أيضًا في الترك وأجناسهم في مقدمة كتابه «السيف المهند في سيرة الملك
المؤيد» ص ١٩ - ٢٨ فراجعه.
(١)
إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، ويعقوب الأسكندراني: هو ابن عبد الرحمن
المدني، نزيل الاسكندرية. =
٤٣٠٤ - حدَّثنا قتيبةُ وابن السَّرح
وغيرهما، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيَّب
عن أبي هريرة روايةَ -قال ابنُ
السرح-: أن النبي ﷺ قال: «لا تقومُ السَّاعةُ حتى تقاتلِوا قومًا نعالُهُمُ
الشَّعَرُ، ولا تقومُ السَّاعة حتى تقاتلوا قومًا صِغَارَ الأعيُنِ، ذُلْفَ
الآنُفِ، كأن وجُوهَهُم المجانُّ المُطرقَةُ» (١).
= وأخرجه مسلم (٢٩١٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٣٧١) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٩٢٨) و(٣٥٨٧)،
ومسلم (٢٩١٢)، وابن ماجه (٤٠٩٧) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري
(٣٥٩١)، ومسلم (٢٩١٢) من طريق قيس بن أبي حازم، والبخاري (٣٥٩٠) من طريق همام بن
منبه، ثلاثتهم عن أبي هريرة. لكن همام بن منبه قال في روايته: «لا تقوم الساعة حتى
تقاتلوا خوزا ً وكرمان من الأعاجم، حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، وجوههم
المَجانُّ المُطرَقة، نعالُهم الشعر». وزاد الأعرج في روايته: «حمر الوجوه، ذُلف
الأنوف».
وهو في «مسند أحمده (٧٢٦٣)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٧٤٥).
وانظر ما بعده.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٩٢٩)، ومسلم
(٢٩١٢)، والترمذي (٢٣٦٢) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في»مسند أحمد«(٧٢٦٣)، و»صحيح ابن
حبان«(٦٧٤٦).
وانظر ما قبله.
قال الخطابي: قوله:»ذُلْف"
يقال: أنف أذلف، إذا كان فيه غلظ وانبطاح، وأنوف ذُلف، والمجانّ: جمع مِجَنّ، وهو
التُّرس، والمُطرَقَةُ: التي عوليت بطراقٍ: وهو الجلد الذي يغشاه. وشبه وجوههم في
عرضها، ونتوء وجناتها بالترسة قد أُلبست الأطرقة.
وقال البيضاوي: شبه وجرههم بالترسة
لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها.
٤٣٠٥ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر
التَّنِّيسيُّ، حدَّثنا خلادُ بن يحيى، حدَّثنا بشيرُ بن المُهاجرِ، حدَّثنا عبدُ
الله بنُ بُريدة
عن أبيه، عن النبي ﷺ في حديثٍ:
«يُقاتلكم قومٌ صِغَارُ الأعينِ -يعني التركَ، قال:- تسوقونهم ثلاث مِرَارٍ، حتى
تُلحقوهم بجزيرةِ العربِ، فأما في السِّياقةِ الأولى فينجُو من هرب منهم، وأما في
الثَّانية فينجو بعضٌ ويهلِكُ بعضٌ، وأما في الثالثةِ، فيُصْطَلَمُونَ» أو كما قال
(١).
(١) إسناده ضعيف. بشير بن المهاجر ضعيف عند
التفرد، وقد تفرد بهذا الخبر.
وقد اختلف عنه في متن هذا الحديث كما
سيأتي.
فقد أخرجه الحاكم ٤/ ٤٧٤ من طريق
معاذ بن نجدة الهروي، عن خلاد بن يحيى، عن بشير بن مهاجر به. وقال في روايته:
«يُلحِقون أهل الإِسلام بمنابت الشيح».
فجعل المسوق هم أمة الإسلام، لا
الترك. وقد سقط من مطبوع الحاكم من إسناده خلاد بن يحيى، واستدركناه من «إتحاف
المهرة» ٢/ ٥٨٣.
فقد أخرجه أحمد بن حنبل في «مسنده»
(٢٢٩٥١) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن بشير بن المهاجر، به. إلا أنه قال في هذه
الرواية: «إن أمتي يسوقها قوم عراض الوجوه ... حتى يلحقوهم بجزيرة العرب. فجعل
المسوق هم أمة الإِسلام لا الترك.
وأخرجه بنحوه البزار (٣٣٦٧ - كشف
الأستار)، والشجري في»آماليه«٢/ ٢٦٣ من طريق محمَّد بن فضيل، عن بشير بن مهاجر،
به، وجعل المسوق أيضًا أمة الإِسلام، وقال:»إلى منابت الشيح«.
وقد روى نحو هذا الحديث قتادة بن
دعامة وحسين المعلم عند الحاكم على التوالي ٤/ ٥٠٢ و٥٣٣ - ٥٣٥، كلاهما عن عبد الله
بن بريدة، عن سُليمان بن ربيعة العنزي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص من قوله:
ليوشكن بنو قنطوراء بن كركرى خنس الأنوف، صغار الأعين كأن وجوههم المجان المطرقة
في كتاب لله المنزل أن يسوقوكم من خراسان وسجستان سياقًا عنيفًا ... وسليمان بن
ربيعة ذكره مسلم في»الوحدان" ممن انفرد عبد الله بن بريدة بالرواية عنهم، فهو
مجهول.
١٠ - باب في ذكر البَصْرَةِ
٤٣٠٦
- حدَّثنا محمَّد بن يحيى بنِ فارسِ،
حدَّثنا عبدُ الصَّمدِ بنِ عبد الوارثِ، حدَّثني أبي، حدَّثنا سعيد بن جُمْهان،
حدَّثنا مسلِمُ بن أبي بكرة
سمعتُ أبي يحدِّثُ، أن رسولَ الله ﷺ
قال: «ينزِلُ ناسٌ من أُمتي بغائطِ يسمونه البصرة عند نهر يقال له: دجلة، يكون
عليه جِسرٌ يكثرُ أهلها وتكون من أمصارِ المهاجرين».
قال ابن يحيى: قال أبو معمر: «وتكون
من أمصار المسلمين؛ فإذا كان في آخر الزَّمان جاء بنو قَنْطُوراءَ عراضُ الوجوهِ،
صِغارُ الأعيُن، حتى ينزلوا على شطِّ النهرِ، فيتفرقُ أهلُها ثلاثَ فِرَقِ: فرقةٌ
يأخذون أذنابَ البقر والبرِّيَّةِ وهلكُوا، وفرقةٌ يأخذون لأنفسهم وكفرُوا، وفرقةٌ
يجعلون ذَرَارِيهم خلفَ ظهورِهم، ويقاتلونهم وهم الشهداء» (١).
(١) إسناده ضعيف. سعيد بن جُمهان -وإن وثقه
غير واحد من الأئمة- له ما ينكر، وقد وهم في إسناد هذا الحديث وفي متنه كذلك، فقد
روى هذا الحديث محمَّد بن سيرين، فخالفه في إسناده ومتنه، فرواه عن عبد الرحمن بن
أبي بكرة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: يوشك بنو قنطورا أن يخرجوكم من أرض
العراق، قلت: ثم نعود، قال: أنت تشتهي ذاك؟ قلت: نعم، قال: نعم، وتكون لكم سلوة من
عيش. فجعل محمَّد بن سيرين هذا من قول عبد الله بن عمرو بن العاص، وخالفه في متنه
كما ترى. ومحمد بن سيرين إمام متفق عليه.
وقد روى هذا الحديث غيرُ واحدٍ عن
عبد الله بن عمرو بن العاص، فجعلوه من قوله أيضًا، بنحو لفظ محمَّد بن سيرين، لكن
عند بعضهم زيادة تخالف رواية سعيد ابن جمهان سيأتي بيانها.
وعبد الله بن عمرو بن العاص نقل ذلك
من أهل الكتاب، كما جاء مصرَّحًا به في رواية عند ابن أبي شيبة ١٥/ ١١٢ بإسناد لا
بأس به في المتابعات عن ربيعة بن =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= جرشن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص
وفيه: استعدوا يا أهل البصرة، قلنا: بماذا، قال: بالزاد والقرب، خير المال اليوم
أجمال يحتمل الرجل عليهن أهله ويميرهم عليها، وفرس وقاح شديد، فوالله ليوشكن بنر
قنطوراء أن يخرجركم منها حتى يجعلوكم بركية، قال: قلنا: وما بنو قنطوراء؟ قال: أما
في الكتاب فهكذا نجده، وأما في النعت فنعت الترك.
ووهم فيه سعيد بن جمهان أيضًا في
تعيين ابن أبي بكرة، فمرة قال: مسلم بن أبي بكرة كما عند المصنف هنا، وتارة يقول:
عَبد الله، وتارة يقول: عُبيد الله، وتارة يقول: عبد الرحمن. وإنما الصحيح أنه عبد
الرحمن بن أبي بكرة كما في رواية محمَّد ابن سيرين السالفة الذكر.
عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن
سعيد العنبري.
وأخرجه ابن حبان (٦٧٤٨) من طريق عبد
الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (٨٧٠)، وأحمد
(٢٠٤٥١)، وابن عدي في «الكامل» ٢/ ٨٤٧، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في
الفتن، (٤٧٣) من طريق حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان -قال الطيالسي والداني: عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة، وقال أحمد: عَبد الله، وقال ابن عدي: عُبيد الله مصغرًا-،
عن أبي بكرة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ٩١، وأحمد
(٢٠٤١٣) و(٢٠٤١٤)، والبزار في «مسنده» (٣٦٦٦) و(٣٦٦٧) من طريق العوّام بن حوشب، عن
سعيد بن جمهان، عن ابن أبي بكرة، عن أبيه لكن البزار صرح في الموضع الثاني باسمه
فقال: عن عُبيد الله ابن أبي بكرة، وأما في الموضع الأول فقال: إنما قلت: عن ابن
أبي بكرة؛ لأن أبا كريب قال: عن عَبد الله بن أبي بكرة، ولا أعلم لأبي بكرة ابنًا
يقال له: عَبد الله، فجعلته عن ابن أبي بكرة.
وقد جاء عند ابن أبي حاتم في «العلل»
٢/ ٤١٩ - ٤٢٠ متابعة لسعيد بن جمهان، فقال: سألت أبي عن حديث رواه دُرست بن زياد،
عن راشد أبي محمَّد الحِمّاني، عن أبي الحسن مولى أبي بكرة، عن عبد الرحمن بن أبي
بكرة، عن أبيه ... فسمعت أبي يقول: هو حديث منكر. =
٤٣٠٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الصَّبَّاح،
حدَّثنا عبد العزيز بن عبدِ الصَّمد، حدَّثنا موسى الحنَّاط -لا أعلمُه إلا ذكره
عن موسى بنِ أنس-
عن أنس بنِ مالكٍ أن رسولَ الله ﷺ
قال له: «يا أنسُ، إن الناس يُمصِّرون أمصارًا، وإن مصرًا منها يقال له: البصرةُ
أو البُصيرةُ، فإن
= قلنا: وهذه المتابعة لا يُعتد بها،
لأن الحديث رواه أبو بحر البكراوي عند أبي بكر المروزي في»الجمعة وفضلها«(٧٢)
فقال: حدَّثنا راشد مولى لبني حِمّان، عن سعيد أبي حفص (وهو ابن جمهان) عن مسلم بن
أبي بكرة، عن أبيه مختصرًا. فعاد الحديث إلى سعيد بن جمهان، على أن راشدًا ربما
أخطأ كما قال ابن حبان. ودرُست والبكراوي كلاهما ضجف.
وأخرجه نعيم بن حماد في»الفتن"
(١٩١١) عن إسماعيل ابن علية ونعيم بن حماد (١٩٢٩)، والحاكم ٤/ ٤٧٥ عن عبد الرزاق
عن معمر، كلاهما (ابن علية ومعمر) عن أيوب الستختياني، وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/
١٠٧ عن يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، والحاكم ٤/ ٤٧٥ من طريق قتادة بن دعامة
السدوسي، ثلاثتهم (أيوب وهشام وقتادة) عن محمَّد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي
بكرة، عن عبد الله ابن عمرو بن العاص باللفظ المذكور سابقًا من قوله.
وأخرجه نعيم بن حماد (١٩١٨) من طريق
سلامة بن مليح الضبي، وابن أبي شيبة ١٥/ ١١٢ من طريق ربيعة بن جوشن، ونعيم بن حماد
(١٨٩٦)، والحاكم ٤/ ٤٥٩ - ٤٦٠ من طريق عقبة بن أوس السِّدوسي (وعند الحاكم: عقبة
بن عمرو بن أوس)، والحاكم ٤/ ٥٠٢ و٥٣٣ - ٥٣٤ من طريق سُليمان بن ربيعة العنزي،
أربعتهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص من قوله. أما لفظ ربيعة بن جوشن فسبق ذكره،
وأما ألفاظ الثلاثة الباقين فمتقاربة، وعندهم أن الناس يفترقرن حينئذٍ ثلاث فرق
تتوزع في البلدان، لا أن فرقة تهلك وفرقة تكفر وفرقة تقاتل ما في رواية سعيد بن
جمهان.
وأسانيدهم جميعًا حسنة إذا ما انضمت
إلى بعضها، فترجح على رواية ابن جمهان ولا ريب، والله تعالى أعلم.
قال الخطابي: والغائط: البطن المطمئن
من الأرض، والبصرة: الحجارة الرخوة، وبها سميت البصرة، وبنو قنطوراء: هم الترك.
أنت مرَرْتَ بها، أو دخلتها، فإيَّاك
وسباخَهَا وكَلّاءَها، وسُوقَها، وبابَ أُمرَائِها، وعليكَ بضواحِيها، فإنَّه يكون
بها خسفٌ وقذفٌ ورجفٌ، وقومٌ يَبِيتُونَ يصبِحون قِرَدةً وخنازِير» (١).
(١) رجاله ثقات، وفي رفعه نظر، ولا يُعرف من
رواية موسى بن أنس إلا من هذا الوجه على شك وقع في نسبته إليه، وقد روي من وجه آخر
عن عمار بن زربي، عن النضر بن حفص بن النضر بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده.
وعمار متروك الحديث والنضر مجهول، وقد أورده العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٢٩٤ من هذا
الطريق في ترجمة النضر ثم قال: النضر بصري مجهول بالقل، حديثه غير محفوظ، ثم ساقه
بإسناده. وأورده ابن عدي في «الكامل» كذلك من طريق عمار بن زربي، وقال: هذا غير
محفوظ وأورده ابن الجوزي في «الموضوعات» ٢/ ٦٠.
وقد رُوي هذا الحديث عن ثابت بن أسلم
البناني وقتادة بن دعامة، غير أنهما جعلاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا
عليه من قوله. ومعلوم أن ثابتًا وقتادة من أخص تلامذة أنس بن مالك، فلو صح عنه هذا
الحديث لعلماه.
وقد بينا عند الحديث السابق أن عبد
الله بن عمرو بن العاص إنما أخذ مثل هذه الأخبار من أهل الكتاب وكان قد حصّل
زاملتين من كتبهم يوم اليرموك.
ولهذا فإن قول الحافظين العلائي وابن
حجر في «أجوبتيهما عن أحاديث المصابيح» دقيق؛ حيث إنهما لم يجزما بصحة إسناد
الحديث الذي عند المصنف، وإنما قال العلائي: هذا الإسناد رجاله على شرط مسلم، وقال
ابن حجر: رجاله ثقات. فهذا حكم منهما على الرجال لا على الإسناد، بل هو توقف في
الحكم على الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في «معجم شيوخه»
(٢٧٣)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٢٩٤، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٧٣١، وابن الجوزي
في «الموضوعات» ٢/ ٦٠ من طريق عمار بن زربي، عن النضر بن حفص بن النضر بن أنس بن
مالك، عن أبيه، عن جده. وقد تحرف اسم عمار بن زربي في مطبوع العقيلي إلى: عمار بن
زريق.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٦٠٨٥)
من طريق زياد بن الأبرص، عن أنس ابن مالك قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٨/ ١١:
فيه جماعة لم أعرفهم. قلنا: وهو كما قال، ففي الإسناد من لم نتبينهم.
=
٤٣٠٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثني
إبراهيمُ بنُ صالح بنِ درهم، قال:
سمعتُ أبي يقول: انطلقنا حاجِّين
فإذا رجلٌ، فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبُلَّةُ؟ قُلنا: نعم، قال: من
يضمن لي منكم أن يصلِّي في مسجِدِ العشَّارِ ركعتين أو أربعًا، ويقول: هذه لأبي
هريرة؟ سمعتُ
= وأخرج ابن أبي شيبة ١٥/ ١١٤ عن عفان
بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن غالب بن عجرد، قال: أتيت عبد الله
بن عمرو أنا وصاحب لي وهو يحدث الناس، فقال: ممن أنتما؟ فقلنا: من أهل البصرة،
قال: فعليكما إذًا بضواجها، فلما تفرَّق الناس دنونا منه، فقلنا: رأيتَ قولَك: ممن
أنتما، وقولَك: عليكما بضواحيها إذًا؟ قال: إن دار مملكتها وما حولها مشوبٌ بهم.
قال ثابت: فكان غالب بن عجرد إذا دخل على الراحبة سعى حتى يخرج.
وأخرج عبد الرزاق في «مصنفه» (٢٠٤٦٤)
عن معمر، عن قتادة: أن عبد الله بن عمرو قال: البصرة أخبث الأرض، وأسرعه خرابًا،
قال: ويكون في البصرة خسف، فعليك بضواحيها وإياك وسباخها.
ومما يؤيد أن هذا ليس من قول النبي ﷺ
ما رواه ابن أبي شيبة أيضًا ١٥/ ١١٥ عن أبي معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان
النهدي قال: جاء بي رجل إلى حذيفة، فقال: إني أريد البصرة، فقال: إن كنت لا بد لك
من الخروج، فأنزل عزواتها، ولا تنزل سرتها. وهذا إسناد صحيح عن حذيفة، ولم يرفعه.
وقد نزل في البصرة خيار أهل العلم،
حتى لقد كانت إحدى حواضر العالم الإِسلامي زمانًا، ونزلها الصحابة وكان فيها أنس
بن مالك نفسه، فكيف يصح هذا الحديث من روايته، ثم ينزل البصرة، ويقيم بها
وقوله: كلّاءها: قال ابن الأثير:
الكلّاء بالتشديد والمد: الموضع الذي تربط فيه السفن، ومنه سوق الكلاء بالبصرة.
والسِّباخ: بكسر السين جمع سبخة،
بفتح فكسر، أي: أرض ذات ملح، وقال الطيبي: هي الأرض التي تعلوها الملوحة، ولا تكاد
تنبت إلا بعض الشجر.
خليلي رسولَ الله ﷺ يقول: «إن الله
يبعثُ من مسجدِ العَشَّارِ يوم القيامةِ شُهداء، لا يقومُ مع شُهداء بدرٍ غيرهم»
(١).
قال أبو داود: هذا المسجد مما يلي
النهر (٢).
١١
- باب
النهي عن تهييج الحبشة
٤٣٠٩
- حدَّثنا القاسِمُ بن أحمد
البغداديُّ، حدَّثنا أبو عامرِ، عن (٣) زُهير ابن محمدٍ، عن موسى بنِ جُبير، عن
أبي أمامة بن سهل بن حُنيفٍ
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ
قال: «اتركوا الحبشةَ ما تركوكم، فإنه لا يستخرِجُ كَنزَ الكعبةِ إلاَّ ذو
السُّوَيْقَتَينِ من الحبشة» (٤).
(١) إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن صالح بن
درهم، قال البخاري في «تاريخه» ١/ ٢٩٣: لا يتابع عليه، وقال العقيلي في «الضعفاء»
١/ ٥٥: إبراهيم وأبوه ليسا بمشهورين بنقل الحديث، والحديث غير محفوظ، وقال ابن عدي
في «الكامل» ٣/ ٩٠٣ في ترجمة خالد بن عمرو القرشي السعيدي: وهذا الحديث بأي إسناد
كان فهو منكر.
وأخرجه خليفة بن خياط في «تاريخه» ص
١٢٨ - ١٢٩، والعقيلي في «الضعفاء» ١/ ٥٥، وابن عدي في «الكامل» ٣/ ٩٠٣، والبيهقي
في «شعب الإيمان» (٤١١٥) من طريق إبراهيم بن صالح بن درهم، به.
ومسجد العشّار: بفتح العين المهملة
وتشديد الشين المعجمة مسجد مشهور، يُتبرك بالصلاة فيه. نقله أبو الطيب عن ميرك.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في طريق أبي ذر
من رواية اللؤلؤي.
(٣)
في (أ): حدَّثنا.
(٤)
صحيح لغيره دون قوله: «اتركوا الجبشة ما تركوكم»، وهذا إسناد حسن في الشواهد من
أجل موسى بن جبير، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: يخطئ
ويخالف. =
١٢ - باب أمارات الساعةِ
٤٣١٠
- حدَّثنا مُؤمَّل بن هشامٍ، حدَّثنا
إسماعيلُ، عن أبي حيَّان التيميِّ
عن أبي زُرعةَ، قال: جاء نفرٌ إلى
مروانَ بالمدينةِ، فسمعوه يُحدِّثُ في الآياتِ أن أوَّلها الدَّجالُ، قال:
فانصرفتُ إلى عبدِ الله بنِ عمرو،
= وأخرجه أحمد (٢٣١٥٥) عن عبد الرحمن
بن مهدي، والأزرقي في «أخبار مكة» ص ٢٧٧ من طريق سعيد بن سلمة، وابن أبي عاصم في
«الآحاد والمثاني» (٢٩١٢)، والبزار في «مسنده» (٢٣٥٥)، والحاكم ٤/ ٤٥٣، والبيهقي
٩/ ١٧٦ والخطيب في «تاريخه» ١٢/ ٤٠٣ من طريق أبي عامر العَقَدي، كلاهما عن زهير بن
محمَّد، بهذا الإسناد، إلا أن البزار فمن بعده صرحوا باسم الصحابي وأنه عبد الله
بن عمرو بن العاص.
وقد أخرجه أحمد (٧٠٥٣)، والفاكهي
(٧٤٣) من طريق محمَّد بن إسحاق، والفاكهي (٧٤٤) من طريق محمَّد بن أبي عمر العدني،
عن سفيان بن عيينة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن
العاص، رفعه: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، ويسلبها حليّها ويجردها من
كسوتها، ولكأني انظر إليه أصيلَع أفيدَع، يضرب عليها بمسحاته ومِعوله». وإسناده
عند الفاكهي صحيح. إلا أن قوله فيه: ولكأني انظر ... الصحيح وقفه على عبد الله بن
عمرو بن العاص، فقد أخرجه عبد الرزاق (٩١٨٠)، وابن أبي شيبة ١٥/ ٤٧، والأزرقي في
«أخبار مكة» ص ٢٧٦ من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد
الله بن عمرو بن العاص موقوفًا.
وفي باب قوله: «اتركوا الحبشة ما
تركوكم» عن رجل من أصحاب النبي ﷺ سلف عند المصنف برقم (٤٣٠٢)، وإسناده ضعيف.
وفي باب قوله: «فإنه يستخرج كنز
الكعبة ذو السويقتين ...» عن أبي هريرة عند البخاري (١٥٩١)، ومسلم (٢٩٠٩) بلفظ:
«يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة».
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٩٤).
قال الخطابي: «ذو السويقتين»: هما
تصغير الساق، والساق مؤنث، فلذلك أدخل في تصغيرهما التاء، وعامة الحبشة في سوقهم
دقة وحموشة.
فحدَّثته، فقال عبدُ اللهِ: لم يقُل
شيئًا، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إن أوَّل الآيات خروجًا طلوعُ الشَّمسِ من
مغرِبِها، أو الدابةُ على الناسِ ضُحَى، فأيَّتُهما كانت قبلَ صاحبَتِها فالأُخرى
على أثرِها» قال عبدُ الله وكان يقرأُ الكُتُبَ -: وأظن أولَهما خروجاَ طلوعُ
الشمسِ مِن مغربها (١).
٤٣١١
- حدَّثنا مُسدَّدٌ وهنَّادٌ، -المعنى،
قال مُسدَّدٌ:- حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا فُراتٌ القزَّازُ، عن عامرِ بنِ
واثِلة -وقال هنَّاد: عن أبي الطُّفيل-
عن حُذَيفة بن أسيد الغفاري، قال:
كنا قُعودًا نتحدَّثُ في ظِلِّ غُرفةٍ لرسولِ الله ﷺ فذكرنا السَّاعة، فارتفعت
أصواتُنا، فقال رسولُ الله ﷺ: «لن تكون -أو لن تقوم- حتى يكونَ قبلَهَا عَشْرُ
آياتٍ: طلوعُ الشَّمسِ من مغربها، وخروجُ الدابَّة، وخروج يأجوجَ ومأجوجَ،
والدجالُ، وعيسى ابن مريم، والدخان، وثلاثةُ خُسوف: خسفٌ بالمغربِ، وخسفٌ بالمشرق،
وخسفٌ بجزيرة العربِ، وآخِرُ ذلك تخرج نارٌ من اليمنِ من قعرِ عَدَنٍ، تسوقُ
الناسَ إلى المحشَرِ» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن
جرير بن عبد الله، وأبو حيان: يحيى بن سعيد بن حيّان، وإسماعيل: هو ابن عُلَيّة.
وأخرجه مسلم (٢٩٤١)، وابن ماجه
(٤٠٦٩) من طريق أبي حيان يحيى بن سعيد التيمي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٣١).
(٢)
إسناده صحح. أبو الطُّفيل: هي كنية عامر بن واثلة، وفرات القزاز: هو ابن أبي عبد
الرحمن، وهناد: هو ابن السري، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه مسلم (٢٩٠١)، وابن ماجه
(٤٠٤١) و(٤٠٥٥)، والترمذي (٢٣٢٤ - ٢٣٢٨) والنسائي في «الكبرى» (١١٣١٦) و(١١٤١٨) من
طرق عن فرات بن أبي عبد الرحمن القزاز، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
=
٤٣١٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيبِ
الحرَّانيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ الفُضَيلِ، عن عُمَارَةَ، عن أبي زُرعةَ
عن. أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا تقومُ الساعةُ حتى تَطْلُعَ الشَّمسُ من مغرِبها، فإذا طَلَعَت ورآها
الناسُ آمنَ من عليها، فذاك حين: ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ
آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام:
١٥٨]
(١).
١٣
- باب حسر
الفرات عن كنز من ذهب (٢)
٤٣١٣
- حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ سعيدٍ
الكنديُّ، حدَّثني عقبةُ بنُ خالدِ السَّكونيُّ، حدَّثنا عُبيد الله، عن خُبيب بنِ
عبدِ الرحمن، عن حفص بنِ عاصم
= وأخرجه مسلم (٢٩٠١) من طريق عبد
العزيز بن رُفيع، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد موقوفًا.
وهو في»مسند أحمد«(١٦١٤١)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٧٩١) و(٦٨٤٣).
وقوله: قعر عدن. قيل: أقصى أرضها،
وقعر الشيء: نهاية أسفله، وعدن من مدن اليمن المشهورة على ساحل بحر المحيط الهندي
من ناحية اليمن، وهي عدن أبين.
(١)
إسناده صحيح. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وعمارة: هو ابن
القعقاع بن شُبْرُمة، ومحمد بن الفضيل: هو ابن غَزوان الضبي مولاهم، وأحمد بن أبي
شعيب الحراني: هو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب. نسب هنا لجده.
وأخرجه البخاري (٤٦٣٥)، ومسلم (١٥٧)،
وابن ماجه (٤٠٦٨)، والنسائي في»الكبرى«(١١١١٢) و(١١١١٣) من طريق عمارة بن القعقاع،
به.
وأخرجه بلفظه وبنحوه البخاري (٤٦٣٦)
و(٦٥٠٦) و(٧١٢١)، ومسلم (١٥٧) و(١٥٨) و(٢٧٠٣) و(٢٩٤٧)، والترمذي (٣٣٢٦)، والنسائي
في»الكبرى«(١١١١٥) من طرق عن أبي هريرة.
وهو في»مسند أحمد«(٧١٦١)، و»صحيح ابن
حبان" (٦٢٩) و(٦٧٩٠) و(٦٨٣٨).
(٢)
قوله: من ذهب، أثبتاه من (هـ).
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ:
«يُوشِكُ الفُراتُ أن يَحْسِرَ، عن كنزٍ من ذهبٍ، فمن حضَرَه، فلا يأخُذ منه
شيئًا» (١).
٤٣١٤
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ سعيدٍ
الكنديُّ، حدَّثني عُقبة -يعني ابنَ خالدٍ- حدَّثني عُبيدُ اللهِ، عن أبي
الزِّناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، مثله إلا
أنه قال: «يحسرُ عن جبلٍ من ذهب» (٢).
١٤
- باب خروج
الدجَّال
٤٣١٥
- حدَّثنا الحسنُ بنُ عمرو، حدَّثنا
جريرٌ، عن منصور، عن ربعىِّ بنِ حراشٍ، قال:
اجتمع حذيفةُ وأبو مسعودٍ، فقال
حذيفةُ: لأنا بما مع الدَّجَّالِ أعلمُ منه، إن معَهُ بحرًا من مَاءٍ ونَهرًا من
نارٍ، فالذي تُرَونَ أنه من نارٍ
(١) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر
العُمري.
وأخرجه البخاري (٧١١٩)، ومسلم
(٢٨٩٤)، والترمذي (٢٧٤٨) من طريق عقبة بن خالد السَّكوني، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٨٩٤) من طريق أبي صالح
السمان، وابن ماجه (٤٠٤٦) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٤٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٦٩١ - ٦٦٩٤).
وانظر ما بعده.
(٢)
إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان،
وعُبيد الله: هو ابن عمر.
وأخرجه البخاري (٧١١٩)، ومسلم
(٢٨٩٤)، والترمذي (٢٧٤٩) من طريق عقبة بن خالد، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٦٩٥).
وانظر ما قبله.
ماءٌ، والذي تُرَون أنه ماءٌ نارٌ،
فمن أدرك ذلك منكم، فأراد الماء فليشرب من الذي يُرى أنه نارٌ؛ فإنَه سيجدُه ماءً.
قال أبو مسعود البدريُّ: هكذا سمعتُ رسولُ الله ﷺ يقول (١).
٤٣١٦
- حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ،
حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ
سَمِعتُ أنسَ بن مالكٍ يُحدث، عن
النبي ﷺ أنه قال: «ما بُعِثَ نبيٌّ إلا قد أنذر أمَّته الدَّجَّال الأعوَرَ
الكذابَ ألا وإنَّه أعورُ، وإنَّ ربَّكم ليسَ بأعورَ، وإنَّ بين عينَيه مكتوبًا
كافرٌ» (٢).
(١) صحيح مرفوعًا، فقد روي من وجوه أخرى عن
منصور -وهو ابن المعتمر- ومن وجوه أخرى أيضًا عن ربعي بن حراش مرفوعًا وهذا إسناد
حسن من أجل الحسن ابن عمرو -وهو السَّدوسي- جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو مسعود
البدري: هو عقبة بن عمرو الأنصاري.
وأخرجه أحمد (٢٣٣٣٨)، والطحاوي في
«شرح مشكل الآثار» (٥٦٩١)،
والطبراني في «الأوسط» (٢٥٢٤)، وابن
منده في «الإيمان» (١٠٣٧) من طريق شيبان ابن عبد الرحمن النحوي، وابن أبي شيبة ١٥/
١٣٤ من طريق زائدة بن قدامة، والبزار في «مسنده» (٢٨٥٩) من طريق المفضل بن مهلهل،
ثلاثتهم عن منصور بن المعتمر، عن ربعي، عن حذيفة بن اليمان مرفوعًا. لم يذكر أحد
منهم أبا مسعود البدري.
وأخرجه مرفوعًا كذلك البخاري (٣٤٥٠)
و(٧١٣٠)، ومسلم (٢٩٣٤) من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم (٢٩٣٤) من طريق أبي مالك
الأشجعي، و(٢٩٣٥) من طريق نعيم بن أبي هند، ثلاثتهم عن ربعي بن حراش، به إلا أن
أبا مالك الأشجعي لم يذكر أبا مسعود البدري.
وأخرجه مرفوعًا أيضًا مسلم (٢٩٣٤)،
وابن ماجه (٤٠٧١) من طريق شقيق بن سلمة أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان بلفظ:
«الدجال أعور العين اليسرى جُفالُ الشعر (أي: كثيره)، معه جنة ونار، فناره جنة
وجنته نار».
وانظر ما سلف برقم (٤٢٤٤) و(٤٢٤٥).
(٢)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وشعبة: هو ابن الحجاج العتكي مولاهم،
وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =
٤٣١٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى (١) في
هذا الحديث، عن محمَّد بنِ جعفرٍ عن شُعبةَ: (ك ف ر) (٢).
٤٣١٨
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ
الوارثِ، عن شعيبِ بنِ الحَبحَابِ
عن أنس، عن النبيِّ ﷺ، في هذا
الحديث، قال: «يقرؤُه كلُّ مُسلمٍ» (٣).
٤٣١٩٠
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
جريرٌ، حدَّثنا حُميدُ بن هِلال، عن أبي الدَّهماء، قال:
سمِعتُ عِمرانَ بنَ حُصَين يُحدث،
قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من سَمِعَ بالدَّجَال فلينأ عنهُ، فوالله إن الرَّجُل
ليأتيهِ وهو يحسِبُ أنه
= وأخرجه البخاري (٧١٣١) و(٧٤٠٨)،
ومسلم (٢٩٣٣) من طريق شعبة، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٢٠٠٤)، وفي»صحيح
ابن حبان«»مختصرًا (٦٧٩٤).
وانظر تالييه.
(١)
في (هـ): قال ابن المثنى في هذا الحديث.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٩٣٣)، والترمذي (٢٣٩٥)
من طريق محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٧٧٠) و(١٣٩٢٥).
وانظر ما قبله وما بعده.
(٣)
إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العَنْبري.
وأخرجه مسلم (٢٩٣٣) من طريق عبد
الوارث بن سيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٢٠٦) و(١٣٣٨٥).
وانظر سابقيه.
مؤمنٌ فيتَّبِعُهُ مما يبعثُ به من
الشُّبهاتِ -أو لما يَبعَثُ بهِ من الشّبُهات-» هكذا قال (١).
٤٣٢٠
- حدَّثنا حيوة بن شُرَيحٍ، حدَّثنا
بقيةُ، حدَّثني بَحِيرُ بنُ سعدٍ، عن خالد بنِ مَعدانَ، عن عمرو بنِ الأسودِ، عن
جُنادةَ بنِ أبي أُميةَ
عن عُبادَةَ بنِ الصَّامت أنه
حدَّثهم، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إنِّي قد حدَّثتُكم، عن الدَّجَّال حتى خَشِيتُ أن
لا تعقِلُوا، إن مسيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قصيرٌ أفحجُ، جعدٌ أعورُ، مطموسُ
العينِ، ليسَ بناتئةٍ ولا جَحْراءَ، فإن أُلبِسَ عليكم، فاعلموا أن ربّكم ليس
بأعورَ» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو الدَّهْماء: هو قِرْفة
بن بُهَيس العَدَوي، وجرير: هو ابن حازم. وقد جوّد إسناده الحافظ ابن كثير في
«النهاية» ١/ ١٦٣.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ١٢٩، وأحمد
(١٩٨٧٥) و(١٩٩٦٨)، والبزار (٣٥٩٠)، والدولابي في «الكنى» ١/ ١٧٠، والطبراني في
«الكبير» ١٨/ (٥٥٠ - ٥٥٢)، والحاكم ٤/ ٥٣١، والمزي في ترجمة قرفة بن بهيس من
«تهذيب الكمال» ٢٣/ ٥٦٩ من طريق حميد بن هلال، به.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي-.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٧١٦)
من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٨٦٤).
وقد صح من وصف الدَّجَّال في هذا
الحديث أنه جعدٌ أعور، مطموس العين، ليس بناتئة ولا جَحْراء.
فأما جعودة شعره، فقد وردت في حديث
ابن عمر عند البخاري (٣٤٤٠)، ومسلم (١٦٩).
وأما عَوَرُه فوارد عن جم غفير من
الصحابة منهم أنس، وحديثه سلف برقم (٤٣١٦). ومنهم ابن عمر وحديثه عند البخاري
(٣٤٤٠) ومسلم (١٦٩).
وقد أورد أحاديثهم ابن في في
«النهاية» ١/ ١٠٥ و١٣٣ - ١٦١. =
=
قال أبو داود: عمرو بن الأسود وليَ
القضاءَ.
٤٣٢١
- حدَّثنا صفوانُ بن صالح الدمشقيُّ
المُؤذِّنُ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا ابن جابرٍ، حدَّثني يحيى بن جابر
الطَّائيُّ، عن عبدِ الرحمن بنِ جُبير بنِ نُفَير، عن أبيه
عن النوَّاس بنِ سمعان الكلابيِّ،
قال: ذكر رسولُ الله ﷺ الدجالَ، فقال: «إن يخرُج وأنا فيكم فأنا حَجِيجُهُ دُونكم،
وإن يخرج ولستُ فيكم فامرؤٌ حجيجُ نَفْسِه، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ، فمن
أدركهُ مِنكم فليقرأ عليه فواتِحَ سورةِ الكهفِ، فإنها جوارُكم من فتنتِه» قُلنا:
وما لبثُه في الأرض؟ قال: «أربعون يومًا: يومٌ كسنةٍ، ويوم كشهرٍ، ويومٌ كجُمعةٍ،
وسائرُ أيامِه كأيامِكم» فقلنا: يا رسُولَ الله، هذا اليومُ الذي كسنةٍ، أتكفِينا
فيه صلاةُ يومِ وليلةٍ؟ قال: «لا اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، ثم ينزلُ عيسى ابنُ مريمَ
عندَ المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دمشقَ فيُدرِكُه عندَ باب لُدٍّ فيقتُلُه» (١).
= قال الخطابي: الأفحج: الذي إذا مشى
باعد بين رجليه.
والجحراء: التي قد انخسفت، فبقي
مكانها غائرًا كالجحر، يقول: إن عينه سادة لمكانها مطموسة، أي: ممسوحة ليست بناتئة
ولا منخسفة.
(١)
إسناده صحيح. وقد جاء تصريح الرواة بسماع بعضهم من بعض عند أحمد ومسلم، فأمنا
تدليس التسوية من الوليد -وهو ابن مسلم- ومن صفوان بن صالح -وهو الدمشقي-. ابن
جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (٢٩٣٧)،
والترمذي (٢٣٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٧٠) و(١٠٧١٧) من طريق عبد الرحمن بن
يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث غريب حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٧٥) عن هشام بن
عمار، عن يحيى بن حمزة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن جبير، به
فأسقط من إسناده يحيى =
٤٣٢٢ - حدَّثنا عيسى بن محمدٍ، حدَّثنا
ضمْرةُ، عن السَّيبانىِّ، عن عمرو ابن عبد الله
عن أبي أُمامَة، عن النبي ﷺ، نحوه،
وذكر الصلواتِ مثلَ معناه (١).
٤٣٢٣
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا
همَّامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن سالم بن أبي الجعدِ، عن معدانَ بن أبي طلحةَ
عن حديثِ أبي الدَّرداءِ، يرويه عن
نبىِّ الله، قال: «من حفظ عشرَ آياتٍ من أوَّلِ سُورَةِ الكهفِ، عُصِمَ من فتنةِ
الدَّجَّال» (٢).
= ابن جابر الطائي - وقد رواه ابن منده
في «الإيمان» (١٠٢٧) من طريق هشام بن عمار فذكر يحيى بن جابر!
وهو في «مسند أحمد» (١٧٦٢٩).
وقوله في هذا الحديث: «إن يخرج وأنا
فيكم فأنا حجيجه دونكم» قال الحافظ في «الفتح» ١٣/ ٩٦: هذا محمول على أن ذلك كان
قبل أن يتبين له وقت خروجه وعلاماته، فكان يجوز أن يخرج في حياته ﷺ، ثم بُيّن له
بعد ذلك حاله ووقت خروجه فأخبر به، فبذلك تجتمع الأخبار.
(١)
إسناده حسن. عمرو بن عبد الله -وهو السَّيباني- روى عن غير واحد من الصحابة، ووثقه
العجلي ويعقوب بن سفيان، وقال ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار»: كان متقنًا.
وصحح حديثه هذا أبو الطيب في «عون المعبود» ١١/ ٣٠٣.
السَّيباني: هو يحيى بن أبي عمرو
-وتحرف في (أ) و(ع) إلى الشيباني-، وضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني، وعيسى بن
محمَّد: هو ابن النحاس الرَّمْلي.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٧٧) من طريق
إسماعيل بن رافع، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن أبي أمامة. فلم
يذكر عمرو بن عبد الله السَّيباني في إسناده.
قال الحافظ في «النكت الظراف» ٤/
١٧٥: وإسماعيل بن رافع ضعيف الحديث، ولعل الوهم منه.
وانظر تمام الكلام عليه وبسط شواهده
عند ابن ماجه.
(٢)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وحفص بن
عمر: هو أبو عمر الحوضي. =
قال أبو داود: وكذا قال هِشامٌ
الدَّستوائيُّ، عن قتادةَ، إلا أنه قال: «من حفظ من خواتِيم سورةِ الكهفِ» وقال
شعبةُ عن قتادةَ: «من آخِرِ الكهفِ».
= وأخرجه مسلم (٨٠٩)، والنسائي في
«الكبرى» (١٠٧٢١) من طريق همام بن يحيى العوذي، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٨٠٩)، والترمذي (٣١٠٥)
من طريق معاذ بن هام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة، به. ولفظه كلفظ همام بن يحيى.
وعليه فما قاله المصنف بإثر الحديث من أن هشامًا الدستوائي قال في روايته: «من
خواتيم سورة الكهف» فغريب، لأنه مخالف لما عند مسلم والترمذي لأن روايته عندهما
جاءت موافقة لرواية همام بن يحيى بذكر العشر الأولى من سورة الكهف.
ورواه شعبة بن الحجاج عن قتادة
فاضطرب في إسناده ومتنه: فقد أخرجه مسلم (٨٠٩) عن محمَّد بن بشار ومحمد بن المثنى،
عن محمَّد بن جعفر، والنسائي في «الكبرى» (١٠٧٢٠) من طريق حجاج بن محمَّد، كلاهما
عن شعبة، عن قتادة، به. إلا أنه قال: «من آخر سورة الكهف».
وأخرجه الترمذي (٣١٠٤) عن محمَّد بن
بشار، عن محمَّد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، به إلا أنه قال: «ثلاث آيات من أول
الكهف».
وأخرجه النسائي (٨٠٢٥) و(١٠٧١٩) عن
عمرو بن علي، عن محمَّد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، به إلا أنه قال: «من قرأ عشر
آيات من سورة الكهف» فلم يقيد هذه العشر الآيات.
وأخرجه أيضًا (١٠٧١٨) عن محمَّد بن
عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، عن شعبة، عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان
بن أبي طلحة، عن ثوبان فذكر ثوبان بدل أبي الدرداء. وقال في روايته: «العشر
الأواخر من سورة الكهف».
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧١٢) من طريق
همام بن يحيى، و(٢٧٥٤٠) من طريق سعيد بن أبي عروبة، و(٢٧٥٤١) من طريق شيبان بن عبد
الرحمن النحوي، ثلاثتهم عن قتادة. كلهم قالوا: «العشر من أول سورة الكهف».
٤٣٢٤ - حدَّثنا هُدْبَةُ بن خالدٍ، حدَّثنا
همَّام بن يحيى، عن قتادَة، عن عبد الرحمن بن آدمَ
عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال: ليس
بيني وبينه نبيٌّ -يعني عيسى ابن مريم- وإنه نازلٌ، فإذا رأيتموه فاعرِفوه: رجل
مربوعٌ إلى الحُمرةِ والبياضِ، بين مُمصَّرتين، كأن رأسَه يقطُرُ وإن لم يُصِبه
بلَلٌ، فيُقاتِلُ الناسَ على الإِسلامِ، فيدُقُ الصَّلِيبَ، ويقتُلُ الخِنزيرَ،
ويضَعُ الجزيةَ، ويُهلِكُ اللهُ في زمانه المِلل كلَّها إلا الإِسلامَ، ويُهلِكُ
المسيحَ الدَّجَّالَ، فيمكثُ في الأرضِ أربعينَ سنةَ، ثم يُتوفَّى فيُصلي عليه
المُسلمون» (١).
(١) حديث صحيح دون قوله: «فيصلي عليه
المسلمون»، وهذا إسناد منقطع.
فإن قتادة -وهو ابن دعامة السدوسي-
لم يسمع من عبد الرحمن بن آدم فيما نص عليه ابن معين، نقله عنه ابن أبي حاتم في
«المراسيل» (٦٣٣)، ومع ذلك فقد صحح هذا الإسناد الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٦/ ٤٩٣،
وقال الحافظ ابن كثير في «النهاية» ١/ ١٨٨: هذا إسناد جيد قوي!
وأخرجه الطيالسي (٢٥٧٥)، وابن أبي
شيبة ١٥/ ١٥٨ - ١٥٩، وإسحاق بن راهويه (٤٣)، وأحمد (٩٢٧٠) و(٩٦٣٢ - ٩٦٣٤)، والطبري
في «تفسيره» ٣/ ٢٩١ و٦/ ٢٢، وابن حبان (٦٨١٤) و(٦٨٢١)، والآجري في «الشريعة» ص
٣٨٠، والحاكم ٢/ ٥٩٥ من طرق عن قتادة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (٢٠٨٤٥)، وعنه ابن
راهويه (٤٤) عن معمر بن راشد، عن قتادة، عن رجل، عن أبي هريرة. والرجل المبهم هنا
هو عبد الرحمن بن آدم. ومعمر جالس قتادة صغيرًا فلم يحفظ عنه الأسانيد، كما صرح هو
نفسُه بذلك.
وقوله في هذا الحديث: «ليس بيني
وبينه نبي -يعني عيسى-» أخرجه البخاري (٣٤٤٢) ومسلم (٢٣٦٥) من طريق أبي سلمة بن
عبد الرحمن بن عوف، ومسلم (٢٣٦٥) من طريق همام بن منبه كلاهما عن أبي هريرة.
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وقوله في وصف عيسى: «رجلٌ مَربوع إلى
الحمرة والبياض» أخرجه البخاري (٣٣٩٤)، ومسلم (١٦٨)، والترمذي (٣٣٩٦) من طريق سعيد
بن المسيب، عن أبي هريرة، رفعه، بلفظ: «ورأيت عيسى، فإذا هو رجل ربعةٌ أحمر، كأنما
خرج من ديماس -يعني حمامًا-».
وقوله في وصفه: «بين ممصرتين» له
شاهد من حديث النواس بن سمعان عند مسلم (٢٩٣٧) بلفظ: ينزل عند المنارة البيضاء
شرقي دمشق، «بين مهرودتين» والمهرودتان، قال النووي في «شرحه على مسلم» روي بالدال
المهملة والذال المعجمة، والوجهان مشهوران، معناه: لابس ثوبين مصبوغين بورس ثم
زعفران.
وقوله: «كأن رأسه يقطر وإن لم يُصبْه
بلل» له شاهد من حديث ابن عُمر عند البخاري (٣٤٤٠)، ومسلم (١٦٩) بلفظ: «وأراني
الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا ْرجل آدم، كأحسن ما يُرى من أدُم الرجال، تضرب
لمته بين منكبيه، رَجِلَ الشعر، يقطر رأسه ماء».
وقوله: «يقاتل الناس على الإِسلام
... ويضع الجزية» أخرجه البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥)، وابن ماجه (٤٠٧٨)، والترمذي
(٢٣٨٣) من طريق سعيد بن المسيب، ومسلم (١٥٥) من طريق عطاء بن ميناء، كلاهما عن أبي
هريرة.
وقوله: «يُهلك الله في زمانه الملل
كلها إلا الإسلام» أخرجه أحمد (٩١٢١) من طريق الوليد بن رباح، عن أبي هريرة بلفظ:
«وتكون الدعوة واحدة» وإسناده حسن.
وقوله: «ويهلك المَسيح الدجال» أخرجه
مسلم (٢٨٩٧) من طريق أبي صالح عن أبو هريرة. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو
عند مسلم (٢٩٤٠)، ومن حديث النواس بن سمعان السالف عند المصنف برقم (٤٣٢١) ومن
حديث عائشة عند أحمد (٢٤٤٦٧)، وابن أبي شيبة ١٥/ ١٣٤، وابن حبان (٦٨٢٢) وسنده جيد.
وقوله: «فيمكث في الأرض أربعين سنة»
له شاهد من حديث عائشة عند أحمد (٢٤٤٦٧)، وابن أبي شيبة ١٥/ ١٣٤، وابن حبان (٦٨٢٢)
وإسناده جيد.
لكن تُشكل مدة مكثه هنا مع ما ورد في
حديث عبد الله بن عَمرو عند مسلم (٢٩٤٠) أن الناس يمكثون سبع سنين بعد قتل
الدَّجَّال، ثم يرسل الله ريحًا باردة تقبض كل =
١٥ - باب في خبرِ الجَسَّاسَةِ
٤٣٢٥
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عثمانُ
بنُ عبدِ الرحمن، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن الزهري، عن أبي سلمة
عن فاطمةَ بنت قيسٍ: أن رسولَ الله ﷺ
أخَّر العشاء الآخِرة ذات ليلةٍ، ثم خرج، فقال: «إنه حبسني حديثٌ كان يحدِّثُنيه
تميمٌ الداريُّ عن رجلٍ كان في جزيرةٍ من جزائرِ البحرِ، فإذا أنا بامرأة تَجُرُّ
شعرها قال ما أنت قالت: أنا الجسَّاسة اذهب إلى ذلك القصرِ، فأتيتُه، فإذا رجلٌ
يجرُّ شعرَهُ مسلسلٌ في الأغلالِ، ينزُو فيما بين السماء والأرضِ، فقلتُ: من أنت؟
قال: أنا الدجالُ، خرج نبي الأمِّيِّين بعد؟ قلتُ: نعم، قال: أطاعُوه أم عصوهُ؟
قلت: بل أطاعوه، قال: ذاك خيرٌ لهم» (١).
= مؤمن، قال الحافظ ابن كثير في
«النهاية» ١/ ١٩٣: هذا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هذه السبع على مدة إقامته
بعد نزوله، وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك
ثلاثًا وثلاثين سنة على المشهور، والله أعلم.
قال الخطابي: الممصَّر من الثياب:
المُلَوَّن بالصفرة وليست صفرته بالمشبعة.
وقوله: «ويقتل الخنزير» فيه دليل على
وجوب قتل الخنازير، وبيان أن أعيانها نجسة.
وذلك أن عيسى صلوات الله عليه إنما
يقتل الخنزير في حكم شريعة نبينا محمَّد ﷺ، لأن نزوله إنما يكون في آخر الزمان،
وشريعة الإِسلام باقية.
وقوله: «يضع الجزية» معناه أنه يضعها
عن النصارى وأهل الكتاب، ويحملهم على الإسلام، ولا يقبل منهم غير دين الحق، فذلك
معنى وضعها، والله أعلم.
(١)
ضعيف بهذه السياقة، قال أبو نعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» في ترجمة فاطمة بنت
قيس بعد أن ساقه من طريق شعيب بن إسحاق، عن ابن أبي ذئب: رواه ابن وهب ومعن وعبد
الله بن الحارث المخزومي وعثمان بن عمر في جماعة، =
٤٣٢٦ - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوب،
حدَّثنا عبدُ الصمدِ، حدَّثنا أبي، سمعتُ حسينًا المعلمَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ
بُريدةَ، حدَّثنا عامر بن شراحيلَ الشَّعبيُّ
= عن ابن أبي ذئب، نحوه، ... والزهري
تفرد به عن أبي سلمة بقوله: أخر ليلة صلاة العشاء، ولم يخلف أصحاب الشعبي عنه أنه
خرج يوما بالهاجرة، فقعد على المنبر.
قلنا: يعني حديث النبي ﷺ عن فاطمة
بنت قيس الآتي في الطريقين التاليين. وخالف الزهريُّ في روايته هذه أيضًا الشعبيَّ
في قول تميم الدَّاري: فإذا أنا بامرأة تجر شعرها، قال: ما أنتِ؟ قالت: أنا
الجَسَّاسة؛ لأن الشعبي قال في روايته: فلقيتهم دابةٌ أهلَبُ كثيرةُ الشعر.
وخالفه أيضًا في وصف الدَّجَّال حيث
قال: يجر شعره، ينزو فيما بين السماء والأرض، وقال الشعبي في روايته: دخلنا الدير،
فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقًا وأشده وثاقًا، مجموعة يداه إلى عنقه.
وقد سأل الترمذيُّ البخاريَّ عن حديث
الجساسة، فقال: يرويه الزهري، عن أبي سلمة، عن فاطمة ابنة قيس. قال البخاري: وحديث
الشعبي عن فاطمة بنت قيس في الدَّجَّال هو حديث صحيح. نقله عنه في «علله الكبير»
٢/ ٨٢٨. وهذا من البخاري إضراب عن رواية الزهري، عن أبي سلمة، عن فاطمة وتصحيح
لرواية الشعبي عن فاطمة.
ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد
الرحمن، وعثمان بن عبد الرحمن: هو ابن مسلم الحراني والنُّفيلي: هو عبد الله بن
محمَّد بن علي بن نُفيل الحراني.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد»
(٣١٨٠) من طريق معن بن عيسى وعبد العزيز الدراوردي وابن أبي فديك وأبو يعلى في
«معجم شيوخه» (١٥٧) من طريق عثمان بن عمر، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (٩٢٢) من
طريق ابن أبي فديك وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» في ترجمة فاطمة بنت فيس، من طريق
شعيب بن إسحاق، خمستهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد»
(٣١٨١) والطبراني ٢٤/ (٩٢٣) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن ابن شهاب
الزهري، به.
وانظر تالييه.
عن فاطمة بنتِ قيسٍ، قالت: سمعتُ
مناديَ رسولِ الله ﷺ ينادي: أَنِ الصَلاةُ جامعةٌ، فخرجتُ، فصلَّيتُ مع رسولِ الله
ﷺ، فلما قضى رسولُ الله ﷺ صلاتَه جلَس على المِنْبرِ وهو يضحكُ، فقال: «لِيَلزَمْ
كلُّ إنسانٍ مصلَّاه»ُ ثم قال: «هل تدرون لِمَ جمعتكم؟» قالوا: اللهُ ورسولُه
أعلمُ، قال: «إني ما جمعتُكم لرهبةٍ ولا رغبةٍ، ولكن جمعتُكم أنَّ تميمًا
الدَّاريَّ كان رجلًا نصرانيًا، فجاء فبايع وأسلم، وحدَّثني حديثًا وافَقَ الذي
حدَّثتُكم عن الدَّجَّال، حدَّثني أنه رَكبَ في سفينة بحريةٍ مع ثلاثينَ رجلًا من
لَخْم وجُذَام فلعب بهم الموجُ شهرًا في البحرِ، وأرفؤوا إلى جزيرةٍ حين مغربِ
الشمسِ، فجلسوا في أقرُبِ السفينةِ، فدخلُوا الجزيرةَ، فلقيتهم دابةٌ أهلبُ كثيرةُ
الشعَرِ، قالوا: ويلكِ ما أنتِ؟! قالت: أنا الجساسةُ، انطلِقُوا إلى هذا الرجلِ في
هذا الدَّيرِ، فإنَّه إلى خبرِكم بالأشواقِ، قال: لما سمَّت لنا رجُلًا فرِقنا
منها أن تكون شيطانةً، فانطلقنا سِراعًا حتى دخلنا الدَّير، فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ
رأيناه قطُّ خلقًا وأشدُه وثاقًا مجموعةٌ يداه إلى عُنقه، فذكر الحديث، وسألهم عن
نخل بيسان، وعن عين زُغَرَ، وعن النبيِّ الأمي، قال: إني أنا المسيحُ، وإنه
يُوشِكُ أن يُؤذَنَ لي في الخُرُوجِ. قال النبيُّ ﷺ:»وإنه في بحرِ الشَّامِ، أو
بحرِ اليمن، لا بل مِن قِبَل المشرقِ ما هو" مرتين، وأومأ بيده قبل المشرقِ،
قالت: حفظتُ هذا من رسول الله ﷺ، وساق الحديث (١).
(١) إسناده صحيح. حسين المُعلِّم: هو ابن
ذكوان، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سيد العنبري، وحجاج بن أبي يعقوب: اسم
أبي يعقوب: يوسف بن حجاج الثقفي. =
٤٣٢٧ - حدَّثنا محمَّد بن صُدْرانَ، حدَّثنا
المُعتمِرُ بن سليمان، حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي خالدٍ، عن مُجالدِ بن سعيدٍ، عن
عامرٍ، قال:
حدَّثتني فاطمةُ بنتُ قيسٍ أن
النبيَّ ﷺ صلَّى الظهر ثم صعِدَ المنبر، وكان لا يصعَدُ عليه إلا يوم جمعةٍ قبلَ
يومئذٍ، ثم ذكر هذه القصة (١).
قال أبو داود: وابن صُدرانَ بَصريٌّ
غرقَ في البحر مع ابن مِسورٍ لم يَسْلَمْ منهم غيرُه.
٤٣٢٨
- حدَّثنا واصِلُ بنُ عبدِ الأعلى،
أخبرنا ابنُ فُضيل، عن الوليدِ بنِ عبد الله بنِ جُميع، عن أبي سلَمَة بنِ عبدِ
الرحمن
= وقد صحح هذا الحديث البخاري فيما
نقله عنه الترمذي في «العلل» ٢/ ٨٢٨ ومسلم (٢٩٤٢)، والترمذي في «جامعه» بإثر
الحديث (٢٤٠٣)، وابن حبان (٦٧٨٨)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (٣٩٤٠٢)، والبغوي
في «شرح السنة» ١٥/ ٦٨، وابن الأثير في «أسد الغابة» في ترجمة تميم بن أوس الداري
١/ ٢٥٦، وغيرهم.
وأخرجه مسلم (٢٩٤٢) من طريق عبد الله
بن بريدة، و(٢٩٤٢) من طريق سيار أبي الحكم، و(٢٩٤٢) من طريق غيلان بن جرير،
و(٢٩٤٢) من طريق أبي الزناد، والترمذي (٢٤٠٣) من طريق قتادة بن دِعامة، والنسائي
في «الكبرى» (٤٢٤٤) من طريق داود بن أبي هند، ستتهم عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٠١)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٧٣٠) و(٦٧٨٧) و(٦٧٨٨) و(٦٧٨٩).
وانظر ما قبله وما بعده.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف مُجالد -وهو ابن سعيد- عامر: هو ابن شراحيل
الشعبي.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٧٤) من طريق
مجالد بن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٠٠).
وانظر سابقيه.
عن جابر: قال: قال رسولُ الله ﷺ ذات
يومٍ على المنبر: «إنه بينما أناس يسيرونَ في البحرِ فَنَفِدَ طعامُهُم، فرُفعت
لهم جزيرةٌ، فخرجوا يريدون الخبر (١)، فلقيتهم الجساسةُ» قلت: لأبي سلمةَ: وما
الجسَّاسةُ؟ قال: امرأة تجرُّ شعَرَ جلدها ورأسِها: قالت: في هذا القصر، فذكر
الحديث، وسأل عن نخل بَيسانَ، وعن عين زُغَر، قال: هو المسيحُ، فقال لي ابنُ أبي
سلمةَ: إن في هذا الحديث شيئًا ما حفظته قال: شهِدَ جابرٌ أنه هو ابنُ صياد، قلت:
فإنه قد مات، قال: وإن ماتَ، قلتُ: فإنه أسلمَ، قال: وإن أسلمَ، قلت: فإنَّه قد
دخَلَ المدينةَ، قال: وإن دخَلَ المدينةَ (٢).
(١) كذا في أصولنا الخطّية: «الخبر»، بالراء
المهملة، وفي نسخة «مختصر المنذري»: «الخبز» بالزاي المعجمة. وكذا هو في النسخة
التي شرح عليها العظيم آبادي وفي النسخة التي شرح عليها السهارنفوري، قال العظيم
آبادي: «الخبز» بالخاء المعجمة والزاي، وبينهما موحدة، وفي بعض النسخ: «الخبر»،
بالخاء والراء، بينهما موحدة.
(٢)
إسناده ضعيف. فقد اضطرب فيه الوليد بن عبد الله بن جُميع، كما قال العقيلي في
«الضعفاء» ٤/ ٣١٧ وساق منه قصة ابن صياد، فمرة جعله من مسند جابر، ومرة جعله من
مسند أبي سعيد. وقد قال الحاكم: لو لم يخرِّج له مسلمٌ لكان أولى.
قلنا: وانفرد أيضًا برواية قصة
الجساسة من هذا الطريق، ولا يُحتمل تفرُّد مثله بذلك. ولهذا قال ابن عدي في
«الكامل» ٧/ ٢٥٣٨: وللوليد أحاديث، وروى عن أبي سلمة، عن جابر، ومنهم من قال عنه:
عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري حديث الجساسة بطوله، ولا يرويه غير الوليد بن
جميع هذا، وقال ابن كثير في «النهاية»! ١/ ١١٦: تفرد به أبو داود وهو غريب جدًا.
قلنا: ذلك لأن قصة الجساسة المحفوظ
أنها من رواية فاطمة بنت قيس. على أنه خالف في متنه فذكر أن الجساسة امرأة تجر
شعرها، وإنما هي دابة كما في حديث فاطمة بنت قيس. ومع ذلك فقد حسَّن إسناده الحافظ
في «الفتح» ١٣/ ٣٢٩!! =
١٦ - باب في خبر ابن صائِد
٤٣٢٩
- حدَّثنا أبو عاصيمٍ خُشيشُ بنُ
أصرَمَ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمَرٌ، عن الزهريِّ، عن سالم
عن ابنِ عمر: أنَّ النبيَّ ﷺ مر
بابنِ صائدٍ في نفرِ من أصحابِه، فيهم عمرُ بنُ الخطاب، وهو يلعبُ مع الغِلمان عند
أُطُمِ بني مَغَالَة، وهو غُلامٌ، فلم يشعرُ حتى ضربَ رسولُ الله ﷺ ظهرَه بيدهِ،
ثم قال: «أتشهدُ أني رسولُ الله؟» قال: فنظَر إليه ابنُ صيَّادٍ، فقال: أشهدُ أنَك
رسولُ الأُمِّيِّين، ثم قال ابنُ صيَّاد للنبى ﷺ: أتشهدُ أني رسولُ الله؟ فقال له
النبيُّ ﷺ: «آمنتُ بالله وبرُسُلِه» ثم قال له النبيَّ ﷺ: «ما يأتيك؟» قال: يأتيني
صَادِقٌ وكاذِبٌ، فقال له النبيَّ ﷺ: «خُلِطَ عليك الأمرُ»، ثم قال رسولُ الله ﷺ:
«إني قد خَبَأْتُ لك خبيئةً» وخبَّأ له ﴿يَوْمَ
= ابن فضيل: هو محمَّد بن فضيل بن
غزوان.
وأخرجه أبو يعلى (٢١٦٤) و(٢١٧٨)
و(٢٢٠٠) من طريق محمَّد بن فضيل، بهذا الإسناد.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة (٧٨٦ -
زوائد الهيثمي) والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٣١٧ من طريق يزيد بن هارون، عن الوليد بن
جُميع، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله قال: أتى النبيُّ ﷺ ابن صياد وهو يلعب مع
الغلمان، فقال له: «أتشهد أني رسول الله؟» فقال له ابن الصياد: إذا شهدتَ أنت أني
رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «أخس، بل أنت عدوّ الله، أخس، فلن تعدو قدرك. قال:
إني خبأت لك خبيئًا» قال: الدُّخُّ.
وأخرج هذه القصة أحمد (١١٧٧٦)،
والطحاوي في "شرح مشكلل الآثار، (٢٩٥١)، والعقيلي ٤/ ٣١٧ من طريق أبي نعيم
الفضل بن دكين، عن الوليد بن عبد الله ابن جميع، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري.
فجعله من مسند أبي سعيد.
تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ
مُبِينٍ﴾ [الدخان:١٠] قال ابنُ صياد: هو الدُّخُّ، فقال رسولُ الله ﷺ: «اخسأ، فلن
تعدُوَ قَدْرَكَ» فقال عمر: يا رسولَ الله، ائذن لي فأضربَ عنقَه، فقال رسولُ الله
ﷺ: «إن يكن هو فلن تسلَّط عليه» يعني الدجالَ «وإلا يكن هو فلا خيرَ في قتله» (١).
(١) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن
عمر بن الخطاب، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو
ابن همام الصنعاني.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٢٠٨١٧).
وأخرجه البخاري (١٣٥٤)، ومسلم
(٢٩٣٠)، والترمذي (٢٣٩٧) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٣٦٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٨٥).
قال الخطابي: الأُطُم: بناء من
الحجارة مرفوع كالقصر، وآطام المدينة:
حصونها، والدُّخُّ: الدخان، وقال
الشاعر:
عند رواق البيت يغش الدُّخَّا
وقد اختلف الناس في ابن صياد
اختلافًا شديدًا، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول. وقد يُسال عن هذا، فيقال: كيف
يقارّ رسول الله ﷺ رجلًا يدعي النبوة كاذبًا، ويتركه بالمدينة، يُساكنه في داره
ويجاوره فيها، وما معنى ذلك، وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من أنه الدُّخان،
وقوله بعد ذلك: «اخسأ فلن تعدو قدرك؟».
والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت
معه أيام مهادنة رسول الله ﷺ اليهود وحلفاءهم وذلك أنه بعد مَقدَمِه المدينة كتب
بينه وبين اليهود كتابًا صالحهم فيه: على أن لا يهاجَوا، وأن يُتركُوا على أمرهم،
وكان ابن صياد منهم أو دخيلًا في جملتهم، وكان يبلُغُ رسولَ الله ﷺ خبرُه، وما
يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه ﷺ بذلك لِيَرُوزَ به أمرَه، ويَخبُرَ
شأنَه، فلما كلَّمه علم أنه مُبطِل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه
رئيٌّ من الجن، أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعضَ ما يتكلم به، فلما سمع منه
قوله: الدُّخّ، زَبَره، فقال: «اخسأ فلن تعدو قدرك».
يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان
فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدرُ
الأنبياء الذين أوحى الله إليهم من علم الغيب، =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= ولا درجةُ الأولياء الذين يُلهَمون
العلم، فيصيبون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تاراتٌ يصيب في بعضها ويخطئ في بعض،
وذلك معنى قوله: يأتيني صادق وكاذب، فقال له عند ذلك: «قد خلط عليك».
والجملة: أنه كان فتنة قد امتحن الله
به عباده المؤمنين يهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حَىَّ عن بينة، وقد امتحن الله
قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل فافتتن به قوم، وهلكوا، ونجا من هداه الله
وعصمه منهم.
وقد اختلفت الروايات في أمره، وما
كان من شأنه بعد كبره، فروي أنه قد تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة وأنهم
لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم: اشهدوا.
وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه أنه قال: شتمت ابن صيَّاد، فقال: ألم تسمع رسول الله ﷺ يقول: «لا يدخل
الدَّجَّال مكة»، وقد حججتُ معك، وقال: «لا يولد له» وقد ولِد لي.
وكان ابن عمر وجابر بن عبد الله رضي
الله عنهما فيما روي عنهما يحلفان أن ابن صياد هو الدَّجَّال لا يشكان فيه، فقيل
لجابر: وإن أسلم؟ فقال: وإن أسلم، فقيل له: دخل مكة وكان بالمدينة؟ قال: وإن دخل.
وقد روي عن جابر أنه قال: فقدنا ابن
صَيَّاد يوم الحرة.
قلت [القائل الخطابي]: وهذا خلاف
رواية من روى أنه مات بالمدينة.
قلنا: ونقل الحافظ ابن حجر في «فتح
الباري» ١٣/ ٣٢٦ عن الإِمام البيهقي أنه قال: الدَّجَّال الأكبر الذي يخرج في آخر
الزمان غير ابن صياد، وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر ﷺ بخروجهم،
وقد خرج أكثرهم، وكأن الذين يجزمون بأن ابن صياد هو الدَّجَّال لم يسمعوا بقصة
تميم وإلا فالجمع بينهما بعيد جدًا، إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة
النبوية شبه المحتلم، ويجتمع به النبي ﷺ، ويسأله، أن يكون في آخرها شيخا كلبيرًا
مسجونًا في جزيرة من جزائر البحر مُوثقًا بالحديد، يستفهم عن خبر النبي ﷺ، هل خرج
أو لا، فالأولى أن يُحمل على عدم الاطلاع، أما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه (يعني
قسمه أمام النبي ﷺ أن ابن صياد هو الدَّجَّال =
٤٣٣٠ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
يعقوبُ -يعني ابنَ عبدِ الرحمن- عن موسى بنِ عُقبةَ، عن نافعٍ قال:
كان ابنُ عمر يقول: واللهِ ما أشُكُّ
أن المسيحَ الدَّجَّالَ ابنُ صيَّاد (١).
٤٣٣١
- حدَّثنا ابنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي،
حدَّثنا شعبةُ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن محمَّد بنِ المُنكدِرِ، قال:
رأيتُ جابرَ بن عبدِ الله يحلِفُ
بالله أن ابنَ صائدٍ الدَّجَّالُ، فقلت: تَحلِفُ بالله؟! فقال: إني سمعتُ عُمرَ
يَحلِفُ على ذلك عند النبي ﷺ، فلم يُنكرهُ النبيُّ ﷺ (٢).
= كما سيأتي في الحديث (٤٣٣١) قبل أن
يسمع قصة تميم، ثم لما سمعها لم يَعُد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه عند
النبي ﷺ فاستصحب ما كان اطلع عليه من عمر بحضرة النبي ﷺ.
وقال أبو بكر ابن العربي في «عارضة
الأحوذي» ٩/ ١٠٦: الصحيح أن الدَّجَّال ليس بابن صياد، فإن ابن صياد كان بالمدينة
صبيًا، وتميم الداري قد ذكر حديث الدَّجَّال ولقاءه في الجزيرة مع الجساسة، فيحتمل
أن يكون النبي ﷺ مكن له عمر من ذلك في أول الأمر حتى جاءه تميم فأخبره بخبره
المشاهد.
وقال الحافظ «الفتح» ١٣/ ٣٢٨: وأقرب
ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدَّجَّال: أن الدَّجَّال
بعينه هو الذي شاهده تميم موثقًا، وأن ابن صياد شيطان تبدى في سورة الدَّجَّال في
تلك المدة.
(١)
إسناده صحيح. يعقوب بن عبد الرحمن: هو الإسكندراني.
وانظر كلام أهل العلم في هذه المسألة
عند الحديث السالف قبله.
(٢)
إسناده صحيح. ابن معاذ: هو عُبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري.
وأخرجه البخاري (٧٣٥٥)، ومسلم (٢٩٢٩)
من طريق عُبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.
وانظر كلام أهل العلم في هذه المسألة
عند الحديث السالف برقم (٤٣٢٩).
٤٣٣٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا
عُبيدُ الله -يعني ابن موسى- حدَّثنا شيبانُ، عن الأعمش، عن سالمٍ
عن جابر، قال: فَقَدنا ابنَ صيَّاد
يومَ الحرَّة (١).
٤٣٣٣
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ،
حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابن محمَّد- عن العلاء، عن أبيه
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«لا تقومُ السَّاعةُ حتى يخرُجَ ثلاثون دجَّالون، كلُّهم يزعم أنه رسول الله» (٢).
(١) إسناده صحيح. سالم: هو ابن أبي الجعد،
والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوي.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ١٦٠ عن
عُبيد الله بن موسى، عن شيبان النحوي والبخاري في «التاريخ الأوسط» -المسمى خطأ
«التاريخ الصغير»- ١/ ١٣١ من طريق أبي حمزة السكري، كلاهما عن الأعمش، به.
ويوم الحرة: يوم من أيام العرب في
الإسلام، كان في عهد يزيد بن معاوية في ذي الحجة من سنة ثلاث وستين من الهجرة، وهي
كما يقول ابن حزم في «جوامع السيرة» ص ٣٥٧: مِن أكبر مصائب الإسلام وخرومه؛ لأن
أفاضل المسلمين وبقية الصحابة وخيار المسلمين من جلة التابعين قُتِلُوا جهرًا
ظلمًا في الحرب وصبرًا ...
ولم تُصَلّ جماعة في مسجد النبي ﷺ
... وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية ...
والحرة: أرض بظاهر المدينة بها حجارة
سود كثيرة، وكانت الوقعة بها، وتسمى حرة واقم وهي الشرقية، والحرة الغربية تسمى
حرة وبرة، وقال ابن الأثير في «النهاية». "أنه حرم ما بين لابتي المدينة،:
اللابة الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها، وجمعها لابات
... والمدينة ما بين حرتين عظيمتين.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي- لكنه
متابع، العلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرقة. =
٤٣٣٤ - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا
أبي، حدَّثنا محمدٌ -يعني ابن عمرو- عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا تقوم السَّاعة حتى يخرُجَ ثلاثون كذَّابًا دجَّالًا، كلُّهم يكذبُ على الله
وعلى رسوله» (١).
٤٣٣٥
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ الجرَّاح، عن
جرير، عن مغيرة، عن إبراهيمَ، قال: قال عَبيدَةُ السَّلْمانيُّ، بهذا الخبر، فذكر
نحوه، فقلت له: أتُرى هذا منهم؟ يعني المختارَ، فقال عَبيدة: أما إنه من الرُّؤوس
(٢).
= وأخرجه البخاري (٧١٢١)، ومسلم بإثر
الحديث (٢٩٢٣) من طريق عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج، والبخارى (٣٦٠٩)، ومسلم بإثر
الحديث (٢٩٢٣)، والترمذي (٢٣٦٥) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبو هريرة.
هو في «مسند أحمد» (٧٢٢٨) و(٨١٣٧)
و(٩٨٩٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦٦٥١). وانظر ما بعده.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة- وهو متابع.
وأخرجه ابن أبو شيبه ٥/ ١٧٠، وأحمد
(٩٨١٨) وأبو يعلى (٥٩٤٥) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، به.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده ضعيف لإرساله. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومغيرة: هو ابن مِقسَم، وجرير:
هو ابن عبد الحميد.
والمختار المذكور في الخبر: هو ابن
أبي عُبيد بن مسعود الثقفي، قال الحافظ في «اللسان»: ضالٌّ، مضل، كان زعم أن جبريل
عليه السلام ينزل عليه، وهو شر من الحجاج أو مثله. ووالده أبو عبيد كان من خيار
الصحابة، استشهد يوم الجسر في خلافة عمر بن الخطاب، وإليه نسبت الرقعة فيها جسر
أبي عُبيد، وكان المختار ولد بالهجرة، وبسبب ذلك ذكره ابن عبد البر في الصحابة؛
لأنه له رؤية فيما يغلب على الظن، وكان ممن خرج =
١٧ - باب الأمر والنهي
٤٣٣٦
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد
النُّفيليُّ، حدَّثنا يونسُ بن راشد، عن عليٍّ بن بَذِيمة، عن أبي عُبيدة
عن عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: قال
رسولُ الله ﷺ: «إن أول ما دخل النَّقصُ على بني إسرائيل كان الرجل يَلقَى الرَّجلَ
فيقول: يا هذا اتَّقِ اللهَ ودَعْ ما تصنعُ، فإنّه لا يحلُّ لك، ثم يلقاهُ من
الغدِ، فلا يمنعُهُ ذلك أن يكون أكِيلَهُ وشَرِيبَهُ وقَعِيدَهُ، فلما فعلوا ذلك
ضَرَبَ الله قلوبَ بعضهم ببعض» ثم قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ إلى قوله:
﴿فَاسِقُونَ﴾ [المائدة:٧٨ - ٨١] ثم قال: كلا والله، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهَوُنَ
عن المنكَر، ولتأخُذُنَّ على يدَي الظَّالم، ولتأطِرُنَّه على الحق أطرًا،
ولتقصُرُنَّه على الحقِّ قصرًا (١) «(٢).
= على الحَسَن بن علي بن أبي طالب في
المدائن، ثم صار مع ابن الزبير بمكة فولاه الكوفة، فغلب عليها، ثم خلعَ ابنَ
الزبير، ودعا على الطلب بدم الحسين، فالتفت عليه الشيعة، وكان يُظهر لهم الأعاجيب،
ثم جهز عسكرًا مع إبراهيم بن الأشتر إلى عُبيد الله بن زياد وقتله سنة خمس وستين،
ثم توجه بعد ذلك مصعب بن الزبير إلى الكوفة فقاتله، فقتل المختارَ وأصحابَه، ...
وكان قتل المختار سنة سبع وستين، ويقال: أنه الكذاب الذي أشار إليه النبي ﷺ
بقوله:»يخرج من ثقيف كذاب ومُبير«والحديث في»صحيح مسلم«.
قلنا: وقد جزم الذهبي في»سير أعلام
النبلاء" ٣/ ٥٣٩ بهذا، فقال: كان الكذاب هذا، وادعى أن الوحي يأتيه، وأنه
يعلم الغيب، وكان المبير الحجاج، قبحهما اللهُ.
(١)
في (هـ): أو تَقْصُرنّه على الحق قَصْرًا، وفي رواية ابن العبد: أو تَقْهَرنَّه
على الحق قَهْرًا.
(٢)
إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه.
=
٤٣٣٧ - حدَّثنا خلفُ بن هشام، حدَّثنا أبو
شهاب الحنَّاطُ، عن العلاء بن المسيِّب، عن عمرو بن مُرة، عن سالمٍ، عن أبي عُبيدة
عن ابن مسعود عن النبيِّ ﷺ بنحوه،
زاد: «أو ليضربَنَّ الله بقلوبِ بعضكُم على بعض، ثم لَيَلعنَنَّكم كما لعنَهم» (١).
= وأخرجه ابن ماجه (٤٠٠٦ م)، والترمذي
(٣٢٩٧) و(٣٢٩٩) من طريقين عن علي بن بذيمة، به. وقال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٠٦)، والترمذي
(٣٢٩٨) من طريق سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن النبي ﷺ مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧١٣).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: «لتأطُرنه» معناه
لتردُّنَّه عن الجور، وأصل الأطْر: العطف أو الثْنيُ، ومنه تأطُّر العصا وهو
تثّيها، وقال عمر بن أبي ربيعة:
خرجَتْ تأطَّرُ في الثياب كأنها ...
أيْمٌ يَسيبُ على كثيبٍ أَهيَلَا
قلنا: الأَيْم: الأبيض اللطيف من
الحيات، ويسيب أصله من ساب الماء يسيب سيبًا، قال الزمخشري في «أساس البلاغة»: ومن
المجاز: الحية تسيب وتنساب.
والكثيب هو الرمل، والأهيل: المُنهال
الذي لا يثبُتُ.
(١)
إسناده ضعيف لانقطاعه كسابقه، على اختلاف في هذا الطريق. سالم: هو ابن عجلان
الأفطس، وأبو شهاب الحفاظ: هو عبد ربه بن نانع، وخلف بن هشام: هو البزار البغدادي،
صاحب أحد القراءات العشر الصحيحة.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «العقوبات»
(١٢)، والطبراني في «الكبير» (١٠٢٦٨) من طريق خلف بن هشام البزار، بهذا الإسناد.
لكن وقع خطأ في إسناد ابن أبي الدنيا، حيث سمى سالمًا: ابن أبي الجعد، وإنما هو
ابنُ عجلان الأفطس، كما في مصادر الحديث.
وأخرجه البيهقي في «شعب الايمان»
(٧٥٤٥) من طريق عُبيد الله بن أبي زياد، عن سالم بن عجلان الأفطس، به.
=
قال أبو داود: رواه المحاربيُّ عن
العلاء بن المسيَّب، عن عبدِ الله بن عمرو ابن مُرة، عن سالمٍ الأفطس، عن أبي
عُبيدة، عن عبدِ الله. ورواه خالد الطحان عن العلاء، عن عمرو بن مرة، عن أبي
عُبيدة.
٤٣٣٨
- حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدٍ.
وحدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا هُشَيم -المعنى- عن إسماعيل، عن قيسٍ، قال:
قال أبو بكر بعد أن حمد الله، وأثنى
عليه: يا أيها الناسُ، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها:
﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾
[المائدة:١٠٥]-قال عن خالد-، وإنا سمعنا النبيَّ ﷺ يقول: «إنّ الناس إذا رأوا الظالمَ
فلم يأخذوا على
= وأخرجه أبو يعلى (٥٠٣٥)، والطبري
في»تفسيره«٦/ ٣١٨ من طريق عبد الرحمن ابن محمَّد المحاربي، عن العلاء بن المسيب،
عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس، به. فجعله عن عبد الله بن عمرو بن
مرة، وليس عن أبيه عمرو بن مرة.
وعبد الله بن عمرو بن مرة صدوق.
وأخرجه أبو يعلى (٥٠٩٤)، ومن طريقه
البغوي في»تفسيره «٢/ ٥٥ - ٥٦ من طريق خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، عن العلاء
بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عُبيدة، عن أبيه. فلم يذكر في إسناده سالما
الأفطس. وهذا هو الوجه الذي صححه الدارقطني في»العلل«٥/ ٢٨٨ من سائر وجوه هذا
الطريق.
وكذلك رواه خالد بن عمرو القرشي، عن
العلاء بن المسيب عند الخطيب في»تاريخه«٨/ ٢٩٩، ومن طريقه ابن الجوزي في»العلل
المتناهية«(١٣١٦). لكن خالدًا هذا متروك في أحسن أحواله.
وكذلك روى الشطر الأخير منه جعفر بن
زياد الأحمر عن العلاء بن المسيب عند الطبراني في»الكبير" (١٠٢٦٧)، وجعفر
صدوق، والإسناد إليه صحيح. وعليه فما صححه الدارقطني صحيح، والله تعالى أعلم.
وبأية حال يبقى إسناد الحديث ضحيفا
لانقطاعه.
يدَيه أوشك أن يعُمَّهم الله بعقاب».
وقال عمرو، عن هُشَيم: وإني سمعت رسولَ الله ﷺ يقول: «ما مِن قومٍ يُعمَلُ فيهم
بالمعاصي، ثم يَقدِرُونَ على أن يُغيِّروا، ثم لا يُغيَّروا إلا يوشِكُ أن
يعمَّهُمُ الله منه بعقاب» (١).
(١) إسناده صحيح. قيس: هو ابنُ أبي حازم،
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وهشيم: هو ابنُ بَشير -وهو متابع فلا تضر عنعنته-،
وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٠٥)، والترمذي
(٢٣٠٧) و(٣٣٠٩) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١) و(١٩) و(٢٩)،
و«صحيح ابن حبان» (٣٠٤).
ذكر الإِمام ابن الجوزي في «نواسخ
القرآن» ص ٣١٥: أن للعلماء في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها منسوخة بآية السيف.
والثاني: أنها محكمة وهو الصحيح،
ويدل على إحكامها أربعة أشياء وهي:
١
- أن قوله: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾
تقتضي إغراء الإنسان بمصالح نفسه، ويتضمن الأخبار بأنه لا يُعاقب بضلال غيره، وليس
من مقتضى ذلك أن لا ينكر على غيره، وإنما غاية الأمر أن يكون مسكوتًا عنه، فيقف
على الدليل.
٢
- أن الآية تدل على وجوب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن قوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ أمر
بإصلاحها وأداء ما عليها، وقد ثبت وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فصار من
جملة ما على الإنسان في نفسه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بدليل قوله عز وجل فيها:
﴿إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾.
٣
- أن الآية حملها قوم على أهل الكتاب
إذا أدوا الجزية، فحينئذ لا يلزمون بغيرها.
٤
- أنه لما عابهم في تقليد آبائهم
بالآية المتقدمة، أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه، وأنه لا يضره
ضلال غيره إذا كان مهتديًا حتى يعلموا أنهم لا يلزمهم من ضلال آبائهم شيء من الذم
والعقاب، قال: وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن للأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر ها هنا مدخل، وهذا أحسن الوجوه في الآية.
قال أبو داود: ورواه كما قال خالد:
أبو أسامة وجماعة، وقال شعبةُ فيه: «ما مِنْ قومٍ يعملُ فيهم بالمعاصي هم أكثرُ
ممن يعمَلُه».
٤٣٣٩
- حدَّثنا مسَّددٌ، حدَّثنا أبو
الأحوص، حدَّثنا أبو إسحاق، -أظنُّه- عن ابن جرير
عن جرير قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ
يقول: «ما من رجلٍ يكونُ في قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي يقدرُون على أن يُغيِّروا
عليه، فلا يُغيِّروا إلا أصابَهم الله بعذابٍ من قبلِ أن يموتوا» (١).
٤٣٤٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء وهنَّاد
بنُ السَّريِّ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن
أبيه، عن أبي سعيد. وعن قيس بن مسلمٍ، عن طارق بن شهابٍ
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: سمعت
رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنْ رأى منكرًا فاستطاعَ أن يُغيِّره بيده، فليغيِّره بيده
-وقطع هنَّاد بقية الحديث، ومَرَّ فيه ابنُ العلاء- فإنْ لم يستطعْ فبلسانه، فإن
لم يستطعْ بلسانه فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان» (٢).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل ابنِ
جرير -وهو عُبيد الله- على الصحيح كما بيناه في «مسند أحمد» (١٩١٩٢). وعُبيد الله
هذا روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات»، فمثله يكون حسن الحديث. أبو إسحاق:
هو عمرو بن عَبد الله السبيعي الهمْداني.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠٠٩) من طريق
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده، عن عُبيد الله بن جرير، عن أبيه.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٩٢)
و(١٩٢٣٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣٠٠) و(٣٠٢).
وفي الباب عن أبي بكر الصديق في
الحديث الذي قبله.
(٢)
إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (١١٤٠).
٤٣٤١ - حدَّثنا أبو الرَّبيع سليمانُ بن
داود العتكيُّ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن عُتبة بن أبي حكيم، حدَّثني عمرو بن
جارية اللخميُّ، -وقال غيرُ أبي الربيع: عن أبي المُصَبِّح- (١)، حدَّثني أبو
أميَّة الشَّعبانيُّ، قال:
سألتُ أبا ثعلبة الخُشنيَّ فقلت: يا
أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾؟ [المائدة: ١٠٥]، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرًا، سألت
عنها رسول الله ﷺ فقال: «بل ائتَمِروا بالمعروف، وتناهَوْا عن المنكَر، حتى إذا
رأيتَ شُحًّا مُطاعًا، وهوىً متبعًا، ودنيا مُؤْثَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأي
برأيه، فعليكَ -يعني بنفسك- وَدع عنك العَوامَّ، فإنَّ من ورائِكم أيامَ الصبر،
الصبرُ فيه (٢) مثلُ قبضٍ على الجَمْر، للعامل فيهم مثلُ أجر خمسينَ رجلًا يعملون
مثلَ عمله» وزادني غيره: قال: يا رسول الله: أجرُ خمسين منهم؟ قال: «أجرُ خمسين
منكم» (٣).
(١) ما بين المعترضتين أثبتناه من هامش (هـ)،
وأشار إلى أنه في رواية الرملي، وجاء في (أ) نحوه، غير أنه قال: وقال غيره: عن أبي
المصبّح. ولم نجد أحدًا ممن روى هذا الحديث عن ابن المبارك ذكر أبا المصبّح.
(٢)
كذا في عامة أصولنا الخطية: «الصبر فيه»، وكذلك في رواية ابن داسه وابن الأعرابي
كما في هامش (هـ) التي عندنا برواية ابن داسه، وقد روى أبو بكر الجصاص هذا الحديث
عن ابن داسه في «أحكام القرآن» ٢/ ٣١ كما هو مثبت أيضًا، وفي نسخةٍ أشار إليها أبو
الطيب في «عون المعبود»: «الصبر فيهن»، وهي الجادّة، قال أبو الطيب: وأما تذكير
الضمير كما في عامة النسخ فلا يستقيم إلا أن يأول أيام الصبر بوقت الصبر. قلنا:
ولذلك وضع عليها في (هـ) إشارة التضبيب، والله أعلم. وقد رواه بتأنيث الضمير على
الجادة ابن ماجه والترمذي وابن حبان، ورواه المنذري في «المختصر» بلفظ: «فيها».
(٣)
حسن. عتبة بن أبي حكيم مختلف فيه، ورجحنا في «تحرير التقريب» أنه صدوق حسن الحديث،
وعمرو بن جارية اللخمي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
= «الثقات»، وحسَّن الترمذيُّ حديثه
هذا، وأبو أمية الشعباني روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه ابن ماجه (٤٠١٤)، والترمذي
(٣٣١٠) من طريق عتبة بن أبي حكيم، بهذا الإسناد. وزاد البغوي: يقول ابن المبارك:
وزادني غيره: قيل: الشح المطاع: هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله
عليه.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٨٥).
وأخرج ابن أبي عاصم في «الآحاد
والمثاني» (٢٦٢٩) من طريق صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه،
قال: جلس أبو ثعلبة رضي الله عنه يحدث القوم ويتعاونون الحديث بينهم يذكرون ما
يتخوفون من الزمان على دينهم، قال: قلت: غفرًا، يقول الله عز وجل:
﴿أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ إلى آخر الآية [المائدة:١٠٥]، قال:
فزَجَرني أبو ثعلبة رضي الله عنه زجرة حتى قلت: ليت أن أمي لم تلدني وشقّ علىّ ذلك
الأمر شديدًا، وأردتُ القيام، فأخذ بيدي، فحبسني، حتى تفرق القوم، فلم يبق إلا أنا
وهو، فقال لي أبو ثعلبة: شق عليك ما صنعتُ بك؟ فقلت: إي والله. قال: كنا في حديث
نتخوف فيه على ديننا، فجئتَ بهذه الآية، فلم تجئ بتأويلها بعدُ، إنا نَعرِفُ ونأمر
بالمعروف، وننهى عن المنكر، فسيأتي زمان لا يؤمر فيه بمعروف، ولا يُنهى فيه عن
منكر. وإسناده قوي. وهو يعضد رواية الشعباني.
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن
العاص الآتي بعده.
وحديث أبي هريرة عند ابن حبان (٥٩٥٠)
و(٥٩٥١).
ويشهد له كذلك أثر عبد الله بن مسعود
موقوفًا عليه عند أبي عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٥٢٦)، والطبري ٧/ ٩٦، والجصاص في
«أحكام القرآن» ٢/ ٤٨٨ والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٥٢)، وفي «السنن الكبرى» ١٠/
٩٢ من طريق أبي العالية الرياحي، وعبد الرزاق في «تفسيره» ١/ ١٩٩، وسعيد بن منصور
في «السنن - قسم التفسير» (٨٤٣) والطبري ٧/ ٩٥، والطبراني (٩٠٧٢) من طريق الحسن
البصري، كلاهما عن ابن مسعود. =
٤٣٤٢ - حدَّثنا القعنبيُّ، أن عبدَ العزيز
بنَ أبي حازمٍ حدَّثهم، عن أبيه، عن عُمارةَ بنِ عمرو
عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص، أن
رسولَ الله ﷺ قال: «كيف بكم وبزمانٍ -أو يوشك أن يأتي زمان- يُغَرْبَلُ الناسُ فيه
غربلةَ، تبقى
= ولقوله:»إن من ورائكم أيام الصبر ...
«شاهد من حديث عتبة بن غزوان أخي مازن بن صعصعة، وكان من الصحابة - أخرجه محمَّد
بن نصر المروزي في»السنة«(٣٢)، والطبراني في»الكبير«١٧ (٢٨٩) ورجاله ثقات لكنه
منقطع.
ومن حديث عبد الله بن مسعود عند
البزار (٣٣٧٠ - كشف الأستار)، والطبراني في»الكبير«(١٠٣٩٤) وإسناده ضعيف.
وقال شيخ الإِسلام في»فتاواه«١٤/ ٤٧٩
تعليقًا على حديث أبي ثعلبة هذا: وهذا يفسره حديث أبي سعيد في»مسلم«[(٤٩) (٧٨)]»من
رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك
أضعف الإيمان«فإذا قوي أهل الفجور حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر، بل يؤذون
الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي بالقلب،
والشح هو شدة الحرص التي توجب البخل والظلم، وهو منع الخير وكراهته، والهوى المتبع
في إرادة الشرِّ ومحبته، والإعجاب بالرأي في العقل والعلم، فذكر فساد القوى الثلاث
التي هي العلم والحب والبغض كما في الحديث الآخر»ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع،
وإعجاب المرء بنفسه«وبإزائها الثلاث المنجيات:»خشية الله في السر والعلانية،
والقصد في الفقر والغنى، وكلمة الحق في الغضب والرضا«وهي التي سألها في الحديث
الآخر:»اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية، وأسألك كلمة الحق في الغضب
والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى«. فخشية الله بإزاء اتباع الهوى، فإن الخشية
تمنع ذلك، والقصد في الفقر والغنى بإزاء الشح المطاع، والقصد في الفقر والغنى
بإزاء إعجاب المرء بنفسه.
وقوله:»أجر خمسين منكم«قال في»فتح
الودود«: هذا في الأعمال التي يشقُّ فعلها في تلك الأيام، لا مطلقًا. انظر»عون
المعبود" ١١/ ٤٩٦.
حثالةٌ من الناس قد مَرِجَت عهودُهم
وأماناتُهم، واختلفوا فكانوا هكذا» وشَبَّك بين أصابعه، فقالوا: كيف بنا يا رسول
الله، قال: «تأخذون ما تعرفون، وتذرُون ما تُنكرون، وتُقبِلون على أمرِ خاصتكم،
وتذرون أمر عامَّتكم» (١).
قال أبو داود: هكذا رُويَ عن عبدِ
الله بن عمرو عن النبيَّ ﷺ من غير وجه.
(١) إسناده صحيح. عمارة بن عمرو: هو ابن حزم،
وأبو حازم: هو سلمة بن دينار، والقعنبي: هو عبد الله بن مَسْلَمة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٩٥٧) من طريق عبد
العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٠٦٣).
وانظر ما بعده.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن حبان
(٥٩٥٠) أدرجه تحت قوله: ذكر ما يجب على المرء من لزومه خاصة نفسه وإصلاح عمله عند
تغيير الأمر ووقوع الفتن.
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
قوله: «حُثالة» قال ابن الأثير في
«النهاية»: هو الرديء من كل شيء، ومنه حثالة الشعير والأرُز والتمر وكل ذي قشر.
وقوله: «مرجت عهودهم وأماناتهم» قال
ملا علي القاري في «مرقاة المفاتيح» ٥/ ١٤٦: المعنى: لا يكون أمرهم مستقيمًا، بل
يكون كل واحد في كل لحظة على طبع وعلى عهد، ينقضون العهود ويخونون الأمانات، قال
التُّورِبشتي رحمه الله: أي اختلطت وفسدت، فقَلِقَتْ فيها أسباب الديانات.
قال الطيبي تعليقًا على قوله: قد
مرجت عهودهم: أي: اختلطت وفسدت وشبّك بين أصابعه، أي: يمرج بعضهم ببعض، وتلبس أمر
دينهم، فلا يُعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر، وتقبلون على خاصتكم: رخصة
في ترك أمر المعروف إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار.
٤٣٤٣ - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا
الفضلُ بن دُكَينٍ، حدَّثنا يونُسُ ابن أبي إسحاقَ، عن هلال بن خَبَّاب أبي
العلاء، حدَّثني عكرمة
حدَّثني عبدُ الله بن عمرو بن العاص،
قال: بينما نحنُ حولَ رسول الله ﷺ إذ ذَكَرَ الفتنة، فقال: «إذا رأيتُم الناسَ قد
مَرِجَتْ عُهودُهم، وخَفَّت أماناتهم، فكانوا هكذا» وشَبَّك بين أصابعه، قال:
فقمتُ إليه فقلت: كيف أفعلُ عند ذلك -جعلني الله فداك-؟ قال: «الزَم بيتك، واملِك
عليكَ لسانكَ، وخذ بما تعرِفُ، ودَع ما تنكِرُ، وعليك بأمر خاصَّة نفسِكَ، ودع عنك
أمرَ العامَّة (١).
٤٣٤٤
- حدَّثنا محمدُ بنُ عبادة الواسطيُّ،
حدَّثنا يزيدُ بن هارون، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا محمدُ بنُ جُحادة، عن عطية
العوفىِّ
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال
رسولُ الله ﷺ:»أفضَلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عندَ سلطانٍ جائرٍ -أو أمبرٍ جائرٍ-«(٢).
(١) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل يونس
بن أبي إسحاق السبيعي، لكن الحديث صحيح بالأسناد السابق. عكرمة: هو أبو عبد الله
البَرْبري مولى عبد الله ابن عباس.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٩٩٦٢) من
طريق يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (٦٩٨٧).
وانظر ما قبله.
(٢)
صحح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن سعْد- إسرائيل: هو ابن يونس
بن أبي إسحاق السَّبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (٤٠١١)، والترمذي
(٢٣١٥) من طريق إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. =
٤٣٤٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا
أبو بكير، حدَّثنا مغيرةُ بنُ زياد المَوصِليُّ، عن عدي بن عديّ
عن العُرْسِ ابن عَمِيرَةَ الكِندي،
عن النبيَّ ﷺ قال: «إذا عُمِلَت الخطيئةُ في الأرض كان من شَهدها فكَرهَها -وقال
مرة: فأنكرها- كان كمن غابَ عنها، ومن غابَ عنها فَرضيها كان كمن شَهدها» (١).
= وهو في «مسند أحمد» (١١١٤٣) ومسند
الحميدي (٧٥٢) ومستدرك الحاكم ٤/ ٥٠٥ - ٥٠٦ من طريق آخر، وفيه علي بن زيد بن جدعان
وهو ضعيف ولكنه يصلح للمتابعة، فيتقوَّى به حديث عطية العوفي فهو حسن إن شاء الله.
وله شاهد من حديث طارق بن شهاب عند
النسائي في «الكبرى» (٧٧٨٦). وإسناده صحيح، فإن طارق بن شهاب قد رأى النبي ﷺ ولم
يسمع منه، ومراسيل الصحابة حجة.
وآخر من حديث أبي أمامة الباهلي عند
ابن ماجه (٤٠١٢) وأحمد (٢٢١٥٨) بإسناده حسن في الشواهد.
قال الخطابي: إنما صار ذلك أفضل
الجهاد، لأن من جاهد العدو، وكان مترددًا بين رجاء وخوف، لا يدري هل يَغْلِب أو
يُغلَب؟ وصاحب السلطان مقهور في يده، فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض
للتلف وأهدف نفسه للهلاك، فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجل غلبة الخوف، والله
أعلم.
(١)
إسناده حسن من أجل أبي بكر - وهو ابن عياش وشيخه مغيرة بن زياد الموصلي. وأخرجه
ابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٣٠٩، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٣٤٥)، وأبو نعيم
في «أخبار أصبهان» ١/ ٣٣٣ من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود عند
البيهقي ٧/ ٢٦٦، والخطيب في «تالي تلخيص المتشابه» (٢٩٧) وفي إسناده عبد الله بن
عمير اللخمي أخو عبد الملك بن عمير -وهو كما قال الحافظ في «اللسان»- مجهول.
٤٣٤٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو
شهابٍ، عن مغيرةَ بنِ زياد
عن عدي بن عدي، عن النبيِّ ﷺ، نحوه،
قال: «من شَهِدَها فكَرِهَها كان كمن غابَ عنها» (١).
٤٣٤٧
- حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ وحفص بن
عُمرَ، قالا: حدَّثنا شُعبة -وهذا لفظه- عن عمرو بن مرَّة، عن أبي البَختَرِيِّ
أخبرني من سَمِعَ النبيَّ ﷺ يقول -
وقال سليمان: حدَّثني رجلٌ من أصحاب النبي ﷺ أن النبي ﷺ قال: «لن يَهلِكَ الناسُ
حتى يُعذِرُوا -أو يعذِرُوا- من أنفسهم» (٢).
١٨
- باب قيام
الساعة
٤٣٤٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا
عبدُ الرّزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، أخبرني سالمُ بن عبد الله وأبو بكر بن
سليمان
(١) مرسل رجاله ثقات غير مغيرة بن زياد فهو
صدوق حسن الحديث. أبو شهاب هو عبد ربه بن نافع الحنَّاط.
وقد جاء موصولًا في الطريق التي قبله.
(٢)
إسناده صحيح. أبو البختري: هو سعيد بن فيروز ويقال: سعيد بن فيروز ابن أبي عمران
الطائي مولاهم.
وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في
«غريبه» ١/ ١٣١، وأحمد (١٨٢٨٩) و(٢٢٥٠٦)، وابن أبي الدنيا في «العقوبات» (١)، وأبو
القاسم البغوي في «الجعديات» (١٣٢)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٨٨٦)، وأبو محمَّد
البغوي في «شرح السنة» (٤١٥٧) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد.
قال صاحب «النهاية»: يقال: أعذر فلان
من نفسه: إذا أمكن منها، يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيستوجبون
العقوبة، ويكون لمن يعذبهم عذر، كأنهم قاموا بعذرهم في ذلك، ويروى بفتح الياء من
عذرته بمعناه، وحقيقة عذرتُ: محوت الإساءة وطمستها.
أن عبد الله بن عمر قال: صلَّى بنا
رسول الله ﷺ ذاتَ ليلة صلاةَ العِشَاءِ في آخر حياتِه، فلما سَلَّم قامَ فقال:
«أرأيتُم لَيلَتكُم هذه، فإنَّ على رأس مئةِ سنةِ منها لا يَبقى ممن هو على ظهر
الأرضِ أحدٌ» قال ابن عمر: فوَهَلَ الناسُ في مقالةِ رسول الله ﷺ تلك فيما
يَتحدَّثون عن هذه الأحاديث عن مئة سنةٍ، وإنما قال رسولُ الله ﷺ: «لا يبقى ممن هو
اليوم على ظهرِ الأرض»، يريد: أن ينخرِمَ ذلك القرن (١).
(١) إسناده صحيح. أبو بكر بن سُليمان: هو ابن
أبي حثمة.
وأخرجه البخاري (١١٦)، ومسلم (٢٥٣٧)،
والترمذي (٢٤٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٤٠) من طرق عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٦١٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٩٨٩).
وأخرج مسلم في «صحيحه» أن أبا
الطُّفيل عامر بن واثلة آخر من مات من أصحاب رسول الله ﷺ، وأن وفاته كانت سنة مئة
من الهجرة.
وقد نقل السهيلي عن البخاري وطائفة
من أهل الحديث موت الخضر عليه السلام صاحب موسى عليه السلام قبل انقضاء مئة من
الهجرة، قال: ونصر شيخنا أبو بكر بن العربي هذا لقوله ﷺ في حديث ابن عمر هذا: «على
رأس مئة لا يبقى على الأرض ممن هو عليها أحد» يريد من كان حيًا حين هذه المقالة.
وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٦/
٤٣٤: والذي جزم بأن الخضر غير موجود الآن البخاري وإبراهيم الحربي، وأبو جعفر بن
المُنادي، وأبو يعلي بن الفراء، وأبو طاهر العبادي، وأبو بكر بن العربي وطائفة،
وعمدتهم حديث ابن عمر هذا، وحديث جابر بن عبد الله ... ومن حجج من أنكر حياته قوله
تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، وحديث ابن عباس: «ما بعث الله نبيًا إلا
أخذ عليه الميثاق: لئن بُعث محمَّد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه» أخرجه البخاري [كذا
وقع فيه، مع أن البخاري لم يُخرج هذا الأثر عن ابن عباس، وقال محمَّد بن يوسف
الصالحي في «السيرة الشامية» المعروفة بـ«سبل الهدى والرشاد» ١/ ٩١: رواه البخاري
في «صحيحه» كما نقله =
٤٣٤٩ - حدَّثنا موسى بنُ سَهلٍ، حدَّثنا
حجاجُ بن إبراهيِم، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، حدَّثني معاوية بن صالحٍ، عن عبدِ الرحمنِ
بنِ جبيرِ بن نُفيرٍ، عن أبيه
عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنىِّ، قال:
قال رسولُ الله ﷺ: «لن يُعجِزَ اللهُ هذه الأمَّة مِن نصف يوم» (١).
= الزركشي في «شرح البردة»، والحافظ
ابن كثير في «تاريخه»، وأول كتابه «جامع المسانيد»، والحافظ في «الفتح» في باب
حديث الخضر مع موسى، ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه] ولم يأت في خبر صحيح
أن الخضر جاء إلى النبي ﷺ ولا قاتل معه، وقد قال النبي ﷺ يوم بدر: «اللهم إن تهلِك
هذه العصابة لا تعبد في الأرض» فلو كان الخضر موجودًا لم يصح هذا النفي.
وقال أبو حيان الأندلسي في «تفسيره»
٦/ ١٤٧: الجمهور على أنه مات، ونقل عن ابن أبي الفضل المرسي أن الخضر صاحب موسى
مات، لأنه لو كان حيًا للزمه المجيء إلى النبي ﷺ والإيمان به، واتباعه، وقد روي عن
النبي ﷺ أنه قال: «لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا اتباعي».
(١)
رجاله ثقات لكنه لا يصح رفعه، كما قال البخاري في «تاريخه الكبير» ٢/ ٢٥٠ وفي
«تاريخه الأوسط» ١/ ٩٧، فقد اختُلف عن معاوية بن صالح في رفعه ووقفه، والوقف هو
الصحيح. وذلك أنه رواه عن معاوية بن صالح: الليثُ بن سعد وعبدُ الله بن صالح كاتب
الليث، فوقفاه على أبو ثعلبة. ورواه عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح، فرفعه في
أكثر الروايات عنه، ووقفه في بعضها.
فقد أخرجه الطبري في «تاريخه» ١/ ١٦
عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٥٧٦) من طريق مروان بن
محمَّد، وفي «الشاميين» (٢٠٢٩) من طريق أحمد بن صالح، ومن طريق حجاج بن إبراهيم
الأزرق، والحاكم ٤/ ٤٢٤ من طريق بحر بن نصر بن سابق، خمستهم عن عبد الله بن وهب،
بهذا الإسناد مرفوعا.
وأخرج الحاكم ٤/ ٤٦٢ من طريق بحر بن
نصر بن سابق، عن عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن
نفير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة قال: =
٤٣٥٠ - حدَّثنا عَمرو بنُ عثمان، حدَّثنا
أبو المُغيرة، حدَّثني صفوانُ، عن شُرَيح بنِ عُبيد
= إذا رأيت الأم مائدة رجل واحد وأهل
بيته فعند ذلك فتح القسطنطيية. فوقفه. وهذه قطعة من الحديث الذي بين أيدينا كما
تدل عليه رواية الليث بن سعد: فقد أخرجه أحمد (١٧٧٣٤)، والحارث بن أبي أسامة في
«مسنده - زوائد الهيثمي» (٧٩٠) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن الليث بن سعد، عن
معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني أنه
قال وهو بالفسطاط في خلافة معاوية، وكان معاويةُ أغزى الناسَ القسطنطينية، فقال:
والله لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته،
فعند ذلك فتح القسطنطينية.
وأخرجه موقوفًا كذلك البخاري في
«تاريخه الكبير» ٢/ ٢٥٠، وفي «تاريخه الأوسط» ١/ ٩٧ عن عبد الله بن صالح كاتب
الليث، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني
قال وهو بالقسطنطينية في خلافة معاوية، وكان معاوية أغزى الناسَ القسطنطينية: إن
الله لا يعجز هذه الأمة من نصف يوم.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٢/
(٥٧٢) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، به. وقال: رفعه معاوية مرة،
ولم يرفعه أخرى.
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص سيأتي
بعده. وإسناده منقطع.
وعن المقدام بن معدي كرب عند ابن أبي
عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٤٣٩)، والطبراني ٢٠/ (٦٢٠) وإسناده ضعيف.
قوله: «من نصف يوم» أي: من أيام
الله، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا
تَعُدُّونَ﴾ [الحج: ٤٧]، فنصفه خمس مئة سنة،
والمراد: أنهم لا بد يدركون نصفه، والمقصود بقاؤهم هذا المقدار، وليس فيه نفي
الزيادة على ذلك، وهم اليوم زادوا على ضعف ذلك.
وانظر لزامًا «فتح الباري» ١١/ ٣٥٠ -
٣٥٢.
عن سعْد بن أبي وقاص، عن النبيَّ ﷺ
قال: «إني لأرجو أن لا تَعجِزَ أمَّتي عند ربِّها أن يُؤخِّرَهم نصفَ يومِ» قيل
لسعدٍ: وكم نصفُ ذلك اليوم؟ قال: خمسُ مئةِ سنة (١).
آخر كتاب الملاحم
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه. شريح بن عبيد لم
يدرك سعد بن أبي وقاص. وقد روي الحديث من طريق آخر لكنه ضعيف أيضًا. أبو المغيرة:
هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.
وأخرجه نعيم بن حماد في «الفتن»
(١٧٨٨) و(١٩٥٨)، وأحمد (١٤٦٤) و(١٤٦٥)، والطبراني في «مسند الشاميين» (١٤٤٩)، وأبو
نعيم في «الحلية» ٦/ ١١٧، والحاكم ٤/ ٤٢٤ من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي
مريم، عن راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص. وابن أبي مريم ضعيف، وراشد روايته عن
سعد مرسلة كما قال أبو زرعة.
وانظر «الفتح» ١١/ ٣٥٠ - ٣٥٢.