(١) - بَاب فَضْلِ نَسَبِ النَّبِيِّ ﷺ،
وَتَسْلِيمِ الْحَجَرِ عَلَيْهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ
١
- (٢٢٧٦)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ. جَمِيعًا عَنْ الْوَلِيدِ. قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ:
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي
عَمَّارٍ، شَدَّادٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول
«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. وَاصْطَفَى
قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ. وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ. وَاصْطَفَانِي
مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».
٢ - (٢٢٧٧)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَحْيَي بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ طَهْمَانَ. حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ.
قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنِّي
لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ.
إِنِّي لأعرفه الآن».
(إني لأعرف حجرا بمكة) فبه معجزة له ﷺ. وفي
هذا إثبات التمييز في بعض الجمادات، وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة: وإن منها
لما يهبط من خشية الله. وقوله تعالى: وإن من شيء إلا يسبح بحمده.
(٢) بَاب تَفْضِيلِ نَبِيِّنَا ﷺ عَلَى
جَمِيعِ الْخَلَائِقِ
٣
- (٢٢٧٨)
حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، أَبُو صَالِحٍ. حَدَّثَنَا هِقْلُ (يَعْنِي ابْنَ
زِيَادٍ) عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ. حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:
قال رسول الله «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ
آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ. وَأَوَّلُ
شَافِعٍ وَأَوَّلُ مشفع».
(أنا سيد ولد آدم) قال الهروي: السيد هو الذي
يفوق قومه في الخير. وقال غيره: هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد فيقوم
بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم ويدافع عنهم.
(٣) بَاب فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ ﷺ
٤_
(٢٢٧٩)
وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ، سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). حَدَّثَنَا ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَا بِمَاءٍ
فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ. فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ. فَحَزَرْتُ مَا
بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الثَّمَانِينَ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى
الْمَاءِ ينبع من بين أصابعه.
(رحراح) ويقال له رحرح، هو الواسع القصير
الجدار. (فحزرت) في المصباح: حزرت الشيء حزرا، من بابي ضرب وقتل، قدرته.
٥ - (٢٢٧٩)
وحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا مَعْنٌ. حَدَّثَنَا
مَالِكٌ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إسحاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ،
وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ.
فأتى رسول الله ﷺ بِوَضُوءٍ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ
يَدَهُ. وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ
يَنْبُعُ من تحت أصابعه. فتوضأ الناس حتى توضؤا من عند آخرهم.
(الوضوء) بفتح الواو، هو الماء الذي يتوضأ
به. (من عند آخرهم) هكذا هو في الصحيحين: من عند آخرهم وهو صحيح. ومن، هنا، بمعنى
إلى. وهي لغة.
٦ - (٢٢٧٩)
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (يَعْنِي ابْنَ
هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مالك؛
أن نبي الله وَأَصْحَابَهُ
بِالزَّوْرَاءِ (قَالَ: وَالزَّوْرَاءُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ السُّوقِ
وَالْمَسْجِدِ فِيمَا ثَمَّهْ) دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ. فَوَضَعَ كَفَّهُ
فِيهِ. فَجَعَلَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ. فَتَوَضَّأَ جَمِيعُ
أَصْحَابِهِ. قَالَ قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ يَا أَبَا حَمْزَةَ! قَالَ: كَانُوا
زُهَاءَ الثلاثمائة.
(زهاء الثلاثمائة) أي قدر الثلاثمائة.
٧ - (٢٢٧٩)
وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛
أن النبي كَانَ بِالزَّوْرَاءِ.
فَأُتِيَ بِإِنَاءِ مَاءٍ لَا يَغْمُرُ أَصَابِعَهُ. أَوْ قَدْرَ مَا يُوَارِي
أَصَابِعَهُ. ثُمَّ ذكر نحو حديث هشام.
(لا يغمر أصابعه) أي لا يغطيها.
٨ - (٢٢٨٠)
وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛
أَنَّ أُمَّ مَالِكٍ كَانَتْ تُهْدِي
لِلنَّبِيِّ ﷺ فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا. فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ
الْأُدْمَ. وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ. فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِي كَانَتْ تُهْدِي
فِيهِ لِلنَّبِيِّ ﷺ. فَتَجِدُ فِيهِ سَمْنًا. فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَ
بَيْتِهَا حتى عصرته. فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فقَالَ «عَصَرْتِيهَا؟» قَالَتْ:
نَعَمْ. قَالَ «لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زال قائما».
(ما زال قائما) أي موجودا حاضرا.
٩ - (٢٢٨١)
وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ
يَسْتَطْعِمُهُ. فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ. فَمَا زَالَ الرَّجُلُ
يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا. حَتَّى كَالَهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ
ﷺ. فقال «لولم تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ، وَلَقَامَ لَكُمْ».
١٠ - (٧٠٦) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا
مَالِكٌ (وَهُوَ ابْنُ أَنَسٍ) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ؛ أَنَّ أَبَا
الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ أَخْبَرَهُ. أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ
أَخْبَرَهُ.
قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ عام غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَكَانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ. فَصَلَّى الظُّهْرَ
وَالْعَصْرَ جَمِيعًا. وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. حَتَّى إِذَا كَانَ
يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ
جَمِيعًا. ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَصَلَّى الْمَغْرِبَ
وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. ثُمَّ قَالَ «إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا، إِنْ شَاءَ
اللَّهُ، عَيْنَ تَبُوكَ. وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ
النَّهَارُ. فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى
آتِيَ» فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ. وَالْعَيْنُ مِثْلُ
الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاء. قَالَ فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا؟» قَالَا: نَعَمْ. فَسَبَّهُمَا
النَّبِيُّ ﷺ، وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. قَالَ ثُمَّ
غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا. حَتَّى اجْتَمَعَ فِي
شَيْءٍ. قَالَ وَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فيه يده وَوَجْهَهُ. ثُمَّ أَعَادَهُ
فِيهَا. فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ. أَوَ قَالَ غَزِيرٍ - شَكَّ أَبُو
عَلِيٍّ أَيُّهُمَا قَالَ -
⦗١٧٨٥⦘
حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ. ثُمَّ
قَالَ «يُوشِكُ يَا مُعَاذُ! إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، أن ترى ما ههنا قد ملئ
جنانا».
(تبض) هكذا ضبطناه هنا: تبض. ونقل القاضي
اتفاق الرواة هنا على أنه بالضاد المعجمة ومعناه تسيل. والشراك هو سير النعل.
ومعناه ماء قليل جدا. (منهمر) أي كثير الصب والدفع. (جنانا) أي بساتين وعمرانا.
وهو جمع جنة. وهو أيضا من المعجزات.
١١ - (١٣٩٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يَحْيَي، عَنْ
عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ. قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
غزوة تَبُوكَ. فَأَتَيْنَا وَادِيَ الْقُرَى عَلَى حَدِيقَةٍ لِامْرَأَةٍ. فقال
رسول الله ﷺ «اخْرُصُوهَا» فَخَرَصْنَاهَا. وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. وَقَالَ «أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ، إِنْ شَاءَ
اللَّهُ» وَانْطَلَقْنَا. حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ. فلا يقيم فِيهَا أَحَدٌ
مِنْكُمْ. فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ» فَهَبَّتْ رِيحٌ
شَدِيدَةٌ. فَقَامَ رَجُلٌ فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طئ. وَجَاءَ رَسُولُ
ابْنِ الْعَلْمَاءِ، صَاحِبِ أَيْلَةَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِكِتَابٍ.
وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا. ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَى.
فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْمَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا «كَمْ بَلَغَ
ثَمَرُهَا؟» فَقَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنِّي
مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فليسرع معي. ومن شاء فليمكث» فخرجنا حتى أشرفنا
على المدينة. فقال «هذه طابة. وهذا أُحُدٌ. وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»
ثُمَّ قَالَ «إِنَّ خَيْرَ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ. ثُمَّ
دَارُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ. ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ
الْخَزْرَجِ. ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ. وَفِي كُلِّ دُورِ
⦗١٧٨٦⦘
الْأَنْصَارِ خَيْرٌ» فَلَحِقَنَا
سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ خَيَّرَ دُورَ الْأَنْصَارِ. فَجَعَلَنَا آخِرًا. فَأَدْرَكَ سَعْدٌ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَيَّرْتَ دُورَ الأنصار فجعلتنا
آخرا. فقال «أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار».
(اخرصوها) هو بضم الراء وكسرها، والضم أشهر.
أي احزروا الحديقة. كم يجيء من ثمرها. (أوسق) هو جمع وسق. قال في النهاية: الوسق.
ستون صاعا، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربعمائة عند أهل العراق.
(بجبلي طئ) هما مشهوران. يقال لأحدهما لجأ. والآخر سلمى. وطئ على وزن سيد، هو أبو
قبيلة من اليمن. قال صاحب التحرير: وطئ يهمز ولا يهمز. لغتان. (خير دور الأنصار
دار بني النجار) قال القاضي: المراد أهل الدور. والمراد القبائل. وإنما فضل بني
النجار لسبقهم في الإسلام وآثارهم الجميلة في الدين. (ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ
الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ) هكذا هو في النسخ: بني عبد الحارث. وكذا نقله
القاضي. قال: وهو خطأ من الرواة وصوابه بني الحارث. بحذف لفظة عبد.
١٢ - (١٣٩٢) حَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ.
أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا
وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، إِلَى قَوْلِهِ
«وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ» وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنْ
قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ: فَكَتَبَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبَحْرِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ: فَكَتَبَ
إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
(بِبَحْرِهِمْ) أي ببلدهم. والبحار القرى.
(٤) بَاب تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ
تَعَالَى، وَعِصْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مِنَ النَّاسِ
١٣
- (٨٤٣)
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخبرنا معمر عن
الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ،
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ) عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي
سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ. فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي
وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَحْتَ شَجَرَةٍ. فَعَلَّقَ
سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا. قَالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي
يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ. قَالَ:
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ
رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ. فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ
قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي. فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ.
فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ قُلْتُ: اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ فِي
الثَّانِيَةِ:
⦗١٧٨٧⦘
مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ
قُلْتُ: اللَّهُ. قَالَ فَشَامَ السيف. فهاهو ذَا جَالِسٌ» ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
(قبل نجد) أي ناحية نجد. في غزوته إلى غطفان
وهي غزوته ذي أمر، موضع من ديار غطفان. (العضاه) هي كل شجرة ذات شوك. (صلتا) بفتح
الصاد وضمها. أي مسلولا. (فشام السف) معناه غمده ورده في غمده. يقال: شام السيف
إذا سله وإذا أغمده، فهو من الأضداد. والمراد هنا غمده
١٤ - (٨٤٣) وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاق. قَالَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عبد الله الْأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، أَخْبَرَهُمَا؛ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوَةً
قِبَلَ نَجْدٍ. فَلَمَّا قَفَلَ النَّبِيُّ ﷺ قَفَلَ مَعَهُ. فَأَدْرَكَتْهُمُ
الْقَائِلَةُ يَوْمًا. ثُمَّ ذَكَرَ نحو حديث إبراهيم بن سعد ومعمر.
١٤ - م- (٨٤٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة.
حدثنا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي
كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ. بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. وَلَمْ
يَذْكُرْ: ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
(٥) باب بيان مثل ما بعث النَّبِيُّ ﷺ مِنَ
الْهُدَى وَالْعِلْمِ
١٥
- (٢٢٨٢)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي عَامِرٍ). قَالُوا: حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ قال:
«إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ
بِهِ عز وجل مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أرضا. فكانت منه
طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ. قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ
الْكَثِيرَ. وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ.
⦗١٧٨٨⦘
فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ.
فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا. وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى.
إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً. فَذَلِكَ
مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ،
فَعَلِمَ وَعَلَّمَ. وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا. وَلَمْ
يَقْبَلْ هدى الله الذي أرسلت به».
(غيث) الغيث هو المطر. (الكلأ والعشب) العشب
والكلأ والحشيش كلها أسماء للبنات. لكن الحشيش مختص باليابس. والعشب والكلأ،
مقصورا، مختصان بالرطب. والكلأ بالهمز يقع على اليابس والرطب. (أجادب) هي الأرض
التي لا تنبت كلأ. وقال الخطابي: هي الأرض التي تمسك الماء فلا يسرع فيه النضوب.
قال ابن بطال وصاحب المطالع وآخرون: هو جمع جدب على غير قياس. كما قالوا في حسن
جمعه محاسن. والقياس أن محاسن جمع محسن. وكذا قالوا مشابه جمع شبه. وقياسه أن يكون
جمع مشبه. (قيعان) جمع القاع. وهو الأرض المستوية، وقيل الملساء، وقيل التي لا نبات
فيها، وهذا هو المراد في هذا الحديث كما صرح به ﷺ. ويجمع أيضا على أقوع وأقواع.
والقيعة بمعنى القاع. (فقه) الفقه في اللغة هو الفهم. يقال منه: فقه بكسر القاف
فقها، بفتحها، كفرح يفرح فرحا. أما الفقه الشرعي فقال صاحب العين والهروي وغيرهما:
يقال منه فقه بضم القاف. والمراد بقوله ﷺ «فقه في دين الله» هذا الثاني. فيكون
مضموم القاف على المشهور. أما معاني الحديث ومقصوده فهو تمثيل الهدى الذي جاء به ﷺ
بالغيث. ومعناه أن الأرض ثلاثة أنواع. وكذلك الناس. فالنوع الأول من الأرض ينتفع
بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتا. وينبت الكلأ فتنتفع بها الناس والدواب والزرع
وغيرها. وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحيى قلبه ويعمل به
ويعلمه غيره. فينتفع
وينفع. والنوع الثاني من الأرض مالا يقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي
إمساك الماء لغيرها. فينتفع بها الناس والدواب وكذا النوع الثاني من الناس لهم
قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العلم يستنبطون به المعاني
والأحكام وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به. فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج
متعطش لما عندهم من العلم أهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به. فهؤلاء
نفعوا بما بلغهم. والنوع الثالث من الأرض السباخ التي لا تنبت، ونحوها. فهي لا
تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع به غيرها. وكذا النوع الثالث من الناس. ليست لهم
قلوب حافظة ولا أفهام واعية. فإذا سمعوا العلم فلا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع
غيرهم.
(٦) بَاب شَفَقَتِهِ ﷺ عَلَى أُمَّتِهِ،
وَمُبَالَغَتِهِ فِي تَحْذِيرِهِمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ
١٦
- (٢٢٨٣)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ
(وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ). قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ
بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
قَالَ «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ مَا
بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمَهُ. فَقَالَ: يَا قَوْمِ!
إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ. وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ
فَالنَّجَاءَ.
⦗١٧٨٩⦘
فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ
قَوْمِهِ. فَأَدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَى مُهْلَتِهِمْ. وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ. فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ
وَاجْتَاحَهُمْ. فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ.
وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ من الحق».
(أنا النذير العريان) قال العلماء. أصله أن
الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يوجب المخافة نزع ثوبه وأشار به إليهم إذا
كان بعيدا منهم ليخبرهم بما دهمهم. وأكثر ما يفعل هذا ربيئة قومه. وهو طليعتهم
ورقيبهم. (فالنجاء) أي انجوا النجاء، أو اطلبوا النجاء. (فأدلجوا) معناه ساروا من
أول الليل. أدلجت أدلج إدلاجا كأكرمت أكرم إكراما والاسم الدلجة. فإن خرجت بالليل
قلت أدلجت أدلج إدلاجا، بالتشديد. والاسم الدلجة بضم الدال. (على مهلتهم) هكذا هو
في جميع نسخ مسلم. (اجتاحهم) استأصلهم.
١٧ - (٢٢٨٤) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّمَا
مَثَلِي وَمَثَلُ أُمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا. فَجَعَلَتِ الدواب
والفراش يقعن فيه. فأنا آخذ بحزكم وأنتم تقحمون فيه».
(الفراش) قال الحليل: هو الذي يطير كالبعوض.
(آخذ) روي بوجهين: أحدهما اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال. والثاني فعل مضارع
بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر. وهما صحيحان. (بحجزكم) الحجز جمع حجزة، وهي مقعد
الإزار والسراويل. (تقحمون) التقحم هو الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير
تثبيت.
١٧ - (٢٢٨٤) وحدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ
أَبِي عُمَرَ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، نحوه.
١٨ - (٢٢٨٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ
مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَثَلِي
كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا. فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ
الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا. وَجَعَلَ
يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا. قَالَ فَذَلِكُمْ مَثَلِي
وَمَثَلُكُمْ. أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ. هَلُمَّ عَنِ النَّارِ.
فَتَغْلِبُونِي تَقَحَّمُونَ فِيهَا».
١٩ - (٢٢٨٥) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا سَلِيمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ
جَابِرٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَثَلِي
وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا. فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ
وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا. وَهُوَ بذبهن عَنْهَا. وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ
عَنِ النَّارِ. وَأَنْتُمْ تفلتون من يدي».
(الجنادب) جمع جندب. وفيها ثلاث لغات جندب،
جندب، جندب. والجنادب هذا الصرار الذي يشبه الجراد. وقال أبو حاتم: الجندب على
خلقة الجراد. له أربعة أجنحة كالجرادة وأصغر منها. يطير ويصر بالليل صرا شديدا.
(تفلتون) روي بوجهين: أحدهما تفلتون. والثاني تفلتون. وكلاهما صحيح. يقال أفلت مني
وتفلت إذا نازعك الغلبة والهرب، ثم غلب وهرب. ومقصود الحديث أنه ﷺ شبه تساقط
الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة، وحرصهم على الوقوع في ذلك،
مع منعه إياهم وقبضه على مواضع المنع منهم، بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه
وضعف تمييزه. وكلاهما حريص على هلاك نفسه، ساع في ذلك لجهله.
(٧) بَاب ذِكْرِ كَوْنِهِ ﷺ خَاتَمَ
النَّبِيِّينَ
٢٠
- (٢٢٨٦)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
قَالَ «مَثَلِي وَمَثَلُ
الْأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ.
فَجَعَلَ النَّاسُ يُطِيفُونَ بِهِ يَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا بُنْيَانًا أَحْسَنَ
مِنْ هَذَا. إِلَّا هَذِهِ اللَّبِنَةَ. فكنت أنا تلك اللبنة».
(اللبنة) بفتح اللام وكسر الباء. ويجوز إسكان
الباء مع فتح اللام وكسرها. كما في نظائرها. واللبن، كما جاء في المنجد، هو
المضروب من الطين مربعا للبناء.
٢١ - (٢٢٨٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله ﷺ. فذكر أحاديث منها:
وقال أبو القاسم ﷺ «مَثَلِي وَمَثَلُ
الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ ابْتَنَى بُيُوتًا فَأَحْسَنَهَا
وأجملها وأكملها. إلا موضع لبنة في زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا. فَجَعَلَ النَّاسُ
يَطُوفُونَ وَيُعْجِبُهُمُ البنيان فيقولون: ألا وضعت ههنا لَبِنَةً فَيَتِمَّ
بُنْيَانُكَ» فَقَالَ مُحَمَّدٌ ﷺ «فَكُنْتُ أَنَا اللَّبِنَةَ».
٢٢ - (٢٢٨٦) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ
وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ
جَعْفَرٍ) عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السمان، عن أبي
هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ «مَثَلِي
وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا
فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ. إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ
زَوَايَاهُ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ:
هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ! قَالَ فأنا اللبنة. وأنا خاتم النبيين».
٢٢ - م- (٢٢٨٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «مَثَلِي وَمَثَلُ
النَّبِيِّينَ» فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
٢٣ - (٢٢٨٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَفَّانُ. حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ،
عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
قَالَ «مَثَلِي وَمَثَلُ
الْأَنْبِيَاءِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا إِلَّا
مَوْضِعَ لَبِنَةٍ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا،
وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ!» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَأَنَا
مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ. جئت فختمت الأنبياء».
٢٣ - م- (٢٢٨٧) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ
بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا سَلِيمٌ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ. وَقَالَ بَدَلَ _أتمها_ أحسنها.
(٨) بَاب إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى
رَحْمَةَ أُمَّةٍ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا
٢٤
- (٢٢٨٨)
قَالَ مُسْلِم: وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ.
حَدَّثَنِي بريد بن عبد الله عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
⦗١٧٩٢⦘
قَالَ «إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا
أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا.
فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا. وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ
أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا، وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ،
فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حين كذبوه وعصوا أمره».
(قال مسلم: وحدثت عن أبي أسامة) قال المازري
والقاضي: هذا الحديث من الأحاديث المنقطعة في مسلم. فإنه لم يسم الذي حدثه عن أبي
أسامة. (قلت): وليس هذا حقيقة انقطاع. وإنما هو رواية مجهول. وقد وقع في حاشية بعض
النسخ المعتمدة: قال الجلودي: حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني قال: حدثنا إبراهيم
بن سعيد الجوهري بهذا الحديث، عن أبي أسامة بإسناده. (فرطا) بمعنى الفارط المتقدم
إلى الماء ليهيئ السقي. يريد أنه شفيع يتقدم. (وسلفا) هو المقدم. من عطف المرادف
أو أعم.
(٩) بَاب إِثْبَاتِ حَوْضِ نَبِيِّنَا ﷺ
وَصِفَاتِهِ
٢٥
- (٢٢٨٩)
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زَائِدَةُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ
«أَنَا فرطكم على الحوض».
(الحوض) قال القاضي عياض رحمه الله:
أحاديث الحوض صحيحة. والإيمان به
فرض. والتصديق به من الإيمان. وهو على ظاهره عند أهل السنة والجماعة. لا يتأول ولا
يختلف فيه. قال القاضي: وحديثه متواتر النقل. رواه خلائق من الصحابة. فذكره مسلم
من رواية ابن عمر وأبي سعيد وسهل بن سعد وجندب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة
وأم سلمة وعقبة بن عامر وابن مسعود وحذيفة وحارثة بن وهب والمستورد وأبي ذر وثوبان
وأنس وجابر بن سمرة. ورواه غير مسلم من رواية أبي بكر الصديق وزيد بن أرقم وأبي
أمامة وعبد الله بن زيد وأبي برزة وسويد بن جبلة وعبد الله بن الصنابحي والبراء بن
عازب وأسماء بنت أبي بكر وخولة بنت قيس وغيرهم.
قلت: ورواه البخاري ومسلم أيضا من
رواية أبي هريرة. ورواه غيرهما من رواية عمر بن الخطاب وعائذ بن عمرو وآخرين. وقد
جمع ذلك كله الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه (البعث والنشور) بأسانيده
وطرقه المتكاثرات. قال القاضي: وفي بعض هذ ما يقتضي كون الحديث متواترا. (أنا
فرطكم على الحوض) قال أهل اللغة: الفرط والفارط هو الذي يتقدم الواردين ليصلح لهم
الحياض والدلاء ونحوها من أمور الاستقاء. فمعنى فرطكم على الحوض، سابقكم إليه
كالمهيئ له.
٢٥ - م- (٢٢٨٩) حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ.
جَمِيعًا عَنْ مِسْعَرٍ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا
أَبِي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا محمد بن جعفر.
قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ،
عَنْ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله.
٢٦ - (٢٢٩٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) عَنْ أَبِي
حَازِمٍ. قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «أَنَا
فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ. مَنْ وَرَدَ شَرِبَ. وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ
أَبَدًا. وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي. ثُمَّ
يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ».
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَ
النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ.
فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلًا يَقُولُ؟ قال فقلت نعم.
(ومن شرب لم يظمأ أبدا) أي شرب منه. والظمأ
مهموز مقصور. كما ورد به القرآن العزيز. وهو العطش. يقال. ظمئ يظمأ ظمأ فهو ظمآن
وهم ظماء، بالمد، كعطش يعطش عطشا فهو عطشان. وهم عطاش. قال القاضي: ظاهر هذا
الحديث أن الشرب منه يكون بعد الحساب والنجاة من النار. فهذا الذي لا يظمأ بعده.
٢٦ - م- (٢٢٩١) قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ
عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فَيَقُولُ «إِنَّهُمْ
مِنِّي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاتدري مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: سُحْقًا
سُحْقًا لِمَنْ بدل بعدي».
(سحقا سحقا) أي بعدا لهم بعدا. ونصبه على
المصدر. وكرر للتوكيد.
٢٦ - م- (٢٢٩١) وحدثنا هارون بن سعيد
الأيلي حدثنا ابن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سعيد
الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثل حديث يعقوب.
(وعن النعمان بن أبي عياش) قال العلماء: هذا
العطف على سهل. فالقائل: وعن النعمان، هو أبو حازم. فرواه عن سهل ثم رواه عن
النعمان عن أبي سعيد.
٢٧ - (٢٢٩٢) وحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو
الضَّبِّيُّ. حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ:
قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «حَوْضِي
مَسِيرَةُ شَهْرٍ. وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ.
⦗١٧٩٤⦘
وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ.
وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ .. وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ. فَمَنْ
شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يظمأ بعده أبدا».
(وزواياه سواء) قال العلماء: معناه طوله
كعرضه. كما قال في حديث أبي ذر المذكور في الكتاب عرضه مثل طوله. (وماؤه أبيض من
الورق) هكذا هو في جميع النسخ: الورق، بكسر الراء وهو الفضة. والنحويون يقولون: إن
فعل التعجب الذي يقال فيه: هو أفعل من كذا، إنما يكون فيما كان ماضيه على ثلاثة
أحرف. فإن زاد لم يتعجب من فاعله وإنما يتعجب من مصدره. فلا يقال: ما أبيض زيدا،
ولا زيد أبيض من عمرو. وإنما يقال: ما أشد بياضه، وهو أشد بياضا من كذا. وقد جاء
في الشعر أشياء من هذا الذي أنكروه، فعدوه شاذا لا يقاس عليه. وهذا الحديث يدل على
صحته، وهي لغة، وإن كانت قليلة الاستعمال. ومنه قول عمر رضي الله عنه:
ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
(كنجوم السماء) المختار الصواب إن هذا العدد للآنية على ظاهره. وأنها أكثر عددا من
نجوم السماء. ولا مانع عقلي ولا شرعي يمنع من ذلك. بل ورد الشرع به مؤكدا: كما قال
ﷺ «والذي نفس محمد بيده! لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء».وقال القاضي عياض: هذا
إشارة إلى كثرة العدد وغايته الكثيرة، من باب قوله ﷺ: «لا يضع العصا عن عاتقه» وهو
باب من المبالغة معروف في الشرع واللغة. ولا يعد كذبا، إذا كان المخبر عنه في حيز
الكثرة والعظم ومبلغ الغاية في بابه، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك. هذا كلام القاضي،
والصواب الأول.
٢٧ - م- (٢٢٩٣) وَقَالَتْ أَسْمَاءُ
بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى
أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ. وَسَيُؤْخَذُ أُنَاسٌ دُونِي. فَأَقُولُ:
يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي. فَيُقَالُ أَمَا شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا
بَعْدَكَ؟ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا بَعْدَكَ يَرْجِعُونَ عَلَى أعقابهم».
قال فكان ابن مُلَيْكَةَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ! إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ أَنْ
نُفْتَنَ عَنْ ديننا.
٢٨ - (٢٢٩٤) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ،
وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ «إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ. أَنْتَظِرُ مَنْ
يَرِدُ علي منكم. والله لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ. فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ
رَبِّ! مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي. فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا
بَعْدَكَ. مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ».
٢٩ - (٢٢٩٥) وحَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي
عَمْرٌو (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ)؛ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ الْقَاسِمِ
بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ
سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ
أَسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْحَوْضَ. وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ. وَالْجَارِيَةُ تَمْشُطُنِي.
فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «أَيُّهَا النَّاسُ» فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ
اسْتَأْخِرِي عَنِّي. قَالَتْ: إِنَّمَا دَعَا الرِّجَالَ وَلَمْ يَدْعُ
النِّسَاءَ. فَقُلْتُ: إِنِّي مِنَ النَّاسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إني
لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ. فَإِيَّايَ! لَا يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ
عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ. فَأَقُولُ فِيمَ هَذَا؟ فَيُقَالُ:
إِنَّكَ لَا تَدْرِي ما أحدثوا بعدك. فأقول سحقا».
٢٩ - م- (٢٢٩٥) وحَدَّثَنِي أَبُو مَعْنٍ
الرَّقَاشِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالُوا:
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ (وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو). حَدَّثَنَا
أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ. قَالَ: كَانَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ؛ أَنَّهَا سمعت النبي ﷺ يقول، عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهِيَ
تَمْتَشِطُ «أَيُّهَا النَّاسُ!» فَقَالَتْ لِمَاشِطَتِهَا: كُفِّي رَأْسِي.
بِنَحْوِ حَدِيثِ بُكَيْرٍ عَنْ القاسم بن عباس.
(كفي رأسي) أي اجمعيه وضمي شعره بعضه إلى بعض.
٣٠ - (٢٢٩٦) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عن عقبة بن عامر؛ أن رسول الله
ﷺ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ. ثُمَّ
انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ. فَقَالَ «إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ. وَأَنَا شَهِيدٌ
عَلَيْكُمْ. وَإِنِّي،
وَاللَّهِ! لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي
الْآنَ. وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ
الْأَرْضِ. وَإِنِّي، وَاللَّهِ! مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا
بَعْدِي. وَلَكِنْ أَخَافُ عليكم أن
تتنافسوا فيها».
(فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ
عَلَى الْمَيِّتِ) أي دعا لهم بدعاء صلاة الميت. (وإني، والله! لأنظر إلى حوضي
الآن) هذا تصريح بأن الحوض حوض حقيقي على ظاهره. وإنه مخلوق موجود اليوم. (وإني قد
أعطيت مفاتيح خزائن الأرض) هكذا هو في جميع النسخ: مفاتيح، بالياء. قال القاضي:
وروي: مفاتح، بحذفها. فمن أثبتها فهو جمع مفتاح، ومن حذفها فجمع مفتح. وهما لغتان
فيه. وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله ﷺ. فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن
الأرض، وقد وقع ذلك. وأنها لا ترتد جملة، وقد عصمها الله تعالى من ذلك. وأنها تتنافس
في الدنيا، وقد وقع ذلك.
٣١ - (٢٢٩٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا وَهْبٌ (يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ). حَدَّثَنَا أَبِي.
قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَي بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي
حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ. ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ
وَالْأَمْوَاتِ. فَقَالَ: «إِنِّي
فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ. وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى
الْجُحْفَةِ. إِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي.
وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ
الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ».
قَالَ عُقْبَةُ: فَكَانَتْ آخِرَ مَا
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ على المنبر.
(على قتلى أحد. ثم صعد المنبر) معناه: خرج
إلى قتلى أحد ودعا لهم دعاء مودع، ثم دخل المدينة فصعد المنبر فخطب الأحياء خطبة
مودع. (أيلة) هي مدينة معروفة في طرف الشام على ساحل البحر، متوسطة بين مدينة
الرسول ﷺ ودمشق ومصر. بينها وبين المدينة نحو خمس عشر مرحلة. وبينها وبين دمشق نحو
ثنتي عشرة مرحلة. وبينها وبين مصر نحو ثمان مراحل. قال الحازمي: قيل هي آخر الحجاز
وأول الشام. (الجحفة) هي بنحو سبع مراحل من المدينة، بينها وبين مكة.
٣٢ - (٢٢٩٧) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وأبو
شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَنَا
فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ. وَلَأُنَازِعَنَّ أَقْوَامًا ثُمَّ لَأُغْلَبَنَّ
عَلَيْهِمْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي.
أَصْحَابِي. فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا
تَدْرِي ما أحدثوا بعدك».
٣٢ - م- (٢٢٩٧) وحَدَّثَنَاه عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٌ، عَنِ
الأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ "أصحابي. أصحابي
٣٢ - م-٢ - (٢٢٩٧) حدثنا عثمان بن أبي
شيبة وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ. كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. حدثنا شعبة. جَمِيعًا عَنْ
مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِنَحْوِ
حَدِيثِ الْأَعْمَشِ. وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ عن المغيرة: سمعت أبا وائل.
٣٢ - م-٣ - (٢٢٩٧) وحَدَّثَنَاه سَعِيدُ
بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة.
حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ. كِلَاهُمَا عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. نَحْوَ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ وَمُغِيرَةَ.
٣٣ - (٢٢٩٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ. ح حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ
مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ؛
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ
«حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ». فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ:
أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ «الْأَوَانِي»؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ المستورد «ترى فيه
الآنية مثل الكواكب».
٣٣ - م- (٢٢٩٨) وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ. حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ. حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ
الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
وَذَكَرَ الْحَوْضَ. بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْمُسْتَوْرِدِ
وَقَوْلَهُ.
٣٤ - (٢٢٩٩) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَالَا: حدثنا حماد (وهو ابن
زيد). حدثنا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «إِنَّ أَمَامَكُمْ
حَوْضًا. مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بين جربا وأذرح».
(جربا) بألف مقصورة. هذا هو الصواب المشهور
أنها مقصورة. وكذا قيدها الحازمي في كتابه (المؤتلف في الأماكن) وكذا ذكرها القاضي
وصاحب المطالع: ووقع عند بعض رواة البخاري ممدودا. قالا: وهو خطأ. وقال صاحب
التحرير: هي بالمد وقد تقصر. قال الحازمي: كان أهل جربا يهود. كتب لهم النبي
الأمان، لما قدم عليه لحية بن رؤبة، صاحب أيلة، بقوم منهم ومن أهل أذرح يطلبون
الأمان. (أذرح) هي مدينة في طرف الشام في قبلة الشويك. بينها وبينه نحو نصف يوم،
وهي في طرف الشراة، في طرفها الشمالي، وتبوك في قبلة أذرح بينهما نحو أربع مراحل.
وبين تبوك ومدينة النبي ﷺ نحو أربع عشرة مرحلة.
٣٤ - م- (٢٢٩٩) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ
حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا:
حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي
نَافِعٌ عن ابن عمر،
عن النبي ﷺ قَالَ «إِنَّ أَمَامَكُمْ
حَوْضًا كَمَا بين جربا وأذرح». وفي رواية ابن المثنى «حوضي».
٣٤ - م-٢ - (٢٢٩٩) وحَدَّثَنَا ابْنُ
نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ. وَزَادَ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:
قَرْيَتَيْنِ بِالشَّأْمِ. بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثِ لَيَالٍ. وفي حديث ابن
بشر: ثلاثة أيام.
٣٤ - م-٣ - (٢٢٩٩) وحَدَّثَنِي سُوَيْدُ
بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ
نَافِعٍ، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
٣٥ - (٢٢٩٩) وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
نافع، عن عبد الله؛
أن رسول الله ﷺ. قَالَ «إِنَّ
أَمَامَكُمْ حوضا كما بين حربا وَأَذْرُحَ. فِيهِ أَبَارِيقُ كَنُجُومِ
السَّمَاءِ. مَنْ وَرَدَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا».
٣٦ - (٢٣٠٠) وحدثنا أبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن
إبراهيم وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ-
(قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حدثنا) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا
آنِيَةُ الْحَوْضِ؟ قَالَ «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَآنِيَتُهُ
أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا. أَلَا فِي اللَّيْلَةِ
الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ. آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ
يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ. يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ
⦗١٧٩٩⦘
مِنَ الْجَنَّةِ. مَنْ شَرِبَ مِنْهُ
لَمْ يَظْمَأْ. عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ. مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ.
مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ. وَأَحْلَى من العسل».
(ألا في الليلة المظلمة) بتخفيف ألا، وهي
التي للاستفتاح. وخص الليلة المظلمة المصحية لأن النجوم ترى فيها أكثر. والمراد
بالمظلمة التي لا قمر فيها، مع أن النجوم طالعة. فإن وجود القمر يستر كثيرا من
النجوم. (آنية الجنة) ضبطه بعضهم برفع آنية وبعضهم بنصبها. وهما صحيحان. فمن رفع
فخبر مبتدأ محذوف، أي هي آنية الجنة. ومن نصب فبإضمار أعني أو نحوه. (يشخب) الخاء
مضمومة ومفتوحة. والشخب السيلان. وأصله ما خرج من تحت يد الحالب عند كل غمزة وعصرة
لضرع الشاة. (ميزابان) قال في اللسان: وزب الشيء يزب وزوبا، إذا سال. الجوهري: الميزاب
المثعب، فارسي معرب. قال: وقد عرب بالهمز. وربما لم يهمز. والجمع. مآزيب، إذا
همزت. وميازيب، إذا لم تهمز. (عمان) هي بلدة بالبلقاء من الشام. قال الحازمي: قال
ابن الأعرابي: يجوز أن يكون فعلان، من عم يعم، فلا ينصرف معرفة وينصرف نكرة. قال:
ويجوز أن يكون فعالا، من عمن، فينصرف معرفة ونكرة، إذا عنى بها البلد. هذا كلامه.
والمعروف في روايات الحديث وغيرها ترك صرفها.
٣٧ - (٢٣٠١) حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ
الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَأَلْفَاظُهُمْ
مُتَقَارِبَةٌ). قَالُوا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ). حَدَّثَنِي
أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ؛
أَنَّ نبي الله ﷺ قال «إِنِّي
لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ. أَضْرِبُ بِعَصَايَ
حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ». فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ فَقَالَ «مِنْ مَقَامِي
إِلَى عَمَّانَ». وَسُئِلَ عن شرابه فقال «أشد بياضا من البن، وَأَحْلَى مِنَ
الْعَسَلِ. يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ. أَحَدُهُمَا
مِنْ ذَهَبٍ وَالْآخَرُ مِنْ ورق».
(لبعقر حوضي) هو موقف الإبل من الحوض، إذا
وردته. وقيل مؤخره. (أذود الناس لأهل اليمن) معناه أطرد الناس عنه غير أهل اليمن.
ليرفض على أهل اليمن. وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه، مجازاة لهم
بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام. والأنصار من اليمن. فيدفع غيرهم حتى يشربوا، كما
دفعوا في الدنيا عن النبي ﷺ أعداءه والمكروهات. (يرفض عليهم) يسيل عليهم. قال أهل
اللغة والغريب: وأصله من الدمع. يقال: أرفض الدمع، إذا سال متفرقا. (يغت فيه
ميزابان يمدانه) هكذا قاله ثابت والخطابي والهروي وصاحب التحرير والجمهور: يغت. وكذا
هو في معظم نسخ بلادنا. ونقله القاضي عن الأكثرين. قال الهروي: ومعناه يدفقان فيه
الماء دفقا متتابعا شديدا. قالوا: وأصله من اتباع الشيء الشيء. وقيل يصبان فيه
دائما صبا شديدا. (يمدانه) أي يزيدانه ويكثرانه.
٣٧ - م- (٢٣٠١) وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ
بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ
قَتَادَةَ. بِإِسْنَادِ هِشَامٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ
«أَنَا، يَوْمَ القيامة، عند عقر الحوض».
٣٧ - م-٢ - (٢٣٠١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةَ عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ ثَوْبَانَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. حَدِيثَ الْحَوْضِ. فَقُلْتُ لِيَحْيَي بْنِ حَمَّادٍ: هَذَا
حَدِيثٌ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ. فَقَالَ وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا مِنْ
شُعْبَةَ فَقُلْتُ انْظُرْ لِي فِيهِ. فَنَظَرَ لي فيه فحدثني به.
٣٨ - (٢٣٠٢) حدثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ (يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ) عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عن أبي هريرة؛
أن النبي ﷺ قَالَ «لَأَذُودَنَّ عَنْ
حَوْضِي رِجَالًا كما تزاد الغريبة من الإبل».
(كما تزاد الغريبة من الإبل) معناه كما يذود
الساقي الناقة الغريبة عن إبله، إذا أرادت الشرب مع إبله.
٣٨ - م- (٢٣٠٢) وحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
زِيَادٍ. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بِمِثْلِهِ.
٣٩ - (٢٣٠٣) وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أَنَسَ
بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ
«قَدْرُ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنْ الْيَمَنِ. وَإِنَّ فِيهِ
مِنَ الْأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ».
٤٠ - (٢٣٠٤) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ صُهَيْبٍ يُحَدِّثُ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ
بْنُ مَالِكٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَال «لَيَرِدَنَّ
عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي. حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ
وَرُفِعُوا إِلَيَّ، اخْتُلِجُوا دُونِي. فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ!
أُصَيْحَابِي. أُصَيْحَابِي. فَلَيُقَالنَّ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا
بَعْدَكَ».
(اختلجوا دوني) معناه اقتطعوا. (أصيحابي) وقع
في الروايات مصغرا مكررا. وفي بعض النسخ: أصحابي أصحابي، مكبرا مكررا. قال القاضي:
هذا دليل لصحة تأويل من تأول أنهم أهل الردة. ولهذا قال فيهم «سحقا سحقا» ةلا يقول
ذلك في مذنبي الأمة بل يشفع لهم ويهتم لأمرهم. قال: وقيل هؤلاء صنفان أحدهما عصاة
مرتدون عن الاستقامة، لا عن الإسلام. وهؤلاء مبدلون للأعمال الصالحة بالسيئة.
والثاني مرتدون إلى الكفر حقيقة، ناكصون على أعقابهم. واسم التبديل يشمل الصنفين.
٤٠ - م- (٢٣٠٤) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُسْهِرٍ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ.
جَمِيعًا عَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ
فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ، عن النبي ﷺ. بهذا الْمَعْنَى. وَزَادَ «آنِيَتُهُ عَدَدُ
النُّجُومِ».
٤١ - (٢٣٠٣) وحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ
التَّيْمِيُّ وَهُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى (وَاللَّفْظُ لِعَاصِمٍ).
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. سَمِعْتُ أَبِي. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قال «مَا بَيْنَ
نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ والمدينة».
٤٢ - (٢٣٠٣) وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ. ح وحَدَّثَنَا حَسَنُ
بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ. بمثله. غَيْرَ أَنَّهُمَا شَكَّا فَقَالَا: أَوْ مِثْلَ مَا بين
المدينة وعمان. وفي حديث ابن عوانة «ما بين لابتي حوضي».
(لابتي حوضي) أي ناحيتيه.
٤٣ - (٢٣٠٣) وحَدَّثَنِي يَحْيَي بْنُ حَبِيبٍ
الْحَارِثِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا
خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ:
قَالَ أَنَسٌ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ
ﷺ «تُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نجوم السماء».
٤٣ - م- (٢٣٠٣) وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ
بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ
قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بن مالك؛ أن نبي الله ﷺ قَالَ مِثْلَهُ. وَزَادَ
«أَوْ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ».
٤٤ - (٢٣٠٥) حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ
بْنِ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي رحمه الله. حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ،
عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ «أَلَا
إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ عَلَى الْحَوْضِ. وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ
كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ. كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النجوم».
٤٥ - (٢٣٠٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلَامِي
نَافِعٍ:
أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ
مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ
«أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ».
(١٠) بَاب فِي قِتَالِ جِبْرِيلَ
وَمِيكَائِيلَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، يَوْمَ أُحُدٍ
٤٦
- (٢٣٠٦)
حَدَّثَنَا أو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ سَعْدٍ. قَالَ:
رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ وَعَنْ شِمَالِهِ، يَوْمَ أُحُدٍ، رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابُ
بَيَاضٍ. مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بعد. يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام.
(رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ فيه بيان كرامة النبي ﷺ على الله تعالى وإكرامه إياه بإنزال الملائكة
تقاتل معه. وبيان أن الملائكة تقاتل، وأن قتالهم لم يختص بيوم بدر. وهذا هو
الصواب، خلافا لمن زعم اختصاصه. فهذا صريح في الرد عليه. وفيه فضيلة الثياب البيض،
وأن رؤية الملائكة لا تختص بالأنبياء، بل يراهم الصحابة والأولياء، وفيه منقبة
عظيمة لسعد بن أبي وقاص، الذي رأى الملائكة.
٤٧ - (٢٣٠٦) وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبد
الصمد بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا
سَعْدٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ
يَوْمَ أُحُدٍ، عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَنْ يَسَارِهِ، رَجُلَيْنِ
عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ. يُقَاتِلَانِ عَنْهُ كَأَشَدِّ الْقِتَالِ. مَا
رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ ولا بعد.
(١١) بَاب فِي شَجَاعَةِ النَّبِيِّ عليه
السلام، وَتَقَدُّمِهِ لِلْحَرْبِ
٤٨
- (٢٣٠٧)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو
الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ -وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- (قَالَ يَحْيَى:
أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ
ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ
النَّاسِ. وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ. وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ. وَلَقَدْ فَزِعَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ.
فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَاجِعًا. وَقَدْ سَبَقَهُمْ
⦗١٨٠٣⦘
إِلَى الصَّوْتِ. وَهُوَ عَلَى
فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ. فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ
«لَمْ تُرَاعُوا. لَمْ تُرَاعُوا»
قَالَ «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا. أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ». قَالَ: وكان فرسا يبطأ.
(لم يراعوا) أي روعا مستقرا، أو روعا يضركم.
(وجدناه بحرا) أي واسع الجري. (يبطأ) معناه يعرف بالبطء والعجز وسوء السير.
٤٩ - (٢٣٠٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قال: كان بالمدينةفزع.
فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ ﷺ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ.
فَرَكِبَهُ فَقَالَ:
«مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ. وَإِنْ
وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا».
٤٩ - م- (٢٣٠٧) وحدثناه محمد بن المثنى
وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى
بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) قَالَا: حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: فَرَسًا
لَنَا. وَلَمْ يَقُلْ: لِأَبِي طَلْحَةَ. وَفِي حَدِيثِ خَالِدٍ: عَنْ قَتَادَةَ،
سمعت أنسا.
(١٢) بَاب كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدَ
النَّاسِ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ
٥٠
- (٢٣٠٨)
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي
ابْنَ سَعْدٍ) عَنْ الزُّهْرِيِّ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو عمران، محمد بن جعر بْنِ
زِيَادٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ.
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ. وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ. إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ يَلْقَاهُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي
رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ. فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنَ.
فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ
الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
(وكان أجود) روي برفع أجود ونصبه: والرفع أصح
وأشهر. (الريح المرسلة) المراد كالريح في إسراعها وعمومها.
٥٠ - م- (٢٣٠٨) وحَدَّثَنَاه أَبُو
كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ عَنْ يونس. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ
حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرزاق. أخبرنا معمر. كلاهما عن الزهري، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
(١٣) بَاب كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ
النَّاسِ خُلُقًا
٥١
- (٢٣٠٩)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ منصور وأيو الرَّبِيعِ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قال: خَدَمْتُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَشْرٌ سِنِينَ. وَاللَّهِ! مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ. وَلَا
قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟
زَادَ أَبُو الرَّبِيعِ: لَيْسَ
مِمَّا يَصْنَعُهُ الْخَادِمُ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: والله!
(ما قال لي أفا) ذكر القاضي وغيره فيها عشر
لغات: أف بفتح الفاء وضمها وكسرها، بلا تنوين وبالتنوين. هذه ست. وأف وإف وإف
وأفى. وأفه، بضم همزتها. قالوا وأصل الأف والتف وسخ الأظفار. وتستعمل هذه الكلمة
في كل ما يستقذر. وهي اسم فعل تستعمل في الواحد والاثنين والجمع والمؤنث والمذكر.
بلفظ واحد. قال الله تعالى: ةلا تقل لهما أف. (قط) لتوكيد نفي الماضي.
٥١ - م- (٣٤٠٩) وحَدَّثَنَاه شَيْبَانُ
بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ
الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ. بِمِثْلِهِ
٥٢ - (٢٣٠٩) وحَدَّثَنَاه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ (وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ)
قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ
عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو
طَلْحَةَ بِيَدِي. فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال: يا رسول الله!
إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ
وَالْحَضَرِ. وَاللَّهِ! مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا
هَكَذَا؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هكذا؟
٥٣ - (٢٣٠٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا
⦗١٨٠٥⦘
زَكَرِيَّاءُ. حَدَّثَنِي سَعِيدٌ
(وَهُوَ ابْنُ أَبِي بُرْدَةَ) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
تِسْعَ سِنِينَ فَمَا أَعْلَمُهُ قَالَ لِي قَطُّ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟
وَلَا عَابَ عَلَيَّ شَيْئًا قَطُّ.
٥٤ - (٢٣١٠) حَدَّثَنِي أَبُو مَعْنٍ
الرَّقَاشِيُّ، زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا
عِكْرِمَةُ (وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ) قَالَ: قَالَ إِسْحَاق: قَالَ أَنَسٌ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا.
فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ.
فَقُلْتُ: وَاللَّهِ! لَا أَذْهَبُ. وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي
بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ
يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ. فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ
وَرَائِي. قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ!
أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟» قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. أَنَا أَذْهَبُ، يَا
رَسُولَ الله!
٥٤ - (٢٣٠٩) قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ! لَقَدْ
خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ. مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ
فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ: هَلَّا فَعَلْتَ كذا وكذا.
(هلا فعلت) هلا إذا دخلت على الماضي، كانت
للتندم. وإذا دخلت على المضارع كانت للتحريض والحض على الفعل.
٥٥ - (٢٣١٠) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ
وَأَبُو الرَّبِيعِ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي
التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ
النَّاسِ خُلُقًا.
(١٤) بَاب مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لَا. وَكَثْرَةُ عَطَائِهِ
٥٦
- (٢٣١١)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. سَمِعَ جَابِرَ
بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لَا.
٥٦ - م- (٢٣١١) وحَدَّثَنَا أَبُو
كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (يَعْنِي ابن المهدي). كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
يَقُولُ، مثله، سواء.
٥٧ - (٢٣١٢) وحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ
التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). حَدَّثَنَا
حُمَيْدٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ على الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ. قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ
فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ. فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا
قَوْمِ أَسْلِمُوا. فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عطاء لا يخشى الفاقة.
(فأعطاه غنما بين جبلين) أي كثيرة. كأنها
تملأ ما بين جبلين.
٥٨ - (٢٣١٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ. فَأَعْطَاهُ
إِيَّاهُ. فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ! أَسْلِمُوا. فَوَاللَّهِ! إِنَّ
مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الْفَقْرَ.
فَقَالَ أَنَسٌ: إِنْ كَانَ
الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا. فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى
يَكُونَ الْإِسْلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا.
٥٩ - (٢٣١٣) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ،
أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ.
أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: غَزَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَزْوَةَ
الْفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ. فاقتتلوا بحنين. فنصر الله دينه والمسلمين. وَأَعْطَى رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنَ النَّعَمِ. ثُمَّ
مِائَةً. ثُمَّ مِائَةً.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ: وَاللَّهِ! لَقَدْ أَعْطَانِي
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا أَعْطَانِي، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ. فَمَا
بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الناس إلي.
٦٠ - (٢٣١٤) حدثنا عمرو الناقد. حدثنا سفتان بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ
الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ
جَابِرٍ. أحدهما يزيد على الآخر. ح وحدثناابن أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لَهُ)
قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ سُفْيَانُ: وَسَمِعْتُ أَيْضًا عَمْرَو بْنَ
دِينَارٍ
⦗١٨٠٧⦘
يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيٍّ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَزَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى
الْآخَرِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَوْ قَدْ
جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا»
وَقَالَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا. فَقُبِضَ النَّبِيَّ ﷺ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ مَالُ
الْبَحْرَيْنِ. فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ. فَأَمَرَ مُنَادِيًا
فَنَادَى: مَنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِ.
فَقُمْتُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ
الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» فَحَثَى أَبُو بَكْرٍ
مَرَّةً. ثُمَّ قَالَ لِي: عُدَّهَا. فَعَدَدْتُهَا فإذا هي خمسمائة. فقال خذ
مثليها.
(خذ مثليها) يعني خذ معها مثليها. فيكون
الجميع ألفا وخمسمائة. لأن له ثلاث حثيات.
٦١ - (٢٣١٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ
بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ.
أَخْبَرَنِي عمرو بن دينار عن محمد بن علي، عن جابربن عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله. قال:
لما مَاتَ النَّبِيُّ ﷺ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلَاءِ بْنِ
الْحَضْرَمِيِّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ
دَيْنٌ، أو كانت له قبله عدة، فليأتنا. نحو حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَة.
(١٥) بَاب رَحْمَتِهِ ﷺ الصِّبْيَانَ
وَالْعِيَالَ، وَتَوَاضُعِهِ، وَفَضْلِ ذَلِكَ
٦٢
- (٢٣١٥)
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. كلاهما عَنْ
سُلَيْمَانَ (وَاللَّفْظُ لِشَيْبَانَ). حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال:
قال رسول الله ﷺ «وُلِدَ لِي
اللَّيْلَةَ غُلَامٌ. فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إبراهيم» ثم دفعته إِلَى أُمِّ
سَيْفٍ، امْرَأَةِ قَيْنٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ. فَانْطَلَقَ يَأْتِيهِ
وَاتَّبَعْتُهُ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى أَبِي سَيْفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ.
قَدِ امْتَلَأَ الْبَيْتُ دُخَانًا. فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيْفٍ! أَمْسِكْ. جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَأَمْسَكَ.
فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِالصَّبِيِّ. فَضَمَّهُ إِلَيْهِ. وَقَالَ مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَقُولَ.
⦗١٨٠٨⦘
فَقَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ
وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ. فَقَالَ «تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ. وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا
يَرْضَى رَبُّنَا. وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ! إنا بك لمحزونون».
(قين) القين الحداد (يكيد بنفسه) أي يجود
بها. ومعناه: وهو في النزع.
٦٣ - (٢٣١٦) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ) قَالَا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ) عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ
أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ من رسول الله ﷺ. قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا
لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ. فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ. فَيَدْخُلُ
الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ. وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا. فَيَأْخُذُهُ
فَيُقَبِّلُهُ. ثُمَّ يَرْجِعُ.
قَالَ عَمْرٌو: فَلَمَّا تُوُفِّيَ
إِبْرَاهِيمُ قال رسول الله ﷺ «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي. وَإِنَّهُ مَاتَ فِي
الثَّدْيِ. وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ».
(عوالي المدينة) هي القرى التي عند المدينة.
(مات في الثدي) معناه مات وهو في سن رضاع الثدي. أو في حال تغذيه بلبن الثدي.
(لظئرين) الظئر هي المرضعة ولد غيرها. وزوجها ظئر لذلك الرضيع. فلفظة ظئر تقع على
الأنثى والذكر. (يكملان رضاعه) أي يتمانه سنتين.
٦٤ - (٢٣١٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو
كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالُوا أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ.
فَقَالُوا: لَكِنَّا، وَاللَّهِ! مَا نُقَبِّلُ.
فقال رسول الله ﷺ «وَأَمْلِكُ إِنْ
كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ» وقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ «مِنْ قَلْبِكَ
الرَّحْمَةَ».
٦٥ - (٢٣١٨) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ
وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ سفيان. قال عمرو: حدثنا سفيان بن عُيَيْنَةَ
عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ الْأَقْرَعَ
بْنَ حَابِسٍ أَبْصَرَ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُ
⦗١٨٠٩⦘
الْحَسَنَ. فَقَالَ: إِنَّ لِي
عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إنه من
لايرحم لا يرحم».
٦٥ - م- (٢٣١٨) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ
حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ
الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
ﷺ. بِمِثْلِهِ.
٦٦ - (٢٣١٩) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كلاهما عَنْ جَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالَا:
أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح
وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ (يَعْنِي
ابْنَ غِيَاثٍ). كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وهب وأبي ظبيان،
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «من لَا يَرْحَمْ
النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللَّهُ عز وجل».
٦٦ - م- (٢٣١٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة. حدثنا وَكِيعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ
قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حديث الأعمش.
١٦ - بَاب كَثْرَةِ حَيَائِهِ ﷺ
٦٧
- (٢٣٢٠)
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَشَدَّ
حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.
⦗١٨١٠⦘
وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا
عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ.
(العذراء) البكر. لأن عذرتها باقية، وهي جلدة
البكارة. (خدرها) الخدر ستر يجعل للبكر في جنب البيت. (عرفناه في وجهه) أي لا
يتكلم به لحيائه، بل يتغير وجهه. فنفهم نحن كراهته.
٦٨ - (٢٣٢١) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ،
عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ. فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا. وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا».
قَالَ عُثْمَانُ: حِينَ قَدِمَ مَعَ
مُعَاوِيَةَ إِلَى الْكُوفَةِ.
(لم يكن فاحشا ولا متفحشا) قال القاضي: أصل
الفحش الزيادة والخروج عن الحد. قال الطبري: الفاحش البذيء. قال ابن عرفة: الفواحش
عند العرب القبائح. قال الهروي: الفاحش ذو الفحش. والمتفحش الذي يتكلف الفحش
ويعتمده لفساد حاله. قال: وقد يكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة.
٦٨ - م - (٢٣٢١) وحدثناه أبو بكر بن أبي
شيبة. حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ.
حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ. حَدَّثَنَا أَبُو
خَالِدٍ (يَعْنِي الْأَحْمَرَ). كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ،
مِثْلَهُ.
١٧ - بَاب تَبَسُّمِهِ ﷺ وَحُسْنِ
عِشْرَتِهِ
٦٩
- (٢٣٢٢)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ
حَرْبٍ. قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:
أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ. كَثِيرًا. كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي
فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ. وَكَانُوا
يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. فَيَضْحَكُونَ.
وَيَتَبَسَّمُ ﷺ.
١٨ - باب رَحْمَةِ النَّبِيِّ ﷺ
لِلنِّسَاءِ، وَأَمْرِ السَّوَّاقِ مَطَايَاهُنَّ بِالرِّفْقِ بِهِنَّ
٧٠
- (٢٣٢٣)
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ وَقُتَيْبَةُ
بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ. جَمِيعًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ أَبُو
الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ
أَنَسٍ، قَالَ:
كان رسول الله ﷺ فِي بَعْضِ
أَسْفَارِهِ، وَغُلَامٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، يَحْدُو. فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا أَنْجَشَةُ! رُوَيْدَكَ، سَوْقًا بالقوارير».
(رويدك) منصوب على الصفة لمصدر محذوف. أي سق
سوقا رويدا. ومعناه الأمر بالرفق بهن.
٧٠ - م - (٢٣٢٣) وحَدَّثَنَا أَبُو
الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالُوا:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. بِنَحْوِهِ
٧١ - (٢٣٢٣) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ
وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَالَ زُهَيْرٌ:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ عَلَى
أَزْوَاجِهِ، وَسَوَّاقٌ يَسُوقُ بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ. فَقَالَ
«وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ! رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ».
قَالَ: قَالَ أَبُو قِلَابَةَ:
تُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِكَلِمَةٍ لَوْ تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه.
(ويحك) هكذا وقع في مسلم. ووقع في غيره ويلك.
قال القاضي: قال سيبويه: ويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة. وويح زجر لمن أشرف على
الوقوع في هلكة. وقال الفراء: ويل وويح وويس بمعنى. قال القاضي: قال بعض أهل
اللغة: لا يراد بهذه الألفاظ حقيقة الدعاء، وإنما يراد بها المدح والتعجيب. (سوقك)
منصوب بإسقاط الجار. أي ارفق في سوقك بالقوارير. (بالقوارير) قال العلماء: سمي
النساء قوارير لضعف عزائمهن، تشبيها بقارورة الزجاج لضعفها وإسراع الانكسار إليها.
واختلف العلماء في المراد بتسميتهن قوارير على قولين ذكرهما القاضي وغيره. أصحهما
عند القاضي وآخرين، وهو الذي جزم به الهروي وصاحب التحرير وآخرون: أن معناه أن
أنجشة كان حسن الصوت. وكان يحدو بهن وينشد شيئا من القريض والرجز وما فيه تشبيب.
فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه. فأمره بالكف عن ذلك. ومن أمثالهم
المشهورة (الغناء رقية الزناء). والقول الثاني: أن المراد به الرفق في السير. لأن
الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واستلذته، فأزعجت الراكب وأتعبته. فنهاه عن
ذلك لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة ويخاف ضررهن وسقوطهن.
٧٢ - (٢٣٢٣) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ. حَدَّثَنَا
التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ
النَّبِيِّ ﷺ. وَهُنَّ يَسُوقُ بِهِنَّ سَوَّاقٌ. فقال نبي الله ﷺ «أَيْ
أَنْجَشَةُ! رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ».
٧٣ - (٢٣٢٣) وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ
أَنَسٍ. قَالَ:
كَانَ لرسول الله حَادٍ حَسَنُ
الصَّوْتِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «رُوَيْدًا يَا أَنْجَشَةُ! لا تكسر
القوارير» يعني ضعفة النساء.
٧٣ - م - (٢٣٢٣) وحَدَّثَنَاه ابْنُ
بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا هشام عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَلَمْ يَذْكُرْ: حَادٍ حسن الصوت.
١٩ - بَاب قُرْبِ النَّبِيِّ عليه السلام مِنَ
النَّاسِ، وَتَبَرُّكِهِمْ بِهِ
٧٤
- (٢٣٢٤)
حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَأَبُو بكر بن النضر بن أبي النضر وَهَارُونُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي النَّضْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ:
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ (يَعْنِي هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ). حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كان رسول الله ﷺ إِذَا صَلَّى
الْغَدَاةَ جَاءَ خَدَمُ الْمَدِينَةِ بِآنِيَتِهِمْ فِيهَا الْمَاءُ. فَمَا
يُؤْتَى بِإِنَاءٍ إِلَّا غَمَسَ يده فيها. فربما جاؤه فِي الْغَدَاةِ
الْبَارِدَةِ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيهَا.
٧٥ - (٢٣٢٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ.
قَالَ:
لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
وَالْحَلَّاقُ يَحْلِقُهُ. وَأَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ. فَمَا يُرِيدُونَ أَنْ
تَقَعَ شَعْرَةٌ إِلَّا فِي يَدِ رجل.
٧٦ - (٢٣٢٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ
⦗١٨١٣⦘
ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا
شَيْءٌ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. فَقَالَ
«يَا أُمَّ فُلَانٍ! انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ
حَاجَتَكِ» فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ. حتى فرغت من حاجتها.
(فخلا معها في بعض الطرق) أي وقف معها في
طريق مسلوك ليقضي حاجتها ويفتها في الحلوة.
٢٠ - بَاب مُبَاعَدَتِهِ ﷺ لِلْآثَامِ،
وَاخْتِيَارِهِ مِنَ الْمُبَاحِ أَسْهَلَهُ، وَانْتِقَامِهِ لِلَّهِ عِنْدَ
انْتِهَاكِ حُرُمَاتِهِ
٧٧
- (٢٣٢٧)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ
عَلَيْهِ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ
النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا. فَإِنْ
كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ عز وجل.
٧٧ - م - (٢٣٢٧) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ
بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ. ح وحَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ. كِلَاهُمَا عَنْ
مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ. فِي رِوَايَةِ فُضَيْلٍ ابْنُ شِهَابٍ. وَفِي
رِوَايَةِ جَرِيرٍ مُحَمَّدٌ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عروة عن عائشة.
٧٧ - م ٢ - (٢٣٢٧) وحدثنيه حرملة بن يحيى.
أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ.
٧٨ - (٢٣٢٧) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هشام، عن أبيه، عن عائشة. قالت:
ما خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ
أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنَ الْآخَرِ، إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا.
مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا. فَإِنْ كان إثما، كان أبعد الناس منه.
٧٨ - م - (٢٣٢٧) وحَدَّثَنَاه أَبُو
كُرَيْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ
هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. إِلَى قَوْلِهِ: أَيْسَرَهُمَا. وَلَمْ يَذْكُرَا
مَا بعده.
٧٩ - (٢٣٢٨) حَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هشام، عن أبيه، عن عائشة. قالت:
ما ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا
قَطُّ بِيَدِهِ. وَلَا امْرَأَةً. وَلَا خَادِمًا. إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ. وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ. فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ.
إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ. فينتقم لله عز وجل.
(نيل منه) أي أصيب بأذى من قول أو فعل. (إلا
أن ينتهك) استثناء منقطع. معناه لكن إذا انتهكت حرمة الله انتصر لله تعالى وانتقم
ممن ارتكب ذلك. وانتهاك حرمته تعالى هو ارتكاب ما حرمه.
٧٩ - م - (٢٣٢٨) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَوَكِيعٌ. ح
وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ
هِشَامٍ. بِهَذَا الْإِسْنَادِ. يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
٢١ - بَاب طِيبِ رَائِحَةِ النَّبِيِّ ﷺ،
وَلِينِ مَسِّهِ، وَالتَّبَرُّكِ بِمَسْحِهِ
٨٠
- (٢٣٢٩)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ. حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ (وَهُوَ ابْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ) عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
سَمُرَةَ. قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
صَلَاةَ الْأُولَى. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ.
فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ. فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا
وَاحِدًا. قَالَ: وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي. قَالَ فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ
بَرْدًا أَوْ رِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جؤنة عطار.
(كأنما أخرجها من جؤنة عطار) الجؤنة بضم
الجيم وهمزة بعدها، ويجوز ترك الهمزة، بقلبها واوا، كما في نظائرها، وقد ذكرها
كثيرون أو الأكثرون في الواو. قال القاضي: هي مهموزة وقد يترك همزها. وقال
الجوهري: هي بالواو وقد تهمز. وهي السفط الذي فيه متاع العطار. هكذا فسره الجمهور.
وقال صاحب العين: هي سليلة مستديرة مغشاة أدما.
٨١ - (٢٣٣٠) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سليمان عن ثابت، عن أنس. ح وحدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
(وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا هَاشِمٌ (يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ). حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ (وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ) عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ أَنَسٌ:
مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلَا
مِسْكًا وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ
⦗١٨١٥⦘
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَا مَسِسْتُ
شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(شممت) هو بكسر الميم الأولى على المشهور.
وحكى أبو عبيد وابن السكيت والجوهري وآخرون: فتحها.
٨٢ - (٢٣٣٠) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ
بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا
ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَزْهَرَ
اللَّوْنِ. كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ. إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ. وَلَا مَسِسْتُ
دِيبَاجَةً وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا
عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(أزهر اللون) هو الأبيض المستنير. وهو أحسن
الألوان. (كأن عرقه اللؤلؤ) أي في الصفاء والبياض. واللؤلؤ بهمز أوله وآخره،
وبتركهما، وبهمز الأول دون الثاني، وعكسه. (إذا مشى تكفأ) هو بالهمز. وقد يترك
همزه. وزعم كثيرون أن أكثر ما يروى بلا همز. وليس كما قالوا. قال شمر: أي مال
يمينا وشمالا، كما تكفأ السفينة. قال الأزهري: هذا خطأ لأن هذا صفة المختال. وإنما
معناه أن يميل إلى سمته وقصد مشيته. كما قال في الرواية الأخرى: كأنما ينحط من صبب.
٢٢ - بَاب طِيبِ عَرَقِ النَّبِيِّ ﷺ،
وَالتَّبَرُّكِ بِهِ
٨٣
- (٢٣٣١)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هَاشِمٌ (يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ)
عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ فقال
عِنْدَنَا. فَعَرِقَ. وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ. فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ
الْعَرَقَ فِيهَا. فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! مَا
هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟» قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طيبنا وهو من
أطيب الطيب.
(فقال عندنا) أي نام القيلولة. (تسلت العرق)
أي تمسحه.
٨٤ - (٢٣٣١) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (وَهُوَ
ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْخُلُ بَيْتَ
أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا. وَلَيْسَتْ فِيهِ. قَالَ: فَجَاءَ
ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا. فَأُتِيَتْ
⦗١٨١٦⦘
فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ ﷺ
نَامَ فِي بَيْتِكِ، عَلَى فِرَاشِكِ. قَالَ فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ،
وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ، عَلَى الْفِرَاشِ. فَفَتَحَتْ
عَتِيدَتَهَا فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا.
فَفَزِعَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ «مَا تَصْنَعِينَ؟ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ!» فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا. قَالَ «أَصَبْتِ».
(استنقع) أي اجتمع. استخرجت هذا المعنى من
قول ابن الأثير في شرح حديث«إذا استنقعت نفس المؤمن جاءه ملك الموت» أي إذا اجتمعت
في فيه تريد الخروج كما يستنقع الماء في قراره. (عتيدتها) أي كالصندوق الصغير تجعل
المرأة فيه ما يعز من متاعها. (ففزع) أي استيقظ من نومه.
٨٥ - (٢٣٣٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي
قِلَابَةَ. عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَأْتِيهَا
فَيَقِيلُ عِنْدَهَا. فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا فَيَقِيلُ عَلَيْهِ. وَكَانَ
كَثِيرَ الْعَرَقِ. فَكَانَتْ تَجْمَعُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ فِي الطِّيبِ
وَالْقَوَارِيرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! مَا هَذَا؟» قَالَتْ:
عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي.
(أدوف) هو بالدال المهملة وبالمعجمة.
والأكثرون على المهملة. وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين. ومعناه أخلط.
٢٣ - بَاب عَرَقِ النَّبِيِّ ﷺ فِي
الْبَرْدِ، وَحِينَ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ
٨٦
- (٢٣٣٣)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو
أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة. قالت:
إِنْ كَانَ لَيُنْزَلُ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ فِي الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ، ثُمَّ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقًا.
٨٧ - (٢٣٣٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو
أُسَامَةَ وَابْنُ بِشْرٍ. جَمِيعًا عَنْ هشام. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بِشْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ
سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: كَيْفَ
⦗١٨١٧⦘
يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ
«أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ
عَلَيَّ. ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُهُ. وَأَحْيَانًا مَلَكٌ فِي
مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ. فَأَعِي مَا يقول».
(أحيانا) الأحيان الأزمان. ويقع على القليل
والكثير. (صلصلة) الصلصلة الصوت المتدارك. وقال الخطابي: معناه أنه صوت متدارك
يسمعه ولا يثبته أول ما يقرع سمعه، حتى يفهمه من بعد ذلك. (يفصم) أي يقلع وينجلي
ما يتغشاني منه. قاله الخطابي: قال العلماء: الفصم هو القطع من غير إبانة، وأما
القصم فقطع مع الإبانة والانفصال. ومعنى الحديث أن الملك يفارق على أن يعود، ولا
يفارقه مفارقة قاطع لا يعود. وروى هذا الحرف أيضا: يفصم. وروى: يفصم، على أنه أفصم
يفصم رباعي. وهي لغة قليلة. وهي من أفصم المطر إذا أقلع وكف.
٨٨ - (٢٣٣٤) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ. قَالَ:
كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِذَا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، كُرِبَ لذلك، وتربد وجهه.
(كرب) أي أصابه الكرب، فهو مكروب، والذي كربه
كارب. (وتربد) أي تغير وصار كلون الرماد.
٨٩ - (٢٣٣٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ.
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ. قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا نزل عليه
الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابه رؤوسهم. فلما أتلي عنه، رفع رأسه.
(فلما أتلي عنه) هكذا هو في معظم نسخ بلادنا
أتلي. ومعناه ارتفع عنه الوحي. هكذا فسره صاحب التحرير.
٢٤ - بَاب فِي سَدْلِ النَّبِيِّ ﷺ
شَعْرَهُ، وَفَرْقِهِ
٩٠
- (٢٣٣٦)
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
زِيَادٍ (قَالَ مَنْصُورٌ: حَدَّثَنَا. وقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا)
إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِيَانِ ابْنَ سَعْدٍ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
⦗١٨١٨⦘
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ
أَشْعَارَهُمْ. وكان المشركون يفرقون رؤوسهم. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ
مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ. فَسَدَلَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ ناصيته. ثم فرق بعد.
(يسدلون) قال أهل اللغة: يقال سدل يسدل. قال
القاضي: سدل الشعر إرساله. قال: والمراد به هنا، عند العلماء، إرساله على الجبين
واتخاذه كالقصة. يقال: سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه. (يفرقون) الفرق
هو فرق الشعر بعضه عن بعض. قال العلماء: والفرق سنة. لأنه الذي رجع إليه النبي ﷺ.
٩٠ - م - (٢٣٣٦) وحَدَّثَنِي أَبُو
الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
٢٥ - بَاب فِي صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ،
وَأَنَّهُ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا
٩١
- (٢٣٣٧)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا
محمد بن جعفر. حدثنا شعبة قال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ: سَمِعْتُ
الْبَرَاءَ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا
مَرْبُوعًا. بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. عَظِيمَ الْجُمَّةِ إِلَى
شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ. عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ
أَحْسَنَ مِنْهُ ﷺ.
(مربوعا) هو بمعنى قوله في الرواية الثانية:
ليس بالطويل ولا بالقصير. (عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه) وفي رواية: ما رأيت من ذي
لمة أحسن منه. وفي رواية: كان يضرب شعره منكبيه. وفي رواية: إلى أنصاف أذنيه. وفي
رواية: بين أذنيه وعاتقه. قال أهل اللغة: الجمة أكثر من الوفرة. فالجمة الشعر الذي
نزل إلى المنكبين. والوفرة ما نزل إلى شحمة الأذنين. واللمة التي ألمت بالمنكبين.
قال القاضي: والجمع بين هذه الروايات: أن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه.
وهو الذي بين أذنيه وعاتقه. وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه. قال: وقيل بل ذلك لاختلاف
الأوقات. فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب. وإذا قصرها كانت إلى أنصاف أذنيه. فكان
يقصر ويطول بحسب ذلك. والعاتق ما بين المنكب والعنق. وأما شحمة الأذن فهو اللين
منها في أسفلها، وهو معلق القرط منها.
٩٢ - (٢٣٣٧) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ
وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ:
مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ
أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. شَعْرُهُ يَضْرِبُ
مَنْكِبَيْهِ. بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا
بِالْقَصِيرِ.
قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: لَهُ شَعَرٌ.
٩٣ - (٢٣٣٧) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ
بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاق. قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ
النَّاسِ وَجْهًا. وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا. ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير.
(وأحسنه خلقا) قال القاضي: ضبطناه خلقا، بفتح
الخاء وإسكان اللام هنا، لأن مراده صفات جسمه. قال: وأما في حديث أنس فرويناه
بالضم لأنه إنما أخبر عن حسن معاشرته. وأما قوله: وأحسنه، فقال أبو حاتم وغيره:
هكذا تقوله العرب: وأحسنه. يريدون وأحسنهم ولكن لا يتكلمون به. وإنما يقولون: أجمل
الناس وأحسنه. ومنه الحديث «خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أشفقه على ولد وأعطفه
على زوج». وحديث أبي سفيان: عندي أحسن العرب وأجمله.
٢٦ - بَاب صِفَةِ شَعَرِ النَّبِيِّ ﷺ
٩٤
- (٢٣٣٨)
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ. قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
كَيْفَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ؟ قَالَ: كَانَ شَعَرًا رجلا. ليس بالجعد ولا بالسبط. بين أذنيه وعاتقه.
(رجلا) هو الذي بين الجعودة والسبوطة. قاله
الأصمعي وغيره. (ليس بالجعد) قال في المقاييس: الجيم والعين والدال أصل واحد. وهو
تقبض في الشيء. يقال: شعر جعد، وهو خلاف السبط. (ولا بالسبط) قال ابن الأثير:
السبط من الشعر المنبسط المسترسل.
٩٥ - (٢٣٣٨) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ
عن أنس؛
أن رسول الله ﷺ كَانَ يَضْرِبُ
شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ.
٩٦ - (٢٣٣٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يحيى وأبو
كريب. قالا: حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ.
٢٧ - بَاب فِي صِفَةِ فَمِ النَّبِيِّ ﷺ،
وَعَيْنَيْهِ، وَعَقِبَيْهِ
٩٧
- (٢٣٣٩)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ
لِابْنِ الْمُثَنَّى). قالا: حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضَلِيعَ
الْفَمِ. أَشْكَلَ الْعَيْنِ. مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْنِ. قَالَ قُلْتُ لِسِمَاكٍ:
مَا ضَلِيعُ الْفَمِ؟ قَالَ: عَظِيمُ الْفَمِ. قَالَ قُلْتُ: مَا أَشْكَلُ
الْعَيْنِ؟ قَالَ: طَوِيلُ شَقِّ الْعَيْنِ. قَالَ قُلْتُ: مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ؟
قَالَ: قَلِيلُ لَحْمِ العقب.
(ما ضليع الفم) قوله في ضليع الفم، كذا قاله
الأكثرون وهو الأظهر. قالوا والعرب تمدح بذلك وتذم بصغر الفم. وهو معنى قول ثعلب
في ضليع الفم: واسع الفم. وقال شمر: عظيم الأسنان. (ما أشكل العين) قوله في أشكل
العينين. قال القاضي: هذا وهم من سماك باتفاق العلماء. وغلط ظاهر. وصوابه ما اتفق
عليه العلماء ونقله أبو عبيد وجميع أصحاب الغريب: إن الشكلة حمرة في بياض العينين
وهو محمود. والشهلة حمرة في سواد العين. (ما منهوس العقب) هكذا ضبطه الجمهور:
منهوس. وقال صاحب التحرير وابن الأثير: روي بالمهملة والمعجمة، وهما متقاربان ومعناه
قليل لحم العقب، كما قال.
٢٨ - بَاب كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَبْيَضَ،
مَلِيحَ الْوَجْهِ
٩٨
- (٢٣٤٠)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
أَرَأَيْتَ رسول الله ﷺ؟ قال:
نَعَمْ. كَانَ أَبْيَضَ، مَلِيحَ الْوَجْهِ.
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الحْجَّاجِ:
مَاتَ أَبُو الطُّفَيْلِ سَنَةَ مِائَةٍ وَكَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
٩٩ - (٢٣٤٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَمَا
عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ رَجُلٌ رَآهُ غَيْرِي. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ
رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا.
(مقصدا) هو الذي ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل
ولا قصير. وقال شمر: هو نحو الربعة. والقصد بمعناه.
٢٩ - بَاب شَيْبِةِ ﷺ
١٠٠
- (٢٣٤١)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَمْرٌو
النَّاقِدُ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ إِدْرِيسَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:
سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟
قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يكن رأى الشَّيْبِ إِلَّا. (قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: كَأَنَّهُ
يُقَلِّلُهُ). وَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
١٠١ - (٢٣٤١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ
بْنِ الرَّيَّانِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ
الأَحْوَل، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ:
هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
خَضَبَ؟ فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْ الْخِضَابَ. كَانَ فِي لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٌ
بِيضٌ. قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ؟ قَالَ فَقَالَ: نَعَمْ.
بالحناء والكتم.
(الكتم) هو نبات يصبغ به الشعر، يكسر بياضه
أو حمرته إلى الدهمة.
١٠٢ - (٢٣٤١) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ
الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ:
أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ:
إِنَّهُ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا.
١٠٣ - (٢٣٤١) حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ
الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ:
سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ
خِضَابِ النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِي
رَأْسِهِ فَعَلْتُ. وَقَالَ: لَمْ يَخْتَضِبْ. وَقَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرٍ
بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بحتا.
(بحتا) أي خالصا لم يخلط بغيره.
١٠٤ - (٢٣٤١) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ
الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. قَالَ: وَلَمْ يَخْتَضِبْ
⦗١٨٢٢⦘
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وإنما كَانَ
الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَيْنِ. وَفِي الرأس نبذ.
(عنفقته) العنفقة الشعر الذي في الشفة
السفلى. وقيل: الشعر الذي بينهما وبين الذقن. وأصل العنفقة خفة الشيء وقلته. (نبذ)
ضبطوه بوجهين، أحدهما نبذ. والثاني نبذ. وبه جزم القاضي. ومعناه شعرات متفرقة.
١٠٤ - م - (٢٣٤١) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ.
١٠٥ - (٢٣٤١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ
وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي دَاوُدَ. قَالَ ابْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ. سَمِعَ أَبَا إِيَاسٍ عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ
النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ: مَا شَانَهُ اللَّهُ ببيضاء.
١٠٦ - (٢٣٤٢) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ.
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
جُحَيْفَةَ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، هَذِهِ
مِنْهُ بَيْضَاءَ. وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ.
قِيلَ لَهُ: مثل من أنت يومئذ؟ قال: أبري النبل وأريشها.
(أبري النبل وأريشها) أي أجعل للنبل ريشا.
١٠٧ - (٢٣٤٣) حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ
الأَعْلَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي
خَالِدٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَبْيَضَ
قَدْ شَابَ. كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يشبهه.
١٠٧ - م - (٢٣٤٣) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. ح وحَدَّثَنَا
ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ،
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، بِهَذَا. وَلَمْ يَقُولُوا: أَبْيَضَ قد شاب.
١٠٨ - (٢٣٤٤) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ. حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ
سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ: كَانَ إِذَا دَهَنَ رَأْسَهُ لَمْ يُرَ
مِنْهُ شَيْءٌ. وَإِذَا لَمْ يَدْهُنْ رُئِيَ منه.
١٠٩ - (٢٣٤٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ
سَمُرَةَ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ شَمِطَ
مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ.
وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ. وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ. فَقَالَ
رَجُلٌ: وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا. بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ
وَالْقَمَرِ. وَكَانَ مُسْتَدِيرًا. وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ
بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ. يُشْبِهُ جَسَدَهُ.
٣٠ - بَاب إِثْبَاتِ خَاتَمِ
النُّبُوَّةِ، وَصِفَتِهِ، وَمَحَلِّهِ مِنْ جَسَدِهِ ﷺ
١١٠
- (٢٣٤٤)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ
سِمَاكٍ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سمرة قال:
رأيت حاتما فِي ظَهْرِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. كأنه بيضة حمام
(بيضة الحمامة) هي بيضتها المعروفة.
١١٠ - م - (٢٣٤٤) وحَدَّثَنَا ابْنُ
نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ
صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
١١١ - (٢٣٤٥) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. قالا: حدثنا حاتم (وهو ابن إسماعيل) عن الْجَعْدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ:
ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رسول
الله ﷺ. فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ. فمسح رأسي ودعا
بِالْبَرَكَةِ. ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ. ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ
ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كتفيه. مثل زر الحجلة.
(زر الحجلة) المراد بالحجلة واحدة الحجال،
وهي بيت كالقبة لها أزرار كبار وعرى. هذا هو الصواب الذي قاله الجمهور. وقال
بعضهم: المراد بالحجلة الطائر المعروف وزرها بيضها. وأشار إليه الترمذي، وأنكره
عليه العلماء.
١١٢ - (٢٣٤٦) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ. حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). ح وحَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ. ح وحدثني
حامد بن عمر البكراوي (واللفظ له). حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (يَعْنِي ابْنَ
زِيَادٍ). حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ. قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ
⦗١٨٢٤⦘
وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا
وَلَحْمًا. أَوَ قَالَ: ثَرِيدًا. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: أَسْتَغْفَرَ لَكَ
النَّبِيُّ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَلَكَ. ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [٤٧/محمد/١٩].
قال: ثم درت فَنَظَرْتُ إِلَى
خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى.
جُمْعًا. عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثآليل.
(ناغض كتفه) قال الجمهور: الناغض أعلى الكتف.
وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه. وقيل: ما يظهر منه عند التحرك. سمي ناغضا
لتحركه. (جمعا) معناه أنه كجمع الكف وهو صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها.
(خيلان) جمع خال. وهو الشامة في الجسد. (الثآليل) جمع ثؤلول. وهي حبيبات تعلو
الجسد.
قال القاضي: وهذه الروايات متقاربة
متفقة على أنها شاخص في جسده قدر بيضة الحمامة. وهو نحو بيضة الحجلة وزر الحجلة.
وأما رواية جمع الكف فظاهرها المخالفة. فتؤول على وفق الروايات الكثيرة. ويكون
معناه على هيئة جمع الكف لكنه أصغر منه في قدر بيضة الحمامة.
٣١ - بَاب فِي صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ،
وَمَبْعَثِهِ، وَسِنِّهِ
١١٣
- (٢٣٤٧)
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ
بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَهُ
يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ
بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ. وَلَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ
وَلَا بِالْآدَمِ. وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ. بَعَثَهُ
اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ
وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ
سَنَةً. وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شعرة بيضاء.
(ليس بالطويل البائن) أي المفرط الطول. أي هو
بين زائد الطول والقصير. (وليس بالأبيض الأمهق) هو الكريه البياض كلون الجص. يريد
أنه كان نير البياض. (ولا بالآدم) الأدمة في الناس السمرة الشديدة. (القطط) الشديد
الجعودة.
١١٣ - م - (٢٣٤٧) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابن جعفر). ح وحدثني القاسم ابن زَكَرِيَّاءَ. حَدَّثَنَا
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ. كِلَاهُمَا عَنْ
رَبِيعَةَ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَزَادَ فِي حَدِيثِهِمَا: كان أزهر.
٣٢ - بَاب كَمْ سِنّ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ
قُبِضَ
١١٤
- (٢٣٤٨)
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الرَّازِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا
حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ
عَدِيٍّ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
قُبِضَ رسول الله ﷺ وهو ابْنُ
ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَعُمَرُ
وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ».
١١٥ - (٢٣٤٩) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. قَالَ: حَدَّثَنِي
عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عن عائشة؛
أن رسول الله ﷺ تُوُفِّيَ وَهُوَ
ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ
المسيب. بمثل ذلك.
١١٥ - م - (٢٣٤٩) وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى. قَالَا: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ
يَحْيَي عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِالْإِسْنَادَيْنِ
جَمِيعًا. مِثْلَ حَدِيثِ عُقَيْلٍ.
٣٣ - بَاب كَمْ أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ
بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ
١١٦
- (٢٣٥٠)
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو. قَالَ: قُلْتُ لِعُرْوَةَ:
كَمْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ بِمَكَّةَ؟
قَالَ: عَشْرًا. قَالَ قُلْتُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ.
١١٦ - م - (٢٣٥٠) وحدثنا ابن أبي عمر.
حدثنا سفيان عن عَمْرٍو. قَالَ: قُلْتُ لِعُرْوَةَ:
كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ ﷺ
⦗١٨٢٦⦘
بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرًا. قُلْتُ:
فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: بِضْعَ عَشْرَةَ. قَالَ فَغَفَّرَهُ وَقَالَ:
إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشاعر.
(فغفره) معناه دعا له بالمغفرة، فقال: غفر
الله له. وهذه اللفظة يقولونها غالبا لمن غلط في شئ. فكأنه قال: أخطأ، غفر الله
له. (أخذه من قول الشاعر) الشاعر هو أبو قيس صرمة بن أبي أنس حيث يقول:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة * يذكر، لو
يلقى، خليلا مواتيا.
١١٧ - (٢٣٥١) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ.
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابن
عباس؛
أن رسول الله ﷺ مَكَثَ بِمَكَّةَ
ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
١١٨ - (٢٣٥١) وحدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ
الضُّبَعِيِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ
ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ. وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا. وَمَاتَ
وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
١١٩ - (٢٣٥٢) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ الْجُعْفِيُّ. حَدَّثَنَا سَلَّامٌ، أَبُو
الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ:
كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ. فَذَكَرُوا سِنِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ:
كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَكْبَرَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ
وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَقُتِلَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ
وَسِتِّينَ.
قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
الْقَوْمِ، يُقَالُ لَهُ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ: حدثنا جرير قال: كنا قعود عِنْدَ
مُعَاوِيَةَ. فَذَكَرُوا سِنِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قُبِضَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ
وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَقُتِلَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثلاث وستين.
١٢٠ - (٢٣٥٢) وحدثنا ابن المثنى وابن بشار (واللفظ
لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. سَمِعْتُ
أَبَا إِسْحَاق يُحَدِّثُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ جَرِير؛
أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ فَقَالَ:
مَاتَ رسول الله ﷺ وهو ابْنُ ثَلَاثٍ
وَسِتِّينَ. وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَأَنَا ابن ثلاث وستين.
(وأنا ابن ثلاث وستين) أي وأنا متوقع
موافقتهم، وأني أموت في سنتي هذه.
١٢١ - (٢٣٥٣) وحَدَّثَنِي ابْنُ مِنْهَالٍ
الضَّرِيرُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ
عَنْ عَمَّارٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ:
كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ
يَوْمَ مَاتَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسِبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ يَخْفَى
عَلَيْهِ ذَاكَ. قَالَ قُلْتُ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ فَاخْتَلَفُوا
عَلَيَّ. فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ. قَالَ: أَتَحْسُبُ؟ قَالَ
قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ. بُعِثَ لَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ
بِمَكَّةَ. يَأْمَنُ وَيَخَافُ. وَعَشْرَ من مهاجره إلى المدينة.
١٢١ - م - (٢٣٥٣) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
يُونُسَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ.
١٢٢ - (٢٣٥٣) وحَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ.
حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ). حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ.
حَدَّثَنَا عَمَّارٌ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تُوُفِّيَ
وهو ابن خمس وستين.
١٢٢ - م - (٢٣٥٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة. حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
١٢٣ - (٢٣٥٣) وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. يَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَيَرَى الضَّوْءَ، سَبْعَ سِنِينَ،
وَلَا يَرَى شَيْئًا. وَثَمَانَ سِنِينَ يوحى إليه. وأقام بالمدينة عشرا.
(يسمع الصوت ويرى الضوء) قال القاضي: أي صوت
الهاتف به من الملائكة. ويرى الضوء أي نور الملائكة ونور آيات الله تعالى. حتى رأى
الملك بعينه وشافهه بوحي الله.
٣٤ - بَاب فِي أَسْمَائِهِ ﷺ
١٢٤
- (٢٣٥٤)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَابْنُ أَبِي
عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وقَالَ
الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) سُفْيَانُ بن عيينة عَنْ الزُّهْرِيِّ. سَمِعَ مُحَمَّدِ
بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «أَنَا
مُحَمَّدٌ. وَأَنَا أَحْمَدُ. وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ.
وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي. وَأَنَا العاقب».
والعاقب الذي ليس بعده نبي.
(العاقب) قد فسره في الحديث بأنه ليس بعده
نبي. أي جاء عقبهم. قال ابن الأعرابي: العاقب والعقوب الذي يخلف في الخير من كان
قبله. ومنه: عقب الرجل لولده.
١٢٥ - (٢٣٥٤) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بن مطعم، عن أبيه؛
أن رسول الله ﷺ قال «إن لي أسماء.
وأنا مُحَمَّدٌ. وَأَنَا أَحْمَدُ. وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ
بِيَ الْكُفْرَ. وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ.
وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بعده أحد». وقد سماه الله رؤفا رحيما.
١٢٥ - م - (٢٣٥٤) وحَدَّثَنِي عَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي.
حَدَّثَنِي عُقَيْلُ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ.
كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ شُعَيْبٍ
وَمَعْمَرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. وَفِي حَدِيثِ عُقَيْلٍ: قَالَ قُلْتُ
لِلزُّهْرِيِّ: وَمَا الْعَاقِبُ؟ قَالَ: الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ. وَفِي
حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَعُقَيْلٍ: الْكَفَرَةَ. وَفِي حَدِيثِ شُعَيْبٍ: الْكُفْرَ.
١٢٦ - (٢٣٥٥) وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:
كان رسول الله ﷺ يسمي لنا أَسْمَاءً.
فَقَالَ
⦗١٨٢٩⦘
«أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ،
وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، ونبي التوبة، ونبي الرحمة».
(المقفي) قال شمر: هو بمعنى العاقب. وقال ابن
الأعرابي: هو المتبع للأنبياء. يقال: قفوته أقفوه، وقفيته أقفيه، إذا اتبعته.
وقافيته كل شيء آخره. (نبي التوبة ونبي الرحمة) معناهما متقارب. ومقصودهما أنه ﷺ
جاء بالتوبة وبالتراحم. قال الله تعالى: ﴿رحماء بينهم. وتواصوا بالصبر وتواصوا
بالمرحمة﴾.
٣٥ - بَاب عِلْمِهِ ﷺ بِاللَّهِ تَعَالَى
وَشِدَّةِ خَشْيَتِهِ
١٢٧
- (٢٣٥٦)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشُ، عَنْ
أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْرًا
فَتَرَخَّصَ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ. فَكَأَنَّهُمْ
كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ. فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ
«مَا بَالُ رِجَالٍ بَلَغَهُمْ عَنِّي أَمْرٌ تَرَخَّصْتُ فِيهِ. فَكَرِهُوهُ
وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ. فَوَاللَّهِ! لَأَنَا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية».
١٢٧ - م - (٢٣٥٦) حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ
الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ (يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ). ح وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق
بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ
يُونُسَ. كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ. بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ. نَحْوَ حديثه.
١٢٨ - (٢٣٥٦) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ،
عَنْ عَائِشَةَ. قالت:
رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي
أَمْرٍ. فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ
فَغَضِبَ. حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ. ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ
يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ. فَوَاللَّهِ! لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ
بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً».
٣٦ - بَاب وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ ﷺ
١٢٩
- (٢٣٥٧)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ رمح. أخبرنا الليث عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛
أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ
خَاصَمَ الزُّبَيْرَ
⦗١٨٣٠⦘
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فِي
شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ:
سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ. فَأَبَى عَلَيْهِمْ. فَاخْتَصَمُوا عِنْدَ رَسُولِ الله
ﷺ. فقال رسول اللَّهِ ﷺ لِلزُّبَيْرِ «اسْقِ. يَا زُبَيْرُ! ثُمَّ أَرْسِلِ
الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ قَالَ
«يَا زُبَيْرُ! اسْقِ. ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ».
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ! إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
ذَلِكَ: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا﴾ [٤/النساء/٧٥].
(في شراج الحرة) هي مسايل الماء. واحدها
شرجة. والحرة هي الأرض الملسة، فيها حجارة سود. (سرح الماء) أي أرسله. (أن كان ابن
عمتك) بفتح الهمزة. أي فعلت هذا لكونه ابن عمتك. (فتلون وجه نبي الله) أي تغير من
الغضب لانتهاك حرمات النبوة وقبح كلام هذا الإنسان. (الجدر) بفتح الجيم وكسرها.
وهو الجدار. وجمع الجدار جدر، ككتاب وكتب. وجمع الجدر جدور، كفلس وفلوس. ومعنى
يرجع إلى الجدر أي يصير إليه. والمراد بالجدر أصل الحائط، وقيل أصول الشجر.
والصحيح الأول.
٣٧ - باب توفيره ﷺ، وَتَرْكِ إِكْثَارِ
سُؤَالِهِ عَمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ،
وَمَا لَا يَقَعُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ
١٣٠
- (١٣٣٧)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وهب. أخبرني
يونس عن ابن شهاب. أخبرني أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيِّبِ. قَالَا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ. وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ
فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أنبيائهم».
١٣٠ - م - (١٣٣٧) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، وَهُوَ مَنْصُورُ
بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ،
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ سَوَاءً.
١٣١ - (١٣٣٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو
كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ.
حَدَّثَنَا أَبِي. كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ
(يَعْنِي الْحِزَامِيَّ). ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ. كلاهما عن أبي الزناد، عن الأعرج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ح
وحَدَّثَنَاه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة عن
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. كُلُّهُمْ قَالَ:
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «ذروني ما تركتم».
وَفِي حَدِيثِ هَمَّامٍ «مَا تُرِكْتُمْ. فَإِنَّمَا هَلَكَ من قَبْلَكُمْ» ثُمَّ
ذَكَرُوا نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
١٣٢ - (٢٣٥٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ
سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ
أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ
لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ، مِنْ أجل مسألته».
١٣٣ - (٢٣٥٨) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي عمر. قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري. ح وحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: (أَحْفَظُهُ كَمَا أَحْفَظُ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الزُّهْرِيِّ: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَعْظَمُ
الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمْرٍ لَمْ
يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ على الناس من أجل مسألته».
١٣٣ - م - (٢٣٥٨) وحدثنيه حرملة بن يحيى.
أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرزاق. أخبرنا معمر. كلاهما عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَزَادَ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ «رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَقَّرَ عَنْهُ».
وَقَالَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ: عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ؛ أَنَّهُ سمع سعدا.
(ونقر عنه) أي بالغ في البحث عنه والاستقصاء.
١٣٤ - (٢٣٥٩) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ
وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ السلمي ويحيى بن محمد اللؤلؤي. وألفاظهم متقاربة
(قَالَ مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. وقَالَ
الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ). أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا مُوسَى
بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ
أَصْحَابِهِ شَيْءٌ. فَخَطَبَ فَقَالَ «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ.
فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا
أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ، فَمَا أَتَى
عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يوم أشد منه. قال، غطوا رؤوسهم وَلَهُمْ
خَنِينٌ. قَالَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا.
وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا. وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. قَالَ، فَقَامَ ذَاكَ الرَّجُلُ
فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ «أبوك فلان». فنزلت: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تبد لكم تسؤكم﴾ [٥/المائدة/١٠١].
(ولهم خنين) هكذا هو في معظم النسخ ولمعظم
الرواة: خنين. ولبعضهم بالحاء المهملة: حنين. وممن ذكر الوجهين القاضي وصاحب
التحرير وآخرون. قالوا: ومعناه، بالمعجمة، صوت البكاء، وهو نوع من البكاء دون
الانتحاب. قالوا: وأصل الخنين خروج الصوت من الأنف، كالحنين، بالمهملة، من الفم.
وقال الخليل: هو صوت فيه غنة. وقال الأصمعي: إذا تردد بكاؤه، فصار في كونه غنة،
فهو خنين.
١٣٥ - (٢٣٥٩) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ
بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:
قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
من أبي؟ قال «أبوك فلان» ونزلت: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ
أَشْيَاءَ إِنْ تبد لكم تسؤكم﴾. تمام الآية.
١٣٦ - (٢٣٥٩) وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ
مَالِكٍ؛
أَنَّ رسول الله ﷺ خَرَجَ حِينَ
زَاغَتِ الشَّمْسُ. فَصَلَّى لَهُمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ. فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ
عَلَى الْمِنْبَرِ. فَذَكَرَ السَّاعَةَ. وَذَكَرَ أَنَّ قَبْلَهَا أُمُورًا
عِظَامًا. ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْنِي
عَنْهُ. فَوَاللَّهِ! لَا تسألوني عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا
دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا».
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَأَكْثَرَ
⦗١٨٣٣⦘
رسول الله ﷺ أن يَقُولَ «سَلُونِي»
فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ!
قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ» فَلَمَّا أَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَنْ يَقُولَ
«سَلُونِي» بَرَكَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا. وَبِالْإِسْلَامِ
دِينًا. وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ قَالَ
عُمَرُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَوْلَى. وَالَّذِي نَفْسُ
مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا. فِي
عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ. فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ».
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ: مَا سَمِعْتُ بِابْنٍ
قَطُّ أَعَقَّ مِنْكَ؟ أَأَمِنْتَ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَدْ قَارَفَتْ بَعْضَ مَا
تُقَارِفُ نِسَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَفْضَحَهَا عَلَى أَعْيُنِ
النَّاسِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ: وَاللَّهِ! لَوْ أَلْحَقَنِي
بِعَبْدٍ أَسْوَدَ، للحقته.
(أولى) هي كلمة تهديد ووعيد. وقيل: كلمة
تلهف. فعلى هذا يستعملها من نجا من أمر عظيم. والصحيح المشهور أنها للتهديد.
ومعناها. قرب منكم ما تكرهونه. ومنه قوله تعالى: أولى لك فأولى. أي قاربك ما تكره
فاحذره. مأخوذ من الولي وهو القرب. (آنفا) معناه قريبا، الساعة. والمشهور فيه
المد، ويقال بالقصر. وقرئ بهما في السبع. الأكثرون بالمد. (عرض) عرض الحائط جانبه.
(قارفت) معناه عملت سوءا. والمراد الزنى. (الجاهلية) هم من قبل النبوة. سموا به
لكثرة جهالاتهم. (فتفضحها) معناه لو كنت من زنى فنفاك عن أبيك حذافة فضحتني.
١٣٦ - م - (٢٣٥٩) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ
حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وحَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو
الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ. كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ،
عَنِ النبي ﷺ، بهذا الحديث، وَحَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ، مَعَهُ. غَيْرَ أَنَّ
شُعَيْبًا قَالَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ أَنَّ أُمَّ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَتْ؛ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ.
١٣٧ - (٢٣٥٩) حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ
الْمَعْنِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ؛
أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِيَّ
اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ. فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ
الْمِنْبَرَ. فَقَالَ «سَلُونِي. لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ
لَكُمْ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْمُ أَرَمُّوا وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ
بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ.
قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ
يَمِينًا وَشِمَالًا. فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي.
فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ.
فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! مَنْ أَبِي؟ قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ
أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ
رَبًّا. وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا. وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا. عَائِذًا بِاللَّهِ
مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ
فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. إِنِّي صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ والنار، فرأيتهما دون
هذا الحائط»
١٣٧ - م - (٢٣٥٩) حدثنا يحيى بن حبيب
الحارثي. حدثنا خالد (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ. كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ. ح
وحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي. قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ، بِهَذِهِ
الْقِصَّةِ.
(أحفوه بالمسئلة) أي أكثروا في الإلحاح
والمبالغة فيه. يقال: أحفى وألحف وألح، بمعنى. (أرموا) أي سكتوا. وأصله من المرمة:
وهي الشفة. أي ضموا شفاههم بعضها على بعض فلم يتكلموا. ومنه: رمت الشاة الحشيش،
ضمته بشفتيها. (أنشأ رجل) قال أهل اللغة: معناه ابتدأ. ومنه: أنشأ الله الخلق أي
ابتدأهم. (يلاحى) الملاحاة المخاصمة والسباب.
١٣٨ - (٢٣٦٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
بَرَّادٍ الأَشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي
مُوسَى قَالَ:
سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ أَشْيَاءَ
كَرِهَهَا. فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ «سَلُونِي
عَمَّ شِئْتُمْ» فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ«أَبُوكَ حُذَافَةُ» فَقَامَ
آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى
شَيْبَةَ» فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
⦗١٨٣٥⦘
مِنَ الْغَضَبِ قَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: قَالَ:
مَنْ أَبِي؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ، مَوْلَى شيبة».
٣٨ - بَاب وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ
شَرْعًا، دُونَ ما ذكره ﷺ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا، عَلَى سَبِيلِ الرَّأْيِ
١٣٩
- (٢٣٦١)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ.
وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ. وَهَذَا حَدِيثُ قُتَيْبَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
بِقَوْمٍ على رؤوس النَّخْلِ. فَقَالَ «مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟» فَقَالُوا:
يُلَقِّحُونَهُ. يجعلون الذكر في الأنثى فيتلقح. فقال رسول الله ﷺ «مَا أَظُنُّ
يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا» قَالَ فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ. فَأُخْبِرَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ فَقَالَ «إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ
فَلْيَصْنَعُوهُ. فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا. فَلَا تُؤَاخِذُونِي
بِالظَّنِّ. وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ.
فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى الله عز وجل».
(يلقحونه) هو بمعنى يأبرون في الرواية
الأخرى. ومعناه إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى فتعلق بإذن الله.
١٤٠ - (٢٣٦٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الرُّومِيِّ الْيَمَامِيُّ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ
وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ (وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ). حَدَّثَنَا أَبُو
النَّجَاشِيِّ. حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ:
قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ
الْمَدِينَةَ. وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ. يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ.
فَقَالَ «مَا تَصْنَعُونَ؟». قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ. قَالَ «لَعَلَّكُمْ لَوْ
لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا» فَتَرَكُوهُ. فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ. قَالَ
فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ. إِذَا أَمَرْتُكُمْ
بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ
⦗١٨٣٦⦘
فَخُذُوا بِهِ. وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ
بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ. فإنما أن بَشَرٌ» قَالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هَذَا.
قَالَ المعقري: فنفضت. ولم يشك.
(يأبرون) يقال أبر يأبر ويأبر. كبذر يبذر
ويبذر. ويقال: أبر يؤبر تأبيرا. (فنفضت أو فنقصت) فنفضت أي أسقطت ثمرها. قال أهل
اللغة: ويقال لذلك المتساقط النفض، بمعنى المنفوض. كالخبط بمعنى المخبوط. وأنفض
القوم فني زادهم. (من رأي) قال العلماء: قوله ﷺ «من رأي» أي في أمر الدنيا
ومعايشها، لا على التشريع. فأما ما قاله باجتهاده ﷺ ورآه شرعا فيجب العمل به. وليس
إبار النخل من هذا النوع. بل من النوع المذكور قبله. مع أن لفظة الرأي إنما أتى
بها عكرمة على المعنى. لقوله في آخر الحديث: قال عكرمة: أو نحو هذا. فلم يخبر بلفظ
النبي ﷺ محققا. قال العلماء: ولم يكن هذا القول خبرا وإنما كان ظنا كما بينه في
هذه الروايات. قالوا: ورأيه ﷺ في أمور المعايش وظنه كغيره. فلا يمتنع وقوع مثل هذا
ولا نقص في ذلك. وسببه تعلق همهم بالآخرة ومعارفها.
١٤١ - (٢٣٦٣) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. كِلَاهُمَا عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ. قَالَ
أبو بكر: حدثنا الأسود بْنُ عَامِرٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
أَنَسٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ بِقَوْمٍ
يُلَقِّحُونَ. فَقَالَ «لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ» قَالَ فَخَرَجَ شِيصًا.
فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ «مَا لِنَخْلِكُمْ؟» قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ
«أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ».
(فخرج شيصا) هو البسر الرديء الذي إذا يبس
صار حشفا.
٣٩ - بَاب فَضْلِ النَّظَرِ إِلَيْهِ ﷺ،
وَتَمَنِّيهِ
١٤٢
- (٢٣٦٤)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول
اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «والذي
نفس محمد بيده! لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ وَلَا يَرَانِي. ثُمَّ
لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ معهم».
قال أبو إسحاق: الْمَعْنَى فِيهِ
عِنْدِي، لَأَنْ يَرَانِي مَعَهُمْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
وَهُوَ عِنْدِي مُقَدَّمٌ ومؤخر.
(قال أبو إسحاق) هذا الذي قاله أبو إسحاق هو
الذي قاله القاضي عياض واقتصر عليه. قال: تقديره لَأَنْ يَرَانِي مَعَهُمْ أَحَبُّ
إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وماله ثم لا يراني. وكذا جاء في مسند سعيد بن منصور:
«ليأتين على أحدكم يوم لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله ثم لا
يراني» أي رؤيته إياي أفضل عنده وأحظى من أهله وماله هذا كلام القاضي. والظاهر أن
قوله في تقديم «لأن يراني» وتأخير «ثم لا يراني» كما قال. وأما لفظة «معهم» فعلى
ظاهرها وفي موضعها. وتقدير الكلام: يأتي على أحدكم يوم لأن يراني فيه لحظة ثم لا يراني
بعدها أحب إليه من أهله وماله جميعا. ومقصود الحديث حثهم على ملازمة مجلسه الكريم
ومشاهدته، حضرا وسفرا، للتأدب بآدابه وتعلم الشرائع وحفظها ليبلغوها. وإعلامهم
أنهم سيندمون على ما فرطوا فيه من الزيادة من مشاهدته وملازمته. ومنه قول عمر رضي
الله عنه: ألهاني
عنه الصفق بالأسواق.
٤٠ - بَاب فَضَائِلِ عِيسَى عليه السلام
١٤٣
- (٢٣٦٥)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يونس عَنْ
ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ
أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ «أَنَا
أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ. الْأَنْبِيَاءُ أولاد علات. وليس بيني وبينه
نبي».
(أولاد علات) قال العلماء: أولاد العلات هم
الإخوة لأب من أمهات شتى. وأما الإخوة من الأبوين فيقال لهم: أولاد الأعيان. قال
جمهور العلماء: معنى الحديث: أصل إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة. فإنهم متفقون في
أصول التوحيد. وأما فروع الشرائع فوقع فيها الاختلاف.
١٤٤ - (٢٣٦٥) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سفيان، عن أبي
الزناد، عن الأعرج، عن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «أنا أَوْلَى
النَّاسِ بِعِيسَى. الْأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلَّاتٍ. وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ
عِيسَى نَبِيٌّ».
١٤٥ - (٢٣٦٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ
مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أنا أولى
الناس بعيسى بن مَرْيَمَ. فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» قَالُوا: كَيْفَ؟ يَا
رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ. وَأُمَّهَاتُهُمْ
شَتَّى. وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ. فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ».
(ودينهم واحد) المراد به أصول التوحيد، وأصل
طاعة الله تعالى وإن اختلفت صفتها، وأصول التوحيد والطاعة جميعا.
١٤٦ - (٢٣٦٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَا
مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ. فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا
مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ. إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ». ثم قال أبو هريرة:
اقرؤا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشيطان
الرجيم﴾ [٣/ آل عمران /٣٦].
(إلا ابن مريم وأمه) هذه فضيلة ظاهرة. وظاهر
الحديث اختصاصها بعيسى وأمه. واختار القاضي عياض أن جميع الأنبياء يتشاركون فيها.
١٤٦ - م - (٢٣٦٦) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ
بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح
وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا
أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ. جَمِيعًا عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. وَقَالَا «يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ
مَسَّةِ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ». وَفِي حَدِيثِ شُعَيْبٍ «مِنْ مَسِّ الشيطان».
١٤٧ - (٢٣٦٦) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا
يُونُسَ سُلَيْمًا، مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن رسول الله ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
«كُلُّ بَنِي آدَمَ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. إِلَّا
مَرْيَمَ وَابْنَهَا».
١٤٨ - (٢٣٦٧) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قال:
قال رسول الله ﷺ «صِيَاحُ
الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنَ الشيطان».
(نزغة) معنى نزغة نخسة وطعنة. ومنه قولهم:
نزعه بكلمة سوء، أي رماه بها.
١٤٩ - (٢٣٦٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ
مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «رأى عيسى
بن مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ. فَقَالَ لَهُ عِيسَى: سَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا.
وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ! فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ.
وَكَذَّبْتُ نَفْسِي».
٤١ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ إِبْرَاهِيمِ
الْخَلِيلِ ﷺ
١٥٠
- (٢٣٦٩)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ
وَابْنُ فُضَيْلٍ عن المختار. ح وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ
(وَاللَّفْظُ له). حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. أَخْبَرَنَا الْمُخْتَارُ
بْنُ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ فَقَالَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ذَاكَ
إِبْرَاهِيمُ عليه السلام».
١٥٠ - م - (٢٣٦٩) وحَدَّثَنَاه أَبُو
كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ. قَالَ: سَمِعْتُ مُخْتَارَ بْنَ فُلْفُلٍ،
مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ:
قَالَ رَجُلٌ. يا رسول الله! بمثله.
١٥٠ - م ٢ - (٢٣٦٩) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
الْمُخْتَارِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عن النبي ﷺ. بمثله.
١٥١ - (٢٣٧٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ) عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:
قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اخْتَتَنَ
إِبْرَاهِيمُ، النَّبِيُّ عليه السلام، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سنة، بالقدوم».
(بالقدوم) رواة مسلم متفقون على تخفيف
القدوم. ووقع في روايات البخاري الخلاف في تخفيفه وتشديده. قالوا: وآلة النجار
يقال لها: قدوم. بالتخفيف لا غير. وأما القدوم، مكان بالشام، ففيه التخفيف
والتشديد. فمن رواه بالتشديد أراد القرية. ورواية التخفيف تحتمل القرية والآلة.
والأكثرون على التخفيف وعلى إرادة الآلة.
١٥٢ - (١٥١) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب.
أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن
المسيب، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ «نَحْنُ
أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. إِذْ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي
الْمَوْتَى. قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قلبي.
وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا. لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ. وَلَوْ
لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لبث يوسف لأجبت الداعي».
١٥٢ - م - (١٥١) وحَدَّثَنَاه، إِنْ شَاءَ
اللَّهُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ. حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا
عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ رَسُولِ الله ﷺ. بمعنى حديث
يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
١٥٣ - (١٥١) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
الْأَعْرَجِ، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قَالَ «يَغْفِرُ اللَّهُ
لِلُوطٍ إِنَّهُ أَوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ».
١٥٤ - (٢٣٧١) وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا عبد الله
بن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ "لَمْ
يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ، عليه السلام، قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ.
ثِنْتَيْنِ فِي ذات الله. قوله: إني سقيم. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا. وَوَاحِدَةٌ
فِي شَأْنِ سَارَةَ. فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ.
وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ. فَقَالَ لها: إن هذا الجبار، إن لا يعلم أنك امرأتي،
يغلبني عليك. فإن سأل فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي. فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي
الْإِسْلَامِ. فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِي وَغَيْرَكِ.
فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ. أَتَاهُ فَقَالَ
لَهُ: لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا
لَكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُتِيَ بِهَا. فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلَى
الصَّلَاةِ. فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ
إِلَيْهَا. فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً
⦗١٨٤١⦘
شَدِيدَةً. فَقَالَ لَهَا: ادْعِي
اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي وَلَا أَضُرُّكِ. فَفَعَلَتْ. فَعَادَ. فَقُبِضَتْ
أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَةِ الْأُولَى. فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ. فَفَعَلَتْ.
فَعَادَ. فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ. فَقَالَ:
ادْعِي اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي. فَلَكِ اللَّهَ أَنْ لَا أَضُرَّكِ.
فَفَعَلَتْ. وَأُطْلِقَتْ يَدُهُ. وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ:
إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ. وَلَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ.
فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِي، وَأَعْطِهَا هَاجَرَ.
قَالَ فَأَقْبَلَتْ تَمْشِي.
فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام انْصَرَفَ. فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ؟
قَالَتْ: خَيْرًا. كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْفَاجِرِ. وَأَخْدَمَ خَادِمًا.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ
أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.
(لم يكذب إبراهيم) قال المازري: أما الكذب
فيما طريقه البلاغ عن الله تعالى، فالأنبياء معصومون منه. سواء كثيره وقليله. وأما
ما لا يتعلق بالبلاغ ويعد من الصغائر، كالكذبة الواحدة في حقير من أمور الدنيا،
ففي إمكان وقوعه منهم وعصمتهم منه القولان المشهوران للسلف والخلف. قال القاضي
عياض: الصحيح أن الكذب فيما يتعلق بالبلاغ لا يتصور وقوعه منهم. سواء جوزنا وقوع
الصغائر منهم أم لا. وسواء قل الكذب أم كثر. لأن منصب النبوة يرتفع عنه. وتجويزه
يرفع الوثوق بأقوالهم. (ثنتين في ذات الله) معناه أن الكذبات المذكورة إنما هي بالنسبة
إلى فهم المخاطب والسامع. وأما في نفس الأمر فليست كذبا مذموما. لوجهين: أحدهما
أنه وري بها. فقال في سارة: أختي في الإسلام. وهو صحيح في باطن الأمر. والوجه
الثاني أنه لو كان كذبا، لا تورية فيه، لكان جائزا في دفع الظالمين. فنبه النبي ﷺ
على أن هذه الكذبات ليست داخلة في مطلق الكذب المذموم. (فلك الله) أي شاهد وضامن
أن لا أضرك. قال الطيبي: الرواية فيه بالنصب لا يجوز غيره. وهو قسم. (مهيم) أي ما
شأنك وما أخبرك. (وأخدم خادما) أي وهبني خادما وهي هاجر. ويقال: آجر. والخادم يقع
على الذكر والأنثى. (يا بني ماء السماء) قال كثيرون: المراد ببني ماء السماء،
العرب كلهم. لخلوص نسبهم وصفائه. وقيل: لأن أكثرهم أصحاب مواشي، وعيشهم من المرعى
والخصب وما ينبت بماء السماء. وقال القاضي: الأظهر عندي أن المراد بذلك الأنصار
خاصة ونسبتهم إلى جدهم عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد.
وكان يعرف بماء السماء. وهو المشهور بذلك. والأنصار كلهم من ولد حارثة بن ثعلبة بن
عمرو بن عامر المذكور.
٤٢ - باب من فضائل موسى ﷺ
١٥٥
- (٣٣٩)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رافع. حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أبو هريرة عن رسول الله ﷺ. فَذَكَرَ
أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كَانَتْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً. يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ
بَعْضٍ. وَكَانَ مُوسَى عليه السلام يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ. فَقَالُوا: وَاللَّهِ!
مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ. قَالَ
فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ. فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ. فَفَرَّ الْحَجَرُ
بثوبه. قال فجمع مُوسَى بِإِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي. حَجَرُ! ثَوْبِي. حَجَرُ!
⦗١٨٤٢⦘
حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ
إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى. فقالوا: والله! ما بموسى بَأْسٍ.
فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدُ، حَتَّى
نُظِرَ إِلَيْهِ. قَالَ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ!
إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ. ضَرْبُ مُوسَى عليه السلام بِالْحَجَرِ.
(آدر) عظيم الخصيتين. (فجمح) أي ذهب مسرعا
إسراعا بليغا. (ثوبي حجر) أي دع ثوبي يا حجر. (فطفق بالحجر ضربا) أي جعل. يقال:
طفق يفعل كذا. وطفق، بكسر الفاء وفتحها، وجعل وأخذ وأقبل، بمعنى واحد. (ندب) أصله
أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد.
١٥٦ - (٣٣٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ حَبِيبٍ
الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:
كَانَ مُوسَى عليه السلام رَجُلًا
حَيِيًّا. قَالَ فَكَانَ لَا يُرَى مُتَجَرِّدًا. قَالَ فَقَالَ بَنُو
إِسْرَائِيلَ: إِنَّهُ آدَرُ. قَالَ فَاغْتَسَلَ عِنْدَ مُوَيْهٍ. فَوَضَعَ
ثَوْبهُ عَلَى حَجَرٍ. فَانْطَلَقَ الْحَجَرُ يَسْعَى. وَاتَّبَعَهُ بِعَصَاهُ
يَضْرِبُهُ: ثَوْبِي. حَجَرُ! ثَوْبِي. حَجَرُ! حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلَإٍ مِنْ
بَنِي إسرائيل. ونزلت: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وجيها﴾
[٣٣/ الأحزاب/ ٦٩]
(مويه) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ومعظم
غيرها: مويه. وهو تصغير ماء. وأصله موه. والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها.
١٥٧ - (٢٣٧٢) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد
(قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن ابن طاوس،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى
مُوسَى عليه السلام. فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ.
فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ
الْمَوْتَ. قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ.
فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ، بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ
بِكُلِّ شَعْرَةٍ، سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ! ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ
الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ
⦗١٨٤٣⦘
أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ
الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَلَوْ كُنْتُ
ثَمَّ، لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، تحت الكثيب الأحمر».
(صكه) بمعنى لطمه. (متن ثور) أي ظهره. (مه)
هي هاء السكت. وهو استفهام. أي ثم ماذا يكون؟ أحياة أم موت؟ (رمية بحجر) أي قدر ما
يبلغه. (الكثيب) الرمل المستطيل المحدودب.
١٥٨ - (٢٣٧٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أبو هريرة عن رسول الله ﷺ. فَذَكَرَ
أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ»جَاءَ
مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عليه السلام. فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ. قَالَ
فَلَطَمَ مُوسَى عليه السلام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا. قَالَ فَرَجَعَ
الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ
لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ. وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي. قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ
إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلِ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟
فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَمَا
تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ. فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ
مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ. قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ. رَبِّ! أَمِتْنِي مِنَ
الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. رَمْيَةً بِحَجَرٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«وَاللَّهِ! لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ
الطَّرِيقِ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ».
(أجب ربك) أي للموت. ومعناه جئت لقبض روحك.
(فما توارت يدك) هكذا هو في جميع النسخ: توارت. ومعناه وارت وسترت. (أمتني) هكذا
هو في معظم النسخ: أمتني. وفي بعضها: أدنني. وكلاهما صحيح.
١٥٨ - م - (٢٣٧٢) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ، بِمِثْلِ هَذَا الحديث.
١٥٩ - (٢٣٧٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ
سِلْعَةً لَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا، كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ - شَكَّ
عَبْدُ الْعَزِيزِ - قَالَ: لَا. وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عليه السلام عَلَى
الْبَشَرِ! قَالَ فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ. قَال:
تَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عليه السلام عَلَى الْبَشَرِ! وَرَسُولُ
اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ قَالَ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ الله ﷺ.
⦗١٨٤٤⦘
فقال: يا أَبَا الْقَاسِمِ! إِنَّ
لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا. وَقَالَ: فُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟» قَالَ: قَالَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ!): وَالَّذِي
اصْطَفَى مُوسَى عليه السلام عَلَى الْبَشَرِ! وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا. قَالَ
فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ. ثُمَّ قَالَ
«لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ. فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ
فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ
اللَّهُ. قَالَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى. فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ.
أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ. فَإِذَا مُوسَى عليه السلام آخِذٌ بِالْعَرْشِ.
فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ. أَوْ بُعِثَ قَبْلِي.
وَلَا أَقُولُ: إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يونس بن متى عليه السلام».
(فيصعق) الصعق والصعقة الهلاك والموت. ويقال
منه: صعق الإنسان وصعق. وأنكر بعضهم الضم. وصعقتهم الصاعقة وأصعقتهم.
١٥٩ - م - (٢٣٧٣) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ
بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ
بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، سَوَاءً.
١٦٠ - (٢٣٧٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.
حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
اسْتَبَّ رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ
الْيَهُودِ وَرَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي
اصْطَفَى مُحَمَّدًا ﷺ عَلَى الْعَالَمِينَ! وَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي
اصْطَفَى مُوسَى عليه السلام عَلَى الْعَالَمِينَ! قَالَ فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ
يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ. فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ. فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ
الْمُسْلِمِ. فقال رسول الله ﷺ «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى. فَإِنَّ النَّاسَ
يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ. فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ
الْعَرْشِ. فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ
مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ».
١٦١ - (٢٣٧٣) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاق قَالَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
أَخْبَرَنِي أَبُو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عَنْ
⦗١٨٤٥⦘
أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: اسْتَبَّ
رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
١٦٢ - (٢٣٧٤) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ.
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرُو
بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. غَيْرَ
أَنَّهُ قَالَ «فَلَا أَدْرِي أَكَانَ مِمَّنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوِ
اكْتَفَى بِصَعْقَةِ الطور».
١٦٣ - (٢٣٧٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا
تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ». وَفِي حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ: عَمْرِو بْنِ
يَحْيَي. حَدَّثَنِي أَبِي.
١٦٤ - (٢٣٧٥) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ
وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛
إن رسول الله ﷺ قَالَ «أَتَيْتُ -
وَفِي رِوَايَةِ هَدَّابٍ: مَرَرْتُ - عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ
الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ. وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ».
١٦٥ - (٢٣٧٥) وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ.
أَخْبَرَنَا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ). ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ
أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة. حدثنا عبدة بن سليمان عن
سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَرَرْتُ
عَلَى مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ». وَزَادَ فِي حَدِيثِ عِيسَى
«مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي».
٤٣ - بَاب فِي ذِكْرِ يُونُسَ عليه السلام،
وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ
يُونُسَ بْنِ مَتَّى»
١٦٦
- (٢٣٧٦)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى
وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ
بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنه «قَالَ -
يَعْنِي اللَّهَ تبارك وتعالى لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ لِي (وقَالَ ابْنُ
الْمُثَنَّى: لِعَبْدِي) أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، عليه
السلام».
قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ:
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ.
١٦٧ - (٢٣٧٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن
جعفر. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ
يَقُولُ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ ﷺ (يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ)
عنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَا
يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى».
وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ.
٤٤ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ يُوسُفَ، عليه
السلام
١٦٨
- (٢٣٧٨)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ:
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ
أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ «أَتْقَاهُمْ» قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ «فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ
ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ» قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ «فَعَنْ
مَعَادِنِ الْعَرَبِ
⦗١٨٤٧⦘
تَسْأَلُونِي؟ خِيَارُهُمْ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسلام. إذا فقهوا».
(أكرم الناس) قال العلماء: أصل الكرم كثرة
الخير. وقد جمع يوسف ﷺ مكارم الأخلاق مع شرف النبوة مع شرف النسب. وكونه نبيا ابن
ثلاثة أنبياء متناسلين. أحدهم خليل الله ﷺ. وانضم إليه شرف علم الرؤيا وتمكنه فيه
وسياسة الدنيا وملكها بالسيرة الجميلة وحياطته للرعية وعموم نفعه إياهم وشفقته
عليهم وإنقاذه إياهم من تلك السنين. (معادن العرب) أي أصولها. (خِيَارُهُمْ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فقهوا) معناه أن أصحاب
المروءات ومكارم الأخلاق في الجاهلية إذا أسلموا وفقهوا، فهم خيار الناس.
٤٥ - باب من فَضَائِلِ زَكَرِيَّاءَ، عليه
السلام
١٦٩
- (٢٣٧٩)
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «كَانَ
زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا».
٤٦ - بَاب مِنْ فَضَائِلِ الْخَضِرِ، عليه
السلام
١٧٠
- (٢٣٨٠)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْحَنْظَلِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ
الْمَكِّيُّ. كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي
عُمَرَ). حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ
يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى، عليه السلام، صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيْسَ هُوَ
مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ، عليه السلام. فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ. سَمِعْتُ
أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ» قَامَ مُوسَى عليه
السلام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟
فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ. قَالَ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ
الْعِلْمَ إِلَيْهِ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي
بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ! كَيْفَ
⦗١٨٤٨⦘
لِي بِهِ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ
حُوتًا فِي مِكْتَلٍ. فَحَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ. فَانْطَلَقَ
وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ. وَهُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ. فَحَمَلَ مُوسَى، عليه
السلام، حُوتًا فِي مِكْتَلٍ. وَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يَمْشِيَانِ حَتَّى
أَتَيَا الصَّخْرَةَ. فَرَقَدَ مُوسَى، عليه السلام، وَفَتَاهُ. فَاضْطَرَبَ
الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمِكْتَلِ، فَسَقَطَ فِي
الْبَحْرِ. قَالَ وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْمَاءِ حَتَّى كَانَ
مِثْلَ الطَّاقِ. فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا. وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا.
فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا. وَنَسِيَ صَاحِبُ مُوسَى
أَنْ يُخْبِرَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ مُوسَى، عليه السلام، قَالَ لِفَتَاهُ: آتِنَا
غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. قَالَ وَلَمْ يَنْصَبْ
حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا
إِلَى الصَّخْرَةِ فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أَنْ أَذْكُرَهُ
وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا. قال موسى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي
فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا. قَالَ يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا. حَتَّى
أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَأَى رَجُلًا مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ. فَسَلَّمَ
عَلَيْهِ مُوسَى. فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: أَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ قَالَ:
أَنَا مُوسَى. قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟
⦗١٨٤٩⦘
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّكَ عَلَى
عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ. وَأَنَا عَلَى
عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى، عليه
السلام: هَلْ
أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا؟ قَالَ: إِنَّكَ
لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ
خُبْرًا. قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا. قَالَ لَهُ
الْخَضِرُ: فَإِنِ اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا.
قَالَ: نَعَمْ. فَانْطَلَقَ الْخَضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ
الْبَحْرِ. فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ. فَكَلَّمَاهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا.
فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ. فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى
لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ
حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا
لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا. لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ
إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني
مِنْ أَمْرِي عُسْرًا. ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ. فَبَيْنَمَا هُمَا
يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ. فَأَخَذَ
الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ، فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ، فَقَتَلَهُ. فَقَالَ مُوسَى:
أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا.
قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ:
وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى. قَالَ: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني. قَدْ
بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ
قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا. فَوَجَدَا
فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. يَقُولُ مَائِلٌ. قَالَ
الْخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا
⦗١٨٥٠⦘
فَأَقَامَهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى:
قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا، لَوْ شِئْتَ
لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ.
سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. قال رسول الله ﷺ
«يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى. لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ
عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كانت الْأُولَى
مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا». قَالَ «وَجَاءَ عُصْفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْفِ
السَّفِينَةِ. ثُمَّ نَقَرَ فِي الْبَحْرِ. فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: مَا نَقَصَ
عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا
الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ».
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:
وَكَانَ يَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ
غَصْبًا. وَكَانَ يقرأ: وأما الغلام فكان كافرا.
(كذب عدو الله) قال العلماء: هو على وجه
الإغلاظ والزجر عن مثل قوله. لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة. إنما قاله مبالغة
في إنكار قوله، لمخالفته قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وكان ذلك في حال غضب ابن عباس.
لشدة إنكاره. وحال الغضب تطلق الألفاظ ولا تراد بها حقائقها. (بمجمع البحرين) قال
القسطلاني: أي ملتقى بحري فارس والروم من جهة الشرق. أو بإفريقية أو طنجة. (حوتا)
الحوت السمكة. وكانت سمكة مالحة، كما صرح به في الرواية الثانية. (مكتل) هو القفة
والزنبيل. (تفقد) أي يذهب منك. يقال فقده وافتقده. (فهو ثم) أي هناك. (فتاه) أي صاحبه.
(الطاق) عقد البناء. وجمعه طيقان وأطواق. وهو الأزج وما عقد أعلاه من البناء، وبقي
ما تحته خاليا. (وليلتهما) ضبطوه بنصب ليلتهما وجرها. (نصبا) النصب التعب. (واتخذ
سبيله في البحر عجبا) قيل: إن لفظة عجبا يجوز أن تكون من تمام كلام يوشع وقيل: من
كلام موسى. أي قال موسى: عجبت من هذا عجبا. وقيل: من كلام الله تعالى. ومعناه اتخذ
موسى سبيل الحوت في البحر عجبا. (نبغي) أي نطلب. معناه أن الذي جئنا نطلبه هو
الموضع الذي نفقد فيه الحوت. (مسجى) أي مغطى. (أنى بأرضك السلام) أي من أين السلام
في هذه الأرض التي لا يعرف فيها السلام. قال العلماء: أنى تأتي بمعنى أين ومتى
وحيث وكيف. (بغير نول) أي بغير أجر. والنول والنوال العطاء. (إمرا) أي عظيما. (ولا
ترهقني من أمري عسرا) قال الإمام الزمخشري: يقال رهقه إذا غشيه وأرهقه إياه. أي
ولا تغشني عسرا من أمري. وهو اتباعه إياه. يعني ولا تعسر علي متابعتك ويسرها علي
بالإغضاء وترك المناقشة. (زاكية) قرئ في السبع زاكية وزكية. قالوا: ومعناه طاهرة
من الذنوب. (بغير نفس) أي بغير قصاص لك عليها. (نكرا) النكر هو المنكر. (لقد بلغت
من لدني عذرا) معناه قد بلغت إلى الغاية التي تعذر بسببها في فراقي. (فوجدا فيها
جدارا يريد أن ينقض) هذا من المجاز. لأن الجدار لا يكون له حقيقة إرادة. ومعناه
قرب من الانقضاض، وهو السقوط. (قال الخضر بيده هكذا) أي أشار بيده فأقامه. وهذا
تعبير عن الفعل بالقول. وهو شايع. (ما نقص علمي وعلمك) قال العلماء: لفظ النقص هنا
ليس على ظاهره. وإنما معناه أن علمي وعلمك بالنسبة إلى علم الله تعالى كنسبة ما
نقره هذا العصفور إلى ماء البحر. وهذا على التقريب إلى الأفهام. وإلا فنسبة علمهما
أقل وأحقر.
١٧١ - (٢٣٨٠) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
إِنَّ نَوْفًا يزعم أن موسى الذي ذهب
يتلمس العلم ليس بموسى نبي إِسْرَائِيلَ. قَالَ: أَسَمِعْتَهُ؟ يَا سَعِيدُ!
قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَذَبَ نَوْفٌ.
١٧٢ - (٢٣٨٠) حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
«إِنَّهُ بَيْنَمَا مُوسَى، عليه السلام، فِي قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ
اللَّهِ. وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلَاؤُهُ. إِذْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ
فِي الْأَرْضِ رَجُلًا خَيْرًا أو أعلم مِنِّي. قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ.
إِنِّي أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ مِنْهُ. أَوْ عِنْدَ مَنْ هُوَ. إِنَّ فِي الْأَرْضِ
رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ! فَدُلَّنِي عَلَيْهِ. قَالَ
فَقِيلَ لَهُ: تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا. فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ.
قَالَ فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ. فَعُمِّيَ
عَلَيْهِ. فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ فَتَاهُ. فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ.
فَجَعَلَ لَا يَلْتَئِمُ عَلَيْهِ. صَارَ مِثْلَ الْكُوَّةِ. قَالَ فَقَالَ
فَتَاهُ: أَلَا أَلْحَقُ نَبِيَّ اللَّهِ فَأُخْبِرَهُ؟ قَالَ فَنُسِّيَ. فَلَمَّا
تَجَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا
هَذَا نَصَبًا. قَالَ وَلَمْ يُصِبْهُمْ نَصَبٌ حَتَّى
⦗١٨٥١⦘
تَجَاوَزَا. قَالَ فَتَذَكَّرَ
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ.
وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ
فِي الْبَحْرِ عَجَبًا. قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى
آثَارِهِمَا قَصَصًا. فَأَرَاهُ مكان الحوت. قال: ههنا وُصِفَ لِي. قَالَ فَذَهَبَ
يَلْتَمِسُ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ مُسَجًّى ثَوْبًا، مُسْتَلْقِيًا عَلَى
الْقَفَا. أَوَ قَالَ عَلَى حَلَاوَةِ الْقَفَا. قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.
فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ قَالَ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ. من أنت؟ قال:
مُوسَى. قَالَ: وَمَنْ مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ: مَجِيءٌ
مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جئت لتعلمني مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا. قَالَ: إِنَّكَ
لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تحط به خبرا.
شَيْءٌ أُمِرْتُ بِهِ أَنْ أَفْعَلَهُ إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ. قَالَ:
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا. قَالَ:
فَإِنِ اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا. فَانْطَلَقَا
حَتَّى إِذَا رَكِبَا في السفينة خرقها. قَالَ: انْتَحَى عَلَيْهَا. قَالَ لَهُ
مُوسَى، عليه السلام: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ
جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ معي صبرا؟
قال: لا تؤاخذني بما نسيت وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا. فَانْطَلَقَا
حَتَّى إذا لقيا غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ. قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَى أَحَدِهِمْ
بَادِيَ الرَّأْيِ فَقَتَلَهُ. فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى، عليه السلام، ذعرة
منكرة. قال: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شيئا
نكرا». فقال رسول الله ﷺ، عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا
وَعَلَى مُوسَى. لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ. وَلَكِنَّهُ
أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ. قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عن شيء بعدها فلا
تصاحبني. قد بلغت من لدني عذرا. وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ. - قَالَ وَكَانَ
إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا
⦗١٨٥٢⦘
مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ
بِنَفْسِهِ»رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي كَذَا. رَحْمَةُ اللَّهِ
عَلَيْنَا - «فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا
فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا. فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا.
فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. قَالَ: لَوْ
شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجرا. قال: هذا فراق بيني وبينك وَأَخَذَ بِثَوْبِهِ.
قَالَ: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. أَمَّا
السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يعملون في البحر. إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
فَإِذَا جَاءَ الَّذِي يُسَخِّرُهَا وجدها منخرقة فتجاوزها فأصلحوا بخشبة. وأما
الغلام فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا. وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا
عَلَيْهِ. فَلَوْ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا.
فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ
رُحْمًا. وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يتيمين في المدينة وكان تحته».
إلى آخر الآية.
(الكوة) بفتح الكاف، ويقال بضمها. وهي الطاق.
(على حلاوة القفا) هي وسط القفا. ومعناه لم يمل إلى أحد جانبيه. وهي بضم الحاء
وفتحها وكسرها. أفصحها الضم. (مجيء ما جاء بك) قال القاضي: ضبطناه مجيء مرفوع غير
منون عن بعضهم وعن بعضهم منونا قال: وهو أظهر. أي أمر عظيم جاء بك. (انتحى عليها)
أي اعتمد على السفينة وقصد خرقها. (بادي الرأي) بالهمز وتركه. فمن همزه معناه أول
الرأي وابتداؤه. أي انطلق إليه مسارعا إلى قتله من غير فكر. ولم يهمز فمعناه ظهر
له رأي في قتله. من البداء. وهو ظهور رأي لم يكن. قال القاضي. ويمد البداء ويقصر.
(أخذته من صاحبه ذمامة) أي حياء واشفاق من الذم واللوم. (أرهقهما طغيانا وكفرا) أي
حملهما عليهما وألحقهما بهما. والمراد بالطغيان، هنا، الزيادة في الضلال. (خيرا
منه زكاة وأقرب رحما) قيل: المراد بالزكاة الإسلام. وقيل الصلاح. وأما الرحم فقيل
معناه الرحمة لوالديه وبرهما. وقيل المراد يرحمانه.
١٧٢ - م - (٢٣٨٠) وحَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
يُوسُفَ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مُوسَى. كِلَاهُمَا عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. بِإِسْنَادِ
التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. نَحْوَ حَدِيثِهِ.
١٧٣ - (٢٣٨٠) وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَ:
لَتَّخِذْتَ عليه أجرا.
١٧٤ - (٢٣٨٠) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَبَّاسٍ؛
أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ
بْنُ قَيْسِ بْنِ
⦗١٨٥٣⦘
حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ
مُوسَى، عليه السلام. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْخَضِرُ. فَمَرَّ
بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ. فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ:
يَا أَبَا الطُّفَيْلِ! هَلُمَّ إِلَيْنَا. فَإِنِّي قَدْ تَمَارَيْتُ أَنَا
وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ.
فَهَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ
مُوسَى: لَا. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلْ عَبْدُنَا الْخَضِرُ. قَالَ
فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ. فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ
آيَةً. وَقِيلَ لَهُ: إِذَا افْتَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ
سَتَلْقَاهُ. فَسَارَ مُوسَى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ. ثُمَّ قَالَ
لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا. فَقَالَ فَتَى مُوسَى، حِينَ سَأَلَهُ الْغَدَاءَ:
أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا
أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. فَقَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ:
ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي. فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا. فَوَجَدَا
خَضِرًا. فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ».
إِلَّا أَنَّ يُونُسَ قَالَ: فَكَانَ
يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي البحر.
(تمارى) أي تنازعا وتجادلا.
قال الإمام النووي: وفي هذه القصة
أنواع من القواعد والأصول والفروع والآداب والنفائس المهمة. ثم قال: ومنها بيان
أصل عظيم من أصول الإسلام وهو وجوب التسليم لكل ما جاء به الشرع وإن كان بعضه لا
تظهر حكمته للعقول ولا يفهمه أكثر الناس. وقد لا يفهمونه كلهم. كالقدر. وموضع
الدلالة قتل الغلام وخرق السفينة فإن صورتهما صورة المنكر وكان صحيحا في نفس الأمر
له حكم بينة. لكنها لا تظهر للخلق. فإذا أعلمهم الله تعالى بها علموها. ولهذا قال:
وما فعلته عن أمري. يعني بل بأمر الله تعالى.