recent
آخر المقالات

٣١ - كتاب اللقطة

 

(اللقطة) اللقطة في كتب الحديث بفتح القاف وقال النووي: هي بفتح القاف على اللغة المشهورة التي قالها الجمهور. وقال في الفتح: اللقطة بضم اللام وفتح القاف على المشهور عند أهل اللغة والمحدثين. وقال عياض: لا يجوز غيره. وقال الزمخشري في الفائق: اللقطة بفتح القاف والعامة تسكنها. كذا قال. وقد جزم الخليل بأنها بالسكون. وقال الأزهري: هذا الذي قاله هو القياس. ولكن الذي سمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث والحديث الفتح. وذكر مثله القسطلاني. هذا هو الصواب الذي لا محيد عنه. وما سواه فخطأ فاحش أوقع المخطئ فيه عدم تمييزه بين ما جاء على وزن فعلة من النعوت وما جاء على وزنها من الأسماء.


ومن هؤلاء الخليل بن أحمد ثم الليث ثم صاحب المقاييس أو الأستاذ عبد السلام هارون الذي وقف على طبعه وتصحيحه ثم الأستاذ عبد السلام هارون صاحب التعليقة على هذه اللفظة في صفحة ٤٦٤ من تهذيب الصحاح ثم أخيرا الأستاذ محمود محمد شاكر الذي ماراني وتمسك بقول الليث في اللسان بينما أنكره عليه الأزهري حيث قال: الفصحاء على غير ما قال الليث. روى أبو عبيد عن الأصمعي والأحمر قالا: هي اللقطة، والقصعة والنفقة مثقلات كلها. وهذا قول حذاق النحويين. ولم أسمع اللقطة لغير الليث. ونقل الأستاذ عبد السلام هارون في هذه التعليقة، ما جاء في شرح الفصيح المنسوب إلى ثعلب لمؤلفه ابن درستويه قال: اللقطة على وزن فعلة، بفتح الثاني والعامة تسكنه. وأما الخليل فذكر أن اللقطة ساكنة القاف. والقياس ما قال الخليل وهو الصواب. وما اختاره ثعلب وغيره خطأ. ا هـ كلام ابن درستويه وابن درستويه خطأ الصواب وهو قاله ثعلب، وصوب الخطأ وهو ما قاله الخليل. والذي أوقعه في ذلك عدم تمييزه بين ما جاء على وزن فعلة نعتا. وبين ما جاء على وزنها اسمها.
وقد جاء في أدب الكاتب لابن قتيبة؛ تحت باب ما جاء محركا والعامة تسكنه: قال: أتحفته تحفة، وأصابته تخمة. وهي اللقطة، لما يلتقط. وقال في الاقتضاب: كذا حكى غير ابن قتيبة. ووقع في كتاب العين: اللقطة بسكون القاف اسم لما يلتقط. واللقطة بفتح القاف الملتقط. وهذا هو الصحيح. وإن صح الأول فهو نادر. لأن فعلة بسكون العين من صفات المفعول، وبتحريك العين، من صفات الفاعل.
وأقول أنا: إن صاحب الاقتضاب قد خلط بين ما هو اسم على وزن فعلة وبين ما هو نعت على وزنها. كما خلط إخوان له من قبل. أما الجواليقي فلم يعقب على قول ابن قتيبة. وهذا هو معناه إقراره لما قاله صاحب أدب الكاتب. وقال ابن دريد في الجمهرة (ج ٣ ﷺ ١١٣) واللقطة، التي تسميها العامة اللقطة - معروفة. وهو ما التقطه الإنسان فاحتاج إلى تعريفه.
هذه النقول التي ذكرتها على طولها، لأن بعض من يعز علينا جهله قد أخطأ فيها وتمادى في الخطأ حتى اعتقد أن خطأه هو الصواب وأن صواب غيره هو الخطأ. ولله في خلقه شؤون.
والقول الفصل التعليمي في هذا الباب ما عقد له ابن السكيت في كتابه (إصلاح المنطق) باب فعلة. قال: واعلم أنه ما جاء على فعلة، بضم الفاء وفتح العين من النعوت فهو تأويل فاعل وما جاء على فعلة ساكنة العين فهو في معنى مفعول به. تقول: هذا رجل ضحكة كثير الضحك. ولعبة كثير اللعب. ولعنة كثير اللعن للناس. الخ. وفاته أن يذكر مثلا لفعله ساكنة العين. فذكره السيوطي في المزهر: قال: قال أبو عبيد: ويقال: فلان لعنة يلعنه الناس. وسبة يسبونه. وسخرة يسخرون منه. وهزأة وضحكة مثله. وخدعة يخدع. ولعبة يلعب به.
ثم قال ابن السكيت: ومما أتى من الأسماء على فعلة: الزهرة، النجم. وهي التهمة واللقطة والتخمة والتحفة. وعليك بالتؤدة في أمرك ... الخ.
والذي يدعو إلى الدهشة أن الأستاذ عبد السلام هارون كان أحد شارحي ومحققي كتاب إصلاح المنطق. وقد صدر عام ١٩٤٩. ولما أخرج كتاب تهذيب الصحاح عام ١٩٥٢. انساق مع ابن درستويه في تخطئة المصيب وتصويب المخطئ في تعليقه على مادة لقط ﷺ ٤٦٤. ولم يمر بذهنه ما قرره هذا المعلم الكبير، ابن السكيت، في إصلاح المنطق.
وبعد تحرير ما تقدم حدثني الأستاذ الكبير السيد خير الدين الزركلي؛ أن بدار الكتب المصرية نسخة خطية من كتاب (التقريب في علم الغريب) لابن الخطيب الدهشة - محفوظة تحت رقم ٦٧٧.
وقد جاء فيه. اللقطة، كرطبة، ويسكن، أو هو من لحن العوام ا هـ.
وأنا أقول قولا لا ريب فيه: بل هو من لحن العوام. وإن من قالها الخليل ابن أحمد والليث وابن درستويه ومن والاهم من المعاصرين.

١ - (١٧٢٢) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّهُ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ؟

١٣٤٧
فَقَالَ (اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا. ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا). قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ (لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ). قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ (مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا

١٣٤٨
سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا. تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ. حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا).
قَالَ يحيى: أحسب قرأت: عفاصها.


(اعرف عفاصها) معناه تعرف لتعلم صدق واصفها من كذبه، ولئلا تختلط بماله وتشتبه. والعفاص هو الوعاء الذي تكون فيه النفقة، جلدا كان أو غيره. ويطلق العفاص، أيضا، على الجلد الذي يكون على رأس القارورة لأنه كالوعاء له. فأما الذي يدخل في فم القارورة من خشب أو جلد أو خرقة مجموعة، ونحو ذلك، فهو الصمام. يقال: عفصتها عفصا، إذا شددت العفاص عليها. وأعفصتها إعفاصا، إذا جعلت لها عفاصا. وأما الوكاء فهو الخيط الذي يشد به الوعاء. يقال: أوكيته إيكاء، فهو موكي، بغير همز.
(وإلا فشأنك بها) منصوب على المفعولية لمحذوف، أي فالزم شأنك بها واستمتع.
(فضالة الغنم) قال الأزهري وغيره: لا يقع اسم الضالة إلا على الحيوان. يقال: ضل الإنسان والبعير وغيرهما من الحيوان. وهي الضوال. وأما الأمتتعة وما سوى الحيوان فيقال لها: لقطة، ولا يقال: ضالة.
(لك أو لأخيك أو للذئب) معناه الإذن في أخذها بخلاف الإبل. وفرق ﷺ بينهما. وبين الفرق بأن الإبل مستغنية عمن يحفظها لاستقلالها بحذائها وسقائها وورودها الماء والشجر، وامتناعها من الذئاب وغيرها من صغار السباع. والغنم بخلاف ذلك. فلك أن تأخذها لأنها معرضة للذئاب، وضعيفة عن الاستقلال. فهي مترددة بين أن تأخذها أنت أو صاحبها أو أخوك المسلم الذي يمر بها، أو الذئب. فلهذا جاز أخذها دون الإبل. ثم إذا أخذها وعرفها سنة وأكلها ثم جاء صاحبها لزمته غرامتها.
(معها سقاؤها وحذاؤها) معناه أنها تقوى على ورود المياه وتشرب في اليوم الواحد وتملأ كرشها بحيث يكفيها الأيام. وأما حذاؤها فهو أحفافها. لأنها تقوى على السير وقطع المفاوز.

٢ - (١٧٢٢) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ؛
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ اللُّقَطَةِ؟ فَقَالَ (عَرِّفْهَا سَنَةً. ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا. ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا. فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: خُذْهَا. فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى احرت وَجْنَتَاهُ (أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ) ثُمَّ قَالَ: (مَا لك ولها؟ معها حذاءها وسقاؤها حتى يلقاها ربها).


(عرفها سنة) معناه إذا أخذتها فعرفها سنة. والتعريف أن ينشدها في الموضع الذي وجدها فيه وفي الأسواق وأبواب المساجد ومواضع اجتماع الناس. فيقول: من ضاع منه شيء؟ من ضاع منه حيوان؟ من ضاع منه دراهم؟ ونحو ذلك. ويكرر ذلك بحسب العادة.
(ثم استنفق بها) أي تملكها ثم أنفقها على نفسك.
(وجنتاه) الوجنة، بفتح الواو وضمها وكسرها، وفيها لغة رابعة: أجنة بضم الهمزة، وهي اللحم المرتفع من الخدين ويقال: رجل موجن وواجن، أي عظيم الوجنة. وجمعها وجنات. ويجيء فيها اللغات المعروفة في جمع قصعة وحجرة وكسرة.

٣ - (١٧٢٢) وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا عبد الله بن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ؛ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُمْ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ. غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ: قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا مَعَهُ. فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ؟ قَالَ: وَقَالَ عَمْرٌو فِي الْحَدِيثِ (فَإِذَا لَمْ يَأْتِ لَهَا طالب فاستنفقها).

٤ - (١٧٢٢) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ (وهو ابْنُ بِلَالٍ) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ. قَالَ: سَمِعْتُ زيد بن خالد

١٣٤٩
الجهني يقول: أتي رسول الله ﷺ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. غير أنه قال: احمار وَجْهُهُ وَجَبِينُهُ. وَغَضِبَ. وَزَادَ (بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ عرفها سنة) (فإن لم يجيء صاحبها كانت وديعة عندك).


(كانت وديعة عندك) معناه تكون أمانة عندك بعد السنة ما لم تتملكها. فإن تلفت بغير تفريط فلا ضمان عليك. وليس معناه منعه من تملكها. بل له تملكها. والمراد أنه لا ينقطع حق صاحبها بالكلية. وقد نقل القاضي وغيره إجماع المسلمين على أنه إذا جاء صاحبها بعد التملك، ضمنها المتملك.

٥ - (١٧٢٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن اللُّقَطَةِ، الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ؟ فَقَالَ (اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا. ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً. فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا. وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ. فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ) وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ دَعْهَا. فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا. تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ. حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا) وَسَأَلَهُ عَنِ الشَّاةِ؟ فَقَالَ (خُذْهَا. فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أو للذئب).

٦ - (١٧٢٢) وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا حبان بن هِلَالٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بن سعيد وربيعة الرأي بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ؟ زَادَ رَبِيعَةُ: فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا، وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ. وَإِلَّا، فَهِيَ لَكَ).

٧ - (١٧٢٢) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ. قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ اللُّقَطَةِ؟ فَقَالَ (عَرِّفْهَا سَنَةً. فَإِنْ لَمْ تُعْتَرَفْ، فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا. ثُمَّ كلها. فإن جاء صاحبها فأدها إليه).


(فإن لم تعترف) أي إن لم تعرف صاحبها.
(فإن لم تعترف) قال ابن الأثير في النهاية: يقال: عرف فلان الضالة أي ذكرها وطلب من يعرفها. فجاء رجل يعترفها أي يصفها بصفة يعلم أنه صاحبها.

٨ - (١٧٢٢) وحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ (فَإِنِ اعْتُرِفَتْ فَأَدِّهَا. وَإِلَّا فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا).

٩ - (١٧٢٣) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ. قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ:
خَرَجْتُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ غَازِينَ. فَوَجَدْتُ سَوْطًا فَأَخَذْتُهُ. فَقَالا لِي: دَعْهُ. فَقُلْتُ: لَا. وَلَكِنِّي أُعَرِّفُهُ. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. قَالَ: فَأَبَيْتُ عَلَيْهِمَا. فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا قُضِيَ لِي أَنِّي حَجَجْتُ. فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ. فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ. فَأَخْبَرْتُهُ بِشَأْنِ السَّوْطِ وَبِقَوْلِهِمَا. فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ (عَرِّفْهَا حَوْلًا) قَالَ: فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ (عَرِّفْهَا حَوْلًا) فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ (عَرِّفْهَا حَوْلًا) فَعَرَّفْتُهَا فلم أجد من يعرفها. فقال (احفظ لي عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فاستمتع بها) فاستمتعت بها.
فليقته بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي بِثَلَاثَةِ أحوال أو حول واحد.


(فأبيت عليهما) أي بالإصرار في الأخذ.
(فليقته) هذا قول شعبة. أي لقيت سلمة بن كهيل.
(فقال) أي سلمة. أي هل قال سويد بن غفلة: ثلاثة أعوام، أو قال: عاما واحدا.

(١٧٢٣) - وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ. أَوْ أَخْبَرَ الْقَوْمَ وَأَنَا فِيهِمْ. قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بن صوخان وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ. فَوَجَدْتُ سَوْطًا. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ. إِلَى قَوْلِهِ: فَاسْتَمْتَعْتُ بِهَا. قَالَ شُعْبَةُ: فَسَمِعْتُهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ يَقُولُ: عَرَّفَهَا عَامًا واحدا.

١٠ - (١٧٢٣) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

١٣٥١
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حدثنا عبد الله بن جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ شُعْبَةَ. وَفِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا: ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ. إِلَّا حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فَإِنَّ فِي حَدِيثِهِ: عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ وَزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ (فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا. فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ). وَزَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ (وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ). وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ (وَإِلَّا فاستمتع بها).

١ - بَاب فِي لُقَطَةِ الْحَاجِّ
١١ - (١٧٢٤) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى. قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ؛
أَنّ رسول الله ﷺ نهى عن لقطة الحاج.


(نهى عن لقطة الحاج) يعني عن التقاطها للتملك. وأما التقاطها للحفظ فقط، فلا منع منه.

١٢ - (١٧٢٥) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ،
عَنْ رَسُولِ الله ﷺ؛ أنه قال (مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يعرفها).


(مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يعرفها) هذا دليل للمذهب المختار إنه يلزمه تعريف اللقطة مطلقا. سواء أراد تملكها أو حفظها على صاحبها. ويجوز أن يكون المراد بالضالة، هنا، ضالة الإبل ونحوها مما لا يجوز التقاطها للتملك. بل إنما تلتقط للحفظ على صاحبها. فيكون معناه: من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها أبدا ولا يتملكها. والمراد بالضال، هنا، المفارق للصواب.

٢ - بَاب تَحْرِيمِ حَلْبِ الْمَاشِيَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهَا
١٣ - (١٧٢٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَالَ: قَرَأْتُ على مالك بن أنس عن نافع، عن ابن عمر؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ (لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ. أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ إِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ. فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ ماشية أحد إلا بإذنه).


(مشربته) المشربة، بفتح الميم، وفي الراء لغتان الضم والفتح، وهي كالغرفة يخزن فيها الطعام وغيره. ومعنى الحديث أنه ﷺ شبه اللبن في الضرع بالطعام المخزون في الخزانة في أنه لا يحق أخذه بغير إذنه.

(١٧٢٦) - وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. جَمِيعًا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحَدَّثَنَاه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي. كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. ح وحَدَّثَنِي أبو الربيع وَأَبُو كَامِلٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ). جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن إسماعيل بن أمية. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ. وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا (فَيُنْتَثَلَ) إِلَّا اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ فَإِنَّ فِي حَدِيثِهِ (فَيُنْتَقَلَ طعامه) كرواية مالك.


(فينتثل) أي ينثر كله ويرمى.

٣ - بَاب الضِّيَافَةِ وَنَحْوِهَا
١٤ - (٤٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ؛ أَنَّهُ قَالَ:
سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ

١٣٥٣
وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ). قَالُوا: وَمَا جَائِزَتُهُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ. وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ). وَقَالَ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو ليصمت).


(جائزته. والضيافة ثلاثة أيام) قال ابن الأثير في النهاية: أي يضاف ثلاثة أيام. فيتكلف له في اليوم الأول مما اتسع له من بر وإلطاف. ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما حضره، ولا يزيد على عادته. ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة. ويسمى الجيزة. وهي بقدر ما يجوز المسافر من منهل إلى منهل.

١٥ - (٤٨) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ (يُقِيمُ عِنْدَهُ، ولا شيء يقريه به).


(حتى يؤثمه) معناه لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد الثلاث حتى يوقعه في الإثم.
(يقريه) أي يضيفه ويهيء له طعامه.

١٦ - (٤٨) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ (يَعْنِي الْحَنَفِيَّ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَبَصُرَ عَيْنِي وَوَعَاهُ قَلْبِي حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ. وَذَكَرَ فِيهِ (وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ) بِمِثْلِ مَا فِي حديث وكيع.

١٧ - (١٧٢٧) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا. فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ، فَاقْبَلُوا. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ).

٤ - بَاب اسْتِحْبَابِ الْمُؤَاسَاةِ بِفُضُولِ الْمَالِ
١٨ - (١٧٢٨) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ. قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا. فقال رسول الله ﷺ (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ. وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ).
قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حق لأحد منا في فضل.


(فجعل يصرف بصره) فهكذا وقع في بعض النسخ: وفي بعضها: يصرف فقط، بحذف بصره. وفي بعضها: يضرب. ومعنى قوله: فجعل يصرف بصره أي متعرضا لشيء يدفع به حاجته.
(من كان معه فضل ظهر) أي زيادة ما يركب على ظهره من الدواب. وخصه اللغويون بالإبل. وهو التعين.
(فليعد به) قال في المقاييس: عاد فلان بمعروفه، وذلك إذا أحسن ثم زاد.

٥ - بَاب اسْتِحْبَابِ خَلْطِ الْأَزْوَادِ إِذَا قَلَّتْ، وَالْمُؤَاسَاةِ فِيهَا
١٩ - (١٧٢٩) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا النَّضْرُ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيَّ). حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ (وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ). حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ. فَأَصَابَنَا جَهْدٌ. حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا. فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا. فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا. فَاجْتَمَعَ زَادُ القوم على النطع. قال: فتطاولت لأحرزه كَمْ هُوَ؟ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ.

١٣٥٥
وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا. ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ (فَهَلْ مِنْ وَضُوءٍ؟) قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ، فِيهَا نُطْفَةٌ. فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَحٍ. فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا. نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً. أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً.
قَالَ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (فَرِغَ الْوَضُوءُ).


(جهد) بفتح الجيم، وهو المشقة.
(مزاودنا) هكذا هو في بعض النسخ أو أكثرها. وفي بعضها: أزوادنا. وفي بعضها: تزاودنا، بفتح التاء وكسرها. والمزاود جمع مزود، كمنبر، وهو الوعاء الذي يحمل فيه الزاد. وهو ما تزوده المسافر لسفره من الطعام. والتزاود معناه ما تزودناه.
(فبسطنا له) أي للمجموع مما في مزاودنا.
(نطعا) أي سفرة من أديم، أو بساطا.
(فتطاولت لأحرزه) أي أظهرت طولي لأحرزه، أي لأقدره وأخمنه.
(كربضة العنز) أي كمبركها، أو كقدرها وهي رابضة. والعنز الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول.
(جربنا) الجرب جمع جراب. ككتاب وكتب. وهو الوعاء من الجلد يجعل فيه الزاد.
(بإداوة) هي المطهرة.
(فيها نطفة) أي قليل من الماء.
(ندغفقه دغفقة) أي نصبه صبا شديدا.

 


google-playkhamsatmostaqltradent