recent
آخر المقالات

١٦ - كتاب النكاح

 

(النكاح) هو في اللغة الضم. ويطلق على العقد وعلى الوطء. قال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد النيسابوري: قال الأزهري: أصل النكاح في كلام العرب الوطء. وقيل للتزوج نكاح، لأنه سبب الوطء. يقال: نكح المطر الأرض، ونكح النعاس عينه، أصابها. قال الواحدي: وقال أبو القاسم الزجاجي: النكاح في كلام العرب الوطء والعقد، جميعا. قال: وموضع ن ك ح على هذا الترتيب في كلام العرب للزوم الشيء الشيء راكبا عليه هذا كلام العرب الصحيح. فإذا قالوا: نكح فلان فلانة ينكحها نكحا ونكاحا أرادوا تزوجها. وقال أبو علي الفارسي: فرقت العرب بينهما فرقا لطيفا. فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أو أخته أرادوا عقد


عليها. وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الوطء لأنه بذكر امرأته وزوجته يستغني عن ذكر العقد. قال الفراء: العرب تقول نكح المرأة، بضم النون، بضعها. وهو كناية عن الفرج فإذا قالوا: نكحها، أرادوا أصاب نكحها وهو فرجها. وقلما يقال ناكحها كما يقال: باضعها. هذا آخر ما نقله الواحدي. وقال ابن فارس والجوهري، وغيرهما من أهل اللغة: النكاح الوطء. وقد يكون العقد. ويقال: نكحها أو نكحت هي أي تزوجت. وأنكحته زوجته. وهي ناكح أي ذات زوج. واستنكحها أي تزوجها. هذا كلام أهل اللغة.

(١) بَاب اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ لِمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَوَجَدَ مُؤَنَهُ، وَاشْتِغَالِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْمُؤَنِ بالصوم
١ - (١٤٠٠) حدثنا يحيى بن يحيى التيمي وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ. جميعا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى). أَخْبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى. فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ. فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ. فقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرحمن! ألا نزوجك جارية شابة. لععلها تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ. قَالَ فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فَإِنَّهُ

١٠١٩
أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ. فَإِنَّهُ لَهُ وجاء».


(يا معشر الشباب) قال أهل اللغة: المعشر هم الطائفة الذين يشملهم وصف. فالشباب معشر والشيوخ معشر والأنبياء معشر والنساء معشر، وكذا ما أشبهه. والشباب جمع شاب ويجمع على شبان وشببة. والشاب من بلغ ولم يجاوز الثلاثين. (الباءة) فيها أربع لغات حكاها القاضي عياض الفصيحة المشهورة الباءة، بالمد والهاء، والثانية الباة بلا مد. والثالثة الاء بالمد بلا هاء والرابعة الباهة بهائين بلا مد. وأصلها في اللغة الجماع. مشتقة من المباءة وهي المنزل. ومنه مباءة الإبل، وهي مواطنها. ثم قيل لعقد النكاح: باءة لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا. واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا، على قولين يرجان إلى معنى واحد. أصحهما أن المراد معناه اللغوي وهو الجماع. فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنة، وهي مؤن النكاح، فليتزوج. ومن لم يستطع الجماع، لعجزه عن مؤنة، فعليه بالصوم ليقطع شهوته ويقطع شر منيه. كما يقطعه الوجاء. (وجاء) هو رض الخصيتين. والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني، كما يفعله الوجاء.

٢ - (١٤٠٠) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى. إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فقَالَ:
هَلُمَّ! يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! قَالَ: فَاسْتَخْلَاهُ. فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حاجة قال: قال لي: تعالى يَا عَلْقَمَةُ. قَالَ: فَجِئْتُ. فقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَلَا نُزَوِّجُكَ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! جَارِيَةً بِكْرًا. لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ.

٣ - (١٤٠٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ. فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

٤ - (١٤٠٠) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَعَمِّي عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ، عَلَى عبد الله بن مسعود. قَالَ: وَأَنَا شَابٌّ يَوْمَئِذٍ. فَذَكَرَ حَدِيثًا رُئِيتُ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ مِنْ أَجْلِي. قَالَ: قال رسول الله ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَزَادَ: قَالَ: فَلَمْ ألبث حتى تزوجت.


(رئيت) هكذا هو في كثير من النسخ. وفي بعضها: رأيت وهما صحيحان: الأول من الظن، والثاني من العلم.

(١٤٠٠) - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَأَنَا أَحْدَثُ الْقَوْمِ. بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ: فَلَمْ أَلْبَثْ حَتَّى تزوجت.

٥ - (١٤٠١) وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فقَالَ بَعْضُهُمْ:
لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أنام على فراش. فحمد الله وأئنى عَلَيْهِ فقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ. وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ. وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».


(فمن رغب عن سنتي فليس مني) معناه من تركها إعراضا عنها، غير معتقد لها على ما هي عليه.

٦ - (١٤٠٢) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ. ولو أذن له، لاختصينا.


(التبتل) قال العلماء: التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله. وأصل البتل القطع. ومنه مريم البتول، وفاطمة البتول، لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة في الآخرة. ومنه: صدقة بتلة، أي منقطعة عن تصرف مالكها. قال الطبرى: التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته. وقوله: رد عليه التبتل، معناه نهاه عنه.
(لاختصينا) معناه لو أذن في الانقطاع عن النساء وغيرهن من ملاذ الدنيا لاختصينا، لدفع شهوة النساء، ليمكننا التبتل.

٧ - (١٤٠٢) وحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: رُدَّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلُ. وَلَوْ أُذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا.

٨ - (١٤٠٢) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ:
أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَنْ يَتَبَتَّلَ. فَنَهَاهُ رسول الله ﷺ. ولو أَجَازَ لَهُ ذَلِكَ، لَاخْتَصَيْنَا.

(٢) بَاب نَدْبِ مَنْ رَأَى امْرَأَةً، فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَيُوَاقِعَهَا
٩ - (١٤٠٣) حدثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ. حدثنا عَبْدُ الْأَعْلَى. حدثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ؛ أن رسول اللَّهِ ﷺ رَأَى امْرَأَةً. فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا. فَقَضَى حَاجَتَهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فقَالَ:
«إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ. فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نفسه».


(تمعس منيئة لها) قال أهل اللغة: المعس الدلك. والمنيئة، قال أهل اللغة: هي الجلد أول ما يوضع في الدباغ. وقال الكسائي: يسمى منيئة ما دام في الدباغ. وقال أبو عبيدة: هو في أول الدباغ منيئة، ثم أفيق وجمعه أفق كأديم وآدم. (إن المرأة تقبل في صورة شيطان) قال العلماء: معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها. لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن. فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له.

(١٤٠٣) - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حدثنا حَرْبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى امْرَأَةً. فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قال:
فأتى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا. فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نفسه».

(٣) بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ، ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ، وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إلى يوم القيامة


(نكاح المتعة) قال الإمام النووي: الصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين: فكانت حلالا قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر. ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس، لاتصالهما. ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة. واستمر التحريم. قال القاضي: واتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا إلى أجل. لا ميراث فيها. وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق. ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء. إلا الروافض.

١١ - (١٤٠٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ. حدثنا أَبِي وَوَكِيعٌ وَابْنُ بِشْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيل، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ:
كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ. فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ. ثم قرأ عبد الله: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يحب المعتدين﴾ [٥ /المائدة/ الآية ٨٧].


(ألا نستحصى) أي ألا نفعل بأنفسنا ما يفعل بالفحول من سل الخصى ونزع البيضة يشق جلدها، حتى نخلص من شهوة النفس ووسوسة الشيطان.

(١٤٠٤) - وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَقَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا هَذِهِ الْآيَةَ. وَلَمْ يَقُلْ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ.

١٢ - (١٤٠٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيل، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ: كُنَّا، وَنَحْنُ شَبَابٌ، فَقُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا نَسْتَخْصِي؟ وَلَمْ يَقُلْ: نَغْزُو.

١٣ - (١٤٠٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَا:
خَرَجَ عَلَيْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أن تستمعوا. يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ.

١٤ - (١٤٠٥) وحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ). حدثنا رَوْحٌ (يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَجَابِرِ بن عبد الله؛ أن رسول الله ﷺ أَتَانَا، فَأَذِنَ لَنَا فِي المتعة.

١٥ - (١٤٠٥) وحدثنا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. قَالَ: قَالَ عَطَاء: قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُعْتَمِرًا. فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ. فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ. ثُمَّ ذَكَرُوا الْمُتْعَةَ. فقَالَ: نَعَمِ. اسْتَمْتَعَنْا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.

١٦ - (١٤٠٥) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
كُنَّا نَسْتَمْتِعُ، بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ، الْأَيَّامَ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَبِي بَكْرٍ، حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ، فِي شأن عمرو بن حريث.


(القبضة) بضم القاف وفتحها، والضم أفصح. قال الجوهري: القبضة بالضم، ما قبضت عليه من شيء. يقال: أعطاه قبضة من سويق أوتمر. قال: وربما فتح.

١٧ - (١٤٠٥) حدثنا حامد بن عمرو الْبَكْرَاوِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ) عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. فَأَتَاهُ آتٍ فقَالَ: ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ. فَقَالَ جَابِرٌ:
فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ. فَلَمْ نَعُدْ لَهُمَا.

١٨ - (١٤٠٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. حدثنا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَامَ أَوْطَاسٍ، فِي المتعة ثلاثا. ثم نهى عنها.


(عام أوطاس) هذا تصريح بأنها أبيحت يوم فتح مكة. وهو ويوم أوطاس شيء واحد. وأوطاس واد بالطائف. ويصرف ولا يصرف فمن صرفه أراد الوادي والمكان. ومن لم يصرفه أراد البقعة. كما في نظائره. وأكثر استعمالهم له غير مصروف: (كأنها بكرة عيطاء) أما البكرة فهي الفتية من الإبل، أي الشابة القوية. وأما العيطاء فهي الطويلة العنق في اعتدال وحسن قوام. والعيط طول العنق.

١٩ - (١٤٠٦) وحدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمُتْعَةِ. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ. كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عيطاء.

١٠٢٤
فعرضنا عليها أنفسنا. فقالت: ماتعطي؟ فَقُلْتُ: رِدَائِي. وَقَالَ صَاحِبِي: رِدَائِي. وَكَانَ رِدَاءُ صَاحِبِي أَجْوَدَ مِنْ رِدَائِي. وَكُنْتُ أَشَبَّ مِنْهُ. فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها. ثُمَّ قَالَت: أَنْتَ وَرِدَاؤُكَ يَكْفِينِي. فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلَاثًا. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ كَانَ عَنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ، فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا».


(التي يتمتع فليخل) هكذا هو في جميع النسخ: التي يتمتع فليخل. أي يتمتع بها. فحذف بها لدلالة الكلام عليه. أو أوقع يتمتع موقع يباشر. أي يباشرها. وحذف المفعول.

٢٠ - (١٤٠٦) حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ أَنَّ أَبَاهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتْحَ مَكَّةَ. قَالَ:
فَأَقَمْنَا بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ. (ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ) فَأَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ. فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي. وَلِي عَلَيْهِ فَضْلٌ فِي الْجَمَالِ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الدَّمَامَةِ. مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدٌ. فَبُرْدِي خَلَقٌ. وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي فَبُرْدٌ جَدِيدٌ. غَضٌّ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، أَوْ بِأَعْلَاهَا فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ الْبَكْرَةِ العنطنطة. فقلنا: هل لك أن يستمع مِنْكِ أَحَدُنَا؟ قَالَت: وَمَاذَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَهُ. فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ. وَيَرَاهَا صَاحِبِي تَنْظُرُ إِلَى عِطْفِهَا. فقَالَ: إِنَّ بُرْدَ هَذَا خَلَقٌ وَبُرْدِي جَدِيدٌ غَضٌّ. فَتَقُولُ: بُرْدُ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. ثَلَاثَ مِرَارٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ اسْتَمْتَعْتُ مِنْهَا. فَلَمْ أَخْرُجْ حَتَّى حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.


(الدمامة) هي القبح في الصورة. (خلق) أي قريب من البالي. (العنطنطة) هي كالعيطاء. وقيل: هي الطويلة فقط. والمشهور الأول. (إلى عطفها) أي جانبها. وقيل. من رأسها إلى وركها.

(١٤٠٦) - وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ. حدثنا أَبُو النُّعْمَانِ. حدثنا وُهَيْبٌ. حدثنا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ. حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ

١٠٢٥
إِلَى مَكَّةَ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ بِشْرٍ. وَزَادَ: قَالَت: وَهَلْ يَصْلُحُ ذَاكَ؟ وَفِيهِ: قَالَ: إِنَّ بُرْدَ هذا خلق محّ.


(مح) هو البالي. ومنه: مح الكتاب، إذا بلى ودرس.

٢١ - (١٤٠٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أَبِي. حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ؛ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقَالَ:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ. وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَمَنْ كَانَ عَنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَه. وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شيئا».


(إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ) في هذا الحديث التصريح بالمنسوخ والناسخ في حديث واحد من كلام رسول الله ﷺ. كحديث «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» وفيه التصريح بتحريم نكاح المتعة إلى يوم القيامة.

(١٤٠٦) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَائِمًا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، وَهُوَ يَقُولُ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.

٢٢ - (١٤٠٦) حدثنا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمُتْعَةِ، عَامَ الْفَتْحِ، حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ. ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا.

٢٣ - (١٤٠٦) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا عبد العزيز بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي، رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّمَتُّعِ مِنَ النِّسَاءِ. قَالَ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. حَتَّى وَجَدْنَا جَارِيَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ. كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ. فَخَطَبْنَاهَا إِلَى نَفْسِهَا. وَعَرَضْنَا عَلَيْهَا بُرْدَيْنَا. فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ فَتَرَانِي أَجْمَلَ مِنْ صَاحِبِي. وَتَرَى بُرْدَ صَاحِبِي أَحْسَنَ مِنْ بُرْدِي. فَآمَرَتْ نَفْسَهَا سَاعَةً ثُمَّ اخْتَارَتْنِي عَلَى صَاحِبِي. فَكُنَّ مَعَنَا ثَلَاثًا. ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بفراقهن.


(فآمرت نفسها ساعة) أي شاورت نفسها وأفكرت في ذلك. ومنه قوله تعالى: إن الملأ يأتمرون بك.

٢٤ - (١٤٠٦) حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ.

٢٥ - (١٤٠٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى، يَوْمَ الْفَتْح، عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ.

٢٦ - (١٤٠٦) وحَدَّثَنِيهِ حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بن إبراهيم بن سعد. حدثنا أبي عَنْ صَالِح. أَخْبَرَنا ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى، عَنِ الْمُتْعَةِ، زَمَانَ الْفَتْحِ، مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ تَمَتَّعَ بِبُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ.

٢٧ - (١٤٠٦) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أن عبد الله ابن الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ فقَالَ:
إِنَّ نَاسًا، أَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ، يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ. يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ. فَنَادَاهُ فقَالَ: إِنَّكَ لَجِلْفٌ جَافٍ. فَلَعَمْرِي! لَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ (يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ. فَوَاللَّهِ! لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ سَيْفِ اللَّهِ؛ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عَنْدَ رَجُلٍ جَاءَهُ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَاهُ فِي الْمُتْعَةِ. فَأَمَرَهُ بِهَا. فقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ: مَهْلًا! قَالَ: مَا هِيَ؟ وَاللَّهِ! لَقَدْ فُعِلَتْ فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ.

١٠٢٧
قَالَ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ: إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا. كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ. ثُمَّ أَحْكَمَ اللَّهُ الدِّينَ وَنَهَى عَنْهَا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ؛ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: قَدْ كُنْتُ اسْتَمْتَعْتُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ، بِبُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ. ثُمَّ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْمُتْعَةِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَسَمِعْتُ رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العزيز، وأنا جالس.


(إن ناسا أعمى الله قلوبهم) يعرض بابن عباس لتجويزه المتعة. (إنك لجلف جاف) قال ابن السكيت وغيره: الجلف هو الجافي، وعلى هذا قيل: إنما جمع بينهما توكيدا، لاختلاف اللفظ: والجافي هو الغليظ الطبع القليل الفهم والعلم والأدب، لبعده عن أهل ذلك. (فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك) هذا محمول على أنه أبلغه الناسخ لها، وأنه لم يبق شك في تحريمها. فقال: إن فعلتها، بعد ذلك، ووطئت فيها، كنت زانيا ورجمتك بالأحجار التي يرجم بها الزاني. (سيف الله) سيف الله هو خالد بن الوليد المخزومي. سماه بذلك رسول الله ﷺ، لأنه ينكأ في أعداء الله.

٢٨ - (١٤٠٦) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حدثنا مَعْقِلٌ عَنِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ،، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ رسول الله ﷺ نهى عَنِ الْمُتْعَةِ. وَقَالَ:
«أَلَا إِنَّهَا حَرَامٌ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَنْ كَانَ أَعْطَى شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ».

٢٩ - (١٤٠٧) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي، عن أبيهما عن علي بن أبي طالب؛ أن رسول الله ﷺ نهى، عن مُتْعَةِ النِّسَاءِ، يَوْمَ خَيْبَرَ. وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الحمر الإنسية.


(الإنسية) ضبطوها بوجهين: أحدهما كسر الهمزة وسكون النون. والثاني فتحهما جميعا. وصرح القاضي بترجيح الفتح، وإنه رواية الأكثرين. والإنسية هي الأهلية.

(١٤٠٧) - وحدثناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ. حدثنا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ:
سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ لِفُلَانٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ تَائِهٌ. نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى بن يحيى عن مالك.


(رجل تائه) التائه هو الحائر الذاهب عن الطريق المستقيم.

٣٠ - (١٤٠٧) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابني محمد بن علي، عن أبيهما، عن علي؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى، عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، يَوْمَ خَيْبَرَ. وَعَنْ لُحُومِ الحمر الأهلية.

٣١ - (١٤٠٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أَبِي. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابني محمد بن علي، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ.
فقَالَ: مَهْلًا. يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ.

٣٢ - (١٤٠٧) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شِهَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابني محمد بن علي بن أبي طالب، عَنْ أَبِيهِمَا؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، يَوْمَ خَيْبَرَ. وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ.

(٤) بَاب تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ
٣٣ - (١٤٠٨) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وخالتها».

٣٤ - (١٤٠٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ: الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا.

٣٥ - (١٤٠٧) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَالَ: ابْنُ مَسْلَمَةَ مَدَنِيٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ وَلَدِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ) عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«لَا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ، وَلَا ابْنَةُ الْأُخْتِ عَلَى الخالة».

٣٦ - (١٤٠٨) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.

١٠٢٩
أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ الْكَعْبِيُّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا وَعَمَّةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.

٣٧ - (١٤٠٨) وحَدَّثَنِي أَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ. حدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حدثنا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى؛ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
«لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا على خالتها».

(١٤٠٨) - وحَدَّثَنِي إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رسول الله ﷺ. بمثله.

٣٨ - (١٤٠٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ. وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ. وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا. وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ صَحْفَتَهَا.

١٠٣٠
وَلْتَنْكِحْ. فَإِنَّمَا لَهَا مَا كَتَبَ الله لها».


(ولا يسوم على سوم أخيه) هكذا هو هو في جميع النسخ: ولا يسوم، بالواو. وهكذا: يخطب. مرفوع. وكلاهما لفظه لفظ الخبر، والمراد به النهي. وهو أبلغ في النهي. لأن خبر الشارع لا يتصور وقوع خلافه، والنهي قد تقع مخالفته. فكأن المعني عاملوا هذا النهي معاملة الخبر المتحتم. ومعنى قوله عليه السلام «ولا يسوم على سوم أخيه» هو أن يتساوم المتبايعان في السلعة، ويتقارب الانعقاد فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين ورضيا به قبل الانعقاد. فذلك ممنوع عند المقاربة لما فيه من الإفساد. ومباح في أول العرض والمساومة. (ولا تسأل المرأة طلاق أختها) يجوز في تسأل الرفع والكسر. الأول على الخبر الذي يراد به النهي، وهو المناسب لقوله ﷺ قبله «لا يخطب ولا يسوم» والثاني على النهي الحقيقي. ومعنى هذا الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل الزوج طلاق زوجته وأن ينكحها ويصير لها، من نفقته ومعروفه ومعاشرته ونحوها، ما كان للمطلقة. فعبر عن ذلك باكتفاء ما في الصحفة، مجازا. قال الكسائي: وأكفأت الإناء كببته. وكفأته وأكفأته أملته. والمراد بأختها غيرها. سواء كانت أختها من النسب، أو أختها في الإسلام، أو كافرة. والصحفة إناء كالقصعة. وقال الزمخشري: الصحفة قصعة مستطيلة. وقال ابن الأثير: هذا تمثيل لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها، إذا سألت طلاقها. (ولتنكح) بإسكان اللام والحزم. أي لتنكح هذه المرأة من خطبها.

٣٩ - (١٤٠٨) وحَدَّثَنِي مُحْرِزُ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. أَوْ أَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أختها لتكتفيء مَا فِي صَحْفَتِهَا فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل رازقها.

٤٠ - (١٤٠٨) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى وَابْنِ نَافِعٍ) قَالُوا: أَخْبَرَنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن يجمع بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا.

(١٤٠٨) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حدثنا شَبَابَةُ. حدثنا وَرْقَاءُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مثله.

(٥) باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبه
٤١ - (١٤٠٩) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ، بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ. فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَحْضُرُ ذَلِكَ وَهُوَ أَمِيرُ الْحَجِّ. فقَالَ أَبَانُ: سَمِعْتُ عثمان بن عفان يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ ولا ينكح ولا يخطب».


(لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَح ولَا يَخْطُبُ) الأفعال الثلاثة مروية على صيغة النفي وعلى صيغة النهي. والمعنى: لا يتزوج المحرم امرأة، ولا يزوجه غيره امرأة، سواء كان بولاية أو بوكالة، ولا يطلب امرأة للتزوج.

٤٢ - (١٤٠٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ. حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ. قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ. وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ

١٠٣١
عَلَى ابْنِهِ. فَأَرْسَلَنِي إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ. فقَالَ:
أَلَا أُرَاهُ أَعْرَابِيًّا «إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِح ولَا يُنْكَح». أَخْبَرَنا بِذَلِكَ عُثْمَانُ عَنْ رسول الله ﷺ.

٤٣ - (١٤٠٩) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. ح وحَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ. قَالَا جَمِيعًا: حدثنا سَعِيدٌ عَنْ مَطَرٍ وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نافع، عن نبيه ابن وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَح ولَا يَخْطُبُ».

٤٤ - (١٤٠٩) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ. يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. قَالَ:
«الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِح ولَا يَخْطُبُ».

٤٥ - (١٤٠٩) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ أَرَادَ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَهُ، طَلْحَةَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ. فِي الْحَجِّ. وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ. فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانٍ:
إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ. فَأُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَ ذَلِكَ. فقَالَ لَهُ أَبَانُ: أَلَا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا! إِنِّي سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا ينكح المحرم».


(عراقيا جافيا) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: عراقيا. وذكر القاضي أنه وقع في بعض الروايات: عراقيا وفي بعضها أعرابيا. قال: وهو الصواب. أي جاهلا بالسنة. والأعرابي هو ساكن البادية. قال: وعراقيا هنا خطأ. إلا أن يكون قد عرف من مذهب أهل الكوفة حينئذ جواز نكاح المحرم. فيصبح عراقيا، أي آخذا بمذهبهم في هذا، جاهلا بالسنة.

٤٦ - (١٤١٠) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَإسحاق الْحَنْظَلِيُّ. جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

١٠٣٢
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الزُّهْرِيَّ فقَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ؛ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَهُوَ حلال.

٤٧ - (١٤١٠) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

٤٨ - (١٤١١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حدثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حدثنا أَبُو فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ. قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(٦) بَاب تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ أَوْ يَتْرُكَ
٤٩ - (١٤١٢) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر،، عن النبي ﷺ قال:
«لا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ. وَلَا يَخْطُبْ بعضكم على خطبة بعض».


(خطبة) الخطبة في هذا كله بالكسر. وأما الخطبة في الجمعة والعيد والحج وغير ذلك، وبين يدي عقد النكاح، فبضمها.

٥٠ - (١٤١٢) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. جميعا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يحيى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عمر، عن النبي ﷺ، قال:
«لا يبع الرجل على بيع أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، إِلَّا أن يأذن له».


(لا يبع الرجل على بيع أخيه) صورة هذا البيع أن يقول لمن اشترى شيئا بالخيار: افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه. أو أجود منه، بثمنه.

(١٤١٢) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الإسناد.

(١٤١٢) - وحَدَّثَنِيهِ أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حدثنا حَمَّادٌ. حدثنا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

٥١ - (١٤١٣) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة؛ أن النبي ﷺ نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. أَوْ يَتَنَاجَشُوا. أَوْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ. أَوْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَلَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طلاق أختها لتكتفيء مَا فِي إِنَائِهَا. أَوْ مَا فِي صَحْفَتِهَا.
زاد عمرو في رِوَايَتِهِ: وَلَا يَسُمِ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ.


(أن يبيع حاضر لباد) أي بلدي لباد، أي القروي. كما إذا جاء القروي بطعام إلى بلد ليبيعه بسعر يومه ويرجع. فيتوكل البلدي عنه ليبيعه بالسعر الغالي على التدريج. (أو يتناجشوا) النجش هو الزيادة في ثمن السلعة من غير رغبة فيها لتخديع المشتري وترغيبه ونفع صاحبها.

٥٢ - (١٤١٣) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ. لا تَنَاجَشُوا. وَلَا يَبِعِ الْمَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَلَا يَخْطُبِ الْمَرْءُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ. وَلَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ الأخرى لتكتفيء مَا فِي إِنَائِهَا».

٥٣ - (١٤١٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الْأَعْلَى. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ «وَلَا يَزِدِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخيه».

٥٤ - (١٤١٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ جَعْفَرٍ. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حدثنا إِسْمَاعِيل. أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قال:
«لا يسم المسلم عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ».


(ولا يسم الرجل على سوم أخيه) قال في النهاية. المساومة المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة، وفصل ثمنها. والمنهي عنه أن يتساوم المتبايعان في السلعة ويتقارب الانعقاد، فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشترى الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه من المتساومين، ورضيا به قبل الانعقاد.

٥٥ - (١٤١٣) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصمد. حدثنا شعبة عن العلاء وسهيل عن أَبِيهِمَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح وحدثناه محمد بن المثنى. حدثنا عبد الصمد. حدثنا شعبة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة،، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا:
«عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَخِطْبَةِ أَخِيهِ».


(عن أبيهما) هكذا صورته في جميع النسخ. وأبو علاء غير أبي سهيل، فلا يجوز أن يقال: عن أبيهما. قالوا: وصوابه أبويهما. قال القاضي وغيره: ويصح أن يقال: عن أبيهما، بفتح الباء. على لغة من قال، في تثنية الأب، أبان. كما قال في تثنية اليد، يدان فتكون الرواية صحيحة، لكن الباء مفتوحة.

٥٦ - (١٤١٤) وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا عبد الله بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ. فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ».

(٧) باب تحريم نكاح الشغار ويطلانه
٥٧ - (١٤١٥) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ.
وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ. وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.


(عن الشغار) أي عن نكاح الشفار قال العلماء: الشغار، أصله في اللغة الرفع - يقال: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول: كأنه قال: لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك. وقيل: هو من شغر البلد، إذا خلا. لخلوه عن الصداق. ويقال: شغرت المرأة إذا رفعت رجلها عند الجماع.

٥٨ - (١٤١٥) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟.

٥٩ - (١٤١٥) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجِ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ.

٦٠ - (١٤١٥) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي ﷺ قَالَ
«لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ».

٦١ - (١٤١٦) حدثنا أبو بكربن أبي شيبة. حدثنا ابن نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الشِّغَارِ.
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي. أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي.

(١٤١٦) - وحدثناه أَبُو كُرَيْبٍ. حدثنا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ) بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةَ ابْنِ نُمَيْرٍ.

٦٢ - (١٤١٧) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ: قَال ابْنُ جُرَيْجٍ. ح وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ومحمد ابن رَافِعٍ عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الشِّغَارِ.

(٨) بَاب الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ
٦٣ - (١٤١٨) حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. حدثنا هُشَيْمٌ. ح وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. حدثنا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد ابن عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ،

١٠٣٦
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ:
«إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يُوفَى بِهِ، مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ».
هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ الْمُثَنَّى. غَيْرَ أَنَّ ابْنَ المثنى قال «الشروط».


(إن أحق الشرط أن يوفى به) قال الشافعي وأكثر العلماء، رضي الله عنهم: إن هذا محمول على شروط لا تنافي مقتضى النكاح، بل تكون من مقتضياته ومقاصده. كاشتراط العشرة بالمعروف، والإنفاق عليها وكسوتها وسكناها بالمعروف وأنه لا يقصر في شيء من حقوقها ويقسم لها كغيرها، وأنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تنشز عليه، ولا تصوم تطوعا بغير إذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، ولا تتصرف في متاعه إلا برضاه، ونحو ذلك.

(٩) بَاب اسْتِئْذَانِ الثَّيِّبِ فِي النِّكَاحِ بِالنُّطْقِ، وَالْبِكْرِ بِالسُّكُوتِ
٦٤ - (١٤١٩) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْقَوَارِيرِيُّ. حدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حدثنا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال:
«لا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ. وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ إذنها؟ قال «أن تسكت».


(لا تنكح الأيم) قال العلماء: الأيم، هنا، الثيب. (حتى تستأمر) أي تستشار.

(١٤١٩) - وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن إِبْرَاهِيمَ. حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ. ح وحدثنني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ) عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حدثنا شَيْبَانُ. ح وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٌ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ. كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ هِشَامٍ وَإِسْنَادِهِ. وَاتَّفَقَ لَفْظُ حَدِيثِ هِشَامٍ وَشَيْبَانَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ. فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

٦٥ - (١٤٢٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رَافِعٍ. جميعا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ رافع) حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا ابن جريج. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَأَلْتُ رسول الله ﷺ عن الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا. أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «نَعَمْ. تُسْتَأْمَرُ» فقَالَت عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّهَا تستحي. فقال رسول الله ﷺ:
«فَذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا هِيَ سَكَتَتْ».

٦٦ - (١٤٢١) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يحيى (واللفظ له) قال: قلت لمالك حدثك عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
«الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا. وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا. وَإِذْنُهَا صماتها؟» قال: نعم.


(حدثك) استفهام بحذف أداته. وجوابه قوله: قال نعم. (صماتها) الصمات هو السكوت.

٦٧ - (١٤٢١) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ. سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عَنِ ابن عباس أن النبي ﷺ قَالَ:
«الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا. وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ. وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا».

٦٨ - (١٤٢١) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ
«الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا. وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا. وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» وَرُبَّمَا قَالَ «وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا».

(١٠) بَاب تَزْوِيجِ الْأَبِ الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ
٦٩ - (١٤٢٢) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أبو أسامة. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قالت:
تَزَوَّجَنِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِسِتَّ سِنِينَ. وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. قَالَت: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَوُعِكْتُ شَهْرًا. فَوَفَى شَعْرِي جُمَيْمَةً. فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ، وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبِي. فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا. وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي. فَأَخَذَتْ بِيَدِي. فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى الْبَابِ. فَقُلْتُ: هَهْ هَهْ. حَتَّى ذَهَبَ نَفَسِي. فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتًا. فَإِذَا نِسْوَةٌ مِن الْأَنْصَارِ. فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ. وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. فأسلمتني إليهن. فغسلن رأسي وأصلحني. فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضحى. فأسلمنني إليه.


(وبني بي) أي زففت إليه وحملت إلى بيته. يقال: بنى عليها وبني بها. والأول أفصح. وأصله إن الرجل كان، إذا تزوج، بني للعرس خباء جديدا. أو عمرة بما يحتاج إليه. ثم كثر حتى كنى به عن الدخول. (فوعكت) أي أخذني ألم الحمى، وفي الكلام حذف تقديره فتساقط شعري بسبب الحمى، فلما شفيت تربى شعري فكثر. وهو معنى قولها: فوفى شعري. (جميمة) تصغير جمة. وهي الشعر النازل إلى الأذنين ونحوهما، أي صار إلى هذا الحد بعد أن كان قد ذهب بالمرض. (أم رومان) هي أمها. (أرجوحة) هي خشبة يلعب عليها الصبيان والجواري الصغار. ويكون وسطها على مكان مرتفع. ويجلسون على طرفيها ويحركونها. فيرتفع جانب منها وينزل جانب. (هه هه) كلمة يقولها المبهور حتى يتراجع إلى حال سكونه. وهي بإسكان الهاء الثانية، فهي هاء السكت. والبهر انقطاع النفس وتتابعه، من الإعياء كالأنهيار. (حتى ذهب نفسي) أي زال عنى ذلك النفس العالي الحاصل من الإعياء. (طائر) الطائر الحظ. يطلق على الحظ من الخير والشر. والمراد هنا على أفضل حظ وبركة. (فلم يرعني) أي لم يفجأني ويأتني بغتة إلا هذا.

٧٠ - (١٤٢٢) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا عَبْدَةُ (هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ) عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ. وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.

٧١ - (١٤٢٢) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة؛ أن النبي ﷺ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ. وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. وَلُعَبُهَا مَعَهَا. وَمَاتَ عنها وهي بنت ثمان عشرة.


(ولعبها معها) المراد هذه اللعب المسماة بالبنات التي تلعب بها الجواري الصغار. ومعناه التنبيه على صغر سنها.

٧٢ - (١٤٢٢) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ (قال يحيى وإسحاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية) عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت: تَزَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ. وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ. وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ.

(١١) بَاب اسْتِحْبَابِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ فِي شَوَّالٍ، وَاسْتِحْبَابِ الدخول فيه
٧٣ - (١٤٢٣) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. (وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ) قَالَا: حدثنا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي شَوَّالٍ. وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ. فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ أَحْظَى عَنْدَهُ مِنِّي؟ قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شوال.

(١٤٢٣) - وحدثناه ابْنُ نُمَيْرٍ. حدثنا أَبِي. حدثنا سُفْيَانُ. بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ عَائِشَةَ.

(١٢) بَاب نَدْبِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا
٧٤ - (١٤٢٤) حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حدثنا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا. فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا».


(تزوج امرأة من الأنصار) أي أراد تزوجها بخطبتها. (فإن في أعين الأنصار شيئا) هكذا الرواية: شيئا، وهو واحد الأشياء. قيل المراد صغر. وقيل زرقة.

٧٥ - (١٤٢٤) وحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. حدثنا مَرْوَانُ بْنُ معاووية الْفَزَارِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي ﷺ فقال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ«. هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. قَالَ «عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟». قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ. مَا عَنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ. وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ» قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ. بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فيهم.


(على أربع أواق) هو جمع أوقية، كأثاف في جمع أثفية. والأصل فيها التشديد، فإنها على تقدير أفعولة، كأعجوبة وأضحوكة. فحق الجمع فيها أواقي وأثافي، بإعراب ملفوظ على الياء المشددة. وتخفف للتخفيف فيقدر في حالتيهما الإعراب. (كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ) تنحتون أي تقشرون وتقطعون. والعرض هو الجانب والناصية ومعنى ذلك كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج.

(١٣) بَاب الصَّدَاقِ وَجَوَازِ كَوْنِهِ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وَخَاتَمَ حَدِيدٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ. وَاسْتِحْبَابِ كونه خمسمائة دِرْهَمٍ لِمَنْ لَا يُجْحِفُ بِهِ
٧٦ - (١٤٢٥) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحدثناه قتيبة. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ،

١٠٤١
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أهب لك نفسى. فنظر إليها رسول ﷺ. فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ. ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا، جَلَسَتْ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فقَالَ:
«فَهَلْ عَنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟» فقَالَ: لَا. وَاللَّهِ! يَا رَسُولَ اللَّهِ! فقَالَ: «اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فانظرهل تَجِدُ شَيْئًا؟» فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ. فقَالَ: لَا. والله! ماوجدت شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انظر ولو خاتم مِنْ حَدِيدٍ» فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ. فقَالَ: لَا. والله! يا رسول الله! ولا خاتم مِنْ حَدِيدٍ. وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي. (قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ) فَلَهَا نِصْفُهُ. فقَالَ رَسُولُ الله «مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ. وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ» فَجَلَسَ الرَّجُلُ. حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ. فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُوَلِّيًا. فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ. فَلَمَّا جَاءَ قَالَ «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟» قال: معي سورة كذا وكذا. (عَدَّدَهَا) فقَالَ «تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ»؟ قَالَ: نعم. قال «اذهب فقد ملكتها بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».
هَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ. وَحَدِيثُ يَعْقُوبَ يُقَارِبُهُ فِي اللَّفْظِ.


(فصعد النظر فيها وصوبه) صعد، أي رفع. وصوب، أي خفض. (ولو خاتم) هكذا هو في النسخ: خاتم من حديد. وفي بعض النسخ: خاتما. وهذا واضح. والأول صحيح أيضا. أي ولو حضر خاتم من حديد. (ملكتها) هكذا هو في معظم النسخ. وكذا نقلها القاضي عن رواية الأكثرين: ملكتها. وفي بعض النسخ: ملكتكها.

٧٧ - (١٤٢٥) وحدثناه خلف بن هشام. حدثنا حمادبن زَيْدٍ. ح وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وحدثنا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيَّ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. يَزِيدُ بَعْضُهُمْ على بعض. غير أن في الحديث زَائِدَةَ قَالَ (انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا. فَعَلِّمْهَا مِنَ القرآن).

٧٨ - (١٤٢٦) حدثنا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابن أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ:
كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَت: كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. قَالَت: أَتَدْرِي ما النش؟ قال: قلت: نصف أوقية. قتلك خمسمائة دِرْهَمٍ. فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأَزْوَاجِهِ.

٧٩ - (١٤٣٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى (قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنس بن مالك؛ أن النبي ﷺ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ. فقَالَ «مَا هَذَا؟» قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ «فَبَارَكَ اللَّهُ لك. أولم ولو بشاة».


(أثر الصفرة) الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس، ولم يقصده ولا تعمد التزعفر. (نواة من ذهب) قال القاضي: قال الخطابي: النواة اسم لقدر معروف عندهم، فسروها بخمسة دراهم من ذهب. قال القاضي: كذا فسرها أكثر العلماء. (أولم ولو بشاة) قال العلماء من أهل اللغة والفقهاء وغيرهم: الوليمة الطعام المتخذ للعرس. مشتقة من الولم، وهو الجمع لأن الزوجين يجتمعان. قاله الأزهري وغيره. وقال ابن الأنباري أصلها تمام الشيء واجتماعه. والفعل منها أولم.

٨٠ - (١٤٣٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أولم ولو بشاة».

٨١ - (١٤٣٧) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا وكيع. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَأَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ «أَوْلِمْ وَلَوْ بشاة».

(١٤٣٧) - وحدثناه محمد بن المثنى. حدثنا أبو داود. ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَا: حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. ح وحدثنا أَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ. حدثنا شَبَابَةُ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً.

٨٢ - (١٤٣٧) وحدثنا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ. قالا: أخبرنا النضر بن شميل. حدثنا شعبة. حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ:
رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيَّ بَشَاشَةُ الْعُرْسِ. فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ. فقَالَ «كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟» فَقُلْتُ: نَوَاةً. وَفِي حديث إسحاق: من ذهب.


(وعلي بشاشة العرس) أي طلاقة الوجه الحاصلة أيام العرس. وهو الزفاف. والعرس يطلق على طعام الوليمة أيضا.

٨٣ - (١٤٢٧) وحدثنا ابن المثنى. حدثنا أبو داود. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ (قَالَ شُعْبَةُ: وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.

(١٤٢٧) - وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حدثنا وَهْبٌ. أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
فقَالَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: من ذهب.

(١٤) باب فضيلة إعتاق أمة ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا
٨٤ - (١٣٦٥) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ علية) عن عبد العزيز، عن أنس؛ أن رسول الله ﷺ غزا خيبر. قال:
فصلينا عندها صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ. فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ. وَإِنَّ ركبتي

١٠٤٤
لتمس فخذ النبي ﷺ. وَانْحَسَرَ الْإِزَارُ عَنْ فخذ نبي الله ﷺ. فَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ! خَرِبَتْ خَيْبَرُ. إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ. فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ. فقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ! قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَقَالَ بعض أصحابنا: فقالوا: مُحَمَّدٌ، وَالْخَمِيسُ.
قَالَ: وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً. وَجُمِعَ السَّبْيُ. فَجَاءَهُ دِحْيَةُ فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ.
فقَالَ «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً» فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ. فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ، صَفِيَّةَ بِنْتَ حيي، سيد قريظة والنضر؟ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ. قَالَ «ادْعُوهُ بِهَا» قَالَ: فَجَاءَ بِهَا. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ قَالَ «خُذْ جَارِيَةً من السبي غيرها» قال: وأعتقها وتزوجهها.
فقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: نَفْسَهَا. أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ. فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ. فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ ﷺ عَرُوسًا. فقَالَ «مَنْ كَانَ عَنْدَهُ شيء فليجيء بِهِ» قَالَ: وَبَسَطَ نِطَعًا. قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْأَقِطِ. وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ. وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ. فَحَاسُوا حَيْسًا. فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رسول الله ﷺ.


(فأجرى نبي الله) أي حمل مطيته على الجري، وهو العدو والإسراع. وفي الكلام حذف، أي وأجرينا. يدل عليه قوله: وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله، يعني للزحام الحاصل عند الجري. (خربت خيبر) ذكروا فيه وجهين: أحدهما أنه دعاء، تقديره أسأل الله خرابها. والثاني إخبار بخرابها على الكفار، وفتحها للمسلمين. (محمد والخميس) هو الجيش. قال الأزهري وغيره: سمي جيشا لأنه خمسة أقسام: مقدمة وساقة وميمنة وميسرة وقلب. (عنوة) أي قهرا لا صلحا. (فأهدتها له) أي زفتها إليه ﷺ (وبسط نطعا) فيه أربع لغات مشهورات: فتح النون وكسرها، مع فتح الطاء وإسكانها. أفصحهن كسر النون مع فتح الطاء. وجمعه نطوع وأنطاع. (بالأقط) قال في النهاية: الأقط لبن مجفف يابس مستحجر، يطبخ به (فحاسوا حيسا) الحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد. وربما جعل معه سويق. وهو مصدر في الأصل. يقال: حاس الرجل حيسا مثل باع بيعا، إذا اتخذ ذلك.

٨٥ - (١٣٦٥) وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حدثنا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ) عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ. ح وحدثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ) عَنْ ثَابِتٍ وَشُعَيْبِ بْنِ حَبْحَابٍ، عَنْ أَنَسٍ. ح وحدثنا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبو عوانة عن أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بن حرب. حدثنا معاذ ابن هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حدثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَعُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ. جميعا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ. كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ: تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وأصدقها عتقها.

٨٦ - (١٥٤) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ، في الَّذِي يُعْتِقُ جَارِيَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا «لَهُ أَجْرَانِ».

٨٧ - (١٣٦٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ. وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قال: فأتيناهم حين بزغت الشمس. وقد أخرجوا مواشيهم وخرجوا بفؤسهم ومكاتلهم ومرورهم. فقالوا: محمد، والخميس. قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خَرِبَتْ خَيْبَرُ! إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» قَالَ: وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عز وجل. وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ. فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ

١٠٤٦
بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ. ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصَنِّعُهَا لَهُ وَتُهَيِّئُهَا. (قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ) وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا. وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلِيمَتَهَا التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ. فُحِصَتِ الْأَرْضُ أَفَاحِيصَ. وَجِيءَ بِالْأَنْطَاعِ. فَوُضِعَتْ فِيهَا. وَجِيءَ بِالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَشَبِعَ النَّاسُ. قَالَ: وَقَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ. قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ. وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا. فَقَعَدَتْ عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا. فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَدَفَعَنْا. قَالَ: فَعَثَرَتِ النَّاقَةُ الْعَضْبَاءُ. وَنَدَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَدَرَتْ. فَقَامَ فَسَتَرَهَا. وَقَدْ أَشْرَفَتِ النِّسَاءُ. فَقُلْنَ: أَبْعَدَ اللَّهُ الْيَهُودِيَّةَ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! أَوَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: إِي. وَاللَّهِ! لَقَدْ وقع.


(حين بزغت الشمس) معاه عند ابتداء طلوعها. (وخرجوا بفؤسهم ومكاتلهم ومرورهم) أما الفؤس فجمع فأس، وهو الذي يشق به الحطب. والمكاتل جمع مكتل وهو القفة والزنبيل. والمرور جمع مر، بفتح الميم، وهو معروف نحو المجرفة. وأكبر منها. يقال لها: المساحي. هذا هو الصحيح في معناه. وحكى القاضي قولين: أحدهما هذا. والثاني أن المراد بالمرور هنا، الحبال. كانوا يصعدون بها إلى النخيل. قال: واحدها مر، بفتح الميم وكسرها، لأنه يمر حين يفتل. (تصنعها) أي لتحسن القيام بها وتزينها له عليه الصلاة والسلام. (تعتد في بيتعها) أي تستبرئ فإنها كانت مسبية يجب استبراؤها. وجعلها في مدة الاستبراء في بيت أم سليم. فلما انقضى الاستبراء جهزتها أم سليم وهيأتها. أي زينتها وجملتها على عادة العروس. (فحصت الأرض أفاحيص) أي كشف التراب من أعلاها وحفرت شيئا يسيرا لتجعل الأنطاع في المحفور ويصب فيها السمن، فيثبت ولا يخرج من جوانبها. وأصل الفحص الكشف. وفحص عن الأمر وفحص الطائر لبيضه. والأفاحيص جمع أفحوص. (عجز البعير) عجز كل شيء مؤخره. (فعثرت الناقة العضباء) أي كبت وتعست. والعضباء الناقة المشقوقة الأذن. ولقب ناقة النبي ﷺ. ولم تكن عضباء. (وندر ... وندرت) أي سقط. وأصل الندور الخروج والانفراد. ومنه كلمة نادرة، أي فردة النظائر.

٨٧ م - (١٤٢٨) قَالَ أَنَسٌ: وَشَهِدْتُ وَلِيمَةَ زَيْنَبَ. فَأَشْبَعَ النَّاسَ خبزا ولحما. وكان يبعثني فأدعوا النَّاسَ. فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ وَتَبِعْتُهُ. فَتَخَلَّفَ رَجُلَانِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ. لَمْ يَخْرُجَا. فَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى نِسَائِهِ. فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. كَيْفَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟» فَيَقُولُونَ: بِخَيْرٍ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَيَقُولُ «بِخَيْرٍ» فَلَمَّا فَرَغَ رَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا بَلَغَ

١٠٤٧
الْبَابَ إِذَا هُوَ بِالرَّجُلَيْنِ قَدِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ. فَلَمَّا رَأَيَاهُ قَدْ رَجَعَ قَامَا فَخَرَجَا. فَوَاللَّهِ! مَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَمْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِأَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَا. فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ أَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ [٣٣ /الأحزاب/ الآية ٥٣] الآية.

٨٨ - (١٣٦٥) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا شَبَابَةُ. حدثنا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمِ ابن حَيَّانَ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ. حدثنا أَنَسٌ. قَالَ:
صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ فِي مَقْسَمِهِ. وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عند رسول الله ﷺ. قَالَ: وَيَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى دِحْيَةَ فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ. ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّي فقَالَ «أَصْلِحِيهَا» قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ خَيْبَرَ. حَتَّى إِذَا جَعَلَهَا فِي ظَهْرِهِ نَزَلَ. ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا الْقُبَّةَ. فَلَمَّا أَصْبَح قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ كَانَ عَنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَأْتِنَا بِهِ» قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِفَضْلِ التَّمْرِ وَفَضْلِ السَّوِيقِ. حَتَّى جَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ سَوَادًا حَيْسًا. فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ ذَلِكَ الْحَيْسِ. وَيَشْرَبُونَ مِنْ حِيَاضٍ إِلَى جَنْبِهِمْ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ. قَالَ: فقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهَا قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى إِذَا رَأَيْنَا جُدُرَ الْمَدِينَةِ هَشِشْنَا إِلَيْهَا. فَرَفَعَنْا مَطِيَّنَا.

١٠٤٨
وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مطيته. قال: وصفية خَلْفَهُ قَدْ أَرْدَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَالَ: فَعَثَرَتْ مَطِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَصُرِعَ وَصُرِعَتْ. قَالَ: فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا إِلَيْهَا. حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَتَرَهَا. قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ فقَالَ «لَمْ نُضَرَّ» قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ. فَخَرَجَ جَوَارِي نِسَائِهِ يتراءينها ويشمتن بصرعتها.


(أسكفه الباب) أي عتبته. وأصلها العتبة العليا، وقد تستعمل في السفلى. (في مقسمه) هو مصدر. (سوادا حيسا) أصل السواد الشخص. ومنه في حديث الإسراء: رأى آدم عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة أي أشخاصا. والمراد هنا، حتى جعلوا من ذلك كوما شاخصا مرتفعا، فخلطوه وجعلوه حيسا. (هششنا) قال الإمام النووي: في النسخ هشنا بفتح الهاء وتشديد الشين المعجمة ثم نون. وفي بعضها هششنا الأولى مكسورة مخففة ومعناهما نشطنا وخففنا وانبعثت نفوسنا إليها. يقال منه هششت بكسر الشين في الماضي وفتحها في المضارع. وذكر القاضي الروايتين السابقتين. قال والرواية الأولى على الإدغام لإلتقاء المثلين. وهي لغة من قال: هزت سيفي. وهي لغة بكر بن وائل. ورواه بعضهم: هشنا، بكسر الهاء وإسكان الشين. وهو من هاش يهيش بمعنى هش. (فرفعنا مطينا) أي أسرعنا بها. يقال: رفع بعيره في سيره، إذا أسرع. ورفعته، إذا أسرعت به. يتعدى ولا يتعدى. (يتراءينها) أي يريها بعضهن إلى بعض. (ويشمتن بصرعتها) أي ويظهرن السرور بوقعتها.

(١٥) بَاب زَوَاجِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَنُزُولِ الْحِجَابِ، وَإِثْبَاتِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ
٨٩ - (١٤٢٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. وَهَذَا حَدِيثُ بَهْزٍ قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِزَيْدٍ «فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ» قَالَ: فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي. حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا إن رسول الله ﷺ ذَكَرَهَا. فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي. فَقُلْتُ: يَا زَيْنَبُ! أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُكِ. قَالَت: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُوَامِرَ رَبِّي. فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا.

١٠٤٩
وَنَزَلَ الْقُرْآنُ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَخَلَ عليها بِغَيْرِ إِذْنٍ. قَالَ فقَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَطْعَمَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ. فَخَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ رِجَالٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ الطَّعَامِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاتَّبَعْتُهُ. فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ حُجَرَ نِسَائِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ. وَيَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ قَالَ: فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أَوْ أَخْبَرَنِي. قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ. فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ مَعَهُ فَأَلْقَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَنَزَلَ الْحِجَابُ. قَالَ: وَوُعِظَ الْقَوْمُ بِمَا وُعِظُوا بِهِ.
زَادَ ابْنُ رَافِعٍ فِي حَدِيثِهِ: لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ؛ إلى قوله: والله لا يستحي من الحق.


(لزيد) هو زيد بن حارثة الذي سماه الله سبحانه في تلك السورة من كتابه. (فاذكرها علي) أي فاخطبها لي من نفسها. (تخمر عجينها) أي تجعل في عجينها الخمير. قال المجد: وتخمير العجين تركه ليجود. (فلما رأيتها عظمت في صدري ..) معناه أنه هابها واستجلها من أجل إرادة النبي ﷺ تزوجها. فعاملها معاملة من تزوجها ﷺ، في الإعظام والإجلال والمهابة. وقوله: أن رسول الله .. هو بفتح الهمزة من أن أي من أجل ذلك. وقوله: نكصت، أي رجعت. وكان جاء إليها ليخطبها وهو ينظر إليها، على ما كان من عادتهم. وهذا قبل نزول الحجاب. فلما غلب عليه الإجلال تأخر. وخطبها وظهره إليها، لئلا يسبقه النظر إليها. (إلى مسجدها) أي موضع صلاتها من بيتها. (ونزل القرآن) يعني نزل قوله تعالى: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها، فدخل عليها بغير إذن. (ولقد رأيتنا) أي رأيت أنفسنا. (حين امتد النهار) أي ارتفع. هكذا هو في النسخ: حين، بالنون. (غير ناظرين إناه) أي غير منتظرين لإدراكه. والإنى كإلى، مصدر أنى يأنى، إذا أدرك ونضج. ويقال: بلغ هذا إناء أي غايته. ومنه: حميم آن وعين آنية. وبابه رمى. ويقال: أنى يأنى أيضا، إذا دنا وقرب. ومنه: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله. وقد يستعمل على القلب فيقال: آن يئين آينا فهو آين. جمعهما الشاعر في قوله:
ألما يئن لي أن تجلى عمايتي * وأقصر عن ليلى! بلى قد أنى ليا

٩٠ - (١٤٢٨) حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ: سَمِعْتُ أَنَسًا) قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَوْلَمَ عَلَى امْرَأَةٍ (وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ: عَلَى شَيْءٍ) مِنْ نِسَائِهِ، مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ. فَإِنَّهُ ذَبَحَ شَاةً.

٩١ - (١٤٢٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد (وهو بن جَعْفَرٍ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِمَّا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ.

١٠٥٠
فقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: بِمَا أَوْلَمَ؟ قَالَ: أَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا حتى تركوه.


(حتى تركوه) يعني حتى شبعوا وتركوه لشبعهم.

٩٢ - (١٤٢٨) حدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى. كُلُّهُمْ عَنْ مُعْتَمِرٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَبِيبٍ). حدثنا مُعْتَمِرُ بن سليمان قال: سمعت أبي. حدثنا أبو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، دَعَا الْقَوْمَ فَطَعِمُوا. ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ. قَالَ: فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ. فَلَمَّا قَامَ مَنْ قَامَ مِنَ الْقَوْمِ.
زَادَ عَاصِمٌ وَابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى فِي حَدِيثِهِمَا قَالَ: فَقَعَدَ ثَلَاثَةٌ. وَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ. ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا. قَالَ: فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا. قَالَ: فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ. فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وبينه. قال: وأنزل الله عز وجل: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾؛ إِلَى قَوْلِهِ ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ الله عظيما﴾.

٩٣ - (١٤٢٨) وحدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحِجَابِ. لَقَدْ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ. قَالَ أَنَسٌ:
أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. قَالَ: وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ. فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ. فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَا قَامَ الْقَوْمُ. حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَمَشَى فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ. ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ. فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ. فَرَجَعَ فَرَجَعْتُ الثَّانِيَةَ. حَتَّى بَلَغَ حُجْرَةَ عَائِشَةَ. فَرَجَعَ فَرَجَعَتْ. فَإِذَا هُمْ قَدْ قَامُوا. فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ.

٩٤ - (١٤٢٨) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا جعفر (يعني ابْنَ سُلَيْمَانَ) عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ. قَالَ: فَصَنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا فَجَعَلَتْهُ فِي تَوْرٍ. فقَالَت: يَا أَنَسُ! اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْ بَعَثَتْ بِهَذَا إِلَيْكَ أُمِّي. وَهِيَ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ. وَتَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي تُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَتَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! فقَالَ «ضَعْهُ» ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. وَمَنْ لَقِيتَ» وَسَمَّى رِجَالًا. قَالَ: فَدَعَوْتُ مَنْ سَمَّى وَمَنْ لَقِيتُ: قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: عدد كم كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة.
وَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا أَنَسُ! هَاتِ التَّوْرَ» قَالَ: فَدَخَلُوا حَتَّى امْتَلَأَتِ الصُّفَّةُ وَالْحُجْرَةُ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لِيَتَحَلَّقْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ وَلْيَأْكُلْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِمَّا يَلِيهِ» قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. قَالَ: فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ وَدَخَلَتْ طَائِفَةٌ حَتَّى أَكَلُوا كُلُّهُمْ. فقَالَ لِي «يَا أَنَسُ! ارْفَعْ» قَالَ: فَرَفَعْتُ. فَمَا أَدْرِي حِينَ وَضَعْتُ كَانَ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رَفَعْتُ. قَالَ: وَجَلَسَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ، وَزَوْجَتُهُ مُوَلِّيَةٌ وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ. فَثَقُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ. ثُمَّ رَجَعَ. فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ رَجَعَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَابْتَدَرُوا الْبَابَ فَخَرَجُوا كُلُّهُمْ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَرْخَى السِّتْرَ وَدَخَلَ. وَأَنَا جَالِسٌ فِي الْحُجْرَةِ. فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى خَرَجَ عَلَيَّ. وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

١٠٥٢
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ: يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يؤذي النبي؛ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَالَ الْجَعْدُ: قَالَ أَنَسُ ابن مَالِكٍ: أَنَا أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِهَذِهِ الْآيَاتِ. وَحُجِبْنَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ.


(في تور) قال في النهاية: هو إناء من صفر أو حجارة، كالإجانة، وقد يتوضأ منه. (عدد كم كانوا) عدد مقحم. (زهاء ثلاثمائة) يقال: هم زهاء مائة وزهاء ألف، أي قدر مائة وقدر ألف. (وزوجته) هكذا هو في جميع النسخ: وزوجته، بالتاء. وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر. والمشهور حذفها. (فابتدروا الباب) أي سارعوا إليه للخروج.

٩٥ - (١٤٢٨) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبد الرزاق. حدثنا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ زَيْنَبَ أَهْدَتْ لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ. فقَالَ أَنَسٌ: فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«اذْهَبْ فَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» فَدَعَوْتُ لَهُ مَنْ لَقِيتُ. فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ. وَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ عَلَى الطَّعَامِ فَدَعَا فِيهِ. وَقَالَ فِيهِ ماشاء اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ أَدَعْ أَحَدًا لَقِيتُهُ إِلَّا دَعَوْتُهُ. فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. وَخَرَجُوا. وَبَقِيَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَطَالُوا عَلَيْهِ الْحَدِيثَ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يستحي مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ شَيْئًا. فَخَرَجَ وَتَرَكَهُمْ في البيت. فأنزل الله عز وجل: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أن يؤذن لكم إلى طعام غيرناظرين إناه﴾ (قَالَ قَتَادَةُ: غَيْرَ مُتَحَيِّنِينَ طَعَامًا) ﴿وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا﴾. حَتَّى بَلَغَ: ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقلوبهن﴾.


(غير متحينين طعاما) أي منتظرين زمان الطعام، طالبين حينه.

(١٦) باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة


(دعوة) دعوة الطعام بفتح الدال: ودعوة النسب بكسرها. هذا قول جمهور العرب. وعكسه تيم الرباب، فقالوا: الطعام، بالكسر. والنسب بالفتح.

٩٦ - (١٤٢٩) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: قال رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الوليمة فليأتها».


(الوليمة) الوليمة اسم لكل طعام يتخذ لجمع. وقال ابن فارس: هي طعام العرس. وزاد الجوهري شاهدا: أولم ولو بشاة.

٩٧ - (١٤٢٩) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابن عمر، عن النبي ﷺ. قَالَ:
«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيُجِبْ».
قَالَ خَالِدٌ: فَإِذَا عُبَيْدُ اللَّهِ يُنَزِّلُهُ على العرس.


(ينزله على العرس) أي يجعله، يعني وجوب الإجابة، مترتبا على العرس، وهو الزفاف وطعامه.

٩٨ - (١٤٢٩) حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي ﷺ قال:
«إذا دعى أحدكم إلى وليمة عرس فليجب».


(عرس) العرس، بإسكان الراء وضمها، لغتان مشهورتان. وهي مؤنثة. وفيها لغة بالتذكير.

٩٩ - (١٤٢٩) حدثني أبو الربيع وأبو كامل. قالا: حدثنا حماد. حدثنا أَيُّوبُ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ:
«ائْتُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ».

١٠٠ - (١٤٢٩) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبد الرزاق. أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
«إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فليجبب. عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ».

١٠١ - (١٤٢٩) وحَدَّثَنِي إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُنْذِرِ. حدثنا بَقِيَّةُ. حدثنا الزُّبَيْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ:
«مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ».

١٠٢ - (١٤٢٩) حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حدثنا إِسْمَاعِيل بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
«ائْتُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ».

١٠٣ - (١٤٢٩) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا».
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ. وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ.

١٠٤ - (١٤٢٩) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. حدثني عمر بن محمد عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي ﷺ قَالَ:
«إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى كُرَاعٍ فَأَجِيبُوا».


(كراع) المراد عند جماهير العلماء. كراع الشاة. وذكر أهل اللغة أن الكراع، وزان غراب، من الغنم والبقر، بمنزلة الوظيف من الفرس والبعير. وهو مستدق الساق.

١٠٥ - (١٤٣٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أَبِي. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ. فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ».
وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الْمُثَنَّى «إِلَى طَعَامٍ».

(١٤٣٠) - وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. حدثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، بمثله.

١٠٦ - (١٤٣١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّهِ ﷺ:
«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ. فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كان مفطرا فليطعم».


(فليصل) اختلفوا في معنى فليصل. قال الجمهور: معناه فليدع لأهل الطعام بالمغفرة والبركة ونحو ذلك. وأصل الصلاة في اللغة الدعاء. ومنه قوله تعالى: وصل عليهم. وقيل: المراد الصلاة الشرعية بالركوع والسجود. أي يشتغل بالصلاة ليحصل له فضلها وثوابها، وللحاضرين بركتها.

١٠٧ - (١٤٣٢) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهِ الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ. فَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ورسوله.


(بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليه ..) أي التي من شأنها هذا. ومعنى هذا الحديث الإخبار بما يقع من الناس، بعده ﷺ، من مراعاة الأغنياء في الولائم وتخصيصهم بالدعوة وإيثارهم بطيب الطعام ورفع مجالسهم وتقديمهم، وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم.

١٠٨ - (١٤٣٢) وحدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حدثنا سُفْيَانُ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: يَا أَبَا بَكْرٍ؟ كَيْفَ هَذَا الْحَدِيثُ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْأَغْنِيَاءِ؟ فَضَحِكَ فقَالَ: لَيْسَ هُوَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْأَغْنِيَاءِ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ أَبِي غَنِيًّا. فَأَفْزَعَنِي هَذَا الْحَدِيثُ حِينَ سَمِعْتُ بِهِ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ فقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.

١٠٩ - (١٤٣٢) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وعَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ. نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ.
وحدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. نَحْوَ ذَلِكَ.

١١٠ - (١٤٣٢) وحدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْأَعْرَجَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
«شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ. يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا. وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

(١٧) بَاب لَا تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَطَأَهَا، ثُمَّ يُفَارِقَهَا، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
١١١ - (١٤٣٣) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ (وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو) قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عن عائشة. قالت: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: كُنْتُ عَنْدَ رِفَاعَةَ. فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي. فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ. وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ.

١٠٥٦
فَتَبَسَّمَ رسول الله ﷺ. فقال:
«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا. حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». قَالَت: وَأَبُو بَكْرٍ عَنْدَهُ. وَخَالِدٌ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ. فَنَادَى: يَا أَبَا بَكْرٍ! أَلَا تَسْمَعُ هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عَنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ!


(فبت طلاقي) أي طلقني ثلاثا. والبت القطع. (وإن ما معه) أي وإن الذي معه، تعني متاعه. (هدبة الثوب) هي طرفه الذي لم ينسج. شبوهها بهدب العين وهو شعر جفنها. تعني أن متاعه رخو كهدبة الثوب. (عسيلته) تصغير عسلة. وهي كناية عن الجماع. شبه لذته بلذة العسل وحلاوته. وفي الصباح: ذاق الرجل عسيلة المرأة وذاقت عسيلته، إذا حصل لهما حلاوة الخلاط ولذة المباشرة بالإيلاج. وهذ استعارة لطيفة شبهت لذة المجامعة بحلاوة العسل، أو سمى الجماع عسلا. لأن العرب تسمى كل ما تستحليه عسلا. وفي الأساس: ومن المستعار العسيلتان، في الحديث، للعضوين لكونهما مظنتى الالتذاذ. والتأنيث فيه لتأنيث مكبره في الأكثر. قال الشماخ.
كأن عيون الناظرين يشوقها * بها عسل طابت يدا من يشورها
(ما تجهر به) الموصول بدل من اسم الإشارة. كره رضي الله عن الجهر بما هو خليق بالإخفاء، خصوصا ممن المنتظر منهن الحياء، لا سيما بحضرة سيد الأنبياء.

١١٢ - (١٤٣٣) حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لِحَرْمَلَةَ) (قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ). أَخْبَرَنِي يونس عن ابن شاب. حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا. فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ. فَجَاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ فقالت: يا رسول اللَّهِ! إِنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ. فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ. وَإِنَّهُ، وَاللَّهِ! مَا مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ الْهُدْبَةِ. وَأَخَذَتْ بِهُدْبَةٍ مِنْ جِلْبَابِهَا. قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضَاحِكًا. فقَالَ:
«لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ. لَا. حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ». وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وخالد

١٠٥٧
ابن سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ. قَالَ: فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ: أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عند رسول الله ﷺ؟.


(جلبابها) الجلباب واحد الجلابيب. وهو كساء تستتر به المرأة، إذا خرجت من بيتها.
وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثا لا تحل لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَطَأَهَا ثُمَّ يفارقها وتنقضى عدتها.
وأما مجرد العقد عليها فلا يبيحها للأول. وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. واتفق العلماء على أن تغيب الحشفة في قبلها كاف في ذلك من غير إنزال المني. وقال الجمهور: بدخول الذكر تحصل اللذة والعسيلة.

١١٣ - (١٤٣٣) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَهَا عبد الرحمن بن الزبير. فجاءت النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله! إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. بِمِثْلِ حديث يونس.

١١٤ - (١٤٣٣) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ إن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ، فَيُطَلِّقُهَا، فَتَتَزَوَّجُ رَجُلًا، فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا. أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ؟ قَالَ «لَا. حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا».

(١٤٣٣) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا ابن فضل. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

١١٥ - (١٤٣٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا. فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا. فَأَرَادَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا. فَسُئِلَ َرَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن ذلك. فقال:
«لَا. حَتَّى يَذُوقَ الْآخِرُ مِنْ عُسَيْلَتِهَا، مَا ذاق الأول».

(١٤٣٣) - وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أبي. ح وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ). جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: حدثنا الْقَاسِمُ عَنْ عائشة.

(١٨) بَاب مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَهُ عَنْدَ الْجِمَاعِ
١١٦ - (١٤٣٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) قَالَا: أَخْبَرَنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قال: قال رسول الله ﷺ:
«لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ. اللَّهُمَّ! جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ. وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ، إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شيطان أبدا».


(أن يأتي أهله) أي أن يجامع زوجته أو أمته.

(١٤٣٤) - وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا عبد ابن حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا عَنِ الثَّوْرِيِّ. كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ. بِمَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ. غَيْرَ أَنَّ شُعْبَةَ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ ذِكْرُ «بِاسْمِ اللَّهِ». وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ «بِاسْمِ اللَّهِ». وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ: قَالَ مَنْصُورٌ: أُرَاهُ قَالَ «بِاسْمِ اللَّهِ».

(١٩) بَاب جَوَازِ جِمَاعِهِ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا، مِنْ قُدَّامِهَا وَمِنْ وَرَائِهَا، مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدُّبُرِ
١١٧ - (١٤٣٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالُوا: حدثنا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، مِنْ دُبُرِهَا، فِي قُبُلِهَا، كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ. فَنَزَلَتْ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾. [٢ /البقرة/ ٢٢٣].

١١٨ - (١٤٣٥) وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن ابْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله؛
أَنَّ يَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ: إِذَا أُتِيَتِ الْمَرْأَةُ، مِنْ دُبُرِهَا، فِي قُبُلِهَا، ثُمَّ حَمَلَتْ كَانَ وَلَدُهَا أَحْوَلَ. قَالَ: فَأُنْزِلَتْ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾.


(إن يهود كانت تقول) هكذا هو في النسخ: يهود. لأن المراد قبيلة اليهود. فامتنع صرفه للتأنيث والعلمية.

١١٩ - (١٤٣٥) وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، عَنْ أَيُّوبَ. ح وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حدثنا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو مَعَنِ الرَّقَاشِيُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبيِ. قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح وحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ. حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ (وَهُوَ ابْنُ الْمُخْتَارِ) عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ. غَيْرَ أن ذلك في صمام واحد.


(إن شاء مجبية) أي مكبوبة على وجهها. (وإن شاء غير مجبية) هذا يشمل الاستلقاء والاضطجاع والتخجية، وهي كونها كالساجدة. (في صمام واحد) أي ثقب واحد. والمراد به القبل. وقال ابن الأثير: الصمام ما تسد به الفرجة، فسمى الفرج به. ويجوز أن يكون: في موضع صمام، على حذف المضاف. قال العلماء: وقوله تعالى: ﴿فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾، أي موضع الزرع من المرأة، هو قبلها الذي يزرع فيه المني لابتغاء الولد. ففيه إباحة وطئها في قبلها، إن شاء من بين يديها، وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة. وأما الدبر فليس هو بحرث ولا موضع زرع. ومعنى قوله تعالى: ﴿أنى شئتم﴾، كيف شئتم. واتفق العلماء على تحريم وطئ المرأة في دبرها، حائضا كانت أو طاهرا.

(٢٠) بَاب تَحْرِيمِ امْتِنَاعِهَا مِنْ فِرَاشِ زَوْجِهَا
١٢٠ - (١٤٣٦) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شُعْبَةُ. قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تصبح».


(لعنتها الملائكة حتى تصبح) هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي. وليس الحيض بعذر في الامتناع. لأن له حقا في الاستمتاع بها فوق الإزار. ومعنى الحديث أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها، أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش.

(١٤٣٦) - وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). حدثنا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ «حتى ترجع».

١٢١ - (١٤٣٦) حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ (يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا، حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا».

١٢٢ - (١٤٣٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حدثنا جَرِيرٌ. كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هريرة. قال: قال رسول الله ﷺ:
«إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لعنتها الملائكة حتى تصبح».

(٢١) بَاب تَحْرِيمِ إِفْشَاءِ سِرِّ الْمَرْأَةِ
١٢٣ - (١٤٣٧) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ الْعُمَرِيِّ. حدثنا عبد الرحمن بن سعد. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عَنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».


(إن من أشر الناس) قال القاضي: هكذا وقعت الرواية: أشر، بالألف. وأهل النحو يقولون: لا يجوز أشر وأخير، وإنما يقال: هو شر منه وخير منه. قال: وقد جاءت الأحاديث الصحيحة باللغتين جميعا، وهي حجة في جوازهما جميعا. وأنهما لغتان. (يفضي إلى إمرأته) أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة. قال تعالى: ﴿وقد أفضى بعضكم إلى بعض﴾. والإفضاء، في الحقيقة، الانتهاء.

١٢٤ - (١٤٣٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رسول الله ﷺ:
«إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عَنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ«إِنَّ أعظم».


(إن من أعظم الأمانة) على حذف المضاف، أي أعظم خيانة الأمانة. (الرجل) على الحذف المضاف أيضا، أي خيانة الرجل.

(٢٢) بَاب حُكْمِ الْعَزْلِ
١٢٥ - (١٤٣٨) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حدثنا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ عَنْ محمد ابن يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو صِرْمَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. فَسَأَلَهُ أَبُو صِرْمَةَ فقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ! هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ الْعَزْلَ؟ فقَالَ: نَعَمْ. غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَزْوَةَ بَلْمُصْطَلِقِ. فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ. فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ. فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ. فَقُلْنَا: نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا لَا نَسْأَلُهُ! فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال: «لا عليكم أن لاتفعلوا. مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إلى يوم القيامة، إلا ستكون».


(يذكر العزل) أي حكمه والعزل هو نزع الذكر من الفرج وقت الإنزال، خوفا من حصول الولد. (بلمصطلق) أي بني الصطلق، وهي غزوة المريسيع. وهذا كما قالوا في بني العنبر: بلعنبر. قال القاضي: قال أهل الحديث: هذا أولى من رواية موسى بن عقبة أنه كان في غزوة أوطاس. (كرائم العرب) أي النفيسات منهم. (فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء) معناه احتجنا إلى الوطء وخفنا من الحبل، فتصير أم ولد يمتنع علينا بيعها وأخذ الفداء فيها. (لا عليكم أن لاتفعلوا) معناه ما عليكم ضرر في ترك العزل، لأن كل نفس قدر الله خلقها لابد أن يخلقها. سواء عزلتم أم لا. وما لم يقدر خلقها لا يقع، سواء عزلتم أم لا. فلا فائدة في عزلكم. فإنه إن كان الله تعالى قدر خلقها سبقكم الماء، فلا ينفع حرصكم في منع الخلق.

١٢٦ - (١٤٣٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ. حدثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فِي مَعْنَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
«فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

١٢٧ - (١٤٣٨) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضبعي. حدثنا جويرية عن مالك، عن الزهري، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا فَكُنَّا نَعْزِلُ. ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ؟ فقَالَ لَنَا «وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ».


(وإنكم لتفعلون) في فتح الباري: هذا الاستفهام يشعر بأنه ﷺ ما كان اطلع على فعلهم ذلك.

١٢٨ - (١٤٣٨) وحدثنا نصر بن علي الجهضمي. حدثنا بشر بْنُ الْمُفَضَّلِ. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاتفعلوا. فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ».

١٢٩ - (١٤٣٨) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وحدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ]. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَبَهْزٌ. قَالُوا جَمِيعًا: حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ فِي الْعَزْلِ:
«لا عليكم أن لا تفعلوا ذا كم. فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ».
وَفِي رِوَايَةِ بَهْزٍ قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ؟ قال: نعم.

١٣٠ - (١٤٣٨) وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي كَامِلٍ). قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابن زيد). حدثنا أيوب عن محمد، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَدَّهُ إِلَى

١٠٦٣
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْعَزْلِ؟ فقَالَ:
«لا عليكم أن تفعلوا ذا كم. فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ».
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَوْلُهُ «لَا عَلَيْكُمْ» أَقْرَبُ إِلَى النَّهْيِ.

١٣١ - (١٤٣٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ. حدثنا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ الْأَنْصَارِيِّ. قَالَ فَرَدَّ الْحَدِيثَ حَتَّى رَدَّهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ. قَالَ:
ذُكِرَ الْعَزْلُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ «وَمَا ذَاكُمْ؟» قَالُوا: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ فَيُصِيبُ مِنْهَا. وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ. وَالرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْأَمَةُ فَيُصِيبُ مِنْهَا. وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ. قَالَ: «فلا عليكم أن تفعلوا ذا كم. فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ».
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَسَنَ فقَالَ: وَاللَّهِ! لَكَأَنَّ هَذَا زَجْرٌ.


(فيصيب منها) أي يطؤها.

(١٤٣٨) - وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. قَالَ: حَدَّثْتُ مُحَمَّدًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ. (يَعْنِي حَدِيثَ الْعَزْلِ) فقَالَ: إِيَّايَ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ.

(١٤٣٨) - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا عبد الأعلى. حدثنا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ: قُلْنَا لِأَبِي سَعِيدٍ:
هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ فِي الْعَزْلِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ. إِلَى قَوْلِهِ «الْقَدَرُ».

١٣٢ - (١٤٣٨) حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ (قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: أَخْبَرَنا. وقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ قَزْعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: ذُكِرَ الْعَزْلُ عند رسول الله ﷺ. فقَالَ:
«وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ؟ (وَلَمْ يَقُلْ: فَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ) فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا».

١٣٣ - (١٤٣٨) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ (يَعْنِي ابْنَ صَالِح) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. سَمِعَهُ يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْعَزْلِ؟ فقَالَ:
«مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ. وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شيء لم يمنعه شيء».


(ما من كل الماء يكون الولد) أي يحصل. فكم من صب لا يحصل منه الولد. ومن عزل محدث له. فقدم خبركان ليدل على الاختصاص. وأن تكوين الولد بمشيئة الله تعالى، لا بالماء. وكذا عدمه بها، لا بالعزل.

(١٤٣٨) - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْبَصْرِيُّ. حدثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ. حدثنا مُعَاوِيَةُ. أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْهَاشِمِيُّ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ.

١٣٤ - (١٤٣٩) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حدثنا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقَالَ: إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا. وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ. فقَالَ:
«اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ. فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» فَلَبِثَ الرَّجُلُ. ثُمَّ أَتَاهُ فقَالَ: إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ. فقَالَ:«قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لها».


(خادمنا) الخادم يستوي فيه المذكر والمؤنث. (وسانيتنا) أي التي تسقى لنا. شبهها بالبعير في ذلك. (وأنا أطوف عليها) أي أجامعها.

١٣٥ - (١٤٣٩) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فقَالَ: إِنَّ عَنْدِي جَارِيَةً لِي. وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِنَّ ذَلِكَ لَنْ يَمْنَعَ شَيْئًا أَرَادَهُ اللَّهُ» قَالَ: فَجَاءَ الرَّجُلُ فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي كُنْتُ ذَكَرْتُهَا لَكَ حَمَلَتْ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ».


(أنا عبد الله ورسوله) معناه هنا أن ما أقول لكم حق فاعتمدوه واستيقنوه، فإنه سيأتي مثل فلق الصبح.

(١٤٣٩) - وحدثنا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. حدثنا سَعِيدُ بْنُ حَسَّانَ، قَاصُّ أَهْلِ مَكَّةَ. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ.

١٣٦ - (١٤٤٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. زَادَ إِسْحَاقَ: قَالَ سُفْيَانُ: لَوْ كَانَ شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ، لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ.

١٣٧ - (١٤٤٠) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حدثنا مَعْقِلٌ عَنْ عَطَاءٍ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَقَدْ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

١٣٨ - (١٤٤٠) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. فَلَمْ ينهنا.

(٢٣) باب تحريم وطء الحامل المسيبة
١٣٩ - (١٤٤١) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ أَتَى بِامْرَأَةٍ محج على باب فسطاط. فقال «لعله يزيد أَنْ يُلِمَّ بِهَا» فقَالُوا: نَعَمْ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

١٠٦٦
«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنْهُ لَعَنْا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ. كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وهو لا يحل له؟».


(أتي بامرأة) أي مر عليها في بعض أسفاره. (مجح) هي الحامل التي قربت ولا دتها. (فسطاط) نحو بيت الشعر. (يلم بها) أي يطؤها، وكانت حاملا مسيبة، لا يحل جماعها حتى تضع. (كيف يورثه وهو لا يحل له) معناه أنه قد تتأخر ولا دتها ستة أشهر بحيث يحتمل كون الولد من هذا السابي، ويحتمل أنه كان ممن قبله. فعلى تقدير كونه من السابي يكون ولدا له ويتوارثان. وعلى تقدير كونه من غير السابي لا يتوارثان هو ولا السابي لعدم القرابة. بل له استخدامه لأنه مملوكه. فتقدير الحديث أنه قد يستحلقه ويجعله ابنا له ويورثه مع أنه لا يحل توريثه لكونه ليس منه. ولا يحل توارثه ومزاحمته لباقي الورثة. وقد يستخدمه استخدام العبيد ويجعله عبدا يتملكه مع أنه لا يحل له ذلك لكونه منه إذا وضعته لمدة محتملة كونه من كل واحد منهما. فيجب عليه الامتناع عن وطئها خوفا من هذا المحظور.

(١٤٤١) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حدثنا أَبُو دَاوُدَ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ.

(٢٤) بَاب جَوَازِ الْغِيلَةِ وَهِيَ وَطْءُ الْمُرْضِعِ، وَكَرَاهَةِ الْعَزْلِ
١٤٠ - (١٤٤٢) وحدثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. حدثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ). قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ. حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ». قَالَ مُسْلِم: وَأَمَّا خَلَفٌ فقَالَ: عَنْ جُذَامَةَ الْأَسَدِيَّةِ. وَالصَّحِيحُ ما قاله يحيى: بالدال.


(الغيلة) قال أهل اللغة: الغيلة، هنا، بكسر الغين، ويقال لها الغيل، بفتح الغين مع حذف الهاء، والغيال، بكسر الغين: وقال جماعة من أهل اللغة: الغيلة، بالفتح، المرة الواحدة. وأما بالكسر فهي الاسم، من الغيل. وقال: إن أريد بها وطء المرضع جاز الغيلة والغيلة بالكسر والفتح. واختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث، وهي الغيل. فقال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة: هي أن يجامع امرأته وهي مرضع. يقال منه: أغال الرجل وأغيل، إذا فعل ذلك. وقال ابن السكيت: هو أن ترضع المرأة وهي حامل. يقال منه: غالت وأغيلت. قال العلماء: سبب همه ﷺ بالنهي عنها أنه يخاف منه ضرر الولد الرضيع قالوا: والأطباء يقولون: إن ذلك اللبن داء. والعرب تكرهه وتتقيه.

١٤١ - (١٤٤٢) حدثنا عبيد الله بن سعيد ومحمد بن أَبِي عمر. قَالَا: حدثنا الْمُقْرِئُ. حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ. حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، أُخْتِ عُكَّاشَةَ. قَالَت: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ:
«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ. فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ. فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا».
ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ؟ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ».
زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْمُقْرِئِ وَهِيَ: ﴿وَإِذَا الموؤدة سئلت﴾ [٨١ /التكوير/ ٨].


(ذلك الوأد الخفي) الوأد دفن البنت وهي حية. وكانت العرب تفعله خشية الإملاق. وربما فعلوه خوف العار. (وهي وإذا المؤودة سئلت) الضمير راجع إلى مقدر. أي هذه الفعلة القبيحة مندرجة في الوعيد تحت قوله تعالى: وإذا المؤودة سئلت. والمؤودة هي البنت المدفونة حية. ومعنى ذلك أن العزل يشبه الوأد المذكور في هذه الآية.

١٤٢ - (١٤٤٢) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ. حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ؛ أَنَّهَا قَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، فِي الْعَزْلِ وَالْغِيلَةِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «الْغِيَالِ».

١٤٣ - (١٤٤٣) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ]. قَالَا: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَقْبُرِيُّ. حدثنا حَيْوَةُ. حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَ وَالِدَهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ؛ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال: إني أعزل عن امرأتي. فقال رسول الله ﷺ «لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟» فقَالَ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا، أَوْ عَلَى أَوْلَادِهَا. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا، ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ».
وقَالَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ «إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلَا. مَا ضَارَ ذلك فارس ولا الروم».

 


google-playkhamsatmostaqltradent