(الرضاع) هو بفتح الراء وكسرها. والرضاعة
بفتح الراء وكسرها. وقد رضع الصبي أمه، بكسر الضاد، يرضعها، بفتحها، رضاعا. قال
الجوهري: ويقول أهل نجد: رضع يرضع، بفتح الضاد وكسرها في المضارع. رضعا. كضرب يضرب
ضربا. وأرضعته أمه. وامرأة مرضع، أي لها ولد ترضعه. فإن وصفتها بإرضاعه، قلت:
مرضعه، بالهاء.
(١) بَاب يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا
يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ
١
- (١٤٤٤)
حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا؛
أَنّ رسول الله ﷺ كان عَنْدَهَا.
وَإِنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ. قَالَت
عَائِشَةُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي
بَيْتِكَ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أُرَاهُ فُلَانًا» (لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ
الرَّضَاعَةِ) فقَالَت عَائِشَةُ: يا رسول الله! لو كان فلانا حَيًّا (لِعَمِّهَا
مِنَ الرَّضَاعَةِ) دَخَلَ عَلَيَّ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«نَعَمْ. إِنَّ الرَّضَاعَةَ
تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ».
٢ - (١٤٤٤)
وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو
مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ. حدثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ
بْنِ الْبَرِيدِ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ:
«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا
يَحْرُمُ من الولادة».
(١٤٤٤) - وحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقَ بْنُ
مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ.
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ
حَدِيثِ هِشَامِ بن عروة.
(٢) بَاب تَحْرِيمِ الرَّضَاعَةِ مِنْ مَاءِ
الْفَحْلِ
٣
- (١٤٤٥)
حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ
بْنِ الزبير، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ؛؛ أَنَّ أَفْلَحَ، أَخَا
أَبِي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا. وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ
الرَّضَاعَةِ. بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الْحِجَابُ. قَالَت: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ
لَهُ. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ.
فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ.
٤ - (١٤٤٥)
وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن عروة، عَنْ
عَائِشَةَ؛ قَالَت: أَتَانِي عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَفْلَحُ بْنُ أَبِي
قُعَيْسٍ. فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ. وَزَادَ: قُلْتُ: إِنَّمَا
أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ. قَالَ «تَرِبَتْ
يَدَاكِ، أَوْ يَمِينُكِ».
(تربت يداك أو يمينك) شك الراوي. هل قال:
تربت يداك، أو قال: تربت يمينك. والجملة بمعنى صار في يدك التراب ولا أصبت خيرا.
وهذه من الكلمات الجارية على ألسنتهم لا يراد بها حقائقها.
٥ - (١٤٤٥)
وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني يونس عن
ابن شهاب، عن عروة؛ أن عائشة أخبرته؛ أنه جاء أفلح أخو أبي الْقُعَيْسِ
يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا. بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ. وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْسِ
أَبَا عَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَت عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ! لَا
آذَنُ لِأَفْلَحَ، حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَإِنَّ أَبَا
الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي. وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ. قَالَت
عَائِشَةُ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ
أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَنِي يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ. فَكَرِهْتُ أَنْ
آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ. قَالَت: فقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «ائْذَنِي لَهُ».
قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ
عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ.
٦ - (١٤٤٥)
وحَدَّثَنَاه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنا
مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. جَاءَ أفلح أخو أبي
الْقُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا. بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. وَفِيهِ «فَإِنَّهُ
عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ».
وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْسِ زَوْجَ
الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ.
٧ - (١٤٤٥)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ
عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت: جَاءَ عَمِّي مِنَ
الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ. فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى
أَسْتَأْمِرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: إِنَّ
عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ عَمُّكِ»
قُلْتُ: إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ. قَالَ
«إِنَّهُ عَمُّكِ. فَلْيَلِجْ عليك».
(فليلج عليك عمك) أي فليدخل عليك.
(١٤٤٥) - وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيُّ. حدثنا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). حدثنا هِشَامٌ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ؛ أَنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا. فَذَكَرَ
نَحْوَهُ.
(١٤٤٥) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا أَبُو الْقُعَيْسِ.
٨ - (١٤٤٥)
وحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
قَالَا: أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا ابن جريج عن عطاء. أخبرني عروة ابن
الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ. قَالَت: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ عَمِّي
مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَبُو الْجَعْدِ. فَرَدَدْتُهُ (قَالَ لِي هِشَامٌ: إِنَّمَا
هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ) فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ.
قَالَ:
«فَهَلَّا أَذِنْتِ لَهُ؟ تَرِبَتْ
يَمِينُكِ أو يدك».
٩ - (١٤٤٥)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح.
أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ عَمَّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ يُسَمَّى أَفْلَحَ.
اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ. فَأَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فقَالَ
لَهَا «لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ. فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا
يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ».
١٠ - (١٤٤٥) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ
عِرَاكِ
⦗١٠٧١⦘
بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَت: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ بْنُ قُعَيْسٍ. فَأَبَيْتُ أَنْ
آذَنَ لَهُ. فَأَرْسَلَ: إِنِّي عَمُّكِ. أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي.
فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فذكرت ذلك لَهُ. فقَالَ
«لِيَدْخُلْ عَلَيْكِ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ».
(٣) بَاب تَحْرِيمِ ابْنَةِ الْأَخِ مِنَ
الرَّضَاعَةِ
١١
- (١٤٤٦)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بن حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ
بْنُ الْعَلَاءِ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قالوا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش،
عن سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مالك تَنَوَّقُ فِي قُرَيْشٍ وَتَدعَنْا؟ فقَالَ:
«وَعَنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» قُلْتُ:
نَعَمْ. بِنْتُ حَمْزَةَ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لي.
إنها ابنة أخي من الرضاعة».
(تنوق) أي تختار وتبالغ في الاختيار. تنوق،
بحذف التاء، أي تتنوق. (وعندكم شيء؟) أي وهل عندكم امرأة تليق بي.
(١٤٤٦) - وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ
نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ.
كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
١٢ - (١٤٤٧) وحدثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ.
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ؛ أن النبي ﷺ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ. فقَالَ «إِنَّهَا لَا
تَحِلُّ لِي. إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. وَيَحْرُمُ مِنَ
الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ».
(أريد على ابنة حمزة) أي أرادوا له تزوجه
إياها.
١٣ - (١٤٤٧) وحدثناه زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا
يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ]. ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مِهْرَانَ
الْقُطَعِيُّ. حدثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ. ح وحدثناه أَبُو
بَكْرِ بْنُ أبي شيبة. حدثنا
⦗١٠٧٢⦘
علي بن مسهر عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي
عَرُوبَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ. بِإِسْنَادِ هَمَّامٍ. سَوَاءً. غَيْرَ
أَنَّ حَدِيثَ شُعْبَةَ انْتَهَى عَنْدَ قَوْلِهِ «ابْنَةُ أَخِي مِنَ
الرَّضَاعَةِ». وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ «وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ما
يحرم من النسب». وفي رواية بن بِشْرِ بْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ.
١٤ - (١٤٤٨) وحدثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ
الْأَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ.
أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
مُسْلِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ
بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ
تَقُولُ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيْنَ أَنْتَ؟ يَا رسول الله! عن ابنة حمزة؟
أو قِيلَ: أَلَا تَخْطُبُ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ «إِنَّ
حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ».
(٤) بَاب تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ وَأُخْتِ
الْمَرْأَةِ
١٥
- (١٤٤٩)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أبو أسامة.
أَخْبَرَنا هِشَامٌ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ
أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ. قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟ فقَالَ «أَفْعَلُ
مَاذَا؟» قُلْتُ: تَنْكِحُهَا. قَالَ «أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكِ؟» قُلْتُ: لَسْتُ
لَكَ بِمُخْلِيَةٍ. وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي الْخَيْرِ أُخْتِي. قَالَ
«فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي» قُلْتُ: فَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ
دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ. قَالَ «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي، مَا حَلَّتْ لِي.
إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ.
فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن».
(بمخلبة) اسم فاعل من الإخلاء. أي لست
بمنفرده بك ولا خالية من ضرة. (وأحب من شر كني في الخير أختي) أي أحب من شاركني
فيك وفي صحبتك والانتفاع منك بخيرات الدنيا والآخرة. (لو لم تكن ربيبتي في حجري)
معناه أنها حرام علي بسببين: كونها ربيبة وكونها بنت أخي. فلو فقد أحد السببين
حرمت بالآخر. والربيبة بنت الزوجة. مشتقة من الرب. وهو الإصلاح. لأنه يقوم بأمورها
ويصلح أحوالها. والحجر بفتح الحاء وكسرها.
(١٤٤٩) - وحَدَّثَنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ
سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ. ح
وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. أَخْبَرَنا
زُهَيْرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، سواء.
١٦ - (١٤٤٩) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ
بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ أَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ شِهَابٍ كَتَبَ يَذْكُرُ؛ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ
زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ؛ أَنَّ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ
النَّبِيِّ ﷺ حَدَّثَتْهَا؛ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! انْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَتُحِبِّينَ
ذَلِكِ!» فقَالَت: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ.
وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ، أُخْتِي. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَإِنَّ
ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي». قَالَت: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّا
نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ. قَالَ
«بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟» قَالَت: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ
رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي. إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ
الرَّضَاعَةِ. أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ. فَلَا تَعْرِضْنَ
عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ».
(١٤٤٩) - وحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ
بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ
بْنُ خَالِدٍ. ح وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ.
كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ. بإسناد ابن أبي حبيب عنه. نَحْوَ حَدِيثِهِ. وَلَمْ
يُسَمِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ، عَزَّةَ، غَيْرُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي
حَبِيبٍ.
(٥) بَاب فِي الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَانِ
١٧
- (١٤٥٠)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حرب. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير. حدثنا إِسْمَاعِيل. ح وحدثنا سُوَيْدُ بْنُ
سَعِيدٍ. حدثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (وَقَالَ سُوَيْدٌ
⦗١٠٧٤⦘
وَزُهَيْرٌ: إن النبي ﷺ قال) «لا
تحرم المصة والمصتان».
(المصة والمصتان) المصة المرة الواحدة، من
المص. وبابه قتل وتعب.
١٨ - (١٤٥١) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَمْرٌو
النَّاقِدُ وإسحاق بن إبراهيم. كلهم عَنِ الْمُعْتَمِرِ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى).
أَخْبَرَنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي
الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ. قَالَت:
دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِي. فقَالَ: يَا
نَبِيَّ اللَّهِ! إِنِّي كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا أُخْرَى.
فَزَعَمَتِ امْرَأَتِي الْأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتِي الْحُدْثَى رَضْعَةً
أَوْ رَضْعَتَيْنِ. فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ:
«لَا تُحَرِّمُ الإملاجة والإملاجتان»
قال عمرو في رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ.
(الحدثي) أي الجديدة. وهو تأنيث أحدث.
(الإملاجة) هي المصة. يقال: ملج الصبي أمه وأملجته.
١٩ - (١٤٥١) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ
الْمِسْمَعِيُّ. حدثنا مُعَاذٌ. ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا
مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي
مَرْيَمَ، أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ
الْفَضْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: يَا نَبِيَّ
اللَّهِ! هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ «لَا».
٢٠ - (١٤٥١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أُمَّ
الْفَضْلِ حَدَّثَتْ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوِ
الرَّضْعَتَانِ، أَوِ الْمَصَّةُ أَوِ الْمَصَّتَانِ».
٢١ - (١٤٥١) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ،
عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. أَمَّا إِسْحَاقَ فقَالَ،
كَرِوَايَةِ ابْنِ بِشْرٍ«أَوِ الرَّضْعَتَانِ أَوِ الْمَصَّتَانِ» وَأَمَّا ابْنُ
أَبِي شَيْبَةَ فقَالَ «والرضعتان والمصتان».
٢٢ - (١٤٥١) وحدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ. حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث ابن نَوْفَلٍ، عَنْ أُمِّ
الْفَضْلِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ
والإملاجتان».
٢٣ - (١٤٥١) حدثني أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حدثنا قَتَادَةُ عَنْ
أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ.
سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ: أَتُحَرِّمُ الْمَصَّةُ؟ فقَالَ «لَا».
(٦) بَاب التَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ
٢٤
- (١٤٥٢)
حدثنا يَحْيَى بْنُ يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ
مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ. ثُمَّ نُسِخْنَ:
بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ. فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ
مِنَ الْقُرْآنِ.
(وهن فيما يقرأ) معناه أن النسخ بخمس رضعات
تأخر إنزاله جدا، حتى إنه ﷺ توفي وبعض الناس يقرأ: خمس رضعات. ويجعلها قرآنا
متلوا، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده. فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك
وأجمعوا على أن هذا لا يتلى. والنسخ ثلاثة أنواع: أحدها ما نسخ حكمه وتلاوته كعشر
رضعات: والثاني ما نسخت تلاوته دون حكمه كخمس رضعات، وكالشيخ والشيخة إذا زنيا
فارجموهما. والثالث ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته. وهذا هو الأكثر ومنه قوله تعالى:
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم. الآية.
٢٥ - (١٤٥٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى
(وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ) عَنْ عَمْرَةَ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ
(وَهِيَ تَذْكُرُ الَّذِي يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ) قَالَت عَمْرَةُ: فقَالَت
عَائِشَةُ: نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ
أَيْضًا: خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ.
(١٤٥٢) - وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ
سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ.
بِمِثْلِهِ.
(٧) بَاب رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ
٢٦
- (١٤٥٣)
حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أبي عمر. قالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ؛ قَالَت: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ.
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ
دُخُولِ سَالِمٍ (وَهُوَ حَلِيفُهُ). فقَالَ النَّبِيُّ ﷺ
«أَرْضِعِيهِ» قالت: وكيف أرضع؟
وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ
«قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رجل كبير».
زاد عمرو في حَدِيثِهِ: وَكَانَ قَدْ
شَهِدَ بَدْرًا. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
(سهلة بنت سهيل) اختلف العلماء في هذه
المسألة. فقالت عائشة وداود: تثبت حرمة الرضاع برضاع البالغ، كما تثبت برضاع
الطفل، لهذا الحديث وقال سائر العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى
الأن: لا يثبت إلا بإرضاع من له دون سنتين، إلا أبا حنيفة فقال: سنتين ونصف. واحتج
الجمهور بقوله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم
الرضاع، وبالحديث الذي ذكره مسلم بعد هذا «إنما الرضاعة من المجاعة». وحملوا حديث
سهلة على أنه مختص بها وبسالم. وقد روى مسلم عن أم سلمة وسائر أزواج رسول الله ﷺ
أنهن خالفن عائشة في هذا. (أرضعيه) قال القاضي لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس
ثديها، ولا التقت بشرتاهما. وهذا الذي قاله القاضي حسن. ويحتمل أنه عفي عن مسه
للحاجة، كما خص بالرضاعة مع الكبر.
٢٧ - (١٤٥٣) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ
الثَّقَفِيِّ. قَالَ ابْنُ أبي عمر: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أَيُّوبَ، عَنِ
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى
أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ.
فَأَتَتْ (تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ) النَّبِيَّ ﷺ فقَالَت:
إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ ما يبلغ
الرجال. وعقل ماعقلوا. وإنه يدخل علينا وإن أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي
حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ «أَرْضِعِيهِ
تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ» فَرَجَعَتْ
فقَالَت: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ، فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حذيفة.
٢٨ - (١٤٥٣) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن
نافع. (وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ؛ أَنَّ الْقَاسِمَ
بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَهُ؛
⦗١٠٧٧⦘
أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ
سَهْلَةَ بِنْتَ سهيل بنت عَمْرٍو جَاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَالِمًا
(لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ) مَعَنَا فِي بَيْتِنَا. وَقَدْ بَلَغَ مَا
يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ. قَالَ «أَرْضِعِيهِ
تَحْرُمِي عَلَيْهِ» قَالَ: فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا
أُحَدِّثُ بِهِ وَهِبْتُهُ. ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ
حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ. قَالَ: فَمَا هُوَ؟
فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ: فَحَدِّثْهُ عَنِّي؛ أَنَّ عَائِشَةَ أخبرتنيه.
(قال فمكثت) هذا قول ابن أبي مليكة. (وهبته)
هكذا هو في بعض النسخ: وهبته. من الهيبة وهي الإجلال. وفي بعضها رهبته، بالراء، من
الرهبة. وهي الخوف. وهي بكسر الهاء وإسكان الباء. وضم التاء. وضبطه القاضي وبعضهم.
رهبته. قال القاضي: هو منصوب بإسقاط حرف الجر فيكون التقدير: لا أحدث به أحدا
للرهبة. والضبط الأول أحسن وهو الموافق للنسخ الأخر: وهبته. (ثم لقيت القاسم) عطف
على: فمكثت. فهو من مقول ابن أبي مليكة أيضا.
٢٩ - (١٤٥٣) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن
جَعْفَرٍ. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ
سَلَمَةَ. قَالَت: قَالَت أُمُّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ:
إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ
الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ. قَالَ:
فقَالَت عَائِشَةُ: أَمَا لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُسْوَةٌ؟ قَالَت: إِنَّ
امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ
عَلَيَّ وَهُوَ رَجُلٌ. وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ. فقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«أَرْضِعِيهِ حتى يدخل عليك».
(الأيفع) الذي قارب البلوغ ولم يبلغ. وجمعه
أيفاع. وقد أيفع الغلام ويفع، وهو يافع.
٣٠ - (١٤٥٣) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ
وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ (واللفظ لهارون) قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سَمِعْتُ
حُمَيْدَ بْنَ نَافِعٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ تَقُولُ:
سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ
النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ! مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يَرَانِي
الْغُلَامُ قَدِ اسْتَغْنَى عَنِ الرَّضَاعَةِ. فقَالَت: لِمَ؟ قَدْ جَاءَتْ
سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
⦗١٠٧٨⦘
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! والله!
إني لا أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ قَالَتْ: فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَرْضِعِيهِ» فقَالَت: إِنَّهُ ذُو لِحْيَةٍ. فقَالَ
«أَرْضِعِيهِ يَذْهَبْ مَا فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ».
فقَالَت: وَاللَّهِ! مَا عَرَفْتُهُ
فِي وَجْهِ أبي حذيفة.
(قد استغنى عن الرضاعة) هذه الجملة كالنعت
للغلام.
٣١ - (١٤٥٤) حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ
خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ؛ أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ
أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَتْ
تَقُولُ: أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ
أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ. وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ:
والله! مانرى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً
أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِسَالِمٍ خَاصَّةً. فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ
عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ. وَلَا رَائِينَا.
(أبى سائر) يعني أنهن كلهن خالفن الصديقة في
هذه المسألة وأبين أن يدخل عليهن أحد بمثل رضاعة سالم مولى أبي حذيفة. (فما هو) أي
الأمر والشأن. (أحد) بدل منه.
(٨) بَاب إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ
الْمَجَاعَةِ
٣٢
- (١٤٥٥)
حدثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ
أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قال: قالت عائشة:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَنْدِي
رَجُلٌ قَاعِدٌ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ.
قَالَت فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَت
فقَالَ «انْظُرْنَ إِخْوَتَكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ
المجاعة».
(فاشتد ذلك عليه) أي شق عليه قعود الرجل
عندها. (انظرن إخوتكن) أي تأملن وتفكرن ما وقع من ذلك. هل هو رضاع صحيح بشرطه، من
وقوعه في زمن الرضاعة. فإنما الرضاعة من المجاعة. والمجاعة مفعلة، من الجوع. يعني
أن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة. وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلا يسد
اللبن جوعته.
(١٤٥٥) - وحدثناه محمد بن المثنى وابن بشار.
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن معاذ.
حدثنا أبي. قالا جميعا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. ح وحدثنا
عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ.
كُلُّهُمْ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ. بِإِسْنَادِ أَبِي الْأَحْوَصِ.
كَمَعْنَى حَدِيثِهِ. غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا «مِنَ المجاعة».
(٩) بَاب جَوَازِ وَطْءِ الْمَسْبِيَّةِ
بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كان لها زوج انفسخ ننكاحها بِالسَّبْيِ
٣٣
- (١٤٥٦)
حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ صَالِحٍ، أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ، عن أبي
سعيد الخدري؛ أن رسول الله ﷺ، يَوْمَ حُنَيْنٍ، بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاسَ.
فَلَقُوا عَدُوًّا. فَقَاتَلُوهُمْ. فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ. وَأَصَابُوا لَهُمْ
سَبَايَا. فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَحَرَّجُوا مِنْ
غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عز وجل فِي ذَلِكَ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ﴾ [٤ /النساء/ الآية ٢٤]. أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا
انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ.
(أوطاس) موضع عند الطائف، يصرف ولا يصرف.
(تحرجوا) خافوا الخرج، وهو الإثم من غشيانهن. أي من وطئهن من أجل أنهن زوجات.
والمزوجة لا تحل لغير زوجها. (والمحصنات) المراد بالمحصنات، هنا، المزوجات.
ومعناه: والمزوجات حرام على غير أزواجهن إلا ما ملكتم بالسبي. فإنه ينفسخ نكاح
زوجها الكافر، وتحل لكم إذا انقضى استبراؤها. والمراد بقوله: إذا انقضت عدتهن، أي
استبراؤهن. وهي بوضع الحمل من الحامل، وبحيضة من الحائل.
٣٤ - (١٤٥٦) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بن المثنى وابن بشار. قالوا: حدثنا عبد الْأَعْلَى عَنْ
سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ؛ أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ
الْهَاشِمِيَّ حَدَّثَ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَهُمْ؛
⦗١٠٨٠⦘
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ،
يَوْمَ حُنَيْنٍ، سرية. بمعنى حديث يزيد بْنِ زُرَيْعٍ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْهُنَّ فَحَلَالٌ لَكُمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ:
إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ.
(١٤٥٦) - وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ
الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يعني ا بن الْحَارِثِ). حدثنا شُعْبَةُ عَنْ
قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نحوه.
٣٥ - (١٤٥٦) وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ
الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ بْنُ الْحَارِثِ. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَالَ:
أَصَابُوا سَبْيًا يَوْمَ أَوْطَاسَ.
لَهُنَّ أَزْوَاجٌ. فَتَخَوَّفُوا. فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا ملكت أيمانكم﴾ [٤/النساء/ الآية ٢٤].
(١٤٥٦) - وحدثني يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ.
حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الحارث). حدثنا سعيد عن قتادة، بهذا الإسناد،
نحوه.
(١٠) بَاب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَتَوَقِّي
الشُّبُهَاتِ
٣٦
- (١٤٥٧)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح.
أخبرنا الليث عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَت:
اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي
وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلَامٍ. فقَالَ سَعْدٌ: هَذَا. يَا رَسُولَ
اللَّهِ! ابْنُ أَخِي، عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ
ابْنُهُ. انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي، يَا
رَسُولَ اللَّهِ! وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي. مِنْ وَلِيدَتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ. فقَالَ «هُوَ
لَكَ يَا عَبْدُ. الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ. وَاحْتَجِبِي
مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». قَالَت: فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ.
وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَوْلَهُ «يَا عَبْدُ».
(الولد للفراش وللعاهر الحجر) قال العلماء:
العاهر الزاني. وعهر زنى. وعهرت زنت. والعهر الزنى. ومعنى: له الحجر، أي له
الخيبة، ولا حق له في الولد. وعادة العرب أن تقول: له الحجر، وبقية الأثلب، وهو
التراب، ونحو ذلك يريدون ليس له إلا الخيبة. وقيل: المراد بالحجر، هنا، إنه يرجم
بالحجارة. وهذا ضعيف. لأنه ليس كل زان يرجم، وإنما يرجم المحصن خاصة، لأنه لا يلزم
من رجمه نفى الولد عنه. وأما قوله ﷺ «الولد للفراش» فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة
أو مملوكة صارت فراشا له، فأتت بولد لمدة الإمكان منه، لحقه الولد. وصار ولدا يجري
بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة، سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا.
ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين أمكن اجتماعهما.
(١٤٥٧) - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بن عيينة. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرزاق. أخبرنا معمر. كلاهما عن الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
غَيْرَ أَنَّ مَعْمَرًا وَابْنَ عُيَيْنَةَ، فِي حَدِيثِهِمَا «الْوَلَدُ
لِلْفِرَاشِ» وَلَمْ يَذْكُرَا «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ».
٣٧ - (١٤٥٨) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد.
قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا معمر عن الزهري،
عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ
قَالَ:
«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ
الحجر».
(١٤٥٨) - وحدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ،
وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ؛ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَمْرٌو
النَّاقِدُ. قَالُوا: حدثنا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَمَّا ابْنُ مَنْصُورٍ
فقَالَ: عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَمَّا عَبْدُ الْأَعْلَى فقَالَ:
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ زُهَيْرٌ:
عَنْ سَعِيدٍ أَوْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عَمْرٌو: حدثنا سُفْيَانُ مَرَّةً عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَعِيدٍ وأبي سلمة. وَمَرَّةً عَنْ سَعِيدٍ أَوْ أَبِي سَلَمَةَ. وَمَرَّةً عَنْ
سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ.
(١١) بَاب الْعَمَلِ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ
الْوَلَدَ
٣٨
- (١٤٥٩)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا
اللَّيْثُ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سعيد. حدثنا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَت: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ
عَلَيَّ
⦗١٠٨٢⦘
مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ
وَجْهِهِ. فقَالَ
«أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا
نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. فقَالَ:
إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ لمن بعض».
(تبرق أسارير وجهه) قال أهل اللغة: تبرق أي
تضيء وتستنير من السرور والفرح. والأسارير هي الخطوط التي في الجبهة. واحدها سر
وسرر. وجمعه أسرار. وجمع الجمع أسارير. (أن مجززا) هو من بني مدلج. قال العلماء:
وكانت القيافة فيهم وفي بني أسد. تعترف لهم العرب بذلك. (آنفا) أي قريبا.
٣٩ - (١٤٥٩) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ
وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. (وَاللَّفْظُ
لِعَمْرٍو) قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا. فقَالَ «يَا عَائِشَةُ! أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا
الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ. فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا
قَطِيفَةٌ قد غطيا ررؤسهما. وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا. فقَالَ: إِنَّ هَذِهِ
الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا من بعض».
٤٠ - (١٤٥٩) وحدثناه مَنْصُورُ بْنُ أَبِي
مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
دَخَلَ قَائِفٌ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ
شاهد. وأسامة بن زيد بن حارثة مضطجعان. فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. فسر
بذلك النَّبِيُّ ﷺ وَأَعْجَبَهُ. وَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ.
(وأعجبه) قال القاضي: قال المازري: كانت
الجاهلية تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد؟ وكان زيد أبيض. فلما قضى هذا
القائف بإلحاق نسبه مع اختلاف اللون، وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف - فرح النبي
ﷺ لكونه زاجرا لهم عن الطعن في النسب.
(١٤٥٩) - وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن
وهب. أخبرني يونس. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرزاق. أخبرنا معمر وابن جريج. كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ: وَكَانَ
مُجَزِّزٌ قَائِفًا.
(١٢) بَاب قَدْرِ مَا تَسْتَحِقُّهُ
الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ مِنْ إِقَامَةِ الزَّوْجِ عَنْدَهَا عُقْبَ الزِّفَافِ
٤١
- (١٤٦٠)
حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَيَعْقُوبُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالُوا: حدثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ
بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سلمة؛ أن رسول الله ﷺ لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ
أَقَامَ عَنْدَهَا ثَلَاثًا. وَقَالَ
«إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ
هَوَانٌ. إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ. وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي».
٤٢ - (١٤٦٠) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على
مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عن عبد الملك ابن أَبِي بَكْرِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ
سَلَمَةَ، وَأَصْبَحَتْ عَنْدَهُ قَالَ لَهَا
«لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ.
إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عَنْدَكِ. وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثُمَّ دُرْتُ» قَالَت:
ثلث.
(ليس بك على أهلك هوان) معناه لا يلحقك هوان
ولا يضيع من حقك شيء بل تأخذينه كاملا.
(١٤٦٠) - وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ) عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ إن رسول الله ﷺ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ
سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ.
فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ
بِهِ. لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ».
(١٤٦٠) - وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنا أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، مثله.
٤٣ - (١٤٦٠) حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ (يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ) عَنْ عَبْدِ
الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. ذَكَرَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
تَزَوَّجَهَا. وَذَكَرَ أَشْيَاءَ، هَذَا فِيهِ. قَالَ:
«إِنْ شِئْتِ أَنْ أُسَبِّعَ لَكِ
وَأُسَبِّعَ لِنِسَائِي. وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي».
٤٤ - (١٤٦١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ قَالَ:
إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى
الثَّيِّبِ أَقَامَ عَنْدَهَا سَبْعًا. وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى
الْبِكْرِ أَقَامَ عَنْدَهَا ثَلَاثًا. قَالَ خَالِدٌ: وَلَوْ قُلْتُ: إِنَّهُ
رَفَعَهُ لَصَدَقْتُ. وَلَكِنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ كذلك.
٤٥ - (١٤٦١) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبد
الرزاق. أَخْبَرَنا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي
قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُقِيمَ عَنْدَ الْبِكْرِ
سَبْعًا. قَالَ خَالِدٌ: وَلَوْ شِئْتُ قُلْتُ: رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ.
(١٣) بَاب الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ،
وَبَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةٌ مَعَ
يَوْمِهَا
٤٦
- (١٤٦٢)
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا شبابة بن سوار. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
كَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ تِسْعُ
نِسْوَةٍ. فَكَانَ إِذَا قَسَمَ بَيْنَهُنَّ لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَةِ
الْأُولَى إِلَّا فِي تِسْعٍ. فَكُنَّ يَجْتَمِعْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ
الَّتِي يَأْتِيهَا. فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. فَجَاءَتْ زَيْنَبُ. فَمَدَّ
يَدَهُ إِلَيْهَا. فقَالَت: هَذِهِ زَيْنَبُ. فَكَفَّ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ.
فَتَقَاوَلَتَا حَتَّى اسْتَخَبَتَا. وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ. فَمَرَّ أَبُو
بَكْرٍ عَلَى ذَلِكَ. فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمَا. فقَالَ: اخْرُجْ، يَا رَسُولَ
اللَّهِ! إِلَى الصلاة. واحث في أفواهن التُّرَابَ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ.
فقَالَت عَائِشَةُ: الْآنَ يَقْضِي النَّبِيُّ ﷺ صَلَاتَهُ فَيَجِيءُ أَبُو بَكْرٍ
فَيَفْعَلُ بِي وَيَفْعَلُ. فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ ﷺ صَلَاتَهُ أَتَاهَا أَبُو
بَكْرٍ. فقَالَ لها قولا شديدا. وقال: أتصنعين هذا؟.
(تسع نسوة) هن اللاتي توفي عنهن ﷺ. وهن:
عائشة وحفصة وسودة وزينب وأم سلمة وأم حبيبة وميمونة وجويرية وصفية، رضي الله عنهن.
ويقال: نسوة ونسوة. الكسر أفصح وأشهر
وبه جاء القرآن العزيز. (استخبتا) من السخب، وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها. ويقال
أيضا: صخب، بالصاد، هكذا هو في معظم الأصول. وكذا نقله القاضي عن رواية الجمهور.
(واحث في أفواهن التراب) مبالغة في زجرهن وقطع خصامهن.
(١٤) بَاب جَوَازِ هِبَتِهَا نَوْبَتَهَا
لِضُرَّتِهَا
٤٧
- (١٤٦٣)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عروة، عن
أبيه، عن عائشة. قالت:
ما رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ
إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ. مِنَ
امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ. قَالَت فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا من رسول
الله ﷺ لِعَائِشَةَ. قَالَت يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ
لِعَائِشَةَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ:
يَوْمَهَا، ويوم سودة.
(مسلاخها) المسلاخ هو الجلد. ومعناه أن أكون
أنا هي. (من امرأة) قال القاضي: من هنا للبيان واستفتاح الكلام. (حدة) لم ترد
عائشة عيب سودة بذلك. بل وصفتها بقوة النفس وجودة القريحة، وهي الحدة.
٤٨ - (١٤٦٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ
بْنُ عَامِرٍ. حدثنا زُهَيْرٌ. ح وحدثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى. حدثنا يُونُسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ. حدثنا شَرِيكٌ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ؛
أَنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ، بِمَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ
شَرِيكٍ: قَالَت: وَكَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بَعْدِي.
٤٩ - (١٤٦٤) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ. قَالَت:
كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي
وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَأَقُولُ: وَتَهَبُ الْمَرْأَةُ
نَفْسَهَا؟ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي
إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ [٣٣ /الأحزاب/ الآية
٥١] قَالَت قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يسارع لك في هواك.
(تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي
إِلَيْكَ مَنْ تشاء) ترجي أي تؤخر: وتؤوى أي تضم. يعني تترك مضاجعة من تشاء منهن
وتضاجع من تشاء. أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء. أولا تقسم لأيتهن شئت وتقسم لمن
شئت. أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك وتتزوج من شئت ا هـ. كشاف. (مَا أَرَى
رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ لَكَ فِي هواك) معناه يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور،
ولهذا خيرك.
٥٠ - (١٤٦٤) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة؛ أنها كانت تقول:
أما تستحي امْرَأَةٌ تَهَبُ
نَفْسَهَا لِرَجُلٍ؟ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: ﴿تُرْجِي
⦗١٠٨٦⦘
مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي
إليك من تشاء﴾ [٣٣ /الأحزاب/ الآية ٥١] فَقُلْتُ: إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ لَكَ
فِي هَوَاكَ.
٥١ - (١٤٦٥) حدثنا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ
وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. قَالَ: حَضَرْنَا
مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، بِسَرِفَ.
فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
هَذِهِ زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ. فَإِذَا
رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوا. ولا تزلزلوا. وارفقوا. فإنه كان عند
النبي ﷺ تِسْعٌ. فَكَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ. قَالَ
عَطَاءٌ: الَّتِي لَا يَقْسِمُ لَهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أخطب.
(بسرف) هو مكان بقرب مكة. بينه وبينها ستة
أميال، وقيل سبعة، وقيل تسعة، وقيل اثنا عشر. (نعشها) النعش سرير الميت. ولا يسمى
نعشا إلا وعليه الميت. فإن لم يكن فهو سرير. وميت منعوش، محمول على النعش. (فلا
تزعزعوا) أي لا تقلقلوا. (ولا تزلزلوا) أي ولا تحركوا بالتعجيل. (صفية بنت حيي)
قال العلماء: هو وهم من ابن جريج الراوي عن عطاء. وإنما الصواب: سودة.
٥٢ - (١٤٦٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ
وَعَبْدُ بْنُ حميد. جميعا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. وَزَادَ: قَالَ عَطَاءٌ:
كَانَتْ آخِرَهُنَّ مَوْتًا. مَاتَتْ
بِالْمَدِينَةِ.
(١٥) بَاب اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ ذَاتِ
الدِّينِ
٥٣
- (١٤٦٦)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ
«تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ:
لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا. فَاظْفَرْ بذات الدين
تربت يداك».
(تنكح المرأة لأربع) الصحيح في معنى هذا
الحديث أن النبي ﷺ أخبر بما يفعله الناس في العادة. فإنهم يقصدون هذه الخصال
الأربع. وآخرها عندهم ذات الدين. فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين. لا أنه أمر
بذلك. (لحسبها) قال شمر: الحسب الفعل الجميل للرجل وآبائه. (تربت يداك) ترب الرجل
إذا افتقر، أي لصق بالتراب. وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها
الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به. والمراد بها الحث والتحريض.
٥٤ - (٧١٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي
سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فِي عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَلَقِيتُ النَّبِيَّ ﷺ فقَالَ «يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ؟»
قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ «بِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟» قُلْتُ: ثَيِّبٌ. قَالَ «فَهَلَّا
بِكْرًا تُلَاعِبُهَا؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ.
فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ. قَالَ «فَذَاكَ إِذَنْ. إِنَّ
الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا. فَعَلَيْكَ
بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».
(١٦) بَاب اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ الْبِكْرِ
٥٥
- (٧١٥)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة عن
مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً. فَقَالَ لِي
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هَلْ تَزَوَّجْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ «أَبِكْرًا أَمْ
ثَيِّبًا؟» قُلْتُ: ثَيِّبًا. قَالَ «فَأَيْنَ أَنْتَ مِنَ الْعَذَارَى
وَلِعَابِهَا؟». قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. فقَالَ:
قَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ جَابِرٍ. وَإِنَّمَا قَالَ «فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا
وتلاعبك؟».
(فأين أنت من العذارى ولعابها) بالكسر وهو من
الملاعبة. مصدر لاعب ملاعبة، كقاتل مقاتلة. والعذارى أي الأبكار. جمع عذراء.
ومعناها ذات عذرة. وعذرة الجارية بكارتها.
٥٦ - (٧١٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ (أَوَ قَالَ: سَبْعَ)
فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا جَابِرُ
تَزَوَّجْتَ؟» قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ «فَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟» قَالَ
قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ. يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «فَهَلَّا جَارِيَةً
تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ» (أَوَ قَالَ: تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ) قَالَ
قُلْتُ لَهُ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ (أَوْ سَبْعَ)
وَإِنِّي كَرِهْتُ
⦗١٠٨٨⦘
أَنْ آتِيَهُنَّ أَوْ أَجِيئَهُنَّ
بِمِثْلِهِنَّ. فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ
وَتُصْلِحُهُنَّ. قَالَ «فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ» أَوَ قَالَ لِي خَيْرًا. وَفِي
رِوَايَةِ أبي الربيع «تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحك».
(عبد الله) يريد أباه. مات شهيدا يوم أحد.
(هلك) الهلاك بمعنى الموت. لا يقصد به، في كل موقع، الذم. قال تعالى في يوسف
النبي: حتى إذا هلك. الآية.
(٧١٥) - وحدثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حدثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ
لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟» وَسَاقَ
الْحَدِيثَ. إِلَى قَوْلِهِ: امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ.
قَالَ «أصبت» ولم يذكر ما بعده.
(تمشطهن) أن تسرحهن.
٥٧ - (٧١٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سيار، عن الشعبي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي
غَزَاةٍ. فَلَمَّا أَقْبَلْنَا تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ.
فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ خَلْفِي. فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنْزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ.
فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجْوَدِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الْإِبِلِ. فَالْتَفَتُّ
فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ «مَا يُعْجِلُكَ يَا جَابِرُ؟»
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. فقَالَ «أَبِكْرًا
تَزَوَّجْتَهَا أَمْ ثَيِّبًا؟» قَالَ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا. قَالَ «هَلَّا
جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟». قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ
ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ. فقال «أمهلوا حتى ندخل ليلا (أي عشاء) كَيْ تَمْتَشِطَ
الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ». قَالَ: وَقَالَ «إذا قدمت فالكيس! الكيس!».
(قطوف) أي بطيء المشي. (بعنزة) هي عصا نحو
نصف الرمح. في أسفلها زج، أي حديدة. (الشعثة) هي المرأة المتفرقة شعر رأسها، أي
لتتزين هي لزوجها. (وتستحد المغيبة) الاستحداد استعمال الحديدة في شعر العانة. وهو
إزالته بالموس. والمراد هنا إزالته كيف كانت. والمغيبة هي التي غاب عنها زوجها.
وإن حضر زوجها فهي مشهد، بغير هاء. (الكيس! الكيس!) قال ابن الأعرابي: الكيس
الجماع. والكيس العقل. والمراد حثه على ابتغاء الولد.
(٧١٥) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَجِيدِ
الثَّقَفِيَّ). حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي
غَزَاةٍ. فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي. فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فقَالَ لِي
«يَا جَابِرُ!» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: أَبْطَأَ بِي
جَمَلِي وَأَعْيَا فَتَخَلَّفْتُ فَنَزَلَ فَحَجَنَهُ بِمِحْجَنِهِ. ثُمَّ قَالَ
«ارْكَبْ» فَرَكِبْتُ. فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
فقَالَ: «أَتَزَوَّجْتَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ. فقَالَ «أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟»
فَقُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ. قَالَ: «فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟»
قُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ. فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً
تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ. قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ
قَادِمٌ. فَإِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ! الْكَيْسَ!». ثُمَّ قَالَ «أَتَبِيعُ
جَمَلَكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ. ثُمَّ قَدِمَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ. فَجِئْتُ الْمَسْجِدَ فَوَجَدْتُهُ
عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ. فقَالَ: «الْآنَ حِينَ قَدِمْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «فَدَعْ جَمَلَكَ وَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» قَالَ: فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ
ثُمَّ رَجَعْتُ. فَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَزِنَ لِي أُوقِيَّةً. فَوَزَنَ لِي
بِلَالٌ. فَأَرْجَحَ فِي الْمِيزَانِ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ. فَلَمَّا وَلَّيْتُ
قَالَ «ادْعُ لِي جَابِرًا» فَدُعِيتُ. فَقُلْتُ: الْآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ
الْجَمَلَ. وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ. فقَالَ: «خذ جملك. ولك
ثمنه».
(وأعيا) معناه عجز عن السير. (فحجنه بمحجنه)
المحجن عصا فيها تعقف يلتقط بها الراكب ما سقط منه. (فلقد رأيتني أكفه) أي رأيت
نفسي أمنع البعير عن بعير رسول الله ﷺ حتى لا يتقدم عليه بالسبق في السير.
٥٨ - (٧١٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الأعلى.
حدثنا المعتمر. قال: سمعت أبي. حدثنا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ. قَالَ:
كُنَّا فِي مَسِيرٍ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ. إِنَّمَا هُوَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ. قَالَ
فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. أَوَ قَالَ نَخَسَهُ. (أُرَاهُ قَالَ) بِشَيْءٍ
كَانَ مَعَهُ. قَالَ: فَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَقَدَّمُ النَّاسَ يُنَازِعَنِي
حَتَّى إِنِّي لِأَكُفُّهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أتبيعينه بِكَذَا
وَكَذَا؟ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ» قَالَ قُلْتُ: هو لك. يا نبي الله! قال:
«أتبيعينه بِكَذَا وَكَذَا؟ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ» قَالَ قُلْتُ:
⦗١٠٩٠⦘
هُوَ لَكَ. يَا نَبِيَّ اللَّهِ!
قَالَ: وَقَالَ لِي. «أَتَزَوَّجْتَ بَعْدَ أَبِيكَ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ:
«ثَيِّبًا أَمْ بِكْرًا؟».
قَالَ قُلْتُ: ثَيِّبًا. قَالَ:
«فَهَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا، وَتُلَاعِبُكَ
وَتُلَاعِبُهَا؟». قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَكَانَتْ كَلِمَةً يَقُولُهَا
الْمُسْلِمُونَ. افعل كذا وكذا. والله يغفر لك.
(وأنا على ناضح) الناضح هو البعير الذي يستقي
عليه.
(١٧) بَاب خَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا
الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ
٦٤
- (١٤٦٧)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ. حدثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ. حدثنا حَيْوَةُ. أَخْبَرَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ
شَرِيكٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيّ يُحَدِّثُ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«الدُّنْيَا مَتَاعٌ. وَخَيْرُ
مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ».
(١٨) بَاب الْوَصِيَّةِ بِالنِّسَاءِ
٦٥
- (١٤٦٨)
وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن
شِهَابٍ. حَدَّثَنِي ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رسول
الله ﷺ:
«إِنَّ الْمَرْأَةَ كَالضِّلَعِ.
إِذَا ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا. وَإِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا
وَفِيهَا عِوَجٌ».
(كالضلع) هي واحد الأضلاع: وهي عظام الجنبين.
ووجهه الشبه الاعوجاج. قال أهل اللغة: الضلع أنثى. والمشهور في لامها الفتح، وقد
تسكن. (عوج) ضبطه بعضهم هنا بفتح العين. وضبطه بعضهم بكسرها. ولعل الفتح أكثر.
وضبطه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر وآخرون بالكسر. وهو الأرجح. على ما سننقله عن
أئمة اللغة، إن شاء الله تعالى. قال أهل اللغة: العوج، بالفتح، في كل منتصب
كالحائط والعود وشبهه. وبالكسر ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين. ويقال: فلان
في دينه عوج، بالكسر. هذا كلام أهل اللغة. قال صاحب المطالع: قال أهل اللغة: العوج،
بالفتح، في كل شخص مرئي. وبالكسر فيما ليس بمرئي، كالرأي والكلام.
(١٤٦٨) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عَنِ ابْنِ أَخِي
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ سَوَاءً.
٥٩ - (١٤٦٨) حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر.
(واللفظ لابن أبي عمر) قالا: حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
قال: قال رسول الله ﷺ:
«إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ
ضِلَعٍ. لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ. فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا
اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ. وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا.
وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا».
٦٠ - (١٤٦٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي ﷺ قال:
«من كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ
لِيَسْكُتْ. وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ. فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ
ضِلَعٍ. وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ. إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ
كَسَرْتَهُ. وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ. اسْتَوْصُوا بالنساء خيرا».
(وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) يعني أنها
خلقت من أعوج أجزاء الضلع، فلا يتهيأ الانتفاع بها إلا بالصبر على تعوجها.
٦١ - (١٤٦٩) وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى
الرَّازِيُّ. حدثنا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ). حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ
جَعْفَرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
«لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً.
إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوَ قَالَ «غَيْرَهُ».
(لا يفرك مؤمن مؤمنة) قال أهل اللغة: فركه
يفركه، إذا أبغضه. والفرك البغض.
(١٤٦٩) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ.
حدثنا عِمْرَانُ بن أبي أنس عن عمر بن الحكم، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
بِمِثْلِهِ.
(١٩) بَاب لَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ
أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ
٦٢
- (١٤٧٠)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ.
أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا يُونُسَ، مَوْلَى أَبِي
هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُ عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قَالَ:
«لَوْلَا حَوَّاءُ، لَمْ تخن أنثى
زوجها، الدهر».
(لَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى
زَوْجَهَا الدَّهْرَ) أي لولا أن حواء خانت آدم في إغرائه وتحريضه على مخالفة
الأمر بتناول الشجرة، وسنت هذه السنة، لما سلكتها أنثى مع زوجها. وانتصاب الدهر
على الظرفية، أي أبدا.
٦٣ - (١٤٧٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ
أَحَادِيثَ. مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، لَمْ
يَخْبُثِ الطَّعَامُ. وَلَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ. وَلَوْلَا حَوَّاءُ، لَمْ تَخُنْ
أنثى زوجها، الدهر».
(ولم يخنز اللحم) يخنز، بفتح النون وكسرها.
ومصدره الخنز والخنوز، وهو إذا تغير وأنتن. قال العلماء: معناه أن بني إسرائيل لما
أنزل الله عليهم المن والسلوى نهوا عن ادخارهما، فادخروا ففسد وأنتن. واستمر من
ذلك الوقت.