recent
آخر المقالات

أول كتاب السنة

 

١ - باب شرح السُّنَّة
٤٥٩٦ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، عن خالدٍ، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «افترقَتِ اليهودُ على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتفرَّقت النَّصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتَفتَرِقُ أمَّتي على ثلاث وسبعين فرقةً» (١).



(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- خالد: هو ابن عبد الله الواسطي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٩٩١)، والترمذي (٢٨٣١) من طريقين عن محمَّد بن عمرو، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في: «مسند أحمد» (٨٣٩٦) و«صحيح ابن حبان» (٢٦٤٧)، و(٦٧٣١).
قال الخطابي: فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجة من الدين، إذ قد جعلهم النبي ﷺ كلهم من أمته. وفيه: أن المتأول لا يخرج من الملة وإن أخطأ في تأويله.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند أحمد (١٢٢٠٨) وابن ماجه (٣٩٩٣). وهو حديث صحيح. وزاد في روايته: «كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة» وسيأتي الكلام عليها عند الحديث التالي.
وعن معاوية بن أبي سفيان سيأتي بعده، وإسناده حسن. وزاد فيه: «ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة».
وعن عوف بن مالك عند ابن ماجه (٣٩٩٢). ورجاله ثقات. وقال ابن كثير في «النهاية» في الفتن والملاحم«: إسناده لا بأس به. وزاد أيضًا:»فواحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار«قيل: يا رسول الله ﷺ من هم؟ قال:»الجماعة". =

٤٥٩٧ - حدَّثنا أحمد بنُ حنبلٍ ومحمد بن يحى بن فارس، قالا: حدَّثنا أبو المُغيرة، حدَّثنا صفوانُ.
وحدَّثنا عمرو بنُ عثمان، حدَّثنا بقيَّة، حذَثني صفوانُ، نحوه، قال: حدَّثني أزهرُ بن عبد الله الحَرازيُّ، عن أبي عامر الهوزنيِّ
عن معاوية بن أبي سفيان، أنه قامَ فينا، فقال: ألا إن رسولَ الله ﷺ قامَ فينا، فقال:»ألا إنَّ مَنْ قبلَكم من أهلِ الكتابِ افترقُوا على ثِنتَين وسبعينَ ملَّةً، وإن هذه الملةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسَبعينَ: ثنتانٍ وسبعونَ في النَّار، وواحدةٌ في الجنة، وهي الجماعة -زاد ابن يحيى وعمرو في حديثيهما:- وإنّه سيخرج في أمتي أقوام تَجَارَى بهم تلك الأهواءُ كما يَتَجَارَى الكَلَبُ لِصاحبه -وقال عمرو: «الكَلَب بصاحبه- لا يبقى منه عِرْقٌ ولا مَفصِلٌ إلا دخلَه» (١).


= وعن عد الله بن عمرو بن العاص عند الترمذي (٢٨٣٢). وإسناده ضعيف. وزاد فيه كذلك: «كلهم في النار إلا ملة واحدة» قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي».
وعن أبي أمامة عند ابن أبي شيبة ١٥/ ٣٠٧ - ٣٠٨، والحارث بن أبي أسامة (٧٠٦ - زوائده) وابن أبي عاصم في «السنة» (٦٨)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (٥٥)، والطبراني في «الكبير» (٨٠٣٥) و(٨٠٥١ - ٨٠٥٤)، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (١٥١) و(١٥٢)، والبيهقي ٨/ ١٨٨. وإسناده حسن في الشواهد. وزاد: «كلها في النار إلا السواد الأعظم».
(١) إسناده حسن كلما قال الحافظ في «تخريج أحاديث الكشاف». وحديث افتراق الأمة منه صحيح بشواهده. أزهر بن عبد الله الحرازي حسن الحديث كما قال الحافظ الذهبي في «الميزان». أبو عامر الهوزني: هو عبد الله بن لُحيّ الحميري، وصفوان: هو ابن عمرو السَّكسكي، وأبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه أحمد (١٦٩٣٧)، والدارمي (٢٥١٨)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (٥١)، والطبراني في «الكبير» / ١٩ (٨٨٤)، والآجري في «الشريعة» ص ١٨، واليهقي في دلائل النبوة«٦/ ٥٤٢ من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في»المعرفة والتاريخ ٢/ ٣٣١ - ٣٣٢ و٣/ ٣٨٨، وابن أبي عاصم في (السنة، (١) و(٢) و(٦٥) و(٦٩)، والمروزي في «السنة» (٥٠)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٨٨٤) و(٨٨٥)، والحاكم ١/ ١٢٨، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (١٥٠)، والبيهقي في «الدلائل» ٦/ ٥٤١ - ٥٤٢ من طرق عن صفوان بن عمرو، به.
ويشهد لذكر افتراق الأمة كافتراق أهل الكتاب حديث أبي هريرة السالف قبله، وانظر تمام شواهده عنده.
وقد اختلف أهل العلم في قوله ﷺ: «فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة» بين مصحح ومُضعِّف، فصححه الحاكم في «المستدرك»، وكذلك ابن تيمية في «الفتاوى» ٣/ ٣٤٥، فقال: حديث صحيح مشهور، وقال ابن كثير في «تفسيره» عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود: ١١٨]: حديث مروي في المسانيد والسنن من طرق يشد بعضها بعضًا.
وصححه كذلك العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» ٤/ ١٨٧٩، فقال: أسانيدها جياد، وقال أبو إسحاق الشاطبي في «الاعتصام» ٢/ ٢٢٠، وقد عين هذه الفرق وعدّدها: وهذا التعديد بحسب ما أعطته المُنَّة في تكلف المطابقة للحديث الصحيح.
وصححه كذلك محمد بن إسماعيل الصنعاني في رسالته «افتراق الأمة» ص ٩٤ - ٩٥، وصالح بن مهدي المقبلي في «العلم الشامخ» ص ٢٦٩.
وضعّف الامام محمد بن إبراهيم الوزير في «العواصم والقواصم» ١/ ١٨٦ زيادة «كلها في النار إلا واحدة»، فقال وإياك والاغترار بـ«كلها هالكة، إلا واحدة» فإنها زيادة فاسدة، غير صحيحة القاعدة، لا يؤمن أن تكون من دسيس الملاحدة. ونقل بعد ذلك ٣/ ١٧٢ عن ابن حزم أنه حكم على هذه الزيادة بالوضع. قلنا: لم نجد ذلك في كتبه، لكن جاء في «الفصل في الملل والاهواء والنحل» ٣/ ١٣٨ قوله: ذكروا حديثًا =

٢ - باب النَّهي، عن الجدال واتَّباع المتشابه من القرآن
٤٥٩٨ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ إبراهيم التُّسْتَريُّ، عن عبدِ الله بن أبي مُلَيكة، عن القاسم بن محمد
عن عائشة قالت: قرأ رسولُ الله ﷺ هذه الآية: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧] قالت: فقال رسولُ ﷺ: «فإذا رأيتمُ الذين يتَّبِعُون ما تشابَهَ منه، فأولئك الذين سمَّى الله فاحذَرُوهُمْ» (١).


= عن رسول الله ﷺ «أن القدرية والمرْجئية مجوس هذه الأمة»، وحديثًا آخر: «تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، كلها في النار حاشا واحدة، فهي في الجنة» فقال: هذان حديثان لا يصحان أصلًا من طريق الإسناد.
وضعف هذه الزيادة أيضًا تبعًا لهما الشركاني في «فتح القدير» ٢/ ٢٧٥، فقال: زيادة لا تصح، لا مرفوعة ولا موقوفة.
والكَلَبُ: هو مرض مُعْدٍ يقضي على الخلايا العصبية لجزء من الدماغ، ينتقل فيروسه في اللعاب بالعض من الفصيلة الكلبية إلى الانسان وغيره، ومن ظواهره: تقلصات في عضلات التنفُّس والبلع، وخيفة الماء، وجنون، واضطرابات أخرى شديدة في الجهاز العصبي.
و«تجارى بهم» أي: تسري في عروقهم ومفاصلهم.
(١) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب.
وأخرجه البخاري (٤٥٤٧)، ومسلم (٢٦٦٥)، والترمذي (٣٢٣٦) و(٣٢٣٧) من طريق يزيد بن إبراهيم، بهذا الاسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٤٧) من طريق أيوب السختياني، والترمذي (٣٢٣٧) من طريق أبي عامر الخزاز، كلاهما عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة. لم يذكر القاسم. قال الترمذي: وابن أبي مليكة هو عَبد الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة، وقد سمع من عائشة أيضا.=

٣ - باب مجانبة أهل الأهواء وبُغضِهِم
٤٥٩٩ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا خالدُ بن عبد الله، حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي زياد، عن مجاهد، عن رجلٍ
عن أبي ذر قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أفضَلُ الأعمال: الحُبُّ في الله والبغضُ في الله» (١).


وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢١٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣) و(٧٦).
المحكم من القرآن: ما وضح معناه، والمتشابه نقيضه، وسمي المحكم بذلك لوضوح مفردات كلامه وإتقان ترتيبه، بخلاف المتشابه.
وقيل: المحكم: ما عرف المراد منه إما بالظهور، وإما بالتأويل، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة وخروج الدجال، والحروف المقطعة في أوائل السور.
وقال الخطابي: المتشابه على ضربين، أحدهما ما إذا رُد إلى المحكم واعتبر به، عرف معناه، والآخر: ما لا سبيل إلى الوقوف إلى حقيقته، وهو الذي يتبعه أهل الزيغ، فيطلبون تأويله، ولا يبلغون كنهه، فيرتابرن فيه فيفتنون. «فتح الباري» ٨/ ٢١١ - ٢١٢.
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي مولاهم- ولابهام الراوي عن أبي ذر. مجاهد: هو ابن جَبْر المكي، وخالد بن عبد الله: هو الواسطي الطحان.
وأخرجه أحمد (٢١٣٠٣) من طريق يزيد بن عطاء اليشكري، عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٣٩٤) من طريق جرير بن عبد الحميد، والخطيب في «تاريخ بغداد» ٦/ ٣٩١، ومن طريقه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١٢٢٣) من طريق أبي عوانة، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن أبي ذر. فأسقطا الواسطة بين مجاهد وأبي ذر!
وأخرجه محمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (٣٩٩) من طريق زبيد اليامي، عن مجاهد قال: إن أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله. فجعله من قوله. وإسناده صحيح. =

٤٦٠٠ - حدَّثنا ابنُ السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابنِ شهابِ، أخبرني عبد الرحمن بن عبدِ الله بن كعب بن مالكٍ
أن عبدَ الله بنَ كعب بن مالكٍ -وكان قائد كعبٍ من بنيه حين عَمِيَ- قال: سمعتُ كعبَ بنَ مالكٍ وذكر ابن السَّرح قصَّةَ تخلُّفِه عن النبيِّ ﷺ في غزوة تبوكَ- قال: ونهى رسولُ الله ﷺ المسلمينَ عن كلامنا أيُّها الثَّلاثةُ، حتى إذا طال على تَسَوَّرْتُ جدارَ حائطِ أبي قَتادةَ، وهو ابنُ عَمِّي، فسلَّمتُ عليه، فوالله ما رَدَّ عليَّ السلام، ثم ساق خبرَ تنزيل توبته (١).


= ويشهد له حديث أنس عند النسائي في «المجتبى» (٤٩٨٧) رفعه: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه: أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب في الله وأن يبغض في الله، وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيثًا وإسناده صحيح.
وحديث البراء بن عازب عند أحمد في»مسنده" (١٨٥٢٤) وانظر تمام شواهده هناك.
(١) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٧٧٣).
قال الخطابي: فيه من العلم أن تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث إنما هو فيما يكون بينهما من قِبَل عَتْب ومَوْجِدَة، أو لتقصير يقع في حقوق العِشْرة ونحوها، دون ما كان من ذلك في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدعة دائمة على مر الأوقات والأزمان ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق.
وكان رسول الله ﷺ خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه في غزوة تبوك، فأمر بهجرانهم في بيوتهم نحو خمسين يومًا على ما جاء في الحديث إلى أن أنزل الله سبحانه توبته وتوبة أصحابه، فعَرَف رسولُ الله ﷺ براءتهم من النفاق.
وفيه دلالة على أنه لا يُخرَج المرءُ بترك رد سلام أهل الأهواء والبدع.
وفيه دليل على أن من حلف أن لا يكلم رجلًا، فسلَّم عليه أو رد عليه السلام كان حانثًا.

٤ - باب ترك السلام على أهل الأهواء
٤٦٠١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عطاءٌ الخراسانيُّ، عن يحمى بن يَعمَر
عن عمار بن ياسر، قال: قدمت على أهلي وقد تشقَّقت يَدَاي، فَخَلَّقوني بزعفران، فغدَوتُ على النبي ﷺ، فسلَّمت عليه، فلم يَرُدَّ عليَّ، وقال: «اذهب فاغسِلْ هذا عنك» (١).
٤٦٠٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتِ البُنانيِّ، عن سُمية
عن عائشة: أنه اعتلَّ بعيرٌ لصفيَّة بنت حُييٍّ، وعند زينبَ فضلُ ظَهرٍ، فقال رسولُ الله ﷺ لزينب: «أعطيها بعيرًا» فقالت: أنا أُعْطِي تلكَ اليهوديَّةَ؟! فغَضِبَ رسولُ الله ﷺ فهَجَرَها ذا الحِجَّة والمُحرَّمَ وبعضَ صَفرٍ (٢).


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر فيما قاله غير واحد من أهل العلم.
وقد سلف برقم (٤١٧٦) بأطول مما ها هنا.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة سُمية -وقيل في اسمها أيضًا: شُميسة-، وقد اختُلف فيه عن ثابت البناني -وهو ابن أسلم- كما سيأتي بيانه. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن سعد في «طبقاته» ٨/ ١٢٦ - ١٢٧، واسحاق بن راهويه (١٤٠٨)، وأحمد (٢٥٠٠٢) و(٢٦٢٥٠)، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (١٨٨)، وفي «الأوسط» (٢٦٠٩) من طريق حماد بن سلمة، به.
وخالف حمادًا فيه جعفر بن سليمان الضبعي عند أحمد (٢٦٨٦٦)، ومن طريقه ابن الأثير في «أسد الغابة» في ترجمة صفية بنت حيي ٦/ ١٧٠ - ١٧١، فرواه عن ثابت، عن شميسة أو سمية، عن صفية بنت حيي، فجعله من مسند صفية بنت حيي، واختلاف الصحابي وان كان لا يضر، يبقى جهالة شُمَيسة هذه. =

٥ - باب النَّهي عن الجدال في القرآن
٤٦٠٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا يزيدُ -يعني ابنَ هارون- أخبرنا محمدُ بن عَمرو، عن أبي سَلَمة
عن أبي هريرة، عن النبيَّ ﷺ قال: «المِراءُ في القُرآنِ كُفْرٌ» (١).


= وخالفهما سليمان بن المغيرة عند النسائي في «الكبرى» (٩١١٧)، فرواه عن ثابت، عن أنس. ولا نظن سليمان إلا أنه قد سلك الجادة، لأن جُلَّ رواية ثابت إنما هي عن أنس. فظن سليمانُ أن هذا منها، فكان واهمًا، والله تعالى أعلم.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- ولكنه متابع.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٥٣٩).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٠٣٩) من طريق أبي حازم سلمة بن دينار، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف، المراء في القرآن كفر». وهذا إسناد صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٧٩٨٩)، وصححه الحاكم ٢/ ٢٢٣، ووافقه الذهبي.
وقال الخطابي: اختلف الناس في تأويله، فقال بعضهم: معنى المراء هنا: الشك فيه. كقوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ﴾ [هود: ١٧]، أي: في شك، ويقال: بل المراء هو الجدال المشكك فيه.
وتأوله بحضهم على المراء في قراءته، دون تأويله ومعانيه، مثل أن يقول قائل: هذا قرآن قد أنزله الله تبارك وتعالى.
ويقول الآخر: لم ينزله الله هكذا فيكفر به من أنكره، وقد أنزل سبحانه كتابه على سبعة أحرف كلها شاف كاف، فنهاهم ﷺ عن إنكار القراءة التي يسمع بعضهم بعضًا يقرؤها، وتوعدهم بالكفر عليها لينتهوا عن المراء فيه والتكذيب به، إذ كان القرآن منزلًا على سبعة أحرف، وكلها قرآن منزل يجوز قراءته ويجب علينا الإيمان به.
وقال بعضهم: إنما جاء في الجدال بالقرآن في الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد،
وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، وعلى معنى ما يجري من الخوض =

٦ - باب في لزوم السُّنَّة
٤٦٠٤ - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بنُ نَجدَةَ، حدَّثنا أبو عَمرو بنُ كثير بن دينارِ، عن حَريزِ بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف
عن المقدام بن مَعْدي كَرِبَ، عن رسولِ الله ﷺ أنه قال: «ألا إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه، ألا يوشِكُ رَجُلٌ شَبعانُ على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وَجَدتُم فيه من حلالِ فأَحِلُّوه، وما وجدتُم فيه من حَرَامٍ فحَرِّمُوه، ألا لا يَحِلُّ لَكُم لحمُ الحِمَارِ الأهليِّ، ولا كُل ذي نابٍ من السَّبُع، ولا لُقَطةُ مُعاهَدِ إلا أنْ يستغنيَ عنها صاحِبُها، ومن نزلَ بقومٍ، فعليهم أن يَقْرُوه، فإنْ لم يَقرُوه فله أن يُعقِبَهم بمثل قِرَاه» (١).


= بينهم فيها، دون ما كان منها في الأحكام وأبواب التحليل والتحريم والحظر والإباحة، فإن أصحاب رسول الله ﷺ قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام، ولم يتحرجوا عن التناظر بها وفيها، وقد قال سبحانه: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩]. فعُلم أن النهي منصرف الى غير هذا الوجه، والله أعلم.
وقال البيضاوي: المراد بالمراء فيه التدارؤ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضه ببعض، فيطرق إليه قدحًا وطعنًا، ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات المختلفة ما أمكنه، فإن القرآن يصدق بعضه بعضًا، فإن أشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق، فليعتقد أنه من سوء فهمه، وليكله إلى عالمه وهو الله تعالى ورسوله ﷺ، كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾.
(١) إسناده صحيح. أبو عمرو بن كثير بن دينار: هو عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار.
وأخرجه أحمد (١٧١٧٤)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (٢٤٤)، والطبراني في «الكبير»٢٠/ (٦٧٠)، وفي «الشاميين» (١٠٦١)، والبيهقي في "دلائل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= النبوة«٦/ ٥٤٩، والخطيب البغدادي في»الفقيه والمتفقه«١/ ٨٩، وابن عبد البر في»التمهيد«١/ ١٤٩ - ١٥٠ من طريق حريز بن عثمان، به.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في»السنة«(٤٠٤)، وابن حبان (١٢)، والطحاوي في»شرح معاني الآثار«٤/ ٢٠٩، والدارقطني (٤٧٦٨)، والخطيب في» الفقيه والمتفقه«١/ ٨٩ من طريق مروان بن رؤبة، والطبراني في»الكبير«٢٠/ (٦٦٩). وفي»الشاميين«(١٨٨١) من طريق عمر بن رؤبة، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، به.
وقد سلف منه قوله:»ألا لا يحل لكم ... «إلى آخره برقم (٣٨٠٤).
قال الخطابي: قوله:»أوتيت الكتاب ومثله معه«يحتمل وجهين من التأويل، أحدهما: أن يكون معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أُعطي من الظاهر المتلو.
ويحتمل أن يكون معناه: أنه أوتي الكتاب وحيًا يُتلى، وأوتي من البيان، أي: أُذِنَ له أن يبين ما في الكتاب، ويَعُمَّ ويخُصَّ، وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن.
وقوله:»يوشك شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن«فإنه يحذِّر بذلك مخالفة السنن التي سنَّها رسول الله ﷺ له في القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض، فإنهم تعلّقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضُمِّنت بيان الكتاب، فتحيروا وضلُّوا، والأريكة: السرير، ويقال: إنه لا يسمى أريكة حتى يكون في حَجَلةٍ، وإنما أراد بهذه الصفة أصحاب الترفه والدَّعَة الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا العلم، ولم يغدوا له، ولم يروحوا في طلبه في مظانه واقتباسه من أهله.
وأما قوله:»لا تحل لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاجها«فمعناه إلا أن يترجمها صاجها لمن أخذها استغناء عنها، وهذا كقوله سبحانه: ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾ [التغابن: ٦] معناه - والله أعلم -: تركهم الله استغناء عنهم، وهو الغني الحميد.
وقوله:»فله أن يعقبهم بمثل قِراه" معناه: له أن يأخذ من مالهم قدر قراه عوضًا وعقبى مما حرموه من القرى. وهذا في المضطر الذي لا يجد طعامًا، ويخاف على نفسه التلف، وقد ثبت ذلك في كتاب الزكاة أو في غيره من هذا الكتاب.
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و(ب) و(ج) و(د) الحديثُ الآتي برقم (٤٦١١).

٤٦٠٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حنبلٍ وعبدُ الله بن محمدِ النُّفيليُّ وابنُ كثير (١)، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي النَّضر، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن أبيه، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا أُلْفِيَن أحدَكُم مُتَّكئًا على أريكَتِهِ يأتيه الأمرُ من أمري مِمَّا أمرْتُ به أو نَهَيتُ عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتَّبعناه» (٢).
٤٦٠٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزاز، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعدِ. وحدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا عبدُ الله بنُ جعفر المَخرَمي وإبراهيمُ بن سعدٍ، عن سعدِ بن إبراهيم، عن القاسِمِ بن محمد
عن عائشة قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «من أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليس فيه (٣)، فهو رَدُّ» (٤).


(١) طريق ابن كثير هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي وبعض روايات اللؤلؤي.
(٢) إشاده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم، وابن كثير: هو محمد بن كثير العبْدي.
وأخرجه ابن ماجه (١٣)، والترمذي (٢٨٥٤) من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإشاد. لكن قال ابن ماجه في روايته: عن سالم أبي النضر، قال: أو زيد بن أسلم وهذا التردد لا يؤثر، لرواية الجماعة له عن سفيان بن عيينة بذكر سالم دون تردد، ثم إن كان عن زيد بن أسلم فلا يضر كذلك، لأنه ثقة. وقرن الترمذيُّ في روايته بسالمٍ محمدَ بنَ المنكدر.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٦١) و(٢٣٨٧٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٣).
(٣) في رواية ابن الأعرابي: ما ليس منه. كما في هامش (هـ).
(٤) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨)، وابن ماجه (١٤) من طريق سعد ابن إبراهيم، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٠٣٣)، و«صحيح ابن حبان» (٢٦) و(٢٧). =

قال ابن عيسى: قال النبيَّ ﷺ: «مَنْ صَنَعَ أمرًا على غير أمرِنا فهو ردٌّ».
٤٦٠٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا ثورُ بن يزيد، حدَّثني خالدُ بن معدان، حدَّثني عبد الرحمن بن عمرو السُّلميِّ وحُجرُ ابنُ حُجْرٍ، قالا:
أتينا العرباضَ بن سارية، وهو مِمَّن نزل فيه: ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ٩٢] فسلَّمنا، وقلنا: أتيناكَ زَائِرِينَ وعَائدينَ ومُقتبسينَ، فقال العرباضُ: صَلَّى بنا رسولُ الله-ﷺ ذات يوم، ثم أقبلَ علينا، فوَعَظَنا موعظةً بليغةَ ذَرَفَتْ منها العيونُ ووَجِلَت منها القلوبُ، فقال قائل: يا رسولَ الله-ﷺ كانَ هذه موعظةُ مودعِّ، فماذا تَعهدُ إلينا؟ قال: «أوصيكُم بتقوى الله والسمعِ والطَّاعةِ وإنْ عَبْدًا حبشيًَّا، فإنَّه من يَعِشْ منكم بَعْدي فسَيَرى اختلافًا كثيرًا، فعليكُم بسنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاءِ، المَهديِّينَ الرَّاشدينَ، تَمَسَّكوا بها


= قال الخطابي: في هذا بيان أن كل شيء نهى عنه ﷺ من عقد نكاح وبيع وغيرهما من العقود فنه منقوض مردود، لأن قوله:»فهو ردٌّ«يوجب ظاهره إفساده وإبطاله، إلا أن يقوم الدليل على أن المراد به غير الظاهر، فيترك الكلام عليه لقيام الدليل فيه، والله أعلم.
وقال الحافظ ابن رجب في»جامع العلوم والحكم«١/ ١٧٦: وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث»الأعمال بالنيات" ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن ل عمل لا يراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، ول من أحدث في الدين ما لم يأت به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء. وانظر تمام الكلام عليه فيه، فنه غاية في النفاسة.

وعَضُّوا عليها بالنَّواجذِ، وإيَّاكم ومُحْدَثاتِ الأمورِ، فإن كُلَّ مُحدَثَةٍ بدْعَةٌ، وكل بدعَةٍ ضَلالةٌ» (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من جهة عبد الرحمن بن عمرو السُّلمي. وحجر مجهول، وقد توبعا كما بيناه في «مسند أحمد» (١٧١٤٢). وهذا الحديث قد صححه الترمذي والبزار فيما نقله عنه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله، والحاكم، وابن عبد البر والضياء المقدسي، والهروي، والذهبي، وابن رجب الحبلي في»جامع العلوم والحكم«٢/ ١٠٩ وقال ابن رجب: هو حديث جيد، من صحيح حديث الشامِين، ولم يتركه البخاريُّ ومسلمٌ من جهة إنكار منهما له.
وأخرجه ابنُ ماجه (٤٤)، والترمذي (٢٨٧١) من طريق ثور بن يزيد، والترمذي (٢٨٧٠) من طريق بحير بن سَعْد، كلاهما عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمر ووحده، به.
وأخرجه ابن ماجه (٤٣) من طريق معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حببب، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، به.
وأخرجه ابن ماجه أيضًا (٤٢) من طريق يحيى بن أبي المطاع، قال: سمعت العرباض بن سارية. ويحيى وإن صرح بالسماع من العرباض واعتمده البخاري وجزم به في»تاريخه«أنكر حفاظ أهل الشام سماعه منه، فيما ذكر المزي في»تهذيب الكمال«، وابن رجب في»جامع العلوم والحكم«٢/ ١١٠، فالاسناد منقطع. قال ابن رجب: وقد روي عن العرباض من وجوه أخر.
وله طريق أخرى عند ابن أبي عاصم في»السنة«(٢٨) و(٢٩) و(٥٩)، والطبراني ١٨/ (٦٢٣) من طريق إسماعيل بن عياش، عن أرطاة بن المنذر، عن المهاصر بن حبيب، عن العرباض. وإسناده حسن إن شاء الله تعالى.
والحديث بهذه الطرق مجموعة لا شك أنه يرتقي إلى درجة الصحيح.
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في»مسند أحمد«(١٧١٤٢) و(١٧١٤٦).
قال الخطابي: قوله:»وإن عبدًا حبشيًا«يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم، وإن كان عبدًا حبشيًا. وقد ثبت عن ﷺ أنه قال:»الأئمة من قريش"، وقد يضرب المثل =

٤٦٠٨ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا ييحى، عن ابن جُرَيجِ، حدثني سليمانُ -يعني ابنَ عَتيقِ-، عن طَلْقِ بنِ حبيبِ، عن الأحنفِ بنِ قيس
عن عبدِ الله بن مسعود، عن النبى ﷺ، قال: «ألا هَلَكَ المُتنطعون» ثلاث مرَّات (١).


= في الشيء بما لا يكاد يصح منه الوجود، كقوله ﷺ: «من بنى لله مسجدًا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة» وقدر مفحص قطاة لا يكون مسجدًا لشخص آدمي.
وكقوله: «لو سوقت فاطمة لقطعت يدها، وهى رضوان الله عليها وسلامه لا يُتوهم عليها السرقة.
وقال:»لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده«ونظائر هذا في الكلام كثير. والنواجذ: آخر الأضراس، واحدها ناجذ، انما أراد بذلك الجد في لزوم السنة، فِعْلَ من أمسك الثيء بين أضراسه وعض عليها منعا له أن ينتزع، وذلك أشدُّ ما يكون من التمسك بالشيء، إذا كان ما يمسكه بمقاديم فمه أقرب تناولًا وأسهل انتزاعًا، وقد يكون معناه أيضًا الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات الله كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه.
وقوله:»كل محدثة بدعة«فإن هذا خاص في بعض الأمور دون بعض، وكل شيء أحدث على غير أصل من أصول الدين، وعلى غير عياره وقياسه. وأما ما كان منها مبْنيًا على قواعد الأصول ومردود إليها، فليس ببدعة ولا ضلالة، والله أعلم.
وفي قوله:»عليكم بسنتي وسنة الخلفاه الراشدين«دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولًا، وخالفه فيه غيره من الصحابة، كان المصير إلى قول الخليفة أولى.
(١) إسناده صحيح. ابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، ويحى: هو ابن سعيد القطان، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه مسلم (٢٦٧٠) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٣٦٥٥).
قال الخطابي:»المتنطع" المتعمق في الشيء المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام، الداخلين فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. =

٧ - باب لزوم السنة
٤٦٠٩ - حدَّثنا يحى بنُ أيوب، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ جعفرٍ- قال: أخبرني العلاءُ بنُ عبد الرحمن - عن أبيه
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله-ﷺ قال: «مَنْ دعا إلى هدىً، كان له من الأجر مثلُ أجورِ مَنْ تَبِعَه لا يَنقُصُ ذلك من أجورِهم شيئًا، ومن دَعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تَبِعَه لا ذلك مِن آثامهم شيئًا» (١).
٤٦١٠ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن عامر ابن سعدٍ


= وفيه دليل على أن الحكم بظاهر الكلام، وأنه لا يُترك الظاهر إلى غيره ما كان له مساغ وأمكن فيه استعمال.
وقال النووي: المتنطعون: المتعمقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٦٧٤)، وابن ماجه (٢٠٦)، والترمذي (٢٨٦٨) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به.
وهو في «مسند أحمد» (٩١٦٠)، و«صحيح ابن حبان» (١١٢).
وأخرج ابن ماجه (٢٠٤) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله-ﷺ فحث عليه، فقال رجل: عندي كذا وكذا، قال: فما بقي في المجلس رجل إلا تصدق بما قل أو كثر، فقال رسول الله: «من استَنَّ خيرًا فاستُنَّ به، كان له أجره كاملًا، ومن أجور من استن به، ولا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن استَنَّ سنَّة سيئةً فاستُنَّ به فعليه وزره كاملًا، ومن أوزار الذي استَنَّ به، ولا ينقص من أوزارهم شيئًا.
وهو في»مسند أحمد" (١٠٧٤٩).

عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ أعظم المسلمين في المسلمين جُرْمًا مَنْ سأل عن أمرٍ لم يُحَرَّم، فحُرِّم على الناس من أجلِ مسألته» (١).
٤٦١١ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ ابنِ عبد الله بن مَوْهَب الهَمْداني، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيل، عن ابنِ شهاب، أن أبا إدريس الخولانيَّ عائذَ الله أخبره
أن يزيدَ بنَ عَمِيرةَ -وكان من أصحاب معاذ بن جبل- أخبره، قال: كان لا يجلس مجلسًا للذكر حين يجلس إلا قال: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هلك المُرتابون، فقال معاذ بن جبل يومًا: إن مِنْ ورائكم فِتَنًا


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٧٢٨٩)، ومسلم (٢٣٥٨) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٥)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠).
قال الخطابي: هذا في مسالة من يسأل عبثًا وتكلفًا فيما لا حاجة به إليه، دون من سأل سؤال حاجة وضرورة كمسألة بني إسرائيل في شأن البقرة. وذلك أن الله سبحانه أمرهم أن يذبحوا بقرة، فلو استعرضوا البقر، فذبحوا منها بقرة لأجزأتهم. كذلك قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية، فما زالوا يسألون ويتعنتون حتى غلظت عليهم وأمروا بذبح البقرة على النعْت الذي ذكره الله في كتابه، فعظمت عليهم المؤنة، ولحقتهم المشقة في طلبها حتى وجدوها فاشتروها بالمال الفادح فذبحوها وما كادوا يفعلون.
وأما ما كان سؤاله استبانة لحكم واجب، واستفادة لعلم قد خفي عليه فإنه لا يدخل في هذا الوعيد، وقد قال الله سبحانه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: ٧].
وقد يحتج بهذا الحديث من يذهب من أهل الظاهر إلى أن أصل الأشياء قبل ورود الشرع بها على الإباحة حتى يقوم دليل على الحظر.
وإنما وجه الحديث وتأويله ما ذكرناه، والله أعلم.

يكثُرُ فيها المال ويُفتح فيها القرآنُ حتى يأخُذهُ المؤمنُ والمنافقُ والرجلُ والمرأة، والصغيرُ والكبيرُ والعبدُ والحرُّ، فيوشِكُ قائلٌ أن يقول: ما للناس لا يتَّبعوني وقد قرأتُ القرآن؟ ما هم بمتبعيَّ حتَّى أبتدعَ لهم غيرَه، فإيَّاكم وما ابتُدعَ؟ فإن ما ابتُدِعَ ضلالةٌ، وأحَذرُكُم زَيغَةَ الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافقُ كلمةَ الحق، قال: قلت لمعاذ: ما يُدريني -يرحمك الله- أن الحكيمَ قد يقول كلمةَ الضلالةِ، وأن المنافقَ قد يقول كلمةَ الحق؟ قال: بلى، اجتَنِبْ من كلام الحكيم المُشتهِرَاتِ التي يُقال ما هذه، ولا يَثْنِيَنَّكَ ذلك عنه، فإنه لعله أن يُراجِعَ، وتَلَقَّ الحقَّ إذا سمعتَه فإن على الحقِّ نورًا (١).


(١) أثر إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وعُقيل: هو ابن خالد بن عَقيل، والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه عبد الرزاق (٢٠٧٥٠)، وجعفر بن محمد الفريابي في «صفة المنافق» (٤٢)، والآجري في الشريعة ص ٤٧ و٤٧ - ٤٨، والحاكم ٤/ ٤٦٠، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (١١٦)، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢٣٣، والبيهقي ١٠/ ٢١٠، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٦٥/ ٣٣٧ و٣٣٨، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة يزيد بن عَميرة ٣٢/ ٢١٨ - ٢١٩، والذهبي في «تاريخ الإسلام» في ترجمة يزيد ابن خالد ابن موهب الرملي الهمْداني، من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٢٢٧)، والحاكم ٤/ ٤٦٦ من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن يزيد بن عمرة، به.
وأخرجه اللالكائي بنحوه أيضًا (١١٧)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (٢٧). من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: قال معاذ.
فلم يذكر يزيد بن عميرة.: وأبو قلابة لم يدرك معاذ بن جبل. =

قال أبو داود: قال معمر عن الزهريِّ في هذا الحديث: ولا يُنئيَنَّك ذلك عنه، مكان يَثْنِيَنَّكَ.
وقال صالح بن كيسان، عن الزهريِّ في هذا: بالمشبَّهات، مكان المشتهرات، وقال: لا يَثْنيثَّك، ما قال عُقيل.
وقال ابن إسحاق، عن الزهريِّ قال: بلى ما تشابَه عليكَ مِن قولِ الحكيم حتَى تقول: ما أراد بهذه الكلمة؟.
٤٦١٢ - حدَّثنا ابنُ كثيرِ (١)، قال: أخبرنا سفيانُ، قال: كَتَب رجل إلى عُمَر بن عبد العزيز يسالُه عن القَدَر.
وحدَّثنا الربيِعُ بن سليمانَ المؤذنُ، قال: حدَّثنا أسدُ بن موسى، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ دُليلٍ، قال: سمعتُ سفيانَ الثوريَّ يُحدَّثنا عن النضْر.


= وأخرجه بنحوه كذلك الدارمي (١٩٩) ومن طريقه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (٧٣٨) من طريق ربيعة بن يزيد، قال: قال معاذ بن جبل. وربيعة بن يزيد لم يدرك معاذًا.
يثنينك: يُرجعك ويلفتك، وينئينك: يبعدك.
تنبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا الخطية عدا (هـ) متقدمًا بعد الحديث (٤٦٠٤)، وجاء في (هـ) هنا في هذا الموضع.
(١) هذا الأثر وجميع الآثار التي بعده إلى آخر الباب أثبنناها من (هـ)، ولم تَرد في سائر أصولنا الخطية، وقد أشار إليها المزي في «التحفة» بالأرقام (١٩١٤٥ و١٨٥١٧ و١٨٥١٦ و١٨٥١٨ و١٨٥١٠ و١٨٥٠٩ و١٨٥١١ و١٨٥٢٤ و١٨٦٣٩ و١٨٤٥٠ و١٩٢٣٢ و١٨٩٢٢ و١٨٥٠٢ و١٩٠٠٤) وذكر أنها في رواية ابن الأعرابي وابن داسه. قلنا: وهو كما قال، لأن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، وهذه الآثار كلها فيها. وجاء في هامشها ما نصه: من هنا إلى آخر الباب من رواية ابن داسه، وليس من نسخة أبي عيسى ولا ابن حزم، وهو صحيح من رواية أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبي داود.

وحدَّثنا هَنَّادُ بنُ السَّريِّ، عن قَبيصةَ، قالا: حدَّثنا أبو رجاء، عن أبي الصَّلْت -وهذا لفظ حديث ابن كثير ومعناهم- قال:
كَتَبَ رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدَر، فكَتَب: أما بعدُ، أوصيكَ بتقوى الله، والاقتصادِ في أمره، واتباعِ سنَةِ رسوله ﷺ، وتركِ ما أحدَثَ المُحْدِثون بعد ما جَرَت به سُنته، وكفُوا مُؤْنته، فعليكَ بلزوم السنة، فإنها لك -بإذن الله- عصمة.
ثم اعلَمْ أنه لم يبتدع الناسُ بدعةً إلا قد مضى قبلها ما هو دَليلٌ عليها أو عِبرةٌ فيها، فإن السنَّةَ إنما سنَّها مَن قد علم ما في خلافه -ولم يقل ابن كثير: من قد علم- من الخطا والزَّلَل والحُمقِ والتَعَمُّقِ، فارضَ لنفسك ما رَضي به القومُ لأنفسهم، فنهم على علمٍ وقَفُوا، وببصرٍ نافذٍ كفُوا، وهم على كشفِ الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سَبقْتُموهم إليه، ولَئنْ قلتم: إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبعَ غيرَ سبيلِهم، ورَغِبَ بنفسه عنهم، فإنهم هم السَّابقون، فقد تكلَّموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مِن مَقْصَرٍ، وما فوقهم مِن مَحْسَرٍ، وقد قَصَّرَ قوم دونهم فجَفَوْا، وطَمَحَ عنهم أقوام فغَلَوْا، وإنّهم بين ذلك لعلى هدًى مستقيم، كتبتَ تسالُ عن الإقرارِ بالقَدَرِ، فعلى الخبير -بإذن الله- وقَعْتَ، ما أعلَمُ ما أحْدَثَ الناسُ من مُحْدَثةٍ، ولا ابتدعوا من بدعةٍ هي أبينُ أثرًا ولا أثبتُ أمرًا من الإقرار بالقَدَر، لقد كان ذكرُه في الجاهليةِ الجهلاء، يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم، يُعَزُّون به أنفسَهم على ما فاتهم، ثم لم يَزِدْهُ الإسلام بعدُ إلا شِدَّةً، ولقد ذكرَهُ رسولُ الله-ﷺ

في غير حديثٍ ولا حديثين، وقد سَمعَهُ منه المسلمون، فتكلَّموا به في حياته وبعد وفاته، يقينًا وتسليمًا لربهم، وتضعيفًا لأنفسهم، أن يكون شيءٌ لم يُحِطْ به علمُه، ولم يحصِه كتابُه، ولم يمْضِ فيه قَدَرُه، وإنَّه لمعَ ذلك في مُحكَم كتابه: لَمِنه اقتبسُوه، ومنه تَعَلَّموه، ولئن قلتم: لِمَ أنزل الله آية كذا؟ ولِمَ قال كذا؟ لقد قرؤوا منه ما قرأتم، وعلموا مِن تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك: كُلُّه بكتابٍ وقَدَرٍ، وكُتبتِ الشقاوةُ، وما يُقدَّرْ يكن، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نَملِكُ لأنفسنا ضَرًَّا ولا نَفْعًا، ثم رغبوا بعد ذلك ورَهِبُوا (١).
٤٦١٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد، حدَّثنا سعيدُ -يعني ابن أبي أيوب- أخبرني أبو صَخرٍ، عن نافعٍ قال:
كان لابن عُمرَ صديقٌ من أهل الشام يُكاتِبُه، فكتبَ إليه من عبد الله ابن عمر: إنّه بلغني أنَّك تكلمتَ في شيء من القَدَر، فإياكَ أن تكتب إليَّ، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «سيكون في أمتي أقوام يكذِّبون بالقَدَر» (٢).


(١) ابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أبو بكر الآجري في «الشريعة» ص ٢٣٣ من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، قال: حدثني شيخ -قال مؤمل: زعموا أنه أبو رجاء الخراساني- أن عدي بن أرطاة كتب إلى عمر بن عبد العزيز ... فذكر نحوه.
وأخرجه أيضًا ص ٢٣٤ من طريق أبي داود الحفري، عن أبي رجاء قال: كتب عامل لعمر بن عبد العزيز يساله عن القدر ...
مَقْصَر بمعنى تقصيبر، ومَحْسَرٍ من حسر البصر حسورًا إذا كَلَّ وانقطع، والمراد أن الإفراط والتفريط يكون صاحبه على غير هُدى مستقيم.
(٢) إسناده حسن من أجل أبي صخر -وهو حميد بن زياد-. =

٤٦١٤ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الجرَّاح، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن خالدٍ الحذَّاء، قال:
قلت للحسن: يا أبا سعيد، أخبرني عن آدمَ، أللسَّماء خُلِقَ أم للأرض؟ قال: لا، بل للأرض، قلت: أرأيتَ لو اعتَصَم، فلم يأكلْ من الشَّجَرَة؟ قال: لم يكن له منه بُدٌّ، قلت: أخبرني عن قوله تعالى: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٢، ١٦٣]. قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا مَن أوجب الله عليه الجحيمَ (١).


= وأخرجه أحمد (٥٦٣٩)، والحاكم ١/ ٨٤، والبيهقي في «السنن الكبرى» ١٠/ ٢٠٥، وفي «الدلائل» ٦/ ٥٤٨ من طريق عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الاسناد.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (١) و(هـ)، وهو في رواية ابن داسه وابن الاعرابي وابن العبد.
(١) أثر إسناده صحيح. خالد الحذاء: هر ابن مِهران، والحسن: هر ابن أبي الحسن البصري.
وأخرجه الآجري في الشريعة، ص ٢١٧ من طريق حماد بن زيد، به ..
وأخرجه الطبري في تفسيره، ٢٣/ ١٠٩. من طريق حميد الطويل والآجري ص ٢١٧ من طريق منصور بن عبد الرحمن، كلاهما، عن الحسن، بنحوه. بتفسير الآية فقط.
وانظر ما سيأتي برقم (٤٦١٦).
وقال ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى مخاطبًا للمشركين ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦١ - ١٦٣] أي: ما ينقاد لمقالكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة إلا من هو أضل منكم ممن ذُرئ للنَّار ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩] فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة كما قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذاريات: ٨، ٩] أى إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل.
وانظر «محاسن التأويل» ١٤/ ١٢٦.

٤٦١٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، حدَّثنا خالد الحذَّاء عن الحسن في قوله عز وجل: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: ١١٩]،
قال: خَلَقَ هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه (١).
٤٦١٦ - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا إسماعيل، أخبرنا خالد الحذَّاء
قال: قلت للحسن: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ قال: إلا مَنْ أوجب الله تعالى عليه أنه يَصْلَى الجحيمَ (٢).


(١) أثر إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ١٢/ ١٤٣، والآجري في «الشريعة» ص ٢١٦ من طريق خالد الحذاء، به.
وأخرجه الطبرى ١٢/ ١٤١ و١٤٣، والآجري في «الشريعة ص ٢١٦، واللالكائي في»أصول الاعتقاد«(٩٦٧) من طريق منصور بن عبد الرحمن، عن الحسن. بنحوه.
في»زاد المسير«٤/ ١٧٢ أن المشار إليه يرجع إلى الشقاء والسعادة قاله ابن عباس واختاره الزجاج، قال: لأن اختلافهم مؤديهم إلى سعادة وشقاء، قال ابن جرير: اللام في قوله:»ولذلك بمعنى «على».
(٢) أثر إسناده صحيح. خالد الحذاء: هو ابن مِهران، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم، المعروف بابن عُليَّةَ، وأبو كامل: هو فُضيل بن حُسين الجَحْدري.
وأخرجه الطبري ٢٣/ ١٠٩، والآجري في «الشريعة» ص ٢١٧ من طريق إسماعيل ابن علية، به.
يصلى الجحيم: يحترق بالنار.
وانظر ما سلف برقم (٤٦١٤).
تنبيه: من هذا الأئر إلى آخر الأثر (٤٦٢٦) ليس في رواية اللؤلؤي، وإنما هي عند ابن داسه وابن الأعرابي، نبه عليها المزي في «تحفة الأشراف» انظر الأرقام (١٩١٤٥، ١٨٥١٧، ١٨٥١٦. ١٨٥١٨. ١٨٥١٠، ١٨٥٠٩. ١٨٥١١، ١٨٥٢٤، ١٨٦٣٩، ١٨٤٥٠، ١٩٢٣٢، ١٨٩٢٢، ١٨٥٠٢، ١٩٠٠٤).

٤٦١٧ - حدَّثنا هلال بن بشر، قال: حدَّثنا حمادٌ، قال: أخبرني حُميدٌ كان الحسنُ يقول: لأنْ يُسقَطَ مِن السَّماءِ إلى الأرْضِ أحَبُّ إليه مِنْ أن يقول: الأمرُ بيدي (١).
٤٦١٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: حدَّثنا حمادٌ، قال: أخبرنا حُميدٌ، قال:
قَدِمَ علينا الحسنُ مكةَ، فكلَّمني فقهاءُ أهلِ مكَّة أنْ أُكَلِّمه في أن يَجْلِسَ لهم يومًا يَعِظُهم فيه، فقال: نعم، فاجتمَعُوا فخَطَبَهم، فما رأيتُ أخطبَ منه، فقال رجل: يا أبا سعيدِ، مَنْ خَلَقَ الشَّيطانَ؟ فقال: سبحان الله! هل مِن خالقِ غيرُ الله؟ خلقَ الله الشيطان، وخَلَقَ الخيرَ، وخَلَقَ الشَرَّ، قال الرجل: قاتلهم الله! كيف يكذبون على هذا الشيخ؟ (٢).
٤٦١٩ - حدَّثنا ابنُ كثيرٍ، قال: أخبرنا سفيان، عن حُميدٍ الطويل
عن الحسن: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢]، قال: الشِّرك (٣).


(١) أثر إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وحماد: هو ابن زيد.
(٢) أثر إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة (٩٤٢) من طريق حماد بن سلمة، به.
(٣) أثر إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وابن كثير: هو محمد بن كثير العَبْدي.
وأخرجه عبد الرزاق في»تفسيره«٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦، ومن طريقه الطبري في»تفسيره
٩/ ١٤ عن سفيان الثوري، والطبري ٩/ ١٤ و١٩/ ١١٥ من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن حميد الطويل، به. =

٤٦٢٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، قال: أخبرنا سفيانُ، عن رجلٍ قد سَقَاه غيرُ ابن كثير، عن سفيان، عن عُبيد الصِّيد
عن الحسن في قوله جلَّ وعرَّ: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ [سبأ: ٥٤]، قال: بينهم وبين الإيمان (١).


= وقد ذكر ابن عطية أن الضمير في «نسلكه» يحتمل أن يكون عائدًا على الذكر المحفوظ المتقدم الذكر وهو القرآن، وجزم بذلك أبو السعود في «تفسيره»، ونقله الماوردي عن الحسن، وقال ابن المنير صاحب «الانتصاف» ٢/ ٣١١: والمراد -والله أعلم- إقامة الحجة على المكذبين بأن الله تعالى سلك القرآن في قلوبهم وأدخله في سويدائها كما سلك ذلك في قلوب المؤمنين المصدقين، فكذب به هؤلاء وصدق به هؤلاء، كل على علم وفهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حى عن بينة، ولئلا يكون للكفار على الله حجة بأنهم ما فهموا وجوه الإعجاز كما فهمها من آمن، فأعلمهم الله تعالى من الآن وهم في مهلة وإمكان أنهم ما كفروا إلا على علم معاندين باغين غير معذورين ...
(١) أثر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عُبيد الصِّيد، وهو ابن عبد الرحمن المزني البصري، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٣/ ١٣٣ عن سفيان الثوري، عمن حدثه، عن الحسن.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ٢٢/ ١١٢ من طريق مؤمل، عن سفيان الثوري، عن عبيد الصيد (وتحرف في المطبوع إلى عبد الصمد).
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ١٣/ ٥٢٧، والطبري في «تفسيره» ٢٢/ ١١٢ من طريق أبي الأشهب جعفر بن حيان العطاردي، عن الحسن البصري. ورجاله ثقات.
قال ابن كثير: قال الحسن البصري والضحاك وغيرهما، يعني: الإيمان.
وقال السدي: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ وهي التوبة، وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله. =

٤٦٢١ - حاثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا سُليمٌ
عن ابن عونٍ، قال: كنتُ أسيرُ بالشام، فناداني رَجُلٌ مِن خلفي، فالتفتُّ فإذا رجاءُ -يعني ابنَ حَيوةَ- فقال: يا أبا عَوْنٍ، ما هذا الذي يَذكُرُونَ عن الحسن؟ قال: قلت: إنّهم يكذبُون على الحسن كثيرًا (١).
٤٦٢٢ - حدً ثنا سليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدَّثنا حمَّادٌ، قال:
سمعتُ أيوبَ يقول: كَذَب على الحَسَن ضَربَان من الناس: قومٌ القدَرُ رأيُهم وهم يريدونَ أن يُنَفِّقوا بذلك رأيَهم، وقوم له في قلوبهم شَنآنٌ وبغضٌ يقولون: أليس من قوله كذا؟ أليسَ من قوله كذا؟ (٢).
٤٦٢٣ - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، أن يحيى بن كثير العنبريَّ حدَّثهم، قال: كان قُرَّةُ بن خالد يقول لنا: يا فتيان، لا تُغلَبوا على الحسن، فإنَّه كان رأيُه السنَّةَ والصوابَ (٣).


= وقال مجاهد: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ من هذه الدنيا من مال وزهرة وأهل، وروي عن ابن عباس وابن عمر والربيع بن أنس، وهو قول البخاري وجماعة، والصحيح أنه لا منافاة بين القولين، فنه قد حيل بينهم وبين شهواتهم في الدنيا وبين ما طلبوه في الأخرة فنعوا منه.
والأية واردة في وصف الكفار في الأخرة، إذ يتمنون أن يعودوا إلى الدنيا ليؤمنوا فيحال بينهم وبين ذلك.
(١) أثر إسناده صحيح. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرْطَبان، وسُليم: هو ابن أخضر البصري، ومحمد بن عبيد: هو ابن حساب الغُبَري.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في «العلل»، (٢١٢٤) عن عُبيد الله بن عمرو القواريري، عن حماد بن زيد، عن ابن عون.
(٢) أثر إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وحماد: هو ابن زيد.
(٣) أئر إسناده صحيح. ابن المثى: هو محمد.

٤٦٢٤ - حدَّثنا ابنُ المثنَّى وابن بشَّار، قالا: حدَّثنا مُؤمَّلُ بن إسماعيل، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد
عن ابن عونٍ، قال: لو عَلمنا أنَّ كلمةَ الحسن تَبلُغ الذي بَلَغَتْ لكتبْنا برجوعِه كتابًا، وأشهَدْنا عليه شُهودًا، ولكنا قلنا: كلمة خَرجَتْ لا تُحمَلُ (١).
٤٦٢٥ - حاثنا سليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ قال: قال لي الحسن: ما أنا بعائد إلى شيءِ منه أبدًا (٢).
٤٦٢٦ - حدَّثنا هلال بن بشر، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ عثمان عن عثمان البتِّيِّ، قال: ما فسَّر الحسن آيةً قطُّ إلا على الإثبات (٣).

٨ - باب في التفضيل
٤٦٢٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أسودُ بنُ عامر، حدَّثنا عبدُ العزيز ابن أبي سَلَمة، عن عُبيد الله، عن نافعٍ
عن ابن عمر، قال: كنَّا نقولُ في زمن النبيَّ- ﷺ: لا نَعدلُ بأبي بكرِ أحدًا، ثم عُمرَ، ثم عثمان، ثم نتركُ أصحابَ النبيَّ ﷺ لا نُفاضِلُ بينهم (٤).


(١) أثر ضعيف لضعف مؤمل بن إسماعيل.
(٢) أثر إسناده صحيح. أيوب: هو السختباني.
وأخرجه جعفر الفريابي في «القدر» (٣٥٤) من طريق حماد بن زيد، به.
(٣) إسناده حسن. عثمان بن عثمان -وهو الغطفاني- صدوق. عثمان البَتِّي: هو ابن مسلم.
قال المزي في «الأطراف» ٣/ ٢٨٦ في تفسير «على الاثبات»: يعني إثبات القدر.
(٤) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري، وعبد العزيز بن أبي سلمة: هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجِشُون. =

٤٦٢٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، قال: قال سالمُ بن عبد الله:
إن ابن عمر قال: كنَّا نقول ورسولُ الله-ﷺ حيٌّ: «أفضَلُ أَّمَّة النبيَّ ﷺ بعدَه أبو بكرٍ، ثم عُمرُ، ثم عثمانُ رضي الله عنهم (١).
٤٦٢٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا جامعُ بن أبي راشدٍ، حدَّثنا أبو يعلى، عن محمد ابن الحنفية، قال:
قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله ﷺ؟ قال: أبو بكر، قال: قلت: ثم مَنْ؟ قال: ثم عُمَر، قال: ثم خَشيتُ أن أقول: ثم مَنْ؟ فيقول


= وأخرجه البخاري (٣٦٩٨) من طريق أسود بن عامر شاذان، بهذا الإسناد.
وأخرج الترمذي (٤٠٤٠) من طريق الحارث بن عمير، عن عبيد الله بن عمر، به بلفظ: كنا نقول ورسول الله ﷺ حيٌّ: أبو بكر وعمر وعثمان.
وأخرج البخاري (٣٦٥٥) من طريق يحى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نخير بين الناس في زمن النبي-ﷺ، فنخيِّر أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان.
وأخرج ابن هانئ في»مسائل الامام أحمد«(١٩٣٨)، ومن طريقه الخلال في»السنة«(٥٤١) من طريق أبي صالح، عن ابن عمر قال: كنا نعد ورسولُ الله ﷺ حيٌّ وأصحابه متوافرون أبو بكر وعمر وعثمان ثم نسكت.
وانظر ما بعده.
(١) صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة -وهو ابن خالد الأيلي- وقد توبع.
وأخرجه أحمد بن حنبل في»فضائل الصحابة (٦٤)، ومن طريقه عبد الله بن أحمد في السنة، (١٣٥٣)، وابن هانئ النيسابوري في «مسائل الإمام أحمد» (١٩٤٣)، وأبو بكر الخلال في «السنة» (٥٤٦) و(٥٥٣)، وأخرجه الخلال (٥٤٧) عن محمد بن خالد بن خلي، كلاهما (أحمد ومحمد بن خالد) عن بشر بن شعيب بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الزهري، به.
وانظر ما قبله.

عثمان، فقلت: ثم أنتَ يا أبت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين (١).
٤٦٣٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ مسكينٍ، حدَّثنا محمد -يعني الفِريابيَّ-
سمعتُ سفيانَ يقول: مَنْ زَعَمَ أن عليًّا كان أحقَّ بالولاية منهما فقد خطَّا أبا بكر وعُمرَ والمهاجرين والأنصار، وما أُراهُ يَرتفعُ له مع هذا عَملٌ إلى السماء (٢).
٤٦٣١ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا قبيصةُ بن عقبة، حدَّثنا عبَّاد السمَّاك، سمعتُ سفيانَ الثوريَّ يقول:
الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمرُ، وعثمانُ، وعلي، وعمرُ بن عبد العزيز رضي الله عنهم (٣).


(١) إسناده صحيح. أبو يعلى: هو المنذر بن يعلى الثوري، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومحمد بن غير: هو العَبْدي.
وأخرجه البخاري (٣٦٧١) عن محمد بن غير، بهذا الأسناد.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (١٠٦) من طريق عبد الله بن سَلِمة، عن علي. وابن سلمة ضعيف.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣٣) و(٨٣٥).
ونقل الحافظ في «الفتح» ٧/ ٣٤ عن القرطبي: المقطوع به بين أهل السنة بأفضلية أبي بكر وعمر، ثم اختلفوا فيمن بعدهما، فالجمهور على تقديم عثمان، وعن مالك التوقف، والمسالة اجتهادية، ومستدها: أن هؤلاء الأربعة اختارهم الله تعالى لخلافة نبيه وإقامة دينه، فنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة.
(٢) إسناده إلى سفيان -وهو الثوري- صحيح ومحمد الفريابي: هو ابن يُوسُف.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» ٧/ ٣١ من طريق محمد بن سهل بن عسكر، عن محمد بن يوسف الفريابي، به.
(٣) أثر إسناده ضعيف لجهالة عباد السمَّاك. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤٥/ ١٩٠ و١٩١ من طريق قبيصة بن عقبة، به.

٩ - باب في الخلفاء
٤٦٣٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاق -قال محمد: كتبته من كتابه-، أخبرنا مَعمز، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباسٍ، قال: كان أبو هريرة يحدِّث أن رجلًا أتى رسولَ الله ﷺ فقال: إني أرى الفَيلةَ ظُلَّةً يَنطِفُ منها السَّمْنُ والعَسَلُ، فأرى الناسَ يتكففُون بأيديهم، فالمستكثِرُ والْمُستقلُّ، وأرى سَببًا واصلًا من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله ﷺ أخذتَ به فعلوتَ، به ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع، ثم وُصِلَ فعلا به، قال أبو بكر: بأبي وأمِّي لتَدَعَنِّي فلأُعَبِّرنَّها، فقال: «اعْبُرْها» قال: أما الظُّلة فظُلَّةُ الإسلام، وأما ما يَنطِفُ من السمنِ والعَسل، فهو القرآنُ لِينُه وحلاوتُه، وأما المستكثِرُ والمُستقِلُّ فهو المستكثِر من القرآن والمستقلُّ منه.
وأما السَّبب الواصل من السماء إلى الأرض، فهو الحقُّ الذي أنت عليه: تأخُذُ به فيعليك الله، ثم يأخذُ به بعدَك رجلٌ فيعلُو به، ثم يأخُذُ به رجل آخرُ فيعلُو به، ثم يأخُذُه رجل آخر فينقطع، ثم يوصَلُ له فيعلو به.
أي رسول الله ﷺ لَتُحَدِّثنّي أصبتُ أم أخطاتُ، فقال: «أصبتَ بعضًا وأخطاتَ بعضًا» قال: أقسمتُ يا رسولَ الله ﷺ لَتُحَدِّثَتّي ما الذي أخطَاْتُ، فقال النبيَّ ﷺ: «لا تُقسِمْ» (١).


(١) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (٣٢٦٨). وانظر تخريجه هناك. =

٤٦٣٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، حدَّثنا سليمانُ بنُ كثيرِ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله
عن ابنِ عباسٍ، عن النبيَّ- ﷺ، بهذه القصة، قال: فأبى أن يخبِرَه (١).


= وانظر ما بعده.
قال الخطابي: قوله: «إني أرى الليلة» أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس قال: يقول: ما بينك من لدن الصباح وبين الظهر رأيت الليلة، وبعد الظهر إلى الليل رأيت البارحة.
والظلة: كل ما أظلَّك من فوقك وعلاك، وأراد بالظلة ها هنا -والله أعلم- سحابة.
ينطف منها السمن والعسل، أي: يقطر، والنطف: القطر.
وقوله: «يتكففون بأيديهم» يريد: أنهم يتلقونه بأكفهم، يقال: تكفف الرجل الشيء واستكفه: إذا مد كفَّه وتناوله بها، والسبب: الحبل، والواصل: معناه الموصول، فاعل بمعنى مفعول.
وقد اختلف الناس في معنى قوله: «أصبت بعضًا، وأخطات بعضًا» فقال بعضهم: أراد به الإصابة في عبارة بعض الرؤيا والخطأ في بعض.
وقال آخرون: بل أراد بالخطأ هاهنا: تقديمه بين يدي رسول الله ﷺ ومسألته، والإذن له في تعبير الرؤيا، ولم يترك رسولَ الله ﷺ ليكون هو الذي يعبرُها، فهذا موضع الخطأ.
وأما الاصابة فهي ما تأوله في عبارة الرؤيا وخروج الأمر في ذلك على وفاق ما قاله وعبره.
وقد بلغني عن أبي جعفر الطحاوي رواية عن بعض السلف أنه قال: موضع الخطا في عبارة أبي بكر رضي الله عنه أنه مخطئ في أحد المذكورَين من السمن والعسل، فقال: وأما ما ينطف من السمن والعسل، فهو القرآن، لينه وحلاوته، وإنما أحدهما القرآن والأخر السنة، والله أعلم.
(١) إسناده صحيح. وهو مكرر ما سلف برقم (٣٢٦٩).

٤٦٣٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله الأنصاري، حدَّثنا الأشعثُ، عن الحسن
عن أبي بَكرَة، أن النبيَّ- ﷺ قال ذات يوم: «مَنْ رأى منكم رؤيا؟» فقال رجل: أنا، رأيت كان ميزانًا نَزلَ من السماء، فوُزِنْتَ أنتَ وأبو بكر، فرجَحْتَ أنتَ بأبي بكر، ووُزِنَ عُمرُ وأبو بكر، فرجَحَ أبو بكرٍ، ووُزِنَ عُمر وعثمانُ، فرجح عُمرُ، ثم رُفعَ الميزانُ، فرأينا الكراهيةَ في وجهِ رسولِ الله ﷺ (١).
٤٦٣٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بَكرَة
عن أبيه، أن النبيَّ ﷺ هي قال ذات يوم: «أيُّكم رأى رؤيا؟» فذكر معناه، ولم يَذكرِ الكراهيةَ، قال: فاسْتاء لها رسولُ الله ﷺ، يعني فَساءَهُ ذلك، فقال: «خِلافةُ نبوَّةٍ، ثم يُؤتي الله المُلكَ مَنْ يشاء (٢).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنةَ الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري- لكن بانضمام هذا الاسناد إلى ما بعده يحسن الحديث إن شاء الله.
الأشعث: هو ابن عبد الملك الحمراني، ومحمد بن عبد الله الأنصاري: هو ابن المثنى.
وأخرجه الترمذي (٢٤٤٠)، والنسائي في»الكبرى«(٨٠٨٠) من طريق محمد ابن عبد الله الأنصاري، بهذا الاسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وانظر ما بعده.
(٢) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابنُ جدعان- لكن بانضمام هذا الاسناد إلى ما قبله يحسُن الحديثُ إن شاء الله تعالى. حماد: هو ابن سلمة.
وهو في»مسند أحمد" (٢٠٤٤٥).
وانظر ما قبله.
قال الخطابي: قوله: فاستاء لها، أي: كرهها حتى تبينت المساءة في وجهه.
ووزنه افتعل من السوء.

٤٦٣٦ - حدَّثنا عَمرُو بن عثمان، حدَّثنا محمدُ بنُ حربٍ، عن الزُّبيديِّ، عن ابنِ شهابِ، عن عمرو بن أبانَ بن عثمان
عن جابر بن عبد الله، أنه كان يُحدث، أن رسولَ الله ﷺ قال: «أُرِيَ اللَّيلةَ رجلٌ صالحٌ أنَّ أبا بكر نِيَط برسول الله ﷺ، ونِيطَ عُمرُ بأبي بكرِ، ونِيطَ عثمانُ بعُمرَ» قال جابر: فلما قُمنا من عند رسول الله ﷺ قلنا: أما الرجلُ الصَّالِحُ فرسولُ الله ﷺ، وأما تَنَوُّطُ بعضهم ببعض فهم وُلاةُ هذا الأمر الذي بَعَثَ الله به ﷺ (١).


(١) رجاله ثقات غير عمرو بن أبان بن عثمان، فقد ذكره الزبير بن بكَّار في أولاد أبان، وقال: أمه أم سعيد بنت عبد الرحمن بن هشام، وذكره ابن حبان في «الثقات» ٧/ ٢١٦ فقال: روى عنه الزهري وأهل المدينة، وقد روى عن جابر بن عبد الله، فلا أدري أسمع منه أم لا؟. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، والزُّبَيدي: هو محمد بن الوليد، ومحمد بن حرب: هو الحمصي، وعمرو بن عثمان: هو ابن سعيد ابن كثير الحمصي.
وأخرجه أحمد (١٤٨٢١)، وابن أبي عاصم في «السنة، (١١٣٤)، والطحاوي في»شرح مشكل الآثار«(٣٣٤٧)، وابن حبان (٦٩١٣)، والطبراني في»مسند الشاميين«(١٨٠٢)، والحاكم ٣/ ٧١ - ٧٢ و١٠٢، والبيهقي في»الدلائل«٦/ ٣٤٨ - ٣٤٩، وفي»الاعتقاد«ص ٣٦٥ وابن عساكر في»تاريخ دمشق«٣٩/ ١٧٣ و١٧٣ - ١٧٤، والمزي في»تهذيب الكمال«في ترجمة عمرو بن أبان، من طريق محمد بن حرب، بهذا الاسناد.
وأخرجه نعيم بن حماد في»الفتن«(٢٦٢) عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: ... فذكره موقوفا عليه ولم يسمِّ عمرو بن أبان.
وأخرجه البيهقي في»الدلائل«٦/ ٣٤٨، وابن عساكر في»تاريخ دمشق" ٣٩/ ١٧٢ - ١٧٣ من طريق ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، قال: كان جابر بن عبد الله حدث أن رسول الله قال: أري ... فرفعه، لكن أسقط من إسناده عمرو بن أبان. والزهري لم يسمع من جابر.

قال أبو داود: رواه يونس وشعيبٌ، لم يذكرا عَمْرًا.
٤٦٣٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثني عفَّان بن مسلمٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمة، عن أشعثَ بن عبد الرحمن، عن أبيه
عن سَمُرَة بن جُندُبٍ: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله ﷺ، رأيتُ كان دَلْوًا دُلِّي من السماء، فجاءَ أبو بكرِ، فأخَذَ بعَرَاقيها فشَرِبَ شُربًا ضعيفًا، ثم جاءَ عُمرُ فأخَذَ بعَرَاقيها فشَرِبَ حتى تَضَلَّعَ، ثم جاء عثمانُ فأخذ بعَرَاقيها فشَرِبَ حتى تَضَلَّعَ، ثم جاء عليٌّ فأخذ بعَرَاقيها، فانْتَشطَتْ، وانتُضِحَ عليه منها شيءٌ (١).


(١) إسناده حسن من أجل أشعث بن عبد الرحمن -وهو الجَرْمي-.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٦٩/ ١١ و١٢/ ٣١، وأحمد (٢٥٢٤٢)، وإبراهيم الحربي في «غريب الحديث» ٣/ ١٠٠٨، والطبراني في «الكبير» (٦٩٦٥)، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة أشعث ٢٨/ ١٨ من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
قال الخطابي: قوله: دُلِّي من السماء، يريد: أُرسِل، يقال: أدليتُ الدلو، إذا أرسلتها في البئر، ودَلوْتها إذا نزعتها.
والعَراقي: أعواد يخالف بينها، ثم تُشد في عُرى الدلو، ويعلق بها الحبل، واحدتها عُرْقُوة.
وقوله: تضلَّع، يريد: الاستيفاء في الشرب حتى روي فتمدد جنبه وضلوعه.
وانتشاط الدلو: اضطرابها حتى ينتضح ماؤها.
وأما قوله في أبي بكر: شرب شربًا ضعيفًا، فنما هو إشارة إلى قصر مدة أيام ولايته، وذلك لأنه لم يعش أيام الخلافة أكثر من سنتين وشيء، وبقي عمر عشر سنين، وشيئًا، فذلك معنى تضلُّعِه، والله أعلم.

٤٦٣٨ - حدَّثنا عليٍّ بنُ سهل الرملي (١)، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا سعيدُ بن عبد العزيز
عن مكحولٍ، قال: لَتَمْخُرَنَّ الرُّومُ الشامَ أربعينَ صباحًا لا يَمتنعُ منها إلا دمشقُ وعمَّان (٢).
٤٦٣٩ - حدَّثنا موسى بنُ عامر الْمُرِّيُّ، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا عبدُ العزيز بن العلاء
أنه سمع أبا الأعيس عبدَ الرحمن بنَ سلمان، يقول: سيأتي مَلِكٌ من ملوك العَجَم يَظهرُ على المدائن كلِّها إلا دمشقَ (٣).


(١) هذا الأثر مع الآثار (٤٦٣٨ - ٤٦٤٠) و(٤٦٤٢ - ٤٦٤٥) أثبتناها من (د)، وأشير في هامشها نقلًا عن ابن ناصر إلى أنها ليست في رواية الخطيب، وأنها ليست من كتاب السنة. وقد ذكرها المزي جميعا في «التحفة» بالأرقام (١٩٤٦٤ و١٨٩٦٢ و١٩٤٥٩ و١٩١٨٣ و١٨٦٣٢ و١٨٨٥١ و١٨٧٨٤ و١٨٨٥١ أيضًا) وقال فيها جميعًا: قيل: إنها في رواية اللؤلؤي وحده. إلا أثر علي بن سهل هذا فذكره ولم يُشر إلى شيء.
(٢) صحيح مقطوعًا. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١/ ٢٤٥ من طريق أبي داود، بهذا الاسناد. قوله: لتمخرن، أراد: أنها تدخل الشام وتخوضُه وتجوسُ خِلالَه، وتتمكلن منه، فشبّهه بمَخْر السفينة البَحْر. قاله في «النهاية».
(٣) صحيح مقطوعًا. لكن قوله في هذا الإسناد: عبد العزيز بن العلاء، خطأ، والصحيح عبد الله بن العلاء -وهو ابن زَبز- وقد جاء على الصواب في «تحفة الأشراف» ١٣/ ٢٧٢. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١/ ٢٤٥ من طريق أبي علي اللؤلؤي، عن أبي داود، بهذا الاسناد. وجاء فيه: عبد الله بن العلاء، على الصواب.
وأخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (١٢٥٨) عن الوليد بن مسلم، به. ولفظه: يغلب ملك من ملوك الروم على الام كله إلا دمشق وعمان، ثم ينهزم، وتبنى قيسارية أرض الروم فتصير جند من أجناد أهل الشام، ثم تظهر نار عدن أبين.

٤٦٤٠ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلُ، حدَّثنا حماد، حدَّثنا بُردٌ؟ أبو العلاء
عن مكحول، أن رسولَ الله ﷺ قال: «مَوضِعُ فُسطاطِ المسلمين في الملاحِمِ أرضٌ يقال لها الغوطة» (١).
٤٦٤١ - حدَّثنا أبو ظَفَرٍ عبدُ السلام، حدَّثنا جعفرٌ، عن عوف، قال:
سمعتُ الحجّاج يخطُبُ وهو يقول: إن مَثلَ عثمانَ عند الله كمثلِ عيسى ابن مريم، ثم قرأ هذه الأية يقرَؤها ويفسِّرها: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل. حماد: هو ابن سلمة، وبرد: هو ابن سنان الدمشقي.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١/ ٢٣٨ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر أيضًا ١/ ٢٣٨ من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، به.
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (١٧١٢)، وابن عساكر ١/ ٢٣٧ من طريق محمد بن راشد، عن مكحول، عن جبير بن نفير، به فجعله محمد بن راشد من مرسل جبير بن نفير، وأن مكحولًا أخذه منه.
وقد صح هذا الحديث موصولًا عن أبي الدرداء فيما سلف عند المصنف برقم
وعن عوف بن مالك عند أحمد في «المسند» (٢٣٩٨٥)، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (٧٢)، وفي «الشاميين» (٩٣٤)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
واسناده صحيح أيضًا.
قال في «النهاية»: الفسطاط، بالضم والكسر: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فُسطاط.
وقال أيضًا: الغُوطة: اسم البساتين والمياه التي حول دمشق، وهو غوطتُها. وقال: الغَوطُ: عُمقُ الأرض الأبعد، ومنه قيل للمطمئن من الأرض: غائط. قلنا: قوله: المطمئن يعني المنخفض.

يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: ٥٥] يشير إلينا بيده وإلى أهل الشَّام (١).
٤٦٤٢ - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيل الطالقانيُّ، حدَّثنا جريرٌ. وحدَّثنا زُهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا جرير، عن المُغيرة، عن الربيع بن خالد الضَّبِّيِّ، قال: سمعتُ الحجَّاج يخطُبُ، فقال في خطبته: رسولُ أحدكم في حاجته أكرمُ عليه أم خليفته في أهله؟ فقلت في نفسي: لله عليَّ ألا أُصلِّي خلفَكَ صلاةَ أبدًا، وإن وَجَدْتُ قومًا يجاهدونَكَ لأجاهِدَنَّك معهم.
زاد إسحاق في حديثه: قال: فقاتل في الجماجم حتّى قُتِلَ (٢).


(١) رجاله ثقات. الحجاج: هو ابن يوسف الثقفي، وعوف: هو ابن أبي جميلة
الأعرابي. وجعفر: هو ابن سليمان الضبعي، وعبد السلام: هو ابن مُطهَّر الأزدي.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١٢/ ١٥٩ من طريق أبي ظَفَر عبد السلام
ابن مُطفر، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن أبي شيبة ١١/ ١١٣ عن مالك بن إسماعيل، عن جعفر بن زياد، عن عطاء بن السائب، قال: كنت جالسًا مع أبي البختري الطائي، والحجاج يخطب، فقال: مثل عثمان عند الله كمثل عيسى ابن مريم، قال: فرفع رأسه ثم تأوه، ثم قال: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ٥٥] قال: فقال أبو البختري: كفر ورب الكعبة.
تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من «تحفة الأشراف» (١٩١٨٣)، وأشار المزي إلى أنه في
رواية ابن داسه وغيره. كذا قال مع أن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، وهو ليس فيها،
فلعله في بعض روايات ابن داسه دون بعضٍ.
(٢) ضعيف لجهالة الربيع بن خالد الضبي. المغيرة: هو ابن مِقْسَم الضبي مولاهم، وجرير: هو ابن عبد الحميد. =

٤٦٤٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو بكر، عن عاصم، قال:
سمعتُ الحجَّاج وهو على المنبر وهو يقول: اتَّقوا الله ما استطعتم ليس فيها مَثْنويَّة، واسمعوا وأطيعوا، ليس فيها مثنويَّة، لأمير المؤمنين عبد الملك، والله لو أمَرْتُ الناس أن يخرجوا من بابِ من المسجد،


= وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١٢/ ١٥٨ - ١٥٩ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. إلا أنه سمى الربيع بن خالد: بزيغًا، وكذلك سماه جعفر بن محمد المستغفري فيما نقله عنه ابن ماكولا في «الإكمال» ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣ وقال: أرجو أن يكون ضبطه وكذلك أورده ابن حجر في «التبصير» في باب بزيغ. أما البخاري فقد ذكره في «تاريخه الكبير»، ٢/ ١٣١ غير أنه سماه بزيعًا، بالمهملة بدل المعجمة.
وذكر ابن ماكولا أنه كان من الصالحين، وأنه خرج مع ابن الأشعث، فقُتل.
ووقعة الجماجم: وقعة كانت بالعراق بين عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث والحجاج بن يوسف الثقفي، وكان جيثى ابن الأشعث أزيد من ثلاثين ألف فارس، ونحو مئة ألف وعشرين ألف راجل فيهم علماء وفقهاء وصالحون، وهَزَم ابن الأشعث الحجاج مرات عدة، وأمداد عساكر الثام تأتيه من الخليفة، ثم انكسر ابنُ الأشعث وقُتِلَ. وقد اختلف في سنة وقوعها، فقيل: سنة ثلاث وثمانين، وقيل: سنة اثنتين وثمانين. وجمع بينهما الذهبي بقوله: لعلها كانت في آخر سنة اثنتين وأوائل سنة ثلاث انظر «دول الإسلام» للحافظ الذهبي أحداث سنة اثنتين وثمانين ص ٥٨، و«تاريخ الإسلام» له أيضًا، حوادث ٨١ - ٩٠.
والجماجم أراد بها وقعة دير الجماجم وهو بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر السالك من البصرة.
وقوله: رسول أحدكم في حاجته: هذا تعريض من الحجاج بتفضيل عثمان على علي رضي الله عنهما إذا ترك رسولُ الله ﷺ عُثمانَ يوم بدر يُمرِّض زوجته، وأرسل عليًا يوم الحج بعد أبي بكر ينادي: «ألا لا يطوفن بالبيت عريانُ، وجهل الحجاج أنه صدر من النبي-ﷺ يوم الحديبية خلاف ذلك، فأرسل عثمان وترك عليًَّا خليفتَه في بعض الغزوات. انظر»بذل المجهود" ١٨/ ١٦٤.

فخرجوا من بابٍ آخر لحلَّتْ لي دماؤهم وأموالهم، والله لو أخذتُ ربيعةَ بمضَرَ، لكان ذلك لي من الله حلالًا، ويا عَذيري من عَبد هُذَيلٍ، يَزعُمُ أن قراءته من عند الله، والله ما هي إلا رَجَزٌ من رجز الأعراب، ما أنزلها الله عز وجل على نبيه ﷺ، وعَذيري من هذه الحمراء، يَزعُمُ أحدهم أنه يرمي بالحجر، فيقول: إلى أن يقع الحجرُ حَدَثَ أمر، فوالله لأَدَعَنَّهم كالأمسِ الدَّابر (١).
قال: فذكرته للأعمش، فقال: أنا والله سمعته منه.
٤٦٤٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ إدريس، عن الأعمش، قال: سمعتُ الحجاج يقول على المنبر: هذه الحمراء هَبْرٌ هَبْرٌ، أما والله لو قد قَرَعْتُ عَصًا بعصًا، لأذرنَّهم كالأمس الذَّاهب، يعني الموالي (٢).


(١) رجاله ثقات. عاصم: هو ابن أبي النجود، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو بكر: هو ابن عياش.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الإشراف» ٦٣١)، عن أبي القاسم واصل بن عبد الأعلى، وابن عسار في: تاريخ دمشق«١٢/ ١٥٩ من طريق محمد بن العلاء، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، به.
وأخرجه مخصرًا بقصة قول الحجاج في قراءة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود: ابنُ أبي الدنيا في»الاشراف" (٣١٧) عن إسماعيل بن زكريا الكوفي، والحاكم ٣/ ٥٥٦ من طريق أحمد بن عبد الجبار، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، به ولم يذكر الحاكم في روايته عاصمًا. وزادا في روايتيهما قوله أخزاه الله: والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه. لفظ الحاكم. قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام في ترجمة الحجاج بن يوسف بعد أن ساق قوله هذا في ثان قراءة عبد الله بن مسعود: قاتل الله الحجاج ما أجرأه على الله، كيف يقول هذا في العبد الصالح عبد الله بن مسعود.
(٢) رجاله ثقات. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وابن إدريس: هو عبد الله.
وانظر ما قبله. =

٤٦٤٥ - حدَّثنا قَطَنُ بن نُسير، حدَّثنا جعفرٌ -يعني ابنَ سليمان- حدَّثنا داودُ بنُ سليمان، عن شَريكِ، عن سليمانَ الأعمش، قال:
جمَّعتُ مع الحجاج، فخطب، فذكر حديثَ أبي بكر بن عياش، قال فيها: فاسمعُوا وأطيعوا لخليفة الله، ولصفيِّه عبد الملك بن مروان، وساق الحديث، قال: لو أخذت ربيعةَ بمُضَرَ، ولم يذكر قصةَ الحمراء (١).
٤٦٤٦ - حدَّثنا سَوَّار بنُ عبد الله بنِ سوّار، حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سعيد، عن سعيد بنِ جُمْهان، عن سفينة (ح).
٤٦٤٧ - وحدثنا عمرو بن عون (٢)، أخبرنا هشيم، عن العوّام بن حوشب، عن سعيد بن جُمْهان
عن سفينة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: خلافةُ النُّبوَّة ثلاثونَ سنةَ، ثم يؤتي الله المُلكَ -أو ملكه- من يشاء» (٣).


= الحمراء: هم العجم، لأن العرب تسمي الموالي: الحمراء: لأذرنهم: لأدعنهم ولأتركنهم.
والهَبْر: هو الضرب والقطع، وقد هَبَرتُ له من اللحم هَبْرة، أي: قطعت له قطعة.
(١) قطن بن نسير: ضعيف وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١٢/ ١٥٩ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. جمعت، بتشديد الميم: حضرت صلاة الجمعة.
(٢) طريق عمرو بن عون هذا أثبتناه من (أ) و(د) و(هـ). وهو في رواية ابن العبد وابن داسه كما قال المزي في التحفة، (٤٤٨٥). لكن تحرَّفَ اسمُ عمرو بن عون في (أ) إلى: عمرو بن عثمان، وهو سبق قلم من الحافظ رحمه الله.
(٣) إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان، فهو صدوق حسن الحديث. وقد صحح الإمام أحمد حديثه هذا كما في «السنة» للخلال (٦٣٦). هشيم: هو ابن بَشير. =

قال سعيد: قال لي سفينة: أمسِكْ عليكَ: أبا بكرٍ سنتين، وعُمرَ عشرًا، وعثمانَ اثنتي عشرة، وعليٌّ كذا، قال سعيدٌ: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعُمون أن عليًا لم يكن بخليفةٍ، قال: كذبَتْ أستاهُ بني الزَّرقاء، يعني بني مروان.
٤٦٤٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، عن ابن إدريس، أخبرنا حُصينٌ، عن هلال بن يِسافٍ، عن عبدِ الله بن ظالم. وسفيانُ، عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِسافِ، عن عبدِ الله بن ظالم المازنيِّ -ذكر سفيانُ رجلًا فيما بينه وبين عبد الله ابن ظالم المازنيِّ-
سمعتُ سعيدَ بنَ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفَيلٍ قال: لَمَّا قَدِمَ فلانٌ إلى الكوفة أقام فلانٌ خطيبًا، فأخذ بيدي سعيدُ بنُ زيدٍ، فقال: ألا ترى


= وأخرجه الترمذي (٢٣٧٥) من طريق حَشْرج بن نباتة والنسائي في، «الكبرى» (٨٠٩٩) من طريق العوّام بن حوشب، كلاهما عن سعيد بن جُمهان، به. وقال الترمذي هذا حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٩١٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٦٥٧) و(٦٩٤٣). سفينة: هو مولى رسول الله-ﷺ أبا عبد الرحمن اختلف في اسمه، وكان أصله من فارس، فاشترته أم سلمة، ثم أعتقته، واشترطت عليه أن يخدم النبي-ﷺ، ولقبه رسول الله-ﷺ سفية، لأنه كان مع رسول الله في سفر، فكلما أعيا بعض القوم ألقى عليه سيفه وترسه ورمحه حتى حَمَل من ذلك شيئًا كثيرًا، فقال له النبي-ﷺ: «أنت سفية». انظر «مسند أحمد» (٢١٩٢).
وقوله: كذبت أستاه بني الزرقاء. أستاه جمع است وأصله سَتَةٌ حذفت الهاء من آخره وعوض منها ألف الوصل في أوله، والاست: الدبر، شبه ما يخرج من أفواههم من الكلام المرذول بالفساء.
تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) حديث الأقرع مزذن عمر الآتي برقم (٤٦٥٦).
والحديث في (ب) و(د) و(هـ) أيضأكير أنه جاء بعد الحديث (٤٦٥٢).

إلى هذا الظالم، فأشهَدُ على التسعةِ إنَّهم في الجنَّة، ولو شَهِدْتُ على العاشر لم إيثَمْ (١) قال ابن إدريس: والعرب تقول: آثم - قلت: ومَنِ التِّسعةُ؟ قال: قال رسولُ الله-ﷺ وهو على حراء: «اثبُتْ حراء، إئه ليس عليك إلا نبي أو صِدِّيق أو شهيدْ» قلت: ومَنِ التسعة؟ قال: رسولُ الله-ﷺ، وأبو بكرٍ، وعُمرُ، وعثمانُ، وعلي، وطلحةُ، والزبيرُ، وسعدُ بن أبي وقاصٍ، وعبد الرحمن بن عوفٍ، قلت: ومَن العاشرُ، قال: فتلكَّأ هُنيَّةً، ثم قال: أنا (٢).
قال أبو داود: رواه الأشجعيُّ، عن سفيان، عن منصور، عن هلال ابن يساف، عن ابن حيَّان، عن عبدِ الله بن ظالم، بإسناده نحو معناه.


(١) قوله: لم إيثم، قال في «اللسان»: هي لغة لبعض العرب في آثَمُ، وذلك أنهم يكسرون حرف المضارعة في نحو نِعلَم وتِعْلَم، فلما كسروا الهمزة في أأثم انقلبت الهمزة الأصلية ياء.
(٢) حديث صحيح، عبد الله بن ظالم المازني متابع كما في الروايتين الأتيتين بعده، سفيان: هو الثوري، والراوي عنه هنا هو ابن إدريس -واسمه عبد الله- وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨١٥١) عن محمد بن العلاء، بهذين الاسنادين.
وأخرجه ابن ماجه (١٣٤)، والترمذي (٤٠٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٣٤) و(٨١٣٥) و(٨١٤٨) من طريق هلال بن يساف، به.
وأخرجه النسائي (٨١٣٦) و(٨١٤٩) من طريق سفيان الثوري، به وسمى الرجل: فُلان بن حيَّان، فلم يصرح باسمه وصرح باسم أبيه.
وأخرجه الترمذي (٤٠٨١)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٣٩) من طريق حميد بن
عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن زيد. وروايته مختصرة بذكر العشرة المبشرين بالجنة.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٠) و(١٦٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٩٦).
وانظر تالييه.

٤٦٤٩ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ النَّمَرِيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن الحرِّ بن الصيّاح
عن عبد الرحمن بن الأخنس، أنه كان في المسجد، فذكر رجلٌ عليًّا، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهدُ على رسولِ الله-ﷺ أني سمعتُه وهو يقول: «عشر في الجنّة: النبيَّ- ﷺ في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعُمَرُ في الجنة، وعثمانُ في الجنة، وعليٌّ في الجنة، وطلحةُ في الجنة، والزبيرُ ابن العوام في الجنة، وسعدُ بنُ مالكٍ في الجنة، وعبدُ الرحمن بن عوفٍ في الجنة» ولو شئت لسميتُ العاشرَ، قال: فقالوا: من هو؟ فسكَتَ، قال: فقالوا: مَنْ هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد (١).
٤٦٥٠ - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زيادِ، حدَّثنا صدقةُ بن المثنى النخَعيُّ، حدَّثني جدِّي رياحُ بن الحارث، قال:
كنت قاعدًا عند فلانٍ في مسجدِ الكوفةِ وعنده أهلُ الكوفة، فجاء سعيدُ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، فرحَّبَ به وحيَّاه، وأقعدَه عند رجله على السرير، فجاء رجلٌ من أهل الكوفة، يقال له: قيسُ بنُ علقمة،


(١) حديث صحح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الأخنس، فهو مقبول حيث يتابع، وقد توبع في الطريقين الذي قبله والذي بعده.
وأخرجه الترمذي (٤٠٩١)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٠٠) و(٨١٤٧) و(٨١٥٣) من طريق الحر بن الصيّاح، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وهذا الرجل الذي زكر عليًا رضي الله عنه ونال منه جاء مصرّحًا باسمه عند أحمد (١٦٣١) والنسائي في الموضع الثالث وابن حبان (٦٩٩٣) وأنه المغيرة بن شعبة.
لكلن يخالفه ما جاء بعده بإسناد صحيح عن سعيد بن زيد أن الذي ست عليًا ونال
من رجل يقال له: قيس بن علقمة كان بحضرة المغيرة لا المغيرةُ نفسُه، وهذا أصح.
وهو في «المسند» (١٦٢٩).
وانظر ما قبله وما بعده.

فاستقبله فسبَّ وسبَّ، فقال سعيد: من يَسُبُّ هذا الرجُلُ؟ فقال: يَسُبُّ عليًا، قال: ألا أرى أصحابَ رسول الله-ﷺ يُسبُّون عندَك ثم لا تُنْكِرُ ولا تُغيِّرْ، أنا سمعتُ رسولَ الله-ﷺ يقول، وإني لغنيٌّ أن أقول عليه ما لم يقل فيسألني عنه غدًا إذا لقيته: «أبو بكر في الجنة، وعمر فيِ الجنة» وساق معناه، ثم قال: لمشهدُ رجلٍ منهم مع رسول الله-ﷺ يغبِّرُ فيه وجهه خيرٌ من عمل أحدكم عمرَه ولو عُمِّر عُمُرَ نوح (١).
٤٦٥١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع.
وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -المعنى- قالا: حدَّثنا سعيدُ بن أبي عَروبة، عن قتادة
أن أنس بن مالكِ حدَّثهم: أن نبيَّ الله ﷺ صَعِدَ أحُدًا، فتبِعَه أبو بكرِ وعُمَرُ وعثمان، فرَجَفْ بهم، فضَرَبَه نبيُّ الله ﷺ برِجله، وقال: «اثْبُتْ أحد، نبيٌّ وصدِّيقٌ وشهيدان» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فُضيل بن حسين الجَحْدري.
وأخرجه ابن ماجه (١٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٣٧) و(٨١٦٢) من طريق صدقة بن المثنى، به. مختصرًا بذكر العشرة المبشرين بالجنة.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٩) وجاء مصرحًا فيه باسم الرجل الذي كان بمسجد الكوفة وعنده أهل الكوفة وهو المغيرة بن شعبة. وهذا أصح مما سلف ذكره عند الرواية التي قبله من أن الذي ذكر عليًا بسوء ونال منه هو المغيرة بن شُعبة.
(٢) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، ويحى: هو ابن سيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه البخاري (٣٦٧٥)، والترمذي (٤٠٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٧٩) من طريق سيد بن أبي عروبة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٨٦٥)، و(٦٩٠٨).

٤٦٥٢ - حدَّثنا هنَّاد بنُ السَّريِّ، عن عبد الرحمن بن محمد المُحاربيِّ، عن عبد السلام بن حَرْبٍ، عن أبي خالد الدَّالانيِّ، عن أبي خالدٍ مولى آل جَعدَةَ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أتاني جبريل عليه السلام فأخذ بيدي، فأراني بابَ الجنَّة الذي تدخُلُ منه أمتي»، فقال أبو بكر: يا رسول الله وَدِدتُ أني كنتُ معك حتى أنظرَ إليه، فقال رسولُ الله-ﷺ: «أمَا إنَّك يا أبا بكْرِ أوَّلُ مَن يدخُلُ الجنةَ من أُمتي» (١).
٤٦٥٣ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ ويزيدُ بن خالد الرمليُّ، أن الليثَ حَدَّثهم، عن أبي الزُّبير


(١) إسناده ضعيف. أبو خالد الدالاني. واسمه يزيد بن عبد الرحمن وصفه الحافظ في «التقريب» بأنه صدوق يخطئ كثيرًا وكان يدلس، وشيخه أبو خالد مولى آل جعدة: لا يُعرف.
وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائدهِ على «فضائل الصحابة» لأبيه (٢٥٨)، وابن شاهين في «شرح مذاهب أهل السنة» (٩٦)، وأبو نعيم في «فضائل الخلفاء الراشدين» (٣٠)، وأبو القاسم بن بشران في «أماليه» (٩٣)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣٠/ ١٠٤ - ١٠٥ و١٠٥ و١٠٥ - ١٠٦، والمزي في ترجمة أبي خالد
مولى جعدة من «تهذيب الكمال» ٣٣/ ٢٧٨ من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وابن الأعرابي في «معجمه» (٢٤٣٥)، ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخه ٣٠/ ١٠٦ من طريق إسحاق بن منصور، كلاهما عن عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على»فضائل الصحابة«لأبيه (٥٩٣)، والطبراني في»الأوسط" (٢٥٩٤) من طريق عبد السلام بن حرب بهذا الإسناد، وقد تحرف عندهما أبو خالد مولى آل جعدة إلى أبي يحيى مولى آل جعدة.
وأخرجه الحاكم ٣/ ٧٣ عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه، عن أبي مسلم الكجي، عن عمران بن ميسرة، عن المحاربي، عن عبد السلام، عن أبي خالد الدالاني، عن أبي خالد (تحرف في المطبوع إلى أبي حازم) عن أبي هريرة.

عن جابر، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لا يدخُلُ النار أحدٌ ممن بايَع تحتَ الشَّجرة» (١).
٤٦٥٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمة (ح).
وحدَّثنا أحمدُ بنُ سنان القطان، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا حمادُ بنُ سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ، قال موسى: «فلَعَل الله» وقال ابن سنان: «اطَّلع الله على أهل بدرٍ، فقال: اعملُوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم» (٢).


(١) إسناده صحيح، وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بالسماع عند مسلم وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، على أن الراوي عنه هنا الليث -وهو ابن سعد- وهو لم يحمل عنه إلا ما ثبت له فيه سماعه من جابر، كما أسنده ابن حزم عن الليث نفسه أنه قاله.
وأخرجه الترمذي (٤١٩٧)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٤٤) عن قتيبة بن سعيد وحده. بهذا الاسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٤٩٦) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللهقول أخبرتني أم مُبَشِّر، أنها سمعت النبي-ﷺ يقول عند حفصة: «لا يدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد ممن بايعوا تحتها» قالت: بلى، يا رسول الله ﷺ، فانتهرها، فقالت حفصة: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [مريم: ٧١]، فقال النبي ﷺ: (قد قال الله عز وجل: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: ٧٢].
وأخرجه ابن ماجه (٤٢٨١) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نانع، عن جابر، عن أم مُبشر، عن حفصة. وقد اختُلف في هذا الإسناد عن الأعمش كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٦٤٤٠).
وهو في «مسند أحمد» (١٤٧٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٠٢).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجُود- أبو صالح: هو ذكوان السَّمَّان. والصحيح من هاتين الروايتين رواية موسى بن إسماعيل =

٤٦٥٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، أن محمدَ بن ثورٍ حدَّثهم، عن مَعمَير، عن الزُهرىّ، عن عُروة بن الزبير
عن المِسورِ بن مَخرمَةَ، قال: خَرَجَ النبُيُّ ﷺ زَمنَ الحديبية، فذكر الحديث، قال: فأتاه -يعني عروة بن مَسعودٍ- فجَعلَ يكلمُ النبيَّ ﷺ، فكلّما كَلمهُ أخذ بلحيته، والمغيرةُ بن شعبةَ قائم، على رأسِ النبيِّ ﷺ ومعه السيف، وعليه المِغفَرُ، فضَربَ يَدَهُ بنعلِ السيف، وقال: أخِّرْ يَدَك عن لحيته، فرفعَ عُروةُ رأسَه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرةُ ابن شعبة (١).
٤٦٥٦ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر أبو عمر الضريرُ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، أن سعيد بن إياسٍ الجُريرىَّ أخبرهم، عن عبدِ الله بن شقيق العُقَيلىِّ
عن الأقرع مؤذنِ عُمرَ بن الخطاب، قال: بعثني عُمرَ إلى الأُسقُفِّ، فدعوته، فقال له عمر: وهَل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم، قال:


= التي فيها الترجي، لا الجزم، وكذلك رواه عمرو بن عاصم عن حماد بن سلمة على الترجي عند الدارمي (٢٧٦١) وأسد بن موسى عن حماد عند ابن عبد البر في «التمهيد» ١٠/ ١٦٠، ويُؤيد ذلك حديث علي بن أبي طالب في «الصحيحين»، وقد سلف عند المصنف برقم (٢٦٥٠).
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ١٥٥، وأحمد (٧٩٤٠)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٣٣٢)، وابن حبان في «الثقات» ١/ ١٨٢، والحاكم ٤/ ٧٧ - ٧٨، وأبو القاسم ابن بشران في «أماليه» (٤٣) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. على الجزم.
وأخرجه الدارمي (٢٧٦١) عن عمرو بن عاصم، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٠/ ١٦٠ من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. على الترجي.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب سلف عند المصنف برقم (٢٦٥٠).
(١) إسناده صحيح. محمَّد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري.
وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٧٦٥).

كيف تجدني؟ قال: أجِدُك قَرْنًا (١)، قال: فرفَعَ عليه الدَرَّة، فقال: قَرنُ مَهْ؟ فقال: قَرن حديدٌ، أمينُ شديدُ، قال: كيف تجدُ الذي يجيءُ بعدي؟ فقال: أجِدُه خليفةً صالحًا غير أنه يُؤثرُ قرابتَه، قال عمر: يرحمُ الله عثمان! ثلاثًا، قال كيف تجد الذي بعدَه؟ قال: أجده صدأ حديد، فوَضَعَ عمرُ يدَه على رأسه فقال: يا دَفراه يا دفراه، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه خليفةٌ صالحٌ، ولكنه يُستخلَفُ حين يُستخلَفُ والسيفُ مسلولٌ والدَّمُ مُهْراقٌ (٢).


(١) زاد في (١) وحدها: قرنًا من حديد. ومعناه: حِصنًا من حديد.
(٢) إسناده ضعيف، الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب -وإن وثقه العجلي وذكره ابن حبان- قال عنه الذهبي في «الميزان»: لا يُعرف. تفرد عنه شيخ. قلنا: فهو مجهولٌ، ثم إن في متنه نكارة شديدة.
وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلام في «غريب الحديث» ٣/ ٢٣٥، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣٩/ ١٨٩ من طريق يزيد بن هارون، عن سعيد بن إياس الجرُيري، به. ورواية أبي عبيد مختصرة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٣٠ - ٣١ و١٥/ ٢١٤، وعنه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٠٧) عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، به.
قال الخطابي: الصدأ: ما يعلو الحديد من الدرن ويركبه من الوسخ، وقوله: يا دفراه يا دفراه، فإن الدفر -بفتح الدال غير المعجمة وسكون الفاء- النتن، ومنه قيل للدنيا: أم دَفْر، فأما الذَّفَر بالذال المعجمة وفتح الفاء - فإنه يقال لكل ريح ذكية شديدة من طيب أو نَتْن.
تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من (أ) و(ب) و(د) و(هـ)، وهو في رواية ابن العبد وابن داسه. وذكره المزي في «التحفة» (١٠٤٥٨) وقال: لم يذكره أبو القاسم وهو في الرواية. قلنا: يعني في رواية اللؤلؤى. كذا قال المؤي مع أن الأثر لم يرد في أكثر =

قال أبو داود: الَدَّفر: النَتُن.

١٠ - باب في فضل أصحاب رسول الله-ﷺ-
٤٦٥٧ - حدَّثنا عمرُو بن عونٍ، أخبرنا. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زُرارة بن أوفى
عن عِمران بن حُصَين، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «خَيرُ أُمَّتي القرنُ الذين بُعثتُ فيهم، ثم الذين يلونَهُم، ثم الذين يلونَهُم -والله أعلمُ أذكر الثالث أم لا- ثم يظهرُ قوم يَشهدُون ولا يُستَشهدُون، ويَنذُرون ولا يُوفُون، ويخونُونَ ولا يُؤتَمنون، ويفشُو فيهم السِّمَنُ» (١).


= الأصول التي برواية اللؤلؤي، ثم هو في (ب) و(د) بخط مغاير لخط الناسخ جاء ملحقًا. وفي آخره في (ب) ما نصه: وجدنا هذه الزيادة هنا في بعض النسخ، وفي (د) ما نصه: هذه الزيادة نسخة أخرى. فالظاهر أنه ليس في رواية اللؤلؤي وإنما هو في رواية ابن العبد وابن داسه فقط، والله أعلم. ويؤيده أن الحافظ لما ذكره في نسخته أشار إلى أنه في رواية ابن العبد فقط، وإنما نسبناه لابن داسه أيضًا لأن (هـ) عندنا بروايته والأثر فيها.
(١) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري.
وأخرجه مسلم (٢٥٣٥)، والترمذي (٢٣٧١) من طريق قتادة بن دعامة، به. وأخرجه البخاري (٢٦٥١)، ومسلم (٢٥٣٥)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧٣٢) من طريق زهدم بن مضّرب، عن عمران بن حصين.
وأخرجه الترمذي (٢٣٦٩) و(٢٣٧٠) و(٢٤٥٤) و(٢٤٥٥) من طريق هلال بن يساف، عن عمران بن حصين. وقد اختُلف في هذا الإسناد كما بينه الترمذي فراجعه لزامًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٢٠) و(١٩٨٣٥) و(١٩٩٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٢٩) و(٧٢٢٩).

١١ - باب في النهي عن سبِّ أصحاب رسول الله-ﷺ-
٤٦٥٨ - حدَّثنا مُسدَّدُ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي صالح
عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسولُ الله-ﷺ: «لا تَسُبُوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أنفَقَ أحدُكُم مثلَ أحُدِ ذهبًا ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصيفَه» (١).
٤٦٥٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ بن قُدامة الثَّقفيُّ، حدَّثنا عمر ابن قيس الماصِرُ، عن عمرو بن أبي قُرَّة، قال:
كان حذيفةُ بالمَدَائن، فكانَ يَذْكُرُ أشياءَ قالها رسولُ الله-ﷺ لأناسِ من أصحابه في الغضب، فينطلق ناسٌ مِمن سَمعَ ذلك مِنْ حذيفة فيأتون سلمان، فيذكرون له قولَ حذيفة، فيقول سلمانُ: حذيفةُ أعلم بما يقول، فيرجِعُون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولَك لسلمانَ فما صدَّقَكَ ولا كَذَّبكَ، فأتى حذيفةُ سلمانَ، وهو في مَبْقَلةِ فقال:


(١) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمَّد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكر ان السمان.
وأخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١)، والترمذي (٤١٩٨) و(٤١٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٢٥٠) من طريق الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٩٤).
وأخرجه مسلم (٢٥٤٠) (٢٢١) وبإثر (٢٥٤١) (٢٢٢)، وابن ماجه (١٦١) من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. فجعلاه من مسند أبي هريرة، وهو وهم، والصواب أنه عند أبي صالح عن أبي سعيد الخدري، نبه إلى ذلك الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» ٣/ ٣٤٣ - ٣٤٤، والحافظ ابن حجر في «الفتح» ٧/ ٣٥ - ٣٦ بتفصيل، قال الحافظ ابن حجر: قد وجدته في نسخة قديمة جدًا من ابن ماجه قرئت في سنة بضع وسبعين وثلاث مئة وهي في غاية الإتقان وفيها: عن أبي سعيد.

يا سلمان، ما يمنعكَ أن تُصَدِّقني بما سمعتُ من رسول الله-ﷺ؟ فقال سلمان: إن رسولَ الله ﷺ كان يَغْضَبُ، فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويَرضَى، فيقول في الرِّضا لناسٍ من أصحابه، أما تنتهي حتى تورِّثَ رجالًا حبَّ رجالٍ ورجالًا بُغْضَ رجال، وحتى تَوقِعَ اختلافًا وفُرقةً؟ ولقد علمتَ أن رسولَ الله ﷺ خطب، فقال: «أيُّما رجُلِ من أمتى سببتُه سَبّةً أو لعنته لَعنةً في غضبي، فإنما أنا مِنْ ولدِ آدمَ أغضبُ كما يغضَبون، وإنما بعثني رحمةً للعالمين، فاجْعَلْها عليهم صلاةً يومَ القيامة» والله لتنتهينَ أو لأكتبنَّ إلى عُمَرَ (١).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (٢٣٧٠٦)، والبخاري في «التاريخ الأوسط» ١/ ٧٢، والطبراني في «الكبير» (٦١٥٦)، والمزي في ترجمة عمر بن قيس الماصر من «تهذيب الكمال» ٢١/ ٤٨٦ من طريق زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد. ورواية البخاري مختصرة بقول سلمان لحذيفة: لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر.
وأخرجه البزار (٢٥٣٣) من طريق زائدة، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن أبي قرة، عن سلمان. مختصرًا بالمرفوع.
وأخرجه أحمد (٢٣٧٢١)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٢٣٤)، وفي «التاريخ الأوسط» ١/ ٧٢ من طريق مسعر، عن عمر بن قيس، عن عمرو بن أبي قرة، قال: عرض أبي على سلمان أخته فأبى، وتزوج مولاة له ... ثم ذكر نحو حديثنا هذا. لكن لفظ البخاري في «تاريخه» مختصر بقول سلمان لحذيفة: لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٣٣٨، والبزار (٢٥٣٢)، والطبراني في «الكبير» (٦١٥٧) من طريق مسعر، عن عمر بن في، عن عمرو بن أبي قرة قال: قال سلمان ... فذكر نحوه مختصرًا. وليس فيه ذكر أبيه أبي قرة. ورواية ابن أبي شيبة والبزار مختصرة بالمرفوع. وكذلك الطبراني إلا أنه زاد فيه قول سلمان لحذيفة: لتنتهين أو لأكتبن فيك إلى عمر.

١٢ - باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه
٤٦٦٠ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة، عن محمَّد ابن إسحاق، حدَّثني الزهري، حدَّثني عبدُ الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه
عن عبدِ الله بن زَمْعَةَ، قال: لما استُعِزَّ برسول الله-ﷺ عملى وأنا عنده في نفرٍ من المسلمينَ دعاهُ بلال إلى الصَّلاة، فقال: مُرُوا مَنْ يصَلي للناس، فخَرَج عبد الله بن زَمْعة، فإذا عُمرَ في الناس، وكان أبو بَكْرٍ غائبًا، فقلت: يا عُمرُ، قُمْ فصل بالناس، فتقدّم فكَبَّر، فلما سَمِعَ رسولُ الله-ﷺ-صوتَهُ -قال وكان عُمرُ رجلًا مجهرًا- قال: «فأين أبو ْبكرٍ؟ يأبَى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون» فبعث إلى أبي بكرٍ فجاءَ بعد أن صَلى عُمرُ تلك الصلاة، فصلَّى بالناس (١).


=وقوله: «أيما رجل من أمتي» إلى قوله: «يوم القيامة» أخرجه من طريق آخر أحمد (٧٣١١) والبخاري (٦٣٦١) ومسلم (٢٦٠١) من حديث أبي هريرة رفعه، لفظ مسلم «اللهم إني أنا بشر، فأيما رجُل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة» وفي رواية له: «اللهم إنما محمَّد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدًا لن تخلفنيه، فأيما مومن آذيته أو سببته أو جلدته، فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك إلى يوم القيامة».
والمبقلة: مزرعة البقل، والبقل: كل نبات اخضرت به الأرض.
(١) ضعيف. محمَّد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- وإن جاء تصريحه بالتحديث هنا لا يُعتد بهذا التصريح، وذلك أنه رواه عن عبد الله بن محمَّد النفيلي ابنُ أبي شعيب الحراني عند الطبراني في «الكبير» ١٣/ (٤٤٦)، وأحمد بن عبد الرحمن بن زيد الحراني عند الطبراني في «الأوسط» (١٠٦٥) فلم يذكر تصريح ابن إسحاق بالتحديث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ورواه كذلك سليمان بن عُمر بن خالد الرقي عند ابن أبي عاصم في «السنة» (١١٦١) عن محمَّد بن سلمة، ولم يذكر فيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث.
ويؤيد عدم سماع ابن إسحاق لهذا الخبر: أن إبراهيم بن سعد قد رواه عند أحمد في «مسنده» (١٨٩٠٦)، ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣٠/ ٢٦٢، فقال فيه: عن ابن إسحاق، قال: وقال ابن شهاب الزهري ... وقد قال الإِمام أحمد: ان ابن إسحاق يدلس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعو إذا كان سماعٌ قال: حدثني، إذا لم يكن قال: قال. قلنا: وهذا ما فعله ابنُ إسحاق في إسناد أحمد.
وكذلك هو في «سيرة ابن هشام» ٤/ ٣٠٣ كما رواه إبراهيم بن سعد على السواء. ورواه أيضًا عبد الأعلي بن عبد الأعلى عند يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ»١/ ٢٤٣، وزياد بن عبد الله البكائي عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٢٥٣) كلاهما عن ابن إسحاق. ولم يذكرا فيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث.
وما جاء من تصريحه عند الحاكم ٣/ ٦٤٠ - ٦٤١ من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، فوهم كذلك؛ لأن الطحاوي قد رواه (٤٢٥٤) من طريق أحمد بن عبد الجبار أيضًا عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق.
فزاد راويًا بين ابن إسحاق والزهري هو يعقوب بن عتبة بن المغيرة. وأحمد بن عبد الجبار فيه ضعف.
فحصل بذلك أن ما جاء عند المصنف هنا، وما جاء في رواية محمَّد بن يحيى الذهلي عن عبد الله بن محمَّد النفيلي عند الضياء المقدسي في «المختارة» ٩/ (٣١٤) وما جاء في يونس بن بكير عند الحاكم من تصريح ابن إسحاق بالتحديث وهمٌ بلا ريب، والله أعلم.
وله طرق أخرى عن الزهرى كلها ضعاف لا يصح منها شيء كما بيناه في «مسند أحمد» (١٨٩٠٦). ومنها الطريق الآتي بعده.
وأخرجه عبد الرزاق (٩٧٥٤) عن معمر، قال الزهري: قال النبي-ﷺ، وهذا هو الصحيح عن الزهري أنه من بلاغاته، وبلاغات الزهري لا شيء، وهو في «مسند أحمد» عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري بلاغًا كذلك ضمن حديث عائشة (٢٤٠٦١).

٤٦٦١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثني موسى بنُ يعقوبَ، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن ابنِ شهابٍ، عن عُبيدِ الله بن عبد الله ابن عتبة، أن عبدَ الله بن زَمْعَةَ أخبره بهذا الخبر، قال:
لما سَمِعَ النبي-ﷺ-صوتَ عُمرَ- قال ابنُ زَمْعَةَ:- خرج النبيُّ ﷺ حتى أطلعَ رأسَه مِن حُجرته، ثم قال: «لا، لا، لا، ليصلّ للناسِ ابنُ أبي قُحَافةَ» يقول ذلك مُغضَبًا (١).


= ويخالفه ما جاء في صحيح مسلم (٤١٨) أن النبي-ﷺ-أرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله-ﷺ-يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر- وكان رجلًا رقيقًا-: يا عمر، صل بالناس. فقال عمر: أنت أحق بذلك. فصلى بهم أبو بكر.
وقد روى صلاة أبي بكر بالناس: العباسُ وابن عباس وأبو موسى الأشعري، وعائشة كما سلف بيانه في «مسند أحمد» (١٨٩٠٦). وليس في شيء منها أن عمر صلى، ثم أعاد بهم أبو بكر تلك الصلاة كما في هذه الرواية.
قال الخطابي: يقال: استُعِزّ بالمريض: إذا غُلب على نفسه من شدة المرض، وأصله من العزّ، وهو الغلبة والاستيلاء على الشيء، ومن هذا قولهم: مَن عَزَّ بَزَّ، أي: غَلَب وسَلَب.
وقوله: وكان رجلًا مُجهرًا: أي: صاحب جَهر ورفع لصوته، يقال: جهر الرجلُ صوته، ورجل جَهير الصوت وجَهير المنظر، وأجهر: إذا عُرف بشدة جهر الصوت، فهو مُجهِر.
(١) إسناده ضعيف لضعف موسى بن يعقوب. وعبد الرحمن بن إسحاق قال عنه البخاري: ليس ممن يعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه. ابن أبي فديك: هو محمَّد بن إسماعيل. وأخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٤٥٤، وابن أبي عاصم في «السنة» (١١٦٠) من طريق ابن أبي فديك، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.

١٣ - باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة
٤٦٦٢ - حدَّثنا مُسدَّدُ ومسلم بن إبراهيم، قال: حدَّثنا حمادُ، عن عليٍّ بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة (ح).
وحدَّثنا محمدُ بنُ المُثُنَّى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله الأنصاريُّ، حدَّثني الأشعثُ، عن الحسن عن أبي بكرة، قال: قال رسولُ الله-ﷺ للحسن بن عليٍّ: «إنَّ ابني هذا سيِّدٌ، وإني أرجُو أن يُصلحَ الله به بين فئتين من أمتي». وقال عن حماد: «ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بين فئتين من المسلمين عظيمتين» (١).
٤٦٦٣ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ، أخبرنا هشامٌ، عن محمَّد، قال: قال حُذَيفة: ما أحد من الناس تُدْرِكُه الفتنةُ إلا أنا أخافُها عليه إلا


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، والحسن: هو البصري. وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني.
وأخرجه البخاري (٢٧٠٤) و(٣٦٢٩)، والترمذي (٤١٠٧)، والنسائي في «الكبرى» (١٧٣٠) من طريقين عن الحسن، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٦٤).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ٣١١: السيد يقال اشتقاقه من السواد، أي: هو الذي يلي السواد العظيم ويقوم بشأنهم. وفي الخبر دليل على أن واحدًا من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة من قول أو فعل عن ملة الإِسلام، إذ قد جعلهم النبي-ﷺ مسلمين.
وهكذا سبيل كل متأول فيما تعاطاه من رأي ومذهب دعا إليه إذا كان قد تأوله بشبهة وإن كان مخطئًا فى ذلك. ومعلوم أن إحدى الفئتين كانت مصيبة والأخرى مخطئة. وقد خرج مصداق هذا القول فيه بما كان من إصلاحه بين أهل الشام وأهل العراق، وتخليه عن الأمر خوفًا من الفتنة، وكراهية إراقة الدم، ويُسمى ذلك العام سَنَةَ الجماعة.

محمدَ بن مَسلَمةَ، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: لا تَضرُّكَ الفتنة» (١).
٤٦٦٤ - حدَّثنا عمرُو بن مرزوقٍ، أخبرنا شُعبةُ، عن الأشعث بن سُليم، عن أبي بُردة
عن ثعلبة بن ضُبيعةَ، قال: دخلنا على حُذَيفة، فقال: إني لأعرفُ رجلًا لا تَضُرُّه الفتنُ شيئًا، قال: فخرجنا، فإذا فُسطاط مضروب، فدخلنا، فإذا فيه محمدُ بن مَسلَمةَ، فسألناه عن ذلك، فقال: ما أريدُ أن يَشتملَ على شيءٌ من أَمصارِهم حتى تنجليَ عما انْجلَت (٢).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد فيه انقطاع، فإن محمَّد بن سيرين لم يسمع من حذيفة بن اليمان، نقله أبو زرعة العراقي في «تحفة التحصيل» ص ٢٧٨ عن المزي في «التهذيب» فقال: ان روايته (يعني محمَّد بن سيرين) عن حذيفة وأبي الدرداء مرسلة قال أبو زرعة: لم أر ذلك في «التهذيب» بل ذكر روايته عنهما ساكتًا عليها، وروايته عن حذيفه في «سنن» أبي داود، وابن ماجه، وعن أبي الدرداه في «سنن النسائي».
الحسن بن علي: هو الخلال، ويزيد: هو ابن هارون، وهشام: هو بن حسان الأزدي، ومحمد: هو ابن سيرين. ويعضده ما بعده.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ١٥/ ٥٠ عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
(٢) حسن بما قبله، أبو بردة: هو ابن أبي موسى، وأشعث بن سليم، هو ابن أبي الشعثاء، وثعلبة بن ضبيعة مختلف في اسمه، ويقال له: ضبيعة بن حصين الثعلبي. ذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٣/ ٤٣٣ - ٤٣٤ من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بهذا الإسناد. وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه أيضًا ٣/ ٤٣٤ من طريق سفيان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبي بردة قال: قال حذيفة: إني لأعرف رجلًا ... فذكره. وأسقط من إسناده ثعلبة بن ضبيعة. وقال الحاكم: هذه فضيلة كبيرة بإسناد صحيح.
وانظر ما بعده.

٤٦٦٥ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانة، عن أشعثَ بن سُليمٍ، عن أبي بُردة، عن ضُبيعة بن حُصينٍ الثَّعلبيِّ بمعناه (١).
٤٦٦٦ - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم الهذلُىُّ، حدَّثنا ابنُ عُليهَ، عن يونس، عن الحسن
عن قيس بن عُباد، قال: قلت لعلي: أخبرنا عن مَسيرِكَ هذا، أعَهْدٌ عَهِدهَ إليك رسولُ الله-ﷺ أم رأيٌ رأيتَه؟ فقال: ما عَهِدَ إلىَّ رسولُ الله-ﷺ بشيءٍ، ولكنَّه رأىٌ رأيتُه (٢).
٤٦٦٧ - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا القاسمُ بن الفضْل، عن أبي نضرةَ
عن أبي سعيدِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «تمرُقُ مارقةٌ عند فُرقةٍ من المسلمين يقتُلُها أولى الطَّائفتين بالحق» (٣).


(١) حسن بما قبله، وهذا سند موقوف على حذيفة، أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري.
أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٣/ ٤٤٤ - ٤٤٥ عن عفان بن مسلم، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وفيه قصة.
(٢) إسناده صحيح، ابن علية: هو إسماعيل، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار، والحسن: هو البصري.
وأخرجه الخطيب البغدادي في «الموضح» ١/ ٣٩٣ من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي معمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٧١) وانظر حديث قيس المطول في «المسند» (١٢٠٧).
قوله: أخبرنا عن مسيرك هذا، أي: إلى بلاد العراق لقتال معاوية أو مسيرك إلى البصرة لقتال الزبير رضي الله عهم.
(٣) إسناده صحيح، أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة.
وأخرجه مسلم (١٠٦٥) (١٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٤٥٧) من طريقين عن القاسم بن الفضل، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١١٩٦) و(١١٢٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٣٥).

١٤ - باب في التخيير بين الأنبياء
٤٦٦٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيبٌ، حدَّثنا عمرٌو -يعني ابن يحيى- عن أبيه
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال النبيُّ ﷺ: «لا تُخيِّروا بين الأنبياء» (١).
٤٦٦٩ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أبي العالية
عن ابنِ عبَّاسٍ، عن النبيِّ-ﷺ قال: «ما ينبغي لعبدٍ أن يقول: إني خيرٌ من يونسَ بنِ متَّى» (٢).


(١) إسناده صحيح، وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وعمرو بن يحيى: هو المازني، وأبوه: هو يحيى بن عمارة بن أبي الحسن.
وأخرجه البخاري (٢٤١٢) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد، وفيه قصة.
وأخرجه البخاري (٦٩١٦)، ومسلم (٢٣٧٤) (١٦٣) من طريق سفيان الثوري، عن عمرو بن يحيى، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٦٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٢٣٧).
قوله: «لا تخيروا» قال السندي: من التخيير، أرشدهم إلى ما ينبغي لهم من التأدب مع الكل، إذ التخيير ربما يؤدي إلى التنقيص وسوء الأدب، وهذا لا ينافي أن يكون بعضهم أفضلَ كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥٣].
(٢) إسناده صحيح، أبو العالية: هو رفيع بن مهران.
وأخرجه البخاري (٣٤١٣) عن حفص بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٣٩٥)، ومسلم (٢٣٧٧) (١٦٧) من طريق محمَّد بن جعفر، عن شعبة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦٢٤١).

٤٦٧٠ - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى الحرَّانىُّ، قال: حدَّثني محمدُ بنُ سَلمَة، عن محمَّد بن إسحاقَ، عن إسماعيل بن أبي حكيمٍ، عن القاسم بن محمَّد
عن عبدِ الله بن جعفرِ، قال: كان رسولُ الله ﷺ يقول: «ما يَنبغي لنبىٍّ أن يقولَ: إني خيرٌ من يونسَ بن مَتَّى» (١).
٤٦٧١ - حدَّثنا حجاجُ بن أبي يعقوبَ ومحمدُ بن يحيى بن فارس، قالا: حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابنِ شهابٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رجلٌ من اليهود: والذي اصْطَفى موسى، فرفعَ المسلمُ يدَه فلَطَمَ وجه اليهودىِّ، فذهب اليهوديُّ إلى النبيِّ ﷺ فأخبره، فقال النبيٌّ ﷺ «لا تُخيِّروني على موسى، فإن الناسَ يُصْعَقون


(١) صحيح بما قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة محمَّد بن إسحاق.
محمَّد بن سلمة: هو ابن عبد الله الباهلي، والقاسم بن محمَّد: هو ابن أبي بكر الصديق.
وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٧٥٧) عن أحمد بن عبد الملك، عن محمَّد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في»مسنده«(٦٧٩٣) من طريق يونس بن بكير، والخطيب البغدادي في»تاريخه«١٠/ ١٣٨ من طريق سعيد بن بزيع، كلاهما عن محمَّد بن إسحاق، به.
ويشهد له ما قبله.
وفي الباب عن ابن مسعود أخرجه البخاري (٣٤١٢)، وهو في»المسند«(٣٧٠٣).
وعن أبي هريرة أخرجه البخاري (٣٤١٦)، ومسلم (٢٣٧٦)، وهو في»المسند" قال الخطابي: وإنما خص يونس بالذكر فيما نرى -والله أعلم- لما قصه الله تعالى علينا من شأنه، وما كان من قلة صبره على أذى قومه، فخرج مغاضبًا لهم، ولم يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.

فأكون أؤَّل من يُفيقُ، فإذا موسى باطِشٌ في جانب العرش، فلا أدري أكان ممن صُعِقَ قبلي، أو كان ممن استثنَى الله عز وجل» (١).
قال أبو داود: وحديثُ ابن يحيى أتّمُ.
٤٦٧٢ - حدَّثنا زيادُ بن أيوب، حدَّثنا عبدُ الله بنُ إدريسَ، عن مختار بن فُلفُل يذكرُ عن أنس، قال: قال رجل لرسول الله ﷺ: يا خيرَ البرية، فقال رسولُ الله ﷺ:«ذاكَ إبراهيم» (٢).


(١) إسناده صحيح، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري. وأخرجه مسلم (٢٣٧٣) (١٦٠) عن زهير بن حرب وأبي بكر، كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٤١١) عن يحيى بن قزعة، عن إبراهيم بن سعد، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٧١٠) و(١١٣٩٣) من طريق يونس بن محمَّد، عن إبراهيم بن سعد، به، وليس فيه قصة لطم اليهودي.
وأخرجه ابن ماجه (٤٢٧٤)، والترمذي (٣٥٢٦) من طريق محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، به. وفيه زيادة.
وأخرجه مسلم (٢٣٧٣) (١٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (١١٣٩٤) من طريق عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة وعندهما زيادات، وليس عند النسائي قصة لطم اليهودي.
وأخرجه مسلم (٢٣٧٣) (١٦١) من طريق شعيب، عن الزهري ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣١١).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٦٢٨) عن زياد بن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٣٦٩) (١٥٠)، والنسائي (١١٦٢٨) عن محمَّد بن العلاء أبي غريب، والنسائي (١١٦٢٨) عن الحسن بن إسماعيل، كلاهما عن عبد الله بن إدريس، به. =

٤٦٧٣ - حدَّثنا عمرُو بن عثمان، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن أبي عمّارِ، عن عبدِ الله بن فَرُّوخَ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«أنا سيِّدُ ولدِ آدم، وأولُ مَنْ تنشقُّ عنه الأرضُ، وأوَّل شافع، وأوَّل مشفَّعٍ» (١).
٤٦٧٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِلِ العسقلانيُّ ومخلدُ بنُ خالدٍ الشَّعيرىُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيد ابن أبي سعيدٍ


=وأخرجه مسلم (٢٣٦٩) و(٢٣٦٩) (١٥٠)، والترمذي (٣٦٤٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٦٢٨) من طريق عن المختار بن فلفل، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٨٢٦).
قال النووي في «شرح مسلم» ١٥/ ١٢١: قال العلماء: إنما قال- هذا تواضعًا واحترامًا وإبراهيم عليه السلام لخُلَّته وأُبوَّته، وإلا فنبيُّنا ﷺ أفضل كما قال ﷺ: «أنا سيدُ ولد آدم» (سيأتي بعد هذا الحديث) ولم يقصد به الافتخار ولا التطاول على من تقدمه، بل قاله بيانًا لما أمر ببيانه وتبليغه، ولهذا قال ﷺ: «ولا فخر» لينفي ما قد يتطرق إلى بعض الأفهام السخيفة.
(١) صحيح، والوليد: وهو ابن مسلم وإن كان مدلسًا قد توبع. الأوزاعي: هو عبد الرحمن، وأبو عمار: هو شداد بن عبد الله.
وأخرجه مسلم (٢٢٧٨) من طريق هقل بن زياد، عن عبد الرحمن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٩٧٢).
وقوله ﷺ: «أنا سيد ولد آدم» وروي أيضًا في أول حديث الشفاعة الذي أخرجه البخاري (٤٧١٢)، ومسلم (١٩٤) (٣٢٧) من طريق أبي زرعة بن جرير، عن أبى هريرة: فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (٩٦٢٣).
وانظر حديث أبي سعيد الخدري في «المسند» (١٠٩٨٧)، ففيه تمام أحاديث الباب.

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ما أدرِي تبَّعٌ ألَعينٌ هو أم لا، وما أدري أعُزَيزٌ نبىٌّ هو أم لا» (١).
٤٦٧٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره
أن أبا هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «أنا أولى الناس بابنِ مريم، الأنبياءُ أولادُ عَلّاتٍ، وليسَ بيني وبينه نبىٌّ» (٢).


(١) رجاله ثقات، لكن أعل بالإرسال، قال الدارقطني فيما نقله عنه الحافظ ابنُ عساكر في: «تاريخه» ١١/ ٤: تفرد به عبد الرزاق، ونقل عنه أيضًا الحافظ ابن حجر في «تخريج أحاديث الكشاف» ٤/ ١٤٨، و«الفتح» ١/ ٦٦ قوله: تفرد بوصله عبد الرزاق وغيره أرسله. عبد الرزاق: هو ابن همام، ومعمر: هو ابن راشد، وسعيد بن أبي سعيد: هو المقبري.
وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» ٧/ ٢٤٢، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٣٦ و٢/ ١٤، والبيهقي في «السنن» ٨/ ٣٢٩، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» ٢/ ٥٠ وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١١/ ٤ من طرق عن عبد الرزاق بن همام، بهذا الإسناد بلفظ: «ما أدري أتبع لعينًا كان أم لا، وما أدري ذو القرنين نبيًا كان أم لا، وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا».
وأورده البخاري في «تاريخه الكبير»، ١/ ٥٣ مرسلًا ومسندًا، وقال عن المرسل: هو أصح ولا يثبت هذا عن النبي ﷺ لأن النبي ﷺ قال: «الحدود كفارة».
وانظر لزامًا ما علقناه على حديث سهل بن سحد من «مسند أحمد» (٢٢٨٨٠) «لا تسبوا تبعًا فإنه قد كان قد أسلم».
(٢) صحيح، ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد بن أبى النجاد.
وأخرجه مسلم (٢٣٦٥) (١٤٣) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٤٤٢) من طريق شعيب، عن ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه مسلم (٢٣٦٥) (١٤٤) من طريق الأعرج، عن أبي سلمة، به. =

١٥ - باب في ردِّ الأرجاء
٤٦٧٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا سهيلُ بن أبي صالح، عن عبدِ الله بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «الإيمانُ بضعٌ وسبعون، أفضلُها قولُ لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ العَظْمِ عن الطريق، والحياءُ شعبةٌ من الإيمان» (١).


= وأخرجه البخاري (٣٤٤٣) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، ومسلم (٢٣٦٥) (١٤٥) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٢٩)، و«صحيح ابن حبان»، (٦١٩٤) و(٦٤٠٦).
وقوله: «أولى» بمعنى أقرب، ولما لم يكن بينهما نبي كانا كأنهما في زمن واحد.
والعلات بفتح العين المهملة وتشديد اللام، واحدة عَلة: وهم الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد، أراد أن إيمانهم واحد، وشرائعهم مختلفة. قاله في «النهاية».
(١) صحيح، حماد هو ابن سلمة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه مسلم (٣٥) (٥٨)، وابن ماجه بإثر الحديث (٥٧) من طريق جرير، وابن ماجه (٥٧)، والترمذي (٢٨٠١) من طريق سفيان، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، به. وعندهم بلفظ: «الأذى».
وأخرجه البخاري (٩)، ومسلم (٣٥) (٥٧) من طريق سليمان بن بلال، عن عبد الله
ابن دينار، به. دون قوله: «وأدناها إماطة العظم عن الطريق».
وهو في المسند«(٨٩٢٦) و(٩٣٦١)، و»صحيح ابن حبان«، (١٦٦). البضع بكسر أوله وهو عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع كما جزم به القزاز. قال الخطابي: وفي هذا الحديث بيان أن الإيمان الشرعي اسم لمعنى ذي شُعَبِ وأجزاء له أعلى وأدنى، فالاسم يتعلق ببعضها كما يتعلق بأكلها، والحقيقة تقتضي جميع شعبها وتستوفيها، ويدل على ذلك قوله:»والحياء شعبة من الإيمان" فأخبر أن الحياء إحدى تلك الشعب.

٤٦٧٧ - حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بنِ حنبل، حدَّثني يحيى بن سعيدٍ، عن شُعبة، حدَّثني أبو جَمرَة، قال:
سمعت ابن عباس قال: إن وقد عبد القيس لما قَدِمُوا على رسولِ الله ﷺ أمرهم بالايمان بالله، قال: «أتدرونَ ما الإيمانُ بالله؟» قالوا: الله ورسولُه أعلمُ، قال: «شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله ﷺ، وإقامُ الصلاة وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضانَ، وأن تعطُوا الخُمُسَ من المَغنَم» (١).
٤٦٧٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزبير
عن جابر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «بين العبدِ وبين الكفر تركُ الصلاة» (٢).


= وفي هذا الباب إثبات التفاضل في الإيمان وتباين المؤمنين في درجاته.
ومعنى قوله: «والحياء شعبة من الإيمان، أن الايمان يقطع صاحبه عن المعاصي، ويحجزه عنها، فصار بذلك من الإيمان، إذ الإيمان بمجموعه ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به، وانتهاه عما نهى الله عنه.
(١) صحيح، يحيى بن سعيد: هو القطان، وأبو جمرة: هو نصر بن عمران الضبعي.
وأخرجه البخاري (٥٣)، ومسلم (١٧)، والنسائي في»الكبرى«(٣٢٠) و(٥٨١٨) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٢٠٢٠)، و»صحيح ابن حبان" (١٧٢).
وقد سلف برقم (٣٦٩٢) من طريق حماد بن زيد وعبّاد بن عباد، كلاهما عن أبي جمرة، عن ابن عباس.
(٢) صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو الزبير -هو محمَّد بن مسلم بن تدرس- وإن كان مدلسًا، وقد عنعنه إلاَّ أنه صرح بالسماع عند مسلم، وهو متابع.
وأخرجه ابن ماجه (١٠٧٨) عن علي بن محمَّد، والترمذي (٢٨٠٨) عن هناد، كلاهما عن وكيع، بهذا الإسناد. =

١٦ - باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه
٤٦٧٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن بكر بن مُضَر، عن ابن الهاد، عن عبدِ الله بن دينار
عن عبدِ الله بن عُمرَ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «ما رأيتُ من ناقصات عَقلٍ ولا دين أغلبَ لذي لُبٍّ منكنَّ»، قالت: وما نقصانُ العقل والدين؟ قال: «أما نقصانُ العقلِ فشهادةُ امرأتين شهادةُ رجُلٍ، وأما نقصانُ الذين، فإن إحداكُنَّ تُفْطِرُ رمضانَ، وتقيمُ أيَّامًا لا تصلَّي» (١).


= وأخرجه مسلم (٨٢) (١٣٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٢٨) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، به.
وأخرجه مسلم (٨٢)، والترمذي (٢٨٠٦) و(٢٨٠٧) من طريق أبي سفيان طلحة ابن نافع، عن جابر، به.
وهو في «مسند أحمد»، (١٤٩٧٩) و(١٥١٨٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٥٣).
والكفرُ الوارد في هذا الحديث محمول على سبيل التغليظ والتشبيه له بالكفار، لا على الحقيقة، أو بأنه كفر عملي لا يُعدُّ المتلبِّس به خارجًا عن الملّة، كقوله عليه السلام: «سبابُ المسلم فسوق، وقتاله كفر»، وقوله: «كفرٌ بالله تبرّؤ من نسب ان دق» وقوله: «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما»، وقوله:«من أتى امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمَّد». وانظر «شرح السنة» ٢/ ١٧٩ - ١٨٠.
(١) صحيح، ابن وهب: هو عبد الله، وابن الهاد: هو يزيد.
وأخرجه مسلم بإثر (٧٩) عند أبي الطاهر، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٧٩) (١٣٢)، وابن ماجه (٤٠٠٣) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، به.
وزادوا في أوله: «يا معشر النساء تصدَّقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثرَ أهل النار» فقالت امرأةٌ منهن، جزلةٌ: وما لنا يا رسول الله ﷺ أكثرَ أهل النار. قال: «تكثرن اللعن، وتكفُرنَ العَشير، وما رأيت ناقصات عقل ...» فذكروا الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٤٣). =

٤٦٨٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنبارىُّ وعثمان بن أبي شيبةَ المعنى - قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن سماكِ، عن عِكرِمَة
عن ابنِ عباس، قال: لما توجَّه النبيَّ ﷺ إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله ﷺ، فكيف الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالي: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة:١٤٣] (١).
٤٦٨١ - حدَّثنا مُؤمَّلُ بن الفضل الحرّانيّ، حدَّثنا محمدُ بنُ شعيب -يعني ابنَ شابُور- عن يحيى بن الحارث، عن القاسم
عن أبي أمامة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «مَن أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكملَ الإيمان» (٢).


= قال السندي في «حاشيته على المسند»: قولها: وما نقصان العقل والدين، أي: وما دليل ذلك؛ أي: أي دليل تبين به نقصانُ عقل النساء ودينهن؟ فاستدل على نقصان العقل بما ترتب عليه من كون شهادة المرأة كنصف شهادة الرجل، فإن هذا مترتب على نقصان عقلهن ومسبب عنه، لا أنه علة له، واستدل على نقصان دينهن بما هو سبب له، فإن مكثهن الليالي بلا صلاة وصوم سبب لنقصان دينهن، فالدليل الأول إنِّي، والثاني لِمِّي، ولكن مطلق الدليل يشملهما، ومن هنا ظهر أنه لا ينبغي أن يكون السؤال عن سبب النقصان، إذ لا يوافقه الجواب في بيان نقصان العقل.
(١) صحيح لغيره، وهذا سند ضعيف؛ لأن في رواية سماك وهو ابن حرب عن عكرمة اضطرابًا. سفيان: هو الثوري، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه الترمذي (٣٢٠٢) عن هناد وأبي عمار، قالا: حدَّثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس. فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩١) و(٢٧٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (١٧١٧).
ويشهد له حديث البراء بن عازب عند البخاري في «صحيحه»، برقم (٤٠).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناده حسن، القاسم: هو ابن عبد الرحمن الدمشقى (صاحب أبي أمامة). وثقه البخاري وابن معين ويعقوب بن سفيان والترمذي وغيرهم، =

٤٦٨٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أكمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهُم خُلُقاَ» (١).


= وضعفه المفضل بن غسان الغلابي وابن حبان. والمناكير التي تقع في حديثه إنما هي من رواية بعض الضعفاء عنه مثل جعفر بن الزبير وعلي بن يزيد وبشر بن نمير ونحوهم.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٧٣٧) من طريق صدقة بن خالد، و(٧٧٣٨) من طريق سريد بن عبد العزيز كلاهما عن يحيى بن الحارث، بهذا الإسناد. وزاد في آخره: «وإن من أقربكم إليّ يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا».
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٦١٣)، وفي «الشاميين»، (١٢٦٠) و(٣٤٤٧) من طريق النعمان بن المنذر عن مكحول الشامى ويحيى بن الحارث كلاهما عن القاسم، به.
وأخرجه موقوفًا ابن أبي شيبة ١٣/ ٣٥٨ من طريق عبد الرحمن بن يزيد، عن القاسم، عن أبى أمامة. فذكره.
ويشهد له حديث معاذ بن سهل الجهني، أخرجه الترمذي (٢٦٩٢)، وهو في «مسند أحمد» (١٥٦١٧) و(١٥٦٣٨). وإسناده حسن.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري مقرونًا، ومسلم متابعةً، وهو حسن الحديث.
وأخرجه الترمذي (١١٩٦) من طريق عبدة بن سليمان، عن محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد. وزاد: «وخياركم خياركم لنسائهم».
وله طرق وشواهد مذكررة في تعليقنا على حديث «المسند» (٧٤٠٢) و(١٠١٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٧٦).
قال ابن رسلان: الخلق: هو عبارة عن أوصاف الإنسان الذي يعامل بها غيره، وهي منقسمة إلى محمودة ومذمومة، فالمحمودة منها صفات الأنبياء والصالحين كالصبر عند المكاره والتحمل عند الجفاء، وحمل الأذى، والاحسان إلى الناس، والتردد إليهم، والرحمة بهم، والشفقة عليهم، واللين في القول ومجانبة المفاسد والشرور وغير ذلك، قال الحسن البصري: حقيقة حسن الخلق: بذل المعروف، وكف الأذى، وطلاقة الوجه.

٤٦٨٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا محمدُ بنُ ثور، عن مَعمرِ، قال: وأخبرني الزهريُّ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاصٍ
عن أبيه قال: أعطى النبيُّ- ﷺ -رجالًا، ولم يُعطِ رجلًا منهم شيئًا، فقال سعد: يا رسول الله، أعطيتَ فلانًا وفلانًا ولم تُعطِ فلانًا شيئًا، وهو مؤمن، فقال النبيُّ- ﷺ: «أو مسلم هو» حتى أعادها سعدُ ثلاثًا، والنبيُّ-ﷺ يقول: «أو مسلم هو»، ثم قال النبيُّ- ﷺ: «إني أعطي رجالًا وأدعُ مَنْ هو أحبُّ إلىّ منهم لا أعطيه شيئًا، مخافة أن يُكَبُّوا في النارِ على وجوهِهِم» (١).
٤٦٨٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا ابنُ ثَورٍ


(١) إسناده صحيح، معمر: هو ابن راشد، الزهري: هو محمَّد بن شهاب.
وأخرجه البخاري (٢٧)، ومسلم (١٥٥) (٢٣٧) من طرق عن الزهري، بهذا الاسناد.
وأخرجه البخاري (١٤٧٨)، ومسلم (١٥٠) (٢٣٧) من طريق إسماعبل بن محمَّد، عن محمَّد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه سعد.
وقوله: «أو مسلم» قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٨٠: هو بإسكان الواو لا بفتحها، فقيل: هي للتنويع، وقال بعضهم هي للتشريك، وأنه أمره أن يقولهما معًا لأنه أحوط، ويرد على هذا رواية ابن الأعرابي في«معجمه» (٢٠٨) في هذا الحديث، فقال: «لا تقولن: مؤمن، ولكن قل: مسلم»، فوضح أنها للإضراب، وليس معناه الإنكار، بل المعنى: أن إطلاق المسلم على من لم يُختَبر حاله الخبرة الباطنة أولى من إطلاق المؤمن؛ لأن الإسلام معلوم بحكم الظاهر.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٢٢) و(١٥٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٣).
وانظر ما بعده.
وسيأتي برقم (٤٦٨٥).

عن معمرٍ، وقال الزهري: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] قال: نُرى أن الإِسلامَ الكلمةُ، والإيمان العمل (١).
٤٦٨٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق (ح).
وحدَّثنا ابراهيمُ بنُ بشار، حدَّثنا سفيانُ -المعنى- قالا: حدَّثنا معمَر، عن الزهريِّ، عن عامر بن سعدٍ
عن أبيه: أن النبيَّ- ﷺ قَسَمَ بين المسلمين قَسْمًا، فقلت: أعطِ فلانًا، فإنه مؤمن، قال: «أوْ مسلمٌ، إني لأعطي الرَّجُلَ العطاء، وغيرُه أحبُّ إليَّ منه، مخافةَ أن يكبَّ على وجهه» (٢).
٤٦٨٦ - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، قال: واقدُ ابن عبد الله أخبرني، عن أبيه
أنَّه سَمِعَ ابن عمر يُحدث، عن النبيِّ ﷺ، أنه قال: «لا تَرْجِعُوا بَعْدي كفَّارًا، يَضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بعض» (٣).


(١) قول الزهري هذا رجاله ثقات وهو مقطوع.
وانظر ما قبله، وما بعده.
وقوله: إن الإِسلام الكلمة، أي: النطق بالشهادتين، والأيمان: العمل به من الاعتقاد والعمل بالجوارح.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه مختصرًا النسائي في «الكبرى» (١١٤٥٣) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٥٠) (٢٣٦) عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٣).
وانظر سابقيه.
(٣) إسناده صحيح، واقد ابن عبد الله، نُسِبَ لجد أبيه، واسمه: واقد بن محمَّد ابن زيد بن عبد الله. =

٤٦٨٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير، عن فُضَيل بن غَزوان، عن نافعٍ


= وأخرجه البخاري (٦٨٦٨) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦١٦٦) و(٧٠٧٧)، ومسلم (٦٦) (١١٩) (١٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٧٧) من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه مطولًا البخاري (٦٧٨٥) من طريق عاصم بن محمَّد، عن واقد، به.
وأخرجه البخاري (٤٤٠٣)، ومسلم (٦٦) (١٢٠)، وابن ماجه (٣٩٤٣) من طريق عمر بن محمَّد، عن أبيه محمَّد (والد واقد)، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٥٧٧) و(٣٥٧٨) من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن ابن عمر.
وأخرجه مرسلًا النسائي (٣٥٨٠) و(٣٥٨١) من طريق الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، وزاد النسائي في موضعه الأول: «لا يُؤخذُ الرجل بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه».
وهو في «مسند أحمد» (٥٥٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٨٧).
قال ابن حبان بإثر هذا الحديث في تفسير قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارًا: لم يرد به الكفر الذي يخرج عن الملة، ولكن معنى هذا الخبر: أن الشيء إذا كان له أجزاء يطلق اسم الكل على بعض تلك الأجزاء، فكما أن الإسلام له شُعب، ويطلق اسم الإِسلام على مرتكب شُعبة منها لا بالكلية، كذلك يُطلق اسم الكفر على تارك شعبة من شعب الإسلام، لا الكفر كله، وللإسلام والكفر مقدمتان لا تقبل أجزاء الإِسلام إلا ممن أتى بمقدمته، ولا يخرج من حكم الإسلام من أتى بجزء من أجزاء الكفر إلا من أتى بمقدمة الكفر، وهو الإقرار والمعرفة والانكار والجحد.
وقال الخطابي: هذا يتأول على وجهين، أحدهما: أن يكون معنى الكفار: المتكفرين بالسلام، يقال تكفَّر الرجل بسلاحه: إذا لبسه، فكفر به نفسه، أي: سترها، وأصل الكفر: الستر، ويقال: سمي الكافر كافرًا لستره نعمة الله عليه، أو لستره على نفسه شواهد ربوبية الله ودلائل توحيده وقال بعضهم: معناه: لا ترجعوا بعدي فرقًا مختلفين بضرب بعضكم رقاب بعض، فتكونوا بذلك مشاهين للكفار، فإن الكفار متعادون يضرب بعضهم رقاب بعض، والمسلمون متآخون يحقن بعضهم دماء بعض.

عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أيُّما رَجلٍ مسلمٍ أكفَرَ رَجُلًا مسلمًا: فإن كان كافرًا، وإلا كان هو الكافرَ» (١).
٤٦٨٨ - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُميرٍ، حدَّثنا الأعمشُ، عن عبدِ الله بن مُرّة، عن مَسروقٍ
عن عبدِ الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«أربعٌ مَنْ كُنً فيه فهو منافقٌ خالصٌ، ومَن كانت فيه خَلَّة منهن كان فيه خلَّة من نفاقِ حتى يَدَعَها: إذا حَدَّث كذبَ، وإذا وَعَدَ أخلفَ، وإذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فَجَرَ» (٢).


(١) إسناده صحيح، جرير: هو ابن عبد الحميد بن قُرْط.
وأخرجه مسلم (٦٠) (١١) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه البخاري (٦١٠٤)، ومسلم (٦٥) (١١)، والترمذي (٢٨٢٧) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٨٧) و(٤٧٤٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٤٩).
قال القرطبي المحدث: حيث جاء الكفر في لسان الشرع، فهو جحدُ المعلوم من دين الإِسلام بالضرورة الشرعية، وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم، وترك شكر المُنعِم والقيام بحقه (كما تقدم تقريره في كتاب الإيمان (من صحيح البخاري) في: باب كفر دون كفر، وفي حديث أبي سعيد «يكفرن الإحسان، ويكفرن العشير»)، وقوله: «فقد باء بها أحدهما» أي: رجع بإثمها ولازم ذلك، وأصل البوء اللزوم، ومنه «أبوء بنعمتك» أي: ألزمها نفسي وأقِرُّ بها، والهاء في قوله: «بها»راجع إلى التكفيرة الواحدة التي هي أقل ما يدل عليه لفظ كافر، ويحتمل أن يعود إلى الكلمة.
والحاصل: أن المقول له إن كان كافرًا كفرًا شرعيًا، فقد صدق القائل، وذهب بها المقول له، وإن لم يكن، رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه.
نقله عنه الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٤٦٦ - ٤٦٧ وقال: وهو من أعدل الأجوبة.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٥٨) (١٠٦) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. =

٤٦٨٩ - حدَّثنا أبو صالحٍ الأنطاكىُّ، أخبرنا أبو إسحاقَ الفزارىُّ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يَزْني الزَّاني حين يَزني وهو مُؤمِنٌ، ولا يَسرقُ حينَ يَسْرقُ وهُوَ مؤمنٌ، ولا يَشربُ الخمرَ حينَ يشرَبُها وهو مؤمنٌ، والتوبةُ معروضةٌ بعدُ» (١).


= وأخرجه البخاري (٣٤)، ومسلم (٥٨) (١٠٦)، والترمذي (٢٨٢١) من طريق سفيان، والنسائي في «الكبرى» (٨٦٨١) من طريق شعبة، كلاهما عن سليمان الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٧٦٨)، و«صحيح ابن حبان»، (٢٥٤).
قال السندي، قوله: «وإذا خاصم فجر»: الفجور في اللغة: الميل، وفي الشرع: الميل عن القصد، والعدول عن الحق، والمراد به ها هنا: الشتم والرمي بالأشياء القيحة والبهتان.
(١) إسناده صحيح، أبو صالح الأنطاكي: هو محبوب بن موسى، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمَّد بن الحارث.
وأخرجه البخاري (٦٨١٠)، ومسلم (٥٧) (١٠٤) و(١٠٥)، والترمذي (٢٨١٣)،
والنسائي في «الكبرى» (٧٣١٥) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٣١٤) من طريق القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، به.
وأخرجه البخاري (٢٤٧٥) و(٥٥٧٨) و(٦٧٧٢)،ومسلم (٥٧) (١٠٠) و(١٠١) و(١٠٢) و(١٠٣)، وابن ماجه (٣٩٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥١٤٩) و(٥١٥٠) و(٧٠٨٨ - ٧٠٩٥) من طرق عن أبي هريرة.
ورواه بعضهم دون قوله: «والتوبه معروضة بعد»، وزاد بعضهم: «ولا ينتهب نهبة، يرفع الناس إليه فيها أبصارهم، حين ينتهبها وهو مؤمن».
قال الخطابي: الخوارج ومن يذهب مذهبهم ممن يكفر المسلمين بالذنوب يحتجون به، ويتأولونه على غير وجهه، وتأويله عند العلماء على وجهين: =

٤٦٩٠ - حدَّثنا إسحاقُ بن سويد الرمْلىُّ، حدَّثنا ابنُ أبي مريم، أخبرنا نافعٌ -يعني ابن يزيدَ- حدَّثني ابنُ الهاد، أن سعيد بن أبي سعيدٍ المَقبُريَّ حَدَّثه
أنه سَمِعَ أبا هريرة يقول: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا زَنَى الرَّجُلُ خَرجَ منه الإيمانُ كان عليه كالظُّلَّة، فإذا أقلَعَ رَجَعَ إليه الإيمان» (١).


= أحدهما: أن معناه النهي وإن كانت صورته صورة الخبر، يريد: لا يَزنِ الزاني بحذف الياء، ولا يسرقِ السارقِ بكسر القاف على معنى النهي. يقول: إذ هو مؤمن لا يزني ولا يسرق ولا يشرب الخمر، فإن هذه الأفعال لا تليق بالمؤمنين ولا تشبه أوصافهم.
والوجه الآخر: أن هذا كلام وعيد لا يراد به الإيقاع، وإنما يقصد به الردع والزجر، فقوله: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» وقوله: «لا إيمان لمن لا أمانة له» وقوله: «ليس بالمسلم من لم يأمن جاره بوائقه» وهذا كله على معنى الزجر والوعيد أو نفي الفضيلة وسلب الكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان وإبطاله. وقد روي في تأويل هذا الحديث معنى آخر، وهو مذكور عند المصنف برقم (٤٦٩٠) بعد هذا الحديث فانظره.
وقال الإِمام النووي: الصحيح الذي قاله المحققون: أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وإنما تأولناه لحديث أبي: «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وسرق».
وقوله: «والتوبة معروضة» أي: على فاعلها بعد ذلك. قال النووي: قد أجمع العلماء على قبول التوبة ما لم يغرغر كما جاء في الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣١٨) و(٨٨٩٥)، و«صحيح ابن حبان» (١٨٦) و(٤٤١٢).
(١) إسناده صحيح، ابن أبي مريم: هو سعيد، وابن الهاد: هو يزيد.
وأخرجه ابن منده في «الإيمان» (٥١٩)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٢٢، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥٣٦٤) من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وذكره الترمذي بإثر الحديث رقم (٢٨١٣).

١٧ - باب في القدر
٤٦٩١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: عبدُ العزيز بن أبي حازم حدَّثني بمنًى، عن أبيه عن ابن عمر، عن النبيِّ ﷺ قال: «القَدَريَّة مَجُوسُ هذه الأمة: إنْ مَرِضُوا فلا تَعودُوهُم، وإن ماتوا فلا تَشْهدوهُمْ» (١).
٤٦٩٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن عُمَرَ بن محمَّد، عن عُمَرَ مولى غُفْرة، عن رجلِ من الأنصار
عن حُذيفة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لكلِّ أمَّة مجوسٌ، ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون: لا قَدَرَ، مَن مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومَنْ مرضَ منهم فلا تَعُودُوهم، وهم شِيعةُ الدَّجَّال، وحَقٌّ على الله أن يُلحِقَهم بالدَّجَّال» (٢).


(١) إسناده ضعيف، أبو حازم: هو سلمة بن دينار، قال المنذري في «مختصر سنن أبي داود» ٧/ ٥٨: هذا منقطع، أبو حازم سلمة بن دينار لم يسمع من ابن عمر، وقد روي هذا الحديث من طرق، عن ابن عمر ليس فيها شيء يثبت.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ١/ ٨٥، والبيهقي في السنن«١٠/ ٢٠٣ من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وانظر بسط الكلام عليه، وأحاديث الباب فيه، في»مسند" الإِمام أحمد حديث رقم (٥٥٨٤). فانظره لزامًا.
وانظر حديث حذيفة الآتي.
(٢) إسناده ضعيف، عمر مولى غُفرة -وهو ابن عبد الله المدني- ضعيف وقد اضطرب في إسناده، والرجل من الأنصار مجهول. سفيان: هو الثوري، وعمر بن محمَّد: هو ابن زيد العمري المدني. =

٤٦٩٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن يزيدَ بن زُرَيع ويحيى بن سعيدٍ حَدَّثاهم، قالا: حدَّثنا عوفٌ، حدَّثنا قَسامةُ بن زُهيرٍ
حدَّثنا أبو موسى الأشعرىُّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنّ الله خَلَق آدمَ مِن قبضةٍ قبضها من جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنوآدَمَ على قَدْرِ الأرض: جاء منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبين ذلك، والسَّهلُ، والحَزْنُ، والخبيثُ، والطَّيِّبُ- زاد في حديث يحيى: وبين ذلك». والإخبار في حديث يزيد (١).
٤٦٩٤ - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا المُعتمرُ، سمعتُ منصورَ بن المعتمر يُحدِّث، عن سعْد بن عُبيدة، عن عبدِ الله بن حبيبٍ أبي عبد الرحمن السُّلميِّ
عن عليّ قال: كُنَّا في جنازةٍ فيها رسولُ الله ﷺ ببقيع الغَرْقَدِ، فجاءَ رسولُ الله ﷺ، فجلس ومعه مِخْصَرَةٌ، فجعلَ ينكتُ بالمخصَرَةِ في الأرض، ثم رَفَعَ رأسَه، فقال: «ما منكم مِنْ أحَدٍ، ما مِنْ نفسٍ منفوسَةٍ إلا قد كُتِبَ مكانُها من النار أو من الجنة، إلا قَدْ كُتبتْ شقيةً أو سعيدةً»، قال: فقال رجلٌ من القوم: يا نبيَّ الله، أفلا نَمكُثُ


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٢٩) من طريق شعيب بن حرب، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (١١٥٥) من طريق الفضل بن دكين، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وسقط من سند مطبوع «السنة»: عمر بن محمَّد.
وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه في «مسند أحمد» (٢٣٤٥٦).
وانظر حديث ابن عمر السالف قبله.
(١) إسناده صحيح، مسدد: هو ابن مسرهد، وعوف: هو ابن أبي جميلة.
وأخرجه الترمذي (٣١٨٨) من طرق عن عوف بن أبي جميلة، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٦٠) و(٦١٨١).

على كتابنا، وندَع العمل، فمن كان من أهل السَّعادة ليكونَنَّ إلى السعادة، ومَنْ كان من أهل الشِّقوَة ليكونَنَّ إلى الشَّقوة؟ قال: «اعملُوا فكل مُيسَّرٌ: أما أهل السَّعادة فيُيسَّرُون للسعادة، وأما أهلُ الشِّقوةِ فييسَّرُون للشِّقوة»، ثم قال نبيُّ الله ﷺ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل:٥ - ١٠] (١).


(١) إسناده صحيح، المعتمر: هو ابن سليمان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٦١٤) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧) (٦) من طريق جرير، و(٢٦٤٧) (٦) من طريق أبي الأحوص، و(٢٦٤٧) (٧) من طريق شبة، والترمذي (٣٦٣٨) من طريق زائدة بن قدامة، أربعهم عن منصور، به.
وأخرجه مسلم (٢٦٤٧) (٧)، وابن ماجه (٧٨)، والترمذي (٢٢٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (١١٦١٥) من طريق الأعمش، عن سعد، به. وروايتهم أخصر مما هنا.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢١)، و«صحيح ابن حبان»، (٣٣٤) و(٣٣٥).
قوله: أفلا نَمكُثُ على كتابنا، هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: أفلا نتّكِلُ على كتابنا، قال البغوي في «شرح السنة» ١/ ١٣٣ بتحقيقنا: ذكر الخطابي على هذا الحديث كلامًا معناه: قال: قولهم: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ مطالبة منهم بأمر يوجب تعطيل العبودية، وذلك أن إخبار النبي-ﷺ-عن سابق الكتاب إخبار عن غيب علم الله سبحانه وتعالى فيهم، وهو حجة عليهم، فرام القوم أن يتخذوه حجّة لأنفسهم في ترك العمل، فاعلمهم النبي-ﷺ أن ها هنا أمرين لا يُبطِلُ أحدُهما الآخر: باطن هو العلة الموجبة في حكم الربوبية، وظاهر هو السِّمة اللازمة في حق العبودية، وهو أمارةٌ مَخِيْلَةٌ غير مفيدةٍ حقيقةَ العلم، ويشبه أن يكون -والله أعلم- إنما عوملوا بهذه المعاملة، وتُعبِّدوا بهذا التعبد، ليتعلق خوفهم بالباطن المغيب عنهم، ورجاؤهم بالظاهر البادي لهم، والخوف والرجاء مَدْرَجَتا العبودية، ليستكملوا بذلك صفة الإيمان، وبين لهم =

٤٦٩٥ - حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذِ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا كَهْمَسٌ، عن ابن بُريدة
عن يحيى بن يَعمَر، قال: كان أولَ مَنْ تَكلَّم في القَدَرِ بالبصرة معبدٌ الجُهني، فانطلقتُ أنا وحُميدُ بن عبد الرحمن الحميرىُّ حاجَّين، أو مُعتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحابِ رسول الله ﷺ فسألناه عما يقولُ هؤلاء في القَدَر، فوفَّقَ الله لنا عبدَ الله بن عمر داخلًا في المسجد، فاكتنفتُه أنا وصاحبي، فظننتُ أن صاحبي سَيَكِلُ الكلامَ إليَّ، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظَهرَ قِبَلَنا ناسٌ يقرؤونَ القرآن، ويَتَقفَّرُونَ العلمَ، يزعمون أنْ لا قَدَرَ، والأمْرُ أُنُفٌ، فقال: إذا لقيتَ أولئك فأخبرْهم أني بريءٌ منهم، وهُمْ برآء منّي، والذي يَحلفُ به عبد الله بن عُمر، لو أن لأحدِهم مثلَ أُحدِ ذهبًا فأنفقه، ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقَدَرِ، ثم قال: حدَّثني عمر بن الخطاب، قال: بينا نحن عند رسول الله ﷺ إذ طَلَع علينا رَجلٌ شديدُ بياض الثيابِ شديدُ سوادِ الشَّعَر، لا يُرى عليه أثَرُ السفَر ولا نَعرفُه، حتى


= أن كلَّ ميسَّرٌ لما خلق له، وأن عمله في العاجل دلِيل مصيره في الآجل، وتلا قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ... وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾، وهذه الأمور في حكم الظاهر، ومن وراء ذلك علم الله عز وجل فيهم، وهو الحكيم الخبير، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
واطلب نظيره في أمرين: من الرزق المقسوم مع الأمر بالكسب، ومن الأجل المضروب في العمر مع المعالجة بالطب، فإنك تجد المغيب فيهما علة موجبة، والظاهر البادي سببًا مخيلًا، قد اصطلح الناس خواصُّهم وعوامُّهم على أن الظاهر فيها لا يترك بالباطن، هذا معنى كلام الخطابي رحمه الله.
المخصرة: عصا خفيفة يختصرها الإنسان يمسكها بيده، والنفس المنفوسة: هي المولودة. والمنفوس: الطفل الحديث الولادة، يقال: نُفِسَتِ المرأة: إذا ولدت، ونُفِسَت: إذا حاضت، ويقال: إنما سميت المرأة نفساء لسيلان الدم، والنفس: الدم.

جَلَسَ إلى النبيّ-ﷺ فاسنَد رُكبتَيه إلى رُكبتَيه ووضَع كفَّيْه على فَخِذَيه، ثم قال: يا محمَّد، أخبرني عن الإِسلام، فقال رسولُ الله ﷺ:»الإِسلامُ أن تَشهَدَ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسولُ الله ﷺ، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاة، وتصومَ رمضانَ، وتَحُجَّ البيت إن اسْتَطعْتَ إليه سبيلًا«، قال: صدقتَ، قال: فعَجِبْنا له يسالُه ويُصدّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان» قال: «أن تؤمِنَ بالله، وملائكته، وكُتُبه، ورُسِله، واليوم الآخر، وتؤمنَ بالقدرِ خَيرِه وشَرّه» قال: صَدَقْتَ، قال: فأخبرني عن «الإحسان» قال: «أن تَعبدَ الله كأنَّكَ تراه، فإن لم تكُنْ تَراه فإنَّه يَراكَ»، قال: فأخبرْني عن السَّاعة، قال: «ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السَّائل»، قال: فأخبرْني عن أمارَتها، قال: «أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتها، وأن تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العَالَة رِعاءَ الشاءِ يتطاولونَ في البُنيان»، قال: ثم انطلَقَ، فلبثتُ ثلاثًا، ثم قال: «يا عُمرُ، هل تدري من السَّائل؟» قلت: الله ورسوله أعلمُ، قال: «فإنه جبريلُ، أتاكُم يعلَّمُكم دينكم» (١).


(١) إسناده صحح، معاذ: هو ابن معاذ بن نصر العنبري، كهمس: هو ابن الحسن، وابن بريدة: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم (٨) (١) عن عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٧٩٦) عن محمَّد بن المثنى، عن معاذ بن معاذ، به.
وأخرجه مسلم (٨) (١)، وابن ماجه (٦٣)، وأبو الحسن القطان في زياداته على «سنن ابن ماجه» بإثر الحديث (٦٣)، والترمذي (٢٧٩٤) و(٢٧٩٥)، والنسائي في «المجتبى» ٨/ ٩٧ - ١٠١ من طرق عن كهمس، به. ولفظ ابن ماجه والنسائي دون قصة القدر في أوله.
وأخرجه مسلم (٨) (٢) من طريق مطر الوراق، عن عبد الله بن بريدة، به.
وأخرجه مسلم (٨) (٤) من طريق سليمان بن طرخان، عن يحيى بن يعمر، به. =

٤٦٩٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عثمانَ بن غياثٍ، حدَّثني عبد الله ابن بريدَة، عن يحيى بن يَعمَرَ وحُمَيدِ بن عبد الرحمن
لقينا عبدَ الله بن عمر، فذكرنا له القدرَ وما يقولون فيه، فذكر نحوه، زاد: قال: وسأله رجلٌ من مُزينة، أو جُهينة، فقال: يا رسول الله، فيم العَملُ؟ أفي شيءِ قد خلا أو مضى، أو في شيء يُستأنَفُ الآنَ؟ قال: «في شيءٍ قد خلا ومَضَى» فقالَ الرجلُ أو بعض القوم: ففيم العمَلُ؟ قال: «إن أهلَ الجنة يُيسَّرُون لعملِ أهلِ الجنَّة، وإن أهلَ النارِ يُيسَّرونَ لعمَلِ أهلِ النار» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٨٤) و(٣٦٧)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٨) و(١٧٣). وانظر لاحقيه.
قال الخطابي: قوله: يتقفرون العلم. معناه: يطلبونه، ويتبعون أثره، والتقفر: تتبع أثر الشىء.
وقوله: والأمر أنف يريد مستأنف لم يتقدم فيه شيء من قدر أو مشيئة، يقال: كلاٌ أُنف: إذا كان وافيًا لم يرع منه شيء وروضة أنف بمعناه.
والعالة: الفقراء، وأحدهم عائل، يقال: عال الرجل يعيل: إذا افتقر، وعال أهله يعولهم: إذا مار أهله، وأعال الرجل يُعيل: إذا كثر عياله.
قال الحافظ ابن جب وهو بصدد شرح هذا الحديث في «جامع العلوم والحكم» ص ١٠٨: والتحقيق في الفرق بين الإيمان والإِسلام: أن الإيمان: هو تصديق القلب واقراره ومعرفته، والإِسلام: هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل وهو الدين، كما سمى الله تعالى في كتابه الإِسلام دينًا، وفي حديث جبريل سمى النبي-ﷺ الإِسلام والإيمان والإحسان دينًا، وهذا أيضًا مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد، دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الإسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان: جنس تصديق القلب، وبالإِسلام جنس العمل.
(١) إسناده صحيح، يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه مسلم (٨) (٣) من طريق حى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله وما بعده.

٤٦٩٧ - حدَّثنا محمود بن خالدٍ، حدَّثنا الفريابيُّ، عن سفيان، حدَّثنا علقمة ابن مرثد، عن سليمانَ بن بريدة، عن ابن يعمر، بهذا الحديث يزيدُ وينقصُ قال: فما الإِسلام؟ قال: «إقامُ الصلاة، وايتاءُ الزَكاة، وحَجُّ البيت، وصومُ شهرِ رمضانَ، والاغتسالُ من الجنابة» (١).
قال أبو داود: علقمةُ مُرجىءٌ (٢).


(١) إسناده صحيح. الفريابي: هو محمَّد بن يوسف. وذكر أبي داود هذا الإسناد بإثر الطريقين السابقين يوهم أنه من رواية ابن عمر عن أبيه عمر، والصواب في رواية سفيان هذه أنها من حديث ابن عمر عن النبي-ﷺ دون ذكر أبيه عمر، هكذا أخرجه أحمد في «مسنده» (٣٧٤) عن أبي نعيم الفضل ابن دكين، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن ابن يعمر، قال قلت لابن عمر: إنا نسافر في الآفاق، فنلقى قومًا يقولون: لا قدر، فقال ابن عمر: إذا لقيتموهم فأخبروهم أن عبد الله بن عمر منهم بري، وأنهم منه براء -ثلاثًا- ثم أنشأ يقول يُحدِّثُ: بينما نحن عند رسول الله ﷺ، فجاء رجل فذكر من هيئته ... فذكر الحديث ولم يذكر أباه عمر.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (١) من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن عبد الله بن عمر، عن عمر.
وأخرجه دون ذكر عمر النسائي في «الكبرى» (٥٨٥٢) من طريق شريك، عن الركين بن الربيع، عن يحيى بن يعمر، به.
وأخرجه أيضًا (٥٨٥٢) من طريق شريك، عن عطاء بن السائب، عن ابن بريدة، عن ابن عمر.
وقال الترمذي في «سننه» بإثر الحديث (٢٧٩٦): وقد رُوي هذا الحديث عن ابن عمر، عن النبي-ﷺ، والصحيح هو ابن عمر، عن عمر، عن النبي-ﷺ. وانظر لاحقيه.
(٢) وَصفُه بالارجاء تابع فيه شيخَه الإمامَ أحمد، ولم نَرَ من وصفه بذلك غيرهما. والإرجاء كما يقول الإِمام الذهبي: مذهب لعدة من جِلّة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله، وعلقمة هذا قد احتج به الشيخان ووثقه غير واحد من الأئمة، حتى الامامُ أحمد وصفه أنه ثقة ثبت الحديث كما في «العلل» ٢/ ٣٢١.

٤٦٩٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن أبي فروةَ الهَمْدانىِّ، عن أبي زُرعةَ بن عَمرو بن جرير
عن أبي ذر وأبي هريرة، قالا: كان رسولُ الله ﷺ يَجْلِسُ بين ظهريْ أصحابه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهُم هو حتى يسأل، فطلَبْنا إلى رسولِ الله ﷺ أن نجعلَ له مجلسًا يعرفُه الغريبُ إذا أتاه، قال: فبنَيْنا له دُكانًا من طينٍ، فجلسَ عليه، وكنا نَجلِسُ بجَنَبَتَيْه، وذكر نحو هذا الخبر، فاقبلَ رجُلٌ، وذَكَر هيئَتَهُ، حتى سَلَّم من طَرفِ السِّماط، فقال: السلامُ عليك يا محمَّد، قال: فردَّ عليه النبيُّ ﷺ (١).
٤٦٩٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي سنانٍ، عن وَهْبِ ابن خالد الحمصىِّ


(١) إسناده صحيح، جرير: هو ابن عبد الحميد، أبو فروة الهمداني: هو عروة ابن الحارث.
وأخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» (١٨٩)، والنسائي في «المجتبى»
٨/ ١٠١ - ١٠٣، وفي «الكبرى» (٥٨٤٣) من طرق عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. ورواية البخاري مقتصرة على قصة السؤال عن الإيمان«ورواية النسائي في»الكبرى«مقتصرة على قصة الدكان.
وأخرجه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩) (٥) و(٦)، وابن ماجه (٦٤) و(٤٠٤٤) من طريق أبي حيان، ومسلم (١٠) (٧) من طريق عمارة بن القعقاع، كلاهما عن أبي زرعة، عن أبي هريرة وحده. وروايتهم جميعًا دون قصة الدكان، ورواية ابن ماجه الثانية اقتصرت على السؤال عن أشراط الساعة.
وهو في»مسند أحمد«(٩٥٠١)، و»صحيح ابن حبان«(١٥٩). والدكان: هي الدكة المبنية للجلوس عليها.
قوله: حتى سَلَّم من طرف السِّماط، قال ابن الأثير في»النهاية"، السِّماط: الجماعة من الناس والنخل، والمراد به في الحديث: الجماعة الذين كانوا جلوسًا عن جانبيه.

عن ابن الدَّيلميِّ، قال: أتيتُ أبيَّ بن كعب فقلت له: وقع في نفسِي شيء من القَدَرِ، فحدّثْني بشيءٍ لعلَّ الله عز وجل أن يُذهِبَه من قلبي، قال: لو أنَّ الله عذَّبَ أهل سماواتِه وأهلَ أرضه، عذبَهم وهو غيرُ ظالم لهم، ولو رَحِمَهم، كانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أنفقتَ مثل أحُدٍ ذهبًا في سبيل الله ما قبلَه الله منكَ حتى تؤمنَ بالقَدَر، وتعلَمَ أن ما أصابَكَ لم يَكُنْ ليُخطئَكَ، وأنَّ ما أخْطاكَ لم يكُنْ ليُصيبكَ، ولو مُتَّ على غير هذا لدخلتَ النارَ، قال: ثم أتيتُ عبدَ الله بن مسعود، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيتُ حذيفةَ بن اليمان، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيتُ زيدَ بن ثابت، فحدثني عن النبىِّ ﷺ مثل ذلك (١).


(١) إسناده قوي، أبو سنان: واسمه سعيد بن سنان البرجمي يَنْحطُّ عن رتبه الثقة. وهو موقوف في هذا السند من حديث أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، ومرفوع من حديث زيد بن ثابت. وابن الديلمي: هو عبد الله بن فيروز.
وأخرجه ابن ماجه (٧٧) من طريق إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٨/ (٥٥٦) عن عبد الله بن أحمد، عن محمَّد بن مصطفى، عن محمَّد بن شعيب، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن رقيش الأسدي، عن أبي الأسود الدؤلي، عن عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، مرفوعًا. وإسناده حسن.
وأخرجه الطبراني (١٠٥٦٤) من. طريق عمر بن عبد الله مولى غفرة، عن أبي الأسود الدؤلي، عن عمران بن حصين، فحدثه به موقوفًا. ثم قال أبو الأسود، فأتيت عبد الله بن مسعود فسألته، فقال عبد الله لأبي بن كعب: يا أبا المنذر، حدثه، فقال أبي: يا أبا عبد الرحمن حدثه، فحدث ابن مسعود بمثل حديث عمران بن حصين، عن النبي-ﷺ. وعمر بن عبد الله ضعيف كثير الإرسال.
ولم يذكر في كلا الروايتين قوله: وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ... إلخ.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٥٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٧).
وانظر حديث عبادة الآتي بعده.

٤٧٠٠ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر الهُذلىُّ، حدَّثنا يحيى بن حسَّان، حدَّثنا الوليدُ بن رباحٍ، عن إبراهيمَ بن أبي عَبْلَة، عن أبي حفصةَ، قال:
قال عبادةُ بن الصَّامت لابنه: يا بُنيَّ إنَّك لن تَجِدَ طعمَ حقيقةِ الإيمان حتّى تَعلمَ أن ما أصابَكَ لم يكُنْ ليُخْطئَكَ، وما أخطَاكَ لم يكُنْ ليُصيبَك، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إن أوَّلَ ما خلقَ الله القلمُ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربَّ، وماذا أكتُبُ؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كل شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ»، يا بني، إني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنْ ماتَ على غير هذا فليسَ منىّ» (١).


(١) حديث حسن، أبو حفصة: هو حبيش بن شريح، لم يرو عنه غير اثنين، وذكره
ابن حبان في «الثقات»، وجعفر بن مسافر: صدوق ربما أخطأ، وباقي رجاله ثقات.
الوليد بن رباح يقال فيه: رباح بن الوليد.
وأخرجه الترمذي (٢٢٩٤) و(٣٦٠٧) عن يحيى بن موسى، عن أبي داود الطيالسي، عن عبد الواحد بن سليم، قال: قدمت مكة، فلقيت عطاء بن أبي رباح فقلت له: يا أبا محمَّد ... فذكر في موضعه الأول قصة إلى أن قال، قال عطاء: لقيت الوليد بن عبادة بن الصامت صاحب رسول الله ﷺ، فسألته: ما كانت وصية أبيك عند الموت ...
وساقه بنحو حديثنا. وإسناده ضعيف لضعف عبد الواحد بن سليم.
وقال الترمذي بإثر الحديث الأول: حديث غريب، وفي موضعه الثاني، قال: حديث حسن صحيح غريب.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٢٧٠٥) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح بن حدير، عن أيوب بن زياد، عن عبادة بن الوليد بن عبادة، عن أبيه الوليد قال: دخلت على عبادة وهو مريض ... فذكره بنحوه. وإسناده حسن.
وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه وأحاديث الباب فيه.
وقوله في حديثنا: «من مات على غير هذا فليس مني» هكذا جاء مرفوعًا هنا عن النبي-ﷺ، وقد جاء في رواية الترمذي، وأحمد موقوفًا على عبادة بلفظ: وإن مت ولست على ذلك، دخلت النار.

٤٧٠١ - حدَّثنا مُسدّدُ، حدَّثنا سفيانُ (ح).
وحدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ -المعنى- حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، سمع طاووسًا يقول:
سمعتُ أبا هريرة يُخبرُ عن النبيِّ-ﷺ، قال: «احتجَّ آدم وموسى، فقال موسى: يا آدمُ أنت أبونا خيَّبْتنا، وأخرجْتَنا من الجنة، فقال آدم: أنتَ موسى اصْطَفاكَ الله بكلامِه، وخَطَّ لكَ التوراةَ بيدِه تلُومُني على أمرٍ قَدَّرَهُ على، قبلَ أن يخلُقَني باربعينَ سنةً؟ فحَجَّ آدَمُ موسى فحجَّ اَدمُ موسى» (١).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢) (١٣)، وابن ماجه (٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (١١١٢٣) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٤٠٩) و(٤٧٣٦) و(٤٧٣٨) و(٧٥١٥)، ومسلم (٢٦٥٢) (١٤) (١٥)، والترمذي (٢٢٦٨)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٩١٨) و(١٠٩١٩) و(١٠٩٩٤) و(١١٠٦٥) و(١١١٢٢) و(١١٢٦٦) و(١١٣٧٩) من طرق عن أبي
هريرة. وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٨٧)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٧٩) و(٦١٨٠).
قال الإِمام الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ٣٢٢: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الاجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره، ويتوهم أن فَلْجَ آدم في الحجةِ على موسى إنما كان مِن هذا الوجه، وليس الأمرُ في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه: الإخبارُ عن تقدم علم الله سبحانه بما يكونُ مِن أفعال العباد وأكسابهم، وصدورها عن تقدير منه، وخلقٍ لها خيرها وشرها.
والقدر: اسم لما صار مقدورًا عن فعل القادر، كما الهدمُ والقبضُ والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قدَرْتُ الشيءَ وقدَّرتُه خفيفةً وثقيلة بمعنى واحد. =

قال أحمدُ بنُ صالح: عن عمرو، عن طاووس، سمع أبا هريرة.
٤٧٠٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني هشامُ بن سعْدٍ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه
أن عُمرَ بن الخطاب قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ موسى قال؟ يا ربَّ، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسَه من الجنة، فأراه الله عز وجل آدمَ، فقال: أنتَ أبونا آدمُ؟ فقال له آدمُ: نعم، قال: أنتَ الذي نَفَخَ اللهُ


= والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: ١٢]، أي: خلفهن.
وإذا كان الأمر كذلك، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمدٍ وتقديم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليه.
وقال ابن أبي العز فيّ»شرحه للعقيدة الطحاوية" ١/ ١٣٦ - بتحققن - عن هذا الحديث: نتلقاه بالقبولِ والسمعِ والطاعةِ، لصحته عن رسول الله ﷺ، ولا نتلقاه بالرد والتكذيب لراويه كما فعلت القدرية، ولا بالتأويلات الباردة، بل الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلمَ بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام، كان أعلمَ بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عليه السلام على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يُحتَجّ به عند المصائب، لا عند المعايب.
وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث، فما قُدِّر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضا بالله ربًا، وأما الذنوب فليس للعبد أن يُذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعايبِ ويصبُر على المصائب، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [غافر: ٥٥]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٢٠].
وانظر حديث عمر الآتي بعده.

فيكَ من روحه، وعلَّمَكَ الأسماء كُلَّها، وأمرَ الملائكةَ فسَجَدُوا لكَ؟ قال: نعم، قال: فما حَمَلكَ على أن أخرجْتَنا ونفسَك من الجنَّة؟ قال له آدمُ: ومَنْ أنتَ؟ قال: أنا موسى، قال: أنتَ نبيُّ بني إسرائيلَ الذي كلمك الله من وراءِ الحِجابِ، لم يجعل بَينكَ وبينَه رَسولًا من خلقِه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدْتَ أن ذلك كان في كتاب الله قبلَ أن أُخْلَقَ؟ قال: نعم، قال: فيمَ تلومُني في شيءِ سَبَقَ من الله عز وجل فيه القضاء قَبلي؟ قال رسولُ الله ﷺ عند ذلك:: «فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى» (١).
٤٧٠٣ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن زيد بن أبي أُنَيسَة، أن عبدَ الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره، عن مسلم ابن يَسارِ الجهنىِّ
أن عمر بن الخطاب سُئِلَ عن هذه الآية: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢]- قال: قرأ القعنبيُ الآية - فقال


(١) إسناده حسن، هشام بن سعد حسن في المتابعات والشواهد وهذا منها. ابن وهب: هو عبد الله. أسلم: هو مولى عمر.
وأخرجه الدارمي في «خلق أفعال العباد» ص ٨٧ - ٨٨ عن الأصبغ بنِ الفرج المصري، وأبو يعلى في «مسنده» (٣٤٣) عن الحارث بن مسكين المصري، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (٢١٤٦ - كشف الأستار) من طريق عبد الله بن بريدة، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٤٤) من طريق الرديني بن أبي مجلز، كلاهما عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، بنحوه. وإسناده حسن.
ويشهد له ما قبله من حديث أبي هريرة، وهو في "المسند، (٧٣٨٧). وانظر تمام أحاديث الباب فيه.

عمر: سمعتُ رسولَ الله ﷺ سُئِلَ عنها، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ الله عز وجل خلق آدمَ، ثم مَسَح ظهرَه بيمينه، فاستخرج منه ذرِّيةَ، فقال: خلقْتُ هؤلاء للجنة، وبعَمَلِ اْهلِ الجنةِ يعمَلُونَ، ثم مَسَحَ ظَهرَه، فاستَخْرَج منه ذرِّيّةً، فقال: خلقتُ هؤلاء للنار، وبعملِ أهلِ النار يعملون» فقال رجل: يا رسول الله ﷺ، ففيم العملُ؟ فقال رسولُ الله ﷺ: «إن الله إذا خلق العبدَ للجنةِ استعمَلَه بعمل أهلِ الجنة، حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنة، فيُدخِلُه به الجنةَ، وإذا خَلَقَ العبدَ للنار استعمله بعمل أهلِ النَّارِ، حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النار، فيدخِلُه به النارَ (١).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن يسار الجهني لم يسمع من عمر، ثم إنه لم يوثقه غيرُ ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غير عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب، فهو في عداد المجهولين. مالك: هو ابن أنس.
وأخرجه الترمذي (٣٣٣٠) من طريق عن، والنسائي في»الكبرى«(١١١٢٦) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما، عن مالك بن أنس، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٣١١)، و»صحيح ابن حبان«(٦١٦٦).
قال ابن عبد البر فى»التمهيد" ٦/ ٣: هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد؛ لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب ....، ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي-ﷺ من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها.
ومن شواهده حديث عمران بن حصين عند أحمد (١٩٨٣٤)، والبخاري (٦٥٩٦)، وعلي عند البخاري (٤٩٤٩)، وجابر عند مسلم (٢٦٤٨)، وعبد الرحمن بن قتادة السلمي عند أحمد (١٧٦٦٠)، وصححه ابن حبان (٣٣٨).
قال الترمذي بإثر الحديث: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلًا. قلنا: الرجل هو نعيم بن ربيعة كما سيأتي في رواية أبي داود الآتية بعد هذا الحديث.

٤٧٠٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ المصفَّى، حدَّثنا بقية، حدَّثني عُمرُ بن جعثم (١) القرشيُّ، حدَّثني زيد بن أبي أُنيسةَ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يَسارٍ، عن نُعيم بن ربيعة، قال:
كنت عندَ عمرَ بن الخطاب، بهذا الحديث، وحديث مالكِ أتَمُّ (٢).
٤٧٠٥ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا المُعتمرُ، عن أبيه، عن رَقَبةَ بنِ مَصْقلة، عن أبي إسحاقَ، عن سعيد بن جُبيير، عن ابنِ عباسٍ
عن أُبيِّ بن كعب قال: قال رسولُ الله ﷺ: «الغلامُ الذي قَتَلَه الخَضِرُ طُبِعَ كافرًا، ولو عاشَ لأرهَقَ أبويه طغيانًا وكفرًا» (٣).


(١) تحرف اسمه في أصولنا الخطية إلى: عمر بن جعفر، والتصويب من هامش
(د)، ومن مصادر ترجمته.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. بقية: هو ابن الوليد ضعيف يدلس تدليس التسوية، ونعيم بن ربيعة مجهول، فقد تفرد بالرواية عنه مسلم بن يسار، وذكره ابن حبان وحده في «الثقات»، وقال الذهبي في «الميزان»: لا يُعرف.
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في «مسند أحمد» عند الحديث رقم (٣١١)،
فقد فصلنا القول فيه.
وانظر ما قبله.
(٣) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، والمعتمر: هو ابن سيمان ابن طرخان، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه مسلم (٢٦٦١) (٢٩) عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولًا مسلم (٢٣٨٠) (١٧١) (١٧٢)، والنسائي في «الكبرى» (١١٢٤٤) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٤١٧) من طريق عبد الجبار بن العباس، عن أبي إسحاق، به. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١١٨) و(٢١١٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٢) و(٦٢٢١). وانظر لاحقيه.

٤٧٠٦ - حدَّثنا محمودُ بن خالد، حدَّثنا الفريابيُّ، عن إسرائيل، حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن سعيد بن جُبيرٍ، عن ابنِ عباس
حدَّثنا أبيُّ بن كعب، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول في قوله: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ [الكهف: ٨٠]: «وكان طُبِعَ يومَ طُبِعَ كافرًا» (١).
٤٧٠٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ مِهرانَ الرازيُّ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن عمرو، عن سعيد بن جُبير، قال: قال ابن عباس:
حَذَثني أبيُّ بن كعب، عن رسول الله ﷺ قال: «أبْصَرَ الخضِرُ غلامًا يلعَبُ مع الصِّبيان، فتناولَ رأسَه فقَلَعه، فقال موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ الآية [الكهف: ٧٤] (٢).


(١) إسناده صحيح، الفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وإسرائيل: هو ابن يونس، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه مطولًا النسائي في»الكبرى«من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله، وما بعده.
(٢) إسناده صحيح، عمرو: هو ابن دينار.
وأخرجه مطولًا البخاري (١٢٢) و(٣٤٠١) و(٤٧٢٥) و(٤٧٢٦) و(٤٧٢٧)، ومسلم (٢٣٨٠) (١٧٠)، والترمذي (٣٤١٦)، والنسائي في»الكبرى«(١١٢٤٥) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولًا البخاري (٤٧٢٦) من طريق يعلي بن مسلم، عن سعيد بن جبير، به.
وانظر سابقيه.
وقوله تعالى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ [الكهف: ٧٤]، كذا وقع في رواية أبى داود، ووقع في بعض روايات البخاري (زاكية) وهما قراءتان سبعيتان، قال في»حجة القراءات" ص ٤٢٤ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: (زاكية) بالألف، وقرأ الباقون (زكية) بغير ألف.

٤٧٠٨ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَرىُّ، حدَّثنا شعبةُ.
وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ -المعنى واحد، والإخبار في حديث سفيان- عن الأعمش، حدَّثنا زيدُ بنُ وهبٍ
حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسعودٍ قال: حدَّثنا رسولُ الله ﷺ وهو الصادِقُ المصدوقُ: «إنّ خَلقَ أحدِكُمُ يُجمَعُ في بَطنِ أُمِّه أربعين يومًا، ثم يكونُ عَلَقَةَ مِثْلَ ذلك، ثم يكونُ مُضغةَ مِثلَ ذلك، ثمِ يُبعَثُ إليه مَلَكٌ، فيُؤمَرُ باربعِ كلماتٍ: فيكتُبُ رِزقَه وأجَلَه وعَمَله، ثم يكتُبُ: شقي أو سعيدٌ، ثم يَنفُخُ فيه الروحَ، فإن أحدَكُم ليَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنةِ حتى ما يكونُ بينَه وبينها إلا ذِراعٌ، أو قِيدُ ذراعٍ، فيَسبِقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النار، فيدخلُها، وإن أحدكم ليَعمَلُ بعملِ أهل النار حتى ما يكونَ بينه وبينها إلا ذراعٌ، أو قِيدُ ذِرَاعٍ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعمَلِ أهلِ الجنة فيدخُلُها» (١).


(١) إسناده صحيح، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه البخارى (٦٥٩٤) و(٧٤٥٤)، ومسلم (٢٦٤٣) (١) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٢٠٨) و(٣٣٣٢)، ومسلم (٢٦٤٣) (١)، وابن ماجه (٧٦)، والترمذي (٢٢٧١ - ٢٢٧٣)، والنسائي مختصرًا في «الكبرى» (١١١٨٢) من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه النسائي (١١١٨٢) من طريق سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٧٤). وانظر تمام التعليق عليه فيهما.
قوله:«ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك» رواية مسلم: «ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك». =

٤٧٠٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زَيدٍ، عن يزيدَ الرِّشكِ، حدَّثنا مُطرِّفُ
عن عمرانَ بن حُصَين، قال: قيل لرسول الله ﷺ: يا رسولَ الله، أعُلِمَ أهلُ الجنة من أهل النار؟ قال: «نعم» لما قال: ففيمَ يعمَلُ العاملون؟ قال: «كلّ مُيَسّرٌ لما خُلِقَ له» (١).
٤٧١٠ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيدَ المُقرِىٌّ أبو عبد الرحمن، حَدّثني سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، حدَّثني عطاءُ بنُ دينارٍ، عن حكيم ابن شَريكٍ الهُذليِّ، عن يحيى بن ميمونِ الحضرميِّ، عن ربيعةَ الجُرَشىِّ، عن أبي هريرة
عن عُمرَ بن الخطاب، عن النبيِّ- ﷺ -قال: «لا تُجالسوا أهلَ القدر، ولا تُفاتِحُوهُم» (٢).


= وقد تولى شرح حديث ابن مسعود الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» بتحقيقنا (الحديث الرابع) ١/ ١٥٣ - ١٥٧، وجمع بينه وبين حديث حذيفة بن أسيد عند مسلم (٢٦٤٥)، فأرجع إليه فإنه نفيس.
(١) إسناده صحيح، مسدد: هو ابن مسرهد، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير.
وأخرجه مسلم (٢٦٤٩) (٩) عن يحيى بن يحيى، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٥٩٦) و(٧٥٥١)، ومسلم (٢٦٤٩) (٩) من طرق عن يزيد الرشك، به. ولفظ البخاري في موضعه الثاني: عن عمران قال: قلت: يا رسول الله ﷺ فيما يعمل العاملون، قال: «كل ميسر لما خلق له».
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٣٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٣٣).
وانظر عن هذا الحديث لزامًا كلام الإِمام الخطابي الذي نقل معناه الإِمام البغوي في «شرح السنة» ١/ ١٣٣.
(٢) إسناده ضعيف، لجهالة حكيم بن شريك الهذلي كما قال أبو حاتم، نقله عنه الذهبي في «الميزان» ١/ ٥٨٦، وابن حجر في «التقريب».
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٠٦) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. =

١٨ - باب في ذرارىِّ المشركين
٤٧١١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن أبي بِشرٍ، عن سعيد بن جُبير
عن ابنِ عباسِ: أن النبيَّ ﷺ سُئِلَ عن أولادِ المشركين، فقال: «الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين» (١).


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٣٠)، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٤٥) و(٢٤٦)، والحاكم في «مستدركه» ١/ ٨٥، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٠٤، وابن حبان في «صحيحه» (٧٩) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، به.
وعلقه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ١٥ فقال: وقال عبد الله بن يزيد، فذكره.
وسيأتى (٤٧٢٠).
وقوله: «ولا تفاتحوهم» قال في «النهاية»: أى: لا تحاكموهم، وقيل: لا تبدؤوهم بالمجادلة والمناظرة.
(١) إسناده صحيح، أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
وأخرجه البخاري (١٣٨٣) و(٦٥٩٧)، والنسائي في «الكبرى» (٢٠٨٩) من طريق شعبة، والنسائي (٢٠٩٠) من طريق هشيم، كلاهما عن أبي بشر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٦٦٠) عن يحيى بن يحيى، عن أبي عوانة، به.
قال الإِمام النووي في «شرح مسلم» ١٦/ ١٧٠: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين، فهو من أهل الجنة؛ لأنه ليس مكلفًا.
وأما أطفال المشركين، ففيهم ثلاثة مذاهب، قال الأكثرون: هم في النار تبعًا لآبائهم، وتوقفت طائفة فيهم، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة، ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل ﷺ حين رآه النبي-ﷺ في الجنة وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ قال: «وأولاد المشركين». رواه البخاري في «صحيحه (٧٠٤٧).
ومنها قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الاسراء: ١٥] ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قول الرسول ﷺ حتى يبلغ وهذا متفق عليه، والله أعلم. وقد بسطنا القول في أولاد المشركين في»المسند" عند الحديث (١٨٤٥) فأرجع إليه لزامًا.

٤٧١٢ - حدَّثنا عبدُ الوهّاب بن نجدةَ، حدَّثنا بقيةُ.
وحدَّثنا موسى بنُ مروانَ الرّقّىُّ وكثيرُ بن عُبيدٍ المَذحِجِئُّ، قالا: حدَّثنا
محمدُ بنُ حَرْبٍ - المعنى- عن محمَّد بن زياد، عن عبدِ الله بن أبي قيسٍ
عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله ﷺ، ذرارىُّ المؤمنين؟
فقال: «مِنْ آبائهم» فقلت: يا رسولَ الله ﷺ ﷺﷺ، بلا عَمَلٍ؟ قال: «الله أعلمُ
بما كانوا عامِلِين»، قلت: يا رسولَ الله ﷺ ﷺﷺ، فذرَارىُّ المشركين؟ قال:
«من آبائهم» قلت: بلا عملِ؟ قال: «الله أعلمُ بما كانوا عاملين» (١).
٤٧١٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيير، أخبرنا سفيانُ، عن طلحةَ بن يحيى، عن
عائشة بنت طلحةَ
عن عائشة أمِّ المؤمنين، قالت: أُتِيَ النبيَّ- ﷺ بصبىّ من الأنصار
يُصلي عليه، قالت: قلت: يا رسول الله ﷺ، طُوبَى لهذا، لم يَعملْ شرًّا
ولم يَدْرِ به، فقال:«أوْ غير ذلك يا عائشة، إنَّ الله خَلَقَ الجنّة،
وخَلَقَ لها أهلَا، وخَلَقَها لهم، وهم في أصلاب آبائِهم، وخَلَق النّارَ
وخَلَقَ لها أهلَا، وخَلَقَها لهم، وهم في أصلابِ آَبائِهم» (٢).


(١) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، فقد اضطرب فيه عبد الله بن أبي
قيس.
وانظر تمام تخريجه، وبسط الكلام عليه في «مسند أحمد» (٢٤٥٤٥).
ويشهد له ما قبله.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. طلحة بن يحيى: صدوق حسن الحديث.
وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (٢٦٦٢) (٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٢٠٨٥) من طرق عن
سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

٤٧١٤ - حدَّثنا القَعْنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «كل مَولودٍ يولدُ على الفِطرة، فأبواهُ يُهودانِهِ وينصّرانه، كما تَناتَجُ الإبِلُ من بهيمةٍ جمعاءَ، هل تُحِشُ من جَدْعَاءَ؟» قالوا: يا رسول الله، أفرأيتَ مَن يموتُ وهو صغير؟ قال: «الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين» (١).


وأخرجه مسلم (٢٦٦٢) (٣١)، وابن ماجه (٨٢) من طريق وكيع، وأخرجه مسلم (٢٦٦٢) (٣١) من طريق إسماعيل بن زكريا، كلاهما عن طلحة، به.
وأخرجه مسلم (٢٦٦٢) (٣٠) من طريق الفضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٣٢)، و«صحيح ابن حبان»، (١٣٨) و(٦١٧٣). قوله: «أو غير ذلك ...» إلخ،؟ قال السندي في «حاشيته على»مسند أحمد«: أي: لا يَحسُن الجزمُ في حق أحد، ولو صغيرًا. وانظر تعليقنا على الحديث السالف برقم (٤٧١١).
(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو: عبد الرحمن بن هرمز.
وهو في»الموطأ«١/ ٢٤١.
وأخرجه البخاري (١٣٥٩) و(١٣٨٥) و(٤٧٧٥) و(٦٥٩٩) و(٦٦٠٠)، ومسلم (٢٦٥٨) (٢٢ - ٢٥)، والترمذي (٢٢٧٤) و(٢٢٧٥) من طرق عن أبي هريرة. والألفاظ بنحوه وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وهو في»مسند أحمد«(٧١٨١) و(٧٤٤٥)، و»صحيح ابن حبان«(١٢٨) و(١٣٣).
وانظر في»المسند«حديث أبي هريرة رقم (٧٣٢٥).
وقوله:»كل مولود يولد على الفطرة«، قال الحافظ ابن حجر في»الفتح، ٣/ ٢٤٨: قد اختلف السلف في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة ... وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام، قال ابن عبد البر في «التمهيد» ١٨/ ٧٢ - ٧٣: وهو المعروف عند عامّة السلف، وأجمع أهلُ العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: =

٤٧١٥ - قُرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع: أخبرَكَ يوسفُ بن عمرو، أخبرنا ابن وهب، قال:


= ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] الإِسلام، واحتجوا بقول أبي هريرة في هذا الحديث: اقرؤوا إن شئتم ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ وذكروا عن عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قول الله عز وجل: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ قالوا: فطرة الله دين الإِسلام وبحديث عياض بن حمار عند مسلم (٢٨٦٥) عن النبي-ﷺ-فيما يرويه عن ربه: «وإني خلقت عبادي حسّنفاء كلُهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم» الحديث، وقد رواه غيره فزاد فيه«حسّنفاء مسلمين» وهذا صريح في أنه خلقهم على الحنيفية، وأن الشياطين اجتالتهم بعد ذلك، ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ﴾ لأنها إضافة مدح، وقد أمر نبيه بلزومها، فعلم أنها الإسلام.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث كما في «الفتاوى» ٤/ ٢٤٥ فأجاب: الحمد لله أما قوله: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» فالصواب أنها فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي فطرة الإِسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة فإن حقيقة الإِسلام أن يستسلم لله، لا لغيره، وهو معنى لا إله إلا الله، وقد ضرب رسول الله ﷺ مثل ذلك.
فقال: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء (أى: سالمة من العيوب في جميع أعضائها) بين أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن، وأن العيب حادث طارئ، ثم ذكر حديث عياض عند مسلم (٢٨٦٥) ... وانظر تتمة كلامه فإنه غاية في النفاسة والتحقيق. وقوله: «تناتج»: تلد، وعند غير أبي داود ومالك في «الموطأ».«كما تنتج البهيمةُ بهيمةَ، قال النووي في»شرح مسلم" ١٦/ ٢٠٩: هو بضم التاء الأولى وفتح الثانية، ورفع البهيمة، ونصب بهيمة، ومعناه: كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء - بالمد-، أي: مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص، لا توجد فيها جدعاء - بالمد-: وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه: أن البهيمة تلد البهيمةَ كاملةَ الأعضاء لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجَذع والنقص بعد ولادتها.

سمعتُ مالكًا، قيل له: إنَّ أهلَ الأهواءِ يحتجون علينا بهذا الحديث، قال مالكٌ: احْتَجَّ (١) عليهم بآخِرِه، قالوا: أرأيتَ مَن يَموتُ وهو صغيرٌ، قال::«الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين» (٢).
٤٧١٦ - حدَّثنا الحسنُ بنُ على، حدَّثنا الحجّاج بن المنهال، قال:
سمعتُ حمادَ بنَ سلمةَ يُفسِّرُ حديث: «كل مولود يولَدُ على الفِطرة» قال: هذا عندنا حيث أخَذَ الله عليهمُ العهِدَ في أصلابِ آبائهم، حيث قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] (٣).
٤٧١٧ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، حدَّثني أبي
عن عامر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «الوائدةُ والموءودةُ في النار» قال يحيى بن زكريا: قال أبي: فحَدَّثني أبو إسحاق، أن عامِرًا حدثه بذلك، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ، عن النبي-ﷺ (٤).


(١) في (أ): نحتجُّ، وفي (هـ): احْتَجُّوا.
(٢) قول مالك رجاله ثقات.
(٣) قول حماد بن سلمة، رجاله ثقات.
(٤) رجاله ثقات، ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، وأبوه زكريا: سماعه من أبي إسحاق -وهو السبيعي- بأخره، أي بعد اختلاطه، وعامر: هو ابن شراحيل، وعلقمة: هو ابن قيس.
وأخرجه البخاري في «التاريخ»الكبير«٤/ ٧٣ عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار في»مسنده«(١٥٩٦)، والطبراني في»الكبير«(١٠٠٥٩)، وابن حبان في»صحيحه«(٧٤٨٠) من طرق عن يحيى بن زكريا، به.
وأخرجه الشاشي في»مسنده«(٦٤٨)، والطبراني (١٠٢٣٦) من طريق يحيى الحماني، والبزار في»مسنده" (١٨٢٥) من طريق إبراهيم بن سليمان الدباس، كلاهما =

٤٧١٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن ثابتٍ


= عن محمَّد بن أبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود. ومحمد بن أبان: ضعفه أبو داود، وابن معين، وقال البخاري: ليس بالقوي. وعند الشاشي في أول حديثه قصة.
وأخرجه البزار (١٦٠٥) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن علقمة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود. قال البزار: هكذا رواه شريك.
وأخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في «تفسيره» ٨/ ٣٥٧ - طبعة الشعب- عن أحمد بن سنان الواسطي، عن أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علقمة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود. وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين، إلاَّ أن إسرائيل سمع من أبي إسحاق بأخرة.
ويشهد له حديث سلمة بن يزيد الجُعفي، أخرجه أحمد في «المسند» (١٥٩٢٣)، ورجاله ثقات. وانظر تمام تخريجه وبسط الكلام عليه فيه.
وفي متن هذا الحديث نكارة، فإن الموءودة -وهي البنت التي تدفن حية- تكون غير بالغة، ونصوص الشريعة متضافرة على أنه لا تكليف قبل البلوغ.
والمذهب الصحيح المختار عند المحققين من أهل العلم أن أطفال المشركين الذين يموتون قبل البلوغ هم من أهل الجنة، وقد استدلوا بما أخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٥٧ عن أبي عبد الله الطهراني -وهو محمَّد بن حماد، حدَّثنا حفص بن عمر العدني، حدَّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: أطفال المشركين في الجنة، فمن زعم أنهم في النار، فقد كذب، يقول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: ٨ - ٩] قال: هي المدفونة، وبقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥] فإذا كان لا يعذب العاقل بكونه لم تبلغه الدعوة، فلان لا يعذب غير العاقل من باب الأولى.
وبما أخرج أحمد (٢٠٥٨٣) من طريق حسناء بنت معاوية بن سليم عن عمها قال: قلت: يا رسول الله ﷺ من في الجنة؟ قال: «النبي-ﷺ في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموءودة في الجنة» وحسن الحافظ إسناده في «الفتح» ٣/ ٢٤٦.

عن أنس: أن رجلًا قال: يا رسول الله ﷺ، أين أبي؟ قال: «أبوكَ في النار» فلما قَفَّى قال: «إنّ أبي وأباكَ في النار» (١).
٤٧١٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ
عن أنس بن مالكٍ، قال:«إنّ الشَّيطانَ يجري من ابن آدمَ مجرى الدَّم» (٢).


(١) رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم، وقد تفرد برواية هذا الحديث بهذا اللفظ، وخالفه معمر عن ثابت- فيما قاله السيوطي في رسالته «مسالك الحسّنفا في والدي المصطفى» المدرجة في الحاوي ٢/ ٤٠٢، ٤٤٤ - فلم يذكر «إن أبي وأباك في النار»، ولكن قال له: «إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار»، ومعمر أثبت من حيث الرواية من حماد بن سلمة، فإن حماد تكلم في حفظه، ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه ابن أبي العوجاء دسَّها في كتبه، فحدث بها فوهم فيها، أو أنه تصرف فرواه في المعنى. وانظر بسط الكلام عليه. في «مسند أحمد» (١٢١٩٢).
وأخرجه مسلم (٢٠٣) (٣٤٧) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٧٨).
قوله: «قَفَّى»، أي: ذهب مُوَلِّيًَا، وكأنه من القفا، أي: أعطاه قفاه وظَهْره. قاله ابن الأثير في «النهاية».
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه مسلم (٢١٧٤) (٢٣) عن عبد الله بن مسلمة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. بلفظ: أن النبي-ﷺ-كان مع إحدى نسائه، فمرّ به رجل فدعاه، فجاء. فقال: «يا فلان هذه زوجتي فلانه» فقال: يا رسول الله ﷺ، من كنتُ أظن به، فلم أكن أظن بك فقال رسول الله ﷺ: فذكره.
قوله: «يجري» قال الحافظ في «الفتح» ٤/ ٢٨٠: قيل: هو على ظاهره وأن الله تعالى أقدره على ذلك، وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه، وكأنه لا يفارقه كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال، وعدم المفارقة.

٤٧٢٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانىُّ، أخبرنا ابن وَهْبٍ، أخبرني ابنُ لهيعة وعمرُو بنُ الحارث وسعيدُ بنُ أبي أيوب، عن عطاء بن دينار، عن حكيم ابن شريك الهُذلىّ، عن يحيى بن ميمون، عن ربيعةَ الجُرَشي، عن أبي هريرة


= «ابن آدم»: المراد جنس أولاد آدم، فيدخل فيه الرجال والنساء، كقوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ﴾ [الاعراف: ٢٦] وقوله:: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [البقرة: ٤٠] بلفظ المذكر، إلا أن العُرفَ عمَّمه فأدخل فيه النساه. ثم قال: والمحصل من هذه الروايات: أن النبي-ﷺ لم ينسبهما (وقع في بعض الأحاديث أنهما رجلان) إلى أنهما يظنان به سوءًا لما تقرر عنده من صدق إيمانهما،ولكن خشى عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك؛ لأنهما غير معصومين، فقد يُفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادَرَ إلى إعلامهما حَسمًا للمادة، وتعليمًا لمن بعدهما إذا وقع له مثلُ ذلك.
تنبيه: زاد إلامام الغزالي في «الأحياء» في نهاية هذا الحديث: «فضيقوا مجاريه بالجوع» وهي زيادة باطلة ومفسدة لمعنى الحديث ومخالفة لقوله ﷺ فيما رواه أبو داود (١٥٤٧) وصححه ابن حبان (١٠٢٩) من حديث أبي هريرة: كان رسول الله ﷺ يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة» والضجيع: من ينام في فراشك، والمعنى بئس الجوع الذي يمنعك من وظائف العبادات، ويشوش الدماغ، ويثير الأفكار الفاسدة، والخيالات الباطلة.
قال الحافظ في «الفتح» ٤/ ٢٨٠: وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره، والتي م معه والحديث مع غيره، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وبيان شفقته ﷺ على أمته، وارشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم، وفيه التحرز عن التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار.
قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوه الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثم قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبين وجه الحكم إذا كان قاضيًا نفيا للتهمة.

عن عمر بن الخطاب، أن رسولَ الله ﷺ ﷺ قال: «لا تُجَالِسُوا أهلَ القَدَرِ، ولا تُفَاتِحُوهُم الحديث» (¬١).

١٩ - باب في الجهمية (٢)
٤٧٢١ - حدَّثنا هارونُ بنُ معروفِ، حدَّثنا سفيانُ، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ-:«لا يزالُ الناسُ يتساءلونَ حتى يقالَ: هذا خَلَقَ الله الخَلْقَ، فمنْ خلقَ الله؟ فمَنْ وَجَدَ من ذلك شيئًا فليقل: آمنتُ بالله» (٣).


(١) إسناده ضعيف، لسوء حفظ ابن لهيعة: وهو عبد الله، ولجهالة حكيم بن شريك الهذلي.
وقد صلف الحديث برقم (٤٧١٠).
(٢) قوله: باب في الجهمية: الجهمية هم المنسوبون إلى جهم بن صفوان السمرقندي الراسبي، وصفه الإِمام الذهبي في «السير» ٦/ ٢٦: بأنه أسُّ الضلالة ورأس الجهمية، وأنه صاحب ذكاء وجدال، وكان ينكر الصفات، وينزه الباري عنها بزعمه، ويقول بخلق القرآن، ويقول: إن الله في الأمكنة كلها. قتل سنة ١٢٨ هـ مع الحارث ابن سريج.
(٣) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير.
وأخرجه مسلم (١٣٤) (٢١٢) عن هارون بن معروف، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٤) (٢١٢) عن محمَّد بن عباد، والنسائي في «الكبرى» (١٠٤٢٣) عن محمَّد بن منصور، كلاهما عن سفيان، به.
وأخرجه مسلم (١٣٤) (٢١٣) من طريق أبي سعيد المؤدِّب، عن هشام، به.
وأخرجه البخاري (٣٢٧٦)، ومسلم (١٣٤) (٢١٤)، والنسائي (١٠٤٢٤) من طريق ابن شهاب، عن عروة، به.
وبعضهم يزيد فيه على بعض، وجاء في بعض الروايات: «فليستعذ بالله وَلْيَنتَه» بدل قوله: «فليقل: آمنت بالله».

٤٧٢٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو، حدَّثنا سَلَمة -يعني ابن الفضل-، حدَّثني محمَّد -يعني ابنَ إسحاقَ- قال: حدَّثني عُتبةُ بن مُسلمٍ مولى بني تَيْمٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ ﷺ فذكَرَ نحوه، قال: «فإذا قالوا ذلك فقولوا: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ثم ليتْفُلْ عن يساره ثلاثًا، وليستعِذْ من الشَيطان» (١).


= وأخرجه بأطول مما هنا وبنحوه مسلم (١٣٥) (٢١٥) من طريق أيوب، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (١٣٥) (٢١٦) من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد الأصم، قال سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: «ليسألنكم الناس عن كل شيء، حتى يقولوا: الله خلق كل شيء، فمن خلقه).
وهو في»مسند أحمد«(٨٣٧٦)، و»صحيح ابن حبان«(٦٧٢٢).
وانظر ما بعده.
قوله:»خلق الله الخلق«، قال السندي في»حاشيته على المسند«، أي: وجودهم بخلق الله تعالى، فكيف وجوده؟ كأنه رأى أن الوجودَ مطلقًا يحتاج إلى علة مُوجودة، والخالق والخلق فيه سواء!! وهذا قياس فاسد، كيف ولابُد من الانتهاء إلى مُوجد لا يكونُ وجوده عن علة بالضرورة، وإلا لما وُجِد موجود أصلًا، ولا نعني باسم الله إلا ذلك الموجود الغني في وجوده عن الحاجة إلى عِلةٍ، والله تعالى أعلم.
(١) حديث صحيح، سلمة بن الفضل وإن كان ضعيفًا يعتبر به، قد توبع.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٤٢٢) من طريق هارون بن أبي عيسى، (١٠٤٢٢) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٥) (٢١٥) من طريق يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
بنحوه، ودون قوله:» فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد ... " إلخ.

٤٧٢٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّاز، حدَّثنا الوليدُ بنُ أبي ثورٍ، عن سِماكٍ، عن عبدِ الله بن عَميرَةَ، عن الأحسّنفِ بن قَيسٍ
عن العباس بن عبد المطلب، قال: كنتُ في البطحاء في عصابةٍ فيهم رسول الله ﷺ، فمرَّتْ بهم سحابةُ، فنَظَرَ إليها، فقال: «ما تُسَمُّون هذه؟» قالوا: السَّحابَ، قال: «والمُزْنَ؟» قالوا: والمُزْنَ، قال: «والعَنَانَ؟» قالوا: والعنانَ -قال أبو داود: لم أُتقِنِ العَنَانَ جيِّدًا-، قال: «هل تَدرونَ ما بعدُ ما بين السّماء والأرض؟» قالوا: لا ندري، قال: «إن بُعدَ ما بينهما إما واحدٌ أو ثِنْتانِ أو ثلاثٌ وسبعونَ سنةً، ثم السماءُ فوقَها كذلك -حتّى عدَّ سبعَ سماواتٍ- ثم فوقَ السابعة بَحرٌ، بينَ أسفلِه وأعلاهُ مِثلُ ما بين سماءٍ إلى سماءٍ، ثم فَوقَ ذلكَ ثمانيةُ أوعالٍ، بين أظلافِهِم ورُكبِهِم مثلُ ما بين سماءٍ إلى سماءٍ، ثم على ظُهورهم العرشُ، بين أسفلِه وأعلاهُ مثلُ ما بينَ سماءٍ إلى سماءٍ، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك (١).


= وأخرجه أحمد في»مسنده«(٩٠٢٧) من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقوله: ﴿اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾، جعله من قول أبي هريرة موقوفًا عليه، ولم يذكر بقية الحديث.
وانظر ما قبله.
(١) إسناده ضعيف. الوليد بن أبي ثور: هو الوليد بن عبد الله بن أبي ثور، نسب إلى جده ضعيف، وسماك -وهو ابن حرب وإن كان صدوقاَ- كان ربما لُقِّن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة كما قال الحافظ في»التهذيب«، وقد تفرد بالرواية عن عبد الله ابن عميرة، كما قال مسلم في»الوحدان«ص١٤٠، وعبد الله بن عميرة ذكره العقيلي وابن عدي في جملة»الضعفاء" وقال الذهبي: لا يعرف. فهو مجهول. والأحسّنف بن في: لا يعرف له سماع من العباس.

٤٧٢٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سُرَيج، أخبرنا عبدُ الرحمن بن عبد الله بن سعد ومحمدُ بنُ سعيد، قالا: أخبرنا عمرو بن أبي قيس، عن سِماكٍ، بإسناده ومعناه (١).
٤٧٢٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حَفْصٍ، حدَّثني أبي، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن سماكٍ، بإسناده ومعنى هذا الحديث الطويل (٢).
٤٧٢٦ - حدَّثنا عبدُ الأعلي بن حماد ومحمد بن المثنَّى ومحمد بن بشَّار وأحمدُ بنُ سعيدِ الرّباطي، قالوا: حدَّثنا وهبُ بنُ جرير -قال أحمد: كتبناه من نسخته، وهذا لفظه- حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ محمَّد بن إسحاق يُحدثُ، عن يعقوب بن عُتبةَ، عن جُبَير بن محمَّد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه


= وذكر أبو بكر بن العربي: أن الحديث متلقف عن أهل الكتاب ليس له أصل في الصحة.
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» (١٩٣) من طريق محمَّد بن الصباح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٧٠).
وانظر لاحقيه.
قوله: «البطحاء»: قال السندي: هي المُحَصَّبُ، وهو موضع معروف بمكة.
و«العنان»: قال: كسَحَاب وزنًا ومعنى.
«أوعال»: جمع وَعِل -بفتح فكسر- تيس الجبل، قال ابن الأثير: أي: ملائكة على صورة الأوعال.
(١) إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الترمذي في «سننه» (٣٦٠٨) عن عبد بن حميد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله وما بعده.
(٢) إسناده ضعيف كسابقيه.
وانظر لاحقيه.

عن جَدِّه، قال: أتى رسولَ الله ﷺ ﷺ -أعرابىٌّ، فقال: يا رسول الله ﷺ، جَهِدَتِ الأنفُسُ، وضَاعَتِ العيالُ، ونُهِكَتِ الأموالُ، وهَلَكت الأنعامُ، فاسْتَسْقِ الله عز وجل لنا، فإنا نستشفِعُ بكَ على الله، ونستشفع بالله عليكَ، قال رسولُ الله ﷺ-: «ويحَكَ! أتدري ما تقول؟» وسبَّحَ رسولُ الله ﷺ-، فما زال يُسَبِّحُ حتى عُرِفَ ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: «ويْحَكَ! إنه لا يُستشفَعُ بالله على أحدٍ مِن خلقه، شأنُ الله أعظمُ من ذلك، ويْحَكَ! أتدري ما الله، إن عَرشَه على سماواته لهكذا،- وقال بإصبعه مثلَ القُبّة عليه- وأنَّه ليَئِطُّ به أطِيطَ الرّحْلِ بالراكب» قال ابنُ بشَار في حديثه: «إن الله عز وجل فوقَ عرشِه، وعَرشُه فوقَ سماواته» وساقَ الحديث (١).


(١) إسناده ضعيف، محمَّد بن إسحاق مدلس ولم يُصرًح بالتحديث، جببر بن محمَّد -وهو ابن جبير بن مطعم بن عدي- روى له أبو داود هذا الحديث الواحد، وقد تفرد به. وذكره البخاري في «التاريخ»الكبير«٢/ ٢٢٤، وابن أبي حاتم في»الجرح والتعديل«٢/ ٥١٣ ولم يذكرا فيه جرحأ ولا تعديلًا، فهو في عداد المجهولين.
قال المنذري في مختصر سنن أبي داود، ٧/ ٩٧ فيما نقله عن أبي بكر البزار، قال: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن النبي-ﷺ من وجه من الوجوه، إلا من هذا الوجه. ولم يقل فيه محمَّد بن إسحاق:»حدثني يعقوب بن عتبة«هذا آخر كلامه. ثم قال المنذري ٧/ ٩٨ - ١٠١: ومحمد بن إسحاق مُدَلس، وإذا قال المدلس: عن فلان، ولم يقل: حدَّثنا، أو سمعت، أو أخبرنا، لا يحتج بحديثه. وإلى هذا أشار البزار، مع أن ابن إسحاق إذا صرح بالسماع اختلف الحفاظ في الاحتجاج بحديثه، فكيف إذا لم يصرح به.
وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: وقد تفرد به يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي الأخنسي، عن جبير بن محمَّد بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي، وليس لهما في»صحيحي" أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري وأبى الحسّن مسلم=

وقال عبدُ الأعلى وابن المثنَّى وابن بشارٍ، عن يعقوبَ بن عُتبةَ وجُبير بن محمَّد بن جُبير، عن أبيه عن جده (١). والحديث بإسناد أحمدَ بنِ سعيدٍ هو الصحيح (٢)، وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن


= ابن الحجاج النيسابوري رواية. وانفرد به محمَّد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب، وابن إسحاق: لا يحتج بحديثه، وقد طعن فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه جماعة منهم.
وممن ضعفه من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في «تخريج أحاديث السنة» ١/ ٢٥٢.
وأخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٤١٧ - ٤١٨ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١٥٤٧)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٤/ ٥٠٥ - ٥٠٦ من طريق عبد الأعلي بن حماد، والدارمي في «الرد على الجهمية»ص ٢٤، وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٠٣ - ١٠٤ عن محمَّد بن بشار، كلاهما عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٥٧٦)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٤١٧، والبغوي في «شرح السنة» (٩٢) من طريق أبي الأزهر، والطبراني (١٥٤٧)، والمزي ٤/ ٥٠٥ - ٥٠٦ من طريق يحيى بن معين وعلي ابن المديني، ثلاثتهم عن وهب بن جرير، به.
وأخرجه الآجري في «الشريعة» ص ٢٩٣ من طريق حفص بن عبد الرحمن، عن محمَّد بن إسحاق، به.
(١) أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٥٧٥) عن عبد الأعلي بن حماد النرسي ومحمد بن المثنى، بهذا الإسناد.
(٢) وكذا قال المزي في «تهذيب الكمال» ٤/ ٥٠٦: رواه عن عبد الأعلى بن حماد، وغيره، فوافقناه فيه بعلو، إلا أنه قال: عن يعقوب بن عتبة، وجبير بن محمَّد، عن أبيه، عن جده، والصحيح: عن يعقوب بن عتبة، عن جبير بن محمَّد، كما سقناه في هذه الرواية" والله أعلم.

معينِ وعلىُّ ابنُ المديني، ورواه جماعةٌ عن ابن إسحاق، كما قال أحمدُ أيضًا، وكان سماعُ عبدِ الأعلى وابنُ المثنَّى وابنُ بشار من نسخةٍ واحدةٍ فيما بَلَغني.
٤٧٢٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حفص بن عبد الله، حدَّثني أبي، حدَّثني إبراهيمُ ابن طهمانَ، عن موسى بن عُقبة، عن محمَّد بن المُنكَدِر
عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ-ﷺ، قال: «أُذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن مَلَكٍ مِنْ ملائكةِ الله من حَمَلة العرش: إن ما بين شَحمةِ أذُنِه إلى عاتِقِه مَسيرةُ سبع مئةِ عام» (١).


(١) إسناده جيد، كما قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» ٨/ ٢٣٩، وصححه الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٨/ ٦٦٥، والسيوطي في«الدر المنثور» ٧/ ٢٧٤.
وهو في «مشيخة ابن طهمان» ص ٧٢.
وأخرجه ابن أبي حاتم كما عند ابن كثير في «تفسيره» ٨/ ٢٣٩، والطبراني في. «الأوسط» (١٧٠٩) و(٤٤٢١)، وأبو الشيخ في«العظمة» (٤٧٦)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٣٩٨، والخطيب في تاريخ بغداد«١٠/ ١٩٤ - ١٩٥ من طرق عن أحمد بن حفص، بهذا الإسناد.
وجاء في رواية ابن أبي حاتم:»مخفق الطير سبع مئة عام«، وعند الطبراني في روايته الأولى:»مسيرة أربع مئة عام«، وفي الثانية:»مسيرة سبعين عامًا«، وعند أبي الشيخ:»مسيرة خمس مئة عام أو قال: خمسين عاما«، وعند الخطيب:»مسيرة خمس مئة عام أو سبع منة عام«.
وأخرجه أبو نعيم في»الحلية«٣/ ١٥٨ من طريق محمَّد بن عجلان، عن محمَّد، عن جابر وابن عباس، رفعاه، قال:»أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السابعة السفلى على قرنه العرش، ومن شحمة أذنه إلى عاتقه بخفقان الطير مسيرة مئة عام". وقال أبو نعيم: غريب من حديث محمَّد عن ابن عباس لم نكتبه إلا من حديث جعفر عن ابن عجلان، وحديث جابر قد رواه عن محمَّد غيره.

٤٧٢٨ - حدَّثنا علئُ بنُ نصبر ومحمدُ بن يونس النسائئُ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد المقرئ، حدَّثنا حرملةُ -يعني ابنَ عمران- حدَّثني أبو يونس سُليمُ بن جبير مولى أبي هريرة، قال:
سمعتُ أبا هريرةَ يقرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ٥٨] رأيتُ رسولَ الله ﷺ ﷺ يَضَعُ إبهامَه على أُذُنه والتي تليها على عينه، قال أبو هريرة: رأيتُ رسولَ الله ﷺ ﷺ يَقرؤُها ويضع إصبعيه (١).
قال ابن يونس: قال المقرئ: يعني: أن الله سميع بصير، يعني: أن لله سمعًا وبصرًا (٢) (٣).


(١) إسناده صحيح. وقوّى الحافظ ابن حجر إسناده في «الفتح» ١٣/ ٣٧٣.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» ص ١٧٩.
وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد«ص ٤٢ - ٤٣، وابن أبي حاتم كما في»تفسير«ابن كثير ٢/ ٣٠٠، وابن حبان في»صحيحه«(٢٦٥)، والطبراني في»الأوسط«(٩٣٣٤)، والحاكم في»المستدرك«١/ ٢٤ من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه موقوفًا الحاكم ٢/ ٢٣٦ من طريق أبي يحيى بن أبي مسرة، عن عبد الله ابن يزيد المقرئ، به.
(٢) وهذا الحديث فيه رد على من زعم أنه سميع بصير بمعنى عليم، قال البيهقي في»الأسماء والصفات«ونقله الحافظ في»الفتح«١٣/ ٣٧٣: والمراد بالإشارة المروية في هذا الخبر تحقيق الوصف لله عز وجل بالسمع والبصر، فأشار إلى محلي السمع والبصر منا، لإثبات صفة السمع والبصر لله تعالى، كما يقال: قبض فلان على مال فلان، ويثار باليد على معنى أنه حاز ماله، وأفاد هذا الخبر أنه سميع بصير له سمع وبصر لا معنى أنه عليم، إذ لو كان بمعنى العلم لأشار في تحقيقه إلى القلب؛ لأنه محل العلوم منا، وليس في الخبر إثبات الجارحةِ تعالى الله عن شبه المخلوقين علوًا كبيرًا.
وذكر نحوه الإِمام الخطابي في»معالم السنن".
(٣) مقاله المقرئ هذه أثبتناها من (هـ) وحدها، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

قال أبو داود: وهذا ردٌّ على الجهمية (١).

٢٠ - باب في الرؤية
٤٧٢٩ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ ووكيعٌ وأبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ
عن جرير بن عبد الله، قال: كُنَّا مع رسول الله ﷺ جلوسًا، فنظر إلى القمر ليلةَ البدر ليلة أربعَ عشرةَ، فقال: «إنكم ستَرَونَ ربّكم عز وجل كما تَرَؤنَ هذا لا تضامُّون في رؤيته، فإن استطعتُم أن لا تُغلَبوا على صلاةٍ قبلَ طُلوع الشَمسِ وقبلَ غُروبها فافعَلُوا» ثم قرأ هذه الأية: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: ١٣٠] (٢).


(١) كذا جاء في (هـ) بأن هذا من قول أبي داود. وجاء في (ب) و(ج) و(د) أنه من قول المقرئ، وجعله في (ًا) من قول ابن يونس.
(٢) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ووكيع: هو ابن الجراح، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه مسلم (٦٣٣) (٢١٢) عن أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة ووكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (١٧٧) عن علي بن محمَّد، والترمذي (٢٧٢٧) عن هناد،
كلاهما عن وكيع، به. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٨٥١) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، به.
وأخرجه البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣) (٢١١) و(٢١٢)، وابن ماجه (١٧٧)، والنسائي في «الكبرى» (٤٦٠) و(٧٧١٤) و(١١٢٦٧) و(١١٤٦٠) من طرق عن إسماعيل ابن أبي خالد، به.
وأخرجه النسائي (٧٧١٣) من طريق بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٧٤٤٢). =

٤٧٣٠ - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيل، حدَّثنا سفيانُ، عن سهيل بن أبي حيثحِ، عن أبيه، أنّه سَمعه يُحدِّث
عن أبي هريرة، قال: قال ناس: يا رسولَ الله ﷺ ﷺ، أنرى رَبَّنا عز وجل يومَ القيامة؟ قال: «هل تُضارُّونَ في رُؤيَةِ الشَمْسِ في الظَّهيرة، ليست في سَحَابةِ؟» قالوا: لا، قال:«هل تُضَارُّون في رؤية القَمَر ليلةَ البدر ليس في سحابة؟» قالوا: لا، قال: «والذي نفسي بيدِه لا تُضَارُّون في رُؤيته، إلا كما تُضَارُّون في رؤية أحدِهما» (١).


= قوله: «لا تضامون»: هو بفتح التاء وتشديد الميم، قال الخطابي: هو من الانضمام يريد أنكم لا تختلفون في رؤيته حتى تجتمعوا للنظر، وينضم بعضكم إلى بعض، فيقول واحد: هو ذاك، ويقول الآخر: ليس بذاك على ما جرت به عادة الناس عند النظر إلى الهلال أول ليلة من الشهر ووزنه تفاعلون، وأصله: تتضامون حذفت منه إحدى التاءين.
وقد رواه بعضهم تضامون -بضم التاء وتخفيف الميم- فيكون معناه على هذه الرواية أنه لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته.
وقد تخيل إلى بعض السامعين أن الكاف في قوله: «كما ترون» كاف التشبيه للمرئي، وإنما كاف التشبيه للرؤية، وهو فعل الرائي، ومعناه: ترون ربكم رؤية ينزاح معها الشك، وتنتفي معها المرية كرؤيتكم القمر ليلة البدر، لا ترتابون به، ولا تمترون فيه.
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه ابن ماجه (١٧٨)، والترمذي (٢٧٣١) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري (٨٠٦) و(٦٥٧٣)، ومسلم (١٨٢) (٣٠٠) من طريق ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد، كلاهما عن أبي هريرة.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٦٥٧٣) و(٧٤٣٧)، ومسلم (١٨٢) (٢٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٢٤) و(١١٥٧٣) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة.

٤٧٣١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ.
وحدَّثنا عُبيدُ الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ-المعنى- عن يعلى ابن عطاء، عن وكيع بن عُدس -قال موسى: ابن حُدس-
عن أبي رَزينٍ -قال موسى: العُقَيليِّ-، قال: قلت: يا رسولَ الله ﷺ،أكلّنا يرى رَبَّه -قال ابنُ معاذ:- مُخْليًا به يومَ القيامة، وما آيةُ ذلك في خَلقِه؟ قال:»يا أبا رَزين، أليسَ كُلُّكم يَرَى القَمَرَ؟ - قال ابنُ معاذ:- ليلةَ البَدْرِ مُخْليًا به -ثم اتفقا- قلت: بلى، قال: «فالله أعظم». قال ابن معاذ: قال: «فإنما هو خَفقٌ من خَلْقِ الله، فالله أجل وأعظمُ» (١).


= وأخرجه الترمذي (٢٧٣٤) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧١٧) و(٨٨١٧) و(٩٥٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٧٤٢٩) و(٧٤٤٥).
قوله: «تضارون»: قال النووي: روي بتشديد الراء وبتخفيفها، والتاء مضمومة فيهما، ومعنى المشدد: هل تضارون غيركم في حالة الرؤية بزحمة أو مخالفة في الرؤية، أو غيرها،لخفائه، كما تفعلون أول ليلة من الشهر. ومعنى المخفف: هل يلحقكم في رؤيته ضير، وهو الضرر ... ثم نقل عن القاضي عياض قوله: وقال فيه بعض أهل اللغة تضارون أو تضامون بفتح التاء، سواء شدد أو خفف، وكل هذا صحيح ظاهر المعنى.
(١) إسناده ضعيف لجهالة وكيع بن حُدس، ويقال: ابن عُدُس انفرد بالرواية عنه يعلي بن عطاء: وهو العامري، وقال ابن القطان: مجهول الحال، وقال الذهبي في «الميزان»: لا يعرف، وقال البيهقي: هذا حديث تفرد به يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حُدُس، ولا نعلم لوكيع بن حدس هذا راويًا غير يعلي بن عطاء.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٠) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٤١).

٢١ - باب في الرَّدِّ على الجهمية
٤٧٣٢ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمد بن العلاء -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن عُمرَ بن حمزة، قال: قال سالم:
أخبرني عبد الله بن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «يَطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهنَّ بيده اليُمنى، ثم يقول: أنا المَلِكُ، أينَ الجبَّارون؛ أين المُتكبِّرون؛ ثم يَطوي الأرضيْن، ثم يأخذهنَّ -قال ابن العلاء:- بيده الأخرى، ثم يقول: أنا المَلِكُ، أينَ الجَبَّارون؟ أين المُتكبِّرون؟» (١).
٤٧٣٣ - حدَّثنا القعنبي، عن مالكِ، عن ابنِ شهابِ، عن أبي سَلمةَ بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عمر بن حمزة، وقد أتى في هذا الحديث بجملة منكرة لم تذكر في رواية أبي داود، وإنما هي عند مسلم (٢٧٨٨) (٢٤) وهي: «ثم يطوي الأرضين بشماله»، فقوله: «بشماله» تفرد به عمر بن حمزة فيما قاله البيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٣٢٤. وعمر هذا: قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، وقال النسائي: ضعيف. وقال الحافظ في «التقريب»: ضعيف.
وقد روى هذا الحديث نافع وعُبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، ولم يذكرا فيه الشمال، أما رواية نافع فأخرجها البخاري (٧٤١٢)، ورواية عبيد الله بن مقسم عند مسلم (٢٧٨٨) (٢٥) و(٢٦)، وابن ماجه (١٩٨) و(٤٢٧٥)،والنسائي في «الكبرى» (٧٦٤٢) و(٧٦٤٨) و(٧٦٤٩).
وعلقه البخاري (٧٤١٣) عن عمر بن حمزة ولم يسق لفظه.
وهو في «مسند أحمد» (٥٤١٤)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣٢٤) من رواية عبيد الله بن مقسم أيضًا. وانظر تمام تخريجه فى «المسند».

عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «يَنزلُ ربُّنا كلَّ ليلةِ إلى سماءِ الدُنيا حينَ يبقى ثلثُ الليل الَاخِرُ، فيقول: مَنْ يدعوني فأستجيبَ له؟ مَنْ يسألُني فاُعْطِيَه؟ مَنْ يَستغفِرُني فاغْفِرَ له؟» (١).

٢٢ - باب في القُرآن
٤٧٣٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا إسرائيل، حدَّثنا عثمانُ بنُ المُغيرة، عن سالمٍ
عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسولُ الله ﷺ يَعرضُ نفسَه على الناس بالموقف، فقال: «ألا رجل يَحمِلُني إلى قَومِهِ، فإنَّ قريشًا قد مَنَعوني أن أُبلِّغ كلامَ رَبِّي عز وجل» (٢).
٤٧٣٥ - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْرىُّ، أخبرنا عبدُ الله بن وهبِ، أخبرني يونسُ بن يزيدَ، عن ابنِ شهابِ، أخبرني عُروةُ بنُ الزبير وسعيد بن المسيَّب وعلقمةُ بن وقَّاص وعُبيدُ الله بن عبد الله بن عُتبة، عن حديث عائشة، وكل حدَّثني طائفة من الحديث، قالت:
ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلَّمَ الله تعالى ذكرُه في بأمرٍ يُتلَى (٣).


(١) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (١٣١٥)، فانظره لزامًا.
(٢) إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس، وسالم: هو ابن أبي الجعد.
وأخرجه الترمذي (٣١٥٢) عن محمَّد بن إسماعيل، عن محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٢٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٨٠) من طريق عبد الله ابن رجاء، عن إسرائيل، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥١٩٢).
(٣) إسناده صحيح.

٤٧٣٦ - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عمر، أخبرنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا ابنُ أبي زائدةَ، عن مجالدٍ، عن عامر -يعني الشعبىَّ-
عن عامر بن شهر، قال: كنتُ عند النجاشي، فقرأ ابنٌ له آيةً من الإنجيل، فضَحِكْتُ، فقال: أتَضْحَكُ من كلام الله عز وجل؟ (١).
٤٧٣٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن المنهال ابن عَمرو، عن سعيد بن جُبير


= وأخرجه البخاري (٤٧٥٠) و(٧٥٠٠) و(٧٥٤٥)، ومسلم (٢٧٧٠) (٥٦) من طرق عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٦٦١) و(٤١٤١)، ومسلم (٢٧٧٠) (٥٦) و(٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٨٢) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه مسلم (٢٧٧٠) (٥٨) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عروة، به.
طَؤَله بعضهم واختصره بعضهم.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٦٢٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢١٢).
(١) حديث صحيح، مجالد: وهو ابن سعيد وان كان ضعيفًا قد توبع، وباقي رجاله ثقات ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٥٣٦) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، ومن طريق محمَّد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن مجالد بن سعيد، كلاهما (إسماعيل ومجالد) عن عامر الشعبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٤٥٨٥) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي، به. وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٦/ ٢٨، وأبو يعلى في «المسند» (٦٨٦٤)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٣/ ١٢٦ من طريق أبي أسامة، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ١٥/ ٢٣١، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٤١٦) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، كلاهما عن مجالد، به.
وعامر بن شهر هو الهمداني، ويقال: البكيلي، ويقال: الناعطي، وهما بطنان من همدان، كان أحد عمال النبي-ﷺ على اليمن، وهو أول من اعترض على الأسود العنسى لما ادّعى النبوةَ.

عن ابنِ عباسِ، قال: كان النبيُّ ﷺ يُعوِّذُ الحسنَ والحسينَ «أُعيذُكُما بكلماتِ الله التامّة، من كلِّ شَيطان وهامَّةِ، ومِنْ كُلِّ عَينٍ لامَّةٍ، ثم يقول: كان أبوكم يعوِّذُ بهما إسماعيلَ وإسحاق» (١).
قال أبو داود: هذا دليل على أن القرآن ليس بمخلوق (٢).
٤٧٣٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سريج الرازيُّ وعلي بنُ الحسين بن إبراهيمَ وعليُّ ابنُ مسلمٍ، قالوا: حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ
عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا تَكَلَّمَ الله بالوحي سَمعَ أهلُ السماء للسّماء صَلْصَلةَ كجَرِّ السِّلَسلَة على الصَّفا، فيُصعَقون، فلا يَزالونَ كذلك حتى يأتيهُم جبريلُ عليه السلام، حتى إذا جاءَهم


(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعمر.
وأخرجه البخاري (٣٣٧١) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٧٧٩) عن محمَّد بن قدامة، عن جرير، به.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٢٥)، والترمذي (٢١٨٨)، والنسائي في»الكبرى«(٧٦٧٩) و(١٠٧٧٨) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به.
وهو في»مسند أحمد«(٢١١٢)، و»صحيح ابن حبان«(١٠١٢) و(١٠١٣).
قوله:»هامَّة«قال السندي في»حاشيته على «المسند»: بتشديد الميم: كل ذات سم يقتل، وجمعه هوام.
و«لامّة»: بتشديد الميم، أي: ذات لمم، واللمم: كل داء يلم من خبل أو جنون أو نحوهما، أي: من كل عين تصيب السوء.
قال الخطابي: وكان أحمد بن حنبل يستدل بقوله: «بكلمات الله التامة» على أن القرآن غير مخلوق، وهو أن رسول الله ﷺ لا يستعيذ بمخلوق، وما من كلام مخلوق إلا وفيه نقص، والموصوف فيه بالتمام هو غير المخلوق، وهو كلام الله سبحانه.
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

جبريلُ فزِّعَ عن قلوبهم، قال: فيقولون: يا جبريلُ، ماذا قال ربُّكَ؟ فيقول: الحقَّ، فيقولون: الحقَّ، الحقَّ» (١).


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، مسلم: هو ابن صبيح الهمداني أبو الضحى، ومسروق: هو ابن الأجدع بن مالك.
وأخرجه ابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٤٥ عن علي بن الحسين، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٣٧) من طريق محمَّد بن المسيب ابن إسحاق، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٢٠١، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١١/ ٣٩٢ - ٣٩٣ من طريق الحسين بن يحيى، كلاهما عن علي بن الحسين، به.
قال الخطيب في «تاريخه» ١١/ ٣٩٣: هكذا رواه ابن إشكاب عن أبي معاوية مرفوعًا، وتابعه على رفعه أحمد بن أبي سريج الرازي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن مسلم الطوسي، جميعًا عن أبي معاوية، وهو غريب، ورواه أصحاب أبي معاوية عنه موقوفًا، وهو المحفوظ من حديثه.
قلنا: وأخرجه موقوفًا ابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٤٦ عن أبي موسى بن جنادة، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٢٠١، والخطيب في «تاريخه» ١١/ ٣٩٣ من طريق سعدان بن نصر، كلاهما عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
ورواه موقوفًا أيضًا البخاري فى«خلق أفعال العباد» ص ٩٢ و٩٣، وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٤٦ - ٤٧ أو ١٤٧ من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه موقوفًا أيضًا ابن خزيمة في التوحيد ص ١٤٦ من طريق شعبة ومنصرر، عن مسلم، به.
وعلقه البخاري في كتاب التوحيد قبل الحديث رقم (٧٤٨١)، عن مسروق، عن ابن مسعود موقوفًا كذلك.
وانظر حديث أبي هريرة عند البخاري (٤٧٠١)، وأبي داود (٣٩٨٩)، وابن ماجه (١٩٤)، والترمذي (٣٥٠٢)، وهو عن ابن حبان فى «صحيحه» (٣٦).
وقوله:«صلصلة»، قال ابن الأثير فى «النهاية»: الصلصلة: صوتُ الحديوإذا حُرِّك. يقال: صَلَّ الحديدُ، وصَلْصَل. والصَّلصَلة أشدُّ من الصَّليل.

٢٣ - باب في الشفاعة
٤٧٣٩ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَربٍ، حدَّثنا بِسطامُ بنُ حُريثٍ، عن أشعَثَ الحُدَّانيِّ
عن أنسِ بن مالكٍ، عن النبي-ﷺ، قال: «شَفاعتي لأهْلِ الكبائِرِ من أُمَّتي» (١).
٤٧٤٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الحسن بن ذكوانَ، حدَّثنا أبو رجاءٍ


(١) إسناده صحيح. أشعث الحُدّانى: هو أشعث بن عبد الله بن جابر الحُدَّاني.
وأخرجه الترمذي (٢٦٠٤) من طريق معمر، عن ثابت، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٢٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٦٨).
جاء في «شرح مسلم» للنووي ٣/ ٣١: قال القاضي عياض رحمه الله: مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلًا، ووجوبها سمعًا لصريح قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه: ١٠٩]، وقوله: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الانبياء: ٢٨] وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المسلمين، وأجمع السلف والخلف ومن بعدهم من أهل السنن عليها ...
والشفاعة خمسة أقسام.
أولها مختصة بنبينا ﷺ: وهي الإراحة من هول الموقف، وتعجيل الحساب ... الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه وردت أيضًا لنبينا ﷺ.
الثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار، فيشفع فيهم نبينا ﷺ ومن شاء الله تعالى.
الرابعة: فيمن دخل النار من المذنببن، فقد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبينا ﷺ والملائكة واخوانهم من المؤمنين، ثم يخرج الله تعالى كل من قال: لا إله إلا الله كما جاء في الحديث فلا يبقى فيها إلا الكافرون.
الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها.

حدَّثني عمرانُ بن حُصَين، عن النبيَّ- ﷺ قال: «يَخرُجُ قَومٌ من النّارِ بشَفاعةِ مُحمَّدِ، فيدخُلون الجنة، ويُسمَّونَ الجَهَنَّميِّين» (١).
٤٧٤١ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي سفيانَ
عن جابر، قال: سمعتُ النبيَّ- ﷺ يقول: «إن أهلَ الجنّة يأكُلونَ فيها ويَشرَبُون» (٢).


(١) صحيح لغيره. وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن ذكوان -وهو أبو سلمة البصري- ضعفه الجمهورُ، ولم يخرج له البخاري في «صحيحه» سوى هذا الحديث. قال الحافظ في «هدي الساري» ص ٣٩٧ بعد أن نقل تضعيفه عن الأئمة: وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وله شواهد كثيرة يصح بها.
يحيى: هو ابن سعيد القطان، وأبو رجاء. هو عمران بن مِلحان العطاردي.
وأخرجه البخاري (٦٥٦٦) عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٤٣١٥)، والترمذي (٢٧٨٣) عن محمَّد بن ثار، عن يحيى ابن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٩٧)، وفيه تمام التخريج.
ويشهد له حديث أنس بن مالك عند البخاري (٦٥٥٩)، وهو في «المسند» (١٢٢٥٨) وانظر تتمة شواهده فيه.
وقوله: ويسمون الجهنميين، قال السندي: لقبوا بذلك تذكيرًا لهم بنعمة الله تعالى، فيبقى لقبهم ذاك مدة ثم يزول. والله أعلم.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، رجاله ثقات غير أبي سفيان -وهو طلحة ابن نافع- أخرج له البخاري مقرونًا وهو من رجال مسلم، صدوق وحديثه عن جابر صحيفة، وأحاديث الأعمش عنه مستقيمة. جرير: هو ابن عد الحميد، الأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه مسلم (٢٨٣٥) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وزاد: «ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون»، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: "جشاء ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس. =

٢٤ - باب ذكر البعث والصُّور (١)
٤٧٤٢ - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرْهدِ، حدَّثنا مُعتمِرٌ، سمعتُ أبي، حدَّثنا أسلمُ، عن بِشْرِ بن شَغَافٍ
عن عبدِ الله بن عمرو، عن النبيَّ ﷺ، قال: «الصُّورُ قَرنٌ يُنفَخُ فيه» (٢).
٤٧٤٣ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ القعنبىُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «كل ابنِ آدَمَ تأكُلُ الأرضُ، إلا عَجْبَ الذَّنَب، منه خُلِقَ، وفيه يُرَكَّبُ» (٣).


= وأخرجه (٢٨٣٥) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، به.
وأخرجه أيضًا (٢٨٣٥) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وأخرجه كذلك (٢٨٣٥) من طريق أبي الزبير، عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٠١) و(١٤٧٦٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٤٣٥).
(١) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). ولم يُبؤب لحديثي هذا الباب في (أ) و(ب)
و(ج)، وإنما أُوردا في باب خلق الجنة والنار. ولم يردا في (د).
(٢) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، والمعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي. وأسلم: هو العجلي الربعي.
وأخرجه الترمذي (٢٥٩٩) و(٣٥٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (١١٢٥٠) و(١١٣١٧) و(١١٣٩٢) من طرق عن سليمان بن طرخان التيمي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣١٢).
(٣) إسناده صحيح، القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وهو عند مالك في «الموطأ» ١/ ٢٣٩، ومن طريقه أخرجه النسائي في «المجتبى» ٤/ ١١١ - ١١٢. =

٢٥ - باب في خلق الجنة والنار
٤٧٤٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سَلَمة
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺﷺ -قال: «لمّا خَلَقَ الله عز وجل الجنّة قال لجبريل: اذهَبْ فانْظُرْ إليها، فذَهَبَ فنَظَرَ إليها، ثم جاء، فقال: أيْ رَبِّ، وعِزَّتكَ لا يَسمَع بها أحَدٌ إلا دَخَلَها، ثم حَفَّها بالمَكارِه، ثم قال: يا جبريلُ، اذهَبْ فانظُرْ إليها، فذهبَ فنظر إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ، وعزَتِكَ لقذ خَشيتُ أن لا يدخُلَها أحدٌ» قال: «فلما خَلَقَ الله النار، قال: يا جبريلُ، اذهَبْ فانْظُرْ إليها، فذهب فَنظَرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربَّ، وعِزَّتك لا يسمعُ بها أحد فيدخُلُها، فحَفَّها بالشَهوات، ثم قال: يا جبريلُ اذْهَبْ فانظُرْ إليها، فذهبَ فنَظَر إليها، ثم جاء فقال: أى ربَّ، وعِزَّتك لقد خَشيتُ أنْ لا يبقى أحدٌ إلا دَخَلها» (١).


= وأخرجه مسلم (٢٩٥٥)، والنسائي ٤/ ١١١ - ١١٢ من طريق المغيرة، عن أبي الزناد، به.
وأخرجه البخاري (٤٨١٤) و(٤٩٣٥)، ومسلم (٢٩٥٥)، وابن ماجه (٤٢٦٦) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (٢٩٥٥) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٨١٨٠) و(٨٢٨٣)، و«صحيح ابن حبان» (٣١٣٨).
قوله: «عجب الذنب»، العَجب: بفتح العين وسكون الجيم: عظم لطيف في أصل الصلب، وهو رأس العصعص، وهو مكان رأس الذنب من ذوات الأربع.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص، صدوق حسن الحديث. حماد: هو ابن سلمة، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. =

٢٦ - باب في الحَوضِ
٤٧٤٥ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرْبٍ ومُسدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، قالا: حدَّثنا حمادٌ ابنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن نافعِ
عن ابن عُمرَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ أمامَكُم حَوضًا، ما بينَ ناحيتَيهِ كما بين جَرْباء وأذرُح» (١).


= وأخرجه الترمذي (٢٧٣٧) من طريق عبيدة بن سليمان، والنسائي في المجتبى، ٧/ ٣ - ٤ من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٤٨٧)، ومسلم (٢٨٢٣) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة.
ولفظ البخاري: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره» وعند مسلم «حُفت» بدل: «حجبت».
هو في «مسند أحمد» (٧٥٣٠) و(٨٣٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٧١٩) و(٧٣٩٤)
(١) إسناده صحيح، أيوب: هو ابن أبي تميمة.
وأخرجه مسلم (٢٢٩٩) عن أبي الربيع الزهراني وأبي كامل الجحدري، كلاهما عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٥٧٧)، ومسلم (٢٢٩٩)، من طريق عبيد الله، ومسلم (٢٢٩٩) (٣٤) من طريق موسى بن عقبة، و(٢٢٩٩) من طريق عمر بن محمَّد، ثلاثتهم عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٢٣)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٥٣).
وقد جاء في رواية عند مسلم: قال عبيد الله: فسألته، فقال: قريتين بالشام بينهما مسيرة ثلاثة ليال. ذكر الحافظ ضياء الدين المقدسي فيما نقله عنه الحافظ في «الفتح» ١١/ ٤٧٢ في الجزء الذي جمعه في الحوض أن في سياق لفظها غلطًا، وذلك لاختصار وقع في سياقه من بعض رواته، ثم ساقه من حديث أبي هريرة، وأخرجه من «فوائد عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي» بسند حسن إلى أبي هريرة، مرفوعًا في ذكر الحوض، فقال فيه: «عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح»، قال الضياء: فظهر =

٤٧٤٦ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ النَّمَرىُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي حَمزة
عن زيد بن أرقم، قال: كُنَّا مَعَ رسولِ الله ﷺ، فنزَلْنا منزلًا، فقال: «ما أنتم جُزءٌ مِن مئة ألفِ جُزْءٍ ممن يَرِدُ عليَّ الحَوْضَ» قال: قلتُ: كَمْ كنتم يومئذ؟ قال: سبعَ مئة أو ثمانَ مئة (١).


= بهذا أنه وقع في حديث ابن عمر حذف تقديره: كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح، فسقط: «مقامي وبينا».
وقال الفيروزآبادي صاحب «القاموس المحيط» في مادة: «جرب»: الجرباء: قرية بجنب أذرح، وغلط من قال: بينهما ثلاثة أيام، وإنما الوهم من رواة الحديث من إسقاط زيادة ذكرها الدارقطني، وهي: «ما بين ناحيتي حوضي كما بين المدينة وجرباء وأذرح».
قلنا: وأذرح هي اليوم في جنوب الأردن بَين الشوبك ومعان.
وقد روى أحاديث الحوض أربعون صحابيًا ذكرهم جميعًا ابن القيم في «شرحه على مختصر أبي داود للمنذري» ٧/ ١٣٥، وقال: وكثير منها وأكثرها في الصحيح.
(١) إسناده ضعيف. أبو حمزة: هو طلحة بن يزيد مولى قَرَظة، لم يرو عنه غير عمرو بن مرة، ولم يثبت توثيقه عمن يعتد به، وقول الحافظ ابن حجر في «تهذيبه وتقريبه»: وثقه النسائي، يغلب على الظن أنه وهم منه ليس له سلف فيه، وقد رجعنا إلى كلام النسائي بإثر الحديث الذي نقله الحافظ وأورد فيه التوثيق عنه، فلم نجده فيه، وأما الحافظ المزي فقد أورد كلام النسائي دون توثيقه، وأما رواية البخاري عنه في «صحيحه» (٣٧٨٧) و(٣٧٨٨) فهي في فضائل الأنصار، وفيها ما يدل على أن البخاري لم يحتج به، فقد جاء في هذه الرواية متابعة عبد الرحمن بن أبي ليلى له، ففي آخر الحديث: «قال عمرو: فذكرته لابن أبي ليلى، قال: قد زعم ذاك زيذ». أي: ابن أرقم.
وأخرجه الطيالسي (٦٧٧)، وأحمد في «مسنده» (١٩٢٩١) و(١٩٣٠٩) و(١٩٣٢١)، وعبد بن حميد (٢٦٦)، وبقي بن مخلد في «مرويات الصحابة في الحوض والكوثر» (١٧)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (٨٧)، والطبراني في =

٤٧٤٧ - حدَّثنا هناد بنُ السَّريِّ، حدَّثنا محمدُ بنُ فُضَيلِ، عن المختار بن
سمعتُ أنسَ بن مالكٍ يقول: أغفى رسولُ الله ﷺ إغفاءةً، فرَفَعَ رأسَه مُتبسِّمًا، فإما قالَ لهم، وإما قالوا له: يا رسولَ الله ﷺ، لِمَ ضَحِكْتَ؟ فقال: «إنه أنزِلَتْ عليٍّ آنفًا سورةٌ»، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ حتى ختَمَها، فلمّا قرأها قال: «هل تَدرونَ ما الكوثر؟» قالوا: الله ورسوله أعلمُ، قال: «فإنه نَهَرٌ وَعدَنيه ربِّي عز وجل في الجنة، وعليه خير كثير، عليه حَوضٌ تَرِدُ عليه أمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتهُ عَدَدُ الكواكب» (١).
٤٧٤٨ - حدَّثنا عاصمُ بنُ النَّضرِ، حدَّثنا المُعتمرُ، سمعتُ أبي، حدَّثنا قتادةُ


= «الكبير» (٤٩٩٧)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٧٦ - ٧٧، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (٢١٠٦) و(٢١٠٧)، والمزي في ترجمة طلحة بن يزيد ١٣/ ٤٤٩ من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد، وقع في رواية الطيالسي وأبي القاسم البغوي والحاكم واللالكائي والمزي: «ثمان مئة أو تسع مئة».
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولكنهما تركاه للخلاف الذي في متنه من العدد والله أعلم. ثم ساق رواية أخرى. قلنا: وقد وقع سقط في إسناد «المستدرك» في هذه الرواية نبه عليه المُعتني به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ٤٥٥، وأحمد في «مسنده» (١٩٢٦٨)، وابن أبي عاصم في السنة«(٧٣٣)، والطبراني في»الكبير«(٤٩٩٨) و(٤٩٩٩) و(٥٠٠٠) من طريق الأعمش، والطبراني (٥٠٠١) من طريق عبد الله بن عمرو بن مرة، كلاهما عن عمرو بن مرة، به. وجاء في رواية ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي عاصم، والطبراني الثالثة:»بين ست مئة إلى سبع مئة«، ورواية الطبراني الأولى:»ست مئة أو سبع مئة".
(١) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (٧٨٤).
وانظر ما بعده.

عن أنس بن مالكِ، قال: لمَّا عُرِجَ بنبي الله في الجنّة -أو كما قال- عُرِضَ له نَهَرٌ حافَتَاه الياقوتُ المجيَّبُ، -أو قال: المجوَّف (١) - فضَرَب الملكُ الذي معه يدَه، فاستخرَجَ مِسكاَ، فقال محمدٌ ﷺ للملك الذي معه: «ما هذا؟» قال: هذا الكوثَرُ الذي أعطاكَ الله عز وجل (٢).
٤٧٤٩ - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمُ، ْ حدَّثنا عبدُ السّلام بن أبي حازم أبو طالوتَ، قال: شَهدْتُ أبا برزةَ دخلَ على عُبيد الله بن زياد فحدَّثني فلان -سماه مسلمٌ-، وكان في السِّماط: فلما رآه عُبيدُ الله، قال: إن محمَّديَّكم هذا الدَّحداحَ، ففهمها الشَّيخ، فقال: ما كنتُ أحسِبُ أني أبقى في قوم يعيِّروني بصحبة محمَّد ﷺ، فقال له عُبيد الله: إن صحبةَ محمَّد- ﷺ


(١) في (أ): المجوَّب، وهو كذلك في «معالم السنن» للخطابي. وفي سائر أصولنا الخطية المجوَّف، وهو الذي نص عليه ابن الأثير في «النهاية» أنه رواية «سنن أبي داود».
(٢) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان.
وأخرجه البخاري (٤٩٦٤) و(٦٥٨١)، والترمذي (٣٦٥٣) و(٣٦٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٦٩) من طرق عن قتادة، عن أنس.
وأخرجه النسائي (١١٦٤٢) من طريق حميد الطويل، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٠٨) و(١٢٦٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٧٤).
وانظر ما قبله.
قوله: «المجيّب»، قال ابنُ الأثير في «النهاية» الذي جاء في كتاب البخاري: اللؤلؤ المجوَّف، وهو معروف، والذي جاء في «سنن أبي داود»: المجيّب أو المجوَّف بالشك، والذي جاء في «معالم السنن»: المجيّب أو المجوّب، بالباء فيهما على الشك، قال: معناه الأجوف، وأصله من: جُبْتُ الشيء، إذا قطعتَه، والشى مَجيب أو مَجوب، كما قالوا: مَشيب أو مشوب. وانقلاب الواو عن الياء كثير في كلامهم. فأما مُجيّب مشددًا فهو من قولهم: جيّب يُجيّب فهو مُجيب، أي: مقوَّر، وكذلك بالواو.

لك زَينٌ غيرُ شَيْنِ، ثم قال: إنما بُعِثْتُ إليكَ لأسالك عن الحوض، سمعتَ رسولَ الله ﷺ يذكُرُ فيه شيئًا؟ قال أبو برزة: نعم، لا مرَّةَ ولا ثنتين ولا ثلاثًا ولا أربعًا ولا خمسًا، فمن كذبَ به فلا سقاه الله منه ثم خَرَجَ مُغضبًا (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، في إسناده رجل مجهول كما قال المنذري. وعبيد الله بن زياد الذي في القصة: هو ابن زياد بن أبيه الذي استلحقه معاوية بأبيه فقيل: زياد بن أبي سفيان، وعبيد الله هذا أميرًا على العراق لمعاوية كما كان أبوه من قبل، قُتِل سنة ٦٧ هـ. انظر «السير» بتحقيقنا ٣/ ٥٤٥ - ٥٤٩.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٧٧٩) من طريق محمَّد بن مِهْزَم العَنَزي، عن أبي طالوت العنزي، قال: سمعت أبا برزة، وخرج من عند عبيد الله بن زياد وهو مغضب ... فذكره بنحوه وأقصر مما هنا. وإسناده صحيح. محمَّد بن مهزم: من رجال «التعجيل»، روى عنه جمع ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٧٦٣) و(١٩٨١٤) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن مطر بن طهمان الوراق، عن عبد الله بن بريدة الأسلمي، قال: شَكَّ عبيد الله بن زياد في الحوض، فأرسل إلى أبي برزة الأسلمي .... فذكره. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد لأجل مطر. وهو في «مصنف» عبد الرزاق (٢٠٨٥٢)، ومن طريقه أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٧٠٣). ورواية «المصنف» مطولة.
وأخرجه ابن سعد ٤/ ٣٠٠ من طريق المنذر بن ثعلبة، عن عبد الله بن بريدة، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم (٧٠٢) من طريق صالح المري، عن سيار بن سلامة الرياحي، عن أبيه سلامة: أن عبيد الله بن زياد قال لجلسائه ... فذكره. وإسناده ضعيف لضعف صالح بن بشير المري وجهالة سلامة الرياحي.
وأخرجه البيهقي في «البعث والنشور» (١٥٤)، وفي الاعتقاد، ص ٢١٣ من طريق محمَّد بن يحيى الذهلي، عن عبد الرحمن بن مهدى، عن قرة بن خالد، عن أبي جمرة، عن أبي برزة، وذكر القصة. وإسناده صحيح. وتصحف عنده أبو جمرة إلى: أبي حمزة! =

٢٧ - باب في المسألة في القبر وعذاب القبر
٤٧٥٠ - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن علقمةَ بن مرثد، عن سعْد بن عُبيدةَ
عن البراء بن عازبِ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إنّ المسلمَ إذا سُئِلَ في القبر، فشَهِدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله ﷺ، فذلك قولُ الله عز وجل: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] (١).


= وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٩٨٠٧) عن عبد الصمد، عن عبد السلام أبي طالوت، عن العباس الجُرَيري أن عبيد الله بن زياد قال لأبي برزة هل سمعت النبي-ﷺ ذكره قط -يعني الحوض-؟ قال: نعم، لا مَرّةً ولا مرتين، فمن كَذَّب به فلا سَقاه الله منه. العباس الجريري يغلب على ظننا أنه عباس بن فرُّوخ الجريري، روى له الجماعة، وهو ثقة، لكنه أصغر من أن يروي عن أبي برزة، ولم يذكر المزي أنه روى عنه، فالإسناد منقطع، كذلك لم يذكر المزي وغيره في الرواة عنه أبا طالوت، فإن كان هو فرواية عبد السلام أبي طالوت عنه من باب رواية الأقران، والله تعالى أعلم.
وقد ورد نحو هذه القصة عن عبيد الله بن زياد، ولكنها مع أنس بن مالك، وهي في»المسند«لأحمد (١٣٤٠٥).
وكما ورد في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص من»مسند أحمد«(٦٥١٤): أن عُبيد الله بن زياد كان يكذب بالحوض بعد ما سأل أبا برزة والبراء بن عازب وعائذ بن عمرو ورجلًا آخر، ثم صدق به بعد.
وفي الجملة الحديث صحيح في المتابعات والشواهد كما أسلفنا.
(١) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه البخاري (٤٦٩٩) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٣٦٩) وبإثره، ومسلم (٢٨٧١) (٧٣)، وابن ماجه (٤٢٦٨)، والترمذي (٣٣٨٥)، والنسائي في»الكبرى" (٢١٩٥) و(١١٢٠٠) من طرق عن شعبة، به. =

٤٧٥١ - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن عطاء الخفافُ أبو نصرٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة
عن أنس بنِ مالك، قال: إنّ نبيَّ الله ﷺ دَخَل نخلًا لبني النَّجَّار، فسمِعَ صوتًا ففزِعَ، فقال: «مَنْ أصحاب هذه القبور؟» قالوا: يا رسول الله ﷺ، ناس ماتوا في الجاهليّة، فقال: «تعوَّذُوا بالله من عذابِ النّار، ومِنْ فتنة الدّجال قالوا: وممَّ ذاك يا رسولَ الله؟ قال:»إن المؤمنَ إذا وُضِعَ في قبرِه أتاه مَلَكٌ، فيقول له: ما كنتَ تعبدُ؟ فإنِ اللهُ هداهُ، قال: كنتُ أعبدُ الله، فيقال له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبدُ الله ورسوله، فما يسأل عن شيءٍ، غيرِها فيُنطَلقُ به إلى بيت كان له في النار، فيقال له: هذا بيتُك كان في النار، ولكنَّ الله عَصمَك ورَحِمَكَ، فابدَلَكَ به بيتًا في الجنة، فيقول: دعوني حتى أذْهَبَ فاُبَشَّرَ أهلي، فيقال له: اسْكُنْ.


= وأخرجه موقوفًا مسلم (٢٨٧١) (٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢١٩٤) من طريق خيثمة، عن البراء.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٨٢) و(١٨٥٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٠٦). وهو قطعة من الحديث المطول الآتي برقم (٤٧٥٣)، وسيأتي تخريجه هناك.
قلنا: جمهور العلماء سلفًا وخلفًا على أن عذاب القبر حق يقع على الروح والجسد.
وذهب ابن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد.
وقال ابن جرير وجماعة من الكرّامية: ان السؤال في القبر يقع على البدن فقط، وإن الله يخلق فيه إدراكًا بحيث يسمع ويعلم ويلَذُّ ويألم.
وذهب بعض المعتزلة كالجبائي إلى أنه يقع على الكفار دون المؤمنين. وانظر «فتح الباري» ٣/ ٢٣٣ - ٢٣٥.

وإن الكافر إذا وُضِعَ في قبره أتاه ملك فينتهِرُه، فيقول له: ما كنت تعبدُ؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، فيقال له: فما كنتَ تقولُ في هذا الرجل؟ فيقول: كنتُ أقولُ ما يقول الناسُ، فيضربُه بمطراقِ من حديدِ بين أُذُنَيه، فيصيحُ صيحةَ يسمَعُها الخلقُ غيرَ الثقلينِ» (١).
٤٧٥٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، بمثل هذا الإسناد، نحوه، قال:
«إن العبدَ إذا وُضِعَ في قبره وتَوَلَّى عنه أصحابُه، إنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، فيأتيه مَلَكان، فيقولان له»، فذكر قريبًا من حديث الأول، قال فيه: «وأما الكافرُ والمنافقُ، فيقولان له» زاد: «المنافق» وقال: «يسمَعُها من يَليه غَيرَ الثقَلينِ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الوهاب بن عطاء، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع في هذا الحديث. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٤٤٧) عن عبد الوهاب بن عطاء، بهذا الإسناد.
وذكره البخاري مختصرًا (١٣٣٨) و(١٣٧٤) بزيادة في أوله: «العبد إذا وضع في قبره وتُولِّي وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم»، وهذه الزيادة ستأتي بعد حديثنا هذا.
قال الخطابي: وقوله: «لا دَرْيْتَ ولا تَلَيتَ». هكذا يقول المحدثون وهو غلط، وقد ذكره القتيبي في «غريب الحديث» وقال: فيه قولان، بلغني عن يونس البصري أنه قال هو: لا دريت ولا أَتْلَيتَ ساكنة التاء يدعو عليه بأن لا تُتلِيَ ابله، أي: لا يكون لها أولاد تتلوها، أي: تتبعها، يقال للناقة: قد أتلت فهي مُتلية، وتلاها ولدها: إذا تبعها.
قال: وقال غيره: هو لا دريت ولا ائتَلَيتَ بوزن افتعلت من قولك: ما ألوت هذا ولا استطعته، كإنه يقول: لا دريت ولا استطعت.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.
وقد سلف برقم (٣٢٣١). وانظر ما قبله.

٤٧٥٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ.
وحدَّثنا هَنّاد بنُ السَّريِّ، حدَّثنا أبو معاويةَ -وهذا لفظُ هناد- عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازةِ رجُلِ من الأنصار، فانتهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ الله ﷺ وجلسْنَا حَولَه، كأنما على رؤوسنا الطَّير، وفي يَده عُودٌ يَنْكُتُ به في الأرض، فرفعَ رأسَه، فقال: «استعيذُوا بالله من عذابِ القبر» مرَّتين أو ثلاثًا، زاد في حديثْ جريرِ ها هنا: وقال: «وانّه لَيسمَعُ خَفْقَ نِعالِهم إذا وَلَّوا مُدبرينَ، حينَ يقالُ له: يا هذا، مَن ربك وما دينُك ومَنْ نبيُك؟ - قال هنادٌ:- ويأتيه ملكانِ فيُجلسانه فيقولان له: مَن ربك؟ فيقول: ربِّي الله، فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: ديني الإِسلامُ، فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هو رسولُ الله ﷺ، فيقولان: وما يُدريكَ؟ فيقول: قرأتُ كتابَ الله، فآمنتُ به، وصدقتُ -زاد في حديث جرير- فذلك قول الله عز وجل: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية [إبراهيم: ٢٧]، ثم اتفقا قال: - فينادي منادِ من السماء: أنْ قد صَدَقَ عبدي، فأفرشُوه من الجنة، وافتَحُوا له بابًا إلى الجنّة، وألبسُوه من الجنة» قال: «فيأتيه من رَوحِها وطيبها قال:»ويُفتح له فيها مدَّ بصرِه«. قال:»وإن الكافر«فذكر موته قاْل:»وتُعادُ روحُه في جَسده، ويأتيه مَلَكانِ، فيُجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري،

فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كَذَبَ، فافرشوه من النار، وألبسُوه من النار، وافتحُوا له بابًا إلى النار، قال: «فيأتِيه من حَرِّها وسَمُومِها» قال: «ويُضيّقُ عليه قَبرُهُ حتى تختلفَ فيه أضلاعُه -زاد في حديث جرير: قال:- ثمّ يقيَّضُ له أعمى أبكَمُ معه مِرْزَبَّة من حديدٍ، لو ضُرِبَ بها جَبَلٌ لصار ترابًا»، قال: «فيضرِبُه بها ضربةً يسمعُها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصيرُ ترابًا، ثم تُعادُ فيه الرُّوحُ» (١).


(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو معاوية: ومحمد بن خازم، الأعمش: هو سليمان بن مهران، والمنهال: هو ابن عمرو، وزاذان: هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر الكندي، مولاهم.
وأخرجه بتمامه أحمد في «مسنده» (١٨٥٣٤) عن أبي معاوية وحده، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.
وقد سلف أول الحديث واقتصر عليه المصنف برقم (٣٢١٢) عن البراء قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يُلحد بعد، فجلس النبي-ﷺ مُستقبل القبلة وجلسنا معه. بإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه هناك.
قال البيهقي في «الشعب» بإثر الحديث (٣٩٠): هذا حديث صحيح الإسناد.
وقال ابن منده في الإيمان، بإثر الحديث (١٠٦٤): هذا إسناد متصل مشهور، رواه جماعة عن البراء، وكذلك رواه عدة عن الأعمش، وعن المنهال بن عمرو، والمنهال (وهو ابن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي) أخرج عنه البخاري ما تفرّد به، وزاذان أخرج عنه مسلم، وهو ثابت على رسم الجماعة. ورُوي هذا الحديث عن جابر، وأبى هريرة، وأبى سعيد، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم.
وانظر ما بعده.

٤٧٥٤ - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرىّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُمير، حدَّثنا الأعمشُ، حدَّثنا المِنهالُ، عن أبي عُمَرَ زاذان، سمعتُ البراء، عن النبي-ﷺ فذكر نحوه (١).

٢٨ - باب في ذكر الميزان
٤٧٥٥ - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم وحُميدُ بنُ مسعدة، أن اسماعيلَ بن إبراهيم حدَّثهم، أخبرنا يونسُ، عن الحسن
عن عائشة: أنها ذكرت النار، فبَكَتْ، فقال رسولُ الله ﷺ: ما يُبكيكِ؟ «قالت: ذكرتُ النارَ، فبكَيتُ، فهل تذكرونَ أهليكم يومَ القيامة؟ فقال رسولُ الله ﷺ:» أمّا في ثلاثة مَوَاطن فلا يذكرُ أحدٌ أحدًا: عند الميزان حتى يَعلَمَ أيخِفُّ ميزانُه أو يَثقُلُ، وعندَ الكتاب حين يقال: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩] حتى يَعلَمَ أين يقعُ كتابُه أفي يمينه، أم في شماله، أم مِن وراء ظهرِه، وعند الصِّراطِ إذا وُضِعَ بين ظهريْ جهنَّم (٢).


(١) إسناده صحيح.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده ضعيف لانقطاعه. الحسن: وهو البصري لم يسمع من عائشة.
يونس: هو ابن عبيد.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٥٧٨ من طريق مسدد، عن إسماعيل بن إبراهيم (الشهير بابن علية)، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة على أنه صحت الروايات أن الحسن كان يدخل وهو صبي منزل عائشة رضي الله عنها وأم سلمة.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (١٣٤٩) من طريق وهيب، عن يونس، به. =

قال يعقوب، عن يونس، وهذا لفظ حديثه.

٢٩ - باب في الدَّجَّال (١)
٤٧٥٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ الحذاء، عن عبدِ الله بن شقيقٍ، عن عبدِ الله بن سُراقة


= وأخرجه مختصرًا أحمد في «مسنده» (٢٤٦٩٦) عن عفان بن مسلم، عن القاسم ابن الفضل، قال: قال الحسن: قالت عائشة .... فذكره.
وأخرجه أحمد بنحوه وبسياق مختلف (٢٤٧٩٣) عن يحيى بن إسحاق، ومن طريق يحيى هذا الآجري في «الشريعة»، ص ٣٨٤ عن ابن لهيعة، عن خالد ابن أبي عمران، عن القاسم بن محمَّد عن عائشة .... فذكره. وإسناده ضعيف بهذه السياقة، ابن لهيعة: وهو عبد الله -وإن كان يحيى بن إسحاق وهو السيلحيني من قدماء أصحابه- قد تفرد به. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأورده الهيثمي في «المجمع» ١٠/ ٣٥٨ - ٣٥٩، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه حسين المروزي في زياداته على «الزهد» لابن المبارك (١٣٦١) عن الفضل بن موسى، عن حزم بن مهران، سمعت الحسن يقول: التفت رسول الله ﷺ إلى بعض أهله، فإذا هو يبكي، فقال: «ما يبكيك يا فلان؟، قال: ذكرت النار يا رسول الله ﷺ، هل تذكرنا يوم القيامة؟ فقال النبي-ﷺ:»ذهب الذكر في ثلاث مواطن: حين توضع الموازين، فلا يهم عبدًا إلا نفسه، وميزانه، أيثقل أم يخف، وعند الكتاب حين توضع، فيقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه، وعند صراط جهنم«.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٢٥٠ عن أبي خالد الأحمر، عن أبي الفضل، عن الشعبي، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله ﷺ، أتذكرون أهاليكم يوم القيامة؟ فقال:»أما عند ثلاث فلا: عند الكتاب وعند الميزان وعند الصراط" والشعبي لم يسمع من عائشة.
(١) هو فعال بفتح أوله والتشديد من الدجل وهو التغطية، وسمي الكذاب دجالًا، لأنه يُغَطى الحق بباطله.

عن أبي عُبيدةَ بن الجراح، قال: سمعتُ النبيَّ ﷺ يقول: «إنه لم يَكُنْ نبيٌّ بعدَ نوحٍ إلا وقد أنذَرَ الدَّجَّال قومَه، وإني أُنذِرُكُموه»، فوصفَه لنا رسولُ الله ﷺ، وقال: «لعلَّه سيُدركُه من قد رآني وسَمعَ كلامي» قالوا: يا رسول الله ﷺ، كيف قلوبنا يومئذ؟ أمِثْلُها اليومَ؟ قال: «أوْ خَيرٌ» (١).
٤٧٥٧ - حدَّثنا مَخلدُ بن خالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهري، عن سالمٍ
عن أبيه، قال: قامَ النبيُّ-ﷺ في الناس، فاثْنَى على الله بما هو أهلُه، فذكر الدَّجَّال، فقال: «إني لأنذِرُكُموه، وما مِن نبيّ إلا قد أنذَرَه قومَه، لقد أنذَرهُ نوحٌ قومَه، ولكنِّي سأقول لكم فيه قولًا لم يَقُلْهُ نبيٌّ لقومه: تعلمون أنه أعورُ، وأنَّ الله ليس بأعور» (٢).


(١) إسناده ضعيف، عبد الله بن سراقة لم يرو عنه غير عبد الله بن شقيق، وقال البخاري: لا يعرف له سماع من أبي عبيدة. حماد: هو ابن سلمة، وخالد الحذاء: هو ابن مهران.
وأخرجه الترمذي (٢٣٨٤) عن عبد الله بن معاوية الجمحي، عن حماد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٧٨).
وذكره ابن كثير في «النهاية» ١/ ١٥٣، ونسبه لأحمد وأبي داود والترمذي، وقال: ولكن في إسناده غرابة، ولعل هذا كان قبل أن يببن له من أمر الدَّجَّال ما بين في ثاني الحال.
(٢) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه الترمذي (٢٣٨٥) عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٠٥٧) من طريق هشام، عن معمر، به. =

٣٠ - باب في الخوارج
٤٧٥٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ وأبو بكر بن عياش ومندَلٌ، عن مُطَرِّفٍ، عن أبي جَهمٍ، عن خالد بن وَهْبانَ
عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ فارقَ الجماعةَ شِبرًا، فقد خَلَع رِبْقَةَ الإِسلام من عُنُقِهِ» (١).


وأخرجه مسلم (٢٩٣١) (١٦٩) من طريق يونس، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (١٦٩) (٢٧٥) من طريق حنظلة، عن سالم، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٣٤٣٩) و(٤٤٠٢) و(٧١٢٣) و(٧٤٠٧)، ومسلم (١٦٩) (٢٧٣) (٢٧٤) وص ٢٢٤٧ و٢٢٤٨، والترمذي (٢٣٩١) من طرق عن نافع، عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٤٣) و(٦٣٦٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٨٠) و(٦٧٨٥).
وأخرج البخاري (٧١٢٢) ومسلم (٢١٥٢) و(٢٩٣٩) عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد النبي ﷺ عن الدَّجَّال ما سألته، وانه قال لي: «ما يَضُرُّكَ منه؟» قلت: لأنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال:«بل هو أهون على الله من ذلك». قال ابن كثير في «النهاية» ١/ ١٤٧: وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء كابن حزم والطحاوي وغيرهما في أن الدَّجَّال ممخرق مموه لا حقيقة لما يبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه، بل كلها خيالات عند هؤلاء. وانظر «صحيح ابن حبان» (٦٧٩٩) و(٦٨٠٠).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضيف لجهالة خالد بن وهبان، ومندل: هو ابن علي ضعيف، لكنه قد توبع، زهير: هو ابن معاوية، ومطرِّف: هو ابن طريف، وأبو الجهم: هو سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الجوزجاني.
وأخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (٤٤٨) من طريق أحمد بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ٨/ ١٥٧ من طريق أحمد بن يونس، عن زهير وأبي بكر بن عياش، به. =

٤٧٥٩ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النفيلىُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا مُطرِّفُ بن طريفٍ، عن أبي الجَهْم، عن خالد بن وَهْبان
عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«كيف أنتم وأئمةٌ مِنْ بعدي يستأثرونَ بهذا الفيء؟» قلت: إذن والذي بعثَكَ بالحق أضَعُ سيفي على عاتقي، ثم أضرِبُ به حتى ألقاكَ -أو ألحَقَك- قال: «أوَلا أدُلُّكَ على خيرِ من ذلك؟ تَصبِرُ حتى تلقاني» (١).


= وأخرجه المزي في «تهذيب الكمال» ٨/ ١٩٠ - ١٩١ من طريق محمَّد بن أيوب، عن أبي بكر بن عياش، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (١٥٥٣) من طريق يحيى بن آدم، عن زهير، به.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٤٠٥٨) من طريق جرير، وابن أبي عاصم في «السنة» (٨٩٢)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ١١٧ من طريق خالد بن عبد الله،
كلاهما عن مطرف، به. وأبو الجهم: سقط من «مستدرك» الحاكم والصواب إثباته. وهو في «مسند أحمد» (٢١٥٦٠).
ويشهد له حديث ابن عمر، وهو في «المسند» (٥٣٨٦). وانظر تتمة شواهده فيه. وقوله: «رِبْقَة»، قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ٣٣٤: الربقة: ما يُجُعَل في عنق الدابةِ كالطوق يمسكها لئلا تشرد، يقول: من خرج عن طاعة الجماعة وفارقهم في الأمر المجمع عليه، فقد ضل وهلك وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها، فإنها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع.
(١) إسناده ضعيف لجهاله خالد بن وهبان. زهير: هو ابن معاوية، أبو الجهم: هو سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الجوزجاني.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢١٥٥٨) عن يحيى بن آدم ويحيى بن بكير، كلاهما عن زهير، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد ٤/ ٢٢٦، وأحمد في «مسنده» (٢١٥٥٩)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١١٠٤) و(١١٠٥)، والبزار في «مسنده» (٤٠٥٧)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٨/ ١٩١ من طرق عن مطرف، به.

٤٧٦٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمان بن داود-المعنى- قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن المعلى بن زياد وهشام بن حسَّانَ، عن الحَسَنُ، عن ضَبَّة بن مِحْصَنِ
عن أمِّ سَلَمةَ زوج النبيَّ ﷺ، قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «سيكونُ عليكم أئمةٌ تَعرفونَ منهم وتُنكرونَ، فمن أنكر - قال مسدَّد في حديثه: قال الحَسَنُ، وقال سليمان بن داود: قال هشام: بلسانِه فقد بَرئ، ومَنْ كَرِهَ بقلبِه، فقد سَلِمَ، ولكن مَنْ رضِيَ وتابَعَ»، فقيل: يا رسول الله، أفلا نَقْتُلُهم؟ -قال ابن داود: أفلا نقاتِلُهم- قال:«لا، ما صَلَّوْ» (١).
٤٧٦١ - حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، حدَّثنا معاذُ بن هشامٍ، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، حدَّثنا الحسنُ، عن ضَبة بن مِحصَنٍ العَنزىّ
عن أمِّ سلمة، عن النبيَّ ﷺ، بمعناه، قال: «فمَن كَرِه فقد برئ، ومَنْ أنكَرَ فقد سَلِمَ». قال قتادة: يعني: مَنْ أنكَرَ بقلبه، ومن كَرِهَ بقلبه (٢).


(١) إسناده صحيح. الحسن: هو البصري.
وأخرجه مسلم (١٨٥٤) (٦٤) عن أبي الربيع، عن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٨٥٤) (٦٤) من طريق عبد الله بن المبارك، والترمذي (٢٤١٨) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن هشام بن حسان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٨).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. والد معاذ: هو هشام بن أبي عبد الله سنبر. والحسن: هو البصري.
وأخرجه مسلم (١٨٥٤) عن أبي غسان المسمعي ومحمد بن بشار، كلاهما عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٨٥٤) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، به.
وانظر ما قبله.

٤٧٦٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شعبةَ، عن زياد بن عِلاقة
عن عَرْفَجة، قال: سَمِعتُ رسولَ الله ﷺ -يقول: «ستكونُ في أُمَّتي هَناتُ وهَنَاتٌ وهَنَاتٌ، فمَنْ أراد أن يفرّقَ أمرَ المسلمين وهُمْ جميع، فاضربوه بالسيف، كائنًا مَن كان» (١).

٣١ - باب في قتل الخوارج (٢)
٤٧٦٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد ومحمدُ بن عيسى -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ، عن محمدٍ، عن عَبيدةَ


(١) إسناده صحيح، مسدد: هو ابن مسرهد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وشعبة: هو ابن الحجاج.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٤٧١) عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٨٥٢) (٥٩) من طريق محمَّد بن جعفر، عن شعبة، به.
وأخرجه مسلم (١٨٥٢) (٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٤٦٩) و(٣٤٧٠) من طرق عن زياد بن علاقة، به. وزاد النسائي في روايته الأولى: «فإن يد الله على الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض».
وأخرجه بنحوه مسلم (١٨٥٢) من طريق وقدان العبدي، عن عرفجة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٢٩٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٧٧).
وقوله:«وهنات»: جمع هنة، والمراد بها هنا الفتك والأمور الحادثة.
و«جميع»، قال السندي: أي: مجتمعون على إمام واحد.
قال الإِمام النووي في «شرح مسلم» ١٢/ ٢٤١: فيه الأمر بقتال من خرج على الإِمام، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك، ويُنهى عن ذلك، فإن لم ينته قوتِل، وإن لم يندفع شَرُّه إلا بقتله، فقُتِلَ كان هدرًا.
(٢) الخوراج: جمع خارجة، أي: طائفة خرجوا عن الدين، وهم قوم مبتدعون سموا بذلك؛ لأنهم خرجوا على خيار المسلمين، وقال الشهرستاني في «الملل والنحل»: =

أن عليًّا ذَكَر أهل النَّهروان فقال: فيهم رجلٌ مُودَنُ اليد أو مُخدَجُ اليد، أو مَثْدُونُ اليد - لولا أن تَبطَرُوا لنبَّاتكم ما وَعَدَ الله عز وجل


= كل من خرج على الإِمام الحق (كالإمام علي رضي الله عنه فهو خارجي سواء في زمن الصحابة أو بعدهم؟ وقال أبو بكر بن العربي الخوارج صنفان: أحدهما: يزعم أن عثمان وعليًا وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضي بالتحكيم كفار. والصنف الآخر يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلد في النار أبدًا، ولهم مقالات خاصة مثل تكفير العبد بالكبيرة، وجواز كون الإِمام من غير قريش. . . قال في «إرشاد الساري» ١٠/ ٨٧: وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق، وأن حكم الإِسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين، ومواظبتهم على أركان الإِسلام، انما فسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد، وجرهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم، والشهادة عليهم بالكفر والشرك.
وقال القاضي عياض: كادت هذه المسألة أن تكون أشد إشكالًا عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبد الحق الإِمام أبا المعالي عنها، فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة، إخراج مسلم منها عطية في الدين، قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقال: لم يصرح القوم بالكفر، انما قالوا أقوالًا تؤدي إلى الكفر.
وقال الغزالي في كتاب «التفرقة بين الإيمان والزندقة»: الذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وَجَدَ إليه سبيلًا، فإن استباحة دماء المسلمين المصلين المقرين بالتوحيد خطأ، والخطأ فى ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ فى سفك دم مسلم واحد.
ونقل الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١٢/ ٣٨٥ - ٣٨٦ عن الإِمام الغزالي في كتابه «الوسيط» في حكم الخوارج وجهان: أحدهما: أنه كحكم أهل الردة، والثاني: أنه حكم أهل البغي، ورجح الرافعي الأول.
قال الحافظ: وليس الذي قاله مضطردًا فى كل خارجي، فإنهم على قسمين:
أحدهما من تقدم ذكره، والثاني: من خرج في طلب الملك لا الدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضًا: قسم خرجوا غضبًا للدين، من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل حق ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كان فيهم شبهة أم لا وهم البغاة.

الذين يقتلونَهم على لسان محمدٍ ﷺ، قال: قلت: أنتَ سَمعْتَ هذا منه؟ قال: قال: إي ورَبِّ الكعبة (١).
٤٧٦٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيان، عن أبيه، عن ابن أبي نُعْمٍ
عن أبي سعيدِ الخُدريّ، قال: بَعَثَ عليٌّ إلى النبِّي ﷺ بذُهيْبةٍ في تُربَتها، فقسمها بين أربعة: بين الأقرع بن حابسٍ الحنظلى ثم


(١) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعبيدة: هو ابن عمرو السلماني.
وأخرجه مسلم (١٠٦٦) عن محمَّد بن أبي بكر المقدسي، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٠٦٦)، وابن ماجه (١٦٧) من طريق إسماعيل ابن علية، عن أيوب، به.
وأخرجه مسلم (١٠٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥١٩) من طريق عبد الله بن عون، والنسائي (٨٥٢٠) من طريق عوف، كلاهما عن محمَّد بن سيرين، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٩٣٨).
وانظر حديث علي الآتي (٤٧٦٧) و(٤٧٦٨).
قوله: «مُخدج اليد»، قال السندي على «حاشية المسند»: بخاء معجمة ثم دال مهملة ثم جيم: اسم مفعول من أخدج، أي: ناقص اليد، أي: قصيرها. وكذا «مودن اليد» بالدال المهملة لفظا ومعنى.
و«مثدون»: كمفعول، بثاء مثلثة ودال مهملة، أي: صغير اليد مجتمعها، والمثدون: الناقص الخلق.
وقوله: «لولا أن تبطروا» كتفرحوا لفظًا ومعنى، والمراد: لولا خشيةُ أن تفرحوا فرحًا يؤدي إلى ترك الأعمال وكثرة الطغيان ...
والنهروان: كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الأعلى متصل ببغداد، وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج مشهورة.

المجاشعيِّ، وبين عُيينة بن بدرٍ الفَزَارىِّ، وبينَ زيد الخيل الطائيِّ، ثم أحد بني نبهانَ، وبين علقمةَ بن عُلاثةَ العامرىِّ، ثم أحد بني كلاب، قال: فغضِبَتْ قريشٌ والأنصارُ، وقالت: يُعطي صَناديدَ أهلِ نجدٍ، ويَدَعُنا، فقال: «إنما أتألَّفهم» قال: فاقبلَ رجلٌ غائرُ العينين، مشرفُ الوجنَتين ناتئ الجبين، كثُّ اللحية محلوق، قال: اتق الله يا محمَّد، فقال: «مَنْ يطيعُ الله إذا عصيتُه، أيامنني الله على أهلِ الأرضِ ولا تأمنوني؟!» قال: فسألَ رَجلٌ قَتْله أحسبه خالدَ بن الوليد، قال: فمنعه، قال: فلما وَلَّى، قال:«إنّ مِن ضِئضِئ هذا- أو في عَقِبِ هذا- قومًا يقرؤون القرآنَ لا يُجاوزُ حَناجِرَهم، يَمرُقُون من الإِسلام مُروقَ السَّهم من الرَّميّة، يقتلون أهلَ الإِسلام، ويدَعُونَ أهلَ الأوثانِ، لئئن أنا أدركتُهم لأقتُلنَهم قَتلَ عاد» (١).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وابن أبي نعم: هو عبد الرحمن.
وعلقه البخاري (٣٣٤٤) وقال، قال ابن كثير (وهو محمَّد شيخ أبي داود) عن سفيان، بهذا الإسناد، ووصله عنه في تفسير سورة براءة برقم (٤٦٦٧) ولم يسقه بتمامه.
وأخرجه البخاري (٧٤٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٥٠) من طريق عبد الرزاق، والبخاري (٧٤٣٢) عن قبيصة، كلاهما عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه مسلم (١٠٦٤) (١٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٧٠) و(١١١٥٧) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، عن سعيد بن مسروق والد سفيان، به.
وأخرجه البخاري (٤٣٥١)، ومسلم (١٠٦٤) من طريق عمارة بن القعقاع، عن عبد الرحمن بن أبي نعم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (٢٥). =

٤٧٦٥ - حدَّثنا نصرُ بن عاصم الأنطاكيُّ، حدَّثنا الوليدُ ومبشِّرُ بنُ إسماعيل الحلبيُّ، عن أبي عمرو -قال يعني الوليد: حدَّثنا أبو عمرو- حدَّثني قتادة
عن أبي سعيدِ الخدريِّ وأنس بن مالكِ، عن رسول الله ﷺ، قال: «سيكونُ في أمَّتي اختلافٌ وفُرقة، قومٌ يُحسنون القِيلَ ويُسيئون الفعلَ، يقرؤون القرآنَ، لا يُجاوزُ تراقيَهُم، يَمرُقون من الدّينِ مُروقَ الَّسَّهْم من الرَّميَّة، لا يَرجِعونَ حتى يَرتدَّ على فُوقِه، هم شرُّ الخلْق والخليقة، طُوبى لمن قَتَلَهُمْ وقتلوه، يَدْعُون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، مَن قاتَلَهم كانَ أولى بالله منهم» قالوا: يا رسول الله ﷺ، ما سيماهُم؟ قال: «التحليق» (١).


= قوله: زيد الخيل: وسماه رسول الله ﷺ زيد الخير، وهو زيد بن مهلهل، قَدِمَ على رسول الله ﷺ في وفد طيّئ سنة تسع فأسلم.
والصناديد: واحده صنديد، وهو السيد الشجاع، وكل عظيم غالب صنديد.
وقوله: «من ضِئضى هذا»، قال ابن الأثير في «النهاية»: الضِئضئ: الأصل.
يقال: ضِئضِى صِدق، وضُؤضُو صِدق. وحكى بعضهم ضِئضيءٌ، بوزن قِنديل، يريد أنه يخرج من نَسلِه وعَقِبه. ورواه بعضهم بالضاد المهملة. وهو بمعناه.
وقال الخطابي: الضئضى: الأصل يريد أنه يخرج من نسله الذي هو أصلهم، أو يخرج من أصحابه وأتباعه الذين يقتدون به، ويبنون رأيهم ومذهبهم على أصل قوله.
والمروق: الخروج من الشيء والنفوذ إلى الطرف الأقصى منه.
والرمية: هي الطريدة التي يرميها الرامي.
(١) إسناده عن أنس صحيح، بإسناده عن قتادة فيه انقطاع، فإنه لم يسمع من أبي سعيد الخدري، انما سمع هذا الحديث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد، أخرجه الحاكم في «مستدركه» ٢/ ١٤٨. الوليد: هو ابن مسلم، وأبو عمرو: هو عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي.
وأخرجه أبو يعلى (٣١١٧) في «مسنده» عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن مبشر بن إسماعيل وحده، بهذا الإسناد. =

٤٧٦٦ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة
عن أنس بن مالكِ أن رسولَ الله ﷺ، نحوه، قال: «سيماهُمُ التَّحليقُ والتَّسبيدُ، فإذا رأيتموهُم فأنيموهم» (١).


= وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٣٣٨)، والبيهقي في «السنن» ٨/ ١٧١ من طريق أبي المغيرة، والبيهقي ٨/ ١٧١ من طريق الولبد بن مزيد، والحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٤٨ من طريق بشر بن بكر، ثلاثتهم عن الأوزاعي، به.
وأخرجه أبو يعلى (٢٩٦٣) عن سويد بن سعيد، عن الوليد بن مسلم، به. ولم يذكر فيه أبا سعيد الخدري.
وأخرجه كذلك الحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٤٧ - ١٤٨، والبيهقي في «الدلائل» ٦/ ٤٣٠ من طريق محمَّد بن كثير المصيصي، والآجري في «الشريعة» ص ٢٥ من طريق يزيد بن يوسف، كلاهما عن الأوزاعي، به.
وأخرجه مختصرًا أبو يعلى (٣٩٠٨) من طريق مبارك بن سحيم، عن عبد العزيز ابن صهيب، عن أنس. ومبارك متروك.
وانظر حديث أبي سعيد السالف قبله.
وحديث أنس الآتي بعده.
وقوله: «سيماهم»، قال النووي في «شرح مسلم» ٧/ ١٤٨: السيما: العلامة وفيها ثلاث لغات: القصر وهو الأفصح، وبه جاء القرآن، والمد، والثالثة السيمياء بزيادة ياء مع المد لا غير.
والمراد بالتحليق: حلق الرؤوس، واستدل به بعض الناس على كراهة حلق الرأس ولا دلالة فيه، وإنما هو علامة لهم، والعلامة قد تكون بحرام وقد تكون بمباح كما قال النبي-ﷺ: «آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة» ومعلوم أن هذا ليس بحرام وقد ثبت في «سنن أبي داود» بإسناد على شرط البخاري ومسلم أن رسول الله ﷺ رأى صبيا قد حلق بعض رأسه، فقال: «احلقوه كله أو اتركوه كله» وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلًا. قال أصحابنا: حلق الرأس جائز بكل حال لكن إن شق عليه تعهده بالدهن والتسريح استحب حلقه، وإن لم يشق استحب تركه.
(١) إسناده صحيح.

قال أبو داود: التَسبيدُ: استئصال الشَّعر (١).
٤٧٦٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا الأعمشُ، عن خيثمةَ، عن سويد بن غَفَلَة قال:
قال عليٌّ: إذا، حدَّثتكم، عن رسول الله ﷺ حديثًا فلأَنْ أخِرَّ من السما، أحبُ إلىَّ من أن أكذِبَ عليه، وإذا حدَّثتكم فيما بيني وبينكم فإنما الحربُ خَدْعَةٌ، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول:» يأتي في آخِرِ الزمان قوم حُدَثاءُ الأسنانِ، سُفَهاء الأحلامِ، يقولون مِن خيرِ قولِ البريَّة، يَمرُقونَ من الإِسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ مِن الرَّميه، لا يجاوز إيمانُهُم حَناجِرَهم، فاينما لقيتُموهُم فاقتلُوهم، فإنّ قتلَهُم أجز لمن قَتلَهم يومَ القيامة (٢).


= وأخرجه ابن ماجه (١٧٥) عن الحسن بن علي، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٠٣٦).
وانظر ما قبله.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (١) و(ب) و(هـ)، وهي في رواية ابن الأعرابي وابن العبد، و«التسبيد»، قال ابن الأثير في «النهاية»: هو الحلق واستئصال الشعَر، كما فسره أبو داود بإثر الحديث. وقيل: هو ترك التَّدَهن وغسل الرَّأس.
وتفسيره بهذا أولى هنا، ليكون مغايرًا للتحليق المعطوف عليه. قال الشيخ محيي الدين عبد الحميد: وعلى كل حال فهذه العبارة كناية عن كون هؤلاء القوم يبالغون في الإخشيشان والتقشف وعدم المبالاة بظواهرهم زعمًا منهم أن هذا داخل في باب الزهد والتقوى.
قوله: «فأنيموهم»، أى: اقتلوهم.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، والأعمش: هو سيمان بن مهران، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة. =

٤٧٦٨ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، عن عبد المَلك بن أبي سُليمان، عن سَلَمَة بن كُهَيل
أخبرني زيدُ بن وهب الجهنيُّ، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع على، الذين ساروا إلى الخوارج، فقال على: أيُّها الناسُ: إني سَمِعت رسولَ الله ﷺ يقول:«يخرُجُ قومٌ من أمَّتي يقرؤون القرآن، ليست قراءتُكم إلى قراءتهم شيئًا، ولا صلاتُكم إلى صلاتهم شيئًا، ولا صيامُكم إلى صيامهم شيئًا، يقرؤون القرآنَ يحسَبُون أنه لهم وهو عليهم، لا تُجاوزُ صلاتُهم تراقيَهم، يَمرُقونَ من الإِسلام كما يَمرُقُ السَّهمُ من الرَّميّة، لو يعلَم الجيشُ الذين يُصيبونَهم ما قُضِيَ لهم على لسانِ نبيِّهم ﷺ لنَكَلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلًا له عَضُد وليست له ذراعٌ، على عَضُدِه مثلُ حَلَمةِ الثدي، عليه شعَرَات بيض»، أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتَتْركون هؤلاء يخلُفُونكم في


= وأخرجه البخاري (٣٦١١) و(٥٠٥٧) عن محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (١٠٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٥١) من طريق عبد الرحمن ابن مهدي، ومسلم (١٠٦٦) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه البخاري (٦٩٣٠)، ومسلم (١٠٦٦) (١٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥١٠) من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه بنحوه النسائي (٨٥١١) من طريق أبي إسحاق، و(٨٥١٢) من طريق أبي قيس الأودي، كلاهما عن سويد بن غفلة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦١٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٧٣٩).
وانظر ما بعده.
وقوله: «حدثاء الأسنان»، قال السندي في «حاشيته على المسند»، أي: صغار
الأسنان (وهو كناية عن الشباب وأول العمر) فإن حداثة السنّ محل للفساد عادة.
وقوله: «سفهاء الأحلام»، أي: ضعاف العقول.

ذَراريِّكم وأموالكم؟ والله إني لأرجُو أنْ يكونوا هؤلاء القومَ، فإنّهم قد سَفَكُوا الدَّمَ الحرامَ، وأغاروا في سَرْح النّاس، فسيروا على اسم الله، قال سلمةُ بن كُهَيل: فنزَّلَني زيدُ بنُ وهبِ منزلًا منزلًا، حتى مَرَّ بنا على قنطرةٍ، قال: فلما التَقَيْنا وعلى الخوارج يومئذٍ عبد الله ابن وهْب الرَّاسبىُّ، فقال لهم: ألقُوا الرماحَ وسُلُّوا السُّيوفَ من جُفونها، فإني أخاف أن يُناشِدُوكم كما نَاشَدُوكم يومَ حَرُوراء، قال: فوحَّشُوا برماحهم، واستلُّوا السُّيوفَ، وشَجَرَهم الناسُ برماحِهِم، قال: وقَتَلُوا بعضَهُم على بعضِهم، قال: وما أُصيبَ من الناسِ يومئذٍ إلا رجلان، فقال عليٍّ: التمِسُوا فيهم المُخْدَجَ، فلم يَجِدُوا، فقام عليٌّ بنفسه، حتى أتى ناسًا قد قُتِل بعضُهُم على بعض، فقال: أخرجُوهُم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكَبَّر، وقال: صَدَقَ الله، وبلَّغ رسولُه، فقام إليه عَبيدةُ السَّلمانىُّ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، آللهِ الذي لا اله إلا هو لقد سَمِعتَ هذا من رسول الله ﷺ؟ فقال: إيْ، والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلَفَه ثلاثًا، وهو يَحلِف (١).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٠٦٦) عن عبد بن حميد، والنسائي في «الكبرى» (٨٥١٨) عن العباس بن عبد العظيم، كلاهما عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا وبنحوه النسائي في «الكبرى» (٨٥١٧) من طريق موسى بن قيس، عن سلمة بن كهيل، به.
وأخرجه مختصرًا النسائي في «الكبرى» (٨٥١٦) من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٠٦). =

٤٧٦٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن جميل بن مرة، حدَّثنا أبو الوضيء، قال:
قال عليٌّ: اطلُبُوا المُخدَجَ، فذكرَ الحديث، فاستخرجوه من تحتِ القتلى في طينٍ، قال أبو الوضيء: فكأني أنظُرُ إليه حَبَشِىٌّ عليه قُرَيطِقٌ له، إحدى يَدَيه مثل ثَدي المرأة، عليها شُعَيراتٌ مثلُ شُعيراتِ التي تكون على ذَنَبِ اليَرْبُوع (١) َ.


= وأخرجه بنحوه مسلم (١٠٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥٥٩) من طريق بسر ابن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي. وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٦٩٣٩).
وأخرجه النسائي (٨٥١٣) من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد، عن علي. وهو بنحوه. وهو في «مسند أحمد» (٨٤٨).
وأخرجه بنحوه النسائي (٨٥١٥) من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه كليب، عن علي. وهو في «مسند أحمد» (١٣٧٨) و(١٣٧٩).
وانظر حديث علي السالف أيضًا (٤٧٦٣) من طريق عَبيدة السلماني عنه.
وانظر ما بعده.
وقوله: «فوحَّشُوا»، قال الخطابي في«معالم السنن» ٤/ ٣٣٥: فوحشوا برماحهم معناه: رَموْا بها على بُعدٍ، يقال للإنسان إذاكان في يده شيءٌ، فرمى به على بعد قد وحش به، ومنه قول الشاعر:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم ... فضعوا السلاحَ ووحُشُوا بالأبرَق
وقوله:«وشجرهم الناس برماحهم»، يريد: أنهم دافعوهم بالرماح وكفوهم عن أنفسهم بها، يقال: شجرت الدابة بلجامها، إذا كلففتها به، وقد يكون أيضًا معناه: أنهم شبكوهم بالرماح، فقتلوهم من الاشتجار، وهو الاختلاط والاشتباك.
(١) إسناده صحيح. أبو الوضيء: هو عباد بن نُسيب.
وأخرجه الطيالسي (١٦٩) عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. =

٤٧٧٠ - حدَّثنا بِشرُ بن خالدٍ، حدَّثنا شَبابةُ بن سَوَّار، عن نُعَيم بن حكيم
عن أبي مريم، قال: إن كانَ ذلك المُخْدَجُ لمعنا يومئذٍ في المسجد، نُجالِسُه باللَّيل والنَّهار، وكان فقيرًا، ورأيتُه مع المساكين يشهدُ طعامَ علىّ مع الناس، وقد كلسوتُهُ بُرنُسًا لي (١).
قال أبو مريم: وكان المُخْدَجُ يُسمَّى نافعًا ذا الثُّديَّة، وكان في يده مثل ثَدْي المرأة، على رأسِه حَلَمة مثلُ حلمةِ الثَّدْي، عليه شُعيراتٌ مثلُ سِبالةِ السِّنُّور.
قال أبو داود: هو عند الناس اسمه حُرْقُوص (٢).


= وأخرجه أحمد في «مسنده» (١١٧٩) و(١١٨٨)، وأبو يعلى (٤٨٠) و(٥٥٥) من طرق عن حماد بن زيد، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١١٨٩) و(١١٩٧)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٥٣١ - ٥٣٣ من طريق يزيد بن أبي صالح، عن أبي الوضيء، به. ورواية الحاكم مطولة.
وانظر ما قبله، وما بعده.
وقوله: عليه قُريطق، قال ابن الأثير في «النهاية»: هو تصغير قُرْطَق، أي: قَبَاء، وهو تعريب: كُرْتَه، وقد تُضَم طاؤه. وإبدال القاف من الهاء في الأسماء المُعَرَّبة كثير، كالبَرَق، والباشَق، والمُنشُق.
واليربوع: هو حيوان صغير على هيئة الجُرذ الصغير، وله ذنب طويل ينتهي بخصلة من الشعر، وهو قصير اليدين طويل الرجلين، لونه كلون الغزال.
(١) قول أبي مريم -وهو الثقفي، واسمه: قيس- إسناده حسن. ونعيم بن حكيم: صدوق حسن الحديث. وباقى رجاله ثقات.
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

٣٢ - باب في قتال اللُّصوص
٤٧٧١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني عبد الله بن حسنٍ، حدَّثني عمي إبراهيمُ بن محمَّد بن طلحة
عن عبدِ الله بن عمرو، عن النبيِّ-ﷺ قال: «مَنْ أريد مالُهُ بغيرِ حَق، فقاتلَ، فقُتِلَ فهو شَهيدٌ» (١).


(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٥٣٧) عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (١٤٧٩) من طريق محمَّد بن عبد الوهاب، و(١٤٨٠) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثورى، به.
وأخرجه الترمذي (١٤٧٨) من طريق عبد العزيز بن المطلب، عن عبد الله بن الحسن، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٥٣٨) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن الحسن، عن محمَّد بن إبراهيم بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، به. قال النسائي: هذا خطأ، والصواب الذي قبله. (يعني الصواب: عبد الله ابن الحسن، عن إبراهيم بن محمَّد بن طلحة كما هو في إسناد أبي داود).
وأخرجه البخاري (٢٤٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٣٥) من طريق أبي الأسود محمَّد بن عبد الرحمن، والنسائي (٣٥٣٦) من طريق عبد الله بن الحسن كلاهما عن عكرمة، والنسائي (٣٥٣٣) من طريق عمرو بن دينار، و(٣٥٣٤) من طريق عبد الله بن صفوان (ثلاثتهم عكرمة وعمرو وعبد الله بن صفوان) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به.
وأخرجه مسلم (١٤١) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني سليمان الأحول أن ثابتًا مولى عمر بن عبد الرحمن أخبره أنه لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان، تيسروا للقتال، فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو، فوعظه خالد، فقال عبد الله بن عمرو أما علمت أن رسول الله ﷺ قال ... فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٢٢) و(٦٨١٦).

٤٧٧٢ - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا أبو داودَ الطَّيالسيُّ وسليمانُ بنُ داودَ -يعني أبا أيوبَ الهاشمي- عن إبراهيمَ بن سعدِ، عن أبيه، عن أبي عُبيدةَ ابن محمَّد بن عمار بن ياسر، عن طلحة بن عبد الله بن عوف
عن سعيد بن زيدٍ، عن النبي-ﷺ قال: «مَنْ. قُتِلَ دونَ ماله فهو شهيد، ومَنْ قُتِلَ دون أهلِه أو دون دَمِه أو دون دِينِه فهو شهيدٌ» (١).
آخر كتاب السنة


قال الإِمام الخطابي: قد ندب الله سبحانه في غير آية من كتابه إلى التعرض للشهادة، وإذا سمى رسول الله ﷺ شهيدًا، فقد دلَّ ذلك على أن من دافع عن ماله أو عن أهله، أو عن دينه -إذا أريد على شيء منها- فأتى القتل عليه، كان مأجورًا فيه، نائلًا به منازل الشهداء.
وقد كره ذلك قوم، زعموا أن الواجب عليه أن يستسلم، ولا يقاتل عن نفسه،
وذهبوا في ذلك إلى أحاديث رُويت في ترك القتال في الفتن، وفي الخروج على الأئمة.
وليس هذا من ذاك في شيء، إنما جاء هذا في قتال اللصوص وقطاع الطرق وأهل البغي، والساعين في الأرض بالفساد، ومن دخل في معناهم من أهل العبث والإفساد.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٥٤٤) عن محمَّد بن رافع ومحمد بن إسماعيل، كلاهما عن سليمان بن داود وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (١٤٨١) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، والنسائي (٣٥٤٣) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن إبراهيم بن سعد، به.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (٢٥٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٣٩) من طريق سفيان، والنسائي (٣٥٤٠) من طريق محمَّد بن إسحاق، كلاهما عن الزهري، عن طلحة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٨) و(١٦٥٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣١٩٤).
وأخرجه الترمذي (١٤٧٧) من طريق معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل، عن سعيد بن زيد. مختصرًا. فزاد في الإسناد بين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= طلحة وسعيد بن زيد عبد الرحمن بن عمرو، قال الحافظ في «فتح الباري» ٥/ ١٠٤: ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون طلحة سمع هذا الحديث من سعيد بن زيد، وثبته فيه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل، فلذلك كان ربما أدخله في السند. والله أعلم.
وهو عند ابن حبان في صحيحها (٣١٩٥) بالزيادة نفسها في السند. قال أبو حاتم: روى هذا الخبر أصحابُ الزهري الثقات المتقنون، فاتفقوا كلهم على روايتهم هذا الخبر عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن سعيد بن زيد خلا معمر وحده، فإنه أدخل بين طلحة بن عبد الله، وبين سعيد بن زيد عبد الرحمن بن سهل، وأخاف أن يكون ذلك وهمًا. وقد قال معمر في هذا الخبر (يعني رواية ابن حبان هذه): بلغني عن الزهري، فيُشبه أن يكون سمعه من بعض أصحابه عن الزهري، فالقلبُ إلى رواية أولئك أميل.
قلنا: وأخرجه أحمد في «المسند» (١٦٤٢) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: أتتني أروى بنت أويس في نفر من قريش، فيهم عبد الرحمين بن عمرو بن سهل، فقالت ... وساقت حديثًا وفي آخره:
«ومن قتل دون ماله فهو شهيد». وإسناده حسن. محمَّد بن إسحاق روى له أصحاب السنن" وعلق له البخاري، وروى له مسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وقد صرَّح بالتحديث عند أبي يعلى (٩٥٠) فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
* * *

 


google-playkhamsatmostaqltradent