recent
آخر المقالات

٤٤ - كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم

 

١ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رضي الله عنه
١ - (٢٣٨١) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا)
حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ المشركين على رؤوسنا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. فَقَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ! مَا ظنك باثنين الله ثالثهما».



(ما ظنك باثنين الله ثالثهما) معناه ثالثهما بالنصر والمعونة والحفظ والتسديد. وهو داخل في قوله تعالى: ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾.

٢ - (٢٣٨٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَي بْنِ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا مَعْنٌ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أبي النضر، عن عبيد الله بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ. فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ. وَبَكَى. فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ الْمُخَيَّرُ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ. وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ

١٨٥٥
أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ. لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خوخة إلا خوخة أبي بكر».


(زهرة الدنيا) المراد بزهرة الدنيا نعيمها وأعراضها وجدودها. وشبهها بزهر الروض. (فبكى أبو بكر وبكى) هكذا هو في جميع النسخ: فبكى أبو بكر وبكى. معناه بكى كثيرا ثم بكى. (إن أمن الناس علي) معناه أكثرهم جودا وسماحة لنا بنفسه وماله. وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة. لأنه أذى مبطل للثواب. ولأن المنة لله ولرسوله في قبول ذلك وفي غيره. (لا تبقين في المسجد خوخة) الخوخة هي الباب الصغير بين البيتين أو الدارين، ونحوه.

٢ م - (٢٣٨٢) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَالِمٍ، أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاسَ يَوْمًا. بِمِثْلِ حَدِيثِ مالك.

٣ - (٢٣٨٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ رَجَاءٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ «لَوْ كنت متخذا خليلا لتخذت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي. وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ، عز وجل، صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا».

٤ - (٢٣٨٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى) قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن أَبِى إِسْحَاق، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، عن النبي ﷺ؛
أَنَّهُ قَالَ «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي أَحَدًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ».

٥ - (٢٣٨٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاق، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا».

٦ - (٢٣٨٣) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم (قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا) جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا. وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ».

٧ - (٢٣٨٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ (وَاللَّفْظُ لَهُمَا) قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ. وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ».


(أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خله) هما بكسر الخاء. أما الأول فكسره متفق عليه وهو الخل بمعنى الخليل. وأما قوله: من خله فبكسر الخاء عند جميع الرواة وفي جميع النسخ. وكذا نقله القاضي عن جميعهم قال: والصواب الأوجه فتحها. قال: والخلة والخل والخلال والمخاللة والخلالة والخلولة الإخاء والصداقة. أي برئت إليه من صداقته المقتضية المخاللة. هذا كلام القاضي. والكسر صحيح كما جاءت به الروايات. أي أبرأ إليه من مخالتي إياه. وذكر ابن الأثير أنه روى بكسر الخاء وفتحها وأنهما بمعنى الخلة بالضم، التي هي الصداقة.

٨ - (٢٣٨٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ «عَائِشَةُ» قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ «أَبُوهَا» قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ «عُمَرُ» فَعَدَّ رجالا.


(ذات السلاسل) هو ماء لبني جذام بناحية الشام.

٩ - (٢٣٨٥) وحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَسُئِلَتْ:
مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَهُ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ. فَقِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ؟ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ: عُمَرُ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مَنْ؟ بَعْدَ عُمَرَ. قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هذا.

١٠ - (٢٣٨٦) حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛
أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رسول الله ﷺ شيئا. فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ. فَقَالَتْ:

١٨٥٧
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ - قَالَ أبي: كأنها تعني الموت - «فإن لم تجديني فأتي أبا بكر».

١٠ - م - (٢٣٨٦) وحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ. أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ؛ أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ؛
أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ. فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ موسى.

١١ - (٢٣٨٧) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فِي مَرَضِهِ «ادْعِي لي أبا بكر، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا. فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى. وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ».

١٢ - (١٠٢٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ عَنْ يَزِيدَ (وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

١٣ - (٢٣٨٨) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وأبو أسامة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ، قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا. وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ». فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَعَجُّبًا وَفَزَعًا. أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بَيْنَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ، عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً. فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي»؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ الله! فقال رسول الله ﷺ «فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ. أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وعمر».


(من لها يوم السبع) أي يوم يطردك عنها السبع وبقيت أنا فيها، لا راعي لها غيري، لفرارك منه، فأفعل فيها ما أشاء.

١٣ - م - (٢٣٨٨) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قِصَّةَ الشاة والذئب. ولم يذكر قصة البقرة.

١٣ - م ٢ - (٢٣٨٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ. وَفِي حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ مَعًا. وَقَالَا في حديثهما:
«فإني أومن به وأبو بكر وعمر» وما هما ثم.

١٣ - م ٣ - (٢٣٨٨) وحدثناه محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ. كِلَاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي ﷺ.

٢ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ، رضي الله عنه
١٤ - (٢٣٨٩) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ وَأَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ - (قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا. وقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا) ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سعيد بن أبي حسين، عن ابن مُلَيْكَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
وُضِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

١٨٥٩
عَلَى سَرِيرِهِ. فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ. قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ. وَأَنَا فِيهِمْ. قَالَ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي مِنْ وَرَائِي. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ. فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ، أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ، مِنْكَ. وَايْمُ اللَّهِ! إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ. وَذَاكَ أَنِّي كُنْتُ أُكَثِّرُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو، أَوْ لَأَظُنُّ، أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ معهما.


(فتكنفه الناس) أي أحاطوا به. (فلم يرعني) معناه لم يفجأني إلا ذلك.

١٤ - م - (٢٣٨٩) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، فِي هَذَا الإسناد، بمثله.

١٥ - (٢٣٩٠) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وعبد بن حميد (واللفظ لهم). قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ:
قَالَ رسول اللَّهِ ﷺ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ. مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ. وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ». قَالُوا: مَاذَا أَوَّلْتَ ذلك؟ يا رسول الله! قال «الدين».


(قميص يجره) قال أهل العبارة: القميص في النوم معناه الدين. وجره يدل على بقاء آثاره الجميلة وسننه الحسنة في المسلمين بعد وفاته ليقتدى به.

١٦ - (٢٣٩١) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يونس؛ أن ابن شهاب أخبره عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ. إِذْ رَأَيْتُ

١٨٦٠
قَدَحًا أُتِيتُ بِهِ، فِيهِ لَبَنٌ. فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي. ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ؟ يَا رَسُولَ الله! قال «العلم».


(لبن) وأما تفسير اللبن بالعلم فلاشتراكهما في كثرة النفع وفي أنهما سبب الصلاح. فاللبن غذاء الأطفال وسبب صلاحهم وقوت للأبدان بعد ذلك. والعلم سبب لصلاح الآخرة والدنيا.

١٦ - م - (٢٣٩١) وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ عُقَيْلٍ. ح وحَدَّثَنَا الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حميد. كلاهما عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. بِإِسْنَادِ يُونُسَ. نَحْوَ حديثه.

١٧ - (٢٣٩٢) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ. وَفِي نَزْعِهِ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ضَعْفٌ. ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا. فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ. فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ الناس بعطن».


(قليب) القليب البئر غير المطوية. (دلو) الدلو يذكر ويؤنث. (نزعت) النزع الاستقاء. (ذنوبا) الذنوب الدلو المملوءة. (استحالت) أي صارت وتحولت من الصغر إلى الكبر. (غربا) الغرب الدلو العظيمة. (عبقريا) العبقري هو السيد. وقيل الذي ليس فوقه شيء. (ضرب الناس بعطن) أي أرووا إبلهم ثم آووها إلى عطنها، وهو الموضع الذي تساق إليه بعد السقي لتستريح. قال العلماء: هذا المنام مثال واضح لما جرى لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما وحسن سيرتهما وظهور آثارهما وانتفاع الناس بهما. وكل ذلك مأخوذ من النبي ﷺ ومن بركته وآثار صحبته. فكان النبي ﷺ هو صاحب الأمر. فقام به أكبر قيام وقرر قواعد الإسلام ومهد أموره وأوضح أصوله وفروعه. ودخل الناس في دين الله أفواجا. وأنزل الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم. ثم توفى ﷺ فخلفه أبو بكر رضي الله عنه سنتين وأشهرا. وهو المراد بقوله ﷺ «ذنوبا أو ذنوبين» وهذا شك من الراوي. والمراد ذنوبان كما صرح به في الرواية الأخرى. وحصل في خلافته قتال أهل الردة وقطع دابرهم واتساع ملك الإسلام. ثم توفي فخلفه عمر رضي الله عنه فاتسع الإسلام في زمنه وتقرر لهم من أحكامه ما لم يقع مثله. فعبر بالقليب عن أمر المسلمين لما فيها من الماء الذي به حياتهم وصلاحهم. وشبه أميرهم بالمستقى لهم. وسقيه هو قيامه بمصالحهم وتدبير أمورهم.
وأما قوله ﷺ في أبي بكر رضي الله عنه «وفي نزعه ضعف» فليس فيه حط من فضيلة أبي بكر ولا إثبات فضيلة لعمر عليه. وإنما هو إخبار عن مدة ولايتهما. وكثرة انتفاع الناس في ولاية عمر لطولها ولاتساع الإسلام وبلاده والأموال وغيرها والفتوحات، ومصر الأمصار ودون الدواوين.
وأما قوله ﷺ «والله يغفر له» فليس فيه تنقيص له ولا إشارة إلى ذنب. وإنما هي كلمة كان المسلمون يدعمون بها كلامهم، ونعمت الدعامة. وقد سبق في صحيح مسلم: أنها كلمة كان المسلمون يقولونها: افعل كذا والله يغفر لك. قال العلماء: وفي كل هذا إعلام بخلافة أبي بكر وعمر وصحة ولايتهما، وبيان صفتها وانتفاع المسلمين بها.

١٧ - م - (٢٣٩٢) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. بِإِسْنَادِ يُونُسَ. نحو حديثه.

١٧ - م ٢ - (٢٣٩٢) حَدَّثَنَا الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حميد. قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. قَالَ: قَالَ الْأَعْرَجُ وَغَيْرُهُ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ يَنْزِعُ» بِنَحْوِ حَدِيثِ الزهري.

١٨ - (٢٣٩٢) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ. حَدَّثَنَا عَمِّي، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا يُونُسَ، مَوْلَى أبي هريرة، حدثه عن أبي هريرة،
عن رسول الله ﷺ قال «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنِّي أَنْزِعُ عَلَى حَوْضِي أَسْقِي النَّاسَ. فَجَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِي لِيُرَوِّحَنِي. فَنَزَعَ دَلْوَيْنِ. وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ. وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ. فَجَاءَ ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ. فَلَمْ أَرَ

١٨٦٢
نَزْعَ رَجُلٍ قَطُّ أَقْوَى مِنْهُ. حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ، وَالْحَوْضُ ملآن يتفجر».


(ليروحني) قال العلماء: فيه إشارة إلى نيابة أبي بكر عنه، وخلافته بعده، وراحته ﷺ بوفاته، من نصب الدنيا ومشاقها. كما قال ﷺ «مستريح ومستراح منه» الحديث. و«الدنيا سجن المؤمن» و«لا كرب على أبيك بعد اليوم».

١٩ - (٢٣٩٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الله بن عمر؛
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ «أُرِيتُ كَأَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ. فَنَزَعَ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ، تبارك وتعالى، يَغْفِرُ لَهُ. ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَقَى. فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا. فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ. حَتَّى روي الناس وضربوا العطن».


(يفري فريه) روي فريه بوجهين. أحدهما: فريه. والثاني: فريه. وهما لغتان صحيحتان. وأنكر الخليل التشديد، وقال: هو غلط. اتفقوا على أن معناه لم أر سيدا يعمل عمله ويقطع قطعه. وأصل الفري القطع يقال: فريت الشيء أفريه، قطعته للإصلاح: فهو مفري وفري. وأفريته إذا شققته على جهة الإفساد. وتقول العرب: تركته يفري الفري، إذا عمل العمل فأجاده. ومنه حديث حسان: لأفرينهم فري الأديم. أي أقطعهم بالهجاء كما يقطع الأديم. (حتى روي الناس) أي أخذوا كفايتهم.

١٩ - م - (٢٣٩٣) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما. بنحو حديثهم.

٢٠ - (٢٣٩٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أبي. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَا جَابِرًا يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا دَارًا أَوْ قَصْرًا. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ» فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَيْ رَسُولَ الله! أو عليك يغار؟

٢٠ - م - (٢٣٩٤) وحَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ.

١٨٦٣
ح وحَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سفيان عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا. ح وحَدَّثَنَاه عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. سَمِعْتُ جَابِرًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرٍ.

٢١ - (٢٣٩٥) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يونس؛ أن ابن شهاب أخبره عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن رسول الله ﷺ؛ أنه قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ. فَإِذَا امْرَأَةٌ تَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ. فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: بِأَبِي أَنْتَ! يَا رسول الله! أعليك أغار؟

٢١ - م - (٢٣٩٥) وحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أبي عن صالح، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثله.

٢٢ - (٢٣٩٦) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ). ح وحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي. وقَالَ حسن: حدثنا) يعقوب - وهو ابن إبراهيم ابن سعد - حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ؛ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدًا قَالَ:
اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ. عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ. فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَضْحَكُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي. فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ»

١٨٦٤
قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ! أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قُلْنَ: نَعَمْ. أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غير فجك».


(ويستكثرنه) قال العلماء: معنى يستكثرنه يطلبن كثيرا من كلامه وجوابه بحوائجهن وفتاويهن. (عالية أصواتهن) قال القاضي: يحتمل أن هذا قبل النهي عن رفع الصوت فوق صوته ﷺ. ويحتمل أن علو أصواتهن إنما كان لاجتماعها. لا أن كلام كل واحدة بانفرادها أعلى من صوته ﷺ. (أنت أغلظ وأفظ) الفظ والغليظ بمعنى واحد. وهما عبارة عن شدة الخلق وخشونة الجانب. قال العلماء: وليست لفظة أفعل هنا للمفاضلة، بل هي بمعنى فظ وغليظ. (فجا) الفج الطريق الواسع. ويطلق أيضا على المكان المنخرق بين الجبلين.
وهذا الحديث محمول على ظاهره، وأن الشيطان متى رأى عمر سالكا فجا، هرب هيبة من عمر، وفارق ذلك الفج، وذهب في فج آخر لشدة خوفه من بأس عمر أن يفعل فيه شيئا.

٢٢ - (٢٣٩٧) م حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنِي سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ قَدْ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ عَلَى رسول الله ﷺ. فلما اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الزهري.

٢٣ - (٢٣٩٨) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَة،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ. فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهُمْ».
قَالَ ابْنُ وهب: تفسير محدثون ملهمون.


(عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد) هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني على مسلم. وقال: المشهور فيه: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي سلمة قال: بلغني إن رسول الله ﷺ ... وأخرجه البخاري من هذا الطريق عن أبي سلمة عن أبي هريرة. (محدثون) اختلف تفسير العلماء للمراد بمحدثون. فقال ابن وهب: ملهمون. وقيل: مصيبون، إذا ظنوا فكأنهم حدثوا بشيء فطنوه. وقيل: تكلمهم الملائكة. وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم.

٢٣ - م - (٢٣٩٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٢٤ - (٢٣٩٩) حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أَخْبَرَنَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: فِي مَقَامِ إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر.


(وافقت ربي في ثلاث) هذا من أجل مناقب عمر وفضائله رضي الله عنه. وهو مطابق للحديث قبله. ولهذا عقبه مسلم به. وجاء في هذه الرواية. وافقت ربي في ثلاث. وفسرها بهذه الثلاث. وجاء في رواية أخرى في الصحيح: اجتمع نساء رسول الله ﷺ في الغيرة. فقلت: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن. فنزلت الآية بذلك وجاء في الحديث الذي ذكره مسلم بعد هذا موافقته في منع الصلاة على المنافقين ونزول الآية بذلك. وجاءت موافقته في تحريم الخمر. فهذه ست. وليس في لفظه ما ينفي زيادة الموافقة.

٢٥ - (٢٤٠٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، ابْنُ سَلُولَ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ. فَأَعْطَاهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال: يا رسول الله! أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أولا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً [٩/التوبة /٨٠] وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ» قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قبره [٩/التوبة /٨٤].


(عبد الله بن أبي ابن سلول) هكذا صوابه. أن يكتب ابن سلول بالألف، ويعرب بإعراب عبد الله. فإنه وصف ثان له. لأنه عبد
الله بن أبي. وهو عبد الله ابن سلول أيضا. فأبي أبوه. وسلول أمه. فنسب إلى أبويه جميعا، ووصف بهما.

٢٥ - م - (٢٤٠٠) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ. وَزَادَ: قَالَ فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ.

٣ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رضي الله عنه
٣٦ - (٢٤٠١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) إِسْمَاعِيل - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أن عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ. أَوْ سَاقَيْهِ. فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ. وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. فَتَحَدَّثَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ. وَهُوَ كَذَلِكَ. فَتَحَدَّثَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ. فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَسَوَّى ثِيَابَهُ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ - فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ. فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ. وَلَمْ تُبَالِهِ. ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ. ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ! فَقَالَ «أَلَا أَسْتَحِي من رجل تستحي منه الملائكة».


(فلم تهتش) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: تهتش. وفي بعض النسخ الطارئة تهش. وكذا ذكره القاضي. وعلى هذا فالهاء مفتوحة. قال: هش يهش كشم يشم. وأما الهش الذي هو خبط الورق من الشجر فيقال منه: هش يهش بضمها. قال الله تعالى: وأهش بها على غنمي. قال أهل اللغة: الهشاشة والبشاشة بمعنى طلاقة الوجه وحسن اللقاء. (لم تباله) لم تكترث به وتحتفل لدخوله. (ألا أستحي من رجل تستحي) هكذا هو في الرواية: أستحي بياء واحدة في كل واحدة منهما. قال أهل اللغة يقال: استحيا يستحي، بياء واحدة. لغتان. الأولى أفصح وأشهر. وبها جاء القرآن.

٢٧ - (٢٤٠٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
يحيي بن سعيد بن العاص؛ أن سعيد بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ؛
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ. فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ. فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ. قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ.

١٨٦٧
وَقَالَ لِعَائِشَةَ «اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ» فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي ثُمَّ انصرفت. فقالت عائشة: يا رسول الله! ما لي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ عُثْمَانَ رجل حي. وَإِنِّي خَشِيتُ، إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الحال، أن لا يبلغ إلي حاجته».


(مرط) هو كساء من صوف. وقال الخليل: كساء من صوف أو كتان أو غيره. وقال ابن الأعرابي وأبو زيد: هو الإزار. (ما لي لم أرك فزعت) أي اهتممت لهما واحتفلت بدخولهما. هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: فزعت. وكذا حكاه القاضي عن رواية الأكثرين. قال: وضبطه بعضهم: فرغت، وهو قريب من معنى الأول.

٢٧ - م - (٢٤٠٢) حدثناه عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. كُلُّهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ. أَخْبَرَنِي يَحْيَي بن سعيد بن العاص؛ أن سعيد بن الْعَاصِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ حَدَّثَاهُ؛
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.

٢٨ - (٢٤٠٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. قَالَ:
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ حَائِطِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ يَرْكُزُ بِعُودٍ مَعَهُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، إِذَا اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ. فَقَالَ «افْتَحْ. وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» قَالَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ. فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ. فَقَالَ «افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» قَالَ فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ. فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ. قَالَ فَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ «افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تَكُونُ» قَالَ فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. قَالَ فَفَتَحْتُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ وَقُلْتُ الَّذِي قَالَ. فقال: اللهم! صبرا. أو الله المستعان.


(في حائط) هو البستان. (يركز بعود) أي يضرب بأسفله ليثبته في الأرض.

٢٨ - م - (٢٤٠٣) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْفَظَ الْبَابَ. بِمَعْنَى حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ.

٢٩ - (٢٤٠٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ حَسَّانَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ) عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ؛
أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ. فَقَالَ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا. قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ. فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: خرج. وجه ههنا. قَالَ فَخَرَجْتُ عَلَى أَثَرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ. حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ. قَالَ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ. وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ. حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ. فَقُمْتُ إِلَيْهِ. فَإِذَا هُوَ قَدْ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ. وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ. قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ. فَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْيَوْمَ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ. قَالَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» قَالَ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. قَالَ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ. فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ فِي الْقُفِّ. وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ. كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ. وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ. ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ. وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي. فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ - يُرِيدُ أَخَاهُ - خَيْرًا يَأْتِ بِهِ. فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» فَجِئْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَذِنَ وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْجَنَّةِ. قَالَ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْقُفِّ، عَنْ يَسَارِهِ. وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ. ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا - يَعْنِي أَخَاهُ -

١٨٦٩
يَأْتِ بِهِ. فَجَاءَ إِنْسَانٌ فَحَرَّكَ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ. قَالَ وَجِئْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ. مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ» قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ. وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْجَنَّةِ. مَعَ بَلْوَى تُصِيبُكَ. قَالَ فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ. فَجَلَسَ وِجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ.
قَالَ شَرِيكٌ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فأولتها قبورهم.


(وجه ههنا) المشهور في الرواية: وجه، بتشديد الجيم. وضبطه بعضهم بإسكانها. وحكى القاضي الوجهين. ونقل الأول عن الجمهور ورجح الثاني لوجود خرج أي قصد هذه الجهة. (وتوسط قفها) القف حافة البئر. وأصله المرتفع من الأرض. (ودلاهما في البئر) في هذا دليل للغة الصحيحة أنه يجوز أن يقال: دليت الدلو في البئر ودليت رجلي وغيرها فيه. كما يقال: أدليت، قال الله تعالى: فأدلى دلوه. ومنهم من منع الأول. وهذا الحديث يرد عليه. (على رسلك) بكسر الراء وفتحها، لغتان. الكسر أشهر، ومعناه تمهل وتأن. (وجاههم) بكسر الواو وضمها، أي قبالتهم. (فأولتها قبورهم) يعني أن الثلاثة دفنوا في مكان واحد. وعثمان في مكان بائن عنهم. وهذا من باب الفراسة الصادقة.

٢٩ - م - (٢٤٠٣) حدثنيه أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ. حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ. سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأشعري ههنا. (وَأَشَارَ لِي سُلَيْمَانُ إِلَى مَجْلِسِ سَعِيدٍ، نَاحِيَةَ الْمَقْصُورَةِ) قَالَ أَبُو مُوسَى:
خَرَجْتُ أُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَلَكَ فِي الْأَمْوَالِ. فَتَبِعْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ دَخَلَ مَالًا. فَجَلَسَ فِي الْقُفِّ. وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يَحْيَي بْنِ حَسَّانَ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ سَعِيدٍ: فأولتها قبورهم.


(قد سلك في الأموال) قال في النهاية: المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة. ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان. وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل. لأنها كانت أكثر أموالهم.

٢٩ - م ٢ - (٢٤٠٣) حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاق قالا: حدثنا سعيد بن أبي مَرْيَمَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا إِلَى حَائِطٍ بِالْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ. فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ. وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمُ اجتمعت ههنا. وانفرد عثمان.

٤ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه
٣٠ - (٢٤٠٤) حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي التَّمِيمِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. كُلُّهُمْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الصَّبَّاحِ). حَدَّثَنَا يُوسُفُ، أَبُو سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَامِرِ بن سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَلِيٍّ «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى. إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي».
قَالَ سَعِيدٌ: فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِهَا سَعْدًا. فَلَقِيتُ سَعْدًا. فَحَدَّثْتُهُ بِمَا حَدَّثَنِي عَامِرٌ. فَقَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ. فَقُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ: نَعَمْ. وإلا فاستكتا.


(يوسف بن الماجشون) وفي بعض النسخ: يوسف الماجشون، بحذف لفظة ابن وكلاهما صحيح وهو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبيد الله بن أبي سلمة. واسم أبي سلمة دينار. والماجشون لقب يعقوب. وهو لقب جرى عليه وعلى أولاد أخيه. وهو لفظ فارسي، ومعناه الأحمر الأبيض المورد. سمي يعقوب بذلك لحمرة في وجهه وبياضه. (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) قال القاضي: هذا الحديث مما تعلقت به الروافض والإمامية وسائر فرق الشيعة، في أن الخلافة كانت حقا لعلي. وأنه وصى بها. قال: ثم اختلف هؤلاء فكفرت الروافض سائر الصحابة في تقديمهم غيره. وزاد بعضهم فكفر عليا لأنه لم يقم في طلب حقه، بزعمهم. وهؤلاء أسخف مذهبا وأفسد عقلا من أن يرد قولهم أو يناظروا. قال القاضي: ولا شك في كفر من قال هذا. لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة، وهدم الإسلام. وأما من عدا هؤلاء الغلاة فإنهم لا يسلكون هذا المسلك. فأما الإمامية وبعض المعتزلة فيقولون: هم مخطئون في تقديم غيره، لا كفار. وبعض المعتزلة لا يقول بالتخطئة لجواز تقديم المفضول عندهم. وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم. بل فيه إثبات فضيلة لعلي، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله. وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده. لأن النبي ﷺ إنما قال هذا لعلي، حينما استخلفه في المدينة في غزوة تبوك. ويؤيد هذا أن هارون، المشبه به، لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حياة موسى وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة. على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص. قالوا: وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة. (فاستكتا) أي صمتا. وأصل السكك ضيق الصماخ. وهو أيضا صغر الأذنين. وكل ضيق من الأشياء أسك.

٣١ - (٢٤٠٤) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ،

١٨٧١
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ:
خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي».

٣١ - م - (٢٤٠٤) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. وحدثنا شُعْبَةُ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ.

٣٢ - (٢٤٠٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (وَهُوَ ابن إسماعيل) عن بكير بن مسمار، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عن أَبِيهِ، قَالَ:
أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التراب؟ فقال: أما ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَنْ أَسُبَّهُ. لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى. إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ. فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ. فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَقُلْ تَعَالَوْا ندع أبناءنا وأبنائكم [٣/ آل عمران/٦١] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ «اللهم! هؤلاء أهلي».

٣٢ - م - (٢٤٠٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قال لِعَلِيٍّ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى».

٣٣ - (٢٤٠٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ، يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا

١٨٧٢
يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ». قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ. قَالَ فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا. قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا. وَقَالَ «امْشِ. وَلَا تَلْتَفِتْ. حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ». قَالَ فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ. فَصَرَخَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ «قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. إِلَّا بِحَقِّهَا. وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».


(فتساورت لها) معناه تطاولت لها. أي حرصت عليها. أي أظهرت وجهي وتصديت لذلك ليتذكرني.

٣٤ - (٢٤٠٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ هَذَا). حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ. أَخْبَرَنِي سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ. يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا. قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟» فَقَالُوا: هُوَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ. قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ. فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي عَيْنَيْهِ. وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ. حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ. فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ. حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ. ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ. وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ. فَوَاللَّهِ! لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لك حمر النعم».


(يدوكون) هكذا هو في معظم النسخ والروايات: يدوكون. أي يخوضون ويتحدثون في ذلك. (حمر النعم) هي الإبل الحمر. وهي أنفس أموال العرب. يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وإنه ليس هناك أعظم منه.

٣٥ - (٢٤٠٧) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابن إسماعيل) عن يزيد بن أبي عبيد، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ:
كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَيْبَرَ. وَكَانَ رَمِدًا. فَقَالَ: أَنَا أتخلف

١٨٧٣
عن رسول الله ﷺ! فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ. فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ، أَوْ لَيَأْخُذَنَّ بِالرَّايَةِ، غَدًا، رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوَ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ» فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ، وَمَا نَرْجُوهُ. فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرَّايَةَ. فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

٣٦ - (٢٤٠٨) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ. جميعا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنِي أَبُو حَيَّانَ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ. قَالَ:
انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ، يَا زَيْدُ! خَيْرًا كَثِيرًا. رأيت رسول الله ﷺ. وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ. وَغَزَوْتَ مَعَهُ. وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ. لَقَدْ لَقِيتَ، يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا. حَدِّثْنَا، يَا زَيْدُ! مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! وَاللَّهِ! لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي. وَقَدُمَ عَهْدِي. وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا. وَمَا لَا، فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ. ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوما فِينَا خَطِيبًا. بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا. بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. وَوَعَظَ وَذَكَّرَ. ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ. أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ. وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ. ثُمَّ قَالَ «وَأَهْلُ بَيْتِي. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي». فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ! أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ من حرم الصدقة بعده. قال: وهم؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصدقة؟ قال: نعم.


(خما) اسم لغيضة على ثلاثة أميال من الجحفة. غدير مشهور يضاف إلى الغيضة. فيقال: غدير خم. (ثقلين) قال العلماء: سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما. وقيل: لثقل العمل بها.

٣٦ - م - (٢٤٠٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ. حَدَّثَنَا حَسَّانُ (يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ، بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ.

٣٦ - م ٢ - (٢٤٠٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَيَّانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ. مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ، وَأَخَذَ بِهِ، كَانَ عَلَى الْهُدَى. وَمَنْ أَخْطَأَهُ، ضَلَّ».

٣٧ - (٢٤٠٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ. حَدَّثَنَا حَسَّانُ (يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ) عَنْ سَعِيدٍ (وَهُوَ ابْنُ مَسْرُوقٍ)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا له: قد رَأَيْتَ خَيْرًا. لَقَدْ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «أَلَا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عز وجل. هُوَ حَبْلُ اللَّهِ. مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى. وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ». وَفِيهِ: فَقُلْنَا: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ نِسَاؤُهُ؟ قَالَ: لَا. وَايْمُ اللَّهِ! إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنَ الدَّهْرِ. ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا. أَهْلُ بَيْتِهِ أصله، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده".


(حبل الله) قيل: المراد بحبل الله عهده. وقيل: السبب الموصل إلى رضاه ورحمته. وقيل: هو نوره الذي يهدي به. (العصر من الدهر) أي القطعة منه.

٣٨ - (٢٤٠٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ:
اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ. قَالَ فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتِمَ عَلِيًّا. قال فأبى سهل. فقال له: أما إذا أَبَيْتَ فَقُلْ: لَعَنَ اللَّهُ أَبَا التُّرَابِ. فَقَالَ سَهْلٌ: مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي التُّرَابِ. وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهَا. فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ. لم سمي أبا التراب؟ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتَ فَاطِمَةَ. فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟»

١٨٧٥
فَقَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ. فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ. فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِإِنْسَانٍ «انْظُرْ. أَيْنَ هُوَ؟» فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ. فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ. فَأَصَابَهُ تُرَابٌ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ «قُمْ أَبَا التراب! قم أبا التراب!».


(ولم يقل عندي) من القيلولة. وهي النوم نصف النهار.

٥ - بَاب فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، رضي الله عنه
٣٩ - (٢٤١٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
أَرِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ. فَقَالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ. قَالَتْ وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ. فقال رسول الله ﷺ «مَنْ هَذَا؟» قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: يا رسول الله! جئت أحرسك.
قال عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى سمعت غطيطه.


(أرق) أي سهر ولم يأته نوم. والأرق السهر. ويقال أرقني الأمر تأريقا أي أسهرني. ورجل أرق، على وزن فرح (غطيطه) هو صوت النائم المرتفع.

٤٠ - (٢٤١٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
سَهِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ، لَيْلَةً. فَقَالَ «لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ» قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ سَمِعْنَا خَشْخَشَةَ سِلَاحٍ. فَقَالَ «مَنْ هَذَا؟» قَالَ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَا جَاءَ بِكَ؟» قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ. فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ نَامَ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ رمح: فقلنا: من هذا؟


(خشخشة سلاح) أي صوت سلاح صدم بعضه بعضا.

٤٠ - م - (٢٤١٠) حدثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. سَمِعْتُ يَحْيَي بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ:
أَرِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ.

٤١ - (٢٤١١) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ:
مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ، غَيْرِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ. فَإِنَّهُ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ، يَوْمَ أُحُدٍ «ارْمِ. فداك أبي وأمي!».

٤١ - م - (٢٤١١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن مِسْعَرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله.

٤٢ - (٢٤١٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ) عَنْ يَحْيَى (وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ) عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ:
لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَوَيْهِ يوم أحد.

٤٢ - م - (٢٤١٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَي بْنِ سعيد، بهذا الإسناد.

٤٢ - م ٢ - (٢٤١٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابن إسماعيل) عن بكير بن مسمار، عن عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «ارْمِ. فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي!» قَالَ فَنَزَعْتُ لَهُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ.

١٨٧٧
فَأَصَبْتُ جَنْبَهُ فَسَقَطَ. فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. حَتَّى نَظَرْتُ إلى نواجذه.


(أحرق المسلمين) أي أثخن فيهم، وعمل فيهم عمل النار. (فنزعت له بسهم) أي رميته بسهم. (ليس فيه نصل) أي ليس فيه زج. (فأصبت جنبه) هكذا هو في معظم النسخ. وفي بعضها: حبته، أي حبة قلبه. (فضحك) أي فرحا بقتله عدوه، لا لانكشافه. (نواجذه) أي أنيابه. وقيل أضراسه.

٤٣ - (١٧٤٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ؛
أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ. وَلَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ. قَالَتْ: زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ. وَأَنَا أُمُّكَ. وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا.
قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ. فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ. فَسَقَاهَا. فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الآية: ووصينا الإنسان بوالديه حسنا. وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي [٣١/ لقمان/١٥] وفيها: وصاحبهما في الدنيا معروفا.
قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَنِيمَةً عَظِيمَةً. فَإِذَا فِيهَا سَيْفٌ فَأَخَذْتُهُ. فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّسُولَ ﷺ. فَقُلْتُ: نَفِّلْنِي هَذَا السَّيْفَ. فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُ. فَقَالَ «رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ» فَانْطَلَقْتُ. حَتَّى إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَضِ لَامَتْنِي نَفْسِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: أَعْطِنِيهِ. قَالَ فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ «رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ» قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ [٨/ الأنفال/ ١].
قَالَ: وَمَرِضْتُ فَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَتَانِي. فَقُلْتُ: دَعْنِي أَقْسِمْ مَالِي حَيْثُ شِئْتُ. قَالَ فَأَبَى. قُلْتُ: فَالنِّصْفَ. قَالَ فَأَبَى. قُلْتُ: فَالثُّلُثَ. قَالَ فَسَكَتَ. فَكَانَ، بَعْدُ، الثُّلُثُ جَائِزًا.
قَالَ: وَأَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ. فَقَالُوا: تَعَالَ نطعمك ونسقيك خَمْرًا. وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ. قَالَ فَأَتَيْتُهُمْ فِي حَشٍّ - وَالْحَشُّ الْبُسْتَانُ - فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ. قَالَ فأكلت وشربت معهم. قال فذكرت الأنصار والمهاجرون عِنْدَهُمْ. فَقُلْتُ: الْمُهَاجِرُونَ

١٨٧٨
خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ فأخذ رجل أحد لحي الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيَّ - يَعْنِي نَفْسَهُ - شَأْنَ الْخَمْرِ: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ من عمل الشيطان [٥/ المائدة/ ٩٠].


(القبض) هو الموضع الذي يجمع فيه الغنائم.

٤٤ - (١٧٤٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ قَالَ:
أُنْزِلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ سِمَاكٍ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ: قَالَ فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا. ثُمَّ أَوْجَرُوهَا. وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا: فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدٍ فَفَزَرَهُ. وَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مفزورا.


(شجروا فاها بعصا ثم أوجروها) أي فتحوه ثم صبوا فيه الطعام. وإنما شجروه بالعصا لئلا تطبقه فيمتنع وصول الطعام جوفها. وهكذا صوابه: شجروا. وهكذا في جميع النسخ. قال القاضي: ويروى شحوا. ومعناه قريب من الأول. أي أوسعوه وفتحوه. والشحو التوسعة. ودابة شحو واسعة الخطو. ويقال: أوجره ووجره، لغتان، الأولى أفصح وأشهر. (ففزره) يعني شقه. وكان أنفه مفزورا. أي مشقوقا.

٤٥ - (٢٤١٣) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ:
فِيَّ نَزَلَتْ: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ [٦/ الأنعام/ ٥٢].
قَالَ: نَزَلَتْ فِي سِتَّةٍ: أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ. وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ قَالُوا لَهُ: تُدْنِي هَؤُلَاءِ.

٤٦ - (٢٤١٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ. قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سِتَّةَ نَفَرٍ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يجترؤن عَلَيْنَا.
قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَبِلَالٌ، وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا. فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ. فَحَدَّثَ نَفْسَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [٦/ الأنعام/ ٥٢].

٦ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، رضي الله عنهما
٤٧ - (٢٤١٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى. قَالُوا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ (وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ) قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ:
لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، غير طلحة وسعد. عن حديثهما.


(عن حديثهما) معناه: وهما حدثاني بذلك.

٤٨ - (٢٤١٥) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ. ثُمَّ نَدَبَهُمْ. فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ. ثُمَّ نَدَبَهُمْ. فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ. فَقَالَ النَّبِيِّ ﷺ «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزبير».


(ندب ... فانتدب) أي دعاهم للجهاد وحرضهم عليه، فأجابه الزبير. (وحواري) قال القاضي: اختلف في ضبطه. فضبطه جماعة من المحققين بفتح الياء كمصرخي. وضبطه أكثرهم بكسرها. والحواري الناصر.

٤٨ - م - (٢٤١٥) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جميعا عَنْ وَكِيعٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

٤٩ - (٢٤١٦) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. كلاهما عن ابن مسهر. قال إسماعيل: أخبرني علي بن مسهر عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، يَوْمَ الْخَنْدَقِ، مَعَ النِّسْوَةِ. فِي أُطُمِ حَسَّانَ. فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِي مَرَّةً فَأَنْظُرُ. وَأُطَأْطِئُ لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ. فَكُنْتُ أَعْرِفُ أَبِي إِذَا مَرَّ عَلَى فَرَسِهِ فِي السِّلَاحِ، إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.

١٨٨٠
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي. فَقَالَ: وَرَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ! لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، يَوْمَئِذٍ، أَبَوَيْهِ. فقال: «فداك أبي وأمي».


(في أطم) الأطم الحصن، وجمعه آطام. كعنق وأعناق. قال القاضي: ويقال في الجمع أيضا إطام كآكام وإكام. (يطأطئ) معناه يخفض لي ظهره.

٤٩ - م - (٢٤١٦) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْأُطُمِ الَّذِي فِيهِ النِّسْوَةُ. يَعْنِي نِسْوَةَ النَّبِيِّ ﷺ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُرْوَةَ فِي الْحَدِيثِ. وَلَكِنْ أَدْرَجَ الْقِصَّةَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

٥٠ - (٢٤١٧) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ كَانَ عَلَى حِرَاءٍ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ. فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اهْدَأْ. فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أو صديق أو شهيد».


(حراء) جبل من جبال مكة. (اهدأ) أي اسكن.

٥٠ - م - (٢٤١٧) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ كَانَ عَلَى جَبَلِ حِرَاءٍ. فَتَحَرَّكَ. فقال رسول الله ﷺ «اسْكُنْ. حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ» وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهم.

٥١ - (٢٤١٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدَةُ. قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ

١٨٨١
أَبِيهِ قَالَ:
قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: أَبَوَاكَ، وَاللَّهِ! مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بعد ما أصابهم القرح.


(أبواك) تعني أبا بكر والزبير. (استجابوا) بمعنى أجابوا. والسين والتاء زائدتان. (القرح) قال الراغب: القرح الأثر من الجراحة من شيء يصيبه من خارج. والقرح أثرها من داخل.

٥١ - م - (٢٤١٨) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَزَادَ: تَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَالزُّبَيْرَ.

٥٢ - (٢٤١٨) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ. قَالَ:
قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: كَانَ أَبَوَاكَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أصابهم القرح.

٧ - بَاب فَضَائِلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
٥٣ - (٢٤١٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بن عُلَيَّةَ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ. قَالَ: قَالَ أَنَسٌ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا. وَإِنَّ أَمِينَنَا، أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ».


(أيتها الأمة) قال القاضي: هو بالرفع على النداء. قال: والإعراب الأفصح أن يكون منصوبا على الاختصاص. حكى سيبويه: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة. وأما الأمين فهو الثقة المرضي. قال العلماء: والأمانة مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة. لكن النبي ﷺ خص بعضهم بصفات غلبت عليهم، وكانوا أخص بها.

٥٤ - (٢٤١٩) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا يُعَلِّمْنَا السُّنَّةَ وَالْإِسْلَامَ. قَالَ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ».

٥٥ - (٢٤٢٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا أَمِينًا. فَقَالَ «لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ. حَقَّ أَمِينٍ» قَالَ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ. قَالَ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بن الجراح.


(فاستشرف) أي تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها، حرصا على أن يكون هو الأمين الموعود في الحديث. لا حرصا على الولاية من حيث هي.

٥٥ - م - (٢٤٢٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، بِهَذَا الإسناد، نحوه.

٨ - بَاب فَضَائِلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، رضي الله عنهما
٥٦ - (٢٤٢١) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن النبي ﷺ؛ أنه قَالَ لِحَسَنٍ «اللَّهُمَّ! إِنِّي أُحِبُّهُ. فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ من يحبه».

٥٧ - (٢٤٢١) حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي طَائِفَةٍ مِنَ النَّهَارِ. لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أُكَلِّمُهُ. حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ. ثُمَّ انْصَرَفَ. حَتَّى أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ فَقَالَ «أَثَمَّ لُكَعُ؟ أَثَمَّ لُكَعُ؟» يَعْنِي حَسَنًا. فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لِأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخَابًا. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ

١٨٨٣
يَسْعَى. حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. فَقَالَ رسول الله ﷺ «اللهم! إني أحبه. فأحبه وأحبب من يحبه».


(طائفة من النهار) قطعة منه. (خباء) أي بيتها. (لكع) المراد هنا الصغير. (سخابا) جمعه سخب. وهو قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب. يعمل على هيئة السبحة ويجعل قلادة للصبيان والجواري. وقيل: هو خيط فيه خرز. سمي سخابا لصوت خرزه عند حركته. من السخب، وهو اختلاط الأصوات.

٥٨ - (٢٤٢٢) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ). حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ:
رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِ النَّبِيِّ ﷺ. وَهُوَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ! إِنِّي أُحِبُّهُ فأحبه».

٥٩ - (٢٤٢٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ)، عَنْ الْبَرَاءِ، قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَاضِعًا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ. وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ! إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ».


(عاتقه) العاتق ما بين المنكب والعنق.

٦٠ - (٢٤٢٣) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيُّ، الْيَمَامِيُّ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ (وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ). حَدَّثَنَا إِيَاسٌ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
لَقَدْ قُدْتُ بِنَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ. حَتَّى أَدْخَلْتُهُمْ حُجْرَةَ النَّبِيِّ ﷺ. هَذَا قُدَّامَهُ وَهَذَا خلفه.

٩ - بَاب فَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ
٦١ - (٢٤٢٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ). قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ. قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ:
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ. فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ. ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ. ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا. ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيرا» [٣٣/ الأحزاب/ ٣٣].


(مرط مرحل) المرط كساء. جمعه مروط. المرحل هو الموشى المنقوش عليه صور رحال الإبل. (الرجس) قيل هو الشك. وقيل العذاب. وقيل الإثم. قال الأزهري: الرجس اسم لكل مستقذر من عمل.

١٠ - بَاب فَضَائِلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، رضي الله عنهما
٦٢ - (٢٤٢٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْقَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:
ما كنا ندعو زيد بْنَ حَارِثَةَ إِلَّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ. حَتَّى نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [٣٣/ الأحزاب/ ٥].
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ، مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الدُّوَيْرِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ.


(ادعوهم لآبائهم) قال العلماء: كان النبي ﷺ قد تبنى زيدا ودعاه ابنه. وكانت العرب تفعل ذلك. يتبنى الرجل مولاه أو غيره فيكون ابنا له يوارثه وينتسب إليه. حتى نزلت الآية. فرجع كل إنسان إلى نسبه. إلا من لم يكن له نسب معروف فيضاف إلى مواليه. كما قال تعالى: فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم.

٦٢ - م - (٢٤٢٥) حدثني أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. بِمِثْلِهِ.

٦٣ - (٢٤٢٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْثًا. وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ. فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمْرَتِهِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ «إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ. وَايْمُ اللَّهِ! إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمْرَةِ. وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ. وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أحب الناس إلي، بعده».


(طعن) يقال طعن في الإمرة والعرض والنسب ونحوها يطعن، بفتح العين. وطعن بالرمح وإصبعه وغيرها، يطعن، بالضم. هذا هو المشهور. وقيل لغتان فيهما. (إمرته) الإمرة الولاية. وكذا الإمارة. (إن كان لخليقا للإمرة) أي حقيقا بها.

٦٤ - (٢٤٢٦) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ (يَعْنِي ابْنَ حَمْزَةَ)،

١٨٨٥
عن سالم، عن أبيه؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ. وَايْمُ اللَّهِ! إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لَهَا. وَايْمُ اللَّهِ! إِنْ كَانَ لَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ. وَايْمُ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا لَهَا لَخَلِيقٌ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -. وَايْمُ اللَّهِ! إِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ. فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ».

١١ - بَاب فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، رضي الله عنهما
٦٥ - (٢٤٢٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لِابْنِ الزُّبَيْرِ:
أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فحملنا وتركك.


(فحملنا وتركك) معناه: قال ابن جعفر: فحملنا وتركك. وتوضحه الروايات بعده.

٦٥ - م - (٢٤٢٧) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ علية. وإسناده.

٦٦ - (٢٤٢٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا. وقَالَ يَحْيَي: أَخْبَرَنَا) أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبْيَانِ أَهْلِ بَيْتِهِ. قَالَ، وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ. فَحَمَلَنِي بين يديه، ثم جئ بِأَحَدِ ابْنَيْ فَاطِمَةَ. فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ. قَالَ، فَأُدْخِلْنَا الْمَدِينَةَ، ثَلَاثَةً عَلَى دَابَّةٍ.

٦٧ - (٢٤٢٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ. حَدَّثَنِي مُوَرِّقٌ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِنَا. قَالَ فَتُلُقِّيَ بِي وَبِالْحَسَنِ أَوْ بِالْحُسَيْنِ. قَالَ فَحَمَلَ أَحَدَنَا بَيْنَ يَدَيْه وَالْآخَرَ خَلْفَهُ. حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.

٦٨ - (٢٤٢٩) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ:
أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ. فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا، لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ.

١٢ - بَاب فَضَائِلِ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
٦٩ - (٢٤٣٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ ووكيع وأبو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ (وَاللَّفْظُ حَدِيثُ أَبِي أُسَامَةَ). ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أسامة عن هشام، عن أبيه، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا بِالْكُوفَةِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ. وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ».
قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السماء والأرض.


(وأشار وكيع) أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في نسائها. وأن المراد جميع نساء الأرض. أي كل من بين السماء والأرض من النساء. والأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها.

٧٠ - (٢٤٣١) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بْنُ جَعْفَرٍ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ معاذ العنبري (واللفظ له). حدثنا أبي. حدثنا شعبة عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ. وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ،

١٨٨٧
وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ. وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».


(كمل) يقال كمل بفتح الميم وضمها وكسرها. ثلاث لغات مشهورات. الكسر ضعيف. ولفظة الكمال تطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه. المراد، هنا، التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى. (كفضل الثريد على سائر الطعام) قال العلماء: معناه أن الثريد من كل طعام أفضل من المرق. فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد. وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه. والمراد بالفضيلة نفعه والشبع منه وسهولة مساغه والالتذاذ به وتيسر تناوله، وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة، وغير ذلك. فهو أفضل من المرق كله ومن سائر الأطعمة. وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة.

٧١ - (٢٤٣٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ. فقال: يا رسول الله! هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ. مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ. فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عليها السلام مِنْ رَبِّهَا عز وجل. وَمِنِّي. وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ. وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ: ومني.


(سمعت أبا هريرة) هذا الحديث من مراسيل الصحابة. وهو حجة عند الجماهير. وخالف فيه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني. لأن أبا هريرة لم يدرك أيام خديجة. فهو محمول على أنه سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ. (قد أتتك) معناه توجهت إليك. (فإذا هي أتتك) أي وصلتك. (فاقرأ عليها السلام أي سلم عليها. (من قصب) قال الجمهور العلماء: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف. وقيل قصر من ذهب منظوم بالجوهر. قال أهل اللغة: القصب من الجوهر ما استطال منه في تجويف. قالوا: ويقال لكل مجوف قصب. وقد جاء في الحديث مفسرا ببيت من اللؤلؤ محياة. وفسروه بمجوفه. قال الخطابي وغيره: المراد بالبيت هنا القصر. (صخب) الصخب الصوت المختلط المرتفع. (نصب) النصب المشقة والتعب. ويقال فيه: نصب ونصب. لغتان حكاهما القاضي وغيره. كالحزن والحزن. والفتح أشهر وأفصح وبه جاء القرآن. وقد نصب الرجل ينصب، إذا أعيا.

٧٢ - (٢٤٣٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ.

١٨٨٨
قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى:
أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. لا صخب فيه ولا نصب.

٧٢ - م - (٢٤٣٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَجَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي الوفى، عن النبي ﷺ. بمثله.

٧٣ - (٢٤٣٤) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
بَشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَدِيجَةَ، بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، بِبَيْتٍ فِي الجنة.

٧٤ - (٢٤٣٥) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ. وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ. لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا. وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عز وجل أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ. وَإِنْ كَانَ ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها.


(ما غرت على امرأة ما غرت) الغيرة هي الحمية والأنفة. يقال رجل غيور وامرأة غيور، بلا هاء. لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى. وما الأولى نافية. والثانية مصدرية أو موصولة. أي ما غرت مثل غيرتي أو مثل التي غرتها على خديجة. (لما كنت أسمعه يذكرها) أي يثني عليها لمحبته لها.

٧٥ - (٢٤٣٥) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ. وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا.
قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ» قَالَتْ، فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنِّي قَدْ رزقت حبها».


(رزقت حبها) فيه إشارة إلى أن حبها فضيلة حصلت.

٧٥ - م - (٢٤٣٥) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ. إِلَى قِصَّةِ الشَّاةِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الزِّيَادَةَ بَعْدَهَا.

٧٦ - (٢٤٣٥) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
مَا غِرْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ. لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا. وَمَا رأيتها قط.

٧٧ - (٢٤٣٦) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمْ يَتَزَوَّجْ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ.

٧٨ - (٢٤٣٧) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، على رسول الله ﷺ. فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ! هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» فَغِرْتُ فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هلكت من الدهر، فأبدلك الله خيرا منها!


(فعرف استئذان خديجة) أي صفة استئذان خديجة لشبه صوتها بصوت أختها. فتذكر خديجة بذلك. (فارتاح لذلك) أي هش لمجيئها وسر بها. لتذكره بها خديجة وأيامها. وفي هذا كله دليل لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب. (حمراء الشدقين) معناه عجوز كبيرة جدا. حتى قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق لشدقيها بياض شيء من الأسنان. إنما بقي فيهما حمرة لثاتها.

١٣ - بَاب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنها
٧٩ - (٢٤٣٨) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ. جَمِيعًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي الرَّبِيعِ). حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ

١٨٩٠
ثَلَاثَ ليالي. جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ. فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ. فَإِذَا أَنْتِ هِيَ. فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عند الله، يمضه».


(سرقة) هي الشقق البيض من الحرير. قاله أبو عبيد وغيره. (إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ) قال القاضي: إن كانت هذه الرؤيا قبل النبوة، وقيل تخليص أحلامه ﷺ من الأضغاث. فمعناها: إن كانت رؤيا حق. وإن كانت بعد النبوة فلها ثلاثة معان، أحدها أن المراد إن تكن الرؤيا على وجهها وظاهرها لا تحتاج إلى تعبير وتفسير، فسيمضيه الله تعالى وينجزه. فالشك عائد إلى أنها رؤيا على ظاهرها أم تحتاج إلى تعبير وصرف عن ظاهرها.
الثاني أن المراد إن كانت هذه الزوجة في الدنيا يمضيها الله. فالشك في أنها زوجته في الدنيا أم في الجنة.
الثالث أنه لم يشك. ولكن أخبر على التحقيق وأتى بصورة الشك. كما قال: أأنت أم أم سالم؟ وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة يسمونه تجاهل العارف. وسماه بعضهم مزج الشك باليقين.

٧٩ - م - (٢٤٣٨) حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٨٠ - (٢٤٣٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى» قَالَتْ فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ «أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا. وَرَبِّ مُحَمَّدٍ! وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا. وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ!» قَالَتْ قُلْتُ: أَجَلْ. وَاللَّهِ! يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسمك.

٨٠ - م - (٢٤٣٩) وحَدَّثَنَاه ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، إِلَى قَوْلِهِ: لَا. وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.

٨١ - (٢٤٤٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عند رسول الله ﷺ. قَالَتْ: وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي.

١٨٩١
فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رسول الله ﷺ. قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يسربهن إلي.


(ينقمعن) أي يتغيبن حياء منه وهيبة. وقيل يدخلن في بيت ونحوه. وهو قريب من الأول. (يسربهن) أي يرسلهن.

٨١ - م - (٢٤٤٠) حَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِهِ. وهن اللعب.

٨٢ - (٢٤٤١) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٨٣ - (٢٤٤٢) حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: حَدَّثَنِي. وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ:
أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ فَاطِمَةَ، بنت رسول الله ﷺ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي. فَأَذِنَ لَهَا. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. وَأَنَا سَاكِتَةٌ. قَالَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَيْ بُنَيَّةُ! أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟» فَقَالَتْ: بَلَى. قَالَ «فَأَحِبِّي هَذِهِ» قَالَتْ، فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ. وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ. فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللَّهِ! لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ زَيْنَبَ

١٨٩٢
بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ. وَأَتْقَى لِلَّهِ. وَأَصْدَقَ حَدِيثًا. وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ. وَأَعْظَمَ صَدَقَةً. وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. مَا عَدَا سورة من حد كَانَتْ فِيهَا. تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ. قَالَتْ، فَاسْتَأْذَنَتْ على رسول الله ﷺ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا. عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا. فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فقالت: يا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. قَالَتْ ثُمَّ وَقَعَتْ بِي. فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ. وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا. قَالَتْ فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ. قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حين أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَبَسَّمَ «إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بكر».


(العدل في ابنة أبي قحافة) معناه يسألنك التسوية بينهن في محبة القلب. (ينشدنك) أي يسألنك. (تساميني) أي تعادلني وتضاهيني في الحظوة والمنزلة الرفيعة. مأخوذ من السمو. وهو الارتفاع. (سورة) السورة الثوران وعجلة الغضب. (من حد) هكذا هو في معظم النسخ. سورة من حد. وفي بعضها: من حدة. وهي شدة الخلق وثورانه. (الفيئة) الرجوع. ومعنى الكلام أنها كاملة الأوصاف إلا أن فبها شدة خلق وسرعة غضب تسرع منها الرجوع. أي إذا وقع ذلك منها رجعت عنه سريعا، ولا تصر عليه. (ثم وقعت بي) أي نالت مني بالوقيعة في. (لم أنشبها) أي لم أمهلها. (حين) في بعض النسخ حتى، بدل حين. وكلاهما صحيح. ورجح القاضي حين. (أنحيت عليها) أي قصدتها واعتمدتها بالمعارضة.

٨٣ - م - (٢٤٤٢) حدثنيه محمد بن عبد الله بن قهزاد. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ فِي الْمَعْنَى. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا أن أثخنتها غلبة.


(أثخنتها) أي قمعتها وقهرتها.

٨٤ - (٢٤٤٣) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيَتَفَقَّدُ يَقُولُ «أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟» اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ. قَالَتْ، فَلَمَّا كَانَ يومي قبضه الله بين سحري ونحري.


(سحري ونحري) السحر بفتح السين المهملة وضمها هي الرئة وما تعلق بها.

٨٥ - (٢٤٤٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ؛
أَنَّهَا سَمِعَتْ رسول الله ﷺ يقول قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِي وارحمني. وألحقني بالرفيق».


(بالرفيق) أي الجماعة من الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين. وهو اسم جاء على فعيل. ومعناه الجماعة. كالصديق والخليل.

٨٥ - م - (٢٤٤٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابن إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٨٦ - (٢٤٤٤) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار (واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَتْ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ، يَقُولُ «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رفيقا» [٤/ النساء/ ٦٩]
قالت: فظننته خير حينئذ.


(بحة) هي غلظ في الصوت.

٨٦ - م - (٢٤٤٤) حَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٨٧ - (٢٤٤٤) حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، في رجال من أهل العلم؛ أن عائشة، زوج النبي ﷺ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ، حَتَّى يُرَى مَقْعَدُهُ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي، غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ. فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ. ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ! الرَّفِيقَ الْأَعْلَى».
قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَرَفْتُ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي قَوْلِهِ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ. ثُمَّ يُخَيَّرُ».
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قوله «اللهم! الرفيق الأعلى».


(فأشخص بصره) أي رفعه إلى السماء ولم يطرف.

٨٨ - (٢٤٤٥) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ. قَالَ عبد: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا خَرَجَ، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ. فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ. فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعًا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، سَارَ مَعَ عَائِشَةَ، يَتَحَدَّثُ مَعَهَا. فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: أَلَا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، فَتَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ قَالَتْ: بَلَى. فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفْصَةَ. وَرَكِبَتْ حَفْصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ، وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ ثُمَّ سَارَ مَعَهَا. حَتَّى نَزَلُوا. فَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ فَغَارَتْ. فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ تَجْعَلُ

١٨٩٥
رِجْلَهَا بَيْنَ الْإِذْخِرِ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ! سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي. رَسُولُكَ وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ له شيئا.


(فطارت القرعة على عائشة وحفصة) أي خرجت القرعة لهما. (الإذخر) نبت معروف فيه الهوام غالبا في البرية. (رسولك) قال في الفتح: بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. تقديره هو رسولك. ويجوز النصب على تقدير فعل. وإنما لم تتعرض لحفصة، لأنها هي التي أجابتها طائعة، فعادت على نفسها باللوم.

٨٩ - (٢٤٤٦) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا سليمان (يعني ابن بلال) عن عبد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كفضل الثريد على سائر الطعام».

٨٩ - م - (٢٤٤٦) حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ). ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ). كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ. وفي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.

٩٠ - (٢٤٤٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهَا «إِنَّ جِبْرِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ ورحمة الله.

٩٠ - م - (٢٤٤٧) حدثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ عائشة حدثته؛ أن رسول الله ﷺ قال لها. بمثل حديثهما.

٩٠ - م ٢ - (٢٤٤٧) وحَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٩١ - (٢٤٤٧) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ عائشة، زوج النبي ﷺ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا عَائِشُ! هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ» قَالَتْ فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.
قالت: وهو يرى ما لا أرى.


(يا عائش) دليل لجواز الترخيم. ويجوز فتح الشين وضمها.

١٤ - بَاب ذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ
٩٢ - (٢٤٤٨) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ. كِلَاهُمَا عَنْ عِيسَى (وَاللَّفْظُ لِابْنِ حُجْرٍ). حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً. فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا.
قَالَتِ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جمل غث. على رأس جبل وعر. ولا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى. وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ.

١٨٩٧
قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ. إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ. إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ.
قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ. إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ. وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ.
قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ. لَا حَرَّ وَلَا قُرَّ. وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ.
قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ. وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ. وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ.
قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ. وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ. وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ. وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ. لِيَعْلَمَ الْبَثَّ.

١٨٩٨
قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ. كُلُّ دَاءٍ لَهُ داء. شجك أو فلك. أو جمع كلالك.
قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي، الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ.
قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ. طَوِيلُ النِّجَادِ. عَظِيمُ الرَّمَادِ. قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِي.

١٨٩٩
قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ. وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ. لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ. قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ. إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ.
قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ. فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ. وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ. وَبَجَّحَنِي فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي. وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ. فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ. وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ. وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ.

١٩٠٠
أُمُّ أَبِي زَرْعٍ. فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ. وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ.
ابْنُ أَبِي زَرْعٍ. فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ. وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ.
بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ. فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا. وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا.
جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ. فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا. وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا. وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا.

١٩٠١
قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ. فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ. يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ. فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا. فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا. رَكِبَ شَرِيًّا. وَأَخَذَ خَطِّيًّا. وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا. وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا. قَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ. فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِي مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زرع لأم زرع».


(إحدى عشرة) إحدى عشرة وتسع عشرة وما بينهما يجوز فيه إسكان الشين وكسرها وفتحها. والإسكان أفصح وأشهر. (غث) قال أبو عبيد وسائر أهل الغريب والشراح: المراد بالغث المهزول. (على رأس جبل وعر) أي صعب الوصول إليه. فالمعنى أنه قليل الخير من أوجه: منها كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن. ومنها أنه مع ذلك غث مهزول رديء. ومنها أنه صعب التناول لا يوصل إليه إلا بمشقة شديدة. هكذا فسره الجمهور. وقال الخطابي: قولها على رأس جبل أي يرتفع ويتكبر ويسمو بنفسه فوق موضعها كثيرا. أي أنه يجمع إلى قلة خيره تكبره وسوء الخلق. قالوا: وقولها لا سمين فينتقل أي تنقله الناس إلى بيوتهم ليأكلوه. بل يتركوه رغبة عنه لرداءته. قال الخطابي: ليس فيه مصلحة يحتمل سوء عشرته بسببها. يقال انتقلت الشيء بمعنى نقلته. (لا أبث خبره) أي لا أنشره وأشيعه. (إني أخاف أن لا أذره) فيه تأويلان. أحدهما لابن السكيت وغيره؛ إن الهاء عائدة على خبره. فالمعنى أن خبره طويل إن شرعت في تفصيله لا أقدر على إتمامه لكثرته. والثاني أن الهاء عائدة على الزوج وتكون لا زائدة. كما في قوله تعالى: ما منعك أن لا تسجد. ومعناه إني أخاف أن يطلقني فأذره. (عجره وبجره) المراد بهما عيوبه. قال الخطابي وغيره: أرادت بهما عيوبه الباطنة وأسراره الكامنة. قالوا: وأصل العجر أن يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد. والبجر نحوها إلا أنها في البطن خاصة. واحدتها بجرة. ومنه قيل: رجل أبجر. إذا كان عظيم البطن؛ وامرأة بجراء. والجمع بجر. وقال الهروي: قال ابن الأعرابي: العجرة نفخة في الظهر. فإن كانت في السرة فهي بجرة. (زوجي العشنق) العشنق هو الطويل. ومعناه ليس فيه أكثر من طول بلا نفع. (إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق) إن ذكرت عيوبه طلقني، وإن سكت عنها علقني فتركني لا عزباء ولا مزوجة. (زوجي كليل تهامة) هذا مدح بليغ. ومعناه ليس فيه أذى بل هو راحة ولذاذة عيش كليل تهامة. لذيذ معتدل. ليس فيه حر ولا برد مفرط. ولا أخاف له غائلة لكرم أخلاقه. ولا يسأمني ويمل صحبتي.
(زوجي إن دخل فهد) هذا أيضا مدح بليغ. فقولها فهد، تصفه إذا دخل البيت بكثرة النوم والغفلة في منزله عن تعهد ما ذهب من متاعه وما بقي. وشبهته بالفهد لكثرة نومه. يقال أنوم من فهد. وهو معنى قولها ولا يسأل عما عهد أي لا يسأل عما كان عهده في البيت من ماله ومتاعه. وإذا خرج أسد: هو وصف له بالشجاعة. ومعناه إذا صار بين الناس أو خالط الحرب كان كالأسد. يقال: أسد واستأسد. (زوجي إن أكل لف) قال العلماء: اللف في الطعام الإكثار منه مع التخليط من صنوفه حتى لا يبقى منها شيء. والاشتفاف في الشرب أن يستوعب جميع ما في الإناء: مأخوذ من الشفافة، وهي ما بقي في الإناء من الشراب. فإذا شربها قيل اشتفها وتشافها. وقولها: ولا يولج الكف ليعلم البث: قال أبو عبيد: أحسبه كان بجسدها عيب أو داء كنت به. لأن البث الحزن. فكان لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك فيشق عليها. فوصفته بالمروءة وكرم الخلق. قال الهروي: قال ابن الأعرابي: هذا ذم له. أرادت وإن اضطجع ورقد التف في ثيابه في ناحية ولم يضاجعني ليعلم ما عندي من محبته. قال: ولا بث هناك إلا محبتها الدنو من زوجها. (زوجي غياياء أو عياياء) هكذا وقع في الرواية: غياياء أو عياياء. وفي أكثر الروايات بالمعجمة. وأنكر أبو عبيدة وغيره المعجمة. وقالوا الصواب المهملة. وهو الذي لا يلقح. وقيل هو العنين الذي تعييه مباضعة النساء ويعجز عنها. وقال القاضي وغيره: غياياء، بالمعجمة، صحيح وهو مأخوذ من الغيابة وهي الظلمة وكل ما أظل الشخص. ومعناه لا يهتدي إلى مسلك. أو أنها وصفته بثقل الروح وإنه كالظل المتكاثف المظلم الذي لا إشراق فيه. أو أنها أرادت أنه غطيت عليه أموره. أو يكون غياياء من الغي. الذي هو الخيبة. قال الله تعالى: فسوف يلقون غيا. وأما طباقاء فمعناه المطبقة عليه أموره حمقا. وقيل الذي يعجز عن الكلام. فتنطبق شفتاه وقيل هو الغبي الأحمق الفدم. (كل داء له داء) أي جميع أدواء الناس مجتمعة فيه. (شجك) أي جرحك في الرأس. فالشجاج جراحات الرأس والجراح فيه وفي الجسد. (أو فلك) الفل الكسر والضرب. ومعناه أنها معه بين شج رأس وضرب وكسر عضو، أو جمع بينهما. وقيل المراد بالفل هنا الخصومة.
(زوجي الريح ريح زرنب) الزرنب نوع من الطيب معروف. قيل أرادت طيب ريح جسده. وقيل طيب ثيابه في الناس. وقيل لين خلقه وحسن عشرته. والمس مس أرنب، صريح في لين الجانب وكرم الخلق. (زوجي رفيع العماد) هكذا هو في النسخ: النادي. وهو الفصيح في العربية. لكن المشهور في الرواية حذفها ليتم السجع. قال العلماء: معنى رفيع العماد وصفه بالشرف وسناء الذكر. وأصل العماد عماد البيت. وجمعه عمد. وهي العيدان التي تعمد بها البيوت. أي بيته في الحسب رفيع في قومه. وقيل إن بيته الذي يسكنه رفيع العماد ليراه الضيفان وأصحاب الحوائج فيقصدوه. وهكذا بيوت الأجواد. (طويل النجاد) تصفه بطول القامة. والنجاد حمائل السيف. فالطويل يحتاج إلى طول حمائل سيفه. والعرب تمدح بذلك. (عظيم الرماد) تصفه بالجواد وكثرة الضيافة من اللحوم والخبز، فيكثر وقوده فيكثر رماده. وقيل لأن ناره لا تطفأ بالليل لتهتدي بها الضيفان. والأجواد يعظمون النيران في ظلام الليل ويوقدونها على التلال ومشارف الأرض، ويرفعون الأقباس على الأيدي لتهتدي بها الضيفان. (قريب البيت من النادي) قال أهل اللغة: النادي والناد والندي والمنتدى مجلس القوم. وصفته بالكرم والسؤدد. لأنه لا يقرب البيت من النادي إلا من هذه صفته. لأن الضيفان يقصدون النادي. ولأن أصحاب النادي يأخذون ما يحتاجون إليه في مجلسهم من بيت قريب للنادي. واللئام يتباعدون من النادي.
(زوجي مالك وما مالك) معناه أن له إبلا كثيرا. فهي باركة بفنائه. لا يوجهها تسرح إلا قليلا. قدر الضرورة. ومعظم أوقاتها تكون باركة بفنائه. فإذا نزل به الضيفان كانت الإبل حاضرة فيقريهم من ألبانها ولحومها. (المزهر) هو العود الذي يضرب. أرادت أن زوجها عود إبله، إذا نزل به الضيفان، نحر لهم منها وأتاهم بالعيدان والمعازف والشراب. فإذا سمعت الإبل صوت المزهر علمن أنه قد جاء الضبفان، وأنهن منحورات هوالك.
(أناس من حلي أذني) الحلي بضم الحاء وكسرها، لغتان مشهورتان. والنوس الحركة من كل شيء متدل. يقال منه: ناس ينوس نوسا. وأناسه غيره إناسة. ومعناه حلاني قرطة وشنوفا، فهي تنوس أي تتحرك لكثرتها. (وملأ من شحم عضدي) قال العلماء: معناه أسمنني وملأ بدني شحما. ولم ترد اختصاص العضدين. لكن إذا سمنتا سمن غيرهما. (وبجحني فبجحت إلي نفسي) بجحت بكسر الجيم وفتحها لغتان مشهورتان. أفصحهما الكسر. قال الجوهري: الفتح ضعيفة. ومعناه فرحني ففرحت. وقال ابن الأنباري: وعظمني فعظمت عند نفسي. يقال فلان يتبجح بكذا أي يتعظم ويفتخر. (وجدني في أهل غنيمة بشق) غنيمة تصغير غنم. أرادت أن أهلها كانوا أصحاب غنم، لا أصحاب خيل وإبل. لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات الإبل وحنينها. والعرب لا تعتد بأصحاب الغنم وإنما يعتدون بأهل الخيل والإبل. بشق بكسر الشين وفتحها. والمعروف في روايات الحديث والمشهور لأهل الحديث كسرها. والمعروف عند أهل اللغة فتحها. قال أبو عبيد: هو بالفتح. قال: والمحدثون يكسرونه. قال وهو موضع. وقال الهروي: الصواب الفتح. وقال ابن الأنباري هو بالكسر والفتح. وهو موضع. وقال ابن أبي أويس وابن حبيب: يعني بشق جبل لقلتهم وقلة غنمهم. وشق الجبل ناحيته. وقال القتبي: ويعطونه بشق، بالكسر، أي بشظف من العيش وجهد. قال القاضي عياض: هذا عندي أرجح. واختاره أيضا غيره. فحصل فيه ثلاثة أقوال. (ودائس ومنق) الدائس هو الذي يدوس الزرع في بيدره. قال الهروي وغيره: يقال داس الطعام درسه. ومنق من نقي الطعام ينقيه أي يخرجه من تبنه وقشوره. والمقصود أنه صاحب زرع يدوسه وينقيه. (فعنده أقوال فلا أقبح) معناه لا يقبح قولي فيرد، بل يقبل قولي. ومعنى أتصبح أنام الصبحة وهي بعد الصباح. أي أنها مكفية بمن يخدمها فتنام. (فأتقنح) قال القاضي: هكذا هو في جميع النسخ: فأتقنح. قال ولم نره في صحيح البخاري ومسلم إلا بالنون قال البخاري: قال بعضهم: فأتقمح بالميم. قال وهو أصح. قال أبو عبيد هو بالميم. قال: وبعض الناس يرويه بالنون ولا أدرى ما هذا. وقال الآخرون: الميم والنون صحيحتان. فالميم معناه أروى حتى أدع الشراب من شدة الري. ومنه قمح البعير يقمح إذا رفع رأسه من الماء بعد الري. قال أبو عبيد: ولا أراها قالت هذا إلا لعزة الماء عندهم. ومن قاله بالنون فمعناه أقطع الشرب وأتمهل فيه. وقيل هو الشرب بعد الري. قال أهل اللغة: قنحت الإبل إذا تكارهت. وتقنحته أيضا.
(عكومها رداح) قال أبو عبيد وغيره: العكوم الأعدال والأوعية التي فيها الطعام والأمتعة. واحدها عكم. ورداح أي عظام كبيرة. ومنه قيل للمرأة رداح إذا كانت عظيمة الأكفال. فإن قيل: رداح مفردة فكيف وصف بها العكوم، والجمع لا يجوز وصفه بالمفرد؟ قال القاضي: جوابه أنه أراد كل عكوم منها رداح. أو يكون رداح هنا مصدرا كالذهاب. أو يكون على طريق النسبة، كقوله: السماء منفطر به، أي ذات انفطار.
(وبيتها فساح) أي واسع. والفسيح مثله. هكذا فسره الجمهور. قال القاضي: ويحتمل أنها أرادت كثرة الخيل والنعمة. (مضجعه كمسل شطبة) مرادها أنه مهفهف خفيف اللحم كالشطبة وهو مما يمدح به الرجل. والشطبة ما شطب من جريد النخل، أي شق. وهي السعفة. لأن الجريدة تشقق منها قضبان رقاق. والمسل هنا مصدر بمعنى المسلول، أي ما سل من قشره. قال ابن الأعرابي وغيره: أرادت بقولها كمسل شطبة أنه كالسيف سل من غمده. (وتشبعه ذراع الجفرة) الذراع مؤنثة وقد تذكر. والجفرة الأنثى من أولاد المعز، وقيل من الضأن. وهي ما بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها. والذكر جفر. لأنه جفر جنباه، أي عظما. والمراد أنه قليل الأكل. والعرب تمدح به. (وملء كسائها) أي ممتلئة الجسم سمينته. (وغيظ جارتها) قالوا: المراد بجارتها ضرتها. يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها وأدبها. (لا تبث حديثنا تبثيثا) أي لا تشيعه وتظهره، بل تكتم سرنا وحديثنا كله. (ولا تنقث ميرتنا تنقيثا) الميرة الطعام المجلوب. ومعناه لا تفسده ولا تفرقه ولا تذهب به. ومعناه وصفها بالأمانة. (ولا تملأ بيتنا تعشيشا) أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر. بل هي مصلحة للبيت معتنية بتنظيفه.
(والأوطاب تمخض) الأوطاب جمع وطب. وهو جمع قليل النظير. وهي أسقية اللبن التي يمخض فيها. قال أبو عبيد: هو جمع وطبة. ومخضت اللبن مخضا إذا استخرجت زبده بوضع الماء فيه وتحريكه. أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب وطيب الربيع. قال الحافظ في الفتح: قلت وكأن سبب ذكر ذلك توطئة للباعث على رؤية أبي زرع للمرأة على الحالة التي رآها عليها. أي أنها من مخض اللبن تعبت فاستلقت تستريح فرآها أبو زرع على ذلك. اهـ. (يلعبان من تحت خصرها برمانتين) قال أبو عبيد: معناه إنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت على قفاها نتأ الكفل بها من الأرض حتى تصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان. (رجلا سريا ركب شريا) سريا معناه سيدا شريفا وقيل سخيا. وشريا هو الفرس الذي يستشري في سيره، أي يلح ويمضي بلا فتور ولا انكسار. (وأخذ خطيا) بفتح الخاء وكسرها. والفتح أشهر ولم يذكر الأكثرون غيره. والخطي الرمح. منسوب إلى الخط. قرية من سيف البحر، أي ساحله، عند عمان والبحرين. قال أبو الفتح: قيل لها الخط لأنها على ساحل البحر. والساحل يقال له الخط لأنه فاصل بين الماء والتراب. وسميت الرماح خطية لأنها تحمل إلى هذا الموضع وتثقف فيه. قال القاضي: ولا يصح قول من قال: إن الخط منبت الرماح. (وأراح علي نعما ثريا) أي أتى بها إلى مراحها، وهو موضع مبيتها. والنعم الإبل والبقر والغنم. ويحتمل أن المراد ههنا بعضها وهي الإبل. والثري الكثير المال وغيره. ومنه الثروة في المال وهي كثرته. (وأعطاني من كل رائحة زوجا) قولها من كل رائحة أي مما يروح من الإبل والبقر والغنم والعبيد، زوجا أي اثنين. ويحتمل أنها أرادت صنفا. والزوج يقع على الصنف. ومنه قوله تعالى: وكنتم أزواجا ثلاثة. (وميري أهلك) أي أعطيهم وأفضلي عليهم وصليهم. (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) قال العلماء: هو تطييب لنفسها وإيضاح لحسن عشرته إياها. ومعناه أنا لك كأبي زرع. وكان زائدة. أو للدوام. كقوله تعالى: وكان الله غفورا رحيما. أي كان فيما مضى وهو باق كذلك.

٩٢ - م - (٢٤٤٨) وحَدَّثَنِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ. وَلَمْ يَشُكَّ. وَقَالَ: قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ. وَقَالَ: وَصِفْرُ رِدَائِهَا. وَخَيْرُ نِسَائِهَا. وَعَقْرُ جَارَتِهَا. وَقَالَ: وَلَا تَنْقُثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا. وَقَالَ: وأعطاني من كل ذابحة زوجا.


(قليلات المسارح) أي لا يوجهها تسرح إلا قليلا. (وصفر ردائها) الصفر الخالي. قال الهروي: أي ضامرة البطن. وقال غيره: معناه أنها خفيفة أعلى البدن وهو موضع الرداء ممتلئة أسفله، وهو موضع الكساء. ويؤيد هذا أنه جاء في الرواية: وملء إزارها. قال القاضي: والأولى أن المراد امتلاء منكبيها وقيام نهديها بحيث يرفعان الرداء عن أعلى جسدها فلا يمسه فيصير خاليا، بخلاف أسفلها. (وعقر جارتها) هكذا هو في النسخ: عقر. قال القاضي: هكذا ضبطناه عن جميع شيوخنا. ومعناه تغيظها فتصير كمعقور. وقيل تدهشها. من قولهم: عقر إذا دهش. (ولا تنقث ميرتنا تنقيثا) جاء قولها تنقيثا مصدرا على غير المصدر. وهو جائز كقوله تعالى: فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا. ومراده أن هذه الرواية وقعت بالتخفيف. (وأعطاني من كل ذابحة زوجا) هكذا هو في جميع النسخ: ذابحة. أي من كل ما يجوز ذبحه من الإبل والبقر والغنم وغيرها. وهي فاعلة بمعنى مفعولة.

١٥ - باب من فَضَائِلِ فَاطِمَةَ، بِنْتِ النَّبِيِّ، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَامُ
٩٣ - (٢٤٤٩) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كلاهما عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ. حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ؛ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ حَدَّثَهُ؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ «إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. فَلَا آذَنُ لَهُمْ. ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ. ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ. إِلَّا أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ. فَإِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي. يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا. وَيُؤْذِينِي ما آذاها».


(بضعة) بفتح الباء، لا يجوز غيره، وهي قطعة اللحم. (يريبني ما رابها) قال إبراهيم الحربي: الريب ما رابك من شيء خفت عقباه. وقال الفراء: راب وأراب بمعنى. وقال أبو زيد: رابني الأمر تيقنت منه الريبة. وأرابني شككني وأوهمني.

٩٤ - (٢٤٤٩) حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي. يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا».

٩٥ - (٢٤٤٩) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدُّؤَلِيُّ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حَدَّثَهُ؛
أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ بْنِ علي رضي الله عنهما، لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ. فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: لَا. قَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ. وَايْمُ اللَّهِ! لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِ أَبَدًا، حَتَّى تَبْلُغَ نَفْسِي. إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ. فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ «إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي. وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا».
قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ. فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ. قَالَ «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي. وَوَعَدَنِي فَأَوْفَى لِي. وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا. وَلَكِنْ، وَاللَّهِ! لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِنْتُ عَدُوِّ الله مكانا واحدا أبدا».


(أن تفتن في دينها) أي بسبب الغيرة الناشئة من البشرية. (ثم ذكر صهرا) هو أبو العاص بن الربيع. زوج زينب رضي الله عنها، بنت رسول الله ﷺ. والصهر يطلق على الزوج وأقاربه وأقارب المرأة. وهو مشتق من صهرت الشيء وأصهرته، إذا قربته. والمصاهرة مقاربة بين الأجانب والمتباعدين. (لا أحرم حلالا) أي لا أقول شيئا يخالف حكم الله. فإذا أحل شيئا لم أحرمه. وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه، لأن سكوتي تحليل له. ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله.

٩٦ - (٢٤٤٩) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ؛ أَنَّ
الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ؛
أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ

١٩٠٤
أَبِي جَهْلٍ. وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رسول الله ﷺ. فلما سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ. وَهَذَا عَلِيٌّ، نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ.
قَالَ الْمِسْوَرُ: فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ. ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ. فَإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا العاص ابن الرَّبِيعِ. فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي. وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ مُضْغَةٌ مِنِّي. وَإِنَّمَا أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهَا. وَإِنَّهَا، وَاللَّهِ! لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا».
قَالَ، فترك علي الخطبة.


(مضغة) المضغة القطعة من اللحم.

٩٦ - م - (٢٤٤٩) وحَدَّثَنِيهِ أَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبٌ (يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ) عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ (يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ) يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإسناد، نحوه.

٩٧ - (٢٤٥٠) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَعَا فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فَسَارَّهَا. فَبَكَتْ. ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِفَاطِمَةَ: مَا هَذَا الَّذِي سَارَّكِ بِهِ رسول الله ﷺ فبكيت، ثُمَّ سَارَّكِ فَضَحِكْتِ؟ قَالَتْ: سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي بِمَوْتِهِ، فَبَكَيْتُ. ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ أَهْلِهِ، فَضَحِكْتُ.

٩٨ - (٢٤٥٠) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَهُ. لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً. فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي. مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا. فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا. فَقَالَ»مَرْحَبًا بِابْنَتِي«ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ. ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا. فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ. ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ؟

١٩٠٥
فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَأَلْتُهَا مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ أُفْشِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سِرَّهُ. قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ، بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ، لَمَا حَدَّثْتِنِي مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَتْ: أَمَّا الْآنَ، فَنَعَمْ. أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الْآنَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنِّي لَا أُرَى الْأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ. فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي. فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ. فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقَالَ «يَا فَاطِمَةُ! أَمَا تَرْضَيْ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأمة»؟ قالت: فضحكت ضحكي الذي رأيت.


(مرة أو مرتين) هكذا وقع في هذه الرواية. وذكر المرتين شك من بعض الرواة. والصواب حذفها كما في باقي الروايات. (لا أرى) أي لا أظن. (نعم السلف) السلف المتقدم. ومعناه أنا متقدم قدامك فستردين علي. (أما ترضي) هكذا هو في النسخ: ترضي. وهو لغة. والمشهور: ترضين.

٩٩ - (٢٤٥٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. حدثنا زكرياء عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ. فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً. فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ. ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَاطِمَةُ. ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضًا. فَقُلْتُ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ. فَقُلْتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ: أَخَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِحَدِيثِهِ دُونَنَا ثُمَّ تَبْكِينَ؟ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً. وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي الْعَامِ مرتين. ولا أراني إلا حَضَرَ أَجَلِي. وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي. وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ.

١٩٠٦
فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ»أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ"؟ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.

١٦ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سَلَمَةَ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رضي الله عنها
١٠٠ - (٢٤٥١) حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ. كلاهما عَنْ الْمُعْتَمِرِ. قَالَ ابْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بن سليمان قال: سمعت أبي. حدثنا أبو عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ. قَالَ:
لَا تَكُونَنَّ، إِنِ اسْتَطَعْتَ، أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا. فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ.
قَالَ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ. قَالَ فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ قَامَ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ لِأُمِّ سَلَمَةَ «مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ. قَالَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللَّهِ! مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ. حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ يُخْبِرُ خَبَرَنَا. أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هذا؟ قال: من أسامة بن زيد.


(فإنها معركة الشيطان) قال أهل اللغة: المعركة موضع القتال. لمعاركة الأبطال بعضهم بعضا فيها، ومصارعتهم. فشبه السوق وفعل الشيطان بأهله، ونيله منهم، بالمعركة. لكثرة ما يقع فيها من أنواع الباطل. كالغش والخداع والأيمان الخائنة والعقود الفاسدة. والنجش والبيع على بيع أخيه والشراء على شرائه والسوم على سومه وبخس المكيال والميزان. والسوق تؤنث وتذكر. وسميت بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم. (وبها ينصب رايته) إشارة إلى ثبوته هناك واجتماع أعوانه إليه للتحريش بين الناس وحملهم على هذه المفاسد المذكورة ونحوها. فهي موضعه وموضع أعوانه. (يخبر خبرنا) هكذا هو في نسخ بلادنا. وكذا نقله القاضي وبعض الرواة والنسخ. وعن بعضهم: يخبر خبر جبريل. قال: وهو الصواب. وقد وقع في البخاري على الصواب.

١٧ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رضي الله عنها
١٠١ - (٢٤٥٢) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، أَبُو أَحْمَدَ. حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَي بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي، أَطْوَلُكُنَّ يَدًا».
قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا.
قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ. لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ.


(فكانت أطولنا يدا زينب) معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد الحقيقية. وهي الجارحة. فكن يذرعن أيديهن بقصبة. فكانت سودة أطولهن جارحة. وكانت زينب أطولهن يدا في الصدقة وفعل الخير. فماتت زينب أولهن. فعلموا أن المراد طول اليد في الصدقة والجود.
قال أهل اللغة: فلان طويل اليد وطويل الباع، إذ كان سمحا جوادا. وضده قصير اليد والباع، وجعد الأنامل. ووقع هذا الحديث في كتاب الزكاة من البخاري بلفظ متعقد. يوهم أن أسرعهن لحاقا سودة. وهذا الوهم باطل بالإجماع.

١٨ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ، رضي الله عنها
١٠٢ - (٢٤٥٣) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ. قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يرده. فجعلت تصخب عليه وتذمر عليه.


(تصخب) أي تصيح وترفع صوتها، إنكار لإمساكه عن شرب الشراب. (وتذمر عليه) أي تتذمر وتتكلم بالغضب. يقال: ذمر يذمر كقتل يقتل إذا غضب وإذا تكلم بالغضب. ومعنى الحديث أن النبي ﷺ رد الشراب عليها. إما لصيام وإما لغيره. فغضبت وتكلمت بالإنكار والغضب وكانت تدل عليه ﷺ لكونها حضنته وربته ﷺ.

١٠٣ - (٢٤٥٤) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا. كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَزُورُهَا. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ. فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟

١٩٠٨
مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ ﷺ. فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ ﷺ. وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ. فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ. فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا.

١٩ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سُلَيْمٍ، أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِلَالٍ رضي الله عنهما
١٠٤ - (٢٤٥٥) حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَدْخُلُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِ. إِلَّا أُمِّ سُلَيْمٍ. فَإِنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ «إِنِّي أَرْحَمُهَا. قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي».

١٠٥ - (٢٤٥٦) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ السَّرِيِّ). حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ ملحان، أم أنس بن مالك».


(خشفة) هي حركة المشي وصوته. ويقال أيضا خشفة، بفتح الشين. (الغميصاء) ويقال لها: الرميصاء، أيضا. ويقال بالسين. قال ابن عبد البر: أم سليم هي الرميصاء والغميصاء. والمشهور فيه الغين. وأختها أم حرام الرميصاء. ومعناهما متقارب. والغمص والرمص قذى يابس وغير يابس يكون في أطراف العين.

١٠٦ - (٢٤٥٧) حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ. حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ «أُرِيتُ الْجَنَّةَ. فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ. ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أمامي. فإذا بلال».


(خشخشة) هي صوت الشيء اليابس، إذا حك بعضه بعضا.

٢٠ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه
١٠٧ - (٢١٤٤) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ. فَقَالَتْ لِأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ. قَالَ فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً. فَأَكَلَ وَشَرِبَ. فَقَالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ ما كانت تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ. فَوَقَعَ بِهَا. فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ! أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ. قَالَ فَغَضِبَ وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي! فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا» قَالَ فَحَمَلَتْ. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إذا أتي الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ، لَا يَطْرُقُهَا طُرُوقًا. فَدَنَوْا مِنْ الْمَدِينَةِ. فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ. فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ. وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَالَ يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ، يا رب! إنه ليعجبني أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ. وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى. قَالَ تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ! مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ. انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا. قَالَ وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا. فَوَلَدَتْ غُلَامًا. فَقَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ! لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ. فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ «لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. فَوَضَعَ الْمِيسَمَ. قَالَ وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ. وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَجْوَةٍ

١٩١٠
مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ. فَلَاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ. ثُمَّ قَذَفَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ. فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «انْظُرُوا إلى حب الأنصار للتمر» قال فمسح وجهه وسماه عبد الله.


(لا يطرقها طروقا) أي لا يدخلها في الليل. (فضربها المخاض) هو الطلق ووجع الولادة. (ما أجد الذي كنت أجد) تريد أن الطلق انجلى عنها، وتأخرت الولادة. (ميسم) هي الآلة التي يكوى بها الحيوان. من الوسم. وهو العلامة. ومنه قوله تعالى. سنسمه على الخرطوم. أي سنجعل على أنفه سوادا يعرف به يوم القيامة. والخرطوم من الإنسان، الأنف. (يتلمظها) أي يتتبع بلسانه بقيتها ويمسح به شفتيه.

١٠٧ - م - (٢١٤٤) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ. حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.

٢١ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ بِلَالٍ، رضي الله عنه
١٠٨ - (٢٤٥٨) حدثنا عبيد الله بْنُ يَعِيشَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نمير (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ لِبِلَالٍ، عِنْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ «يَا بِلَالُ! حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ، عِنْدَكَ، فِي الْإِسْلَامِ مَنْفَعَةً. فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ». قَالَ بِلَالٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً، مِنْ أَنِّي لَا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا، فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ، مَا كَتَبَ اللَّهُ لي أن أصلي.


(ما كتب الله لي أن أصلي) معناه ما قدر الله لي.

٢٢ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وأمه، رضي الله عنهما
١٠٩ - (٢٤٥٩) حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ الْحَضْرَمِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ
وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ (قَالَ سَهْلٌ وَمِنْجَابٌ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. قال:
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا [٥/ المائدة/ ٩٣] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قيل لي: أنت منهم».


(قيل لي أنت منهم) معناه أن ابن مسعود منهم.

١١٠ - (٢٤٦٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رافع - واللفظ لابن رافع - (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا) يَحْيَي بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنْ الْيَمَنِ. فَكُنَّا حِينًا وَمَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ ولزومهم له.


(فكنا حينا) معناه مكثنا زمانا. وقال الشافعي وأصحابه ومحققوا أهل اللغة وغيرهم: الحين يقع على القطعة من الدهر، طالت أم قصرت. (وما نرى) أي نظن. (دخولهم ولزومهم له) جمعهما، وهما اثنان هو وأمه، لأن الاثنين يجوز جمعهما بالاتفاق. ولكن الجمهور يقولون: أقل الجمع ثلاثة. فجمع الاثنين مجاز. وقالت طائفة أقله اثنان. فجمعهما حقيقة.

١١٠ - م - (٢٤٦٠) حدثنيه مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ الْأَسْوَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنْ الْيَمَنِ. فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.

١١١ - (٢٤٦٠) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أُرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. أَوْ مَا ذَكَرَ مِنْ نَحْوِ هَذَا.

١١٢ - (٢٤٦١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن أبي إسحاق. قال: سمعت أَبَا الْأَحْوَصِ قَالَ:
شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ، حِينَ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ. إِنْ كَانَ لَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا. وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.

١١٣ - (٢٤٦١) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا قُطْبَةُ (هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ:
كُنَّا فِي دَارِ أَبِي مُوسَى مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ. وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي مُصْحَفٍ. فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ. فَقَالُ أَبُو مَسْعُودٍ: مَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَرَكَ بَعْدَهُ أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْقَائِمِ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ. لَقَدْ كَانَ يَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا. وَيُؤْذَنُ له إذا حجبنا.

١١٣ - م - (٢٤٦١) وحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (هُوَ ابْنُ مُوسَى) عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ. قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مُوسَى فَوَجَدْتُ عَبْدَ اللَّهِ وَأَبَا مُوسَى. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا محمد بن أبي عبيد. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ. قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مُوسَى. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَحَدِيثُ قُطْبَةَ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ.

١١٤ - (٢٤٦٢) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّهُ قَالَ:
﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [٣ /آل عمران/ ١٦١]. ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً. وَلَقَدْ عَلِمَ أصحاب رسول الله ﷺ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ. وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ. فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عليه، ولا يعيبه.


(ومن يغلل يأت بما غل) فيه محذوف. وهو مختصر مما جاء في غير هذه الرواية. معناه أن ابن مسعود كان مصحفه يخالف مصحف الجمهور. وكانت مصاحف أصحابه كمصحفه. فأنكر عليه الناس وأمروه بترك مصحفه وبموافقة مصحف الجمهور. وطلبوا أن يحرقوه كما فعلوا بغيره. فامتنع. وقال لأصحابه: غلوا مصاحفكم. أي اكتموها. وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. يعني فإذا غللتموها جئتم بها يوم القيامة، وكفى لكم بذلك شرفا. ثم قال على سبيل الإنكار: ومن هو الذي تأمرونني أن آخذ بقراءته وأترك مصحفي الذي أخذته من في رسول الله ﷺ. (حلق) بفتح الحاء واللام. ويقال بكسر الحاء وفتح اللام. وقال الحربي: بفتح الحاء وإسكان اللام. وهو جمع حلقة كتمر وتمرة.

١١٥ - (٢٤٦٣) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا قُطْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ! مَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سُورَةٌ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ. وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ. وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي، تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ، لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.

١١٦ - (٢٤٦٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ:
كُنَّا نَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَنَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ - وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: عِنْدَهُ - فَذَكَرْنَا يَوْمًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ. فَقَالَ: لَقَدْ ذَكَرْتُمْ رَجُلًا لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَيْءٍ سمعته من رسول الله ﷺ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حذيفة».


(خذوا القرآن من أربعة) قال العلماء: سببه أن هؤلاء أكثر ضبطا لألفاظه، وأتقن لأدائه، وإن كان غيرهم أفقه في معانيه منهم. أو لأن هؤلاء الأربعة. تفرغوا لأخذه منه ﷺ. مشافهة، وغيرهم اقتصروا على أخذ بعضهم من بعض. أو لأن هؤلاء تفرغوا لأن يؤخذ عنهم. أو أنه ﷺ أراد الإعلام بما يكون بعد وفاته ﷺ من تقدم هؤلاء الأربعة وتمكنهم، وأنهم أقعد من غيرهم في ذلك، فليؤخذ عنهم.

١١٧ - (٢٤٦٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. فَذَكَرْنَا حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يقوله. سمعته يقول «اقرؤا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ - فَبَدَأَ بِه -، وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ سَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». وَحَرْفٌ لَمْ يَذْكُرْهُ زُهَيْرٌ. قَوْلُهُ: يقوله.

١١٧ - م - (٢٤٦٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش. بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ وَوَكِيعٍ. في رواية أبي بكر عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، قَدَّمَ مُعَاذًا قَبْلَ أُبَيٍّ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ، أُبَيٌّ قَبْلَ مُعَاذٍ.

١١٧ - م ٢ - (٢٤٦٤) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. ح وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ. بِإِسْنَادِهِمْ. وَاخْتَلَفَا عَنْ شُعْبَةَ فِي تَنْسِيقِ الْأَرْبَعَةِ.

١١٨ - (٢٤٦٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: ذَكَرُوا ابْنَ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يقول «استقرؤا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بن جبل».

١١٨ - م - (٢٤٦٤) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَزَادَ: قَالَ شُعْبَةُ: بَدَأَ بِهَذَيْنِ. لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا بَدَأَ.

٢٣ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
١١٩ - (٢٤٦٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ:
جَمَعَ الْقُرْآنَ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَرْبَعَةٌ. كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي.

١٢٠ - (٢٤٦٥) حدثني أبو داود، سليمان بن معبد. حدثنا عمرو بن عاصم. حدثنا همام. قَالَ:

١٩١٥
قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ. كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُكْنَى أَبَا زيد.

١٢١ - (٧٩٩) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِأُبَيٍّ «إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ «اللَّهُ سَمَّاكَ لِي» قَالَ فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي.

١٢٢ - (٧٩٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. قال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قال.
قال رسول الله ﷺ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا» [٩٨ /البينة/ ١] قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ «نَعَمْ» قَالَ فَبَكَى.

١٢٢ - م - (٧٩٩) حدثنيه يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأُبَيٍّ. بِمِثْلِهِ.

٢٤ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، رضي الله عنه
١٢٣ - (٢٤٦٦) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
قَالَ رسول الله ﷺ، وَجَنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ «اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ».

١٢٤ - (٢٤٦٦) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قال:
قال رسول الله ﷺ «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، لِمَوْتِ سعد بن معاذ».


(اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) اختلف العلماء في تأويله. فقالت طائفة: هو على ظاهره. واهتزاز العرش تحركه فرحا بقدوم روح سعد. وجعل الله تعالى في العرش تمييزا حصل به هذا. ولا مانع منه. كما قال تعالى: وإن منها لما يهبط من خشية الله. وهذا القول هو ظاهر الحديث وهو المختار. وقال آخرون: المراد اهتزاز أهل العرش وهم حملته وغيرهم من الملائكة. فحذف المضاف. والمراد بالاهتزاز الاستبشار والقبول. ومنه قول العرب: فلان يهتز للمكارم لا يريدون اضطراب جسمه وحركته، وإنما يريدون ارتياحه إليها وإقباله عليها.

١٢٥ - (٢٤٦٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، الْخَفَّافُ عَنْ سَعِيدٍ، عن قتادة. حدثنا أنس بن مالك؛
أن نبي الله ﷺ قال، وَجَنَازَتُهُ مَوْضُوعَةٌ - يَعْنِي سَعْدًا - «اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرحمن».

١٢٦ - (٢٤٦٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ:
أُهْدِيَتْ لرسول الله ﷺ حلة من حَرِيرٍ. فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَلْمِسُونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا. فَقَالَ «أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ».


(لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ منها وألين) المناديل جمع منديل، وهذا هو الذي يحمل في اليد. قال ابن الأعرابي وابن فارس وغيرهما: هو مشتق من الندل، وهو النقل. لأنه ينقل من واحد إلى واحد. وقيل: من الندل، وهو الوسخ، لأنه يندل به. قال أهل العربية: يقال منه تندلت بالمنديل. قال الجوهري: ويقال أيضا: تمندلت. قال وأنكرها الكسائي. قال ويقال أيضا تمدلت.

١٢٦ - م - (٢٤٦٨) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. أَنْبَأَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ:
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِثَوْبِ حَرِيرٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بنحو هذا أو بمثله.

١٢٦ - م ٢ - (٢٤٦٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ. حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا. كَرِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ.

١٢٧ - (٢٤٦٩) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛
أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ جُبَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ. وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ. فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا. فَقَالَ «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فِي الْجَنَّةِ، أَحْسَنُ مِنْ هَذَا».

١٢٧ - م - (٢٤٦٩) حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حلة. فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: وَكَانَ يَنْهَى عن الحرير.

٢٥ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي دُجَانَةَ، سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
١٢٨ - (٢٤٧٠) حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عن أنس؛
إن رسول الله ﷺ أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ. فَقَالَ «مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا؟» فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ. كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا، أَنَا. قَالَ «فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟» قَالَ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ. فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ. قَالَ فَأَخَذَهُ ففلق به هام المشركين.


(فأحجم) هو بحاء ثم جيم. هكذا هو في معظم نسخ بلادنا. وفي بعضها بتقديم الجيم على الحاء. وادعى القاضي عياض أن الرواية بتقديم الجيم. ولم يذكر غيره. قال فهما لغتان. ومعناهما تأخروا وكفوا. (ففلق به هام المشركين) أي شق رؤسهم.

٢٦ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَالِدُ جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهما
١٢٩ - (٢٤٧١) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، جِيءَ بِأَبِي مُسَجًّى، وَقَدْ مُثِلَ بِهِ. قَالَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي. ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي. فَرَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَوْ أَمَرَ بِهِ فَرُفِعَ. فَسَمِعَ صَوْتَ

١٩١٨
بَاكِيَةٍ أَوْ صَائِحَةٍ. فَقَالَ «مَنْ هَذِهِ؟» فَقَالُوا: بِنْتُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو. فَقَالَ «وَلِمَ تَبْكِي؟ فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تظله بأجنحتها حتى رفع».


(مسجى) أي مغطى. (مثل) يقال: مثل بالقتيل والحيوان يمثل مثلا، كقتل يقتل قتلا، إذا قطع أطرافه أو أنفه أو أذنه أو مذاكيره. ونحو ذلك. والاسم المثلة. فأما مثل. بالتشديد، فهو للمبالغة. والرواية هنا بالتخفيف.

١٣٠ - (٢٤٧١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
أُصِيبَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ. فَجَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي. وَجَعَلُوا يَنْهَوْنَنِي. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَنْهَانِي. قَالَ وَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ، بِنْتُ عَمْرٍو تَبْكِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «تَبْكِيهِ، أَوْ لَا تَبْكِيهِ، مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا، حَتَّى رفعتموه».


(تبكيه أو لا تبكيه) معناه سواء بكت عليه أم لا، فما زالت الملائكة تظله. أي فقد حصل له من الكرامة هذا وغيره. فلا ينبغي البكاء على مثل هذا.

١٣٠ - م - (٢٤٧١) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. غَيْرَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَيْسَ في حديثه ذكر الملائكة وبكاء الباكية.

١٣٠ - م ٢ - (٢٤٧١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ مُجَدَّعًا. فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيَّ ﷺ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.


(مجدعا) أي مقطوع الأنف والأذنين. قال الخليل: الجدع قطع الأنف والأذن.

٢٧ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ جُلَيْبِيبٍ، رضي الله عنه
١٣١ - (٢٤٧٢) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ. فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ

١٩١٩
«هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ. فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ. فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ «لكني أفقد جلبيبا. فَاطْلُبُوهُ» فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى. فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ. ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَأَتَى النَّبِيُّ ﷺ فَوَقَفَ عَلَيْهِ. فَقَالَ «قَتَلَ سَبْعَةً. ثُمَّ قَتَلُوهُ. هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ. هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» قَالَ فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ. لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ فَحُفِرَ لَهُ ووضع في قبره. ولم يذكر غسلا.


(مغزى) أي سفر غزو. (هذا مني وأنا منه) معناه المبالغة في اتحاد طريقهما، واتفاقهما في طاعة الله تعالى.

٢٨ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي ذَرٍّ، رضي الله عنه
١٣٢ - (٢٤٧٣) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ:
خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ. وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ. فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا. فَنَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا. فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا. فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا: إِنَّكَ إِذَا خرجت عَنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ. فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ. فَقُلْتُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ، وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ. فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا. فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا. وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِي. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ. فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا. فَأَتَيَا الْكَاهِنَ. فَخَيَّرَ أُنَيْسًا. فَأَتَانَا أُنَيْسٌ بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا.

١٩٢٠
قَالَ: وَقَدْ صَلَّيْتُ، يَا ابْنَ أَخِي! قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِثَلَاثِ سِنِينَ. قُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ. قُلْتُ: فَأَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي. أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ. حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ.
فَقَالَ أُنَيْسٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي. فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ. فَرَاثَ عَلَيَّ. ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ. يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ. قُلْتُ: فَمَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: شَاعِرٌ، كَاهِنٌ، سَاحِرٌ. وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ.
قَالَ أُنَيْسٌ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ. فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ. وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ. فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي؛ أَنَّهُ شِعْرٌ. وَاللَّهِ! إِنَّهُ لَصَادِقٌ. وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ.
قَالَ: قُلْتُ: فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ. قَالَ فَأَتَيْتُ مَكَّةَ. فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ. فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَقَالَ: الصَّابِئَ. فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلٍّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ. حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ. قَالَ فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ، كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ. قَالَ فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ: وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا. وَلَقَدْ لَبِثْتُ، يَا ابْنَ أَخِي! ثَلَاثِينَ، بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ. فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي. وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ.

١٩٢١
قَالَ فَبَيْنَا أَهْلِ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانَ، إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَسْمِخَتِهِمْ. فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ. وَامْرَأَتَيْنِ مِنْهُمْ تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ. قَالَ فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا فَقُلْتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْأُخْرَى. قَالَ فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا. قَالَ فَأَتَتَا عَلَيَّ. فَقُلْتُ: هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ. غَيْرَ أَنِّي لَا أَكْنِي. فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ، وَتَقُولَانِ: لَوْ كَانَ ههنا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا! قَالَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ. وَهُمَا هَابِطَانِ. قَالَ «مَا لَكُمَا؟» قَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا. قَالَ «مَا قَالَ لَكُمَا؟» قَالَتَا: إِنَّهُ قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ. وَجَاءَ رسول الله ﷺ حتى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ. وَطَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ وَصَاحِبُهُ. ثُمَّ صَلَّى. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ (قَالَ أَبُو ذَرٍّ) فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ. قَالَ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ «وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَنْتَ؟» قَالَ قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ. قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ. فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ. فَقَدَعَنِي صَاحِبُهُ. وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ. ثُمَّ قَالَ «مَتَى كنت ههنا؟» قال قلت:

١٩٢٢
قد كنت ههنا مُنْذُ ثَلَاثِينَ، بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قَالَ «فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟» قَالَ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ. فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي. وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ. قَالَ «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ. إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ».
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ. وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا. فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا. فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ. وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا. ثُمَّ غَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ. ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ وُجِّهَتْ لِي أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ. لَا أُرَاهَا إِلَّا يَثْرِبَ. فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ؟ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ». فَأَتَيْتُ أُنَيْسًا فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. قَالَ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ. فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. فَأَتَيْنَا أُمَّنَا. فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا. فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارًا. فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ. وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ أَيْمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ الْغِفَارِيُّ. وَكَانَ سَيِّدَهُمْ. وَقَالَ نِصْفُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رسول الله ﷺ المدينة أَسْلَمْنَا. فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ. فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمُ الْبَاقِي. وَجَاءَتْ أَسْلَمُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِخْوَتُنَا. نُسْلِمُ عَلَى الذين أَسْلَمُوا عَلَيْهِ. فَأَسْلَمُوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ».


(فنثا) أي أشاعه وأفشاه. (صرمتنا) الصرمة هي القطعة من الإبل. وتطلق أيضا على القطعة من الغنم. (فنافر) قال أبو عبيد وغيره في شرح هذا: المنافرة المفاخرة والمحاكمة. فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر، ثم يتحاكمان إلى رجل ليحكم أيهما خير وأعز نفرا. وكانت هذه المفاخرة في الشعر أيهما أشعر. (عن صرمتنا وعن مثلها) معناه تراهن هو وآخر أيهما أفضل. وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك. فأيهما كان أفضل أخذ الصرمتين. فتحاكما إلى الكاهن. فحكم بأن أنيسا أفضل. وهو معنى قوله فخير أنيسا. أي جعله الخيار والأفضل. (خفاء) هو الكساء. وجمعه أخفية. ككساء وأكسية. (فراث علي) أي أبطأ. (أقراء الشعر) أي طرقه وأنواعه. (فتضعفت) يعني نظرت إلى أضعفهم فسألته. لأن الضعيف مأمون الغائلة دائما. (الصابئ) منصوب على الإغراء. أي انظروا وخذوا هذا الصابئ. (نصب أحمر) يعني من كثرة الدماء التي سالت مني بضربهم. والنصب والنصب الصنم والحجر كانت الجاهلية تنصبه وتذبح عنده، فيحمر بالدم. وجمعه أنصاب. ومنه قوله تعالى: وما ذبح على النصب. (عكن بطني) جمع عكنة، وهو الطي في البطن من السمن. معنى تكسرت أي انثنت وانطوت طاقات لحم بطنه. (سخفة الجوع) بفتح السين وضمها. هي رقة الجوع وضعفه وهزاله. (قمراء) أي مقمرة. (إضحيان) أي مضيئة، منورة. يقال: ليلة إضحيان وإضحيانة. وضحياء ويوم أضحيان. (أسمختهم) هكذا هو في جميع النسخ. وهو جمع سماخ، وهو الخرق الذي في الأذن يفضي إلى الرأس. يقال: صماخ وسماخ. والصاد أفصح وأشهر. والمراد بأسمختهم، هنا، آذانهم. أي ناموا: قال الله تعالى: فضربنا على آذانهم، أي أنمناهم. (وامرأتين) هكذا هو في معظم النسخ بالياء. وفي بعضها: وامرأتان، بالألف. والأول منصوب بفعل محذوف. أي ورأيت امرأتين. (فما تناهتا) أي ما انتهتا. (هن مثل الخشبة) الهن والهنة، بتخفيف نونهما، هو كناية عن كل شئ. وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر. فقال لهما أو مثل الخشبة في الفرج. وأراد بذلك سب إساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك. (تولولان) الولولة الدعاء بالويل. (أنفارنا) الأنفار جمع نفر أو نفير، وهو الذي ينفر عند الاستغاثة. (تملأ الفم) أي عظيمة لا شيء أقبح منها، كالشيء الذي يملأ الشيء ولا يسع غيره. وقيل معناه لا يمكن ذكرها وحكايتها. كأنها تسد فم حاكيها وتملؤه لاستعظامها. (فقد عني) أي كفني. يقال: قدعه وأقدعه، إذا كفه ومنعه. (طعام طعم) أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام. (غبرت ما غبرت) أي بقيت ما بقيت. (وجهت لي أرض) أي أريت جهتها. (أراها) ضبطوه أراها بضم الهمزة وفتحها. (يثرب) هذا كان قبل تسمية المدينة طابة وطيبة. وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها يثرب. (ما بي رغبة عن دينكما) أي لا أكرهه، بل أدخل فيه. (فاحتملنا) يعني حملنا أنفسنا ومتاعنا على إبلنا، وسرنا. (إيماء) الهمزة في أوله مكسورة، على المشهور. وحكى القاضي فتحها أيضا، وأشار إلى ترجيحه، وليس براجح.

١٣٢ - م - (٢٤٧٣) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ - قُلْتُ فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ - قَالَ: نَعَمْ. وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. فإنهم قد شنفوا له وتجهموا.


(شنفوا له) أي أبغضوه. يقال: رجل شنف، أي حذر. أي شانئ مبغض. (تجهموا) أي قابلوه بوجوه غليظة كريهة.

١٣٢ - م ٢ - (٢٤٧٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الصَّامِتِ، قَالَ:
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا ابْنَ أَخِي! صَلَّيْتُ سَنَتَيْنِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ قُلْتُ: فَأَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: حَيْثُ وَجَّهَنِيَ اللَّهُ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَقَالَ فِي الحديث: فتنافروا إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْكُهَّانِ. قَالَ فَلَمْ يَزَلْ أَخِي، أُنَيْسٌ يَمْدَحُهُ حَتَّى غَلَبَهُ. قَالَ فَأَخَذْنَا صِرْمَتَهُ فَضَمَمْنَاهَا إِلَى صِرْمَتِنَا. وَقَالَ أَيْضًا فِي حَدِيثِهِ: قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ. قَالَ فَأَتَيْتُهُ. فَإِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ. قَالَ قُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ. مَنْ أَنْتَ». وَفِي حديثه أيضا: فقال «منذ كم أنت ههنا؟» قَالَ قُلْتُ: مُنْذُ خَمْسَ عَشَرَةَ. وَفِيهِ: فَقَالَ أبو بكر: أتحفني بضيافته الليلة.


(توجه) وفي بعض النسخ: توجه. وكلاهما صحيح. (فتنافرا) أي تحاكما. (أتحفني) أي خصني بها وأكرمني بذلك. قال أهل اللغة: التحفة، بإسكان الحاء وفتحها، هو ما يكرم به الإنسان. والفعل منه أتحفه.

١٣٣ - (٢٤٧٤) وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ (وَتَقَارَبَا فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ. وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَاتِمٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ ﷺ بِمَكَّةَ قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي. فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ. فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي. فَانْطَلَقَ الْآخَرُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

١٩٢٤
وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ. فَقَالَ: مَا شَفَيْتَنِي فِيمَا أَرَدْتُ. فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ، فِيهَا مَاءٌ. حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ ﷺ وَلَا يَعْرِفُهُ. وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ. حَتَّى أَدْرَكَهُ - يَعْنِي اللَّيْلَ - فَاضْطَجَعَ. فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ. فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ. فَلَمْ يَسْأَلْ واحد منهما صاحبه عن شئ. حتى أصبح ثم احتمل قريبته وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَلَا يَرَى النَّبِيَّ ﷺ. حَتَّى أَمْسَى. فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ. فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ. فَقَالَ: مَا أَنَى لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ؟ فَأَقَامَهُ. فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ. وَلَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ منهما صاحبه عن شئ. حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَأَقَامَهُ عَلِيٌّ مَعَهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَلَا تُحَدِّثُنِي؟ مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ هَذَا الْبَلَدَ؟ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي. فَعَلْتُ. فَفَعَلَ. فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: فَإِنَّهُ حَقٌّ. وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتَّبِعْنِي. فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ، قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ. فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتَّبِعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي. فَفَعَلَ. فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ. حَتَّى دخل النَّبِيِّ ﷺ وَدَخَلَ مَعَهُ. فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ. وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي». فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ. فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وَثَارَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ. فَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! أَلَسْتُمْ تعلمون أنه

١٩٢٥
من غفار. وأن طريق تجارتكم إِلَى الشَّامِ عَلَيْهِمْ. فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ. ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا. وَثَارُوا إِلَيْهِ فَضَرَبُوهُ. فَأَكَبَّ عليه العباس فأنقذه.


(ما شفيتني فيما) كذا في جميع نسخ مسلم: فيما. بالفاء. وفي رواية البخاري: مما، بالميم، وهو أجود، أي ما بلغتني غرضي، وأزلت عني هم كشف هذا الأمر. (شنة) هي القربة البالية. (قريبته) على التصغير: وفي بعض النسخ: قربته، بالتكبير: وهي الشنة المذكورة قبله. (ما أنى) وفي بعض النسخ: آن. وهما لغتان. أي ما حان. وفي بعض النسخ: أما بزيادة ألف الاستفهام، وهي مرادة في الرواية الأولى، ولكن حذفت، وهو جائز. (يقفوه) أي يتبعه. (لأصرخن بها) أي لأرفعن صوتي بها. (بين ظهرانيهم) أي بينهم. وهو بفتح النون. ويقال: بين ظهريهم.

٢٩ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
١٣٤ - (٢٤٧٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عبد الله عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيانٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ: قال جرير بن عبد الله:
مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ. وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ.


(ما حجبني) معناه ما منعني الدخول عليه في وقت من الأوقات.

١٣٥ - (٢٤٧٥) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ. قَالَ:
مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ. وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ ابْنِ إِدْرِيسَ: وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: «اللَّهُمَّ! ثَبِّتْهُ. وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا».

١٣٦ - (٢٤٧٦) حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ. قَالَ:
كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ وَالشَّامِيَّةِ؟» فَنَفَرْتُ

١٩٢٦
إِلَيْهِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ. فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ. فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ: فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ.


(الكعبة اليمانية والكعبة الشامية) هذا اللفظ فيه إيهام. والمراد أن ذا الخلصة كانوا يسمونها الكعبة اليمانية. وكانت الكعبة الكريمة التي بمكة تسمى الكعبة الشامية. ففرقوا بينهما للتمييز. هذا هو المراد. فيتأول اللفظ عليه وتقديره: يقال له الكعبة اليمانية، ويقال للتي بمكة الشامية. (فنفرت) أي خرجت للقتال.

١٣٧ - (٢٤٧٦) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ. قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا جَرِيرُ! أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ» بَيْتٍ لِخَثْعَمَ كَانَ يُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ. قَالَ فَنَفَرْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ. وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدْرِي فَقَالَ «اللَّهُمَّ! ثَبِّتْهُ. وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا».
قَالَ فَانْطَلَقَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ. ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا يُبَشِّرُهُ. يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ، مِنَّا. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لَهُ: مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْنَاهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ ورجالها، خمس مرات.


(كعبة اليمانية) هكذا هو في جميع النسخ. وهو من إضافة الموصوف إلى صفته. وأجازه الكوفيون. وقدر البصريون فيه حذفا. أي كعبة الجهة اليمانية. واليمانية بتخفيف الياء على المشهور. وحكى تشديدها. (جمل أجرب) قال القاضي: معناه مطلي بالقطران لما به من الجرب، فصار أسود لذلك. يعني صارت سوداء من إحراقها.

١٣٧ - م - (٢٤٧٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (يَعْنِي الْفَزَارِيَّ). ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مَرْوَانَ: فَجَاءَ بَشِيرُ جَرِيرٍ، أَبُو أَرْطَاةَ، حُصَيْنُ بْنُ رَبِيعَةَ، يُبَشِّرُ النَّبِيِّ ﷺ.

٣٠ - باب من فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما
١٣٨ - (٢٤٧٧) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ. قَالَا: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ. قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عباس؛
أن النبي ﷺ أَتَى الْخَلَاءَ. فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا. فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ «مَنْ وَضَعَ هَذَا؟» - فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ قَالُوا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ - قُلْتُ: ابْنُ عباس. قال «اللهم! فقهه».

٣١ - باب من فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما
١٣٩ - (٢٤٧٨) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ. وَلَيْسَ مَكَانٌ أُرِيدُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ إِلَيْهِ. قَالَ فَقَصَصْتُهُ عَلَى حَفْصَةَ. فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «أرى عبد الله رجلا صالحا».


(استبرق) هو ما غلظ من الديباج. (صالحا) الصالح هو القائم بحدود الله تعالى وحقوق العباد.

١٤٠ - (٢٤٧٩) حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد (واللفظ لعبد) قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذَا رَأَى رُؤْيَا، قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا. وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ. فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ. وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ.

١٩٢٨
وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ. فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. قَالَ فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ. فَقَصَصْتُهَا على حفصة. فقصتها على رسول الله ﷺ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «نَعَمْ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ! لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ».
قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ، بَعْدَ ذَلِكَ، لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا.


(قرنان كقرني البئر) هما الخشبتان اللتان عليهما الخطاف. وهو الحديدة التي في جانب البكرة. قاله ابن دريد. وقال الخليل: هو ما يبنى حول البئر ويوضع عليه الخشبة التي تدور عليها المحور، وهي الحديدة التي تدور عليها البكرة. (لم ترع) أي لا روع عليك ولا ضرر.

١٤٠ - م - (٢٤٧٩) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، خَتَنُ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ. وَلَمْ يَكُنْ لِي أَهْلٌ. فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا انْطُلِقَ بِي إِلَى بِئْرٍ. فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه.


(ختن) أي زوج ابنته.

٣٢ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه
١٤١ - (٢٤٨٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شُعْبَةُ. سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَادِمُكَ أَنَسٌ. ادْعُ اللَّهَ لَهُ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ! أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ. وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ».

١٤١ - م - (٢٤٨٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَادِمُكَ أنس. فذكر نحوه.

١٤١ - م ٢ - (٢٤٨٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. حدثنا شعبة عن هشام بن يزيد. سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ، مِثْلَ ذَلِكَ.

١٤٢ - (٢٤٨١) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْنَا. وَمَا هُوَ إِلَّا أَنَا وَأُمِّي وَأُمُّ حَرَامٍ، خَالَتِي. فَقَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ! خُوَيْدِمُكَ. ادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيْرٍ. وَكَانَ فِي آخِرِ مَا دَعَا لِي بِهِ أَنْ قَالَ «اللَّهُمَّ! أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ. وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ».

١٤٣ - (٢٤٨١) حَدَّثَنِي أَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ. حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ:
جَاءَتْ بِي أُمِّي، أُمُّ أَنَسٍ إِلَى رسول الله ﷺ. وقد أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِي بِنِصْفِهِ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا أُنَيْسٌ، ابْنِي. أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ. فَادْعُ اللَّهَ لَهُ. فَقَالَ «اللَّهُمَّ! أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ».
قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ! إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ. وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نحو المائة، اليوم.


(ليتعادون) معناه يبلغ عددهم نحو المائة.

١٤٤ - (٢٤٨١) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا جعفر (يعني ابْنَ سُلَيْمَانَ) عَنْ الْجَعْدِ، أَبِي عُثْمَانَ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ:
مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَسَمِعَتْ أُمِّي، أُمُّ سُلَيْمٍ صَوْتَهُ. فَقَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي! يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُنَيْسٌ. فَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ دَعَوَاتٍ. قَدْ رَأَيْتُ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا. وَأَنَا أَرْجُو الثَّالِثَةَ فِي الْآخِرَةِ.

١٤٥ - (٢٤٨٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ. قَالَ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ. فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي. فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَدًا. قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ! لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ، يَا ثَابِتُ!

١٤٦ - (٢٤٨٢) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
أَسَرَّ إِلَيَّ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ سِرًّا. فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدُ. وَلَقَدْ سَأَلَتْنِي عَنْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ. فَمَا أَخْبَرْتُهَا به.

٣٣ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، رضي الله عنه
١٤٧ - (٢٣٨٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ:
مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، لِحَيٍّ يَمْشِي، إِنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلام.

١٤٧ - (٢٤٨٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ:
كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي نَاسٍ. فِيهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ. فَجَاءَ رَجُلٌ فِي وَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوعٍ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا. ثُمَّ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ. فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ. وَدَخَلْتُ. فَتَحَدَّثْنَا. فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ قُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ، قَالَ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ. وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ؟ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ. رَأَيْتُنِي فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشْبَهَا وَخُضْرَتَهَا --وَوَسْطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ. أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ. فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ. فَقِيلَ لِي: ارْقَهْ. فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَسْتَطِيعُ. فَجَاءَنِي مِنْصَفٌ (قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَالْمِنْصَفُ الْخَادِمُ) فَقَالَ بِثِيَابِي مِنْ خَلْفِي - وَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِيَدِهِ -

١٩٣١
فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى الْعَمُودِ. فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ. فَقِيلَ لِيَ: اسْتَمْسِكْ. فَلَقَدِ اسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي. فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ «تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ. وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ. وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى. وَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ».
قال: والرجل عبد الله بن سلام.


(ذكر سعتها وعشبها وخضرتها) أي عبد الله بن سلام، الرائي. (منصف) قال القاضي: ويقال بفتح الميم أيضا. وقد فسره في الحديث بالخادم والوصيف. وهو صحيح. قالوا: هو الوصيف الصغير المدرك للخدمة. (فأخذ بثيابي من خلفي) أي فأخذ بثيابي ورفع. وهذا تعبير عن الفعل بالقول. (فرقيت) هو بكسر القاف على اللغة المشهورة الصحيحة. وحكى فتحها. قال القاضي: وقد جاء بالروايتين في مسلم والموطأ وغيرهما، في غير هذا الموضع.

١٤٩ - (٢٤٨٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ. حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ:
كُنْتُ فِي حَلَقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ. فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ. فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَقُمْتُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ. إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّ عَمُودًا وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ. فَنُصِبَ فِيهَا. وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ. وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ - وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ - فَقِيلَ لِيَ: ارْقَهْ. فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال رسول الله ﷺ «يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الوثقى».

١٥٠ - (٢٤٨٤) حدثنا قتيبة بن سيعد وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ). حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الأَعْمَشُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ. قَالَ:
كُنْتُ جَالِسًا فِي حَلَقَةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ. قَالَ وَفِيهَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ. وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ. قَالَ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ حَدِيثًا حَسَنًا. قَالَ فَلَمَّا قَامَ قَالَ الْقَوْمُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. قَالَ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ! لَأَتْبَعَنَّهُ فَلَأَعْلَمَنَّ مَكَانَ بَيْتِهِ. قَالَ فَتَبِعْتُهُ. فَانْطَلَقَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. قَالَ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي. فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ يَا ابْنَ أَخِي! قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُ الْقَوْمَ يَقُولُونَ لَكَ، لَمَّا قُمْتَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. فَأَعْجَبَنِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ. قَالَ:

١٩٣٢
اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ. وَسَأُحَدِّثُكَ مِمَّ قَالُوا ذَاكَ. إِنِّي بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي: قُمْ. فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. قَالَ فَإِذَا أَنَا بِجَوَادَّ عَنْ شِمَالِي. قَالَ فَأَخَذْتُ لِآخُذَ فِيهَا. فَقَالَ لِي لَا تَأْخُذْ فِيهَا فَإِنَّهَا طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ. قَالَ فَإِذَا جَوَادُّ مَنْهَجٌ عَلَى يَمِينِي. فَقَالَ لي: خذ ههنا. فَأَتَى بِي جَبَلًا. فَقَالَ لِيَ: اصْعَدْ. قَالَ فَجَعَلْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَصْعَدَ خَرَرْتُ عَلَى اسْتِي. قَالَ حَتَّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِرَارًا. قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَى بِي عَمُودًا. رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَأَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ. فِي أَعْلَاهُ حَلْقَةٌ. فَقَالَ لِيَ: اصْعَدْ فَوْقَ هَذَا. قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْعَدُ هَذَا؟ وَرَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ. قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي. قَالَ فَإِذَا أَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحَلْقَةِ. قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ الْعَمُودَ فَخَرَّ. قَالَ وَبَقِيتُ مُتَعَلِّقًا بِالْحَلْقَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ. قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ «أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَسَارِكَ فَهِيَ طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ. قَالَ وَأَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَمِينِكَ فَهِيَ طُرُقُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ. وَأَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ مَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ. وَلَنْ تَنَالَهُ. وَأَمَّا الْعَمُودُ فَهُوَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا الْعُرْوَةُ فَهِيَ عُرْوَةُ الْإِسْلَامِ. ولن تزال متمسكا بها حتى تموت».


(بجواد) الجواد جمع جادة. وهي الطريق البينة المسلوكة. والمشهور فيها جواد، بتشديد الدال. قال القاضي: وقد تخفف، قاله صاحب العين. (جواد منهج) أي طرق واضحة بينة مستقيمة. والمنهج الطريق المستقيم. ونهج الأمر وأنهج إذا وضح. وطريق منهج ومنهاج ونهج، أي بين واضح. (فزحل بي) أي رمى بي.

٣٤ - بَاب فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، رضي الله عنه
١٥١ - (٢٤٨٥) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ. فَلَحَظَ إِلَيْهِ. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. ثُمَّ

١٩٣٣
الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «أَجِبْ عَنِّي. اللَّهُمَّ! أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ»؟ قَالَ: اللَّهُمَّ! نعم.

١٥١ - م - (٢٤٨٥) حَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرزاق. أخبرنا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ حَسَّانَ قَالَ، فِي حَلْقَةٍ فِيهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

١٥٢ - (٢٤٨٥) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛
أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ «يَا حَسَّانُ! أَجِبْ عن رسول الله ﷺ. اللَّهُمَّ! أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نعم.

١٥٣ - (٢٤٨٦) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ) قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ «اهْجُهُمْ، أَوْ هَاجِهِمْ، وَجِبْرِيلُ معك».

١٥٣ - م - (٢٤٨٦) حَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. كلهم عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ؛ مِثْلَهُ.

١٥٤ - (٢٤٨٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ؛
أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَى عَائِشَةَ. فَسَبَبْتُهُ. فَقَالَتْ. يَا ابْنَ أُخْتِي! دَعْهُ. فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنِ رسول الله ﷺ.


(ينافح) أي يدافع ويناضل.

١٥٤ - م - (٢٤٨٧) حَدَّثَنَاه عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

١٥٥ - (٢٤٨٨) حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا. يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ. فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ * وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ. قَالَ مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [٢٤ /النور /١١]. فَقَالَتْ: فَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى؟ إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أو يهاجي عن رسول الله ﷺ.


(يشبب) معناه يتغزل. كذا فسره المشارق. (حصان) أي محصنة عفيفة. (رزان) كاملة العقل. ورجل رزين. (ما تزن) أي ما تتهم. يقال: زننته وأزننته، إذا ظننت به خيرا أو شرا. (غرثى) أي جائعة. ورجل غرثان وامرأة غرثى. معناه لا تغتاب الناس، لأنها لو اغتابتهم شبعت من لحومهم.

١٥٥ - م - (٢٤٨٨) حَدَّثَنَاه ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ قَالَتْ: كَانَ يَذُبُّ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَمْ يَذْكُرْ: حَصَانٌ رَزَانٌ.

١٥٦ - (٢٤٨٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
قَالَ حَسَّانُ: يَا رَسُولَ الله! ائذن لي في سُفْيَانَ. قَالَ «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟» قَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ! لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْخَمِيرِ. فَقَالَ حَسَّانُ:

١٩٣٥
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ * بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ. وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ
قصيدته هذه.


(لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْخَمِيرِ) المراد بالخمير العجين. كما قال في الرواية الأخرى. ومعناه لأتلطفن في تخليص نسبك من هجوهم. بحيث لا يبقى جزء من نسبك في نسبهم الذي ناله الهجو. كما أن الشعرة إذا سلت من العجين لا يبقى منها شيء فيه. بخلاف ما لو سلت من شيء صلب فإنها ربما انقطعت فبقيت منها فيه بقية. (وإن سنام المجد من آل هاشم الخ) وبعد هذا البيت لم يذكره مسلم. وبذكره تتم الفائدة والمراد. وهو:
ومن ولدت أبناء زهرة منهمو * كرام. ولم يقرب عجائزك المجد
المراد ببنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، أم عبد الله والزبير وأبي طالب. ومراده بأبي سفيان هذا المذكور المهجو، أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وهو ابن عم النبي ﷺ. وكان يؤذي النبي ﷺ والمسلمين في ذلك الوقت. ثم أسلم وحسن إسلامه. وقوله: ولدت أبناء زهرة منهم، مراده هالة بنت وهب بن عبد مناف، أم حمزة وصفية. وأما قوله: ووالدك العبد فهو سب لأبي سفيان بن الحارث. ومعناه أن أم الحرث بن عبد المطلب، والد أبي سفيان هذا، هي سمية بنت موهب. وموهب غلام لبني عبد مناف. وكذا أم أبي سفيان بن الحارث كانت كذلك. وهو مراده بقوله: ولم يقرب عجائزك المجد.

١٥٦ - م - (٢٤٨٩) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَتْ:
اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ النَّبِيَّ ﷺ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سُفْيَانَ. وَقَالَ بَدَلَ - الْخَمِيرِ - الْعَجِينِ.

١٥٧ - (٢٤٩٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنّ رَسُولَ الله ﷺ قال «اهجو قريشا. فإنه أشد عليهم مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ» فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ «اهْجُهُمْ» فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ. فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ حَسَّانُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ.

١٩٣٦
ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا تَعْجَلْ. فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا. وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا. حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي» فَأَتَاهُ حَسَّانُ. ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ. وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِحَسَّانَ «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ، مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ».
وَقَالَتْ: سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى».
قَالَ حَسَّانُ:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ * وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا تَقِيًا * رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي * لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

١٩٣٧
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا * تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ
يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ * عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ * تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا * وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ

١٩٣٨
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ * يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا * يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا * هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ * سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ الله منك * وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللَّهِ فِينَا * وروح القدس ليس له كفاء


(أدلع لسانه) أي أخرجه عن الشفتين. يقال: دلع لسانه وأدلعه. ودلع اللسان بنفسه. (لأفرينهم بلساني فري الأديم) أي لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد. (فشفى واشتفى) أي شفى المؤمنين واشتفى هو بما ناله من أعراض الكفار ومزقها ونافح عن الإسلام والمسلمين. (هجوت محمدا برا تقيا) وفي كثير من النسخ: حنيفا، بدل تقيا. فالبر الواسع الخير والنفع. وهو مأخوذ من البر، بكسر الباء، وهو الاتساع في الإحسان. وهو اسم جامع للخير. وقيل: البر، هنا، بمعنى المتنزه عن المآثم. وأما الحنيف فقيل هو المستقيم. والأصح أنه المائل إلى الخير. وقيل الحنيف التابع ملة إبراهيم ﷺ. (شيمته الوفاء) أي خلقه. (فإن أبي ووالده وعرضي) هذا مما احتج به ابن قتيبة لمذهبه أن عرض الإنسان هو نفسه لا أسلافه. لأنه ذكر عرضه وأسلافه بالعطف. وقال غيره: عرض الرجل أموره كلها التي يحمد بها ويذم، من نفسه وأسلافه، وكل ما لحقه نقص يعيبه. (وقاء) هو ما وقيت به الشيء. (ثكلت بنيتي) قال السنوسي: الثكل فقد الولد. وبنيتي تصغير بنت. فهو بضم الباء. وعند النووي بكسر الباء، لأنه قال: وبنيتي أي نفسي. (تثير النقع) أي ترفع الغبار وتهيجه. (كنفى كداء) أي جانبي كداء. وكداء ثنية على باب مكة. وعلى هذه الرواية، في هذا البيت إقواء مخالف لباقيها. وفي بعض النسخ: غايتها كداء. وفي بعضها: موعدها كداء. وحينئذ فلا إقواء. (يبارين الأعنة) ويروى: يبارعن الأعنة. قال القاضي: الأول: هو رواية الأكثرين. ومعناه أنها لصرامتها وقوة نفوسها تضاهي أعنتها بقوة جذبها لها، وهي منازعتها لها أيضا. وقال الأبي نقلا عن القاضي: يعني أن الخيول لقوتها في نفسها وصلابة أضراسها تضاهي أعنتها الحديد في القوة، وقد يكون ذلك في مضغها الحديد في الشدة. وقال البرقوقي في شرحه للديوان: أي أنها تجاري الأعنة في اللين وسرعة الانقياد. قال: ويجوز أن يكون المعنى، كما قال صاحب اللسان، يعارضها في الجذب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعلك حدائدها.
قال القاضي: ووقع في رواية ابن الحذاء: يبارين الأسنة، وهي الرماح. قال فإن صحت هذه الرواية فمعناها أنهن يضاهين قوامها واعتدالها. وقال البرقوقي: مباراتها الأسنة أن يضجع الفارس رمحه فيركض الفرس ليسبق السنان. (مصعدات) أي مقبلات إليكم ومتوجهات. يقال: أصعد في الأرض، إذا ذهب فيها مبتدئا. ولا يقال للراجع. (الأسل الظماء) الأسل الرماح. والظماء الرقاق. فكأنها لقلة مائها عطاش. وقيل المراد بالظماء العطاش لدماء الأعداء. قال البرقوقي: من قولهم أنا ظمآن إلى لقائك. (تظل جنودنا متمطرات) أي تظل خيولنا مسرعات يسبق بعضها بعضا. (تلطمهن بالخمر النساء) الخمر جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها. أي يزلن عنهن الغبار. وهذا لعزتها وكرامتها عندهم. وقال البرقوقي: يقول تبعثهم الخيل فتنبعث النساء يضربن الخيل بخمرهن لتردها. وكأن سيدنا حسان رضي الله عنه أوحى إليه بهذا وتكلم به عن ظهر الغيب. فقد رووا أن نساء مكة يوم فتحها ظللن يضربن وجوه الخيل ليرددنها. (فإن أعرضتمو عنا اعتمرنا ... الخ) قال البرقوقي: اعتمرنا أي أدينا العمرة. وهي في الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة. والفرق بينها وبين الحج أن العمرة تكون للإنسان في السنة كلها. والحج في وقت واحد في السنة، ولا يكون إلا مع الوقوف بعرفة، يوم عرفة. وهي مأخوذة من الاعتمار، وهو الزيارة. يقول: إن لم تتعرضوا لنا حين تغزوكم خيلنا وأخليتم لنا الطريق، قصدنا البيت الحرام وزرناه، وتم الفتح وانكشف الغطاء عما وعد الله به نبيه، صلوات الله وتسليماته عليه، من فتح مكة. وقال الأبي: ظاهر هذا، كما قال ابن هشام، أنه كان قبل الفتح في عمرة الحديبية، حين صد عن البيت. (يسرت جندا) أي هيأتهم وأرصدتهم. (عرضتها اللقاء) أي مقصودها ومطلوبها. قال البرقوقي: العرضة من قولهم بعير عرضة للسفر، أي قوى عليه. وفلان عرضة للشر أي قوي عليه. يريد أن الأنصار أقوياء على القتال، همتها وديدنها لقاء القروم الصناديد. (لنا في كل يوم من معد) قال البرقوقي: لنا، يعني معشر الأنصار. وقوله من معد، يريد قريشا لأنهم عدنانيون. (ليس له كفاء) أي ليس له مماثل ولا مقاوم.

٣٥ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ، رضي الله عنه
١٥٨ - (٢٤٩١) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، يَزِيدَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:
كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ. فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا أَكْرَهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أَبْكِي. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ. فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ. فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اللَّهُمَّ! اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ» فَخَرَجْتُ

١٩٣٩
مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ. فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ. فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ. فَقَالَتْ: مَكَانَكَ! يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ. قَالَ فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا. فَفَتَحَتِ الْبَابَ. ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ. قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا. قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اللهم! حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ. وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ» فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي، وَلَا يَرَانِي، إِلَّا أحبني.


(مجاف) أي مغلق. (خشف) أي صوتهما في الأرض. (خضخضة) خضخضة الماء صوت تحريكه.

١٥٩ - (٢٤٩٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وزهير بن حرب. جميعا عن سُفْيَانَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ الْأَعْرَجِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يكثر الحديث عن رسول الله ﷺ. وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ. كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا. أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي. وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ. وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ. فقال رسول الله ﷺ «مَنْ يَبْسُطْ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي» فَبَسَطْتُ ثَوْبِي حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ. ثُمَّ ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ. فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ.


(والله الموعد) معناه فيحاسبني إن تعمدت كذبا، ويحاسب من ظن بي السوء. (على ملء بطني) أي ألازمه وأقنع بقوتي، ولا أجمع مالا لذخيرة ولا غيرها. ولا أزيد على قوتي. (الصفق) هو كناية عن التبايع. وكانوا يصفقون بالأيدي من المتبايعين بعضها على بعض. (بالأسواق) جمع سوق. والسوق مؤنثة. ويذكر. سميت به لقيام الناس فيها على سوقهم.

١٥٩ - م - (٢٤٩٢) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَي بْنِ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مَعْنٌ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرزاق. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا انْتَهَى حَدِيثُهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ الرِّوَايَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «مَنْ يَبْسُطْ ثَوْبَهُ» إِلَى آخِرِهِ.

١٦٠ - (٢٤٩٣) وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَي التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ! جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ حُجْرَتِي. يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. يُسْمِعُنِي ذَلِكَ. وَكُنْتُ أُسَبِّحُ. فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي. وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لم يكن يسرد الحديث كسردكم.


(كنت أسبح) معنى أسبح أصلي نافلة. وهي السبحة. قيل المراد هنا صلاة الضحى. (لم يكن يسرد الحديث كسردكم) أي يكثره ويتابعه.

(٢٤٢٩) - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ؛
إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ أَكْثَرَ. وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ. وَيَقُولُونَ: مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يَتَحَدَّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّ إِخْوَانِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرَضِيهِمْ. وَإِنَّ إِخْوَانِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ. وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي. فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا. وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا. وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا «أَيُّكُمْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ حَدِيثِي هَذَا، ثُمَّ يَجْمَعُهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَإِنَّهُ لم ينسى شَيْئًا سَمِعَهُ» فَبَسَطْتُ بُرْدَةً عَلَيَّ. حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ. ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي. فَمَا نَسِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئًا حَدَّثَنِي بِهِ. وَلَوْلَا آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُ شَيْئًا أَبَدًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ والهدى﴾ [٢ /البقرة /١٥٩ و-١٦٠] إلى آخر الآيتين.

١٦٠ - م - (٢٤٩٣) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

١٩٤١
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رسول الله ﷺ. بنحو حديثهم.

٣٦ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم، وَقِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ
١٦١ - (٢٤٩٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبي عمر - واللفظ لعمرو - (قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا) سفيان بن عيينة عن عَمْرٍو، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، وَهُوَ كَاتِبُ عَلِيٍّ. قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه وَهُوَ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ. فَقَالَ «ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ. فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ. فَخُذُوهُ مِنْهَا» فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا. فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَرْأَةِ. فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ. فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا. فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رسول الله ﷺ. فقال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا حَاطِبُ! مَا هَذَا؟» قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ (قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَلِيفًا لَهُمْ. ولم يكن من أنفسها) وكان مِمَّنْ كَانَ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ. فَأَحْبَبْتُ، إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي. وَلَمْ أَفْعَلْهُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي. وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «صَدَقَ» فَقَالَ عُمَرُ«دَعْنِي. يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ»إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا

١٩٤٢
مَا شِئْتُمْ. فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [٦٠ /الممتحنة /١]. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَزُهَيْرٍ ذِكْرُ الْآيَةِ. وَجَعَلَهَا إِسْحَاقُ، فِي رِوَايَتِهِ، مِنْ تلاوة سفيان.


(روضة خاخ) هي بخاءين معجميتين. هذا هو الصواب الذي قاله العلماء كافة من جميع الطوائف وفي جميع الروايات والكتب. وهي بين مكة والمدينة. بقرب المدينة. (فإن بها ظعينة) الظعينة هنا الجارية. وأصلها الهودج. وسميت بها الجارية لأنها تكون فيه. (تعادى) أي تجري. (عقاصها) أي شعرها المضفور، جمع عقيصة.

١٦١ - م - (٢٤٩٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ. ح وحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ). كُلُّهُمْ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ. وَكُلُّنَا فَارِسٌ. فَقَالَ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ. فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ» فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ.

١٦٢ - (٢١٩٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛
أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جاء رسول الله ﷺ يَشْكُو حَاطِبًا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا. فَإِنَّهُ شَهِدَ بدرا والحديبية».

٣٧ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، رضي الله عنهم
١٦٣ - (٢٤٩٦) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن محمد. قال: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ؛
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ، عِنْدَ حَفْصَةَ «لَا يَدْخُلُ النَّارَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، أَحَدٌ. الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا» قَالَتْ: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَانْتَهَرَهَا. فَقَالَتْ حَفْصَةُ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ [١٩ /مريم /٧١] فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «قَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جثيا﴾» [١٩ /مريم /٧٢].

٣٨ - باب من فَضَائِلِ أَبِي مُوسَى وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ، رضي الله عنهما
١٦٤ - (٢٤٩٧) حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. قَالَ أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
كنت عند النبي ﷺ. وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَمَعَهُ بلال. فأتى رسول الله ﷺ رجل أعرابي. فقال: ألا تنجز لي، يا محمد! ما وعدتني؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أبشر». فقال له الأعرابي: أكثرت علي من «أبشر» فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على أبي موسى وبلال، كهيئة الغضبان. فقال «إن هذا قد رد البشرى. فاقبلا أنتما» فقالا: قبلنا. يا رسول الله! ثم دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بقدح فيه ماء. فغسل يديه ووجهه فيه. ومج فيه. ثم قال «اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما. وأبشرا» فأخذا القدح. ففعلا ما أمرهما به رسول الله ﷺ. فنادتهما أم سلمة من وراء الستر: أفضلا لأمكما مما في إنائكما. فأفضلا لها منه طائفة.

١٦٥ - (٢٤٩٨) حدثنا عبد الله بن براد، أبو عامر الأشعري وَأَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي عَامِرٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أبي بردة، عن أبيه. قال:
لما فرغ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ حُنَيْنٍ، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس. فلقي دريد بن الصمة. فقتل دريد وهزم الله أصحابه. فقال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر. قال فرمي أبو عامر في ركبته. رماه رجل من بني جشم بسهم. فأثبته في ركبته. فانتهيت إليه فقلت: يا عم! من رماك؟ فأشار أبو عامر إلى أبي موسى. فقال: إن ذاك قاتلي. تراه ذلك الذي رماني. قال أبو موسى: فقصدت له فاعتمدته فلحقته. فلما رآني ولى عني ذاهبا. فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست أعرابيا؟ ألا تثبت؟ فكف. فالتقيت أنا وهو. فاختلفنا أنا وهو ضربتين. فضربته بالسيف فقتلته. ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت: إن الله قد قتل صاحبك. قال: فانزع هذا السهم. فنزعته فنزا منه الماء. فقال:

١٩٤٤
يا ابن أخي! انطلق إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فأقرئه مني السلام. وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر لي. قال: واستعملني أبو عامر على الناس. ومكث يسيرا ثم إنه مات. فلما رجعت إلى النبي ﷺ دخلت عليه، وهو في بيت على سرير مرمل، وعليه فراش، وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله ﷺ وجنبيه. فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر. وقلت له: قال: قل له: يستغفر لي. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بماء. فتوضأ منه. ثم رفع يديه. ثم قال «اللهم! اغفر لعبيد، أبي عامر» حتى رأيت بياض إبطيه. ثم قال «اللهم! اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك، أو من الناس» فقلت: ولي يا رسول الله! فاستغفر. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «اللَّهُمَّ! اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه. وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما».
قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر. والأخرى لأبي موسى.


(فنزا منه الماء) أي ظهر وارتفع وجرى ولم ينقطع. (مرمل) ورمال، وهو الذي ينسج في وجهه بالسعف وغيره، ويشد بشريط ونحوه. يقال منه: أرملته فهو مرمل.

٣٩ - باب من فضائل الأشعريين، رضي الله عنهم
١٦٦ - (٢٤٩٩) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أبو أسامة. حدثنا بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قال:
قال رسول الله ﷺ «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم، بالقرآن بالليل. وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار. ومنهم حكيم إذا لقي الخيل - أو قال العدو - قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم».


(تنظروهم) أي تنتظروهم. ومنه قوله تعالى: ﴿انظرونا نقتبس من نوركم﴾.

١٦٧ - (٢٥٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. قَالَ أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بن أبي بردة عَنْ جَدِّهِ، أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قال:

١٩٤٥
قال رسول الله ﷺ «إن الأشعريين، إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد، بالسوية. فهم مني وأنا منهم».


(أرملوا في الغزو) أي فني طعامهم.

٤٠ - باب من فضائل أبي سفيان بن حرب، رضي الله عنه
١٦٨ - (٢٥٠١) حدثني عباس بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ المعقري. قالا: حدثنا النضر (وهو ابن محمد اليمامي). حدثنا عكرمة. حدثنا أبو زميل. حدثني ابن عباس قال:
كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه. فقال للنبي ﷺ: يا نبي الله! ثلاث أعطنيهن. قال «نعم» قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها. قال «نعم» قال: ومعاوية، تجعله كاتبا بين يديك. قال «نعم». قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار، كما كنت أقاتل المسلمين. قال «نعم».
قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، ما أعطاه ذلك. لأنه لم يكن يسئل شيئا إلا قال «نعم».


(عندي أحسن العرب وأجمله) هو كقوله: كان النبي ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وأحسنه خلقا. وقد سبق شرحه في فضائل النبي ﷺ (ح ٢٣٣٧) ومثله الحديث بعده في نساء قريش: أحناه على ولد وأرعاه لزوج. قال أبو حاتم السجستاني وغيره: أي وأجملهم وأحسنهم وأرعاهم. ولكن لا يتكلمون به إلا مفردا. قال النحويون: معناه أجمل من هناك. واعلم أن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال. ووجه الإشكال أن أبا سفيان. إنما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة. وهذا مشهور لا خلاف فيه. وكان النبي ﷺ قد تزوج أم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل. تزوجها سنة ست، وقيل سنة سبع. واختلفوا أين تزوجها. فقيل بالمدينة بعد قدومها من الحبشة. وقال الجمهور: بأرض الحبشة.

٤١ - باب من فضائل جعفر بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس، وأهل سفينتهم، رضي الله عنهم
١٦٩ - (٢٥٠٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الأَشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حدثني بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قال:
بلغنا مخرج رسول الله ﷺ ونحن باليمن. فخرجنا مهاجرين إليه. أنا وأخوان لي. أنا أصغرهما. أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم. - إما قال بضعا وإما قال ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي - قال فركبنا سفينة. فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة. فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده. فقال جعفر: إن رسول الله ﷺ بعثنا ههنا. وأمرنا بالإقامة. فأقيموا معنا. فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا. قال فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حين افتتح خيبر. فأسهم لنا، أو قال أعطانا منها. وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا. إلا لمن شهد معه. إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه. قسم لهم معهم. قال فكان ناس من الناس يقولون لنا - يعني لأهل السفينة -: نحن سبقناكم بالهجرة.


(أصغرهما) هكذا هو في جميع النسخ: أصغرهما. والوجه أصغر منهما. (فأسهم لنا أو قال أعطانا منها) هذا الإعطاء محمول على أنه برضا الغانمين.

(٢٥٠٣) - قال: فدخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة زوج النبي ﷺ زائرة. وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه. فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها. فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس. قال عمر: الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ فقالت أسماء: نعم. فقال عمر: سبقناكم بالهجرة. فنحن أحق برسول الله ﷺ منكم. فغضبت. وقالت كلمة: كذبت. يا عمر! كلا. والله! كنتم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم. وكنا في دار، أو في أرض، البعداء البغضاء في الحبشة. وذلك في الله وفي رسوله.

١٩٤٧
وايم الله! لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله ﷺ. ونحن كنا نؤذى ونخاف. وسأذكر ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأسأله. ووالله! لا أكذب ولا أزيغ ولا أريد على ذلك. قال فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: يَا نبي الله! إن عمر قال كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ليس بأحق بي منكم. وله ولأصحابه هجرة واحدة. ولكم أنتم، أهل السفينة، هجرتان».
قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا. يسألوني عن هذا الحديث. ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
قال أبو بردة: فقالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.


(البعداء البغضاء) قال العلماء: البعداء في النسب، البغضاء في الدين. لأنهم كفار. إلا النجاشي، وكان يستخفي بإسلامه عن قومه ويوري لهم. (أرسالا) أي أفواجا، فوجا بعد فوج. يقال: أورد إبله أرسالا أي متقطعة متتابعة. وأوردها عراكا أي مجتمعة.

٤٢ - باب من فضائل سلمان وصهيب وبلال، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
١٧٠ - (٢٥٠٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عن ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ بن عمرو؛
أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر. فقالوا: والله! ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. قال فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟. فأتى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ. فقَالَ «يا أبا بكر! لعلك أغضبتهم. لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك».
فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه! أغضبتكم؟ قالوا: لا. يغفر الله لك. يا أخي!


(أتى على سلمان) هذا الإتيان لأبي سفيان كان وهو كافر، في الهدنة بعد صلح الحديبية. (لا. يغفر الله لك) قال القاضي: قد روى عن أبي بكر أنه قد نهى عن مثل هذه الصيغة وقال: قل: عافاك الله، رحمك الله. لا تزد. أي لا تقل، قبل الدعاء: لا. فتصير صورته نفي الدعاء. قال بعضهم: قل: لا ويغفر الله لك. (أخي) ضبطوه بضم الهمزة على التصغير. وهو تصغير تحبيب وترقيق وملاطفة. وفي بعض النسخ بفتحها.

٤٣ - باب من فضائل الأنصار، رضي الله تعالى عنهم
١٧١ - (٢٥٠٥) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عبدة (واللفظ لإسحاق). قالا: أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله. قال:
فينا نزلت: ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما﴾ [٣ /آل عمران/١٢٢] بنو سلمة وبنو حارثة. وما نحب أنها لم تنزل. لقول الله عز وجل: والله وليهما.

١٧٢ - (٢٥٠٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عن زيد بن أرقم. قال:
قال رسول الله ﷺ «اللهم! اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار».

١٧٢ - م - (٢٥٠٦) وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابن الحارث). حدثنا شعبة، بهذا الإسناد.

١٧٣ - (٢٥٠٧) حَدَّثَنِي أَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يونس. حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار). حدثنا إسحاق (وهو ابن عبد الله بن أبي طلحة)؛ أن أنسا حَدَّثَهُ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ استغفر للأنصار. قال وأحسبه قال «ولذراري الأنصار، ولموالي الأنصار» لا أشك فيه.

١٧٤ - (٢٥٠٨) حدثني أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حرب. جميعا عن ابن علية (واللفظ لزهير). حدثنا إسماعيل عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ (وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ)، عَنْ أَنَسِ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى صبيانا ونساء مقبلين من عرس. فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ ممثلا. فقال «اللهم! أنتم من أحب الناس إلي. اللهم! أنتم من أحب الناس إلي» يعني الأنصار.


(ممثلا) روى بالوجهين. ممثلا وممثلا. وهما مشهوران. قال القاضي: جمهور الرواة بالفتح. ومعناه قائما منتصبا.

١٧٥ - (٢٥٠٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ

١٩٤٩
بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ. سَمِعْتُ أنس بن مالك يقول:
جاءت امرأة من الأنصار إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قال فخلا بها رسول الله ﷺ. وقال «والذي نفسي بيده! إنكم لأحب الناس إلي» ثلاث مرات.

١٧٥ - م - (٢٥٠٩) حدثنيه يحيى بن حبيب. حدثنا خالد بن الحارث. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإسناد.

١٧٦ - (٢٥١٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (واللفظ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر. أخبرنا شُعْبَةُ. سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛
أن رسول الله ﷺ قال «إن الأنصار كرشي وعيبتي. وإن الناس سيكثرون ويقلون. فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم».


(كرشي وعيبتي) قال العلماء: معناه جماعتي وخاصتي الذين أثق بهم وأعتمدهم في أموري. قال الخطابي: ضرب مثلا بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤه والعيبة وعاء معروف أكبر من المخلاة يحفظ الإنسان فيها ثيابه وفاخر متاعه ويصونها. ضرب بها مثلا لأنهم أهل سره وخفي أحواله. (ويقلون) أي ويقل الأنصار.

٤٤ - باب في خير دور الأنصار، رضي الله عنهم
١٧٧ - (٢٥١١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خير دور الأنصار بنو النجار. ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج. ثم بنو ساعدة. وفي كل دور الأنصار خير». فقال سعد: مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إلا قد فضل علينا. فقيل: قد فضلكم على كثير.


(خير دور الأنصار) أي خير قبائلهم. وكانت كل قبيلة منها تسكن محلة. فتسمى تلك المحلة دار بني فلان. قال العلماء: وتفضيلهم على قدر سبقهم إلى الإسلام ومآثرهم فيه.

١٧٧ - م - (٢٥١١) حدثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شعبة عن قتادة. سمعت أنسا يحدث عن أبي أسيد الأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ.

١٧٧ - م ٢ - (٢٥١١) حدثنا قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابن محمد). ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي. كلهم عن يحيى بن سعيد، عن أنس، عن النبي ﷺ. بمثله. غير أنه لا يذكر في الحديث قول سعد.

١٧٨ - (٢٥١١) حدثنا محمد بن عباد ومحمد بن مهران الرازي (واللفظ لابن عَبَّادٍ). حدثنا حَاتِمٌ (وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيل) عَنْ عبد الرحمن بن حميد، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة. قال:
سمعت أبا أسيد خطيبا عند ابن عتبة. فقالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خير دور الأنصار دار بني النجار، ودار بني عبد الأشهل، ودار بني الحارث بن الخزرج، ودار بني ساعدة». والله! لو كنت مؤثرا بها أحدا لآثرت بها عشيرتي.

١٧٩ - (٢٥١١) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. قال:
شهد أبو سلمة لسمع أبا أسيد الأنصاري يشهد؛ إن رسول الله ﷺ قال «خير دور الأنصار بنو النجار. ثم بنو الأشهل. ثم بنو الحارث بن الخزرج. ثم بنو ساعدة. وفي كل دور الأنصار خير».
قال أبو سلمة: قال أبو أسيد: أتهم أنا على رسول الله ﷺ؟ لو كنت كاذبا لبدأت بقومي، بني ساعدة. وبلغ ذلك بن عبادة فوجد في نفسه. وقال: خلفنا فكنا آخر الأربع. أسرجوا لي حماري أتى رسول الله ﷺ. وكلمه ابن أخيه، سهل. فقال: أتذهب لترد على رسول الله ﷺ؟ ورسول الله ﷺ أعلم. أو ليس حسبك أن تكون رابع أربع. فرجع وقال: الله ورسوله أعلم. وأمر بحماره فحل عنه.


(خلفنا) أي أخرنا فجعلنا آخر الناس.

١٧٩ - م - (٢٥١١) حدثنا عمرو بن علي بن بحر. حدثني أبو داود حدثنا حرب بن شداد عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ؛ أن أبا سيد الأنصاري حَدَّثَهُ؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «خير الأنصار، أو خير دور الأنصار» بمثل حديثهم. في ذكر الدور. ولم يذكر قصة سعد بن عبادة رضي الله عنه.

١٨٠ - (٢٥١٢) وحدثني عمرو الناقد وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ). حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صالح، عن ابن شهاب. قال: قال أبو سلمة وعبيد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مسعود. سمعا أبا هريرة يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وهو في مجلس عظيم من المسلمين «أحدثكم بخير دور الأنصار؟» قالوا: نعم. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بنو عبد الأشهل» قالوا: ثم من؟ يا رسول الله! قال «ثم بنو النجار» قالوا: ثم من؟ يا رسول الله! قال «ثم بنو الحارث بن الخزرج» قالوا: ثم من؟ يا رسول الله! قال «ثم بنو ساعدة» قالوا: ثم من؟ يا رسول الله! قال «ثم في كل دور الأنصار خير» فقام سعد بن عبادة مغضبا. فقال: أنحن آخر الأربع؟ حين سمى رسول الله ﷺ دارهم. فأراد كلام رسول الله ﷺ. فقال له رجال من قومه: اجلس. ألا ترضى أن سمى رسول الله ﷺ داركم في الأربع الدور التي سمى؟ فمن ترك فلم يسم أكثر ممن سمى. فانتهى سعد بن عبادة عن كلام رسول الله ﷺ.

٤٥ - باب في حسن صحبة الأنصار، رضي الله عنهم
١٨١ - (٢٥١٣) حدثنا نصر بن علي الجهضمي وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنْ ابن عرعرة (واللفظ للجهضمي). حدثني محمد بن عرعرة. حدثنا شعبة عن يونس بن عبيد، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قال:
خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر. فكان يخدمني. فقلت له: لا تفعل. فقال: إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله ﷺ شيئا، آليت أن لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته.

١٩٥٢
زاد ابن المثنى وابن بشار في حديثهما: وكان جرير أكبر من أنس. وقال ابن بشار: أسن من أنس.

٤٦ - بَاب دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ لغفار وأسلم
١٨٢ - (٢٥١٤) حدثنا هداب بن خالد. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ: قال أبو ذر:
قال رسول الله ﷺ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ».


(سالمها الله) قال العلماء: هو من المسالمة وتركه الحرب. وقيل: هو دعاء. وقيل: هو خبر. قال القاضي في المشارق: هو من أحسن الكلام ومجانسته. مأخوذ من سالمته، إذا لم تر منه مكروها. فكأنه دعا لهم بأن يصنع الله بهم ما يوافقهم. فيكون سالمها بمعنى سلمها. وقد جاء فاعل بمعنى فعل. كقاتله الله أي قتله.

١٨٣ - (٢٥١٤) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. جميعا عن ابن مهدي. قال: قال ابن المثنى: حدثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ:
قَالَ لِي رسول الله ﷺ»ائت قومك فقل: إن رسول الله ﷺ قال «أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها».

١٨٣ - م - (٢٥١٤) حدثناه محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ.

١٨٤ - (٢٥١٥) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار وسويد بن سعيد وابن أبي عمر. قالوا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب، عن محمد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ح وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير وعبد بن حميد عن أبي عاصم. كلاهما عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جَابِرٍ. ح وحَدَّثَنِي

١٩٥٣
سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر. كُلُّهُمْ قَالَ:
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال «أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها».

١٨٥ - (٢٥١٦) وحدثني حسين بن حريث. حدثنا الفضل بن موسى، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها. أما إني لم أقلها. ولكن قالها الله عز وجل».

١٨٦ - (٢٥١٧) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ الْغِفَارِيِّ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فِي صَلَاةٍ «اللَّهُمَّ! الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ. وَعُصَيَّةَ عَصَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ».


(لحيان) بفتح اللام وكسرها، هم بطن من هذيل. (وعصية عصوا الله ورسوله) لأنهم الذين قتلوا القراء ببئر معونة. بعثهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً فقتلوهم. وكان يقنت عليهم في صلاته.

١٨٧ - (٢٥١٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ. وعصية عصت الله ورسوله».

١٨٧ - م - (٢٥١٨) حدثنا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله. ح وحدثنا عمرو بن سواد. أخبرنا ابن وهب. أخبرني أسامة. ح وحدثني زهير بن حرب وَالْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله. وفي حديث صالح وأسامة؛ إن رسول الله ﷺ قال ذلك على المنبر.

١٨٧ - م ٢ - (٢٥١٨) وحدثنيه حجاج بن الشاعر. حدثنا أبو داود الطيالسي. حدثنا حرب بن شداد عن يحيى. حدثني أبو سلمة. حدثني ابن عُمَرَ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول. مثل حديث هؤلاء عن ابن عمر.

٤٧ - باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيء
١٨٨ - (٢٥١٩) حدثني زهير بن حرب. حدثنا يزيد (وهو ابن هارون). أخبرنا أبو مالك الأشجعي عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ. قال:
قال رسول الله ﷺ «الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع، ومن كان من بني عبد الله، موالي دون الناس. والله ورسوله مولاهم».


(من بني عبد الله) هم بنو عبد العزى، من غطفان. سماهم النبي ﷺ بني عبد الله، فسمتهم العرب بني محولة، لتحويل اسم أبيهم. (موالي دون الناس) أي ناصروه والمختصون به. (والله ورسوله مولاهم) أي وليهم والمتكفل بهم وبمصالحهم.

١٨٩ - (٢٥٢٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أبي. حدثنا سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن هرمز، الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «قريش والأنصار ومزينة وجهينة وأسلم وغفار وأشجع، موالي. ليس لهم مولى دون الله ورسوله».


(قريش) قال الزبير: قالوا قريش اسم فهر بن مالك. وما لم يلد فهر فليس من قريش. قال الزبير: قال عمي: فهر هو قريش اسمه، وفهر لقبه. (الأنصار) يريد بالأنصار الأوس والخزرج، ابني حارثة بن ثعلبة. (ومزينة) هي بنت كلب بن وبرة بن ثعلب. (وجهينة) ابن زيد بن ليث بن سود. (وأسلم) في خزاعة. (وغفار) هو ابن مليل بن ضمرة بن بكر. (وأشجع) هو ابن ريث بن غطفان بن قيس.

١٨٩ - م - (٢٥٢٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غير أن في الحديث: قال سعد في بعض هذا فيما أعلم.

١٩٠ - (٢٥٢١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: سمعت أبا سلمة يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنه قال «أسلم وغفار ومزينة، ومن كان من جهينة، أو جهينة، خير من بني تميم وبني عامر، والحليفين، أسد وغطفان».


(والحليفين) من الحلف، أي المتحالفين.

١٩١ - (٢٥٢١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الحزامي) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: أخبرني. وقال الآخرون: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «والذي نفس محمد بيده! لغفار وأسلم ومزينة، ومن كان من جهينة، أو قال جهينة، ومن كان من مزينة، خير عند الله يوم القيامة، من أسد وطيء وغطفان».

١٩٢ - (٢٥٢١) حدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا إسماعيل (يعنيان ابن علية) حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال:
قال رسول الله ﷺ «لأسلم وغفار، وشيء من مزينة وجهينة، أو شيء من جهينة ومزينة، خير عند الله - قال أحسبه قال - يوم القيامة، من أسد وغطفان وهوازن وتميم».

١٩٣ - (٢٥٢٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب. سمعت عبد الرحمن

١٩٥٦
بن أبي بكرة يحدث عن أبيه؛
أن الأقرع بن حابس جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال: إنما بايعك سراق الحجيج من أسلم وغفار ومزينة. وأحسب جهينة (محمد الذي شك) فقال رسول الله ﷺ «أرأيت إن كان أسلم وغفار ومزينة - وأحسب جهينة - خيرا من بني تميم وبني عامر وأسد وغطفان، أخابوا وخسروا؟» فقال: نعم. قال «فوالذي نفسي بيده! إنهم لأخير منهم». وليس في حديث ابن أبي شيبة: محمد الذي شك.


(أرأيت) أي أخبرني. والخطاب للأقرع بن حابس. (لأخير منهم) هكذا هو في جميع النسخ: لأخير. وهي لغة قليلة تكررت في الأحاديث. وأهل العربية ينكرونها ويقولون: الصواب خير وشر ولا يقال أخير وأشر. ولا يقبل إنكارهم. س فهي لغة قليلة الاستعمال.

١٩٣ - م - (٢٥٢٢) حدثني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حدثنا شعبة. حدثني سيد بني تميم، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الضبي، بهذا الإسناد، مثله. وقال «جهينة» ولم يقل: أحسب.

١٩٤ - (٢٥٢٢) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة عن أبي بشر، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قال «أسلم وغفار ومزينة وجهينة، خير من بني تميم ومن بني عامر، س والحليفين بني أسد وغطفان».س

١٩٤ - م - (٢٥٢٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله. قالا: حدثنا عبد الصمد. ح وحدثنيه عمرو الناقد. حدثنا شبابة بن سوار. قالا: حدثنا شعبة عن أبي بشر، بهذا الإسناد.

١٩٥ - (٢٥٢٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب (واللفظ لأبي بكر). قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أرأيتم إن كان جهينة وأسلم وغفار خيرا من بني تميم وبني عبد الله بن غطفان وعامر بن صعصعة» ومد بها صوته فقالوا: يا رسول الله! فقد خابوا وخسروا. قال «فإنهم خير». وفي رواية أبي كريب «أرأيتم إن كان جهينة ومزينة وأسلم وغفار».

١٩٦ - (٢٥٢٣) حدثني زهير بن حرب. حدثنا أحمد بن إسحاق. حدثنا أبو عوانة عن مغيرة، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. قَالَ:
أتيت عمر بن الخطاب فقال لي: إن أول صدقة بيضت وجه رسول الله ﷺ ووجوه أصحابه، صدقة طيء، جئت بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.


(بيضت) أي سرتهم وأفرحتهم.

١٩٧ - (٢٥٢٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يحيى. أخبرنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة. قال:
قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله! إن دوسا قد كفرت وأبت. فادع الله عليها. فقيل: هلكت دوس. فقال «اللهم! اهد دوسا وائت بهم».

١٩٨ - (٢٥٢٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مغيرة، عن الحارث، عن أبي زرعة قال: قال أبو هريرة:
لا أزال أحب بني تميم من ثلاث. سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: سمعت رسول الله ﷺ يقول «هم أشد أمتي على الدجال» قال: وجاءت صدقاتهم فقال النبي ﷺ «هذه صدقات قومنا» قال: وكانت سبية منهم عند عائشة. فقال رسول الله ﷺ «أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل».

١٩٨ - م - (٢٥٢٥) وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يقولها فيهم. فذكر مثله.

١٩٨ - م ٢ - (٢٥٢٥) وحدثنا حامد بن عمر البكراوي. حدثنا مسلمة بن علقمة المازني، إمام مسجد داود. حدثنا داود عن الشعبي، عن أبي هريرة. قال:
ثلاث خصال سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في بني تميم. لا أزال أحبهم بعد. وساق الحديث بهذا المعنى. غير أنه قال «هم أشد الناس قتالا في الملاحم» ولم يذكر الدجال.


(الملاحم) معارك القتال والتحامه.

٤٨ - باب خيار الناس
١٩٩ - (٢٥٢٦) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرنا يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «تجدون الناس معادن. فخيارهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا. وتجدون من خير الناس في هذا الأمر، أكرههم له. قبل أن يقع فيه. وتجدون من شرار الناس ذا الوجهين. الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه».


(معادن) المعادن الأصول. وإذا كانت الأصول شريفة، كانت الفروع كذلك، غالبا. والفضيلة في الإسلام بالتقوى. لكن إذا انضم إليها شرف النسب ازدادت فضلا. (وتجدون من خير الناس في هذا الأمر الخ) قال القاضي: يحتمل أن المراد به الإسلام، كما كان عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، وغيرهم من مسلمة الفتح، وغيرهم ممن كان يكره الإسلام كراهية شديدة. ثم دخل فيه أخلص وأحبه وجاهد فيه حق جهاده. قال: ويحتمل أن المراد بالأمر، هنا، الولايات. لأنه إذا أعطيها من غير مسألة أعين عليها. (من شرار الناس) سببه ظاهر. لأنه نفاق محض وكذب وخداع وتحيل على اطلاعه على أسرار الطائفتين. وهو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، ويظهر لها أنه منها في خير أو شر. وهي مداهنة محرمة.

١٩٩ - (٢٥٢٦) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعرج، عن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ «تجدون الناس معادن» بمثل حديث الزهري. غير أن في حديث أبي زرعة والأعرج «تجدون من خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية حتى يقع فيه».

٤٩ - باب من فضائل نساء قُرَيْشٍ
٢٠٠ - (٢٥٢٧) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عن أبي هريرة. وعن ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال:
قال رسول الله ﷺ «خير نساء

١٩٥٩
ركبن الإبل (قال أحدهما: صالح نساء قريش. وقال الآخر: نساء قريش) أحناه على يتيم في صغره. وأرعاه على زوج في ذات يده».


(ركبن الإبل) أي نساء العرب. ولهذا قال أبو هريرة في الحديث: لم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط. والمقصود أن نساء قريش خير نساء العرب. (أحناه) أي أشفقه. والحانية على ولدها التي تقوم عليهم بعد يتم فلا تتزوج. فإن تزوجت فليست بحانية. والمعنى أحناهن. (ذات يده) أي شأنه المضاف إليه.

٢٠٠ - م - (٢٥٢٧) حدثنا عمرو الناقد. حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. وابن طاوس عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. بمثله. غير أنه قال «أرعاه على ولد في صغره» ولم يقل: يتيم.

٢٠١ - (٢٥٢٧) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول «نساء قريش خير نساء ركبن الإبل. أحناه على طفل. وأرعاه على زوج في ذات يده» قال يقول أبو هريرة على إثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط.

٢٠١ - م - (٢٥٢٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة؛
أن النبي ﷺ خطب أم هانئ، بنت أبي طالب. فقالت: يا رسول الله! إني قد كبرت. ولي عيال. فقال رسول الله ﷺ «خير نساء ركبن» ثم ذكر بمثل حديث يونس. غير أنه قال «أحناه على ولد في صغره».

٢٠٢ - (٢٥٢٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ عَبد: أَخْبَرَنَا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة. ح وحدثنا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ

١٩٦٠
مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ «خير نساء ركبن الإبل، صالح نساء قريش. أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده».

٢٠٢ - م - (٢٥٢٧) حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي. حدثنا خالد (يعني ابن مَخْلَدٍ). حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ (وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ). حَدَّثَنِي سهيل عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ معمر هذا. سواء.

٥٠ - باب مؤاخاة النبي ﷺ بين أصحابه، رضي الله تعالى عنهم
٢٠٣ - (٢٥٢٨) حدثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا حماد (يعني ابْنُ سَلَمَةَ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وبين طلحة.

٢٠٤ - (٢٥٢٩) حدثني أبو جعفر، محمد بن الصباح. حدثنا حفص بن غياث. حدثنا عاصم الأحول. قال:
قيل لأنس بن مالك: بلغك إن رسول الله ﷺ قال «لا حلف في الإسلام؟» فقال أنس: قد حالف رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ قريش والأنصار، في داره.


(لا حلف في الإسلام) المراد به حلف التوارث، والحلف على ما منع الشرع منه.
قال القاضي: قال الطبري: لا يجوز الحلف اليوم. فإن المذكور في الحديث والموارثة به وبالمؤاخاة، كله منسوخ. لقوله تعالى: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾.
وقال الحسن: كان التوارث بالحلف فنسخ بآية الميراث.
قلت (القائل هو الإمام النووي): أما ما يتعلق بالإرث فيستحب فيه المخالفة عند جماهير العلماء. وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى، والتناصر في الدين، والتعاون على البر والتقوى، وإقامة الحق، فهذا باق لم ينسخ. وهذا معنى قوله ﷺ في هذه الأحاديث «وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة».

٢٠٥ - (٢٥٢٩) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عبدة بن سليمان عن عاصم، عن أنس، قال:
حالف رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ قريش والأنصار، في داره التي بالمدينة.

٢٠٦ - (٢٥٣٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ زكرياء، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جبير بن مطعم. قال:
قال رسول الله ﷺ «لا حلف في الإسلام. وأيما حلف، كان في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدة».

٥١ - باب بيان أن بقاء النبي ﷺ أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة
٢٠٧ - (٢٥٣١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وعبد الله بن عمر بن أبان. كلهم عن الحسين. قال أبو بكر: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن مجمع بن يحيى، عن سعيد بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أبيه. قال:
صلينا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء! قال فجلسنا. فخرج علينا. فقال «ما زلتم ههنا؟» قلنا: يا رسول الله! صلينا معك المغرب. ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال «أحسنتم أو أصبتم» قال فرفع رأسه إلى السماء. وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء. فقال «النجوم أمنة للسماء. فإذا ذهبن النجوم أتى السماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي. فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي. فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون».


(أمنة للسماء) قال العلماء: الأمنة والأمن والأمان بمعنى. ومعنى الحديث أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية فإذا انكدرت النجوم وتناثرت في القيامة، وهنت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت. (وأنا أمنة لأصحابي) أي من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب، واختلاف القلوب، ونحو ذلك مما أنذر به صريحا. وقد وقع كل ذلك. (فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه، وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم وانتهاك المدينة ومكة، وغير ذلك. وهذه كلها من معجزاته ﷺ.

٥٢ - باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم
٢٠٨ - (٢٥٣٢) حدثنا أبو خيثمة، زهير بن حرب وأحمد بن عبدة الضبي (وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ). قالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قال: سمع عمر وجابرا يخبر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زمان. يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم».


(فئام) أي جماعة. وحكى القاضي لغة فيه بالياء مخففة بلا همزة. ولغة أخرى بفتح الفاء حكاها عن الخليل. والمشهور الأول.

٢٠٩ - (٢٥٣٢) حدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي. حدثنا أبي. حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قال: زعم أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يأتي على الناس زمان. يبعث منهم البعث فيقولون: انظروا هل تجدون فيكم أحدا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ؟ فيوجد الرجل. فيفتح لهم به. ثم يبعث البعث الثاني فيقولون: هل فيهم من رأى أصحاب النبي ﷺ؟ فيفتح لهم به. ثم يبعث البعث الثالث فيقال: انظروا هل ترون فيهم من رأى من رأى أصحاب النبي ﷺ؟ ثم يكون البعث الرابع فيقال: انظروا هل ترون فيهم أحدا رأى من رأى أحدا رأى أصحاب النبي ﷺ؟ فيوجد الرجل. فيفتح لهم به».

٢١٠ - (٢٥٣٣) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عن منصور، عن إبراهيم بن يزيد، عن عبيدة السلماني، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خير أمتي القرن الذين يلوني. ثم الذين يلونهم. ثم الذين يلونهم. ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه.

١٩٦٣
ويمينه شهادته» لم يذكر هناد القرن في حديثه. وقال قتيبة «ثم يجئ أقوام».


(خير أمتي القرن الذين يلوني) اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه ﷺ. واختلف في المراد بالقرن. والصحيح أن قرنه الصحابة والثاني التابعون والثالث تابعوهم. (تسبق شهادة أحدهم يمينه) هذا ذم لمن يشهد ويحلف مع شهادته. ومعنى الحديث أنه يجمع بين اليمين والشهادة. فتارة تسبق هذه وتارة هذه.

٢١١ - (٢٥٣٣) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي (قال إسحاق: أخبرنا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أي الناس خير؟ قال «قرني. ثم الذين يلونهم. ثم الذين يلونهم. ثم يجئ قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته». قال إبراهيم: كانوا ينهوننا، ونحن غلمان، عن العهد والشهادات.


(عن العهد والشهادات) المراد النهي عن قوله: على عهد الله أو أشهد بالله.

٢١١ - م - (٢٥٣٣) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا عبد الرحمن. حدثنا سفيان. كلاهما عن منصور. بإسناد أبي الأحوص وجرير. بمعنى حديثهما. وليس في حديثهما: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

٢١٢ - (٢٥٣٣) وحدثني الحسن بن علي الحلواني. حدثنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ،
عن النبي ﷺ قال «خير الناس قرني. ثم الذين يلونهم. ثم الذين يلونهم» فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ قال «ثم يتخلف من بعدهم خلف. تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته».


(ثم يتخلف) هكذا هو في معظم النسخ: يتخلف. وفي بعضها: يخلف. وكلاهما صحيح. أي يجئ بعدهم خلف. والمراد خلف سوء. قال أهل اللغة. الخلف ما صار عوضا عن غيره. ويستعمل فيمن خلف بخير أو بشر. لكن يقال في الخير بفتح اللام وإسكانها، لغتان. الفتح أشهر وأجود. وفي الشر بإسكانها عند الجمهور. وحكى أيضا فتحها.

٢١٣ - (٢٥٣٤) حدثني يعقوب بن إبراهيم. حدثنا هشيم عن أبي بشر. ح وحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا أبو بشر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هريرة. قال:
قال

١٩٦٤
رسول الله ﷺ «خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم. ثم الذين يلونهم». والله أعلم أذكر الثالث أم لا. قال «ثم يخلف قوم يحبون السمانة. يشهدون قبل أن يستشهدوا».


(السمانة) هي السمن. قال جمهور العلماء في معنى هذا الحديث: المراد بالسمن، هنا، كثرة اللحم. ومعناه أنه يكثر ذلك فيهم. وليس معناه أن يتمحضوا سمانا. قالوا والمذموم منه من يستكسبه. وأما من هو فيه خلقة فلا يدخل في هذا. والمتكسب له هو المتوسع في المأكول والمشروب زائدا على المعتاد.

٢١٣ - م - (٢٥٣٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. ح وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدَّثَنَا غندر عن شعبة. ح وحدثني حجاج بن الشاعر. حدثنا أبو الوليد. حدثنا أبو عوانة كلاهما عن أبي بشر، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ شعبة: قال أبو هريرة: فلا أدري مرتين أو ثلاثة.

٢١٤ - (٢٥٣٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حدثنا شعبة. سمعت أبا جمرة. حدثني زهدم بن مضرب. سمعت عمران بن حصين يُحَدِّثُ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «إن خيركم قرني. ثم الذين يلونهم. ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عمران: فلا أدري أقال رسول الله ﷺ بعد قرنه، مرتين أو ثلاثة. «ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون. ويخونون ولا يتمنون. وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن».


(يتمنون) هكذا في أكثر النسخ: يتمنون. وفي بعضها: يؤتمنون. ومعناه يخونون خيانة ظاهرة بحيث لا يبقى معها أمانة. بخلاف من خان بحقير مرة واحدة، فإنه يصدق عليه أنه خان، ولا يخرج به عن الأمانة في بعض المواطن.

٢١٤ - م - (٢٥٣٥) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد. ح وحدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. ح وحدثني محمد بن رافع. حدثنا شبابة. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِهِمْ: قال: لا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة. وفي حديث شبابة قال: سمعت زهدم بن مضرب، وجاءني في حاجة على فرس، فحدثني؛ أنه سمع عمران بن حصين. وفي حديث يحيى وشبابة «ينذرون ولا يفون». وفي حديث بهز «يوفون» كما قال ابن جعفر.

٢١٥ - (٢٥٣٥) وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عبد الملك الأموي. قالا: حدثنا أبو عوانة. ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حدثنا أبى. كلاهما عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بهذا الحديث «خير هذه الأمة القرن الذين بعثت فيهم. ثم الذين يلونهم». زاد في حديث أبي عوانة قال: والله أعلم. أذكر الثالث أم لا. بمثل حديث زهدم عن عمران. وزاد في حديث هشام عن قتادة «ويحلفون ولا يستحلفون».

٢١٦ - (٢٥٣٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وشجاع بن مخلد (واللفظ لأبي بكر) قالا: حدثنا حسين (وهو ابن علي الجعفي) عن زائدة، عن السدي، عن عبد الله البهي، عن عائشة. قالت:
سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ: أي الناس خير؟ قال «القرن الذي أنا فيه. ثم الثاني. ثم الثالث».


(عن عائشة) هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني. فقال: إنما روى البهي عن عروة عن عائشة. قال القاضي: قد صححوا روايته عن عائشة. وقد ذكر البخاري روايته عن عائشة.

٥٣ - بَاب قَوْلِهِ ﷺ «لَا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم»
٢١٧ - (٢٥٣٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قال محمد بن رَافِعٍ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ عَبد: أَخْبَرَنَا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا معمر عَنْ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وأبو بكر بن سليمان؛ أن عبد الله بن عمر قَالَ:
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ ليلة، صلاة العشاء، في آخر حياته. فلما سلم قام فقال «أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد».
قال ابن عمر: فوهل الناس في مَقَالَةَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تِلْكَ، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث،

١٩٦٦
عن مائة سنة. وإنما قال رسول الله ﷺ: لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد. يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن.


(فوهل الناس) أي غلطوا: يقال: وهل يهل وهلا، كضرب يضرب ضربا. أي غلط وذهب وهمه إلى غير الصواب. وأما وهلت، بكسرها، أهل، بفتحها، وهلا بفتحهما، كحذرت أحذر حذرا فمعناه فزعت. والوهل، بالفتح، الفزع. (ينخرم ذلك القرن) أي ينقطع وينقضي.

٢١٧ - م - (٢٥٣٧) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أخبرنا أبو اليمان. أخبرنا شعيب. ورواه الليث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ. كلاهما عن الزهري. بإسناد معمر. كمثل حديثه.

٢١٨ - (٢٥٣٨) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ النبي ﷺ يَقُولُ، قَبْلَ أَنْ يموت بشهر «تسألوني عن الساعة؟ وإنما علمها عند الله. وأقسم بالله! ما على الأرض من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة».

٢١٨ - م - (٢٥٣٨) حدثنيه مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أخبرنا ابن جريج، بهذا الإسناد. ولم يذكر: قبل موته بشهر.

٢١٨ - م ٢ - (٢٥٣٨) حدثني يحيى بن حبيب ومحمد بن عبد الأعلى. كلاهما عن المعتمر. قال ابن حَبِيبٍ: حدثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي. حدثنا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنه قال ذلك قبل موته بشهر. أو نحو ذلك «ما من نفس منفوسة، اليوم، تأتي عليها مائة سنة، وهي حية يومئذ».
وعن عبد الرحمن صاحب السقاية عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثل ذلك. وفسرها عبد الرحمن قال: نقص العمر.


(وعن عبد الرحمن) هو معطوف على قول معتمر بن سليمان: سمعت أبي. فالقائل: وعن عبد الرحمن، هو سليمان والد معتمر. فسليمان يرويه بإسناد مسلم إليه عن اثنين: أبي نضرة وعبد الرحمن صاحب السقاية، كلاهما عن جابر.

٢١٨ - م ٣ - (٢٥٣٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يزيد بن هارون. أخبرنا سليمان التيمي بالإسنادين جميعا، بمثله.

٢١٩ - (٢٥٣٩) حدثنا ابن نمير. حدثنا أبو خالد عن داود (واللفظ له). ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سليمان بن حيان عَنْ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قال:
لما رجع النبي ﷺ من تبوك، سألوه عن الساعة. فقال رسول الله ﷺ «لا تأتي مائة سنة، وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم».

٢٢٠ - (٢٥٣٨) حدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا أبو الوليد. أخبرنا أبو عوانة عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ «ما من نفس منفوسة، تبلغ مائة سنة».
فقال سالم: تذاكرنا ذلك عنده. إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ.

٥٤ - باب تحريم سب الصحابة، رضي الله عنهم
٢٢١ - (٢٥٤٠) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة ومحمد بن العلاء (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا) أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ «لا تسبوا أصحابي. لا تسبوا أصحابي. فوالذي نفسي بيده! لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم، ولا نصيفه».


(عن أبي هريرة) قال أبو علي الجبائي: قال أبو مسعود الدمشقي: هذا وهم. والصواب من حديث أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري، لا عن أبي هريرة. وكذا رواه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة وأبو كريب والناس.

٢٢٢ - (٢٥٤١) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد. قال:
كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء. فسبه خالد. فقال

١٩٦٨
رسول الله ﷺ «لا تسبوا أحدا من أصحابي. فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه».


(ولا نصيفه) قال أهل اللغة: النصيف النصف. وفيه أربع لغات: نصف ونصف ونصف ونصيف. حكاهن القاضي عياض في المشارق عن الخطابي.

٢٢٢ - م - (٢٥٤١) حدثنا أبو سعيد الأشج وأبو كريب. قالا: حدثنا وكيع عن الأعمش. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا ابن أبي عدي. جميعا عن شعبة، عن الأعمش، بإسناد جرير وأبي معاوية. بمثل حديثهما. وليس في حديث شعبة ووكيع ذكر عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد.

٥٥ - باب من فضائل أويس القرني، رضي الله عنه
٢٢٣ - (٢٥٤٢) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حدثني سعيد الجريري عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر؛
أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر. وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس. فقال عمر: هل ههنا أحد من القرنيين؟ فجاء ذلك الرجل. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قد قال «إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس. لا يدع باليمن غير أم له. قد كان به بياض. فدعا الله فأذهبه عنه. إلا موضع الدينار أو الدرهم. فمن لقيه منكم فليستغفر لكم».


(يسخر بأويس) أي يحتقره ويستهزئ به.

٢٢٤ - (٢٥٤٢) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قالا: حدثنا عفان بن مسلم. حدثنا حماد (وهو ابن سلمة) عن سعيد الجريري، بهذا الإسناد، عن عمر بن الخطاب قَالَ:
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إن خير التابعين رجل يقال له أويس. وله والدة. وكان به بياض. فمروه فليستغفر لكم».

٢٢٥ - (٢٥٤٢) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المثنى ومحمد بن بشار (قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا) - واللفظ لابن الْمُثَنَّى - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أسير بن جابر، قال:
كان عمر بن الخطاب، إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس. فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم. قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن. كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم. له والدة هو بها بر. لو أقسم على الله لأبره. فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل». فاستغفر لي. فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة. قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي.
قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم. فوافق عمر. فسأله عن أويس. قال: تركته رث البيت قليل المتاع. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن. كان به برص فبرأ منه. إلا موضع درهم. له والدة هو بها بر. لو أقسم على الله لأبره. فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» فأتى أويسا فقال: استغفر لي. قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح. فاستغفر لي. قال: استغفر لي. قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح. فاستغفر لي. قال: لقيت عمر؟ قال: نعم. فاستغفر له. ففطن له الناس. فانطلق على وجهه. قال أسير: وكسوته بردة. فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟


(أمداد أهل اليمن) هم الجماعة الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو. واحدهم مدد. (غبراء الناس) أي ضعافهم وصعاليكهم وأخلاطهم الذين لا يؤبه لهم. (رث البيت) هو بمعنى قليل المتاع. والرثاثة والبذاذة بمعنى واحد وهو حقارة المتاع وضيق العيش.

٥٦ - باب وصية النبي ﷺ بأهل مصر
٢٢٦ - (٢٥٤٣) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي حرملة. ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. حدثني حرملة (وهو ابن عمران التجيبي) عن عبد الرحمن بن شماسة المهري. قال: سمعت أبا ذر يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط. فاستوصوا بأهلها خيرا. فإن لهم ذمة ورحما. فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها».
قال فمر بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة. يتنازعان في موضع لبنة. فخرج منها.

٢٢٧ - (٢٥٤٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سعيد. قَالَا. حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حدثنا أَبِي. سمعت حرملة المصري يحدث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ أَبِي بصرة، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إنكم ستفتحون مصر. وهي أرض يسمى فيها القيراط. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها. فإن لهم ذمة ورحما» أو قال «ذمة وصهرا. فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة، فاخرج منها» قال: فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة، يختصمان في موضع لبنة، فخرجت منها.


(القيراط) قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما. وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به. (ذمة) الذمة هي الحرمة والحق. وهي هنا بمعنى الذمام. (ورحما) الرحم لكون هاجر. أم إسماعيل، منهم. (وصهرا) الصهر لكون مارية، أم إبراهيم، منهم.

٥٧ - باب فضل أهل عمان
٢٢٨ - (٢٥٤٤) حدثنا سعيد بن منصور. حدثنا مهدي بن ميمون عن أبي الوازع، جابر بن عمرو الراسبي. سمعت أبا برزة يَقُولُ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رجلا إلى حي من أحياء العرب. فسبوه وضربوه. فجاء إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فأخبره. فقال رسول الله ﷺ «لو أن أهل عمان أتيت، ما سبوك ولا ضربوك».


(عمان) مدينة بالبحرين.

٥٨ - باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها
٢٢٩ - (٢٥٤٥) حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يعني ابن إسحاق الحضرمي). أخبرنا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل.
رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة. قال فجعلت قريش تمر عليه والناس. حتى مر عليه عبد الله بن عمر. فوقف عليه. فقال: السلام عليك، أبا خبيب! السلام عليك، أبا خبيب! السلام عليك، أبا خبيب! أما والله! لقد كنت أنهاك عن هذا. أما والله! لقد كنت أنهاك عن هذا. أما والله! لقد كنت أنهاك عن هذا. أما والله! إن كنت، ما علمت، صواما. قواما. وصولا للرحم. أما والله! لأمة أنت أشرها لأمة خير. ثم نفذ عبد الله بن عمر. فبلغ الحجاج موقف عبد الله وقوله. فأرسل إليه. فأنزل عن جذعه. فألقي في قبور اليهود. ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر. فأبت أن تأتيه. فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك. قال فأبت وقالت: والله! لا آتيك حتى تبعث

١٩٧٢
إلي من يسحبني بقروني. قال فقال: أروني سبتي. فأخذ نعليه. ثم انطلق يتوذف. حتى دخل عليها. فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك. بلغني أنك تقول له: يا ابن ذات النطاقين! أنا، والله! ذات النطاقين. أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله ﷺ، وطعام أبي بكر من الدواب. وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه. أما إن رسول الله ﷺ حدثنا «أن في ثقيف كذابا ومبيرا» فأما الكذاب فرأيناه. وأما المبير فلا إخالك إلا إياه. قال فقام عنها ولم يراجعها.


(عقبة المدينة) هي عقبة بمكة. (أبا خبيب) كنية ابن الزبير. كنى بابنه خبيب، وكان أكبر أولاده. (ثم نفذ) أي انصرف. (إليه) أي إلى عبد الله بن الزبير. (من يسحبك بقرونك) أي يجرك بضفائر شعرك. (أروني سبتي) السبت هي النعل التي لا شعر عليها. (يتوذف) قال أبو عبيد: معناه يسرع. وقال أبو عمرو: معناه يتبختر. (ذات النطاقين) قال العلماء: النطاق أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل. تفعل ذلك عند معاناة الأشغال، لئلا تعثر في ذيلها. (كذابا) هو المختار بن أبي عبيد الثقفي. كان شديد الكذب. (مبيرا) أي مهلكا. (إخالك) بفتح الهمزة وكسرها، وهو أشهر. ومعناه أظنك.

٥٩ - باب فضل فارس
٢٣٠ - (٢٥٤٦) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن جعفر الجزري، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال:
قال رسول الله ﷺ «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس - أو قال - من أبناء فارس. حتى يتناوله».

٢٣١ - (٢٥٤٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الغيث، عن أبي هريرة قال:
كنا جلوسا عند النبي ﷺ. إذ نزلت عليه سورة الجمعة. فلما قرأ: ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾ [٦٢ /الجمعة /٣] قال رجل: من هؤلاء؟ يا رسول الله! فلم يراجعه النبي ﷺ.

١٩٧٣
حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا. قال وفينا سلمان الفارسي. قال فَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ عَلَى سلمان، ثم قال «لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال من هؤلاء».

٦٠ - باب قوله ﷺ «الناس كإبل مائة، لا تجد فيها راحلة»
٢٣٢ - (٢٥٤٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد - واللفظ لمحمد - (قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر. قال:
قال رسول الله ﷺ «تجدون الناس كإبل مائة. لا يجد الرجل فيها راحلة».


(راحلة) قال ابن قتيبة: الراحلة النجيبة المختارة من الإبل للركوب وغيره. فهي كاملة الأوصاف. فإذا كانت في إبل عرفت. قال: ومعنى الحديث أن الناس متساوون ليس لأحد منهم فضل في النسب بل هم أشباه كالإبل المائة. وقال الأزهري: الراحلة عند العرب الجمل النجيب والناقة النجيبة. قال والهاء فيها للمبالغة. كما يقال رجل فهامة ونسابة. قال: والمعنى الذي ذكره ابن قتيبة غلط. بل معنى الحديث أن الزاهد في الدنيا، الكامل في الزهد فيها والرغبة في الآخرة، قليل جدا كقلة الراحلة في الإبل. هذا كلام الأزهري وهو أجود من كلام ابن قتيبة. وأجود منهما قول آخرين: إن معناه أن مرضى الأحوال من الناس، الكامل الأوصاف قليل فيهم جدا. كقلة الراحلة في الإبل. قالوا: والراحلة هي البعير الكامل الأوصاف الحسن المنظر القوي على الأحمال والأسفار. سميت راحلة لأنها ترحل أي يجعل عليها الرحل. فهي فاعلة بمعنى مفعولة. كعيشة راضية أي مرضية. ونظائره.

 


google-playkhamsatmostaqltradent