recent
آخر المقالات

٥٢ - كتاب الفتن وأشراط الساعة

 

١ - باب اقتران الفتن، وفتح ردم يأجوج ومأجوج
١ - (٢٨٨٠) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن الزهري، عن عروة، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حبيبة، عن زينب بنت جحش؛
أن النبي ﷺ استيقظ من نومه وهو يقول «لا إله إلا الله. ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وعقد سفيان بيده عشرة. قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال «نعم. إذا كثر الخبث».


(يأجوج ومأجوج) غير مهموزين ومهموزان. قرئ في السبع بالوجهين. الجمهور بترك الهمز. (وعقد سفيان بيده عشرة) هكذا وقع في رواية سفيان عن الزهري. ووقع بعده في رواية يونس عن الزهري: وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها. وفي حديث أبي هريرة، بعده: وعقد وهيب بيده تسعين. فأما رواية سفيان ويونس فمتفقتان في المعنى. وأما رواية أبي هريرة فمخالفة لهما. لأن عقد التسعين أضيق من العشرة. قال القاضي: لعل حديث أبي هريرة متقدم، فزاد قدر الفتح بعد هذا القدر. قال: أو يكون المراد التقريب بالتمثيل، لا حقيقة التحديد. (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال «نعم إذا كثر الخبث») نهلك، بكسر اللام، على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكى فتحها، وهو ضعيف أو فاسد. والخبث، بفتح الخاء والباء. وفسره الجمهور بالفسوق والفجور. وقيل: المراد الزنى خاصة. وقيل: أولاد الزنى. والظاهر أنه المعاصي مطلقا. ومعنى الحديث أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام، وإن كان هناك صالحون.

١ - م - (٢٨٨٠) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عمرو الأشعثي وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حدثنا سفيان عن الزهري، بهذا الإسناد. وزادوا في الإسناد عن سفيان، فقالوا: عن زينب بنت أم سلمة، عن حبيبة، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش.


(عن زينب بنت أم سلمة عن حبيبة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش) هذا الإسناد اجتمع فيه أربع صحابيات: زوجتان لرسول الله ﷺ وربيبتان له، بعضهن عن بعض. ولا يعلم حديث اجتمع فيه أربع صحابيات، بعضهن عن بعض، غيره وحبيبة هذه هي بنت أم حبيبة، أم المؤمنين بنت أبي سفيان. ولدتها من زوجها، عبد الله بن جحش، الذي كانت عنده قبل النبي ﷺ.

٢ - (٢٨٨٠) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بن الزبير؛ أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته؛ أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها؛ أن زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوما فزعا، محمرا وجهه، يقول «لا إله إلا الله. ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وحلق بإصبعه الإبهام، والتي تليها. قالت فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال «نعم. إذا كثر الخبث».

٢ - م - (٢٨٨٠) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خالد. ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبراهيم بن سعد. حدثنا أبي عن صالح. كلاهما عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزهري بإسناده.

٣ - (٢٨٨١) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا أحمد بن إسحاق. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال «فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وعقد وهيب بيده تسعين.

٢ - باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت
٤ - (٢٨٨٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ - (قَالَ إِسْحَاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا) جرير عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد الله

٢٢٠٩
بن القبطية. قال:
دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان، وأنا معهما، على أم سلمة، أم المؤمنين. فسألاها عن الجيش الذي يخسف به. وكان ذلك في أيام ابن الزبير. فقالت: قال رسول الله ﷺ «يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث. فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم» فقلت: يا رسول الله! فكيف بمن كان كارها؟ قال «يخسف به معهم. ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته».
وقال أبو جعفر: هي بيداء المدينة.


(أم سلمة، أم المؤمنين) قال القاضي عياض: قال أبو الوليد الكتاني: هذا ليس بصحيح. لأن أم سلمة توفيت في خلافة معاوية، قبل موته بسنين، سنة تسع وخمسين. ولم تدرك ابن الزبير. قال القاضي: قد قيل إنها توفيت أيام يزيد بن معاوية، في أولها. فعلى هذا يستقيم ذكرها. لأن ابن الزبير نازع يزيد أول ما بلغته بيعته عند وفاة معاوية. ذكر ذلك الطبري وغيره. وممن ذكر وفاة أم سلمة أيام يزيد، أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب. وقد ذكر مسلم الحديث، بعد هذه الرواية، من رواية حفصة، وقال: عن أم المؤمنين، ولم يسمها. قال الدارقطني: هي عائشة. قال: ورواه سالم بن أبي الجعد عن حفصة أو أم سلمة. وقال: والحديث محفوظ عن أم سلمة، وهو أيضا محفوظ عن حفصة. هذا آخر كلام القاضي. وممن ذكر أن أم سلمة توفيت أيام يزيد بن معاوية، أبو بكر بن أبي خيثمة. (فإذا كانوا ببيداء من الأرض، وفي رواية: ببيداء المدينة) قال العلماء: البيداء كل أرض ملساء لا شيء بها. وبيداء المدينة الشرف الذي قدام ذي الحليفة، أي إلى جهة مكة.

٥ - (٢٨٨٢) حدثناه أحمد بن يونس. حدثنا زهير. حدثنا عبد العزيز بن رفيع، بهذا الإسناد، وفي حديثه: قال فلقيت أبا جعفر فقلت: إنها إنما قالت: ببيداء من الأرض. فقال أبو جعفر: كلا. والله! إنها لبيداء المدينة.

٦ - (٢٨٨٣) حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر (واللفظ لعمرو). قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان. سمع جده عبد الله بن صفوان يقول: أخبرتني حفصة؛
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ

٢٢١٠
يقول «ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه. حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض، يخسف بأوسطهم. وينادي أولهم آخرهم. ثم يخسف بهم. فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم».
فقال رجل: أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة. وأشهد على حفصة أنها لم تكذب على النبي ﷺ.


(ليؤمن هذا البيت جيش) أي يقصدونه.

٧ - (٢٨٨٣) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا الوليد بن صالح. حدثنا عبيد الله بن عمرو. حدثنا زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ العامري، عن يوسف بن ماهك. أخبرني عبد الله بن صفوان عن أم المؤمنين؛
إن رسول الله ﷺ قال «سيعوذ بهذا البيت - يعني الكعبة - قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة. يبعث إليهم جيش. حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم».
قال يوسف: وأهل الشام يومئذ يسيرون إلى مكة. فقال عبد الله بن صفوان: أما والله! ما هو بهذا الجيش.
قال زيد: وحدثني عبد الملك العامري عن عبد الرحمن بن سابط، عن الحارث بن ربيعة، عن أم المؤمنين. بمثل حديث يوسف بن ماهك. غير أنه لم يذكر فيه الجيش الذي ذكره عبد الله بن صفوان.


(منعة) أي ليس لهم من يحميهم.

٨ - (٢٨٨٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يونس بن محمد. حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن محمد بن زياد، عن عبد الله بن الزبير؛ أن عائشة قالت:
عبث رسول الله ﷺ في منامه. فقلنا:

٢٢١١
يا رسول الله! صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله. فقال «العجب إن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش. قد لجأ بالبيت. حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم» فقلنا: يا رسول الله! إن الطريق قد يجمع الناس. قال «نعم. فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل. يهلكون مهلكا واحدا. ويصدرون مصادر شتى. يبعثهم الله على نياتهم».


(عبث) قيل: معناه اضطراب بجسمه. وقيل: حرك أطرافه، كمن يأخذ شيئا أو يدفعه. (المستبصر) هو المستبين لذلك، القاصد له عمدا. (والمجبور) هو المكروه. يقال: أجبرته فهو مجبر، هذه اللغة المشهورة. ويقال أيضا: جبرته فهو مجبور. حكاها الفراء وغيره. وجاء هذا الحديث على هذه اللغة. (وابن السبيل) المراد به سالك الطريق معهم، وليس منهم. (يهلكون مهلكا واحدا) أي يقع الهلاك، في الدنيا، على جميعهم. (ويصدرون مصادر شتى) أي يبعثون مختلفين على قدر نياتهم. فيجازون بحسبها.

٣ - باب نزول الفتن كمواقع القطر
٩ - (٢٨٨٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر - واللفظ لابن أبي شيبة - (قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا) سفيان بن عيينة عن الزهري، عن عروة، عن أسامة؛
أن النبي ﷺ أشرف على أطم من آطام المدينة. ثم قال «هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم، كمواقع القطر».


(أشرف على أطم) أشرف علا وارتفع. والأطم هو القصر والحصن. وجمعه آطام. (كمواقع القطر) التشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم. أي أنها كثيرة وتعم الناس. لا تختص بها طائفة. وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم، كوقعة الجمل وصفين والحرة ومقتل عثمان ومقتل الحسين رضي الله عنهما. وغير ذلك. وفيه معجزة ظاهرة له ﷺ.

٩ - م - (٢٨٨٥) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

١٠ - (٢٨٨٦) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدُ: أَخْبَرَنِي. وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ -. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.

٢٢١٢
حَدَّثَنِي ابن المسيب بن عبد الرحمن؛ أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ «ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. من تشرف لها تستشرفه. ومن وجد فيها ملجأ فليعذ به».


(القاعد فيها خير من القائم الخ) معناه بيان عظيم خطرها، والحث على تجنبها والهرب منها ومن التشبث في شئ. وإن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها. (من تشرف لها تستشرفه) أما تشرف فروي على وجهين مشهورين: أحدهما بالتاء والشين والراء. والثاني يشرف، وهو من الإشراف للشيء، وهو الانتصاب والتطلع إليه والتعرض له. ومعنى تستشرفه تقلبه وتصرعه. وقيل: هو من الإشراف، بمعنى الإشفاء على الهلاك، ومنه: أشفى المريض على الموت وأشرف. «ملجأ) أي عاصما وموضعا يلتجئ إليه ويعتزل فيه. (فليعذ به) أي فليعتزل فيه.

١١ - (٢٨٨٦) حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي. وقَالَ الآخران: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِح، عَنِ ابن شهاب. حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود، عن نوفل بن معاوية، مثل حديث أبي هريرة هذا. إلا أن أبا بكر يزيد «من الصلاة صلاة، من فاتته فكأنما وتر أهله وماله».

١٢ - (٢٨٨٦) حدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا أبو داود الطيالسي. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ النبي ﷺ «تكون فتنة النائم فيها خير من اليقظان. واليقظان فيها خير من القائم. والقائم فيها خير من الساعي. فمن وجد ملجأ أو معاذا فليستعذ».

١٣ - (٢٨٨٧) حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ. حَدَّثَنَا حماد بن زيد. حدثنا عثمان الشحام قال: انطلقت أنا وفرقد السبخي إلى مسلم بن أبي بكرة، وهو في أرضه. فدخلنا عليه فقلنا: هل سمعت أباك يحدث في الفتن حديثا؟ قال: نعم. سمعت أبا بكرة يُحَدِّثُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ

٢٢١٣
«إنها ستكون فتن. ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها. والماشي فيها خير من الساعي إليها. ألا، فإذا نزلت أو وقعت، فمن كان له إبل فليلحق بإبله. ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه. ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه» قال فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال «يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر. ثم لينج إن استطاع النجاء. اللهم! هل بلغت؟ اللهم! هل بلغت؟ اللهم! هل بلغت؟» قال فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين، أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجئ سهم فيقتلني؟ قال «يبوء بإثمه وإثمك. ويكون من أصحاب النار».


(يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر) قيل: المراد كسر السيف حقيقة، على ظاهر الحديث؛ ليسد على نفسه باب هذا القتال. وقيل: هو مجاز. والمراد به ترك القتال. والأول أصح. (يبوء بإثمه وإثمك) معنى يبوء بإثمه، يلزمه ويرجع به ويتحمله. أي يبوء الذي أكرهك، بإثمه في إكراهك وفي دخوله في الفتنة، وبإثمك في قتلك غيره.

١٣ - م - (٢٨٨٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدثنا ابن أبي عدي. كلاهما عن عثمان الشحام، بهذا الإسناد. حديث ابن أبي عدي نحو حديث حماد إلى آخره. وانتهى حديث وكيع عند قوله «إن استطاع النجاء» ولم يذكر ما بعده.

٤ - باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما
١٤ - (٢٨٨٨) حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا حماد بن زيد عن أيوب ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس. قال:
خرجت وأنا أريد هذا الرجل. فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد؟ يا أحنف! قال قلت: أريد نصر ابن عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. يَعْنِي عليا. قال فقال لي: يا أحنف! ارجع. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل

٢٢١٤
والمقتول في النار» قال فقلت، أو قيل: يا رسول الله! هذا القاتل. فما بال المقتول؟ قال «إنه قد أراد قتل صاحبه».


(إذا تواجه المسلمان بسيفيهما) معنى تواجها. ضرب كل واحد وجه صاحبه، أي ذاته وجملته. وأما كون القاتل والمقتول في النار، فمحمول على من لا تأويل له. ويكون قتالهما عصبية ونحوها. ثم كونه في النار معناه مستحق لها. وقد يجازى بذلك، وقد يعفوالله تعالى عنه.

١٥ - (٢٨٨٨) وحدثناه أحمد بن عبدة الضبي. حدثنا حماد عن أيوب ويونس والمعلى بن زياد عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة. قال:
قال رسول الله ﷺ «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار».

١٥ - م - (٢٨٨٨) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ من كتابه. أخبرنا معمر عن أيوب، بهذا الإسناد، نحو حديث أبي كامل عن حماد. إلى آخره.

١٦ - (٢٨٨٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بن حراش، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال «إذا المسلمان، حمل أحدهما على أخيه السلاح، فهما على جرف جهنم. فإذا قتل أحدهما صاحبه، دخلاها جَمِيعًا».


(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هذا الحديث مما استدركه الدارقطني، وقال: لم يرفعه الثوري عن منصور. وهذا الاستدراك غير مقبول، فإن شعبة إمام حافظ، فزيادته الرفع مقبولة. (فهما على جرف جهنم) هكذا هو في معظم النسخ: جرف. وفي بعضها: حرف. وهما متقاربان. ومعناه على طرفها، قريب من السقوط فيها.

١٧ - (١٥٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان. وتكون بينهما مقتلة عظيمة. ودعواهما واحدة».


(حتى تقتتل فئتان عظيمتان) هذا من المعجزات. وقد جرى هذا في العصر الأول.

١٨ - (١٥٧) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج» قالوا: وما الهرج؟ يا رسول الله! قال «القتل. القتل».

٥ - باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض
١٩ - (٢٨٨٩) حدثنا أبو الربيع العتكي وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كلاهما عَنْ حَمَّادِ بْنِ زيد (واللفظ لقتيبة). حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أن الله زوى لي الأرض. فرأيت مشارقها ومغاربها. وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها. وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض. وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة. وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم. فيستبيح بيضتهم. وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد. وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة. وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم. يستبيح بيضتهم. ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا».


(زوى) معناه جمع. (الكنزين الأحمر والأبيض) المراد بالكنزين الذهب والفضة. والمراد كنزا كسرى وقيصر، ملكي العراق والشام. (فيستبيح بيضتهم) أي جماعتهم وأصلهم. والبيضة، أيضا، العز والملك. (أن لا أهلكهم بسنة عامة) أي لا أهلكهم بقحط يعمهم. بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة، بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام.

١٩ - م - (٢٨٨٩) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عَنْ ثَوْبَانَ؛
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قال «إن الله تعالى زوى لي الأرض. حتى رأيت مشارقها

٢٢١٦
ومغاربها. وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض». ثم ذكر نحو حديث أيوب عن أبي قلابة.

٢٠ - (٢٨٩٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبد الله بن نمير. ح وحدثنا ابن نمير (واللفظ له). حدثنا أبي. حدثنا عثمان بن حكيم. أخبرني عامر بن سعد عن أبيه؛
أن رسول الله ﷺ أقبل ذات يوم من العالية. حتى إذا مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع فيه ركعتين. وصلينا معه. ودعا ربه طويلا. ثم انصرف إلينا. فقال ﷺ «سألت ربي ثلاثا. فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها. وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».

٢١ - (٢٨٩٠) وحَدَّثَنَاه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. حدثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنِي عامر بن سعد عن أبيه؛
أنه أقبل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في طائفة من أصحابه. فمر بمسجد بني معاوية. بمثل حديث ابن نمير.

٦ - باب إخبار النبي ﷺ فيما يكون إلى قيام الساعة
٢٢ - (٢٨٩١) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أبا إدريس الخولاني كان يقول: قال حذيفة بن اليمان. والله! إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة، فيما بيني وبين الساعة. وما بي إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أسر إلي في ذلك شيئا، لم يحدثه غيري. وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قال، وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الْفِتَنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وهو يعد الفتن «منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا. ومنهن فتن كرياح الصيف. منها صغار ومنها كبار».
قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري.

٢٣ - (٢٨٩١) وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا. وقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا) جرير عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة قَالَ:
قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مقاما. ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة، إلا حدث به. حفظه من حفظه ونسيه من نسيه. قد علمه أصحابي هؤلاء. وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره. كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه. ثم إذا رآه عرفه.

٢٣ - م - (٢٨٩١) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع عن سفيان، عن الأعمش، بهذا الإسناد، إلى قوله: ونسيه من نسيه. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.

٢٤ - (٢٨٩١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن نَافِعٍ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ بن ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حذيفة؛ أنه قال:
أخبرني رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَا هو كائن إلى أن تقوم الساعة. فما منه شيء إلا قد سألته. إلا أني لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟

٢٤ - م - (٢٨٩١) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. أخبرنا شعبة، بهذا الإسناد، نحوه.

٢٥ - (٢٨٩٢) وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر. جميعا عن أبي عاصم. قال حجاج: حدثنا أبو عاصم. أخبرنا عزرة بن ثابت. أخبرنا علباء بن أحمر. حدثني أبو زيد (يعني عمرو بن أخطب) قَالَ:
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الفجر. وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر. فنزل فصلى. ثم صعد المنبر. فخطبنا حتى حضرت العصر. ثم نزل فصلى. ثم صعد المنبر. فخطبنا حتى غربت الشمس. فأخبرنا بما كان وبما هو كائن. فأعلمنا أحفظنا.

٧ - باب في الفتنة التي تموج كموج البحر
٢٦ - (١٤٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ومحمد بن العلاء، أبو كريب. جميعا عن أبي معاوية. قال ابن الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شقيق، عَنْ حُذَيْفَةَ. قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ. فَقَالَ: أيكم يحفظ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الفتنة كما قال؟ قال فقلت: أنا. قال: إنك لجريء. وكيف قال؟ قال قلت: سمعت رسول الله ﷺ يقول «فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». فقال عمر: ليس هذا أريد. إنما أريد التي تموج كموج البحر. قال فقلت: مالك ولها؟ يا أمير المؤمنين! إن بينك وبينها بابا مغلقا. قال: أفيكسر الباب أم يفتح؟ قال قلت: لا. بل يكسر. قال: ذلك أحرى أن لا يغلق أبدا.
قال فقلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم. كما يعلم أن دون غد الليلة. إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط. قال فهبنا أن نسأل حذيفة: من الباب؟ فقلنا لمسروق: سله. فسأله. فقال: عمر.


(عن حذيفة) هذا الحديث سبق شرحه في كتاب الإيمان: ١/ ٢٣١.

٢٧ - (١٤٤) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يُونُسَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا يحيى بن عيسى. كلهم عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي معاوية. وفي حديث عيسى عن الأعمش عن شقيق قال: سمعت حذيفة يقول.

٢٧ - م - (١٤٤) وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن جامع بن أبي راشد؛ والأعمش عن أبي وائل، عن حذيفة قال: قال عمر: من يحدثنا عن الفتنة؟ واقتص الحديث بنحو حديثهم.

٢٨ - (٢٨٩٣) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عن محمد. قال: قال جندب:
جئت يوم الجرعة. فإذا رجل جالس. فقلت: ليهراقن اليوم ههنا دماء. فقال ذاك الرجل: كلا. والله! قلت: بلى. والله! قال: كلا. والله! قلت: بلى. والله! قال: كلا. والله! إنه لحديث رسول الله ﷺ حدثنيه. قلت: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم. تسمعني أخالفك وقد سمعته من رسول الله ﷺ فلا تنهاني؟ ثم قلت: ما هذا الغضب؟ فأقبلت عليه أسأله. فإذا الرجل حذيفة.


(الجرعة) بفتح الجيم وبفتح الراء وإسكانها. والفتح أشهر وأجود. وهي موضع بقرب الكوفة على طريق الحيرة. ويوم الجرعة يوم خرج فيه أهل الكوفة يتلقون واليا ولاه عليهم عثمان. فردوه وسألوا عثمان أن يولي عليهم أبا موسى الأشعري، فولاه. (أخالفك) وقع في جميع نسخ بلادنا المعتمدة: أخالفك. قال القاضي: ورواية شيوخنا كافة: أحالفك. من الحلف الذي هو اليمين. قال: ورواه بعضهم بالمعجمة. وكلاهما صحيح. قال: لكن المهملة أظهر، لتكرر الأيمان بينهما.

٨ - باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب
٢٩ - (٢٨٩٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب. يقتتل الناس عليه. فيقتل، من كل مائة، تسعة وتسعون. ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو».


(يحسر) أي ينكشف، لذهاب مائه.

٢٩ - م - (٢٨٩٤) وحدثني أمية بن بسطام. حدثنا يزيد بن زريع. حدثنا روح عن سهيل، بهذا الإسناد، نحوه. وزاد: فقال أبي: إن رأيته فلا تقربنه.

٣٠ - (٢٨٩٤) حدثنا أبو مسعود، سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السكوني، عن عُبَيْدُ اللَّهِ،

٢٢٢٠
عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال:
قال رسول الله ﷺ «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب. فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا».

٣١ - (٢٨٩٤) حدثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب. فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا».

٣٢ - (٢٨٩٥) حدثنا أبو كامل، فضيل بن حسين وأبو معن الرقاشي (واللفظ لأبي معن). قالا: حدثنا خالد بن الحارث. حدثنا عبد الحميد بن جعفر. أخبرني أبي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ. قال:
كنت واقفا مع أبي بن كعب. فقال: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا. قلت: أجل. قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب. فإذا سمع به الناس ساروا إليه. فيقول من عنده: لئن تركن الناس يأخذون منه ليذهبن به كله. قال فيقتتلون عليه. فيقتل، من كل مائة، تسعة وتسعون».
قال أبو كامل في حديثه: قال وقفت أنا وأبي بن كعب في ظل أجم حسان.


(مختلفة أعناقهم) قال العلماء: المراد بالأعناق، هنا، الرؤساء والكبراء. وقيل: الجماعات. قال القاضي: وقد يكون المراد بالأعناق نفسها، وعبر بها عن أصحابها. لا سيما وهي التي بها التطلع والتشوف للأشياء. (أجم) هو الحصن. وجمعه آجام. كأطم وآطام، في الوزن والمعنى.

٣٣ - (٢٨٩٦) حدثنا عبيد الله بن يعيش وإسحاق بن إبراهيم (واللفظ لعبيد). قالا: حدثنا يحيى بن آدم بن سليمان، مولى خالد بن خالد. حدثنا زهير عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «منعت العراق درهمها وقفيزها. ومنعت الشام مديها ودينارها.

٢٢٢١
ومنعت مصر إردبها ودينارها. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم». شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه.


(وقفيزها) القفيز مكيال معروف لأهل العراق. قال الأزهري: هو ثمانية مكاكيك. والمكوك صاع ونصف وهو خمس كيلجات. (مديها) على وزن قفل، مكيال معروف لأهل الشام. قال العلماء: يسع خمس عشر مكوكا. (إردبها) مكيال معروف لأهل مصر. قال الأزهري وآخرون: يسع أربعة وعشرين صاعا.

٩ - باب في فتح قسطنطينية، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم
٣٤ - (٢٨٩٧) حدثني زهير بن حرب. حدثنا معلى بن منصور. حدثنا سليمان بن بلال. حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، أم بدابق. فيخرج إليهم جيش من المدينة. من خيار أهل الأرض يومئذ. فإذا تصادفوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا. والله! لا نخلي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم. فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا. ويقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله. ويفتتح الثلث. لا يفتنون أبدا. فيفتتحون قسطنطينية. فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم. فيخرجون. وذلك باطل. فإذا جاءوا الشام خرج. فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة. فينزل عيسى ابن مريم ﷺ. فأمهم. فإذا رآه عدو الله، ذاب كما يذوب الملح في الماء. فلو تركه لانذاب حتى يهلك. ولكن يقتله الله بيده. فيريهم دمه في حربته».


(بالأعماق أو بدابق) موضعان بالشام، بقرب حلب. (سبوا) روي سبوا على وجهين: فتح السين والباء وضمهما. قال القاضي في المشارق: الضم رواية الأكثرين. قال: وهو الصواب. قلت: كلاهما صواب لأنهم سبوا أولا ثم سبوا الكفار. (لا يتوب الله عليهم أبدا) أي لا يلهمهم التوبة.

١٠ - باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس
٣٥ - (٢٨٩٨) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حدثني عبد الله بن وهب. أخبرني الليث بن سعد. حدثني موسى بن علي عن أبيه، قال: قال المستورد القرشي، عند عمرو بن العاص:
سمعت رسول الله ﷺ يقول «تقوم الساعة والروم أكثر الناس». فقال له عمرو: أبصر ما تقول. قال: أقول ما سمعت من رسول الله ﷺ. قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة. وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة. وأوشكهم كرة بعد فرة. وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف. وخامسة حسنة وجميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك.


(أن المستورد القرشي) هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم. وقال: عبد الكريم لم يدرك المستورد. فالحديث مرسل. قلت: لا استدراك على مسلم في هذا. لأنه ذكر الحديث بحروفه في الطريق الأول من رواية علي بن رباح عن أبيه عن المستورد، متصلا. وإنما ذكر الثاني متابعة. وقد سبق أنه يحتمل في المتابعة ما لا يحتمل في الأصول. وقد سبق أيضا أن مذهب الشافعي والمحققين أن الحديث المرسل، إذا روي من جهة أخرى متصلا، احتج به وكان صحيحا.

٣٦ - (٢٨٩٨) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وهب. حدثني أبو شريح؛ أن عبد الكريم بن الحارث حدثه؛ أن المستورد القرشي قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «تقوم الساعة والروم أكثر الناس» قال فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله ﷺ؟ فقال له المستورد: قلت الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قال فقال عمرو: لئن قلت ذلك، إنهم لأحلم الناس عند فتنة. وأجبر الناس عند مصيبة. وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم.


(وأجبر الناس عند مصيبة) هكذا في معظم الأصول: وأجبر، بالجيم. وكذا نقله القاضي عن رواية الجمهور. وفي رواية بعضهم: وأصبر، بالصاد. قال القاضي: والأول أولى لمطابقة الرواية الأحرى: وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة. وهذا بمعنى أجبر. وفي بعض النسخ: أخبر، بالخاء المعجمة، ولعل معناه أخبرهم بعلاجها والخروج منها.

١١ - باب إقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال
٣٧ - (٢٨٩٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حجر. كلاهما عن ابن علية (واللفظ لابن حُجْرٍ). حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد بن هلال، عن أبي قتادة العدوي، عن يسير بن جابر قال:
هاجت ريح حمراء بالكوفة. فجاء رجل ليس له هجيري إلا: يا عبد الله بن مسعود! جاءت الساعة. قال فقعد وكان متكئا. فقال: إن الساعة لا تقوم، حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة. ثم قال بيده هكذا (ونحاها نحو الشام) فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم. وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة. فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة. فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل. فيفيء هؤلاء وهؤلاء. كل غير غالب. وتفنى الشرطة. ثم يشترط المسلمون شرطة للموت. لا ترجع إلا غالبة. فيقتتلون. حتى يحجز بينهم الليل. فيفيء هؤلاء وهؤلاء. كل غير غالب. وتفنى الشرطة. ثم يشترط المسلمون شرطة للموت. لا ترجع إلا غالبة. فيقتتلون حتى يمسوا. فيفيء هؤلاء وهؤلاء. كل غير غالب. وتفنى الشرطة. فإذا كان يوم الرابع، نهد إليهم بقية أهل الإسلام. فيجعل الله الدبرة عليهم. فيقتلون مقتلة - إما قال لا يرى مثلها، وإما قال لم ير

٢٢٢٤
مثلها - حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتا. فيتعاد بنو الأب، كانوا مائة. فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد. فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس، هو أكبر من ذلك. فجاءهم الصريخ؛ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم. فيرفضون ما في أيديهم. ويقبلون. فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله ﷺ «إني لأعرف أسمائهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم. هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ. أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ».
قال ابن أبي شيبة في روايته: عن أسير بن جابر.


(ليس له هجيري) أي شأنه ودأبه ذلك. والهجيري بمعنى الهجير. (لأهل الإسلام) أي لقتالهم. (ردة شديدة) أي عطفة قوية. (فيشترط) ضبطوه بوجهين: أحدهما فيشترط، والثاني فيتشرط. (شرطة) طائفة من الجيش تقدم للقتال. (فيفيء) أي يرجع. (نهد) أي نهض وتقدم. (فيجعل الله الدبرة عليهم) أي الهزيمة. ورواه بعض رواة مسلم: الدائرة، وهو بمعنى الدبرة. وقال الأزهري: الدائرة هم الدولة تدور على الأعداء. وقيل: هي الحادثة. (بجنباتهم) أي نواحيهم. وحكى القاضي عن بعض رواتهم: بجثمانهم، أي شخوصهم. (فما يخلفهم) أي يجاوزهم. وحكى القاضي عن بعض رواتهم: فما يلحقهم، أي يلحق آخرهم. (فيتعاد بنو الأب) في النهاية: أي يعد بعضهم بعضا. (إذا سمعوا ببأس هو أكبر) هكذا هو في نسخ بلادنا: ببأس هو أكبر. وكذا حكاه القاضي عن محققي رواتهم. وعن بعضهم: بناس أكثر. قالوا: والصواب الأول. (فيرفضون) قال ابن فارس: الراء والفاء والضاد أصل واحد، وهو الترك.

٣٧ - م - (٢٨٩٩) وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أبي قتادة، عن يسير بن جابر قال: كنت عند ابن مسعود فهبت ريح حمراء. وساق الحديث بنحوه. وحديث ابن علية أتم وأشبع.

٣٧ - م ٢ - (٢٨٩٩) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ المغيرة). حدثنا حميد (يعني ابن هلال) عن أبي قتادة، عن أسير بن جابر، قال: كنت في بيت عبد الله بن مسعود. والبيت ملآن. قال فهاجت ريح حمراء بالكوفة. فذكر نحو حديث ابن علية.

١٢ - باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال
٣٨ - (٢٩٠٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سمرة، عن نافع بن عتبة. قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غزوة. قَالَ فَأَتَى النَّبِيُّ ﷺ قوم من قبل المغرب. عليهم ثياب الصوف. فوافقوه عند أكمة. فإنهم لقيام وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَاعِدٌ. قال فقالت لي نفسي: ائتهم فقم بينهم وبينه. لا يغتالونه. قال: ثم قلت: لعله نجي معهم. فأتيتهم فقمت بينهم وبينه. قال فحفظت منه أربع كلمات. أعدهن في يدي. قال «تغزون جزيرة العرب، فيفتحها الله. ثم فارس، فيفتحها الله. ثم تغزون الروم، فيفتحها الله. ثم تغزون الدجال، فيفتحه الله».
قال فقال نافع: يا جابر! لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم.


(لا يغتالونه) أي يقتلونه غيلة. وهي القتل في غفلة وخفاء وخديعة. (نجي معهم) أي يناجيهم. ومعناه يحدثهم سرا.

١٣ - باب في الآيات التي تكون قبل الساعة
٣٩ - (٢٩٠١) حدثنا أبو خيثمة، زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر المكي - واللفظ لزهير - (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) سُفْيَانُ بن عيينة عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال:
اطلع النبي ﷺ علينا ونحن نتذاكر. فقال «ما تذاكرون؟» قالوا: نذكر الساعة. قال «إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات».

٢٢٢٦
فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم ﷺ، ويأجوج ومأجوج. وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم".


(عن فرات القزاز عن أبي الطفيل) هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني. وقال: ولم يرفعه غير فرات عن أبي الطفيل من وجه صحيح. قال: ورواه عبد العزيز بن رفيع وعبد الملك بن ميسرة موقوفا. هذا كلام الدارقطني. وقد ذكر مسلم رواية ابن رفيع موقوفة كما قال. ولا يقدح هذا في الحديث. فإن عبد العزيز بن رفيع ثقة حافظ متفق على توثيقه. فزيادته مقبولة. (فذكر الدخان) هذا الحديث يؤيد قول من قال:
إن الدخان دخان يأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام. وأنه لم يأت بعد. وإنما يكون قريبا من قيام الساعة. وقد سبق في ٥٠/ ٣٩، ٤٠، ٤١ قول من قال هذا وإنكار ابن مسعود عليه. وإنه قال: إنما هو عبارة عما نال قريش من القحط حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان. وقد وافق ابن مسعود جماعة. وقال بالقول الآخر حذيفة وابن عمر والحسن. ورواه حذيفة عن النبي ﷺ. وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما. ويحتمل أنهما دخانان، للجمع بين هذه الآثار. (والدابة) هي المذكورة في قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم. قال المفسرون: هي دابة عظيمة تخرج من صدع في الصفا. وعن ابن عمرو بن العاص؛ أنها الجساسة المذكورة في حديث الدجال. (وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. وفي رواية: تخرج من قعرة عدن) هكذا هو في الأصول ومعناه من أقصى قعر أرض عدن .. وعدن مدينة معروفة مشهورة باليمن.

٤٠ - (٢٩٠١) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطفيل، عن أبي سريحة، حذيفة بن أسيد. قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ في غرفة ونحن أسفل منه. فاطلع إلينا فقال «ما تذكرون؟» قلنا: الساعة. قال «إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس».
قال شعبة: وحدثني عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة، مثل ذلك. لا يذكر النبي ﷺ. وقال أحدهما، في العاشرة: نزول عيسى ابن مريم ﷺ. وقال الآخر: وريح تلقي الناس في البحر.


(ترحل الناس) هكذا ضبطناه. وهكذا ضبطه الجمهور. وكذا نقله القاضي عن روايتهم. ومعناه تأخذهم بالرحيل وتزعجهم.

٤١ - (٢٩٠١) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جعفر). حدثنا شعبة عن فرات. قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة. قال: كان رسول الله ﷺ في غرفة. ونحن تحتها نتحدث. وساق الحديث. بمثله.
قال شعبة: وأحسبه قال: تنزل معهم إذا نزلوا. وتقيل معهم حيث قالوا.
قال شعبة: وحدثني رجل هذا الحديث عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة. ولم يرفعه. قال: أحد هذين الرجلين: نزول عيسى ابن مريم. وقال الآخر: ريح تلقيهم في البحر.


(وتقيل معهم) من القيلولة.

٤١ - م - (٢٩٠١) وحدثناه محمد بن المثنى. حدثنا أبو النعمان، الحكم بن عبد الله العجلي. حدثنا شعبة عن فرات. قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة قال: كنا نتحدث. فأشرف عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بنحو حديث معاذ وابن جعفر. وقال ابن المثنى: حدثنا أبو النعمان، الحكم بن عبد الله. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة. بنحوه. قال: والعاشرة نزول عيسى ابن مريم.
قال شعبة: ولم يرفعه عبد العزيز.

١٤ - باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز
٤٢ - (٢٩٠٢) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ المسيب؛ أن أبا هريرة أخبره؛ أن رسول الله ﷺ قال. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حدثنا أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عن ابن شهاب؛ أنه قال: قال ابن المسيب:

٢٢٢٨
أخبرني أَبُو هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضئ أعناق الإبل ببصرى».


(تخرج نار من أرض الحجاز تضئ أعناق الإبل ببصرى) هكذا الروية: تضئ أعناق. بنصب أعناق، وهو مفعول تضئ. يقال: أضاءت النار وأضاءت غيرها. وبصرى مدينة معروفة بالشام. وهي مدينة حوران. وبينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل.

١٥ - باب في سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة
٤٣ - (٢٩٠٣) حدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حدثنا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. حدثنا زهير عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «تبلغ المساكن إهاب أو يهاب».
قال زهير: قلت لسهيل: فكم ذلك من المدينة؟ قال: كذا وكذا ميلا.


(إهاب أو يهاب) اسم موضع بقرب المدينة. يعني أن المدينة تتوسع جدا حتى تصل مساكنها إلى ذلك الموضع.

٤٤ - (٢٩٠٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن رسول الله ﷺ قال «ليست السنة بأن لا تمطروا. ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا، ولا تنبت الأرض شيئا».


(ليست السنة بأن لا تمطروا) المراد بالسنة، هنا، القحط. ومنه قوله تعالى: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين.

١٦ - باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان
٤٥ - (٢٩٠٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وهو مستقبل المشرق يقول «ألا إن الفتنة ههنا. ألا إن الفتنة ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان».


(من حيث يطلع قرنا الشيطان) انظر الحديث (٥١) في: ١/ ٨١.

٤٦ - (٢٩٠٥) وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ المثنى. ح وحدثنا عبيد الله بن سعيد. كلهم عن يحيى القطان. قال القواريري: حدثني يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر. حدثني نافع عن ابن عمر؛
أن رسول الله ﷺ قام عند باب حفصة، فقال بيده نحو المشرق «الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» قالها مرتين أو ثلاثا.
وقال عبيد الله بن سعيد في روايته: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عند باب عائشة.

٤٧ - (٢٩٠٥) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ، وَهُوَ مستقبل المشرق «ها إن الفتنة ههنا. ها إن الفتنة ههنا. ها إن الفتنة ههنا. من حيث يطلع قرن الشيطان».

٤٨ - (٢٩٠٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار، عن سالم، عن ابن عمر قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من بيت عائشة فقال «رأس الكفر من ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» يعني المشرق.

٤٩ - (٢٩٠٥) وحدثنا ابن نمير. حدثنا إسحاق (يعني ابن سليمان). أخبرنا حَنْظَلَةُ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يشير بيده نحو المشرق ويقول «ها إن الفتنة ههنا. ها إن الفتنة ههنا» ثلاثا «حيث يطلع قرنا الشيطان».

٥٠ - (٢٩٠٥) حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان وواصل بن عبد الأعلى وأحمد بن عمر الوكيعي (واللفظ لابن أبان). قالوا: حدثنا ابن فضيل عن أبيه. قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول: يا أهل العراق! ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة! سمعت أبي، عبد الله بن عُمَرَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إن الفتنة تجئ من ههنا» وأومأ بيده نحو المشرق «من حيث يطلع قرنا الشيطان» وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض. وإنما قتل موسى الذي قتل، من

٢٢٣٠
آل فرعون، خطأ فقال الله عز وجل له: ﴿وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا﴾ [٢٠ /طه /٤٠]. قال أحمد بن عمر في روايته عن سالم: لم يقل: سمعت.

١٧ - باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة
٥١ - (٢٩٠٦) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (قَالَ عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول اللَّهِ ﷺ «لَا تَقُومُ الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس. حول ذي الخلصة».
وكانت صنما تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة.


(تضطرب أليات نساء دوس) الأليات معناها الأعجاز. جمع ألية كجفنة وجفنات. والمراد يضطربن من الطواف حول ذي الخلصة. أي يكفرون ويرجعون إلى عبادة الأصنام وتعظيمها. ودوس قبيلة من اليمن. (حول ذي الخلصة) هو بيت صنم ببلاد دوس. (بتبالة) تبالة موضع باليمن. وليست تبالة التي يضرب بها المثل، ويقال: أهون على الحجاج من تبالة. لأن تلك بالطائف.

٥٢ - (٢٩٠٧) حدثنا أبو كامل الجحدري وأبو معن، زيد بن يزيد الرقاشي (واللفظ لأبي معن). قالا: حدثنا خالد بن الحارث. حدثنا عبد الحميد بن جعفر عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن عَائِشَةَ، قَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» فقلت: يا رسول الله! إن كنت لأظن حين أنزل الله: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ [٩ /التوبة /٣٣] و[٦١ /الصف /٩] أن ذلك تاما قال «إنه سيكون من ذلك ما شاء الله. ثم يبعث الله ريحا طيبة. فتوفى كل من فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنَ إِيمَانٍ. فيبقى من لا خير فيه. فيرجعون إلى دين آبائهم».


(لا يذهب الليل والنهار) أي لا ينقطع الزمان، ولا تأتي القيامة. (فتوفى) أصله تتوفى. حذفت إحدى التاءين. أي تأخذ الأنفس وافية تامة.

٥٢ - م - (٢٩٠٧) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ (وهو الحنفي). حدثنا عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد نحوه.

١٨ - باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيتمنى أن يكون مكان الميت، من البلاء
٥٣ - (١٥٧) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أنس، فيما قرئ عليه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه».

٥٤ - (١٥٧) حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبان بن صالح ومحمد بن يزيد الرفاعي (واللفظ لابن أبان). قالا: حدثنا ابن فضيل عن أَبِي إِسْمَاعِيل، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «والذي نفسي بيده! لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر. وليس به الدين إلا البلاء».


(البلاء) أي إن الحامل له على التمني ليس الدين، بل البلاء وكثرة المحن والفتن وسائر الضراء.

٥٥ - (٢٩٠٨) وحدثنا ابن أبي عمر المكي. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ (وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل. ولا يدري المقتول على أي شيء قتل».


(حدثنا مروان عن يزيد. وفي الرواية الثانية: حدثنا محمد بن فضيل. ثم قال مسلم: وفي رواية ابن أبان) هكذا هو في النسخ. ويزيد بن كيسان هو أبو إسماعيل. وفي الكلام تقديم وتأخير. ومراده: وفي رواية ابن أبان قال عن أبي إسماعيل هو يزيد بن كيسان. وظاهر اللفظ يوهم أن يزيد بن كيسان يرويه عن أبي إسماعيل. وهذا غلط. بل يزيد بن كيسان هو أبو إسماعيل. ووقع في بعض النسخ: عن يزيد بن كيسان، يعني أبا إسماعيل. وهذا يوضح التأويل الذي ذكرناه.

٥٦ - (٢٩٠٨) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ وواصل بن عبد الأعلى. قالا: حدثنا محمد بن فضيل عن أبي إسماعيل الأسلمي، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «والذي نفسي

٢٢٣٢
بيده! لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم، لا يدري القاتل فيما قتل. ولا المقتول فيم قتل» فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال «الهرج. القاتل والمقتول في النار».
وفي رواية ابن أبان قال: هو يزيد بن كيسان عن أبي إسماعيل. لم يذكر الأسلمي.

٥٧ - (٢٩٠٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أبي عمر (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ). قَالَا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن سعيد، سمع أبا هريرة يَقُولُ:
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة».


(ذو السويقتين) هما تصغير ساق الإنسان. قال القاضي: صغرهما لرقتهما. وهي صفة سوق السودان غالبا.

٥٨ - (٢٩٠٩) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ المسيب، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة».

٥٩ - (٢٩٠٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يعني الدراوردي) عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «ذو السويقتين من الحبشة يخرب بيت الله عز وجل».

٦٠ - (٢٩١٠) وحدثنا قتيبة بن سعيد. أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنْ ثَوْرٍ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه».

٦١ - (٢٩١١) حدثنا محمد بن بشار العبدي. حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد، أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جعفر قال: سمعت عمر بن الحكم يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ

٢٢٣٣
قال «لا تذهب الأيام والليالي، حتى يملك رجل يقال له الجهجاه».
قال مسلم: هم أربعة اخوة: شريك، وعبيد الله، وعمير، وعبد الكبير. بنو عبد المجيد.

٦٢ - (٢٩١٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ) قَالَا: حدثنا سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هريرة؛
أن النبي ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما كأن وجوههم المجان المطرقة. ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر».


(المجان المطرقة) المجان جمع مجن، وهو الترس. والمطرقة، بإسكان الطاء وتخفيف الراء، من أطرق. هذا هو الفصيح المشهور في الرواية وفي كتب اللغة والغريب. وحكى فتح الطاء وتشديد الراء، من طرق، والمعروف الأول. قال العلماء: هي التي ألبست العقب وأطرقت به طاقة فوق طاقة. قالوا: ومعناه تشبيه وجوه الترك في عرضها وتلون وجناتها بالترسة المطرقة.

٦٣ - (٢٩١٢) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «لا تقوم الساعة حتى تقاتلكم أمة ينتعلون الشعر. وجوههم مثل المجان المطرقة».

٦٤ - (٢٩١٢) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الأعرج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر. ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين، ذلف الآنف».


(ذلف الآنف) جمع أذلف، كأحمر وحمر. ومعناه فطس الأنوف، قصارها مع انبطاح. وقيل: هو غلط في أرنبة الأنف. وقيل: تطامن فيها. وكله متقارب.

٦٥ - (٢٩١٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوما وجوههم كالمجان المطرقة. يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر».


(يلبسون الشعر ويمشون في الشعر) معناه ينتعلون الشعر. كما صرح به في الرواية الأخرى: نعالهم الشعر.

٦٦ - (٢٩١٢) حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «تقاتلون بين يدي الساعة قوما نعالهم الشعر. كأن وجوههم المجان المطرقة. حمر الوجوه، صغار الأعين».


(حمر الوجوه) أي بيض الوجوه، مشربة بحمرة.

٦٧ - (٢٩١٣) حدثنا زهير بن حرب وعلي بن حجر (واللفظ لزهير). قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال:
يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم. يمنعون ذاك. ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم. ثم أسكت هنية. ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا. لا يعده عددا».
قال قلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: لا.


(يوشك أهل العراق الخ) يوشك معناه يسرع. وقد شرحت ألفاظ هذا الحديث في حديث أبي هريرة في: ٥٢/ ٣٣. (ثم أسكت هنية) أسكت، بالألف، في جميع نسخ بلادنا. وذكر القاضي أنهم رووه بحذفها وإثباتها. وأشار إلى أن الأكثرين حذفوها. وسكت وأسكت لغتان بمعنى صمت. وقيل: أسكت بمعنى أطرق، وقيل: بمعنى أعرض. أما هنية فمعناها قليلا من الزمان، وهو تصغير هنة. ويقال: هنيهة، أيضا. (يحثي المال حثيا) وفي رواية: يحثو المال حثيا. قال أهل اللغة: يقال حثيت أحثي حثيا وحثوت أحثوا حثوا، لغتان. وقد جاءت اللغتان في هذا الحديث. وجاء مصدر الثانية على فعل الأولى. وهو جائز، من باب قوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا. والحثو هو الحفن باليد. وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات، مع سخاء نفسه. (لا يعده عددا) هكذا في كثير من النسخ. قال في المصباح: عددته عدا من باب قتل. والعدد بمعنى المعدود وفي بعضها: عدا. فحينئذ يكون مصدرا مؤكدا.

٦٧ - م - (٢٩١٣) وحدثنا ابن المثنى. حدثنا عبد الوهاب. حدثنا سعيد (يعني الجريري)، بهذا الإسناد، نحوه.

٦٨ - (٢٩١٤) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يعني ابن المفضل). ح وحدثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابن علية). كلاهما عن سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا. لا يعده عددا».
وفي رواية ابن حجر «يحثي المال».

٦٩ - (٢٩١٤/ ٢٩١٣) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بن عبد الوارث. حدثنا أبي. حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سعيد وجابر بن عبد الله، قَالَا:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده».

٦٩ - م - (٢٩١٤/ ٢٩١٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ.

٧٠ - (٢٩١٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (واللفظ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال:
أخبرني من هو خير مني؛ إن رسول الله ﷺ قال لعمار، حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه ويقول «بؤس ابن سمية. تقتلك فئة باغية».


(بؤس ابن سمية. تقتلك فئة باغية) وفي رواية: ويس أو يا ويس والبؤس والبأساء المكروه والشدة. والمعنى يا بؤس ابن سمية ما أشده عظمة. أما ويس فقد قال الأصمعي: ويح كلمة ترحم، وويس تصغيرها. أي أقل منها في ذلك. وقال الفراء. ويح ويس بمعنى.

٧١ - (٢٩١٥) وحدثني محمد بن معاذ بن عباد العنبري وهريم بن عبد الأعلى. قالا: حدثنا خالد بن الحارث. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور ومحمود بن غيلان ومحمد بن قدامة. قالوا:

٢٢٣٦
أخبرنا النضر بن شميل. كلاهما عن شعبة، عن أبي مسلمة، بهذا الإسناد، نحوه. غير أن في حديث النضر: أخبرني من هو خير مني، أبو قتادة. وفي حديث خالد بن الحارث قال: أراه يعني أبا قتادة. وفي حديث خالد: ويقول «ويس» أو يقول «يا ويس ابن سمية».

٧٢ - (٢٩١٦) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ. حَدَّثَنَا محمد بن جعفر. ح وحدثنا عقبة بن مكرم العمي وأبو بكر بن نافع (قال عقبة: حدثنا. وقال أبو بكر: أخبرنا) غندر. حدثنا شعبة قال: سمعت خالدا يحدث عن سعيد بن أبي الحسن، عن أمه، عن أم سلمة؛
أن رسول الله ﷺ قال لعمار «تقتلك الفئة الباغية».

٧٢ - م - (٢٩١٦) وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث. حدثنا شعبة. حدثنا خالد الحذاء عن سعيد بن أبي الحسن والحسن، عن أمهما، عن أم سلمة، عن النبي ﷺ. بمثله.

٧٣ - (٢٩١٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون، عن الحسن، عن أمه، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «تقتل عمارا الفئة الباغية».

٧٤ - (٢٩١٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ. قَالَ: سَمِعْتُ أبا زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال «يهلك أمتي هذا الحي من قريش» قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «لو أن الناس اعتزلوهم».
وحدثنا أحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. فِي هَذَا الْإِسْنَادِ. في معناه.

٧٥ - (٢٩١٨) حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر (واللفظ لابن أبي عمر). قالا: حدثنا سفيان عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «قد مات كسرى

٢٢٣٧
فلا كسرى بعده. وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده. والذي نفسي بيده! لتنفقن كنوزهما في سبيل اللَّهُ».
وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وهب. أخبرني يونس. ح وحدثني ابْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ. بِإِسْنَادِ سفيان ومعنى حديثه.

٧٦ - (٢٩١٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده. وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر بعده. ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله».

٧٧ - (٢٩١٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» فذكر بمثل حديث أبي هريرة سواء.

٧٨ - (٢٩١٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «لتفتحن عصابة من المسلمين، أو من المؤمنين، كنز آل كسرى الذي في الأبيض».
قال قتيبة: من المسلمين. ولم يشك.


(الذي في الأبيض) أي الذي في قصره الأبيض. أو قصوره ودوره البيض.

٧٨ - م - (٢٩١٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. بمعنى حديث أبي عوانة.

(٢٩٢٠) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يعني ابن محمد) عن ثور (وهو ابن زيد الديلي) عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنّ النبي ﷺ قال «سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟» قالوا: نعم. يا رسول الله! قال «لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق. فإذا جاؤها نزلوا. فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم. قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر. فيسقط أحد جانبيها».
قال ثور: لا أعلمه إلا قال «الذي في البحر. ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر. فيسقط جانبها الآخر. ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر. فيفرج لهم. فيدخلوها فيغنموا. فبينما هم يقتسمون المغانم، إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج. فيتركون كل شيء ويرجعون».

(٢٩٢٠ - م) حدثني محمد بن مرزوق. حدثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بلال. حدثنا ثور بن زيد الديلي، في هذا الإسناد، بمثله.


(من بني إسحاق) قال القاضي: كذا هو في جميع أصول صحيح مسلم: من بني إسحاق. قال: قال بعضهم: المعروف المحفوظ: من بني إسماعيل. وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه. لأنه إنما أراد العرب. وهذه المدينة هي القسطنطينية.

٧٩ - (٢٩٢١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نافع، عن ابن عمر،
عن النبي ﷺ قال «لتقاتلن اليهود. فلنقتلنهم حتى يقول الحجر: يا مسلم! هذا يهودي. فتعال فاقتله».

٧٩ - م - (٢٩٢١) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بهذا الإسناد. وقال في حديثه «هذا يهودي ورائي».

٨٠ - (٢٩٢١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة. أخبرني عمرو بن حمزة. قال:

٢٢٣٩
سمعت سالما يقول: أخبرنا عبد الله بن عمر؛
أن رسول الله ﷺ قال «تقتتلون أنتم ويهود. حتى يقول الحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي. تعال فاقتله».

٨١ - (٢٩٢١) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَالِمُ بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر أخبره؛
أن رسول الله ﷺ قال «تقاتلكم اليهود. فتسلطون عليهم. حتى يقول الحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله».

٨٢ - (٢٩٢٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن رسول الله ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود. فيقتلهم المسلمون. حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر. فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي. فتعال فاقتله. إلا الغرقد. فإنه من شجر اليهود».


(إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود) الغرقد نوع من شجر الشوك معروف ببلاد بيت المقدس. وقال أبو حنيفة الدينوري: إذا عظمت العوسجة صارت غرقدة.

٨٣ - (٢٩٢٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة (قَالَ يَحْيَي: أَخْبَرَنَا. وقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا) أبو الأحوص. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إن بين يدي الساعة كذابين».
وزاد في حديث أبي الأحوص: قال فَقُلْتُ لَهُ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ.

٨٣ - م - (٢٩٢٣) وحدثني ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الإسناد، مثله. قال سماك: وسمعت أخي يقول: قال جابر: فاحذروهم.

٨٤ - (١٥٧) حدثني زهير بن حرب وإسحاق بن منصور (قال إسحاق: أخبرنا. وقال زهير:

٢٢٤٠
حدثنا) عبد الرحمن - وهو ابن مهدي - عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قال «لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين. كلهم يزعم أنه رسول الله».

٨٤ - م - (١٥٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي ﷺ، بمثله. غير أنه قال: ينبعث.

١٩ - باب ذكر ابن صياد
٨٥ - (٢٩٢٤) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ - (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد. ففر الصبيان وجلس ابن صياد. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كره ذلك. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «تربت يداك. أتشهد أني رسول الله؟» فقال: لا. بل تشهد أني رسول الله. فقال عمر بن الخطاب: ذرني. يا رسول الله! حتى أقتله. فقال رسول الله ﷺ «إن يكن الذي ترى، فلن تستطيع قتله».


(تربت يداك) قال ابن الأثير: ترب الرجل إذا افتقر، أي لصق بالتراب. وأترب إذا استغنى. وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب، لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به. كما يقولون: قاتله الله. وقيل: معناها لله درك. وقال بعضهم: هو دعاء على الحقيقة.

٨٦ - (٢٩٢٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وإسحاق بن إبراهيم وأبو كريب - واللفظ لأبي كريب - (قال ابن نمير: حدثنا. وقال الآخران: أخبرنا) أبو معاوية. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال:
كنا نمشي مع النبي ﷺ. فمر بابن صياد. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «قد خبأت لك خبيئا»

٢٢٤١
فقال: دخ. فقال رسول الله ﷺ «اخسأ. فلن تعدو قدرك» فقال عمر: يا رسول الله! دعني فأضرب عنقه. فقال رسول الله ﷺ «دعه. فإن يكن الذي تخاف، لن تستطيع قتله».


(خبيئا) هكذا هو في معظم النسخ: خبيئا. وهكذا نقله القاضي عن جمهور رواة مسلم: خبيئا. وفي بعض النسخ: خبأ وكلاهما صحيح. (دخ) هي لغة في الدخان. وحكى صاحب نهاية الغريب فيه فتح الدال وضمها. والمشهور في كتب اللغة والحديث ضمها فقط. والجمهور على أن المراد بالدخ هنا الدخان، وأنها لغة فيه. وخالفهم الخطابي فقال: لا معنى للدخان هنا لأنه ليس مما يخبأ في كف أو كم، كما قال. بل الدخ بيت موجود بين النخيل والبساتين. قال: إلا أن يكون معنى خبأت أضمرت لك اسم الدخان، فيجوز. والصحيح المشهور أنه ﷺ أضمر له آية الدخان، وهي قوله تعالى: فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. قال القاضي: وأصح الأقوال أنه لم يهتد من الآية التي أضمرها النبي ﷺ إلا لهذا اللفظ الناقص. على عادة الكهان إذا ألقى الشيطان إليهم، بقدر ما يخطف، قبل أن يدركه الشهاب. ويدل عليه قوله ﷺ: اخسأ فلن تعدو قدرك. أي القدر الذي يدرك الكهان من الاهتداء إلى بعض الشيء، وما لا يتبين منه حقيقته، ولا يصل به إلى بيان وتحقيق أمور الغيب. (اخسأ) أي اقعد.

٨٧ - (٢٩٢٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سعيد. قال:
لقيه رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بكر وعمر في بعض طرق المدينة. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أتشهد أني رسول الله؟» فقال هو: أتشهد أني رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «آمنت بالله وملائكته وكتبه. ما ترى؟» قال: أرى عرشا على الْمَاءُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ترى عرش إبليس على البحر. وما ترى؟» قال: أرى صادقين وكذابا أو كاذبين وصادقا. فقال رسول الله ﷺ «لبس عليه. دعوه».


(لبس عليه) أي خلط عليه أمره.

٨٨ - (٢٩٢٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حبيب ومحمد بن عبد الأعلى قالا: حدثنا معتمر، قال: سمعت أبي قال: حدثنا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لقي نبي الله ﷺ ابن صائد، ومعه أبو بكر وعمر. وابن صائد مع الغلمان. فذكر نحو حديث الجريري.

٨٩ - (٢٩٢٧) حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ المثنى قالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عن أبي سعيد الخدري قال:
صحبت ابن صائد إلى مكة. فقال لي:

٢٢٤٢
أما قد لقيت من الناس. يزعمون أني الدجال. ألست سمعت رسول الله ﷺ يقول «إنه لا يولد له» قال قلت: بلى. قال: فقد ولد لي. أو ليس سمعت رسول الله ﷺ يقول «لا يدخل المدينة ولا مكة» قلت: بلى. قال: فقد ولدت بالمدينة. وهذا أنا أريد مكة. قال ثم قال لي في آخر قوله: أما، والله! إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو. قال فلبسني.


(فلبسني) أي جعلني ألتبس في أمره وأشك فيه.

٩٠ - (٢٩٢٧) حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن عبد الأعلى. قالا: حدثنا معتمر قال: سمعت أبي يحدث عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال.
قال لي ابن صائد، وأخذتني منه ذمامة: هذا عذرت الناس. وما لي ولكم؟ يا أصحاب محمد! ألم يقل نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ «أَنَّهُ يهودي» وقد أسلمت. قال «ولا يولد له» وقد ولد لي. وقال «إن الله قد حرم عليه مكة» وقد حججت. قال فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله. قال فقال له: أما، والله! إني لأعلم الآن حيث هو. وأعرف أباه وأمه. قال وقيل له: أيسرك أنك ذاك الرجل؟ قال فقال: لو عرض علي ما كرهت.


(ذمامة) أي حياء وإشفاق من الذم واللوم. (أن يأخذ في قوله) أي يؤثر في وأصدقه في دعواه.

٩١ - (٢٩٢٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ. أخبرني الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري قال:
خرجنا حجاجا أو عمارا ومعنا ابن صائد. قال فنزلنا منزلا. فتفرق الناس وبقيت أنا وهو. فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه. قال وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي. فقلت: إن الحر شديد. فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال ففعل. قال فرفعت لنا غنم. فانطلق فجاء بعس. فقال: اشرب. أبا سعيد! فقلت: إن الحر شديد واللبن حار. ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده - أو قال آخذ عن يده - فقال: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا فأعلقه بشجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد! من خفي عليه حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ما خفي

٢٢٤٣
عليكم، معشر الأنصار! ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله ﷺ؟ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هو كافر» وأنا مسلم؟ أو ليس قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هو عقيم لا يولد له» وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أو ليس قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لا يدخل المدينة ولا مكة» وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة؟
قال أبو سعيد الخدري: حتى كدت أن أعذره. ثم قال: أما، والله! إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن. قال قلت له: تبا لك. سائر اليوم.


(بعس) هو القدح الكبير. وجمعه عساس وأعساس. (تبا لك سائر اليوم) أي خسرانا وهلاكا لك باقي اليوم. وهو منصوب بفعل مضمر، متروك الإظهار.

٩٢ - (٢٩٢٨) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لابن صائد «ما تربة الجنة؟» قال: درمكة بيضاء، مسك. يا أبا القاسم! قال «صدقت».

٩٣ - (٢٩٢٨) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا أبو أسامة عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سعيد؛
أن ابن صياد سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ تربة الجنة؟ فقال «درمكة بيضاء، مسك خالص».


(درمكة بيضاء مسك خالص) قال العلماء: معناه أنها في البياض درمكة وفي الطيب مسك. والدرمك هو الدقيق الحواري الخالص البياض. وذكر مسلم الروايتين في أَنّ النَّبِيَّ ﷺ سَأَلَ ابن صياد عن تربة الجنة، وأن ابن صياد سأل النبي ﷺ. قال القاضي: قال بعض أهل النظر: الرواية الثانية أظهر.

٩٤ - (٢٩٢٩) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ محمد بن المنكدر، قال:
رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله؛ أن ابن صائد الدجال. فقلت: أتحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي ﷺ. فلم ينكره النَّبِيِّ ﷺ.

٩٥ - (٢٩٣٠) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حرملة بن عمران التجيبي. أخبرني ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ؛
أَنَّ عمر بن الخطاب انطلق مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة. وقد قارب ابن صياد، يومئذ، الحلم. فلم يشعر حتى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ظهره بيده. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لابن صياد «أتشهد أني رسول الله؟» فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد لرسول الله ﷺ: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله ﷺ وقال «آمنت بالله وبرسله». ثم قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ماذا ترى؟» قال ابن صياد: يأتيني صادق وكذاب. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خلط عليك الأمر». ثم قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إني قد خبأت لك خبيئا» فقال ابن صياد «هو الدخ» فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اخسأ. فلن تعدو قدرك» فقال عمر بن الخطاب: ذرني. يا رسول الله! أضرب عنقه. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إن يكنه فلن تسلط عليه. وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله».


(أطم بني مغالة) ذكر مسلم في رواية الحسن الحلواني التي بعد هذه أنه أطم بني معاوية. قال العلماء: المشهور المعروف هو الأول. قال القاضي: وبنو مغالة كل ما كان على يمينك إذا وقفت آخر البلاط، مستقبل مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. والأطم هو الحصن. جمعه آطام. (فرفضه) هكذا هو في أكثر نسخ بلادنا: فرفضه. قال القاضي: روايتنا فيه عن الجماعة بالصاد المهملة. قال بعضهم: الرفض: الضرب بالرجل، مثل الرفس. فإن صح هذا فهو معناه. لكن لم أجد هذه اللفظة في أصول اللغة. قال: ووقع في رواية القاضي التميمي: فرفضه. وهو وهم. قال: وفي البخاري في رواية المروزي: فرفضه، ولا وجه له. وفي كتاب الأدب. فرفضه. قال: ورواه الخطابي في غريبه: فرصه. أي ضغطه حتى ضم بعضه إلى بعض. ومنه قوله تعالى: بنيان مرصوص. (قلت) ويجوز أن يكون معنى رفضه أي ترك سؤاله الإسلام ليأسه فيه حينئذ، ثم شرع في سؤاله عما يرى.

(٢٩٣١) - وقال سالم بن عبد الله: سمعت عبد الله بن عمر يقول:
انطلق بعد ذلك رسول الله ﷺ

٢٢٤٥
وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد. حتى إذا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النخل، طفق يتقي بجذوع النخل. وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا، قبل أن يراه ابن صياد. فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو مضطجع على فراش في قطيفة، له فيها زمزمة. فرأت أم ابن صياد رسول الله ﷺ وهو يتقي بجذوع النخل. فقالت لابن صياد: يا صاف! (وهو اسم ابن صياد) هذا محمد. فثار ابن صياد. فقال رسول الله ﷺ «لو تركته بين».


(وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا) يختل أن يخدع ابن صياد ويستغفله ليسمع شيئا من كلامه ويعلم هو والصحابة حاله في أنه كاهن أم ساحر، ونحوهما. (في قطيفة له فيها زمزمة) القطيفة كساء مخمل. والزمزمة، وقعت في هذه اللفظة في معظم نسخ مسلم: زمزمة. وفي بعضها: رمرمة. ووقع في البخاري بالوجهين. ونقل القاضي عن جمهور رواة مسلم أنه بالمعجمتين. وأنه في بعضها رمزة. وهو صوت خفي لا يكاد يفهم، أو لا يفهم. (فثار ابن صياد) أي نهض من مضجعه وقام. (لو تركته بين) أي لو لم تخبره ولم تعلمه أمه بمجيئنا، لبين لنا من حاله ما تعرف به حقيقة أمره.

(١٦٩) - قَالَ سَالِمٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ:
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ. ثُمَّ ذكر الدجال فقال «إني لأنذركموه. ما من نبي إلا وقد أنذره قومه. لقد أنذره نوح قومه. ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه. تعلموا أنه أعور. وأن الله تبارك وتعالى ليس بأعور».
قال ابن شهاب: وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري؛ أنه أخبره بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال، يوم حذر الناس من الدجال «إنه مكتوب بين عينيه كافر. يقرؤه من كره عمله. أو يقرؤه كل مؤمن». وقال «تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت».


(تعلموا) اتفق الرواة على ضبط تعلموا بفتح العين واللام المشددة. وكذا نقله القاضي وغيره عنهم. قالوا: ومعناه اعلموا وتحققوا. يقال: تعلم، بمعنى اعلم.

٩٦ - (٢٩٣٠) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ

٢٢٤٦
إِبْرَاهِيمَ بن سعد). حدثنا أبي عن صالح، عن ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أن عبد الله بن عمر قَالَ:
انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومعه رهط من أصحابه. فيهم عمر بن الخطاب. حتى وجد ابن صياد غلاما قد ناهز الحلم. يلعب مع الغلمان عند أطم بني معاوية. وساق الحديث بمثل حديث يونس. إلى منتهى حديث عمر بن ثابت. وفي الحديث عن يعقوب، قال: قال أبي (يعني قوله: لو تركته بين) قال: لو تركته أمه، بين أمره.


(ناهز الحلم) أي قارب البلوغ.

٩٧ - (٢٩٣٠) وحدثنا عبد بن حميد وسلمة بن شبيب. جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزهري، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّ بابن صياد في نفر من أصحابه. فيهم عمر بن الخطاب. وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة. وهو غلام. بمعنى حديث يونس وصالح. غير أن عبد بن حميد لم يذكر حديث ابن عمر، في انطلاق النبي ﷺ مع أبي بن كعب، إلى النخل.

٩٨ - (٢٩٣٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عبادة. حدثنا هشام عن أيوب، عن نافع، قال:
لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة. فقال له قولا أغضبه. فانتفخ حتى ملأ السكة. فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها. فقالت له: رحمك الله! ما أردت من ابن صائد؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «إنما يخرج من غضبة يغضبها؟»


(فانتفخ حتى ملأ السكة) السكة الطريق. وجمعها سكك. قال أبو عبيد: أصل السكة الطريق المصطفة من النخل قال: وسميت الأزقة سككا، لاصطفاف الدور فيها.

٩٩ - (٢٩٣٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ (يَعْنِي ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَارٍ). حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عن نافع، قال:
كان نافع يقول: ابن صياد، قال قال ابن عمر: لقيته مرتين. قال فلقيته فقلت لبعضهم: هل تحدثون أنه هو؟ قال: لا. والله! قال قلت: كذبتني. والله! لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالا وولدا. فكذلك هو زعموا اليوم. قال فتحدثنا ثم فارقته.

٢٢٤٧
قال فلقيته لقية أخرى وقد نفرت عينه. قال فقلت: متى فعلت عينك ما أرى؟ قال: لا أدري. قال قلت: لا تدري وهي في رأسك؟ قال: إن شاء الله خلقها في عصاك هذه. قال فنخر كأشد نخير حمار سمعت. قال فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت. وأما أنا، فوالله! ما شعرت. قال وجاء حتى دخل على أم المؤمنين. فحدثها فقالت: ما تريد إليه؟ ألم تعلم أنه قد قال «إن أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه».


(فلقيته لقية أخرى) قال القاضي في المشارق: رويناه لقية، بضم اللام. وثعلب يقوله لقيه، بالفتح. هذا كلام القاضي. والمعروف، في اللغة والرواية ببلادنا، الفتح. (نفرت عينه) أي ورمت ونتأت. (فنخر كأشد نخير حمار) النخير صوت الأنف.

٢٠ - باب ذكر الدجال وصفته وما معه
١٠٠ - (١٦٩) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نافع، عن ابن عمر؛
أن رسول الله ﷺ ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال «إن الله تعالى ليس بأعور. ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى. كأن عينه عنبة طافئة».


(ذكر الدجال) قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال، حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدرات الله تعالى. من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت. فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته. ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى ﷺ. ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت. هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار. (وإن المسيح الدجال أعمر العين اليمنى. كأن عينه عنبة طافئة) أما طافئة فرويت بالهمز وتركه. وكلاهما صحيح. فالمهموزة هي التي ذهب نورها، وغير المهموزة التي نتأت وطفت مرتفعة وفيها ضوء. والعور في اللغة، العيب. وعيناه معيبتان عوراوان. وإن إحداهما طافئة (بالهمز) لا ضوء فيها. والأخرى طافية (بلا همز) ظاهرة ناتئة.

١٠٠ - م - (١٦٩) حدثني أبو الربيع وأبو كامل. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ) عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إسماعيل) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ.

١٠١ - (٢٩٣٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب. ألا إنه أعور. وإن ربكم ليس بأعور. ومكتوب بين عينيه ك ف ر».

١٠٢ - (٢٩٣٣) حدثنا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى). قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عن قتادة. حدثنا أنس بن مالك؛
أن نبي الله ﷺ قال «الدجال مكتوب بين عينيه ك ف ر. أي كافر».

١٠٣ - (٢٩٣٣) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا عبد الوارث عن شعيب بن الحبحاب، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه كافر» ثم تهجاها ك ف ر. «يقرؤه كل مسلم».


(ممسوح العين) هذه الممسوحة هي الطافئة (بالهمز) التي لا ضوء فيها. وهي أيضا موصوفة في الرواية الأخرى بأنها ليست حجراء ولا ناتئة. (مكتوب بين عينيه كافر) الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها. وإنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله. ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب. ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته. ولا امتناع في ذلك.

١٠٤ - (٢٩٣٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن نمير ومحمد بْنُ الْعَلَاءِ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا) أبو معاوية عن الأعمش، عن شقيق، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:

٢٢٤٩
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الدجال أعمر العين اليسرى. جفال الشعر. معه جنة ونار. فناره جنة وجنته نار».


(جفال الشعر) أي كثيره.

١٠٥ - (٢٩٣٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يزيد بن هارون عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لأنا أعلم بما مع الدجال منه. معه نهران يجريان. أحدهما، رأى العين، ماء أبيض. والآخر، رأى العين، نار تأجج. فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض. ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه. فإنه ماء بارد. وإن الدجال ممسوح العين. عليها ظفرة غليظة. مكتوب بين عينيه كافر. يقرؤه كل مؤمن، كاتب وغير كاتب».


(فإما أدركن أحد) هكذا هو في أكثر النسخ: أدركن. وفي بعضها: أدركه. وهذا الثاني ظاهر. وأما الأول فغريب من حيث العربية. لأن هذه النون لا تدخل على الفعل الماضي. (قلت) قال ابن هشام في المغنى: ولا يؤكد بهما (أي نوني التوكيد الخفيفة والثقيلة) الماضي مطلقا. وشذ قوله:
دامن سعدك لو رحمت متيما * لولاك لم يك للصبابة جانحا اهـ. (يراه) بفتح الياء وضمها. (ظفرة) هي جلدة تغشى البصر. وقال الأصمعي: لحمة تنبت عند المآقي.

١٠٦ - (٢٩٣٤) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قال، في الدجال «إن معه ماء ونارا. فناره ماء بارد، وماؤه نار. فلا تهلكوا».

(٢٩٣٥) - قال أَبُو مَسْعُودٍ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

١٠٧ - (٢٩٣٤/ ٢٩٣٥) حدثنا علي بن حجر. حدثنا شعيب بن صفوان عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بن حراش، عن عقبة بن عمرو، أبي مسعود الأنصاري، قال:
انطلقت معه إلى حذيفة بن اليمان. فقال له عقبة: حدثني ما سمعت من رسول الله ﷺ في الدجال. قال «إن الدجال يخرج. وإن معه ماء ونارا. فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق. وأما الذي يراه الناس نارا، فماء بارد عذب. فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا. فإنه ماء عذب طيب» فقال عقبة: وأنا قد سمعته. تصديقا لحذيفة.

١٠٨ - (٢٩٣٥) حدثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ - واللفظ لابن حجر - (قال إسحاق: أخبرنا. وقال ابن حجر: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ:
اجتمع حذيفة وأبو مسعود. فقال حذيفة: «لأنا بما مع الدجال أعلم منه. إن معه نهرا من ماء ونهرا من نار. فأما الذي ترون أنه نار، ماء. وأما الذي ترون أنه ماء، نار؛ فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار. فإنه سيجده ماء».
قال أبو مسعود: هكذا سمعت النبي ﷺ يقول.

١٠٩ - (٢٩٣٦) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يحيى، عن أبي سلمة، قال: سمعت أبا هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ «ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه؟ إنه أعور. وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار. فالتي يقول إنها الجنة، هي النار. وإني أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه».

١١٠ - (٢٩٣٧) حدثنا أبو خيثمة، زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حدثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. حَدَّثَنِي يحيى بن جابر الطائي، قاضي حمص. حدثني عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، جبير بن نفير الحضرمي؛ أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي. ح وحدثني محمد بن مهران الرازي (واللفظ له). حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يزيد بن جابر عن يحيى بن جابر الطائي،

٢٢٥١
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عن أبيه، جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان، قَالَ:
ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الدجال ذات غداة. فخفض فيه ورفع. حتى ظنناه في طائفة النخل. فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا. فقال «ما شأنكم؟» قلنا: يا رسول الله! ذكرت الدجال غداة. فخفضت فيه ورفعت. حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال «غير الدجال أخوفني عليكم. إن يخرج، وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم. وإن يخرج، ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه. والله خليفتي على كل مسلم.

٢٢٥٢
إنه شاب قطط. عينه طافئة. كأني أشبهه بعبد العُزَّى بن قطن. فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف. إنه خارج خلة بين الشام والعراق. فعاث يمينا وعاث شمالا. يا عباد الله! فاثبتوا» قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال «أربعون يوما. يوم كسنة. ويوم كشهر. ويوم كجمعة. وسائر أيامه كأيامكم» قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال «لا. اقدروا له قدره» قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض؟ قال «كالغيث استدبرته الريح. فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له. فيأمر السماء فتمطر. والأرض فتنبت. فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر. ثم يأتي القوم. فيدعوهم فيردون عليه قوله. فينصرف عنهم. فيصبحون ممحلين

٢٢٥٣
ليس بأيديهم شيء من أموالهم. ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل. ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا. فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه. يضحك. فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم. فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق. بين مهرودتين. واضعا كفيه على أجنحة ملكين. إذا طأطأ رأسه قطر. وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ. فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات. ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه. فيطلبه حتى يدركه بباب لد. فيقتله. ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه. فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة. فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي، لا يدان لأحد بقتالهم. فحرز عبادي إلى الطور.

٢٢٥٤
ويبعث الله يأجوج ومأجوج. وهم من كل حدب ينسلون. فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية. فيشربون ما فيها. ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه، مرة، ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه. حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه. فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم. فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة. ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض. فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله. فيرسل الله طيرا كأعناق البخت. فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله. ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر. فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة. ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرك، وردي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة.

٢٢٥٥
ويستظلون بقحفها. ويبارك في الرسل. حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس. واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس. واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس. فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة. فتأخذهم تحت آباطهم. فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم. ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة».


(فخفض فيه ورفع) بتشديد الفاء فيهما. وفي معناه قولان: أحدهما أن خفض بمعنى حقر. وقوله رفع أي عظمه وفخمه. فمن تحقيره وهوانه على الله تعالى عوره. ومنه قوله ﷺ «هو أهون على الله من ذلك» وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه، وأنه يضمحل أمره، ويقتل بعد ذلك، هو وأتباعه. ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه. والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه. فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد بلاغا كاملا مفخما. (غير الدجال أخوفني عليكم) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: أخوفني، بنون بعد الفاء. وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين. قال ورواه بعضهم بحذف النون، وهما لغتان صحيحتان ومعناهما واحد. قال شيخنا الإمام أبو عبد الله، ابن مالك، رحمه الله تعالى: الحاجة داعية إلى الكلام في لفظ الحديث ومعناه. فأما لفظه فلكونه تضمن ما لا يعتاد من إضافة أخوف إلى ياء المتكلم، مقرونة بنون الوقاية، وهذا الاستعمال إنما يكون مع الأفعال المتعدية. والجواب: إنه كان الأصل إثباتها. ولكنه أصل متروك. فنبه عليه في قليل من كلامهم. وأنشد فيه أبياتا. منها ما أنشده الفراء:
فما أدري فظني كل ظن * أمسلمني إلى قومي شراحي
يعني شراحيل. فرخمه في غير النداء. للضرورة. وأنشد غيره:
وليس الموافيني ليرفد خائبا * فإن له أضعاف ما كان أملا
ولأفعل التفضيل، أيضا، شبه بالفعل. خصوصا بفعل التعجب. فجاز أن تلحقه النون المذكورة في الحديث، كما لحقت في الأبيات المذكورة. هذا هو الأظهر في هذه النون هنا.
وأما معنى الحديث ففيه أوجه: أظهرها أنه من أفعل التفضيل، وتقديره: غير الدجال أخوف مخوفاتي عليكم. ثم حذف المضاف إلى الياء. ومنه: أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون. معناه أن الأشياء التي أخافها على أمتي أحقها بأن تخاف الأئمة المضلون. الثاني أن يكون أخوف من أخاف بمعنى خوف. ومعناه غير الدجال أشد موجبات خوفي عليكم. والثالث أن يكون من باب وصف المعاني بما يوصف به الأعيان، على سبيل المبالغة. كقولهم في الشعر الفصيح: شعر شاعر. وخوف فلان أخوف من خوفك. وتقديره خوف غير الدجال أخوف خوفي عليكم. ثم حذف المضاف الأول ثم الثاني. هذا آخر كلام الشيخ رحمه الله. (قطط) أي شديد جعودة الشعر، مباعد للجعودة المحبوبة. (إنه خارج خلة بين الشأم والعراق) هكذا هو في نسخ بلادنا: خلة. وقال القاضي: المشهور فيه خلة. قيل: معناه سمت ذلك وقبالته. وفي كتاب العين: الخلة موضع حزن وصخور. قال: وذكره الهروي وفسره بأنه ما بين البلدين. هذا آخر ما ذكره القاضي. وهذا الذي ذكره عن الهروي هو الموجود في نسخ بلادنا وفي الجمع بين الصحيحين ببلادنا، وهو الذي رجحه صاحب نهاية الغريب، وفسره بالطريق بينهما. (فعاث يمينا وعاث شمالا) العيث الفساد، أو أشد الفساد والإسراع فيه. وحكى القاضي أنه رواه بعضهم: فعاث، اسم فاعل، وهو بمعنى الأول. (اقدروا له قدره) قال القاضي وغيره: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم، شرعه لنا صاحب الشرع. قالوا: ولولا هذا الحديث، ووكلنا إلى اجتهادنا، لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام. ومعنى اقدروا له قدره، أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم، فصلوا الظهر. ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر. فصلوا العصر. وإذا مضى بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب، فصلوا المغرب. وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب. وهكذا حتى ينقضي ذلك اليوم، وقد وقع فيه صلوات سنة، فرائض كلها، مؤداة في وقتها. أما الثاني الذي كشهر والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول، على ما ذكرناه. (فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا الخ) أما تروح فمعناه ترجع آخر النهار. والسارحة هي الماشية التي تسرح، أي تذهب أول النهار إلى المرعى. والذرا الأعالي والأسنمة جمع ذروة، بالضم والكسر. وأسبغه أي أطوله لكثرة اللبن، وكذا أمده خواصر، لكثرة امتلائها من الشبع. (فيصبحون ممحلين) قال القاضي: أي أصابهم المحل، من قلة المطر، ويبس الأرض من الكلأ. وفي القاموس: المحل، على وزن فحل، الجدب والقحط. والإمحال كون الأرض ذات جدب وقحط. يقال أمحل البلد إذا أجدب. (كيعاسيب النحل) هي ذكور النحل. هكذا فسره ابن قتيبة وآخرون. قال القاضي: المراد جماعة النحل، لا ذكورها خاصة. لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب، وهو أميرها. (فيقطعه جزلتين رمية الغرض) الجزلة، بالفتح على المشهور. وحكى ابن دريد كسرها، أي قطعتين. ومعنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رمية. هذا هو الظاهر المشهور. وحكى القاضي هذا ثم قال: وعندي أن فيه تقديما وتأخيرا. وتقديره: فيصيب إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين. والصحيح الأول.
(فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين) هذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق. والمهرودتان روي بالدال المهملة والذال المعجمة. والمهملة أكثر. والوجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة والغريب وغيرهم. وأكثر ما يقع في النسخ بالمهملة، كما هو المشهور. ومعناه لابس مهرودتين أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران وقيل: هما شقتان، والشقة نصف الملاءة. (تحدر منه جمان كاللؤلؤ) الجمان حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار. والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفائه. فسمي الماء جمانا لشبهه به في الصفاء والحسن. (فلا يحل) معنى لا يحل، لا يمكن ولا يقع. وقال القاضي: معناه، عندي، حق واجب. (بباب لد) مصروف. بلدة قريبة من بيت المقدس. (فيمسح عن وجوههم) قال القاضي: يحتمل أن هذا المسح حقيقة على ظاهره. فيمسح على وجوههم تبركا وبرا ويحتمل أنه إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف. (لا يدان لأحد بقتالهم) يدان تثنية يد. قال العلماء: معناه لا قدرة ولا طاقة. يقال: ما لي بهذا الأمر يد، وما لي به يدان. لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد. وكأنه يديه معدومتان لعجزه عن دفعه. (فحرز عبادي إلى الطور) أي ضمهم واجعله لهم حرزا. يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازا إذا حفظته وضممته إليك، وصنته عن الأخذ. (وهم من كل حدب ينسلون) الحدب النشز. قال الفراء: من كل أكمة، من كل موضع مرتفع. وينسلون يمشون مسرعين. (فيرغب نبي الله) أي إلى الله. أو يدعو. (النغف) هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم. الواحدة نغفة. (فرسى) أي قتلى. واحدهم فريس. كقتيل وقتلى. (زهمهم) أي دسمهم. (البخت) قال في اللسان: البخت والبختية دخيل في العربية. أعجمي معرب. وهي الإبل الخراسانية، تنتج من عربية وفالج، وهي جمال طوال الأعناق. (لا يكن) أي لا يمنع من نزول الماء. (مدر) هو الطين الصلب. (كالزلفة) روى: الزلقة. وروى: الزلفة. وروى. الزلفة. قال القاضي: وكلها صحيحة. واختلفوا في معناه. فقال ثعلب وأبو زيد وآخرون: معناه كالمرآة. وحكى صاحب المشارق هذا عن ابن عباس أيضا. شبهها بالمرآة في صفائها ونظافتها. وقيل: كمصانع الماء. أي أن الماء يستنقع فيها حتى تصير كالمصنع الذي يجتمع فيه الماء. وقال أبو عبيد: معناه كالإجانة الخضراء. وقيل: كالصفحة. وقيل. كالروضة. (العصابة) هي الجماعة. (بقحفها) بكسر القاف، هو مقعر قشرها. شبهها بقحف الرأس، وهو الذي فوق الدماغ، وقيل: ما انفلق من جمجمته وانفصل. (الرسل) هو اللبن. (اللقحة) بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان. الكسر أشهر. وهي القريبة العهد بالولادة، وجمعها لقح كبركة وبرك. واللقوح ذات اللبن. وجمعها لقاح. (الفئام) هي الجماعة الكثيرة. هذا هو المشهور والمعروف في اللغة وكتب الغريب. (الفخذ من الناس) قال أهل اللغة: الفخذ الجماعة من الأقارب. وهم دون البطن. والبطن دون القبيلة. قال القاضي. قال ابن فارس: الفخذ، هنا، بإسكان الخاء لا غير. فلا يقال إلا بإسكانها. بخلاف الفخذ، التي هي العضو، فإنها تكسر وتسكن. (وكل مسلم) هكذا هو في جميع نسخ مسلم: وكل مسلم، بالواو. (يتهارجون فيها تهارج الحمر) أي يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس، كما يفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك. والهرج، بإسكان الراء، الجماع. يقال: هرج زوجته، أي جامعها، يهرجها، بفتح الراء وضمها وكسرها.

١١١ - (٢٩٣٧) حدثنا علي بن حجر السعدي. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يزيد بن جابر والوليد بن مسلم. قال ابن حجر: دخل حديث أحدهما في حديث الآخر عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، بهذا الإسناد. نحو ما ذكرنا. وزاد بعد قوله «- لقد كان بهذه، مرة، ماء - ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر. وهو جبل بيت المقدس. فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض. هلم فلنقتل من في السماء. فيرمون بنشابهم إلى السماء. فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما». وفي رواية ابن حجر «فإني قد أنزلت عبادا لي، لا يدي لأحد بقتالهم».


(إلى جبل الخمر) الخمر هو الشجر الملتف الذي يستر من فيه. وقد فسره في الحديث، بأنه جبل بيت المقدس، لكثرة شجره. (بنشابهم) أي سهامهم. واحده نشابة.

٢١ - باب في صفة الدجال، وتحريم المدينة عليه، وقتله المؤمن وإحيائه
١١٢ - (٢٩٣٨) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حميد. وألفاظهم متقاربة. والسياق لعبد (قال: حدثني. وقال الآخران: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ -. حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب. أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة؛ أن أبا سعيد الخدري قَالَ:
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوما حديثا طويلا عن الدجال. فكان فيما حدثنا قال «يأتي، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة. فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة. فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خير الناس. فيقول له: أشهد أنك الدجال الذي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. قال فيقتله ثم يحييه. فيقول حين يحييه: والله! ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن. قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه».
قال أبو إسحاق: يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام.


(نقاب المدينة) أي طرقها وفجاجها. وهو جمع نقب، وهو الطريق بين جبلين. (قال أبو إسحاق) أبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن سفيان، راوي الكتاب عن مسلم. وكذا قال معمر في جامعه. في إثر هذا الحديث، كما ذكره ابن سفيان وهذا تصريح منه بحياة الخضر عليه السلام، وهو الصحيح.

١١٢ - م - (٢٩٣٨) وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، في هذا الإسناد، بمثله.

١١٣ - (٢٩٣٨) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ، من أهل مرو. حدثنا عبد الله بن عثمان عن أبي حمزة، عن قيس بن وهب، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين. فتلقاه المسالح، مسالح الدجال. فيقولون له:

٢٢٥٧
أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج. قال فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه. قال فينطلقون به إلى الدجال. فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس! هذا الدجال الذي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قال فيأمر الدجال به فيشبح. فيقول: خذوه وشجوه. فيوسع ظهره وبطنه ضربا. قال فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال فيقول: أنت المسيح الكذاب. قال فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه. قال ثم يمشي الدجال بين القطعتين. ثم يقول له: قم. فيستوي قائما. قال ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة. قال ثم يقول: يا أيها الناس! إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس. قال فيأخذه الدجال ليذبحه. فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا. فلا يستطيع إليه سبيلا. قال فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به. فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار. وإنما ألقي في الجنة». فقال رسول الله ﷺ «هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين».


(المسالح) المسالح قوم معهم سلاح، يرقبون في المراكز كالخفراء. سموا بذلك لحملهم السلاح. (فيشبح) أي يمد على بطنه، ويروى: فيشج. (شجوه) من الشج، وهو الجرح في الرأس والوجه. ويروى: واشبحوه. (فيؤشر بالمئشار) هكذا الرواية، بالهمزة فيهما. وهو الأفصح. ويجوز تخفيف الهمزة فيهما. فتجعل في الأول واوا وفي الثاني ياء. ويجوز المنشار، بالنون. يقال: نشرت الخشبة، وعلى الأول يقال: أشرتها. (مفرقه) مفرق الرأس وسطه. (ترقوته) هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.

٢٢ - باب في الدجال وهو أهون على الله عز وجل
١١٤ - (٢٩٣٩) حدثنا شهاب بن عباد العبدي. حدثنا إبراهيم بن حميد الرؤاسي عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قال:
ما سأل أحد النبي ﷺ عن الدجال أكثر مما سألت. قال «وما ينصبك منه؟ إنه لا يضرك» قال قلت: يا رسول الله! إنهم يقولون:

٢٢٥٨
إن معه الطعام والأنهار. قَالَ «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ»


(وما ينصبك منه) أي ما يتعبك من أمره. قال ابن دريد: يقال أنصبه المرض وغيره. ونصبه. والأول أفصح. قال: وهو تغير الحال من مرض أو تعب. (هو أهون على الله من ذلك) قال القاضي: معناه هو أهون على الله من أن يجعل ما خلقه الله تعالى على يده مضلا للمؤمنين ومشككا لقلوبهم بل إنما جعله له ليزداد الذين آمنوا إيمانا. ونثبت الحجة على الكافرين والمنافقين ونحوهم. وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك.

١١٥ - (٢٩٣٩) حدثنا سريج بن يونس. حدثنا هشيم عن إسماعيل، عن قيس، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قال:
مَا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ الدجال أكثر مما سألته. قال «وما سؤالك؟» قال قلت: إنهم يقولون: معه جبال من خبز ولحم، ونهر من ماء. قَالَ «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ».

١١٥ - م - (٢٩٣٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نمير. قالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كلهم عن إسماعيل، بهذا الإسناد، نحو حديث إبراهيم بن حميد. وزاد في حديث يزيد: فقال لي «أي بني».

٢٣ - باب في خروج الدجال ومكثه في الأرض، ونزول عيسى وقتله إياه، وذهاب أهل الخير والإيمان، وبقاء شرار الناس وعبادتهم الأوثان، والنفخ في الصور، وبعث من في القبور
١١٦ - (٢٩٤٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم، قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو، وجاءه رجل، فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا. فقال: سبحان الله! أو لا إله إلا الله. أو كلمة نحوهما. لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا. إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما. يحرق البيت، ويكون، ويكون. ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين (لا أدري: أربعين يوما، أو أربعين شهرا، أو أربعين عاما).

٢٢٥٩
فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود. فيطلبه فيهلكه. ثم يمكث الناس سبع سنين. ليس بين اثنين عداوة. ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشأم. فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته. حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه، حتى تقبضه». قال: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قال «فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع. لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا. فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان. وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم. ثم ينفخ في الصور. فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا. قال وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله. قال فيصعق، ويصعق الناس. ثم يرسل الله - أو قال ينزل الله - مطرا كأنه الطل أو الظل (نعمان الشاك) فتنبت منه أجساد الناس. ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: يا أيها الناس! هلم إلى ربكم. وقفوهم إنهم مسؤلون. قال ثم يقال: أخرجوا بعث النار. فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف، تسعمائة وتسعة وتسعين. قال فذاك يوم يجعل الولدان شيبا. وذلك يوم يكشف عن ساق».


(فيبعث الله عيسى) قال القاضي رحمه الله تعالى: نزول عيسى عليه السلام، وقتله الدجال، حق وصحيح عند أهل السنة، للأحاديث الصحيحة في ذلك. وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله. فوجب إثباته. (في كبد جبل) أي وسطه وداخله. وكبد كل شيء وسطه. (في خفة الطير وأحلام السباع) قال العلماء: معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد، كطيران الطير. وفي العدوان وظلم بعضهم بعضا، في أخلاق السباع العادية. (أصغى ليتا ورفع ليتا) أصغى أمال. والليت صفحة العنق، وهي جانبه. (يلوط حوض إبله) أي يطينه ويصلحه. (كأنه الطل أو الظل) قال العلماء: الأصح الطل. وهو الموافق للحديث الآخر أنه كمني الرجال. (يكشف عن ساق) قال العلماء: معناه يوم يكشف عن شدة وهول عظيم، أي يظهر ذلك. يقال: كشفت الحرب عن ساقها، إذا اشتدت. وأصله أن من جد في أمره كشف عن ساقه مشمرا، في الخفة والنشاط له.

١١٧ - (٢٩٤٠) وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود قال:
سمعت رجلا قال لعبد الله بن عمرو: إنك تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا. فقال: لقد هممت أن لا أحدثكم بشئ. إنما قلت: إنكم ترون بعد قليل أمرا عظيما. فكان حريق البيت (قال شعبة: هذا أو نحوه) قال عبد الله بن عمرو: قال رسول الله ﷺ «يخرج الدجال في أمتي» وساق الحديث بمثل حديث معاذ. وقال في حديثه «فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته». قال محمد بن جعفر: حدثني شعبة بهذا الحديث مرات. وعرضته عليه.

١١٨ - (٢٩٤١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا محمد بن بشر عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عبد الله بن عمرو، قال: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حديثا لم أنسه بعد.
سمعت رسول الله ﷺ يقول «إن أول الآيات خروجا، طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى. وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على أثرها قريبا».

١١٨ - م - (٢٩٤١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أبي. حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة. قال: جلس إلى مروان بن الحكم بالمدينة ثلاثة نفر من المسلمين. فسمعوه وهو يحدث عن الآيات: أن أولها خروجا الدجال. فقال عبد الله بن عمرو: لم يقل مروان شيئا. قد حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حديثا لم أنسه بعد. سمعت رسول الله ﷺ يقول. فذكر بمثله.

١١٨ - م ٢ - (٢٩٤١) وحدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ. حدثنا سفيان عن أبي حيان، عن أبي زرعة قال: تذاكروا الساعة عند مروان. فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله ﷺ يقول. بمثل حديثهما. ولم يذكر ضحى.

٢٤ - باب قصة الجساسة


(قصة الجساسة) قيل سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال. وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن.

١١٩ - (٢٩٤٢) حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، وحجاج بن الشاعر. كلاهما عن عبد الصمد (واللفظ لعبد الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ). حدثنا أَبِي عَنْ جَدِّي، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ. حدثنا ابن بريدة. حدثني عامر بن شراحيل الشعبي، شعب همدان؛
أنه سأل فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ. وكانت من المهاجرات الأول. فقال: حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله ﷺ. لا تسنديه إلى أحد غيره. فقالت: لئن شئت لأفعلن. فقال لها: أجل. حدثيني. فقالت: نكحت ابن المغيرة. وهو من خيار شباب قريش يومئذ. فأصيب في أول الجهاد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف، في نفر مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وخطبني رسول الله ﷺ على مولاه أسامة بن زيد. وكنت قد حُدِّثْتُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «من أحبني فليحب أسامة» فلما كلمني رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: أمري بيدك. فأنكحني من شئت. فقال «انتقلي إلى أم شريك» وأم شريك امرأة غنية، من الأنصار. عظيمة النفقة في سبيل الله. ينزل عليها الضيفان. فقلت: سأفعل. فقال «لا تفعلي. إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان. فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين. ولكن انتقلي إلى ابن عمك، عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم» (وهو رجل من بني فهر،

٢٢٦٢
فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه) فانتقلت إليه. فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي، مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ينادي: الصلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد. فصليت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صلاته، جلس على المنبر وهو يضحك. فقال «ليلزم كل إنسان مصلاه». ثم قال «أتدرون لما جمعتكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال «إني، والله! ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة. ولكن جمعتكم، لأن تميما الداري، كان رجلا نصرانيا، فجاء فبايع وأسلم. وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال. حدثني؛ أنه ركب في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام. فلعب بهم الموج شهرا في البحر. ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس. فجلسوا في أقرب السفينة. فدخلوا الجزيرة. فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر. لا يدرون ما قبله من دبره. من كثرة الشعر. فقالوا: ويلك! ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت:

٢٢٦٣
أيها القوم! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير. فإنه إلى خبركم بالأشواق. قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة. قال فانطلقنا سراعا. حتى دخلنا الدير. فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا. وأشده وثاقا. مجموعة يداه إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه، بالحديد. قلنا: ويلك! ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري. فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب. ركبنا في سفينة بحرية. فصادفنا البحر حين اغتلم. فلعب بنا الموج شهرا. ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه. فجلسنا في أقربها. فدخلنا الجزيرة. فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر. لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقلنا: ويلك! ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قلنا وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير. فإنه إلى خبركم بالأشواق. فأقبلنا إليك سراعا. وفزعنا منها. ولم نأمن أن تكون شيطانة. فقال: أخبروني عن نخل بيسان. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها، هل يثمر؟ قلنا له: نعم. قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر. قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم. هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب

٢٢٦٤
وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه. وإني مخبركم عني. إني أنا المسيح. وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج. فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة. غير مكة وطيبة. فهما محرمتان علي. كلتاهما. كلما أردت أن أدخل واحدة، أو واحدا منهما، استقبلني ملك بيده السيف صلتا. يصدني عنها. وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وطعن بمخصرته في المنبر»هذه طيبة. هذه طيبة. هذه طيبة«يعني المدينة»ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ «فقال الناس: نعم.»فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة. ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن. لا بل من قبل المشرق، ما هو. من قبل المشرق، ما هو. من قبل المشرق، ما هو" وأومأ بيده إلى المشرق. قالت: فحفظت هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.


(فأصيب في أول الجهاد) قال العلماء: ليس معناه أنه قتل في الجهاد مع النبي ﷺ، وتأيمت بذلك. إنما تأيمت بطلاقه البائن. (تأيمت) أي صرت أيما. وهي التي لا زوج لها. (وأم شريك امرأة غنية من الأنصار) هذا قد أنكره بعض العلماء وقال إنما هي قرشية من بني عامر بن لؤي. واسمها غربة وقيل: غربلة. وقال آخرون: هما ثنتان قرشية وأنصارية. (عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم) هكذا هو في جميع النسخ. وقوله: ابن أم مكتوم، يكتب بالألف، لأنه صفة لعبد الله لا لعمرو. فنسبه إلى أبيه عمرو، وإلى أمه أم مكتوم. فجمع نسبه إلى أبويه. كما في عبد الله بن مالك ابن بحينة، وعبد الله بن أبي ابن سلول، ونظائر ذلك. قال القاضي: المعروف أنه ليس بابن عمها ولا من البطن الذي هي منه. بل هي من بني محارب بن فهر. وهو من بني عامر بن لؤي. هذا كلام القاضي. والصواب أن ما جاءت به الرواية صحيح. والمراد بالبطن هنا، القبيلة، لا البطن الذي هو أخص منها. والمراد أنه ابن عمها مجازا لكونه من قبيلتها. فالرواية صحيحة ولله الحمد. (الصلاة جامعة) هو بنصب الصلاة وجامعة. الأول على الإغراء والثاني على الحال. (لأن تميما الداري) هذا معدود من مناقب تميم. لأن النبي ﷺ روى عنه هذه القصة. وفيه رواية الفاضل عن المفضول. ورواية المتبوع عن تابعه. وفيه رواية خبر الواحد. (ثم أرفؤا إلى جزيرة) أي التجأوا إليها. قال في اللسان: أرفأت السفينة، إذا أدنيتها إلى الجدة. والجدة وجه الأرض، أي الشط. (فجلسوا في أقرب السفينة) الأقرب جمع قارب، على غير قياس، والقياس قوارب. وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنيبة، يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم. وقيل: أقرب السفينة أدانيها، أي ما قارب إلى الأرض منها. (أهلب) الأهلب غليظ الشعر، كثيره. (فإنه إلى خبركم بالأشواق) أي شديد الأشواق إليه، أي إلى خبركم. (فرقنا منها) أي خفنا. (أعظم إنسان) أي أكبره جثة. أو أهيب هيئة. (بالحديد) الباء متعلق بمجموعة. (وما بين ركبتيه إلى كعبيه) بدل اشتمال من يداه. (اغتلم) أي هاج وجاوز حده المعتاد. (نخل بيسان) هي قرية بالشام. (بحيرة الطبرية) هي بحر صغير معروف بالشام. (عين زغر) هي بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام. (طيبة) هي المدينة. ويقال لها أيضا: طابة. (صلتا) بفتح الصاد وضمها. أي مسلولا. (ما هو) قال القاضي: لفظة ما هو زائدة. صلة للكلام. ليست بنافية. والمراد إثبات أنه في جهة الشرق.

١٢٠ - (٢٩٤٢) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد بن الحارث الهجيمي، أبو عثمان. حدثنا قُرَّةُ. حدثنا سَيَّارٌ، أَبُو الْحَكَمِ. حدثنا الشَّعْبِيُّ قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فأتحفتنا برطب يقال له رطب ابن طاب. وأسقتنا سَوِيقَ سُلْتٍ. فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَيْنَ تَعْتَدُّ؟ قَالَت: طَلَّقَنِي بَعْلِي ثَلَاثًا. فَأَذِنَ لِي النَّبِيُّ ﷺ أَنْ أَعْتَدَّ في أهلي. قالت فنودي في الناس: إن الصلاة جامعة. قالت فانطلقت فيمن انطلق من الناس. قالت فكنت في الصف المقدم من النساء. وهو يلي المؤخر من الرجال. قَالَتْ فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يخطب فقال «إن بني عم لتميم

٢٢٦٥
الداري ركبوا في البحر». وساق الحديث. وزاد فيه: قالت: فكأنما أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وأهوى بمخصرته إلى الأرض، وقال «هذه طيبة» يعني المدينة.


(فأتحفتنا) أي ضيفتنا. (رطب ابن طاب) نوع من الرطب الذي بالمدينة. وتمر المدينة مائة وعشرون نوعا. (سلت) هو حب يشبه الحنطة ويشبه الشعير.

١٢١ - (٢٩٤٢) وحدثنا الحسن بن علي الحلواني وأحمد بن عثمان النوفلي. قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبيِ. قَالَ: سمعت غيلان بن جرير يحدث عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَت:
قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تميم الداري. فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ أنه ركب البحر. فتاهت به سفينته. فسقط إلى جزيرة. فخرج إليها يلتمس الماء. فلقي إنسانا يجر شعره. واقتص الحديث. وقال فيه: ثم قال: أما إنه لو قد أذن لي في الخروج، قد وطئت البلاد كلها، غير طيبة. فأخرجه رسول الله ﷺ إلى الناس فحدثهم قال «هذه طيبة. وذاك الدجال».


(فتاهت به سفينته) أي سلكت غير الطريق.

١٢٢ - (٢٩٤٢) حدثني أبو بكر بن إسحاق. حدثنا يحيى بن بكير. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيَّ) عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الشعبي، عن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قعد على المنبر فقال «أيها الناس! حدثني تميم الداري؛ أن أناسا من قومه كانوا في البحر. في سفينة لهم. فانكسرت بهم. فركب بعضهم على لوح من ألواح السفينة. فخرجوا إلى جزيرة في البحر» وساق الحديث.

١٢٣ - (٢٩٤٣) حدثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مسلم. حدثني أبو عمرو (يعني الْأَوْزَاعِيِّ) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة. حدثني أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال. إلا مكة والمدينة. وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها. فينزل بالسبخة. فترجف المدينة ثلاث رجفات. يخرج إليه منها كل كافر ومنافق».


(بالسبخة) في القاموس: السبخة، محركة ومسكنة. أرض ذات نز وملح: سبخة وسبخة.

١٢٣ - م - (٢٩٤٣) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يونس بن محمد عن حماد بن سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة، عن أنس؛
أن رسول الله ﷺ قال. فذكر نحوه. غير أنه قال: فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه. وقال: فيخرج إليه كل منافق ومنافقة.


(فيضرب رواقة) أي ينزل هناك ويضع ثقله.

٢٥ - باب في بقية من أحاديث الدجال
١٢٤ - (٢٩٤٤) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بن حمزة عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن عمه، أنس بن مالك؛
أن رسول الله ﷺ قال «يتبع الدجال، من يهود أصبهان، سبعون ألفا. عليهم الطيالسة».


(الطيالسة) جمع طيلسان. والطيلسان، أعجمي معرب. قال في معيار اللغة: ثوب يلبس على الكتف، يحيط بالبدن ينسج للبس. خال من التفصيل والخياطة.

١٢٥ - (٢٩٤٥) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن محمد قال: قال ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ شريك؛
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ يقول «ليفرن الناس من الدجال في الجبال». قالت أم شريك: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟ قال «هم قليل».

١٢٥ - م - (٢٩٤٥) وحدثناه محمد بن بشار وعبد بن حميد. قالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإسناد.

١٢٦ - (٢٩٤٦) حدثني زهير بن حرب. حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي. حدثنا عبد العزيز (يعني ابن المختار). حدثنا أيوب عن حميد بن هلال، عن رهط، منهم أبو الدهماء وأبو قتادة. قالوا:
كنا نمر على هشام بن عامر، نأتي عمران بن حصين. فقال ذات يوم: إنكم لتجاوزوني

٢٢٦٧
إلى رجال، ما كانوا بأحضر لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنِّي. ولا أعلم بحديثه مني. سمعت رسول الله ﷺ يقول «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال».


(خلق أكبر من الدجال) المراد أكبر فتنة وأعظم شوكة.

١٢٧ - (٢٩٤٦) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا عبد الله بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمرو عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثلاثة رهط من قومه، فيهم أبو قتادة، قالوا: كنا نمر على هشام بن عامر، إلى عمران بن حصين. بمثل حديث عبد العزيز بن مختار. غير أنه قال «أمر أكبر من الدجال».

١٢٨ - (٢٩٤٧) حدثنا يحيى بن أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنِ الْعَلَاءِ، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ «بَادِرُوا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة».


(بادروا بالأعمال ستا) أي سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة، قبل وقوعها وحلولها. فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يقبل ولا يعتبر.

١٢٩ - (٢٩٤٧) حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن زريع. حدثنا شعبة عن قتادة، عن الحسن، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن النبي ﷺ، قال «بادروا بالأعمال ستا: الدجال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم».

١٢٩ - م - (٢٩٤٧) وحَدَّثَنَاه زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدَّثَنَا همام عن قتادة، بهذا الإسناد، مثله.

٢٦ - باب فضل العبادة في الهرج
١٣٠ - (٢٩٤٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن معلى بن زياد، عن معاوية بن قرة، عن معقل بن يسار؛ إن رسول الله ﷺ. ح وحدثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حدثنا حَمَّادٌ عن المعلى بن زياد، رده إلى معاوية بن قرة. رده إلى معقل بن يسار.
رده إلى النبي ﷺ قال «العبادة في الهرج، كهجرة إلي».


(العبادة في الهرج كهجرة إلي) المراد بالهرج، هنا، الفتنة واختلاط أمور الناس. وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا الأفراد.

١٣٠ - م - (٢٩٤٨) وحدثنيه أبو كامل. حدثنا حماد، بهذا الإسناد، نحوه.

٢٧ - باب قرب الساعة
١٣١ - (٢٩٤٩) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ). حَدَّثَنَا شعبة عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قال «لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس».

١٣٢ - (٢٩٥٠) حدثنا سعيد بن منصور. حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قال: قال رسول اللَّهِ ﷺ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حدثنا يعقوب عن أبي حازم؛ أنه سمع سَهْلًا يَقُولُ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يشير بإصبعه التي تلي الإبهام والوسطى، وهو يقول «بعثت أنا والساعة هكذا».

١٣٣ - (٢٩٥١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة قال: سمعت قَتَادَةَ. حدثنا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بعثت أنا والساعة كهاتين».

٢٢٦٩
قال شعبة: وسمعت قتادة يقول في قصصه: كفضل إحداهما على الأخرى. فلا أدري أذكره عن أنس، أو قاله قتادة.

١٣٤ - (٢٩٥١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يعني ابن الحارث). حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة وأبا التياح يحدثان؛ أنهما سمعا أنسا يُحَدِّثُ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «بعثت أنا والساعة هكذا» وقرن شعبة بين إصبعيه. المسبحة والوسطى، يحكيه.

١٣٤ - م - (٢٩٥١) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التياح، عن أنس، عن النبي ﷺ. بهذا.

١٣٤ - م ٢ - (٢٩٥١) وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عن شعبة، عن حمزة (يعني الضبي) وأبي التياح عن أنس، عن النبي ﷺ. بمثل حديثهم.

١٣٥ - (٢٩٥١) وحدثنا أبو غسان المسمعي. حدثنا معتمر عن أبيه، عن معبد، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «بعثت أنا والساعة كهاتين». قال وضم السبابة والوسطى.

١٣٦ - (٢٩٥٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
كان الأعراب إذا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سألوه عن الساعة: متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال «إن يعش هذا، لم يدركه الهرم، قامت عليكم ساعتكم».


(إن يعش هذا لم يدركه الهرم) وفي رواية: إن يعش هذا الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة. وفي رواية: إن عمر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة. وفي رواية: إن يؤخر هذا. قال القاضي: هذه الروايات كلها محمولة على معنى الأول. والمراد بساعتكم، موتكم. ومعناه يموت ذلك القرن أو أولئك المخاطبون.

١٣٧ - (٢٩٥٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يونس بن محمد عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنس؛
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: متى تقوم الساعة؟ وعنده غلام من الأنصار،

٢٢٧٠
يقال له محمد. فقال رسول الله ﷺ «إن يعش هذا الغلام، فعسى أن لا يدركه الهرم، حتى تقوم الساعة».

١٣٨ - (٢٩٥٣) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حرب. حدثنا حماد (يعني ابن زيد). حدثنا معبد بن هلال العنزي عن أنس بن مالك؛
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ قال: متى تقوم الساعة؟ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هنيهة. ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزدشنوءة. فقال «إن عمر هذا، لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة».
قال: قال أنس: ذاك الغلام من أترابي يومئذ.

١٣٩ - (٢٩٥٣) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عبد الله. حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قتادة، عن أنس، قال:
مر غلام للمغيرة بن شعبة، وكان من أقراني. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «إِنَّ يؤخر هذا، فلن يدركه الهرم، حتى تقوم الساعة».

١٤٠ - (٢٩٥٤) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أَبِي هُرَيْرَةَ،
يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قال «تقوم الساعة والرجل يحلب اللقحة، فما يصل الإناء إلى فيه حتى تقوم. والرجلان يتبايعان الثوب، فما يتبايعانه حتى تقوم. والرجل يلط في حوضه، فما يصدر حتى تقوم».


(يلط) هكذا هو في معظم النسخ: يلط. وفي بعضها: يليط، بزيادة ياء. وفي بعضها: يلوط. ومعنى الجميع واحد. وهو أنه يطينه ويصلحه.

٢٨ - باب ما بين النفختين
١٤١ - (٢٩٥٥) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة!

٢٢٧١
أربعون يوما؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. «ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل».
قال «وليس من الإنسان شيء إلا يبلى. إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب. ومنه يركب الخلق يوم القيامة».


(قال: أبيت) معناه أبيت أن أجزم بأن المراد أربعون يوما أو سنة أو شهرا. بل الذي أجزم به أنها أربعون، مجملة. وقد جاءت مفسرة من رواية غيره، في غير مسلم: أربعون سنة. (عجب الذئب) أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص. ويقال له: عجم، بالميم. وهو أول ما يخلق من الأدمى. وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه.

١٤٢ - (٢٩٥٥) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الحزامي) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب. منه خلق وفيه يركب».

١٤٣ - (٢٩٥٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدا. فيه يركب يوم القيامة» قالوا: أي عظم هو؟ يا رسول الله! قال «عجب الذنب».

 

google-playkhamsatmostaqltradent