recent
آخر المقالات

١٨ - كتاب الطلاق

 

(١) - بَاب تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَأَنَّهُ لَوْ خَالَفَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيُؤْمَرُ بِرَجْعَتِهَا
١ - (١٤٧١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا. ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ. ثُمَّ تَحِيضَ. ثُمَّ تَطْهُرَ. ثُمَّ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ. فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».


(١٤٧١) - حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْح (واللَّفْظُ لِيَحْيَى). (قَالَ قُتَيْبَةُ: حدثنا لَيْثٌ. وَقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ) عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ. ثُمَّ تَحِيضَ عَنْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى. ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا. فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا. فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ لِأَحَدِهِمْ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ

١٠٩٤
مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَنِي بهذا. وإن كانت طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ. وَعَصَيْتَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ. قَالَ مُسْلِم: جَوَّدَ اللَّيْثُ فِي قوله: تطليقة واحدة.


(أما أنت طلقت امرأتك) أما هذه مركبة من أن المصدرية وما الزائدة. وفيه حذف كان وإبقاء اسمها وخبرها. وما عوض عنها. والأصل: أن كنت طلقت. فحذفت كان فانفصل الضمير المتصل بها وهو التاء. فصار: أن أنت طلقت. ثم أتي بما عوضا عن كان. فصار أن ما. فأدغمت النون في الميم. ومثله قول الشاعر: أبا خراشة أما أنت ذا نفر .. البيت وقال النووي: وأما قوله: أما أنت فقال القاضي عياض رضي الله عنه: هذا مشكل. قال قيل إنه بفتح الهمزة من أما أي أما إن كنت فحذفوا الفعل الذي يلي إن، وجعلوا ما عوضا عن الفعل وفتحوا أن وأدغموا النون في ما وجاءوا بأنت مكان العلامة في كنت. ويدل عليه قوله بعده: وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ. (قال مسلم: جود الليث) يعني أنه حفظ وأتقن قدر الطلاق الذي لم يتقنه غيره ولم يهمله كما أهمله غيره. ولا غلط فيه وجعله ثلاثا كما غلط فيه غيره. وقد تظاهرت روايات مسلم بأنها تطليقة واحدة.

٢ - (١٤٧١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
طَلَّقْتُ امْرَأَتِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ حَائِضٌ. فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ:
«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا. ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ. ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى. فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا. أَوْ يُمْسِكْهَا. فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ». قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا صَنَعَتِ التَّطْلِيقَةُ؟ قَالَ: وَاحِدَةٌ اعتد بها.

(١٤٧١) - وحدثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ لِنَافِعٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى فِي رِوَايَتِهِ: فَلْيَرْجِعْهَا. وقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فليراجعها.

٣ - (١٤٧١) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا إِسْمَاعِيل عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى. ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ. ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا. فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. قَالَ:
فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ يَقُولُ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ. إن رسول الله ﷺ أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا. ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى. ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ. ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا. وَأَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا. فَقَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ فِيمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ. وَبَانَتْ مِنْكَ.

٤ - (١٤٧١) حَدَّثَنِي عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حدثنا مُحَمَّدٌ (وَهُوَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ) عَنْ عَمِّهِ. أَخْبَرَنا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِض. فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ ﷺ. فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ قَالَ:
«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا. حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً، سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا. فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِهَا. قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا. فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ». وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً. فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا. وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أمره رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

(١٤٧١) - وحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنا يَزِيدُ بْنُ عبدربه. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَاجَعْتُهَا. وَحَسَبْتُ لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طلقتها.

٥ - (١٤٧١) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ. (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرِ) قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، (مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ) عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حائض. فذكر ذلك عمر للنبي ﷺ. فقَالَ:
«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا. ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا».

٦ - (١٤٧١) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ (وهو ابن بلال). حدثني عبد الله ابن دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فقَالَ:
«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ. ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى. ثُمَّ تَطْهُرَ. ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ، أَوْ يُمْسِكُ».

٧ - (١٤٧١) وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. قَالَ: مَكَثْتُ عِشْرِينَ سَنَةً يُحَدِّثُنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَهِيَ حَائِضٌ. فَأُمِرَ

١٠٩٦
أَنْ يُرَاجِعَهَا. فَجَعَلْتُ لَا أَتَّهِمُهُمْ، وَلَا أَعْرِفُ الْحَدِيثَ، حَتَّى لَقِيتُ أَبَا غَلَّابٍ، يُونُسَ بْنَ جُبَيْرٍ الْبَاهِلِيَّ. وَكَانَ ذَا ثَبَتٍ. فَحَدَّثَنِي؛ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ. فَحَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ. فَأُمِرَ أَنْ يَرْجِعَهَا. قَالَ قُلْتُ: أَفَحُسِبَتْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فمه. أو إن عجز واستحمق؟.


(ذا ثبت) أي متثبتا. (فمه) يحتمل أن يكون للكف والزجر عن هذا القول. أي لا تشك في وقوع الطلاق واجزم بوقوعه. وقال القاضي: المراد بمه ما. فيكون استفهاما. أي فما يكون إن لم أحتسب بها. فأبدل من الألف هاء. كما قالوا في مهما، إن أصلها ما ما. أي أي شيء. (أو إن عجز واستحمق) معناه: أفيرتفع عنه الطلاق وإن عجز واستحمق. وهو استفهام إنكار. وتقديره: نعم. تحسب ولا يمتنع احتسابها لعجزه وحماقته. قال القاضي: أي إن عجز عن الرجعة وفعل فعل الأحمق. والقائل لهذا القول هو ابن عمر صاحب القصة وأعاد الضمير بلفظ الغيبة.

(١٤٧١) - وحدثناه أبو الربيع وقتيبة قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ. فأمره.

٨ - (١٤٧١) وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:
فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وقال: «يطلقها في قبل عدتها».


(في قبل) أي في وقت تستقبل فيه العدة، وتشرع فيها.

٩ - (١٤٧١) وحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ:
رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فقَالَ: أَتَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ؟ فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَهُ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا. ثُمَّ تَسْتَقْبِلَ عِدَّتَهَا. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، أَتَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ فقَالَ: فَمَهْ. أَوَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟.

١٠ - (١٤٧١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شعبة عن قتادة. قال: سمعت يونس ابن جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ. فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لِيُرَاجِعْهَا. فَإِذَا طَهُرَتْ، فَإِنْ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا». قَالَ فَقُلْتُ لِابْنِ عمر أفحتسبت بِهَا؟ قَالَ: مَا يَمْنَعُهُ. أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ واستحمق؟.

١١ - (١٤٧١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يحيى. أخبرنا خالد بن عبد الله عن عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَ؟ فقَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ. فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ. فقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا. فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا لِطُهْرِهَا» قَالَ: فَرَاجَعْتُهَا ثُمَّ طَلَّقْتُهَا لِطُهْرِهَا. قُلْتُ: فَاعْتَدَدْتَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ الَّتِي طَلَّقْتَ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: مَا لِيَ لَا أَعْتَدُّ بِهَا؟ وَإِنْ كُنْتُ عَجَزْتُ واستحمقت.

١٢ - (١٤٧١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:
طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ. فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ. فقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا. ثُمَّ إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا» قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَفَاحْتَسَبْتَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ قال: فمه.

(١٤٧١) - وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. ح وحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. حدثنا بَهْزٌ. قَالَا: حدثنا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا «لِيَرْجِعْهَا». وَفِي حَدِيثِهِمَا: قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَتَحْتَسِبُ بِهَا؟ قَالَ: فَمَهْ.

١٣ - (١٤٧١) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني ابن طاوس عن أَبِيهِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فقَالَ: أَتَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ؟

١٠٩٨
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا. فَذَهَبَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا. قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ يَزِيدُ عَلَى ذلك (لأبيه).


(لم أسمعه يزيد على ذلك لأبيه) قوله لأبيه معناه أن ابن طاوس قال لم أسمعه، أي لم أسمع أبي طاوس يزيد على هذا القدر من الحديث. والقائل: لأبيه، هو ابن جريج. وأراد تفسير الضمير في قول ابن طاوس: لم أسمعه. واللام زائدة. فمعناه يعني أباه. ولو قال: يعني أباه، لكان أوضح.

١٤ - (١٤٧١) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن محمد. قال: قال ابن جريج. أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع عبد الرحمن ابن أَيْمَنَ (مَوْلَى عَزَّةَ) يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ؟ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ ذَلِكَ. كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فقَالَ:
طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ الله ﷺ؟ فقال: إن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حائض. فقال له النبي الله ﷺ: «ليراجعها». فردهاوقال: «إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ: ﴿يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عدتهن﴾ [٦٥ / الطلاق / الآية ١].


(قبل عدتهن) هذه قراءة ابن عباس وابن عمر. وهي شاذة لا تثبت قرآنا بالإجماع. ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققي الأصوليين.

(١٤٧١) - وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حدثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ.

(١٤٧١) - وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ (مَوْلَى عُرْوَةَ) يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ؟ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ. بِمِثْلِ حَدِيثِ حَجَّاجٍ. وَفِيهِ بَعْضُ الزِّيَادَةِ.
قَالَ مُسْلِم: أَخْطَأَ حَيْثُ قَالَ: عُرْوَةَ. إِنَّمَا هُوَ مَوْلَى عزة.

(٢) بَاب طَلَاقِ الثَّلَاثِ
١٥ - (١٤٧٢) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. (وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ) (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق). أخبرنا معمر عن ابن طاوس، عن أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً. فقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ. فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ! فأمضاه عليهم.


(أناة) أي مهلة وبقية استمتاع لانتظار المراجعة. (فلو أمضيناه عليهم) أي فليتنا أنفذنا عليهم ما استعجلوا فيه. فهذا كان منه تمنيا، ثم أمضى ما تمناه. أو المعنى فلو أمضيناه عليهم لما فعلوا ذلك الاستعجال.

١٦ - (١٤٧٢) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ. ح وحدثنا ابْنُ رَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
أَتَعْلَمُ أَنَّمَا كَانَتِ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ، وَثَلَاثًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؛ فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نعم.

١٧ - (١٤٧٢) وحدثنا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ؛ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَاتِ مِنْ هَنَاتِكَ. أَلَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً؟ فقَالَ:
قَدْ كَانَ ذَلِكَ. فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ تَتَايَعَ النَّاسُ في الطلاق. فأجازه عليهم.


(هات من هناتك) المراد بهناتك أخبارك وأمورك المستغربة. (تتايع) هذه رواية الجمهور. وضبطه بعضهم بالموحدة، أي تتايع. وهما بمعنى. ومعناه أكثروا منه وأسرعوا إليه. لكن تتايع إنما يستعمل في الشر. وتتايع يستعمل في الخير والشر. فالمشاة، أي تتايع، هنا أجود.

(٣) بَاب وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ
١٨ - (١٤٧٣) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ (يَعْنِي الدَّسْتَوَائِيَّ) قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه كَانَ يَقُولُ، فِي الْحَرَامِ: يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [٣٣/الأحزاب/ ٢١].

١٩ - (١٤٧٣) حدثنا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ. (يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ؛ أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَقَالَ:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة.

٢٠ - (١٤٧٤) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يُخْبِرُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عائشة تخبر النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَمْكُثُ عَنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَيَشْرَبُ عَنْدَهَا عَسَلًا. قالت؛ فتواطيت أنا وحفصة؛ أن أيتنا مادخل عَلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ فَلْتَقُلْ؛ إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ. أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فقَالَت ذَلِكَ لَهُ. فقَالَ:
«بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عَنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ» فَنَزَلَ: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أحل الله لك﴾ [٦٦ /التحريم/ ١]

١١٠١
إلى قوله: إن تتوبا (لعائشة وحفصة) [٦٦ / التحريم / ٤] وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا (لقوله: بل شربت عسلا) [٦٦/التحريم/ ٣].


(فتواطيت) هكذا هو في النسخ: فتواطيت. وأصله تواطأت، بالهمز، أي اتفقت. (مغافير) هو جمع مغفور. وهو صمغ حلو كالناطف وله رائحة كريهة ينضحه الشجر يقال له: العرفط يكون بالحجاز. وقيل: إن العرفط نبات له ورقة عريضة تفترش على الأرض. له شوكة حجناء وثمرة بيضاء كالقطن. مثل زر القميص. خبيث الرائحة قال أهل اللغة: العرفط من شجر العضاه، وهو شجر له شوك. وقيل: رائحته كرائحة النبيذ. وكان النبي ﷺ يكره أن توجد منه رائحة كريهة. (لم تحرم ما أحل الله لك) هذا ظاهر أن الآية نزلت في سبب ترك العسل. وفي كتب الفقه إنها نزلت في تحريم مارية. قال القاضي: اختلف في سبب نزولها. فقالت عائشة: في قصة العسل. وعن زيد بن أسلم؛ أنها نزلت في تحريم مارية، جاريته، وحلفه أن لا يطأها. قال: ولا حجة فيه لمن أوجب بالتحريم كفارة محتجا بقوله تعالى: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم. لما روى أنه ﷺ قال: والله! لا أطؤها. ثم قال: هي علي حرام. وروى مثل ذلك من حلفه على شربة العسل وتحريمه ذكره ابن المنذر. وفي رواية البخاري. لن أعود له. وقد حلفت أن لا تخبري بذلك أحدا. وقال الطحاوي: قال النبي ﷺ، في شرب العسل: لن أعود إليه أبدا. ولم يذكر يمينا. لكن قوله تعالى؛ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم - يوجب أن يكون قد كان هناك يمين. قلت: ويحتمل أن يكون معنى الآية؛ قد فرض الله عليكم في التحريم كفارة يمين وهكذا يقدره الشافعي وأصحابه وموافقوهم. قال القاضي؛ ذكر مسلم في حديث حجاج عن ابن جريج أن التي شرب عندها هي زينب وأن المتظاهرتين عليه عائشة وحفصة. وكذلك ثبت في حديث عمر بن الخطاب وابن عباس أن المتظاهرتين عائشة وحفصة، رضي الله عنهما. وذكر مسلم أيضا من رواية أبي أسامة عن هشام أن حفصة هي التي شرب العسل عندها وأن عائشة وسودة وصفية هن اللواتي تظاهرن عليه. قال: والأول أصح. قال النسائي؛ إسناد الحديث حجاج صحيح، جيد غاية، وقال الأصيلي؛ حديث حجاج أصح، وهو أولى بظاهر كتاب الله تعالى وأكمل فائدة يريد قوله تعالى: وإن تظاهرا عليه. فهما اثنتان لا ثلاث. وأنهما عائشة وحفصة، كما قال فيه. وكما اعترف به عمر رضي الله عنه وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى. كما أن الصحيح في سبب نزول الآية إنها في قصة العسل، لا في قصة مارية، المروى في غير الصحيحين. ولم تأتي قصة مارية من طريق صحيح وقال النسائي: اسناد حديث عائشة في العسل جيد، صحيح غاية. هذا أخر كلام القاضي. ثم قال القاضي بعد هذا: الصواب أن شرب العسل كان عند زينب. (لعائشة وحفصة) يريد أن المراد باللتين تواطأتا، وحكى في الآية تظاهرهما على النبي ﷺ هما الصديقة وحفصة رضي الله تعالى عنهما. (بل شربت عسلا) يريد أن المراد بالسر المحكى في الكتاب العزيز هو تحريمه ﷺ العسل على نفسه. قال القاضي؛ فيه أختصار وتمامه: ولن أعود إليه، وقد حلفت أن لا تخبري بذلك أحدا. كما رواه البخاري.

٢١ - (١٤٧٤) حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ. فَكَانَ، إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ، دَارَ عَلَى نِسَائِهِ. فَيَدْنُو مِنْهُنَّ. فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَاحْتَبَسَ عَنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ. فَسَقَتْ رسول الله ﷺ

١١٠٢
منه شَرْبَةً. فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ! لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ. وَقُلْتُ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ. فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أكلت مغافير؟ فإنه سقول لَكِ: لَا. فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيح. (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ) فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ. فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. وَسَأَقُولُ ذَلِكِ لَهُ. وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ. قَالَت تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إلا هو! لقد كدت أنا أُبَادِئَهُ بِالَّذِي قُلْتِ لِي. وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ، فَرَقًا مِنْكِ. فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: «لَا» قَالَت: فَمَا هَذِهِ الرِّيح؟ قَالَ: «سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ» قَالَت: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ دَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فقَالَت بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: «لَا حَاجَةَ لِي بِهِ». قَالَت تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ! لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قَالَت قلت لها: اسكتي.


(يحب الحلواء والعسل) قال العلماء: المراد بالحلواء، هنا، كل شيء حلو. وذكر العسل بعدها تنبيها على شرفه ومزيته. وهو من باب ذكر الخاص بعد العام. وفيه جواز أكل لذيذ الأطعمة والطيبات من الرزق. وأن ذلك لا ينافي الزهد والمراقبة، لا سيما إذا حصل اتفاقا. (عكة من عسل) قال الجوهري: العكة آنية السمن. وفسرها ابن حجر، في مقدمة الفتح، بالفربة الصغيرة. (لنحتالن له) أي لنطلبن له الحيلة، وهي الحذق في تدبير الأمور، وتقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود. (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من إدراج عروة في كلام الصديقة. (جرست نحلة العرفط) أي رعت نحل هذا العسل، الذي شربته. يقال: جرست النحل تجرس جرسا، إذا أكلت لتعسل. ويقال للنحل: جوارس والعرفط مفعول جرست. وهو شجر ينضح الصمغ المعروف بالمغافير. أي لكونها رعته وأخذت منه، حصلت هذه الرائحة. (أبادئه) أي أبدأه وأناديه وهو لدى الباب. (فرقا منك) معناه خوفا من لومك. وهو مفعول له، لفعل المقاربة، وهو: كدت. (حرمناه) هو بتخفيف الراء، أي منعناه منه. يقال منه: حرمته وأحرمته. والأول أفصح.

(١٤٧٤) - قال أبو إسحاق إبراهيم. حدثنا الحسن بن بشر بن القاسم. ححدثنا أَبُو أُسَامَةَ، بِهَذَا، سَوَاءً. وحَدَّثَنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مسهر عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد، ونحوه.


(قال أبو إسحاق إبراهيم) معناه أن إبراهيم بن سفيان، صاحب مسلم، ساوى مسلما في إسناد هذا الحديث. فرواه عن واحد عن أبي أسامة. كما رواه مسلم عن واحد عن أبي أسامة. فعلا برجل.

(٤) بَاب بَيَانِ أَنَّ تَخْيِيرَ امْرَأَتِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ
٢٢ - (١٤٧٥) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. حدثنا ابْنُ وَهْبٍ. ح وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَت:
لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي. فقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا. فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ» قَالَت: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. قَالَت: ثُمَّ قَالَ: إن الله عز وجل قال: ﴿يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [٣٣ /الأحزاب/ ٢٨ و٢٩] قال فَقُلْتُ: فِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. قَالَت: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مثل ما فعلت.


(بدأ بي) إنما بدأ بي لفضيلتها. (فلا عليك أن لا تعجلي) معناه لا يضرك أن لا تعجلي في الجواب، ولا بأس عليك.

٢٣ - (١٤٧٦) حدثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. حدثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عائشة. قالت: كان رسول الله ﷺ يَسْتَأْذِنُنَا. إِذَا كَانَ فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا. بَعْدَ مَا نَزَلَتْ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [٣٣ /الأحزاب/ ٥١] فقالت له مُعَاذَةُ: فَمَا كُنْتِ تَقُولِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذَا اسْتَأْذَنَكِ؟ قَالَت: كُنْتُ أَقُولُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَيَّ لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا عَلَى نَفْسِي.

(١٤٧٦) - وحدثناه الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٢٤ - (١٤٧٧) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَت عَائِشَةُ: قَدْ خَيَّرَنَا رسول الله ﷺ فلم نعده طلاقا.

٢٥ - (١٤٧٧) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ: مَا أُبَالِي خَيَّرْتُ امْرَأَتِي وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً أَوْ أَلْفًا. بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي. وَلَقَدْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فقَالَت: قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَفَكَانَ طَلَاقًا؟.

٢٦ - (١٤٧٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. حدثنا شعبة عن عاصم، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة؛ أن رسول الله ﷺ خير نسائه. فَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا.

٢٧ - (١٤٧٧) وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبد الرحمن عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ وَإِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَاخْتَرْنَاهُ. فَلَمْ يَعُدَّهُ طَلَاقًا.

٢٨ - (١٤٧٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وأبو كريب (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية) عن الأعمش، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاخْتَرْنَاهُ. فَلَمْ يَعْدُدْهَا عَلَيْنَا شَيْئًا.

(١٤٧٧) - وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حدثنا إِسْمَاعِيل بْنُ زَكَرِيَّاءَ. حدثنا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. بِمِثْلِهِ.

٢٩ - (١٤٧٨) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاق. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ. لَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ. قَالَ: فَأُذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ. فَدَخَلَ. ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ. فَوَجَدَ النَّبِيَّ ﷺ جَالِسًا، حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ. وَاجِمًا سَاكِتًا. قَالَ فقَالَ: لَأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النَّبِيَّ ﷺ.

١١٠٥
فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ! سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عَنْقَهَا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ:»هُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى. يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عَنْقَهَا. فَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عَنْقَهَا. كِلَاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا لَيْسَ عَنْدَهُ. فَقُلْنَ: وَاللَّهِ! لَا نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عَنْدَهُ. ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ. ثُمَّ نَزَلَتْ عليه هذه الآية: ﴿يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ، حَتَّى بَلَغَ، لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أجرا عظيما﴾. قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ. فقَالَ: «يَا عَائِشَةُ! إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ». قَالَت: وَمَا هُوَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَتَلَا عَلَيْهَا الْآيَةَ. قَالَت: أَفِيكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَسْتَشِيرُ أَبَوَيَّ؟ بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نساءك بِالَّذِي قُلْتُ. قَالَ: «لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَخْبَرْتُهَا. إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنْتًا ولا متعنتا. ولكن بعثني معلما ميسرا».


(واجما) قال أهل اللغة: هو الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام. (فوجأت عنقها) أي طعنت. والعنق الرقبة. وهو مذكر. والحجاز تؤنث. والنون مضمومة للاتباع، في لغة الحجاز. وساكنة في لغة تميم. قاله في المصباح. (معنتا ولا متعنتا) أي مشددا على الناس وملزما إياهم ما يصعب عليهم. ولا متعنتا أي طالبا زلتهم. وأصل العنت المشقة.

(٥) بَاب فِي الْإِيلَاءِ وَاعْتِزَالِ النِّسَاءِ وَتَخْيِيرِهِنَّ، وَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وإن تظاهرا عليه﴾
٣٠ - (١٤٧٩) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ. حدثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ سماك أبي زميل. حدثني عبد الله ابن عَبَّاسٍ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ نِسَاءَهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ. فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى وَيَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نِسَاءَهُ. وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ. فقَالَ عُمَرُ فَقُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ. فَقُلْتُ: يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ! أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فقالت: مالى ومالك

١١٠٦
يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ! أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ وَاللَّهِ! لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَا يُحِبُّكِ. وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاءِ. فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَت: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ. فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَةِ. مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ. وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَيَنْحَدِرُ. فَنَادَيْتُ: يَا رَبَاحُ! اسْتَأْذِنْ لِي عَنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ. ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَبَاحُ! اسْتَأْذِنْ لِي عَنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ. ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ. فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ! اسْتَأْذِنْ لِي عَنْدَكَ على رسول الله ﷺ. فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ. وَاللَّهِ! لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِضَرْبِ عَنْقِهَا لَأَضْرِبَنَّ عَنْقَهَا. وَرَفَعْتُ صَوْتِي. فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ ارْقَهْ. فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ. فَجَلَسْتُ. فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ. وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ. فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رسول الله ﷺ. فإذا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ. وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ

١١٠٧
الْغُرْفَةِ. وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ. قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ. قَالَ:
«مَا يُبْكِيكَ؟ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ!» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَمَا لِي لَا أَبْكِي؟ وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ. وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى. وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ. وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَصَفْوَتُهُ. وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ. فقَالَ «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟» قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَى فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ؟ فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَكَ. وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ، وَأَحْمَدُ اللَّهَ، بِكَلَامٍ إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يُصَدِّقُ قَوْلِي الَّذِي أَقُولُ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. آيَةُ التَّخْيِيرِ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [٦٦ /التحريم/٥] ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [٦٦ /التحريم/٤] وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيَّ ﷺ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قَالَ «لَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى. يَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نِسَاءَهُ. أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ؟ قَالَ «نَعَمْ. إِنْ شِئْتَ» فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ حَتَّى تَحَسَّرَ الْغَضَبُ عَنْ وجهه. وحتى كثر فَضَحِكَ. وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا. ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَنَزَلْتُ. فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالْجِذْعِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَأَنَّمَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا كُنْتَ فِي الْغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ. قَالَ «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ» فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ. فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نِسَاءَهُ.

١١٠٨
وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [٤ /النساء/٨٣] فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل آية التخيير.


(ينكتون بالحصى) أي يضربون به الأرض، كغعل المهموم المفكر. (عليك بعيبتك) المراد عليك بوعظ بنتك حفصة. قال أهل اللغة: العيبة، في كلام العرب، وعاء يجعل الإنسان فيه أفضل ثيابه ونفيس متاعه. فشبهت ابنته بها. (خزانته) الخزانة مكان الخزن، كالمخزن. وما يخزن فيه يسمى خزينة. (المشربة) قال في الصباح: بفتح الميم والراء، الموضع الذي يشرب منه الناس. وبضم الراء وفتحها، الغرفة. (أسكفة) هي عتبة الباب السفلي. (مدل رجليه) أي مرسلهما. (نقير) أي على شيء من خشب نقر وسطه حتى يكون كالدرجة. قال النووي: هذا هو الصحيح الموجود في جميع النسخ. وذكر القاضي أنه بالفاء، بدل النون، وهو فقير بمعنى مفقور، مأخوذ من فقار الظهر، وهو جذع فيه درج. (أن أرقه) أي أشار إلي رباح بالصعود إلى المشربة بواسطة ذلك الجذع المنقور كالسلم. ف (أن) تفسيرية. و(ارقه) أمر من الرقي. والهاء في آخره للسكت. وفي الكلام حذف. تقديره فرقيت فدخلت. (قرظا) القرظ ورق السلم يدبغ به. (أفيق) هو الجلد الذي لم يتم دباغه. وجمعه أفق. كأديم وأدم. وقد أفق أديمه يأفقه. (فابتدرت عيناي) أي لم أتمالك أن بكيت حتى سالت دموعي. (تحسر الغضب) أي زال وانكشف. (كشر) أي أبدي أسنانه تبسما. ويقال أيضا في الغضب. قال ابن السكيت: كشر وبسم وابتسم وافتر، كله بمعنى واحد. فإن زاد قيل: قهقه وزهزق وكركر. (أتشبث) أي مستمسكا بذلك الجذع، الذي هو كالسلم للغرفة. (يستنبطونه) قال الزمخشري في الكشاف: أي الذين يستخرجون تدبيره بفطنتهم وتجاربهم. والنبط الماء يخرج من البئر أول ما تحفر. وإنباطه واستنباطه إخراجه واستخراجه. فاستعير لما يستخرجه الرجل بفضل ذهنه من المعاني والتدابير فيما يعضل ويهم.

٣١ - (١٤٧٩) حدثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بلال). أخبرني يحيى. أخبرني عبيد ابن حُنَيْنٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ. قَالَ: مَكَثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ. فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ. حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ، فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، عَدَلَ إِلَى الْأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ. فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ. ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رسول الله ﷺ من أَزْوَاجِهِ؟ فقَالَ: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ! إِنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ. مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عَنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَسَلْنِي عَنْهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُهُ أَخْبَرْتُكَ. قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ! إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا. حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ. وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ. قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَأْتَمِرُهُ، إِذْ قَالَت لِي امْرَأَتِي: لو صنعت كذا وكذا! فقلت لها: ومالك أنت ولما ههنا؟ وَمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ؟ فقَالَت لِي: عَجَبًا لَكَ، يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. قَالَ عُمَرُ:

١١٠٩
فَآخُذُ رِدَائِي ثُمَّ أَخْرُجُ مَكَانِي. حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى حَفْصَةَ. فَقُلْتُ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ! إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فقَالَت حَفْصَةُ: وَاللَّهِ! إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ. فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ. يَا بُنَيَّةُ! لَا يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي قَدْ أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا. وَحُبُّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِيَّاهَا. ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ. لِقَرَابَتِي مِنْهَا. فَكَلَّمْتُهَا. فقَالَت لِي أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! قَدْ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَزْوَاجِهِ! قَالَ: فَأَخَذَتْنِي أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ. فَخَرَجْتُ مِنْ عَنْدِهَا. وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالْخَبَرِ. وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ. وَنَحْنُ حِينَئِذٍ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا. فَقَدِ امْتَلَأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ. فَأَتَى صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ. وَقَالَ: افْتَحِ. افْتَحْ. فَقُلْتُ: جَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ فقَالَ: أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ. اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَزْوَاجَهُ. فَقُلْتُ: رَغِمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ. ثُمَّ آخُذُ ثَوْبِي فَأَخْرُجُ. حَتَّى جِئْتُ. فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في مَشْرُبَةٍ لَهُ يُرْتَقَى إِلَيْهَا بِعَجَلَةٍ. وَغُلَامٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ. فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ. فَأُذِنَ لِي. قَالَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَذَا الْحَدِيثَ. فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ. وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ. وَإِنَّ عَنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَضْبُورًا. وَعَنْدَ رَأْسِهِ أُهُبًا مُعَلَّقَةً. فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ

١١١٠
فِي جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَبَكَيْتُ. فقَالَ:
«مَا يُبْكِيكَ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ. وَأَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا تَرْضَى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة؟».


(الأراك) جاء في المعجم، للعلايلي: الأراك في وصف القدماء، شجرة طويلة خضراء ناعمة كثيرة الورق والأغصان، خوارة العود. يستاك بفروعها، أي تنظف بها الأسنان. وهو طيب النكهة، له حمل كحمل عناقيد العنب. ويعد اليوم من فصيلة الزيتونيات. (عدل إلى الأراك لحاجة) عدل عن الطريق المسلوكة الجادة، منتهيا إلى شجر الأراك لحاجة له، كناية عن التبرز. (أأتمره) معناه أشاور فيه نفسي وأفكر. ومعنى بينما وبيننا، أي بين أوقات ائتماري. (تراجع) مراجعة الكلام مرادته برجع جوابه، أي إعادته. (غسان) الأشهر ترك صرف غسان. (رغم أنف حفصة وعائشة) هو بفتح الغين وكسرها. والمصدر فيه بتثليت الراء. أي لصق بالرغام، وهو التراب. هذا هو الأصل. ثم استعمل في كل من عجز عن الانتصاف، وفي الذل والانقياد كرها. (بعجلة) قال النووي: وقع في بعض النسخ: بعجلها. وفي بعضها: بعجلتها. وفي بعضها: بعجلة. وكله صحيح. والأخيرة أجود. قال ابن قتيبة وغيره: هي درجة من النخل. كما قال في الرواية السابقة: جذع. (من أدم) هو جلد مدبوغ. جمع أديم. (مضبورا) وقع في بعض الأصول: مضبورا، بالضاد المعجمة. وفي بعضها بالمهملة. وكلاهما صحيح، أي مجموعا. (أهبا معلقة) بفتح الهمزة والهاء، وبضمهما. لغتان مشهورتان. جمع إهاب. وهو الجلد قبل الدباغ، على قول الأكثرين. وقيل: الجلد مطلقا. (ولك الآخرة) هكذا هو في الأصول: ولك الآخرة. وفي بعضها: لهم الدنيا. وفي أكثرها: لهما، بالتثنية. وأكثر الروايات، في غير هذا الموضع: لهم الدنيا ولنا الآخرة. وكله صحيح.

٣٢ - (١٤٧٩) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا عَفَّانُ. حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ عُمَرَ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. كَنَحْوِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ: شَأْنُ الْمَرْأَتَيْنِ؟ قَالَ: حَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ. وَزَادَ فِيهِ: وَأَتَيْتُ الْحُجَرَ فَإِذَا فِي كُلِّ بَيْتٍ بُكَاءٌ. وَزَادَ أَيْضًا: وَكَانَ آلَى مِنْهُنَّ شَهْرًا. فلما كان تسعا وعشرين نزل إليهن.


(وأتيت الحجر) يريد بيوت أمهات المؤمنين. (وكان آل منهن) معناه حلف لا يدخل عليهن شهرا. وليس هو من الإيلاء المعروف في اصطلاح الفقهاء، ولا له حكمه. وأصل الإيلاء في اللغة، الحلف على الشيء. يقال منه: آلى يؤلى إيلاء. وتألى تأليا. وائتلى ائتلاء. وصار في عرف الفقهاء مختصا بالحلف على الامتناع من وطء الزوجة.

٣٣ - (١٤٧٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالَا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ (وَهُوَ مَوْلَى الْعَبَّاسِ) قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَلَبِثْتُ سَنَةً مَا أَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا. حَتَّى صَحِبْتُهُ إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ ذَهَبَ يَقْضِي حَاجَتَهُ. فقَالَ:

١١١١
أَدْرِكْنِي بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ. فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ وَرَجَعَ ذَهَبْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ. وَذَكَرْتُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَنِ الْمَرْأَتَانِ؟ فَمَا قَضَيْتُ كلامى حتى قال: عائشة وحفصة.


(مولى العباس) هكذا هو في جميع النسخ: مولى العباس. قالوا: وهذا قول سفيان بن عيينة. قال البخاري: لا يصح قول ابن عيينة هذا. وقال مالك: هو مولى آل زيد بن الخطاب. وقال محمد بن جعفر بن أبي كثير: هو مولى بني زريق. قال القضي وغيره: الصحيح عند الحفاظ وغيرهم، في هذا، قول مالك. (على عهد) هكذا هو في جميع النسخ: على عهد. قال القاضي: إنما قال على عهده، توقيرا لهما. والمراد تظاهرتا عليه في عهده. كما قال تعالى: وإن تظاهرا عليه. وقد صرح في سائر الروايات بأنهما تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (مر الظهران) في القاموس: هو واد قرب مكة.

٣٤ - (١٤٧٩) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ (وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ) (قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حدثنا. وقَالَ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنا عبد الرزاق). أخبرنا معمر عن الزهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [٦٦ /التحريم/ ٤]. حَتَّى حَجَّ عُمَرُ وَحَجَجْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ. فَتَبَرَّزَ. ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ. فَتَوَضَّأَ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عز وجل لَهُمَا: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صغت قلوبكما؟﴾ قَالَ عُمَرُ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! (قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَرِهَ، وَاللَّهِ! مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكْتُمْهُ) قَالَ: هِيَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ. قَالَ: كُنَّا، مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ. فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ. قَالَ: وَكَانَ مَنْزِلِي فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، بِالْعَوَالِي. فَتَغَضَّبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي. فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعَنِي. فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي. فقَالَت: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ! إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ لَيُرَاجِعْنَهُ. وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حفصة. فقلت: أتراجععين رسول الله ﷺ؟ فقالت: نَعَمْ. فَقُلْتُ: أَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ؟ قَالَت: نَعَمْ. قُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ. أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ ﷺ. فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ. لَا تُرَاجِعِي رسول الله ﷺ ولا تَسْأَلِيهِ شَيْئًا. وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ. وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْكِ (يُرِيدُ عَائِشَةَ).

١١١٢
قَالَ: وَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا. فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ. وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ؛ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا. فَنَزَلَ صَاحِبِي. ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي. ثُمَّ نَادَانِي. فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ. فقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَاذَا؟ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا. بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ. طَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءَهُ. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا. حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي. ثُمَّ نَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي. فَقُلْتُ: أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فقَالَت: لَا أَدْرِي. هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ. فَأَتَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ. فقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَجَلَسْتُ. فَإِذَا عَنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ. فجللست قَلِيلًا. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ. ثُمَّ أَتَيْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ. فقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا. فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي. فقَالَ: ادْخُلْ. فَقَدْ أَذِنَ لَكَ. فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ على رمل حصير. قدأ فِي جَنْبِهِ. فَقُلْتُ: أَطَلَّقْتَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَقَالَ «لَا» فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ! لَوْ رَأَيْتَنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكُنَّا، مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ. فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ. فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا. فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعَنِي. فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي. فقَالَت: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ! إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ لَيُرَاجِعْنَهُ. وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ. أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ ﷺ. فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ دَخَلْتُ

١١١٣
عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمُ مِنْكِ وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْكِ. فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَقُلْتُ: أَسْتَأْنِسُ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «نَعَمْ» فَجَلَسْتُ. فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الْبَيْتِ. فَوَاللَّهِ! مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ، إِلَّا أُهَبًا ثَلَاثَةً. فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ. فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ. وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَاسْتَوَى جَالِسًا ثُمَّ قَالَ «أَفِي شَكٍّ أَنْتَ؟ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي. يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ. حتى عاتبه الله عز وجل.


(بالعوالي) موضع قريب من المدينة. (أن كانت) أي بأن كانت. (جارتك) أي ضرتك. (أوسم) أي أحسن وأجمل. والوسامة الجمال. (فكنا نتناوب النزول) يعني من العوالي إلى مهبط الوحي. والتناوب أن تفعل الشيء مرة، ويفعل الآخر مرة أخرى. (تنعل الخيل) أي يجعلون لخيولهم نعالا لغزونا. يعني يتهيأون لقتالنا. (على رمل حصير) هو بفتح الراء وإسكان الميم. وفي غير هذه الرواية: رمال، بكسر الراء. يقال: رملت الحصير وأرملته، إذا نسجته. (أستأنس يا رسول الله) الظاهر من إجابته ﷺ أن الاستئناس، هنا، هو الاستئذان في الأنس والمحادثة. ويدل عليه قوله: فجلست. (من شدة موجدته) أي غضبه.

٣٥ - (١٤٧٥) قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت: لَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بَدَأَ بِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا. وَإِنَّكَ دَخَلْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ. أَعُدُّهُنَّ. فَقَالَ:
«إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ! إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ». ثُمَّ قَرَأَ علي الآية: يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ. حَتَّى بَلَغَ: أَجْرًا عَظِيمًا. قَالَت عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ، وَاللَّهِ! أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. قَالَت فَقُلْتُ: أَوَ فِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَت: لَا تُخْبِرْ نِسَاءَكَ أَنِّي اخْتَرْتُكَ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنْتًا». قَالَ قَتَادَةُ: صَغَتْ قُلُوبُكُمَا، مَالَتْ قُلُوبُكُمَا.

(٦) بَاب الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَا نَفَقَةَ لَهَا
٣٦ - (١٤٨٠) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؛ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ. وَهُوَ غَائِبٌ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ. فَسَخِطَتْهُ. فقَالَ: وَاللَّهِ! مالك عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ. فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فذكرت ذلك له. فقال «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ». فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ. ثُمَّ قَالَ:
«تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي. اعْتَدِّي عَنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى. تَضَعِينَ ثِيَابَكِ. فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» قَالَت: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ؛ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ. وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ. انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَكَرِهْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ» فَنَكَحْتُهُ. فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خيرا، واغتبطت.


(فسخطته) أي ما رضيت به لكونه شعيرا، أو لكونه قليلا. (تعتد) أي تستوفي عدتها. وعدة المرأة، قيل: أيام أقرائها، وقيل: تربصها المدة الواجبة عليها. (فآذنينى) أي فأعلمينى. (فلا يضع العصا عن عاتقه) فيه تأويلان مشهوران: أحدهما أنه كثير الأسفار. والثاني أنه كثير الضرب للنساء، وهذا أصح. والعاتق هو ما بين العنق إلى المنكب. (فصعلوك) أي فقير في الغاية. (واغتبطت) في بعض النسخ: واغتبطت به. ولم تقع لفظة به في أكثر النسخ. قال أهل اللغة: الغبطة أن يتمنى مثل حال المغبوط من غير إرادة زوالها عنه. وليس هو بحسد. تقول منه: غبطته بما نال أغبطه، بكسر الباء، غبطا وغبطة فاغتبط هو. كمنعته فامتنع، وحبسته فاحتبس.

٣٧ - (١٤٨٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ). وَقَالَ قُتَيْبَةُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) كِلَيْهِمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ

١١١٥
أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؛ أَنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ. وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ دُونٍ. فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَت: وَاللَّهِ! لَأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَإِنْ كَانَ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَت: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال:
«لا نفقة لك. ولا سكنى».


(كليهما) هكذا وقع في النسخ: كليهما. وهو صحيح. (نفقة دون) هكذا هو في النسخ: نفقة دون. بإضافة نفقة إلى دون. قال أهل اللغة: الدون الرديء الحقير. قال الجوهري: ولا يشتق منه فعل.

(١٤٨٠) - حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ. فَأَخْبَرَتْنِي؛ أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا. فَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا. فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَتْهُ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«لَا نَفَقَةَ لَكِ. فَانْتَقِلِي. فَاذْهَبِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَكُونِي عَنْدَهُ. فإنه رجل أعمى. تضعين ثيابك عنده».


(تضعين ثيابك عنده. وفي الرواية الأخرى: فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك) هذه الرواية مفسرة للآولى. ومعناه لا تخافين من رؤية رجل إليك. وقد احتج بعض الناس بهذا على جواز نظر المرأة إلى الأجنبي، بخلاف نظره إليها. وهذا قول ضعيف. بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي، كما يحرم عليه النظر إليها. لقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن﴾. ولأن الفتنة مشتركة. وكما يخاف الافتتان بها، تخاف الافتتان به. ويدل عليه من السنة حديث نبهان، مولى أم سلمة، عن أم سلمة أنها كانت هي وميمونة عند النبي ﷺ. قد خل ابن أم مكتوم. فقال النبي ﷺ «احتجبا منه» فقالتا: إنه أعمى لا يبصر. فقال النبي ﷺ «أفعمياوان أنتما؟ أليس تبصرانه؟» وهذا الحديث حديث حسن. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. قال الترمذي: هو حديث حسن.

٣٨ - (١٤٨٠) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى (وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ). أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا. ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْيَمَنِ. فقَالَ لَهَا أَهْلُهُ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ. فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ. فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ. فقَالُوا: إِنَّ أَبَا حَفْصٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا. فَهَلْ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ؟ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«لَيْسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ. وعليها العدة». وأرسل إليها

١١١٦
«أن لاتسبقيني بِنَفْسِكِ». وَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا «أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ. فَانْطَلِقِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى. فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ، لَمْ يَرَكِ» فَانْطَلَقَتْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُسَامَةَ بْنَ زيد بن حارثة.


(لا تستبقيني بنفسك) أي لا تفعلي شيئا من تزويج نفسك قبل إعلامك لي بذلك.

٣٩ - (١٤٨٠) حدثنا يحيى بن أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حدثنا إسماعيل (يعنون ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. ح وحدثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو. حدثنا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. قَالَ: كَتَبْتُ ذَلِكَ مِنْ فِيهَا كِتَابًا. قَالَت:
كُنْتُ عَنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي الْبَتَّةَ. فَأَرْسَلْتُ إِلَى أَهْلِهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ. وَاقْتَصُّوا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو «لَا تفوتينا بنفسك».


(كتابا) الكتاب، هنا، مصدر لكتبت.

٤٠ - (١٤٨٠) حدثنا حسن بن علي الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد. حدثنا أبي عن صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَسْتَفْتِيهِ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا. فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى. فأَبَى مَرْوَانُ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا. وقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.

(١٤٨٠) - وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُجَيْنٌ. حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. مَعَ قَوْلِ عُرْوَةَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ.

٤١ - (١٤٨٠) حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد (واللفظ لعبد) قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ؛ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَرَجَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ. فَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلَاقِهَا. وَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِنَفَقَةٍ فقَالَا لَهَا: والله! مالك نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا. فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَتْ لَهُ قَوْلَهُمَا. فقَالَ «لَا نَفَقَةَ لَكِ» فَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالَ فَأَذِنَ لَهَا. فقَالَت: أَيْنَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فقَالَ «إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَكَانَ أَعْمَى. تَضَعُ ثِيَابَهَا عَنْدَهُ وَلَا يَرَاهَا. فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ ﷺ أسامة ابن زَيْدٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يَسْأَلُهَا عَنِ الْحَدِيثِ. فَحَدَّثَتْهُ بِهِ. فقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنَ امْرَأَةٍ. سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا. فقَالَت فَاطِمَةُ،، حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ: فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [٦٥ /الطلاق/ ١] الْآيَةَ. قَالَت: هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ. فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ؟ فَكَيْفَ تَقُولُونَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا لم تكن حاملا؟ فعلام تحبسونها؟


(سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها) هكذا هو في معظم النسخ: بالعصمة، وفي بعضها: بالقضية. وهذا واضح. ومعنى الأول بالثقة والأمر القوي الصحيح.

٤٢ - (١٤٨٠) حَدَّثَنِي زُهَّيرُ بْنُ حَرْبٍ. حدثنا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنا سَيَّارٌ وَحُصَيْنٌ وَمُغِيرَةُ وَأَشْعَثُ وَمُجَالِدٌ وَإِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خالد وداود. كلهم عَنِ الشَّعْبِيِّ. قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهَا. فقَالَت: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ. فقَالَت: فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ. قَالَت: فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً. وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بيت ابن أم مكتوم.


(ومجالد) هو ضعيف. وإنما ذكره مسلم هنا للمتابعة. والمتابعة يدخل فيها بعض الضعفاء. (فخاصمته) أي فخاصمت وكيله.

(١٤٨٠) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ وَدَاوُدَ وَمُغِيرَةَ وَإِسْمَاعِيل وَأَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ زُهَّيرُ عَنْ هُشَيْمٍ.

٤٣ - (١٤٨٠) حدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ. حدثنا قُرَّةُ. حدثنا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ. حدثنا الشَّعْبِيُّ. قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَابٍ. وَسَقَتْنَا سَوِيقَ سُلْتٍ. فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَيْنَ تَعْتَدُّ؟ قَالَت: طَلَّقَنِي بَعْلِي ثَلَاثًا. فَأَذِنَ لِي النَّبِيُّ ﷺ أَنْ أَعْتَدَّ في أهلي.


(فأتحفتنا برطب ابن طاب) معنى أتحفتنا ضيفتنا. ورطب ابن طاب نوع من الرطب الذي بالمدينة. وأنواع تمر المدينة مائة وعشرون نوعا. (وسقتنا سويق سلت) السلت حب يتردد بين الشعير والحنطة. قيل: طبعه طبع الشعير في البرودة، ولونه قريب من لون الحنطة. وقيل عكسه.

٤٤ - (١٤٨٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا. قَالَ:
«لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ».

٤٥ - (١٤٨٠) وحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. قَالَت: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا. فَأَرَدْتُ النُّقْلَةَ. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ. فقَالَ:
«انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ عَمْرِو بْنِ أم مكتوم، فاعتدى عنده».


(ابن عمك عمرو بن أم مكتوم) هكذا وقع هنا. وكذا جاء في صحيح مسلم في آخر الكتاب. وزاد فقال: هو رجل من بني فهر. فهو من البطن الذي هي منه. قال القاضي: والمشهور خلاف هذا. وليس هما من بطن واحد. هي من بني محارب بن فهر. وهو من بني عامر بن لؤي. قلت: هو ابن عمها مجازا يجتمعان في فهر. واختلفت الرواية في اسم ابن مكتوم. فقيل: عمرو. وقيل: عبد الله وقيل غير ذلك.

٤٦ - (١٤٨٠) وحدثناه محمد بن عمرو بن جبلة. حدثنا أَبُو أَحْمَدَ. حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاق. قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ. وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ. فَحَدَّثَ الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؛ أَنَّ رسول الله ﷺ لم يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً ثُمَّ أَخَذَ الْأَسْوَدُ

١١١٩
كَفًّا مِنْ حَصًى فَحَصَبَهُ بِهِ فقَالَ:
وَيْلَكَ! تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا قَالَ عُمَرُ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا ﷺ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ. لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبيتة﴾ [٦٥ /الطلاق/ ١]


(في المسجد الأعظم) يريد مسجد الكوفة فإن أبا إسحاق والأسود والشعبي، كلهم كوفيون (فحصبه به) أي رمى الأسود الشعبي، بالحصباء، إنكارا منه على هذا الحديث.

(١٤٨٠) - وحدثناه أحمد بن عبدة الضبي. حدثنا أبو داود. حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، بِقِصَّتِهِ.

٤٧ - (١٤٨٠) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ حدثنا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا. فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً. قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» فَآذَنْتُهُ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ. وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ. وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ» فقَالَت بِيَدِهَا هَكَذَا: أُسَامَةُ! أُسَامَةُ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ» قَالَت: فتزوجته فاغتبطت.


(ترب لا مال له) الترب هو الفقير. فأكده بأنه لا مال له. لأن الفقير قد يطلق على من له شيء يسير لا يقع موقعا من كفايته.

٤٨ - (١٤٨٠) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ،، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ. قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: أَرْسَلَ إِلَيَّ زَوْجِي، أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي. وَأَرْسَلَ مَعَهُ بِخَمْسَةِ آصُعِ تَمْرٍ، وَخَمْسَةِ آصُعِ شعير. فقلت: أمالى نَفَقَةٌ إِلَّا هَذَا؟ وَلَا أَعْتَدُّ فِي مَنْزِلِكُمْ؟ قَالَ: لَا. قَالَت: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي. وَأَتَيْتُ رسول الله ﷺ. فقال «كَمْ طَلَّقَكِ؟» قُلْتُ: ثَلَاثًا. قَالَ:
«صَدَقَ. لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ. اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ ابْنِ

١١٢٠
أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ. تُلْقِي ثَوْبَكِ عَنْدَهُ. فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي»
قَالَت: فخطبنني خُطَّابٌ. مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَرِبٌ خَفِيفُ الْحَالِ. وَأَبُو الْجَهْمِ مِنْهُ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ. (أَوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا) ولكن عليك بأسامة بن زيد».


(قال: لا) القائل هو عياش بن أبي ربيعة رسول زوجها. (تلقي ثوبك عنده) هكذا هو في جميع النسخ: تلقي. وهي لغة صحيحة. والمشهور في اللغة: تلقين، بالنون.

٤٩ - (١٤٨٠) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنا أَبُو عَاصِمٍ. حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ. قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. فَسَأَلْنَاهَا فقَالَت: كُنْتُ عَنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ نَجْرَانَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَزَادَ: قَالَت: فَتَزَوَّجْتُهُ فَشَرَّفَنِي اللَّهُ بِأَبِي زَيْدٍ. وَكَرَّمَنِي الله بأبي زيد.


(فَشَرَّفَنِي اللَّهُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَكَرَّمَنِي اللَّهُ بِأَبِي زيد) هكذا هو في بعض النسخ. بأبي زيد. في الموضعين، على أنه كنية. وفي بعضها: بابن زيد، بالنون، في الموضعين. وادعى القاضي أنها رواية الأكثرين. وكلاهما صحيح. هو أسامة بن زيد، وكنيته أبو زيد، ويقال: أبو محمد.

٥٠ - (١٤٨٠) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شُعْبَةُ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَحَدَّثَتْنَا؛ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَاتًّا. بِنَحْوِ حَدِيثِ سُفْيَانَ.

٥١ - (١٤٨٠) وحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ آدَمَ. حدثنا حَسَنُ بْنُ صَالِح عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. قَالَت: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا. فَلَمْ يَجْعَلْ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُكْنَى ولا نفقة.

٥٢ - (١٤٨١) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: تَزَوَّجَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ. فَطَلَّقَهَا فَأَخْرَجَهَا مِنْ عَنْدِهِ. فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ. فقَالُوا: إِنَّ فَاطِمَةَ قَدْ خَرَجَتْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ فقَالَت: مَا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ خَيْرٌ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ.

٥٣ - (١٤٨٢) وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ .. حدثنا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. قَالَت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا. وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ. قَالَ: فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ.

٥٤ - (١٤٨١) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا لِفَاطِمَةَ خَيْرٌ أَنْ تَذْكُرَ هَذَا. قَالَ: تَعْنِي قَوْلَهَا: لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ.

(١٤٨١) - وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبد الرحمن عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إِلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ؟ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ. فقَالَت: بِئْسَمَا صَنَعَتْ. فقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي إِلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ فقَالَت: أَمَا إِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذِكْرِ ذلك.

(٧) بَاب جَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فِي النَّهَارِ، لِحَاجَتِهَا
٥٥ - (١٤٨٣) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخبرنا ابن جريج. ح وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ: قَالَ ابن جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي. فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا. فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ. فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فقَالَ:
«بَلَى. فَجُدِّي نَخْلَكِ. فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تصدقي أو تفعلي معروفا».


(أن تجد نخلها) الجداد، بالفتح والكسر، صرام النخل، وهو قطع ثمرتها.

(٨) بَاب انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَغَيْرِهَا، بِوَضْعِ الْحَمْلِ
٥٦ - (١٤٨٤) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) (قَالَ حَرْمَلَةُ: حدثنا. وقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنا ابْنُ وَهْبٍ) حَدَّثَنِي يونس بن يزيد عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ؛ أَنَّ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ. وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا. فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ. فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ. فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ. فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ (رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ) فقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ. إِنَّكِ، وَاللَّهِ! مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عليك أربعة أشهر وعشر. قَالَت سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ، جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي. وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ. وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا. غَيْرَ أَنْ لا يقربها زوجها حتى تطهر.


(في بني عامر) هكذا هو في النسخ: في بني عامر. بفي. وهو صحيح. ومعناه ونسبه في بني عامر. أي هو منهم. (فلم تنشب) أي لم تمكث كثيرا حتى وضعت حملها. (فلما تعلت من نفاسها) قال في الفائق: أي قامت وارتفعت. قال جرير:
فلا حملت بعد الفرزدق حرة * ولا ذات بعل من نفاس تعلت
ويحتمل أن يكون المعنى سلمت وصحت. وأصله تعللت مطاوع عللها الله. أي أزال علتها. وقال في النهاية: ويروى تعالت. أي ارتفعت وطهرت. ويجوز أن يكون من قولهم: تعلّى الرجل من علته إذا برأ. أي خرجت من نفاسها، وسلمت.

٥٧ - (١٤٨٥) حدثنا محمد بن المثنى العنزي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ.

١١٢٣
أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنَ عَبَّاسٍ اجْتَمَعَا عَنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَهُمَا يَذْكُرَانِ الْمَرْأَةَ تُنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زوجها بليال. فقال ابن عباس: آخِرُ الْأَجَلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَدْ حَلَّتْ. فَجَعَلَا يَتَنَازَعَانِ ذَلِكَ. قَالَ فقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي (يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ) فَبَعَثُوا كُرَيْبًا (مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَت: إِنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ. وَإِنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَأَمَرَهَا أن تتزوج.


(آخر الآجلين) يريد عدة الوفاة وعدة الحمل. والمراد بآخرهما أبعدهما. (نفست) هو بضم النون على المشهور. وفي لغة بفتحها. وهما لغتان في الولادة. (بعد وفاة زوجها بليال) قيل: إنها شهر. وقيل: إنها خمسون وعشرون ليلة. وقيل: دون ذلك.

(١٤٨٥) - وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح. أَخْبَرَنا اللَّيْثُ. ح وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّ اللَّيْثَ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَأَرْسَلُوا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ. وَلَمْ يُسَمِّ كُرَيْبًا.

(٩) بَاب وُجُوبِ الْإِحْدَادِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَتَحْرِيمِهِ في غير ذلك، إلا ثلاثة أيام


(الإحداد) قال أهل اللغة: الإحداد والحداد مشتق من الحد، وهو المنع. لأنها تمنع الزينة والطيب. يقال: أحدت المرأة تحد إحدادا. وحدت تحد، بضم الحاء، وتحد، بكسرها، حدا. كذا قال الجمهور: إنه يقال أحدت وحدت. وقال الأصمعي: لا يقال إلا أحدت، رباعيا. ويقال: امرأة حاد ولا يقال حادة. وأما الإحداد في الشرع فهو ترك الطيب والزينة.

٥٨ - (١٤٨٦) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ. قَالَ: قَالَت زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ. فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ.

١١٢٤
خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ. فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً. ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا. ثُمَّ قَالَت: وَاللَّهِ! مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ. غَيْرَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، عَلَى الْمِنْبَرِ:
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعشرا»


(خلوق أو غيره) هو برفع خلوق. وبرفع غيره. أي دعت بصفرة وهي خلوق أو غيره. والخلوق طيب مخلوط. (فدهنت منه جارية) أي طلتها من ذلك الطيب تقليلا لما في يديها. (ثم مست بعارضيها) هما جانبا الوجه، فوق الذقن، إلى ما دون الأذن. وإنما فعلت هذا لدفع صورة الإحداد. (أربعة أشهر وعشرا) أي إلى انقضاء عدة الوفاة.

(١٤٨٧) - قَالَت زَيْنَبُ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا. فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ. ثُمّ قَالَت: وَاللَّهِ! مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ. غَيْرَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، عَلَى الْمِنْبَرِ:
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زَوْجٍ،، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».

(١٤٨٨) - قَالَت زَيْنَبُ: سَمِعْتُ أُمِّي، أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا. وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا. أَفَنَكْحُلُهَا؟ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا» (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا]. ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ترمي بالبعرة على رأس الحول».


(وقد كانت إحداكن في الجاهلية) معناه لا تستكثرن العدة ومنع الاكتحال فيها. فإنها مدة قليلة. وقد خففت عنكن وصارت أربعة أشهر وعشرا، بعد أن كانت سنة. وفي هذا تصريح بنسخ الاعتداد سنة، المذكور في سورة البقرة، في الآية الثانية. وأما رميها بالبعرة في رأس الحول فقد فسره في الحديث. قال بعض العلماء: معناه أنها رمت بالعدة وخرجت منها كانفصالها من هذه البعرة ورميها بها.

(١٤٨٩) - قَالَ حُمَيْدٌ: قُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟ فقَالَت زَيْنَبُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ، إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا، حَتَّى تَمُرَّ بِهَا

١١٢٥
سَنَةٌ. ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ. فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ. ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا. ثُمَّ تُرَاجِعُ، بَعْدُ، ما شاءت من طيب أو غيره.


(وما ترمي بالبعرة) أي وما المراد بهذا القول. (حفشا) أي بيتا صغيرا حقيرا قريب السمك. (فتفتض) هكذا هو في جميع النسخ: فتفتض، بالفاء والضاد. قال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن معنى الافتضاض فذكروا أن المعتدة كانت لا تغتسل ولا تمس ماء ولا تقلم ظفرا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر. ثم تفتض، أي تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه. فلا يكاد يعيش ما تفتض به. وقال مالك: معناه تمسح به جلدها. وقال ابن وهب: معناه تمسح بيدها عليه أو على ظهره. وقيل معناه تمسح به ثم تفتض أي تغتسل. والافتضاض الاغتسال بالماء العذب للانقاء وإزالة الوسخ حتى تصير بيضاء نقية كالفضة. وقال الأخفش: معناه تتنظف وتتنقى من الدرن، تشبيها لها بالفضة في نقائها وبياضها.

٥٩ - (١٤٨٦) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ. قَالَ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَت: تُوُفِّيَ حَمِيمٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ. فَدَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَمَسَحَتْهُ بِذِرَاعَيْهَا. وَقَالَت: إِنَّمَا أَصْنَعُ هَذَا، لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
(١٤٨٨/ ١٤٨٧) وَحَدَّثَتْهُ زَيْنَبُ عَنْ أُمِّهَا. وَعَنْ زَيْنَبَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَوْ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النبي ﷺ.


(حميم) أي قريب.

٦٠ - (١٤٨٨) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ. قَالَ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهَا؛ أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا. فَخَافُوا عَلَى عَيْنِهَا. فَأَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ، فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَكُونُ فِي شَرِّ بَيْتِهَا فِي أَحْلَاسِهَا (أَوْ فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا فِي بَيْتِهَا) حَوْلًا. فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ فَخَرَجَتْ أَفَلَا أَرْبَعَةَ أشهر وعشرا».


(في شر أحلاسها) جمع حلس، بكسر الحاء. والمراد في شر ثيابها، كما في الرواية الأخرى. مأخوذ من حلس البعير وغيره من الدواب. وهو كالمسح يجعل على ظهره.

(١٤٨٨) - وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا: حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْكُحْلِ. وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُخْرَى مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ تُسَمِّهَا زَيْنَبَ. نَحْوَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ.

٦١ - (١٤٨٨/ ١٤٨٦) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد عن حميد ابن نَافِعٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ. تَذْكُرَانِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ بِنْتًا لَهَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا. فَاشْتَكَتْ عَيْنُهَا فَهِيَ تُرِيدُ أَنْ تَكْحُلَهَا فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ. وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وعشرا».

٦٢ - (١٤٨٦) وحدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر (واللفظ لِعَمْرٍو). حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ. قَالَت: لَمَّا أَتَى أُمَّ حَبِيبَةَ نَعِيُّ أَبِي سُفْيَانَ، دَعَتْ، فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، بِصُفْرَةٍ. فَمَسَحَتْ بِهِ ذِرَاعَيْهَا وَعَارِضَيْهَا. وَقَالَت: كُنْتُ عَنْ هَذَا غَنِيَّةً. سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ. فَإِنَّهَا تُحِدُّ عليه أربعة أشهر وعشرا».


(نعي) هو بكسر العين وتشديد الياء، وبإسكانها مع تخفيف.

٦٣ - (١٤٩٠) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ حَفْصَةَ، أَوْ عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ عَنْ كِلْتَيْهِمَا؛ أَنَّ رسول الله ﷺ قال:
«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (أَوْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا».

(١٤٩٠) - وحدثناه شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ). حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ. عَنْ نَافِعٍ. بِإِسْنَادِ حَدِيثِ اللَّيْثِ. مِثْلَ روايته.

٦٤ - (١٤٩٠) وحدثناه أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ وَابْنِ دِينَارٍ. وَزَادَ «فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».

(١٤٩٠) - وحدثنا أَبُو الرَّبِيعِ. حدثنا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ. جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ،، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.

٦٥ - (١٤٩١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) (قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: حدثنا سفيان بن عيينة) عن الزهري، عن عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قال:
«لا يحل لامرأة تؤمن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا».

٦٦ - (٩٣٨) وحدثنا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ. حدثنا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ؛ إن رسول الله ﷺ قَالَ:
«لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ. إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ. وَلَا تَكْتَحِلُ. وَلَا تَمَسُّ طِيبًا. إِلَّا إِذَا طهرت، نبذة من قسط أو أظفار».


(إلا ثوب عصب) العصب بعين مفتوحة ثم صاد ساكنة مهملتين، وهو برود اليمن يعصب غزلها ثم يصبغ معصوبا ثم تنسج. ومعنى الحديث النهي عن جميع الثياب المصبوغة للزينة، إلا ثوب العصب. (نبذة من قسط أو أظفار) النبذة القطعة والشيء اليسير. وأما القسط، ويقال فيه كست، وهو والأظفار نوعان معروفان من البخور. وليسا من مقصود الطيب. رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة، تتبع به أثر الدم، لا للتطيب.

(٩٣٨) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَا «عَنْدَ أَدْنَى طُهْرِهَا. نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ».

٦٧ - (٩٣٨) وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ. قَالَت: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ. إِلَّا عَلَى زَوْجٍ. أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَلَا نَكْتَحِلُ. وَلَا نَتَطَيَّبُ. وَلَا نَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا. وَقَدْ رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ فِي طُهْرِهَا، إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا، فِي نُبْذَةٍ مِنْ قسط وأظفار.

 


google-playkhamsatmostaqltradent