recent
آخر المقالات

أول كتاب الأدب

 

١ - باب في الحلم وأخلاق النبي-ﷺ-
٤٧٧٣ - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ الشَّعيري، حدَّثنا عُمرُ بنُ يونسَ، حدَّثنا عِكرِمَة -يعني ابنَ عمار-، حدَّثني إسحاقُ -يعني ابنَ عبدِ الله بنِ أبي طلحةَ- قال:
قال أنسٌ: كان رسولُ الله ﷺ مِنْ أحسنِ الناسِ خُلُقًا، فأرسلَني يومًا لِحاجَةٍ، فقلتُ: واللهِ لا أذهَبُ -وفي نفسي أن أذهَبَ لما أمَرَني به نبيُّ اللهِ ﷺ- فقال: فخرجتُ، حتى أمُرَّ على صبيانٍ، وهم يلعبونَ في السُّوق، فإذا رسولُ الله ﷺ قابض بقفايَ من ورائي، فنظرتُ. إليه وهو يضحكُ، فقال: «يا أنيسُ، اذهب حيثُ أمرتُك» قلتُ: نعم، أنا أذهب يا رسولَ الله ﷺ -ِ، قال أنس: والله لقد خدمتُه سبعَ سِنين، أو تسعَ سنين، ما علمتُ قال لشيءٍ صنعتُ: لِمَ فعلتَ كذا وكذا، ولا لشيءٍ تركتُ: هلًا فعلتَ كذا وكذا (١).
٤٧٧٤ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمةَ، حدَّثنا سليمانُ -يعني ابنَ المُغيرةِ- عن ثابتٍ



(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٣٠٩) عن أبي معن الرقاشي زيد بن يزيد، عن عمر بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٧٦٨) و(٦٩١١)، ومسلم (٢٣٠٩) و(٥٢) و(٥٣) و(٥٥) من طرق عن أنس، به وجاءت روايتهم بنحو حديثنا، وفي بعضها اختصار وزيادة.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٧٤) و(١٣٠٢١)، و«صحيح ابن حبان» (٢٨٩٣).
وانظر ما بعده.

عن أنسٍ، قال: خدمتُ النبي-ﷺ عشرَ سِنين بالمدينةِ، وأنا غلام
ليس كل أمري كما يشتهي صَاحِبي أن أكونَ عليه، ما قال لي فيها أفٍّ قطٌّ، وما قال لي: لِمَ فعلتَ هذا؟ ألاَّ فعلتَ هذا (١).
٤٧٧٥ - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا أبو عامرٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ هِلال، سَمعَ أباه يُحدثُ، قال:
قال أبو هريرة وهو يُحدًثنا: كان النبيَّ ﷺ يجلِسُ معنا في المجلِسِ يُحدّثنا، فإذا قامَ قُمنا قيامًا حتى نراه قد دخلَ بعضَ بيوتِ أزواجِه، فحدَّثنا يومًا، فقُمنا حينَ قامَ، فنظرنا إلى أعرابي قد أدرَكُه فَجَبَذَهُ بردائِه، فحمَّر رقبَتَه، قال أبو هريرة: وكان رداء النبي ﷺ خشنًا، فالتفتَ، فقال له الأعرابي: احمِل لي على بعيرىَّ هذين، فإنَك لا تحمِلُ لي مِنْ مالِكَ ولا مِن مالِ أبيكَ، فقال النبيَّ ﷺ: «لا، وأستغفِرُ الله، لا، وأستغفِرُ الله، لا، وأستغفِرُ الله، لا أحمِلُ لك حتى تُقِيدني مِنْ جَبْذَتِك التي جَبَذْتَني»، فكل ذلك يقولُ له الأعرابيُّ: واللهِ لا أقيِدُكَها، فذكر الحديثَ، قال: ثم دعا رجلًا، فقال له: «احمِل لهُ على بعيريه


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه بنحوه البخاري (٦٠٣٨) من طريق سلام بن مسكين، ومسلم (٢٣٠٩) من طريق حماد بن زيد، والترمذي -وفيه زيادة- (٢١٣٤) من طريق جعفر بن سليمان، ثلاثتهم، عن ثابت، عن أنس.
وهو في»مسند أحمد«(١٣٠٢١) و(١٣٥٣٤)، و»صحيح ابن حبان" (٢٨٩٣) و(٢٨٩٤).
وانظر ما قبله.

هذين: على بعيرٍ شَعيرًا، وعلى الآخر تمرًا»، ثم التفت إلينا، فقال: «انصرِفُوا على بركةِ الله عز وجل» (١).

٢ - باب في الوَقَار
٤٧٧٦ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا قابوسُ بنُ أبي ظبيانَ، أن أباه حدثه حدَّثنا عبدُ الله بنُ عباس، أن نبيَّ الله ﷺ قال: «إن الهَدْيَ الصَّالحَ، والسَّمْتَ الصَّالحَ، والاقتصادَ، جُزءُ مِنْ خمْسةٍ وعشرين جُزءًا مَن النُبوَّةِ» (٢).


(١) هلال والد محمَّد -وهو هلال بن أبي هلال المدني- روى عن أبي هريرة وأبيه أبي هلال المدني وميمونة بنت سعد خادم النبي-ﷺ، وروى عنه ابنه محمَّد بن هلال المدني وخالد بن سعيد بن أبي مريم وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجاله ثقات. أبو عامر: هو مالك بن عمرو. ولقصة الأعرابي شاهد صحيح من حديث أنس عند أحمد (١٢٥٤٨)، والبخاري (٣١٤٩)، ومسلم (١٠٥٧) ولفظه عن أنس قال: كنت أمشي مع رسول الله ﷺ وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرتُ إلى صفحة عنق رسول الله ﷺ، وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمَّد مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله ﷺ، فضحك، ثم أمر له بعطاء.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٧٨٦٩) عن زيد بن الحباب، والنسائي في «الكبرى» (٦٩٥٢) من طريق عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن محمَّد بن هلال، بهذا الإسناد.
وقوله: فذكر الحديث: تمامه عند النسائي في روايته: فلما سمعنا قول الأعرابي، أقبلنا إليه سراعا، فالتفت إلينا رسول الله ﷺ، فقال: «عزَمْتُ على من سمع كلأمي أن لا يبرَحَ مقامه حتى آذن له».
وقوله: «فجبذه بردائه»، قال ابن الأثير في «النهاية»، الجبْذُ: لغة في الجذْبِ، وقيل: هو مقلوب.
(٢) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، قابوس بن أبي ظبيان ليِّن، وباقي رجاله ثقات. زهير: هو ابن معاوية. والنفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن نفيل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وعند البيهقي في «الآداب» (١٧٤) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٦٩٨) عن الحسن، والبخاري في «الأدب المفرد» (٤٦٨)، وبإثر (٧٩١)، والطبرآني في «الكبير» (١٢٦٠٨)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ١٩٤، وفي «الشعب» (٦٥٥٥) و(٨٠١٠) من طريق أحمد بن يونس، كلاهما (الحسن وأحمد بن يونس) عن زهير بن معاوية، به.
وأخرجه البخاري في «الأدب» (٧٩١) من طريق عبيدة بن حميد، والطبراني (١٢٦٠٩)، والبيهقي في الشعب، (٨٤٢٠) من طريق سفيان الثوري، وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ٢٦٣ من طريق مسعر، ثلاثتهم عن قابوس، به.
وأخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (٣٠٦) من طريق سالم بن أبي الجعد، عن غريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «التؤدة والاقتصاد والتثبتُ والصمتُ جُزءٌ من ستة وعشرين جزءًا من النبوة».
وأورده مالك في «الموطأ» بلاغًا ٢/ ٩٥٤ - ٩٥٥ عن ابن عباس أنه كان يقول: القصد والتؤدة وحسن السمت، جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة، فجعله موقوفًا على ابن عباس.
وله شاهد بإسناد حسن من حديث عبد الله بن سرجس، أخرجه الترمذي في «سننه» (٢١٢٨) بلفظ: «السمتُ الحسنُ والتُؤَدَةُ والاقتصادُ جزءُ من أربعةٍ وعشرين جُزءًا من النبوّة».
وقال الخطابي في«معالم السنن» ٤/ ١٠٦: هدي الرجل: حاله ومذهبه، وكذلك سمتُه. وأصل السمت: الطريق المنقاد.
والاقتصاد: سلوك القصد في الأمر والدخول فيه برفق وعلى سبيل يمكن الدوامُ عليه كما روي أنه قال: «خير الأعمال أدومها وإن قل».
يريد أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن الخصال المعدودة من خصالهم، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم وتابعوهم عليها.
وليس معنى الحديث أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة مكتسبة ولا مجتلبة بالاسباب، وإنما هي كرامة ملأ الله سبحانه وخصوصية لمن أراد إكرامه بها من عباده: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤] وقد انقطعت النبوة بموت النبي ﷺ.=

٣ - باب من كَظَمَ غيظًا
٤٧٧٧ - حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو ابنُ السرْح، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سعيدٍ -يعني ابنَ أبي أيوبَ- عن أبي مرحومِ، عن سهل بن مُعاذ
عن أبيه أن رسولَ الله ﷺ -ِ قال: «من كظمَ غيظًا، وهو قادِرٌ على أن يُنفِذَهُ، دعاهُ الله عز وجل على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ، حتى يُخيِّره مِنْ أىِّ الحُورِ شَاءَ (١)» (٢).


= وفيه وجه آخر وهو أن يكون معنى النبوة هاهنا: ما جاءت به النبوة ودعت إليه الأنبياء صلوات الله عليهم.
يريد أن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين جزءًا مما جاءت به النبوات ودعا إليه الأنبياء صلوات الله عليهم.
وقد أمرنا باتباعهم في قوله عز وجل: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام:٩٠].
وقد يحتمل وجهًا آخر، وهو أن من اجتمعت له هذه الخلال لقيه الناس بالتعظيم والتوقير وألبسه الله لباس التقوى الذي يلبسه أنبياءه، فكأنها جزء من النبوة. والله أعلم.
(١) المثبت من (هـ)، ونسخة على هامش (ج)، وهو الموافق لرواية البيهقي في «السنن الكبرى» ٨/ ١٦١، وفي «شعب الإيمان» (٨٣٠٣) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد، وهو الموافق أيضًا لما في مصادر التخريج، وفي (أ) و(ب):«من الحور ما شاء»، وفي (ج): «من الحور العين ما شاء».
(٢) إسناده حسن من أجل أبي مرحوم -واسمه عبد الرحيم بن ميمون- وسهل ابن معاذ بن أنس، وباقي رجاله ثقات. وابن السّرْح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله ابن عمرو بن السرح.
وأخرجه ابن ماجه (٤١٨٦) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢١٤٠) و(٢٦٦١) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سيد بن أبي أيوب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٦١٩) و(١٥٦٣٧).
وانظر الحديث الآتي بعد هذا. =

قال أبو داود: اسمُ أبي مرحُومٍ: عبد الرحيم بن ميمون (١).
٤٧٧٨ - حدَّثنا عُقبةُ بنُ مُكرَمٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن -يعني ابنَ مهدىَّ- عن بِشر -يعني ابنَ منصورٍ-، عن محمدِ بنِ عجلان، عن سُويد بن وهب، عن رجل من أبناء أصحابِ النبي-ﷺ
عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: نحوه، قال: «ملأَه اللهُ أمنًا وإيمانًا» لم يذكر قِصةَ «دعاه الله»، زاد: «ومن تَرَك لُبس ثوبِ جَمَالٍ وهو يَقدِرُ عليه -قال بشر: أحسبهُ قال- تواضعًا، كساه اللهُ حُلَّةَ الكرامةِ، ومن زوَّجَ للهِ تعالى، تَؤَجَهُ الله تاجَ المُلكِ» (٢).


= وقوله: «من كظم غيظه»، قال السندي؛ أي: حبس نفسه عن إجراء مقتضاه.
«وهو قادر على أن ينفذه»، قال السندي، أي: وهو قادر على أن يأتي بمقتضاه.
وفيه أنه إنما يحمدُ القادر على إجراء مقتضاه، وغيره يكظم جبرًا، لكن إن ترك الانتقام لميل طبعه إلى المسامحة والتحمل حتى لو قدر لترك أيضًا -لا لعدم القدرة- فهو ممن يرجى له ذلك.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامشي (أ) و(هـ).
(٢) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل من أبناء الصحابة.
وهو عند البيهقي في «الشعب» (٨٣٥٤) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه القضاعي في«مسند الشهاب» (٤٣٧) من طريق عبد الرحمن بن محمَّد ابن منصور، عن عبد الرحمن بن مهدي، به.
وللقسم الأول شاهد من حديث معاذ بن أنس وهو الحديث السالف برقم (٤٧٧٧).
وسنده حسن.
وللقسم الثاني شاهد عند أحمد (١٥٦٣١)، والترمذي (٢٦٤٨) من طريق سعيد ابن أبي أيوب، عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه معاذ قال: قال رسول الله ﷺ: «من ترك اللباس وهو يقدر عليه تواضعا لله تبارك وتعالى، دعاه الله تبارك وتعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أيِّ حلل الإيمان شاء». وسنده حسن. وانظر تمام تخريجه في «المسند».

٤٧٧٩ - حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي شيبةَ (١)، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ التيمىّ، عن الحارث بن سُويد
عن عبدِ الله قال: قال رسولُ الله ﷺ-ِ: «ما تعدُّون الصُّرَعَةَ فيكم؟» قالوا: الذي لا يصرعُهُ الرجالُ، قال: «لا، ولكنه الذي يملِكُ نفسه عندَ الغضبِ» (٢).


= وأخرجه بطوله أحمد في «مسنده» (١٥٦١٩) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه معاذ، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من كظم غيظه ...، إلى أن قال:»ومن ترك أن يلبس صالح الثياب، وهو يقدر عليه، تواضعًا له تبارك وتعالى، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يُخيِّره في حُلَلِ الإيمان أيتهن شاء«.
وهو حديث حسن في الشواهد والمتابعات. وانظر تمام تخريجه فيه.
(١) جاء في (أ): عن عثمان بن أبي شيبة، والمثبت من سائر أصولنا الخطية، ومن»تحفة الأشراف«(٩١٩٣). وقد جاء في»صحيح مسلم«رواية هذا الحديث عن أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة كليهما، إلا أن أبا بكر قد رواه عن أبي معاوية، أما عثمان فرواه عن جرير، عن الأعمش، فبان بذلك أن الصواب هنا إنما هو أبو بكر لا عثمان.
(٢) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد.
وأخرجه مسلم (٢٦٠٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٦٠٨) عن أبي غريب، عن أبي معاوية، به.
وأخرجه مسلم (٢٦٠٨) من طريق جرير، و(٢٦٥٨) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن الأعمش، به.
وعند مسلم في أوله زيادة.
وهو في»مسند أحمد«(٣٦٢٦)، و»صحيح ابن جان" (٢٩٥٠) و(٥٦٩١). =

٤ - باب ما يُقال عند الغَضَبِ (١)
٤٧٨٠ - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِ الحميد، عن عبدِ الملكِ بنِ عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن معاذ بن جَبَل، قال: استبَّ رجلانِ عندَ النبي-ﷺ، فغضبَ أحدُهما غَضَبًا شديدًا، حتى خُيِّلَ إليَّ أن أنفَهُ يتمزَّعُ مِن شدَّة غضبه، فقال النبيَّ- ﷺ: «إني لأعلَمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يَجِدُ من الغَضَبِ»، فقال: ما هِيَ يا رسولَ الله؟ قال:«يقولُ: اللَّهُمَ إني أعوذُ بِكَ مِن الشَّيطان الرجيم»، قال: فجعل معاذٌ يأمرُه، فأبى ومَحِكَ وجعلَ يزدادُ غضبًا (٢).


= وقوله:«الصُّرَعة»، قال ابن الأثير في «النهاية»، بضم الصاد وفتح الرَّاء: المبالغُ في الصِّرَاع الذي لا يُغلَب، فنقلَه إلى الذي يَغلِبُ نفسَه عند الغضب ويقهرُها، فإنه إذا مَلَكها كان قد قَهَرَ أقوى أعدائه وشر خُصومه، ولذلك قال: «أعدى عَدُوّ لك نفسك التي بين جنبيك».
وهذا من الألفاظ التي نُقِلَت عن وضعِها اللغويّ، لضَرب من التَّوسُّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام؛ لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ، وقد ثارت عليه شهوةُ الغضب، فقَهَرها بحِلْمِه، وصَرَعها بثَباته، كان كالصُّرعة الذي يصرع الرجالَ ولا يَصرعونه.
(١) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).
(٢) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا بين عبد الرحمن ابن أبي ليلى ومعاذ بن جبل. وقد اخلف فيه على عبد الملك بن عمير، فرواه مرة من حديث معاذ بن جبل، ومرة من حديث أبي بن كعب كما سيأتي في التخريج.
وأخرجه الترمذي (٣٧٥٤) و(٣٧٥٥)، والنسائي في «الكبرى» من كتاب عمل اليوم والليلة (١٠١٤٩) من طريق سفيان، والنسائي كذلك (١٠١٥٠) من طريق زائدة، كلاهما عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد. =

٤٧٨١ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةُ، عن الأعمشِ، عن عدي بنِ ثابتٍ
عن سليمان بنِ صُرَدٍ، قال: استبً رجُلانِ عندَ النبي-ﷺ، فجعلَ أحدُهما تحمَرُّ عينَاهُ، وتنتفخُ أَوْداجُه، فقال رسولُ الله ﷺ: «إني لأعرفُ كلمةَ، لو قالها هذا لذهَب عنه الذي يجد: أعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرًجيم»، فقال الرجلُ: هل تُرى بي من جُنون (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٢٠٨٦).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» من كتاب عمل اليوم والليلة (١٠١٥١) عن يوسف ابن عيسى، عن الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب. فجعل أُبيًا مكان معاذ. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن زياد، وهو ابن أبي الجعد، فقد روى له البخاري في «خلق أفعال العباد» والنسائي وابن ماجه، وهو صدوق حسن الحديث، وقال المنذري: والحديث من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب متصل.
ويشهد له حديث سليمان بن صرد الآتي بعده. وهو متفق عليه.
وقوله: «أنفه يتمزّع»، قال ابن الأثير في «النهاية»، أي: يتقَطَّعُ ويتشقّق غضبًا.
وقوله:«فأبى ومَحِك»، قال في «اللسان»، المَحكُ: المُشارّة والمنازعة في الكلام.
والمَحْك: التمادي في اللجاجَة عند المُساومة والغضب ونحو ذلك. والمُماحَكة: المُلاجَّة.
وفيه أن الغضب في غير ذات الله من نزغ الشيطان، وأن من استعاذ من الشيطان كُفَيَهُ، وسكن غضبه.
(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠١٥٣) عن هناد بن السري، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٢٨٢)، ومسلم (٢٦١٠)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٥٢) من طرق عن الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٢٠٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٦٩٢).

٤٧٨٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا داودُ ابنُ أبي هِنْدٍ، عن أبي حرب بنِ أبي الأسودِ
عن أبي ذرٍّ: أن رسولَ اللهِ ﷺ قال لنا: «إذا غضب أحدكُم وهو قائِمٌ فليجلِسْ، فإن ذهبَ عنه الغضَبُ، وإلا فلَيْضطَجِع» (١).


(١) رجاله ثقات، لكن سقط من إسناده أحد رواته، وهو أبو الأسود، قال المزي في «تهذيب الكمال» ٣٣/ ٢٣٥ في ترجمة أبي حرب: وهو معدود من أوهام أبي داود، ونقله عنه الحافظ في «النكت الظراف» وأقره عليه. وقد أخرجه على العبادة أحمد في «مسنده» (٢١٣٤٨) عن أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب ابن أبي الأسود، عن أبي الأسود، عن أبي ذر. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. ومع هذا فقد أعله الدارقطني في «العلل» ٦/ ٢٧٧: بالأرسال. وكذلك صحيح المصنف المرسل بإثر الحديث التالي.
وهو عند البغوي في «شرح السنة» (٣٥٨٤) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك بإسقاط أبي الأسود هناد في «الزهد» (١٣٠٩) عن أبي معاوية، وأبو يعلى في «مسنده» «الكبير»، كما في «إتحاف الخيرة» (٧١٥٨)، وعنه ابن حبان (٥٦٨٨) عن سريج بن يونس، عن أبي معاوية، به.
قلنا: وقد اختلف على داود بن أبي هند في إسناده، فأخرجه ابنُ أبي شيبة في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» (٧١٥٧) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي ذر، ورجاله ثقات رجال الصحيح.
لكن بكرًا المزني لم يسمع من أبي ذر كما قال أبو حاتم.
وأورد المصنف بعد هذا طريق داود بن أبي هند، عن بكر المزني، أن النبي-ﷺ بعث أبا ذر، مرسلًا وسيأتي تخريجه.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد في «مسنده» (١١١٤٣) ضمن حديث طويل، وسنده ضعيف.
قال الخطابي: القائم متهيى للحركة والبطش والقاعد دونه في هذا المعنى والمضطجع ممنوع منهما، فيشبه أن يكون النبي-ﷺ-إنما أمره بالقعود لئلا تبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد.

٤٧٨٣ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدِ، عن داودَ
عن بكرٍ: أن النبي ﷺ بعث أبا ذرٍّ، بهذا الحديث (١).
قال أبو داود: وهذا أصحُّ الحديثين (٢).
٤٧٨٤ - حدَّثنا بكرُ بنُ خَلَفٍ والحسنُ بنُ علي -المعنى- قالا: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالدِ، حدَّثنا أبو وائلِ - قال أبو داود: يعني القاصَّ من أهل صنعاء، قال: هو -أُرَى- عبدُ الله بن بَحير، قال: دخلنا على عُروةَ بن محمَّد السعدىّ فكلمه رجُل فأغضبَه، فقام فتوضا، ثم رجَعَ وقد توضأ فقال: حدّثني أبي
عن جَدِّي عطيةَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ:» إن الغضبَ من الشَيطانِ، وإن الشيطان خُلِقَ مِن النار، وإنما تُطفاُ النارُ بالماء، فإذا غَضِبَ أحدُكُم فليتوضأ (٣).


(١) رجاله ثقات رجال الصحيح، لكنه مرسل.
وأخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (٣٤٦) من طريق إسحاق بن عبد الواحد الموصلي، عن خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن عمران بن حصين مختصرًا. فجعله من حديث عمران، وإسحاق بن عبد الواحد متكلم فيه.
وانظر ما قبله.
(٢) قوله: أصح الحديثين: يعني المرسل.
(٣) إسناده ضعيف. أبو وائل القاص: هو الصنعاني المرادي، وذكر بعضهم أنه عبد الله بن بحير بن ريسان، وهو كذلك في«التهذيب»، والراجح أنهما اثنان، فقد فرق بينهما ابن حبان في «المجروحين» ٢/ ٢٤ - ٢٥، والخطب في «تلخيص المتشابه، ١/ ١٩٣، وابن ناصر الدين في»توضيح المشتبه«١/ ٣٥٠ و٣٥٣. وأبو وائل هذا قيل في اسمه: عبد الله بن بحير أيضًا، وهو غير ابن ريسان، وذكره أبو أحمد الحاكم في كتابها»الكنى" فيمن عرف بكنيته ولا يوقف على اسمه. وهو ضعيف. وإبراهيم بن خالد: هو الصنعاني المؤذن، وهو ثقة، وعروة بن محمَّد: صدوق، وأبوه محمَّد مجهول، وقد انفرد بهذا الحديث.

٥ - باب في العفوِ والتجاوز
٤٧٨٥ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة ابنِ الزبيرِ
عن عائشة، أنها قالت: ما خُيِّر رسولُ الله ﷺ في أمرينِ إلا اختارَ أيسرَهُما، ما لم يكُن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعدَ الناسِ منه، وما انتقَمَ رسولُ الله ﷺ لِنفْسِه، إلا أن تُنتَهَك حُرْمَةُ اللهِ فينتَقِمَ لله بها (١).


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٢٦٧) و(١٤٣١) عن الحسن بن علي الحلواني، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٧٩٨٥)، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٧/ ٨، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (٣٤٨)، وابن قانع في«معجم الصحابة» ٢/ ٣٠٧، وابن حبان في «المجروحين» ٢/ ٢٥، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٤٤٣)، والبيهقي في «الشعب» (٨٢٩١)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٥٨٣)، والمزي في «تهذيب الكمال»٢٠/ ٣٤ - ٣٥ و٣٥ من طرق عن إبراهيم بن خالد، به. ورواية ابن أبي عاصم الأولى: «الغضب جمرة من نار».
ولقوله: «الغضب من الشيطان» شاهد بنحوه من حديث سليمان بن صرد، وهو في «الصحيحين»، وقد سلف عند المصنف (٤٧٨١)، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٢/ ٤٤١، وعنه البيهقي في «شعب الإيمان» (٨٢٨٣)، وزاد فى آخره: فتلا رسول الله ﷺ ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٢٠٠].
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦١٢٦) عن عبد الله بن مسلمة، بهذا الإسناد.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٠٢ - ٩٠٣ ومن طريقه أخرجه البخاري (٣٥٦٠)، ومسلم (٢٣٢٧).
وأخرجه البخاري (٦٧٨٦) و(٦٨٥٣)، ومسلم (٢٣٢٧)،والنسائي في «الكبرى» (٩١١٨) و(٩١١٩) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. =

٤٧٨٦ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا معمرٌ، عن الزُهرىّ، عن عُروة
عن عائشةَ، قالت: ما ضربَ رسولُ الله ﷺ-ِ خادِمًا، ولا امرأةً قط (١).


= وأخرجه مسلم (٢٣٢٧) و(٢٣٢٨) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله ﷺ شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيل منه شيء قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شي من محارم الله، فينتقم لله عز وجل. وهذا لفظ مسلم الثاني.
وانظر ما سيأتي بعده عند المصنف.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٣٤) و(٢٤٨٣٠) و(٢٤٨٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٨).
قال الحافظ في الفتح، ٦/ ٥٧٦: وفي الحديث الحث على ترك الأخذ بالشيء لعسر، والاقتناع باليسر، وترك الإلحاح فيما لا يضطر إليه، ويؤخذ من ذلك الندب إلى الأخذ بالرخص ما لم يظهر الخطأ والحث على العفو إلا في حقوق الله تعالى، والندب إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومحل ذلك ما لم يمض إلى ما هو أشد منه، وفيه ترك الحكم للنفس وإن كان الحاكم متمكنا من ذلك بحيث يؤمن منه الحيف على المحكوم عليه، لكن لحسم المادة.
(١) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، ومعمر: هو ابن راشد. وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه بزيادة فيه النسائي في «الكبرى» (٩١١٨) من طريق محمَّد وموسى، و(٩١١٩) من طريق بكر بن وائل، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٣٢٨)، وابن ماجه (١٩٨٤)، والنسائي (٩١٢٠) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عروة، به. وعند مسلم والنسائي زيادة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٣٤) و(٢٥٧١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٨) و(٦٤٤٤)

٤٧٨٧ - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمن الطُّفاوىُّ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيهِ
عن عبدِ الله، يعني ابن الزبير - في قوله: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ [الأعراف: ١٩٩] قال: أُمِرَ نبيُّ الله ﷺ أن يأخذَ العفْوَ مِن أخلاقِ النَاسِ (١).

٦ - باب في حُسن العِشرةِ
٤٧٨٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الحميد -يعني الحِمّانيَّ- حدَّثنا الأعمشُ، عن مُسلم، عن مَسروقِ
عن عائشة، قالت: كان النبيَّ ﷺ إذا بلغَه عن الرَّجُل الشَّيءُ لم يقُل: ما بالُ فلانٍ يقولُ؟ ولكن يقول: ما بَالُ أقوَامٍ يقولون كذا وكذا؟ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عبد الرحمن الطفاوي.
وأخرجه البخاري (٤٦٤٣) من طريق وكيع، وانسائي في «الكبرى» (١١١٣١) من طريق عبدة، كلاهما عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وعلقه البخاري (٤٦٤٤) من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، به.
قال الطبري في «تفسيره»: خذ العفو من أخلاق الناس وهو الفضل وما لا يجهدهم.
وقال ابن الجوزى: اقبل الميسور من أخلاق الناس، ولا تستقص عليهم، فتظهر منهم البغضاء.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمّاني. والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومسلم: هو ابن صبيح، ومسروق: هو ابن الأجدع بن مالك.
وهو عند البيهقي في «الدلائل» ١/ ٣١٧ - ٣١٨ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (٨٠)، والخرائطي في«مكارم الأخلاق» (٣٧٥)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ ص ٧١، والبيهقي في»الآداب" (٢٠١) من طرق عن عبد الحميد الحماني، به.

٤٧٨٩ - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عمر بنِ ميسرةَ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، حدَّثنا سلم العلوىُّ
عن أنسٍ: أن رجُلًا دخل على رسولِ الله ﷺ وعليه أثرُ صُفْرةٍ، وكان رسولُ الله ﷺ قلَّما يُواجِهُ رجُلًا في وجهه بشيءٍ يكرَهُه، فلما خرجَ قال: «لو أمرتُم هذا أن يَغسِلَ ذا عنهُ» (١).
قال أبو داود: سَلْم ليسَ هو علوِيًا، كان يُبصِرُ في النجومِ، وشَهِدَ عندَ عدىِّ بنِ أرطاةَ على رؤيةِ الهِلال فلم يُجِزْ شهادتَه.
٤٧٩٠ - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرني أبو أحمد، حدَّثنا سفيانُ، عن الحجاجِ بنِ فُرافصةَ، عن رجُلِ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وحدَّثنا محمدُ ابنُ المتوكل العسقلانِيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا بِشرُ بنُ رافع، عن يحيى ابن أبي كثيرِ، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة -رفعَاه جميعًا- قال: قال رسولُ الله ﷺ: «المؤمِنُ غِرُّ كريمٌ، والفاجِرُ خِبٌ لئِيمٌ» (٢).


= وأخرجه البخاري (٦١٠١)، ومسلم (٢٣٥٦) من طرق عن الأعمش، به. ولفظ البخاري: صنع النبي ﷺ شيئًا فرخص فيه، فتنزّه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي-ﷺ، فخطب فحمد الله، ثم قال: «ما بالُ أقوام يتنزهون عن الشيء أصنَعُه، فوالله إنِّي لأعلَمُهُم باللهِ، وأشدهم له خشيةً»
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٨٠).
(١) إسناده حسن في الشواهد من أجل سلم العلوي -وهو ابن قيس- فهو ضعيف يُعتبر في المتابعات والشواهد، وقد روي ما يشهد لحديثه. وقد سلف الحديث برقم (٤١٨٢) وانظر تمام تخريجه هناك.
(٢) حديث حسن، وقد وقع على سفيان خلاف في روايته عن الحجاج بن فُرافِصة، عن الرجل المبهم، فروي عنه من طريق أنه سماه يحيى بن أبي كثير، فبهذا يكون =

٤٧٩١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن محمَّد بنِ المنكدِرِ، عن عُروةَ


= بشر بن رافع -وهو ضعيف- وقد تابعه حجاج بن فرافصة، وبذلك يتقوى الحديث.
أبو أحمد: هو محمَّد بن عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣١٢٨) من طريق أبي شهاب، و(٣١٢٩) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه الطحاوي (٣١٢٧) من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن الحجاج، عن يحيى بن أبي كثير أو غيره -على الشك-، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي (٢٠٧٩) عن محمَّد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن شر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩١١٨) من طريق الحجاج بن فرافصة، عن رجل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
قال الإِمام الطحاوي في شرح هذا الحديث: فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به ما هو إن شاء الله، فوجدنا الغِرَّ في كلام العرب: هذا الذي لا غائلة معه ولا باطن له يُخالف ظاهره، ومن كانت هذه سبيله، أمِنَ المسلمون من لسانه ويده، وهي صفةُ المؤمنين، ووجدنا الفاجر ظاهِرُه خلاف باطنه؛ لأن باطنَه هو ما يُكرَه، وظاهرُه، فمخالف لذلك، كالمنافق الذي يُظهر شيئًا غير مكروه منه، وهو الإسلام الذي يَحمَدُه أهلُه عليه، ويُبطنُ خلافه وهو الكُفرُ الذي يَذُمه المسلمون عليه، فكان مَثَلُ ذلك الخِبُّ الذي يُظهر المعنى الذي هو محمودٌ منه، حتى يحمَدَه المسلمون على ذلك، ويُبطِنُ ضِدَّه مما يذُمُّه المسلمون عليه، وهو الفاجر الذي وَصَفَه رسولُ الله ﷺ بما وصفه به في هذا الحديث، وخالف بينه وبين المؤمن الذي وصفه بما وصفه به في هذا الحديث والله عز وجل نسألُه التوفيق.
وقال الخطابي: معنى هذا الكلام أن المؤمن المحمود هو من كان طبعُه وشيمته الغرارة، وقلة الفطنة للشر، وترك البحث عنه، وأن ذلك ليس منه جهلًا، لكنه كرم وحسن خلق، وأن الفاجر من كانت عادته الخبَّ والدهاء والوغول في معرفة الشر، وليس ذلك منه عقلًا، لكنه خب ولؤم.

عن عائشة، قالت: استأذَنَ على النبيَّ- ﷺ رَجُل، فقال «بِئسَ ابنُ العَشِيرَةِ -أو بِئسَ رجُل العشيرةِ-»، ثم قال: «ائذَنُوا له»، فلما دخلَ ألانَ له القولَ، فقالت: عائشةُ: يا رسولَ الله ﷺ، ألنت له القولَ وقد قُلتَ لهُ ما قُلتَ، قال: «إنَّ شرَّ الناسِ عندَ اللهِ منزِلةً يومَ القيامَةِ مَن ودعَهُ -أو تركه- الناسُ لاتِّقاء فحشِهِ» (١).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيية، ابن المنكدر: هو محمَّد، وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه البخاري (٦٠٥٤) و(٦١٣١)، ومسلم (٢٥٩١)، والترمذي (٢١١٤) من طرق عن سفيان بن عيية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٠٣٢) من طريق روح بن القاسم، ومسلم (٢٥٩١)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (٨٣٣)، والخطيب في«الأسماء المبهمة» ص ٣٧٣ من طريق معمر، كلاهما عن محمَّد بن المنكدر، به. والرجل المبهم في الحديث:
هو عيينة بن حصن -وكان يقال له: الأحمق المطاع- فيما ذكره ابن راهويه والخطيب عن معمر في روايتيهما، ونص على ذلك النووي في «شرح مسلم» ١٦/ ١١٩ فيما نقله عن القاضي عياض.
وأخرجه بنحوه ومختصرًا النسائي في «الكبرى» (٩٩٩٦) من طريق عبد الله بن نِيار، عن عروة، به.
وأخرجه كذلك النسائي (٩٩٩٥) من طريق مسروق، عن عائشة.
وانظر لاحقيه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٣٨) و(٥٦٩٦).
قال الخطابي في «أعلام الحديث» ٣/ ٢١٧٩ - ٢١٨٠: يجمع هذا الحديث عِلمًا وأدبًا، وليس قولُ رسول الله ﷺ في أمته بالأمور التي يسمُهم بها ويُضيفها إليهم من المكروه غيبة وإثمًا، كما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرف الناسُ أمره، فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جُبل عليه من الكَرم، وأعطيه من حُسن الخُلُق، أظهر له من البشَاشة ولم يَجْبَهه بالمكروه، ليقتدي به أمته في اتقاء شر مَن هذا سبيله، وفي مداراته ليَسلَمُوا من شرّه وغائلته. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٤٥٤: وظاهر كلامه (أي من كلام الخطابي) أن يكون هذا من جملة الخصائص، وليس كذلك، بل كل من اطلع من حالِ شخص على شيء، وخشي أن غيرَه يغترُ بجميل ظاهره، فيقع في محذورٍ ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصدًا نصيحته، وإنما الذي يمكن أن يختص به النبي-ﷺ-أن يكشف له عن حال من يغتر بشخص من غير أن يطلعه المغتر على حاله، فيذم الشخص بحضرته، ليتجنبه المغتر ليكون نصيحة، بخلاف غير النبي-ﷺ، فإن جواز ذمه للشخص يتوقف على تحقق الأمر بالقول أو الفعل ممن يريد نصحه.
وعيينة بن حصن (الرجل في الحديث)، قال النووي في «شرح مسلم» ١٦/ ١١٩ فيما نقله عن القاضي عياض، قال: لم يكن أسلم حينئذ وإن كان قد أظهر الإسلام، فأراد النبي ﷺ أن يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغتر به من لم يعرف حاله، قال: وكان منه في حياة النبي-ﷺ وبعده ما دل على ضعف إيمانه وارتد مع المرتدين، وجيء به أسيرًا إلى
أبي بكر رضي الله عنه.
وقال القرطبي المحدث - ونقله عنه الحافظ في «الفتح»١٠/ ٤٥٤: وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش أو نحو ذلك من الجور في الحكم، والدعاء إلى البدعة مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى، والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معًا، وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا، والنبي ﷺ إنما بذل له من دنياه حسن عشرته والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول، فلم يناقض قوله فيه فعله، فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن عِشرة.
وقال العلماء: تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعًا حيث يتعين طريقًا إلى الوصول إليه بها: كالتظلم والاستعانة على تغيير المنكر والاستفتاء والمحاكمة، والتحذير من الشر، ويدخل فيه تجريح الرواة والشهود، وإعلام من له ولاية عامة يسير من هو تحت يده، وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود، وكذا من رأى تفقهًا يتردد إلى مبتدع أو فاسق ويخاف عليه الاقتداء به وممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق أو الظلم أو البدعة.

٤٧٩٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرو، عن أبي سَلَمَةَ
عن عائشة أن رجلًا استاذنَ على النبيَّ ﷺ، فقال النبيَّ- ﷺ: «بئسَ أخُو العَشيرة»، فلمًا دخل انبسطَ إليه رسولُ الله ﷺ وكلمه، فلما خرجَ قلتُ: يا رسولَ الله، لَمّا استاذنَ قلت: «بِئس أخو العشيرَةِ» فلَمَّا دخل انبسطتَ إليه، فقال: «يا عائشة، إنَّ الله عز وجل لا يُحِبُّ الفاحِشَ المُتفحِشَ» (١).
٤٧٩٣ - حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا أسودُ بنُ عامر، حدَّثنا شريكٌ، عن الأعمشِ، عن مجاهِدِ
عن عائشةَ، في هذه القصة، قالت: فقال- تَعني النبيَّ- ﷺ: «يا عائِشَةُ إنَّ مِن شِرَارِ الناسِ الذينَ يكرَمُونَ اتقاءَ ألسنَتهِم» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٧٥٥) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت وآداب اللسان» (٣٤٣)، والخطيب في «تاريخه» ١٤/ ٢١٤ من طريق أبي أسامة، عن محمَّد بن عمرو، به.
وانظر ما قبله، وما بعده.
قال في «النهاية»: الفاحش ذو الفحش في كلامه وفعاله، والمتفحش: هو الذي يتكلف ذلك ويتعمده.
وقال الخطابي: أصل الفحش: زيادة الشيء على مقداره، يقول ﷺ: «إن استقبال المرء صاحبه بعيوبه إفحاش، والله لا يحب الفحش، ولكن الواجب أن يتأنى له ويرفق به، ويكني في القول، ويورِّي ولا يصرح.
(٢) حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله النَّخعي القاضي، وإن كان سيىء الحفظ- متابع، والأعمش -وإن يكن كما قال أبو حاتم في»العلل" ٢/ ٢١٠ قليلَ =

٤٧٩٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدَّثنا أبو قَطَنٍ، أخبرنا مُبَاركٌ، عن ثابتٍ
عن أنسٍ، قال: ما رأيتُ رجُلًا التقَمَ أُذُنَ رسولِ الله ﷺ فينحي رأسَه، حتى يكونَ الرجلُ هو الذي يُنحي رأسَه، وما رأيتُ رجلًا أخذَ بيدِه فترك يدَه، حتى يكونَ الرجلُ هو الذي يدعُ يدَهُ (١).


= السماع من مجاهد، وعامّة ما يروي عن مجاهد مدلَّس، وكلما ذكر ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ١/ ٢٤١ بإسناده إلى يحيى بن سعيد قال: كتبت عن الأعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها- متابع أيضًا. وانظر الحديثين السابقين بطريقيهما المختلفين عن عائشة.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٧٩٨) عن الأسود بن عامر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٤٦١٨) عن بشر بن الوليد، عن شريك، به.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (٨٣٤) و(١١٩٨) و(١٧٩٣)، وأبو نعيم في «أخبار أصفهان» ١/ ٢١٥ من طريق الليث، عن مجاهد، به.
(١) وإسناده ضعيف. مبارك -وهو ابن فضالة- مدلس وقد عنعن. أبو قطن: هو عمرو بن الهيثم.
وهو عند البيهقي في «الدلائل» ١/ ٣٢٠ - ٣٢١ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٣٤٧١)، وابن حبان في «صحيحه» (٦٤٣٥)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ﷺ ص ٣١ من طريق عبد الله بن محمَّد بن إسحاق، وأبو الشيخ ص ٣١ من طريق الحسن بن الصباح، كلاهما عن أبي قطن، به. وعند أبي يعلى في روايته زيادة، ورواية ابن حبان واحد رواتي أبي الشيخ مختصرة.
وأخرجه بزيادة فيه ابن ماجه (٣٧١٦) من طريق أبي يحيى الطويل -واسمه عمران بن زيد الثعلبي-، والترمذي (٢٦٥٨) من طريق عمران بن زيد، كلاهما عن زيد العمي، عن أنس. وإسناده ضعيف لضعف أبي يحيى وزيد الحمي. قال الترمذي: حديث غريب، وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجه» ٢٣٠/ ٢: مدار الحديث على زيد العمي وهو ضعيف.
وأخرجه بزيادة فيه أبو الشيخ ص ٢٦ من طريق أبي جعفر الرازي، عن أبي درهم، عن يونس بن عبيد، عن مولى لآل أنس -وقد سماه ونسيته-، عن أنس. وإسناده ضعيف لجهالة المولى، ولسوء حفظ أبي جعفر الرازى.

٧ - باب في الحياء
٤٧٩٥ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن سالمِ بنِ عبدِ الله ابنِ عُمر
عن ابنِ عُمَر، أن النبيَّ- ﷺ مرَّ على رجُلٍ من الأنصارِ وهو يعِظُ أخاه في الحيَاءِ فقال رسولُ الله ﷺ: «دعْهُ، فإنَ الحياءَ من الإيمانِ» (١).
٤٧٩٦ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حماد، عن إسحاقَ بنِ سُويْدٍ
عن أبي قتَادَة، قال: كنا مع عمرانَ بنِ حُصين وثَمَّ بُشيرُ بنُ كعبٍ، فحدَّثَ عمرانُ بنُ حُصينٍ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «الحياءُ خيرُ كلُّهُ -أو قال: الحياءُ كلُّهُ خير-» فقال بُشيرُ بنُ كعب: إنَا نجِدُ في بعضِ الكتُبِ أنَّ منه سَكينةً ووقَارًا، ومنه ضعفًا، فأعادَ عِمرانُ الحديثَ، فأعاد بُشير الكلامِ، قال: فغضب عِمرانُ، حتى احمرَّتْ عيناه، وقال: ألا أراني أحدِّثُكَ عن رسولِ الله ﷺ وتُحدِّثُني عن كُتُبِكَ، قال: قلنا: يا أبا نُجيدٍ، إنه إنَّه (٢).


(١) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٩٠٥، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (٢٤)، والنسائي في «المجتبى» ٨/ ١٢١، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦١١٨)، ومسلم (٣٦)، وابن ماجه (٥٨)، والترمذي (٢٨٠٣) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٥٤) و(٥١٨٣)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٠).
قوله: «يعظ أخاه» قال الحافظ في الفتح، ١٠/ ٥٢٢: المراد بوعظه أنه يذكر له ما يترتَّب على ملازمته من المفسدة.
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأبو قتادة: هو تميم بن نذير. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه مسلم (٣٧) عن يحيى بن حبيب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (٦١١٧)، ومسلم (٣٧) من طريق أبي السَّوَّار، عن عمران بن حصين.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨١٧) و(١٩٩٩٩).
وقولهم في الحديث: إنّه إنّه، كذا ضُبطت في (أ) و(ج) و(هـ» وأصل المنذري، أي: إنه لا بأس به، كما جاء في رواية مسلم، قال النووي: إنه لا بأس به، معناه ليس هو ممن يُتهم بنفاق أو زندقة أو بدعة أو غيرها مما يخالف به أهلَ الاستقامة. وفي نسخة على هامش (ج): ايه إيه، وهو كذلك في النسخة التي اعتمدها ابن الأثير في «جامع الأصول» (١٩٥٥)، فقال: ايه: إذا قلتَ للرجل؟ إيه، بغير تنوين، فأنت تستزيده من الكلام والبذاء، إذا وصلت نوّنتَ فقلتَ: إيه، فإذا قلت: إيهًا بالنصب، فإنما تأمره بالسكوت.
ونقل الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٥٢٢ - ٥٢٣ عن القاضي عياض في شرحه على الحديث: أنه إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، وأما كونه خيرًا كله، ولا يأتي إلا بخير (كما في رواية البخاري)، فاشكل حمله على العموم؛ لأنه قد يصدُّ صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات، ويحمله على الاخلال ببعض الحقوق؟ والجواب: أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيا، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياءً شرعيًا، بل هو عجز ومهانة، وانما يطلق عليه حياء، لمشابهته للحياء الشرعي، وهو خُلُق يبعث على ترك القبيح.
قلت (القائل ابن حجر): ويحتمل أن يكون أشير إلى من كان الحياء من خلقه، أن الخير يكون فيه أغلب، فيضمحل ما لعله يقع منه مما ذكر في جنب ما يحصل له بالحياء من الخير، أو لكونه إذا صار عادة، وتخلق به صاحبه، يكون سببًا لجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذات، والسبب.
وقال أبو العباس القرطبي المحدث: الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان، وهو المكلف به، دون الغريزي، غير أن من كان فيه غريزة منه، فإنها تعينه على المكتسب، وقد يتطبعُ بالمكتسب حتى يصير غريزيًا. قال: وكان النبي-ﷺ-قد جُمع له النوعان، فكان في الغريزي أشد حياة من العذارء في خدرها، وكان في الحياء المكتسب في الذروة العليا ﷺ. انتهى.

٤٧٩٧ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسَلَمةَ، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن ربعي ابنِ حِراشِ
عن أبي مسعُودٍ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إن ممّا أدرَكَ الناسُ مِن كلامِ النُبوَّةِ الأولى إذا لم تستَحي فافعَل ما شئتَ» (١).


(١) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر. أبو مسعود الصحابي: هو عقبة ابن عمرو البدري.
وأخرجه البخاري (٣٤٨٤) عن آدم، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٤٨٣) و(٦١٢٠) من طريق زهير، وابن ماجه (٤١٨٣) من طريق جرير، كلاهما عن منصور، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٧)، و«شرح مشكل الآثار» للطحاوي (١٥٣٣) وما بعده.
قال الإِمام الطحاوي: معنى الحديث الحض على الحياء والأمر به، وإعلام الناس أنهم إذا لم يكونوا من أهله، صنعوا ما شاؤوا، لا أنهم أمروا في حال من الأحوال أن يصنعوا ما شاؤوا، وهذا كقول النبي ﷺ: «من كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوًا مقعده من النار» ليس أنه مأمور إذا كذب أن يتبوأ لنفسه مقعدًا من النار، ولكنه إذا كذب عليه يتبوأ مقعدَه من النار.
وقال الخطابي في«معالم السنن» ٤/ ١٠٩، معنى قوله «النبوة الأولى»: أن الحياء لم يزل أمره ثابتًا واستعماله واجبًا منذ زمان النبوة الأولى، وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحث عليه، وأنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد عُلِمَ صوابُه، وبأن فضلُه، واتفقت العقولُ على حسنه، وما كان هذا صفته لم يجز عليه النسخ والتبديل.
وقوله: فاصنع ما شئت. قال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» ١/ ٤٩٧ في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمران يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم، والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان، أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن لك حياء، فأعمل ما شث، فإن الله يجازيك عليه، كقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ =

سئل أبو داود: أعِنْد القعنبي، عن شعبة غيرُ هذا الحديث؟ قال: لا (١).

٨ - باب في حسن الخلق
٤٧٩٨ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا يعقوبُ -يعني الإسكندرانىّ- عن عمرٍو، عن المطلبِ
عن عائشة، قالت: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إنَّ المُؤْمِنَ ليُدرِكُ بِحُسنِ خُلُقِهِ درجةَ الصائِم القائِم» (٢).


= إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [فصلت: ٤٠] وقوله ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر: ١٥] وقول النبي ﷺ: «من باع الخمر فليشقص الخنازير» يعني ليقطعها إما لبيعها أو لأكلها وأمثلته متعددة.
والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر، والمعنى أن من لم يستحي صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، وما يمتنع من مثله من له حياء.
وقال النووي في «شرح الأربعين»: الأمر فيه للاباحة، أي: إذا أردت فعل شيء، فإن كان ما لا تستحي إذا فعلته من الله ولا من الناس، فافعله، وإلا فلا، وعلى هذا مدار الإسلام وتوجيه ذلك أن المأمور به الواجب والمندوب يستحيا من تركه، والمنهي عنه الحرام والمكروه يستحيا من فعله، وأما المباح فالحياء من فعله جائز وكذا من تركه، فتضمن الحديث الأحكام الخمسة.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي، وجاء في «سير أعلام النبلاء» ١٠/ ٢٦١: قال الحافظ أبو عمرو أحمد بن محمَّد الحِيري، سمعت أبي يقول: قلت للقعنبي: مالك لا تروى عن شعبة غير هذا الحديث؟ قال: كان شعبة يستثقلني، فلا يحدثني. يعني حديث: «إذا لم تستحي فاصنع ما شئتَ».
(٢) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، المطلب -وهو ابن عبد الله بن حنطب- لم يدرك عائشة، وعمرو: وهو ابن أبي عمرو مولى المطلب صدوق حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.

٤٧٩٩ - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ وحفصُ بنُ عمرَ، قالا: حدَّثنا. وحدَّثنا محمَّد بنُ كثيرٍ، أخبرنا شعبةُ، عن القاسم بنِ أبي بزة، عن عطاء الكَيخَارَاني، عن أمِّ الدرداء
عن أبي الدرداء، عن النبيِّ ﷺ، قال: «ما مِنْ شيءٍ أثقلُ في الميزانِ مِن حُسنِ الخُلُقِ» (١).


= وهو عند البيهقي في «الشعب» (٧٩٩٧) مكرر، من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٥٠١٣) عن سعيد بن منصور، والبغوي في «شرح السنة» (٣٥٠١) من طريق محمَّد بن خلاد، كلاهما عن يعقوب، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٣٥٥) و(٤٥٩٥) و(٢٥٥٣٧)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٤٢٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٨٠)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٦٠، وتمام في فوائده«(١٠٧١)، والبغوي في»شرح السنة«(٣٥٠٠)، والبيهقي في»الشعب«(٧٩٩٧) و(٧٩٩٨)، والخطيب في:» الموضح «٢/ ٢٨٥ من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، به.
وأخرجه العقيلي في»الضعفاء«٤/ ٤٦٤، وابن عدي في:»الكامل«٣/ ١٠٧٦ من طريق يمان بن عدي الحمصي، عن زهير بن محمَّد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم ابن محمَّد، عن عائشة مرفوعًا، ولفظه عند ابن عدي:»إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الساهر بالليل الصائم بالنهار«وعند العقيلي:»الظمآن بالنهار«، بدل:»الصائم بالنهار«. ويمان بن عدي الحمصي ضعفه أحمد والدارقطني، وقال البخاري: في حديثه نظر. وقال أبو حاتم: صدوق.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه أحمد في»مسنده«(٦٦٤٨)، وانظر تتمة شواهده وتخريجه فيه.
(١) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وعطاء الكيخاراني: هو ابن نافع. وأم الدرداء: هي زوجة أبي الدرداء واسمها: هُجَيمة بنت حيى الأوصابية.
وأخرجه الترمذي (٢١٢١) من طريق مطرف، عن عطاء، بهذا الإسناد. بلفظ:»ما من شيء يوضع في الميزان أثقلُ من حُسْن الخُلُق، وإن صاحبَ حُسْن الخُلُق ليَبلُغَ به درجةَ صاحب الصوم والصلاة". =

قال أبو الوليدِ: قال: سمِعتُ عطاء الكَيخَارَاني.
قال أبو داود: وهو عطاءُ بنُ يعقوبَ، وهو خالُ إبراهيم بنِ نافِعِ، يقال: كيخَارانيّ وكَوخَارانى (١).
٤٨٠٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ عثمان الدمشقيُّ أبو الجُماهِر، حدَّثنا أبو كعْبِ أيوبُ بنُ محمَّد السعدىُّ، حدثني سليمانُ بنُ حَبيب المُحاربىُّ
عن أبي أمامة، قال: قال رسولُ الله ﷺ-ﷺ: «أنا زعِيم بِبيتِ في رَبَضِ الجنةِ، لمن تركَ المِراء وإن كان مُحِقًَّا، وببيتٍ في وسَطِ الجنةِ


= وأخرجه الترمذي (٢١٢٠) من طريق ابن أبي مُليكة، عن يعلي بن مَملَك، عن أم الدرداء، عن أبي الدوداء أن النبي-ﷺ-قال:» ما شيءٌ أثقل في ميزان المؤمن يومَ القيامة من خُلُق حسنٍ، فإن الله ليُبغِضُ الفاحِشَ البذيءَ«. وهو في»المسند«(٢٧٥٥٣) من طريق يعلي بن مملك.
وقد اختلف في إسناده على عطاء بن نافع، وهو في»المسند«(٢٧٤٩٦)، وانظر فيه تمام تعليقنا عليه وتخريجه.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٤٨١).
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وقال أبو حاتم ابن حبان في»صحيحه«٢/ ٢٣١ عطاء هذا هو عطاء بن عبد الله، وكيخاران: موضع باليمن.
قلنا: كذا ذكره، وقال في»الثقات«٧/ ٢٥٢: عطاء بن يعقوب الكيخاراني من أهل اليمن مولى ابن سباع، وهو ما قاله البخاري في»تاريخه«٦/ ٤٦٧، وأبو حاتم فيما نقله ابنه في» الجرح والتعديل«٦/ ٣٣٨، وقال غيرهم: عطاء بن نافع الكيخاراني، كذلك ذكره المزي في»تهذيب الكمال"، وقال: وليس بعطاء بن يعقوب مولى ابن سباع المدني، فرق بينهما أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج وغيرهم، وجعلهما البخاري واحدًا، وتابعه على ذلك أبو حاتم الرازي وغيره، وذلك معدود في أوهامه.

لمن تركَ الكذِبَ وإن كانَ مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمن حسَّنَ خُلُقَه» (١).


(١) إسناده حسن من أجل أبي كعب أيوب بن محمَّد -فهو صدوق- وقد اختلف في اسمه، وقيل: أيوب بن موسى، وقيل: أبو موسى كعب السعدي (كذا سماه الدولابي في «الكنى» ٣/ ١٠٧٤). وصوب ابن عساكر أن اسمه: أيوب بن موسى.
وهو عند البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (١٦٤٣) من طريق محمَّد بن عبد الرحمن، والطبراني في «الكبير» (٧٤٨٨)، وفي «الشاميين» (١٥٩٤)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣/ ٤٩٨ - ٤٩٩ من طريق أبي زرعة، كلاهما عن أبي الجماهر محمَّد بن عثمان، به.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٧٧٠)، وفي «الشاميين» (١٢٣٠) من طريق القاسم، عن أبي أمامة.
وأخرجه الدولابي في «الكنى» (١٨٨٧) عن عبد الصمد بن عبد الوهاب، عن محمَّد بن عثمان أبي الجماهر، عن أبي موسى كعب السعدي، عن سليمان بن حبيب، عن أبي أمامة.
وله شاهد من حديث أنس، عند ابن ماجه (٥١)، والترمذي (٢١١١). وإسناده ضعيف.
وآخر من حديث معاذ، عند الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٢١٧). وفي إسناده ضعف.
وثالث من حديث ابن عباس عند الطبراني في «الكبير» (١١٢٩٠). وإسناده ضعيف.
وقوله: «أنا زعيم ببيت»، قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٠، الزعيم: الضامن والكفيل، والزعامة: الكفالة، ومنه قول الله سبحانه: ﴿وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢].
و«البيت» ها هنا: القصر، أخبرني أبو عمر، أخبرنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي، قال: البيتُ: القصرُ، يقال: هذا بيت فلان، أي: قصره.
قوله: «في ربض الجنة»، قال السندي في «حاشيته» على ابن ماجه: بفتحتين، أي: حوالي الجنة وأطرافها، لا في وسطها،وليس المراد: خارجا عن الجنة كما قيل.
«ومن ترك المراء»: بكسر الميم والمد، أي: الجدال خوفًا من أن يقع صاحبه في اللجاج الموقع في الباطل.

٤٨٠١ - حدَّثنا أبو بكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن معبدِ بنِ خالدٍ
عن حارثة بنِ وهبِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «يدخُلُ الجنَّةَ الجَوَّاظُ، ولا الجَعْظَرِىُّ» (١) قال: والجَوَّاظ: الغليظُ الفظُّ.

٩ - باب في كراهية الرِّفعةِ من الأُمور (٢)
٤٨٠٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمَّادٌ، عن ثابتٍ
عن أنس، قال: كانت العضباءُ لا تُسبَقُ، فجاءَ أعرابيٌّ على قَعُودِ له، فسَابقَهَا فسَبَقَها الأعرابيُّ، فكأنَّ ذلك شقَّ على أصحابِ رسولِ الله ﷺ، فقال: «حقٌ على اللهِ أن لا يُرْفَعَ شي من الدُنيا إلا وضعَها» (٣).


(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرّوّاسي، وسفيان: هو الثوري. وهو بهذا اللفظ في «المصنف» ٨/ ٥١٦ لأبي بكر بن أبي شيبة، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في «مسنده» (٤٨٠)، وأبو يعلى في «مسنده» (١٤٧٦).
وأخرجه بنحوه ومعناه مسلم (٢٨٥٣) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن وكيع، به.
وأخرجه كذلك بنحوه ومعناه البخاري (٤٩١٨) و(٦٠٧١)، وابن ماجه (٤١١٦)، والترمذي (٢٧٨٨)، من طرق عن سفيان، به.
وأخرجه كذلك البخاري (٦٦٥٧)، ومسلم (٢٨٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (١١٥٥١) من طريق شعبة، عن معبد بن خالد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٢٨)، و«صحيح ابن حبان»، (٥٦٧٩).
قال الخطابي: قال أبو زيد: الجعظري: هو الذي يتنفَّخ بما ليس عنده، وهو إلى القِصَر ما هو.
(٢) هذا التبويب أثبتناه من (ب) و(ج).
(٣) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، ثابت: هو ابن أسلم.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٩٠٢)، والبغوي في «شرح السنة» (٢٦٥١) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. =

٤٨٠٣ - حدَّثنا النُّفيليّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا حُميدٌ
عن أنس، بهذه القصة، عن النبي ﷺ قال: «إنَّ حقًّا على اللهِ عز وجل أن لا يرتفع شي من الدُنيا إلا وضعَه» (¬١).

١٠ - باب في كراهية التمادح
٤٨٠٤ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا سفيانُ، عن منصور، عن إبراهيمَ


= وعلقه البخاري بإثر الحديث (٢٨٧٢) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٦٥٩).
وانظر ما بعده.
وقوله:«العضباء»، قال ابن الأثير في «النهاية»: هو علم لها منقول من قولهم: ناقة عضباء، أي: مشقوقة الأذن، ولم تكن مشقوقة الأذن. وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم: ناقة عضباء، وهي القصيرة اليد.
والقعود من الإبل، قال ابن الأثير: ما أمكن أن يُركب، وأدناه أن يكون له سنتان، ثم هو قعود إلى أن يُثني، فيدخل في السنة السادسة، ثم هو جَمَل.
(١) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي، وزهير: هو ابن معاوية، وحميد: هو ابن أبي حميد.
وأخرجه البخاري (٢٨٧٢) و(٦٥٠١) عن مالك بن إسماعيل، عن زهير، بهذا الاسناد.
وأخرجه البخاري (٦٥٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٤١٣) و(٤٤١٧)، والطحاوي في «شرح شكل الآثار، (١٩٠٣)، والبغوي في شرح»السنة«(٢٦٥٢) من طرق عن حميد، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٢٠١٥)، و»صحيح ابن حبان" (٧٠٣).
وانظر ما قبله.

عن همَّام، قال: جاء رجلٌ فأثنى على عثمانَ في وجهِهِ، فأخذ المقدادُ بنُ الأسود ترابًا، فحثا في وجهِهِ، وقال: قال رسولُ الله ﷺ-ِ: «إذا لقِيتُمُ المَدَّاحِينَ فاحثُوا في وجُوهِهِمُ الترابَ» (١).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وهمام: هو ابن الحارث.
وأخرجه مسلم (٣٠٠٢) من طريق عبيد الله بن عبيد الله، عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٠٠٢) من طريق شعبة، عن منصور، به.
وأخرجه مسلم (٣٠٠٢) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، به.
وأخرجه مسلم (٣٠٠٢)، وابن ماجه (٣٧٤٢)، والترمذي (٢٥٥٥) من طريق حبيب بن أبي حبيب، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، عن المقداد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٢٣) و(٢٣٨٢٤) و(٢٣٨٢٧).
قال الإِمام الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١١: المدَّاحون هم الذين اتخذوا مدحَ الناس عادة، وجعلوه بِضاعة يستأكلون به الممدوحَ ويفتنونَه، فأما مَن مدح الرجلَ على الفِعل الحَسَنُ، والأمرِ المحمود يكون منه، ترغيبا له في أمثاله، وتحريضًا للناس على الاقتداء به في أشباهه، فليس بمدَّاح، وإن كان قد صار مادحًا بما تكلم به من جميلِ القولِ فيه. وقد استعمل المقدادُ الحديثَ على ظاهره، وحمله على وجهه في تناول عين التراب بيده، وحثيه على وجه المادح.
وقد يتأول أيضًا على وجه آخر وهو أن يكون معناه الخيبة والحرمان، أي: من تعرض لكم بالمدح والثناء، فلا تعطوه، واحرمره، كنى بالتراب عن الحرمان، كقولهم: ما في يده إلا التراب، وكقوله: «إذا جاءك يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفه ترابًا».
وقد أدرج الإِمام النووي في «شرح مسلم» ١٨/ ١٢٦ الأحاديث التي ذكرها مسلم في المدح تحت: باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة الممدوح، ثم قال: ذكر مسلم في هذا الباب الأحاديث الواردة في النهي عن المدح، وقد جاءت أحاديث كثيرة في «الصحيحين» بالمدح في الوجه، قال العلماء: وطريق الجمع بينهما أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف =

٤٨٠٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو شهابٍ، عن الحذَّاءِ عن عبدِ الرحمن بن أبي بكرة
عن أبيهِ: أن رجلًا أثنى على رجلٍ عند النبي ﷺ، فقال له: «قطعتَ عُنُقَ صَاحبِكَ» ثلاثَ مراتٍ، ثم قال: «إذا مدَحَ أحدُكُم صاحبَهُ لا محالةَ فليقُل: إني أحسِبُه، كما يُرِيد أن يقولَ، ولا أُزكِّيه على اللهِ عز وجل» (١).


= عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح، وأما من لا يخاف عليه ذلك، لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة كنَشطِه للخير، والازدياد منه، أو الدوام عليه أو الاقتداء به كان مستحبًا، والله أعلم.
(١) إسناده صحيح. أبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع، والحذاء: هو خالد بن مهران، ووالد عبد الرحمن: هو نفيع بن الحارث.
وأخرجه البخاري (٢٦٦٢) و(٦٠٦١) و(٦١٦٢)، ومسلم (٣٠٠٠)، وابن ماجه (٣٧٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٩٧) من طرق عن شعبة، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائي في روايته أبا بكرة والد عبد الرحمن، وهي في رواية محمَّد بن جعفر -وهو الراوي نفسه في حديث النسائي- عند أحمد (٢٠٤٢٢)، ومسلم (٣٥٠٠)، وفات الحافظ المزي أن يذكر رواية النسائي في «التحفة» (١١٦٧٨)، وكذا لم يذكره في قسم المراسيل منها، ولم يتعقبه الحافظ ابن حجر في أي من الموضعين على ذلك.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٤٢٢)، و «»صحيح ابن حبان«(٥٧٦٦).
وقوله:»قطعت عنق صاحبك«، قال السندي، أي: أهلكته، حيث إنه يؤدي إلى الاغترار بذلك والعجب به، وفيه هلاك لدينه. وقال النووي في»شرح مسلم«١٨/ ١٢٧: وقد يكون من جهة الدنيا لما يشتبه عليه من حاله بالاعجاب.
وقوله:»أحسبه«، أي: أظنه.
»ولا أزكيه على الله"، قال النووي: أي: لا أقطع على عاقبة أحد ولا ضميره، لأن ذلك مغيَّب عنا، ولكن أحسِب وأظن لوجود الظاهر المقتضي لذلك.

٤٨٠٦ - حدَّثنا مُسَدَّدُ، حدَّثنا بشرُّ -يعني ابن المُفضَّل- حدَّثنا أبو مَسْلَمةَ سعيدُ بنُ يزيد، عن أبي نضرَةَ، عن مطرّف قال:
قال أبي: انطلقتُ في وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ الله ﷺ، فقلنا: أنتَ سيّدُنا، فقال: «السَّيدُ الله» قلنا: وأفضلُنا فَضْلًا، وأعظَمُنا طَوْلًا، فقال: «قولوا بِقَولكم، أو بعضِ قولكم، ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشَيطانُ» (١).


(١) إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعَة، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشّخّير.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠٠٥) عن حمد بن مسعدة، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (١٠٠٠٣) من طريق قتادة، و(١٠٠٠٤) من طريق غيلان بن جرير، كلاهما عن مطرف، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٠٧).
وقوله: «السيد الله» قال السندي في «شرحه على المسند»: أشار إلى أن اسم السيد يطلق على المالك، وهذه الصفة حقيقة لله تعالى، ففي إطلاقه إيهامٌ تَركه أوْلى.
نعم، قد يطلق على معانٍ يصح بها إطلاقه على غيره تعالى أيضًا، لكن تركه أقرب، سيما إذا كان فيه خوف الافتخار.
وقال الحَلِيمي في تفسير لفظة «السيد» من كتابه «المنهاج في شعب الأيمان» ١/ ١٩٢: ومعناه المحتاجُ إليه على الاطلاقِ، فإن سيدَ الناس هو رأسُهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يعملون، وعن رأيه يصدرون، ومن قوله يستمدون، فإذا كانت الملائكة والإنسُ والجن خلقًا للباري جَلَّّ ثناؤه ولم يكن بهم غُنيةٌ عنه في بدء أمرهم وهو الوجود. إذ لو لم يوجدهم لم يُوجَدوا، ولا في الابقاء بعد الإيجاد، ولا في العوارض العارضة أثناء البقاء، كان حقًا له جل ثناؤه أن يكون سيدًا، وكان حقًا عليهم أن يدعوه بهذا الاسم.
وقوله:: «طَوْلا» بالفتح، أي: سَعَة وقدرة لنفاذ حكمك فيهم.
وقوله: «ولا يستجرينكم الشيطان»، قال ابن الأثير: أي: لا يَستَغلِبَنَّكَم فيتَّخذَكم جَريًا، أي: رسولًا ووكيلًا. وذلك أنهم كانوا مَدَحوه فكَرِه لهم المبالغة في المدح، =

١١ - باب في الرّفْق
٤٨٠٧ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن يونسَ وحُميدٍ، عن الحسن
عن عبدِ الله بنِ مُغَفلٍ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إن اللهَ رفيق يُحِبُّ الرّفْقَ، ويُعطِي عليهِ ما لا يُعطِي على العُنْفِ» (١).


= فنهاهُم عنه، يُريد: تكَلَّمُوا بما يحضُرُكم من القول، ولا تتكلفُوه كأنكم وُكَلاء الشيطان ورُسُلُه، تنطقُون عن لسانه.
وقال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٢، قوله: «السيد الله»: يريد أن الُسُّؤدُدَ حقيقة دله عز وجل، وأن الخلق كلُّهم عبيدْ له، وإنما منعهم فيما نرى أن يدعوه سيدًا مع قوله: «أنا سيد ولد آدم» وقوله لبنى قريظة: «قوموا إلى سيدكم»، يريد: سعد بن معاذ، من أجل أنهم قوم حديث عهدهم بالإسلام، وكانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا، وكان لهم رؤساء يعظمونهم، وينقادون لامرهم، ويسمونهم السادات، فعلمهم الثناء عليه وأرشدهم إلى الأدب في ذلك، فقال: «قولوا بقولكم»، يريد: قولوا بقول أهل دينكم وملتكم وادعوني نبيًا ورسولًا كما سماني الله عز وجل في كتابه، فقال ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾، ولا تسموني سيدًا كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم، ولا تجعلوني مثلهم، فإني لستُ كأحدهم إذ كانوا يسودونكم بأسباب الدنيا، وأنا أسودكم بالنبوة والرسالة، فسموني نبيًا ورسولًا.
وقوله: «بعض قولكم»، فيه حذف واختصار ومعناه دعوا بعض قولكم واتركوه، يريد بذلك: الاقتصار في المقال. قال الشاعر:
فبعضَ القول عاذِلتي فإني ... سيكفيني التجارب وانتسابي
قلنا: قول الخطابى: لبني قريظة. خطأ، والصواب أنه ﷺ قال ذلك للأنصار، كما جاء في «صحيح البخاري» (٤١٢١).
(١) حديث صحيح، رجاله ثقات. والحسن -وهو البصري- أثبتْ سماعه من عبد الله بن مغفل الإِمام أحمد وابن المديني. حماد: هو ابن سلمة، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار، وحميد: هو الطويل.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٤٧٢) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. =

٤٨٠٨ - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكر ابنا أبي شيبة ومحمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّازُ، قالوا: حدَّثنا شريكٌ، عن المِقدام بنِ شُريحٍ، عن أبيه، قال:
سألتُ عائشةَ عن البَدَاوةِ، فقالت: كان رسولُ الله ﷺ يبدُو إلى هذه التَّلاعِ، وإنه أراد البَدَاوة مرةً، فأرسلَ إليَّ ناقةً مُحَرَّمةً من إبل الصَّدقة فقال لي: «يا عائشة ارفقي فإن الرّفق لم يكن في شيء قطُّ إلا زَانَه، ولا نُزِعَ مِن شيءٍ قطُّ إلا شَانَه» (١).


= وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٥١٢، وأحمد في «مسنده» (١٦٨٠٢)، وعبد بن حميد (٥٠٤)، والدارمي في «سننه (٢٧٩٣)، وابن أبي عاصم (١٠٩١)، والبيهقي في»الأسماء والصفات«ص ٥١ - ٥٢، والطبراني في»مكارم الأخلاق«(٢٣) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه الخرائطي في»مكارم الأخلاق«(٦٧٨) من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن حماد، عن حميد وحده، به.
وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٦٨٠٥) عن أسود، عن حماد، عن يونس وحده، به.
ويشهد له حديث عائشة عند مسلم (٢٥٩٣) وحديث أنس بن مالك عند البزار (١٩٦١) و(١٩٦٢)، ومن حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (٣٦٨٨)، والبزار (١٩٦٤) بسند حسن، ومن حديث علي رضي الله عنه عند أحمد (٩٠٢)، والبزار (١٩٦٠).
وقوله:»رفيق«، قال السندي: أي: يعامل الناس بالرفق واللطف، ويكلفهم بقدر الطاقة.
وقوله:»يحب الرفق«: من العبد.
وقوله:»على العُنف"، بضم فسكون: ضد الرفق، أي: من يدعو الناس إلى الهدى برفق ولطف خيرٌ من الذي يدعو بعنف وشدة إذا كان المحل يقبلُ الأمرين، إلا يتعين ما يقبله المحل، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
(١) المرفوع من آخر الحديث صحيح، وقصةُ البداوةِ تفرد بها شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- بهذا اللفظ، وهو سيى الحفظ. وقد سلف الحديث عند المصنف برقم (٢٤٧٨). فانظر تمام تخريجه والتعليق عليه هناك.

قال ابنُ الصَّبَّاح في حديثِه: مُحرَّمة: يعني لم تُركَب.
٤٨٠٩ - حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو معاويةَ ووكيعٌ، عن الأعمشِ، عن تميم بن سَلَمَةَ، عن عبدِ الرحمن بنِ هِلالِ
عن جَرِيرِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَن يُحرَم الرّفْقَ يُحْرَم الخيرَ كُلَّهٌ» (١).
٤٨١٠ - حدَّثنا الحسنُ بنُ محمَّد بنِ الصّبَّاح، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا عبدُ الواحِدِ، حدَّثنا سليمانُ الأعمشُ، عن مالك بنِ الحارثِ -قال الاعمشُ: وقد سمعتُهم يذكرونَ- عن مُصعَب بنِ سعد عن أبيهِ -قال الأعمشُ: ولا أعلمه إلا- عن النبي-ﷺ، قال: «التؤدَةُ في كل شيءِ، إلا في عملِ الآخرَةِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، ووكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٢) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٢) عن أبي غريب، عن أبي معاوية وحده، به.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٢)، وابن ماجه (٣٦٨٧) من طرق عن وكيع وحده، به.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٢) من طريق جرير، و(٢٥٩٢) من طريق حفص، كلاهما عن الأعمش، به.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٢) من طريق منصور، عن تميم بن سلمة، به.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٢) من طريق محمَّد بن أبي إسماعيل، عن عبد الرحمن بن هلال، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٠٨) و(١٩٢٥٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٤٨).
(٢) رجاله ثقات. لكن قال المنذري: لم يذكر الأعمش فيه من حدثه، ولم يجزم برفعه. وذكر محمَّد بن طاهر الحافظ هذا الحديث بهذا الإسناد، وقال: في روايته انقطاع وشك. عبد الواحد: هو ابن زياد. =

١٢ - باب في شُكرِ المعروف
٤٨١١ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا الربيعُ بنُ مسلم، عن محمَّد بن زياد
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: «لا يَشْكُرُ الله من لا يَشْكُرُ النَّاس» (١).


= وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ١/ ٦٣ - ٦٤، والبيهقي في «الزهد الكبير» (٧٠٨)، وفي «السنن» ١٠/ ١٩٤ من طريق محمَّد بن غالب، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٧٩٢) عن إبراهيم بن الحجاج، والبيهقي في «الزهد» (٧٠٩)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (٩٧) من طريق طالوت بن عباد، كلاهما عن عبد الواحد، به.
وقد رواه وكيع في «زهده» (٢٦١) ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ٣٤، وأحمد في الزهد، ص ١١٩ عن سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال، قال عمر بن الخطاب. فجعله موقوفًا من قول عمر رضي الله عنه. وقرن بوكيع عند أحمد في «الزهد» عبد الرحمن. وإسناده منقطع بين مالك وعمر.
وأخرج قول عمر البيهقي في «الشعب» (١٠٦٠٤) من طريق إسماعيل ابن مسلم -وهو ضعيف-، عن أبي معشر، عن إبراهيم، قال: قال عمر ... فذكره.
(١) إسناده صحيح. محمَّد بن زياد: هو القرشي الجمحي مولاهم.
وأخرجه الترمذي (٢٠٦٩) من طريق عبد الله بن المبارك، عن الربيع بن مسلم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٣٤٠٧).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٣: هذا الكلام يتأول على وجهين، أحدهما: أن من كان طبعه وعادته كفرانَ نعمة الناس وتركَ الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفرانُ نعمة الله وتركُ الشكر له سبحانه.
والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس، ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر.

٤٨١٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادة عن ثابتٍ
عن أنسِ بن مالك: أن المهاجرين قالوا: يا رسولَ الله ﷺ، ذهبتِ الأنصارُ بالأجرِ كُله، قال: «لا، ما دعوتُمُ الله لهم، وأثنيتم عليهم» (١).
٤٨١٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ، حدَّثنا عُمارةُ بنُ غَزِيَّة، حدَّثني رجُلٌ مِن قومي
عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَن أعطي عَطَاءً فوجَدَ، فَليَجزِ بِهِ، فان لم يجِد، فليثنِ به، فمن أثنَى بهِ فقَد شكَرَهُ، ومن كتَمَهُ، فقد كفَرَهُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٩٣٨) من طريق يحيى بن حماد، عن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٦٥٤) من طريق ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٠٧٥) و(١٣١٢٢).
(٢) حديث حسن لغيره. وهذا إسناد ضعيف فيه رجل مبهم، وقد بينه أبو داود بإثر الحديث، فقال: هو شرحبيل، وشرحبيل هذا: هو ابن سعد الأنصاري، ضعفه غير واحد من الأئمة، لكنه يُعتبر به كما قال الدارقطني. وله طريق آخر حسن في المتابعات عند ابن عدي ١/ ٣٥٦ فلعل حديث الباب يتقوى به، فيكون حسنًا.
وسيأتي عند المصنف برقم (٤٨١٤) بنحوه وسنده رجاله رجال الصحيح، عدا شيخ أبي داود وهو ثقة.
وله طريق آخر عند الترمذي (٢١٥٣) بزيادة في آخره، وهي: «ومن تحلى بما لم يعطه، كان كلابس ثوبي زور». وإسناده حسن في المتابعات، وكذا قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٣٤١٥).
وانظر ما بعده.

قال أبو داود: رواه يحيى بنُ أيوب، عن عُمارة بن غَزِيَّة، عن شُرَحبِيلَ، عن جابرِ. قال أبو داود: وهو شرحبيلُ، يعني رجلًا مِن قومي، كأنهم كرهوه، فلم يُسَمُّوه.
٤٨١٤ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ الجرَّاح، حدَّثنا جرِيرُ، عن الأعمشِ، عن أبي سُفيانَ
عن جابر، عن النبي ﷺ، قال: «من أبْليَ بلاءَ فذكره، فقد شكرَهُ، وإن كتمَهُ فقد كفَرَه» (¬١).

١٣ - باب في الجلوس في الطرقات
٤٨١٥ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابن محمَّد- عن زيدِ -يعني ابنَ أسلَم- عن عطاء بن يَسَارِ


(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع.
وانظر ما قبله.
قال الخطابي: الإبلاء: الانعام، ويقال: أبليت الرجل، وأبليت عنده بلاءً حسنًا، قال زهير: فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو.
وفي هامش «مختصر المنذري»، قوله: «من أبليَ بلاءَ»، أي: من أُنعم عليه نعمةٌ.
والبلاء: في الخير والشر؛ لأن أصله الاختبار، وأكثر ما يستعمل في الخير مقيدًا. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا﴾ [الأنفال: ١٧]، وأما في الشر: فقد يطلق. قال صاحب «الأفعال»: بلاه الله بالخير والشر.
وقال ابن قتيبة: أبلاه الله بلاءً حسنًا. وبلاه يبلوه: أصابه بشر.
وقال أبو الهيثم: النبلاء يكون حسنًا، ويكون سيئًا. وأصله: المحنة، واللهُ يبلي عبده بالجميل ليمتحن شكره، ويبوه بالبلوى التي يكرهها ليمتن صبره. فقيل للحسن بلاءً، وللسيىء بلاءً.

عن أبي سعيدِ الخُدري، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إيّاكُم والجُلُوسَ بالطُرُقاتِ» قالوا: يا رسُولَ اللهِ: ما بدُّ لنا مِنْ مجالِسِنا نتحدَّثُ فيها،
فقال رسولُ الله ﷺ:«إن أبيتم فاعطُوا الطريقَ حَقَّه»، قالوا: وما حق الطَريقِ يا رسولَ الله -ِ؟ قال: «غضُّ البصَرِ، وكَفُّ الأذى، وردُّ السَّلامِ، والأمرُ بالمعرُوفِ، والنَهيُ عن المُنكر» (١).
٤٨١٦ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا بِشرٌ -يعني ابنَ المُفَضَّلِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابنُ إسحاق، عن سعيدِ المقبُبرىّ
عن أبي هريرة، عن النبيَّ- ﷺ في هذه القصة، قال: «وإرشادُ السبيلِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. عبد العزيز بن محمَّد: هو الدراوردي.
وأخرجه مسلم (٢١٢١) ٤/ ١٧٠٤ عن يحيى بن يحيى، عن عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٤٦٥) و(٦٢٢٩)، ومسلم (٢١٢١)، وبإثر (٢١٦١) من طرق عن زيد بن أسلم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٣٠٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٥).
وانظر تمام تخريجه فيه.
وقولهم: ما بُدٌّ لنا من مجالسنا نتحدث فيها، قال السندي في «حاشية على المسند»: لم يريدوا رَدَّ النص وإنكاره، وإنما أرادوا عرض حاجتهم، وأنها هل تصلح للتخفيف أم لا.
والبد: بضم الباء وتشديد الدال بمعنى الفرقة، أي: ما لنا فراق منها، والمعنى: أن الضرورة قد تلجئنا إلى ذلك، فلا مندوحة لنا عنه.
(٢) إسناده قوي. عبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن الحارث العامري ينحط عن رتبة الصحيح. =

٤٨١٧ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عيسى النَّيسابُورىُّ، أخبرنا ابنُ المباركِ، أخبرنا جرِيرُ بنُ حازِم، عن إسحاقَ بنِ سويدٍ، عن ابنِ حُجَير العَدَوىّ، قال:
سمعتُ عُمَرَ بنَ الخطاب، عن النبي-ﷺ، في هذه القِصَّةِ، قال «وتُغِيثُوا الملهُوفَ، وتَهْدُوا الضَّالَّ» (١).


= وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ٢٦٤ - ٢٦٥ من طريق يحيى بن محمَّد، عن مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٥٩٦) من طريق محمَّد بن عبد الله بن بزيع، عن بشر بن المفضّل، به.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٤٩) من طريق سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (٣٣٣٩) من طريق يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ويشهد له ما قبله وما بعده.
(١) حديث حسن لغيره. وهذا إسناد ضعيف، ابن حجير العدوي: مجهول، تفرد بالرواية عنه إسحاق بن سويد العدوي، ولم يوثقه أحد.
وأخرجه البزار (٢٠١٨ - كشف الأستار) عن محمَّد بن المثنى، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٦٥) من طريق عبد الله بن سنان، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. قال البزار: لا نعلم أسنده إلا جرير، ولا عنه إلا ابن المبارك، ورواه حماد بن زياد عن إسحاق بن سويد مرسلًا. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٦٢ عن البزار، وقال: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سنان، وهو ثقة. كذا قال: ولعله التبس عليه ابن حجير هذا المستور، فظنه عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني المصري الثقة الذي خرج له مسلم (ووقع في الإسناد عند البزار: ابن حجيرة بدل: ابن حجير في الإسناد).
وأخرجه الطحاوي (١٦٦) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر، عن النبي ﷺ. وهذا إسناد منقطع.
ويشهد له ما سلف قبله، وانظر ما بعده.

٤٨١٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى ابنُ الطبَّاع وكثيرُ بنُ عُبيدِ، قالا: حدَّثنا مروانُ بن معاوية، حدَّثنا حُميدٌ
عن أنس، قال: جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ الله ﷺ، فقالت: يا رسولَ الله، إن لي إليكَ حاجةً، فقال لها: «يا أمِّ فلان، اجلسي في أىِّ نواحي السِّكَكِ شِئتِ، حتى أجلسَ إليكِ»، قال: فجلَسَت،
فجلَسَ النبي ﷺ إليها حتى قضت حاجَتَها (١). لم يذكُرِ ابنُ عيسى: «حتى قَضَتْ حاجَتَها». وقال كثير: عن حُميد، عن أنس.


(١) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (٣٦٧٢) من طريق محمَّد بن هشام، عن مروان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي في الشمائل، (٣٢٤) من طريق سويد بن عبد العزيز، عن حميد، به. مختصرًا.
وأخرج أحمد في «مسنده» (١١٩٤١) حدَّثنا هشيم، أخبرنا حميد، عن أنس قال: إن كانت الأمةُ من أهل المدينة لتأخُذُ بيد رسول الله ﷺ، فتنطلقُ به في حاجتها.
وإسناده صحيح. وعلقه البخاري (٦٠٧٢) فقال: وقال محمَّد بن عيسى، حدَّثنا هشيم، أخبرنا حميد الطويل، حدَّثنا أنس بن مالك، قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله ﷺ فتنطلق به حيث شاءت.
قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٤٩٠: وإنما عدل البخاري عن تخريجه عن أحمد ابن حنبل لتصريح حميد في رواية محمَّد بن عيسى بالتحديث ... والبخاري يخرج لحميد ما صرح فيه بالتحديث.
وأخرج ابن ماجه (٤١٧٧) من طريق شعبة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس قال: إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله ﷺ فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت من المدينة في حاجتها. وعلي بن زيد: ضعيف الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٩٧).
وانظر ما بعده.

٤٨١٩ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا حمادُ ابنُ سَلَمَةَ، عن ثابت عن أنس: أن امرأة كان في عقلِهَا شىءٌ: بمعناه١).

١٤ - باب في سَعَةِ المجلس (٢)
٤٨٢٠ - حدَّثنا القعنبيٌّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ أبي المَوالِ، عن عبدِ الرحمن ابنِ أبي عَمرَةَ الأنصارىِّ
عن أبي سعيدٍ الخُدري، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «خيرُ المجالِسِ أوسعُها» (٣).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٣٢٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وجاء في روايته فخلا معها في بعض الطرق، قال النووي في «شرح مسلم» ١٥/ ٨٣، أي: وقف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها، ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه اياها، لكن لا يسمعون كلامها.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٠٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٢٧).
وانظر ما قبله.
(٢) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي.
(٣) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو عند البيهقي في «الآداب» (٣٠٧) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد بن حميد (٩٨١)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٢٢٣) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١١١٣٧) و(١١٦٦٣)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١١٣٦) والقضاعي في «مسند إلشهاب» (١٢٢٢)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» ٢/ ٦٤، والحاكم في «المستدرك»٤/ ٢٦٩، والبيهقي في «الشعب» (٨٢٤١) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الموال، به.
وجاء عند بعضهم في روايتهم زيادة.

قال أبو داود: هو عبدُ الرحمن بنُ عَمرو بنِ أبي عَمْرَةَ الأنصارىِّ.

١٥ - باب في الجلوس ببن الظل والشمس
٤٨٢١ - حدَّثنا أحمد بن عَمرو ابنُ السَّرح ومخلَدُ بنُ خالدٍ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن محمَّد بنِ المنكدِرِ، قال:
حدَّثني من سَمعَ أبا هريرة يقولُ: قال أبو القاسم ﷺ: «إذا كان أحَدُكُم في الشمس -وقال مخلد: في الفيء- فَقَلَصَ عنهُ الظِّلُّ، وصارَ بعضُهُ في الشمسِ، وبعضُه في الظِّلُّ فليَقُم» (١).


(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن أبي هريرة.
سفيان: هو ابن عيينة.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٣/ ٢٣٦ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (١١٣٨) عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه بنحوه أحمد في «مسنده» (٨٩٧٦) من طريق عبد الوارث، عن محمَّد بن المنكدر، عن أبي هريرة. مرفوعًا. وهذا إسناد منقطع، فإن محمَّد بن المنكدر لم يسمعه من أبي هريرة، كما في رواية ابن عيينة، ثم اختلف في رفع الحديث ووقفه، فرواه عبد الوارث وابن عيينة مرفوعًا كما سلف، ورواه معمر وإسماعيل بن إبراهيم بن أبان موقوفًا كما سيأتي.
وأخرجه موقوفًا عبد الرزاق (١٩٧٩٩)، ومن طريقه البيهقي ٣/ ٢٣٧، والبغوي (٣٣٣٥) عن معمر، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة. دون ذكر الواسطة بين ابن
المنكدر وأبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق (١٩٨٠١)، ومن طريقه البيهقي ٣/ ٢٣٧ عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبان، قال: سمعت ابن المنكدر يحدث بهذا الحديث عن أبي هريرة، قال: وكنت جالسًا في الظل وبعضي في الشمس، قال: فقمت حين سمعته، فقال لي ابن المنكدر، اجلس لا بأس عليك إنك هكذا جلست.

٤٨٢٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن إسماعيلَ، قال: حدَّثني قيسٌ
عن أبيه أنه جَاءَ ورسولُ الله ﷺ يخطبُ، فقامَ في الشمسِ، فأمَرَ بهِ فحُوِّل إلى الظِّلُّ (١).


= وأخرجه الحاكم ٤/ ٢٧١ من طريق عبد الله بن رجاء، عن همام، عن قتادة، عن كثير بن أبي كثير، عن أبي عياض عمرو بن الأسود، عن أبي هريرة رفعه: نهى رسول الله ﷺ أن يجلس الرجل بين الشمس والظل، وقال: صحيح الإسناد.
قلنا: وعبد الله بن رجاء صدوق إلا عند المخالفة، والحديث رواه غيره عن همام، فجعله من حديث رجل من أصحاب النبي-ﷺ كما هو عند أحمد في «مسنده» (١٥٤٢١) وإسناده حسن. وانظر تمام تخريجه فيه.
وفي الباب عن أبي حازم وهو الحديث الآتي بعد هذا. وإسناده صحيح. وعن بريدة الأسلمي عند ابن أبي شيبة ٨/ ٦٨٠، وابن ماجه (٣٧٢٢). وإسناده حسن.
وقوله: «فقلص عنه»، قال السندي في «حاشته على المسند»، يقال: قَلَص بفتحتين، مخفف، ويشدد للمبالغة، أي: ارتفع، والمعنى: ارتفع الظل عنه، وبقي في الشمس، فليقم، فإنه مُضر، والحق في أمثاله التسليم لمقالته، فإنه يَعلَم ما لا نعلمُ، وقد جاء: فإنه مجلس الشيطان، وقيل: لعله يفسد مزاجه لاختلال حال البدن لما يحل به من المؤثِّرَيْن المتضادَّيْنِ.
(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٣/ ٢١٨ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، (١١٧٤) عن مسدد، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٥١٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٨٠٠) من طريق يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه الطيالسي (١٢٩٨)، وابن أبي شيبة ٨/ ٩٤، وأحمد في «مسنده» (١٥٥١٦) و(١٥٥١٧) و(١٥٥١٨) و(١٨٣٠٥)، وابن خزيمة في «صحيحه»، (١٤٥٣)، والطبراني في «الكبير» (٧٢٨١)، والدولابى في «الأسماء والكنى» (١٦٥٠)، والحاكم ٤/ ٢٧١ و٢٧٢، والبيهقي في السنن" ٣/ ٢١٨ من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

١٦ - باب في التَّحُلُق
٤٨٢٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الأعمشِ حدَّثني المُسيَّب بنُ رافع، عن تميم بن طَرَفَةَ
عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ، قال: دخَلَ رسولُ الله ﷺ المسجدَ وهم حِلَقٌ، فقال: «مالي أراكُم عِزينَ» (١).
٤٨٢٤ - حدَّثنا واصلُ بنُ عبدِ الأعلى، عن ابنِ فُضيل، عن الأعمشِ، بهذا، قال: كأنه يُحِبُّ الجماعَةَ (٢).
٤٨٢٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ الوركانيُّ وهنادٌ، أن شريكًا أخبرهم، عن سِمَاكٍ
عن جابر بنِ سَمُرَةَ، قال: كنَّا إذا أتينا النبي ﷺ جلَسَ أحدُنا حيثُ ينتهي (٣).


(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه مسلم (٤٣٠) بمعناه وأتم منه، والنسائي في «الكبرى» (١١٥٥٨) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٨٧٤) و(٢٠٩٥٨).
وقوله: «عزين» قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٤: يريد فرقًا مختلفين لا يجمعُكم مجلسٌ واحد. وواحد العزين: عِزة، يقال: عزة وعزون، كما قالوا: ثبة وثبون، ويقال أيضًا: ثبات، وهي الجماعاتُ المتميزة بعضُها عن بعض.
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. ابن فضيل: هو محمَّد.
وانظر ما قبله.
(٣) شريك: وهو ابن عبد الله النخعي، سيىء الحفظ. وحسن له الترمذي هذا الحديث برقم (٢٩٢٣) بمتابعة زهير بن معاوية له عن سماك، ولم نقف على هذه المتابعة فيما بين أيدينا من المصادر. وللحديث شاهدان ضعيفان، يحتمل تحسين الحديث بهما. والله تعالى أعلم. وهناد: هو ابن السري، وسماك: هو ابن حرب.

١٧ - باب في الجلوس وسْطَ الحلْقة (١)
٤٨٢٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، حدَّثني أبو مِجْلَزٍ
عن حُذيفة: أن رسولَ الله ﷺ لعَنَ من جَلَسَ وسْطَ الحَلْقَةِ (٢).


= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٨٦٨) عن هناد وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٩٢٣) عن علي بن حجر، عن شريك، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٨٥٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٣٣).
وفي الباب عن علي بإسنادين ضعيفين عند ابن سعد ١/ ٤٢٤، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٤١٤)، والبيهقي في «الدلائل» ١/ ٢٩٠ ضمن حديث مطول جدًّا قال: وإذا انتهى -يعني النبي ﷺ- إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك.
وعن مصعب بن شيبة عن أبيه عن النبي ﷺ عند الطبراني في «الكبير»، (٧١٩٧) ولفظه: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس، فإن وسع له فليجلس، وإلا فلينظر إلى أوسع مكان يرى فليجلس». ومصعب بن شيبة لين الحديث. ومع ذلك فقد حسن الهيثمي إسناده في «المجمع» ٨/ ٥٩.
(١) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي.
(٢) رجاله ثقات، إلا أن أبا مجلز لم يدرك حذيفة، قاله شعبة كما في المسند«لأحمد (٢٣٣٧٦). وقال ابن معين: لم يسمع منه. أبان: هو ابن يزيد العطار، قتادة: هو ابن دعامة. أبو مجلز: هو لاحق بن حميد.
وأخرجه الترمذي (٢٩٥٦) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في»مسند أحمد«(٢٣٢٦٣).
قال الخطابي في»معالم السنن" ٤/ ١١٤: هذا يتأول فيمن يأتي حلقة قوم فيتخطى رقابهم، ويقعد وسطها ولا يقعد حيث ينتهي به المجلس فَلُعِنَ للأذى.
وقد يكون في ذلك أنه إذا قعد وسط الحلقة حال بين الوجوه، وحجب بعضهم من بعض، فيتضررون بمكانه وبمقعده هناك.

١٨ - باب في الرجل يقوم للرجل عن مَجلِسه
٤٨٢٧ - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبدِ ربه بنِ سعيدٍ، عن أبي عبدِ الله مولى لآلِ أبي بُردةَ، عن سعيد بنِ أبي الحسن، قال:
جاءَنا أبو بكرَةَ في شهادةِ، فقامَ له رجلٌ مِنْ مجلِسه، فأبى أن يجلِسَ فيه، وقال: إن النبيَّ- ﷺ نهى عن ذا، ونهى النبي ﷺ أن يمسَحَ الرجُلُ يدَه بِثَوبِ مَن لم يَكسُه (١).


(١) إسناده ضعيف لجهالة أبي عبد الله مولى آل أبي بردة.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٣/ ٢٣٣ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (٨٧١)، وابن أبي شيبة (٣٦٩٠)، وأحمد في «مسنده» (٢٠٤٥٠)، والبزار في «مسنده» (٣٦٩٠)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (١٦٣٠) و(١٦٣١)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٢٧٢، والبيهقي في «السنن» ٣/ ٢٣٢، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣٤/ ٣٣ - ٣٤ من طرق عن شعبة، به.
ووقع اسم أبي عبد الله عند البزار: أبو عبد الله مولى لقريش، وقال بإثره: لا نعلم أحدًا سمى هذا الرجل مولى قريش، وجاء لفظه عد بعضهم: قال رسول الله ﷺ: «إذا قام لك رجل من مجلسه، فلا تجلس فيه» أو قال: «لا تقم رجلًا من مجلسه ثم تجلس فيه» وهو كذلك في «المسند» (٢٠٤٨٦).
وأخرج القطعة الثانية منه أبو نعيم الأصبهاني في «أخبار أصبهان» ٢/ ٤٤، والخطيب في «تاريخ بغداد، ٣/ ١٩٧ و١٢/ ٣٤٣ من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أبي بكرة. وفي إسناده الواقدى، وهو متروك.
ولقصة النهي عن الجلوس في مجلس من يقوم للرجل، شاهد مرفوع من حديث ابن عمر، سيأتي بعد هذا الحديث عند المصنف برقم (٤٨٢٨)، وهو في»المسند«(٥٥٦٧).
وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال:»لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه فيجلس فيه«.
أخرجه أحمد في»مسنده" من حديث أبي هريرة (٨٤٦٢)، ومن حديث جابر (١٤١٤٤)، ومن حديث ابن عمر (٤٦٥٩). =

٤٨٢٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، أن محمدَ بنَ جعفرٍ حدَّثهم، عن شُعبة، عن عَقِيلِ بنِ طلحةَ، سمعتُ أبا الخصيب
عن ابنِ عُمَرَ، قال: جاءَ رجل إلى رسولِ الله ﷺ، فقام له رجلٌ عن مجلسه، فذهب ليجلسَ فيه، فنهاه رسولُ الله ﷺ (١).


= وقد صح عنه ﷺ أنه قال: «إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه، فهو أحق به»، أخرجه أحمد في «مسنده» من حديث أبي هريرة (٧٥٦٨)، ومن حديث أبي سعيد الخدري (١١٢٨٢)، ومن حديث وهب بن حذيفة (١٥٤٨٣). وانظر تمام تخريجها وللقطعة الثانية من الحديث شاهد من حديث الحكم بن عمير عند الطبراني في «الكبير» (٣١٩١). بإسناده ضعيف.
وانظر حديث ابن عمر الآتي بعده.
وقوله: «أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه» قال القاري في «مرقاة المفاتيح» ٤/ ٥٨٣، أي: يثوب شخص لم يُلبِسه ذلك الرجلُ الثوبَ، والمراد منه: النهي عن التصرف في مال الغير والتحكم على من لا ولاية له عليه. وقال المظهر: معناه: إذا كانت يدك ملطخة بطعام، فلا تمسح يدك بثوب أجنبي، ولكن بإزار غلامك أو ابنك وغيرهما ممن ألبسته الثوب. قال الطيبي: لعل المرادَ بالثوب الأزار والمنديل ونحوهما، فلما أطلق عليه لفظ الثوب عقبه بالكسوة مناسبةً للمعنى، أي: نهى أن يمسح يده بمنديل الأجنبي، فيمسح بمنديل نفسه، أو منديل وُهِبَه من غلامه أو ابنه.
(١) إسناده ضعيف لجهالة حال أبي الخصيب -وهو زياد بن عبد الرحمن، فلم يؤثر توثيقه إلا عن ابن حبان، وقال الذهبي في الميزان«: لا يعرف، ولم يرو عنه سوى عقيل بن طلحة، وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه بنحوه وبأطول منه أحمد في»مسنده«(٥٥٦٧) عن محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك الطيالسي (١٩٥٠)، والبيهقي في»السنن" ٣/ ٢٣٣ من طريق شعبة، به. =

قال أبو داود: أبو الخَصِيب اسمُه: زيادُ بنُ عبد الرحمن.

١٩ - باب مَن يُؤمَر أن يُجالِسَ
٤٨٢٩ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبانُ، عن قتادةَ


= وللنهي عن الجلوس في مجلس من يقوم للرجل، صح عن ابن عمر موقوفًا أنه كان يكره ذلك، أخرجه البخاري في «صحيحه» (٦٢٧٠). وصح عنه من فعله أنه كان لا يجلس في مجلس من يقوم له، أخرجه أحمد في «مسنده» (٥٦٢٥)، والبخاري في الأدب المفرد، (١١٥٣)، والترمذي بإثر (٢٩٥٣)، قال النووي في «شرح مسلم» ١٤/ ١٦٠ - ١٦١: فهذا ورع منه، وليس قعوده فيه حرامًا إذا قام برضاه، لكنه تورع عنه لوجهين: أحدهما: أنه ربما استحى منه إنسان فقام له من مجلسه من غير طيب قلبه، فسدَّ ابن عمر الباب ليسلم من هذا.
والثاني: أن الإيثار بالقُرَب مكروه أو خلاف الأولى، فكان ابن عمر يمتنع من ذلك، لئلا يرتكب أحدٌ بسببه مكروهًا أو خلافَ الأولى بأن يتأخر عن موضعه من الصف الأول ويؤثره به. وشبه ذلك. قال أصحابنا: وإنما يُحمدُ الإيثارُ بحظوظ النفوس وأمور الدنيا دون القُرَب والله أعلم.
وقد صح من حديث ابن عمر عن النبي-ﷺ-أنه قال: «لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه» أخرجه البخاري في «صحيحه» (٦٢٦٩)، ومسلم (٢١٧٧)، والترمذي (٢٩٥٢) و(٢٩٥٣)، وهو في المسند«(٤٦٥٩)، و»صحيح ابن حبان«(٥٨٦) و(٥٨٧)، قال الإِمام النووي في»شرح مسلم«١٤/ ١٦٠ معلقا على هذا اللفظ: استثنى أصحابنا من عموم قوله:»لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ما إذا أَلِفَ من المسجد موضعًا يُفتي فيه أو يقرئ فيه قرآنًا أو غيره من العلوم الشرعية، فهو أحق به، وإذا حضر لم يكن لغيره أن يقعد فيه، وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة.
وقد صح عن ابن عمر أنه قال: ونهى النبي ﷺ أن يخلف الرجلُ الرجلَ في مجلسه، وقال: إذا رجع فهو أحق به. أخرجه أحمد في «مسنده» (٤٨٧٤). وانظر تمام تخريجه فيه.

عن أنس، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَثَلُ المؤمنِ الذي يقرأُ القُرآنَ مَثَلُ الأُترُجَّةِ، ريحُها طيِّبُ وطعمُها طيِّبُ، ومَثَلُ المؤمنِ الذي لا يقرأ القُرآنَ مثَلُ التمرةِ، طعمُها طيِّبُ ولا رِيحَ لها، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي يقرأُ القُرآن كمَثَلِ الرَّيحانةِ، ريحُها طيِّبٌ وطعمُها مُرٌّ، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي لا يقرَأُ القُرآن كمَثَلِ الحنظَلَةِ، طعْمُها مرُّ ولا ريحَ لها، ومثلُ جليسِ الصَّالحِ كمَثَلِ صَاحِب المِسْكِ إنْ لم يُصِبْكَ منه شيءٌ أصابك مِن ريحه، ومَثَلُ جليسِ السُّوءِ كمَثَلِ صاحِبِ الكِيرِ، إن لم يُصِبْكَ من سَوَادِه أصَابك من دُخَانِه» (١).
٤٨٣٠ - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبة. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى-المعنى- عن شعبة، عن قتادة، عن أنس
عن أبي موسى، عن النبي ﷺ، بالكلام الأول، إلى قوله:


(١) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، وقتادة: هو ابن دعامة.
وأخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (١٣٨١) من طريق يوسف بن يعقوب، عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٧٠٠) من طريق الصعق، عن قتادة، به. مختصرًا.
والمحفوظ في هذا الحديث رواية أنس، عن أبي موسى، كما سيأتي بعد هذا الحديث، قاله المزي في «تحفة الأشراف» ١/ ٢٩٨.
وانظر الحديث الآتي برقم (٤٨٣١).
الأترجة: هو بضم الهمزة وتشديد الجيم: جنس شجر من الفصيلة البرتقالية وهو ناعم الأغصان والثمر والورقة، وثمره كالليمون الكبار، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء، ينبت في البلاد الحارة، يعرف في الشام باسم «ترلج» و«كبّاد» وفي مصر والعراق «أترج».

«وطعمها مُرُّ» (١)،-وزادَ ابن معاذ- قال أنس: وكنا نتحدَّثُ أن مَثَلَ جَليسِ الصالح، وساق بقيةَ الحديث.
٤٨٣١ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الصَّبَّاح العطارُ، حدَّثنا سعيدُ بن عامر، عن شُبَيل بن عَزْرَةَ
عن أنسِ بنِ مالك، عن النبي ﷺ قال: «مَثَلُ الجَليِسِ الصَّالح» فذكر نحوه (٢).
٤٨٣٢ - حدَّثنا عمرُو بنُ عَونٍ، أخبرنا ابنُ المبارَكِ، عن حيوَةَ بنِ شُريحِ، عن سالم بنِ غَيلانَ، عن الوليد بنِ قيس، عن أبي سعيد، أو عن أبي الهيثم
عن أبي سعيدِ، عن النبيِّ- ﷺ، قال: «لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِنًا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقيٌّ» (٣).


(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد، وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ.
وأخرجه البخاري (٥٠٥٩) عن مسدد، عن يحيى وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٧٩٧)، وابن ماجه (٢١٤)، والنسائي في «الكبرى» (٦٦٩٩) و(٨٠٢٧) من طرق عن يحيى بن سعيد وحده، به.
وأخرجه البخاري (٥٠٢٠) و(٥٤٢٧) و(٧٥٦٠)، ومسلم (٧٩٧)، والترمذي (٣٠٨١) من طرق عن قتادة، به.
وبعضهم يزيد فيه على بعض لكنهم جميعًا دون قوله: «ومثل الجليس ... إلخ.
وأخرجه البغوي في»شرح السنة«(١١٧٥) بزيادة في آخره وهي قوله:»ومثل الجليس الصالح ...، إلخ.-قلنا: وهي التي في الحديث السالف عند المصنف- من طريق عفان، عن أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٤٩) و(١٩٦١٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٢١) و(٧٧٠) و(٧٧١).
(٢) إسناده صحيح. وانظر الحديث السالف برقم (٤٨٢٩).
(٣) إسناده حسن من أجل سالم بن غيلان - فإنه لا بأس به، والوليد بن قيس: صدوق حسن الحديث. والشاك في السند هو: سالم بن غيلان كما جاء مصرحًا به عند الترمذي. وابن المبارك: هو عبد الله. وأبو الهيثم: هو سليمان بن عمرو. =

٤٨٣٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عامرٍ وأبو داود، قالا: حدَّثنا زهيرُ بنُ محمدٍ، حدَّثني موسى بن وَرْدانَ
عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «الرجُلُ على دِينِ خَليلِهِ، فلينظر أحدُكُم من يُخالِلُ» (١).
٤٨٣٤ - حدَّثنا هارونُ بنُ زيدِ بنِ أبي الزَّرقَاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا جعفرُ بنُ بُرقانَ، عن يزيدَ -يعني ابنَ الأصَمِّ-
عن أبي هريرة يرفَعُهُ، قال: «الأرواحُ جُنُودٌ مُجنَّدَةٌ، فما تعارَفَ منها ائتلَفَ، وما تناكلرَ منها اختلَفَ» (٢).


= وأخرجه على الشك الترمذي (٢٥٥٧) عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.
وهو في «مسندأحمد» (١١٣٣٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٤) و(٥٥٥) و(٥٦٠).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٥: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، وذلك أن الله سبحانه قال: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨]، ومعلوم أن أسراهم كانوا كفارًا غير مؤمنين ولا أتقياء.
وانما حذر من صحبة من ليس بتقي، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته، فإن المُطاعمة توقعُ الألفةَ والمودةَ في القلوب. يقول: لا تُؤالف مَن ليَس مِن أهل التقوى والورع، ولا تتخذه جليسًا تُطاعمه وتُنادمه.
(١) إسناده حسن. موسى بن وردان صدوق. ابن بشار: هو محمَّد. وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.
وأخرجه الترمذي (٢٥٣٥) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «المسند» (٨٠٢٨).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه بزيادة في أوله مسلم (٢٦٣٨) من طريق كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٦٣٨) (١٥٩) من طريق ذكوان السمان، عن أبي هريرة. =

٢٠ - باب في كراهية المِراءِ
٤٨٣٥ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامَةَ، حدَّثنا بُريدُ بنُ عبدِ الله، عن جده أبي بُردةَ
عن أبي موسى، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا بَعَثَ أحدًا مِن أصحابِه في بعضِ أمره قال: «بَشِّرُوا ولا تُنَفِّرُوا، ويَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا» (١).
٤٨٣٦ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني إبراهيمُ بنُ المُهاجِرِ، عن مجاهدٍ، عن قائدِ السَّائبِ


= وهو في «مسند أحمد» (٧٩٣٥) و(١٠٩٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦١٦٨).
وفي الباب عن عائشة، أخرجه البخاري (٣٣٣٦).
وفي معنى الحديث ذكر الخطابي في «أعلام الحديث» ٣/ ١٥٣٠ وجهين، أصحهما -إن شاء الله تعالى-: أن يكون إشارةً إلى معنى التَّشاكُلِ في الخير والشَّرِّ، والصَّلاح والفَسَاد، فإن الخيِّرَ من النّاس يَحِنُّ إلى شَكْلِه، والشَّرِّيرَ يميلُ إلى نظيره ومثلِهِ، فالأرواحُ إنما تتَعارَفُ لغَرائبِ طباعِها التي جُبِلَت عليها من الخير والشرِّ، فإذا اتفَقَت الأشكالُ تعارفت وتآلفت، وإذا اختَلَفَت تنافَرَت وتناكرت، ولذلك صار الإنسانُ يُعرَفُ بقرِينِه ويعتبرُ حالُه بأليفه وصَحِيبِه.
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله ابن قيس.
وأخرجه مسلم (١٧٣٢) (٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي غريب، كلاهما عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٠٣٨) و(٦١٢٤)، ومسلم (١٧٣٣) وص ١٥٨٦ (٧٠) وص ١٥٨٦ - ١٥٨٧ (٧١) من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبيه أبي بردة، به.
وأخرجه البخاري (٤٣٤١) و(٤٣٤٢) من طريق عبد الملك، و(٤٣٤٤) و(٤٣٤٥) و(٧١٧٢) من طريق سعيد بن أبي بردة، كلاهما عن أبي بردة قال: بعث رسول الله -صلى الله ليه وسلم- أبا موسى ومعاذ ... إلخ. وهذا وإن كان ظاهره الإرسال لكنه متصل كما سلف تخريجه.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٧٢) و(١٩٧٤٢) و(١٩٦٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٧٣) و(٥٣٧٦).

عن السائبِ، قال: أتيتُ النبيَّ- ﷺ، فجعلوا يُثنُون عليٍّ ويذْكُروني، فقال رسُولُ اللهِ- ﷺ: «أنا أعلمُكُم» يعني به، قلت: صدقتَ بأبي وأُمي، كنتَ شرِيكي، فنعمَ الشريكُ، كنت لا تُدارِي، ولا تُمارِي (١).


(١) رجاله ثقات غير إبراهيم بن مهاجر، فهو ضعيف الحديث وقد أخطأ فى إسناده فزاد فيه: قائد السائب -وهو مجهول- بين مجاهد -وهو ابن جبر الثقة- وبين السائب، وخالفه الثقات من أصحاب مجاهد فاسقطوه.
قال المنذري في «المختصر»: والسائب هذا قد ذكر بعضهم أنه قتل كافرًا يوم بدر، قتله الزبير بن العوام، وذكر بعضهم أنه أسلم وحسن إسلامه، وهذا هو المعول عليه، وقد ذكره غير واحد من الأئمة في كتب الصحابة.
وهذا الحديث قد اختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وذكر أبو عمر بن عبد البر أن هذا الحديث مضطرب جدًا، منهم من يجعله للسائب بن أبي السائب، ومنهم من يجعله لأبيه، ومنهم من يجعله لقيس بن السائب، ومنهم من يجعله لعبد الله يعني عبد الله بن السائب، وهذا اضطراب لا تقوم به حجة. وقد تبعه في إعلاله بالاضطراب السهيلي والحافظ ابن حجر.
وأخرجه ابن ماجه (٢٢٨٧) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان. بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد (١٥٥٠٥)،والنسائي في «الكبرى» (١٥٠٧١) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن السائب بن أبي السائب، به، فلم يذكر قائد السائب.
وأخرجه أحمد (١٥٥٠٣) عن روح بن عبادة، عن سيف بن أبي سليمان، عن مجاهد، قال: كان السائب بن أبي السائب ... هكذا على صورة الإرسال. ولم يذكر قائد السائب كذلك.
وانظر تمام تخريجه فى«سنن ابن ماجه».
وقوله: «لا تداري» قال الخطابى: يعني لا تخالف ولا تمانع، وأصل الدرء: الدفع، يصفه ﷺ بحسن الخلق والسهولة في المعاملة، وقوله: لا تماري: يريد المراء والخصومة.
وقال ابن الأثير في «النهاية» في مادة (درأ): هو مهموز، وروي في الحديث غير مهموز، ليزاوج يماري.

٢١ - باب الهَدْي في الكلام
٤٨٣٧ - حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ يحيى الحرَّانيُّ، حدَّثني محمدٌ -يعني ابنَ سلمةَ-، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن يعقوبَ بنِ عُتبةَ، عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيز، عن يوسفَ بنِ عبدِ الله بنِ سَلامٍ عن أبيهِ، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا جلسَ يتحدَّثُ يُكثِرُ أن يرفعَ طَرْفَهُ إلى السَّماء (١).
٤٨٣٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، أخبرنا ابنُ بِشر، عن مِسْعَرٍ، قال: سمعتُ شيخًا في المسجدِ يقول:
سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: كان في كلامِ رسولِ الله ﷺ تَرْييلٌ -أو تَرْسِيلٌ- (٢).


(١) حديث صحيح لغيره. محمَّد بن إسحاق وإن كان مدلسًا قد صرح بالسماع عند الباغندي في «مسند عمر بن عبد العزيز» (٤). وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الباغندي في «مسند عمر بن عبد العزيز» (٤)، وأبو نعيم في «الحلية» ٥/ ٣٦١ من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه الباغندي (٣) من طريق عبد السلام بن عبد الحميد، والخطيب في «تاريخ بغداد» ٢/ ٨٢ - ٨٣ من طريق محمَّد بن أسد بن أبي الحارث، كلاهما عن محمَّد بن سلمة، به. فجعلاه من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي-ﷺ.
ويوسف بن عبد الله معدود من صغار الصحابة.
وله شاهد صحيح من حديث أبي موسى، أخرجه مسلم (٢٥٣١)، وأحمد في «مسنده» (١٩٥٦٦).
(٢) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن جابر، وباقي رجاله ثقات. ومسعر: هو ابن كدام.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٣/ ٢٠٧ من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

٤٨٣٩ - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكرِ ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أسامةَ، عن الزهريِّ، عن عُروة
عن عائشة، قالت: كان كلامُ رسولِ الله ﷺ-كلامًا فَصْلًا، يفْهَمُهُ كلُّ مَنْ سَمِعهُ (١).
٤٨٤٠ - حدَّثنا أبو توبةَ، قال: زعَمَ الوليدُ، عن الأوزاعي، عن قُرَّةَ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمة


= وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٤٧) عن مسعر، عن شيخ أنه سمع جابر بن عبد الله أو ابن عمر يقول ... فذكره.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ١٤ عن وكيع، عن مسعر، عن شيخ قال سمعت ابن عمر أو جابرًا ... فذكره.
وفي الباب عن عائشة، سيأتي بعد هذا عند المصنف برقم (٤٨٣٩).
(١) إسناده حسن. أسامة: -وهو ابن زيد- حسن الحديث. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب.
وأخرجه الترمذي (٣٩٦٨) من طريق حميد بن الأسود، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. ولفظه: ما كان رسول الله ﷺ يسرد سردكم هذا،ولكنه كان يتكلم بكلام يُبيِّنه فَصْلٍ، يحفظُه من جلس إليه. وقال: حديث حسن صحيح.
وأخرجه بنحو لفظ الترمذي النسائي في «الكبرى» (١٠١٧٣) من طريق سفيان، عن أسامة بن زيد، عن القاسم بن محمَّد بن أبي بكر، عن عائشة.
وهو بلفظهما عند أحمد في «مسنده» (٢٥٠٧٧) و(٢٦٢٠٩).
وفي الباب عن عائشة بلفظ: أن عائشة زوج النبي-ﷺ قالت: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتى، يحدث عن رسول الله ﷺ يُسمعُني ذلك، وكنت أُسبِّحُ، فقام قبل أن أقضي سُبْحتي، ولو أدركتُه لرددت عليه أن رسول الله ﷺ لم يكن يسردُ الحديث سَرْدَكُم. سلف عند المصنف برقم (٣٦٥٥). وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه هناك.

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«كلُّ كلامِ لا يُبدَأُ فيهِ بالحمدُ لله فهو أجذَمُ» (١).
قال أبو داود: رواه يونسُ وعُقيلٌ وشُعيبٌ وسعيدُ بن عبد العزيز، عن الزهري، عن النبيَّ ﷺ، مرسلًا.

٢٢ - باب في الخطبة
٤٨٤١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وموسى بنُ إسماعيلَ، قالا: حدَّثنا عبدُ الواحِدِ بنُ زيادٍ، حدَّثنا عاصم بن كُلَيب، عن أبيه


(١) إسناده ضعيف لضعف قرة -وهو ابن عبد الرحمن بن حَيْويل- ولاضطراب متنه. أبو توبة: هو الربيع بن نافع، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٢٥٥) عن محمود بن خالد، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٩٤) من طريق عبيد الله بن موسى، عن الأوزاعي، به.
وأخرجه النسائي (١٠٢٥٦) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، به.
وأخرجه النسائي (١٠٢٥٧) من طريق عُقيل، و(١٠٢٥٨) من طريق الحسن بن عمر، كلاهما عن الزهري، عن النبي ﷺ مرسلًا.
ورجح الدارقطني في «العلل» ٨/ ٣٠ هذه الرواية المرسلة على الرواية الموصولة، قلنا: ومراسيل الزهري لا يعتد بها عند جمهور أهل العلم.
وهو في «مسند أحمد» (٨٧١٢)، و«صحيح ابن حبان» (١) و(٢). وانظر تمام تخريج الحديث والتعليق عليه في «المسند».
قوله: «بالحمدُ» بضم الدال على الحكاية.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٦: «أجذم»، معناه: المنقطع الأبتر الذي لا نظام له، وفسَّره أبو عبيد، فقال: الأجذم: المقطوع اليد.
وقال ابنُ قتيبة: الأجذم: بمعنى المجذوم في قوله ﷺ: «من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم».

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «كلُّ خُطبَةٍ ليس فيها تشهُّدٌ فهي كاليدِ الجَذماء» (١).

٢٣ - باب في تنزيلِ الناسِ مَنَازلَهم
٤٨٤٢ - حدَّثنا يحيى بنُ إسماعيلَ وابنُ أبي خَلَفٍ، أن يحيى بنَ يمانٍ أخبرهم، عن سفيانَ، عن حبيب بنِ أبي ثابتٍ، عن ميمونِ بنِ أبي شَبيبٍ
أن عائشة مرَّ بها سائلٌ فاعطتهُ كِسرَةً، ومرَّ بها رجلٌ عليه ثيابٌ وهيئةٌ، فأقعدتَه، فأكَلَ، فَقِيل لها في ذلك، فقالت: قال رسولُ الله ﷺ: «أنزِلُوا النَّاسَ منازِلَهُم» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل والد عاصم: وهو كليب بن شهاب، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الترمذي في «سننه» (١١٣٢) من طريق ابن فضيل، عن عاصم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠١٨)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧٩٦) و(٢٧٩٧).
قال المناوي في «فيض القدير»: «كل خطبة ليس فيها تشهد» وفي رواية «شهادة» موضع «تشهد». «فهى كاليد الجذماء»، أي: المقطوعة، والجذم: سرعة القطع، يعني: أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء على الله، فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها إلى صاحبها.
قال ابن العربي: وأراد بالتشهد هنا: الشهادتين، من إطلاق الجزء على الكل كما في التحيات.
(٢) حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عائشة عند الأكثر. وابن أبي خلف: هو محمَّد، وسفيان: هو الثوري.
وعلقه مسلم في «مقدمة صحيحه» ص ٦ فقال: وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله ﷺ وأن ننزل الناس منازلهم.
وأخرجه البيهقي في «الآداب» (٢٩٩) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (٤٨٢٦)، وابن خزيمة في السياسة من «صحيحه» كما في «إتحاف المهرة» ١٧/ ٥٧٤ للحافظ ابن حجر، وأبو الشيخ في«الأمثال» (٢٤١)، وأبو نعيم في «الحلية» ٤/ ٣٧٩ من طرق عن يحيى بن اليمان، به.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (١٥٩٩٩)، وفي «الآداب» (٣٠٠) من طرق عن يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن أسامة بن زيد الليثي، عن عمر بن مخراق، عن عاثثمة. وهذا مرسل أيضًا. عمر بن مخراق لم يدرك عائشة.
وحسنه السخاوي في «المقاصد الحسنة» ص ٩٣، وصححه الحاكم في «معرفة علوم الحديث» ص ٤٩.
وفي الباب عن معاذ بن جبل وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أما حديث معاذ فرواه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (٤٦) من طريق بكر بن سليمان أبي معاذ، عن أبي سليمان الفلسطيني، عن عبادة بن نُسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، ولفظه: قال: قال رسول الله ﷺ: «أنزل الناس منازلهم من الخير والشر، وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة». وهذا إسناد ضعيف.
وأما حديث جابر بن عبد الله، فهو في «جزء الغسولي» بسند ضعيف فيما قال الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر» ١/ ٥٩ (طبع دار ابن حزم) ولفظه: «جالسوا الناس على قدر أحسابهم، وخالطوا الناس على قدر أديانهم، وأنزلوا الناس على قدر منازلهم، وداروا الناس بعقولكم».
وانظر ما بعده.
قال أبو أحمد العسكري في «الأمثال» على هذا الحديث: هذا مما أدَّبَ به النبي-ﷺ أمته في إيفاء الناسِ حقوقَهم، من تعظيم العلماء، وإكرام ذي الشيبة، وإجلال «الكبير»، وما أشبهه.
وقال مسلم في «مقدمة صحيحه» ص ٦ قبيل الحديث: إنه لا يقَصَّرُ بالرَّجل العالي القدر عن درجته، ولا يُرفَعُ مُتَّضِعُ القَدْر في العلم فوق مَنزلَتِه، ويُعْطَى كل ذى حَق فيه حَقه، ويُنزل منزلته.

قال أبو داود: وحديثُ يحيى مختصرٌ.
قال أبو داود: ميمون لم يُدرك عائشة.
٤٨٤٣ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ ابراهيمَ الصَّوَّافُ، حدَّثنا عبدُ الله بن حُمرانَ، أخبرنا عوفُ بن أبي جَميلةَ، عن زيادِ بن مِخْراقٍ، عن أبي كِنانةَ
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من إجلالِ الله إكرامَ ذي الشيبَةِ المسلمِ، وحاملِ القُرآنِ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرَامَ ذي السُّلطَانِ المُقْسِطِ» (١).


= ونقل السخاوي في «الدرر» عن غير مسلم معنى الحديث، فقال: الحضُّ على مراعاة مقادير الناس ومراتبهم ومناصبهم، وتففيل بعضهم على بعض في الإكرام في المجالس، لقوله ﷺ: «ليلِني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم»، فيقدِّم الامامُ في القرب منه الأفضل فالأفضل من البالغين والعقلاء إكرامًا لهم، ويعامل كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف والمرتبة، فإن الله أعطى كل ذي حق حقه، وكذا في القيام والمخاطبة والمكاتبة، وغير ذلك من الحقوق. نعم، سوّى الشرعُ بينهم في القصاص والحدود، وأشباهها، لكن في التعازير يُعزَّرُ كل أحد بما يليق به، وبهذا الحديث تمسَّك المتكلمون في التعديل والتجريح لرواة الأخبار، ليتميَّزَ صالحهم من طالحهم، والله تعالى الموفق.
(١) إسناده حسن. أبو كنانة القرشي روى عنه ثلاثة، وحسن الذهبي حديثه هذا في «الميزان» ٤/ ٥٦٥، والحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» ٢/ ١١٨، ونقل المناوي في «فيض القدير» ٢/ ٥٢٩ عن الحافظ العراقي أنه حسن إسناده كذلك.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٨/ ١٦٣، وفي «الشعب» (٢٦٨٥) و(١٠٩٨٦)، وفي «الآداب» (٤٣) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه موقوفًا على أبي موسى: البخاري في «الأدب المفرد» (٣٥٧) عن بشر ابن محمَّد، عن عبد الله بن حمران، به.
وأخرجه كذلك موقوفًا على أبي موسى أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص٩٠، وابن أبي شيبة ١٠/ ٥٥١، و١٢/ ٢٢١ عن معاذ بن معاذ، عن عوف، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وفي الباب عن ابن عمر مرفوعًا أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٦/ ١٩، والعقيلي في «الضعفاء» ٣/ ٢٠، والبيهقي في «الشعب» (١٠٩٨٥)، وموقوفًا عند البيهقي في الشعب«(٢٦٨٦). وإسناده ضعيف.
وعن أبي أمامة أخرجه البيهقي في»الشعب«(٩٠١٧) وإسناده ضعيف.
وعن جابر بن عبد الله، أخرجه ابن عدي في»الكامل«٤/ ١٥٩٦، والبيهقي في»الشعب«(٢٦٨٧) و(١٠٩٨٤). وإسناده ضعيف.
وعن أبي هريرة عند البيهقي في»الشعب«(١٠٩٨٨). وإسناده ضعيف.
وفي الباب مرسلًا، أخرجه أبو عبيد في»فضائل القرآن«ص ٨٩، والخرائطي في»مكارم الأخلاق«ص ٥٥، والشاشي في»مسنده«(٢٥) والبيهقي في»الشعب«(١٠٨٤٠) من طريق الحجاج بن أرطأة، عن سليمان بن سحيم، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: قال رسول الله ﷺ. وهذا الإسناد فيه علتان: الأولى: تدليس الحجاج بن أرطأة وعنعنته، والثانية: الانقطاع بين سليمان بن سحيم وبين طلحة، نص على ذلك البيهقي في»الشعب«بإثر روايته للحديث.
وفي الباب أيضًا مرسلًا، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في»مسنده«- زوائد الهيثمي» (٧٣٤) عن أحمد بن إسحاق، حدَّثنا حماد بن سلمة، عن قتادة أن النبي-ﷺ قال: «من تعظيم جلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، وامام العدل».
وإسناده إلى قتادة صحيح.
قال صاحب «عون المعبود»:«إن من إجلال الله»، أي: تبجيله وتعظيمه، و«إكرام ذي الشيبة المسلم»، أي: تعظيم الشيخ الكبير في الإِسلام بتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه ونحو ذلك، كل هذا من كمال تعظيم الله لحرمته عند الله.
والغلو: التشديد ومجاوزة الحد، يعني غير المتجاوز الحد في العمل به، وتتبع ما خفي منه، واشتبه عليه من معانيه وفي حدود قراءته ومخارج حروفه. قاله العزيزي.
و«الجافي عنه»، أي: وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته واحكام قراءته وإتقان معانيه والعمل بما فيه.
وقيل: الغلو: المبالغة في التجويد أو الاسراع في القراءة بحيث يمنعه عن تدبر المعنى. والجفاء: أن يتركه بعد ما علمه لا سيما إذا كان نسيه، فإنه عُدّ من الكبائر. =

٢٤ - باب في الرجل يجلس بين الرجُلَين بغير إذنهما
٤٨٤٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ وأحمدُ بنُ عَبْدةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا
حمادٌ، حدَّثنا عامِرٌ الأحولُ، عن عمرو بنِ شُعيب -قال ابنُ عبدة:- عن أبيه عن جدِّه، أن رسولَ الله ﷺ قال: «لا يُجلَسُ بينَ رجُلَينِ إلا بإذنهما» (١).
٤٨٤٥ - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ المَهرِىُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني أسامةُ ابنُ زيدٍ الليثىُّ، عن عَمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو، عن رسولِ الله ﷺ قال: «لا يَحِل لرجُلٍ أن يُفَرِّقَ بينَ اثنينِ إلا بإذْنِهما» (٢).


= قال في «النهاية» ومنه الحديث: «اقرؤوا القرآن ولا تجفوا عنه»، أي: تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته بأن تتركوا قراءته وتشتغلوا بتفسيره وتأويله، ولذا قيل: اشتغل بالعلم بحيث لا يمنعك عن العمل، واشتغل بالعمل بحيث لا يمنعك عن العلم، وحاصله: أن كلاَّ من طرفي الإفراط والتفريط مذموم، والمحمود هو الوسط العدل المطابق لحاله ﷺ في جميع الأقوال والأفعال، كذا في «المرقاة شرح المشكاة
(١) إسناده حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٦٩٩٩).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده حسن.
وأخرجه الترمذي (٢٩٥٥) عن سويد، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٤٢) من طريق الفُرات بن خالد، عن أسا مة، به.
وانظر ما قبله.

٢٥ - باب في جلوس الرجل
٤٨٤٦ - حدَّثنا سَلَمَةُ بنُ شَبيبٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثني إسحاقُ بنُ محمَّد الأنصاريُّ، عن رُبَيح بنِ عبدِ الرحمن، عن أبيه
عن جدِّهِ أبي سعيد الخُدريِّ: أن رسولَ الله ﷺ كان إذا جَلَسَ احتبَى بيدِه (١).
قال أبو داود: عبدُ اللهِ بنُ إبراهيمَ شيخٌ منكرُ الحديثِ.


(١) إسناده واه بمرة. عبد الله بن إبراهيم -وهو الغفاري- مجمع على ضعفه ونكارة حديثه، ونسبه ابن حبان والحاكم إلى الوضع، وإسحاق بن محمَّد الأنصاري: مجهول، ورُبيح بن عبد الرحمن: ضعيف،
وأخرجه الترمذي في «الشمائل» (١٢١)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ ص ٢٤٧ من طريق سلمة بن شبيب، بهذا الإسناد. ولفظ أبي الشيخ: كان رسول الله ﷺ إذا جلس احتبى بثوبه.
وأخرجه ابن عدي في»الكامل«٣/ ١٠٣٤، والبيهقي في»السنن«٣/ ٢٣٦ من طريق محمَّد بن سعيد بن معاوية النصيبي، عن سلمة بن شبيب، به.
ويغني عنه جملة أحاديث منها:
حديث ابن عمر، أخرجه البخاري (٦٢٧٢) بلفظ: رأيت رسول الله ﷺ، بفِناء الكعبة، مُحْتَبِيًا بيده هكذا.
وحديث ابن عباس عند مسلم (٧٦٣) (١٨٥) في قصة مبيته عند خالته ميمونة، وفيه: فصلى إحدى عشرة ركعة. ثم احتبى، حتى إني لأسمع نَفَسَهُ راقِدًا ... إلخ.
وانظر ما سيأتي بعده.
وحديث أبي هريرة عند أحمد (١٠٨٩١) وسنده حسن.
وحديث عليٍّ عند أحمد (٥٧٣) و(١٣١٠).
وحديث رجل من بني سليط في»المسند" (١٦٦٤٤) وسنده حسن.

٤٨٤٧ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر وموسى بنُ إسماعيل، قالا: حدَّثنا عبدُ الله ابنُ حسَّانَ العنبَرىُّ، قال: حدَّثتني جدَّتاي صَفيةُ ودُحَيبة ابنتا عُلَيبةَ -قال موسى: بنتُ حرملةَ- وكانتا ربيبتَي قَيلَةَ بنتِ مخرمَةَ، وكانت جدَّةَ أبيهما
أنها أخبرتهما: أنها رأتِ النبيَّ- ﷺ وهو قاعِدٌ القُرفُصَاءَ، فلما رأيتُ رسولَ الله ﷺ المُختَشِعَ -وقال موسى: المُتَخشِّعَ- في الجِلْسةِ، أرعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ (١).

٢٦ - باب في الجِلْسَةِ المكروهة (٢)
٤٨٤٨ - حدَّثنا عليٍّ بنُ بَحْرِ، حدَّثنا عيسى بنُ يُونُس، حدَّثنا ابنُ جُريجِ، عن ابراهيمَ بنِ ميسرةَ، عن عَمرِو بنِ الشريدِ


(١) إسناده حسن. وراوي الحديث عن النبي ﷺ هو قيلة بنت مخرمة.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٣/ ٢٣٥ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٧٨) عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الله بن حسان، به.
وأخرجه الترمذي في «الشمائل» (١١٩) من طريق عفان بن مسلم، عن عبد الله ابن حسان، به.
وأخرجه ضمن حديث مطول ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٣١٧ - ٣٢٠ عن عفان ابن مسلم، والطبراني في «الكبير» ٢٥/ (١)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣٥/ ٢٧٥ - ٢٧٩ من طريق عبيد الله بن محمَّد، كلاهما عن عبد الله بن حسان، به.
وله شاهد من حديث أبي أمامة الحارثي عند أبي الشيخ في «أخلاق النبي-ﷺ»
ص ٢٤٧، والطبراني في «الكبير» ١/ (٧٩٤).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٧، «القرفصاء»: جلسة المحتبي، وليس هو الذي يحتبي بثوبه لكنه الذي يحتبي بيديه.
وانظر ما قبله من حديث أبي سعيد.
(٢) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).

عن أبيه الشِّريدِ بنِ سُويد، قال مرَّ بي رسولُ الله ﷺ وأنا جالِسٌ هكذا، وقد وضعتُ يدي اليُسرى خلفَ ظهري، واتكأتُ على أليةِ يَدي، فقال: «أتقعدُ قِعدَةَ المغضُوبِ عليهم؟!» (١).

٢٧ - باب النهي عن السَّمَر بعد العشاء
٤٨٤٩ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عوفٍ، حدَّثني أبو المنهالِ
عن أبي بززَة، قال: كانَ رسولُ الله ﷺ ينهى عن النومِ قبلَها والحديثِ بعدَها (٢).


(١) رجاله ثقات إلا أن ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- مدلس، وقد عنعن.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٣/ ٢٣٦، وفي «الآداب» (٣١٣) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٤٥٤) عن علي بن بحر، به.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه»، (٥٦٧٤)، والطبراني في «الكبير» (٧٢٤٢)، والحاكم ٤/ ٢٦٩، والبيهقي في «السنن» ٣/ ٢٣٦ من طرق عن عيسى بن يونس، به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي!
وأخرجه الطبراني (٧٢٤٣) من طريق مندل، عن ابن جريج، به.
ألية الكف: أصل الابهام، وما تحت ذلك من أسفل الراحة لما غلظ منها. والقعدة بكسر فسكون: اسم لهيئة القعود، وبفتح فسكون: اسم للمرة الواحدة من القعود.
(٢) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، عوف: هو ابن أبي جميلة، وأبو المنهال: هو سيَّار بن سلامة الرِّياحي.
وأخرجه مطولًا البخاري (٥٩٩) عن مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٧٠١) عن محمَّد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه البخاري (٥٤٧) مطولًا، وابن ماجه (٧٠١)، والترمذي (١٦٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٥٢٤) من طرق عن عوف بن أبي جميلة، به. =

٢٨ - باب الرجل يجلس متربعًا
٤٨٥٠ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو داود الحَفَرِىُّ، حدَّثنا سفيانُ الثورىُّ، عن سِمَاك بنِ حربِ
عن جابر بنِ سمرَةَ، قال: كانَ النبيَّ- ﷺ ِو إذا صلَّى الفجرَ تربَّع في مجلسِه، حتى تطلُعَ الشمسُ حسنَاء (١).

٢٩ - باب في التَّناجي
٤٨٥١ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ وحدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا الأعمشُ، عن شقيقِ -يعني ابنَ سلمة-
عن عبدِ اللهِ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يَنْتَجي اثنانِ دون الثالثِ، فإن ذلك يُحْزُنُه» (٢).


= وهو في «المسند» (١٩٧٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٤٨).
وقد سلف مطولًا عند المصنف (٣٩٨) من طريق شعبة عن أبي المنهال، عن أبي برزة. وانظر تمام تخريجه هناك.
ينهى عن النوم قبلها: يعني صلاة العشاء لما فيه من خوف فوت جماعة العشاء.
والحديث بعدها، أي: المحادثة بعدها،لأنه يؤدي إلى الإكثار، فيؤدي إلى تفويت قيام الليل، بل صلاة الصبح أيضًا.
(١) إسناده حسن، سماك -وهو ابن حرب- صدوق حسن الحديث إلا في روايته عن عكرمة. أبو داود الحفري: هو عمر بن سعد.
وقد سلف برقم (١٢٩٤).
(٢) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والاعمش: هو سليمان ابن مهران.
وأخرجه مسلم (٢١٨٤) عن أبي بر بن أبي شيبة وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢١٨٤)، وابن ماجه (٣٧٧٥)، والترمذي (٣٠٣٧) من طرق عن أبي معاوية وحده، به. =

٤٨٥٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح
عن ابنِ عُمَرَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ، مثلَه، قال أبو صالحٍ: فقلتُ لابنِ عمرَ: فأربعة؟ قال: لا يضُرُّكَ (١).


= وأخرجه مسلم (٢١٨٤) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس وحده، به.
وأخرجه مسلم (٢١٨٤)، والترمذي (٣٠٣٧) من طريق سفيان، وابن ماجه (٣٧٧٥) من طريق وكيع، كلاهما عن الأعمش، به.
وأخرجه البخاري (٦٢٩٠)، ومسلم (٢١٨٤) من طريق منصور، عن أبي وائل شقبق، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥٦٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٣).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٧: إنما يحزنه ذلك لأحد معنيين: أحدهما: أنه ربما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له.
والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزن صاحبه.
(١) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه»، (٥٨٤) عن أبي خليفة، عن مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٤٦٨٥) عن يحيى بن سيد، و(٥٠٢٣) من طريق شعبة، كلاهما عن الأعمش، به.
وأخرجه دون سؤال أبي صالح البخاري (٦٢٨٨)، ومسلم (٢١٨٣) من طريق نافع، وابن ماجه (٣٧٧٦) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر.
وهو في «المسند» (٤٤٥٠) من طريق محمَّد بن يحيى بن حبان، ومن طريق عبد الله ابن دينار (٤٥٦٤)، ومن طريق نافع (٤٨٧٤)، ثلاثتهم عن ابن عمر. وانظر تمام تخريجه فيه في مواضعه.
قال صاحب «عون المعبود» ١٣/ ١٣٧ تعليقًا على قوله: فقلت لابن عمر: فأربعة: أي: التناجي المنهي عنه هو إذا كانوا ثلاثة، فأما إذا كانوا أربعة ويتناجى اثنان دون اثنين، فأجاب ابن عمر بقوله: لا يضرك، أي: الاستئناس الثالث بالرابع.
قال النووي: في هذه الأحاديث النهي عن تناجي اثنين بحضرة ثالث، وكذا ثلاثة بحضرة واحد، وهو نهى تحريم، فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم إلا =

٣٠ - باب إذا قام من مَجْلِسه ثم رجع
٤٨٥٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سهيلِ بنِ أبي
صالح، قال: كنت عندَ أبي جالسًا وعنده غُلامٌ، فقامَ، ثم رجَعَ، فحدَّث أبي عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ ﷺ قال: «إذا قَامَ الرَّجُلُ من مجلسٍ ثم رجَعَ إليه فهُوَ أحَقُّ به» (١).
٤٨٥٤ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، حدَّثنا مُبشِّرٌ الحلبيُّ، عن تمامِ ابنِ نَجيح
عن كعبٍ الإيادىِّ، قال: كنتُ أختلِفُ إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدرداء: كان رسولُ الله ﷺ إذا جلَس وجلسنا حوله، فقام فأراد الرُّجُوعَ، نزعَ نعليْهِ أو بعضَ ما يكونُ عليه، فيعرف ذلك أصحابُه، فيثبتُون (٢).


= أن يأذن. ومذهب ابن عمر رضي الله عنه ومالك وأصحابنا وجماهير العلماء أن النهي عام في كل الأزمان، وفي الحضر والسفر، وأما إذا كانوا أربعة فتناجى اثنان دون اثنين، فلا بأس بالإجماع.
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (٢١٧٩)، وابن ماجه (٣٧١٧) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٨).
(٢) إسناده ضعيف لضعف تمام بن نجيح، وجهالة كعب الايادي - وهو: ابن ذهل، ومبشِّر الحلبي: هو مبشر بن إسماعيل.
وهو عند البيهقي في «السنن» ٦/ ١٥١ من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وتحرف اسم كعب الإيادي إلى أي بن كعب.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٤٢٦) من طريق محمَّد بن أبي أسامة، عن مبشر، به. وتحرف في المطبوع مبشر إلى بشر.

٣١ - باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله عز وجل (١)
٤٨٥٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزازُ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ زكريا، عن سهيلِ بنِ أبي صالحٍ، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ما مِنْ قومٍ يقومونَ مِن مجلسٍ لا يذكرونَ اللهَ فيهِ إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمارٍ، وكان لهم حسرَةً» (٢).


(١) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. إسماعيل بن زكريا صدوق حسن الحديث.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠١٦٩) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الاسناد.
وهو من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة عند أحمد في «مسنده» (٩٠٥٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٠) ولفظ ابن حبان: «ما اجتمع قوم في مجلس، فتفرقوا من غير ذكر الله، والصلاة على النبي ﷺ إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة».
وأخرجه الترمذي (٣٦٧٧) من طريق صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة بلفظ: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم. إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم»، وقال: حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبى هريرة، عن النبي ﷺ وهو في «مسند أحمد» (٩٧٦٤).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠١٦٣) من طريق عبد الرحمن، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة بلفظ: «ما اجتمع قوم، ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله، إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار». وسيرد عند المصنف بنحوه برقم (٤٨٥٦).
وقوله: ترة. قال الخطابي: أصل الترة النقص، ومعناها هاهنا: التبعة، يقال: وترت الرجل تِرة على وزن وعدتُه عِدة، ومنه قول الله تعالى: ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد:٣٥].

٤٨٥٦ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن سعيدٍ المقبريِّ
عن أبي هريرة، عن رسولِ الله ﷺ أنه قال: «من قعدَ مقعدًا لم يذكرِ الله فيه كانت عليهِ من الله تِرَةٌ، ومن اضطجع مَضجعًا لا يَذكُرُ اللهَ فيه كانت عليهِ من الله تِرَةٌ» (١).

٣٢ - باب في كفَّارةِ المجلس
٤٨٥٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهْب، أخبرني عمرو، أن سعيدَ بنَ أبي هلال حدثه، أن سعيدَ بنَ أبي سعيد المقبرىَّ حدَّثه
عن عبدِ الله بنِ عَمرو بن العاص، أنه قال: كلماتٌ لا يتكلَّمُ بهنَّ أحدٌ في مجلسه عندَ قيامه ثلاثَ مراتٍ إلا كُفِّرَ بهنَّ عنهُ، ولا يقولُهن في مجلِسِ خيرٍ ومجلسِ ذكرِ إلا خُتِمَ له بهنَّ عليه، كما يُختم بالخاتِم


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن عجلان -وهو محمَّد- صدوق حسن الحديث، والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠١٦٤) و(١٠٥٨٥) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. ورواية النسائي الثانية مختصرة.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٨٥٣).
وأخرجه بنحوه ومعناه النسائي في «الكبرى» (١٠١٦٥) و(١٠٥٨٤) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة. وزاد في الإسناد بين سعيد المقبري وبين أبي هريرة أبا إسحاق -وهو مجهول-.
وكذلك جاء في «مسند أحمد» بإثر الرواية (٩٥٨٣).
وسيأتي برقم (٥٠٥٩). وانظر ما قبله.
تنبيه: وقع في بعض روايات النسائي وفي رواية أحمد (٩٥٨٣): إسحاق بدل أبي إسحاق، وهو وهم نبه عليه الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» ١٠/ ٤٢٦.

على الصحيفةِ: سُبحانَكَ اللهم وبحمدِك، لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك (١).
٤٨٥٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، قال: قال عمرو، وحدَّثني بنحوِ ذلك عبدُ الرحمن بنِ أبي عمرو، عن المقبُري
عن أبي هريرة، عن النبيِّ- ﷺ، مثله (٢).
٤٨٥٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ حاتِم الجَرْجَرَائيّ وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ -المعنى- أن عبدةَ بنَ سليمانَ أخبرهم، عن الحجاج بن دينار، عن أبي هاشم، عن أبي العالية
عن أبي برْزَةَ الأسلمي، قال: كان رسولُ الله ﷺ يقول بأخَرَةٍ إذا أرادَ أن يقوم مِن المجلس: «سبحانَكَ اللهُمَّ وبِحمدِكَ، أشهدُ أن لا


(١) إسناده صحيح. وهو موقوف. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري.
وأخرجه ابن حبان في»صحيه«(٥٩٣)، والمزي في»تهذيب الكمال«١٧/ ٣١٧ من طريق حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.
ويشهد له ما بعده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن أبي عمرو. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري.
وأخرجه المزي في»تهذيب الكمال«١٧/ ٣١٧ من طريق حرملة، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الترمذي (٣٧٣٢)، والنسائي في»الكبرى«(١٠١٥٧) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.
وهو في»مسند أحمد«(٨٨١٨) و(١٠٤١٥)، و»صحيح ابن حبان«بإثر (٥٩٣) و(٥٩٤). وانظر تتمة أحاديث الباب في» المسند"، في الموضع الثاني.

إله إلا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك»، فقال رجلٌ: يا رسولَ الله ﷺ، إنكَ لَتقُولُ قولًا ما كنتَ تقولُه فيما مضَى، فقال: «كفارةٌ لما يكونُ في المجلسِ» (١).

٣٣ - باب رفْع الحديثِ من المَجْلِس
٤٨٦٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا الفِريابىُّ، عن إسرائيلَ، عن الوليدِ -قال أبو داود: ونسبه لنا زهيرُ بنُ حَرْب، عن حُسين بنِ محمَّد، عن إسرائيلَ، في هذا الحديثِ، قال: الوليدُ بنُ أبي هشام- عن زيدِ بنِ زائد
عن عبدِ الله بنِ مسعود، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«لا يُبَلِّغني أحَد من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإني أُحِبُّ أن أخرُجَ إليكُم وأنا سليمُ الصَّدرِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو هاشم: هو يحيى بن دينار، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠١٨٧) من طريق عيسى، عن الحجاج بن دينار، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٩٨١٢).
وانظر ما سلف قبله من حديث أبي هريرة.
وأبو بَرْزَةَ: اسمه نضلة بن عُبيد أسلم قديمًا وشهد فتح مكة.
(٢) إسناده ضعيف. لجهالة زيد بن زائد -وقيل: زائدة- والوليد: وهو ابن هشام -أو ابن أبي هشام- مستور. الفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وإسرائيل: هو ابن يونس.
وأخرجه الترمذي (٤٢٣٤) عن محمَّد بن يحيى، عن محمَّد بن يوسف الفريابي وحده، بهذا الإسناد. وفيه قصة.
وأخرجه الترمذي (٤٢٣٥) من طريق عبد الله بن محمَّد، عن عبيد الله بن موسى والحسين بن محمَّد، كلاهما عن إسرائيل، عن السُّدِّي، عن الوليد، به. وزاد في الإسناد السُّدَّىَّ بين إسرائيل والوليد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧٥٩) وانظر تمام التعليق عليه وتخريجه فيه.

٣٤ - باب في الحذر مِن الناس
٤٨٦١ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارِسٍ، حدَّثنا نوحُ بنُ يزيدَ بنِ سيَّارٍ المؤدِّبُ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدِ، قال: حدَّثنيه ابنُ إسحاق، عن عيسى بنِ معمر، عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ الفَغْواء الخُزاعىِّ
عن أبيه، قال: دعاني رسولُ الله ﷺ وقد أرادَ أن يبعثَني بمالٍ إلى أبي سفيانَ يقسِمُه في قُريشٍ بمكة بعدَ الفتح، فقال: «التمَس صاحبًا»، فجاءني عمرو بنُ أميّه الضَمرىُّ، فقال: بلغني أنك تريدُ الخروجَ وتلتمسُ صاحبًا، قال: قلت: أجل، قال: فانا لكَ صاحِبٌ، قال: فجئتُ رسولَ الله ﷺ، قلتُ: قد وجدتُ صاحبًا، قال: فقال: «من؟» قلتُ: عمرُو بن أُميّه الضَّمرِىُّ، قال: «إذا هبطت بلادَ قومِهِ فاحذرهُ، فإنهُ قد قال القائلُ: أخُوكَ البِكرِيَّ ولا تأمنْه» فخرجنا حتى إذا كنتُ بالأبواء، قال: إني أرِيدُ حاجةً إلى قومي بودَّانَ، فتلبَّثْ لي، قلتُ: راشدًا، فلما ولّى ذكرتُ قول النبي-ﷺ، فشددتُ على بعيري، حتى خرجتُ أوْضِعُهُ، حتى إذا كنت بالأصَافِرِ إذا هو يُعارِضُني في رهطٍ، قال: وأوضعتُ فسبقتُه، فلما رآني قد فتُّه انصَرَفُوا، وجاءني فقال: كانت لي إلى قومي حاجَةٌ، قال: قلت: أجل، ومضينَا حتى قَدِمنا مكَةَ، فدفعتُ المالَ إلى أبي سفيان (١).


(١) إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الله بن عمرو بن الفغواء. قال الذهبي في الميزان: لا يعرف.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ١٠/ ١٢٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٤/ ٢٩٦، وأحمد في «مسنده» (٢٢٤٩٢)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢١٤، وأبو الشيخ في «الأمثال» (١١٩)، وابن =

٤٨٦٢ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا ليثٌ، عن عُقَيلِ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب


= عبد البر في «الاستيعاب» ٢/ ٥٢٣ - ٥٢٤، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٤/ ٢٦٢، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٥/ ٣٦٨ - ٣٦٩ من طرق عن نوح بن يزيد، به. وبعضهم يختصره.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٧/ (٧٣) من طريق أحمد بن محمَّد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، به.
وعلقه البخاري مختصرًا ٧/ ٣٩ وقال نوح بن يزيد .. فذكره. وفيه تصريح محمَّد بن إسحاق بالتحديث عن عيسى بن معمر.
ولتمثل النبي ﷺ بالمثل: «أخوك البكري ولا تأمنه» شاهد لا يفرح به من حديث عمر بن الخطاب عند العقيلي في «الضعفاء» ٢/ ٧٢، والطبراني في «الأوسط» (٣٧٨٦)، وابن عدي في «الكامل» ١/ ٣١٨ و٣/ ١٠٥٦، وأبي الشيخ في «الأمثال» (١١٨). وفيه زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو متفق على ضعفه، وقال البخاري: فكر الحديث، وأبوه ضعيف جدًا.
وثان من حديث المسرر بن مخرمة عند أبي الشيخ في «الأمثال» (١٢٠)، وفيه من لم نتبينه.
وقوله: «أخوك البِكري لا تأمنه» قال السندي في «حاشيته على المسند»: ضبط بكسر الباء، أي: الذي وَلَدَه أبواك أولًا، قيل: المعنى أخوك شقيقك خَفه واحْذَرْهُ، فهو مبالغة في التحذير. قلت (القائل السندي): والظاهر أن المرادَ الأكبر منك سنًا، أريدَ به ها هنا القوي الغالب دونَ الضعيف، وهو المناصب بالحذر عند هبوطه في بلاد قومه.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٨: هذا مثل مشهور للعرب، وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن، وأن ذلك إذا كان على وجه طلب السلامة من شر الناس لم يأثم به صاحبه ولم يحرج فيه.
وقوله «أُوضِعُه» من الإيضاح، وهو الاسراع في السير.
قلنا: والأبواء والأصافر: مواضع بين مكة والمدينة.
وعمرو بن أمية الضمري صحابي معروف، انظر ترجمته في «طبقات ابن سعد» ٤/ ٢٤٨ - ٢٤٩.

عن أبي هريرة، عن النبي-ﷺ أنه قال: «لا يُلْدَغُ المؤمِنُ مِن جُحْرِ واحِدٍ مرَّتينِ» (١).

٣٥ - باب في هَدْي الرَّجُلِ
٤٨٦٣ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن حُميدِ
عن أنس، قال: كان النبي-ﷺ إذا مشَى كأنه يتوكّأُ (٢).


(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد.
وأخرجه البخاري (٦١٣٣)، ومسلم (٢٩٩٨) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٩٨٢) عن محمَّد بن الحارث المصري، عن الليث، به.
وأخرجه مسلم (٢٩٩٨) من طريق ابن أخي ابن شهاب، عن عمه ابن شهاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٢٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٦٣).
قال الخطابي في «أعلام الحديث» ٣/ ٢٢٠٢: وهذا لفظه خبَرٌ، ومعناه أمرٌ.
يقول: لِيَكُن المؤمنُ حازمًا حَذِرًا لا يُوتَى من ناحية الغَفْلة، فيخدع مرة بعد أخرى، وقد يكون ذلك في أمر الدِّين، كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاهُما بالحَذَرِ.
وقد يَرويه بعضهم: لا يلدغِ المؤمن -بكسر الغَين- في الوَصل، فيتحقق معنى النهي فيه على هذه الرواية.
وقال أبو عُبيد في «الأمثال»: معناه: لا ينبغي للمؤمِن إذا نُكِبَ من وجهٍ أن يعودَ إليه.
وفي الحديث تحذير من التغفيل، وإشارة إلى استعمال الفطنة.
(٢) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه ضمن حديث الترمذي (١٨٥٠) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس.
قال صاحب «بذل المجهود»: «يتوكأ»: أي يتكئ على عصا، معناه: أنه يميل إلى قدّام فلا يمشي مشي الجبابرة المتكبرين بارزًا صدره.

٤٨٦٤ - حدَّثنا حسينُ بنُ مُعاذ بنِ خُلَيفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ الجُريرىُّ
عن أبي الطُّفيل، قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ، قلت: كيف رأيته؟ قال: كان أبيضَ مليحًا إذا مشَى كأنما يهوي في صَبُوبِ (١).


(١) إسناده صحيح. سعيد الجريري: وهو سعيد بن إياس -ثقة وقد اختلط بأخرة لكن رواية عبد الأعلى -وهو بن عبد الأعلى السامي- عنه قبل اختلاطه. أبو الطفيل: هو عمرو بن واثلة.
وأخرجه مسلم (٢٣٤٠)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٤٢ من طريق عبيد الله بن عمر، عن عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وفيه في وصف النبي-ﷺ-عندهما:
كان أبيض مليحًا مُقَصَّدًا، وليس عند مسلم: كأنما يهوي في صبوب.
وأخرجه مسلم (٢٣٤٠) من طريق خالد بن عبد الله، والترمذي في «الشمائل» (١٣) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٩٧).
وقوله: «يَهْوِي في صبوب»، «يهوي»، قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١١٩: معناه ينزل ويتدلى وذلك مشية القوي مِن الرجال، يقال: هوى الشيء يهوي، إذا نزل من فوق إلى أسفل وهوى يهوي بمعنى: صعد، وإنما يختلفان في المصدر، فيقال: هوى هَويًّا، بفتح الهاء، إذا نزل، وهُويًّا بضمها، إذا صعد.
أنشدني أبو رجاء الغنوي قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن يحيى:
والدلو فى إصْعادِها عَجْلى الهُوِيّ
و«الصبوب»، إذا فتحت الصاد: كان اسمًا لما يصب على الإنسان من ماء ونحوه، ومما جاء على وزنه الطهور والغسول والفطور لما يفطر.
ومن رواه الصبوب بضم الصاد على أنه جمع الصَّبَب، وهو ما انحدر من الأرض فقد خالف القياس؛ لأن باب فَعل لا يجمع على فَعول، انما يجمع على أفعال، كسبب وأسباب وقتب وأقتاب، وقد جاء في أكثر الروايات: كأنه يمشي في سبب.
وهو المحفوظ. قلنا: كذا جاءت عند ابن قانع في «معجمه» ٢/ ٢٤٢. =

٣٦ - باب في الرجل يَضَعُ إحدى رجليه على الأخرى
٤٨٦٥ - حدَّثنا قتيبة بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، وحدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابرِ، قال: نهى رسول الله ﷺ أن يضعَ -وقال قتيبة: يرفعَ- الرجلُ إحدى رجليه على الأخرى. زاد قتيبةُ: وهو مستلقِ على ظهرِهِ (١).


= و«المقصّد» التي جاءت في بعض روايات الحديث: بفتح صاد مشددة، وهو من ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كان خلقه يشبه القَصد من الأمور، أي: الوسَط، وهو المعتدل الذي لا يميل إلى أحد طَرَفي التفريط والافراط. قاله السندي في «حاشيته على المسند».
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وحماد: هو ابن سلمة، وأبو الزبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرس.
وأخرجه مسلم (٢٠٩٩) (٧٢)، والترمذي (٢٩٧٢) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وعند الترمذي زيادة في لفظه.
وأخرجه بزيادة فيه مسلم (٢٠٩٩) (٧٢) عن ابن رمح، عن الليث، به.
وأخرجه مسلم (٢٠٩٩)، والترمذي (٢٩٧١) من طرق عن أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٧٨) و(١٤١٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٥١) و(٥٥٥٣).
وانظر ما بعده.
قال ابن حبان في «صحيحه» بإثر هذا الحديث: هذا الفعل الذي زجر عنه: هو أن يستلقي المرء على قفاه، ثم يشيل إحدى رجليه ويضعها على الأخرى، وذاك أن القوم كانوا أصحاب ميازر، إذا استعمل ما وصفت من عليه المئزر دون السراويل ربما تكشف عورته فمن أجله ما نهى عنه ﷺ.
وقال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٠: يشبه أن يكون إنما نهى عن ذلك من أجل انكشاف العورة إذ كان لباسهم الأزر دون السراويلات، والغالب أن أزرهم غير =

٤٨٦٦ - حدَّثنا النفيلىُّ، حدَّثنا مالك (ح)
وحدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عبادِ بنِ تميم
عن عمِّهِ أنه رأى رسولَ الله ﷺ مُستلقِيًا -قال القعنبيُّ: في المسجدِ- واضعًا إحدى رجليهِ على الأخرى (١).


= سابغة والمستلقي إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مع ضيق الإزار لم يسلم أن ينكشف شيء من فخذه، والفخذ عورة، فأما إذا كان الأزار سابغًا أو كان لابسه عن التكشف متوقيًا، فلا بأس به، وهو وجه الجمع بين الخبرين يعي هذا الخبر والخبر الآتي بعده.
وقال النووي في «شرح مسلم» ١/ ٧٧٤ - ٧٨: قال العلماء أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعًا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيه العورة أو شيء منها، وأما فعله ﷺ فكان على وجه لا يظهر منها شيء، وهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه على هذه الصفة.
(١) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي، والقعنبي: هو عبد الله ابن مسلمة، وعم عباد بن تميم: هو الصحابي عبد الله بن زيد المازني.
وهو في «موطأ» مالك ١/ ١٧٢، ومن طريقه أخرجه البخاري (٤٧٥)، ومسلم (٢١٠٠) (٧٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٢) بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٩٦٩) و(٦٢٨٧)، ومسلم (٢١٠٠)، والترمذي (٢٩٧٠) من طرق عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٤٣٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٥٢).
وقال السندي في «حاشيته على المسند»: قوله «واضعًا إحدى رجليه على الأخرى»: يدل على أن ما جاء من النص عن ذلك، فليس على إطلاقه، بل هو مخصوص إذا خيف الكشف بذلك، وإلا فلا بأس بذلك.
وقال النووي في «شرح مسلم» ١٤/ ٧٧ - ٧٨، قال العلماء: أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حاله تظهرُ فيها العورةُ أو شيءٌ منها، وأما فعلُه ﷺ، فكان على وجه لا يظهرُ منها شيء، وهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه على هذه الصفة. =

٤٨٦٧ - حدَّثنا القعنبىُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ
عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ أن عُمرَ بنَ الخطابِ وعثمانَ بنَ عفان كانا يفعلانِ ذلك (١).

٣٧ - باب في نَقلِ الحديث
٤٨٦٨ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عطاءٍ، عن عبدِ الملك بنِ جابر بنِ عَتيكٍ
عن جابرِ بنِ عبدْ الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا، حدَّث الرجلُ بالحديثِ ثمَّ التفتَ فهيَ أمانةٌ» (٢).


= وفي هذا الحديث: جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه، قال القاضي: لعله ﷺ فعل هذا لضرورة، أو حاجة من تعب أو طلب راحة أو نحو ذلك، وإلاّ فقد علم أن جلوسه ﷺ في المجامع على خلاف هذا، بل كان يجلس متربعًا أو محتبيًا، وهو كان أكثرَ جلوسه أو القرفصاء أو مقعيًا وشبهها من جلساتِ الوقار والتواضع. قلت (القائل النووي): ويحتمل أنه فعله لبيان الجواز، وأنكم إذا أردتم الاستلقاءَ، فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق، بل المرادُ به من ينكشِفُ شيء من عورته، أو يقارب انكشافها.
(١) إسناده صحيح.
وهو في «الموطأ» ١/ ١٧٣، ومن طريقه أخرجه البخاري (٤٧٥)، بهذا الإسناد.
(٢) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن عطاء، فهو لين لكن يُعتبر به في المتابعات والشواهد. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن.
وأخرجه الترمذي (٢٠٧٤) من طريق عبد الله بن المبارك، عن محمَّد بن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٧٤).
وفي الباب عن أبي الدرداء، أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٧٥٠٩). وإسناده ضعيف. =

٤٨٦٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، قال: قرأتُ على عبدِ الله بنِ نافعٍ، أخبرني ابنُ أبي ذئب، عن ابنِ أخي جابرِ بنِ عبدِ الله
عن جابرِ بنِ عبدِ الله قال: قال رسول الله ﷺ: «المجالسُ بالأمانَةِ إلا ثلاثةَ مجالس: سفكِ دَمٍ حرَامٍ، أو فرجٍ حرامٍ، أو اقتطاعِ مالٍ بغيرِ حقّ» (١).
٤٨٧٠ - حدَّثنا محمدُ بن العلاء وإبراهيمُ بنُ موسى الرازىُّ، قالا: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن عمر - قال إبراهيم: -بنُ حمزةَ بن عبدِ الله العمرىّ- عن عبدِ الرحمن ابنِ سعدٍ، قال:


= وعن أنس عند أبي يعلى (٤١٥٨)، وإسناده ضعيف جدًا.
وعن أبي بكر بن محمَّد بن حزم مرسلًا عند عبد الرزاق (١٩٧٩١)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١١١٩١). وقال: مرسل جيد. وهو كما قال.
وقوله: «ثم التفت»، قال السندي في «حاشية على المسند»: أي في أثناء حديثه خوفا من أن يسمعه أحد، فهذا قرينة على أنه سر، فلا يجوز إفشاء سره، وقيل: معنى التفت: انصرف، فكل كلام أمانة لا ينبغي نقله، وعلى الأول ما قامت فيه قرينة أنه سر، فهي أمانة، وهو أظهر.
(١) إسناده ضعيف. لجهالة ابن أخي جابر بن عبد الله.
وهو عند البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤٧ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٤٦٩٣) ومن طريق الخرائطي في «المنتقى» (٣٢٧) عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن نافع، به.
وله شاهد آخر لا يفرح به من حديث علي رضي الله عنه، أخرجه العقيلي في «الضعفاء» ١/ ٢٤٧، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٣)، والخطيب في «تاريخه» ١١/ ١٦٩ و١٤/ ٢٣ بلفظ «المجالس بالأمانة»، وزاد الخطيب في موضعه الثاني: «ولا يحل لمؤمن أن يأثر على مؤمن- أو قال: عن أخيه المؤمن- قبيحًا».

سمعتُ أبا سعيدِ الخدريَّ يقولُ: قال رسولُ الله ﷺ: «إن من اْعظمِ الأمانةِ عندَ الله يومَ القيامة الرجلَ يفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم يَنشُرُ سِرَّها» (١).

٣٨ - باب في القَتَّات
٤٨٧١ - حدَّثنا مُسَدَّد وأبو بكر بنُ أبي شيبة، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن همام
عن حُذيفة، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يدخلُ الجنّة قتَّاتٌ» (٢).


(١) حديث حسن لغيره -عمر بن حمزة وان كان من رجال مسلم إلّا أن فيه ضعفًا، لكن يحتج بحديثه في المتابعات والشواهد، وقد إنتقى له مسلم حديثه هذا، فذكره في «صحيحه».
وأخرجه مسلم (١٤٣٧) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير وأبي غريب، كلاهما عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٤٣٧) من طريق مروان بن معاوية، عن عمر بن حمزة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٦٥٥).
وأخرج أحمد في «مسنده» (١١٢٣٥) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا قال: «الشياع حرام». قال ابن لهيعة: يعني به الذي يفتخر بالجماع. وإسناده ضعيف وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.
وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٠٩٧٧). وإسناده ضعيف.
وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد في «مسنده» (٢٧٥٨٣). وإسناده ضعيف أيضًا.
(٢) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس، وهمام: هو ابن الحارث. =

٣٩ - باب في ذي الوجهين
٤٨٧٢ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج
عن أبي هريرة، أن النبي ﷺ-قال: «مِن شرِّ الناسِ ذُو الوجْهَينِ الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجهٍ» (١).


= وأخرجه مسلم (١٠٥) من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٠٥٦)، ومسلم (١٠٥)، والترمذي (٢١٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (١١٥٥٠) من طريق منصور، عن إبراهيم بن يزيد، به. وجاه بإثر رواية الترمذي: قال سفيان -وهو أحد رجال السند- والقتات: النَّمام.
وأخرجه مسلم (١٠٥) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة. وعنده: النَّمام بدل القَتَّات.
قال الخطابي: القتات: النمام، وهو القساس أيضًا، والنميمة: نقل الحديث على وجه التضرية بين المرء وصاحبه، وإذا كان الناقل لما يسمعه آثمًا، فالكاذب القائل ما لم يسمعه أشدُّ إثمًا وأسوأ حالًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٤٧) و(٢٣٣٢٥)، و«صحيح ابن حبان» «(٥٧٦٥).
قوله:»قتّات«بقاف ومثناة ثقيلة وبعد الألف مثناة أخرى قال في»النهاية«» ٤/ ١١: قتَّ الحديث يَقُتُّه: إذا زوره وهيأه وسواء، والنَّمامُ: الذي يكون مع القوم يتحدثون فينمُ عليهم، والقتات: الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون، ثم ينمُّ، والقسَّاسُ: الذي يسأل عن الأخبار ثم ينمها.
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه البخاري (٣٤٩٤)، ومسلم (٢٥٢٦) من طريق المغيرة بن شعبة، ومسلم ص ٢٠١١ (٩٨) من طريق مالك، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وعند مسلم في أوله زيادة.
وأخرجه البخاري (٦٠٥٨)، والترمذي (٢١٤٤) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. =

٤٨٧٣ - حدَّثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا شريكٌ، عن الرُّكين، عن نعيم ابنِ حنظلة
عن عمَّارِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من كان له وجهانِ في الدُنيا، كان لهُ يومَ القيامَةِ لسانانِ من نار» (١).


= وأخرجه البخاري (٧١٧٩)، ومسلم بإثر (٢٦٠٤) من طريق عراك بن مالك، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (٢٥٢٦) بإثر (٢٦٠٤) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم بإثر (٢٦٥٤) من طريق أبي زرعة، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٤١) و(٨٠٦٩) و(٨٤٣٨) و(١٠٧٩١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٥٤) و(٥٧٥٥).
قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شرَّ الناسِ؛ لأن حالَه حالُ المنافق، إذ هو متملّق بالباطل وبالكذب، مدخل للفساد بين الناس.
وقال النووي في «شرح مسلم» ١٥/ ٧٩ و١٦/ ١٥٦: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، ويظهر لها أنه منها ومخالف للآخرين مبغض، وقوله: «إنه من شر الناس»: فسببه ظاهر؛ لأنه نفاق محض، وكذب وخداع، وتحيل على اطلاعه على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة، فإن أتى كل طائفة بالاصلاح ونحوه، فمحمود.
وقال غيره: الفرق بينهما أن المذموم من يُزين لكُل طائفة عملَها، ويقُبحها عندَ الأخرى، ويذم كل طائفة عند الأخرى، والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى، ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل إليه ما أمكه من الجميل، ويستر القبيح.
(١) إسناده حسن، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- حديثه حسن في الشواهد، وهذا منها، ونعيم بن حنظلة: صدوق حسن الحديث. والرُّكين: هو ابن الرَّبيع الفزاري.
ونقل في «التهذيب» في ترجمة نعيم بن حنظلة عن علي بن المديني أنه قال في هذا الحديث: إسناده حسن، ولا يحفظ عن عمار عن النبي ﷺ إلا من هذا الطريق، وحسنه العراقي أيضًا في «تخريج الاحياء». =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٥٥٨، ومن طريقه أخرجه ابن أبي عاصم في «الزهد» (٢١٣)، وعبد الله بن أحمد في «زوائده على الزهد» ص ٢١٦، وأبو يعلى في «مسنده» (١٦٢٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٧٥٦)، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي (٢٧٦٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٣١٠)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (٢٧٦)، وأبو يعلى (١٦٣٧)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (٢٤١٤)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤٦، وفي «الشعب» (٤٨٨١)، وفي «الآداب» (٣٧٦) من طرق عن شريك، به. قال شريك في إسناد الدارمي: وربما قال: النعمان بن حنظلة. وزاد البخاري في «الأدب» في آخره: فمر رجل كان ضخمًا، قال: «هذا منهم».
وأخرجه الطيالسي في «مسنده» (٦٤٤) عن شريك بن عبد الله، عن الركين بن الربيع، عن حصين بن قبيصة، عن عمار رفعه. وفيه: «له وجهان في النار وقال: وروى هذا الحديث أبو نعيم وغيره عن شريك، عن الركين، عن نعيم بن حنظلة، عن عمار.
ومن طريق أبي داود الطيالسي، أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد» (٢١٤)، عن شريك، عن الركين، عن قبيصة بن النعمان أو النعمان بن قبيصة، عن عمار بن ياسر.
مرفوعًا.
وأخرجه موقوفًا أبو القاسم البغوي في «الجعديات» (٣٥٦٨)، ومن طريقه البغوي في «شرح السنة» (٣٥٦٨)، عن شريك، به.
وله شاهد من حديث أنس، أخرجه ابن عاصم في «الزهد» (٢١٦)، وأبو يعلى (٢٧٧١) و(٢٧٧٢)، والبزار (٢٠٢٥)، وابن أبي الدنيا (٢٨٠)، والطبراني في «الأوسط» (٨٨٨٥)، وأبو نعيم في «الحلية» ٢/ ١٦٥، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٤٦٣)، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٢/ ١٠٣ من طرق عن أنس.
وآخر من حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٦٦٨٥)، وأبو نعيم في «الحلية» ٨/ ٢٨٢. وإسناده ضعيف جدًا.
وله شواهد أخرى يتقوى بها، ذكرها المنذري في «الترغيب والترهيب» ٤/ ٣١، والهيثمي في مجمع الزوائد، ٨/ ٩٥.

٤٠ - باب في الغِيبَةِ
٤٨٧٤ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مسلمة القعنبى، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ محمَّد- عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرةَ، أنه قيل: يا رسولَ الله ﷺ، ما الغيبةُ؟ قال: «ذِكرُك أخاكَ بما يكرهُ» قيل: أَفرأَيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتهُ، وإن لم يكن فيه ما تقولُ فقد بَهَتَّه» (١).
٤٨٧٥ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، قال: حدَّثني علي بنُ الأقمر، عن أبي حذيفة
عن عائشة، قالت: قلت: للنبي ﷺ: حسبُكَ، من صفِيّة كذا وكذا -قال غيرُ مُسَدَّد: تعني قصيرةً- فقال: «لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَت بماء البحرِ لمزجتْه» قالت: وحكيتُ له إنسانًا، فقال: «ما أُحِبُّ أنى حكيتُ إنسانًا وإن لي كذا وكذا» (٢).


(١) إسناده صحيح. العلاء: هو ابن عبد الرحمن الحُرَقي مولاهم.
وأخرجه الترمذي (٢٠٤٧) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٥٨٩) (٧٥)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٥٤)، والبغوي في
«شرح السنة» (٣٥٦٥) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٥٨).
وقوله: «بهته»، قال البغوي في «شرح السنة»، أي: كذَبْت عليه، يقال: بَهَتَ صاحبه يَبهتُ بهتًا وبُهتانًا، والبُهتانُ: الباطلُ الذي يُتحير من بُطلانه، وشدة نُكرهِ، يُقال: بُهتَ يُبهتُ: إذا تحيَّر، فهو مبهوت.
(٢) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري، وأبو حذيفة: هو سلمة بن صهيب الأرحبي.
وأخرجه الترمذي (٢٦٧٤) عن محمَّد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. =

٤٨٧٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ عوف، حدَّثنا أبو اليمان، أخبرنا شُعيبٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ أبي حُسين، حدَّثنا نوفلُ بن مُساحِق
عن سعيد بن زيد، عن النبيِّ ﷺ، قال: «إنَّ من أربى الرِّبا الاستطالةَ في عرضِ المُسلم بغيرِ حق» (١).


= وأخرجه الترمذي (٢٦٧٣) من طريق وكيع، و(٢٦٧٤) من طريق عبد الرحمن، كلاهما عن سفيان الثوري، به. واقتصرت رواية الترمذي الأولى على آخره.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٩٦٤) و(٢٥٥٦٠)، و«شرح مشكل الآثار» للطحاوى (١٠٨٠).
الحكاية حرام إذا كانت على سبيل السخرية والاستهزاء والاحتقار لما فيها من العجب بالنفس والاحتقار للخلق، والأذية لهم، وهذا فيما لا كسب فيه من خلق الله عز وجل، فإذا كان مما يكسبون، فإن كان في معصية جازت حكايتهم على طريق الزجر فيما لا يذهب بالوقار والحشمة، وإن كانت في الطاعة جازت الحكاية فيه إلا أن يتوب العاصي، فلا يجوز ذكر المعصية له. من هامش مختصر المنذري ٧/ ٢١٢ - ٢١٣.
(١) إسناده صحيح. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة، وعبد الله بن أبي حسين: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٦٥١)، ويعقوب بن سفيان في «تاريخه»١/ ٢٩٢، والبزار في «مسنده» (١٢٦٤)، والشاشي في «مسنده» (٢٠٨) و(٢٣٠)، والطبراني في «الكبير» (٣٥٧)، وفي «الشاميين» (٢٩٣٧)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤١، وفي «شعب الإيمان» (٦٧١٠)، وفي «الآداب (١٤٥) من طرق عن أبي اليمان الحكم بن نافع، بهذا الإسناد. وعند بعضهم زيادة. ولفظ الشاشى في روايته الثانية:»أربى الربا شتم الأعراض«.
وانظر حديث أبي هريرة الآتي بعده.
قال صاحب»عون المعبود«:»إن من أربى الربا«، أي: أكثره وبالًا وأشده تحريمًا.
»الاستطالة«، أي: إطالة اللسان في»عرض المسلم" أي: احتقاره والترفع عليه، والوقيعة فيه بنحو قذف أو سب، وإنما يكون هذا أشدَّها تحريمًا؛ لأن العرض أعزُّ على النفس من المال. =

٤٨٧٧ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسَافِر، قال: حدَّثنا عمرو بنُ أبي سلمة، قال: حدً ثنا زُهيرٌ، عن العلاء بنِ عبدِ الرحمن، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إن مِنَ الكبائر استطالةَ المرءِ، في عِرْضِ رجلٍ مسلمِ بغيرِ حقٍّ، ومن الكبائر السَّبِّتانِ بالسَّبَّةِ» (١).


= «بغير حق»: فيه تنبيه على أن العرض ربما تجوز استباحته في بعض الأحوال،
وذلك مثل قوله ﷺ:«لي الواجد يحِلُّ عِرضَه»، فيجوز لصاحب الحقٌ أن يقول فيه: إنه ظالم وإنه متعد ونحو ذلك، ومثله ذكر مساوئ الخاطب والمبتدعة والفسقة على قصد التحذير.
قال الطيبي: أدخل العرض في جنس المال على سبيل المبالغة وجعل الربا نوعين: متعارف، وهو ما يُؤخذ من الزيادة على ماله من المديون، وغيرُ متعارف: وهو استطالة الرجل اللسان في عرض صاحبه، ثم فضل أحدَ النوعين على الآخر. انتهى.
(١) صحيح لغيره وهذا سند ضعيف. عمرو بن أبي سلمة: ضعيف يُعتبر به.
وهو دمشقي، وزهير: هو ابن محمَّد الخراساني، ورواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، وهذا منها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في «الصمت» (٧٣٢) من طريق الحسن بن عبد العزيز، عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (١٧٣) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والبزار (٣٥٧٠ - كشف) من طريق صالح بن أبي الأخضر، كلاهما عن عبد الله ابن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. بلفظ «إن من أربى الربا ...». وعبد الله ابن سعيد المقبري ضعيف جدًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ٥٦١، وهناد في «الزهد» (١١٧٦) عن ابن أبي زائدة، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة.
وأخرجه البزار (٣٥٦٩ - كشف)، وابن عدي في «الكامل» ٦/ ٢٢٦٣ من طريق محمَّد بن أبي نعيم، عن وهيب بن خالد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. قال الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٩٢: رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير محمَّد بن أبي نعيم، وهو ثقة وفيه ضعف. =

٤٨٧٨/ ١ - حدَّثنا محمَّد بنُ المصفى، حدَّثنا بقيةُ وأبو المغيرة، قالا: حدَّثنا صفوانُ، حدَّثني راشدُ بنُ سعدٍ وعبدُ الرحمن بنُ جبير
عن أنسِ بنِ مالك، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمُشونَ بها (١) وجُوهَهُم وصدُورَهُم، فقلت: مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلُون لحومَ الناس، ويقعونَ في أعراضِهِم» (٢).


= وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٥٥٢٢) من طريق محمَّد بن أبي معشر، عن أبِيه،
عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وقال: أبو معشر وابنه غير قويين.
وأخرجه موقوفًا المروزي في «السنة» (٢٠٤) من طريق أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وفيه زيادة.
قلنا: وجميع من خرج الحديث عدا رواية ابن أبي الدنيا (٧٣٢) جاء في روايتهم: «أربى الربا استطاله ..» بدل: «إن من أكبر الكبائر ..».
قال ابن أبي حاتم في «العلل» ٢/ ٢٥٠ - ٢٥١: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه وهيب عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: «إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه»، قال أبو زرعة: هذا خطأ، إنما هو الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي-ﷺ مرسل. قال أبي: هذا خطأ، رواه ابن المبارك عن معمر ويونس عن الزهري، عن سيد بن المسيب قوله. قلنا: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٢٠٢٥٣) عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب.
قوله.
ويشهد له حديث سيد بن زيد السالف قبله.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي، وذكره المزي في «التحفة» (١٤٠٢٠)، ونسبه لابن العبد وابن داسه.
(١) كلمة: «بها» أثبتناها من (أ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن العبد.
(٢) إسناده صحيح من جهة أبي المغيرة -وهو عبد القدوس بن الحجاج- وأما بقية: -وهو ابن الوليد- فضعيف. صفوان: هو ابن عمرو بن هرم. =

٤٨٧٨/ ٢ - قال أبو داود: حدَّثناه يحيى بنُ عثمان، عن بقية، ليس فيه أنس (١).
٤٨٧٩ - حدَّثنا عيسى بنُ أبي عيسى السَّلِيحيُّ، عن أبي المغيرةِ، كما قال ابنُ المصفى (٢).
٤٨٨٠ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا الأسودُ بنُ عامر، حدَّثنا أبو بكر ابن عيَّاش، عن الأعمش، عن سعيدِ بنِ عبد الله بن جُريج
عن أبي برزةَ الأسلمىِّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «يا معشرَ من آمنَ بلسانِهِ ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابُوا المسلمين، ولا تتبِعوا


= وهو عند البيهقي في»الشعب«(٦٧١٦)، وفي»الآداب«(١٣٨) من طريق المصنِّف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي في»تفسيره«٤/ ٢١٦ من طريق الفريابي، عن ابن المصفى، عن أبي المغيرة وحده، به.
وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٣٣٤٠)، وابن أبي الدنيا في»الصمت«(٥٧٧)، والطبراني في»الأوسط«(٨)، وفي»الشاميين«(٩٣٢)، والضياء في»المختارة«(٢٢٨٥) و(٢٢٨٦) من طرق عن أبي المغيرة، به.
وانظر ما بعده.
ونقل صاحب»المرقاة«٤/ ٧٢٥ عن الطيبي في قوله:»يخمشون«، قال: لما كان خمش الوجه والصدر من صفات النساء النائحات جعلهما جزاء من يغتاب ويفري في أعراض المسلمين، إشعارًا بأنهما ليستا من صفات الرجال، بل هما من صفات النساء في أقبح حالة وأشوه صورة.
(١) رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي في»شعب الإيمان" (٦٧١٦) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده صحيح.
وانظر ما قبله.

عوراتِهم، فإنَّه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعِ اللهُ عورتَهُ، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَهُ يفضَحْهُ فى بيتِه» (١).
٤٨٨١ - حدَّثنا حيوةُ بنُ شريح المصريُّ، حدَّثنا بقيةُ، عن ابنِ ثوبانَ، عن أبيه، عن مكحولٍ، عن وقاص بنِ ربيعةَ
عن المستورِد أنه، حدَّثه، أن النبي-ﷺ قال: «من أكل بِرجُلٍ مُسلم أكلةً فإنَّ اللهُ يطعمهُ مِثلَها مِن جهنَّم، ومن كُسِي ثوبًا برجُلٍ مسلم فإنَّ الله يكسوه مِثْلَهُ من جهنَّم، ومن قام برجل مقام سُمعَةٍ ورِياء فإن الله يقومُ به مقامَ سُمعة ورِياء يومَ القيامَةِ» (٢).


(١) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٧٧٦)، وأبو يعلى في «مسنده» (٧٤٢٤) من طريق الأسود بن عامر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (١٦٨)، وأبو يعلى (٧٤٢٣)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤٧، وفي «الشعب» (٦٧٠٤)، وفي «الآداب» (١٣٧)، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٠/ ٥١٧ من طرق عن أبي بكر بن عياش، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٨٠١) من طريق قطبة بن عبد العزيز، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (١٦٩) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، عن رجل من أهل البصرة، عن أبي برزة. ولم يسم الراوي فيه عن أبي برزة، وهو نفسه سعيد بن عبد الله بن جريج ما جاء مصرحًا باسمه في مصادر التخريج.
وفي الباب ما يشهد له من حديث ثوبان، أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٢٤٠٢).
وإسناده حسن. وانظر تمام تخريجه فيه.
وعن ابن عمر، أخرجه الترمذي (٢١٥١)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٥٢٦)، وصححه ابن حبان (٥٧٦٣). وإسناده قوي.
(٢) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. بقية بن الوليد ضعيف ومدلس وقد عنعن. ابن ثوبان: وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، حسن الحديث، والمستورد: هو ابن شداد الفهري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، (٢٤٥) عن أحمد بن عاصم، والطبراني في «الأوسط» (٣٥٧٢)، وفي «الشاميين» (٢٠٦) عن خير بن عرفة، كلاهما عن حيوة ابن شريح، بهذا الإسناد. وتحرف شيخ الطبراني من مطبوعة «مسند الشاميين» إلى حسن بن عرفة بدل خير بن عرفة.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في «تاريخه» ٢/ ٣٥٦، والبيهقي في «الشعب» (٦٧١٧) من طريق محمَّد بن المصفى، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٧٣٥)، وفي «الشاميين» (٣٥٨٩)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣٠/ ٤٥٨ - ٤٥٩ من طريق يحيى بن عثمان، والطبراني في «الأوسط» (٦٩٧) من طريق معلل بن نفيل، ثلاثتهم عن بقية بن الوليد، به.
ولم ينفرد بقية به، فقد أخرجه أحمد في «مسنده» (١٨٠١١)، والحارث في «مسنده»- زوائد الهيثمي) (٨٧٩)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٨٠٧)، وأبو يعلى (٦٨٥٨)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٤٨٥)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٣/ ١١٠، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٧٣٤)، وفي «الأوسط» (٢٦٤١)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ١٢٧ - ١٢٨، والبيهقي في «الشعب» (٦٧١٨)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣٠/ ٤٥٩ من طرق عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن وقاص بن ربيعة، به. وابن جريج مدلس وقد عنعنه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي! وله شاهد مرسل عن الحسن البصري عند ابن المبارك في:«الزهد» (٧٠٧)، وعبد الرزاق (٢١٠٠٠)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (٢٧٢). وهو مرسل صحيح.
وآخر من حديث أنس عند هناد في «الزهد» (١٢١٧)، وإسناده ضعيف.
وقوله: «من أكل برجل مسلم»، أي: أكل بسبب غيبته أو قذفه أو وقوعه في عرضه، أو بتعرضه له بالأذية عند من يعاديه، فإن الله يجازيه على سوء صنيعه بأن يطعمه مثلها من نار جهنم أو عذابها. وأُكلة بالضم: اللقمة، وبالفتح: المرة الواحدة مع الاستيفاء.
وقوله: «من قام برجل مقام سمعة ...» الباء في «برجل» يحتمل أن تكون للتعدية، فيكون معناه: من أقام رجلًا مقام سمعة ورياء، ووصفه بالصلاح والتقوى والكرامات وشهره بها، وجعله وسيلة إلى تحصيل أغراض نفسه وحطام الدنيا، فإن الله يقوم له =

٤٨٨٢ - حدَّثنا واصِلُ بنُ عبدِ الأعلى، حدَّثنا أسباطُ بنُ محمَّد، عن هشامِ ابنِ سعدٍ، عن زيد بنِ أسلم، عن أبي صالحٍ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «كُل المسلمِ على المُسلمِ حرام: مالُهُ، وعِرضُهُ، ودَمُه، حسبُ امرئٍ من الشرِّ أن يحقرِ أخاهُ المُسلم» (١).

٤١ - باب من رَدَّ عن مسلم غِيبةً
٤٨٨٣ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمَّد بنِ أسماءَ بنِ عُبيد، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن يحيى بنِ أيوب، عن عبدِ الله بنِ سُليمان، عن إسماعيلَ بنِ يحيى المعافِريِّ، عن سهل بنِ معاذ بن أنس الجُهنَي


= بعذابه وتشهيره أنه كان كاذبًا، وإن كانت للسببية، فمعناه: أن من قام وأظهره من نفسه الصلاح والتقوى ليعتقد فيه، ويصير إليه المال والجاه أقامه مقام المرائين، ويفضحه ويعذبه عذاب المرائين. انظر «المرقاة» ٤/ ٧٢٦ للقاري، و«بذل المجهود» ٩/ ١٢٢.
«سُمعة»، قال السندي في «حاشته على المسند»: بضم السين ما يتعلق بحاسة السمع من الأخبار والحكايات، كما أن الرياء ما يتعلق بحاسة البصر من الأوضاع والعبادات.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل هشام بن سعد، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الترمذي (٢٠٤٠) عن عبيد بن أسباط، عن أسباط بن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (٢٥٦٤)، وابن ماجه (٣٩٣٣) و(٤٢١٣) من طريق داود بن قيس، ومسلم (٢٥٦٤) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن أبي سعيد مولى عامر بن عبد الله بن كريز، عن أبي هريرة. وعند مسلم زيادة، ولفظ ابن ماجه في روايته الأولى: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، وفي الثانية: «حسبُ امرىءٍ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم».

عن أبيه، عن النبيِّ ﷺ قال: «من حمى مُؤمنًا مِن مُنافِقٍ -أُراه قال- بعثَ اللهُ مَلَكًا يحمي لحمَه يوم القيامةِ من نارِ جهنم، ومن رمى مسلمًا بشيءٍ يريدُ شَيْنَهُ بهِ حبسهُ الله على جسرِ جهنم، حتى يخرُجَ مما قال» (١).
٤٨٨٤ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ الصَّبَّاح، حدَّثنا ابنُ أبي مريم، أخبرنا الليثُ، قال: حدَّثني يحيى بنُ سُلَيم، أنه سَمعَ إسماعيلَ بنَ بشيرِ يقول:
سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ الله وأبا طلحة بنَ سهلٍ الأنصاري يقولان: قال رسولُ الله ﷺ:«ما من امرئٍ يخذُلُ امرَأً مسلمًا في موضعِ تُنتهَكُ فيه حرمتُهُ، ويُنتقَصُ فيه من عِرْضِهِ، إلا خذلَهُ الله في موطِنٍ يُحبُّ فيه نُصرَتَهُ، وما من امرئٍ ينصُرُ مُسلِمًا في موضعِ يُنْتَقَصُ فيه مِن عِرْضِهِ، ويُنتهَكُ فيهِ من حُرمتِه إلا نصرَهُ الله عز وجل في موطنٍ يُحِبُّ فيه نُصرتَه» (٢).


(١) إسناده ضعيف، لجهالة إسماعيل بن يحيى المعافري، وضعف سهل بن معاذ.
وهو في «الزهد» لابن المبارك (٦٨٦)، ومن طريقه أخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٦٤٩)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (٢٥٠)، والطبرانى في المعجم «الكبير» ٢٠/ (٤٣٣)، وأبو نعيم في «الحلية» ٨/ ١٨٨، والبيهقي في «الشعب» (٧٦٣١)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٥٢٧)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٣/ ٢١٥، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «تاريخه» ١/ ٣٧٧ وأبو نعيم في «الحلية» ٨/ ١٨٨ - ١٨٩ من طريقين عن ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن يحيى المعافري، به. وسقط من الإسناد عندهما عبد الله بن سليمان.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن سُليم -وهو ابن زيد- واسماعيل بن بشير. ابن أبي مريم: هو سعيد. والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٦٣٦٨)، ويعقوب بن سفيان في «تاريخه» ١/ ٣٠٠، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (٢٤٣)، والطبراني في «الكبير» (٤٧٣٥)، وأبو نعيم =

قال يحيى: وحدَّثنيه عُبيدُ الله بنُ عبدِ الله بنِ عمر وعُقبةُ بنُ شداد.
قال أبو داود: يحيى بنُ سُلَيم هذا: هو ابنُ زيد مولى النبي ﷺ، وإسماعيلُ بنُ بشير: مولى بني مَغَالة، وقد قيل: عتبةُ بنُ شداد، موضعَ عُقبة.

٤٢ - باب من ليس له غِيبة
٤٨٨٥ - حدَّثنا عليٍّ بنُ نصرِ، أخبرنا عبدُ الصمدِ بنُ عبدِ الوارث من كتابه، قال: حدَّثني أبي، حدَّثنا الجُريرىُّ، عن أبي عبد الله الجُشَمِيّ


= في «الحلية» ٨/ ١٨٩، والبيهقي في «السنن» ٨/ ١٦٧ - ١٦٨ و١٦٨، وفي «الشعب» (٧٦٣٢)، وفي «الآداب» (١١١)، والبغوي في «شرح»السنة«(٣٥٣٢) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في»الأوسط«(٨٦٤٢) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سليم بن زيد، عن إسماعيل بن بشير، عن جابر وأبي أيوب الأنصاري. فذكراه. فذكر أبا أيوب بدل أبي طلحة. وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن جابر وأبي أيوب إلا بهذا الإسناد تفرد به الليث، وقال الهيثمي في»المجمع«٧/ ٢٦٧: رواه الطبراني في»الأوسط«وإسناده حسن.
وعلقه البخاري في»التاريخ الكبير«١/ ٣٤٧ - ٣٤٨ عن عبد الله بن صالح.
وفي الباب عند أحمد في»مسنده«(٢٧٥٣٦) من حديث أبي الدرداء، عن النبي-ﷺ قال:»من ردَّ عن عرض أخيه المسلم، كان حقًا على الله عز وجل أن يَرُدَّ عنه نار جهنم يوم القيامة. وهو حديث حسن لغيره.
وعن سهل بن حنيف عند أحمد (١٥٩٨٥) عن النبي-ﷺ-قال:«مَنْ أُذِلَّ عنده مؤمن، فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة». وإسناده ضعيف.
وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد أيضًا (٢٧٦١٠) بإسناد ضعيف، ولفظه: «من ذَبَّ عن لحم أخيه في الغيبة، كان حقًا على الله أن يعتقه من النار».

حدَّثنا جُندُبٌ، قال: جاء أعرابيٌ فأناخَ راحِلتَه، ثم عقَلهَا، ثم دخلَ المسجد فصلى خلفَ رسولِ الله ﷺ، فلما سلَّم رسولُ الله ﷺ، أتى راحلتَه فأطلقَها، ثم ركب، ثم نادى: اللهُمَّ ارحمني ومحمدًا، ولا تُشرك في رحمتِنا أحدًا، فقال رسولُ الله ﷺ: «أتقولُون هو أضلُّ أم بعيرُه، ألم تسمعوا إلى ما قال؟» قالوا: بلى (١).


(١) إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على الجريري -وهو سعيد بن إياس، فرواه عنه عبد الوارث بن سعيد والد عبد الصمد، فقال: عن أبي عبد الله الجشمي، عن جندب، وأبو عبد الله مجهول الحال، ورواه عنه -كما عند الحاكم ١/ ٥٦ - ٥٧، فقال: عن أبي عبد الله الجِسري، عن جندب. وأبو عبد الله الجِسري: هو حميري بن بشير، وثقه ابن معين، ورواه كذلك يزيد بن هارون عن الجريري- كما عند الحاكم ٤/ ٢٤٨، فقال: عن أبي عبد الله الجسري عن جندب، غير أن يزيد سمع من الجريري بعد الاختلاط.
وأخرجه بزيادة فيه الطبراني في «الكبير» (١٦٦٧)، ومن طريقه المزي في «تهذيب
الكمال» ٣٤/ ٢٦ - ٢٧ عن العباس بن حمدان الحسّنفي، عن علي بن نصر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٨٧٩٩) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به. وفيه زيادة.
وأورده الهيثمي في «المجمع» ١٠/ ٢١٣ - ٢١٤، وقال: رواه أبو داود باختصار، ورواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد الجشمي، ولم يضعفه أحد.
وقوله في الحديث: اللهم ارحمني ومحمّدًا ولا تشرك في رحمتنا أحدًا، له أصل في «صحيح البخاري» (٦٠١٠) من حديث أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، وفيه: اللهم ارحمني ومحمّدًا، ولا ترحم معنا أحدًا، وهو في «المسند» (٧٢٥٥). وانظر تمام تخريجه فيه.
وعن عبد الله بن عمرو، أخرجه أحمد في «مسنده» (٦٥٩٠) وفيه: أن رجلًا جاء، فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد، ولا تشرك في رحمتك إيانا أحدًا ... إلخ. وهو حديث صحيح لغيره. وانظره فيه. =

٤٣ - باب ما جاء (١) في الرجل يُحِلُّ الرجلَ قد اغتابه
٤٨٨٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا ابنُ ثور، عن معمر
عن قتادة، قال: أيعجِزُ أحدُكُم أن يكونَ مثلَ أبي ضَمْضَمٍ، أو ضَمْضَمٍ، -شك ابنُ عبيد-، كان إذا أصبَحَ قال: اللهمَّ إني قد تصدَّقتُ بعِرْضي على عبادِك (٢).


= قال ابن القيم في تهذيب «السنن»: وادخال أبي داود هذا الحديث هنا يريد به أن ذكر الرجل بما فيه في موضع الحاجة ليست بغيبة مثل هذا، ونظيره ما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه «ائذنوا له فبئس أخو العشيرة» بوب عليه البخاري: باب غيبة أهل الفساد والريب، وذكر في الباب عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «ما أظن أن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا».
وفي الباب حديث فاطمة بنت قيس لما خطبها معاوية وأبو جهم، فقال النبي-ﷺ: «أما معاوية فصعلوك، وأما أبو جهم، فلا يضع العصا عن عاتقه».
وقالت هند للنبي ﷺ: إن أبا سفيان رجل شحيح.
وقال الأشعث بن قيس للنبي ﷺ في خصمه: إنه امرؤ فاجر.
وقال الحضرمي بين يدي رسول الله ﷺ في خصمه: إنه رجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه، وليس يتورع من شىء وقد ردَّ النبي-ﷺ غيبة مالك بن الدخشم، وقال للقائل: إنه منافق لا يحب الله ورسوله: «لا تقل ذاك»، وردَّ معاذ بن جبل غيبة كعب بن مالك لما قال الرجل فيه: حبسه النظر في برديه، والنظر في عطفيه، فقال: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ﷺ ما علمنا عليه إلا خيرًا. فسكت رسول الله ﷺ، والحديثان متفق عليهما.
وقد أخرج الترمذي (٣٠٤٤) عن أبي الدرداء، عن النبي-ﷺ-قال: «من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» وقال: هذا حديث حسن.
(١) هذا الباب بحديثيه أثبتناه من «تحفة الأشراف» (٤٦٧)، ومن النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، وقال المزي في «التحفة»: هذا الحديث في رواية أبي الحسن ابن العبد، عن أبي داود.
(٢) رجاله ثقات، وهو مقطوع من قول قتادة وهو المحفوظ. ابن ثور: هو محمَّد. =

٤٨٨٧ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ
عن عبدِ الرحمن بنِ عجلانَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أيعجزُ أحدُكُم أن يكون مِثْلَ أبي ضمضمِ؟» قالوا: ومن أبو ضمضمِ؟ قالَ: «رجُلٌ فيمن كان مِن قبلِكم»، بمعناه، قال: «عِرضِي لمن شَتَمَنِي» (١).
قال أبو داود: رواه هاشمُ بنُ القاسم، قال: عن محمَّد بن عبد الله
العَمَّي، عن ثابت، قال: حدَّثنا أنسٌ عن النبيَّ ﷺ (٢)، بمعناه.


= وأخرجه مرفرعا ابن السُّنِّي في «عمل اليوم والليلة» (٦٥) من طريق المهلب بن العلاء، عن شعيب بن بيان، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس. والمهلب بن العلاء: مجهول، لم نقف له على ترجمة. وشعيب وعمران: فيهما ضعف.
وانظر ما بعده.
(١) إسناده ضعيف، وهو مرسل. عبد الرحمن بن عجلان: مجهول الحال.
وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٩٣، والخطيب في «الموضح» ١/ ٢٧ من طريق روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وخالف موسى بنُ إسماعيلَ محمدُ بن عبيد الله بن محمَّد بن عائشة عند البيهقي في «الشعب» (٨٠٨٣)، فأخرجه من طريق ابن عائشة هذا، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مرفرعا وإسناده ضعيف. قال البيهقي: كذا قال عن أنس. والصحيح رواية من رواه عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن عجلان، عن النبي-ﷺ-مرسلًا.
وانظر ما قبله.
(٢) أخرجه مرفرعا العقيلي ٤/ ٩٣ من طريق أبي بكر بن أبي النضر، والضياء في «المختارة» (١٧٧٠)، والبيهقي في «الشعب» (٨٠٨٢) من طريق العباس بن محمَّد الدُّوري، والضياء (١٧٧١) من طريق فضل بن الأعرج، و(١٧٧٢) من طريق الحسن ابن علي، أربعتهم عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن محمَّد بن عبد الله العمي عن ثابت، عن أنس، عن النبي-ﷺ-قال الضياء بإثر روايته: قال الدارقطني: رواه حماد بن سلمة عن ثابت، عن عبد الرحمن بن عجلان مرسلًا عن النبي ﷺ وهو الصحيح.
وذكر الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٣/ ١١٤ له شواهد لا يصح منها إسناد. فانظرها فيه.

قال أبو داود: وحديثُ حمّادٍ أصحُّ.

٤٤ - باب في النهي عن التجسُّسِ
٤٨٨٨ - حدَّثنا عيسى بنُ محمَّد الرَّمليُّ ومحمدُ بنُ عوفٍ -وهذا لفظه-، قالا: حدَّثنا الفِريابيُّ، عن سفيانَ، عن ثورٍ، عن راشدِ بنِ سعد
عن معاويةَ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ -يقول: «إنَّكَ إن اتَّبعتَ عَوراتِ الناسِ أَفْسَدْتَهُم، أو كِدْتَ أن تُفْسِدَهُم»، فقال أبو الدرداء: كلمةٌ سمعها معاويةُ، مِن رسولِ الله ﷺ نفعه اللهُ تعالى بها (١).


(١) إسناده صحيح. ابن عوف: هو محمَّد، والفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وسفيان: هو الثوري، وثور: هو ابن يزيد.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده»، (٧٣٨٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٧٦٠)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٨٩٠)، وفي «الشاميين» (٤٧٣)، وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ١١٨، والبيهقي في «السنن» ٨/ ٣٣٣ من طرق عن محمَّد بن يوسف الفريابي، بهذا الاسناد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٩/ (٧٠٢) من طريق بشر بن جبلة، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي الدرداء، عن معاوية. وبشر: ضعيف، ولفظه: «لا تفتشوا الناس فتْفسدوهم».
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٢٤٨)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٨٥٩)، وفي «الشاميين» (١٨٧١) من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن معاوية. قلنا: وستأتي رواية جبير بن نفير من رواية شريح عنه عند المصنف بعد هذا، لكنها مرسلة.
وبعضهم اختصر الحديث.
قال صاحب «عون المعبود»: «إن اتبعت»، قال في «فتح الودود»، أي: إذا بحثت عن معايبهم وجاهرتهم بذلك، فإنه يودي إلى قلة حيائهم عنك، فيجترئون على ارتكاب أمثالها مجاهرة. انتهى.
وانظر ما سيأتي بعده.

٤٨٨٩ - حدَّثنا سعيدُ بنُ عمرِو الحضرمىُّ، حدَّثتا إسماعيلُ بنُ عيَّاش، حدَّثتا ضمضمُ بنُ زُرعةَ، عن شُريحِ بنِ عُبيد
عن جُبير بنِ نُفَيرِ وكثيرِ بنِ مُرّةَ وعمرو بنِ الأسود والمقدامِ بنِ مَعدي كَرِبَ وأبي أُمامة، عن النبي ﷺ قال: «إنَّ الأميرَ إذا ابتغى الرِّيبةَ في الناسِ أفسدَهُم» (١).


(١) حديث حسن.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ٨/ ٣٣٣ من طريق المصنف، بهذا الاسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (١٠٧٣)، والطحاوي في «شرح المشكل» (٨٩)، والطبراني في «الكبير» (٧٥١٥) و(٧٥١٦) من طرق عن إسماعيل بن عياش، به. وزاد ابن أبي عاصم في الاسناد: ونفر من الفقهاء.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٨٨) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الإسناد جبير بن نفير.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣٧٨ من طريق محمد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد عمرو بن الأسود.
وأخرجه الطحاوي (٩٠) من طريق بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، به.
ولم يذكر في الاسناد كثيرًا والمقدام.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٦٥١) من طريق محمد بن المبارك، و٢٠/ (٦٥٣) من طريق محمد بن إسماعيل، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد جبيرًا وكثيرًا وعمرًا.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٣٨١٥)، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٦٠٧) من طريق بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن جبير بن نفير وعمرو بن الأسود كلاهما عن المقداد بن الأسود وأبى أمامة.
وأخرجه الطبراني في «الشاميين» (١٦٦٠) من طريق محمد بن إسماعيل وهشام ابن عمار، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن جبير وكثير، كلاهما عن المقدام وأبي أمامة.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٣٥٢) من طريق محمد بن عبد العزيز، عن =

٤٨٩٠ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن زيدِ بنِ وهب، قال:
أُتي ابنُ مسعودٍ، فقيل: هذا فلان تقطُرُ لحيتُه خمرًا، فقال عبد الله: إنا قد نُهِينا، عن التجَسُّس، ولكن إن يظهَرْ لنا شيء نأخُذْ به (١).

٤٥ - باب في السَّترِ على المسلم
٤٨٩١ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المبارك، عن إبراهيمَ ابنِ نَشِيطٍ، عن كعبِ بنِ علقمةَ، عن أبي الهيثم


= إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد وأبي أمامة.
ويشهد له حديث معاوية السالف قبله.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٤٤٩) و(٢٨٣٤) عن عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي، و(٢٨٣٥) عن عبد الوهاب بن الضحاك، كلاهما عن إسماعيل بن عياش: عن ضمضم، عن شريح بن عبيد، عن الحارث بن الحارث وعمرو بن الأسود والمقدام وأبي أمامة.
قال صاحب «عون المعبود»: الرَّيبة: بالكسر، أي: طَلَبَ أن يُعاملهم بالتهمة
والظن السوء ويجاهرهم بذلك.
وقال ابن الأثير في «النهاية» ٢/ ٢٨٦، أي: إذا اتَهمَهم وجاهَرَهم بسُوء الظّن فيهم، أداهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم، ففسدوا.
(١) إسناده صحيح، أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم.
وهو في «المصنف» لابن أبي شيبة ٩/ ٨٦ عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٨٩٤٥)، ومن طريقه الطبراني في «الكبير» (٩٧٤١) عن ابن عيينة، عن الأعمش، به. وسمي فلان الذي جاء في الرواية عندهم الوليد بن عقبة.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣٧٧ من طريق أسباط بن محمَّد، والبيهقي في «السنن» ٨/ ٣٣٤ من طريق يعلي بن عبيد، كلاهما عن الأعمش، به. وسمى الحاكم الرجل المبهم: الوليد بن عقبة. وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

عن عُقبة بنِ عامرِ، عن النبيِّ-ﷺ، قال: «مَنْ رأى عوْرَةً فسترها كمن أحيا مَوءُودَةً» (١).


(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. أبو الهيثم -واسمه كثير المصري- مجهول. تفرد بالرواية عنه كعب بن علقمة، وقال ابن يونس: حديثه معلول، وقال الذهبي في «الميزان»: لا يعرف، ومع هذا فقد صححه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ٣٨٤، ووافقه الذهبي! وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٧٥٨) عن بشر بن محمَّد، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وفي أوله: عن أبي الهيثم قال: جاء قوم إلى عقبة بن عامر فقالوا: إن لنا جيرانًا يشربون ويفعلون، أفنرفعهم إلى الإِمام؟ قال: لا ....
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٢٤٢) من طريق عبد الله بن وهب، عن إبراهيم ابن نشيط، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٢٤١) عن علي بن حجر، عن المبارك، عن إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن عقبة بن عامر. فذكره هكذا مرسلًا.
وهو في «المسند» (١٧٣٣١).
وانظر ما سيأتي بعده.
وله شاهد من حديث مسلمة بن مخلد عند الخطيب في «الرحلة» ص ١٢١ - ١٢٢ وفيه انقطاع، ووصله الطبراني في «الأوسط» (٨١٢٩) بلفظ «من ستر على مؤمن، فكأنما أحيا موءودة، فضرب بعيره راجعًا». وفي سنده: عيسى بن سنان أبو سنان القسملي، قال الحافظ في «التقريب»: لين الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وقد روي عن مسلمة بغير هذا اللفظ، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٦٩٦٠) عنه وعن عقبة بلفظ: «من علم من أخيه سيئة فسترها، ستِره الله بها يوم القيامة»، وأخرجه أحمد في «المسند» برقم (١٧٣٩١) عن عقبة. وانظر «المسند» الأحاديث ذات الأرقام (١٦٩٥٩) و(١٦٩٦٠) و(١٧٣٩١).
وله شاهد آخر من حديث شهاب رجل من الصحابة عند الطبراني في «الكبير» (٧٢٣١)، وفي سنده أبو سنان المدني راويه عن جابر بن عبد الله لا يعرف، وباقي رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني محمَّد بن معاذ الحلبي، وهو ثقة. =

٤٨٩٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، أخبرنا الليثُ، قال: حدَّثني إبراهيمُ بنُ نَشِيطٍ، عن كعبِ بنِ علقمةَ، أنه سَمِعَ أبا الهيثم يذكر
أنه سَمعَ دُخينًا كاتبَ عُقبَةَ بنِ عامر، قال: كانَ لنا جِيرَانٌ يشربونَ الخمرَ، فنهيتُهُم فلم ينتهُوا، فقلتُ لعقبةَ بنِ عامرٍ: إنَّ جِيرانَنا هؤلاء يشربونَ الخمرَ، وإني نهيتُهُم فلم يَنتَهوا، فأنا داعٍ لهم الشُّرَطَ، فقال دَعْهُمْ، ثم رجعتُ إلى عقبةَ مرةً أخرى، فقلت: إن جيرانَنا قد أبَوا أن ينتهُوا، عن شُربِ الحْمْر، وأنا داعٍ لهم الشُرَطَ، قال: وَيْحَكَ دَعْهُم، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ، فذكر معنى حديث مسلم (١).


= وفي الباب عن ابن عمر بلفظ: «... ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»، سيأتي عند المصنف برقم (٤٨٩٣) وهو في «الصحيحين»، وسيأتي تخريجه هناك.
وعن أبي هريرة، عند مسلم (٢٦٩٩)، وهو في «المسند» برقم (٧٤٢٧). ولفظه «... ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة». وانظر تمام تخريجه في «المسند».
(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي الهيثم. كما سلف بيانه في الذي قبله. دخين: هو ابن عامر الحجري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٢٤٣) من طريق آم بن أبي إياس، عن الليث، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند» أحمد (١٧٣٩٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٧).
وقوله: فذكر معنى حديث مسلم: يعني مسلم بن إبراهيم شيخ أبي داود السالف في الحديث (٤٨٩١).
والشرط: جمع شُرْطة وشُرطِي: هم أعوانُ السلطان لتتبع أحوال الناس وحفظهم لإقامة الحدود.

قال أبو داود: قال هاشم بن القاسم عن ليث في هذا الحديث، قال: لا تفعل، ولكن عِظْهُمْ وتَهدَّدْهُم.
٤٨٩٣ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيل، عن الزهريِّ، عن سالم. ٍ
عن أبيه، أنَّ النبيَّ- ﷺ قال: «المسلمُ أخو المسلم، لا يَظلِمُهُ ولا يُسلِمُهُ، مَنْ كان في حاجَةِ أخيهِ، فإنَّ الله في حَاجَتِهِ، ومَن فرَّجَ عن مسلم كُربةً، فرَّج الله عنه بها كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومَنْ سترَ مسلمًا، سَترَهُ اللهومَ القيامة» (١).


(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد، والزهري: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه مسلم (٢٥٨٠)، والترمذي (١٤٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٢٥١) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٤٤٢) عن يحيى بن بكير، عن الليث، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٦٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٣).
وقوله: لا يُسلِمه: هو بضم أوله وكسر اللام، أي: لا يخذله بل ينصره، قال في «النهاية»: يقال: أسلم فلان فلانًا: إذا ألقاه إلى التهلكة ولم يحمه من عدوه، وزاد الطبراني (٣٢٣٩): «ولا يُسلمه في مصيبة نزلت به».
وقوله: «ومن ستر مسلمًا»قال الحافظ: أي: رآه على قبيح فلم يظهره للناس، وليس في هذا ما يقتضى الإنكار عليه بينه وبينه، ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه، فلم ينته عن قبيح فعله، ثم جاهر به، كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء، فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك، والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد إنقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها، فيجب الإنكار عليه، وإلا رفعه إلى الحاكم، وليس من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة.

٤٦ - باب المُستبَّان
٤٨٩٤ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابن محمَّد- عن العلاء، عن أبيه
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال؟ «المُستَبَّان ما قالا، فعلى البادي منهما ما لم يعتدِ المظلومُ» (١).

٤٧ - باب في التواضع
٤٨٩٥ - حدَّثنا أحمد بنُ حفصِ، حدَّثني أبي، حدَّثني إبراهيمُ بن طهمان، عن الحجاج، عن قتادة، عن يزيد بن عبد الله


(١) إسناده صحيح. عبد العزيز بن محمَّد: هو الدراوردي، والعلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم.
وأخرجه الترمذي (٢٠٩٦) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٥٨٧) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٠٥)، وصحح ابن حبان«(٥٧٢٨) و(٥٧٢٩).
وقوله:»المستبان«قال السندي في»حاشيته على المسند«: افتعال من السَّبِّ، وهما اللذان يسبُّ كلٌّ منها صاحبَه.
»فعلى البادي«، قال: أي: فإثم ما قالا على مَن شَرعَ أولًا، لأنه الذي سبَّ وتسبَّبَ لِسَبٍّ الآخر، ولكن ما دام الآخر لا يتجاوز حدَّ الاقتصاص، لأنه تسيَّب لذلك القدر، فإن جاوز صار مستحق لاثم الزائد، لعدم تسبُّب الأول للزائد. قال النووي: وفي هذا جواز الانتصار، ولا خلاف في جوازه، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة، قال الله تعالى: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى:٤١]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى:٣٩] ومع هذا فالصبر والعفو أفضل، قال الله تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣] ولقوله ﷺ:»وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزاَ".

عن عياض بن حمارِ، أنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ الله أوحى إليَّ أن تَواضَعُوا، حتى لا يَبغِي أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخَرَ أحدٌ على أحدٍ» (١).

٤٨ - باب في الانتصار
٤٨٩٦ - حدَّثنا عيسى بن حَمّادٍ، أخبرنا الليثُ، عن سعيد المَقبرىِّ، عن بَشيرِ بن المُحرَّر
عن سعيد بن المُسيَّب، أنه قال: بينما رسولُ الله ﷺ جالسٌ ومعه أصحابُه، وقع رجلٌ بأبي بكر، فآذاه، فصَمَتَ عنه أبو بكر، ثم آذاه الثانية، فصمتَ عنه أبو بكر، ثم آذاه الثالثة، فانتصَرَ منه أبو بكر، فقام رسولُ الله ﷺ حين انتصَرَ أبو بكر، فقال أبو بكر: أَوَجَدْتَ عليَّ يا رسول الله؟ فقال رسولُ الله ﷺ:«نزلَ ملك من السماء يكذِّبُهُ بما قالَ لكَ، فلما انتصرتَ وقَعَ الشَّيطانُ، فلم أكلن لأجلِسَ إذ وقَعَ الشَّيطان» (٢)


(١) إسناده صحيح. والد أحمد هو حفص بن عبد الله بن راشد، والحجاج: هو ابن الحجاج الباهلي، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي.
وأخرجه مسلم (٢٨٦٥) ضمن حديث، وابن ماجه (٤١٧٩) من طريق مطر بن طهمان الرزاق، عن قتادة، بهذا الإسناد، وهذا عند حسن في المتابعات.
(٢) حديث حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال بشير بن المحرر راويه عن سعيد بن المسيب، ثم إنه مرسل، وسيأتي عند المصنف من طريق آخر موصول بعد هذا. والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٦٦٦٩)، وفي الآداب" (١٥٠) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

٤٨٩٧ - حدَّثنا عبدُ الأعلي بن حمَّادٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن عَجْلان، عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ
عن أبي هريرة، أن رَجُلًا كان يَسُبُّ أبا بكرِ، وساق نحوه (١).


= وأخرجه موصولًا بسند ضعيف الطبراني في «الأوسط» (٧٢٣٩) من طريق القاسم ابن دينار، حدَّثنا حسين بن علي الجعفي، قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة، قال: حدَّثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن علي بن زيد إلا سفيان بن عيينة، ولا رواه عن سفيان إلا حسين الجعفي، تفرد به القاسم بن دينار، ورواه الناس عن سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة (وستأتي عند المصنف بعد هذا)، فإن كان حسين الجعفي حفظه، فهو غريب من حديث علي بن زيد، عن ابن المسيب.
انتهى. وعلي بن زيد بن جدعان: ضعيف.
وفي الباب عن النعمان بن مقرن، عند أحمد في «مسنده» (٢٣٧٤٥). بإسناده منقطع. ومع ذلك فقد حسن الحافظ ابن كثير إسناده في «تفسيره» ٦/ ١٣٢.
وعن ابن عباس عند البخاري في «الأدب المفرد» (٤١٩)، وفي سنده ضعف.
ولم يسم في روايتهما من وقع عليه السب.
وعن زيد بن أثيع مرسلًا عند عبد الرزاق في مصنفه، (٢٠٢٥٥) ورجاله ثقات.
وانظر ما بعده.
(١) حسن لغيره، وقد خولف ابن عجلان -وهو محمَّد- في إسناد الحديث، فقد رواه الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن بشير بن المحرّر. عن سعيد بن المسيب مرسلًا كما في الرواية السالفة عند المصنف، وقد رجح البخاري في التاريخ ٢/ ١٠٢ والدارقطني في «العلل» ٨/ ١٥٣ هذه الرواية المرسلة، وإن الليث أصح الناس رواية عن المقبري، وأما ابن عجلان فيقع له في أحاديثه عن سعيد المقبري بعض الأوهام، لكن للحديث متابعات وشواهد تنهض به إلى التحين. وقد ذكرناها في الرواية السالفة. وسفيان: هو ابن عيينة.
وهو عند البيهقي في «الشعب» بإثر (٦٦٦٩)، وفي الآداب" (١٥٠) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: وكذلك رواه صفوانُ بن عيسى، عن ابن عجلان كما قال سفيان.
٤٨٩٨ - حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي (ح)
وحدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر بن مَيسرةَ، حدَّثنا معاذُ بن معاذ -المعنى واحد- قال: حدَّثنا ابنُ عونٍ، قال: كنتُ أسألُ عن الانتصار ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى:٤١]، فحذَثني علي بنُ زيد بن جُدعان، عن أمِّ محمَّد امرأة أبيه -قال ابنُ عون: وزعموا أنها كانت تدخُلُ على أمِّ المؤمنين- قالت:
قالت أمُّ المؤمنين: دَخلَ عليَّ رسولُ الله ﷺ وعندنا زينبُ بنتُ جَحْشِ، فجعل يَصنَعُ شيئًا بيده، فقلتُ بيدِه، حتى فَطَّنْتُه لها، فأمسَكَ، وأقبلت زينبُ تَقحَّمُ لعائشة، فنهاها، فأبَت أن تَنتَهيَ، فقال لعائشة: «سُبِّيها» فسَبَّتها، فغلَبَتْها، فانطلقتْ زينبُ إلى عليٍّ، فقالت: إن عائشة وقَعَت بكم، وفَعلتْ، فجاءَت فاطمةُ، فقال لها: «إنّها حِبَّةُ أبيكِ وربِّ الكعبة» فانصرفَت، فقالت لهم: إنّي قلتُ له كذا وكذا، فقال لي كذا وكذا، قال: وجاء عليٌّ إلى النبيّ-ﷺ فكلَّمه في ذلك (١).


= وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (٣٥٨٦) من طريق علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٩٦٢٤)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٨٢٠)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٣٦، وفي «الآداب» (١٤٩) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، به.
وعند بعضهم زيادة.
وانظر ما قبله.
(١) إسناده ضعيف ومتنه منكر. علي بن زيد بن جدعان: ضعيف، وأم محمَّد مجهولة وهي زوجة زيد بن جدعان. وابن عون: هو عبد الله. =

٤٩ - باب النهي عن سَبِّ الموتى
٤٨٩٩ - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا هشامُ بن عُروةَ، عن أبيه عن عائشة، قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا ماتَ صاحِبُكم فدَعُوه، ولا تَقَعُوا فيه» (١).


= وأخرجه مختصرًا أحمد في «مسنده» (٢٤٩٨٧) عن أزهر، عن ابن عون، بهذا الأسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٩٨٦) من طريق سليم بن أخضر، عن ابن عون، به. وجعل فيها أن أم سلمة هي التي تساببت مع عائشة وليست زينب. وهو خطًا.
قلنا: وأخرج البخاري (٢٥٨١)، وابن ماجه (١٩٨١)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٦٥) و(٨٨٦٦) و(١١٤١٢) من طريق عروة بن الزبير، ومسلم (٢٤٤٢) من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن الحارث، كلاهما عن عائشة. ولفظ البخاري ضمن حديث مطول: فأرسلن زينبَ بنت جحش، فأتته فأغْلَظَت، وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العَدْلَ في بنت ابن أبي قحافة؟ فرفعت صوتها حتىِ تناولت عائشة وهي قاعدة فسبَتَّها، حتى إن رسولَ الله ﷺ لينظرُ إلى عائشة هل تكلْمُ، قال: فتكلمتْ عائشةُ ترُدُّ؟ على زينب حتى أسكتَتْها، قالت: فنظَرَ النبيَّ- ﷺ إلى عائشة؟ وقال: «إنّها بنت أبي بكر».
ولفظ مسلم بنحوه ورواية ابن ماجه والنسائي مختصرة.
وانظرا مسند«الإِمام أحمد حديث رقم (٢٤٥٧٥) و(٢٤٦٢٠).
وقوله:»فجعل يصنع شيئًا بيده«، قال صاحب»عون المعبود«: أي من المس ونحوه مما يجري بين الزوج والزوجة.
حتى فَطَّنتُهُ لها: من التفطين، أي: أعلمته بوجود زينب.
تَقَحَّم، قال الخطابي في»معالم السنن«، معناه: تعرض لشتمها وتتدخل عليها، ومنه قولهم، فلان يتقحم في الأمور إذا كان يقع فيها من غير تثبت ولا روية. وفيه من العلم: إباحة الانتصار بالقول ممن سبَّك من غير عدوان في الجواب.
(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح.
وأخرجه ابن حبان في»صحيحه«(٣٠١٩) من طريق يحيى بن معين، عن وكيع، بهذا الإسناد. دون قوله:»ولا تقعوا فيه". =

٤٩٠٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا معاويةُ بنُ هشامٍ، عن عمرانَ بن أنسٍ المكىِّ، عن عَطَاءِ
عن ابن عُمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «اذكُرُوا مَحاسِنَ موتاكم، وكُفُّوا عن مَساويهم» (١).


= وأخرجه الطيالسي في «مسنده» (١٤٤٦) من طريق عبد الله بن عثمان، والدارمي في سننه«(٢٢٦٠)، والترمذي (٤٢٣٣)، وابن حبان (٣٠١٨) و(٤١٧٧) من طريق سفيان الثوري، وابن حبان (٣٠١٩) من طريق علي بن هاشم، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، به. وبعضهم زاد فيه وبعضهم اختصره.
وجاء بلفظ:»لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قَدَّموا«، أخرجه البخاري (١٣٩٣) و(٦٥١٦)، والنسائي في»الكبرى«(٢٠٧٤) من طريق مجاهد، عن عائشة.
وهو في»مسند أحمد«(٢٥٤٧٠)، و»صحيح ابن حبان«(٣٠٢١).
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٢٥٧٣) من طريق منصور بن عبد الرحمن، عن أمه، عن عائشة قالت ذكر عند النبي ﷺ هالكٌ بسوء، فقال:»لا تذكروا هلكاكم إلا بخير«. وإسناده صحيح.
(١) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عمران بن أنس المكي، قال البخاري فيه: منكر الحديث.
وأخرجه الترمذي (١٠٤٠)، وابن حبان في»صحيحه«، (٣٠٢٠) من طريق محمَّد ابن العلاء، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث عائشة السالف قبله.
وله شاهد آخر من حديث المغيرة بن شعبة، أخرجه أحمد في»مسنده«(١٨٢٠٩)، وابن حبان في»صحيحه«(٣٠٢٢). ولفظه:»لا تسبّوا الأموات، فتؤذوا الأحياء«.
وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه فيهما.
وثالث عند أحمد في»مسنده«(٢٧٣٤) من حديث ابن عباس، بلفظ:»... فلا تسبُّوا أمواتنا، فتؤذوا أحياءنا". وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.

٥٠ - باب النهي عن البغي
٤٩٠١ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح بن سفيانَ، أخبرنا عليُّ بنُ ثابت، عن عِكْرِمَة بن عمارٍ، حدَّثني ضَمْضَمُ بن جوسٍ، قال:
قال أبو هريرة: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «كانَ رَجُلان في بني إسرائيلَ مُتواخيَين، فكان أحدُهما يُذنبُ والآخرُ مجتهدٌ في العبادة، فكان لا يزالُ المجتهدُ يرى الأخرَ على الذنب، فيقول: أقصِرْ، فوَجَدَه يومًا على ذنبٍ، فقال له: أَقصِرْ، فقال: خلِّني وربِّي، أبُعِثتَ عليَّ رقيبًا؟ فقال: واللهِ لا يَغفِرُ اللهُ لكَ -أو لا يُدْخِلُكَ اللهُ الجنةَ- فقَبَضَ أرواحَهُما، فاجتمعَا عند ربِّ العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكُنتَ بي عالمًا؟ أو كنتَ على ما في يدي قادِرًا؟ وقال للمُذنِب: اذهَبْ فادخُلِ الجنةَ برحمتي، وقال للآخر: اذهبُوا به إلى النار» قال أبو هريرة: والذي نفسِي بيدِه لتكلَّمَ بكلمةِ أوبَقَت دُنياه وآخِرَتَه (١).


(١) إسناده حسن، ومتنه غريب، تفرد به عكرمة بن عمار، وهو -وإن كان من رجال مسلم- فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح، وقد روى أحاديث غرائب لم يَشرَكه فيها أحدٌ.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٨٢٩٢) و(٨٧٤٩)، وابن أبي الدنيا في «حسن الظن بالله» (٤٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٧١٢)، والبيهقي في «الشعب» (٦٦٨٩)، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٣/ ٣٢٦ من طرق عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.
وقول أبي هريرة في آخر الحديث: والذي نفسي بيده لتكلَّم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.
جاء في رواية المزي منصوصًا عليه بأنه مرفرع. وفي السند عنده أبو جعفر موسى بن مسعود وفيه لين. والصواب أنه من قول أبي هريرة.
وله شاهد من حديث أبي قتادة الأنصارى، أخرجه ابن أبو الدنيا في «حسن الظن» (٤٤)، والطبراني في «الشاميين» (٢٨١)، وأبو نعيم في «الحلية» ٨/ ٢٧٥، بإسناده ضعيف لجهالة الرجل من آل جبير بن مطعم راويه عن أبي قتادة. =

٤٩٠٢ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبى شيبةَ، حدَّثنا ابنُ عُلَيَّة، عن عُيَينَة بن عبد الرحمن، عن أبيه
عن أبي بكرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَا مِن ذَنْبٍ أجدَرُ أن يُعجِّلَ الله تعالى لصاحِبِه العُقوبَةَ في الدُّنيا، مع ما يَدَّخِرُ له في الآخرة، مثلُ البَغيِ، وقَطيعةِ الرحمِ» (١).


= وفي الباب عن جندب بن عبد الله: أن رسول الله ﷺ حدَّث «أن رجلًا قال: والله لا يغفرُ الله لفلان. وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلانٍ، فإني قد غفرت لفلانٍ وأحبطتُ عمَلك». أو كما قال. أخرجه مسلم (٢٦٢١)، وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٧١١).
وقوله: «مُتواخيين»، قال صاحب «عون المعبود»، أي: متقابلين في القصد والسعي، فهذا كان قاصدًا وساعيًا في الخير، وهذا كان قاصدًا وساعيًا في الشر.
وقوله: «أقصر»: من الاقصار، وهو الكف عن الشيء مع القدرة عليه.
وقول أبي هريرة: «أوبقت ديناه وآخرته»، وأوبقت: أهلكت، وأراد أبو هريرة بالكلمة قوله: والله لا يغفر الله لك.
(١) إسناده صحيح. ابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسَم، وعُلَية أمّه، ووالد عيينة: هو عبد الرحمن بن جوشن.
وأخرجه ابن ماجه (٤٢١١) عن الحسين بن الحسن المروزي، والترمذي (٢٦٧٩) عن علي بن حجر، كلاهما عن ابن عُلية، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٤٢١١) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عيينة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٧٤) و(٢٠٣٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٥) و(٤٥٦). وانظر فيه حديث رقم (٤٤٠).
أجدر: أولى وأحرى، والبغى: الظلم، وهو من الكبر، وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة، والرحم: القرابة ولو غير محرم بنحو إيذاء أو صد أو هجر، أو يترك الإحسان إليهم، وفيه تنبيه على أن النبلاء بسبب القطيعة في الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة.

٥١ - باب في الحَسَد
٤٩٠٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ صالحِ البَغداديُّ، حدَّثنا أبو عامرٍ عبدُ الملك بن عمرو، حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال، عن إبراهيمَ بن أبي أَسيدٍ، عن جدِّه
عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال:«إياكُم والحَسَدَ، فإنَّ الحَسَدَ يأكُلُ الحَسَناتِ كما تأكُلُ النَارُ الحَطَبَ - أو قال: العُشب» (١).
٤٩٠٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهْبٍ، أخبرني سعيدُ ابن عبد الرحمن بن أبي العَمْياء
أن سهلَ بنَ أبي أمامة حدَّثه، أنه دَخَلَ هو وأبوه على أنس بن مالكٍ بالمدينة، في زمان عمر بن عبد العزيز، وهو أميرُ المدينة، فإذا هو يُصلي صلاةً خفيفةً ذَفيفةً، كأنها صلاةُ مسافرٍ، أو قريبٌ منها، فلما سلم، قال أبي: يَرْحَمُكَ الله! أرأيت هذه، الصلاةَ: المكتوبةُ، أو شيءٌ تَنَفَّلْتَه، قال: إنها المكتوبةُ، وانها لصلاةُ رسولِ الله ﷺ، ما أخطاتُ إلا شيئًا سهوتُ عنه (٢)، إن رسولَ الله ﷺ كان يقول: «لا


(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة جد إبراهيم بن أبي أسيد، قال الحافظ في»التقريب«: لا يعرف. وإبراهيم بن أبي أسيد: ضعيف يعتبر حديثه في المتابعات والشواهد. وذكر الحديث البخاري في»التاريخ الكبير«١/ ٢٧٢ - ٢٧٣ وقال: لا يصح.
وأخرجه عبد بن حميد في»مسنده«(١٤٣٠)، وابن عبد البر فى»التمهيد«٦/ ١٢٤، والبيهقي في»شعب الإيمان" (٦٦٠٨)، وفي (الآداب، (١٣٥) من طرق عن أبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد.
وآخر عند المصنف وهو الحديث الآتي بعد هذا برقم (٤٩٠٤) عن أنس بن مالك.
وإسناده محتمل للتحسين وله متابعات وشواهد. وانظر تخريجه فيه.
(٢) من قوله: في زمان عمر، إلى هنا، زيادة أثبتناها من (هـ). وهي في نسخة الخطابي، إذ إنه شرح بعض حروفها.

تُشدِّدوا على أنفسِكم فيُشَدَّدَ عليكم، فإن قومًا شدَّدُوا على أنفسِهم فشدَّدَ الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والديار ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: ٢٧]. ثم غَدَا مِن الغَد، فقال: ألا تَرْكَبُ لتَنظُرَ ولتَعتَبِرَ؟ قال: نعم، فرَكِبُوا جميعًا، فإذا هُمْ بديارِ بادَ أهلُها واتقَضَوْا وفَنُوا، خاويةٍ على عروشِها، فقال: أتَعرِفُ هذه الديار؟ فقال: ما أعْرَفَني بها وبأهلِها، هذه ديارُ قومِ أهلَكَهُمُ البَغْيُ والحَسَدُ، إن الحسدَ يُطفى نورَ الحَسَنات، والبغْيَ يُصَدِّقُ ذلك أو يكذبه، والعينُ تزني، والكفُّ والقَدَمُ والجَسَدُ واللسانُ، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه (١) (٢).


(١) من قوله: ثم غدا من الغد، إلى آخره، زيادة أثبتناها من (هـ).
(٢) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، رجاله كلهم ثقات غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، روى عن: سهل بن أبي أمامة والسائب بن مهجان المقدسي، وروى عنه: خالد بن حميد وعبد الله بن وهب، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال الحافظ في «التقريب»: مقبول. قلنا: يعني عند المتابعة، إلا فلَين الحديث.
كما نص عليه الحافظ في المقدمة «للتقريب». ولعظم الحديث شواهد متفرقة: فأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٣٦٩٤) عن أحمد بن عيسى المصري، عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في «المجمع» ٦/ ٣٩٠: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وهو ثقة. وصحح إسناده البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» ٥/ ٢٥٨.
وأخرجه ابن ماجه (٤٢١٠)، وأبو يعلى (٣٦٥٦)، وابن عدى في «الكامل» ٥/ ١٨٨٧ والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٠٤٩)، والخطيب في «الموضح» ١/ ١٤٦ من طريق ابن أبي فديك، عن عيسى بن أبي عيسى الحنَّاط، عن أبي الزناد، عن أنس.
وعيسى: متروك. ولفظ ابن ماجه وأبي يعلى وابن عدي: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النَّارُ الحطبَ، والصَّدَقة تُطفى الخطيئةَ كما يُطفئ الماءُ النار، والصلاة نورُ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= المؤمن، والصِّيامُ جُنَّةٌ من النار«، ولفظ القضاعي والخطيب:»إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب«.
وأخرجه الخطيب في»الموضح«أيضًا ١/ ١٤٧ بزيادة الشعبي في الإسناد بين أبي الزناد وأنس. وقال: لم يتابع يعقوب -وهو أحد رجال السند- أحد على هذا القول، والمحفوظ ما ذكرناه. والله أعلم. يعني: بإسقاط الشعبي بينهما.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٩٣ ومن طريق ابن عبد البر فى»التمهيد«٦/ ١٢٣ - ١٢٤ عن أبي معاوية، عن الأعمش، والبيهقي في»الشعب، (٦٦١٠) و(٦٦١١) من طريق واقد بن سلامة، كلاهما (الأعمش وواقد) عن يزيد بن أبان الرَّقاشي، عن أنس. ولفظ البيهقي بنحو لفظ أبي يعلى وابن ماجه، ولفظ ابن أبي شيبة اقتصر على قطعة الحسد.
ويزيد الرقاشي ضعيف.
وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٢/ ٢٢٧ مقتصرًا فيه على الحسد من طريق محمَّد بن الحسين بن حريقا البزاز، عن الحسن بن موسى الأشيب، عن أبي هلال الراسي محمَّد بن سليم، عن قتادة، عن أنس. ومحمد بن الحسين هذا لم يذكر الخطيب في ترجمته ما يُبيِّن حاله. وأبو هلال الراسبي ضعيف يعتبر به. ومع هذا فقد حسن الحافظ العراقي إسناده في تخريج أحاديث «الاحياء» ١/ ٤٥. واقتصر فيه على تضعيف رواية ابن ماجه السالفة من طريق عيسى الحناط!!.
ولقرله:«لا تشددوا على أنفسكم ...» شاهد من حديث سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن جده عن النبي ﷺ قال: «لا تشددوا على أنفسكم، فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات». أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٤/ ٩٧، والطبراني في «الكبير» (٥٥٥١)، وفي «الأوسط» (٣٠٧٨)، والبيهقي في «الشعب» (٣٨٨٤). وقال الهيثمي في «المجمع» ١/ ٦٢: رواه الطبراني في «الأوسط» و«الكبير»، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقة جماعة وضعفه آخرون.
ولقوله: «العين تزني ...»، شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (٦٢٤٣)، ومسلم (٢٦٥٧)، وهو في «المسند» (٧٧١٩). ولفظه: "إن الله عز وجل =

٥٢ - باب النهي عن اللعْن
٤٩٠٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا يحيى بن حسَّان، حدَّثنا الوليدُ بن رباحٍ، سمعت نِمرانَ يذكُرُ، عن أمِّ الدرداء، قالت:
سمعتُ أبا الدرداء يقول: قال رسولُ الله ﷺ: «أنَّ العَبدَ إذا لَعَنَ شيئًا صَعِدَتِ اللَّعنَةُ إلى السَّماء، فتُغلَقُ أبوابُ السماء دونَها، ثمّ تَهبِطُ إلى الأرض، فتُغلَقُ أبوابُها دونَها، ثم تأخذ يمينًا وشمالًا، فإذا لم تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَت إلى الذي لُعِنَ، فإن كان لذلك أهلًا، وإلا رَجعت إلى قَائلها» (١).


= كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، وزنى العين النظر، وزنى اللسان النُّطق، والنَّفسُ تَمَنّى وتشتهى، والفرج يُصدق ذلك أو يكذَّبهُ«واللفظ لأحمد. وفي»الصحيحين«عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي-ﷺ-قال:»لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث«. البخاري (٦٠٦٥)، ومسلم (٢٥٥٩). وسيأتي عند المصنف برقم (٤٩١٠).
قال الخطابي: الذفيفة: الخفيفة، يقال: رجل ذفيف خفيف. وأخرج أحمد (٨٨٩٤) من حديث عبد الله بن عَنَمَةَ قال: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد، فصلَّى، فأخفَّ الصلاة، قال: فلما خرج، قُمتُ إليه، فقلت: يا أبا اليقظان: لقد خففت، قال: فهل رأيتني انتقصت من حدودها شيئًا؟ قلت: لا، قال: فإني بادرت بها سهوة الشيطان، سمعتُ رسول الله ﷺ يقول:»إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها«وهو حديث صحيح.
(١) إسناده محتمل للتحسين. نمران: وهو ابن عتبة الذِّماري: ذكره ابن حبان في»الثقات«، وروى عنه عياش بن يونس أبو معاذ والوليد بن رباح ابن أخيه، وروى عن أم الدرداه. وقال الحافظ في»التقريب«: مقبول. وجَوَّوإسناده في»الفتح«١٠/ ٤٦٧.
وذكره السيوطي في»الجامع الصغير" وعزاه لأبي داود ورمز له بحسنه. =

قال أبو داود: قال مروانُ بنُ محمَّد: هو رباحُ بن الوليد، وسمع منه مروان، وذكر أن يحيى بنَ حسَّان وَهِمَ فيه.
٤٩٠٦ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ
عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا تلاعَنُوا بلعنةِ الله، ولا بغضبِ الله، ولا بالنار» (١).


= وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٥١٦٢) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (٣٨٤) من طريق الحسن بن عبد العزيز، عن يحيى بن حسان، به.
وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أحمد في «مسنده» (٣٨٧٦)، والبيهقي في «الشعب» (٥١٦٣) وفيه: «إن اللعنة إذا وُجِّهَت إلى من وُجِّهت إليه، فإن أصابت عليه سبيلًا، أو وَجَدَت فيه مَسْلَكًا، وإلا قالت: يا ربِّ، وُجِّهْتُ إلى فُلان، فلم أجد عليه سبيلًا، ولم أجد فيه مسلكًا، فيقال لها: ارجعي من حيثُ جئتِ»، فخشيتُ أن تكونَ الخادمُ معذورةً، فترجعُ اللعنةُ، فاكونَ سَبَبَها. واسناده محتمل للتحسين.
ويشهد له حديث ابن عباس الآتي برقم (٤٩٠٨).
وأخرج البخاري (٦٠٤٧) و(٦١٠٥)، ومسلم (١١٠) من حديث ثابت بن الضحاك وفيه:«ولعن المؤمن كقتله». وهو في «المسند» (١٦٣٨٥).
وعن أبي هريرة بلفظ: «لا ينبغي لصدِّيق أن يكون لعانًا». أخرجه مسلم (٢٥٩٧)، وهو في «المسند» (٨٤٤٧). وانظر تمام تخريجه فيه.
وعن عبد الله بن مسعود أخرجه أحمد في «مسنده» (٣٨٣٩)، والترمذي (٢٠٩٢) بلفظ: «ليس المؤمن بطعان، ولا بلعّان، ولا الفاحش البذي».
وعن ابن عمر بلفظ: «لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانًا»، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٣٠٩)، والترمذي (٢١٣٨). واللفظ للبخاري.
(١) حديث حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن فيه عنعنة الحسن البصري. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. =

٤٩٠٧ - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزَّرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعْدِ، عن أبي حازمِ وزيدِ بن أسلمَ، أن أمِّ الدرداءِ قالت:
سمعتُ أبا الدرداء قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ -يقول: «لا يكونُ اللعَّانُونَ شُفَعاءَ، ولا شُهَداءَ» (١).


=وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٣٢٠) عن مسلم، والترمذي (٢٥٩١) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠١٧٥).
وله شاهد مرسل بلفظه عند عبد الرزاق (١٩٥٣١)، ومن طريقه البغوي في «شرح السنة» (٣٥٥٧) من حديث حميد بن هلال مرفوعًا إلى النبي ﷺ. ورجاله ثقات.
ويشهد له ما قبله، وقد ذكرنا فيه شواهد أخرى فانظرها هناك.
قال علي القاري في «مرقاة المفاتيح» ٤/ ٦٣٦: قوله: «لا تلاعنوا بلعنة الله» أي: لا يلعن بعضكم بعضًا فلا يقل أحد لمسلم معيّن: عليك لعنة الله، مثلًا.
«ولا بغضب الله» بأن يقول: غضب الله عليك. ولا «بالنار» بأن يقول: أدخلك الله النارَ، أو النار مثواك.
وقال الطِّيبي: أي: لا تَدعوا على الناس لما يُبعدهم الله من رحمته، إمَّا صريحًا كما تقولون: لعنة الله عليه، أو كناية كما تقولون: عليه غضب الله، أو أدخله الله النارَ، فقوله: «لا تلاعنوا» من باب عموم المجاز، لأنه في بعض أفراده حقيقة، وفي بعضه مجاز، وهذا مختصٌّ بمعيَّن؛ لأنه يجوز اللعن بالوصف الأعم كقوله: لعنة الله على الكافرين، أو بالأخصِّ كقوله: لعنة الله على كافر معيَّن مات على الكفر كفرعون وأبي جهل.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هشام بن سعد ففيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح وإن كان من رجال مسلم وقد توبع. وباقي رجاله ثقات. أبو حازم: هو سلمة بن دينار.
وأخرجه مسلم (٢٥٩٨) (٨٦) من طريق معاوية بن هشام، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٣١٦) من طريق محمَّد بن جعفر، ومسلم (٢٥٩٨) (٨٥) من طريق حفص بن ميسرة، ومسلم (٢٥٩٨) من طريق معمر، ثلاثتهم عن زيد بن أسلم وحده، به، وعند مسلم قصة في أوله. =

٤٩٠٨ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبان (ح)
وحدَّثنا زيدُ بنُ أخزَمَ الطائيُّ، حدَّثنا بِشْرُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا أبانُ بن يزيدَ العطارُ، حدَّثنا قتادةُ، عن أبي العالية، قال زيد:
عن ابنِ عباس: أن رجلًا لَعَنَ الريحَ -وقال مسلم: إنَّ رجلًا نازعَتْهُ الريحُ رداءَه على عهدِ النبيَّ- ﷺ فلعَنَها- فقال النبيَّ- ﷺ: (لا تَلْعَنْها فإنَّها مأمُورَةٌ، وإنه مَنْ لَعَنَ شيئًا ليسَ له بأهْلٍ رَجَعَتِ اللعنةُ عليه» (١).


= وهو في «مسند» أحمد (٧٥٢٩)، و«صحيح» ابن حبان (٥٧٤٦).
قال البغوي في «شرح السنة» ١٣/ ١٣٥: قيل في قوله: «ولا شهداء» أي: لا يكونون في الجملة التي يُستشهدون يومَ القيامة على الأمم التي كذَّبت أنبياءهم عليهم السلام، لأن من فضيلة هذه الأمة أنهم يشهدون للأنبياء عليهم السلام بالتبليغ إذا كذبهم قومُهم.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير زيد بن أخزم، فقد أخرج له البخاري وهو ثفة. وطريق مسلم بن إبراهيم مرسلة.
وأخرجه موصولًا الترمذي (٢٠٩٣) عن زيد بن أخزم، عن بشر بن عمر، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٧٤٥).
ويشهد له حديث أبي هريرة، عند أحمد في «مسنده» (٧٤١٣)، وهو صحيح في المتابعات والشواهد، ولفظه: «لا تسبُّوا الريح، فإنها تجيء بالرحمة والعذاب، ولكن سلوا الله خيرها، وتعوذوا بالله من شرها».
وعن أبي بن كعب عند أحمد أيضًا في «مسنده» (٢١١٣٨)، ولفظه: «لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم منها ما تكرهون، فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، ومن خير ما فيها، ومن خير ما أُرسلت به، ونعوذ بك من شرٌ هذه الريح، ومن شر ما فيها، ومن شر ما أُرسلت به». وهو حديث صحيح لغيره.

٥٣ - باب فيمن دعا على مَن ظَلَمَه
٤٩٠٩ - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا سفيانُ، عن حبيبٍ، عن عطاءٍ
عن عائشة، قالت: سُرِقَ لها شيءٌ فجَعَلَت تَدعُو عليه، فقال لها رسول الله ﷺ: «لا تُسبِّخي عنه» (١).

٥٤ - باب فيمن يهجر أخاه المسلم
٤٩١٠ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ
عن أنسِ بن مالكٍ، أن النبيَّ- ﷺ قال:«لا تَبَاغَضُوا، ولا تحاسَدُوا، ولا تَدَابَرُوا، وكونُوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يَحِلُّ لمُسلمٍ أنْ يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثِ لَيَالٍ» (٢).


(١) إسناده ضعيف، حبيب -وهو ابن أبي ثابت- روايته عن عطاء -وهو ابن أبي رباح- ليست بمحفوظة، فيما نقله العقيلي عن يحيى القطان، وقال في «الضعفاء» ١/ ٢٦٣: له عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها، وذكر منها هذا الحديث. معاذ: هو ابنُ مُعاذٍ، وسفيان:
هو الثوري. وقد سلف عند المصنف برقم (١٤٩٧). فانظر تخريجه هناك.
وقوله: «لا تسبخي عنه». قال الخطابي: معناه لا تخففي عنه العقوبة بدعائك عليه، ومن هذا سبائخ القطن: وهي القطع المتطايرة عن الندف.
(٢) إسناده صحيح.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٩٠٧، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦٠٧٦)، ومسلم (٢٥٥٩) (٢٣).
وأخرجه البخاري (٦٥٦٥)، ومسلم (٢٥٥٩) (٢٣)، والترمذي (٢٠٤٨) من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه مسلم (٢٥٥٩) من طريق قتادة، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٦٦٠). =

٤٩١١ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عطاء ابن يزيدَ الليثىِّ
عن أبي أيوبَ الأنصارىِّ، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثةِ أيام، يلتقيانِ، فيُعرِضُ هذا ويُعرِضُ هذا، وخَيرُهما الذي يَبدَأ بالسلام» (١).


= وقوله: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال»، قال ابن الأثير في «النهاية»: يريد به الهجر ضدَّ الوصل، يعني فيما يكون بين المسلمين من عَتْبٍ ومَوْجِدَة أو تقصير يقع في حقوق العِشرة والصُّحبة دون ما كان من ذلك في جانب الدين، فإن هِجرة أهل الأهواءِ والبدع دائمة على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبةُ والرجوع إلى الحق، فإنه ﷺ لما خاف على كعب بن مالك وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك، أمر بهجرانهم خمسين يومًا، وقد هجر نساءَه شهرًا.
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» ٢٦/ ١٤٩: والذي عندي: أن من خشيَ من مجالستِه ومكالمته الضَّرَرُ في الدين أو في الدنيا، والزيادة في العداوة والبغضاء، فهجرانُه والبُعدُ عنه خيرٌ من قُرْبِهِ؛ لأنه يحفظُ عليك زلّاتِكَ، ويُمارِيكَ في صوابِك، ولا تَسلَمُ من سوء عاقِبةِ خُلْطتهِ، ورُبَّ صَرْمٍ جَميل خيرٌ من مُخالطة مُؤذية.
وقال الخطابي: وأما الهجران أكثر من ذلك، فإنما جاء ذلك في هجران الرجل أخاه في عَتْبٍ، وموجدة، أو لنبوة تكون منه، فرخص له في مدة ثلاث لقلتها، وجعل ما وراءها تحت الحظر.
فأما هجران الوالد الولد والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما، فلا يضيق أكثر
من ثلاث، وقد هجر رسول الله ﷺ نساءه شهرًا.
(١) إسناده صحيح.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٩٠٦ - ٩٠٧، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦٠٧٧)، ومسلم (٢٥٦٠).
وأخرجه البخاري (٦٢٣٧)، ومسلم (٢٥٦٠)، والترمذي (٢٠٤٥) من طرق عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٥٢٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٦٦٩).

٤٩١٢ - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عُمرَ بن مَيسَرَةَ وأحمدُ بنُ سعيد السَّرْخَسي، أن أبا عامِرٍ أخبرهم، حدَّثنا محمدُ بنُ هلالِ، حدَّثني أبي
عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال: «لا يَحِل لمؤمنٍ أن يَهْجُرَ مؤمنًا فوقَ ثلاثٍ، فإن مرَّتْ به ثلاث فلْيَلقَهُ، فليُسَلِّمْ عليه، فإن ردَّ عليه السلام فقد اشتركا في الأجرِ، وإن لم يَرُدَّ عليه فقد باءَ بالإثم».
زاد أحمدُ: «وخَرَجَ المُسلِّمُ من الهِجْرَة» (١).
٤٩١٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد بن عَثمَةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المُنيب المدنىُّ، أخبرني هشامُ بن عُروة، عن عُروة
عن عائشةَ أنّ رسولَ الله ﷺ قال: «لا يكونُ لمُسلمٍ أن يَهْجُرَ مُسْلمًا فوقَ ثلاثةٍ، فإذا لَقِيه سَلَّم عليه ثلاثَ مرارٍ، كُلُّ ذلك لا يَرُدُّ عليه، فَقَدْ باءَ بإثْمِهِ» (٢).


(١) رجاله ثقات إلا والد محمَّد بن هلال -وهو: هلال بن أبي هلال المدني- لم يرو عنه غير اثنين، وذكره ابن حبان في «الثقات» ومع ذلك فقد صحيح الحافظ ابن حجر إسناد هذا الحديث في «الفتح» ١٠/ ٤٩٥. وانظر ما سيأتي عند المصف برقم (٤٩١٤). وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٤١٤)، وفي «التاريخ» ١/ ٢٥٧ من طريق إسماعيل بن أبي أويس، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (٥٥٥) من طريق عبد الله ابن مسلمة القعنبىُّ، والبيهقي في «الشعب» (٦١٩٥) من طريق خالد بن مخلد، ثلاثتهم عن محمَّد بن هلال، بهذا الإسناد.
وأخرج مسلم (٢٥٦٢) من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا هجرة بعد ثلاث»، وهو في «المسند» لأحمد (٨٩١٩).
(٢) إسناده قوي.
وأخرجه أبو يعلى (٤٥٨٣)، والمزي في «تهذيب الكمال» ١٦/ ١٧٧ - ١٧٨ من طريق أبي موسى محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. =

٤٩١٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزّازُ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا سفيانُ الثورىُّ، عن منصورٍ، عن أبي حازمٍ
عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله ﷺ: «لا يَحِل لمُسْلِمٍ أن يَهْجُرَ أخاه فَوقَ ثلاثٍ، فمَنْ هَجَرَ فَوقَ ثلاثٍ فماتَ، دَخَلَ النّارَ» (١).
٤٩١٥ - حدَّثنا ابنُ السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن حَيوةَ، عن أبي عثمانَ الوليد بن أبي الوليد، عن عمرانَ بن أبي أنسٍ
عن أبي خِرَاشٍ السُّلَمى، أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَن هَجَرَ أخاه سنةً، فهو كَسَفْكِ دَمِهِ» (٢).


= وأخرجه مختصرًا أبو يعلى (٤٥٦٨) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن محمَّد ابن خالد، به. وأخرج البخاري (٦٠٧٥)، وأحمد في «مسنده» (١٨٩٢١) من مسند المسور بن مخرمة قصة له ولعبد الرحمن بن الأسود في اسشفاعهما لعبد الله بن الزبير عند عائشة وفيها: وطفق المِسْوَرُ وعبدُ الرحمن يناشدانها إلاَّ ما كلمتْهُ، وقَبِلَت منه، ويقولان: إن النبي ﷺ نهى عما قد عَلِمتِ من الهجرة، فإنه «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال» فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج، طَفِقَت تُذَكِّرُهما وتبكي ... إلخ. واللفظ للبخاري، وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٦٦٢).
وانظر ما قبله من أحاديث الباب وما بعده.
(١) إسناد صحيح، لكن رواه مسلم (٢٥٦٢) دون قوله: «فمن هجر فوق ثلاث فمات، دخل النار».
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩١١٦) من طريق شعبة، عن منصور، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٠٩٢).
وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (٤٩١٢).
(٢) إسناده صحيح. ابن السَّرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرْح، وابن وهب: هو عبد الله، وحيوة: هو ابن شريح. أبو خراش السُّلمي -ويقال: الأسلمي- اسمه: حدرد بن أبي حدرد.

٤٩١٦ - حدَّثنا مُسدِّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «تُقتَحُ أبوابُ الجنةِ كلَّ يومِ اثنينِ وخميسٍ، فيُغفَرُ في ذلك اليومَينِ لكل عَبدٍ لا يُشرِكُ بالله شيئًا إلا من بَيْنَه وبَينَ أخيهِ شَحْنَاءُ، فيقال: أنْظِرُوا هذين حتَّى يَصْطَلِحَا» (١).


= وأخرجه ابن الأثير في «أسد الغابة» ٦/ ٨٥ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (٥٥١) من طريق يحيى بن سليمان، عن عبد الله بن وهب، به.
وأخرجه ابن سعد في«الطبقات» ٧/ ٥٠٠، وأحمد في «مسنده» (١٧٩٣٥)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٤٠٤)، والدولابي في «الكنى» (١٦٤)، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٧٧٩)، والحاكم في«المستدرك» ٤/ ١٦٣، والبيهقي في «الشعب» (٦٦٣١)، وفي «الآداب» (٢٨٠)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٥/ ٤٨٨ من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٧٣٥)، والدولابي في «الكنى» (١٦٤)، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٧٨٥) و(٧٨١) و(٧٨٢) من طرق عن الوليد أبي عثمان، به. وكنى الطبراني في روايته (٧٨٢) أبا خراش: أبا حدرد الأسلمي.
وقال المزي في «تحفة الأشراف» ٣/ ١٩: رواه يحيى بن أيوب، عن الوليد بن أبي الوليد، أن عمران بن أبي أنس حدثه أن رجلًا من أسلم من أصحاب النبي-ﷺ حدثه عن النبي-ﷺ قال: «هجرة المسلم سنة كدَمِه» قال: وفي المجلس: محمَّد بن المنكدر وعبد الله بن أبي عتاب، قالا: قد سمعنا هذا عنه. قلنا: أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٤٠٥) من طريق يحيى بن أيوب.
(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو صالح: هو ذكوان الزَّيات.
وأخرجه مسلم (٢٥٦٥)، والترمذي (٢١٤٢) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه ابن ماجه (١٧٤٠) من طريق محمَّد بن رفاعة، عن سهيل، به. لكن بلفظ: أن النبي ﷺ كان يصوم الاثنين والخميس، فقيل: يا رسول الله ﷺ، إنك تصومُ الاثنين والخميس! فقال: «إن يومَ الاثنين والخميس يغفرُ اللهُ فيها لكلِّ مسلم إلاَّ مُهتجرَينِ، يقولُ: دعهما حتى يصطلحا».
وأخرجه الترمذي (٧٥٧) من طريق محمَّد بن رفاعة، عن سهيل أيضًا، به.
بلفظ: «تُعرضُ الأعمال يومَ الاثنين والخميس، فأحِبُّ أن يعرضَ عملي وأنا صائمٌ».
وأخرجه مسلم (٢٥٦٥) من طريق مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، به.
بلفظ: تعرض الأعمالُ في كلِّ يومِ خميسِ واثنين، فيغفر اللهُ عز وجل في ذلك اليوم لكل امرىء لا يشركُ بالله شيئًا، إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناءُ، فيقال: ارْكُوا هذين حتى يصطلحا، اركوا هذين حتى يصطلحا«. وقوله: ارْكُوا، أي: أخِّروا.
وهو في»مسند أحمد«(٧٦٣٩)، و»صحيح ابن حبان«(٥٦٦١) و(٥٦٦٣).
وجاء في بعض الروايات:»تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس«، قال السندي في»حاشيته على المسند«: قال الشيخ عز الدين: معنى العرض هنا: الظهور، وذلك أن الملائكة تقرأ الصحف في هذين اليومين. وقال الشيخ ولي الدين: إن قلت: ما معنى هذا مع ما ثبت في»الصحيحين«: أن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وبالعكس؟ قلت: يحتمل أن أعمالَ العباد تُعرض على الله تعالى كلَّ يوم، ثم تُعرض عليه أعمال الجمعة في كلِّ يوم اثنين وخميس، ثم تُعرض عليه أعمالُ السنة في شعبان! فتعرض عرضًا بعدَ عرض، ولكل عرض حكمة يطلع عليها من يشاءُ من خلقه، أو يستأثر بها عنده مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية، ويحتمل أن الأعمالَ تعرض في اليوم تفصيلًا، ثم في الجمعة جملة أو بالعكس. انتهى.
وفي»المجمع«: حديثُ العرض لا يُنافي حديث الرفع؛ لأن الرفع غيرُ العرض، فإن الأعمال تُجمع بعد الرفع في الأسبوع، وتعرض يوم الاثنين والخميس، والعرضُ على الله أو على ملك، وكله على جمع الأعمال. انتهى. لكن في رواية النسائي تصريح بأن العرض على ربِّ العالمين. قلنا: يعني رواية النسائي في»الكبرى" (٢٦٧٩) من حديث أسامة بن زيد.

قال أبو داود: النبيُّ ﷺ هَجَرَ بعضَ نسائِه أربعين يومًا، وابنُ عمر هَجَرَ ابنًا له إلى أن مات (١).
قال أبو داود: إذا كانت الهجرةُ لله (٢)، فليسَ من هذا بشيء، عُمر بن عبد العزيز غطَّى وَجهَه عن رجل.

٥٥ - باب في الظن
٤٩١٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعْرَج
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الحديث، ولا تَحسَّسُوا، ولا تجسَّسُوا» (٣).


(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). وهَجر ابن عمر ابنه إلى أن مات.
أخرجه أحمد في «المسند» (٤٩٣٣)، بإسناده صحيح.
(٢) أي: هجران المسلم لرعاية حق من حقوق الله، فليس ذلك الهجر من هذا الوعيد المذكور في الحديث، فقد منع النبي-ﷺ الكلام مع من تخلف في تبوك كما سلف في: باب مجانبة أهل الأهواء برقم (٤٦٠٠) وسلف أن ابن عمر لم يكلم ابنه حتى مات، وفي «شعب الإيمان» لبيهقي (٨٨٣٢) سمع ابنُ مسعود رجلًا يضحك في جنازة، فقال: أتضحك وأنت في جنازه! لا أكلمك أبدًا، وسلف ترك السلام على أهل الأهواء في باب ترك السلام على أهل الأهواء، وقال الحافظ في «الفتح»١٠/ ٤١٨ في صلة الرحم: إن مقاطعة الكفار أو الفجار في الله هي صلتُهم.
(٣) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز.
وهو في الموطأ: ٢/ ٩٠٧ - ٩٠٨، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦٠٦٦)، ومسلم (٢٥٦٣).
وأخرجه الترمذي (٢١٠٥) من طريق سفيان، عن أبي الزناد، به.
وأخرجه البخاري (٥١٤٣) من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، به. =

٥٦ - باب في النَّصيحة
٤٩١٨ - حدَّثنا الربيعُ بن سليمان المؤذَّن، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سُليمان -يعني ابنَ بلال- عن كثيرِ بن زيدٍ، عن الوليد بن رباح (١)


= وأخرجه البخاري (٦٠٦٤) و(٦٧٢٤)، ومسلم (٢٥٦٣) من طرق عن أبي هريرة. وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٣٧) و(١٠٠٠١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٦٨٧).
وقوله: «إياكم والظن»، قال السندي في «حاشيته على المسند»: أي: سوء الظن، قيل: وهو أن يعقِدَ قلبه عليه بسبب لا يلزم منه ذلك لا مجرد الوسوسة، ولا إذا تحقق سببه، انتهى.
وجاء عند الترمذي بإثر روايته للحديث، قال: سمعت عبد بن حميد يذكرُ عن بعض أصحاب سفيان، قال: قال سفيان: الظَّن ظنّانِ: فظنُّ إثمٌ، وظن ليس بإثمِ، فأما الظَّنُّ الذي هو إثمٌ، فالذي يظُنُّ ظنًّا ويتكلّمُ به، وأما الظَّنُّ الذي ليس بإثمٍ، فالذي يظنُّ ولا يتكلمُ به.
وعلق السندي بعد أن نقل كلام الترمذي عن عبد بن حمد قلت (أي السندي): كأنه أخذه من قوله: «فإنه أكذب الحديث»، ولا يكون حديثًا إلا بالتكلم، ولعل معنى كونه أكذب أنه كثيرًا ما يكون كذبًا مع اعتقاد صاحبه أنه صِدْقٌ، فصار بذلك أقبحَ من كذب لا يعتقد صاحبُه صدق نفسه، والله تعالى أعلم.
وقال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٣، قوله: «إيام والظن»: يريد إياكم وسوء الظن وتحقيقه دون مبادئ الظنون التي لا تملك.
وقوله: «لا تجسسوا»، معناه: لا تبحثوا عن عيوب الناس، ولا تتبعوا أخبارهم.
والتحسس بالحاء: طلب الخبر، ومنه قوله تعالى: ﴿بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [يوسف: ٨٧]، ويقال: تجسست الخبر وتحسست بمعنى واحد.
(١) قال المزي في «التهذيب»: رباح بن الوليد بن يزيد بن نمران الذَّماري، ويقال: الوليد بن رباح، والصواب ألاول في قول أبي داود وغيره. وقد سلف قول أبى داود فيه عند الحديث رقم (٤٩٠٥).

عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ، قال: «المؤمِنُ مرآةُ المؤمِنِ، والمؤمِنُ أخو المؤمن: يكُفُّ عليه ضَيْعَتَه، ويَحُوطُه مِن وَرائه» (١).


(١) إسناده حسن من أجل كثير بن زيد -وهو الأسلمي- فهو صدوق حسن الحديث. ابن وهب: هو عبد الله. والحديث حسنه الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» ٢/ ١٨٢، وأقره المناوي.
وهو عند ابن وهب في «جامعه» (٢٣٧)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في «السنن» ٨/ ١٦٧، وفي «الشعب» (٧٢٣٩)، وفي «الأداب» (١٠٣).
وأخرجه القضاعي في«مسند الشهاب» (١٢٦) من طريق منصور بن سلمة الخزاعي، عن سليمان بن بلال، به. بلفظ:«المؤمن أخو المؤمن».
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٢٣٩)، والبزار (٨١٠٩)، وأبو الشيخ في «التوبيخ» (٥٤)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٢٥) من طرق عن كثير بن زيد، به. ولفظ أبي الشيخ والقضاعي: «المؤمن مرآة المؤمن».
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٧٣٠)، وابن أبي شيبة ٨/ ٥٧٤، والترمذي (٢٥٤٢)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (٤٤)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٥١٣) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن موهب، عن أبي هريرة، بلفظ: «إن أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى، فليُمِطهُ عنه» وفي سنده يحيى بن عُبيد الله القرشي التيمي ضعفه غير واحد من الأئمة.
وأخرجه موقوفًا ابنُ وهب في «جامعه» (٢٠٣)، ومن طريقه البخاري في: «الأدب المفرد» (٢٣٨)، وأبو الشيخ في «التوبيخ» (٥٥) من طريق عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة. بلفظ: المؤمن مرآة أخيه، إذا رأى فيه عيبًا أصلحه.
قال الخطابي: المعنى: أن المؤمن يحكي لأخيه المؤمن جميع ما يراه منه، فإن كان حسنا، زيَّنه له ليزداد منه، وإن كان قبيحًا نبهه عليه لينتهي عنه، كما روي عن عمر رضي الله عنه: رحم الله من أهدى الي عيوبي.
وضَيعَة الرجل ما يكون سبب معاشه من صناعة أو غلة أو حرفة أو تجارة أو غير ذلك. =

٥٧ - باب في إصلاح ذات البين
٤٩١٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرة، عن سالمٍ، عن أمِّ الدرداء
عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ألا أخبِرُكُم بأفضَلَ من درجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدَقَة؟» قالوا: بَلَى يا رسولَ الله ﷺ قال: «إصلاحُ ذاتِ البَينِ، وفسادُ ذات البين الحالِقَة» (١).


= وقال المناوي في تفسير قوله: ويكف عليه ضيعته، أي: يجمع عليه معيشته، ويضمُّها له، وضيعة الرجل ما منه معاشه.
و«يحوطه من ورائه»، أي: يحفظه ويصونه ويذب عنه، ويدفع عنه من يغتابه، أو يلحق به ضررًا، ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك.
(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وسالم: هو ابن أبي الجعد.
وأخرجه الترمذي (٢٦٧٧) عن هناد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال بإثر حديثه: هذا حديث صحيح، ويُروى عن النبي-ﷺ أنه قال: «هي الحالقةُ، لا أقولُ تحلق الشَّعرَ، ولكن تحلق الدين».
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٥٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٠٩٢). وانظر تمام تخريجه في «المسند».
وقوله: «إصلاح ذات البين»، قال صاحب «عون المعبود»: أي: أحوال بينكم يعني ما بينكم من الأحوال ألفة ومحبة، كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران: ١٥٤] وهي مضمراتها. وقيل: المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين، أي: فرقة، والبين من الأضداد الوصل والفرق.
و«فساد ذات البين الحالقة» أي: هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستاصل الموسى الشعر. وفي الحديث: حث وترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب عن الإفساد فيها، لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها، نال درجة فوق ما يناله الصائم القائم المشتغل بخويصّة نفسه.

٤٩٢٠ - حدَّثنا نصرُ بن عليّ، أخبرنا سفيانُ، عن الزهريِّ (ح) وحدَّثنا مُسدِّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ (ح).
وحدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد ابن شَبُّويه المَروزِيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن
عن أمه، أن النبيَّ ﷺ قال: «لم يَكذبْ مَنْ نَمَى بين اثنين ليُصلِحَ». وقال أحمدُ بن محمدٍ ومُسدَّدٌ: «ليسَ بالكاذِبِ مَنْ أصْلَحَ بين الناسِ فقال خَيْرًا أو نَمَى خَيْراَ» (١).
٤٩٢١ - حدَّثنا الرَّبيع بنُ سليمانَ الجِيزىُّ، حدَّثنا أبو الأسود، عن نافعِ بن يزيد، عن ابنِ الهادِ أن عبد الوهَّاب بن أبي بكر حَدَّثه، عن ابنِ شهابٍ، عن حُميد بن عبد الرحمن
عن أُمه أمِّ كلثوم بنت عُقبةَ، قالت: ما سَمِعتُ رسولَ الله ﷺ يُرخِّصُ في شيءِ من الكَذَبِ إلا في ثلاث، كان رسولُ الله ﷺ يقول: «لا أَعُدُّه كاذبًا، الرَّجُلُ يُصلحُ بينَ النَّاسِ، يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عُلَيّة، وأم حميد: هي أم كلثوم بنت عقبة.
وأخرجه مسلم بإثر (٢٦٠٥) عن عمرو الناقد، والترمذي (٢٠٥٣) عن أحمد بن منيع، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٦٩٢) من طريق صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، به.
وانظر ما بعده. وانظر»مشكل الآثار«للطحاوي (٢٩١٦) و(٢٩١٧).
وقوله:»نمى خيرًا«، قال السندي في»حاشيته على المسند": نمى، كرمى، أي: رفع من أحد الطرفين إلى الطرف الآخر خيرًا، بأن قال: إن فلانًا يثني عليك، ونحوه مما يرجى به الإصلاح بينهما، وإن لم يُطابق الواقع.

الإصلاحَ، والرجلُ يقولُ في الحَرْبِ، والرجل يُحَدِّثَّ امرأتَه، والمرأة تُحَدِّث زَوجَها» (١).


(١) هذا حديث لا يصحُّ رفعه للنبي ﷺ، وإنما هو مدرج من كلام الزهري كما بينا ذلك في «المسند» عند الحديث رقم (٢٧٢٧٢)، وعند الترمذي (٢٥٥١) في تعليقنا على حديث أسماء بنت يزيد فيه، وقد وهم عبد الوهاب بن أبي بكر- وأبو بكر: هو رفيع -في رفعه- وهو ثقة، فقد قال الدارقطني في «العلل»، ٥/ ورقة ٢٠٩ بعد أن أورد هذه الرواية: وهذا منكر، ولم يأت بالحديث المحفوظ الذي عند الناس.
وقد نبه أيضًا على هذا الوهم الحافظ في «الفتح» ٥/ ٣٠٠ فقال: وهذه الزيادة مدرجة، بَينَ ذلك مسلم في روايته [بإثر (٢٦٠٥)] من طريق يونس، عن الزهري فذكر الحديث، قال: وقال الزهري: [ولم أسمع يُرخص في شيء مما يقول الناس كذلك إلا في ثلاث: الحرب، والاصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها]. وقال الحافظ أيضًا: وكذا أخرجها النسائي مفردة [«الكبرى»: (٩٠٧٦)] من رواية يونس، وقال: يونس أثبت في الزهري من غيره، وجزم موسى بن هارون وغيره بدراجها، ورويناه في «فوائد ابن أبي ميسرة» من طريق عبد الوهاب بن رفيع، عن ابن شهاب، فساقه بسنده مقتصرًا على الزيادة وهو وهم شديد. انتهى. أبو الأسود: هو النضر بن عبد الجبار، وابن الهادي: هو عبد الله بن أسامة.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٧٢٧٥) من طريق الليث بن سعد، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٧٥) من طريق ابن أبي حازم، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الوهاب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
وانظر بسط الكلام على الحديث وتخريجه في «المسند» برقم (٢٧٢٧٢) و(٢٧٢٧٥).
وانظر تعليقنا على حديث أسماه بنت يزيد عند الترمذي برقم (٢٠٥١) - فحديثها من أحاديث الباب- وقد فصلّنا القول في حديث أم كلثوم فيه.
وانظر «شرح مشكل الآثار» (٢٩١٨) وما بعده. =

٥٨ - باب ضَربِ الدُّفِّ في العُرسِ والعيد (١)
٤٩٢٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ، عن خالد بن ذَكوانَ
عن الرّبَيِّع بنتِ مُعَوِّذ بن عَفْراءَ، قالت: جاءَ رسولُ الله ﷺ فدَخَلَ عليٍّ صَبِيحةَ بُنِيَ بي، فجَلَس على فِرَاشي كمَجْلِسِكَ مني، فجَعَلت جُوَيرِيَاتٌ يَضرِبْنَ بدُفٍّ لهنّ، ويَنْدُبْنَ من قُتِلَ من آبائي يومَ بدرٍ، إلى أن قالت إحداهن: وَفينا نبيٌّ يعلمُ ما في الغَدِ.
فقال: «دَعِي هذه، وقولي الذي كنت تقولين» (٢).


= قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٣ - ١٢٤ في شرح هذا الحديث: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلبا للسلامة ودفعا للضرر عن نفسه، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح.
والكذب في الإصلاح بين اثنين، هو أن ينمي، من أحدهما إلى صاحبه خيرًا أو يبلغه جميلًا، وإن لم يكن سمعه منه، ولا كان أذن له فيه، يُريد بذلك الإصلاح.
والكذب في الحرب: هو أن يظهر من نفسه قوة، ويتحدث بما يشحذ به بصيرة أصحابه، ويقوي مُنتهم ويكيد به عدؤهم في نحو ذلك من الأمور.
وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: «الحرب خدعة» وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه كثيرًا ما يقول في حروبه صدق الله ورسوله، فيتوهم أصحابُه أنه يُحدث عن رسول الله ﷺ وكان يقول: إنما أنا رجل محارب.
فأما كذبُ الرجل زوجتَه، فهو أن يَعِدَها ويُمنيَها ويُظهِرَ لها مِن المحبة أكثر مما في نفسه، يستديمُ بذلك محبتَها، ويستصلحُ به خُلقَها.
(١) المثبت من (هـ)، وهو الموافق لحديثي الباب، وفي (١) و(ب) و(ج): بابٌ في النهي عن الغِناء.
(٢) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مُسَرْهَد، وبشر: هو ابن المفضل.
وأخرجه البخاري (٥١٤٧) عن مسدد، بهذا الإسناد. =

٤٩٢٣ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا مَعمرٌ، عن ثابتٍ
عن أنسِ، قال: لَمَّا قَدِمَ رسولُ الله ﷺ المدينةَ لَعِبتِ الحبشة لقُدومه فَرَحًا بذلك، لَعِبُوا بجرَابِهم (١).


= وأخرجه البخاري (٤٠٠١)، والترمذي (١١١٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٥٣٨) من طرق عن بشر بن المفضل، به.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٩٧) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الحسين خالد بن ذكوان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٢١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٧٨).
وقوله: «بُني بي»، البناء: الدخول بالزوجة. وأصله: أن الرجل إذا تزوج امرأة بني عليها قبة، ليدخل بها فيها. فيقال: بني الرجل على أهله.
والدف: بضم الدال وفتحها، وهو الذي يلعب به الناسُ. والمراد: إعلان النكاح.
والندب: أن تذكر النائحةُ الميت بأحسنِ أفعاله وأوصافه. والاسم: الندب - بضم النون. وقوله: «دعي هذه» أي: اتركي ما يتعلق بمدحي الذي فيه الاطراء المنهي عنه، زاد في رواية حماد بن سلمة في رواية ابن ماجه: لا يعلم ما في غد إلا الله، فأشار إلى عِلة المنع.
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ٢٠٣: وإنما أنكر عليها ما ذكر من الإطراء حيث أطلق علم الغيب له وهو صفة تختص بالله تعالى، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥] وقوله لنبيه: ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ [الاعراف: ١٨٨] وسائر ما كان النبي-ﷺ يخبر به من الغيوب بإعلام الله تعالى إياه، لا أنه يستقِلُّ بعلم ذلك كما قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧].
(١) إسناده صحيح.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (١٩٧٢٣)، ومن طريقه أخرجه أحمد في «مسنده» (١٢٦٤٩)، وعبد بن حميد (١٢٣٩)، وأبو يعلى في «مسنده» (٣٤٥٩)، والبيهقي في «السنن» ٧/ ٩٢، والبغوي في «شرح السنة» (٣٧٦٨)، والضياء في «المختارة» (١٧٨٠) و(١٧٨١) و(١٧٨٢). =

٥٩ - باب كراهية الغناء والزَّمْر
٤٩٢٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عُبيد الله الغُدَانيُّ، حدَّثنا الوليدُ بن مسلم، حدَّثنا سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى
عن نافع، قال: سمع ابن عُمرَ مِزْمارًا، قال: فوَضَع إصْبَعيه على أُذُنَيْه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافعُ هَلْ تَسمعُ شيئًا؟ قال: فقلت: لا، قال: فرَفعَ إصبَعيْه من أُذُنَيه، وقال: كنتُ مع النبي ﷺ فسَمِعَ مثلَ هذا، فصنع مثل هذا (١).


= وأخرج أحمد في «مسنده» (١٢٥٤٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٨٧٠) من حديث أنس قال: كانت الحبشة يَزْفِنُون بين يَدَي رسولِ الله ﷺ ويَرْقُصونَ، ويقولون: محمدٌ عبدٌ صالحٌ. فقال رسول الله ﷺ: «ما يقولون»؟ قالوا؟ يقولون: محمدٌ عبدٌ صالحٌ.
وإسناده صحيح.
وقوله: يزفنون معناه يرقصون، قال النووي: وحمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الرقص؛ لأن معظم الروايات إنما فيها لعبهم بحرابهم فتاول هذه اللفظة على موافقة سائر الروايات.
(١) حديث حسن. الوليد بن مسلم، وإن كان يدلس تدليس التسوية إلا أنه قد توبع. وسليمان بن موسى: فقيه صدوق حسن الحديث، وقد تابعه المطعم بن المقدام وميمون بن مهران عند المصنف.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٢٢ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١٤/ ٦٣، وأحمد في: «مسنده» (٤٥٣٥) و(٤٩٦٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٦٩٣) من طرق عن الوليد بن مسلم، به.
وأخرجه أحمد (٤٩٦٥)، وابن أي الدنيا في «الورع» (٧٩)، والطبراني في «الشاميين» (٣٢٢) من طرق عن سعيد بن عبد العزيز، به.
وانظر لاحقيه.
وقد بسطنا القول على الحديث في «المسند» عند الحديث رقم (٤٥٣٥)، فانظر تمام الكلام علبه فيه. =

قال أبو علي اللؤلؤىُّ: سمعتٌ أبا داود يقول: هذا حديث منكر (١).
٤٩٢٥ - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا أبي، قال: أخبرنا مُطعِمُ بن المقدام، قال:
حدَّثنا نافِعٌ، قال: كنتُ رِدْفَ ابن عُمر إذ مرَّ براعٍ يَزمُرُ، فذكر نحوه (٢).
قال أبو داود: أُدخِلَ بينَ مُطعمٍ ونافع سليمانُ بنُ موسى (٣).


=قال الخطابي في«معالم السنن» ٤/ ١٢٤: المزمار الذي سمعه ابن عمر رضي الله عنه هو صفارة الرعاة (وفي «النهاية» وهي القصبة التي يزمر بها)، وقد جاء ذلك مذكورًا في هذا الحديث من غير هذه الرواية، وهذا لأن كان مكروهًا فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غِلَظ الحرمةِ كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون، ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكير مبلغ الشرع والتنكيل والله أعلم.
(١) قال صاحب «عون المعبود» ١٣/ ١٨٢: هكذا قاله أبو داود، ولا يُعْلَم وجه النكارة، فإن هذا الحديث رواته كلهم ثقات، وليس بمخالف لمن هو أوثق منه.
(٢) حديث حسن. والد محمود: هو خالد بن يزيد السلمي: صدوق حسن الحديث. وأخرجه البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٢٢ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «الشاميين» (٩١١)، وفي «الصغير» (١١) من طرق عن محمود بن خالد، به.
وانظر ما قبله وما بعده.
(٣) قلنا: يعني في غير الكتب الستة، فلم يذكر صاحب «تهذيب الكمال» رواية المطعم عن سليمان في الكتب الستة.
تنبيه: هذا الحديث والحديثان اللذان بعده أثبتناهم من (هـ)، وذكر المزي في «الأطراف» (٨٤٤٨) و(٨٥١٠) و(٩٣١٥) أن الحديثين الأول والثاني في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي سعيد بن الأعرابي وأبي بكر بن داسه، وقال في الثالث: لم يذكره أبو القاسم وهو في رواية أبي الحسن بن العبد وغيره.

٤٩٢٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ جعفر الرَّقِّىّ، قال: حدَّثني أبو المَليح، عن ميمونٍ، عن نافعِ، قال:
كنا مع ابن عمر، فسَمعَ صوتَ مزمارِ رَاعٍ، فذكرَ نحوَه (١).
قال أبو داود: هذا أنكَرُها.
٤٩٢٧ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، قال: حَدَّثنا سلامُ بنُ مسكينِ، عن شيخٍ شَهِدَ أبا وائلٍ في وليمةٍ، فجعلوا يُغنُّونَ، فحلَّ أبو وائلٍ حُبْوَته، وقال:
سمعتُ عبدَ الله يقول: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إنَّ الغِناءَ يُنبِتُ النِّفاقَ في القَلْب» (٢).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد قوي. أبو المليح: هو الحسن بن عمر -ويقال: عمرو- بن يحيى، وأبو الملح لقب، وميمون: هو ابن مهران.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٢٢ من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة الشيخ الراوي عن أبي وائل، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٢٣ من طريق حرمي بن عمارة، عن سلام، بهذا الإسناد. وفيه زيادة: «كما ينبت الماء البقل».
وأخرجه موقوفًا المروزي في كتاب «تعظيم قدر الصلاة» (٦٨٠)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٢٣، وفي «الشعب» (٤٧٤٤) و(٤٧٤٥) من طريق حماد، عن إبراهيم ابن يزيد النخعي، عن ابن مسعود، ورجاله ثقات، وثبت عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله: فهو عن غير واحد عن عبد الله. انظر المزي «تهذيب الكمال» ٢/ ٢٣٩. وقال البيهقي في «الشعب»: وقد روي هذا مسندًا بإسناد غير قوي.
وقال ابن رجب في «شرح العلل» ١/ ٢٩٤، ٢٩٥: وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة. =

٦٠ - باب الحكم في المُخنَّثين
٤٩٢٨ - حدَّثنا هارون بن عبد الله ومحمدُ بنُ العلاء، أن أبا أسامة أخبرَهُم، عن مُفَضَّل بن يونسَ، عن الأوزاعيِّ، عن أبي يَسارٍ القُرشيِّ، عن أبي هاشم
عن أبي هريرة: أنَ النبي-ﷺ أُتِيَ بمُخَنَّث قد خَضَبَ يَدَيهِ ورجلَيه بالحِنَّاء، فقال رسولُ الله ﷺ:»ما بالُ هذا؟ «فقيل: يا رسول الله ﷺ،


= وقد صحيح الموقوف على ابن مسعود ابن القيم في»إغاثة اللهفان«١/ ٢٤٨.
وأخرجه البيهقي في»السنن«١٠/ ٢٢٣ من طريق سعيد بن كعب المرادي، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود. وفيه زيادة. ومحمد بن عبد الرحمن لم يدرك ابن مسعود.
وأخرجه عبد الرزاق في»مصنفه«(١٩٧٣٧) من قول إبراهيم النخعي. ورجاله ثقات.
وله شاهد مرفوع من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه البيهقي في»الشعب«(٤٧٤٦). وإسناده ضعيف جدًا.
وأخرجه المروزي في»تعظيم قدر الصلاة«من قول الشعبي برقم (٦٩١) بلفظ: إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع، لأن الذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع. وفي سنده عبد الله بن دكين وهو ضعيف.
قال ابن القيم في»إغاثة اللهفان«١/ ٢٤٨: فإن قيل: فما وجه إنباته للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي؟ قيل: هذا من أدلَّ شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها، ومعر فتهم بأدويتها وأدوائها، وأنهم هم أطباء القلوب، دون المنحرفين عن طريقتهم، الذين داووا أمراض القلوب بأعظم أدوائها. فكانوا كالمداوي من السَّقم بالسُّمِّ القاتل، انتهى.
وقوله: فحل أبو وائل حبوته: قال في»القاموس": احتبى بالثوب: اشتمل أو جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها، والاسم الحَبوة ويضم.

يتشبه بالنِّساء، فأمر به، فنُفِيَ إلى النَّقيع، فقيل: يا رسولَ الله ﷺ، ألا نقتُلُه؟ قال: «إني نُهيتُ عن قتلِ المُصلِّين» (١).


(١) إسناده ضعيف لجهاله أبي يسارٍ وأبي هاشم -وهو الدوسي-، واستنكر متنه الحافظ المنذري في «الترغيب» ٣/ ١٠٦ وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة بن زيد، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ٨/ ٢٢٤، والبيهقي في «الشعب» (٢٧٩٨) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (٦١٢٦) عن أبي غريب محمَّد بن العلاء وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٩٦٣) عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي أسامة، به. ورواه محمَّد بن نصر المروزي في«تعظيم قدر الصلاة» (٩٦٤)، والطبراني في «الأوسط» (٥٠٥٨) من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد لا يفرح فيه، فيه كذاب ومتروك. وقوله: «إنى نهيت عن قتل المصلين»، ورد من حديث أبي بكر عند البزار في «مسنده» (٣٩)، وأبي يعلى في «مسنده» (٩٠)، وعند محمَّد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٩٦٩). وفي سنده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
وهو مرسلٌ عن ضمرة بن حبيب، أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (٢٦٦٢).
وهو حسن.
وأخرج أحمد في «مسنده» (٢٢١٥٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٦٣) من حديث أبي أمامة، وفيه: «فإني قد نهيت عن ضرب أهل الصلاة». وإسناده حسن في المتابعات والشواهد. وانظر تمام تخريجه في «المسند».
وفي الباب حديث عبيد الله بن عدي الأنصاري، أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٣٦٧٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٩٧١)، والذي فيه استئذان النبي ﷺ في قتل رجل من المنافقين، وفيه: «قال: أليس يصلي؟» قال: بلى يا رسول الله ﷺ، ولا صلاة له. فقال رسول الله ﷺ: «أولئك الذين نهاني الله عنهم». وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه فيهما. =

قال أبو أسامة: والنَّقيع: ناحية عن المدينة، وليس بالبقيع.
٤٩٢٩ - حدَّثنا أبو بَكر بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن هشامٍ -يعي ابن عُروة-، عن أبيه، عن زينبَ بنت أمِّ سلمة
عن أمِّ سلمة: أن النبيَّ- ﷺ دَخَلَ عليها وعندَها مُخنَّثٌ، وهو يقول لعبدِ الله أخيها: إنْ يفتَحِ الله الطائفَ غدًا دللتُكَ على امرأة تُقبِلُ بأربعٍ وتُدبِرُ بثمانٍ، فقال النبيُّ ﷺ: «أخرجوهُم مِن بيوتكم» (١).


= وأخرج الطحاوي فى «شرح مشكل الآثار» (٤٧٣) من حديث عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أن رسول الله ﷺ ... وفيه: «وإني نهيت عن المصلين» وهو مرسل. وعمر بن أبي سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قال البخاري: صدوق إلا أنه يخالف في بعض حديثه، وقال ابن عدي: حسن الحديث، لا بأس به.
(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.
وأخرجه مسلم (٢١٨٠)، وابن ماجه (١٩٠٢) و(٢٦١٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢١٨٠) من طريق أبي غريب وجرير، كلاهما عن وكيع، به.
وأخرجه البخاري (٤٣٢٤) وبإثره و(٥٢٣٥) و(٥٨٨٧)، ومسلم (٢١٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٠١) و(٩٢٠٥) من طرق عن هشام بن عروة، به.
وأخرجه النسائي (٩٢٠٤) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة: أن رسول الله ﷺ دخل بيت أم سلمة وعندها مخنث ...
ثم ذكره بنحوه. وقال: وحديث حماد بن سلمة خطأ.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٩٠).
وقوله: «مخنث»: بكسر النون وفتحها من يشُبه خلقه النساء في حركلاته وسكناته وكلامه وغير ذلك، فإن كان من أصل الخِلفة لم يكن عليه لوم، وعليه أن يتكلَّفَ إزالةَ ذلك، وإن كان بقصد منه وتكلف له، فهو المذموم، ويُطلق عليه اسم مخنث سواء فعل الفاحشة أو لم يفعل. =

قال أبو داود: المرأةُ كان لها أربعُ عُكَنٍ في بَطنِها.
٤٩٣٠ - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، عن يحيى، عن عِكرمَة
عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ ﷺ لَعَنَ المُخنَّثين من الرِّجال، والمترجِّلات من النِّساء، وقال: «أخرِجوهُم مِن بيوتكم، وأخرجوا فلانًا وفلانًا» يعني: المُخنَّثِينَ (١).

٦١ - باب اللعبِ بالبَنات
٤٩٣١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمّادٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: كنتُ ألعبُ بالبنات، فربَّما دَخَلَ عليٍّ رسولُ الله ﷺ وعندي الجواري، فإذا دَخَلَ خَرجْنَ، وإذا خَرَجَ دَخَلْنَ (٢).


= قال الحافظ: ويُستفاد منه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وفيه تعزير من يتشبه بالنساء بالإخراج من البيوت والنفى إذا تعين ذلك طريقًا لردعه، وظاهر الأمر وجوب ذلك، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء من قاصد مختار حرام اتفاقًا.
(١) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، ويحيى: هو ابن أبي كثير.
وأخرجه البخاري (٦٨٣٤) عن مسلم بن إبراهيم، بهذا ألاسناد.
وأخرجه النسائي فى «الكبرى» (٩٢٠٧) و(٩٢١٠) من طرق عن هشام، به.
وأخرجه الترمذي (٢٩٩٢) من طريق معمر، عن يحيى، به. ولفظه دون قوله: «أخرجوهم من بيوتكم ...» إلخ.
وأخرجه الترمذي (٢٩٩٢) من طريق أيوب، عن عكرمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٥٠).
وقد سلف عند المصنف برقم (٤٠٩٧) بلفظ: أنه (يعني النبي-ﷺ) لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. واسناده صحيح. وانظر تخريجه هناك.
(٢) وإسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد. =

٤٩٣٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ عوف، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي مريمَ، أخبرنا يحيى ابن أيوب، قال: حدَّثني عُمارةُ بن غَزيَّة، أن محمدَ بن إبراهيم حدَّثه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عائشة قالت: قَدِمَ رسولُ الله ﷺ من غزوة تَبوكٍ، أو خيبرَ، وفي سَهْوتها سِتْرٌ، فهبَّت ريحٌ فكَشَفَتْ ناحية السَّتر عن بناتٍ لعائشة لُعبٍ، فقال: «ما هذا يا عائشة؟» قالت: بناتي، ورأى بينهنَّ فرسًا لها جناحانِ من رِقاع، فقال: «ما هذا الذي أرَى وَسْطَهُنَّ؟» قالت: فرسٌ، قال: «وما هذا الذي عليه؟» قالت: جناحَان: قال: «فرسٌ له جَناحَان؟!» قالت: أما سمعَت أن لسليمان خَيلًا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجِذَه (١).


= وأخرجه بنحوه البخاري (٦١٣٠)، ومسلم (٢٤٤٠)، وابن ماجه (١٩٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٩٧) و(٨٨٩٨) و(٨٨٩٩) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٠٠) من طريق يزيد بن هارون، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات على عهد رسول الله ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٦٣) و(٥٨٦٤) و(٥٨٦٦).
وانظر ما سيأتي بعده.
وقد استدل بهذا الحديث كما في «الفتح» ١٠/ ٥٢٧ على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض، ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب -وهو الغافقي- صدوق، وباقي رجاله ثقات. وسعيد بن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن أبي مريم، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. =

٦٢ - باب في الأُرْجُوحَةِ
٤٩٣٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ.
وحدَّثنا بشرُ بنُ خالد، حدَّثنا أبو أسامة، قالا: حدَّثنا هشامُ بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: إن رسولَ الله ﷺ تزوَّجَني وأنا بنتُ سَبْعِ أو ستٍّ، فلما قدِمنَا المدينةَ أتينَ نسوةٌ -وقال بشر: فأتتني أمُّ رومان- وأنا على أُرجُوحَة، فذَهبْنَ بي، وهيَّأنني، وصنَعْنني، فأتي بي رسولُ الله ﷺ، فبَنَى بي وأنا ابنةُ تسعِ، فوَقَفَت بي على الباب، فقلتُ: هِيْه هيه،
- قال أبو داود: أي: تَنَفسْتُ- فأدخلنَني بيتًا، فإذا فيه نسوةٌ مِن الأنصار، فقلن: على الخير والبركة (١). دَخلَ حديثُ أحدهما في الآخر.


= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٠١) عن أحمد بن سعْد بن الحكم عن عمه سعيد بن الحكم بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٨٦٤).
وانظر ما قبله.
قال الخطابي: السهوة عن الأصمعي، كالصفة تكون بين يدي البيت، وقال غيره: السهوة: شبيهة بالرف والطاق يوضع فيه الشيء.
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وقد سلف عند المصنف مختصرًا برقم (٢١٢١). وانظر تمام تخريجه هناك.
وانظر الأحاديث الآتية بعده.
والأرجوحة: قال النووي: هي بضم الهمزة: هي خشبة يلعب عليها الصبيان والجواري الصغار يكون وسطها على مكان مرتفع، ويجلسون على طرفيها، ويحركونها، فيرتفع جانب منها وينزل جانب.
ومن هامش المنذري: الأرجوحة: خشبة يوضع وسطُها على مكان مرتفع من تراب أو رمل أو غيره، وطرفاها على فراغ، ويجلس كلامان على طرفيها، ويتحركان بها، فترتفع جهة وتنزل أخرى ويميل أحدهما بالآخر. =

٤٩٣٤ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا أبو أسامة، مثله، قال:
على خيرِ طائرٍ، فسلَّمتني إليهنَّ، فغسَلْن رأسِي وأصلحنَني، فلم يَرُعْني إلا رسولُ الله ﷺ ضُحَى، فاسلمنَني إليه (١).
٤٩٣٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا هشامُ بن عُروة، عن عُروة
عن عائشة، قالت: فلما قَدِمْنا المدينةَ جاءني نسوةٌ، وأنا ألعبُ على أُرجُوحَةِ، وأنا مُجمَّمةٌ، فذهبنَ بي، فهيأنني وصَنَعنَني، ثم أتين بي رسولَ الله ﷺ، فبَنَى بي، وأنا ابنةُ تسعِ سنين (٢).
٤٩٣٦ - حدَّثنا بِشرُ بن خالد، أخبرنا أبو أسامة، حدَّثنا هشامُ بن عُروة، بإسناده، في هذا الحديث، قالت:


= وتكون أيضًا حبلًا يشد طرفاه في موضع عال، ثم يركبه اللاعب، ويتحرك فيه، سمي بذلك لتحركه ومجيئه وذهابه. وقولها: فقلت: هيه هيه، وفي رواية مسلم: هه هه حتى ذهب نَفَسي. قال النووي: هو بفتح الهاه هذه الكلمة يقولها المبهور حتى يتراجع إلى حال سكونه، وهي باسكان الهاء الثانية، فهي هاه السكت. ولفظ ابن حبان:
فقلت: هَهْ هَهْ شبه المنبهرة. ولفظ البخاري: وإني لأنهِجُ (أي: أتنفس نفسًا عاليًا) حتى سكن بعضُ نفسي.
(١) إسناده صحيح.
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٢١٢١).
وقولهن: على خير طائر، أي: على خير حظ ونصيب، وقول عائشة: فلم يعني، قال الحافظ: هو بضم الراه وسكون العين، أي: لم يفزعني شيء إلا دخوله عليٍّ، وكنَّتْ بذلك عن المفاجاة بالدخول على غير عالم بذلك، فإنه يفزع غالبا.
(٢) إسناده صحيح.
وانظر سابقيه، وما سلف برقم (٢١٢١).
وقولها: وأنا مجممة. أي: كان لي جُمة وهي الشعر النازل إلى الأذنين ونحوهما.

وأنا على الأُرجُوحَة، ومعي صَوَاحِبَاتي، فادخلنَنِي بيتًا، فإذا نِسوةٌ مِنَ الأنصارِ، فَقُلنَ: على الخيرِ والبَرَكة (١).
٤٩٣٧ - حدَّثنا عُببد الله بن معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمَّدٌ -يعني ابن عمرو- عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال:
قالت عائشة: فقدمنا المدينةَ، فنزلنا في بني الحارث بن الخَزْرَج، قالت: فوالله إني لَعَلى أرْجُوحةٍ بين عِذقَيْنِ، فجاءَتني أُمِّي، فأنزلَتْني ولي جُمَيمَةٌ، وساق الحديث (٢).

٦٣ - باب في النهي عن اللعب بالنَّرد
٤٩٣٨ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن موسى بنُ مَيسَرةَ، عن سعيد بن أبي هندٍ
عن أبي موسى الأشعري، أن رسولَ الله ﷺ قال: «مَن لَعِبَ بالنرد فقد عَصَى الله ورسولَه» (٣).


(١) إسناده صحيح.
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٢١٢١).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة-، وباقي رجاله ثقات. وانظر ما سبقه، وما سلف برقم (٢١٢١).
وقولها: «عذقين»، قال الخطابي: تريد بالعذقين نخلتين، والعذق: بفتح العين: النخلة.
وقولها: «جميمة»: تصغير الجُمة بالضم: وهي مجتمع شعر الناصية، ويقال للشعر إذا سقط من المنكبين: جُمة، وإذا كان إلى شحمة الأذنين: وفرة.
(٣) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا موسى الأشعري فيما قاله أبو حاتم في «المراسيل» ص ٦٧، وقد اختلف فيه على سعيد بن أبي هند، وقد بينا ذلك في تعليقنا على الحديث رقم (١٩٥٠١) في «مسند الإمام أحمد». =

٤٩٣٩ - حدَّثنا مُسدَّدة حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن علقمةَ بن مَرثدٍ، عن سليمانَ بن بُريدة
عن أبيه، عن النبي ﷺ قال: «مَن لَعِبَ بالنَّردَ شِيرِ فكأنَّما غَمَس يَدَه في لحمِ خنزيرِ ودَمِه» (١).

٦٤ - باب في اللعب بالحمام
٤٩٤٠ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة


= وهو في «الموطأ» ٢/ ٩٥٨.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٦٢) من طريق نافع، عن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٠١) و(١٩٥٢١) و(١٩٦٤٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٧٢).
ويشهد له حديث بريدة الآتي بعده.
والنرد: لعبة وضعها ملوك الفرس، قال في «المعجم الوسيط»: لعبة ذات صندوق وحجارة وفصَّين تعتمد على الحظ، وتقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفَصُّ (الزهر)، وتعرف عند العامة (بالطاولة).
قال النووي: والحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد، وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام، وهو مروي عن جماعة من التابعين.
وانظر في فقه هذا الحديثا التمهيد، ١٣/ ١٧٥ - ١٨٨ لابن عبد البر.
(١) إسناده صحيح. ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (٢٦٦٠)، وابن ماجه (٣٧٦٣) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٧٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٧٣).
وانظر حديث أبى موسى الأشعري السالف قبله.
والنَّرد شِير: قال النووي: النرد شير: هو النرد فالنّرد: عجمي معرَّب. وشير: معناه حلو.

عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ رأى رجلًا يَتبَعُ حمامةً، فقال: «شيطان يَتبَعُ شيطانةً» (١).

٦٥ - باب في الرَّحمة
٤٩٤١ - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ ومُسدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرِو، عن أبي قابُوسَ مولَى لعبد الله بن عَمرو


(١) إسناده حسن، محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص- صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٦٥) من طريق الأسود بن عامر، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٦٤) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة. فذكره. وشريك سيئ الحفظ، فقد جعله من حديث عائشة وهو خطأ منه. والصواب ما خالفه فيه حماد بن سلمة -وهو ثقة- كما هو عند المصنف هنا فقد رواه من حديث أبي هريرة وهو المحفوظ من هذا الطريق.
وهو في «مسند أحمد» (٨٥٤٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٧٤).
وفي الباب عن عثمان بن عفان، أخرجه ابن ماجه برقم (٣٧٦٦) بإسناده ضعيف.
وعن أنس كذلك عند ابن ماجه (٣٧٦٧) وإسناده ضعيف.
قال أبو حاتم (ابن حبان): اللاعب بالحمام لا يتعدى لَعبُهُ مِن أن يتعقبَه بما يكره اللهُ جل وعلا، والمرتكِبُ لما يكره الله عاصٍ، والعاصي يجوز أن يقالَ له: شيطان، وإن كان مِن أولاد آدم، قال الله تعالى: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢] فسمَّى العصاة منهما شياطين، وإطلاقه ﷺ اسم الشيطان على الحمامة للمجاورة، ولأن الفعل من العاصي بلعبها تعدَّاه إليها.
وقال السندي في «حاشيته على المسند»:«شيطان»: أي: هو شيطان لاشتغاله بما لا يعنيه، يقفو أثر شيطانة أورثته الغفلة عن ذكر الله تعالى.

عن عبدِ الله بن عمرو، يبلُغ به النبيَّ- ﷺ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهمُ الرَّحمنُ، ارحَمُوا أهلَ الأرضِ يَرْحْمْكُم مَن في السّماء» (١).
لم يَقُلْ مُسدِّدٌ: مولى عبد الله بن عمرو، وقال: قال النبيَّ- ﷺ.
٤٩٤٢ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ، حدَّثنا شعبة.
وحدَّثنا ابنُ كثير، أخبرنا شعبةُ، قال: كَتَبَ إليّ منصورٌ، -قال ابنُ كثير في حديثه: وقرأتُه عليه، وقلت: أقول: حَدَّثني منصورٌ؟ فقال: إذا قرأتَه َعَلَىَّ فقد حَدَّثتُك به. ثم اتَّفقا- عن أبي عثمانَ مولى المغيرة بن شُعبة
عن أبي هريرة، قال: سمعتُ أبا القاسم ﷺ الصَّادِقَ المصدوقَ صاحِبَ هذه الحُجْرَةِ، يقول: «لا تُنْزَعُ الرَّحمَةُ إلا من شَقِيٍّ» (٢).


(١) حديث صحيح لغيره، أبو قابوس مولى عبد الله بن عمرو ذكره ابن حبان في «الثقات»، وصحح حديثه الترمذي، والحاكم ٤/ ١٥٩، وباتي رجاله ثقات. وسفيان:
هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار.
وأخرجه الترمذي بزيادة في آخره (٢٠٣٧) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، بهذا الاسناد.
وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه البخاري (٥٩٩٧)، وهو في «مسند أحمد» (٧١٢١) بلفظ «من لا يرحم لا يُرحم».
ومن حديث أبى سعيد البخاري (٦٠١٣) و(٧٣٧٦)، ومسلم (٢٣١٩)، وهو في «مسند أحمد» (١٩١٦٤) بلفظ«من لا يرحم لا يُرحم».
ومن حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد في «مسنده» (١١٣٦٢) بلفظ «إن من لا يرحم الناس لا يرحمه الله» وأخرجه أحمد (٦٥٤١) و(٧٠٤١) من حديث عبد الله ابن عمرو وفيه:«ارحموا تُرْحموا، واغفروا يَغفِرِ اللهُ لكم ...». وإسناده حسن.
(٢) إسناده حسن. أبو عثمان مولى المغيرة بن شعبة -وهو التبان- اسمه: سعيد، وقيل: عمران، روى عنه جمع، وحسن له الترمذي حديثه هذا، وذكر الحافظ ابن حجر =

٤٩٤٣ - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ وابن السرح، قالا: حدَّثنا سُفيانُ، عن ابن أبى نَجيحٍ، عن ابنِ عامرٍ
عن عبدِ الله بن عمرو يرويه -قال ابنُ السرح: عن النبيِّ- ﷺ قال:- «مَن لم يرحَمْ صَغيرَنا، ويَعرِفْ حقَّ كبيرِنا، فليسَ منَّا» (١).


= في «التهذيب» أن ابن حبان ذكره في «الثقات»، لكننا لم نجده في المطبوع منه. والله أعلم. وباقي رجاله ثقات. ابن كثير: هو محمَّد، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه الترمذي (٢٠٣٦) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٠١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٦٢) و(٤٦٦). وانظر تمام تخريجه في «المسند».
(١) إسناده صحيح. وابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله، وابن عامر: هو عبيد الله في قول البخاري ومن تابعه، وصوبه المزي في «تهذيب الكمال»، وهو ثقة، وثقه ابن معين كما في «تاريخ عثمان ابن سعيد الدارمي» برقم (٤٦٩).
وأخرجه البيهقى في «الشعب» (١٠٩٧٦) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في «الشعب» (١٠٩٧٦)، وفي «الآداب» (٤١) من طريق المصنف، عن أبي بكر بن أبي شيبة وحده، به.
وأخرجه البيهقى في «الآداب» (٤٢) من طريق المصنف، عن ابن السرح، به.
وأخرجه الحميدي (٥٨٦)، وابن أبي شيبة ٨/ ٥٢٧، والبخارى في «الأدب المفرد» (٣٥٤)، وبإثره، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٦٢، والبيهقي في «الشعب» (١٠٩٧٧) من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وغلط الحاكم في تسمية ابن عامر -وهو عبيد الله كما أسلفنا- فسماه عبد الله بن عامر فظنة اليحصبي. وقد نبه عليه البيهقي في روايته.
وهو في «مسند أحمد» (٧٠٧٣).
وله طريق آخر يقويه عند الترمذي (٢٠٣٢) من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو. وهو في «مسند أحمد» (٦٧٣٣) و(٦٩٣٥).
وقد ذكرنا أحاديث الباب في «المسند» عند الحديث رقم (٦٧٣٣). فانظرها هناك.

قال أبو داود: هو عبد الرحمن بن عامر (١).

٦٦ - باب في النصيحة
٤٩٤٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد
عن تميم الدَّارىِّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إن الدِّينَ النَّصيحةُ، إن الدينَ النَّصيحة، إنَّ الدِّين النصيحة»، قالوا: لِمَنْ يا رسولَ الله ﷺ؟ قال:«لله وكتابِه ورسوله وأئمةِ المؤمنينَ وعامَّتهم، أو أئمة المسلمينَ وعامَّتهم» (٢).


(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار المزي في «التحفة» (٨٨٨٠) إلى أنها في رواية ابن العبد، والصواب: أنه عُبيدُ الله بن عامر كما سلف.
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه مسلم (٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٧٠٠) من طريق سفيان، ومسلم (٥٥) من طريق روح، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٧٠٠) من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد، عن تميم. فذكره.
وعلقه البخاري في «صحيحه»، بإثر الحديث (٥٦) باب قول النبي-ﷺ:«الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». قال الحافظ في «الفتح» ١/ ١٣٧: هذا الحديث أورده المصنف هنا ترجمة باب، ولم يخرجه مسندًا في هذا الكتاب، لكلونه على غير شرطه، ونبّه بإيراده على صلاحيته في الجملة.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٩٤٠) و(١٦٩٤٦)، و«صحيح ابن حبان»، (٤٥٧٤) و(٤٥٧٥)، و«مشكل الآثار» للطحاوي (١٤٤٢) و(١٤٤٣).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٥ - ١٢٦: النصيحة كلمة يُعبر بها عن جمله هِيَ إرادة الخير للمنصوح له، وليس يُمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمةٍ واحدة تحصرها، وتجمعُ معناها غيرها. وأصلُ النصح في اللغة: الخلوص، يفال: نصحتُ العسلَ، إذا خلصته من السمع. =

٤٩٤٥ - حدَّثنا عمرُو بن عَونٍ، أخبرنا خالدٌ، عن يونسَ، عن عَمرو بن سعيد، عن أبي زُرعَةَ بن عمرو بن جرير
عن جَرير، قال: بايعتُ رسولَ الله ﷺ على السَّمْع والطَاعة، وأن أنْصَحَ لكُلِّ مُسلمٍ. قال: وكانَ إذا باعَ الشيءَ أو اشتَراه قال: «أمَا إنَّ الذي أخَذنا منكَ أحبُّ إلينا مما أعطيناكَ فاخْتَر» (١).

٦٧ - باب في المعونة للمسلم
٤٩٤٦ - حدَّثنا أبو بَكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ -المعنى- قالا: حَدَّثنا أبو معاويةَ -قال عثمان: وجَريرٌ الرَّازي-.
وحدَّثنا واصلُ بن عبد الأعلى، حدَّثنا أسباط، عن الأعمش، عن أبي صالح،- وقال واصلٌ: قال: حُدِّثتُ عن أبي صالح، ثم اتفقوا-


= فمعنى نصيحةِ الله سبحانه: صحةُ الاعتقاد في وحدانيته واخلاصُ النية في عبادته. والنصيحةُ لكتاب الله: الإيمانُ به والعملُ بما فيه. والنصيحةُ لِرسوله: التصديقُ بنبوته، وبذلُ الطاعةِ له فيما أمر به ونهى عنه. والنصيحةُ لأئمة المؤمنين: أن يُطيعهم في الحق، وأن لا يرى الخروجَ عليهم بالسيفِ إذا جاروا، والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادُهم إلى مصالحهم.
(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الطحان، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار. وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٧٣٠) من طريق ابنِ عُلية، عن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٧) و(٥٨) و(٥٢٤) و(١٤٠١) و(٢١٥٧) و(٢٧١٤) و(٢٧١٥) و(٧٢٠٤)، ومسلم (٥٦) (٩٧) و(٩٨) و(٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٧٧٢٩) و(٧٧٤٩) و(٧٧٥٠) و(٧٧٥١) و(٧٧٥٢) و(٧٧٦٤) و(٨٦٧٨) من طرق عن جرير بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٩١) و(١٩١٩٥) و(١٩١٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٤٦).

عن أبي هريرة عن النبيِّ- ﷺ، قال: «مَن نَفَّسَ عن مسلم كُرْبةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، نَفسَ الله عنه كُرْبةً من كرب يوم القيامة، ومَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخِرَة، ومَن سَتَر على مسلمٍ، سَتَرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة، واللهُ في عَونِ العبد ما كان العبدُ في عَونِ أخيه» (١).


(١) إسناده صحيح. الأعمش: وهو سليمان بن مهران قد صرح بالتحديث في بعض طرق الحديث وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، وجرير الرازي: هو جرير بن عبد الحميد، وأسباط: هو ابن محمَّد القرشي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه ابن ماجه (٢٢٥) و(٢٤١٧) و(٢٥٤٤) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمَّد بن خازم وحده، بهذا الإسناد. وروايته الأولى مطولة والأخريين مختصرة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٢٥) عن علي بن محمَّد، عن أبي معاوية محمَّد بن خازم، به.
وأخرجه الترمذى (١٤٨٨) و(٢٠٤٣) من طريق عبيد بن أسباط، والنسائي في «الكبرى» (٧٢٥٠) عن محمَّد بن إسماعيل، كلاهما عن أسباط، به.
وأخرجه الترمذي (١٤٨٧) و(٣١٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٧٢٤٧) و(٧٢٤٨) و(٧٢٤٩) من طرق عن الأعمش، به، وفي رواية النسائي الأخيرة عن أبي هريرة وربما قال: عن أبي سعيد.
وأخرجه مسلم مختصرًا (٢٥٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٧٢٤٤) و(٧٢٤٥) و(٧٢٤٦) من طرق عن أبي صالح ذكوان، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤٢٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٤).
وقوله: نفس عن مؤمن، أي: فرج عنه، يقال: نَفَّسَ يُنَفِّسُ تنفيسًا ونفسًا كما يقال: فرَّح يُفرِّح تفريحًا وفرحًا.
والكربة بضم الكاف: الخصلة التي تكون سببا للحزن، وتجمع على كُرب مثل غرفة وغُرَفٍ.
وفي الحديث فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة وغير ذلك، ونضل الستر على المسلمين، وفضل إنظار المعسر.

قال أبو داود: لم يذكُز عثمانُ، عن أبي معاوية: «ومن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ».
٤٩٤٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي مالكٍ الأشجَعيّ، عن رِبْعي بن حِراشٍ
عن حُذَيفة، قال: قال نبيُّكُم ﷺ: «كُلُّ مَعروفٍ صَدَقَةٌ» (١).

٦٨ - باب في تغيير الأسماء
٤٩٤٨ - حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا.
وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا هُشيم، عن داود بن عَمرو، عن عبد الله بن أبي زكريا عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنّكم تُدعَوْنَ يومَ القيامَةِ باسمائِكُم وأسماءِ آبائكُم، فاحسِنُوا أسماءكم» (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق.
وأخرجه مسلم (١٠٠٥) من طريق أبي عوانة وعباد بن العوام، كلاهما عن أبي مالك الأشجعي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٥٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٣٧٨).
وجاء في هامش«مختصر المنذري»، قال ابن عرفة: المعروف: ما عرف من طاعة الله. والمنكر: ما يخرج عنها، وقيل: المعروف الإحسان إلى الناس وكل فعل مستحسَن: معروف.
وقال بعضهم: لما كان الخير له صلاحية أن يُعرفَ ويُرغَب في فعله سُمِّيَ
المعروفَ، وبالعكس منه المنكر، ومعنى الحديث -والله أعلم-: أن كل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من المعروف والخير صغيرًا كان أو كبيرًا، كائنًا ما كان، إذا قصد به وجه ربه وصدقت نيته وقع أجرُه على الله تعالى، كوقوع الصدقة؛ لأنه في كلا الفعلين مُتَحرٍّ وجهَ التقرّب.
(٢) رجاله ثقات إلا أن عبد الله بن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء كما نص عليه الحافظان ابن حجر والمنذري وغيرهما، فهو منقطع. هشيم: هو ابن بشير السلمي، وداود بن عمرو: هو الأودي. =

قال أبو داود: ابنُ أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء.
٤٩٤٩ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ زياد سَبَلان، حدَّثنا عباد بنُ عباد، عن عُبيد الله، عن نافع
عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أحَبُّ الأسماءِ إلى الله تعالى: عبدُ الله وعبدُ الرحمن» (١).


= وأخرجه عبد بن حميد في «مسنده» (٢١٣) عن عمرو بن عون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢١٦٩٣)، والدارمي في «سننه» (٢٦٩٤)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (٢٥٨٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٨١٨) وأبو نعيم في «الحلية» ٥/ ١٥٢ و٩/ ٥٨ - ٥٩، والبيهقي في «السنن» ٩/ ٣٠٦، وفي «الشعب» (٨٦٣٣)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٣٦٠) من طرق عن هشيم بن بشير، به.
وقد ثبت أن النبي ﷺ غير أسماء بعض الصحابة، انظر الأحاديث في هذا في «المسند»، عند حديث ابن عمر (٤٦٨٢). وعند حديثنا برقم (٢١٦٩٣). وسيأتي عند المصنف بعد هذا باب تغيير الاسم القبيح. وذكر فيه حديث ابن عمر وغيره.
قال ابن القيم في «مختصر سنن أبي داود» ٧/ ٢٥٠: وفي هذا الحديث ردٌ على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يدعون بأمهاتهم، لا آبائهم، وقد ترجم البخاري في «صحيحه»، لذلك بإثر الحديث رقم (٦١٧٦) فقال: باب ما يدعى الناس بآبائهم، وذكر فيه (٦١٧٧) حديث نافع عن ابن عمر عن النبي-ﷺ-قال: «الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان».
(١) إسناده صحيح. عباد بن عباد: هو ابن حبيب بن المهلب، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص.
وأخرجه مسلم (٢١٣٢) عن إبراهم بن زياد، بهذا الإسناد. وقرن مسلمٌ بعبيد الله أخاه عبد الله بن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٢٨)، والترمذي (٣٠٤٦) من طريق عبد الله بن عمر العمري، والترمذي (٣٠٤٥) من طريق عبد الله بن عثمان، كلاهما عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٧٤). وانظر تمام تخريجه وأحاديث الباب فيه. =

٤٩٥٠ - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا هشامُ بن سعيد الطَّالْقانىُّ، أخبرنا محمدُ بن المُهاجِرِ الأنصاريُّ، قال: حَدَّثني عَقِيلُ بنُ شَبيب
عن أبي وَهْب الجُشَمِىّ -وكانت له صحبة- قال: قال رسولُ الله ﷺ: «تَسَمَّوْا بأسَماءِ الأنبياء، وأحَبُّ الأسماءِ إلى الله: عَبدُ الله وعبدُ الرحمن، وأصدَقُها: حارِثٌ وهَمَّامٌ، وأقْبَحُها: حَرْبٌ ومُرَّة» (١).


= وقوله: «أحب الأسماء ...» إلخ، قال السندي في «حاشيته على المسند»: أي: لما فيها من نسبة العبد إلى مولاه بالعبودية، وإذا صادف مثل هذا الاسم مسمّاه بعثه على الاجتهاد في العبادة تصديقًا لاسمه.
وقال السندي في «حاشيته على ابن ماجه»، قوله: «عبد الله وعبد الرحمن»، أي: وأمثالهما مما فيه إضافة العبد إلى الله تعالى لما فيه من الاعتراف بالعبودية، وتعظيمه تعالى بالربوبية ... ولا شك أن وصف العبودية وتعظيمه تعالى بالربوبية يتضمن الاشعارَ بالذل في حضرته المستدعي للرحمة لصاحبه.
(١) حديث حسن دون قوله: «تسموا بأسماء الأنبياء»، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عقيل بن شبيب، فهو في عداد المجهولين. وأبو وهب الجشمي، قال أبو داود.
وأنت له صحبة، وذكره ابن السكن وغير واحد في الصحابة، وادعى بعضهم أنه الكلاعي التابعي، وقد بسطنا القول في ذلك في تعليقنا على الحديث في «المسند» (١٩٠٣٢).
وأخرجه أبو يعلى (٧١٦٩) عن هارون بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٠٣٢)، ومن طريقه أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٨١٤) وفي «التاريخ الكبير» ٩/ ٧٨، والطبراني في «الكبير»٢٢/ (٩٤٩)، والبيهقي في «السنن» ٩/ ٣٥٦، وفي«الآداب» (٤٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٣٩١)، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٤/ ١٠٢ من طريق أبي أحمد البزار عن هشام ابن سعيد، به. وعند بعضهم زيادة، ورواية النسائي وابن عبد البر ليس فيها: «وأصدقها حارث ...» إلخ.
وأخرجه الدولابي في «الكنى» (٣٤٤) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، عن محمَّد بن المهاجر، عن عقيل بن شبيب، عن أبي وهب قال: قال النبي ﷺ ... فلم ينسب أبا وهب. وفي لفظه زيادة. =

٤٩٥١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن ثابتٍ
عن أنس، قال: ذهبتُ بعبد الله بن أبي طلحةَ إلى النبي ﷺ حينَ وُلِدَ، والنبيُّ ﷺ في عَباءةٍ يَهْنَأ بعيرًا له، قال: «هل مَعَكَ تَمْرٌ؟» قلت: نعم، قال: فناولتُه تَمَراتٍ، فألقاهُن في فيه، فلاكَهُنّ، ثم فَغَرَ فَاهُ، فأوجَرَهُنَّ إيَّاه، فجَعَلَ الصبي يَتَلمَّظُ، فقالَ النبيُّ- ﷺ:«حِبَّ الأنصارِ التَّمْرَ» وسماه عبدَ الله (١).


= ويشهد لقوله: «أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» حديث ابن عمر السالف عند المصنف قبله.
ويشهد له دونَ قوله: «تسموا بأسماءِ الأنبياءِ» حديث عبد الله بن عامر اليحصبي، أن النبي-ﷺ قال: «خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن ونحو هذا، وأصدق الأسماء الحارث وهمام، حارث، لديناه ولدينه، وهمام بهما، وشر الأسماء حرب ومرة» أخرجه ابن وهب في جامعه (٥٣). وهو مرسل صحيح.
ويشهد له أيضًا مرسل عبد الوهَّاب بن بخت، أخرجه أيضًا ابن وهب في «جامعه» (٤٦). ورجاله ثقات.
قال الخطابي: إنما صار «الحارث» من أصدق الأسماء من أجل مطابقة الاسم معناه الذي اشتق منه، وذلك أن معنى الحارث الكاسب، يقال: حرث: إذا كسب، واحتراث الرجل كسبه قال الله سبحانه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ [الشورى:٢٠]، وأما همام، فهو من هممتُ بالشيء: إذا أردته، وليس من أحد إلا وهو يهم بشيء، وهو معنى الصدق الذي وصف به هذان الأسمان، وأقبحها حرب لما في الحرب من المكاره وفي مرة من البشاعة والمرارة، وكان ﷺ يحب الفأل الحسن والاسم الحسن.
(١) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه مسلم (٢١٤٤) عن عبد الأعلي بن حماد، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه وفيه قصة مسلم (٢١٤٤) (٢٣) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أنس، به. =

٦٩ - باب في تغيير الاسمِ القَبيح
٤٩٥٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ومُسدَّدٌ، قالا: حدَّثنا يحيى، عن عُبيدٍ الله، عن نافعٍ
عن ابن عُمَرَ: أن رسولَ الله ﷺ غيَّرَ اسمَ عاصيةَ، وقال: «أنتِ جميلةٌ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (١٢٧٩٥)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٣١).
وقد سلف الحديث مختصرًا برقم (٢٥٦٣) وانظر تمام تخريجه هناك.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٧، وقوله: «يهنأ»: معناه: يطليه بالقطران ويعالجه به. والهناء: القطران.
وجاء بهامش «مختصر المنذري» ما نصه: «حُبّ الأنصار التمر»: بضم الحاء ونصب الباء، وحذف الفعل، وهو: انظروا للعلم به، ويكون: التمر: منصوبًا بالحب، ويجوز أن تكون الحاء مكسورة، بمعنى: المحبوب، أي: محبوبهم التمرُ، و«التمر»: مرفوع خبر المبتدأ. ومعنى: «فغر فاه» أي: فتحه، وفغر فوه، أي: انفتح، يتعدى ولا يتعدى.
و«الوَجور»: ما صب في وسط فم المريض. تقول منه: وَجَرْته، وأوجرتُه، بمعنى. و«يتلمظ» أي: يدير لسانه في فيه، ويحركه يتتبع أثر التمر. وكذلك إذا أخرج لسانه، فمسح به شفتيه. واللماظة -بالضم- ما بقي في الفم من الطعام.
(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر.
وأخرجه مسلم (٢١٣٩) عن أحمد بن حنبل وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢١٣٩)، والترمذي (٣٠٥٠) من طرق عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه مسلم (٢١٣٩)، وابن ماجه (٣٧٣٣) من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨١٩).
قال أبو حاتم ابن حبان: استعمال المصطفى ﷺ هذا الفعل لم يكن تطيُّرًا بعاصية، ولكن تفاؤلًا بجميلة، وكذلك ما يُشبِه هذا الجنس من الأسماء؛ لأنه ﷺ نهى عن الطِّيرةِ في غير خبر.

٤٩٥٣ - حدَّثنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن. عمرو بن عطاء
أن زينبَ بنتَ أبي سلمة سألته: ما سَمَّيتَ ابنتَك؟ قال: سَمَّيتُها بَرَّة، فقالت: إن رسولَ الله ﷺ نهى عن هذا الاسمِ، سُمِّيتُ بَرَّة، فقال النبيَّ- ﷺ: «لا تُزَكُوا أنفسَكم، الله أعلمُ بأهلِ البرِّ منكُم» فقال: ما نُسَمِّيها؟ فقال: «سَمُّوها زَينبَ» (١).
٤٩٥٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشْرٌ -يعني ابن المُفَضل-، حدثني بشيرُ بنُ ميمون
عن عَمِّه أسامةَ بن أخْدَريٍّ: أن رَجُلًا يقال له: أصرَمُ، كان في النفر الذين أتَوْا رسولَ الله ﷺ، فقالَ رسولُ الله ﷺ: «ما اسمُك؟» قال: أنا أصْرَمُ، قال: «بل أنتَ زُرعة» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن إسحاق، فهو مدلس وقد صرح بالتحديث عند البخاري في «الأدب المفرد». والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه مسلم (٢١٤٢) (١٩) من طريق هاشم بن القاسم، عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمَّد بن عمرو بن عطاء، قال: سميتُ ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله ﷺ نهى عن هذا الاسم، وسُمِّيتُ برة، فقال رسول الله ﷺ ...
وأخرجه بنحوه وبزيادة فيه البخاري في «الأدب المفرد» (٨٢١) من طريق إبراهيم، عن محمَّد بن إسحاق، به.
وأخرجه مسلم (٢١٤٢) (١٨) من طريق الوليد بن كثير، عن محمَّد بن عمرو، به.
(٢) إسناده حسن، بشير بن ميمون: صدوق حسن الحديث، وباقى رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١/ (٥٢٣) من طريق مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٧/ ٧٨ - ٧٩، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٢٢٠)، والطبراني في «الكبير» ١/ (٥٢٣)، والحاكم ٤/ ٣٧٦، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» ٢/ ١٩٣ و٤٢٥ من طرق عن بشر بن المفضل، به. وزادو فيه: «فما تريده» =

٤٩٥٥ - حدَّثنا الربيعُ بنُ نافع، عن يزيدَ -يعني ابنَ المقدام بن شُريح- عن أبيه، عن جَدِّه شُريحٍ
عن أبيه هانئ: أنه لما وَفَدَ إلى رسولِ الله ﷺ-مع قومه سَمِعَهم يكنُّونه بأبي الحَكمَ، فدعاه رسولُ الله ﷺ، فقال: «إن الله هو الحَكَمُ، وإليه الحُكمُ، فلِمَ تَكَنَّى أبا الحَكَمِ»، فقال: إن قومي إذا اختلفُوا في شيء أتوني، فحكمتُ بينهم، فرَضِيَ كِلا الفريقين، فقالَ رسولُ الله ﷺ: «ما أحسَنَ هذا، فمالك مِن الولد؟» قال: لي شُرَيحٌ ومسلمٌ وعبدُ الله، قال: «فَمَن اْكبَرُهُم؟» قال: قلت: شُريح، قال: «فأنت أبو شُرَيحِ» (١).


= قال: أريده راعيا، قال: فهو عاصم، وقبض كفه. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٥٤ وقال: ورجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١/ (٨٧٤) من طريق معلي بن أسد العمي، عن بشر بن المفضل، عن بشير بن ميمون، عن أسامة بن أخدري، عن أصرم ... فذكره. وجعله من مسند أصرم.
قال الخطابي: إنما غيرَ اسمَ الأصرم لما فيه من المعنى الصَّرْمِ، وهو القطيعة، يقال: صرمت الحبل: إذا قطعتَه، وصرمتُ النخلَةَ: إذا جددتَ ثمرها.
وإنما غيره؛ لأن فيه إيهام انقطاع الخير والبركة، وزرعة مشعِرٌ بهما؛ لأنه من الزراعة ويحصل بها الخير والبركة.
(١) إسناده جيد، يزيد بن المقدام صدوق، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٨١١) عن أحمد بن يعقوب، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٠٧) عن قتيبة، كلاهما عن يزيد بن المقدام، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٠٤).
وزاد فيه: قال أبو شريح: يا رسول الله ﷺ أخبرني بشيء يوجب لي الجنة!
قال: «طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام،، وهي عند البخاري في»الأدب المفرد".

قال أبو داود: شُرَيح هذا: هو الذي كسر السِّلسِلَة، وهو ممن دخل تُستَرَ، وذلك أنه دخل من السَّرَبِ (١).
٤٩٥٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن مَعمَرِ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المُسيَّب، عن أبيه
عن جده، أن النبي-ﷺ-قال له: «ما اسمُكَ؟» قال: حَزْنٌ، قال: «أنت سَهْلٌ» قال: لا، السَّهْلُ يُوطَا ويُمْتَهَنُ، قال سعيد: فظننتُ أنَّه سيُصيبُنا بَعدَهُ حُزُونهٌ (٢).
قال أبو داود: وغيَّرَ النبي-ﷺ اسمَ العاصِ وعزيزِ وعَتَلَة وشَيطانِ والحَكَمِ وغُرإبٍ وحُبابٍ، وشهابٍ فسماه هشامًا، وسمَّى حَرْبًا: سِلْمًا، وسَمَّى المُضطَجِعَ المنبَعِثَ، وأرضًا تُسمَّى عَفِرةَ سماها خَضِرَة،


(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي
وأبي عيسى الرملي.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (٦١٩٠) عن إسحاق بن نصر، وبإثر (٦١٩٠) عن علي بن عبد الله ومحمود، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وليس فيه: قال: لا، السهل يوطأ ويمتهن، وزاد: قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد.
وأخرجه مرسلًا البخاري (٦١٩٣) من طريق عبد الحميد بن جبير، عن سعيد بن المسيب أن جده حزنًا قدم على النبي-ﷺ-فقال: «ما اسمك» ... فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٦٧٣)، و«صحيح ابن حبان»، (٥٨٢٢).
قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٥٧٤: والحَزْن: ما غَلُظ من الأرض، وهو ضدُّ السهل، واستعمل في الخُلُق، يقال: في فلان حُزونةٌ، أي: في خُلُقه غِلظة وقساوة.

وشِعْبَ الضَّلالة سَمَّاه شعبَ الهدى، وبنو الزنْيَة سماهم بني الرِّشدَة، وسمَّى بني مُغوِيَة بني رِشْدة (١).
قال أبو داود: تركتُ أسانيدَها للاختصار (٢).


(١) قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٧ - ١٢٨:
أما العاص: فإنما غيَّرَه كراهة لمعنى العصيان، وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام.
وعزيز: إنما غيره لأن العزة لله سبحانه، وشعار العبد: الذَّلةَّ والاستكانة، وقد قال سبحانه عندما يقرع بعض أعدائه: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]. وعتلة: معناها الشدّة والغلظة، ومنه قولهم: رجل عتل، أي: شديد غليظ. ومن صفة المؤمن: اللين والسُّهولة. وقال ﷺ:«المؤمنون هينون».
وشيطان: اشتقاقه من الشَّطن: وهو البعد من الخير، وهو اسم المارد الخبيث من الجن والانس.
والحكم: هو الحاكم الذي إذا حكم لم يُرَدُّ حكمه، وهذه الصفة لا تليق بغير الله سبحانه، ومن أسمائه الحكم.
وغراب: مأخوذ من الغَرْب، وهو البعد، ثم هو حيوان خبيث الفعل، خبيث الطعم، وقد أباح رسول ﷺ قتله في الحل والحرم.
وحباب: نوع من الحيات، وقد رُوى أن الحباب اسم الشيطان. فقيل: إنه أراد به المارد الخبيث من شياطين الجن، وقيل: إن نوعًا من الحيات يقال لها الشياطين، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥]. والشهاب: شعلة من النار، والنار عقوبة الله سبحانه، وهي محرقة مهلكة.
وأما عَفِرة: فهي نعت للارض التي لا تنبت شيئًا، أخذت من العُفْرة، وهي: لون الأرض القحلة، فسماها خضرة على معنى التفاؤل لتخضر وتُمرع. انتهى. وقوله: عفرة: المحفوظ عقرة، بالقاف، كأنه كره اسم العَقرِ؛ لأن العاقِرَ هي المرأة التي لا تحمل، وشجرة عاقر: لا تحمل.
(٢) ونحسّن نذكر أسانيدها هنا: =

.....................................................


=
١ - قوله: وغير النبي-ﷺ اسم العاص، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٤٩)، ومسلم في «صحيحه» (١٧٨٢) (٨٩) وصححه اين حبان (٣٧١٨).
٢ - وقوله: وعزيز، أخرجه أحمد (١٧٦٠٤) من حديث خيثمة بن عبد الرحمن
عن أبيه قال: كان اسم أبي في الجاهلية عزيزاَ، فسماه رسول الله-ﷺ عبد الرحمن، وصححه ابن حبان (٥٨٢٨).
٣ - وقوله: وعتلة، أخرجه الطبراني في «الكبير» ١٧/ (٢٩٦) من ضمن حديث
مطول، وفيه أن النبي-ﷺ قال له: «ما اسمك؟» فقلت: عتلة بن عبد، فقال النبي-ﷺ: «بل أنت عُتبة ...».
٤ - وقوله: وشيطان، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٠٧٦) من حديث عبد الله
ابن قرط الأزدى أنه جاء إلى رسول ﷺ «فقال له النبي-ﷺ:»ما اسمك؟ «قال: شيطان بن قرط، فقال له النبي-ﷺ:»أنت عبد الله بن قرط«. وسنده حسن.
٥ - وقوله: والحكم، سلف عند المصنف برقم (٤٩٥٥).
٦ - وقوله: وغراب، أخرجه البخاري في»الأدب المفرد«(٨٢٤) من حديث ريطة بنت مسلم، عن أبيها قال: شهدت مع النبي-ﷺ حنينًا، فقال لي:»ما اسُمك؟ «قلت: غراب، قال:»لا، بل اسمك مسلم«.
٧ - وقوله: وحباب، ... والمنبعث، أخرجه ابن أبي شيبة في»المصنف «٨/ ٦٦٤. عن حميد بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رجلًا كان اسمه الحباب، فسماه رسول الله-ﷺ عبد الله، وقال:»الحباب شيطان«، وكان اسم رجل المضطجع فسماه المنبعث.
وأخرجه عبد الرزاق (١٩٨٤٩) من طريق معمر عن الزهري: أن رجلًا كان اسمه
الحباب فسماه رسول الله-ﷺ -عبد الله، وقال النبي-ﷺ:»إن الحباب اسم الشيطان«.
٨ - وشهاب وسماه هشامًا، أخرجه أحمد في»مسنده«(٢٤٤٦٥) من حديث
عائشة رضي الله عنها قالت: سمع النبي-ﷺ رجلًا يقول لرجل: ما اسمك؟ قال: شهاب، فقال:»أنت هشام«وسنده حسن.
٩ - وسمى حربًا سلمًا لم نقف عليه.
١٠ - وأرضًا تسمى عفرة سماها خضرَة، أخرجه الطبراني في»المعجم الصغير«(٣٤٩) وأورده الهيثمي في»المجمع " ٨/ ٥١، ونسبه إلى الطبراني، وقال: رجاله=

٤٩٥٧ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي- شيبةَ، حدَّثنا هاشمُ بنُ القاسم، حدَّثنا أبو عَقيل، حدَّثنا مجالِدُ بنُ سعيد، عن الشعبىِّ
عن مَسروقِ، قال: لقيتُ عمرَ بن الخطاب، فقال: مَنْ أنتَ؟ قلت: مسروقُ بنُ الأجْدَع، فقال عُمر: سمعتُ رسولَ الله-ﷺ يقول: «الأجدَعُ شَيطان» (١).


= رجال الصحيح! ولفظه: كان النبي-ﷺ-إذا سمع اسمًا قبيحا غيره فمر على قرية يقال لها عَفِرَة فسماها خضرة.
وأخرجه الطحاوي في «شرح المشكل» (١٨٤٩) ابن حبان (٥٨٢١) بإسناد صحيح عن عائشة: أن النبي-ﷺ-مرَّ بأرض تسمى غَدِرَة، فسماها خضِرَة.
وأخرجه الحربي في «غريب الحديث» ٣/ ٩٩٤ من حديث عائشة: أن النبي-ﷺ مرَّ بأرض تدعى عَقِرة فسماها خَضِرَة.
١١ - وشعب الضلالة وسماه شعب الهدى ... وبنو مغوية سماهم بني رِشدة، أخرجه عبد الرزاق (١٩٨٦٢) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه أن مكانا كان اسمه بقية الضلالة، فسماه النبي-ﷺ-بقية الهدى، قال: ومر بقوم، فقال لهم:«فما أنتم؟» قالوا: بنو مغوية فسماهم رسول الله-ﷺ بني رشدة.
١٢ - وقوله: بنو الزنية سماهم بني الرشدة، أخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٢٠٥ وابن البصري في «فضائل القرآن» (١٤) من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي وائل: شقيق بن سلمة أن وقد بني أسد أتوا رسولَ الله-ﷺ فقال: «من أنتم؟» فقالوا: نحسّن بنو الزنيَة، فقال: «أنتم بنو الرِّشْدَة».
(١) إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد. أبو عقيل: هو عَبد الله بن عَقيل الثقفي، والشعبي. هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٣٣) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وذكره الدارقطني في «العلل» ٢/ ٢٢٠ وقال: يرويه جابر الجعفي، عن الشعبي، عن مسروق، عن عمر قولَه. قلنا: وجابر ضعيف أيضًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١).

٤٩٥٨ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا منصورُ بنُ المعتمرِ، عن هلالِ ابن يِسَاف، عن رَبيع بن عُمَيلَة
عن سَمُرَة بن جُتدُبِ، قال: قال رسول الله-ﷺ: «لا تُسَمِّيَنَ غُلامَكَ يَسَارًا، ولا رَبَاحًا، ولا نَجيحًا، ولا أفْلَحَ، فإنكَ تقول: أثَمَّ هُوَ؟ فيقول: لا، إنما هُنَ أربعٌ، فلا تَزيدُن عليٍّ» (١).
٤٩٥٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا المُعتمرُ، قال: سمعت الرُّكَين بن الربيع يحدث، عن أبيه


(١) إسناده صحيح. النفيلى: هو عبد الله بن محمَّد، وزهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه مسلم (٢١٣٧) (١٢) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير، بهذا الإسناد. وفيه زيادة.
وأخرجه مسلم (٢١٣٧)، والترمذي (٣٠٤٨) من طرق عن منصور، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٠٧٨) و(٢٠١٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٣٧) و(٥٨٣٨).
وسيأتي بعده. لكن وقع في الرواية الآتية: نافع، بدل: نجيح.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٨: قد بين النبي-ﷺ-المعنى في ذلك وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم إنما كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها: إما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها، فحذرهم أن يفعلوه لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد، وذلك إذا سألوا، فقالوا: أثَمَّ يسار؟ أثم رباح؟ فإذا قيل: لا، تطيروا بذلك، وتشاءموا به، وأضمروا على الاياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الاياس من خيره.
وبهامش «مختصر المنذري» بعد ذكره كلام الخطابي: قيل إنه مخصوص فيها، وقيل: إنه عامّ في كل ما كان من معناها، وقيل: إنه منسوخ، وقيل: النهي كان لقصدهم التفاؤل، فمن لم يقصده فذلك جائزٌ له.

عن سمرةَ، قال: نهى رسولُ الله-ﷺ أن نسَمِّي رقيقَنا أربعةَ أسماءٍ: أفلحَ، ويساراَ، ونافعًا، ورباحًا (١).
٤٩٦٠ - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، عن الأعمش، عن أبي سفيان
عن جابرِ، قال: قال رسولُ الله-ﷺ: «إن عِشْتُ إن شاءَ الله أنهى أمَّتي أن يُسَمُّوا نافعًا وأفلحَ وبَرَكةَ- قال الأعمش: ولا أدري ذكرَ نافعًا أم لا- فإن الرجل يقول إذا جاء: أثَمَّ بَرَكةُ؟ فيقولون: لا» (٢).


(١) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان، والركين: هو ابن
الربيع بن عميلة.
وأخرجه مسلم (٢١٣٦) عن يحيى بن يحيى، وابن ماجه (٣٧٣٠) عن أبي بكر ابن أبي شيبة كلاهما عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وقرن مسلم بيحيى أبا بكر ابن أبي شيبة.
وأخرجه مسلم (٢١٣٦) من طريق جرير، عن الركين، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠١٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٣٦).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده قوي من أجل أبي سفيان- واسمه: طلحة بن نافع الاسكاف- ومحمد بن عبيد: هو الطنافسي، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه ابن أبى شيبة ٨/ ٦٦٦، وعبد بن حميد (١٠١٩) عن محمَّد بن عبيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخارى في «الأدب المفرد» (٨٣٣)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٧٣٩) من طريق حفص، عن الأعمش، به.
وأخرجه مسلم (٢١٣٨) من طريق ابن جريج، حدثني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أراد النبي-ﷺ-أن ينهى عن أن يُسمَّى بيعلى، وببركة، وبأفلح، وبيسار، وبنافع، وبنحو ذلك. ثم رأيته سكت بعدُ عنها، فلم يقل شيثا، ثم قُبِضَ رسولُ الله-ﷺ ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك، ثم تركه. =

قال أبو داود: روى أبو الزُّبير عن جابر نحوه، لم يذكر بَرَكة (١).
٤٩٦١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن أبي الزنادِ، عن الأعرج
عن أبي هريرة، يبلغُ به النبيَّ ﷺ، قال: «أخْنَعُ اسمٍ عندَ الله تبارك وتعالى يومَ القيامةِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ» (٢).
قال أبو داود: رواه شعيبُ بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، بإسناده، قال: «أخْنَى اسْم» (٣).


= وهو في «مسند أحمد» (١٤٦٠٦) و(١٥١٦٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٣٩).
قال الطحاوي تعليقًا على قوله: لئن عشت إلى قابل؛ لأنهين أن يسمى بهذه الأسماء المذكورة في هذا الحديث؟ وفي ذلك ما قد دل على أن التسمي بها ليس بحرام؛ لأنه لو كان حرامًا، لنهى عنه ﷺ ولم يؤخر ذلك إلى وقت آخر.
(١) قول أبي داود فيه نظر كما قال المنذرى، فقد أخرجه مسلم (٢١٣٨) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أراد النبي-ﷺ أن ينهى عن أن يُسمّى بيعلى وببركة، وبأفلح وبيسار وبنافع. وبنحو ذلك.
(٢) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز.
وأخرجه مسلم (٢١٤٣) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٢٠٦)، ومسلم (٢١٤٣)، والترمذي (٣٠٤٩) من طرق عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه مسلم (٢١٤٣) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة، نحوه.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٣٥).
(٣) أخرجه موصولًا البخاري في «الصحيح» (٦٢٠٥) عن أبي اليمان، عن شعيب ابن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة. فذكره. =

٧٠ - باب في الألقاب
٤٩٦٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن داودَ، عن عامرِ، قال:
حدَّثني أبو جَبيرة بنُ الضحَّاك، قال: فينا نزلت هذه الآية في بني سَلِمَةَ: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ [الحجرات:١١]، قال: قَدِمَ علينا رسولُ الله ﷺ، وليسَ مِنا رَجُلٌ إلا وله اسمانِ أو ثلاثةٌ، فجعل النبيُّ-ﷺ يقول: «يا فلان» فيقولون: مَهْ يا رسولَ الله ﷺ، إنه يَغضَبُ مِن هذا الاسم، فأُنزِلَتْ هذه الآية: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ (١).


= وقوله: «أخنع اسم»، أي: أذلُّها وأوضعُها، والخنوع: الذلة والمسكنة، والخانع: الذليل الخاضع، وأخنى الأسماء، أي: أفحشها وأقبحها. وتأول بعضهم: «تسمى بملك الأملاك» أن يتسمى بأسماء الله عز وجل، كقوله: الرحمن، الجبار، العزيز.
وقال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٢٩: قوله «أخنع» معناه: أوضع وأذل، والخنوع: الذلة والاستكانة. وأخبرني أبو محمَّد عبد الله بن شبيب، حدَّثنا زكريا المنقري، حدَّثنا الأصمعي، قال: سمعت أعرابيا يدعو، فيقول: اللهم إني أعوذ بك من الخنوع والقنوع وما يغض طرف المرء ويغري به لئام الناس.
فالخنوع: الذل، والقنوع: المسألة. ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: ٣٦].
(١) إسناده صحيح إن صحت صحبة أبي جبيرة بن الضحاك وإلا فمرسل، فقد أورد الحافظ ابن حجر أبا جبيرة هذا في «الإصابة» وحكى عن أبي أحمد الحاكم أنه قال: قال بعضهم: له صحبة، وقال بعضهم: لا صحبة له، وكذا قال ابن عبد البر، وقال ابن أبي حاتم عن إليه: لا أعلم له صحبة، وذكره البخاري في كنى «التاريخ الكبير»، ولم يذكر له صحبة، إنما اكتفى بالاشارة إلى أن له رواية عن النبي-ﷺ، وجزم بصحبته المزي والذهبي. ووهيب: هو ابن خالد الباهلي، وداود: هو ابن أبي هند. وعامر: هو ابن شراحيل. =

٧١ - باب فيمن يتكنَّى بأبي عيسى
٤٩٦٣ - حدَّثنا هارونُ بن زيد بن أبي الزَّرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعدِ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه
أن عُمرَ بن الخطاب ضَرَبَ ابنًا له تكنَّى أبا عيسى، وأن المغيرةَ ابنَ شعبة تَكنَّى بأبي عيسى، فقال له عُمر: أما يَكْفيكَ أن تَكنَّى بأبي عبد الله؟ فقال: إنَّ رسولَ الله ﷺ كَنَّاني، فقال: إنَّ رسولَ الله ﷺ قد غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنبِه وما تأخَّرَ، وإنا في جَلْجَتِنا، فلم يزل يُكنى بأبي عبد الله حتّى هَلَكَ (١).


=وأخرجه ابن ماجه (٣٧٤١)، والترمذي (٣٥٥١) و(٣٥٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٥٢) من طرق عن داود بن أبى هند، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٢٨٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٠٩).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا﴾، أي: لا يَدْع بعضكم بعضًا بسوءِ الألقاب، والنبز مختص بالسوء عرفًا. قاله السندي في «حاشية على المسند».
وجاء في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ النبز: اللمز، والتنابز: التعاير والتداعي بالألقاب، وقال أهل العلم: والمراد بهذه الألقاب ما يكرهه المنادَى به، أو يُعد ذمًا له، فأما الألقاب التي تكسب حمدًا، وتكون صدقًا، فلا تكره، كما قيل لأبي بكر عتيق، ولعمر فاروق، ولعثمان ذو النورين، ولعلي أبو تراب، ولخالد سيف الله.
انظر «زاد المسير» ٧/ ٤٦٨: بتحقيقا.
(١) إسناده حسن. أسلم والد زيد هو مولى عمر.
وأخرجه البيهقى في «السنن» ٩/ ٣١٠ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٧٥٥) و(١٥٥٢) من طريق حبيب بن الشهيد، عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه بلاغًا عبد الرزاق في «مصنفه» (١٩٨٥٦) عن معمر، عن الزهري أن ابنًا لعمر تكنّى أبا عيسى، فنهاه عمر. =

٧٢ - باب في الرجل يقول لابن غيره: يا بُنىَّ
٤٩٦٤ - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا. وحدَّثنا مُسدَّدٌ ومحمدُ بن محبوب، قالا: حدَّثنا أبو عَوانة، عن أبي عثمانَ، -وسفاه ابنُ محبوبٍ الجعدَ-
عن أنس بن مالكِ، أن النبيَّ- ﷺ قال له:«يا بُنَيَّ» (١).
قال أبو داود: سمعتُ يحيى بن معين يُثني على محمدِ بن محبوبٍ،
ويقول: كثيرُ الحديث (٢).


= وأخرجه مرسلًا عبد الرزاق (١٩٨٥٧) عن معمر قال: أخبرني أيوب عن نافع،
مثله (يعني سابقه بلاغ الزهري)، وزاد فقال عمر: إن عيسى لا أب له.
وقوله: «أنا في جلجتنا»، قال صاحب «عون المعبود»: أي: في عدد من أمثالنا من المسلمين لا ندرى ما يصنع بنا. كذا في «المجمع».
وقال ابن الأثير في «النهاية» ١/ ٢٨٣: لما نزلت: ﴿إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ١ - ٢] قالت الصحابة: بقيِنا نحسّن في جَلَج لا ندري ما يُصنع بنا. قال أبو حاتم: سألت الأصمعي عنه، فلم يعرفه، وقال ابن الأعرابي وسلمة: الجلَجُ: رؤوس الناس، واحدتُها جلَجَة، المعنى: إنا بقِينا في عَدَدِ رؤوس كثيرة من المسلمين.
وقال ابن قتيبة: معناه وبقينا نحن في عَدَد من أمثالنا من المسلمين لا ندري ما يُصنع بنا، وقيل الجلَج في لغة أهل اليمامة: جِبابُ الماء، كأنه يريد: تُركنا في أمر ضيق كضيق الجِبَاب.
(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو عثمان: هو جعد بن دينار.
وأخرجه مسلم (٢١٥١) عن محمَّد بن عبيد الغبرى، والترمذي (٣٠٤٣) عن محمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، كلاهما عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٣٦٦) و(١٤٠٣٨).
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

٧٣ - باب في الرجل يتكنّى بأبي القاسم
٤٩٦٥ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأبو بكر بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن أيوبَ السختياني، عن محمَّد بن سيرين
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «تَسَمَّوا باسمِي، ولا تَكَنَّوا بكُنيَتي» (١).
قال أبو داود: وكذلك رواه أبو صَالح، عن أبي هريرة (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأيوب السختياني: هو ابن أبي تميمة.
وأخرجه مسلم (٢١٣٤)، وابن ماجه (٣٧٣٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا إلاسناد.
وأخرجه البخاري (٣٥٣٩) و(٦١٨٨)، ومسلم (٢١٣٤) من طرق عن سفيان بن عيينة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٧٧).
ويشهد له ما بعده.
(٢) أشار هنا أبو داود إلى رواية أبي صالح عن أبي هريرة، وأشار بإثر الرواية (٤٩٦٦) إلى روايات من طرق أخرى عن أبي هريرة فنخرجها هنا لإيراد حديث أبي هريرة في هذا الموضع.
أما رواية أبي صالح عن أبي هريرة، فقد أخرجها البخاري (١١٠) و(٦١٩٧)، وفيه زيادة. ورواية ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجها أحمد في «مسنده» (٩٥٩٨)، والترمذي (٣٠٥٣)، وابن حبان في «صحيحه»، (٥٨١٤) و(٥٨١٧) بلفظ: «لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي، أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسمُ».
وطريق أبي زرعة، عن أبى هريرة، أخرجه أحمد في «مسنده» (٨١٠٩) بلفظ: «من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي، فلا يتسمى باسمي». وانظر مواضعه فيه.
وأخرج أحمد في «مسنده» (٩٨٩٤) طريق أبي زرعة أيضًا بلفظ المصنف كما هو هنا. =

وكذلك رواية أبي سفيان، عن جابر. وسالم بن أبي الجعد، عن جابر. وسليمان اليشكري، عن جابر. وابن المنكدر عن جابرٍ، نحوهم (١). وأنس بن مالك (٢).


= ورواية عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، لم نقف عليها هكذا، لكن أخرج الطبراني في «الأوسط» (١٠٤٩) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ. فذكره. فزاد في الإسناد عم عبد الرحمن.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٠٦٢٧) لكن من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة بلفظ: أن النبي ﷺ نهى أن يكنى بكنيته.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٧٣٤) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه أن رسول الله ﷺ قال: «لا تجمعوا اسمي وكنيتي». ولم يذكر في الاسناد أبا هريرة.
ورواية موسى بن يسار، عن أبي هريرة، أخرجها أحمد في «المسند» (٧٧٢٨).
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٠٠٧٧) من طريق حيان بن بسطام الهذلي، عن أبي هريرة.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه»، (٥٨١٢) من طريق أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة.
(١) سيأتي تخريجها بإثر رواية المصنف لحديث جابر الآتي برقم (٤٩٦٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٢١)، ومسلم (٢١٣١)، وهو في «مسند أحمد» (١٢١٣٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨١٣)، وانظر تمام تخريجه وأحاديث الباب في «المسند».
قد اختلف أهل العلم في التكني بكنية النبي-ﷺ، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز، وهو ظاهر الحديث، روي ذلك عن الحسن وابن سيرين وطاووس، وإليه ذهب الشافعي.
وكره قوم الجمع بين اسم النبي ﷺ وكنيته، وأجازوا التكني بأبي القاسم إذا لم يكن اسمه محمدًا وأحمد، لحديث أبي هريرة «لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي». (انظر تخريج هذه الرواية في التعليق السالف رقم (١) ص ٢٤٩).
وقد رخص بعضُهم في الجمع، وقال: إنما كره ذلك على عهد النبي-ﷺ، لئلا يُشتبه، يُروى ذلك عن مالك، وكان محمَّد ابن الحنفية يكنى أبا القاسم، وكان محمَّد بن =

٧٤ - باب من رأى أن لا يُجْمَع بينهما
٤٩٦٦ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابر أن النبيَّ ﷺ -قال: «من تَسَمَّى باسمي، فلا يَكْتَنِي بكُنيتي، ومن اكتَنَى بكُتيتي، فلا يتسمَّى باسْمِي» (١).


= أبي بكر الصديق، ومحمد بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن الأشعث، ومحمد بن حاطب، جمع كل واحد منهم بين اسم النبي ﷺ وكنيته.
وروى محمَّد ابن الحنفية، عن علي أنه قال: يا رسول الله ﷺ، أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أُسمِّيه محمدًا وأكنيه بكنيتك؟ قال: «نعم»، وكانت رخصة لي. قلنا: سيأتي عند المصنف (٤٩٦٧). ويخرج هناك. وانظر«شرح السنة» ١٢/ ٣٣١ - ٣٣٢ و«شرح مسلم» ١٤/ ٩٥ - ٩٦.
(١) حديث صحيح، وأبو الزبير -واسمه: محمَّد بن مسلم- وإن لم يصرح بالسماع قد توبع. وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.
وأخرجه الترمذي (٣٠٥٤) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن جا بر. فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٥٧)، و«صحيح» ابن حبان (٥٨١٦).
وذكر المصنف بإثر الحديث السالف برقم (٤٩٦٥) طرقًا أخرى للحديث عن جابر وهذا تخريجها: أما رواية أبي سفيان عن جابر، أخرجها ابن ماجه (٣٧٣٦)، وهي في «المسند» (١٤٣٦٤).
ورواية سالم بن أبي الجعد، عنه أخرجها البخاري (٣١١٤) و(٣١١٥) و(٣٥٣٨) و(٦١٨٧) و(٦١٩٦)، ومسلم (٢١٣٣) (٣ و٤ و٥ و٦ و٧). وهو في «مسند أحمد» (١٤١٨٣) و(١٤٢٢٧).
ورواية سليمان اليشكرى، عنه أخرجها ابن سعد في «الطبقات» ١/ ١٠٧.
ورواية محمَّد بن المنكدر، عنه أخرجها البخاري (٦١٨٦) و(٦١٨٩)، ومسلم (٢١٣٣) (٧)، وهو فى «المسند» (١٤٣٥٧).
ويشهد له ما قبله.

قال أبو داود: روى بهذا المعنى ابنُ عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ورُوي عن أبي زُرعة، عن أبي هريرة، مختلفًا على الروايتين.
وكذلك روايةُ عبد الرحمن بن أبي عَمْرة، عن أبي هريرة، اختُلف فيه: رواه الثورىُّ وابن جُريج على ما قال أبو الزبير، ورواه مَعقِل بنُ عُبَيْدِ الله على ما قال ابنُ سيرين.
واختُلف فيه على موسى بنِ يَسارٍ، عن أبي هريرة أيضًا، على القولين: اختلَفَ فيه حماد بن خالد وابن أبي فُديك (١).

٧٥ - باب في الرخصة في الجمع بينهما
٤٩٦٧ - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكر ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن فِطرٍ، عن مُنذرٍ، عن محمَّد ابن الحنفية، قال:
قال علي: قلت: يا رسول الله ﷺ، إنْ وُلدَ لي مِنْ بعدك ولدٌ، أُسَمّيه باسمِكَ وأكنِّيه بكُنيتِكَ؟ قال: «نَعَم». ولم يَقُلْ أبو بكر:
قلت، قال: قال علىٌّ للنبيِّ ﷺ (٢) (٣).


(١) سلف تخريج طرق حديث أبي هريرة، عند الحديث السالف برقم (٤٩٦٥).
(٢) يعني أن ظاهر رواية أبي بكر الإرسال.
(٣) إسناده قوى، أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وفطر: هو ابن خليفة، ومنذر: هو ابن يعلى.
وأخرجه الترمذي (٣٠٥٦) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن فطر، بهذا الإسناد. وزاد في آخره: فكانت رخصة لي.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٠).

٤٩٦٨ - حدَّثنا النُّفيلىُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ عمرانَ الحَجَبيُّ، عن جَدَّته صفيةَ بنتِ شيبةَ
عن عائشة، قالت: جاءَتِ امرأةٌ إلى رسولِ الله ﷺ، فقالت: يا رسولَ الله ﷺ، إني قد وَلَدْتُ غلامًا فسمَّيتُه محمدًا وكنَّيتُه أبا القاسم، فذُكِرَ لي أنك تكرَهُ ذلك، فقال: «ما الذي أحَلَّ اسْمِيَ وحَرَّمَ كُنيَتي - أو ما الذي حَرَّمَ كُنيتي وأحَلَّ اسمي-؟» (١).


(١) حديث منكر، محمَّد بن عمران الحجبي لم يعرف إلاَّ بهذا الحديث، وقد نص على نكارة متنه الذهبي في «الميزان» ٣/ ٦٧٢، والحافظ ابن حجر في «التهذيب»،
وقد روي في بعض طرقه عن محمَّد بن عبد الرحمن كما سيأتي في التخريج، وقد اختلف فيه. والنفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي النفيلى.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ٩/ ٣٠٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ١/ ١٥٥، والطبراني في «المعجم الصغير» (١٦)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٢٦/ ٢٣٣ من طريق عبد الله بن محمَّد النفيلي، به. وقال الطبراني: لم يروه عن صفية إلا محمَّد بن عمران، ولا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٥٠٤٠) و(٢٥٧٤٧)، والبخاري في «التاريخ»الكبير«، ١/ ١٥٥، وأبو الشيخ في»طبقات المحدثين بأصبهان«(١٨٦)، والطبراني في»ألاوسط«(١٠٥٧)، والذهبي في»الميزان«٣/ ٦٧٢ من طرق عن محمَّد بن عمران الحجبي، به.
ورواه وكيع وأبو عامر فيما أخرجه إسحاق بن راهويه في»مسنده«(١٢٧٢) و(١٢٧٣) -وأبو عاصم فيما أخرجه البخاري في»التاريخ الكبير«١/ ١٥٥، ثلاثتهم قالوا: عن محمَّد بن عبد الرحمن -ونسبه وكيع: الحجي، وأبو عامر قال: من ولد شيبة، وزاد البخاري في نسبته ابن طلحة العبدري من بني عبد الدار- عن صفية، به.
قلنا: ومحمد بن عبد الرحمن الحجبي -هو أخو منصور بن صفية- ترجم له البخاري في»تاريخه«١/ ١٥٥، وابن أبي حاتم ٧/ ٣٢٣، وابن حبان في»الثقات" ٧/ ٤٢٢، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا. =

٧٦ - باب ما جاء في الرجل يتكنّى وليس له ولد
٤٩٦٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا ثابتٌ
عن أنس بن مالك، قال: كانَ رسولُ الله ﷺ يَدخُلُ علينا، ولي أخٌ صغير، يُكنى أبا عُميرٍ، وكان له نُغَرٌ يلعبُ به، فمات، فدَخَلَ عليه النبيُّ ﷺ ذاتَ يومٍ فرآه حزينًا، فقال:: «ما شأنه؟» قالوا: مات نُغَرُه، فقال: «يا أبا عُميرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» (١).


= وقال البخاري في «تاريخه»١/ ١٥٥ - ١٥٦: تلك الأحاديث أصح: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي. قلنا: وقد سلف عند المصنف برقم (٤٩٦٥) من حديث أبي هريرة، وانظر حديث جابر (٤٩٦٦).
(١) إسناده صحيح. وحماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه البخاري في»الأدب المنفرد«(٨٤٧) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في» مسنده«(١٤٠٧١) عن عفان، وابن حبان في»صحيحه«(١٠٩) من طريق حوثرة بن أشرس، كلاهما عن حماد، به.
وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٣٣٢٥)، والبخاري في»الأدب المفرد«(٣٨٤) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، به.
وانظر تمام تخريج طريق ثابت عن أنى، عند أحمد في الموضحين السابقين، وعند ابن حبان.
وأخرجه من طريق أبي التياح -يزيد بن حميد الضبعي- عن أنس، البخاري (٦١٢٩) و(٦٢٠٣)، ومسلم (٢١٥٠) (٣٠)، وابن ماجه (٣٧٢٠) و(٣٧٤٠)، والترمذي (٣٣٣) و(٢١٠٦) و(٢١٠٧)، والنسائي في»الكبرى«(١٠٠٩٣) و(١٠٠٩٤) و(١٠٠٩٥). وهو في»المسند«(١٢١٩٩)، و»صحيح ابن حبان«(٢٣٠٨).
وأخرجه من طريق حميد، عن أنس النسائي في»الكبرى«(١٠٠٩٢)، وهو في»المسند" (١٢١٣٧). =

٧٧ - باب في المرأة تُكَنَّى
٤٩٧٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمانُ بنُ حَرْبٍ -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة، أنها قالت: يا رسولَ الله ﷺ، كُلُّ صواحبي لهنَّ كُنى، قال: «فاكتَني بابنِكِ عبدِ الله» -يعني ابنَ أختها، قال مُسدَّدٌ: عبدُ الله ابن الزبير- قال: فكانت تُكنى بأمِّ عبد الله (١).
قال أبو داود: وهكذا قال قُرَّانُ بن تَمَّام ومعمر، جميعًا عن هشام نحوَه، وقال أبو أسامة: عن هشام، عن عبّاد بن حمزة، وكذلك


= وأخرجه من طريق قتادة، عن أنس النسائي في «الكبرى» (١٠٠٩٦)، وهو في «المسند» (١٣٩٥٤).
وألفاظ الحديث عندهم جميعًا متقاربة.
وقوله:«النُّغير»: تصغير النُّغر، وهو البُلبُل، وقيل: هو فَرخُ العُصْفور. قال
الخطابي: فيه من الفقه: أن صيد المدينة مباح وفيه إباحة السجع في الكلام. وفيه جواز الدعابة ما لم يكن آثمًا. وفيه إباحة تصغير الأسماء. وفيه أنه كناه ولم يكن له ولد، فلم يدخل في باب الكذب. وقوله: يلعب به، أى: بحبسه وإمساكه في القفص.
(١) حديث صحيح. حماد: هو ابن زيد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٧٥٦) عن مؤمل بن إسماعيل، و(٢٦٢٤٢) عن يونس بن محمَّد المؤدب، كلاهما عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وهذا إسناد اختلف فيه على هشام بن عروة، وقد بسطنا الكلام عليه عند الرواية (٢٤٦١٩) من «مسند أحمد» من طريق هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة، عن عائشة. وقد خرجنا جميع طرقه فيه، فانظر. لزامًا.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٣٩) من طريق وكيع، عن هشام بن عروة، عن مولى للزبير، عن عائشة.

حمادُ بن سلمةَ ومسلمةُ بنُ قَعْنَبٍ، عن هشامٍ، والصواب (١) كما قال أبو أسامة.

٧٨ - باب في المعاريض
٤٩٧١ - حدَّثنا حَيوَةُ بنُ شريحٍ الحضرميُّ إمامُ مسجد حمص، حدَّثنا بقيةُ ابنُ الوليد، عن ضُبارةَ بن مالكٍ الحضرميِّ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفَير، عن أبيه
عن سفيان بن أَسِيدٍ الحضرميِّ، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ-يقول: «كَبُرَت خيانةً أن تُحَدِّثَ أخاكَ حديثًا هو لَكَ به مُصَدَّقٌ، وأنتَ لَهُ به كاذِبٌ» (٢).


(١) قوله: والصواب، زيادة أثبتناها من (أ) ونسبها إلى رواية ابن العبد.
(٢) إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد، وجهالة ضبارة -وهو ابن عبد الله بن مالك، وقيل: ضبارة بن مالك كما هو هنا، وقيل: هما اثنان-، وجهالة والد ضبارة.
وهو عند البيهقي في «السنن» ١٠/ ١٩٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٣٩٣)، والطبراني في «الكبير» ٧/ (٦٤٠٢) من طريق حيوة بن شريح، به.
وأخرجه ابن عدي ١/ ٥٠، والطبراني في «الكبير» ٧/ (٦٤٠٢)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٦١١) و(٦١٢) و(٦١٣)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ١٩٩ من طرق عن بقيه، به.
وتابع بقيةَ محمدُ بن ضبارة، عند ابن عدي ١/ ٥٠ من طريقه عن ضبارة -أبيه-، به. ومحمد بن ضبارة ذكره ابن حبان في «الثقات» ٩/ ٨٥، ولم يذكر في الرواة عنه سوى سليمان بن عبد الحميد البهراني، فهو مجهول.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٧٦٣٥) عن عمر بن هارون، عن ثور بن يزيد، عن شريح، عن جبير بن نُفير الحضرمي، عن نواس بن سمعان، قال: قال رسول الله ﷺ. فذكره. وإسناده ضعيف جدًا من أجل عمر بن هارون -وهو ابن يزيد بن جابر =

٧٩ - باب قول الرجل: زَعَمُوا
٤٩٧٢ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى، عن أبي قلابة،
قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، -أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود-: ما سَمِعْتَ النبيَّ- ﷺ يقول في: زَعَموا؟ قال: سَمِعتُ رسول الله ﷺ يقول: «بِئسَ مَطِيَّةُ الرَّجل: زَعَمُوا» (١).


= البلخي- وقد تابعه عليه الوليد بن مسلم- عند البخاري في «التاريخ الكبير» ٤/ ٨٦ - والوليد وإن كان ثقة- إلا أنه يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه فلا يفرح بهذه المتابعة، فقد يكون سمعه من عمر بن هارون ثم دلسه عنه، ولا سيما وقد قال أبو نعيم: تفرد به عمر بن هارون. اهـ. والله تعالى أعلم.
وقوله: «كبرت خيانة ...» إلخ قال السند: وذلك لأن الكذب قبيح في ذاته، وقد ازداد ها هنا قبحا باعتماد المخاطب وظنه أنه صادق، فالاجتراء على الكذب في هذه الحالة أقبح وأشنع.
(١) إسناده ضعيف، أبو عبد الله: هو حذيفة بن اليمان كما جاء مصرحًا به بإثر الرواية هذه، وأبو قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يدرك أبا مسعود البدري، وقد أخرج أحمد الحديث في «مسنده» (١٧٥٧٥) من روايته عن أبي مسعود، وأما روايته عن حذيفة، فقد جزم الحافظ ابن حجر في «التهذيب» بأنها مرسلة، وقال الذهبي في «السَّير» ٤/ ٤٦٨: روى عن حذيفة ولم يلحقه، قلنا: مات حذيفة سنة ٣٦ هـ، وأبو قلابة سنة ١٠٤ أو ١٠٧ فيكون بين وفاتيهما ٦٨ أو ٧١ سنة.
وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٦٣٦ - ٦٣٧.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٣٤٠٣) عن وكيع، بهذا الإسناد.
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في «المسند» عند الحديث (٢٣٤٠٣).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٠: أصل هذا أن الرجل إذا أراد الظعن فى حاجة والمسير إلى بلد، ركب مطيته، وسار حتى يبلغ حاجته، فشبه النبي-ﷺ ما يقدمه =

قال أبو داود: أبو عبد الله: هذا حذيفةُ.

٨٠ - باب الرجل يقول: أما بعد
٤٩٧٣ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ فُضَيل، عن أبي حيَّان، عن يزيدَ بن حيَّان
عن زيد بن أرقم: أن النبيَّ- ﷺ خَطَبَهم، فقال: «أمَّا بَعْدُ» (١).

٨١ - باب في حفظ المَنْطِق
٤٩٧٤ - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني الليثُ بنُ سعدٍ، عن جعفرِ بن ربيعة، عن الأعرج


= الرجل أمام كلامه، ويتوصل به إلى حاجته من قولهم: «زعموا» بالمطية التي يتوصل بها إلى الموضع الذي يؤمه ويقصده.
وإنما يقال: «زعموا» في حديث لا سند له، ولا ثبت فيه، وإنما هو شيء يُحكى على الألسن على سبيل البلاغ، فذم النبي ﷺ من الحديث ما كان هذا سبيله، وأمر بالتثبت فيه، والتوثيق لما يحكيه من ذلك، فلا يروبه حتى يكون معزوًّا ومرويًا عن ثقة.
(١) إسناده صحيح. أبو حيان: هو يحيى بن سعيد بن حيان.
وأخرجه في أول حديث غدير خُمِّ الطويل مسلم (٢٤٠٨) (٣٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٤٠٨) (٣٦) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، ومسلم (٢٤٠٨) (٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (٨١١٩) من طريق جرير، كلاهما عن أبي حيان، به.
وأخرجه مسلم (٢٤٠٨) (٣٧) من طريق سعيد بن مسروق، عن يزيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٦٥)، و«شرح السنة» (٣٩١٣) للبغوي.
وعلى هامش «مختصر المنذري»: قوله ي: أما بعد: رواه عن رسول الله ﷺ سعد بن أبي وقاص وابن مسعود، وعبد الله والفضل ابنا العباس، وابن عمرو بن العاص وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأبو سفيان بن حرب، وأنس بن مالك، وعقبة بن عامر، وجرير بن عبد الله البجلي، وجماعة كثيرة سواهم.

عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ، قال: «لا يقولَنَّ أحدُكم: الكَرْم، فإن الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسلِمُ، ولكن قولوا: حَدَائِقُ الأعْناب» (١).


(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٥٨٠) عن يونس بن عبد الأعلى، والنسائي أيضًا (١١٥٨٠) عن وهب بن بيان كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (٢٢٤٧) (٩) من طريق عبد الله بن ذكوان (أبو الزناد)، عن الأعرج، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٦١٨٢) و(٦١٨٣)، ومسلم (٢٢٤٧) (٦) و(٧) و(٨) و(١٠) من طرق عن أبى هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٥٧) و(٧٩٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٣٢) وما بعده.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٠ - ١٣١: إنما نهاهم عن تسمية هذه الشجرة كرمًا؛ لأن هذا الاسم عندهم مشتق من الكَرَم، والعرب تقول: رجل كَرَم، بمعنى: كريم، وقوم كَرَم، أي: كرام، ومنه قول الشاعر:
فتنبو العينُ عن كرَم عِجافِ
ثم تسكن الراء منه، فيقال: كَرْم.
فاشفق ﷺ أن يدعوهم حسن اسمها إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها، فسلبها هذا الاسم، وجعله صفة للمسلم الذي يتوقى شربها، ويمنع نفسه الشهوة فيها عزة وتكرمًا.
وقد ذكرت هذا في كتاب «غريب الحديث» وأشبعت شرحه هناك.
وقال الزمخشرى في «الفائق» ٣/ ٢٥٧، ونقله عنه ابن الأثير في «جامع الأصول» ١١/ ٧٥٢ - ٧٥٣: أراد النبي-ﷺ-أن يقرر ويشدِّد ما في قوله عز وجل: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] بطريقة أنيقة، ومسلك لطيف، ورمزٍ خلوب، فيُصِرُّ أن هذا النوع من غير الأناسي، المسمى بالاسم المشق من الكرم: أنتم أحِقَّاء بأن لا تؤهلوه لهذه التسمية، ولا تُطلقوها عليه، ولا تسلموها له غيرةَ للمسلم التقي، وربأً به أن يُشارك فيما سماه الله به، واختصه بأن جعله صفته، فضلًا أن تسموا بالكَرْم من ليس بمسلم، =

٨٢ - باب لا يقول المملوك: ربي وربتي
٤٩٧٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ وحبيبِ بن الشَهيد وهشام، عن محمدٍ
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال:«لا يقولَنَّ أحدكُم: عَبْدي وأَمَتي، ولا يقولن المملوكُ: رَبِّي ورَبَّتي، وليَقُل المالك: فَتايَ وفتاتي، وليَقُلِ المملوكُ: سيدي وسيدتي، فإنكم المملوكون، والربُّ الله عز وجل» (١).


= وتعترفوا له بذلك، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرمًا، ولكن الرمز إلى هذا المعنى، كأنه قال: إن تأتَّى لكم أن لا تسموه - مثلًا- باسم الكرم، ولكن بالحَبَلة فافعلوه.
وقوله: «فإن الكَرْم الرجُلُ المُسْلِمُ» أي: فإنما المستحق للاسم المشتق من الكرم: المسلم، ونظيره في الأسلوب قوله تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ [البقرة: ١٣٨].
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة، وهشام: هو ابن حسان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠٠١) من طريق حسن بن بلال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٥٥٢)، ومسلم (٢٢٤٩) (١٣) و(١٤) و(١٥)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٩٩) و(١٠٠٠٠) من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩٤٥١)، و«صحيح ابن حبان» كما في «إتحاف المهرة» لابن حجر ١٥/ ٥٦٩ و٦٨١، و «شرح السنة» للبغوي (٣٣٨٠) و(٣٣٨١) و(٣٣٨٢).
وانظر «شرح مشكل الآثار» للطحاوي (١٥٦٨) و(١٥٦٩) و(١٥٧٠). وألفاظ الحديث متقاربة المعنى، وبعضهم يزيد على بعض.
وانظر ما بعده.

٤٩٧٦ - حدَّثنا ابنُ السَّرْحِ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو بنُ الحارثِ، أن أبا يونَس حَدَّثَه
عن أبي هريرة في هذا الخبر، ولم يذكرِ النبيَّ ﷺ، قال: ولْيَقُل: سَيِّدي ومَوْلاي (١).
٤٩٧٧ - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عُمر بن مَيسرةَ، حدَّثنا معاذُ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، عن عبدِ الله بن بُرَيدة
عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا تقولُوا للمنافقِ: سيِّدٌ، فإنَه إن يَك سَيِّدًا فقد أسخطتُم رَبَّكم عز وجل» (٢).


(١) إسناده صحيح. وأبو يونس: هو سليم بن جبير الدوسي مولى أبي هريرة.
وانظر ما قبله.
(٢) رجاله ثقات رجال الشيخين، وقتادة -وهو ابن دعامة الدوسي- لا يعرف له سماع من عبد الله بن بريدة، نص على ذلك البخاري في «تاريخه الكبير» ٤/ ١٢، وقال الترمذي في «سننه» بإثر الحديث رقم (١٠٠٣) -بتحقيقنا-: قال بعض أهل العلم: لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة. قلنا: ومع ذلك فقد صحح إسناده المنذري في «الترغيب والترهيب» ٣/ ٥٧٩، وكذا الحافظ العراقي في«تخريج أحاديث الإحياء» ٣/ ١٦٢، والامام النووي في «الأذكار» ص ٤٤٩، ومعاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٥٢) عن عبيد الله بن سعيد الرازي، عن معاذ بن هشام، بهذا الأسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٣٩)، وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.
وهو عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٥٩٨٧).
قال أبو جعفر الطحاوي: فتأمنا ما في هذا الحديث، فوجدنا السيدَ المستحقَّ للسُّؤُددِ هو الذي معه الأسباب العالية التي يستحق بها ذلك، ويَبينُ بها عمن سواهُ ممن سادَه، كما قال رسول الله ﷺ للأنصار لما أقبل إليه سعد بن معاذ بعد أن حكم في =

٨٣ - باب لا يقال: خَبُثتْ نفسي
٤٩٧٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، عن أبي أمامةَ بن سَهْل بن حنيفٍ
عن أبيه، أن رسولَ الله ﷺ قال: «لا يقولَن أحدُكم: خَبُثَتْ نفسي، وليقل: لَقِسَتْ نفسِي» (١).


= بني قريظة بما كان حَكَمَ به فيهم، وبعد أن قال له رسول الله ﷺ في حُكمِه ذلك: «لقد حَكمْتَ فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات، قوموا إلى سيدكم» ... ثم قال: ومن ذلك قولُه ﷺ لبني سَلِمَة: «مَن سيدُكم يا بني سَلِمَةَ ..؟ قالوا: الجدُّ بنُ قيس، ثم ذكر بالبخل، فقال:»ليس ذلك سيدكم، ولكن سيدُكم بشرُ بن البراء بن معرور«... ثم قال: وكما قال جابر بن عبد الله: أبو بكر رضي الله عنه سيِّدنا، وأعتق سيِّدَنا- يعني بلالًا. (ثم ذكر إسناده) وقال: فكان من يستحق هذا الاسمَ والكون بهذا المكان مَن هذه صفتُه، وكان المنافقُ بضدِّ ذلك، ولما كان كذلك لم يستحق به أن يكون سيدًا، وكان مَن سَماه بذلك واضعًا له بخلاف المكانِ الذي وضعه الله بذلك، وكان بذلك مُسخِطًا لربه.
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد بن أبي النجاد، وأبو أمامة بن سهل: هو أسعد.
وأخرجه مسلم (٢٢٥١) (١٧) عن أبي الطاهر وحرملة، والنسائي في»الكبرى«(١٠٨٢٣) عن وهب بن بيان، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦١٨٠) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، به.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٨٢٣) من طريق إسحاق بن راشد، عن الزهري، به.
وأخرجه النسائي في»الكبرى" (١٠٨٢٤) من طريق سفيان، عن الزهري، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ .. فذكره. فجعله من مسند أبي أمامة- واسمه أسعد بن سهل- وهو معدود في الصحابة، ولد في حياة النبي-ﷺ، وله رؤية، لكنه لم يسمع منه ﷺ. =

٤٩٧٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة، عن النبيَّ- ﷺ قال: «لا يقولَن أحَدُكم: جاشَتْ نفسِي، ولكن لِيَقُلْ: لَقِسَت نَفسِي» (١).
٤٩٨٠ - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن منصورٍ، عن عبدِ الله ابن يَسار


= وهو عند الطحاوي في «شرح المشكل» (٣٤٤) و(٣٤٥).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣١: قوله: لقست نفسي وخبثت معناهما واحد، وإنما كره من ذلك لفظ الخبث وبشاعة الاسمِ منه، وعلَّمهم الأدب في المنطق، وأرشدهم إلى استعمال الحسن وهجران القبيح منه.
وقال ابن أبي جمرة: النهي عن ذلك للندب. والأمر بقوله: لَقِست للندب أيضًا، فإن عبَّر بما يؤدي معناه كَفَى، ولكن ترك الأولى، قال: ويُؤخذُ من الحديث استحبابُ مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء، والعدول إلى ما لا قبح فيه، والخبث واللقس وإن كان المعنى المراد يتأذى بكل منهما، لكن لفظ الخبث قبيح، ويجمع أمورًا زائدة على المراد بخلاف اللقس، فإنه يختص بامتلاء المعدة، قال: وفيه أن المرء يطلب الخيرَ حتى بالفأل الحسن، ويضيفُ الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما، ويدفع الشرِّ عن نفسه مهما أمكن، ويقطع الوصيلةَ بينه وبينَ أهل الشرِّ حتى في الألفاظ المشتركة.
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه البخاري (٦١٧٩)، ومسلم (٢٢٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٨٢١) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٨٢٢) من طريق الزهري، عن عروة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٢٤).
وعندهم: خبثت بدل جاشت.

عن حذيفة، عن النبيَّ ﷺ قال: «لا تقولوا: ما شاءَ الله وشاءَ فلان، ولكن قولوا: ما شاءَ الله، ثّم شاءَ فلانٌ» (١).

٨٤ - باب
٤٩٨١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ بن سعيدٍ، قال: حدَّثني عبد العزيز بن رُفَيع، عن تميم الطائيِّ
عن عدي بن حاتم: أن خطيبًا خَطَبَ عند النبي ﷺ، فقال: مَنْ يطعِ الله ورسولَه فقد رَشِدَ (٢) ومن يَعْصِهما ...، فقال: «قُمْ -أو قال: اذْهَبْ- فَبئسَ الخطيبُ أنتَ» (٣).
٩٨٢٤ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ -يعني ابن عبد الله-، عن خالدٍ -يعني الحذاء- عن أبي تميمةَ، عن أبي المَليح
عن رَجلِ، قال: كنتُ رديفَ النبيَّ- ﷺ، فعَثَرَتْ دابتُه، فقلت: تعس الشيطانُ، فقال: «لا تقل: تَعِسَ الشيطانُ، فإنَّك إذا قلت ذلك


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، عبد الله بن يسار -وهو الجهني- قال ابن معين: لا أعلمه لقي حذيفة، وقد اختلف فيه عليه أيضًا. وقد بسطنا الكلام عليه في»المسند«(٢٣٢٦٦) و(٢٣٣٣٩)، وابن ماجه (٢١١٨).
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٧٠٥٥) من طريق خالد، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وقوله:»لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان«أي: مما يوهم التسوية. قاله السندي.
قلنا: وْيقاس على هذا كل لفظ يوهم التسوية بين الخلائق وبين المخلوق، مثل قول العامة وأشباهم: توكلنا على الله وعليك، وما لي غير الله وغيرك، مما ينبغي تجنبه، والانتهاء عنه والتوبة منه أدبًا مع الله سبحانه.
(٢) قوله في الحديث:»فقد رشد" زيادة أثبتناها من (هـ)، من المكرر السالف برقم (١٠٩٩)، وأشار هناك إلى أنها في رواية اللؤلؤي من طريق أبي ذر.
(٣) إسناده صحيح. يحيى: هو ابنِ سعيد القطان، وتميم الطائي: هو ابن طرفة.
وقد سلف مكررًا برقم (١٠٩٩). وانظر تمام تخريجه هناك.

تعاظَمَ حتّى يكونَ مثلَ البيت، ويقول: بقوَّتي، ولكن قل: باسمِ الله، فإنَّك إذا قلْتَ ذلك تصاغَرَ حتى يكونَ مثلَ الذباب» (١).
٤٩٨٣ - حدَّثنا القعنبىُّ، عن مالكٍ.
وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إذا سمعتَ الرجل يقول -وقال موسى: إذا قال الرجلُ- هَلَكَ الناسُ، فهو أهْلَكُهمْ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا الحديث اختلف فيه على أبي تميمة -واسمه: طريف ابن مجالد الهجيمي- فمرة يرويه عمن كان رديف النبي-ﷺ، ومرة يرويه عن رجل عن رديف النبي ﷺ. وقد استوفينا الكلام على اختلاف هذه الروايات في «المسند» عند الحديث رقم (٢٠٥٩١). فانظره هناك.
وأخرجه النسائي (١٠٣١٢) من طريق عبد الله، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد.
وانظر تمام تخريجه في «المسند» (٢٠٥٩١).
(٢) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس -صاحب الموطأ-، وحماد: هو ابن سلمة، ووالد سهيل: هو ذكوان السمَّان.
وهو في «الموطأ» ٢/ ٩٨٤، ومن طريق مالك أخرجه مسلم (٢٦٢٣) (٣٩) عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وليس فيه كلام الإِمام مالك الذي ساقه أبو داود بإثر هذه الرواية.
وأخرجه مسلم (٢٦٢٣) (٣٩) عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن حماد، به.
وأخرجه مسلم (٢٦٢٣) (٣٩) من طريق روح بن القاسم وسليمان بن بلال، كلاهما عن سهيل، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٦٢).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٢: معنى هذا الكلام: أن لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساوئهم، ويقول: قد فسد الناسُ وهلكوا ونحو ذلك من الكلام، يقول ﷺ: إذا فعل الرجلُ ذلك، فهو أهلكُهم وأسوأُهم حالًا مما يلحقه من الإثم في =

قال مالكٌ: إذا قالَ ذلك تحزُّنًا لما يرى في الناس -يعني في أمرِ دينهم- فلا أُرى به بأسًا، وإذا قالَ ذلك عُجْبًا بنفسِه وتصاغرًا للناس فهو المكروه الذي نُهي عنه.

٨٥ - باب في صلاة العَتَمة
٤٩٨٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي لَبيدٍ، عن أبي سَلَمةَ
سمعت ابنَ عُمَرَ، عن النبيَّ- ﷺ قال: «لا تَغْلِبنكم الأعرابُ على اسمِ صلاتِكُم، ألا وإنَّها العِشاءُ، ولكنّهم يُعتِمون بالإبل» (١).


=عيبهم، والإزراءِ بهم، والوقيعةِ فيهم، وربما أدَّأه ذلك إلى العُجب بنفسه، فيرى أن له فضلًا عليهم، وأنه خيرٌ منهم فيهلِك.
ونقل البغوي في «شرح السنة» ١٣/ ١٤٤ قول مالك الذي جاء بإثر روايتنا هذه.
ثم قال: وقيل: هم الذين يؤيسون الناسَ مِن رحمة اللهِ، يقولون: هلكَ الناسُ، أي: استوجبوا النارَ والخلودَ فيها بسوء أعمالهم، فإذا قال ذلك، فهو أهلكَهم -بفتح الكاف- أي: أوجبَ لهم ذلك.
وقال الزرقاني في «شرح»الموطأ«٤/ ٤٠٠ تعليقًا على قوله:»فهو أهلكهم«: بضم الكاف على الأشهر في الرواية، أي: أشدهم هلاكًا لما يلحقه من الإثم في ذلَك القول أو أقربهم إلى الهلاك لذت للناس وذكر عيوبهم وتكبره، وروي: بفتحها، فعل ماض، أي: أنه هو نسبهم إلى الهلاك لا أنهم هلكوا حقيقة، أو لأنه أقنطهم عن رحمة الله تعالى وآيسهم من غفرانه، وأيَّدَ الرفع برواية أبي نعيم: فهو من أهلكهم.
وقوله على الأشهر في الرواية هو قول الحميدي في»الجمع بين الصحيحين«٣/ ٢٨٧.
(١) إسناده صحيح، سفيان: هو ابن عيينة، ابن أبي لبيد: هو عبد الله المدني.
وأخرجه مسلم (٦٤٤) (٢٢٨) و(٢٢٩)، وابن ماجه (٧٠٤)، والنسائي في»الكبرى" (١٥٣٤) و(١٥٣٥) من طرق عن سفيان بن عِنة، بهذا الإسناد. =

٤٩٨٥ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونَس، حدَّثنا مِسْعرُ بن كِدامٍ، عن عمرو بن مُرة
عن سأل بن أبي الجَعْدِ، قال: قال رجل -قال مِسْعَرٌ: أُراه من خُزاعةَ-: ليتني صَلَّيتُ فاسترحْتُ، فكانّهم عابُوا ذلك عليه، فقال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «يا بلالُ، أقِمِ الصَّلاةَ، أرِحْنا بها» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٤٥٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٥٤١).
وفي «النهاية» لابن الأثير (عتم): قال الأزهري: أرباب النعم في البادية يُريحون الإبل، ثم يُنيخونها في مُراحها حتى يُعْتِموا، أي: يدخلوا في عمة الليل، وهي ظلمته. وكانت الأعراب يسمون صلاةَ العشاء صلاةَ العَتَمة تسميةً بالوقت، فنهاهم عن الاقتداه بهم، واستحب لهم التمسُّك بالاسم الناطق به لسان الشريعة.
ونقل ابن حجر في «الفتح» ٢/ ٤٥ عن القرطبي عن غيره: إنما نُهي عن ذلك تنزيهًا لهذه العبادة الشرعية الدينية عن أن يُطلَق عليها ما هو اسمٌ لفعلةٍ دنيوية، وهي الحلبة التي كانوا يَحْلُبونها في ذلك الوقت، ويُسمونها العتمة.
وقال السندي في «حاشيته على المسند»، قوله: «لا تغلبنكم الأعراب ...» إلخ، أي: الاسمُ الذي ذكره الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسمُ العشاء، والأعراب يسمونها العَتَمة، فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه غلبة الأعراب عليكم بالأكثر، واستعمالُ اسم العشاء مواففَةٌ للقرآن، فالمرادُ النهيُ عن إكثار اسم العَتَمَة لا عن استعماله، وإلا فقد جاء في الأحاديث إطلاقُ هذا الاسم أيضًا، ثم ذكر سببَ إطلاقِ الأعراب اسم العتمة بقوله: وإنهم -أي الأعرإب- يُعتمون -من أعْتَم: إذا دخل في العَتَمة، وهي الظُّلْمة-، أي: يؤخرون الصلاة، ويَدْخُلُون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحَلبِها، والله تعالى أعلم.
(١) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري، لكن اختلف على سالم بن أبي الجعد في إسناده، فمرة يرويه عن رجل من أسلم عن النبي-ﷺ كما عند أحمد في «مسنده» (٢٣٠٨٨) -وجاء في رواية المصنف هنا أن الرجل من خزاعة-، وتارة يرويه عن عبد الله بن محمَّد ابن الحنفية، عن صهر له أنصاري =

٤٩٨٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ المغيرة، عن سالم بن أبي الجَعْد
عن عبدِ الله بن محمَّد ابن الحنفيّة، قال: انطلقتُ أنا وأبي إلى صِهْرٍ لنا من الأنصار نعودُه، فحَضَرتِ الصلاةُ، فقال لبعض أهله: يا جاريةُ، ائتوني بوَضوءِ، لعَلِّي أصَلِّي فاستريحَ، قال: فأنكَرْنا ذلك عليه، فقال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «قُم يا بلالُ، فأرِحْنا بالصَّلاة» (١).
٤٩٨٧ - حدَّثنا هارونُ بنُ زَيد، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعدٍ، عن زيدِ ابن أسلم
عن عائشة، قالت: ما سمعتُ رسولَ الله ﷺ ينسُبُ أحدًا إلا إلى الدَّين (٢).


= كما في رواية المصنف الآتية بعد هذا، وهو في مسند أحمد (٢٣١٥٤١)، وأخرى يرويه عن محمَّد ابن الحنفية نفسه عن النبي ﷺ مرسلًا كما عند الدارقطني في «العلل» ٤/ ١٢١، والخطيب في «تاريخه» ١٠/ ٤٤٣. وانظر تمام تخريجه في «المسند» (٢٣٠٨٨).
وانظر ما بعده.
وقوله: «أرحنا بها». قال في «النهاية» أي: أذن بالصلاة نسترح بأداها من شغل القلب بها، وقيل: كان اشتغاله بالصلاة راحةً له، فإنه كان يَعُدُّ غيرها من الأعمال الدنيوية تعبًا، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولهذا قال: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» وما أقرب الراحة من قرة العين، يقال: أراح الرجل واستراح: إذا رجعت نفسه إليه بعد الإعياء.
(١) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن المغيرة، فمن رجال البخاري. وإسرائيل: هو ابن يونس.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن زيد بن أسلم لم يسمع من عائشة، هارون بن زيد: هو ابن أبي الزرقاء. =

٨٦ - باب ما روي في الترخيص في ذلك
٤٩٨٨ - حدَّثنا عمرو بن مرزوقِ، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ
عن أنسِ، قال: كان فَزَعٌ بالمدينة، فرَكِبَ رسولُ الله ﷺ فرسًا لأبي طلحةَ، فقال: «ما رأيْنا شيئًا -أو ما رأيْنا مِنْ فزَعِ- وإنْ وجَدناه لَبَحْرًا» (١).


= وأخرجه المصنف في «المراسيل» (٥٢٠) عن هارون بن زيد، بهذا الإسناد.
قال المنذري في المختصر: يشبه أن يكون أبو داود رحمه الله أدخل هذا الحديث في هذا الباب، أنه ﷺ لا يَنْسُب أحدًا إلا إلى الدين ليرشدهم بذلك إلى استعمال الألفاظ الواردة في الكتاب الكريم، والسنة النبوية، ويصرفهم عن عبارات الجاهية، كما فعل في العتمة. والله عز وجل أعلم.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٦٢٧) و(٢٨٥٧) و(٢٨٦٢) و(٢٩٦٨) و(٦٢١٢)، ومسلم (٢٣٠٧) (٤٩)، والترمذي (١٧٨٠) و(١٧٨١)، والنسائي في «الكبرى» (٨٧٧٠) من طرق عن شبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٨٦٧) من طريق سعيد، عن قتادة، به.
وأخرجه البخاري (٢٨٢٠)، و(٢٩٠٨) و(٣٠٤٠) و(٦٠٣٣)، ومسلم (٢٣٠٧) (٤٨)، وابن ماجه (٢٧٧٢)، والترمذي (١٧٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٧٧٨) و(١٠٨٣٧) من طريق ثابت، عن أنس، به.
وأخرجه البخاري (٢٩٦٩) من طريق محمَّد، عن أنس، به.
ورواية بعضهم بنحوه وفيها زيادة.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٤٩٤) و(١٢٧٤٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٩٨) و(٦٣٦٩).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٢: في هذا إباحة التوسع في الكلام وتشبيه الشيء بالشيء الذي له تعلق ببعض معانيه وإن لم يستوف أوصافه كلها.
وقال إبراهيم بن محمَّد بن عرفة النحوي: إنما شبه الفرس بالبحر؛ لأنه أراد أن جريه كجري ماء البحر أو لأنه يسبح في جريه كالبحر إذا ماج فَعَلَا بعض مائه فوق بعض.

٨٧ - باب في الكذب
٤٩٨٩ - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، أخبرنا الأعمش.
وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داودَ، حدَّثنا الأعمش، عن أبي وائل
عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إيَّاكم والكَذِبَ، فإنَّ الكَذبَ يهدي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، وإنَّ الرجلَ ليَكذِبُ ويَتحرَّى الكَذِبَ حتى يكتَبَ عند الله كَذَّاباَ، وعليكم بالصِّدْق، فإنَ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة، وإن الرَّجُلَ ليَصْدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتى يكتبَ عندَ الله صِدِّيقًا» (١).


(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه مسلم (٢٦٠٧) (١٠٥) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٦٠٧) (١٠٥) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وأخرجه البخاري (٦٠٩٤)، ومسلم (٢٦٠٧) (١٠٣) من طريق منصور، عن أبي وائل، به.
وعند بعضهم اللفظ بنحوه وفيه اختصار.
وأخرجه في آخر حديث بنحوه ابن ماجه (٤٦) من طريق موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود. وموسى بن عقبة لم يذكر فيمن سمع من أبي إسحاق قبل التغير.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٣٨) و(٣٨٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧٢) و(٢٧٣).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٣: هذا تأويل قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٣ - ١٤]. =

٤٩٩٠ - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا يحيى، عن بَهْزِ بن حكيم، حدَّثني أبي
عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ -يقول: «وَيْلٌ للَّذي يُحَدِّثُ فيكذِبُ ليُضْحِكَ به القومَ، وَيْلٌ له، وَيْلٌ له» (١).
٤٩٩١ - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن عجلانَ، أن رجلًا من موالي عبد الله بن عامرِ بن ربيعةَ العدوىِّ حدَّثه
عن عبدِ الله بن عامرٍ، أنه قال: دعتْني أُمي يومًا ورسولُ الله ﷺ قاعِدٌ في بيتنا، فقالت: ها تَعالَ أُعطِيكَ، فقال لها رسولُ الله ﷺ


= وأصل الفجور: الميل عن الصدق والانحراف إلى الكذب، ومنه قول الأعرابي في عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أقسم بالله أبوحفص عمر ... ما إن بها من نَقَب ولا دَبَر
اغفر له اللهم إن كان فجر
يريد: إن كان مالَ عن الصدقِ فيما قاله.
(١) إسناده حسن. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وجد بهز بن حكيم: هو معاوية ابن حيدة القشيري.
وأخرجه الترمذي (٢٤٦٨) عن بندار محمَّد بن بشار، عن يحبى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٠٦١) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، والنسائي (١١٥٩١) من طريق عبد الله، كلاهما عن بهز، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٢١).
وفي الباب عن أبي هريرة، عند أحمد في «مسنده» (٩٢٢٠). وانظره فيه.
وعن أبي سعيد الخدري، عند أحمد في «مسنده» (١١٣٣١). وانظر تمام التعليق عليه فيه.

«وما أرَدْتِ أن تُعطِيَهُ» قالت: أُعطِيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ الله ﷺ: «أما إنَّك لو لم تُعْطِيه شيئًا كُتِبَت عليك كِذْبةٌ» (١).


(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام مولى عبد الله بن عامر، وبقية رجاله ثقات، غير ابن عجلان -وهو محمَّد- صدوق حسن الحديث. الليث: هو ابن سعد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٥٧٠٢)، وابن سعد في «الطبقات» ٥/ ٩، وابن أبي شيبة ٨/ ٥٩٣، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٥/ ١١، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (٢٠٢)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ١٩٨، وفي الشعب«(٤٨٢٢) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في»السنن«١٠/ ١٩٨ - ١٩٩ من طريق يحيى بن أيوب، عن محمَّد بن عجلان، به.
وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد في»مسنده«(٩٨٣٦)، إلا أنه من رواية الزهري، عن أبي هريرة، ولم يسمع منه. ولفظه:»من قال لصبي: تعال هاكَ، ثم لم يُعطِه، فهي كذبةٌ«. وانظر تمام تخريجه فيه.
وذكر العراقي في»تخريج أحاديث الاحياء«٣/ ١٣٥: أن له شاهدًا آخر من حديث ابن مسعود، وأن رجاله ثقات. قلنا: يريد حديثه الذي أخرجه موقوفًا عليه أحمد في»مسنده«(٣٨٩٦) ضمن حديث، وفيه:»لا يَعِدُ الرجلُ صبيًا ثم لا يُنجز له«
وإسناده صحيح. قلنا: وأخرجه ضمن حديث ابن ماجه (٤٦) لكن من رواية أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عنه. لكن راويه عن أبي إسحاق موسى بن عقبة لم يذكر فيمن سمع من أبي إسحاق قبل تغيره.
قوله: أما إنك لو لم تعطيه، قال السندي في»حاشيته على المسند«: أي: لو لم تعطي شيئًا، فيدلُّ الحديث على أن من لم يَفِ بالوعد، فهو كاذب، وعلى أن الوعد بالصغير كالوعد بالكبير، وقد قيل: إن اللازم في الوعد أن يكون ناويًا للوفاء إذا وعد، وعدمُ الوفاء به بعده لا يضر، وحينئذ فيمكن أن يُقال: معنى:»لو لم تعطيه" أي: لو ما نويت الوفاء. والله تعالى أعلم.

٤٩٩٢ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ.
وحَدَّثنا محمدُ بنُ الحُسين، حدَّثنا عليُّ بنُ حفص، حدَّثنا شُعبةُ، عن خُبَيبِ ابن عبد الرحمن، عن حفصِ بن عاصم -قال ابنُ حُسين في حديثه-
عن أبي هريرة، أن النبيَّ- ﷺ قال: «كَفى بالمَرْء إثمًا أن يُحَدِّثَ بكُل ما سَمِعَ» (١). ولم يذكر حفصٌ أبا هريرة.
قال أبو داود: ولم يُسنده إلا هذا الشيخُ، يعني عليَّ بن حفصٍ المدائنيَّ (٢).

٨٨ - باب في حُسن الظن
٤٩٩٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ.
وحدَّثنا نصر بن عليٍّ، عن مُهَنَّا أبي شِبْل، -قال أبو داود: ولم أفهمه منه جيدًا- عن حمادِ بن سلمة، عن محمَّد بن واسعٍ، عن شُتَيرٍ -قال نصر:- بنُ نَهارٍ


(١) إسناده صحيح متصل من جهة محمَّد بن الحسين، ومن جهة حفص بن عمر مرسل ولا يضر، فإن الحديث محفوظ عن أبي هريرة.
فقد أخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» (٥) عن علي بن حفص ومعاذ العنبري وعبد الرحمن بن مهدي، وابن أبي شيبة ٨/ ٥٩٥ عن أبي أسامة، والحاكم ١/ ١١٢ عن علي بن حفص (وتحرف في المطبوع إلى علي بن جعفر) قالوا: حدَّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة.
وهو عند ابن حبان في «صحيحه» (٣٠) من طريق علي بن حفص، عن شعبة، به.
وقد أرسله عند الحاكم ١/ ١١٢ آدم بن أبي إياس، وسليمان بن حرب، فقالا: حدَّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن النبي-ﷺ. وكذا أرسله محمَّد بن جعفر عند القضاعي في«مسند الشهاب» (١٤١٦). ولا يضر إرسالهم، فإن الوصل زيادة وهي من الثقات مقبولة، وله شاهد من حديث أبي أمامة عند الحاكم ٢/ ٢٠ - ٢١، والقضاعي (١٤١٥).
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

عن أبي هريرة -قال نصرٌ:- عن رسول الله ﷺ قال: «حُسْنُ الظَّن مِن حُسْنِ العِبادَة» (١).
قال أبو داود: مُهَنَّا ثقة بصري (٢).
٤٩٩٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمرٌ، عن الزهريِّ، عن علي بن حُسين
عن صَفيَّة، قالت: كان رسولُ الله ﷺ معتكفًا، فأتيتُه أزورُه ليلًا، فحدَّثْتُهُ وقُمْتُ، فانقلبتُ، فقام معي ليقلِبَني، -وكان مَسكنُها في دار أسامة بن زيد- فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي ﷺ أسرعا، فقال النبيُّ ﷺ: «على رِسْلِكُما إنَّها صَفيَّةُ بنتُ حييٍّ» قالا: سبحانَ الله يا رسولَ الله!! قال: «إنَّ الشَّيطانَ يجري مِن الإنسانِ مَجرَى الدَّم، فخشيتُ أن يَقذِفَ في قُلوبِكُما شيئًا- أو قال: شرًّا» (٣).


(١) إسناده ضعيف لجهالة حال شتير بن نهار - ويقال: سُميَر. وكذا جاء عند الترمذي في روايته الآتي تخريجها.
وأخرجه الترمذي (٣٩٢٧) من طريق صدقة بن موسى، عن محمَّد بن واسع،
بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وهو في «مسند أحمد» (٧٩٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (٦٣١).
قال صاحب «عون المعبود»: وفائدة هذا الحديث: الإعلام بأن حسن الظن عبادة من العبادات الحسنة، كما أن سوء الظن معصية من معاصي الله تعالى، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، أي: وبعضه حسن من العبادة.
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ).
(٣) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، وعلي بن الحسين: هو ابن علي بن أبي طالب.
وقد سلف برقم (٢٤٧٠). وانظر تمام تخريجه فيه.
وقولها: فانقلبت، أي: رجحت إلى بيتي، ليقلبني، أي: يصحبني إلى منزلي. =

٨٩ - باب في العِدَةِ
٤٩٩٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا أبو عامرٍ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبي النُّعمان، عن أبي وقَّاص
عن زيد بن أرقم، عن النبيً ﷺ، قال: «إذا وَعَدَ الرجلُ أخاه ومِنْ نيَّته أن يَفِيَ له، فلم يَفِ ولم يَجئْ للميعادِ، فلا إثْمَ عليه» (١).
٤٩٩٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس النَّيسابورىُّ، حدَّثنا محمدُ بن سِنانٍ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهمانَ، عن بُدَيلٍ، عن عبدِ الكريم، عن عبدِ الله بن شقيق، عن أبيه
عن عبدِ الله بن أبي الحَمْساء، قال: بايعتُ النبيَّ- ﷺ ببيع قَبلَ أن يُبعَثَ، وبَقيتْ له بقيّةٌ، فوعدتُه أن آتيَه بها في مكانِه فنَسيتُ، ثم ذكرتُ بعدَ ثلاثٍ، فجِئتُ، فإذا هو في مكانه، فقال: «يا فتى، لقد شَقَقتَ عَلىَّ، أنا ها هنا منذ ثلاثٍ أنتظِرُكَ» (٢).


= وفيه من العلم استحباب أن يتحرز الإنسان في كل أمر من المكروه مما تجري به الظنون، ويخطر بالقلوب، وأن يطلب السلامة من الناس بإظهار البراءة من الريب.
قاله الخطابي.
(١) إسناده ضعيف لجهالة أبو النعمان وأبي وقاص. أبو عامر: هو عبد الملك ابن عمرو العقدي.
وأخرجه الترمذي (٢٨٢٣) عن محمَّد بن بشار، عن أبو عامر، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، علي بن عبد الأعلى: ثقة، ولا يعرف أبو النعمان ولا أبو وقاص وهما مجهولان.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة عبد الكريم وهو ابن عبد الله بن شقيق، وقوله في الإسناد: عبد الكريم عن عبد الله بن شقيق وهم كما أشار راوي الحديث محمَّد بن يحيى بإثر هذه الرواية، وقد نبه على توهيم هذه الرواية غير واحد من أهل العلم.
وأخرجه البيهقي في «السنن»١٠/ ١٩٨ من طريق المصنف بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: قال محمَّد بن يحيى: هذا عندنا عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق.
قال أبو داود: وهكذا بلغني، عن عليٍّ بن عبد الله (١).
قال أبو داود: وبلغني أن بِشْرَ بنَ السَّرىِّ رواه، عن عبد الكريم ابن عبد الله بن شَقيق (٢).

٩٠ - باب في المُتشبِّع بما لم بُعْطَ
٤٩٩٧ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن هشامٍ بن عُروة، عن فاطمةَ بنت المنذر
عن أسماء بنت أبي بكر: أن امرأة قالت: يا رسول الله ﷺ، إن لي جارةَ -تعني ضَرَّةً- هل علي جُناحٌ إن تَشَبَّعتُ لها بما لم يُعْطِ زَوجي، قال: «المُتشبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابسِ ثَوبَي زور» (٣).


= وأخرجه الحربي في «غريب الحديث» ٣/ ٩٤٤، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (١٩٣)، والبيهقي ١٠/ ١٩٨، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٣/ ٢١٧ من طرق عن محمَّد ابن سنان، به.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٧/ ٥٩، والخرائطي في مكارم الأخلاق، (١٩٣) من طريق معاذ بن هانئ، عن إبراهيم بن طهمان، به.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي، وكذلك في رواية اللؤلؤي من طريق أبي ذر.
(٣) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٢١٩) عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٢١٩)، ومسلم (٢١٣٠) (١٢٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٢) و(٨٨٧٣) من طرق عن هشام بن عروة، به. =

٩١ - باب في المُزاحِ
٤٩٩٨ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن حُميدٍ
عن أنسِ: أن رجلًا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، احمِلْني، فقال النبي ﷺ: «إنا حَامِلُوكَ على ولَدِ نَاقَةٍ»، قال: وما أصنعُ بولدِ الناقة؟ فقال النبيَّ- ﷺ:«وهل تَلِدُ الإبِلَ إلا النُّوقُ» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩٢١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٣٨).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٤ - ١٣٥: العرب تسمى امرأة الرجل جارته، وتدعو الزوجتين الضرتين جارتين، وذلك لقرب أشخاصهما كالجارتين المتصاقبتين في الدارين تسكنانهما، ومن هذا قول الأعشى لامرأته:
أجارتَنا بيني فإنَّك طالقه
ومن هذا النحو قول امرئ القيس:
أجارتَنا إنّا غريبان ها هنا ... وكل غريب للغريب نسيب
قال البغوي في «شرح السنة» ٩/ ١٦١ - ١٦٢: المتشبع: المتكثر بأكثر مما عنده يتصلَّف به، وهو الرجلُ يُرى أنه شبعان، وليس كذلك «كلابس ثوبي زور»، قال أبو عبيد: هو المرائي يلبس ثياب الزهاد، يُرى أنه زاهد، قال غيره: هو أن يلبس قميصًا يصل بكُمَّيه كُمَّين آخرين، يُرى أنه لابس قميصين، فكأنه يسخر من نفسه، وُيروى عن بعضهم أنه كان يكون في الحي الرجلُ له هيئة ونبل، فإذا احتيج إلى شهادة زور، شهد بها، فلا تُرد من أجل نبله وحسن ثوبيه، وقيل: أراد بالثوب نفسه، فهو كناية عن حاله ومذهبه، والعرب تكني بالثوب عن حال لابسه، تقول: فلان نقيُّ الثياب، إذا كان بريئًا من الدنس، وفلان دَنِسُ الثياب، إذا كان بخلافه، ومعناه: المتشبع بما لم يُعْط بمنزلة الكاذب القائل ما لم يكن. وانظر «الفتح» ٩/ ٣١٧ - ٣١٨.
(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه الترمذي (٢٠١١) عن قتيبة بن سعيد، عن خالد الواسطي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٨١٧).

٤٩٩٩ - حدَّثنا يحيى بنُ مَعين، حدَّثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا يونسُ بنُ أبي إسحاقَ، عن أبي إسحاقَ، عن العَيزَار بنِ حُريث
عن النعمانِ بنِ بشير، قال: استأذن أبو بكرِ على النبي ﷺ، فَسمع صوت عائشةَ عاليًا، فلما دخَلَ تناولها ليلطِمَها، وقال: ألا أراكِ تَرْفعَينَ صَوتَكِ على رسولِ الله ﷺ، فجعلَ النبيَّ- ﷺ يحجزُهُ، وخرج أبو بكر مُغضَبًَا، فقال النبي ﷺ: حين خرج أبو بكر: «كيف رأيتني أنقذتُكِ من الرجُلِ؟» قال: فمكثَ أبو بكرِ أيامًا، ثم استأذَنَ على رسولِ الله ﷺ فوجدَهما قد اصطلحَا، فقال لهما: أدخِلاني في سِلمكُما كما أدخلتُماني في حَرْبِكما، فقال النبيَّ ﷺ: «قد فعلنا، قد فعلنا» (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن يونس بن أبو إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد توبع، وهذا الإسناد من المزيد في متصل الأسانيد. فإن يونس بن أبي إسحاق سمعه من أبو إسحاق وسمعه من العيزار بن حُريث.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٨٣٩٤) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٨٤٢١)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٥٣٠٩) من طريق أبي نعيم، والنسائي في «الكبرى» (٨٤٤١) و(٩١١٠) عن طريق عمرو بن محمَّد، كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير. وفيه زيادة.
وقوله: «ليلطمها»: بكسر الطاء من باب ضرب، من اللطم، وهو ضرب الخد وصفحة الجسد بالكف مفتوحة.
قال عبد الحق الدهلوي: اللطم ضرب الخد بالكف وهو منهي عنه، ولعل هذا كان قبل النهي، أو وقع ذلك منه لغلبة الغضب أو أراد أن يلطم. انتهى. =

٥٠٠٠ - حدَّثنا مُومَّلُ بنُ الفَضْلِ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلمِ، عن عبدِ الله بنِ العلاءِ، عن بُسْر بنِ عُبيد الله، عن أبي إدريسَ الخولانىِّ
عن عوفِ بنِ مالكٍ الأشجعي، قال: أتيتُ رسولَ الله ﷺ في غَزوةِ تبوكَ وهو في قُبَّةٍ من أَدَم، فسلمتُ، فردَّ وقال: «ادخُلْ» فقلت: أكُلِّي يا رسولَ الله ﷺ؟ قال: «كُلَّك»، فدخلتُ (١).
٥٠٠١ - حدَّثنا صفوانُ بنُ صالحِ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي العاتِكةِ، قال: إنما قال: أدخُلُ كُلِّي، من صِغَرِ القُبَّه (٢).
٥٠٠٢ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مهدىِّ، حدَّثنا شريكْ، عن عاصِمٍ


= وقوله: «انقذتك من الرجل»: أي خلصتك من ضربه ولطمه. والظاهر أن يمُال من أبيك، فعدل إلى الرجل، أي: من الرجل «الكامل» في الرجولية حين غضِبَ لله ولرسوله، قاله الطيبي، قلت: قوله: «أنقذتك من الرجل» ولم يقل من أبيك وابعاده ﷺ أبا بكر عن عائشة تطيبًا وممازحة كل ذلك داخل في المزاحٍ، ولذا أورده المؤلف في باب المزاح.
في «سلمكما»: بكسر السين ويفتح، أي: في صلحكما.
في «حربكما» أي: في شقاقكما.
(١) حديث صحيح، الوليد بن مسلم قد صرح بالتحديث في جميع طبقات السند عند ابن ماجه وابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه بأطول مما هنا ابن ماجه (٤٠٤٢) عن عبد الرحمن بن إبراهيم، وابن حبان (٦٦٧٥) من طريق هشام بن عمار، كلاهما عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد مطولًا (٢٣٩٧١) و(٢٣٩٧٩) و(٢٣٩٨٥) و(٢٣٩٩٦) من طرق عن عوف بن مالك الأشجعي.
(٢) عثمان بن أبي العاتكة ضعيف.
وأخرجه البيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤٨ من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

عن أنسٍ، قال: قال لي رسولُ الله ﷺ: «يا ذا الأذُنَينِ» (١).

٩٢ - باب من يأخذ الشيء على المزاح
٥٠٠٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارِ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ.
وحدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقيُّ، حدَّثنا شعيبُ بنُ إسحاقَ، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن عبدِ الله بنِ السَّائبِ بنِ يزيدَ، عن أبيه
عن جَدِّه أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقول: «لا يأخُذنَ أحدُكُمْ متاعَ أخِيه لاعِبًا ولا جَادًَّا -وقال سليمانُ: لعِبًا ولا جِدًّا- ومن أخذ عصا أخِيه فليرُدَّها». لم يقلِ ابنُ بشارٍ: ابنَ يزيدَ، وقال: قال رسولُ الله ﷺ (٢).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيى الحفظ. عاصم: هو ابن سليمان الاحول.
وأخرجه الترمذي (٢١٠٩) و(٤١٦٤) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن شريك، بهذا الإسناد. وفي آخر الرواية: قال أبو أسامة: إنما يعني به أنه يُمازحه.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٦٦٢) من طريق حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس. وهذا سند حسن يتقوى الحديث به.
ولشريك متابعات أخرى أوردناها في «المسند» عند الحديث (١٢١٦٤). فانظرها قال الخطابي في «معالم السنن»: كان مزح النبي-ﷺ مزحا لا يدخُله الكذبُ والتزيد، وكل إنسان له أذنان، فهو صادق في وصفه إياه بذلك.
وقد يحتمل وجهًا آخر وهو أن لا يكون قصد بهذا القول المزاح، وإنما معناه:
الحض والتنبيه على حسن الاستماع والتلقف لما يقوله، ويعلمه إياه، وسماه ذا الأذنين إذ كان الاستماع إنما يكون بحاسة الأذن، وقد خلق الله تعالى له أذنين يسمع بكل واحدة منهما وجعلهما حجة عليه، فلا يعذر معهما إن أغفل الاستماعَ له ولم يُحسن الوعى له. والله أعلم.
(٢) إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن السائب وجده، فقد روى لهما البخاري في «الأدب المفرد» وأبو داود والترمذي، وعبد الله وثقه النسائي =

٥٠٠٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنبارىُّ، حدَّثنا ابنُ نُميرٍ، عن الأعمش، عن عبدِ الله بنِ يسارٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى
حدَّثنا أصحابُ محمدِ ﷺ أنهم كانوا يسيرونَ مع النبيِّ ﷺ، فنامَ رجُلٌ منهم، فانطلقَ بعضُهُم إلى حَبْلٍ معه فأخذه، ففزعَ، فقال رسولُ الله ﷺ: «لا يَحِلُّ لمسلم أن يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» (١).


= وابن سعد وذكره ابن حبان في الثقات. يحيى: هو ابن سعيد القطان، ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وجد عبد الله بن السائب الصحابي: هو يزيد أبي السائب بن يزيد.
وأخرجه الترمذي (٢٢٩٩) عن بندار محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن غريب.
وهو في «مسنده» أحمد، (١٧٩٤٠)، و«شرح مشكل الآثار» للطحاوي (١٦٢٤). وانظره فيهما.
قال: الخطابي في «معالم السنن»: معناه: أن يأخذه على وجه الهزل وسبيل المزح، ثم يحبسه عنه ولا يرده، فيصير ذلك جدًا.
وقال ابن الأثير في «النهاية» تعليقًا على رواية الترمذي «لاعبًا جادًا»، أي: يأخذه ولا يريد سرقته، لكن: يريد إدخال الهم والغيظ عليه، فهو لاعب في السرقة، جاد في الأذية.
(١) إسناده صحيح. ابن نمير: هو عبد الله، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وهو عند القضاعي في «مسند الشهاب» (٨٧٨)، والبيهقي في «السنن» ١٠/ ٢٤٩، وفي «الآداب» (٤١١) من طريق المصنف بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٣٠٦٤) عن عبد الله بن نمير، به. ووقع عنده: نبل بدل حبل.
وأخرجه مقتصرًا على المرفوع منه هناد في «الزهد» (١٣٤٥) عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكلل الآثار» (١٦٢٥) من طريق فطر بن خليفة، عن عبد الله بن يسار، عن أبي ليلى الأنصاري، عن النبي-ﷺ! فوهم فيه فطر. ووقع فيه: كنانة رجل بدل: حبل.

٩٣ - باب في المُتشدَّقِ في الكلام
٥٠٠٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ سِنانٍ الباهليُّ وكان ينزل العَوَقَةَ، حدَّثنا نَافِعُ بنُ عُمر، عن بِشر بنِ عاصم، عن أبيه
عن عبدِ الله بن عَمرو، قال: قالَ رسولُ الله ﷺ: «إن الله عز وجل يُبغِضُ البَليغَ مِن الرِّجالِ الذي يتخلَّل بلِسانه تخلُّلَ الباقِرَة بِلسَانها» (١).
٥٠٠٦ - حدَّثنا ابنُ السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهبِ، عن عبدِ الله بنِ المُسيَّب، عن الضحَّاك بن شُرحبيلَ


(١) إسناده حسن. والد بشر: هو عاصم بن سفيان الثقفي: روى عن جمع، وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وحديثه عند أصحاب السنن، وبقية رجاله ثقات. والعَوَقة: محلة من محال البصرة، تُنسَبُ إلى القبيلة، وهي بطن من عبد القيس.
وأخرجه الترمذي (٣٠٦٧) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن نافع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٤٣).
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٥١٧) بلفظ:
«سيكون قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة من الأرض» وإسناده ضعيف.
وعن عبد الله بن عمر، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٩٠٣٥)، وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٨/ ١١٦ وقال: رواه الطبراني في «الأوسط» عن شيخه مقدام بن داود، وهو ضعيف.
وقوله: «يبغض البليغ من الرجال»، قال السندي في «حاشيته على المسند» أي: المبالغ في الكلام وأداءِ الحروف، أو المتكلم بالكلام البليغ بالتكلف دون الطبع والسليقة. وقوله: «يتخلل»: أي: يتشدَّق في الكلام، ويفخم لسانه، ويلفه كما تلفُّ البقرةُ الكلأَ بلسانها، والمراد: يُدير لسانه حولَ أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته. قاله السندي. والباقرة: هي البقرة بلغة أهل اليمن.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ:»من تعلَّم صَرْفَ الكلامِ لِيَسبي به قلوبَ الرِّجالِ -أو الناسِ- لم يقبلِ اللهُ منهُ يومَ القيامةِ صرفًا ولا عدلًا، (١).
٥٠٠٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم
عن عبدِ الله بنِ عمر، أنه قال: قَدِمَ رجُلانِ مِن المشرِقِ، فخطبا، فَعَجِبَ الناسُ -يعني لبيانِهما-، فقال رسولُ الله ﷺ-ِ: «إن من البيانِ لَسِحرًا - أو: إن بعضَ البيان لَسِحرٌ» (٢).


(١) إسناده ضعيف. الضحاك بن شرحبيل ضعفه أحمد، وقال غيره: صدوق، يعني أنه لا يحتج به لكن يصلح حديثه للمتابعة، وقال المنذري: الضحاك بن شرحبيل - هذا- مصري، ذكره ابن يونس في «تاريخ المصريين»، وذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكر له رواية عن أحد من الصحابة، وإنما روايته عن التابعين. ويشبه أن يكون الحديث منقطعا، والله عز وجل أعلم.
وأخرجه البيهقي في«الشعب» (٤٩٧٤)، وفي «الأداب» (٣٩١) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد في «الزهد» ص ٣٨٠ عن أبي إدريس الخولاني قال: من تعلم صرف الحديث ليستكفىء به قلوب الناس لم يَرَحْ رائحة الجنة.
قال الخطابي في «معالم السنن»: صرف الكلام فضله، وما يتكلفه الإنسان من الزيادة فيه من وراء الحاجة، ومن هذا سُمِّيَ الفضلُ بينَ النقدين صرفًا.
وإنما كره رسولُ الله ﷺ ذلك لما يدخله من الرياء والتصنع، ولما يخالطه من الكذب والتزيد، وأمر ﷺ أن يكون الكلامُ قصدًا تِلوَ الحاجَةِ غيرَ زائد عليها، يُوافق ظاهرَه باطنُه، وسرَّه علنُه.
قوله: «صرفا ولا عَدْلًا»، قال ابن الأثير في «النهاية»: قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث، فالصرف: التوبةُ، وقيل: النافلةُ. والعدل: الفِدية، وقيل الفريضة.
(٢) إسناده صحيح متصل. =

٥٠٠٨ - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الحميدِ البَهْرانيُّ، أنه قرأ فى أصْلِ إسماعيلَ ابنِ عياشٍ. وحدثه محمدُ بنُ إسماعيلَ ابنُه، قال: حدَّثني أبي، حدثني ضَمضمٌ، عن شُريح بنِ عُبيدِ، قال:


= وهو كذلك في «الموطأ» برواية أبي مصعب الزهري (٢٥٧٤).
وهو أيضًا في «الموطأ» ٢/ ٩٨٦ برواية يحيى الليثي مرسلًا، وكذلك هو عند ابن عبد البر في «التمهيد» ٥/ ١٦٩، وفي «التجريد» ص ٥١، وابن حجر في «الاتحاف» ٨/ ٣٢٣، والزرقاني في «شرح الموطا» ٤/ ٤٠٣. لم يذكر فيه عبد الله بن عمر. وقد
وقع في المطبوع منه مسندًا وهو خطًا.
قال ابن عبد البر تعليقًا على الرواية المرسلة: هكذا رواه يحيى، عن مالك، عن زيد بن أسلم مرسلًا، وما أظن أرسله عن مالك غيره، وقد وصله جماعة عن مالك، منهم القعنبىُّ (كما في رواية أبي داود هنا)، وابن وهب، وابن القاسم، وابن بكير، وابن نافع، ومطرف، والتتيسي، رووه كلهم عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ. وهو الصواب، وسماع زيد بن أسلم من ابن عمر صحيح.
وأخرجه من طريق مالك البخاري (٥٧٦٧).
وأخرجه البخاري (٥١٤٦) من طريق سفيان، والترمذي (٢١٤٧) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر.
وهو موصول في «مسند أحمد» (٤٦٥١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧١٨) قال ابن عبد البر فى «التمهيد» ٥/ ١٧٠ - ١٧١: وقد روي عن النبي-ﷺ في قوله: «إن من البيان لسحرًا»، من وجوه غير هذا من حديث عمار وغيره. واختلف في المعنى المقصود إليه بهذا الخبر، فقيل: قصد به إلى ذمِّ البلاغة، إذ شبهت بالسحر، والسحر محرم مذموم، وذلك لما فيها من تصوير الباطل في صورة الحق، والتفيهق والتشدق، وقد جاء في الثرثارين المتفيهقين ما جاء من الذم، وإلى هذا المعنى ذهب طائفة من أصحاب مالك، واستدلوا على ذلك بدخال مالك له في «موطئه» في باب ما يكره من الكلام. وأبى جمهور أهل الأدب والعلم بلسان العرب إلا أن يجعلوا قوله ﷺ: «إن من البيان لسحرًا» مدحًا وثناء وتفضيلًا للبيان وإطراء، وهو الذي تدل عليه سياقة الخبر ولفظه.

حدَّثنا أبو ظَبيةَ، أن عمرو بنَ العاصِ قال يومًا -وقامَ رجُلٌ فأكثرَ القول- فقال عَمرٌو: لو قصدَ في قوله لكان خيرًا له، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «لقد رأيتُ -أو أُمِرتُ- أن أتجوَّزَ في القول، فإن الجوازَ هو خيرٌ» (١).

٩٤ - باب ما جاء في الشِّعر
٥٠٠٩ - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن الأعمش، عن أبي صَالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «لأن يَمتلِئَ جوفُ أحدِكم قيحًا خيرٌ لهُ من أن يَمتَلِئ شِعرًا» (٢).
قال أبو علي اللؤلؤيُّ: بلغني، عن أبي عُبيدٍ أنه قال: وجهُهُ أن يمتلى قلبُه حتى يشغَلَه عن القُرآنِ وذكرِ الله، فإذا كان القرآنُ والعلمُ الغالبَ فليس جوفُ هذا عندنا ممتلئًا مِن الشعر.


(١) إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن إسماعيل بن عياش. قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئًا حملوه على أن يحدث فحدث، وسئل أبو داود عنه، فقال: لم يكن بذاك، وقال ابن حجر في «التقريب»: عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. ضمضم: هو ابن زرعة، وأبو ظبية: هو السُّلفي الحمصي الكلاعي.
وأخرجه البيهقى في «شعب الإيمان» (٤٩٧٥) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه البخاري (٦١٥٥)، ومسلم (٢٢٥٧) (٧)، وابن ماجه (٣٧٥٩)، والترمذي (٣٠٦٥) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٧٧) و(٥٧٧٩).

و«إن من البيان لسحرًا» قال: المعنى أن يبلُغَ من بيانِه أن يمدَحَ الإنسانَ، فيُصَدَّق فيه، حتى يصرِفَ القلوبَ إلى قوله، ثم يذُمَّه، فيُصدَّقَ فيه، حتى يَصرِفَ القلوبَ إلى قوله الَاخَر، فكأنه سَحَرَ السامعينَ بذلك (١).
٥٠١٠ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن يونس، عن الزهريِّ، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ عبدِ الرحمن بن الحارث بنِ هِشام، عن مروانَ بنِ الحكم، عن عبدِ الرحمن بنِ الأسود بنِ عبد يغوثَ


(١) أبو عبيد: هو القاسم بن سلام، ونص كلامه في «غريب الحديث» ١/ ٣٦ في تأويل هذا الحديث: وجهُه عندي أن يمتلى قلبُه من الشعر حتى يغلبَ عليه، فيشغلَه عن القرآن، وعن ذكر الله، فيكون الغالبُ عليه من أىِّ الشعرِ كان، فإذا كان القرآن والعلم الغالبينِ عليه، فليس جوفُه ممتلئًا مِن الشعر. وقد عنون البخاري رحمه الله لهذا الحديث بـ: باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن.
قلنا: وقال أهل العلم: لا بأسَ برواية الشعر الذي ليس فيه هجاء ولا نكت عرض أحد من المسلمين ولا فحش، روي ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس وعمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير، ومعاوية وعمران بن الحصين والأسود بن سريع وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
انظر «عمدة القاري» ٢٢/ ١٨٩، و«شرح مسلم» ١٥/ ١٤ - ١٥ للنووي.
وقال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٥٥٠: مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الاقبال عليه، والاشتغال به، فزجرهم عنه ليقبلوا على القرآن وعلى ذكر الله تعالى وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك.
وانظر«»شرح معاني الآثار" ٤/ ٢٩٥ - ٣٠١.

عن أُبىِّ بن كعب، أن النبيَّ- ﷺ قال: «إنّ مِنَ الشِّعْرِ حِكمَةً» (١).
٥٠١١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن سِماكٍ، عن عِكرِمَة
عن ابنِ عباس، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ- ﷺ، فجعل يتكلَّمُ بكلامٍ، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ مِن البَيانِ سِحْرًا، وإن مِنَ الشعرِ حُكمًا» (٢).


(١) حديث صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، ومروان بن الحكم: هو ابن أبي العاص بن أمية ابن عم عثمان بن عفان، وقد ولي الخلافة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٥٥) من طريق أبي أسامة، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦١٤٥) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٥٤) و(٢١١٥٨) وقوله: «إن من الشعر حكمة»: من تبعيضية، يريد أن الشعر لا دخل له في الحُسن والقُبح، والمدار إنما هو على المعاني لا على كون الكلام نثرًا أو نظمًا، فإنهما كيفيتان لأداه المعنى، وطريقان إليه، ولكن المعنى إن كان حسنًا وحكمة فذلك الشِّعر حكمة، واذا كان قبيحًا فذلك الشِّعر كذلك، وإنما يُذَمُّ الشِّعر شرعًا بناء على أنه غالبًا يكون مدحًا لمن لا يستحقُّه وغير ذلك، ولذلك لما قال تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤]، أثنى على ذلك بقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، الآية [الشعراء: ٢٢٧]. قاله السندي في «حاشيته على سنن ابن ماجه».
(٢) حديث صحيح بما قبله، وبما سلف عند المصنف من حديث ابن عمر (٥٠٠٧)، وهذا إسناد فيه سماك -وهو ابن حرب -وهو وإن كان صدوقا حسن الحديث إلا أن في روايته عن عكرمة -وهو مولى ابن عباس- اضطرابًا وباقي رجاله ثقات. أبو
عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه الترمذي (٣٠٥٨) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٥٦) من طريق زائدة بن قدامة، عن سماك، به. =

٥٠١٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا أبو تُميلةَ، حدَّثني أبو جعفرٍ النحويُّ عبد الله بن ثابت، حدَّثني صخرُ بنُ عبدِ الله ابن بُريدةَ، عن أبيه
عن جدِّه، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ -يقولُ: «إن من البيانِ سِحرًا، وإن من العلِم جَهْلًا، وإن مِن الشعرِ حُكْمًا، وإن من القول عِيالًا» (١).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٧٨) و(٥٧٨٠)، وقد ذكرنا تتمة أحاديث الباب في «المسند».
وقوله: «إن من الشعرحُكمًا»: بضم فسكون، أي: حِكْمة، وضبطه بعضهم بكسر الحاء وفتح الكاف على أنه جمع حِكمة.
وقال ابن الأثير في «النهاية»: أي: إن من الشعر كلامًا نافعًا يمنع من الجهل والسَّفَه، وينهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظَ والأمثال التي ينتفع بها الناس، والحُكْمُ: العلمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر: حَكَم يَحْكُم، ويروى: «إن من الشعر لحِكمة» وهي بمعنى الحكم.
(١) حديث صحيح لغيره دون قوله: «وإن من العلم جهلًا» وقوله: «وإن من القول
عيالًا»، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي جعفر عبد الله بن ثابت وصخر بن عبد الله. أبو تميلة: هو يحيى بن واضح الأنصاري. وسعيد بن محمَّد: هو ابن سعيد الجرمي.
وأخرجه أبي أبي شيبة ٨/ ٦٩٢، والبزار (٢١٠٠ - كشف الأستار) من طريق
حسام بن المِصكّ، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي ﷺ ولفظه: «إن من الشعر حكمًا».
وأخرج القضاعي في «مسند الشهاب» (٩٦١) من طريق عمارة بن أبي حفصة، عن عبد الله بن بريدة، عن صعصعة بن صوحان، عن علي. فذكره. وفي إسناده من قدتكلم فيه.
ويشهد لقوله: «إن من البيان لسحرًا وإن من الشعر لحكمًا» حديث ابن عمر السالف عند المصنف برقم (٥٠٠٧)، وحديث أبى بن كعب السالف (٥٠١٠)، وما قبله من حديث ابن عباس.

فقال صَعْصَعَةُ بن صُوحانَ: صَدَقَ نبيُّ الله ﷺ: أما قوله: «إن مِنَ البيانِ سِحْراَ»: فالرجلُ يكون عليهِ الحَق وهو ألحَنُ بالحُجَجِ من صَاحِب الحقِّ، فيسحَرُ القومَ ببيانِه، فيذهبُ بالحقِّ.
وأما قوله: «إن من العلم جهلًا»: فيتكلّفُ العالِمُ إلى عِلْمِه ما لا يعلمُ فيُجَهله ذلك.
وأما قوله:: «إن من الشعر حُكمًا»: فهي هذه المواعظُ والأمثالُ
التي يتَعظُ بها الناسُ.
وأما قوله «إن من القول عِيالَا»: فَعَرْضُكَ كلامَك وحديثك على مَن لَيس من شأنِه ولا يُريدُه (١).
٥٠١٣ - حدَّثنا ابنُ أبي خَلَفٍ وأحمدُ بنُ عَبدةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، قال:
مرَّ عُمَرُ بحسَّان وهو يُنشِدُ في المَسْجِدِ، فلحَظَ إليه، فقال: قد كنتُ أنشِدُ فيه مَنْ هو خيرٌ منك (٢).


(١) ذكره في «النهاية» وزاد: يقال: عِلْتُ الدابة أعيل عيلًا: إذا لم يدر أي جهة تبغيها، كأنه لم يهتد لمن يطلب كلامه، فعرضه على من لا يريده.
(٢) إسناده صحيح. سعيد -وهو ابن المسيب-، قال أحمد في رواية أبي طالب: هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل. وقال أبو حاتم: حديثه عن عمر مرسل يدخل في المسند على المجاز.
وأخرجه البخاري (٣٢١٢) عن علي بن عبد الله، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٧) و(٩٩٢٧) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وزادا فيه: ثم التفت (أى حسان) إلى أبى هريرة، فقال: أنشدك بالله أسمعتَ رسولَ الله ﷺ يقول: «أجب عني، اللهم أيده بروح القدس» قال: نعم. وانظر ما بعده.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٩٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧١٤٨).

٥٠١٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، عن سعيد بنِ المُسيَّب، عن أبي هريرة، بمعناه، زاد: فَخَشِيَ أن يرمِيَه برسولِ الله ﷺ، فاجأزَه (١).
٥٠١٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ المصيصييُّ لوينٌ، حدَّثنا ابنُ أبي الزناد، عن أبيهِ، عن عُروةَ. وهشامٍ، عن عُروةَ
عن عائشة، قالت: كان رسول الله ﷺ يضع لحسانَ بنِ ثابت مِنبَرًا في المسجد، فيقومُ عليه يهجُو مَن قال في رسول الله ﷺ، فقال رسولُ الله ﷺ: «إن رُوحَ القُدُسِ مَعَ حسَّانَ ما نافَحَ عن رسولِ الله ﷺ» (٢).


(١) إسناده صحيح.
وهو في«مصنف عبد الرزاق» (٢٠٥٠٩)، ومن طريقه أخرجه مسلم (٢٤٨٥) (١٥١) بهذا الإسناد. لكن دون الزيادة التي أشار إليها المصنف.
وأخرجه مسلم (٢٤٨٥) (١٥١) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به.
وأخرجه البخاري (٤٥٣) و(٦١٥٢)، ومسلم (٢٤٨٥) (١٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٢٨) من طريق شعيب، والبخاري (٦١٥٢) من طريق محمَّد بن أبي عتيق، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع حسان ابن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة. فساقه بنحو الزيادة التي أشرنا إليها في الحديث السالف عند المصنف من طريق سعيد عن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٤٤) و(٢١٩٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٥٣).
والزيادة التي أشار إليها أبو داود: أخرجها عبد الرزاق في «مصنفه» (١٧١٦) و(٢٠٥١٠)، والطبراني في «الكبير» (٣٥٨٥) و(٣٥٨٦) لكن لم يذكرا في الحديث أبا هريرة.
وانظر ما قبله.
وقوله: فخشي، قال في «عون المعبود»: أي: عمر رضي الله عنه. برسول الله ﷺ، أي: بإجازته ﷺ. فأجازه، أي: أجاز عمرُ حسانَ أن ينشد في المسجد.
(٢) حديث صحيح لغيره دون قوله: «كان رسول الله ﷺ يضع لحسان منبرًا أبي المسجد». وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي الزناد -وهو عبد الرحمن، وقد انفرد =

٥٠١٦ - حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ المروزيُّ، حدَّثني عليُّ بنُ حسين، عن أبيه، عن يزيدَ النحوىِّ، عن عكرمةَ
عن ابن عباس قال: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤]، فنَسخ مِن ذلك واستثنى، فقال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الشعراء: ٢٢٧] (١).


= بهذه اللفظة، وهو ممن لا يحتمل تفرده. ووالد عبد الرحمن: هو عبد الله بن ذكوان، وهشام: هو ابن عروة.
وأخرجه الترمذي (٣٠٥٩) عن إسْماعيل بن موسى وعلي بن حجر، عن ابن أبي الزناد، عن هام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٠٦٠) عن إسماعيل بن موسى وعلي بن حجر، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، به.
وأخرج مسلم (٢٤٩٠) ضمن حديث طويل عن عائشة مرفوعًا: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله».
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه». (٧١٤٧) من وجه آخر عن عائشة من طريق مروان بن عثمان، عن يعلي بن شداد، عن أبيه، عنها سمعت رسول الله ﷺ يقول لحسان بن ثابت: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله» ومروان ابن عثمان ضعيف.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٣٧).
وفي الباب عن البراء بن عازب، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٨٥٢٦)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.
وروح القدس: هو جبريل عليه السلام.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٣٨ قوله: «ما نافح»، معناه: دافع، ومن هذا قولهم: نفحتُ الرجلَ بالسيفِ: إذا تناولته مِن بُعد، ونفحته الدابةُ: إذا أصابته بحد حافرها.
(١) إسناده حسن. علي بن الحسين: هو ابن واقد روى عنه جمع من الحفاظ، وقال النسائي: لا بأس به، ووصفه الذهبي في «السير» بالإمام المحدث الصدوق، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال: وكان عالمًا صاحب حديث كأبيه، ويغلب على الظن أن تضعيف أبي حاتم له وإسحاق بن راهويه للإرجاء، وليس ذلك بجرح، لأن الإرجاء كما يقول الذهبي في ترجمة مسعر من «الميزان»: مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله.
وأخرجه البيهقى في «السنن» ١٠/ ٢٣٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٨٧١) عن إسحاق، عن علي بن حسين، به.
وفي الباب عن ابن جرير الطبري في «التفسير» ٩/ ٤٨٨، وابن أبي شيبة ٨/ ٧٠٦ - ٧٠٧، وابن أبى حاتم في «التفسير» كما عند ابن كثير ٦/ ١٨٦ من طريق محمَّد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي الحسن سالم البراد مولى تميم الداري قال: لما نزلت: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ جاء حسان بن ثابت، وعبد الله ابن رواحة، وكعب بن مالك إلى رسول الله ﷺ، وهم يبكون، فقالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء، فتلا النبي ﷺ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، قال: أنتم ﴿وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾، قال: أنتم، ﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾، قال: أنتم.
ورواه ابنُ أبي حاتم كما عند ابن كثير في «التفسير» ٦/ ١٨٦ من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة قال: لما نزلت: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾، قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله ﷺ، قد علم الله أنى منهم، فأنزل الله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ إلى قوله: ﴿يَنْقَلِبُونَ﴾.
وقال ابن كثير: وهكذا قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، وزيد بن أسلم، وغير واحد أن هذا استثناء مما تقدم، ولا شك أنه اسثناء، ولكن هذه السورة مكية، فكيف يكون سبب نزول هذه الآية شعراء الأنصار؟ في ذلك نظر، ولم يتقدم إلا مرسلات لا يعتمد عليها، والله أعلم، ولكن هذا الاسثناء بدخل فيه شعراء الأنصار وغيرهم، حتى يدخل فيه من كان متلبسًا من شعراء الجاهلية بذم الإسلام وأهله، ثم تاب وأناب، ورجع وأقلع، وعمل صالحا، وذكر الله كثيرًا في مقابلة ما تقدم من الكلام السيئ، فإن الحسنات يذهبن السينات، وامتدح الإِسلام وأهلَه في مقابلة ما كذب بذمه.
وقول ابن عباس:«فنسخ من ذلك»، المراد به: التخصيص.

٩٥ - باب في الرؤيا
٥٠١٧ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله بنِ أبي طلحةَ، عن زُفَر بنِ صَعْصَعَة، في أبيه
عن أبي هريرة: أن رسولَ الله ﷺ كان إذا انصرفَ مِن صلاةِ الغَداةِ يقول: «هل رأى أحدٌ منكم اللّيلةَ رُؤيا؟» ويقول: «إنهُ ليس يبقَى بعدي من النُّبؤَةِ إلا الرُّؤيا الصَّالِحَةُ» (١).


(١) إسناده صحيح.
وهو «موطا مالك» ٢/ ٩٥٦ عن إسحاق بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٥٧٤) من طريق معن بن عيسى وعبد الرحمن ابن القاسم، كلاهما عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن زفر بن صعصعة، عن أبي هريرة. بإسقاط صعصعة بن مالك. والمحفوظ عن مالك بإثباته في السند كما هي رواية المصنف، وهكذا رواه جماعة منْ أصحابه عنه كأبي مصعب الزهري، ومصعب ابن عبد الله الزبيري وغيرهم، وهكذا ذكر الحافظ ابن عساكر أنه المحفوظ عنه فيما نقله عنه الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» ٩/ ٤٥٢.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣١٣)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٤٨).
وأخرجه بنحوه البخاري (٦٩٩٠) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
ولفظه: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات» قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة».
قال الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٣٧٥: كذا ذكره باللفظ الدال على المعنى تحقيقًا لوقوعه، والمراد إلاستقبال، أي: لا يبقى.
وقيل: هو على ظاهره، لأنه قال ذلك في زمانه، والسلام في النبوة للعهد والمراد نبوته، والمعنى: لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات، ثم فسرها بالرؤيا، وصرح به في حديث عائشة عند أحمد (٢٤٩٧٧) «لا يبقى بعدي. ...»، وقد جاء في حديث =

٥٠١٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أنسِ بن مالكٍ
عن عبادةَ بنِ الصَّامِتِ، عن النبيِّ ﷺ، قال: «رُؤيا المُؤمنِ جُزءٌ من ستّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبؤَةِ» (١).
٥٠١٩ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، عن أيوبَ، عن محمدٍ
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: «إذا اقترَبَ الزَّمانُ لم تَكد رؤيا المُؤمن أن تكذِبَ، وأصدقُهُم رؤيًا أصدقُهُم حديثًا، والرؤيا


= ابن عباس أنه ﷺ قال ذلك في مرض موته، أخرجه مسلم (٤٧٩) وأبو داود (٨٧٦) والنسائي في»الكبرى«(٦٣٧) من طريق عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن ابن عباس، أن النبي-ﷺ كشف الستارة ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، والناس صفوف خلف أبي بكر فقال:» يا أيها الناس لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له«وللنسائي في»الكبرى«(٧٥٧٤) من رواية زفر بن صعصعة عن أبي هريرة رفعه»إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة«وهذا يؤيد التأويل الأول.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٩٨٧)، ومسلم (٢٢٦٤)، والترمذي (٢٤٢٤)، والنسائي في»الكبرى«(٧٥٧٨) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(١٢٩٣٠) و(٢٢٦٩٧).
قال البغوي في»شرح السنة«١٢/ ٢٠٣ - ٢٠٤: قوله:»جزء من النبوة«: أراد تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وإنما كانت جزءًا من النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم، قال عيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي. وقرأ: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢].
وقيل: معناه: أنها جزء من أجزاء علم النبوات، وعلم النبوة باق، والنبوة غير باقية، أو أراد به أنه كالنبوة في الحكم بالصحة، كما قال عليه الصلاة والسلامالهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة" أي: هذه الخصال في الحسن والاستحباب كجزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا فيها بهم، لا أنها حقيقة نبوة، لأن النبوة لا تتجزأ، ولا نبوة بعد الرسول ﷺ.

ثلاثٌ: فالرؤيا الصَّالِحَةُ بُشرى من الله، والرؤيا تَحْزِينٌ مِن الشِّيطانِ، ورؤيا مِمَّا يُحدِّثُ به المرءُ نفسَه، فإذا رأى أحدُكم ما يكرَه فليَقُم، فليصلِ، ولا يُحَدَّث بها الناسَ». قال: «وأحِبُّ القَيْدَ وأكره الغُلَّ، والقَيد: ثبَاتُ في الدِّينِ» (١).


(١) إسناده صحيح. عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد: هو ابن سيرين.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٣) (٦) عن محمَّد بن أبي عمر، والترمذي (٢٤٢٣) عن نصر بن علي، كلاهما عن عبد الوهاب الثقفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٤٤٤) من طريق معمر، عن أيوب، به.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٣)، وابن ماجه (٣٩٠٦) و(٣٩١٧)، والترمذي (٢٤٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٠٧) و(١٠٦٨٠) من طرق عن ابن سيرين، به.
وأخرجه بنحوه مختصرًا النسائي في «الكبرى» (١٠٦٧٢) و(١٠٦٧٣) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وبعض مصادر الحديث تزيد فيه على بعض.
وأخرجه موقوفًا مسلم (٢٢٦٣) (٦) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.
وأخرجه كذلك مسلم (٢٢٦٣) (٦) من طريق هشام، عن محمَّد بن سيرين، به.
وأخرجه البخاري (٧٠١٧) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن محمَّد بن سيرين، قال: وكان يقال: الرؤيا ثلاث ... فذكره.
قال الحافظ: قائلُ: قال: هو ابن سيرين، وأبهم القائل في هذه الرواية، وهو أبو هريرة، وقد رفعه بعض الرواة ووقفه بعضهم.
وقوله: «وأحبُّ القيد وأكرهُ الغُل» هو مدرج من قول أبي هريرة كما قال الخطيب في «الفصل للوصل للمدرج في النقل» ١/ ١٧٠، والحافظ المنذري في «تهذيب السنن» ٧/ ٢٩٧. قال الخطيب: إن جميع هذا المتن قول رسول الله ﷺ وإلا ذكرَ القيد والغُل، فإنه من قول أبي هريرة أدرجه هؤلاء الرواة في الحديث، وبينه معمرُ بن راشد في روايته عن أيوب، عن محمَّد بن سيرين. =

قال أبو داود: اقترابُ الزمانِ: يعني إذا اقتربَ الليلُ والنهارُ ويستويان (١).
٥٠٢٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حنبلٍ، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا يعلى بنُ عطاءٍ، عن وكيع بنِ عُدُسٍ


= قلنا: هو عند مسلم (٢٢٦٣)، وأحمد (٧٦٤٢)، والخطيب ١/ ١٧١، والبغوي في «شرح السنة» (٣٢٧٩)، والترمذي (٢٤٤٤)، وأخرجه كذلك ابن حبان في «صحيحه» (٦٠٤٠) من طريق سفيان، عن أيوب، به. ووقع عند مسلم (٢٢٦٣) بعد أن ساق رواية عبد الوهاب الثقفي قال: لا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين.
وانظر «فتح الباري» ١٢/ ٤١٠.
والقول الموقوف على أبي هريرة، أخرجه ابن ماجه مرفوعًا (٣٩٢٦) من طريق أبي بكر الهذلي، عن ابن سيرين، به. وأبو بكر متروك الحديث. وانظر تمام التعليق عليه وتخريجه فيه.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٤٢) و(٩١٢٩) و(١٠٥٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٤٠). وانظره فيهما.
(١) قال الإِمام الخطابي في تفسير قرب الزمان في «غريب الحديث» ١/ ٩٤: بلغني عن أبي داود أنه كان يقول: تقارب الزمان: هو استواء الليل والنهار، وهو إن شاء الله معنى سديد، والمعبرون يزعمون أن أصدق الأزمان لوقوع التعبير وقت انفتاق الأنوار، ووقت يَنْعِ الثمار وإدراكها، وهما الوقتان يتقارب فيهما الزمان ويعتدل الليل والنهار.
وفيه وجه آخر وهو أن يراد بقارب الزمان قرب انتهاء أمره، وقد جاء ذلك مرفوعًا حدثناه إسماعيل بن محمَّد أبو علي الصفار، حدَّثنا الرمادي، حدَّثنا عبد الرزاق، حدَّثنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي-ﷺ قال: «في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا» قلنا: وهذا إسناد صحيح، وهو في«مصنف عبد الرزاق» (٢٠٣٥٢) ومن طريقه أخرجه الترمذي (٢٤٤٤)

عن عمِّه أبي رَزِينٍ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «الرُّؤيا على رِجْلِ طَائِرِ، ما لم تُعْبرَ، فإذا عُبِرَتْ وقَعَت» قال: وأحسبُه قال: «ولا تَقُضَّها إلا على وادٍّ أو ذِي رأيٍ» (١).


(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة وكيع بن عُدس -وقيل: حُدس- ومع ذلك فقد حسّن إسناده الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ١٢/ ٤٣٢.
هشيم: هو ابن بشير.
وأخرجه بزيادة فيه ابن ماجه (٣٩١٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن هشيم، بهذا الاسناد.
وأخرجه كذلك الترمذي (٢٤٣١) و(٢٤٣٢) من طريق شعبة، عن يعلى، به.
ولفظ الترمذي في روايته الثانية: دون قوله: وأحسبه قال: «ولا تقصها ...» إلخ.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٤٩) و(٦٠٥٠). وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الحاكم ٤/ ٣٩١ من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الرؤيا تقع على ما تعبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله، فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا، فلا يحدث بها إلا ناصحًا أو عالمًا». وصحح إسناده، ووافقه الذهبي.
قلنا: وفي اتصاله وقفة، فهو عند عبد الرزاق في «المصنف» (٢٠٣٥٤) مرسلًا. وآخر من حديث عائشة عند الدارمي (٢١٦٣) بسند حسنه الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٤٣٢، قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر، يختلف -يعني في التجارة- فأتت رسول الله ﷺ فقالت: إن زوجي غائب وتركني حاملًا، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلامًا أعور. فقال: «خير، يرجع زوجك إن شاء الله صالحا، وتلدين غلامًا برًا» فذكرت ذلك ثلاثًا، فجاءت ورسول الله ﷺ غائب، فسألتها فأخبرتنى بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك، وتلدين غلامًا فاجرًا، فقعدت تبكي، فجاء رسول الله ﷺ، فقال: «مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا، فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها».
وقوله: «ولا تقصها ...» إلغ، له شاهد من حديث طويل لأبي هريرة عند الترمذي (٢٤٣٣) ولفظه: «لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح» وقال: حديث حسن صحيح. =

٥٠٢١ - حدَّثنا النُّفيليُّ، سمعتُ زهيرًا يقولُ: سمعتُ يحيى بنَ سعيدِ يقولُ: سمعت أبا سلمة يقول:
سمعت أبا قتادة يقول: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «الرُّؤيا مِنَ الله، والحُلُمُ من الشَّيطَانِ، فإذا رأى أحدُكم شيئًا يكرهُه فلينفث عن يسارِه ثلاثَ مرَّاتِ، ثم ليتعوَّذْ من شَرِّها، فإنها لا تضرُّه» (١).


= ويؤخذ من هذا أن الرؤيا تقع على ما يؤولُه ذلك العالمُ أو الناصحُ، لكن أخرج الترمذي (٣٩١٨) من حديث ابن عباس أن النبي ﷺ قال لأبي بكر وقد أوّل رؤيا: «أصبت بعضًا وأخطات بعضًا» استدل به البخاري على أن الرؤيا ليست لأول عامر إذا لم يُصب.
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٤٠: معنى هذا الكلام حسن الارتياد لموضع الرؤيا واستعبارها العالم بها الموثوق برأيه وأمانته.
وقوله: «على رجل طائر»: مثل، ومعناه: أنها لا تستقر قرارها ما لم تعبر.
وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله:«لا يقصها إلا على واد أو ذي رأي»: الواد لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب وإن لم يكن عالمًا بالعبارة ولم يعجل لك بما يغمك لا أن تعبيرها يزيلها عما جعله الله عليه.
وأما ذو الرأي، فمعناه: ذو العلم بعبارتها، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منها،ولعله أن يكون في تفسيره موعظة تردعك عن قبيحٍ أنت عليه أو تكون فيها بشرى فتشكر الله على النعمة فيها.
وقال الطيبي، فيما نقله العلامة علي القاري في «مرقاة المفاتيح» ٤/ ٥٤٩: التركيب من باب الشبيه التمثيلي، شبّه الرؤيا بالطير السريع طيرانه، وقد علق على رجله شيء يسقط بأدنى حركة، فينبغي أن يتوهم للمشبه حالات مناسبة لهذه الحالات، وهي أن الرؤيا مستقرة على ما يسوقه التقدير إليه من التعبير، فإذا كانت في حكم الواقع، قيض من يتكلم بتاويلها على ما قدر، فيقع سريعًا، وان لم يكن في حكمه لم يقدَّر لها من يعبرها.
(١) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد، وزهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه البخاري (٥٧٤٧)، ومسلم (٢٢٦١) (١) و(٢)، وابن ماجه (٣٩٠٩)، والترمذي (٢٤٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٨٠) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. =

٥٠٢٢ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ ابن مَوهَبٍ الهمدانىُّ وقتيبةُ بنُ سعيدٍ الثقفيُّ، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزُّبيرِ
عن جابرِ، عن رسول الله ﷺ، أنه قال: «إذا رأى أحدُكُم الرؤيا يكرهُها فليبصُق عن يساره، وليتعوَّذْ بالله مِنَ الشيطانِ ثلاثًا، ويتحوَّل عن جنبِه الذي كان عليه» (١).


= وأخرجه البخاري (٦٩٨٤) و(٦٩٨٦) و(٦٩٩٥) و(٧٠٠٥) و(٧٠٤٤)، ومسلم (٢٢٦١) (١) و(٣) و(٤) من طرق عن أبي سلمة، به.
وقد وصفت الرؤيا في بعض الروايات بالصادقة.
وأخرجه البخاري (٣٢٩٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٦٦٦) و(١٠٦٦٨) من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أي قتادة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٥٢٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٥٨) و(٦٠٥٩). وانظر حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (٥٠١٩) وفيه: «فإذا رأى أحدُكم ما يكره فليقم، فليصل، ولا يحدث بها الناس»، وهو في الصحيح. وانظر تمام تخريجه هناك.
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرس، وروايته عن جابر محمولة على السماع وإن لم يصرح به فيما رواه عنه الليث ابن سعد.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٠٦) و(١٠٦٨١) عن قتيبة ابن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٢)، وابن ماجه (٣٩٠٨) عن محمَّد بن رمح المصري، عن الليث، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٧٨٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٥٦٠).
وقد سلف عند المصنف نحوه من حديث أبي قتادة (٥٠٢١) وحديث أبي هريرة وفي الباب حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (١١٥٤) وسنده صحيح.

٥٠٢٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، أخبرني أبو سلمةً بنُ عبدِ الرحمن
أن أبا هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «من رآني في المنَامِ فسَيَراني في اليَقَظَةِ -أو: لكأنما رآني في اليَقَظَةِ- ولا يتمثَّلُ الشيطانُ بي» (١).
٥٠٢٤ - حدَّثنا مُسَدد وسليمانُ بنُ داود، قالا: حدَّثنا حماد، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمة
عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ- ﷺ قال: «مَنْ صوَّر صُورةً عذَّبَهُ اللهُ بها


(١) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد بن أبي النجاد.
وأخرجه البخاري (٦٩٩٣) عن عبدان، ومسلم (٢٢٦٦) عن أبي الطاهر وحرملة، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وزاد البخاري في آخر روايته:
قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته.
وأخرجه البخاري (١١٠) و(٦١٩٧) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. وفيه زيادة، وقال:»ومن رآني في المنام فإن الشيطان لا يتمثل فى صورتي«.
وأخرجه مسلم (٢٢٦٦)، والترمذي (٢٤٣٣) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. ولفظه:»من رآني لْي المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي«. ورواية الترمذي ضمن حديث.
وأخرجه ابن ماجه (٣٩٠١) من طريق عبد الرحمن، عن أبي هريرة. نحو اللفظ السابق.
وزاد مسلم في روايته عن الزهري (٢٢٦٦) أنه قال: فقال أبو سلمة: قال أبو قتادة: قال رسول الله ﷺ:»من رآني فقد رأى الحق«. ثم ساقه مسلم من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي الزهري، عن عمه الزهري، وقال: فذكر الحديثين
جميعًا بإسناديهما سواءً مثل حديث يونس يعني (٢٢٦٦).
وهو في»مسند أحمد«(٧٥٥٣) و(٧١٦٨)، و»صحيح ابن حبان«(٦٠٥١) وانظر أقوال أهل العلم في معنى هذا الحديث في» الفتح" ١٢/ ٣٨٣ - ٣٨٩.

يومَ القيامةِ حتى ينفُخَ فيها، وليس بنافِخٍ، ومن تحلَّم كُلِّفَ أن يعقِدَ شَعِيَرةً، ومنِ استَمَعَ إلى حديثِ قوم يفِرُّونَ بِهِ منه، صُبَّ في أُذُنِه الآنُكُ يومَ القِيامَةِ» (١).
٥٠٢٥ - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ
عن أنسِ بنِ مالكِ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «رأيتُ الليلةَ كأناَّ في دارِ عُقبةَ بنِ رافع، وأُتِينا برُطَبٍ من رُطَبِ ابنِ طابٍ، فأوَّلتُ: أن الرفعةَ لنا في الدُّنيا، والعاقبةَ في الآخِرَةِ، وأن دينَنا قد طَابَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة.
وأخرجه الترمذي (١٨٤٧)، والنسائي في«»الكبرى«(٩٦٩٨) مختصرًا عن قتيبة ابن سعيد، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٧٠٤٢) من طريق سفيان بن عيينة، ومختصرًا الترمذي (٢٤٣٦)
من طريق عبد الوهاب، كلاهما عن أيوب، به.
وأخرجه بأخصر مما هنا وفيه قصة البخاري (٢٢٢٥) من طريق سعيد بن أبي الحسن، عن ابن عباس.
وأخرجه كذلك البخاري (٥٩٦٣)، والنسائي في»الكبرى«(٩٦٩٧) من طريق النضر بن أنس، عن ابن عباس.
وأخرجه البخاري بإثر (٧٠٤٢) موقوفًا على ابن عباس من طريق خالد، عن عكرمة، عنه. وقال: تابعه هشام عن عكرمة عن ابن عباس. قوله.
وهو في»مسند أحمد«(١٨٦٦)، و»صحيح ابن حبان«(٥٦٨٥).
قال الخطابي: قوله:»تحلَّم"، معناه: تكذَّب بما لم يره في منامه، يقال: حلم الرجل يحلم، إذا رأى حلما، وحَلُمَ: بالضم، إذا صار حليمًا، وحلِم الأديم: بكسر اللام حلمًا.
ومعنى عقد الشعيرة: أنه يكلف ما لا يكون ليطول عذابه في النار. وذلك: أن عقد ما بين طرفي الشعيرة غير ممكن.
والآنُك: الأسْرُدبُّ: قلنا: هو الرصاصُ المذاب.
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني. =

٩٦ - باب في التثاؤب
٥٠٢٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونَس، حدَّثنا زُهيرُ، عن سُهيلٍ، عن ابن أبي سعيدِ الخدري
عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا تثاءب أحدُكم، فليُمسِك على فيه، فإن الشَّيطانَ يدخلُ» (١).
٥٠٢٧ - حدَّثنا ابنُ العلاءِ عن وكيعِ، عن سفيانَ
عن سُهيلِ، نحوه، قال: «في الصَّلاةِ فليَكظِم ما استطاعَ» (٢).


= وأخرجه مسلم (٢٢٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (٧٥٩٧) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبىُّ، عن حماد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٢١٩).
قال النووي في «شرح مسلم» ١٥/ ٢٥: قوله: «برطب من رطب ابن طاب»: هو نوع من الرطب معروف يقال له: رطب ابن طاب، وتمر ابن طاب، وعذق ابن طاب، وعرجون ابن طاب، وهي مضاف إلى ابن طاب: رجل من أهل المدينة.
وقوله:«أن ديننا قد طاب»: أي: كمل واستقرت أحكامه وتمهدت قواعده.
(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وسهيل: هو ابن أبي صالح، وابن أبي سعيد الخدرى: هو عبد الرحمن.
وأخرجه مسلم (٢٩٩٥) من طريق بشر بن المفضل، و(٢٩٩٥) من طريق عبد العزيز، كلاهما عن سهيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٩٩٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٣٦٠) من طريق جرير، عن سهيل عن أبيه. وعن ابن أبي سعيد، عن أبي سعيد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٨٨٩)، و(١١٩١٦).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. ابن العلاء: هو محمَّد بن كريب (أبوكريب)، ووكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثورى. =

٥٠٢٨ - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن سعيدِ المقبريِّ عن أبيه
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ اللهُ يحِبُّ العُطَاسَ، ويكرَهُ التّئاؤبَ، فإذا تثاءبَ أحدُكم فليرُدَّهُ ما استطاعَ، ولا يقُل: هَاهْ هاه، فإنما ذلكم مِن الشَّيطانِ، يضحَكُ مِنه» (١).


= وأخرجه مسلم (٢٩٩٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٦٢) و(١١٣٢٣).
وانظر ما قبله.
(١) إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، وسعيد المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد كيسان.
وأخرجه الترمذي (٢٩٥٠) عن الحسن بن علي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٢٨٩) و(٦٢٢٣) و(٦٢٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٧١) و(٩٩٧٢) من طرق عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، به. ولفظ النسائي الأول: «العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان، فإذا عطس أحدم فليحمدِ الله، وحق على من سمعه أن يقول: يرحمكم الله».
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٩٧٣) من طريق القاسم، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي (٢٩٤٩)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٧٤) من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (٢٩٩٤)، والترمذي (٣٧٠)، وابن حبان (٢٣٥٧) و(٢٣٥٩) من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. ولفظه: «التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع»، وقيد الترمذي وابن حبان في روايته الثانية: التثاؤب في الصلاة.
قال الحافظ العراقي في «شرح الترمذي»: أكثر رواية «الصحيحين» فيها إطلاق التثاؤب، ووقع في الروايات الأخرى تقييدها بحالة الصلاة، فيحتمل أن يحمل المطلق على المقيد، وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في صلاته، ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد، ولا يلزم من ذلك أنه لا يكره في غير حالة الصلاة. =

٩٧ - باب في العُطَاس
٥٠٢٩ - حدَّثنا مُسَدَّدُ، حدَّثنا يحيى، عن ابن عجلانَ، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالحٍ
عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا عَطَس وضَعَ يَدَه - أو ثوبَهُ- على فيهِ، وخَفَضَ -أو غضَّ- بها صوتَهُ. شَكَّ يحيى (١).
٥٠٣٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ بنِ سُفيانَ وخُشيشُ بنُ أصرمَ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن ابنِ المُسيَّب
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«خَمْسٌ تَجِبُ للمُسلِمِ على أخيه: ردُّ السَّلامِ، وتشميتُ العَاطِس، وإجابةُ الدعوة، وعيادةُ المريضِ، واتباعُ الجَنَازَة» (٢).


= وفي «مسند أحمد» (٧٢٩٤) و(٧٥٩٩) و(٩١٦٢) و(٩٥٣٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٨) و(٢٣٥٨).
وأخرج ابن ماجه في «سننه» (٩٦٨) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري -وهو متروك-، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ-قال:«إذا تثاءب أحدُكم فليضع يده على فيه، ولا يَعْوى، فإن الشيطان يضحك منه».
(١) حديث صحيح، ابن عجلان -وهو محمَّد- متابع في رواية أبي الشيخ في «أخلاق النبي ﷺ» ص ٢٣٧ - ٢٣٨، وأبي نعيم في «الحلية» ٣/ ٣٤٦.
وأخرجه الترمذي (٢٩٤٨) عن محمَّد بن وزير الواسطي عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٩٦٦٢).
(٢) إسناده صحيح. محمَّد بن داود بن سفيان وإن لم يرو عنه غير أبي داود، تابَعَه خُشيش بن أصرم وهو ثقة حافظ.
وأخرجه مسلم (٢١٦٢) عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =

٩٨ - باب ما جاء في تشميت العاطس
٥٠٣١ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن هِلال ابنِ يِسَاف، قال:
كنَّا معَ سالمِ بنِ عُبيد، فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القوم، فقال: السلامُ عليكم، فقال سَالِم: وعليكَ وعلى أُمِّك، ثم قال بعدُ: لعلَّكَ وجدتَ مما قلتُ لك، قال: لودِدْتُ أنَّك لم تذكُرْ أُمي بخيرِ ولا بِشَرٍّ؟ قال: إنما قلتُ لكَ كما قال رسولُ الله ﷺ، إنا بينَا نحنُ عندَ رسُولِ الله ﷺ إذ عَطَسَ رَجُلٌ مِن القومِ، فقال: السلامُ عليكم، فقال رسولُ الله ﷺ:«وعليكَ وعلى أُمِّكَ» ثم قال: «إذا عَطَسَ أحَدُكُم فليَحْمَدِ اللهَ» قال: فذكر بعضَ المحامِدِ،«وليَقُل لَهُ مَن عِنْدَه: يرحمُك اللهُ، وليرُدَّ -يعني عليهم- يغفرُ الله لنا ولكم» (١).


= وأخرجه البخاري (١٢٤٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٧٨) من طريق الأوزاعي، ومسلم (٢١٦٢) (٤) من طريق يونس، كلاهما عن الزهرى، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢١٦٢)، وابن ماجه (١٤٣٥)، والترمذي (٢٩٣٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٠٧٦) من طرق عن أبي هريرة، ولفظ مسلم «حق المسلم على المسلم ست» قيل: ما هو يا رسول الله ﷺ؟ قال: «إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، واذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمِدَ الله فسمته، وإذا مرض، فعده، وإذا مات فأتبعه».
وهو في «مسند أحمد» (٨٢٧١) و(١٠٩٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (٢٤١)
(١) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا بين هلال ابن يساف وبين سالم بن عبيد، فقد رواه النسائي في «الكبرى» (٩٩٨٧) من طريق منصور، عن هلال، عن رجل، عن خالد بن عرفطة، عن سالم ... =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٣٨٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٨٦) من طريق منصور، عن هلال بن يساف، عن رجل، عن آخر قال: كنا مع سالم ...، وقال أبو عبد الرحمن (يعني النسائي): وهذا الصواب عندنا، والأول خطأ والله أعلم.
وعند أحمد (عن رجل من آل خالد بن عرفطة).
وأخرجه الترمذي (٢٩٣٨) من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سالم بن عبيد الأشجعي ...، وقال: هذا حديث اختلفوا في روايته عن منصور وقد أدخلوا بين هلال بن يساف وبين سالم رجلًا.
قلنا: ولمتن الحديث شاهد يتقوى به من حديث عبد الله بن مسعود، أخرجه الطبراني (١٠٣٢٦)، والحاكم ٤/ ٢٦٦، وفيه عطاء بن السائب، ورواه البخاري في «الأدب» (٩٣٤)، والحاكم ٤/ ٢٦٦ من طريق سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الد بن مسعود، قوله. وهذا إسناد حسن، فإن سفيان روى عن عطاء قبل الاختلاط.
وفي «مصنف عبد الرزاق» (١٩٦٧٧) من طريق معمر، عن بديل العقيلي، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير. قال: عطس رجل عند عمر بن الخطاب، فقال: السلام عليك، فقال عمر: وعليك وعلى أمك، أما يعلم أحدكم ما يقولُ إذا عطس؟ إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل القوم: يرحمك الله، وليقل هو: يغفر الله لكم. رجاله ثقات.
وآخر من حديث ابن عمر عند البزار (٢٠١١)، قال الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٥٧: وفيه أسباط بن عزرة لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري، عند أحمد في «مسنده» (٢٣٥٥٧) و(٢٣٥٨٧).
وعن علي عند أحمد أيضًا (٩٧٢) و(٩٧٣).
وانظر «شرح شكلل الآثار» (٤٠١٠)، و«مسند أحمد» (٢٣٨٥٣)، و «صحيح ابن حبان» (٥٩٩).
وانظر ما بعده.

٥٠٣٢ - حدَّثنا تَميمُ بنُ المُنتَصِر، حدَّثنا إسحاقُ -يعني ابنَ يوسفَ- عن أبي بِشْرٍ ورقاءَ عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِسَافٍ، عن خالدِ بنِ عَرْفَجَةَ، عن سالمِ بنِ عُبيدِ الأشجعيِّ، بهذا الحديث، عن النبيَّ- ﷺ (١).
٥٠٣٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عبدِ الله بن أبي سَلَمَةَ، عن عبدِ الله بنِ دينارِ، عن أبي صالحٍ
عن أبي هريرة، عن النبيَّ- ﷺ، قال: «إذا عَطَسَ أحدُكُم فليقُلْ: الحمدُ لله على كل حال، وليقُل أخوه أو صَاحِبُه: يرحمُكَ اللهُ، ويقول هو: يَهدِيكُمُ اللهُ، ويُصلحُ بالكُم» (٢).

٩٩ - باب كم يُشمَّتُ العاطِسُ
٥٠٣٤ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ عجلانَ، حدَّثني سعيدُ بنُ أبي سعيدٍ عن أبي هريرة، قال: شَمِّت أخاكَ ثلاثًا، فما زادَ فهو زُكَامٌ (٣).


(١) خالد بن عَرْفَجة، هكذا جاء في (ب) و(ج) و(هـ)، وأشار المزي في «تهذيب الكمال» إلى أن رواية أي داود كذلك. وجاء في (أ) وحدها: ابن عُرفطة، وصوّبه في «التقريب» وخالد هذا قال عنه المنذرى: يشبه أن يكون مجهولًا، فإن أبا حاتم الرازي قال: لا أعرف أحدًا يقال له: خالد بن عُرفطة إلا واحدًا: الذي له صحبة.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه دون قوله: «على كل حال» البخاري (٦٢٢٤) عن مالك بن إسماعيل، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٨٩) من طريق يحيى بن حسان، كلاهما عن عبد العزيز بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٦٣١)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٠١٢).
وانظر حديث أبي هريرة أيضًا في «المسند» (٩٥٣٠).
(٣) إسناده حسن، وهو موقوف. =

٥٠٣٥ - حدَّثنا عيسى بنُ حمَّادٍ المصريُّ، أخبرنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدِ، عن أبي هريرة، قال: لا أعلمه إلا أنه رفعَ الحديثَ إلى النبيِّ ﷺ، بمعناه (١).
قال أبو داود: رواه أبو نُعَيم، عن موسى بنِ قَيس، عن محمَّد ابنِ عجلانَ، عن سعيدِ، عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ.
٥٠٣٦ - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ اللهِ، حدَّثنا مالكُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ السَّلامِ بنُ حرب، عن يزيدَ بنِ عبدِ الرحمن، عن يحيى بنِ إسحاقَ بنِ عبدِ الله ابنِ أبي طلَحةَ، عن أُمِّهِ حُميدةَ أو عُبيدةَ بنتِ عُبيدِ بن رفاعة الزُّرَقي
عن أبيها، عن النبيِّ- ﷺ قال: «شَمِّتِ العاطِسَ ثلاثًا فإن شئتَ فشَمِّتهُ، وإن شِئتَ فكُفَّ» (٢).


= وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٩٣٥٨) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٩٣٩) من طريق سفيان، عن ابن عجلان، به.
وانظر ما بعده.
(١) إسناده قوى مرفوعًا.
وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٩٣٥٩) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٢٥٠) من طريق عيسى بن حماد، والطبراني في «الدعاء» (١٩٩٩) من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث، به.
وجزم برفعه الطبراني في «الدعاء» (١٩٩٨) و(٢٠٠٠) و(٢٠٠١) من طرق عن ابن عجلان، به.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٨٨٩٩)، من طريق يحيى بن أبي أنيسة، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٢٥١) من طريق سليمان بن أبي داود، كلاهما عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة.
ويشهد له حديث سلمة بن الأكوع الآتي بعد هذا.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة حميدة أو عبيدة، وعبيد بن رفاعة: ليست له صحبة. =

٥٠٣٧ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا ابنُ أبي زائدةَ، عن عِكرِمَة ابنِ عمار، عن إياسِ بنِ سَلمةَ بنِ الأكوَع
عن أبيه: أنَّ رجلًا عَطَسَ عندَ النبيِّ ﷺ فقال له: «يرحَمُكَ الله»، ثم عَطَسَ، فقال النبيُّ- ﷺ: «الرجُلُ مزْكُومٌ» (¬١).

١٠٠ - باب كيف بُشمَّتُ الذميُّ
٥٠٣٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن حكيم ابنِ الدَّيلمي، عن أبي بُردة


= وأخرجه الترمذي (٢٩٤٧) من طريق عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن عمر بن إسحاق بن أبي طلحة، عن أمه، عن أبيها. فذكره.
وقال: هذا حديث غريبٌ وإسناده مجهول.
(١) إسناده صحيح. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا.
وأخرجه مسلم (٢٩٩٣) من طريق وكيع وهاشم بن القاسم، والترمذي (٢٩٤٣) من طريق عبد الله بن المبارك، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٨٠) من طريق سليم بن أخضر، أربعتهم عن عكرمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٩٤٤) من طريق يحيى بن سعيد، و(٢٩٤٥) من طريق شعبة، و(٢٩٤٦) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن عكرمة أيضًا، به، إلا أنه قال له (أي للعاطس) في الثالثة: «أنت مزكوم». وقال: هذا أصح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧١٤) عن علي بن محمَّد، عن وكيع، عن عكرمة، به.
بلفظ: «يُشمَّت العاطُسُ ثلاثًا فما زاد، فهو مزكوم». فجعل علي بن محمَّد -شيخ ابن ماجه- الحديث كله من لفظ النبي ﷺ، وهي رواية شاذَّة، قاله الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ١٠/ ٦٠٥ انفرد بها علي بن محمَّد بن وكيع، وخالفه فيها محمَّد بن عبد الله ابن نمير راويه عن وكيع عند مسلم (٢٩٩٣) (٥٥) فرواه من فعله ﷺ بلفظ: عطس رجل عند النبي-ﷺ، فقال له: «يرحمك الله» ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله ﷺ: «الرجل مزكوم».
وهو في «مسند أحمد» (١٦٥٠١) و(١٦٥٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٠).

عن أبيه، قال: كانت اليهودُ تعاطَسُ عند النبي ﷺ، رجاء أن يقولَ لها: يرحمُكُم اللهُ، فكان يقول: «يهدِيكُم اللهُ ويُصْلِحُ بالكُم» (¬١).

ْ١٠١ - باب فيمن يعطس ولا يحمدُ الله
٥٠٣٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهير (ح)
وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ -المعنى- قالا: حدَّثنا سليمانُ التَّيميُّ عن أنسٍ، قال: عَطسَ رجُلانِ عندَ النبيِّ ﷺ فشمَّتَ أحدَهما وتركَ الأخَرَ، قال: فقيلَ: يا رسولَ الله ﷺ، رجُلان عَطَسا فشَمَّتَّ أحدَهُما- قال أحمدُ: أو فسَمَّتَّ أحدَهُما- وتركتَ الَاخَرَ، فقال: «إنَّ هذا حَمِدَ اللهَ، وإن هذا لم يَحمَدِ اللهَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله بن قيس
الأشعري. وحكيم بن الديلمي -يقال في اسمه أيضًا: ابن الديلم-، وكلاهما صحيح.
وأخرجه الترمذي (٢٩٣٧) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٩٠) من طريق معاذ بن معاذ، كلاهما عن حكيم بن الديلم، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٨٦)، و«شرح مشكل الآثار» للطحاوي (٤٠١٤) و(٤٠١٥).
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حُديج، وسفيان: هو الثوري، وسليمان التيمي: هو ابن طرخان.
وأخرجه البخاري (٦٢٢١) عن محمَّد بن كثير، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٩٤٢) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، به.
وأخرجه البخاري (٦٢٢٥)، ومسلم (٢٩٩١)، وابن ماجه (٣٧١٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٧٩) من طرق عن سليمان التيمي، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٦٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٠) و(٦٠١).
قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٤١ - ١٤٢: يقال: شَمَّتَ وسَمَّتَ بمعنى واحد، وهو: أن يدعو للعاطس بالرحمة. وفيه بيان أن تشميت من لم يحمد الله غير واجب. =

أبواب النوم
١٠٢ - باب في الرجل ينبطحُ على بَطْنه
٥٠٤٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا معاذُ بنُ هِشام، حدَّثني أبي، عن يحيى بنِ أبي كثيرِ، حدَّثنا أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمن
عن يعِيشَ بنِ طَخْفة بنِ قَيس الغِفارِىِّ، قال: كان أبي من أصحابِ الصُّفَّة، فقال رسولُ الله ﷺ: «انطَلِقُوا بِنَا إلى بيتِ عائشةَ»، فانطلقْنا، فقال: «يا عائِشَةُ، أَطعِمِينَا» فجاءت بجشيشة فأكلنا، ثم قال: «يا عائشةُ، أطْعِمِينَا»، فجاءت بحيسَةٍ مثلِ القَطاةِ، فأكلنا، ثم قال: «يا عائِشةُ، اسقينا» فجاءت بعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ، فشربنا، ثم قال: «يا عائشةُ، اسقِينا» فجاءت بقدَحٍ صغير، فشرِبنا، ثم قال: «إن شِئتم بِتُّم وإن شِئتمْ انطَلَقتُم إلى المَسْجِدِ» قال: فبينما أنا مُضطجعٌ مِنَ السَّحَرِ على بَطني، إذا رَجُلٌ يحرِّكني برِجْلِه، فقال: «إنْ هذِه ضِجْعةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ عز وجل» قال: فنظرتُ فإذا رسولُ الله ﷺ (١).


= وحكي عن الأوزاعي: أنه عطس رجل بحضرته، فلم يحمد الله، فقال له الأوزاعي: كيف تقول إذا عطست، فقال: أقول: الحمد لله، فقال له: يرحمك الله. وإنما أراد بذلك أن يستخرج منه الحمد ليستحق التشميت.
(١) النهي عن النوم على البطن فيه، حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه ولجهالة ابن طخفة، وقد اضطربوا في اسمه واسم أبيه كما هو مبين في «مسند أحمد» (١٥٥٤٣).
وأخرجه بقصة النوم على البطن ابن ماجه (٣٧٢٣) من طريق يحيى بن أبي كثير،
عن قيس بن طخفة الغفاري، عن أبيه. فذكره.
وانظر بسط الكلام عليه وتخريجه في «المسند» (١٥٥٤٣).
ولقصة النهي عن النوم على البطن، شاهد من حديث أبي أمامة، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٨٨)، وابن ماجه (٣٧٢٥). وهو حديث حسن. =

١٠٣ - باب في النوم على سَطحٍ غبرِ مُحَجَّرٍ
٥٠٤١ - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَّنى، حدَّثنا سالم ٌ-يعني ابنَ نوح-، عن عُمَرَ ابنِ جابر الحنفيِّ، عن وعْلةَ بنِ عبد الرحمن بن وثّاب، عن عبدِ الرحمن بنِ علي -يعني ابنَ شيبانَ-
عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَن باتَ على ظَهرِ بَيتٍ ليس له حِجَارٌ (١) فقد برِئَت منه الذمَّةُ» (٢).


= وآخر مرسل عن عمرو بن الشريد، أخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٤٥٨) ومرفوعه حسن لغيره. وفيه: «هي أبغض الرقدة إلى الله عز وجل».
وقوله: «بجشيشة» قال ابن الأثير في «النهاية»: هي أن تطحن الحنطة طحنًا جليلًا، ثم تُجعل في القدور ويلقى عليها لحم أو تمر وتطبخ، وقد يقال لها: دشيشة، بالدال. انتهى.
وقوله: «بحيسة»: هي أخلاط من تمر وسويق وأقط وسمن مجمع فتؤكل.
«القطاة» -بفتح القاف-: ضرب من الحمام، وكأنه شُبِّه في القلة.
«بعُسٍّ»- بضم عين فتشديد سين-: قدحٌ ضخم.
«بتُّم»: من البيتوتة، فيه إكرام الفقراء والتحمل على الضيق لهم.
(١) المثبت من (ب) و(ج)، وقال المنذري في «اختصار السنن» ٧/ ٣١٥: هكذا وقع في روايتنا: «حجار» براء مهملة بعد الإلف، وتبويب صاحب الكتاب يدلُ عليه.
وجاء في (هـ): «حجّى»، وعليها شرح الخطابي، وفي (أ): «حجاز»، يعني بزاي معجمة بعد الألف، وقال ابن الأثير في «جامع الأصول»: الذي قرأته في كتاب أبي داود: «حجاب» يعني بالباء، وفي نسخة أخرى: «حجار»، ومعناهما ظاهر. قلنا: في «الأدب المفرد» للبخاري عن محمَّد بن المثنى شيخ المصنف نفسه: «حجاب»، وهو نسخة أشار إليها في (أ).
(٢) إسناده ضعيف لجهالة عمر بن جابر الحنفي ووعلة بن عبد الرحمن.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٩٢) عن محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد.
وقال: في إسناده نظر. وعنده: «ليس عليه حجاب». =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وله شاهد من حديث أبي عمران الجوني، قال: حدثني بعض أصحاب محمَّد ﷺ، أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٥٧٤٨) وإسناده ضعيف.
وثان من حديث ابن عباس عند ابن عدي في «الكامل» ٢/ ٧٠٢ و٧٠٨. وفي إسناده الحسن بن عمارة، وهو متروك عند أهل الحديث.
وثالث من حديث عبد الله بن جعفر عند الطبراني في «الكبير» (٢١٧ - قطعة من الجزء ١٣) وفي إسناده يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره.
ورابع عن سمرة بن جندب، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» للبوصيري (٧٣٨٨). وفي إسناده الخليل بن زكريا -وهو ضعيف.
وهذه الشواهد لا يُفرح بها ولا تصلح أن تشد الحديث وتقويه.
وأخرج الترمذي (٣٠٧٠) من طريق عبد الجبار بن عمر، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر قال: نهى رسول الله ﷺ أن ينام الرجل على سطح ليس بمحجور عليه. وإسناده ضعيف لضعف عبد الجبار بن عمر. وقال: هذا حديث غريب.
وأخرج البخاري في «الأدب المفرد» (١١٩٣)، وأحمد بن منيع في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» للبوصيرى (٧٣٨٧) من طريق عمران بن مسلم بن رياح، عن علي ابن عمارة، قال: جاء أبو أيوب الأنصاري فصعدت به على سطح أفلح، فنزل وقال: كدتُ أن أبيت الليلة ولا ذمة لي. وعلي بن عمارة مجهول الحال.
وقوله: «ليس له حِجارٌ»: قال الخطابي في «معالم السنن»: هذا الحرف يروى: «حَجى» بفتح الحاء وكسرها، ومعناه معنى الستر والحجاب، فمن قال: الحجى - بكسر الحاء- شبهه بالحجى الذي هو بمعنى العقل. وذلك أن العقل يمنع الإنسان من الردى والفساد، ويحفظه من التعرض للهلاك، فشبه الستر الذي يكون على السطح المانع للإنسان من التردي والسقوط بالعقل المانع له من أفعال السوء، المؤدية له إلى الردى والهلاك.
ومن رواه بفتح الحاء: ذهب إلى الطرف والناحية، وأحجاء الشيء: نواحيه، واحدها حجى مقصور.
وقوله: «فقد برئت منه الذمة»، قال السندي في «حاشته على المسند»: أي العهدة والأمان، يريد أن لا يُؤخذ أحد بذمته، وليس على أحد عهدته؛ لأنه عرَّض نفسه للهلاك، ولم يحترز لها.

١٠٤ - باب في النوم على طَهارةٍ
٥٠٤٢ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عاصم بن بَهْدَلةَ، عن شَهرِ بن حَوشب، عن أبي ظَبْيةَ
عن معاذ بن جبل، عن النبي-ﷺ قال: «مَا مِن مُسلمٍ يَبيتُ على ذكرٍ، طاهرًا، فيتعَارُّ مِنَ الليلِ، فيسألُ الله خَيرًا من الدُّنيا والأخِرةِ إلا أعطَاهُ إياه».
قال ثابثٌ البنانيٌّ: قَدِمَ علينا أبو ظَبْية، فحدَّثنا بهذا الحديثِ، عن معاذ بنِ جبل، عن النبيِّ ﷺ (١).


(١) إسناده صحيح من جهة ثابت البناني، والراوي عنه هنا حماد -وهو ابن سلمة-، ضعيف من جهة عاصم بن بهدلة لضعف شهر بن حوشب.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٨١) من طريق أبى الحسين زيد بن الحباب، والنسائي في «الكبرى» (١٠٥٧٣) من طريق أبي داود الطيالسي، و(١٠٥٧٤) من طريق عفان، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٧٣) من طريق ثابت بن أسلم البناني، عن شهر بن حوشب، به.
وأخرجه النسائي (١٠٥٧٣) و(١٠٥٧٤) من طريق ثابت، عن أبي ظبية، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٠٤٨) و(٢٢٠٩٢).
ورواه شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أبي ظببة، عن عمرو بن عبَسة، فذكر صحابيًا آخر، أخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٧٥) و(١٠٥٧٦) و(١٠٥٧٧).
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٢١).
وانظر حديث عبادة بن الصامت الآتي برقم (٥٠٦٠).
قال الخطابي في «معالم السنن»: قوله: «يتعار»، معناه: يستيقظ من النوم، وأصل التعار: السهر والتقلب على الفراش، ويقال: إن التعار لا يكونُ إلا مع كلامٍ وصوت، وهو مأخوذ من عِرار الظليم.
والعِرار: بكسر العين -وهو صوته. والظليم -بفتح الظاء وكسر اللام- الذكر من النعام.

قال ثابتٌ: قال فلانٌ: لقد جَهِدْتُ أن أقولَها حينَ أنبعِثُ، فما قَدَرْتُ عليها.
٥٠٤٣ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيع، عن سفيانَ، عن سلمةَ ابن كُهيل، عن كريب
عن ابنِ عباس: أن رسول الله ﷺ قام من الليل، فقضَى حاجتَهُ، فغسلَ وجهَهُ ويَدَيه، ثم نام (١).
قال أبو داود: يعني بالَ.

١٠٥ - باب كيف يتوجه (٢)
٥٠٤٤ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ الحذّاءِ، عن أبي قِلابةَ


(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو الثوري.
والحديث قطعة من قصة مبيت ابن عباس عند خالته ميمونة، وقد سلف مطولًا عند المصنف برقم (١٣٦٤) من طريق غريب، وانظر تمام تخريجه هناك.
وأخرجه مختصرًا مسلم (٣٠٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي غريب، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٥٠٨ م) من طريق شعبة، عن سلمة، به.
وأخرجه ابن ماجه (٥٠٨) من طريق وكيع، عن زائدة بن قدامة، عن سلمة، به.
وأخرجه ابن ماجه (٥٠٨ م) من طريق شعبة، عن سلمة، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن غريب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٨٣).
وانظر ما سلف عند المصنف برقم (٦١٠) من طريق عطاء عن ابن عباس.
(٢) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وجاء حديثه في سائر أصولنا الخطية ضمن الباب السابق قبل حديث عثمان بن أبي شيبة.

عن بعضِ آلِ أُمِّ سَلَمة، قال: كان فِراشُ النبي ﷺ نحوًا مِمَّا يُوضَعُ الإنسانُ في قَبره، وكان المسجدُ عندَ رأسِه١).

١٠٦ - باب ما يُقالُ عند النوم
٥٠٤٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا عاصِمٌ، عن مَعبدِ ابنِ خالدِ، عن سواءٍ
عن حفصةَ زوجِ النبيِّ ﷺ: أن رسولَ الله ﷺ كان إذا أن
يَرْقُدَ وضَعَ يده اليمنى تحتَ خَدِّه ثم يقول: «اللَّهُمَّ قِنِي عذَابكَ يومَ تبعَثُ عِبادَكَ» ثلاثَ مرارٍ (٢).


(١) قال المنذري: لا يعرف هذا الذي حدث عنه أبو قلابة هل له صحبة أم لا؟ وقال ابن حجر في «المطالب العالية»: مرسل حسن.
وهو عند مسدد في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة» للبوصيري (٥٥٦٠)، ومن طريقه أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي-ﷺ»، ص ١٥٧ عن حماد بن زيد، بهذا الاسناد.
وقال صاحب «بذل المجهود»: وكتب مولانا محمَّد يحيى المرحوم في «التقرير» قوله: وكان المسجد عند رأسه: أراد بالمسجد المسجد النبوي، فهو بيان لما كان عليه منامه من التوجه إلى القبلة مضطجعا على شقه الأيمن، وإن أريد به مسجد بيته، فهو بيان لأمر زائد على المذكور قبله، فافاد بقوله نحوًا مما يوضع الإنسان في قبره أن نومه كان على شقه الأيمن متوجهًا إلى القبلة، ثم ذكر بعده: أن مسجده الذي كان يتهجد فيه، كان عند رأسه، ففيه دلالة على أنه لم يكن همه إلا الطاعة.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال سواء الخزاعي واضطراب عاصم -وهو ابن أبي النجود- فيه، على ما هو مبيَّن في «مسند أحمد» عند الحديث (٢٦٤٦٠). وأبان: هو ابن يزيد العطار.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٩٨) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبان العطار، بهذا الإسناد. =

٥٠٤٦ - حدَّثنا مسَدَّدٌ:، حدَّثنا المعتمِرُ، سمعتُ منصورًا يُحدث، عن سعْدِ ابنِ عُبيدةَ
حدَّثني البراءُ بنُ عازبٍ قال: قال لي رسولُ الله ﷺ: «إذا أتيتَ مَضجَعَكَ فتوضأ وُضُوءَكَ للصلاة، ثم اضطجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ، وقيل: اللهُمَّ أسلمتُ وجهي إليكَ، وفوَّضْتُ أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك، رَهْبَةً ورغبة إليك، لا ملجأ ولا مَنْجَى مِنك إلا إليكَ، اَمنتُ بكتابِك الذي أنزلتَ، ونبيِّكَ الذي أرسلتَ». قال: «فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرةِ، واجعلهُنَّ اَخِرَ ما تقولُ» قال البراءُ: فقلتُ- أستذْكِرُهُنَّ-: وبرسولك الذي أرسلتَ، قال:«لا، وبنبيِّكَ الذي أرسلتَ» (١).


= وأخرجه أيضًا (١٠٥٢٩) من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن سواء، به. فأسقط الواسطة بين عاصم وبين سواء، وهو معبد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٦٢) و(٢٦٤٦٥).
ويشهد له حديث حذيفة بن اليمان عند الترمذي (٣٣٩٨). وأحمد (٢٣٢٤٤). وسنده صحيح.
وانظر تتمة شواهده عند حديث ابن مسعود في «مسند أحمد» (٣٧٤٢).
(١) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، ومنصور: هو ابن المعتمر بن عبد الله السلمي.
وأخرجه البخاري (٦٣١١) عن مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٥٠) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر، وأخرجه مسلم (٢٧١٠)، والترمذي (٣٨٩١) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، به.
وأخرجه مسلم (٢٧١٠)، والنسائي (١٠٥٤٨) و(١٠٥٤٩) و(١٠٥٥٢) و(١٠٥٥٣) من طرق عن سعد بن عبيدة، به. =

٥٠٤٧ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن فِطرِ بنِ خليفةَ، سمعتُ سعدَ بنَ عُبيدةَ، سمعتُ البراءَ بنَ عازب، قال:
قال لي رسولُ الله ﷺ: «إذا أويْتَ إلى فراشِكَ، وأنت طاهِرٌ، فتَوَسَّد يمينَك» ثم ذكر نحوه (١).
٥٠٤٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك الغزَّالُ، حدَّثنا محمدُ بنُ يوسفَ، حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمشِ ومنصورٍ، عن سعد بنِ عُبيدة


= وأخرجه البخاري (٦٣١٣) و(٦٣١٥) و(٧٤٨٨)، ومسلم (٢٧١٠)، وابن ماجه (٣٨٧٦)، والترمذي (٣٦٩١)، والنسائي (١٠٥٢٧) و(١٠٥٤١ - ١٠٥٤٦) و(١٠٥٥٥) من طرق عن البراء بن عازب.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥١٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٢٧) و(٥٥٣٦). قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٤٣: الفطرة هنا فطرة الدين والاسلام، وقد تكون الفطرة أيضًا بمعنى السنة، وهي ما جاء في الحديث: «أن عشرًا من الفطرة»، فذكر منها: المضمضة والاستنشاق مع سائر الخصال.
وقال القرطبي تبعًا لغيره: هذا حجة لمن لم يجز نقل الحديث بالمعنى، وهو الصحيح من مذهب مالك، فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع، فإن النبوة من النبأ وهو الخبر، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفًا، وان أمر بتبليغه فهو رسول ... قال النووي: وجمهور أهل العلم على جوازها من العارف ويجيبرن عن هذا الحديث بأن المعنى هنا مختلف، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى. واختار المازري وغيره: أن سبب الإنكار على من قال: «الرسول» بدل «النبي-ﷺ» أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس، فينبغي أن يقتصر على اللفظ الوارد بحروفه؛ لأن الإجابة ربما تعلقت بتلك الحروف، أو لعله أوحي إليه بها، فتعين أداؤها بلفظها. انظر«فتح البارى» ١١/ ١١٢، و«شرح مسلم» ١٧/ ٢٨.
(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٥١) من طريق يحيى بن آدم، عن فطر بن خليفة، بهذا الإسناد.

عن البراءِ بنِ عازبٍ، عن النبيِّ ﷺ، بهذا. قال سفيانُ: قال أحدُهما: «إذا أتيتَ فِراشَك طاهِرًا»، وقال الأخرُ: «توضَّا وُضُوءَك لِلصلاة» وساق معنى مُعتَمِرٍ (١).
٥٠٤٩ - حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيع، عن سفيانَ، عن عبدِ الملك ابنِ عُمَير، عن رِبْعيّ
عن حُذيفة، قال: كان النبي ﷺ إذا نام قال: «اللهُمَّ باسمِكَ أحيا وأموتُ»، وإذا استيقَظَ قال: «الحمدُ لله الذي أحيانًا بعدَ ما أماتَنا، وإليه النُشورُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه البخاري (٢٤٧) من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن منصور وحده، بهذا الإسناد. وقال فيه: «توضأ وضوءَك للصلاة».
(٢) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وربعي: هو ابن حِراش.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٨٠) عن علي بن محمَّد بن إسحاق، عن وكيع، بهذا الاسناده.
وأخرجه البخاري (٦٣١٢) و(٦٣٢٤)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٦٢٦) و(١٠٦٢٧) من طرق عن سفيان، به. واقتصر النسائي على الشطر الثاني منه.
وأخرجه البخاري (٦٣١٤) و(٧٣٩٤)، والترمذي (٣٧١٥) من طرق عن عبد الملك ابن عمير، به.
وأخرج الشطر الثاني منه النسائي في «الكبرى» (١٠٦٢٨) و(١٠٦٢٩) من طريقين الشعبي ومنصور كلاهما عن ربعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٧١)، وه «صحيح ابن حبان» (٥٥٣٢). =

٥٠٥٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمر، عن سعيد بنِ أبي سعيدِ المَقبُريِّ، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا أوى أحدُكُم إلى فِرَاشِهِ فَلينفُضْ فرَاشَهُ بدَاخِلَةِ إزَارِهِ، فإنه لا يَدرِي ما خَلَفَهُ عليه، ثم ليضْطَّجعْ على شِقه الأيمنِ، ثم ليقل: باسمك ربي وضعتُ جنبي، وبك أَرفعُه، إن أمسكتَ نفسي فارحَمها،وإن أرسلْتَها فاحفَظها بما تَحفَظُ به الصَّالحين» (١).


= قال الطيبي: الحكمة في إطلاق الموت على النوم أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو لتحري رضا الله عنه، وقصد طاعت واجتناب سخطه وعقابه، فمن نام زال عنه هذا الانتفاع، فكان كالميت، فحمد الله على هذه النعمة، وزوال ذلك المانع ... وقوله: «وإليه النشور»، أي: البعث يوم القيامة، والإحياء بعد الإماتة، يقال: نشر الله الموتى فنشروا، أي: أحياهم فحيوا.
(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه البخاري (٦٣٢٠) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٥٩) من طريق الحسن بن محمَّد بن أعين، كما زهير، به.
وأخرج مسلم (٢٧١٤) من طريق أنس بن عياض، عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٧٤) من طريق عبد الله بن نمير، والنسائي (١٠٥٦٠) من طريق يحيى القطان، و(١٠٥٦١) من طريق معتمر بن سليمان، ثلاثتهم عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. لم يذكُروا فيه والد سعيد. وسعيد المقبري يروي عن أبيه عن أبي هريرة، ويروي عن أبي هريرة دون واسطة.
وأخرجه البخاري (٧٣٩٣) من طريق مالك، والترمذي (٣٦٩٨) من طريق محمَّد ابن عجلان، كلاهما عن سعيد المقبرى، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩٤٦٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٣٤).

٥٠٥١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وهَيبٌ (ح)
وحدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ -نحوه- عن سهيل، عن أبيه
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ أنه كان يقولُ إذا أوى إلى فراشِه: «اللهُمَّ رَبَّ السماواتِ وربَّ الأرض، وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنَّوى، مُنزِلَ التورَاةِ والإنجيلِ والقُرآنِ، أعوذُ بكَ مِن شرِّ كل ذي شرِّ أنتَ آخِذٌ بناصيتهِ، أنتَ الأولُ فليسَ قبلَك شي، وأنتَ الَاخِرُ فليسَ بعدَكَ شيٌ،وأنت الظَّاهِرُ فليس فَوقَكَ شيء، وأنت الباطنُ فليسَ دونك شيءٌ» زاد وهْبٌ في حديثه: «اقضِ عني الدَّينَ، وأغنِني من الفقرِ» (١).
٥٠٥٢ - حدَّثنا عباسُ بنُ عبدِ العظيم العنبرىُّ، حدَّثنا الأحوصُ بنُ جَوّاب، حدَّثنا عمارُ بنُ رُزَيقِ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارِثِ وأبي ميسرة


(١) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وخالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي، وسهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السمان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٦٢١) من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة، عن وهيب، عن سهيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٧١٣) (٦٢) عن عبد الحميد بن بيان الواسطي، والترمذي (٣٤٠٠) من طريق عمرو بن عون، كلاهما عن خالد الطحان، به.
وأخرجه مسلم (٢٧١٣)، والنسائي في «الكبرى» (٧٦٦٧) من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن ماجه (٣٨٧٣) من طريق عبد العزيز بن المختار، كلاهما عن سهيل، به.
وأخرجه مسلم (٢٧١٣)، وابن ماجه (٣٨٣١)، والترمذي (٣٧٨٧) من طريق
الأعمش، عن ذكوان السمان، به. وفي حديثه أن هذا الدعاء علمه النبي ﷺ-ابنته فاطمة عندما جاءت تسأله خادما لها.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٦٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٣٧).

عن عليِّ، عن رسولِ الله ﷺ: أنه كان يقولُ عندَ مَضجَعِه: «اللَّهُمِّ
إني أعوذُ بوجْهكَ الكريم، وكلماتِك التامّةِ، من شرِّ ما أنتَ آخذٌ بناصيتِه، اللهم أنتَ تَكشِفُ المَغْرَمَ والمأثَمَ، اللَّهُمَ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، ولا يُخلَفُ وعْدُك، ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ، سبحانَك وبحمدِك» (١).
٥٠٥٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا حمادُ ابنُ سلمَةَ، عن ثابتٍ
عن أنس: أن رسولَ الله ﷺ -كان إذا أوى إلى فراشه قال:«الحمدُ للهِ الذي أطعمَنَا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم مِمَّن لا كافيَ لهُ ولا مُؤْويَ» (٢).


(١) إسناده قوي، الحارث وإن كان ضعيفًا متابع وصححه الإِمام النووي في «الأذكار»، وحسن الحافظ ابن حجر الحديث في «نتائج الأفكار» ٢/ ٣٦٥ وقال: أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، والحارث: هو ابن عبد الله الأعور، وأبو ميسرة اسمه: عمرو بن شرحبيل، وهو ثقة، والحارث ضعيف، وباقي رجاله أخرج لهم مسلم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٦٨٥) و(١٠٥٣٥) عن أحمد بن سعيد، عن الأحوص بن جواب، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» ١٠/ ٢٥٢ - ٢٥٣ عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة مرسلًا. ورجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (٦٧٧٩) و«الدعاء» (٢٣٨) من طريق هشام بن عمار، عن حماد بن عبد الرحمن الكلبي، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن علي. وحماد ضعيف الحديث.
(٢) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم.
وأخرجه مسلم (٢٧١٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٦٩٣) من طريق عفان بن مسلم، والنسائي في «الكبرى» (١٠٥٦٧) من طريق بهز بن أسد، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٥٥٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٤٠).

٥٥٥٤ - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافِرِ التِّنِّيسيُّ، حدَّثنا يحيى بن حَسَّان، حدَّثنا يحيى بنُ حمزةَ، عن ثَوْرٍ، عن خالد بن مَعْدانَ
عن أبي الأزْهرِ الأنمارىِّ: أنَّ رسولَ الله ﷺ -كان إذا أخَذَ مضجعهُ من الليلِ قال: «بِاسْمِ اللهِ، وضعت جَنْبِي، اللَهُمَّ اغفِرْ لي ذنبي، واخْسَ شيطاني، وفُكَّ رِهانِي، واجعلنِي في النَّدِىِّ الأعلى» (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد. ثور: هو ابن يزيد، وأبو الأزهر الأنماري -ويقال: أبو زهير- اسمه: يحيى بن نفير.
وأخرجه الطبراني في «المعجم»الكبير«٢٢/ (٧٥٩) من طريق عبد الله بن يوسف، عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد. ولم يذكر»واجعلني في الندي الأعلى«.
وأخرجه الطبراني في»المعجم «الكبير» ٢٢/ (٧٥٨)، وفي«مسند الشاميين» (٤٣٥)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ٥٤٠ و١/ ٥٤٨ - ٥٤٩، وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٩٨ من طريق أبي همام الأهوازي -وهو محمَّد بن الزِّبرقان-، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٨٧٨)، والطبراني في «المعجم الكبير» ٢٢/ (٧٥٨) من طريق صدقة بن عبد الله، كلاهما عن ثور بن يزيد، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي. ووقع اسم الصحابي عند ابن أبي عاصم: أبو رهم، وهو خطأ، وإنما هو أبو زهير، وجاء على الصواب عنده في كتاب «الدعاء» له، قاله الحافظ ابن حجر في «الإصابة» ٧/ ١٥١.
وقال القاري في «المرقاة»: «اخس شيطاني»: بوصل الهمزة وفتح السين، من خسأتُ الكلب، أي: طردته، فهو يتعدى ولا يتعدى، أي: اجعله مطرودًا عني ومردودًا عن إغوائي. قال الطيبي: أضافه إلى نفسه؛ لأنه أراد قرينَه من الجن أو مَن قصد إغواءَه من شياطين الانس والجن، و«فُكَّ رهاني» أي: خلص رقبتي عن كل حق عليَّ، والرهان: الرهن وجمعه، ومصدرُ راهنه، وهو ما يُوضَع وثيقةً للدين، والمراد ها هنا: نفس الإنسان لأنها مرهونة بعملها لقوله تعالى: ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ [الطور: ٢١]، وفك الرهن: تخليصه من يد المرتهن. «في النَّدِيِّ الأعلى» الندي: بالفتح ثم الكسر ثم التشديد: هو النادي وهو المجلى المجتمع، والمعنى: اجعلني من المجتمعين في الملأ الأعلى من الملائكة. ولفظ الحاكم في «المستدرك»: «واجعلني في الملأ الأعلى».

قال أبو داود: رواه أبو همَّام الأهوازىُّ، عن ثورٍ، قال: أبو زُهير الأنمارىُّ.
٥٠٥٥ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو اسحاقَ، عن فروةَ بنِ نوفَلِ عن أبيهِ: أن النبيَّ- ﷺ قال لِنَوْفَل: «اقرأ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾
ثم نَمْ على خَاتِمتِها، فإنها بَراءةٌ مِنَ الشرك» (١).
٥٠٥٦ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدِ ويزيدُ بنُ خالدِ بنُ عبد الله بن مَوهَب الهَمْدَانيُّ، قالا: حدَّثنا المفضلُ -يعنيان ابنَ فَضالةَ- عن عُقيل، عن ابنِ شهاب، عن عُروة
عن عائشة: أن النبي ﷺ كانَ إذا أوى إلى فِراشه كُلَّ ليلةٍ جمع كفَّيهِ، ثئم نَفَثَ فيهما، وقرأ فيهما،: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾، ثم يمسحُ بهما ما استطاعَ


(١) حديث حسن على اضطراب في إسناده، كما هو مفصل في «مسند أحمد» عند الحديث (٢٣٨٠٧) وهذا الإسناد رجاله رجال الصحيح غير صحابيه نوفل الأشجعي، زهير: هو ابن معاوية بن حديج، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السبيعي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٦٩) و(١١٦٤٥) من طريق يحيى بن آدم، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٧٠٠)، والنسائي (١٠٥٧٠) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه الترمذي (٣٧٠٠) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل، عن النبى ﷺ. وقال الترمذى بإثر حديث إسرائيل: هذا أشبه وأصح من حديث شعبة قد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في هذا الحديث.
وأخرجه النسائي (١٠٥٧١) من طريق مخلد بن يزيد، و(١٠٥٧٢) من طريق عبد الله ابن المبارك، كلاهما عن سفيان، عن أبي إسحاق، واختلفا، فقال مخلد: عن أبي فروة الأشجعي، عن ظئرٍ لرسول الله ﷺ، وقال ابن المبارك: عن فروة الأشجعي، عن النبى ﷺ.
والحديث في «مسند أحمد» (٢٣٨٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (٧٨٩).

مِن جسده: يبدأ بهما على رأسِه ووجهه، وما أقبلَ مِن جَسَدِه، يفعلُ ذلك ثلاثَ مراتِ (١).
٥٠٥٧ - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفضل الحرَّانىُّ، حدَّثنا بقيةُ، عن بَحيرٍ، عن خالد بن معدانَ، عن ابنِ أبي بلالٍ
عن عرباضِ بنِ سارِيةَ: أن رسولَ الله ﷺ» كان يقرأُ المُسَبِّحاتِ
قبل أن يَرقُدَ، وقال: «إنَّ فيهنَّ آيةَ أفْضَلَ مِن ألفِ آية» (٢).


(١) إسناده صحيح. عُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وعروة: هو ابن الزبير بن العوام.
وأخرجه البخاري (٥٠١٧)، والترمذي (٣٦٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٥٥٦) عن قية بن سعيد وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٣١٩)، وابن ماجه (٣٨٧٥) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، به. دون ذكر:: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾.
وأخرجه البخاري (٥٧٤٨) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٤٤).
وقد ثبت من حديث عائشة أيضًا أن هذا الصنيع كان يفعله رسول الله ﷺ كذلك إذا أصابه مرض، فكان يقرأ المعوذات وينفث في يديه، أخرجه البخاري (٤٤٣٩)، ومسلم (٢١٩٢)، وهو في «مسند أحمد» (٢٤٧٢٨).
(٢) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- ولجهالة ابن أبي بلال، واسمه: عبد الله. بحير: هو ابن سعد.
وأخرجه الترمذي (٣١٤٨) و(٣٧٠٤)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٧٢) و(١٠٤٨١) عن علي بن حجر، والنسائي (١٠٤٨٢) من طريق إسحاق بن راهويه، كلاهما عن بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وروي مرسلًا عند النسائي في «الكبرى» (١٠٤٨٣) من طريق معاوية بن صالح، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان قال: كان رسول الله ﷺ ... فذكره. وهذا أصح، ورجاله ثقات. =

٥٠٥٨ - حدَّثنا عليُّ بنُ مسلمٍ، حدَّثنا عبدُ الصَّمَدِ، حدَّثني أبي، حدَّثنا حُسينُ، عن ابنِ بُريدةَ
عن ابنِ عمر، أنه حدَّثه: أن رسولَ الله ﷺ -ِكان يقول إذا أخذَ مضجَعَه: «الحمدُ لله الذي كفانِي وآواني، وأطعَمَني وسَقَاني، والذي منَّ عليَّ فأفضَلَ، والذي أعطاني فأجزَلَ، الحمدُ لله على كلِّ حالِ، اللَّهُمَّ ربَّ كلِّ شيءِ ومَليكَهُ، وإلهَ كُلِّ شيءٍ، أعوذُ بكَ مِن النار» (١).
٥٠٥٩ - حدَّثنا حامِدُ بنُ يحيى، حدَّثنا أبو عاصِمِ، عن ابن عجلانَ، عن المقبريِّ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من اضطجعَ مضجَعًا لم يَذكُرِ اللهَ فيه إلا كان عليه تِرَةً يومَ القيامةِ، ومَن قَعدَ مقعدًا لم يَذكُرِ اللهَ فيه إلا كان عَليهِ تِرَةَ يوْمَ القِيامَةِ (٢).


= والحديث في»مسند أحمد«(١٧١٦٠).
قوله:»كان يقرأ المسبحات«أي: السور التي في صدرها لفظ التسبيح، وهن
سبع سور: الاسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى.
وقوله» آية«، لعلها: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ... وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، [الحشر: ٢٢ - ٢٤] إلى آخر السورة، والمراد بالآية: القطعة، وكان يبهمها ترغيبًا لهم في قراءة الكل. قاله السندي في»حاشية على المسند«.
(١) إسناده صحيح. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم، وحسين: هو ابن ذكوان العَوْذي البصري، وابن بُريدة: هو عبد الله الأسلمي.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٧٦٤٧) عن علي بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (١٠٥٦٦) عن عمرو بن يزيد، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به.
وهو في»مسند أحمد«(٥٩٨٣)، و»صحيح ابن حبان" (٥٥٣٨).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمَّد- وقد سلف برقم (٤٨٥٥).

١٠٧ - باب ما يقولُ إذا تعارَّ من الليلِ
٥٠٦٠ - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيمَ الدمشقيُّ دُحَيمٌ، حدَّثنا الوليدُ، قال: قال الأوزاعي (١): حدَّثني عُمير بنُ هانئ، حدَّثني جُنَادةُ بن أبي أُمية
عن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِت، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«من تَعارَّ مِن الليلِ، فقال حينَ يستيقظُ: لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءِ قدير، سبحانَ اللهِ، والحمد لله، ولا إله إلا الله (٢)، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله، ثم دعا: ربِّ اغفِرْ لي -قال الوليد: أو قال: دعا- استُجيبَ له، فإن قام فتوضأ، ثم صلى، قُبِلت صلاتُه» (٣).


(١) قال المزي في «التحفة» (٥٠٧٤): رواية أبي علي اللؤلؤي وحده، قال: قال الأوزاعي. والباقون: الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. قلنا: كذلك جاء عندنا في (هـ)، وهي برواية أبي بكر ابن داسه.
(٢) قوله في الحديث: «ولا إله إلا الله» أثبتناه من (هـ) وحدها، وهي مثبتة في
«سنن ابن ماجه» عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم.
(٣) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم وقد صرح بالتحديث في رواية الترمذي والنسائي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٧٨) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١١٥٤)، والترمذي (٣٧١٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٦٣١) من طرق عن الوليد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٦٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (٢٥٩٦).
قوله: «مَن تعارَّ من الليل»، قال البغوي في «شرح السنة» (٩٥٣): أي: استيقظ من النوم، وأصل التعارِّ: السهر والتقلُّب على الفراش، وقيل: إن التعار لا يكون إلا مع كلام أو صوت، مأخوذ من عِرار الظَّليم، وهو صوته. اهـ. والظليم: ذكر النعام.
وانظر حديث معاذ بن جبل السالف برقم (٥٠٤٢).

٥٠٦١ - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا أبو عبدِ الرحمن، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوب، حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ الوليد، عن سعيد بنِ المسيّب
عن عائشة: أن رسولَ الله ﷺ ِكانَ إذا استيقَظَ مِن الليل قال: «لا إله إلا أنت، سبحانك، اللهم أستغفِرُكَ لذنبي، وأسألكَ رحمتَك، اللَّهُمَ زِدني علمًا، ولا تُزغ قلبي بَعْدَ إذ هديتَنِي، وهَبْ لي من لدُنْكَ رحمةً، إنك أنتَ الوهَّاب» (¬١).

١٠٨ - باب التسبيح عند النوم
٥٠٦٢ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شعبةُ. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبة -المعنى- عن الحكمِ، عن ابنِ أبي ليلى، -قال مُسَدَّدٌ: قال:-
حدَّثنا عليٌّ، قال: شَكَت فاطمةُ إلى النبيَّ ﷺ ما تلقَى في يَدِها مِن الرَّحَى، فاُتِي بسَبْي، فأتتْهُ تسألُهُ، فلم تَرَه، فأخبرَت بذلك عائشةَ، فلما جاء النبيَّ ﷺ أخبرته، فأتانا وقد أخذْنا مضاجِعَنَا، فذهبنا لِنقومَ، فقال: «على مكانِكُما» فجاء فقعَدَ بينَنَا، حتى وجدتُ بردَ قدَميهِ على صدري، فقال: «ألا أدلُّكُما على خيرٍ مِمَّا سألتما؟ إذا أخذتُما


(١) رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن الوليد -وهو التجيبي- فقد روى عن جمع وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في»الثقات«، وقال الدارقطني: لا يعتبر بحديثه، ولينه الحافظ في»التقريب«. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٦٣٥) من طريق ابن وهب وابن المبارك، كلاهما عن سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد.
وصححه ابن حبان برقم (٥٥٣١)، والحاكم في»المستدرك«١/ ٥٤٠. وسكت عنه الذهبي، وقال الحافظ في»نتائج الأفكار" ١/ ١١٦: هذا حديث حسن.

مضاجِعَكُما فسبِّحَا ثلاثًا وثلاثين، واحْمَدَا ثلاثًا وثلاثين، وكبِّرا أربعًا وثلاثينَ، فهو خيرٌ لكما مِنْ خادمٍ» (١).
٥٠٦٣ - حدَّثنا مُؤَمَّل بنُ هشامٍ اليَشْكرىُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن الجُريرىَّ، عن أبي الوردِ بنِ ثمامَةَ، قال:
قال عليٌّ لابنِ أعبُد: ألا أُحدَّثُكَ عنَّي وعن فاطمةَ بنتِ رسولِ الله ﷺ، وكانت أحبَّ أهلِه إليه، وكانت عندِي، فَجَرَّتْ بالرَّحى حتى أثَّرَتْ بيدِها، واستقَت بالقِربةِ حتى أثرَتْ في نحرِها، وقمَّتِ البيتَ حتى اغبرَّتْ ثيابُها، وأوقَدَتِ القِدْرَ حتى دَكِنَتْ ثيابُها، وأصابَها مِن ذلك ضُرٌّ، فسمعنا أن رقيقًا أُتي بهم النبيَّ ﷺ، فقلت: لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادِمًا يكفيك، فأتتْه، فوجدَت عنده حُدَّاثًا، فاستحيَتْ، فرجَعَتْ، فغدا علَينا ونحسّن في لفَاعِنَا، فجلسَ عندَ رأسها، فأدخلَتْ رأسَها في اللِّفاع حياءً من أبيها، فقال: «ما كانَ حاجتُك أمس إلى اَلِ محمَّد؟» فسكتَتْ، مرتَينِ، فقلتُ: أنا والله أُحدِّثُكَ يا رسولَ الله،


(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عُتيبة، وابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن، ومسدد: هو ابن مسرهد.
وأخرجه البخاري (٥٣٦١) عن مسدَّدٌ بن مسرهد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣١١٣) و(٣٧٠٥) و(٦٣١٨)، ومسلم (٢٧٢٧) من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه البخاري (٥٣٦٢)، ومسلم (٢٧٢٧)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٥٨١) من طريق مجاهد، والنسائي (١٠٥٨٢) من طريق عمرو بن مرة، كلاهما عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، به وهو في «مسند أحمد» (٧٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٢٤).
وانظر ما سلف برقم (٢٩٨٨).

إن هذه جرَّتْ عندي بالرَّحى حتى أثَّرتْ في يدها، وأستقَتْ بالقربةِ حتى أثَّرتْ في نحرِها، وكَسَحَتِ البيتَ حتى اغبرَّتْ ثيابُها، وأوقدَتِ القِدْرَ حتى دَكِنَت ثيابُها، وبلغَنا أنه أتاك رقيقٌ أو خدمٌ، فقلتُ لها: سَلِيه خادمًا، فذكر معنى حديث الحكم وأتمَّ (١).
٥٠٦٤ - حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عَمرو، حدَّثنا عبدُ العزيز ابنُ محمَّد، عن يزيدَ ابن الهاد، عن محمَّد بنِ كعب القُرظي، عن شَبَثِ بن ربعِي
عن علي، عن النبي ﷺ، بهذا الخبر، قال فيه: قال علي: فما تركتُهن منذ سَمِعْتُهُنَّ من رسول الله ﷺ إلا ليلةَ صِفِّين، فإني ذكرتُها مِن آخِرِ الليلِ فقلتُها (٢).
٥٠٦٥ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن عطاء بنِ السَّائِبِ، عن أبيهِ


(١) إسناده ضعيف لجهالة ابن أعبد، فهو الواسطة بين أبي الورد بن ثمامة وبين علي، وقد سلف برقم (٢٩٨٨).
وانظر ما قبله ..
وقوله: وقمت البيت، معناه: كنسته، ومن ذلك سميت الكُناسة: قُمامة، واللِفاع: هو كل ما يتلفع به من كساء ونحو ذلك، ومعنى التلفع: الاشتمال بالثوب، ودَكِن الثوب بفتح الدال وكسر الكاف: اتسخ، والدُّكنة: بضم الدال: لون يضرب إلى السواد، وحداث، أي: قوم يتحدثون.
(٢) إسناده ضعيف. شَبَث بن ربعي ذكره البخاري في «الضعفاء الصغير» وأبو زرعة الرازي في «أسامي الضعفاء»، وقال البخاري: لا يعلم لمحمد بن كعب سماع شبث.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٥٨٣) من طريقين عن يزيد ابن الهاد، بهذا الاسناد.
وانظر ما قبله.

عن عبدِ الله بنِ عمرو: عن النبيِّ ﷺ، قال: «خَصْلَتَان -أوخَلَّتَان - لا يُحَافِظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنةَ، هما يسيرٌ، ومَنْ يَعْمَلُ بهما قليلٌ، يُسَبِّحُ في دُبُرِ كُلَّ صلاةٍ عَشرًا، ويَحْمَدُ عشرًا، ويكبِّرُ عَشْرًَا، فذلك خمسون ومِئةٌ باللسان، وألفٌ وخمسُ مئةٍ في الميزان ويكبِّرُ أربعًا وثلاثين إذا أخذ مَضْجَعَهُ، ويَحْمَدُ ثلاثًا وثلاثين، ويُسبِّح ثلاثًا وثلاثين، فذلك مِئةٌ باللسان، وألف في الميزان» - فلقد رأيتُ رسول الله ﷺ يعقِدها بيده - قالوا: يا رسولَ الله ﷺ ِ، كيف هما يسيرٌ، ومن يعمل بهما قليل؟ قال: «يأتي أحدَكم -يعني الشيطانَ - في منامِه، فينوِّمُهُ قبل أن يقولَه، ويأتيه في صلاتِه فيُذكّرُه حاجةً قبل أن يقولها» (١).
٥٠٦٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهْبٍ، حدَّثني عياشُ ابن عُقبةَ الحضرمىُّ، عن الفضلِ بن حَسنٍ الضَّمْريّ أن ابن أُم الحَكَم أو ضُباعةَ ابنتي الزبير حدثه عن إحداهما أنها قالت: أصابَ رسولُ الله ﷺ سَبْيًا، فذهبت أنا وأُختى فاطمةُ بنتُ النبيَّ ﷺ إلى النبي-ﷺ، فشكونا إليه ما نحنُ فيه، وسألناهُ أن يأمرَ لنا بشيءٍ من السَّبْيِ، فقال رسولُ الله ﷺ: «سَبَقكُنَّ


(١) إسناده قوي، عطاء بن السائب -وإن كان قد اختلط- رواية شعبة عنه قبل الاختلاط.
وأخرجه ابن ماجه (٩٢٦)، والترمذي (٣٧٠٩)، والنسائي في»الكبرى«(١٢٧٢) و(١٠٥٨٠) و(١٠٥٨٦) من طرق عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وسلف الحديث عند المصنف برقم (١٥٠٢) مختصرًا بعقد التسبيح. وانظر تمام تخريجه هناك.
وهو في»مسند أحمد«(٦٤٩٨) و(٦٩١٠)، و»صحيح ابن حبان" (٨٤٣).

يتَامى بَدْرٍ» ثم ذكر قصة التسبيح، قال: «على أثَر كلِّ صلاةٍ» لم يذكرِ النومَ (١). قال عياش: هما ابنتا عم النبي ﷺ (٢).

١٠٩ - باب ما يقول إذا أصبح (٣)
٥٠٦٧ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا هُشيمٌ، عن يعلى بنِ عَطاءٍ، عن عمرو بنِ عاصم عن أبي هريرة، أن أبا بكرِ الصدّيقَ قال: يا رسول الله ﷺ، مُرْني بكلماتِ أقولُهن إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ، قال: «قل: اللهمَّ فاطرَ السماواتِ والأرضِ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ، ربَّ كلّ شيءِ ومَليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنتَ، أعوذُ بك من شرِّ نفسي، وشر الشيطان وشِرْكه»، قال: «قُلْها إذا أصبحتَ، وإذا أمسيتَ، وإذا أخذتَ مَضْجعَكَ» (٤).


(١) صحيح لغيره عن فاطمة رضي الله عنها وحدها، دون ذكر أم الحكم أو ضباعة، ودون قوله: «سبقكن يتامى بدر» كما سلف بيانه فيما تقدم برقم (٢٩٨٧).
(٢) مقالة عياش هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.
(٣) من أول هذا الباب إلى آخر باب: الرجل ينتمي إلى غير مواليه، سقط على ابن داسه سماعه من أبي داود، فقد جاء في (هـ) التي عندنا بروايته قوله: سقط من كتابي إلى آخر الباب المرسوم بباب الرجل ينتمي إلى غير مواليه، أقول فيه: قال أبو داود: قلنا: يعني يعلقه عن أبي داود تعليقًا.
(٤) حديث صحيح، هشيم -وهو: ابن بشير- وإن لم يصرح بالسماع متابع كما سيأتي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٦٤٤) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، و(٧٦٥٢) و(١٠٣٢٦) من طريق زياد بن أيوب، كلاهما عن هشيم بن بشير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٦٨٩)، والنسائي (٧٦٦٨) و(٩٧٥٥) و(١٠٥٦٣) من طريق شعبة بن الحجاج، عن يعلي بن عطاء، به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

٥٠٦٨ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وهَيبٌ، حدَّثنا سهيلٌ، عن أبيه
عن أبي هريرة، عن النبي-ﷺ أنه كان يقول إذا أصبحَ: «اللَّهُمَّ بك أصبحْنا، وبك أمسَينا، وبك نَحيا، وبك نَمُوتُ، وإليك النشورُ»، وإذا أمسى قال: «اللَّهُمَّ بك أمسَينا، وبكَ نحيا، وبِكَ نموتُ، واليكَ النشورُ» (١).
٥٠٦٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ أبو فُدَيك، أخبرني عبدُ الرحمن ابنُ عبدِ المجيدِ، عن هشام بن الغازِ بنِ ربيعةَ، عن مَكحولٍ الدَّمَشقيِّ
عن أنس بنِ مالك، أن رسولَ الله ﷺ قال: «مَن قال حِينَ يُصْبحُ أو يُمسي: اللَّهُمَّ إني أصْبَحْتُ أُشهِدُكَ وأُشهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وملائكَتَك وجميعَ خلقك: أنك أنتَ اللهُ لا إله إلا أنت، وأن محمدًا عبدُك ورسولُك، أعتَقَ اللهُ رُبُعَهُ من النار، فمن قالها مرتَينِ أعتَقَ اللهُ نِصفَه،


= وهو في»مسند أحمد«(٥١)، و»صحيح ابن حبان«(٩٦٢).
وقوله:»وشركه«، قال النووي في»الأذكار«: روى على وجهين أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء من الاشراك، أي: ما يدعو إليه ويوسوس به من الإشراك بالله تعالى، والثاني: شَرَكه: بفتح الشين والراء: حبائله ومصايده، واحدها: شَرَك بفتح الشين والراء.
(١) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وسهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٣٢٣) من طريق عبد الأعلى، عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٦٨)، والترمذي (٣٦٨٨)، والنسائي (٩٧٥٢) من طرق عن سهيل بن أي صالح، به. ولم يذكر النسائي قوله:»وإذا أمسى ... «إلخ.
وهو في»مسند أحمد«(٨٦٤٩)، و»صحيح ابن حبان" (٩٦٤) و(٩٦٥).

ومَنْ قالها ثلاثًا أعتَقَ الله ثلاثةَ أرباعِه، فإن قالها أربعًا أعتقه اللهُ مِنَ النارِ (١).
٥٠٧٠ - حدَّثنا أحمدُ بن يونُس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا الوليدُ بن ثعْلبةَ الطائيُّ، عن ابن بُرَيدة
عن أبيه، عن النبي ﷺ، قال:«مَن قال حينَ يُصبح أو حين يُمسي: اللَّهُمَّ أنتَ ربي لا إله إلا أنت، خلقْتَني وأنا عبدُك، وأنا على عَهْدِكَ ووعْدِكَ ما استطَعْتُ، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوءُ بنعمتِك، وأبوء بذَنْبِي، فاغفر لي، إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنتَ، فماتَ مِن يومِه أو مِن ليلتِه دخلَ الجنةَ» (٢).


(١) حسن، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي مجهول لا يعرف، ومكحول اختلف في سماعه من أنس، فنفاه بعضهم، وأثبته آخرون، ثم هو مدلس، وقد عنعن. ابن أبي فُديك: هو محمَّد بن إسماعيل.
وأخرجه الطبراني في «الدعاء» (٢٩٧)، وفي «مسند الشاميين» (١٥٤٢)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٧٣٨)، والمزي في ترجمة عبد الرحمن بن عبد المجيد من «تهذيب الكمال» ١٧/ ٢٥٧ من طريق أحمد بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه محمَّد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب «العرش» (٢٣)، والطبراني في «الدعاء» (٢٩٧)، وفي«مسند الشاميين» (٣٣٦٩)، وأبو نعيم في «الحلية»، ٥/ ١٨٥، والبيهقي في «الدعوات» (٤٠)، والمزي في «التهذيب» ١٧/ ٢٥٥ - ٢٥٦ من طرق عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك، به.
وسيأتي من طريق آخر برقم (٥٠٧٨) عن أنى، وحسنه به الحافظ ابن حجر في
«نتائج الأفكار» ٢/ ٣٥٧.
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حديج، وابن بريدة: هو عبد الله ابن بربدة بن الحُصيب. =

٥٠٧١ - حدَّثنا وهبُ بن بقية، عن خالد. وحدَّثنا محمَّد بن قُدامةَ بن أعينَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن الحسنِ بن عُبيد الله، عن إبراهيمَ بن سُويدٍ، عن عبد الرحمن ابن يزيدَ
عن عبد الله، أن النبي ﷺ كان يقول إذا أمسى:»أمْسَينا وأمْسى المُلْكُ لله، والحمدُ لله، لا إله إلا الله وحدَه، لا شريك له -وأما زُبَيدٌ فكانَ يقولُ: كان إبراهيم بن سُويد يقول: «لا إلهَ إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قَديرٌ» زاد في حديث جرير: «له الملك، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير»- ربَّ أسالُكَ خَيرَ ما في هذه الليلة وخَيْرَ ما بعدَها، وأعوذُ بكَ مِن شر ما في هذه الليلة وشَرِّ ما بعدَهَا، ربَّ أعوذُ بكَ مِن الكَسَلِ، ومِن سُوءِ الكِبْرِ -أو الكُفْر (١) -، ربَّ أعوذُ بكَ مِن عذابِ في النارِ، وعذابٍ في القبر«لهاذا أصبَحَ قال ذلك أيضًا:»أصبَحْنَا وأصبَحَ الملكُ لله«(٢).


= وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٢٢٧) و(١٠٣٤٠) من طريق سويد بن عمرو، عن زهير بن معاوية بن حديج، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٧٢) من طريق إبراهيم بن عيينة، والنسائي (٩٧٦٤) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن الوليد بن ثعلبة، به.
وهو في»مسند أحمد«(٢٣٠١٣)، و»صحيح ابن حبان«(١٠٣٥).
وقوله:»أبوء بنعمتك«قال الخطابي: معناه: الاعتراف بالنعمة، والإقرار بها، وأبوء بذنبي: معناه الإقرار بها أيضًا كالأول، ولكن فيه معنى ليس كالأول، تقول العرب: باء فلان بذنبه: إذا احتمله كرهًا يستطيع دفعه عن نفسه.
(١) قوله:»ومن سوء الكبر أو الكفر«أثبتناه من (هـ)، وفي سائر أصولنا الخطية:»ومن سوء الكفر" من غير شك.
(٢) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد، وجرير: هو ابن عبد الحميد بن قُرْط، وزُبَيد المذكور ضمن الحديث: هو ابن الحارث اليامِيّ. =

قال أبو داود: رواه شعبةُ، عن سلمةَ بنِ كُهيلِ، عن إبراهيمَ بنِ سُويدِ، قال: «مِنْ سُوءِ الكِبَر»، ولم يذكر: سوء الكفر.
٥٠٧٢ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي عَقيلٍ، عن سابقِ بنِ ناجيةَ
عن أبي سلاَّم، أنه كان في مسجدِ حمصَ، فمرَّ به رجل، فقالوا: هذا خَدَمَ النبيَّ-ﷺ فقامَ إليهِ، فقال: حدَّثني بحديثِ سمعتَه مِن رسولِ الله ﷺ لم يتداولهُ بينَكَ وبينَهُ الرجالُ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ -يقولُ: «مَنْ قالَ إذا أصبَحَ وإذا أمْسَى: رضِينا بالله ربًّا، وبالإِسلامِ دينًا، وبمُحَمَّدِ رسولًا، إلا كان حقًا على الله أن يُرضِيَه» (١).


= وأخرجه مسلم (٢٧٢٣) (٧٥) عن عثمان بن أبي شيبة، والترمذي (٣٦٨٧) عن سفيان بن وكيع، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد بن قرط، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٧٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٧٦٧) و(١٠٣٣٣) من طريقين عن الحسن بن عُبيد الله، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤١٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (٩٦٣).
قوله: «من سوء الكبَر» قال النووي: رُويناه «الكبَر» بإسكان الباء، وفتحها، فالإسكان بمعنى التعاظم على الناس، والفتح بمعنى الهرم والخرف والردّ إلى أرذل العُمر، كما في الحديث الآخر، قال القاضي: وهذا أظهر وأشهر مما قبله. قال: وبالفتح ذكره الهروي وبالوجهين ذكره الخطابى، وصوّب الفتحَ، وتعضده رواية النسائي: «وسوء العُمُر».
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سابق بن ناجية. شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو عقيل: هو هاشم بن بلال -ويقال: ابن سلاّم- الدمشقي، قاضي واسط، وأبو سلام: هو ممطور الحبشي.
وأخرجه النسائي (١٠٣٢٤) من طريق هشيم، عن أبي عقيل، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٦٧). =

٥٠٧٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا يحيى بنُ حسّانَ وإسماعيلُ، قالا: حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال، عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمن، عن عبدِ الله بن عَنْبَسة
عن عبدِ الله بن غنَّام البَياضيِّ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «من قال حينَ يُصبِح: اللَّهُمَّ ما أصبَحَ بي من نعمَةٍ فمِنكَ وحدَكَ لا شريكَ لك، فلكَ الحمدُ ولكَ الشُّكرُ، فقد أدَّى شُكرَ يومه، ومَن قال مِثلَ ذلك حينَ يُمسِي فقد أدَّى شُكرَ ليلَتِهِ» (١).
٥٠٧٤ - حدَّثنا يحيى بنُ موسى البَلْخيُّ، حدَّثنا وكيعٌ. وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ -المعنى- حدَّثنا ابنُ نمير -المعنى واحدٌ- قالا: حدَّثنا عُبَادةُ بنُ مسلم الفَزاريُّ، عن جُبير بنِ أبي سليمانَ بنِ جُبيرِ بنِ مُطْعِم، قال:
سمعتُ ابنَ عمر يقولُ: لم يكن رسولُ الله ﷺ يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حينَ يُمْسِي وحينَ يُصبحُ: «اللَّهُمَّ إني أسالُكَ العافيَةَ في الدُنيا والآخرة،


= وخالف شعبةَ وهشيمًا فيه مسعرٌ فرواه عن عقيل، وقال فيه: عن سابق عن أبي سلام خادم النبي ﷺ، فجعل أبا سلام هو خادم النبي ﷺ، هكذا أخرجه ابن ماجه (٣٨٧٠)، وهو وهم من مسعر.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، وقد سلف عند المصنف برقم (١٥٢٩). وآخر عن سعد بن أبي وقاص، وقد سلف عنده برقم (٥٢٥). وهما عند مسلم في»صحيحه«(٣٨٦) و(١٨٨٤).
(١) إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الله بن عنبسة. إسماعيل: هو ابن عبد الله بن أبي أويس.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«، (٩٧٥٠) من طريق عبد الله بن مسلمة، عن سليمان ابن بلال، بهذا الإسناد.
وروى بعضهم عن سليمان بن بلال بهذا الإسناد، لكن سمى صحابيَّه ابن عباس، وهو خطًا.
وانظر»صحيح ابن حبان" (٨٦١).

اللَّهُمَّ إني أسالُكَ العفوَ والعافيَةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللَّهُمَّ استُر عورَتي -وقال عُثمان: عوراتي- وآمِن رَوْعَاتي، اللَّهُمَّ احفظني مِنْ بين يدىَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شِمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَال مِن تحتي» (١).
قال أبو داود: قال وكيع: يعني الخسفَ.
٥٠٧٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ وهبِ، أخبرني عمرو ابن الحارث، أن سالمًا الفرَّاء، حدَّثه، أن عبدَ الحميدِ مولى بني هاشِمٍ حدَّثه، أن أُمَّه حدَّثته -وكانت تخدُمُ بعضَ بناتِ النبي-ﷺ
أن ابنة النبي ﷺ حدَّثتها: أن النبيَّ- ﷺ كان يُعلِّمُها فيقول: «قولي حينَ تُصبحين: سبحان اللهِ وبِحمْدِه، لا قُوَّةَ إلا باللهِ، ما شاءَ الله كانَ، وما لم يشَأْ لم يكُن، أعلمُ أن الله على كل شيءِ قديرٌ، وأنَّ الله قد


(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وابن نمير: هو عبد الله بن نمير.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٧١) عن علي بن محمَّد الطنافسي، عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٧٩١٥) من طريق علي بن عبد العزيز، و(١٠٣٢٥) من طريق أبي نعيم، كلاهما عن عبادة بن مسلم الفزاري، به.
وهو في»مسند أحمد«(٤٧٨٥)، و»صحيح ابن حبان«(٩٦١).
قال صاحب»عون المعبود«: قوله:»وآمن روعاتي«أي: مخوفاتي، والروعة: الفزعة.
وقوله:»أن أغتال«بصيغة المجهول، أي: أوخذ بغتة وأهلك غفلة.
وقول وكيع فيه: يعني الخسف، أي: يريد النبي-ﷺ-بالاغتيال من الجهة التحتانية الخسَف.
قال في»القاموس": خسف الله بفلان الأرض: غيبه فيها.

أحاطَ بكل شيءٍ علمًا، فإنه من قالهُنَّ حِين يُصبِحُ حُفظ حتى يُمسيَ، ومن قالهُنَّ حِين يُمسي حُفِظ حتى يُصْبِحَ» (١).
٥٠٧٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانِيُّ، أخبرنا. وحدَّثنا الربيعُ بنُ سليمان، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني الليثُ، عن سعيدِ بنِ بَشيبر النَّجاريِّ، عن محمَّد بنِ عبدِ الرحمن البيلمَانيِّ -قال الربيعُ: ابنُ البيلماني- عن أبيه
عن ابنِ عباس، عن رسولِ الله ﷺ، أنه قال: «مَنْ قال حينَ يُصبِحُ: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ إلى ﴿وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الروم: ١٧ - ١٨] أدرَكَ ما فاتَه في يومِه ذلك، ومَنْ قالهُنَّ حينَ يُمسي أدرَكَ ما فاتَه في ليلتِه». قال الربيع: عن الليث (٢).


(١) إسناده ضعيف لجهالة سالم الفراء، وعبد الحميد مولى بني هاشم.
وأخرجه النسائي في: «الكبرى» (٩٧٥٦) عن أحمد بن عمرو، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني وأبوه ضعيفان ومحمد أشد ضعفًا، وسعيد بن بشير -وهو الأنصاري- مجهول، وضعف البخاري حديثه في ترجمته من «تاريخه» ٣/ ٤٦٠، وكذلك ضعَّف الحديث الحافظ ابن حجر في «نتائج الأفكار»٢/ ٣٧٢.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١٢٢٦ من طريق سفيان بن محمَّد الفزاري، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه العقيلي في «الضعفاء الكيير» ٢/ ١٠٠، والطبراني في «المعجم»الكبير«(١٢٩٩١) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، به.
وللحديث شاهد ساقه الحافظ ابن حجر في»نتائج الأفكار" ٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣ بسند ضعيف إلى محمَّد بن واسع من قوله، قال: من قال حين يصبح ... فذكر نحوه، وزاد في آخره: وكان إبراهيم خليل الرحمن يقولها ثلاث مرات إذا أصبح وثلاث مرات إذا أمسى. =

قال أبو داود: النجّاري من بني النجار من الأنصار (١).
٥٠٧٧ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ ووهيبٌ -نحوه- عن سهيلٍ، عن أبيه
عن ابنِ أبي عائِشٍ -وقال حمادٌ: عن أبي عيَّاش- أن رسولَ الله ﷺ قال: «من قال إذا أصبحَ: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه، لا شريكَ له، له المُلْكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير، كان لهُ عَدْلُ رقبةٍ من ولَدِ إسماعيلَ، وكُتِبَ له عَشْرُ حَسناتٍ، وحُطَّ عنه عشْرُ سيئَاتٍ، ورُفِعَ له عَشْرُ درجاتٍ، وكان في حِرْزٍ مِنَ الشيطانِ حتى يُمسيَ، وإن قالها إذا أمْسَى كان له مِثلُ ذلكَ حتى يُصبِحَ» (٢).
قال في حديثِ حمَّادٍ: فرأى رجلٌ رسولَ الله ﷺ فيما يرى النائمُ، فقال: يا رسولَ الله ﷺ، إن أبا عيَّاش يُحدِّثُ عَنْكَ بكذا وكذا، قال: «صَدَقَ أبو عيّاش».


= ولهذه الزيادة التي في حديث محمَّد بن واسع شاهد من حديث معاذ بن أنس مرفوعًا عند أحمد في «مسنده» برقم (١٥٦٢٤) ولفظه:«ألا أخبركم لم سمى الله تبارك وتعالى إبراهيم خليله الذي وفّى؛ لأنه كان يقول كما أصبح وأمسى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ [الروم: ١٧] حتى يختم الآية». وإسناده ضعيف لضعف زبان بن فائد وابن لهيعة.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، ووهيب: هو ابن خالد بن عجلان،
وسهل: هو ابن أبي صالح السمان.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٦٧)، والنسائي في «الكبرى» (٩٧٧١) من طريق الحسن
ابن موسى، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ووقع عندهما: عن أبي عياش الزرقي.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٥٨٣).

قال أبو داود: رواه إسماعيلُ بنُ جَعفر وموسى الزَّمَعي وعبدُ الله ابنُ جعفرٍ، عن سُهيلٍ، عن أبيه، عن ابنِ عائش.
٥٠٧٨ - حدَّثنا عَمرُو بنُ عُثمانَ، قال: حدَّثنا بقيةُ، عن مسلمٍ -يعني ابنَ زيادٍ- قال:
سمعتُ أنس بن مالكِ يقولُ: قال رسولُ الله ﷺ:«مَنْ قال حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ إني أصبَحْتُ أنّي أُشْهِدُك وأشْهِدُ حملةَ عرشِك وملائِكتَك وجميعَ خلقك: بأنك أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ، وحدَك لا شريكَ لكَ، وأنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك، إلا غُفِرَ له ما أصابَ في يومِه ذلكَ مِنْ ذَنْبٍ، وإن قالها حين يُمْسِي غُفِرَ له ما أصابَ في تِلْكَ الليلةِ» (١).


(١) حديث حسن. بقية: هو ابن الوليد.
وأخرجه الترمذي (٣٥٠١) من طريق حيوة بن شريح بن يزيد الحمصي، عن بقية
ابن الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٠١)، والنسائي فى «الكبرى» (٩٧٣٥) عن إسحاق بن راهويه، والنسائي (٩٧٥٤) من طريق كثير بن عبيد، كلاهما عن بقة بن الوليد، به.
وقد صرح بقية بالتحديث في رواية النسائي، فالحديث يصلح شاهدًا للطريق السالفة في الحديث (٥٠٦٩)، فيتقوى بها. ولذا حسَّن الحديث الحافظ ابن حجر في كتابه «نتائج الأفكار» ٢/ ٣٥٧ وقال بعد تخريجه: وبقية صدوق أخرج له مسلم، وإنما عابوا عليه التدليل والتسوية، وقد صرح بتحديث شيخه له وبسماع شيخه فانتفت الريبة.
وشيخه روى عنه أيضًا إسماعيل بن عياش وغيره، وقد توقف فيه ابن القطان، فقال: لا نعرف حاله، ورد بأنه وصف بأنه كان على خيل عمر بن عبد العزيز، فدل على أنه أمير، وذكره ابن حبان فى«الثقات». =

٥٠٧٩ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ أبو النضرِ الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ شعيبٍ، أخبرني أبو سعيدٍ الفِلَسْطيني عبدُ الرحمن بن حسّان، عن الحارثِ بن مسلمِ أنه أخبره
عن أبيه مسلمِ بنِ الحارث التميمىِّ، عن رسولِ الله ﷺ، أنه أسرَّ إليه، فقال: «إذا انصرفت مِن صلاةِ المغربِ، فقل: اللَهُمَّ أجِرني مِنَ النارِ، سَبعَ مراتٍ، فإئك إذا قلتَ ذلك، ثم مُتَّ في ليلتك كُتِبَ لك جِوارٌ منها، وإذا صليتَ الصبحَ فقُلْ كذلك، فإنَّك إن مِتَّ في يومِكَ كُتِبَ لكَ جِوَارٌ منها». أخبرني أبو سعيد، عن الحارثِ أنه قال: أسرَّها إلينا رسولُ الله ﷺ، فنحنُ نَخُصُّ بها إخوانَنا (١).
٥٠٨٠ - حدَّثنا عمرو بن عثمان الحمصيُّ ومُؤمَّل بنُ الفضلِ الحرَّانيُّ وعليُّ ابنُ سهل الرمليُّ ومحمدُ بنُ المُصفَّى الحمصيُّ، قالوا: حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ حسَّانَ الكِنانيُّ، قال: حدَّثني مُسلِمُ بنُ الحارث بن مسلم التميميُّ


= تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وحدها، وأشار المزي في «التحفة (١٥٨٧)، والحافظ في»نتائج الأفكار«٢/ ٣٥٨ إلى أنه في رواية أبي بكر ابن داسه، مع أن أبا بكر ابن داسه لم يروه عن أبي داود، بل سقط في جملة ما سقط من الأحاديث التي أشار إلى أنها سقطت من كتابه كما جاء في الورقة ١٨٣ من (هـ)، وأنه رواها تعليقًا، بمعنى أنه أخذها من كتاب غيره.
(١) إسناده ضعيف. الحارث بن مسلم جهله الدارقطني ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد اختلف في اسمه واسم أبيه.
وقد صحيح البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والترمذي وابن قانع وغير واحد أن مسلم بن الحارث هو صحابي الحديث.
وانظر تمام الكلام في تعليقنا عليه س في»مسند أحمد«(١٨٠٥٤)، وانظر»الإصابة«٦/ ١٠٦، وانظر ما بعده.
قوله:»جوار منها«بكسر الجيم واهمال الراء، وفي بعض النسخ بفتح الجيم وإعجام الزاي، أي: أمان وخلاص. قالة في»عون المعبود".

عن أبيه، أن النبيَّ- ﷺ -قال، نحوه، إلى قولهِ: «جِوارٌ منها» إلا أنَّه قال فيهما: «قبل أن يُكلِّم أحدًا». قال عليُّ بنُ سهل فيه: إن أباه حدَّثه، وقال عليٌّ وابنُ المصفى: بعثنا رسولُ الله ﷺ في سريةٍ، فلما بلغنا المُغَارَ، استحثثتُ فرسي، فسبقتُ أصحابي، وتلقَّاني الحيُّ بالرَّنِينِ، فقلتُ لهم: قولوا: لا إله إلا الله وحدَه تُحرِزُوا، فقالوها، فلامني أصحابِي، وقالوا: حرمتنا الغنيمةَ، فلما قَدِمْنَا على رسولِ الله ﷺ أخبروه بالذي صنعتُ، فدعاني، فحسَّن لي ما صنعتُ، وقال: «أما إن الله عز وجل قد كتبَ لكَ مِن كلَّ إنسانٍ منهم كذا وكذا»، قال عبدُ الرحمن: فأنا نسيتُ الثوابَ، ثم قال رسولُ الله ﷺ: «أما إنَّي سأكتُب لك بالوَصاةِ بَعْدِي»، قال: ففعل، وخَتَم عليه، فدفعه إليَّ، وقال لي، ثم ذكرَ معناهم، وقال ابنُ المصفَّى: قال: سمعتُ الحارثَ ابنَ مسلم بنِ الحارث التميمي يُحدث عن أبيه (١).
٥٠٨١ - حدَّثنا يزيدُ بنُ محمَّد الدمشقي، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاق بنُ مُسلَّم الدمشقيُّ -وكان مِن ثقاتِ المسلمين مِن المتعبدين- قال: حدَّثنا مُدْرِكُ بنُ سعْدٍ -قال يزيدُ: شيخٌ ثقة- عن يونَس بنِ ميسرة بنِ حَلْبَس، عن أُمِّ الدرداء


(١) إسناده ضعيف، لجهالة التابعي، وجاء اسمه هنا مسلم بن الحارث، والصواب أنه الحارث بن مسلم كما سلف بيانه في التعليق على الحديث الذي قبله.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٨٥٩) عن عمرو بن عثمان وحده، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٠٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٢٠٢٢).
وفي الباب حديث أنس عند ابن ماجه (٤٣٤٠)، والترمذي (٢٧٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٠٧) و(٩٨٥٨)، وفيه: «من استعاذ بالله من النار ثلاثًا، قالت النار: اللهم أعذه من النار». وإسناده صحيح، وهو في «مسند أحمد» (١٣١٧٣).
وقوله: المغار، بالضم، الغارة وموضعها.

عن أبي الدرداء، قال: من قال إذا أصبَحَ وإذا أمسى: حسبيَ اللهُ، لا إله إلا هو عليهِ توكلّتُ، وهو ربُّ العرشِ العظيمُ، سبعَ مراتٍ، كفاه اللهُ ما هَمَّهُ، صادقًا كان بها أو كاذبًا (١).
٥٠٨٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ المصفَّى، حدَّثنا ابنُ أبي فُديك، أخبرني ابنُ أبي ذئبٍ، عن أبي أَسيدٍ البرَّاد، عن مُعاذِ بنِ عبد الله بن خُبَيب
عن أبيه، أنه قال: خرجنا. في ليلةِ مطرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ، نطلُبُ رسولَ الله ﷺ لِيُصليَ لنا، فأدركناهُ، فقال: «أصليتُم؟» فلم أقل شيئًا، فقال (٢): «قل»، فلم أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قل»، فلم أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، قلتُ: يا رسولَ الله، ما أقولُ؟ قال: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾،


(١) رجاله ثقات، وهو موقوف، وفي متنه زيادة منكرة.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣٦/ ١٤٩ من طريق أبي زرعة الدمشقي و٣٦/ ١٤٩ - ١٥٠ من طريق إبراهيم بن عبد الله بن صفوان، كلاهما عن عبد الرزاق ابن عمر بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأورده ابن كثير في «التفسير» ٤/ ١٨١ عن «تاريخ دمشق» لابن عساكر من طريق أبي زرعة، ثم قال: وهو زيادة غريبة ثم رواه. في ترجمة عبد الرزاق أبي محمَّد، عن أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق، عن جده عبد الرزاق بن عمر فرفعه فذكر مثله بالزيادة. وهذا منكر.
وأخرجه مرفوعًا دون هذه الزيادة ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٧١) من طريق أحمد بن عبد الرزاق الدمشقي، قال: حدثني جدي عبد الرزاق بن مسلم، به.
وانظر «نتائج الأفكار» ٢/ ٤٠٠.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ). وذكر المزي في «التحفة» (١١٠٠٤)، والحافظ في «نتائج الأفكار» ٢/ ٤٠٠ أنه في رواية أبي بكر ابن داسه! قلنا: كذا قال مع أن أبا بكر ابن داسه قد أشار كما في الورقة ١٨٣ من (هـ) إلى أن عدة أحاديث ومن جملتها هذا الحديث قد سقط من كتابه وأنه يرويها تعليقًا عن أبي داود.
(٢) من قوله:«أصليتم؟» إلى هنا، أثبتناه من (هـ).

والمُعوِّذَتَيْن حينَ تُمسي وحِينَ تُصبح، ثلاثَ مراتٍ، تكفِيكَ مِن كُلِّ شيءِ» (١).
٥٠٨٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثني أبي
-قال ابنُ عوفِ: ورأيتُه في أصلِ إسماعيلَ- حدَّثني ضَمضمٌ، عن شُريحٍ عن أبي مالكٍ، قال: قالوا: يا رسولَ الله ﷺ، حدَّثنا بكلمة نقولُها إذا أصبحْنَا وأمسينَا واضطَجَعْنا، فأمرهم أن يقولوا: «اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّمواتِ والأرضِ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ، أنتَ ربُّ كلِّ شيءِ، والملائكةُ يشهَدون، أنك لا إلهَ إلَا أنتَ، فإنا نعوذُ بكَ مِن شَرِّ أنفسِنا، ومِنْ شرِّ الشيطانِ الرجيمِ وشِرْكِهِ، وأن نقترِفَ سُوءًا على أنفُسِنا، أو نجُرَّهُ إلى مُسلِمٍ» (٢).


(١) إسناده حسن، محمَّد بن إسماعيل -وهو ابن أبي فديك، وأبو أَسِيد -وصوابُه أبو سعيد- هو أسِيْدُ بن أبي أَسِيدٍ، صدوقان. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن ابن المغيرة.
وأخرجه الترمذي (٣٨٩٢) عن عبد بن حميد، عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٨١١) من طريق أبي عاصم، عن ابن أبي ذئب، به.
وأخرجه النسائي (٧٨٠٩) من طريق ابن وهب، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن معاذ بن عبد الله، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٦٦٤).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين شريح -وهو ابن عبيد- وبين أبي مالك الأشعري، ومحمد بن إسماعيل -وهو ابن عياش- ضعيف، وقد خولف عن أبيه كما سيأتي.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، (٣٤٥٠)، و«مسند إلشاميين» (١٦٧٢) عن هاشم بن مرثد، عن محمَّد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد.
قلنا: ومع ضعف محمَّد بن إسماعيل، فقد خالفه غيرُ واحد عن أبيه: =

٥٠٨٤ - قال أبو داود: وبهذا الإسنادِ، أن رسولَ الله ﷺ قال:«إذا أصبحَ أحدُكُم فليقُلْ: أصبحنا وأصبَح المُلكُ لله ربِّ العالمين، اللَّهُمَّ إني أسألك خيرَ هذا اليومِ فتحَهُ ونصرَهُ ونورَهُ وبركتَهُ وهُدَاه، وأعوذ بك من شرِّ ما فيه وشرِّ ما بعدَهُ، ثم إذا أمسى فليقُل مثلَ ذلك» (١).


= فقد رواه خلف بن الوليد عند أحمد (٦٨٥١)، وخطاب بن عثمان عند البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٠٤)، والحسن بن عرفة عند الترمذي (٣٨٤٠) وقال: حديث حسن غريب من هذه الوجه، ومحمد بن عمرو بن خالد الحراني وأبو عبد الملك أحمد ابن إبراهيم الدمشقي عند الطبراني في «الدعاء» (٢٨٩)، وداود بن رشيد وداود بن عمرو الضبي وأبو معمر القطيعي عند المعمري في «اليوم والليلة» -ما في «نتائج الأفكار» ٢/ ٣٤٦ - ثمانيتهم عن إسماعيل بن عياش، عن محمَّد بن زياد الألهاني، عن أبي راشد الحُبراني قال: أتيت عبد الله بن عمرو فقلت: حدَّثنا حديثًا سمعته من رسول الله ﷺ فألقى إليّ صحيفة، فقال: هذا ما كتب لي رسول الله ﷺ قال: فنظرت فإذا فيها: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله ﷺ علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال رسول الله ﷺ: «يا أبا بكر قل» فذكر مثل رواية أبي مالك، لكن ليس فيه «أشهد» إلى قوله: «إلا أنت» وقال فيه: «أعوذ بك من شر نفسي» والباقي سواء.
قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث حسن.
وقد سلف عند المصنف برقم (٥٠٦٧) عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: ....
وقوله: «وشركه». قال النووي في «الأذكار» ص٢٢١: روي على وجهين: أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء من الاشراك، أي: ما يدعو إليه، ويوسوس به من الإشراك بالله تعالى.
والثاني: شركه بفتح الشين والراء: حبائله ومصايده، واحدها: شَرَك.
(١) إسناده كسابقه.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، (٣٤٥٣)، وفي «مسند الشاميين» (١٦٧٥) عن هاشم بن مرثد، عن محمَّد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن ابن مسعود، وقد سلف عند المصنف برقم (٥٠٧١)، وإسناده صحيح.

٥٠٨٥ - حدَّثنا كثيرُ بنُ عُبيدِ، حدَّثنا بقيةُ بنُ الوليدِ، عن عُمَرَ بن جُغثُمٍ، حدثني الأزهرُ بنُ عبدِ الله الحَرَازيُّ حدَّثني شَرِيقٌ الهوزنىُّ، قال:
دخلتُ على عائِشةَ، فسألتُها: بِمَ كان رسولُ الله ﷺ يفتتِحُ إذا هبَّ مِن الليل؟ فقالت: لقد سألتَني عن شيءٍ ما سألني عنه أحدٌ قبلَك، كان إذا هَبَّ مِنَ الليلِ كَبَّر عشْرًا، وحَمِدَ الله عَشْرًا، وقال: «سبحَان الله وبحَمْده» عشرًا، وقال: «سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوس»عشرًا، واستَغفرَ عشرًا، وهلَّلَ عشرًا، ثم قال: «اللَّهُمَّ إني أعوذُ بك من ضيقِ الدُنيا، وضِيق يومِ القيامة» عشرًا، ثم يفتتحُ الصلاةَ (١).
٥٠٨٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحِ، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ وهْبٍ، أخبرني سليمانُ ابنُ بلالٍ، عن سهيل بنِ أبي صالحِ، عن أبيه
عن أبي هريرةَ، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا كان في سَفَرٍ فأسحَرَ يقول: «سَمعَ سامعٌ بحَمْدِ الله ونعمته، وحُسنِ بلائِه علينا، اللَّهُمَّ صَاحِبنَا فأفْضِل علينا، عائذًا بالله مِنَ النارِ» (٢).


(١) حديث حسن.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٦٤١) عن عمرو بن عثمان، عن بقية، بهذا الإسناد.
وقد سلف عند المصنف من طريق آخر عن عائشة رضي الله عنها برقم (٧٦٦) يصح به. وانظر تمام تخريجه هناك.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٧١٨) عن أحمد بن عمرو بن أبي السرح، والنسائي في «الكبرى» (٨٧٧٧) و(١٠٢٩٣) عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الاسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٢٧٠١).
قوله: فأسحر، أي قام في السحر، أو ركب في السحر، أو انتهى في سيره إلى السحر، وهو آخر الليل. =

٥٠٨٧ - حدَّثنا ابنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا المسعوديُّ، حدَّثنا القاسِمُ، قال:
كان أبو ذرٍّ يقولُ: مَنْ قال حينَ يُصبح: اللَّهُمَّ ما حلَفْتُ مِن حَلْفٍ، أو قلتُ مِنْ قولٍ، أو نذرتُ مِن نذرٍ، فمشيئتُك بينَ يدَيْ ذلك كُلِّه: ما شئتَ كان، وما لم تشأ لم يكُنْ، اللهُمَّ اغفِز لي، وتجاوَزْ لي عنه، اللَّهُمَ فمَن صلَّيْتَ عليه فعليه صلاتي، ومن لعنتَ فعليه لعْنتي، كان في استثناءٍ يومَهُ ذلك (١).
٥٠٨٨ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ، حدَّثنا أبو مَودُودٍ، عمَّن سمع أبانَ بن عُثمان يقولُ:
سمعتُ عثمانَ يقولُ: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ:» من قال: باسمِ اللهِ الذي لا يَضُرُّ مع اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء وهو


= قال الخطابي في «معالم السنن» ٤/ ١٤٥: قوله:«سمع سامع» معناه: شهد شاهد،
وحقيقته ليسمع السامعُ، وليشهد الشاهدُ على حمدنا لله سبحانه على نعمه وحسن بلائه.
وقوله: «عائذًا بالله» يحتمل وجهين: أحدهما: أن يريد أنا عائذ بالله، والوجه الآخر أن يريد متعوذًا بالله، كما يقال: مستجار بالله، بوضع الفاعل مكان المفعول، كقولهم: سرٌّ كاتم، وماء دافق، بمعى: مدفوق ومسكوب.
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، القاسم - وهو: ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبي ذر ثم هو موقوف. وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٦١١٧) عن سفيان الثوري، عن المسعودي، بهذا الإسناد.
وله شاهد إلى قوله: «اللهم اغفر لي» من حديث زيد بن ثابت مرفوعًا، وهو في «مسند أحمد» (٢١٦٦٦). وإسناده ضعيف.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، وأنه سقط لابن داسه واللؤلؤي.

السَّميعُ العليمُ، ثلاثَ مراتٍ، لم تُصِبْه فَجأةُ بلاءٍ حتى يُصبِحَ، ومن قالها حينَ يُصبِحُ، ثلاثَ مراتٍ، لم تُصِبْهُ فَجأةُ بلاءٍ حتى يُمسيَ»، قال: فأصابَ أبانَ بنَ عثمانَ الفالجُ، فجعل الرجلُ الذي سَمِعَ منه الحديث ينظرُ إليه، فقال له: ما لكَ تنظُرُ إليَّ؟ فواللهِ ما كذبتُ على عثمانَ، ولا كذَبَ عثمانُ على النبي-ﷺ، ولكنَّ اليومَ الذي أصابَنِي فيه ما أصابني، غَضِبْتُ، فنسيْتُ أن أقولها (١).
٥٠٨٩ - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصمِ الأنطاكيُّ، حدَّثنا أنسُ بنُ عِياضِ، حدَّثني أبو مَودُود، عن محمَّد بنِ كعب، عن أبانَ بنِ عثمان، عن عثمانَ، عن النبيَّ ﷺ، نحوه، لم يذكر قصة الفالج (٢).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد اختُلف فيه على أبي مودود -وهو عبد العزيز بن أبي سليمان- فقد رواه مرة كما عند المصنف هنا بذكر راوٍ مبهم، ورواه أيضًا مرة كما سيأتي في التخريج بدر راويين مُبهمين، ورواه مرة أخرى فسمى الراوي المبهم محمَّد بن كعب، كما في الطريق الآتي عند المصنف. لكن روي الحديث من طريق أخرى سيأتي ذكرها عند تخريج الطريق الآتي بعده، وهي حسنة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٢٣٨ عن زيد بن الحباب، عن أبي مودود، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٧٦٠) عن محمَّد بن علي، عن عبد الله بن مسلمة القعنبىُّ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٩/ ٤٢ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما
عن أبي مودود، عن رجل، عمن سمع أبان بن عثمان، عن أبان، به.
قال الدارقطني في «العلل» ٣/ ٨: وهذا القول الأخير هو المضبوط عن أبي مودود،
ومن قال فيه: عن محمَّد بن كعب القرظي فقد وهم.
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٦).
والفالجُ: شلل يصيب أحد شِقي الجسم طولًا.
(٢) حديث حسن، وقد انفرد أنس بن عياض بتسمية شيخ أبي مودود فيه محمدَ ابنَ كعب، وخالفه الثقات من أصحاب أبي مودود كابن مهدي والقعنبي وزيد بن الحباب =

٥٠٩٠ - حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ الله (١) والعباسُ بنُ عبدِ العظيم العنبريُّ ومحمدُ ابنُ المُثنَّى، قالوا: حدَّثنا عبدُ الملِكِ بنُ عَمرو، عن عَبدِ الجليل بنِ عَطيةَ، عن جعفر بنِ ميمون
حدَّثني عبدُ الرحمن بنُ أبي بكرَة، أنه قال لأبيه: يا أبةِ إني أَسمَعُكَ تَدْعُو كلَّ غَدَاةٍ: اللَّهُمَّ عافِني في بَدَني، اللهم عافِنِي في سَمْعِي، اللَّهُمَّ عافني في بَصَري، لا إلهَ إلا أنت، تُعيدها ثلاثًا حينَ تُصْبِحُ، وثلاثًا حينَ تُمسي، فقال: إني سمعتُ رسولَ الله ﷺ -يدعو بهنَّ فانا أُحِبُّ أن أستَنَّ بسُنَّتِه، وقال عليٌّ وعباسٌ فيه: ويقول: اللهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من الكُفر والفَقرِ، اللَّهُمَ إني أعُوذُ بِكَ مِن عذابِ القبر، لا إلهَ إلا أنتَ، يُعيدها ثلاثًا حِين يُصبحُ، وثلاثًا حين يُمسي، فيَدعُو بهِنَّ، فاُحِبُّ أن أستَنَّ بسُنتَّه، قال: وقال رسولُ الله ﷺ:» دعواتُ المكروبِ: اللهُمَّ رحْمتَك أرجُو، فلا تكلْنِي إلى نَفْسي طرْفَةَ عَينٍ، وأصلحْ لي شأني


= وغيرهم فلم يسمُّوه. ولهذا قال الدارقطني في «العلل» ٣/ ٨: من قال فيه: عن محمَّد ابن كعب فقد وهم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٧٥٩) عن قتيبة بن سعيد، عن أنس بن عياض، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٦٩)، والترمذي (٣٦٨٥)، والنسائي (١٠١٠٦) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، والنسائي (١٠١٠٧) من طريق يزيد بن فراس، كلاهما عن أبان، عن عثمان بن عفان. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الدارقطني في «العلل» ٣/ ٩ عن طريق أبي الزناد هذه: هذا متصل، وهو أحسنها إسنادًا. وهو كما قال.
وانظر ما قبله.
(١) طريق علي بن عبد الله -وهو ابن المديني- أثبتناها من (هـ) وحدها، ولم يُشر إليها المزي في «التحفة».

كُلَّهُ، لا إلهَ إلا أنتَ». وبعضهم يزيدُ على صاحبه (١).
٥٠٩١ - حدَّثنا محمدُ بنُ المِنهَالِ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زريع، حدَّثنا روحُ بنُ القاسم، عن سُهَيل، عن سُمَيٍّ عن أبي صالح
عن أبي هُريرة، قال: قالَ رسولُ الله ﷺ: «من قال حين يُصبِحُ: سبحانَ اللهِ العظيم وبحمْدِه، مئةَ مرةٍ، وإذا أمْسَى كذلك، لم يُوَافِ أحدٌ مِن الخلائقِ بمثل ما وافَى» (٢).


(١) إسناده حسن في المتابعات والشواهد، جعفر بن ميمون ضعيف يُعتبر به، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجليل -وهو ابن عطية- فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٧٦٦) عن العباس بن عبد العظيم وحده، بهذا الإسناد. دون ذكر دعاء المكروب.
وأخرجه النسائي (١٠٣٣٢) عن محمَّد بن المثنى، و(١٠٤١٢) عن إسحاق بن منصور، كلاهما عن أبى عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، عن عبد الجليل بن عطية، به. وحديث محمَّد بن المثنى دون دعاء المكروب، واقتصر عليه في حديث إسحاق ابن منصور.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٤٣٠) بتمامه، و«صحيح ابن حبان» (٩٧٠).
وقوله: «اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر». أخرجه النسائي في «الكبرى» (١٢٧١) من طريق عثمان الشحام، عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه.
وإسناده قوي. وهو في «مسند أحمد» برقم (٢٠٣٨١).
ويثحهد لقوله: «اللهم عافني في جسدي، وعافني في بصري ...» حديث عائشة عند الترمذي (٣٤٧٩). وفي سنده انقطاع.
ويشهد لدعاء المكروب حديث أنس عند النسائي في «الكبرى» (١٠٣٣٠). وإسناده حسن في الشواهد.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٣٧٧٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٣٢٧) من طريق عبد العزيز ابن المختار، عن سهيل بن أبى صالح، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. =

١١٠ - باب ما يقولُ إذا رأى الهلالَ
٥٠٩٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ
حدَّثنا قتادةُ، أنه بلغَه: أن النبيَّ ﷺ كان إذا رأى الهلالَ قال: «هلالُ خَيرٍ ورُشدٍ، هلالُ خَيرٍ ورُشدٍ، هلالُ خَيرٍ ورُشدٍ، آمنتُ بالذي خلقَكَ» ثلاثَ مراتٍ، ثم يقولُ: «الحمدُ للهِ الذي ذهبَ بشهرِ كذا، وجاءَ بشهرِكذا» (١).
٥٠٩٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أن زيدَ بنَ حبابٍ أخبرهم، عن أبي هلالٍ


= وأخرجه مسلم (٢٦٩٢) من طريق مالك بن أنس، عن سُمَيّ مولى أبي بكر بن
عبد الرحمن، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٣٥)، و«صحيح ابن حبان» (٨٦٠).
وانظر ما أخرجه أحمد في «مسنده» برقم (٨٠٠٨) و(٨٠٠٩).
(١) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل. وهو عند المصنف
في «المراسيل» (٥٢٧).
وأخرجه عبد الرزاق (٧٣٥٣)، ومن طريقه أخرجه البغوي في «شرح السنة» (١٣٣٦) عن معمر قال: عن قتادة أن النبي ﷺ كان إذا رأى الهلال كبر ثلاثًا ثم قال: هلال خير ورشد ثلاثًا، ثم قال: آمنت بالذي خلقك ثلاثًا، ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا.
وله شاهد من حديث رافع بن خديج عند الطبراني برقم (٤٤٠٩) قال: كان رسول الله ﷺ إذا رأى الهلال قال: "هلال خير ورشد، اللهم إني أسألك من خير هذا الشهر وخير القدر، وأعوذ بك من شره، ثلاث مرات. وإسناده ضعيف.
وعن عبادة بن الصامت عند أحمد (٢٢٧٩١) وسنده ضعيف.
وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله عند أحمد (١٣٩٧)، والترمذي (٣٧٥٣)، والدارمي (١٦٨٨). وقال الترمذي: حديث حسن غريب. ولفظه: كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله.
وله شاهد يصح به من حديث ابن عمر عند ابن حبان (٨٨٨)، والدارمي (١٦٨٧).

عن قتادة: أن رسولَ الله ﷺ -كان إذا رأى الهِلالَ صَرَفَ وجهَهُ عنه (١).
قال أبو داود: ليس في هذا الباب عن النبيَّ ﷺ حديثُ مُسنَدٌ صحيح (٢).

١١١ - باب ما يقول إذا خرج من بيته (٣)
٥٠٩٤ - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن الشعبي
عن أُمِّ سلمةَ، قالت: ما خرَجَ النبي ﷺ مِن بيتي قطُّ إلا رفعَ طَرْفهُ إلى السماءِ مقال: «اللَّهُم اني أعوذُ بِكَ أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أَزلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظْلِمَ أو أُظلَمَ، أو أجهَل أو يُجْهَل عَلىَّ» (٤).


(١) إسناده ضعيف. أبو هلال- واسمه محمَّد بن سُلَيم الراسبي- ضعيف، ثم هو مرسل.
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و(هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد. وفي (هـ) إشارة إلى أنها أيضًا في رواية عن اللؤلؤي من طريق أبي ذر الهروي.
(٣) جاء في (ب) و(ج): باب ما جاء فيمن دخل بيته ما يقول، وفي (أ): باب
من دخل إلى بيته ما يقول. والمثبت من (هـ)، وهو الأليق بالحديثين الأولين في الباب، وأما الحديث الثالث فقد جاء في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي له تبويب آخر يناسبه، وهو باب ما يقول الرجل إذا دخل بيته.
(٤) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٨٤)، والترمذي (٣٧٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٧٨٦٨) و(٧٨٦٩) و(٧٨٧٠) و(٩٨٣٤) و(٩٨٣٥) من طرق عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلنا: والشعبي -واسمه: عامر بن شَراحيل- قد أدرك أم سلمة يقينًا وقد صحيح الحاكم سماعه منها وسكت المزي في «تهذيب الكمال» عن روايته عنها، وقد صحيح حديثه هذا الترمذي والحاكم والنووي وابن القيم وغيرهم. وقول علي بن المديني: =

٥٠٩٥ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحسنِ الخَثعَميُّ، حدَّثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، عن ابنِ جُريجِ، عن إسحاقَ بن عبدِ الله بنِ أبي طلحة
عن أنسِ بنِ مالكِ، أن النبيَّ ﷺ قال: «إذا خرجَ الرجُلُ مِن بيته، فقال: بِاسْمِ الله، توكلتُ على اللهِ، لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله» قال: «يُقالُ حينئذٍ: هُدِيتَ وكفِيتَ وَوُقِيتَ، فتتنحَّى له الشياطينُ، فيقول شيطانٌ آخرُ: كيفَ لك برجلِ قد هُدِيَ وكُفِيَ ووقي؟» (١).


= لم يسمع منها،لم يتابع عليه، لكن الحافظ ابن حجر في «نتائج الأفكار» ١/ ١٦٠ قد اعتمده، فقال: ليس له علّة سوى الانقطاع، ولو سلَمنا أن الشعبي لم يسمع من أم سلمة فمراسيله عند ابن المديني قوية فيما نقله ابن رجب في «شرح»العلل«١/ ٢٩٦.
(١) حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن ابن جريج -وهو: عبد الملك بن عبد العزيز- مدلّس، وقد عنعن.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٩٨٣٧) عن عبد الله بن محمَّد بن تميم، عن حجاج بن محمَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٧٢٤) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن جريج، به.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٨٢٢).
وذكر له الحافظ في»أمالي الأذكار«فيما ذكره ابن علان ١/ ٣٣٦ شاهدًا قوي الإسناد إلا أنه مرسل، عن عون بن عبد الله بن عتبة أن النبي ﷺ قال:»إذا خرج الرجل من بيته، فقال: بسم الله حسبي الله، توكلت على الله، قال الملك: كفيت ووقيت«.
وفي الباب أيضًا عند ابن ماجه (٣٨٨٦) من حديث أبي هريرة مرفوعًا أن النبي ﷺ قال:»إذا خرج الرجل من باب بيته (أو من باب داره) كان معه ملكان موكلان، فإذا قال: بسم الله، قالا: هديت، واذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قالا: وقيت، وإذا قال: توكلت على الله، قالا: كفيت، قال: فيلقاه قريناه فيقولان: ماذا تريدان من رجل قد هدي وكفي ووقي«وفي سنده هارون بن هارون بن عبد الله وهو ضعيف. ورواه من طريق آخر بنحوه ابن ماجه (٣٨٨٥)، والبخاري في»الأدب المفرد" (١١٩٧)، والحاكم ١/ ٥١٩، وفي سنده عبد الله بن حسين وهو ضعيف.

٥٠٩٦ - حدَّثنا ابنُ عَوفِ، حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل، حدَّثني أبي- قال ابن عَوف: ورأيتُ في أصلِ إسماعيلَ- حدَّثني ضَمْضَمٌ، عن شُريحٍ
عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا وَلَجَ الرجلُ بيتَهُ، فليقُلْ: اللهُمَّ إني أسألك خيرَ المَوْلَجِ وخيرَ المَخْرَج، بِاسْمِ الله ولجْنَا، وباسمِ الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلَّم على أهلِه» (¬١).

١١٢ - باب ما يقول إذا هاجت الريحُ
٥٠٩٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزيُّ وسلمةُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، حدَّثني ثابتُ بنُ قيس
أن أبا هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول:«الرَّيحُ من رَوح الله -قال سلمةُ: فرَوْحُ الله- تأتي بالرحمةِ، وتأتي بالعذابِ، فإذا رأيتُموها فلا تسبُّوها، وسلوا اللهَ خيرَها، واستعيذوا بالله مِن شرِّها» (٢).


(١) إسناده ضعيف. ابن عوف واسمه محمَّد بن عوف بن سفيان قد روى هذا الحديث عن محمَّد بن إسماعيل وهو ضعيف، قال الآجري: سئل أبو داود عنه فقال: لم يكن بذاك قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه. ورواه أيضًا من أصل إسماعيل، أي: من كتابه: حدَّثنا ضمضم، به. وهذا سند رجاله ثقات ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده قوية، ويبقى في الحديث علة الانقطاع بين شريح بن عبيد وبين أبي مالك الأشعري، قال أبو حاتم: شريح بن عبيد لم يسمع من أبي مالك الأشعري.
وأخرجه البيهقي في «الدعوات»الكبير«(٤٢٩) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في»المعجم «الكبير» (٣٤٥٢)، وفي «مسند الشاميين» (١٦٧٤) عن هاشم بن مرثد، عن محمَّد بن إسماعيل، به.
(٢) إسناده صحيح. ثابت بن قيس -وهو: الزرقي- وثقه النسائي والذهبي وابن حجر، وذكره ابن حبان فى «الثقات»، وباقي رجاله ثقات. =

٥٠٩٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرنا عمرو، أن أبا النضرِ حدَّثه، عن سليمانَ بنِ يَسارٍ
عن عائشة زوج النبيَّ ﷺ -أنها قالت: ما رأيتُ رسولَ الله ﷺ قطُّ مُستجْمِعًا ضاحِكًا حتى أرى منه لَهَواتِه، إنما كان يتبسَّمُ، وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عُرِف ذلك في وجهِه، فقلت: يا رسولَ الله ﷺ، الناسُ إذا رأوا الغَيمَ فرِحُوا رجاءَ أن يكونَ فيه المطرُ، وأراكَ إذا رأيتَه عَرَفْتُ في وجهِك الكرَاهِيَةَ، فقال:» يا عائِشةُ، ما يُؤَمِّنُني أن يكونَ فيه عذابٌ؟ قد عُذِّبَ قومٌ بالريحِ، وقد رأى قوْمٌ العذابَ فقالوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤] «(١).


= وأخرجه ابن ماجه (٣٧٢٧)، والنسائي في»الكبرى«(١٠٧٠٢) من طريق الأوزاعي، والنسائي (١٠٧٥١) من طريق زياد بن سعد، كلاهما عن ابن شهاب الزهرى، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٧٤١٣)، و»صحيح ابن حبان«(١٠٠٧).
وأخرجه النسائي (١٠٦٩٩) من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، و(١٠٧٠٠) من طريق سالم الأفطس، عن الزهرى، عن عمرو بن سليم الزرقي، كلاهما عن أبي هريرة. وفي الإسنادين مقال، وقال الحافظ المزي في ترجمة عمرو بن سليم في»تهذيب الكمال" ٢١/ ٣٥٣: ليسا بمحفوظن، والمحفوظ حديث الزهري عن ثابت بن قيس.
وفي الباب عن أبي بن كعب عند الترمذي (٢٤٠٢)، والنسائي (١٠٧٠٣)، وأحمد (٢١١٣٨)، ورجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفه.
وفي باب الدعاء إذا عصفت الريح عن عائشة عند مسلم (٨٩٩) (١٥).
(١) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب، وأبو النضر: هو سالم ابن أبي أمية.
وأخرجه البخاري (٤٨٢٨ - ٤٨٢٩)، ومسلم (٨٩٩) (١٦) من طرق عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد. =

٥٠٩٩ - حدَّثنا ابنُ بشّارٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن المِقدامِ ابنِ شُريح، عن أبيه
عن عائشة: أن النبيَّ- ﷺ -كان إذا رأى ناشئًا في أُفُقِ السَّماءِ تركَ العملَ، وإن كان في صلاةِ، ثم يقول: «اللَّهُمَ إني أعوذُ بك مِن شرِّها»، فإن مُطِرَ قال: «اللَّهُم صَيَّبًا هَنيئاَ» (¬١).

١١٣ - باب ما جاء في المطرِ
٥١٠٠ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد ومُسَدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ -المعنى-، قالا: حدَّثنا جعفرُ بنُ سليمان، عن ثابتٍ


= وأخرجه البخاري (٣٢٠٦)، ومسلم (٨٩٩) (١٤) و(١٥)، وابن ماجه (٣٨٩١)، والنسائي في «الكبرى»، (١٨٤٤) و(١١٤٢٨) من طريق عطاء بن أبي رباح، والنسائي (١٨٤٥) من طريق طاووس، كلاهما عن عائشة رضي الله عنها.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٦٩) و(٢٥٣٤٢) و(٢٦٠٣٧).
(١) إسناده صحيح. ابن بشار: هو محمَّد العبدي، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (١٨٤٣) و(١٠٦٨٤) من طريق يزيد بن المقدام، عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٧)، و«صحيح ابن حبان» (٩٩٤).
وأخرجه البخاري (١٠٢٣)، وابن ماجه (٣٨٩٠)، والنسائي (١٠٦٨٧ - ١٠٦٩٠) من طريق القاسم بن محمَّد، عن عائشة بلفظ: أن رسول الله ﷺ كان إذا رأى المطر قال: «صيِّبًا نافعًا».
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٩٩٣).
الصيِّب: المطر المنحدر المُنصبُّ، وهو في الأصل صَيْوِب ولكنَّ الواو لما سبقتها ياء ساكنة صيرتا جميعًا ياءً مشددةً كما قيل سيِّد من سادَ يسودُ، وجيِّد: من جَادَ يجودُ وكذلك تفعل العرب بالواو إذا كانت متحركة وقبلها ياءٌ ساكنة تصيِّرهما جميعًا ياء مشددة، أفاده الطبري في «جامع البيان».

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: أصابنا ونحسّنُ مع رسولِ الله ﷺ مَطَرٌ فخرجَ رسولُ الله ﷺ، فحَسَر ثوبَهُ عنهُ، حتى أصابَه، فقلنا: يا رسول، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قال: «لأنّهُ حديثُ عهدِ بربَّه عز وجل» (¬١).

١١٤ - باب ما جاء في الدِّيك والبهائِم
٥١٠١ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمَّد، عن صالح بنِ كيسانَ، عن عُبيد الله بنِ عَبد الله بن عُتبة
عن زيد بن خالد، قال: قال رسولُ الله ﷺ: لا تسبُّوا الدَّيكَ، فإنَّهُ يوقِظُ للصَّلاةِ«(٢).
٥١٠٢ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن جعفر بن ربيعةَ، عن الأعرجِ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٨٩٨)، والنسائي في»الكبرى«(١٨٥٠) من طريق جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(١٢٣٦٥)، و»صحيح ابن حبان«(٦١٣٥).
قوله:»حديث عهد بربه«قال السندي في»حاشيته على المسند«: أي: بتكوينه أو بإنزاله.
(٢) رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد اختلف في وصله وإرساله فصحح أبو
حاتم والبزار وأبو نعيم وصله، وقال الدارقطني: المرسل أشبه بالصواب.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٧١٥) من طريق موسى بن داود، عن عبد العزيز ابن أبي سلمة، عن صالح بن كيسان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مرسلًا النسائي (١٠٧١٦) من طريق زهير، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله: أن الديك صَوَّتَ عند رسول الله ﷺ فسبَّهُ رجل من الأنصار، فقال:»لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة«.
وهو في»مسند أحمد" (١٧٠٣٤)، وانظر لزامًا بسط الكلام عليه فيه.

عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال: «إذا سمعتُم صِياحَ الدِّيَكَةِ فَسَلُوا الله من فضلهِ، فإنها رأت مَلَكًا، وإذا سمعتُم نَهِيقَ الحِمَارِ فتعوَّذُوا بالله من الشيطانِ، فإنها رأتْ شيطانًا» (١).
٥١٠٣ - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِىِّ، عن عَبدةَ، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ، عن عطاء بن يسار
عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سمعتُمْ نُبَاح الكلابِ ونَهِيقَ الحُمُرِ بالليل، فتعوَّذوا بالله، فإَّنهن يرَينَ ما لا تَرَوْن» (٢).
٥١٠٤ - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن خالد بنِ يزيد، عن سعيد بنِ أبي هلالِ، عن سعيد بنِ زياد، عن جابر بن عبد الله.
وحدَّثنا إبراهيمُ بنُ مروانَ الدمشقيُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا اليثُ بنُ سعد، حدَّثنا يزيدُ بنُ عبد الله بنِ الهادِ، عن علي بن عُمَرَ بنِ حُسين بنِ علي، قالا: قال رسولُ الله ﷺ: «أقِلُّوا الخروج بعدَ هدْأةِ الرِّجلِ، فإنَّ للهِ دَوَابَّ يبثُّهنَّ في الأرضِ -قال ابنُ مروان:- في تلك الساعة» وقال:


(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه البخاري (٣٣٠٣)، ومسلم (٢٧٢٩)، والترمذي (٣٧٦٢) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٦٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٠٥).
(٢) إسناده حسن. محمَّد بن إسحاق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند ابن حبان في «صحيحه» (٥٥١٨)، وأبي يعلى في «مسنده» (٢٣٢٧)، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٤٢٨٣)، وعبد بن حميد في «مسنده» (١١٥٧)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٢٣٤)، وأبو يعلى في «مسنده» (٢٢٢١) و(٢٣٢٧)، وابن حبان في «صحيحه»، (٥٥١٧) و(٥٥١٨)، والحاكم في «مستدركه» ٤/ ٢٨٣ - ٢٨٤، والبغوي في «شرح السنة» (٣٠٦٠) من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

«فإن لله خلقًا»، ثم ذكر نُباح الكلبِ والحميرِ نحوه. وزاد في حديثه: قال ابنُ الهاد: وحدَّثني شُرَحْبِيلُ الحاجبُ، عن جابر بنِ عبد الله، عن رسولِ الله ﷺ، مثلَه١).

١١٥ - باب في الصبيّ يُولد فَيُوَذَّنُ في أُذُنِه
٥١٠٥ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني عاصمُ بنُ عُبيدِ الله، عن عُبيد الله بنِ أبي رافع
عن أبيه، قال: رأيت رسولَ الله ﷺ أذَّنَ في أُذُنِ الحَسنِ بنِ عليٍّ حينَ وَلدتْهُ فاطِمةُ بالصلاة (٢).


(١) حديث حسن، وهذه الأسانيد كلها ضعاف، فأما طريق خالد بن يزيد ففيه سعيد بن زياد وهو مجهول، وأما طريق علي بن عمر بن حسين فمعضل، وأما طريق شرَحْبيل -وهو ابن سعيد- فضعيف لضعف شرَحبيل. قتيبة: هو ابن سعيد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٧١٢) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٣٠).
وانظر ما قبله.
وقوله: بعد هدأة الرِّجل، قال الخطابي: يريد به انقطاع الأرجل عن المشي في الطريق ليلًا، وأصل الهدوء: السكون.
(٢) إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه الترمذي (١٥٩٤) عن محمَّد بن بشار، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح! والعمل عليه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٦٩).
وله شاهدان لا يفرح بهما: الأول عند البيهقي في «الشعب» (٨٢٥٥) من حديث ابن عباس، وفي إسناده الحسن بن عمرو بن سيف السدوسي وهو متروك، واتهمه علي ابن المديني والبخاري بالكذب، والثاني عند أبي يعلى (٦٧٨٠) وابن السني (٦٢٣) =

٥١٠٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمَّد بن فُضَيل. وحدَّثنا يوسفُ
ابنُ موسى، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن هشام بنِ عُروة، عن عُروة
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يُؤتَى بالصِّبيان، فيدعو لهم بالبركةِ، زادَ يوسفُ: ويُحَنِّكُهُم، ولم يذكُرْ بالبرَكَةِ (١).
٥١٠٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ أبي الوَزيرِ، حدَّثنا داودُ بنُ عبد الرحمن العطار، عن ابنِ جُرَيج، عن أبيه، عن أمِّ حميدَ
عن عائشة، قالت: قال لي رسولُ الله ﷺ: «هل رُؤي -أو كلمة غيرها- فيكم المُغَرِّبُونَ؟» قلتُ: وما المُغَرِّبُونَ؟ قال: «الذين يشترِكُ فيهم الجن» (٢).


= من حديث الحسين بن علي وفي سنده يحيى بن العلاء ومروان بن سالم وهما متهمان بالوضع. ومع ضعف الحديث، فقد عمل به جمهور الأمة قديمًا وحديثًا، وهو ما أشار إليه الترمذي عقبَه بقوله: والعمل عليه، وقد أورده أهل العلم في كتبهم، وبوّبوا عليه، واستحبوه.
وانظر «تحفة المودود بأحكام المولود» لابن القيم ص ٣٩ - ٤٠.
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حضاد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (٥٤٦٨) و(٦٠٠٢) و(٦٣٥٥)، ومسلم (٢٨٦) و(٢١٤٧) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. ورواية البخاري في الموضعين الأولين مختصرة بذكر التحنيك والموضع الأخير بذكر الدعاء.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٧٧١).
والتحنيك: قال أهل اللغة: أن يمضغ التمر أو نحوه ثم يدلك به حنك الصغير، وفيه لغتان مشهورتان: حَنَكْتُهُ، وحَنَّكتُهُ، بالتخفيف والتشديد.
(٢) إسناده ضعيف، لتدليس ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز-، وضعف أبيه عبد العزيز بن جريج، وأم حميد لا يعرف حالها. إبراهيم بن أبي الوزير: هو إبراهيم بن عمر بن مطرف. =

١١٦ - باب في الرجل يستعيذُ من الرجلِ
٥١٠٨ - حدَّثنا نصرُ بنُ علي وعُبيدُ اللهِ بنُ عُمر الجُشَمِيُّ، قالا: حدَّثنا خالدُ بنُ الحارِثِ، حدَّثنا سعيدٌ -قال نصرٌ: بنُ أبي عَرُوبةَ- عن قتادةَ، عن أبي نهيكٍ
عن ابنِ عباسِ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «من استعاذَ بالله فأعيذُوهُ، ومن سألكُم بوجْهِ اللهِ فأعطُوهُ». قال عُبيدُ الله: «من سألكُم باللهِ» (١).
٥١٠٩ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وسهلُ بنُ بكَّار، قالا حدَّثنا أبو عَوانةَ. وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير- المعنى- عن الأعمشِ، عن مجاهدٍ
عن ابنِ عُمَرَ، قال: قالَ رسولُ الله ﷺ: «من استعاذَكُم باللهِ فأعيذُوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، -وقال سهل وعثمان:- ومن دعاكُم فأجِيبوه، -ثم اتفقُوا- ومن آتى إليكم معروفًا فكافِئُوه -قال مُسَدَّدٌ وعثمان:- فإن لم تَجِدُوا فادعُوا له حتى تعلَمُوا أن قد كافأتموهُ» (٢).


= قال الخطابى: إنما سمّوا مغربين لانقطاعهم عن أصولهم وبعد نسبهم، وأصل الغَرْب البُعْد، ومنه قيل: عنقاء مغرب، أي: جائية من بعد، ومنه سُمي الغريب غريبًا وذلك لبعده عن أهله، وانقطاعه عن وطنه، فسُمي هؤلاء الذين اشترك فيهم الجن مغربين لما وجد فيهم من شبهة الغرباء بمداخلة من ليس من جنسهم ولا على طباعهم وشكلهم.
(١) إسناده حسن. أبو نَهِيك -وهو عثمان بن نهيك الأزدي الفراهيدي البصري- روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات». قتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه أحمد (٢٢٤٨)، وأبو يعلى (٢٥٣٦) و(٢٧٥٥) من طريقين عن خالد ابن الحارث، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن ابن عمر بإسناد صحيح سيأتي بعده.
(٢) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.
وقد سلف تخريجه برقم (١٦٧٢). فانظره فيه.

١١٧ - باب في ردِّ الوسْوسة
٥١١٠ - حدَّثنا عباسُ بنُ عبدِ العظيم، حدَّثنا النضرُ بنُ محمَّد، حدَّثنا عِكرِمَةُ -يعني ابنَ عمار- قال: وحدَّثنا أبو زُمَيل، قال:
سألتُ ابن عباس، فقلت: ما شيءٌ أجدُهُ في صَدْري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلَّمُ به، قال: فقال لي: أشيءٌ من شَكَّ؟ قال: وضَحِك، قال: ما نجا من ذلك أحدٌ، قال: حتى أنزل الله عز وجل: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية [يونس: ٩٤]، قال فقال لي: إذا وجدْتَ في نفسِك شيئًا فقل: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣] (١).
٥١١١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا سهيل، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: جاءه أناسٌ مِن أصحَابِه، فقالوا: يا رسولَ الله، نَجدُ في أنفسنا الشيءَ نُعْظِمُ أن نتكلم به -أو الكلام به- ما نُحِبُّ أَن لنا وأنّا تكلَّمْنَا بهِ، قال: «أَوَقَد وجدتُمُوهُ؟» قالوا: نعم، قال: «ذاك صريحُ الإيمان» (٢).


(١) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمّار البصري. النضر بن محمَّد: هو ابن موسى الجرشي، وأبو زُمَيل: هو سماك بن الوليد الحنفي.
وأخرجه الضياء في «المختارة» (٤٤٢) من طريق أبي داود.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» ٤/ ٣٩٠، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
وانظر تفسير الأية ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ...[يونس: ٩٤] عند الطبري ١٥/ ٢٠٠ - ٢٠٣ تحقيق محمود محمَّد شاكر.
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حُدَيْج الجُعْفِيّ، وسهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السمان. =

٥١١٢ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وابنُ قُدامةَ بنِ أعيَنَ، قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن منصورِ، عن ذرِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ شداد
عن ابنِ عباس قال: جاءَ رجُلُ إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إن أحدنا يجدُ في نفسِهِ، يُعرِّضُ بالشَّيءِ، لأَن يكونَ حُمَمَةً أحَبُّ إليه من أن يتكلَّم بِهِ، فقال: «اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ» الحمدُ لله الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسَةِ«قال ابنُ قدامة:»ردَّ أمْرَه«مكانَ: ردَّ كيدَه» (١).


= وأخرجه مسلم (١٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٤٢٦) من طريق جرير، عن سهيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٣٢)، والنسائي (١٠٤٢٨) من طريق الأعمش، والنسائي (١٠٤٢٧) و(١٠٤٢٩) من طريق عاصم بن أبي النجود، كلاهما عن أبي صالح ذكوان، وهو في «مسند أحمد» (٩١٥٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٨).
قال الخطابي: قوله: «ذاك صريح الإيمان». معناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم، والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة، لا يتمكن من قلوبكم، ولا تطمئن إليه نفوسكم، وليس معناه: أن الوسوسة نفسها صريحُ الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، فكيف يكون إيمانًا صريحا؟ وقد روي في الحديث الآخر وهو عند المصنف (٥١١٢) أنهم لما شكوا إليه ذلك، قال: «الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة».
(١) إسناده صحيح. ابن قدامة: هو محمَّد القرشي، وجرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، وذَرّ: هو ابن عبد الله المُرهِبي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٤٣٥) و(١٠٤٣٦) من طريق شعبة، عن منصور، بهذا الإسناد. وقرن بمنصور الأعمش.
وأخرجه النسائي (١٠٤٣٤) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٩٧)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٧).
وقوله: حُممة: هو بضم الحاء وفتح الميمين، أي: فحمة.

١١٨ - باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه
٥١١٣ - حدَّثنا النُّفَيليُّ،، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عاصِمٌ الأحولُ، حدَّثني أبو عثمانَ حدَّثني سعدُ بنُ مالكِ، قال: سَمِعَتْه أُذناي وَوَعَاهُ قلبي مِن محمَّد ﷺ، أنه قال:«من ادعى إلى غيرِ أبيه، وهو يعلم أنه غيرُ أبيه، فالجنةُ عليه حَرَامٌ» قال: فلقيتُ أبا بكرة، فذكرتُ ذلك له، فقال: سمعتْه أُذُنايَ ووعَاه قلبي مِنْ محمدٍ ﷺ (١).
قال: عاصِمٌ: فقلتُ: يا أبا عثمانَ، لقد شَهِدَ عندَك رجلانِ أيُّما رَجُلينِ، فقال: أنا أحدُهُما فأوَّلُ مَنْ رمى بسهمِ في سبيلِ الله -أو فَي الإِسلام- يعني سعْد بنَ مالكِ، والآخر قَدِمَ مِن الطَّائف في بِضْعةٍ وعشرين رجلًا على أقدامِهِم، فذكر فَضلًا.
قال أبو داود: قال النُّفيليُّ حيثُ حدَّث بهذا الحديثِ: والله إنه عندي أحلى مِنَ العَسَلِ، يعني قوله: حدَّثنا وحدَّثَنِي.
قال أبو عليٍّ: وسمعتُ أبا داود يقولُ: سمعتُ أحمدَ يقولُ: ليسَ لِحديث أهلِ الكوفةِ نورٌ، ليس فيها إخبارٌ قال: وما رأيتُ مثلَ أهلِ البصرة، كانوا تعلَّمُوه مِن شُعبةَ.


(١) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي بن نُفيل، وزهير: هو ابن معاوية الجعفي، وعاصم الأحول: هو ابن سليمان البصرى، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن ابن مُلّ النهدى.
وأخرجه البخاري (٤٣٢٦)، ومسلم (٦٣)، وابن ماجه (٢٦١٠) من طريق أبي عثمان، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٩٧)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٥).

٥١١٤ - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوبَ، حدَّثنا معاويةُ -يعني ابنَ عَمرو- حدَّثنا زائدةُ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ
عن أبي هريرة، عن النبيِّ-ﷺ قال: «مَن تولَّى قومًا بغيرِ إذنِ مواليهِ فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائِكةِ والناسِ أجمعين، لا يقبَلُ مِنهُ يومَ القيامَةِ عَدْلٌ ولا صَرْفٌ» (١).
٥١١٥ - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقيُّ، حدَّثنا عُمَرُ بنُ عبدِ الواحِدِ، عن عبدِ الرحمن بنِ يزيدَ بنِ جابر، حدَّثني سعيدُ بن أبي سعيدٍ ونحنُ ببيروتَ
عن أنس بنِ مالكٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَن ادَّعى إلى غيرِ أبيهِ، أو انتَمَى إلى غيرِ مواليه، فعلَيه لعنَةُ اللهِ المتتابعةُ إلى يومِ القِيَامَةِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة الثقفي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه مسلم (١٥٠٨) من طريقين عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (١٥٠٨) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، به.
وهو في «مسند أحمد» (٩١٧٣).
قال الخطابي: قوله: «بغير إذن مواليه»: ليس شرط في جواز أن يفعل ذلك أو يستبيحه إذا أذِن له مواليه في ذلك، وإنما معناه: أنه ليس له أن يوالي غير مواليه بحال ولا يجوز له أن يخونهم في نفسه، وأن يقطع حقوقهم من ولأئه مستسرًّا له. يقول: فليستاذنهم إذا سولت له نفسه فعل هذا الصنيع، فإنهم إذا علموا ذلك منعوه، ولم يأذنوا له فيه فلا يمكنه حينئذٍ أن يُوالي غيرهم، وأن يحوّل ولاءه إلى قوم سواهم، وإنما لا يجوز ذلك؛ لأن الولاء لُحمة كلحمة النسب لا ينتقل بحال، كما لا ينتقل النسب إلا ما جاء في أن الولاء للكُبْر.
(٢) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المَقبُري.
وسلف بنحوه عند المصنف برقم (٢٠٣٤) من حديث علي بن أبي طالب، وفيه: «فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».

١١٩ - باب التفاخُر بالأحساب
٥١١٦ - حدَّثنا موسى بنُ مروانَ الرَّقّيُّ، حدَّثنا المُعَافَى. وحدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهمْدانىُّ، أخبرنا ابنُ وهب -وهذا حديثُه- عن هشامِ بنِ سعدٍ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إن الله عز وجل قد أذهبَ عنكم عِبِّتَّةَ الجاهِليَّةِ وفَخْرَها بالآباء، مُؤمِنٌ تقيٌّ، وفَاجِرٌ شقيٌّ، أنتم بنو آدَمَ، وآدمُ مِن تُرابِ، لَيَدَعَنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوامِ، إنما هم فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جهنمَ، أو ليكونُنَّ أهونَ على الله من الجِعْلانِ، التي تدفَعُ بأنْفِهَا التتْنَ» (١).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. هشام بن سعد -وإن كان من رجال مسلم- تنزل رتبته عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات. المُعَافى: هو ابن عمران الأزدي، وابن وَهْب: هو عبد الله القرشي، وسعيد بن أبي سعيد: هو المَقبري.
وأخرجه الترمذي (٤٣٠٠) من طريق موسى بن أبي علقمة، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. مختصرًا. وقال: حديث حسن.
وأخرجه الترمذي أيضًا (٤٢٩٩) من طريق أبي عامر العقدي، عن هشام بن سعد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. بإسقاط أبي سعيد المقبرى.
وهو في «مسند أحمد» (٨٧٣٦).
وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد (٢٧٣٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٧٧٥)، واسناده صحيح.
وآخر عن ابن عمر عند الترمذي (٣٥٥٤)، وعبد بن حميد (٧٩٥).
قال الخطابي: العُبّية: الكِبر والنخوة، وأصله من العَبّ وهو الثقل، يقال: عُبية وعِبية بضم العين وكسرها.
وقوله: «مؤمن تقي وفاجر شقى». معناه: أن الناس رجلان مؤمن تقي وهو الخير الفاضل وإن لم يكن حسبًا في قومه، وفاجر شقي، فهو الدنيء وإن كان في أهله شريفًا رفيعًا.
والجِعلان: جمع جُعَل: ضرب من الخنافس، تدير الأوساخ بانفها.

١٢٠ - باب في العَصبِيَّهّ
٥١١٧ - حدَّثنا النّفَيلىُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا سماكُ بنُ حَرْب، عن عبدِ الرحمن بن عبدِ الله بنِ مسعودٍ
عن أبيه، قال: مَن نَصَرَ قومَه على غيرِ الحق فهو كالبعير الذي ردِيَ فهو يُنْزَعُ بِذَنَبِه (١).
٥١١٨ - حدَّثنا ابنُ بشارِ، حدَّثنا أبو عامرِ، حدَّثنا سفيانُ، عن سماك بنِ حربٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الله
عن أبيه، قال: انتهيتُ إلى النبي-ﷺ، وهو في قُبَّةٍ من أدَمٍ، فذكر نحوَه (٢).


(١) حديث حسن، وسيأتي بعده موصولًا. النُّفيلى: هو عبد الله بن محمَّد القضاعي، وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٣٧٢٦)، والطيالسي (٣٤٤)، والبيهقي ١٠/ ٢٣٤ من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، به. وقال شبة في رواية أحمد: وأَحْسبُه قد رفعه إلى رسول الله ﷺ.
وهذا الحديث مثل في ذم الحميّة والتعاون على العصبية، قال الخطابي: ينزع بذنبه. معناه: أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردّى في بئر، فصار يُنزَعُ بذنبه، فلا يقدَر على خلاصه.
(٢) إسناده حسن عند من يصحح سماع عبد الرحمن من أبيه، وضعيف عند من يقول: إنه لم يسمع منه إلا اليسير، فقد مات أبوه وعمره ست سنوات، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك بن حرب فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقًا، وحديثه يرقى إلى رتبة الحسن. ابن بشار: هو محمَّد العبدي، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٣٨٠١)، وأبو يعلى في «مسنده» (٥٣٠٤)، والبيهقي في «الكبرى» ١٠/ ٢٣٤، من طريق أبي عامر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (٥٩٤٢) من طريق سفيان، به. =

٥١١٩ - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ الدِّمشقيُّ، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا سلمةُ ابنُ بِشير الدمشقيُّ، عن بنتِ واثلةَ بنِ الأسقع
أنها سَمِعَتْ أباهَا يقولُ: قلت: يا رسولَ اللهِ، ما العَصَبِيَّةُ؟ قال: «أن تُعِينَ قومَكَ على الظُّلم» (١).
٥١٢٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرحٍ، حدَّثنا أيوبُ بنُ سُويد، عن أُسَامَةَ بنِ زيد، أنه سَمعَ سعيدَ بن المسيِّب يُحدث
عن سُراقةَ بنِ مالك بنِ جُعْشُمِ المُدْلِجِيّ، قال: خطبنا رسولُ الله ﷺ فقال: «خَيرُكُم المُدَافِعُ عن عَشِيرته ما لم يأثَم» (٢).


= وأخرجه الطيالسي (٣٤٤)، ومن طريقه البيهقي ١٠/ ٢٣٤ عن عمرو بن ثابت بن هرمز، و١٠/ ٢٣٤ من طريق إسرائيل، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» ص ١٠٥ - ١٠٦ من طريق حفص بن جميع، ثلاثتهم عن سماك، به. وقد تحرف عند الطيالسي: «عمرو بن ثابت» إلى: «حمزة بن ثابت».
(١) حديث حسن، سلمة بن بشر روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات» وهو متابع. وبنت واثلة بن الأسقع، واسمها: فَسيلة، ويقال: جميلة، وبه ترجم المزي في «التهذيب»، ويقال: خُصيلة، روى عنها جمع وذكرها ابن حبان في«الثقات».
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٢٣٦)، ومن طريقه المزي في «تهذيب الكمال» ١١/ ٢٦٧ - ٢٦٨ عن الحسين بن إسحاق التستري، عن محمود بن خالد الدمشقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٩٤٩)، وأحمد (١٦٩٨٦)، ومن طريقه الطبراني في «الكبير» ٢٢/ (٩٥٥) عن زياد بن الربيع، عن عباد بن كثير الشامي، عن امرأة فهم يقال لها: فسيلة بنت واثلة بن الأسقع، أنها قالت: سمعت أبي ... فذكره. وعباد بن كثير ضعيف.
وفي الباب عن ابن مسعود، وهو الحديث السالف قبل هذا.
وآخر عن أنس، عند أحمد (١١٩٤٩).
(٢) إسناده ضعيف، لضعف أيوب بن سُوَيد -وهو الَّرمْليُّ-. أسامة بن زيد: هو الليثيُّ. =

قال أبو داود: أيوب بن سُويد ضعيف (١).
٥١٢١ - حدَّثنا ابنُ السَّرحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن سعيدِ بنِ أبي أيوبَ، عن محمَّد بنِ عبدِ الرحمن المكّيِّ -يعني ابنَ أبي لَبيبةَ-، عن عَبدِ الله بنِ أبي سليمان
عن جُبيرِ بنِ مُطعِمِ، أن رسول الله ﷺ قال: «ليسِ منَّا من دَعا إلى عصبيّةٍ، وليس مِنا من قاتل على عَصبيّةٍ، وليس منا من مات على عصبيّة» (٢).


= وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٦٩٩٣)، وفي «الصغير» (١٠٢٠)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٦٠٥)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٥٤٢) من طريقين عن أيوب بن سويد، بهذا الإسناد.
وقد روى البخاري في «صحيحه» (٣٩٠٦) قصة سُراقة في إدراكه النبي ﷺ-لما هاجر إلى المدينة ودعا النبي ﷺ عليه حتى ساخت رجلًا فرسه، ثم إنه طلب منه الخَلاص وأن لا يدل عليه، ففَعل وكتب له أمانًا، وأسلم يوم فتح مكة ومات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين، وقيل: بعد عثمان، وله خبرُ طريفٌ مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في «سنن البيهقي» ٦/ ٣٥٧ - ٣٥٨، فانظره.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وهامش (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد. وفي (هـ) إشارة إلى أنها في رواية ابن الأعرابي ورواية عن اللؤلؤي من طريق أبي ذر.
(٢) إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي لَبِيبَة، ثم إن عبد الله ابن أبي سليمان لم يسمع من جبير كما جزم به المصنف بإثر الحديث. ابن السرح: هو عمرو بن عبد الله، وابن وَهْب: هو عبدْ الله المصري.
وأخرجه البيهقي في «الآداب» (٢٠٧) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١٠٠٥، والبغوي في «شرح السُّنة» (٣٥٤٣)
من طريق سيد بن أبي أيوب، به.
لكن الحديث صحيح بمعناه وأتم منه من حديث أبي هريرة فقد أخرجه مسلم (١٨٤٨)، وابن ماجه (٣٩٤٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٦٦) من حديث أبي هريرة،=

قال أبو داود: هذا مرسلٌ، عبد الله بن أبي سليمان لم يسمع من جبير (١).
٥١٢٢١ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن عَوفٍ، عن زياد بنِ مِخراقٍ، عن أبي كِنانةَ
عن أبي موسَى، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ابنُ أُخْتِ القَوْمِ منهم» (٢).


= مرفوعًا: ولفظ مسلم:«من خرح من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عُمَّيَّةٍ، يَغضَبُ لِعَصَبَة، أو يَدْعُو إلى عَصَبةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبةً، فَقُتِل، فَقِتلةٌ جاهليةٌ، ومن خرج على أمتي يضربُ بَرَّها وفاجرها ولا يَنحاشُ من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدٍ عهده، فليس مني، ولستُ منه». وهو في «مسند أحمد» (٧٩٤٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٨٠).
وآخر من حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم (١٨٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (٣٥٦٧). ولفظه: (من قتل تحت راية عُمية يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقتلة جاهلية«. عمية بكسر العين وضمها والميم مكسورة مشددة والياء أيضًا مشددة.
قال الأمام أحمد: هو الأمر الأعمى الذي لا يتبين وجهه، وقال إسحاق بن راهويه: هذا في تهارج القوم، وفتل بعضهم بعضًا، وكأنه من التعمية والتلبيس.
وقال صاحب»بذل المجهود«٢٠/ ٦١ في تفسير»ليس منا من دعا إلى عصبية«: أي: جمعهم إليها ليعينوه على الباطل والظلم،»وليس منا من مات على عصبية«: والمراد بالموت عليها بأن تكون مضمرة في قلبه، ومرغوبة عنده وإن لم يصرع أحدًا ولم يقاتل فيه أحدًا.
(١) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وهامش (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية أبي الحسن ابن العبد. ونقلها عنه أيضًا المزي في»تهذيب الكمال" ١٥/ ٦٦.
(٢) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة أبي كنانة -وهو القرشي-
أبو أسامة: هو حماد بن أسامة القرشي، وعوف: هو ابن أبي جميلة. =

٥١٢٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحيم البزّاز، حدَّثنا الحسينُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا جريرُ بنُ حازمِ، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن داودَ بنِ حُصين، عن عبد الرحمن ابن أبي عُقبة
عن أبي عُقبة -وكان مولى من أهل فارس- قال: شَهِدْتُ معَ رسولِ الله ﷺ-أُحُدًا، فضربتُ رجلًا من المشركين، فقلتُ: خُذْها مني وأنا الغلامُ الفارسيُّ، فالتفَتَ إلى رسولُ الله ﷺ فقال: «فهلا


= وأخرجه ابن أبي شيبة في»مصنفه«٩/ ٦١، وأحمد في»مسنده«(١٩٥٤١)، والمزي في ترجمة أبي كنانة من»تهذيب الكمال«٣٤/ ٢٢٨ - ٢٢٩، والبزار (١٥٨٢ - كشف الأستار) من طريق عوف، بهذا الإسناد. ضمن قصة الأنصار خلا ابن أبي شيبة.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند البخاري (٦٧٦٢)، ومسلم (١٠٥٩) (١٣٣)، والترمذي (٤٢٤٠)، والنسائي في»الكبرى«(٢٤٠٢) و(٢٤٠٣). وهو في»مسند أحمد«(١٢١٨٧)، وابن حبان في»صحيحه«(٤٥٠١). وانظر بقية شواهده في المسند.
ولفظ البخاري»ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم«قال العيني في»عمدته«٢٣/ ٢٥٩: احتج به من قال بتوريث ذوي الأرحام، وبه قال شريح والشعبي والنخعي ومسروق وعلقمة بن الأسود وطاووس والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ويحيى بن آدم، وغيرهم من الأئمة، وهو قول عامة الصحابة، منهم: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس في أشهر الروايتين عنه، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وأبو عبيدة بن الجراح والخلفاء الأربعة، على ما قاله أبو حازم.
وذهب عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير رضى الله تعالى عنهم إلى أنه لا ميراث لذوي الارحام، فمن مات ولم يخلف وارثًا ذا فرض أو عصبة فماله لبيت المال وبه أخذ مالك والأوزاعي ومكحول وسعيد بن المسيب والشافعي وأهل المدينة وأهل الظاهر. وقالوا: إن المراد بقول:»من أنفسهم«وكذا»منهم" في المعاونة والانتصار والبرِّ والشفقة ونحو ذلك، لا في الميراث.

قلت: خُذْها منِّي، وأنا الغلامُ الأنصاريُّ» (¬١).

١٢١ - باب إخبار الرجلِ الرّجلَ بمحبَّته إياه
٥١٢٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ثَورٍ، حدَّثني حبيبُ بنُ عبيدٍ
عن المِقدام بن معدي كرب -وقد كان أدركَه- عن النبي ﷺ قال: «إذا أحَبَّ الرجُلُ أخاهُ فَليُخبِرْهُ أنه يُحبُّه» (٢).


(١) إسناده ضعيف، لجهالة عبد الرحمن بن أبي عقبة.
وأخرجه ابن ماجه (٢٧٨٤) من طريق الحسين بن محمَّد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٥١٥).
وأخرج أحمد في «مسنده» نحو هذه القصة من حديث سهل ابن الحنظية ضمن حديث مطول برقم (١٧٦٢٢). بإسناده محتمل للتحسين.
وقوله: فقلت: خذها وأنا الغلام الأنصاري. قال صاحب «عون المعبود»: لأن مولى القوم منهم.
قال علي القاري في «المرقاة» معناه: إذا افتخرت عند الضرب فانتسب إلى الأنصار الذين هاجرتُ إليهم ونصروني، وكانت فارس في ذلك الزمان كفارًا، فكره ﷺ الانتساب إليهم، وأمره بالانتساب إلى الأنصار ليكون منتسبًا إلى أهل الإسلام.
(٢) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وثور: هو ابن يزيد الكلاعي.
وأخرجه الترمذي (٢٥٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٦٣) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٧١٧١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٠).
قال الخطابي: فيه الحث على التودد والتآلف، وذلك أنه إذا أخبره بأنه يحبه، استمال بذلك قلبه، واجتلب به وده.
وفيه أنه إذا علم أنه محب له ووادُّ، قبِل نصحه، ولم يردّ عليه قوله في عيب إن أخبره به عن نفسه، أو سقطة إن كانت منه، فإذا لم يعلم ذلك منه، لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه، فلا يقبل قوله، ويحمل ذلك منه على العداوة والشنآن، والله أعلم.

٥١٢ - حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا المباركُ بنُ فَضَالةَ، حدَّثنا ثابتٌ البنانيُّ
عن أنس بنِ مالكِ: أن رجلًا كان عندَ النبيِّ ﷺ فمرَّ به رجُلٌ، فقال: يا رسولَ الله ﷺ، إني لأحِبُّ هذا، فقال له النبيُّ ﷺ: «أَعلَمْتَه؟»، قال: لا، قال: «أَعلِمْهُ»، قال: فلَحِقَه، فقال: إني أُحِبُّك في الله، فقال: أحبَّكَ الذي أحبَبْتَنِي له (١).
٥١٢٦ - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا سليمانُ، عن حُميدِ بنِ هلالي، عن عبدِ الله بنِ الصامِتِ
عن أبي ذرِّ، أنه قال: يا رسولَ الله ﷺ ِ، الرجُلُ يُحبُّ القومَ، ولا يَستَطيعُ أن يعمَلَ كعمَلِهم، قال: «أنتَ يا أبا ذرِّ مع مَنْ أحبَبتَ»، قال: فإني أُحِبُّ الله ورسولَه، قال: «فإنَّك معَ من أحبَبتَ»، قال: فأعادها أبو ذرٍّ، فأعادها رسولُ الله ﷺ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. مُبارك بن فَضَالة قد صرح بالتحديث، وقد توبع.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٢٥١٤)، والبخاري في «تاريخه» ٢/ ٣١٩ معلقا، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (٣٣١٤)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (١٨٩)، والحاكم في المستدرك، ٤/ ١٧١، والبيهقي في «الشعب» (٩٠٠٦)، وفي «الآداب» (٢١٦) من طريق المبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٢٤٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٩٣٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٧١)، والضياء في «المختارة» (١٦١٨) و(١٦١٩) من طريق حُسين بن واقد، عن ثابت البناني، به. وإسناده قوي على شرط مسلم، وانظر تتمة تخريجه في «المسند».
(٢) إسناده صحيح. سليمان: هو ابن المغيرة القيسي. =

٥١٢٧ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، حدَّثنا خالدٌ، عن يونسَ بنِ عُبيدٍ، عن ثابتٍ
عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: رأيتُ أصحابَ رسولِ الله ﷺ فَرِحُوا بشيءٍ لم أرهم فَرِحُوا بشيءٍ أشدَّ منه، قال رجُلٌ: يا رسولَ الله ﷺ، الرجُلُ يُحبُّ الرجُلَ على العملِ من الخيرِ يعمَلُ به ولا يعمَلُ بمثلِه، فقال رسولُ الله ﷺ:«المرءُ معَ مَن أحَبَّ» (¬١).

١٢٢ - باب في المَشُورةِ
٥١٢٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا يحيى بنُ أبي بُكَير، حدَّثنا شيبانُ، عن عبدِ الملك بنِ عُمير، عن أبي سَلَمَةَ


= وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢١٣٧٩) و(٢١٤٦٣)، والدارمي في «سننه» (٢٧٨٧)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٣٥١)، والبزار في «مسنده» (٣٩٥٠) و(٣٩٥١)، وأبو عوانة في «البر والصلة» كما في «الإتحاف» ١٤/ ١٥٥، وابن حبان في «صحيحه» (٥٥٦) وابن جُميع في «معجم الشيوخ» ص ٣٠٢ - ٣٠٣ من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (٢٧١٥١) من طريق سعيد بن بشير، وفي «الأوسط» (٨٥٤١) من طريق الحجاج بن الحجاج الباهلي، كلاهما عن قتادة، عن حميد بن هلال، به.
وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد في «مسنده» (٣٧١٨) وانظر تتمة شواهده فيه.
(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، ويرنس بن عبيد: هو ابن دينار العبدي، وثابت: هو ابن أسلم البنانى.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٣٢٨٠)، وابن «مسنده» في «الأيمان» (٢٩٢) من
طريق يونس بن عبيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بمعناه وأتم منه البخاري (٣٦٨٨) و(٦١٦٧) و(٦١٧١) و(٧١٥٣)، ومسلم (٢٦٣٩)، والترمذي (٢٥٤٣) و(٢٥٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٤٢) من طرق عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٦٢٥).

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «المُستشَارُ مؤتَمَنٌ» (¬١).

١٢٣ - باب في الدَّالِّ على الخَير كفاعِلِه
٥١٢٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي عمرو الشيبانيِّ
عن أبي مسعودٍ الأنصارىِّ، قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسولَ الله ِ، إني أُبدِعَ بي فاحمِلْنِي، قال: «لا أجدُ ما أحمِلُكَ عليهِ، ولكنِ ائتِ فُلانًا، فلعلَّه أن يحمِلَكَ» فأتاه، فحمَلَه، فأتى رسولَ الله ﷺ، فأخبرَه، فقال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ دلَّ على خَيْرٍ فلهُ مِثلُ أجرِ فَاعِلِه» (٢).


(١) إسناده صحيح. شَيبانُ: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وأبو سلمة: هو ابن عد الرحمن بن عوف.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٤٥)، والترمذي (٢٥٢٦) و(٣٠٣٣) من طريق شيبان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن غريب صحيح. وروايته في الموضع الأول ضمن حديث مطول.
قال الخطابي: فيه دليل على أن الإشارة غير واجبة على المستشار إذا استشير، وفيه دليل على المشير عليه الاجتهاد في الصلاح وأنه لا غرامة عليه إذا وقعت الإشارة خطًا.
قال الطيبي: معناه: أنه أمين فيما يُسال من الأمور، فلا ينبغي أن يخون المستشير بكتمان مصلحته.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمى: هو سليمان بن مهران، وأبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس.
وأخرجه مسلم بإثر (١٨٩٣) (١٣٣) من طريق سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٨٩٣)، والترمذي (٣٢٨) من طرق عن الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٢٨٩) و(١٦٦٨).
وقوله: أبدِعَ بي، معناه: انقطع بي، يقال: أَبدعتِ الركابُ: إذا كفتْ وانقطعَتْ.
وقال النووي في قوله: «فله مثل أجر فاعله»، المراد أن له ثوابًا كما أن لفاعله ثوابًا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء.

١٢٤ - باب في الهَوَى
٥١٣٠ - حدَّثنا حيوَهُ بنُ شُريحِ، حدَّثنا بقيةُ، عن أبي بكرِ ابنِ أبي مريمَ الغَسَّاني، عن خالدِ بنِ محمَّد الثقفيِّ، عن بلالِ بنِ أبي الدرداء
عن أبي الدَّرداء، عن النبي ﷺ، قال:«حُبُّكَ الشَّيءَ يُعْمِي وُيصِمُّ» (١).


(١) صحيح موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وبقية -وهو ابن الوليد- وإن كان ضعيفًا قد توبع. وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (١٨٦)، وقال: الوقف أشبه.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢١٦٩٤) و(٢٧٥٤٨)، وعبد بن حميد (٢٠٥)، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ١٠٧، والبزار (٤١٢٥)، والدولابي في «الكنى» ١/ ١٠١ (٥٤٦)، والطبراني في «الأوسط» (٤٣٥٩)، وفي «مسند الشاميين» (١٤٥٤)، وابن عدي في «الكامل» ٢/ ٤٧٢، وابن بشران في «أماليه» (٥٢٤)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٢١٩)، والبيهقي في «الشعب» (٤١١) من طرق عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في«»التاريخ «الكبير»، ٢/ ١٠٧ و٣/ ١٧١ - ١٧٢ من طريق الوليد ابن مسلم، عن أبي بكر بن عبد الله، به. وليس في إسناده خالد بن محمَّد.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (١٤٦٨) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر ابن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن بلال بن أبي الدرداء، به.
وأخرجه موقوفًا البخاري في «التاريخ» ٢/ ١٠٧ وعلقه فيه ٣/ ١٧٢ من طريق سعيد بن أبي أيوب، عن حميد بن مسلم، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه. وحميد تفرد بالرواية عنه سعيد بن أبي أيوب.
وأخرجه موقوفًا البيهقي في «الشعب» (٤١٢) من طريق حريز بن عثمان، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه. وإسناده صحيح.
وأخرجه أبو الشيخ في «الأمثال» (١١٥) من طريق بقية بن الوليد، حدَّثنا صفوان
ابن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: كنا في قافلة فخرج
علينا بلال بن أبي الدرداء فقطع علينا الحديث فقلنا: ابن صاحب رسول الله ﷺ قال: سمعت أبي، فذكره مرفوعًا. وبقية ضعيف. =

١٢٥ - باب في الشفاعة
٥١٣١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن بُريد بنِ أبي بُردة، عن أبيه عن أبي موسى، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«اشفعُوا إليّ لِتُؤجَرُوا، ولْيَقضِ اللهُ على لِسَانِ نبيِّه ما شَاءَ» (١).


= قال المناوي: حبك الشيء يُعمي ويُصم، أي: يجعلك أعمى عن عيوب المحبوب أصم عن سماعها حتى لا تبصر قبيح فعله، ولا تسمع فيه نهي ناصح، بل ترى القبيح منه حسنًا، وتسمع منه الخنا قولًا جميلًا ... أو يُعمي عن الآخرة أو عن طرق الهدى، وفائدته النهي عن حب ما لا ينبغي الأغراق في حبه.
(١) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي.
وأخرجه البخاري (١٤٣٢) و(٦٠٢٧، ٦٠٢٨) و(٧٤٧٦)، ومسلم (٢٦٢٧)، والترمذي (٢٨٦٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٤٨) من طرق عن بُريدة بن أبى بُردة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٨٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣١).
وسيأتي برقم (٥١٣٣).
قال القاضي عياض في «إكمال المعلم»: فيه أن معونة المسلم في كل حالٍ بفعلٍ أو قولٍ، فيها أجر، وفي عموم الشفاعة للمذنبين، وهي جائزة فيما لا حَد فيه عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كما له العفو عنه ابتداء، وهذا فيمن كانت فيه الزلّة والفلتة، وفي أهل الستر والعفاف، ومن طمع بوقوفه عند السلطان والعفو عنه من العقوبة أن يكون له توبة، وأما المُصرّون على فسادهم، المستهزئون في باطلهم فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم، ولا ترك السلطان عقوبتهم، ليزدجروا عن ذلك، وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم، وقد جاء الوعيد في الشفاعة في الحدود.
وقال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٤٥١: وفي الحديث الحض على الخير بالفعل، وبالتسبب إليه بكل وجه، والشفاعة إلى «الكبير» في كشف كربة، ومعونة ضيف، إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى الرئيس، ولا التمكن فيه ليلج عليه أو يوضح له مراده ليعرف حاله على وجهه، وإلا فقد كان لا يحتجب.

٥١٣٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح وأحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرحٍ، قالا: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن عمرو بنِ دينارٍ، عن وهب بنِ مُنبّه، عن أخِيه
عن معاويةَ: اشفَعُوا تُؤجَرُوا، فإني لأرِيدُ الأمرَ فأؤخِّرَه كيما تشفعوا فتؤجَروا، فإن رسولَ اللهِ قال: «اشفَعُوا تُؤْجَرُوا» (١).
٥١٣٣ - حدَّثنا أبو معمرٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن بُريدٍ، عن أبي بُردة، عن أبي موسى، عن النبيٌ ﷺ، مثلَه (٢).

١٢٦ - باب فيمن يبدأ بنفسِه في الكتابِ
٥١٣٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا هُشَيمٌ، عن منصورٍ، عن ابنِ سِيرينَ - قال أحمدُ: قال مرةً، يعني هُشيمًا:-
عن بعض وَلَدِ العلاء: أن العلاءَ بنَ الحضرميِّ كان عامِلَ النبيِّ ﷺ على البحرينِ، فكان إذا كَتَبَ إليه بَدَأ بِنَفْسِه (٣).


(١) إسناده صحيح. أخو وهب: هو همام الصنعاني.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» ٢٣٤٩١) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ويشهد له ما قبله.
تنبيه: هذا الحديث لم يرد في أصولنا الخطية، وأثبتناه من «تحفة الأشراف»
للمزي (١١٤٤٧)، وأشار إلى أنه في بعض النسخ من رواية اللؤلؤي.
(٢) إسناده صحيح. أبو معمر: هو إسماعيل بن إبراهيم القطيعي.
وقد سلف برقم (٥١٣١).
تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من «تحفة الأشراف» للمزي (٩٠٣٦)، وأشار إلى أنه في رواية أبي بكر ابن داسه. كذا قال مع أن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، ولم يرد فيها الحديث، فلعله في بعض الروايات عن ابن داسه.
(٣) إسناده ضعيف لجهالة ابن العلاء بن الحضرمي، ثم إن ابن سيرين -وهو محمَّد الأنصاري- لم يُقم إسناده، فمرة رواه متصلًا بذكر ابن العلاء، ومرة رواه منقطعاَ فلم يذكره. هُشَيم: هو ابن بشير السّلمي، ومنصور: هو ابن زاذان الواسطي. =

٥١٣٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم البزَّاز، حدَّثنا المُعلَّى بن منصورٍ، أخبرنا هُشيمٌ، عن منصورٍ، عن ابن سيرين، عن ابن العلاء
عن العلاء -يعني ابنَ الحضرمي-: أنه كَتَبَ إلى النبي ﷺ، فبدَأ باسمِه١).

١٢٧ - باب كيف يُكتَبُ إلى الذميّ؟
٥١٣٦ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ ومحمدُ بنُ يحيى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، عن معمير، عن الزهريٌ، عن عُبيد الله بنِ عَبدِ الله بنِ عُتبةَ


= وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ١٠/ ١٢٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٨٦).
وانظر ما بعده.
ومعنى: بدأ بنفسه، أي: يقول: من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان، وكتب النبي-ﷺ في كثير من كتبه: من محمَّد بن عبد الله إلى فلان.
(١) إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الأحاد والمثاني» (٨٩٢)، والبزار (٢٠٧٠ - كشف الأستار)، والطبرانى في «المعجم»الكبير«١٨/ (١٧٥) من طريق محمَّد بن عبد الرحيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم في مستدركه، ٣/ ٦٣٦ و٤/ ٢٧٣، والخطيب في»الكفاية«ص ٣٣٨ من طريق المعلي بن منصور، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في»الجعديات«(١٧٨٩)، والطبراني في»المعجم «الكبير» ١٨/ (١٦٢) من طريق شعبة، وأحمد في «مسنده» (١٨٩٨٦) عن هشيم كلاهما عن منصور بن زاذان، عن محمَّد بن سيرين، أن العلاء بن الحضرمي كتب إلى رسول الله ﷺ ... فذكره منقطعًا.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ١٠/ ١٣٠ من طريق هشام بن حسان، عن محمَّد ابن سيرين: أن العلاء بن الحضرمي. فذكره منقطعا كذلك.

عن ابنِ عباس: أن النبيَّ ﷺ -كتَبَ إلى هِرَقْلَ: «مِنْ محمدٍ رسولِ الله إلى هِرَقلَ عظيمِ الرُّومِ، سلامٌ على مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى» (١).
قال ابنُ يحيى: عن ابنِ عباسٍ: أن أبا سفيانَ أخبره: قال: فدخلنا على هِرَقلَ، فأجلَسَنا بَيْنَ يَدَيهِ، ثم دعا بِكتَابِ رسولِ الله ﷺ فإذا فيه: «بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، مِن محمدٍ رسولِ الله ﷺ إلى هِرَقْلَ عظيمِ الرُّوم، سلامٌ على مَنِ اتبعَ الهُدَى، أما بَعدُ».

١٢٨ - باب في بِرِّ الوالدين
٥١٣٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثني سُهَيلُ بنُ أبي صالح، عن أبيهِ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«لا يَجْزِي ولدٌ والدَه، إلا أن يجدَه مملوكًا فيشتريَهُ فيُعْتِقَهُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (٩٨٤٦)، ومن طريقه أخرجه مطولًا البخاري (٤٥٥٣)، ومسلم (١٧٧٣).
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٧) و(٢٩٤١) و(٦٢٦١)، والترمذي (٢٩١٤)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٩٩٨) من طرق عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (٦٥٥٥).
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو صالح: هو السمان.
وأخرجه مسلم بإثر (١٥١٠) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٥١٠)، وابن ماجه (٣٦٥٩)، والترمذي (٢٠١٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤٨٧٦) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن سهيل، به. =

٥١٣٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن أبي ذئبٍ، حدَّثني خالي الحارثُ، عن حمزةَ بن عبد الله بن عمر
عن أبيه، قال: كانت تحتي امرأةٌ، وكنتُ أحبُّها، وكان عُمرُ يكرهُها، فقال لي: طلِّقْها، فأبَيتُ، فأتى عُمَرُ النبيَّ ﷺ، فذكر ذلك له، فقال النبي ﷺ: «طلِّقْها» (١).
٥١٣٩ - حدَّثنا محمَّد بن كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، عن بَهْز بن حَكِيمٍ، عن أبيه
عن جدِّه، قال: قلت: يا رسول الله ﷺ، من أبَرُّ؟ قال: «أُمَّك، ثم أُمَّك، ثم أمَّك، ثم أباك، ثم الأقربَ فالأقربَ». وقال رسول الله ﷺ:


= وهو في «مسند أحمد» (٧١٤٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٤).
وقوله: لا يجزي. قال السندي: أي لا يقدر على أداء جزائه على التمام والكمال.
وقوله: فيعتقه. قال: فيصير سببًا لعتقه في شرائه، وليس المراد أنه يحتاج إلى إعتاق آخر سوى أنه اشتراه، وفيه أن المملوك كالميت لعدم نفاذ تصرفه، وإعتاقه كحيائه، فمن أعتق أباه، فكأنما أحياه فكما أن الأب كان سببًا لوجود ابنه، كذلك صار الابن بأعتاقه سببًا لحياته، فصار كأنه فعل بأبيه مثل ما فعل معه أبوه فتساويا، والله تعالى أعلم.
(١) إسناده قوي، الحارث -وهو ابن عبد الرحمن القُرَشيُ- صدوق لا بأس به.
مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث.
وأخرجه ابن ماجه (٢٠٨٨) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٢٠٨٨)، والترمذي (١٢٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٦٣١) من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧١١)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٦) و(٤٢٧).
قال السندي: في الحديث أن طاعة الوالدين متقدمة على هوى النفس إذا كان أمرهما أوفق في الدين إذ الظاهر أن عمر ما كان يكرهها، ولا أمر ابنه بطلاقها إلا لما يظهر له فيها من قلة الدين.

«لا يسألُ رجل مولاه من فَضْلٍ هو عندَه فيمنَعَهُ إياه، إلا دُعىَ له يومَ القيامة فضلُه الذي مَنَعَهُ شجاعًا أقْرَعَ» (١).
قال أبو داود: الأقرع: الذي ذهب شعر رأسه من السُّمِّ (٢).
٥١٤٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا الحارثُ بنُ مُرَّةَ، حدَّثنا كليب بن منفعة
عن جده، أنه أتى النبيَّ ﷺ فقال: يا رسول الله ﷺ، من أبَرُّ؟ قال: «أُمَّكَ، وأباكَ، وأختَكَ، وأخاكَ، ومولاكَ الذي يَلي ذاك، حقُّ واجبٌ، ورحِمٌ موصُولَةٌ» (٣).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. سفيان: هو ابن سعيد الثورى، وبهز بن حكيم: هو ابن معاوية بن حَيدَة القُشَيرىُّ.
وأخرجه الترمذي (٢٠٠٦) من طريق يحبى بن سعيد القطان، عن بهز بن حكيم، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٢٨).
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (٨٣٤٤)، والبخاري (٥٩٧١)،
ومسلم (٢٥٤٨). وانظر تتمه شواهده في «المسند» برقم (٢٠٠٢٨).
قال في «بذل المجهود»: قوله: لا يسأل رجل ... أراد بالرجل العبد الذي أعتقه مولاه إشارة إلى أنه وإن لم يبق له ما كان عليه من حق المماليك قبل أن يعتقه، فليس له أن يبخل عليه بفضل ماله حين افتقر هو إليه، ويمكن أيضًا عكسه، فيكون إيجابًا على العبد حسن السلوك بماله إن كان فاضلًا إذا افتقر إليه معتقه ومولاه الذي مَنَّ عليه بفاضلة الإعتاق. ويحتمل أن يكون المراد من لفظ المولى القريب.
(٢) مقالة أبي داود هل. أثبتناها من (هـ).
(٣) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير كُليب بن مَنْفَعة، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في «الثقات»، فهو في عداد المجهولين. محمَّد بن عيسى: هو ابن نَجِيح البغدادي. =

٥١٤١ - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرِ بنُ زيادٍ، أخبرنا. وحدَّثنا عبَّادُ بنُ موسى، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدٍ، عن أبيهِ، عن حُميدِ بنِ عبد الرحمن
عن عبدِ الله بنِ عمرو، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ مِنْ أكبرِ الكبائِرِ أن يلعَنَ الرجُلُ والِدَيْهِ»، قيل: يا رسولَ الله ﷺ، كيف يلعَنُ الرجُلُ والِدَيه؟ قال: «يَلْعَنُ أبا الرجُلِ فيلعنُ أباه، ويَلْعَنُ أُمَّه فيَلْعنُ أُمِّه» (١).


= وأخرجه البيهقى في «الكبرى» من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «تاريخه الكبير»، ٧/ ٢٣٠ تعليقًا، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من «تاريخه» (٢٩٢٠) والطبراني في «المعجم»الكبير«، ٢٢/ (٧٨٦) من طريق الحارث بن مرة، والبخاري في»تاريخه الكبير«، ٧/ ٢٣٠ تعليقًا، وفي»الأدب المفرد«(٤٧)، والدولابي في»الكنى«(٣٢٨)، وابن قانع في»معجم الصحابة«(١٠٦) من طريق ضمضم بن عمرو الحنفي، كلاهما عن كليب بن منفعة، به. وقد زاد ابن أبي خيثمة والطبراني في إسناده»عن أبيه«. وسأل ابن أبي حاتم أباه في»العلل«(٢١٢٤) عن هذا، فقال: المرسل أشبه. يعني دون ذكر أبيه في الإسناد.
ويشهد له حديث بهز بن حكيم السالف قبله.
(١) إسناده صحيح. عباد بن موسى: هو الخُتَّلي، إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وأخرجه البخاري (٥٩٧٣) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٩٠)، والترمذي (٢٠١٢) من طرق عن سعد بن إبراهيم، به.
وهو في»مسند أحمد«(٧٠٢٩)، و»صحيح ابن حبان«(٤١١) و(٤١٢).
قال النووي في»شرح مسلم" ٢/ ٨٨: فيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وإنما جعل هذا عقوقًا، لكونه يحصل منه ما يتأذى به الوالد تأذيًا ليس بالهين، وفيه قطع الذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك، والله أعلم.

٥١٤٢ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مهدىِّ وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ بنُ العلاء -المعنى- قالوا: حدَّثنا عبدُ الله بنُ إدريس، عن عبدِ الرحمن بن سليمان، عن أَسِيدِ بنِ عليٍّ بنِ عُبيد مولى بني سَاعِدَةَ، عن أبيه
عن أبي أُسَيدِ مالكِ بنِ ربيعة السَّاعدىِّ، قال: بينا نحنُ عندَ رسولِ الله ﷺ إذ جاءهُ رجل مِن بني سَلِمةَ، فقال: يا رسولَ الله ﷺ، هل بقي مِن بِرِّ أبوَىَّ شيٌ أبَرُهما به بعدَ موتهما؟ قال: «نعم، الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهِما من بعدِهِمَا، وصِلَةُ الرحِمِ التي لا توصَلُ إلا بهما، وإكرامُ صَدِيقِهما» (١).
٥١٤٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ منيعٍ، حدَّثنا أبو النضْرِ، حدَّثنا الليثُ بنُ سعد، عن يزيدَ بنِ عبد الله بن أُسامة بنِ الهادِ، عن عبدِ الله بنِ دينارٍ
عن ابنِ عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إن أبَرَّ البرَّ صِلةُ المرءِ أهلَ وُدِّ أبيه بَعْدَ أن يُوَلِّي» (٢).


(١) علي بن عُبيد. مجهول لم يرو عنه سوى ابنه أسيد، وذكره ابن حبان في«الثقات» وباقى رجاله ثقات.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٦٤) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٨).
وفي الباب عن ابن عمر سيأتي بعده.
وبنو سَلِمة: بكسر اللام، بطن من الأنصار، وليس في العرب سلِمة بكسر اللام غيرهم.
(٢) إسناده صحيح. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.
وأخرجه مسلم (٢٥٥٢) (١٢) من طريق حيوة بن شُريح، و(٢٥٥٢) (١٣) من
طريق إبراهيم بن سعد والليث بن سعد، ثلاثتهم عن يزيد بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٥٥٢)، والترمذي (٢٠١٣) من طريق الوليد بن أبي الوليد، عن عبد الله بن دينار، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٦١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٣٠) و(٤٣١).

٥١٤٤ - حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا أبو عاصِمٍ، حدَّثني جعفرُ بنُ يحيى بنِ عُمارةَ بنِ ثوبانَ، أخبرنا عُمارة بنُ ثوبانَ
أنَّ أبا الطُّفَيْلِ أخبره، قال: رأيتُ النبيَّ ﷺ يَقْسِمُ لحمًا بالجِعْرَانَةِ، قال أبو الطفيلِ: وأنا يومئذٍ غُلامٌ أحمِلُ عَظْمَ الجَزُورِ، إذ أقبلَتِ امرأةٌ، حتى دَنَتْ إلى النبي ﷺ، فبسَطَ لها ردَاءَه، فَجَلَسَت عليه، فقلتُ: مَن هِيَ؟ فقالوا: هذه أُمُّه التي أرضَعَتْه (١).
٥١٤٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهمدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، حدَّثني عَمرُو ابنُ الحارِثِ


(١) حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة جعفر بن يحيى وعمه عمارة.
ابن المثنى: هو محمَّد العنزي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة الليثي، وأمه التي أرضعته: هي حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٩٥)، وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (٢١٢)، وابن أبي عاصم في «الأحاد والمثاني» (٩٤٦)، والبزار في «مسنده» (٢٧٨١)، وأبو يعلى في «مسنده» (٩٠٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٢٣٢)، والطبراني في «الأوسط» (٢٤٢٤)، والحاكم في «المستدرك» ٣/ ٦١٨ - ٦١٩ و٤/ ١٦٤، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» ٢/ ٧٥٨، والمزى في ترجمة عُمارة بن ثوبان من«تهذيب الكمال» ٢١/ ٢٣١ - ٢٣٢ من طرق عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. ورواية ابن أبي عاصم دون قصة المرأة، وسقط من «مسند أبي يعلى» من السند «أبو عاصم الضحاك» فيستدرك من هنا، وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي.
ويشهد له مرسل محمَّد بن المنكدر عند ابن سعد في «الطبقات» ١/ ١١٤، ومرسل عبد الله بن عبد الرحمن بن حسين عند ابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (٢١٤)، ورجالهما ثقات.
ويشهد له ما بعده كذلك.

أن عُمَرَ بنَ السَّائِبِ، حَذَثه: أنه بلغه أن رسولَ الله ﷺ -كان جالِسًا يومًا، فأقبلَ أبوه مِن الرَّضاعَةِ، فوضع له بعضَ ثوبِه، فقعَدَ عليه، ثم أقبلت أُمُّه فوضع لها شِقَّ ثوبِه من جانبِه الآخَرِ، فجلَسَتْ عليه، ثم أقبل أخُوه مِن الرَّضَاعَةِ، فقامَ رسولُ الله ﷺ، فأجلسَه بينَ يديه١).

١٢٩ - باب في فضل مَن عَالَ يتيمًا
٥١٤٦ - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكر ابنا أبي شيبةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن أبي مالكِ الأشجعيِّ، عن ابن حُدَيرٍ
عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من كانَت له أُنثى، فلم يَئِدْها، ولم يُهِنْها، ولم يُؤثِرْ ولدَه عليها -قال: يعني الذكورَ-، أدخلَه اللهُ الجنةَ». ولم يذكر عثمانُ: يعني الذكورَ (٢).


(١) رجاله ثقات إلا أنه معضل، فإن عُمر بن السائب -وهو مولى بني زهرة- يروي عن التابعين كما قال المنذري في «مختصره» ٨/ ٣٩. ابن وَهْب: هو عبد الله المصري.
وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» ٥/ ٢٠٠ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده ضعيف ابن حُدَير مترجم في قسم الكنى من«التهذيب» وفروعه، ولم يذكروا له اسمًا، وقد سماه ابن أبي شيبة والحاكم: زيادًا! وهو لم يرو عنه غير أبي مالك الأشجعي ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وقال الذهبي في «الميزان»: لا يُعرف، أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وأبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق الكوفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٥٥١، وأحمد في «مسنده» (١٩٥٧)،
والبيهقي في «الشعب» (٨٣٢٦) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ١٧٧ من طريق جعفر بن عون، عن أبي مالك، به.
وقوله: ولم يئدها معناه: لم يدفنها حية، قال الخطابي: وكانوا في الجاهلية يدفنون
البنات أحياء، يقال منه: وأد يئد وأدًا، ومنه قول الله سبحانه: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: ٨ - ٩].

٥١٤٧ - حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا خالدٌ، حدَّثنا سُهَيلٌ -يعني ابنَ أبي صالح-، عن سعيدِ الأعشى - قال أبو داود: وهو سعيدُ بنُ عبدِ الرحمن بن مُكمِل الزهريُّ- عن أيوبَ بنِ بَشيرٍ الأنصاريِّ
عن أبي سعيدٍ الخُدري، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من عالَ ثلاثَ بَنَاتٍ، فأدَّبهُن، وزَوَّجَهُنَّ، وأحْسَنَ اليهنَّ، فلهُ الجَنَّةُ» (١).
٥١٤٨ - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جريرٌ
عن سهيلِ، بهذا الإسنادِ بمعناه، قال: «ثلاثُ أخواتِ، أو ثلاثُ بناتٍ، أو ابنَتانِ، أو أُختانِ» (٢).


(١) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل، ثم إنه قد اختلف في إسناده كما سيأتي بعده. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان.
وأخرجه البيهقي في «الآداب» (٢٨) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١١٩٢٤) من طريق خالد، به.
وانظر ما بعده.
(٢) حديث صحيح لغيره، كسابقه. يوسف بن موسى: هو ابن راشد القطان، وجرير: هو ابن عبد الحميد الضبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٥٥٢، والبخاري في «الأدب المفرد» (٧٩) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، وأحمد في «مسنده» (١١٣٨٤) من طريق إسماعيل بن زكريا، والبيهقي في «شعب الأيمان» (٨٦٧٦)، وفي «الآداب» (٢٧) من طريق علي بن عاصم، ثلاثتهم عن سهل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٠٢٥) عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمَّد، عن سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد، به. دون ذكر أيوب بن بشير.
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (٧٣٨)، والترمذي (٢٠٢٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٤٦)، والبيهقي في «الشعب» (٨٦٧٧) من طريق سفيان بن عيينة، =

٥١٤٩ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، حدَّثنا النهَّاسُ بنُ قَهْمٍ، حدَّثني شدادٌ: أبو عمَّار
عن عوفِ بنِ مالكٍ الأشجعىِّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «أنا وامرأةٌ سَفْعاءُ الخَدَّينِ كهاتينِ يومَ القيامَةِ» وأومأ يزيدُ بالوسطى والسَّبَّابةِ: «امرأةٌ آمَت من زوجِها ذاتُ منصِبٍ وجمالِ، حبَسَت نفسَها على يتاماها حتى بانُوا أو ماتُوا» (١).


= والخرائطي في «مكارم الأخلاق» ص ٧١ من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل، عن أيوب بن بشير، عن سعيد الأعشى، عن أبي سعيد، فقدم أيوبَ وأخر سعيدًا.
وفي الباب ما يشهد له من حديث أنس عند مسلم (٢٦٣١) ولفظه: «من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو» وضم أصابعه، ورواه ابن حبان في «صحيحه» برقم (٤٤٧) بإسناد صحيح ولفظه: «من عال ابنتين أو ثلاثًا أو أختين أو ثلاثًا حتى يَبِنَّ أو يموتَ عنهنَّ كنت أنا وهو في الجنة كهاتين» وأشار باصبعه الوسطى والتي تليها.
وآخر من حديث ابن عباس عند أحمد (٢١٠٤) وابن حبان (٢٩٤٥) بلفظ: «ما من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة».
وثالث من حديث عوف بن مالك عند أحمد (٢٣٩٩١) وهو حسن في الشواهد.
ورابع من حديث أبي هريرة (٨١٢٥) بلفظ: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وضرائهن وسراتهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن» فقال رجل: أو اثنتان يا رسول الله ﷺ؟ قال: «أو اثنتان» فقال رجل: أو واحدة يا رسول الله ﷺ؟ قال: «أو واحدة».
وخامس من حديث عقبة بن عامر بإسناد صحيح عند ابن ماجه (٣٦٦٩)، وأحمد في «المسند» (١٧٤٠٣) ولفظه: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدَته (من غناه) كُن له حجابًا من النار يوم القيامة».
(١) حسن لغيره إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف النَّهَّاس بن قَهْم، ولانقطاعه
بين شداد أبي عمّار وعوف بن مالك. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٠٠٦) و(٢٤٠٥٨)، وابن أبي الدنيا في «العيال» (٨٦)، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (١٠٣)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٨٣١٢) و(٨٣١٣) من طرق عن النهاس بن قَهْم، بهذا الإسناد. =

١٣٠ - باب في ضَمِّ اليتيم
٥١٥٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح بنِ سُفيانَ، أخبرنَا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ أبي حازم-، حدَّثني أبي
عن سهلٍ، أن النبي ﷺ قال: «أنا وكافِلُ اليَتيم كهاتَيْنِ في الجنَّةِ» وقَرَنَ بينَ إصبَعَيه: الوسطَى والتي تلي الإبهامَ١).

١٣١ - باب في حَقّ الجِوار
٥١٥١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن أبي بكرِ بنِ محمدٍ، عن عَمْرَةَ


= وأخرجه عبد الرزاق (٢٠٥٩١) عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله ﷺ فذكره. وهو مرسلٌ رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي يعلى (٦٦٥١)، وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
ويشهد لكافل اليتيم حديث أبي هريرة عند أحمد في «مسنده» (٨٨٨١)، ومسلم (٢٩٨٣).
وآخر من حديث سهل بن سعد سيأتي بعده.
السفعاء: هي التي تغير لونها إلى الكمودة والسواد من طول الإيمة وترك التزين، يريدُ بذلك أن هذه المرأة قد حبست نفسها على أولادها، ولم تتزوج فتحتاج إلى الزينة والتصنع للزوج.
وقوله: «بانُوا»: البين: البعد والانفصال، أراد: حتى تفرقوا.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٣٠٤) و(٦٠٠٥)، والترمذي (٢٠٣٠) من طرق عن عبد العزيز ابن أبي حازم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٨٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (٤٦٠).

عن عائشة، أن النبي ﷺ قال: «ما زالَ جبريلُ يوصِيني بالجارِ، حتى قلتُ: ليُوَرِّثَنَّهُ» (١).
٥١٥٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا سفيانُ، عن بشرِ أبي إسماعيلَ، عن مجاهدٍ
عن عبدِ الله بنِ عَمرِو: أنه ذَبَحَ شاةَ، فقال: أهديتُم لِجاري اليهوديِّ؟ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «ما زال جبريلُ يُوصِيني بالجارِ، حتى ظننتُ أنه سَيُوَرِّثُه»؟ (٢).
٥١٥٣ - حدَّثنا الربيعُ بنُ نافع أبو توبةَ، حدَّثنا سليمانُ بنُ حيَّانَ، عن محمدِ ابنِ عجْلان، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبيِّ يشكُو جارَه، فقال: «اذهبْ، فاصْبِرْ» فأتاه مرَّتينِ أو ثلاثًا، فقال: «اذهَبْ فاطرَحْ متاعَكَ في الطريقِ»، فطرح متاعَه في الطريق، فجعَلَ الناسُ يسألونه، فيخبِرُهم


(١) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي مولاهم، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن الأنصارية.
وأخرجه البخاري (٦٠١٤)، ومسلم (٢٦٢٤)، وابن ماجه (٣٦٧٣)، والترمذي (٢٠٥٧) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم بإثر (٢٦٢٤) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٦٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥١١).
(٢) إسناده صحيح. محمَّد بن عيسى: هو ابن نَجِيح البغدادي، وسفيان: هو ابن عيينة، وبشير أبو إسماعيل: هو ابن سلمان الكندي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي.
وأخرجه الترمذي (٢٠٥٦) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقرن ببشير داودَ بنَ شَابُورَ. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وهو في «مسند أحمد» (٦٤٩٦). وانظر تمام شواهده والكلام عليه هناك.

خبَرَه، فجعل الناسُ يلعنُونَه: فعلَ اللهُ بهِ وفَعَلَ، فجاء إليه جارُه، فقال له: ارجِعْ، لا ترى مني شيئًا تكرهُهُ (١).
٥١٥٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِّلِ العسقلانيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريّ، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليُكْرِمْ ضيفَه، ومن كان يُؤمِن بالله واليومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَه، ومن كان يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ» (٢).


(١) إسناده جيد، محمَّد بن عجلان وأبوه صدوقان لا بأس بهما.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٦٦٣٠)، وابن حبان في«صحيحه» (٥٢٠) من طريق أبي سعيد الأشج، عن سليمان بن حيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٤)، والبزار (٨٣٤٤)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ١٦٥ - ١٦٦، والبيهقي في«شعب الإيمان» (٩٥٤٧) من طريق صفوان ابن عيسى، عن ابن عجلان، به. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي.
وله شاهد من حديث أبي جحيفة عند البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٥)، والبزار (٤٢٣٥)، والطبراني في «المعجم»الكبير«٢٢/ (٣٥٦)، والحاكم في»المستدرك«٤/ ١٦٦، والبيهقي في»شعب الإيمان- (٩٥٤٨). وفي إسناده شريك بن عبد الله وهو سييء الحفظ، وشيخه أبو عمر -وهو المنبهي- مجهول، ومع ذلك فقد صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي! وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٨/ ١٧٠، وقال: رواه الطبراني والبزار ... وفيه أبو عمر المنبهي، تفرد عنه شريك، وبقية رجاله ثقات.
وآخر من حديث محمَّد بن عبد الله بن سلام عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٥٤٦، وأحمد (١٦٤٠٨)، وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (٣٢٦). ولم يسق أحمد لفظه، ووقع هناك خطأ في ذكر لفظ الحديث، نشأ عن التسرع، فيستدرك من «مصنف ابن أبي شيبة» و«مكارم الأخلاق» لابن أبي الدنيا.
(٢) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي مولاهم، والزهري: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن ابن عوف الزهري. =

٥١٥٥ - حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَد وسعيدُ بنُ منصور، أن الحارثَ بنَ عُبيد حدَّثهم، عن أبي عِمرانَ الجَوْنِيّ، عن طلحةَ
عن عائِشةَ، قالت: قلت: يا رسولَ الله ﷺ، إن لي جارَينِ بأيِّهما أبدأُ؟ قال: «بأدناهُما بابًا» (١).
قال أبو داود: قال شعبةُ في هذا الحديثِ: طلحةُ رجلٌ مِن قُريشِ.

١٣٢ - باب في حَقّ المَمْلُوكِ
٥١٥٦ - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حَرْب وعثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، قالا: حدَّثنا محمدُ ابنُ الفُضَيل، عن مُغيرةَ، عن أُمّ موسى


= وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (١٩٧٤٦).
وأخرجه البخاري (٦١٣٨)، والترمذي (٢٦٦٨)، والنسائي في «الكبرى» (١١٧٨٢) من طريقين عن معمر، بهذا الإسناد. وفي رواية البخاري: «فليصل رَحِمَه»بدلًا من «فلا يُؤذ جاره»، واقتصر النسائي على الشطر الأخير من الحديث.
وأخرجه البخاري (٦٤٧٥)، ومسلم (٤٧) من طريقين عن الزهري، به. وفي رواية مسلم «فليكرم جاره» بدلًا من «فلا يؤذ جاره».
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري (٥١٨٥) من طريق أبي حازم، و(٦٠١٨) و(٦١٣٦)، ومسلم (٤٧)، وابن ماجه (٣٩٧١) من طريق أبي صالح، والنسائي في «الكبرى» (١١٧٨٣) من طريق سعيد المقبري، ثلاثتهم عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٦).
(١) حديث صحيح، الحارث بن عبيد -وهو الإيادي، وإن كان فيه ضعف- تابعه شعبة عند البخاري. أبو عِمران الجوني: هو عبد الملك بن حَبيب، وطلحة: هو ابن عبد الله بن عثمان بن عُبيد الله بن معمر القرشي التيمي.
وأخرجه البخاري (٢٢٥٩) و(٢٥٩٥) و(٦٠٢٠) من طريق شعبة، عن أبي عمران الجَوْني، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٤٢٣).

عن عليٍّ، قال: كان آخِرُ كلام رسول الله ﷺ: «الصلاةَ الصلاةَ، اتقوا الله فيما مَلَكَتْ أيمانُكم» (١).
٥١٥٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش عن المَعرُور بنِ سُويد، قال: رأيتُ أبا ذرِّ بالرَّبَذَة، وعليه بُرْدٌ غَليظٌ، وعلى غُلامه مثلُه، قال: فقال القومُ: يا أبا ذرِّ، لو كنتَ أخذتَ


(١) صحيح لغيره. وهذا إسناد حسن في الشواهد من أجل أم موسى سُرِّية علي ابن أبي طالب، وجاء عند الطبري في تهذيب الآثار في قسم مسند علي بن أبى طالب ص ١٦٨ أنها أم ولد الحسن بن علي وأنها أم امرأة المغيرة بن مقسم. وثقها العجلي، وقال الدارقطني: يخرّج حديثها اعتبارًا، وصحح حديثها الطبري في «تهذيب الآثار»، والضياء المقدسي في «المختارة» (٨٠٨).
وأخرجه ابن ماجه (٢٦٩٨) عن سهل بن أبي سهل، عن محمَّد بن الفضيل، بهذا الاسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٨٥).
وله شاهد من حديث أم سلمة عند ابن ماجه (١٦٢٥) بسند رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا، وقد فاتنا التنبيه على هذا الانقطاع في تعليقنا على حديث علي في «المسند» (٥٨٥)، واستدركناه في «المسند» برقم (٢٦٤٨٣). ولفظه عند ابن ماجه: أن رسول الله ﷺ كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: «الصلاةَ وما ملكت أيمانكم» فما زال يقولها حتى ما يقيصُ بها لسانه (أي: ما يقدر على الإفصاح بها).
وآخر من حديث أنس عند ابن ماجه أيضًا (٢٦٩٧)، وإسناده صحيح.
قوله: «وما ملكلت أيمانكم»، قال السندي في «حاشيته على المسند»: قيل: الأظهر أن المراد: المماليك، وإنما قَرَنه بالصلاة ليعلم أن التي م بمقدار حاجتهم من النفقة والكسوة واجب على مَنْ ملكهم وجوبَ الصلاة التي لا سَعَةَ في تركها، قلت: إن هذا العنوان في الكتاب والسنة صار كالعَلَم للمماليك، وقيل: أراد به الزكاة، لأن القرآن والحديث إذا ذكر فيهما الصلاة فالغالب ذكر الزكاة بعدها.

الذي على غلامِك، فجعلتَه معَ هذا، فكانت حُلَّةً، وكسوتَ غلامَك ثَوبًا غيره، قال: فقال أبو ذرِّ: إني كنتُ ساببتُ رجلًا وكانت أُمُّه أعجميةً، فعيَّرْتُه بأمِّه، فشكاني إلى رسول الله ﷺ، فقال: «يا أبا ذرِّ، إنكَ امرؤٌ فِيكَ جاهِلِيّه»، وقال: «إنَّهم إخوانكم فضلكُمُ اللهُ عليهم، فمن لم يُلائِمكُم فبيعُوه، ولا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللهِ» (١).
٥١٥٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يُونس، حدَّثنا الأعمشُ


(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والأعمش: هو سيمان ابن مهران.
وأخرجه البخاري (٣٠)، ومسلم (١٦٦١)، والترمذي (٢٠٥٩) من طريق واصل الأحدب عن المعرور بن سويد، بمعناه.
قال المنذري: وليس في حديث جميعهم: «فمن لم يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله». وهذه الزيادة سترد عند المؤلف برقم (٥١٦١).
وانظر ما بعده.
الربذة، بفتح الراء والباء والذال: موضع بالبادية، بينه وبين المدينة ثلاث مراحل، قريب من ذات عرق.
وفي الحديث النهي عن سب العبيد وتعييرهم بوالديهم، والحث على الإحسان إليهم، والرفق بهم، فلا يجوز لأحد تعيير أحد بشيء من المكروه يعرفه في آبائه وخاصة نفسُه، كما نهى عن الفخر بالآباء، ويلحق بالعبد من في معناه من أجير وخادم وضعيف، وكذا الدواب ينبغى أن يحسن إليها، ولا تكلف من العمل ما لا تطيق الدواب عليه، فإن كلفه ذلك، لزمه إعانته بنفسه أو بغيره.
وفيه عدم الترفع على المسلم وإن كان عبدًا ونحوه من الضعفة؛ لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣]، وقد تظاهرت الأدلة على الأمر باللطف بالضعفة وخفض الجناح لهم، وعلى النهي عن احتقارهم والترفع عليهم.
وفيه منع تكليفه من العمل ما لا يطيق أصلًا، أو لا يطيق الدوام عليه؛ لأن النهي للتحريم بلا خلاف، فإن كلفه ذلك أعانه بنفسه أو بغيره. قاله العيني في «عمدته» ١/ ٢٠٨.

عن المعرورِ، قال: دخلنا على أبي ذرِّ بالرَّبَذَةِ، فإذا عليهِ بُرْدٌ، وعلى غُلامه مثلُه، فقلنا: يا أبا ذرّ، لو أخذتَ بُرْدَ غلامِك إلى بُردِكَ، فكانت حُلَّةّ، وكسوتَه ثوبًا غيره، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إخوانُكُم جعَلهم الله تَحْتَ أيدِيكُم، فمن كان أخوه تحتَ يديهِ فليُطعِمْهُ مِمَّا يأكل، وَلْيَكْسُهُ مِمَّا يَلْبَسُ، ولا يُكلِّفْه ما يغلِبُه، فإن كلَّفَهُ ما يغلِبُهُ فليُعِنْه» (١).
قال أبو داود: رواه ابنُ نُمير، عن الأعمشِ، نحوه.
٥١٥٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا أبو معاويةَ. وحدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ التيميّ، عن أبيه
عن أبي مسعودٍ الأنصاريّ، قال: كنتُ أضْرِبُ غلامًا لي، فسمِعْتُ مِن خَلْفي صوتًا: «اعلَمْ أبا مَسْعُودِ -قال ابنُ المثنى: مرتين- للهُ أقدَرُ عليكَ منكَ عليهِ» فالْتفتُّ، فإذا هو النبيُّ -فقلتُ: يا رسولَ الله ﷺ، هو حُرُّ لِوجه الله تعالى، قال: «أما لو لم تَفْعَلْ لَلفَعَتْكَ النَارُ -أو: لمسَّتْكَ النارُ-» (٢).


(١) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي.
وأخرجه مسلم (١٦٦١) من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٠٥٠)، ومسلم (١٦٦١)، وابن ماجه (٣٦٩٠) من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه البخاري (٣٠) و(٢٥٤٥)، ومسلم (١٦٦١)، والترمذي (٢٠٥٩) من طريق واصل الأحدب، عن المعرور بن سويد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٤٠٩).
وانظر ما قبله وما سيأتي برقم (٥١٦١).
(٢) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمَّد العنزي، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك. =

٥١٦٠ - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ، عن الأعمشِ، بإسنادِه ومعناه، نحوه، قال: كنتُ أضرِبُ غلامًا لي بالسَّوطِ، ولم يذكر أمرَ العتق (١).
٥١٦١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عَمرو الرازىُّ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن مُوَرِّقٍ
عن أبي ذرِّ قال: قال رسولُ الله ﷺ:«مَنْ لاءمَكُم مِن مملوكِيْكُم فاطْعِمُوه مما تأكلونَ، وأكسُوه مِمَّا تلبَسُون، ومَنْ لم يُلائِمكُم منهم فبيعُوه، ولا تُعذِّبُوا خَلْقَ اللهِ» (٢).


= وأخرجه مسلم (١٦٥٩) عن محمَّد بن العلاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم أيضًا (١٦٥٩) من طرق عن الأعمش به.
وانظر ما بعده.
وقوله: «للفعتك النار». قال الخطابي: معناه: شملتك من جميع نواحيك، ومنه قولهم: تلفع الرجل بالثوب: إذا اشتمل به.
(١) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وعبد الواحد: هو ابن زياد العبدي.
وأخرجه مسلم (١٦٥٩) عن أبي كامل، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٠٦٢) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٨٧) و(٢٢٣٥٤).
وانظر ما قبله.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن مُورِّقًا -وهو ابن مُشَمْرِج العِجْلي- لم يسمع من أبي ذر فيما قاله أبو زرعة الرازي والدارقطني.
جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومجاهد: هو ابن جبر.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٨/ ٧ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٣٩٢٣) عن يوسف بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد، به.
وأخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (٧٢٠)، وفي «مكارم الأخلاق» (٥١٨)، والبيهقي في «الشعب» (٨٥٦٠) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به.

٥١٦٢ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عبدُ الرزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن عثمانَ بنِ زُفَرَ، عن بعضِ بني رافع بنِ مَكِيثٍ
عن رافع بن مَكِيثٍ -وكان ممن شَهِدَ الحديبيةَ-، أن النبي ﷺ قال: «حُسْنُ الملَكَةِ نَمَاءٌ (١)، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٢١٤٨٣).
وقد سلفت أجزاء هذا الحديث بالرقمين (٥١٥٧) و(٥١٥٨) بإسناد صحيح.
وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه عند أحمد (١٦٤٠٩) وسنده حسن في الشواهد وانظر تمام تخريجه فيه.
(١) في (أ): يُمنٌ. والمثبت من (ج) و(هـ).
(٢) إسناده ضعيف لإبهام راويه عن رافع بن مَكِيث، ولجهالة عثمان بن زُفَر -وهو الجهني-. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد البصري.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (٢٠١١٨)، ومن طريقه أخرجه أحمد في «مسنده» (١٦٠٧٩)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٥٦٢)، وأبو يعلى (١٥٤٤)، والطبراني في «الكبير» (٤٤٥١)، والقضاعي (٢٤٤) و(٢٤٥)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٢/ ٢٠٠. بعضهم بلفظ: «حسن الملكة نماء»، وبعضهم: «حسن الخلق نماء».
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٨/ ٢٢، وقال: رواه أحمد من طريق بعض بني رافع، ولم يسمه، وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٣٠٢ من طريق عبد الله -وهو ابن المبارك- عن معمر، به.
وانظر ما بعده.
حسن الملكة بضم الحاء، أي: حسن الصنيع إلى المماليك والخدم.
وقال القاضي: إن حسن الملكة يوجب اليمن، إذ الغالب أنهم إذا رأوا السيد أحسن إليهم، كانوا أشفق عليه، وأطوع له، وأسعى في حقه، وكل ذلك يؤدي إلى اليمن والبركة، وسوء الخلق يورث البغض والنفرة ويثير اللجاج والعناد وقصد الأنفس والأموال. نقله صاحب «مرقاة المفاتيح».

٥١٦٣ - حدَّثنا محمَّد بنُ المصفَّى، حدَّثنا بقيَّةُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ زُفَرَ، حدَّثني محمدُ بنُ خالد بن رافع بن مَكِيثٍ
عن عمه الحارثِ بنِ رافع بنِ مَكِيث -وكان رافعٌ مِن جُهينةَ قد شَهِدَ الحُديبية مَعَ رسولِ الله ﷺ-، عن رسول الله ﷺ، قال: «حُسْنُ المَلَكَةِ يُمْنٌ (١)، وسُوءُ الخُلقِ شُؤمٌ» (٢).
٥١٦٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدِ الهَمْدَانِيُّ وأحمدُ بنُ عَمرو بن السّرْح -وهذا حديث الهَمداني وهو أتّمُ- قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني أبو هانئ الخَولانيُّ، عن العباسِ بنِ جُلَيدٍ الحَجْرِي
سمعتُ عبدَ الله بنَ عُمر يقولُ: جاء رجلٌ إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، كم نَعْفو عن الخادِم؟ فَصَمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فَصَمَتَ، فلما كان في الثالثة قال: «اعفُوا عنه في كُلِّ يومٍ سبعينَ مَرة» (٣).


(١) في (أ): نماء.
(٢) إسناده ضيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الكلاعي-، ولجهالة عثمان بن زفر، والحارث بن رافع بن مكيث ذكره ابن حبان في التابعين من الثقات، وقال ابن القطان: لا يُعرف.
وانظر ما قبله.
(٣) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله المصري، وأبو هانئ الخولاني: هو حُمَيد بن هانئ.
وأخرجه الترمذي (٢٠٦٥) من طريق ابن وَهْب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي أيضًا (٢٠٦٤) من طريق رِشْدين بن سعد، عن أبي هانئ الخولاني، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٥٦٣٥) و(٥٨٩٩). وانظر تتمة كلامنا عليه فيه.

٥١٦٥ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، قال: أخبرنا. وحدَّثنا مُؤَمَّلُ بنُ الفضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا عيسى، حدَّثنا فُضيل -يعني ابنَ غزوانَ-، عن ابنِ أبي نُعْمٍ
عن أبي هريرة، حدَّثني أبو القاسمِ نبيُّ التَوبةِ ﷺ قال: «من قَذَفَ مملوكَهُ وهو بَريٌ: مما قال جُلِدَ لهُ يَومَ القِيَامةِ حَدًَّا» قال مُؤَمَّل: حدَّثنا عيسى، عن الفضيل (١).
٥١٦٦ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا فضيلُ بنُ عياضِ، عن حُصين
عن هِلال بن يِسَافِ، قال: كنا نُزُولًا في دارِ سُويد بنِ مُقَرِّنٍ، وفينا شيخٌ فيهِ حِدَّةٌ ومعهُ جارية، فَلَطَمَ وجْهَهَا، فما رأيتُ سُوَيْدًا أشدَّ غضبًا منه ذلكَ اليومَ، قالَ: عَجَزَ عليك إلا حُرُّ وجْهِها؟! لقد رأيتُنا سَابع سَبْعَةٍ من ولد مُقَرِّنٍ، وما لنا إلا خادمٌ، فلطَم أصغَرُنا وجهَها، فأمرَنا النبيَّ ﷺ بعَتْقها (٢).


(١) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السَّبيعي، وابن أبي نُعْم: هو عبد الرحمن البَجَليّ.
وأخرجه البخاري (٦٨٥٨)، ومسلم (١٦٦٠)، والترمذي (٢٠٦١)، والنسائي في «الكبرى» (٧٣١٢) من طرق عن فقيل بن غزوان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال النسائي: هذا حديث جيد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٦٧).
قال النووي: فيه إشارة إلى أنه لا حد على قاذف العبد في الدنيا، وهذا مجمع عليه، لكن يعزر قاذفه؛ لأن العبد ليس بمحصن، وسواء في هذا كله من هو كامل الرق، وليس فيه سبب حرية والمدبر والمكاتب وأم الولد، ومَن بعضه حرٌّ، هذا في حكم الدنيا، أما في حكم الآخرة فيُستوفى له الحد من قاذفه، لاستواء الأحرار والعبيد في الآخرة.
(٢) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي. =

٥١٦٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني سلمةُ بنُ كُهيلٍ
حدَّثني معاويةُ بنُ سُويدِ بنِ مُقَرِّن، قال: لَطَمتُ مولَّى لنا، فدَعَاه أبي ودَعَاني، فقال: اقتَصَّ مِنْه، وإنا معشَرَ بني مُقرِّن كنا سبعةً على عهد النبي ﷺ وليسَ لنا إلا خادِمٌ، فلطمَها رجلٌ منا، فقال رسولُ الله ﷺ: «أعْتِقوها» قالوا: إنَّه ليسَ لنا خَادِم غيرُها، قال: «فَلْتَخْدُمْهُم حتى يستغنُوا، فإذا استغنَوْا فليعتِقُوهَا» (١).
٥١٦٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وأبوكامل، قالا: حدَّثنا أبو عوانةَ، عن فِراسٍ، عن أبي صالحٍ ذَكْوانَ، عن زاذانَ، قال:


= وأخرجه مسلم (١٦٥٨)، والترمذي (١٦٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٩٤) من طريقين عن حصين، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٦٥٨)، والنسائي (٤٩٩٣) من طريق أبي شعبة العراقي -وهو الكوفي مولى سويد بن مُقَرِّن-، عن سويد بن مُقَرّن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٤١) و(٢٣٧٤٢).
وانظر ما بعده.
وقوله: إلا حُر وجهها. حُرُّ الوجه: صفحته وما رقَّ من بشرته، وحُرُّ كل شيءِ: أرفعه وأفضله قدرًا.
وقوله: ما لنا إلا خادم. قال النووي: معناه الخادم بلا هاء يطلق على الجارية كما يطلق على الرجل، ولا يقال: خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة.
(١) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه مسلم (١٦٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٤٩٩٢) من طريقين عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٩٩٠) و(٤٩٩١) من طريقين عن معاوية بن سويد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٠٥) و(٢٣٧٤٠).
وانظر ما قبله.

أتيتُ ابنَ عُمَرَ وقد أعتق مملوكًا له، فأخذ مِن الأرضِ عُودًا -أو شيئًا- فقال: ما لي فيه مِن الأجر ما يَسْوى هذا، سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَن لَطَمَ مملُوكَهُ أو ضَرَبهُ، فكفارتُهُ أن يُعْتِقَه» (¬١).

١٣٣ - باب ما جاء في المملوك إذا نصَح
٥١٦٩ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ القعنبىُّ، عن مالكٍ، عن نافع
عن عبدِ الله بن عُمَرَ، أن رسولَ الله ﷺ قال: «إن العبْدَ إذا نَصَحَ لِسيِّدهِ، وأحْسنَ عِبادَةَ اللهِ، فله أجرهُ مرَّتينِ» (٢).

١٣٤ - باب فيمن خَبَّبَ مملوكًا على مولاه
٥١٧٠ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا زيدُ بنُ الحُباب، عن عمارِ بنِ رُزيقٍ، عن عبدِ الله بنِ عيسى، عن عِكرِمَةَ، عن يحيى بن يَعْمَرَ


(١) إسناده صحيح. أبو كامل: هوْ فضيل بن حسين الجحدري، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري،، وفِراس: هو ابن يحيى الهَمْدانى الخَارفي، وزاذان: هو أبو عمر الكِنْدِىُّ البزاز.
وأخرجه مسلم (١٦٥٧) من طرق عن فراس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٨٤) و(٥٢٦٦).
وقوله: ما يَسوى: قال النووي: في بعض النسخ -يعني من مسلم- يساوي، بالألف، وهذه هي اللغة الصحيحة المعروفة، والأولى عدّها أهل اللغة في لحسّن العوامّ، وأجاب بعض العلماء عن هذه اللفظة بأنها تغيير من بعض الرواة، لا أن ابن عمر نطق بها.
(٢) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٨١، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٥٤٦)، ومسلم (١٦٦٤).
وأخرجه البخاري (٢٥٥٠)، ومسلم بإثر (١٦٦٤) من طريق عبيد الله بن عمر، ومسلم بإثر (١٦٦٤) من طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٧٣).

عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «من خَبَّبَ زَوْجَةَ أمرئٍ أو مملوكَهُ، فليس مِنا» (¬١).

١٣٥ - باب في الاستئذان
٥١٧١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن عُبيدِ الله بن أبي بكر
عن أنس بنِ مالك: أن رجلًا اطلَعَ مِن بعض حُجَرِ النبي ﷺ، فقام إليه رسولُ الله ﷺ بِمشْقَصٍ -أو مشاقِصَ- قال: فكأني أنظرُ إلى رسولِ الله ﷺ يَخْتِلُه لِيطْعُنَه (٢).
٥١٧٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سُهيلٍ، عن أبيه


(١) إسناده صحيح.
وقد سلف برقم (٢١٧٥).
وقوله: خبب: يريد أفسد وخدع، وأصلُه من الخَبّ، وهو الخَدَّاع، ورجل خَبٌ، ويقال: فلان خَبٌّ ضَبٌّ: إذا كان يسعى بين الناس بالفساد.
(٢) إسناده صحيح. محمَّد بن عبيد: هو ابن حِسَاب الغُبَري، وحمّاد: هو ابن زيد.
وأخرجه البخاري (٦٢٤٢) و(٦٩٠٠)، ومسلم (٢١٥٧) من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٨٨٩)، والترمذى (٢٩٠٥) من طريق حميد الطويل، والنسائي في «الكبرى» (٧٠٣٤) بنحوه من طريق إسحاق بن عبد الله، كلاهما عن أنس. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٥٠٧).
المِشقص كمِنْبَر: نصل عريض، وقوله: يختله، قال الخطابي معناه: يراوده ويطلبه من حيث لايشعر.

حدَّثنا أبو هريرة، أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنِ اطَّلَعَ في دارِ قَوْمِ بغيرِ إذنهم ففقؤُوا عينَه، فقد هَدَرَتْ عَيْنُهُ» (١).
٥١٧٣ - حدَّثنا الرَّبيعُ بنُ سليمانَ المُؤَذِّنُ، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سليمانَ -يعني ابنَ بلال- عن كثيرِ، عن الوليدِ
عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال: «إذا دخلَ البصَرُ فلا إذنَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وسهيل: هو ابن أبي صالح السمان.
وأخرجه مسلم (٢١٥٨) من طريق جرير، عن سُهيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (٦٨٨٨) و(٦٩٠٢)، ومسلم (٢١٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٧٠٣٧) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والنسائي (٧٠٣٦) من طريق بشير بن نَهيك، كلاهما عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩٣٦٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٠٢) و(٦٠٠٣) و(٦٠٠٤).
وقال الخطابي تعليقًا على قوله: «فقد هدرت عينه»: في هذا بيان إبطال القود، إسقاط الدية عنه، وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أهدرها، وعن أبي هريرة مثل ذلك، إليه ذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا فعل ذلك ضمن الجناية، وذلك لأنه قد كان يمكنه أن يدفعه عن النظر والاطلاع عليه بالاحتجاب عنه، وسدّ الخصاص، والتقدم إليه بالكلام ونحوه، فإذا لم يفعل ذلك، وعمد إلى فقء عينه كان ضامنًا لها، وليس النظر بأكثر من الدخول عليه بنفسه وتأول الحديث على معنى التغليظ والوعيد.
(٢) إسناده حسن. كثير -وهو ابن زيد الأسلمي- والوليد -وهو ابن رباح الدَّوسي- صدوقان. وحسنه الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١١/ ٢٤.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٨/ ٣٣٩ من طريق الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٨٧٨٦)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٠٨٩) من طريقين عن سليمان بن بلال، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٠٨٢) من طريق سفيان بن حمزة، والطبراني في «الأوسط» (١٣٧٢) من طريق الوليد بن أبي خيرة، ثلاثتهم عن كثير بن زيد، به. =

١٣٦ - باب كيف الاستئذان (١)
٥١٧٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ (ح)
وحدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا حفصٌ، عن الأعمشِ، عن طلحةَ
عن هُزَيْلٍ، قال: جاءَ رجلٌ -قال عثمانُ: سعدٌ- فوقَفَ على بابِ النبي ﷺ يستأذِنُ، فقامَ على الباب -قال عثمان: مُستقبِلَ الباب- فقال له النبي-ﷺ: «هكذا عنك -أو هكذا- فإنما الاستئذَانُ مِنَ النَّظَرِ» (٢).


= وفي الباب عن ثوبان رفعه: «لا يحل لامرىٍ من المسلمين أن ينظر في جوف بيت امرئِ حتى يستأذن، فإن نظر فقد دخل»، وقد سلف برقم (٩٥). وهو في «مسند أحمد» (٢٢٤١٥).
وآخر عن سهل بن سعد قال: اطَّلع رجل من جُحر في حجرة النبي ﷺ ومعه مِدْرى (أي: مشط) يحكُّ به رأسه، فقال: «لو أعلمك تنظر، لطعنتُ به عينك، إنما جُعِلَ الاستئذان من أجل البصر وهو متفق عليه. وهو عند أحمد في»المسند«برقم (٢٢٨٠٢).
قوله:»إذا دخل البصر«، قال السندي في»حاشيته على المسند«: أي: إذا دخل بصر
أحدٍ في بيت صاحبه، فكانه دخل فيه، فلا حاجة له إلى الإذن للدخول، والمراد تقبيح
إدخال البصر في بيت آخَرَ، وأنه بمنزلةْ الدخول، لا أنه يجوز بعده الدخول بلا إذن.
(١) هذا التبويب أثبتناه من (أ) و(هـ)، وهو في روايتي ابن العبد وابن داسه.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، وحفص: هو ابن غياث النخعي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وطلحة: هو ابن مصرف اليامي، وهزيل: هو ابن شرحبيل الأودي، وهو ثقة مخضرم، وسعد هكذا جاء مبهمًا، وأورده المزي في»تحفة الأشراف«٣/ ٣٢٢ في مسند سعد بن أبي وقاص، وجاء عند بعض من خرّج الحديث سعد بن عبادة، وعند بعضهم سعد بن معاذ! وصحح أبو حاتم أنه سعد بن عبادة.
وأخرجه البيهقي في»شعب الإيمان«(٨٨٢٥)، والضياء في»المختارة" (١٠٧٤) من طريق أبي داود، بإسناده الأول. =

٥١٧٥ - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا أبو داود الحَفَرىُّ، عن سفيانَ، عن الاعمشِ، عن طلحة بن مُصَرِّفِ، عن رَجُلٍ، عن سعد، نحوَه، عن النبيِّ-ﷺ (١).
٥١٧٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عاصِمٍ، أخبرنا ابنُ جُريج.
وحدَّثنا يحيى بنُ حَبيبِ بن عَرَبيٍّ، حدَّثنا رَوْحٌ، عن ابنِ جُريجٍ، أخبرني عمرو ابنُ أبي سُفيانَ، أن عمرو بنَ عبدِ الله بنِ صَفوان أخبره
عن كَلَدَةَ بنِ حَنْبَلٍ: أن صفوانَ بنَ أُمية بعثَه إلى رسولِ الله ﷺ بِلبن وَجَدَايَةٍ وضَغابيسَ، والنبيُّ ﷺ بأعلى مكةَ، فدخلت ولم أسلِّم، فقال: «ارجع، فقُلِ: السَّلامُ عليكُم»، وذاك بعد ما أسْلَمَ صفوانُ بن


= وأخرجه الضياء في «المختارة» (١٠٧٥) من طريق أبي داود بإسناده الثاني. وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٧٥٧.
وأخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ٥/ ٢٤ من طريق قتية بن سعيد، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٨/ ٣٣٩ من طريق أبي الربيع الزَّهْرانىِّ، وفي «شعب الإيمان» (٨٨٢٦) من طريق وهب بن جرير، ثلاثتهم عن جرير، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٧٥٧، والطبراني في «المعجم الكبير» (٥٣٨٦) والبيهقي في «الشعب» (٨٨٢٧) من طريق منصور بن المعتمر، عن طلحة بن مصرف، به. وعند الطبراني: سعد بن عبادة، وعند البيهقي: قيس بن سعد. وأبهمه ابن أبي شيبة.
وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث سهل بن سعد عند البخاري (٦٢٤١) ومسلم (٢١٥٦) وأحمد في «المسند» (٢٢٨٠٣) وقد أوردنا نصه في التعليق على الحديث السالف قبله.
(١) حديث صحيح كالذي قبله، والراوي المبهم عن سعد هو: هزيل بن شرحبيل الأودي كما بينته الرواية السالفة.
وأخرجه الضياء في «المختارة» (١٠٧٦) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.

أُمية. قال عَمرٌ و: وأخبرني ابنُ صفوان بهذا أجمعَ، عن كَلَدَةَ بنِ حَنْبلٍ، ولم يقُل: سمعتُه منه (١).
قال أبو داود: قال يحيى بنُ حَبيبِ: أُميةُ بنُ صفوانَ، ولم يقل: سمعتُه من كَلَدةَ بن حَنْبلٍ، وقال يحيى أيضًا: عَمرو بنُ عبد الله بن صفوان أخبره، أن كلدةَ بنَ الحنْبَل أخبره.
٥١٧٧ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عن منصورٍ، عن رِبْعِيٍّ حدَّثنا رجلٌ مِن بني عامر استأذَن على النبي ﷺ وهو في بيتٍ، فقال: آلِجُ؟ فقال النبي ﷺ لخادِمه: «اخرُجِ إلى هذا، فَعَلِّمْهُ


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. عمرو بن عبد الله بن صفوان روى عنه جمع وذكره ابن حبان في»الثقات«، وقال ابن حجر في»التقريب«: صدوق شريف، وباقي رجاله ثقات. أبو عاصم: هو الضحّاك بن مخلد النبيل، ورَوْح: هو ابن عبادة القيسي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وأخرجه الترمذي (٢٩٠٧) عن سفيان بن وكيع، عن روح بن عُبَادة، والنسائي في»الكبرى«(٦٧٣٥) و(١٠٠٧٤) من طريق حجاج بن محمَّد المصيصي، كلاهما عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهو في»مسند أحمد" (١٥٤٢٥).
وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمر عند أحمد (٤٨٨٤).
وآخر من حديث رجل من بني عامر سيأتي بعده.
قال الخطابي: الجداية: الصغيرة من الظباء، يقال للذكر والأنثى: جداية، والضغابيس: صغار القثاء، واحدها: ضغبوس، ومنه قيل للرجل الضعيف: ضغبوس، تشبيهًا له به.

الاستئذانَ، فقل له: قُل السَّلامُ عليكم، آدْخُلُ؟ «فَسَمِعُه الرجلُ، فقال: السلامُ عليكم، آدخُلُ؟ فأذِنَ النبي ﷺ، فدخَلَ (١).
٥١٧٨ - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِي، عن أبي الأحوصِ، عن منصور، عن رِبعيٌ بنِ حِراش، قال:
حُدِّثتُ أن رجلًا مِن بني عَامِرِ استأذنَ على النبيَّ ﷺ، بمعناه (٢).
قال أبو داود: وكذلك حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانَةَ، عن منصورٍ، ولم يقل: عن رجلٍ من بني عامرٍ.
٥١٧٩ - حدَّثنا عُبيد الله بنُ مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن رِبْعِيِّ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن رِبْعيًا -وهو ابن حِراش الغَطَفَانيّ- لم يسمعه من الرجل العامرىّ، وقد وهم ابنُ أبي شيبة في قوله في هذا الإسناد: حدَّثنا رجل من بني عامر، فقد رواه هنّاد بن السّري، عن أي الأحوص، عن منصور، عن ربعي، قال: حُدِّثتُ أن رجلًا من بني عامر ..
وستأتي رواية هناد عند المصنف بعده.
وقد رُويَ من غير طريق أبي الأحوص كرواية هناد عن أبي الأحوص: فرواه أبو عوانة، عن منصور، عن ربعي، قال: نُبِّئُتُ أن رجلًا من بني عامر ... فذكره. أخرجه عنه: مسدد في»مسنده«كما في»إتحاف الخيرة«(٧١٤٥)، وعنه أبو داود فيما سيأتى بعد هذا الحديث، ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في»الكبرى«٨/ ٣٤٠.
وفي الباب عن كللَدة بن الحنبل سلف قبله.
وآخر صحيح من حديث عبد الله بن عمر عند أحمد في»مسنده" (٤٨٨٤).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات. وانظر ما قبله.

عن رجل مِن بني عامرٍ: أنه استأذن على النبي ﷺ، بمعناه، قال: فسمعتُه فقلتُ: السلامُ عليكم، آدخُلُ؟١).

١٣٧ - باب كم مرةَ يُسلَّم الرجل في الاستئذان؟
٥١٨٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدةَ، أخبرنا سفيانُ، عن يزيدَ ابنِ خُصيفةَ، عن بُسْرِ بنِ سعيدٍ
عن أبي سعيدِ الخدريِّ، قال: كنتُ جالسًا في مجلسِ من مجالسِ الأنصارِ، فجاء أبو موسى فَزِعًا، فقُلنا له: ما أفزعَك؟ قال: أمرني عُمَرُ أن آتيَهُ، فأتيتُه، فاستأذنتُ ثلاثًا، فلم يُؤذَنْ لي، فرجعتُ، فقال: ما منعكَ أن تأتيَني؟ قلتُ: قد جئتُ، فاستأذنْتُ ثلاثًا، فلم يُؤذَن لي، وقد قالَ رسولُ الله ﷺ: «إذا استأذَنَ أحَدُكُم ثلاثًا فلم يُؤذَنْ له فليَرْجِعْ»، قال: لتأتِيَني على هذا بالبيّنةِ، قال: فقال أبو سعيدٍ: لا يقُومُ معَكَ إلا أصغرُ القومِ، قال: فقامَ أبو سعيدٍ مَعَه، فَشَهِدَ لهُ (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات. ولم يسمع ربعيٌّ هذا الحديث من العامرى كما بيناه برقم (٥١٧٧).
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٨/ ٣٤٠ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٣١٢٧) مطولًا، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠٧٥) من طريق محمَّد بن جعفر، عن شعبة، به.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٦٢٤٥)، ومسلم (٢١٥٣) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢١٥٣) من طريق بكير ابن الأشج، عن بُسر بن سعيد، به.
وأخرجه بنحوه مسلم (٢١٥٣)، وابن ماجه (٣٧٠٦)، والترمذي (٢٨٨٥) من طريق أبي نَضرة المنذر بن مالك، عن أبي سعيد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨١٠). =

٥١٨١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ داودَ، عن طلحةَ بنِ يحيى، عن أبي بُردة
عن أبي موسى: أنه أتى عُمَرَ فاستأذَن ثلاثًا، فقال: يستأذنُ أبو موسى، يستأذِنُ الأشعرىُّ، يستأذِنُ عبدُ الله بنُ قيسٍ، فلم يَأْذَنْ له، فَرَجَعَ، فبعث إليه عُمَرُ: ما رَدَّكَ؟ قال: قال رسولُ الله ﷺ:«يستأذِنُ أحَدُكُم ثلاثًا، فإن أُذِنَ له، وإلا فليَرْجعْ» قال: ائتِني ببينةٍ على هذا، فذهبَ ثم رجَعَ، فقال: هذا أُبىٌّ، فقال أُبيٌّ: يا عُمَرُ، لا تكُن عَذَابًا على أصحابِ رسولِ الله ﷺ، فقال عُمَرُ: لا أكونُ عذابًا على أصحاب رسول الله ﷺ (١).


=وانظر ما سيأتي بالأرقام (٥١٨١ - ٥١٨٤).
وانظر حديث أنس بن مالك عند أحمد برقم (١٢٤٠٦).
قال الخطابي: وفي هذا الحديث دليل على لزوم التثبت في خبر الواحد لما يجوز عليه من السهو ونحوه، وفيه: أن العالم المستبحر في العلم قد يخفى عليه من العلم شيء يعرفه من هو دونه، والإحاطة لله تعالى وحده.
وقال ابن بطال: وحُكم عمرَ بخبر الواحد أشهر من أن يخفى، وقد قبل خبر الضحاك ابن سفيان وحده في ميراث المرأة من دية زوجها، وقبل خبر حَمَل بن مالك الهذلي الأعرابي في أن دية الجنين غرة عبد أو أمة؟ وقبل خبر عبد الرحمن بن عوف في الجزية وفي الطاعون، ولا يشك ذو لبِّ أن أبا موسى أشهر في العدالة من الأعرابي الهذلي.
(١) رجاله ثقات إلا أن فيه طلحةَ بن يحيى -وهو ابن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني- صدوق له أوهام، وقد خالف الرواية الصحيحة السالفة عند المصنف: أن الذي شهد مع أبي موسى عند عمر هو أبو سعيد الخدري وليس أبيًا، قال الحافظ في «الفتح» ١١/ ٢٩: هكذا وقع في هذه الطريق، وطلحة بن يحيى فيه ضعف، ورواية الأكثر أولى أن تكون محفوظة، ويمكن الجمع بأن أُبيّ بنَ كعب جاء بعد أن شهد أبو سعيد.
وأخرجه مسلم (٢١٥٤) (٣٧) من طريق الفضل بن موسى، وبإثر (٢١٥٤) (٣٧) من طريق علي بن هاشم، كلاهما عن طلحة بن يحيى، به.
وانظر ما قبله.

٥١٨٢ - حدَّثنا يحيى بنُ حَبيبٍ، حدَّثنا رَوحٌ، حدَّثنا ابنُ جُريج، أخبَرَني عطاءٌ، عن عُبيد بنِ عُمير
أن أبا موسى استأذَنَ على عُمَرَ، بهذه القِصَّةِ، قال فيه: فانطلقَ بأبي سعيدٍ، فشَهِدَ له، فقال: أخَفِيَ عليَّ هذا مِن أمرِ رسولِ الله ﷺ؟ أْلهَانِي الصَّفْقُ (١) بالأسْواقِ، ولكن سلِّم ما شِئْتَ ولا تستأذِنْ (٢).
٥١٨٣ - حدَّثنا زيدُ بنُ أخْزمَ، حدَّثنا عبدُ القاهر بنُ شُعيب، حدَّثنا هشامٌ، عن حُميد بنِ هِلالٍ، عن أبي بُردة بنِ أبي موسى
عن أبيه بهذه القِصَّةِ، قال: فقال عمرُ لأبي موسى: إني لم أتهِمْكَ، ولكنَّ الحديثَ عَن رسولِ الله ﷺ شَدِيدٌ (٣).
٥١٨٤ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ


(١) في (أ) و(ب): السَّفْقُ، بالسين، وكلاهما صحيح في لغة العرب.
(٢) إسناده صحيح. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه. يحيى بن حبيب: هو ابن عربي الحارثي، ورَوْح: هو ابن عبادة ابن العلاء القَيْسي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه البخاري (٢٠٦٢) و(٧٣٥٣)، ومسلم (٢١٥٣) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. دون قوله: ولكن سلَّم ما شئت ولا تستأذن.
وانظر ما سلف برقم (٥١٨٠).
وقوله: الصَّفق في الأسواق، وفي رواية: السفق بالسين: وهو التصرف في البيوعات.
(٣) إسناده قوي. عبد القاهر بن شعيب لا بأسَ به. هشام: هو ابن حسان الأزدي.
وأخرج هذه الزيادة ابن حبان في «صحيحه» (٥٨٠٦) من طريق عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي موسى. وإسنادها صحيح.
وانظر ما سلف برقم (٥١٨٠).

عن رَبيعَةَ بنِ أبي عبدِ الرحمن، وعن غيرِ واحدٍ من عُلمائهم في هذا: فقال عُمَرُ لأبي موسى: أمَا إني لم أتَّهِمْكَ، ولكن خشيتُ أن يتقوَّلَ الناسُ على رسولِ الله ﷺ (١).
٥١٨٥ - حدَّثنا هشامٌ أبو مروانَ ومحمدُ بنُ المثنَّى -المعنى، قالَ محمدُ ابنُ المثنى:- حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلم، حدَّثنا الأوزاعيُّ، سمعتُ يحيى بن أبي كثير يقولُ: حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ الرحمن بنِ أسعدَ بنِ زُرارةَ
عن قيس بن سعد، قال: زارَنا رسولُ الله ﷺ في منزلنا، فقال: «السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ» قال: فَرَدَّ سَعْدٌ ردًّا خفيًَّا، قال قيسٌ: فقلتُ: ألا تأْذَنُ لرسولِ الله ﷺ، فقال: ذَرْهُ يُكثر علينا مِن السَّلامِ، فقال رسولُ الله ﷺ: «السلامُ عليكم ورحمةُ الله» فردَّ سعدٌ ردًّا خفيًَّا، ثم قال رسولُ الله ﷺ: «السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ»، ثم رجَعَ رسولُ الله ﷺ، واتَّبعه سعدٌ، فقال: يا رسولَ الله ﷺ، إني كنتُ أسمع تسليمَك، وأردُّ عليك ردًَّا خفيًَّا، لتُكثِر علينا مِن السلامِ، قال: فانصرَفَ معه رسولُ الله ﷺ، فأمر له سَعْدٌ بغُسْل، فاغتسلَ، ثم ناوله ملحفةً مصبوغةً بزعفرانٍ، أو وَرْسٍ، فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله ﷺ يديه، وهو يقول: «اللَّهُمَّ اجعل صلوَاتِكَ ورحمتَكَ على آلِ سعْد بن عُبَادةَ»، قال: ثم أصابَ رسولُ الله ﷺ من الطعامِ، فلما أراد الإنصرافَ قرَّبَ له سعْدٌ حِمَارًا قد


(١) هو في «الموطأ» ٢/ ٩٦٤، قال أبو عمر بن عبد البر في «التمهيد» ١٩٠/ ٣: حديث ربيعة منقطع يتصل من وجوه حسان، وانظر تمام كلامه فيه.
وانظر ما سلف برقم (٥١٨٠).

وَطَّأ عليه بقطيفةٍ، فركِبَ رسولُ الله ﷺ، فقال سعْدٌ: يا قيسُ، اصحَبْ رسولَ الله ﷺ، قال قيسٌ: فقال رسولُ الله ﷺ: «اركبْ» فأبيتُ، ثم قال: «إمَّا أنْ تَرْكَبَ، وإما أن تنصَرِفَ» قال: فانصرفتُ (١).
قال هشامٌ أبو مروان: عن محمَّد بنِ عبدِ الرحمن بن أسعدَ بن زُرارةَ.
قال أبو داودَ: رواه عُمَرُ بنُ عبد الواحد وابنُ سماعةَ، عن الأوزاعي مرسلًا، لم يذكرا قيسَ بن سَعْدٍ.
٥١٨٦ - حدَّثنا مؤمَّل بن الفضْل الحرّانيُّ في آخرين، قالوا: حدَّثنا بقيةُ بن الوليد، حدَّثنا محمَّد بن عبد الرحمن
عن عبدِ الله بنِ بُسْرِ، قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا أتى بابَ قومِ لم يستقبلِ البابَ مِن تِلقاءِ وجهِه، ولكن مِن رُكْنه الأيمنِ أو الأيسرِ،


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، محمَّد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة لم يثبت له سماع من قيس بن سعد، قال المزي: الصحيح أن بينهما رجلًا، وقد جاء في بعض الروايات كما سيأتي أنه محمَّد بن شرحبيل وهو مجهول، وقال البخاري في «التاريخ»الكبير«١/ ١١٤: لم يصح إسناده.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٠٠٨٤) من طريق محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: محمَّد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وكلاهما قد قيل في اسم جده: سعْد وأسعد.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (٤٦٦) و(٣٦٠٤)، والنسائي (١٠٠٨٣) من طريق ابن أبي ليلى، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن محمَّد بن شُرَحْبيل، عن قيس سعد.
وهو في»مسند أحمد«(١٥٤٧٦) وانظر تتمه كلامنا عليه فيه.
وقد صحت قصة سعد بن عبادة من حديث أنس بسياق آخر غير هذا في» مسند أحمد" (١٢٤٠٦).

ويقول: «السلامُ عليكم، السلامُ عليكم»، وذلك أن الدُّورَ لم يكن عليها يومئذٍ سُتُورٌ١).

١٣٨ - باب الرجل يستأذِنُ بالدقِّ (٢)
٥١٨٧ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ، عن شُعبةَ، عن محمَّد بن المُنكَدِرِ
عن جابرِ: أنه ذهبَ إلى النبيِّ ﷺ في دَينِ أبيه، فدققْتُ البابَ، فقال: «من هذا؟» قلتُ: أنا، قال: «أنا أنا!» كأنَّه كرِهَهُ (٣).


(١) حديث صحيح، بقية -وهو ابن الوليد- قد صرح بالتحديث، وقد روي الحديث
من طريقين آخرين حسنين كما سيأتي. محمَّد بن عبد الرحمن هو ابن عِرْق اليحصبي.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ٨/ ٣٣٩ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٧٦٩٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٠٧٨)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ٢/ ٣٥١ من طرق عن بقية، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٧٦٩٢) من طريق إسماعيل بن عياش، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٨٨٢٢)، وفي «الآداب» (٢٥١) من طريق عثمان بن سعيد بن كثير، وفي «الشعب» (٨٨٢٣) من طريق يحيى بن سعيد العطار، ثلاثتهم عن محمَّد بن عبد الرحمن بن عِرق اليحْصُبي، به. واسناد طريقي ابن عياش وابن كثير حسنان.
(٢) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).
(٣) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وبِشر: هو ابن المُفَضَّل الرَّقَاشى.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠٨٧) من طريق بشر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٢٥٠)، ومسلم (٢١٥٥)، وابن ماجه (٣٧٠٩)، والترمذي (٢٩٠٨) من طرق عن شبة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٨٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٨٠٨).
قوله: «أنا أنا»، قال الخطابي في «أعلام الحديث». قوله: «أنا» لا يتضمن الجواب عما سأل، ولا يفيد العلم بما استعلَم، وكان الجواب أن يقول: أنا جابر، ليقع بتعريف الاسم تعيين الشخص الذي وقعت المسألة عنه، فلما قال أنا، لم يزد عليه، صار كأنه تعرف إلى نفسه، فاستقصره عليه، فكان ذلك معنى الكراهة. =

١٣٩ - باب الرجل يدقُّ الباب ولا يُسَلَّمُ (١)
٥١٨٨ - حدَّثنا يحيى بنُ أيوبَ المَقابريُّ، حدَّثنا اسماعيلُ -يعني ابنَ جعفر-، حدَّثنا محمدُ بنُ عَمرٍو، عن أبي سلمةَ
عن نافع بنِ عبدِ الحارثِ، قال: خرجتُ معَ رسولِ الله ﷺ حتى دخلتُ حائطًا، فقال لي: «أمْسِكِ البابَ»، فضُرِبَ البابُ، فقلت: من هذا؟ وساقَ الحديثَ (٢).
قال أبو داود: يعني حديثَ أبي موسى الأشعري: فدَقَّ البابَ.

١٤٠ - باب في الرجل يُدْعى أيكونُ ذلك إذنَه؟
٥١٨٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حبيبٍ وهشامٍ، عن محمَّدٍ


= وقال السندي في «حاشيته على المسند»: كرره تأكيدًا، وهو الذي يفهم منه الإنكار عُرفًا، وإنما كرهه لأن السؤال للاستكشاف ودفع الابهام، ولا يحصل ذلك بمجرد «أنا» إلا أن يضم إليه اسمه أو كنيته أو لقبه، نعم قد يحصل التعيين بمعرفة الصوت، لكنَّ ذاك مخصوص بأهل البيت، ولا يعمّ غيرهم عادةَ.
(١) هذا التبويب أثبتاه من (أ) و(هـ)، وهو في روايتي ابن العبد وابن داسه.
(٢) حديث صحيح، أبو سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف- لم يذكروا له سماعًا من نافع بن عبد الحارث، ومحمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقَّاص الليثي، تكلَّم فيه بعضهم من قبل حفظه، وقد وهم فيه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٠٧٧) من طريق إسماعيل بن جعفر، بهذا
الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٥٣٧٤). والصواب ما رواه أبو الزناد -وهو عبد الله ابن ذكوان-، عن أبى سلمة، عن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، عن أبي موسى الأشعري. أخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٦٥٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٧٦).
وتابع عبدَ الرحمن بن نافع عن أبي موسى: أبو عثمان النهدى عند البخارى (٣٦٩٥)، ومسلم (٢٤٠٣) (٢٨)، وسعيدُ بنُ المسيِّب عند البخاري (٧٠٩٧)، ومسلم (٢٤٠٣) (٢٩).

عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال: «رسولُ الرجُلِ إلى الرجلِ إذنُهُ» (١).
٥١٩٠ - حدَّثنا حسينُ بنُ مُعاذِ بن خُلَيفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن أبي رافعِ
عن أبي هريرة، أن رسولَ الله ﷺ -قال: «إذا دُعِىَ أحدُكم إلى طعامٍ فجاء مع الرسولِ، فإنَّ ذلك لهُ إذنٌ» (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وحبيب: هو ابن الشهيد، وهشام: هو ابن حسان، ومحمد: هو ابن سيرين.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٨٤٤٥) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠٧٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٨/ ٣٤٠ من طريق موسى بن إسماعيل، به.
وأخرجه ابن حبان (٥٨١١)، والبيهقي في «الكبرى» ٨/ ٣٤٠، وفي «شعب الايمان» (٨٤٤٤) من طريقين عن حماد، عن أيوب السختياني وحبيب بن الشهيد، عن محمَّد بن سيرين، به.
قال في «فتح الودود»: أي: لا يحتاج إلى الاستئذان إذا جاء مع رسوله، نعم لو استأذن احتياطًا كان حسنًا سيما إذا كان البيت غير مخصوص بالرجال، وقد أرسل رسول الله ﷺ أبا هريرة إلى أصحاب، فجاؤوا فاستأذنوا فدخلوا.
(٢) إسناده صحيح، وإعلال أبى داود الحديث بأن قتادة -وهو ابن دعامة السدوسي- لم يسمع من أبي رافع -وهو نفيع بن رافع الصائغ-، قد تعقبه الحافظ في «الفتح» ١١/ ٣١ - ٣٢ فقال: كذا قال، وقد ثبت سماعُه منه عند البخارى (٧٥٥٤)، وللحديث مع ذلك متابع. وهو الحديث الذي قبله عند المصنف. وقال في «تهذيب التهذيب» ٣/ ٤٢٩: كأنه (أي: أبا داود) يعنى حديثًا مخصوصًا، وإلا ففي «صحيح البخاري» تصريح بالسماع منه، وكذلك قال في «تغليق التعليق» ٥/ ١٢٣.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠٧٥) من طريق عبد الأعلى، بهذا الاسناده. =

قال أبو داود: يُقال: إن قتادةَ لم يسمَعْ مِن أبي رافعٍ شيئًا.

١٤١ - باب الاستئذان في العَوْرَات الثلاث
٥١٩١ - حدَّثنا ابنُ السّرْح، قال: حدَّثنا. وحدَّثنا محمدُ بن الصبَّاح بن سفيان وأحمدُ بنُ عبدة -وهذا حديثُه- قالا: أخبرنا سفيانُ، عن عُبيدِ الله بنِ أبي يزيدَ
سَمِعَ ابنَ عباس يقول: لم. يُؤْمِنْ (١) بها أكثرُ الناسِ آيةُ الإذنِ، وإني لآمُرُ جاريتي هذه تستأذِنُ عليَّ (٢).


= وأخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (١٧) من طريق رَوْح بن عبادة، وأحمد في «مسنده» (١٠٨٩٤)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٥٨٧)، والبيهقي في «الكبرى» ٤/ ٣٤٥ من طريق عبد الوهاب الخفَّاف، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. وعلقه البخاري قبل الحديث (٦٢٤٦).
وأخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٦٤٦ عن أبي بكر بن عياش، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٠٧٤) عن شعبة، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: إذا دعي الرجل، فقد أُذِنَ له. وهذا سند صحيح موقوفًا.
وقد يعارضه ما أخرجه البخاري (٦٢٤٦) من حديث مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت مع رسول الله ﷺ، فوجد لَبَنًا فى قدح، فقال: «أبا هِرٍّ الحَق أهل الصُّفَّةِ فادعُهُم إلَيَّ» قال: فأتيتهم فَدَعَوْتُهُم فأقبَلُوا فاستأذَنُوا فَأُذِنَ لَهُم فَدَخَلُوا.
قال البيهقي في «الكبرى» بإثر الحديث ٤/ ٣٤٠: وهذا عندي والله أعلم فيه إذا لم يكن في الدار حرمة، فإن كان فيها حرمة فلا بد من الاستئذان بعد نزول آية الحجاب.
وله وجوه أخرى في الجمع ذكرها الحافظ في «الفتح» ١١/ ٣٢.
(١) المثبت من (أ)، وفي بقية أصولنا الخطية: لم يؤَمَر، والمثبت هو الموافق لرواية البيهقي بلفظ: آية لم يؤمن بها أكثر الناس. وما ورد في أصولنا الخطية من قوله: لم يُؤمر، قال العظيم آبادي: هو غير ظاهر.
(٢) رجاله ثقات. ابن السّرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله الأموي، وسفيان: هو ابن عيينة. =

قال أبو داود: وكذلك رواه عطاءٌ عن ابنِ عباس: يأمُرُ به.
٥١٩٢ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمدٍ- عن عَمرِو بنِ أبي عَمرٍو
عن عِكرمة أن نَفَرًا من أهلِ العراق قالوا: يا ابنَ عباس، كيفَ ترى في هذهِ الأيةِ التي أُمِرنا فيها بما أُمِرنا ولا يعمل بها أحدٌ، قولُ الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ﴾ قرأ القعنبىُّ الى ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور: ٥٨].
قال ابنُ عباس: إن الله حليمُ رحيمٌ بالمؤمنين، يُحب السَّترَ، وكان الناسُ ليس لبيوتهم سُتُورٌ ولا حِجَالٌ، فربما دخل الخادِمُ أو الولدُ أو يتيمةُ الرجلِ، والرجلُ على أهلِه، فأمرهم اللهُ بالاستئذان في تلك العَوراتِ، فجاءهم اللهُ بالسُّتورِ والخيرِ، فلم أرَ أحدًا يعمَلُ بذلك بَعْدُ (١).


= وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ٩٧ من طريق سفيان، بهذا الإسناد. بلفظ: آية لم يؤمن بها أكثر الناس آية الاذن، وإني آمر هذه -جارية له قصيرة قائمة على رأسه- أن تستاذن عليٍّ.
وقوله: «لم يؤمن بها أكثر الناس»: أنهم لا يعملون بها فكأنهم لا يؤمنون بها، وكأن ابن عباس رضي الله عنه كان يرى أولًا ذلك ثم رجع عنه، كما سيأتي عنه في الحديث الآتي.
(١) رجاله ثقات.
وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» ١٦/ ٢٣٣ - ٢٣٤ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ٩٧ من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به.
قوله: «ولا حِجَال»: جمع حَجَلَة بفتحتين، وهي بيت كالقبة يُستر بالثياب يجعلونها للعروس. =

قال أبو داود: حديثُ عُبيدِ الله وعطاء يُفْسِدُ هذا الحديثَ١).

١٤٢ - باب في إفشاء السلام
٥١٩٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شُعيبٍ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «والذي نَفْسِي بيدِهِ، لا تدخُلُوا الجنَّةَ حتى تُؤمِنُوا، ولا تُؤمِنوا حتى تحابُّوا، أفلا أدلُكُم على أمرٍ إذا فعلتُمُوهُ تحاببتُم؟ أفشُوا السَّلام بينكُم» (٢).


= قال ابن الجوزي في «زاد المسير» بتحقيقنا ٦/ ٦٢: وأكثر علماء المفسرين على أن هذه الآية محكمة، وممن روي عنه ذلك: ابن عباس، والقاسم بن محمَّد، وجابر ابن زيد، والشعبي، وحكى عن سعيد بن المسيب أنها منسوخة بقوله «واذا بلغ الأطفال منكم الحُلم فليستاذنوا»، والأول أصح؛ لأن معنى هذه الآية: واذا بلغ الأطفال منكم، أو من الأحرار الحلم، فليستأذنوا، أي: في جميع الأوقات في الدخول عليكم ﴿كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾: يعني: كما استأذن الأحرار الكبار، الذين هم قبلهم في الوجود، وهم الذين أمروا بالاستئذان على كل حال، فالبالغ يستأذن في كل وقت، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث.
(١) جاء في هامش (هـ) ما نَصُّه: حديث عُبيد الله وعطاء يفسّر هذا الحديث.
والمثبت من النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، وذكر أن كلمة: يفسّر، هنا، من بعض النسخ، وأنه لا يظهر معناها.
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو صالح: هو ذَكْوان السمان.
وأخرجه مسلم (٥٤)، وابن ماجه (٦٨) و(٣٦٩٢)، والترمذي (٢٨٨٣) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٠٨٤)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٦).
وقوله: لا تدخلوا ولا تؤمنوا. كذا وقع عند أبي داود وفي أكثر المصادر بحذف النون، والجادة إثباتها، لأن لا هنا حرف نفي لا نهي، وقالوا: حذفت النون للتخفيف، وقد جاءت الرواية بإثباتها في «مسند أحمد» (٩٠٨٤) و(٩٧٠٩).

٥١٩٤ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بنِ أبي حبيبٍ، عن أبي الخير
عن عبدِ الله بنِ عمرو: أنَّ رجلًا سألَ رسولَ الله ﷺ: أَيُّ الإِسلامِ خيرٌ؟ قال: «تُطعِم الطعَامَ، وتقرَأ السلامَ على مَن عرقتَ ومَن لم تَعرِفْ» (¬١).

١٤٣ - باب كيف السلام؟
٥١٩٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا جعفرُ بنُ سليمانَ، عن عَوفٍ الأعرابي، عن أبي رجاءٍ
عن عِمرانَ بنِ حُصَين، قال: جاء رجُلٌ إلى النبيَّ- ﷺ، فقال: السلامُ عليكُم، فردَّ عليه، ثم جلَسَ، فقال النبي-ﷺ: «عشرٌ»، ثُمَّ جاء آخرُ، فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ الله، فردَّ عليه، فجلسَ، فقال: «عِشْرونَ»، ثم جاء آخرُ، فقال: السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه، فردَّ عليه، فجلسَ، فقال: «ثلاثونَ» (٢).


(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد المصري، وأبو الخير: هو مَرْثَد بن عبد الله اليَزَني.
وأخرجه البخاري (٢٨)، ومسلم (٣٩)، والنسائي في «المجتبى» (٥٠٠٠) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٢) و(٦٢٣٦)، ومسلم (٣٩)، وابن ماجه (٣٢٥٣) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٨١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٠٥).
(٢) إسناده قوي. جعفر بن سليمان -وهو الضُّبَعي- صدوقٌ حسن الحديث.
محمَّد بن كثير: هو العَبْدي، وعوف الأعرابي: هو ابن أبي جَميلة، وأبو رَجَاء: هو عِمران بن مِلْحان. =

٥١٩٦ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ سُوَيْدٍ الرمليُّ، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، قال: أظنُّ أني سمعتُ نافعَ بنَ يزيدَ، أخبرني أبو مَرحُومٍ، عن سهلِ بنِ مُعاذ بنِ أنسٍ
عن أبيه، عن النبيَّ- ﷺ، بمعناه، زاد: ثم أتى آخرُ، فقال: السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاته ومغفِرَتُه، فقال: «أربعون»، وقال: «هكذا تكون الفضائلُ» (¬١).

١٤٤ - باب فضل مَن بدأ السلامَ
٥١٩٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس الذُّهْلىُّ، حدَّثنا أبو عاصم، عن أبي خالدٍ وهب، عن أبي سفيانَ الحمصيِّ


= وأخرجه الترمذي (٢٨٨٤) من طريق محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩٤٨).
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري في «الأدب المفرد» (٩٨٦)، وصححه ابن حبان (٤٩٣).
وآخر عن معاذ بن أنس سيأتي بعده. وانظر تتمة شواهده في «المسند».
(١) ضعيف بهذه الزيادة. أبو مرحوم: هو عبدُ الرحيم بن ميمون المدني ضعَّفه ابنُ معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحتج به. ابن أبي مريم: هو سعيد الجُمَحيُّ مولاهم.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٨٤٨٦) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» ٢٠/ (٣٩٠) من طريق يحيى بن أيوب العلاف المصري، عن سعيد بن أبي مريم، به. دون هذه الزيادة، وقال في روايته: «أربعون» بدلًا من: «ثلاثون». وانظر ما قبله.
وذكر الحافظ في الفتح، ١١/ ٦ جملة آثار ضعيفة في الزيادة على «وبركاته» ثم قال: وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على «وبركاته».

عن أبي أُمامةَ، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ أولى النَّاسِ بالله مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلام» (¬١).

١٤٥ - باب مَنْ أولى بالسلام؟
٥١٩٨ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن همام بن مُنبّه
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «يُسَلَّمُ الصَّغيرُ على الكبِيرِ، والمارُّ على القاعِدٍ، والقَلِيلُ على الكثيرِ» (٢).
٥١٩٩ - حدَّثنا يحيى بنُ حبيب بنِ عربئّ، أخبرنا رَوحٌ، حدَّثنا ابنُ جُريجٍ، أخبرني زيادٌ، أن ثابتًا مولى عبدِ الرحمن بن زَيدٍ أخبره


(١) إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وأبو خالد: هو وَهْب بن خالد الحِمْيري، وأبو سفيان الحِمْصيِ: هو محمَّد بن زياد الألْهاني.
وأخرجه الترمذي (٢٨٨٩) من طريق سُليم بن عامر، عن أبي أمامة، بلفظ: قيل لرسول الله ﷺ: الرجلان يلتقيان، أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: «أولاهما بالله». وقال: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢١٩٢).
قال الطيبي: أي أقرب الناس من المتلاقيين إلى رحمة الله من بدأ بالسلام، وقال افووي في «الأذكار»: وينبغي لكل أحد من المتلاقيين أن يحرص على أن يبتدئ بالسلام لهذا الحديث.
(٢) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد.
وهو في«مصنف عبد الرزاق» (١٩٤٤٥).
وأخرجه البخاري (٦٢٣١)، والترمذي (٢٩٠١) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٢٣٤) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٨١٦٢).
وانظر ما بعده.

أنه سمع أبا هريرةَ يقول: قال رسولُ الله ﷺ: «يُسلِّمُ الراكبُ على الماشِي» ثم ذكر الحديثَ١).

١٤٦ - باب الرجل يُفارِقُ صاحبَه، ثم يلْقاهُ، يُسلّم عليه؟
٥٢٠٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهَمْدَانِيُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني معاويةُ ابنُ صالحٍ، عن أبي مريمَ
عن أبي هريرة، قال: إذا لقيَ أحدُكُم أخاه فليُسلم عليهِ، فإن حالت بينهما شجرةٌ أو جِدَارٌ أو حجرٌ، ثم لقيَهُ، فليُسلم عليه (٢).


(١) إسناده صحيح. رَوْح: هو ابن عُبادة القَيسي، وابن جُرَيج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وزيادُ: هو ابن سَعد بن عبد الرحمن الخُراساني.
وأخرجه البخاري (٦٢٣٣)، ومسلم (٢١٦٠) من طريقين عن روح، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٢٣٢)، ومسلم (٢١٦٠) من طريقين عن ابن جريج، به.
وأخرجه الترمذي (٢٩٠٠) عن محمَّد بن المثنى وإبراهيم بن يعقوب، عن رَوح ابن عبادة، عن حبيب بن الشهيد، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣١٢).
وانظر ما قبله.
(٢) المرفوع إسناده صحيح، والموقوف رجاله ثقات، لكن جاء في بعض الروايات عن أبي داود في إسناد الحديث بين معاوية بن صالح -وهو الحضرمي- وبين أبي مريم -وهو الأنصاري- رجلٌ اسمُه أبو موسى، ولم يرد ذكره في روايتي ابن العبد وابن داسه وغيرهما- قال المزي في «تحفة الأشراف» (١٣٧٩٣): وهو أشبه بالصواب ووافقه الحافظ ابن حجر في «النكت الظراف». قلنا: ولم يرد ذكره عندنا في (أ) و(هـ). ولا في مصادر تخريج الحديث.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠١٠)، وأبو يعلى (٦٣٥٠)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٨٤٦٨) من طريق عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي مريم، به فأسقط من إسناده أبا موسى. =

قال معاويةُ: وحدَّثني عبدُ الوهَّاب بن بُخْتٍ، عن أبي الزِّنادِ،
عن الأعرج عن أبي هريرة، عن رسولِ الله ﷺ مثلَه سواء.
٥٢٠١ - حدَّثنا عباسٌ العَنْبريُّ، حدَّثنا أسودُ بنُ عامرٍ، حدَّثنا حسنُ بنُ صالحٍ، عن أبيه، عن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباسٍ
عن عمر: أنه أتى النبيَّ ﷺ، وهو في مشرَّبَةٍ له، فقال: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله، السلام عليكم، أيدخُلُ عمرُ؟١).

١٤٧ - باب في السلام على الصبيانِ
٥٢٠٢ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا سليمانُ -يعني ابنَ المغيرةٍ- عن ثابتٍ، قال:


= وفي الباب عن أنس بن مالك، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله ﷺ فتفرق بيننا شجرة، فإذا التقينا سلم بعضُنا على بعض. قال الحافظ في «التلخيص الحبير» ٤/ ٦٤: رواه الطبراني بإسناد حسن. قلنا: هو في «معجم الطبراني الأوسط» (٧٩٨٧) عن موسى بن هارون، حدَّثنا سهل بن صالح الأنطاكي، قال: رأيت يزيد بن أبي منصور، فقال: حدَّثنا أنس بن مالك، ورواه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠١١) عن موسى ابن إسماعيل، حدَّثنا الضحاك بن نَبَراس، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك ... قال الطيبي: فيه حث على إفشاء السلام، وأن يكرر عند كل تغيير حال ولكل جاءٍ وغادٍ.
(١) إسناده صحيح. عباس العَنْبَري: هو ابن عبدِ العظيم بن إسماعيل.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠٨٠) من طريق أسود بن عامر، و(١٠٠٨١) منْ طريق يحيى بن آدم، كلاهما عن حسن بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه بأتم منه النسائي (٩١١٢) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس.

قال أنسٌ: أتى رسولُ الله ﷺ على غلمانٍ يلعبُونَ، فسلَّم عليهم (١).
٥٢٠٣ - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا خالدٌ -يعني ابنَ الحارثِ- حدَّثنا حُميدٌ، قال:
قال أنسٌ: انتهى إلينا رسولُ الله ﷺ-ِ وأنا غلام في الغِلْمَانِ، فسَلَّم علينا، ثم أخذَ بيدي، فأرسلني برسالةٍ، وقعد في ظلِّ جِدارٍ -أو قال: إلى جدارٍ- حتى رجعتُ إليهِ (٢).


(١) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسْلم البُنانيُّ.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٠٩٠) من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الاسناد.
وأخرجه البخاري (٦٢٤٧)، ومسلم (٢١٦٨)، والترمذي (٢٨٩١)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠٨٩) من طريق سَيَّار بن أبو سَيَّار العَنَزي، والترمذي (٢٨٩٢)، والنسائي (٨٢٩١) و(١٠٠٨٨) من طريق جعفر بن سُليمان الضُّبَعي، كلاهما عن ثابت، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٧٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٩).
وانظر ما بعده.
قال ابن بطال: في السلام على الصبيان تدريبُهم على آدابِ الشريعة، وفيه طرحُ الأكابر رداءَ الكبر، وسلوك التواضع ولين الجانب.
(٢) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمَّد العَنَزي، وحُمَيد: هو ابن أبي حُمَيد الطويل.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (٣٧٠٠) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حميد، به.
وأخرجه مسلم (٢٤٨٢) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت بن أسلم، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٦٠).
وانظر ما قبله.

١٤٨ - باب السلام على النساء
٥٢٠٤ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينة، عن ابنِ أبي حُسينٍ، سمعه مِن شهر بنِ حوشَبٍ يقول:
أخبرته أسماءُ ابنةُ يزيدَ: مرَّ علينا النبيُّ ﷺ -في نِسوةٍ، فسلَّم علينا١).

١٤٩ - باب السلام على أهل الذمة
٥٢٠٥ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ
عن سهيل بن أبي صَالحٍ، قال: خرجتُ مع أبي إلى الشّامِ، فجعلوا يمرُّونَ بصوامِعَ فيها نصارى فيسلِّمُونَ عليهم، فقال أبي: لا


(١) حديث حسن، شهر بن حوشب -وإن كان فيه ضعف- قد توبع، وبقية رجاله ثقات. ابن أبي حُسَيْن: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٠١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٨٩٣) من طريق عبد الحميد بن بَهْرام، عن شَهْر بن حوشب، به. وفي روايته: أن النبي-ﷺ أشار بالتسليم-ولم يتابع شهرًا عليها أحدٌ- وهي ضعيفة. وقال: حديث حسن.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٠٤٨)، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (٤٦٤)، وفي «مسند الشاميين» (١٤٢٦)، وتمَّام في «فوائده» (٧٩١ - الروض البسام) من طريق محمَّد بن مهاجر، عن أبيه مهاجر مولى أسماء بنت يزيد، عن أسماء بنت يزيد. وهذا إسناد حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٥٦١).
وله شاهد من حديث جرير بن عبد الله عند أحمد (١٩١٥٤). وإسناده ضعيف.
وانظر حديث سهل بن سعد عند البخاري (٦٢٤٨).
وقد بسط الحافظ أقوال الفقهاء في مسألة تسليم الرجال على النساء في «الفتح» ١١/ ٣٤ - ٣٥ فانظرها.

تبدؤوهم بالسَّلامِ، فإن أبا هريرة، حدَّثنا عن رسول الله ﷺ قال: «لا تبدؤُوهُم بالسَّلامِ، وإذا لقيتُمُوهم في الطَّرِيقِ فاضطرُّوهُم إلى أضيقِ الطرِيقِ» (١).
٥٢٠٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ مُسلم- عن عبدِ اللهِ بنِ دينار
عن عبدِ الله بنِ عُمر، أنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ اليهودَ إذا سلمَ عليكُم أحدُهُم فإنَّما يقول: السَّامُ عليكم، فقولوا: وعليكُم» (٢).
قال أبو داود: وكذلك رواه مالكٌ، عن عبدِ الله بنِ دينار. ورواه الثورىٌّ، عن عبد الله بن دينار، قال فيه: «وعليكم» (٣).


(١) إسناده صحيح. حَفْص بن عُمر: هو ابن الحارث الحَوضي، وأبو صالح: هو ذكوان الزيَّات.
وأخرجه مسلم بإثر (٢١٦٧) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢١٦٧)، والترمذي (١٦٩٤) و(٢٨٩٧) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٥٦١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٠٠) و(٥٠١).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٩٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٣٩) من طريق سفيان الثررى، ومسلم (٢١٦٤)، والترمذي (١٦٩٥)، والنسائي (١٠١٣٨) من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن عبد الله بن دينار، به. وروايتهم دون النسائي في الموضع الأول بلفظ: «عليك».
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٦٣) و(٤٦٩٨).
(٣) وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٦٠، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦٩٢٨). بلفظ: «عليك». وهو في«المسند» (٤٦٩٩).

٥٢٠٧ - حدَّثنا عمرو بنُ مرزوقٍ، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ
عن أنسٍ: أن أصحابَ النبيَّ ﷺ قالوا للنبيّ: إنَّ أهلَ الكتابِ يُسَلِّمون علينا، فكيفَ نرُدُّ عليهِمْ؟ قال: «قولوا: وعليكم» (١).


= وأخرجه البخاري (٦٢٥٧) من طريق مالك بن أنس، ومسلم (٢١٦٤) (٩)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٤٠) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، كلاهما عن عبد الله بن دينار، به. ولفظ البخاري ومسلم: «وعليك»، والنسائي بلفظ: «وعليكم».
وهو في «مسند أحمد» (٥٢٢١) و(٥٩٣٨)، و«صحيح ابن حبان»، (٥٠٢).
قال السندى في «حاشيته على المسند»: السام: هو بألف لينة: هو الموت، وقيل: الموت العاجل، وجاءت الروايةُ في الجواب بالواو وحذفها، فالحذف لرد قولهم عليهم؛ لأن مرادهم الدعاء على المؤمنين، فينبغي للمؤمنين ردُّ ذلك الدعاء عليهم، وأما الواو: فإما استئنافية ذكرت تشبيهًا بالجواب، والمقصود هو الرد، هاما للعطف، والمراد إلاخبار بأن الموت مشترك بين الكل غير مخصوص بأحد، فهو رد بوجه آخر، وهو أنهم أرادوا بهذا الدعاء إلحاق الضرر مع أنهم مخطئون في هذا الاعتقاد، لعموم الموت للكل، ولا ضرر بمثله، والله تعالى أعلم.
(١) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه مسلم (٢١٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٤٦) و(١٠١٤٧) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٩٧)، والترمذي بنحوه (٣٥٨٥) من طريقين عن قتادة، به.
وأخرجه بمعناه البخاري (٦٢٥٨)، ومسلم (٢١٦٣) (٦) من طريق عبيد الله بن أبي بكر، والبخاري (٦٩٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٤٥) من طريق هشام بن زيد بن أنس، كلاهما عن أنس بن مالك.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٤١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٠٣).

قال أبو داود: وكذلك روايةُ عائِشَةَ وأبي عبدِ الرحمن الجُهنىّ وأبي بَصْرَةَ الغفاريّ١).

١٥٠ - باب في السَّلامِ إذا قامَ مِن المجلس
٥٢٠٨ - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبل ومُسَدَّدٌ، قالا: حدَّثنا بِشرٌ -يعنيان ابنَ المُفَضَّل- عن ابنِ عجلانَ، عن المقبُرِىّ- قال مُسَدَّدٌ: سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري-
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا انتهى أحدُكم إلى المجلس فليُسَلِّم، فإذا أرادَ أن يقومَ فليُسَلِّم، فليست الأولى بأحقَّ مِن الآخِرَة» (٢).


(١) حديث عائشة أخرجه البخاري (٢٩٣٥)، ومسلم (٢١٦٥)، وابن ماجه (٣٦٩٨)، والترمذي (٢٨٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٤١). وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٤١).
وحديث أبي عبد الرحمن الجُهني أخرجه ابن ماجه (٣٦٩٩). وهو في «مسند أحمد» (١٧٢٩٥).
وحديث أبي بصرة أخرجه النسائي في «الكبرى» (١٥١٤٨). وهو في المسند، (٢٧٢٣٥).
(٢) حديث صحيح. ابن عجلان -وهو محمَّد- وان كان ينحط عن رتبة الصحيح قد توبع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الترمذي (٢٩٠٣) من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.
وتابعه يعقوبُ بن زيد الأنصاري فيما أخرجه البخاري في«الأدب المفرد» (٩٨٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٢٨)، «وابن حبان» (٤٩٣) عن سعيد المقبرى، به. =

١٥١ - باب كراهية أن يقول: عليك السلام
٥٢٠٩ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو خالِدِ الأحمرُ، عن أبي غِفَارٍ، عن أبي تميمةَ الهُجيميّ
عن أبي جُرَىٍّ الهُجَيْمِيِّ، قال: أتيتُ النبي-ﷺ، فقلت: عليكَ السلامُ يا رسولَ الله ﷺ، قال:«لا تَقُل: عليكَ السَّلامُ، فإنَّ عليك السلامُ تحيةُ الموتى» (¬١).

١٥٢ - باب ما جاء في رَدِّ الواحِد عن الجماعةِ
٥٢١٠ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ إبراهيمَ الجُدِّىُّ، حدَّثنا سعيدُ بنُ خالدِ الخُزَاعِيُّ، حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ الفَضْل، حدَّثنا عُبيدُ الله بن أبي رافع عن عليٍّ بنِ أبي طالب -قال أبو داود: رفعه الحسنُ بنُ علي-
قال: «يُجزِئ عن الجماعةِ، إذا مرُّوا، أن يُسَلِّمَ أحَدُهُم، ويُجزىّ عنِ الجلوسِ أن يرُدَّ أحدُهم» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٧١٤٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٩٤ - ٤٩٦). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في «المسند».
وقوله: «فليست الأولى بأحق من الآخرة، قال السندي في»حاشيته على «المسند» أي: هما جميعًا سُنَّةٌ حقيقةٌ بالعمل بها، فلا وجه لترك الثاني مع إثبات الاوَّل.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوى من أجل أبي غِفار -واسمه المثنى بن سعيد أو سعْد الطائي- ومن أجل أبي خالد إلاحمر -وهو سليمان بن حيان- فهما صدوقان لا بأس بهما. لكنهما قد توبعا. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان.
وقد سلف تخريجه ضمن حديث مطول برقم (٤٠٨٤).
(٢) إسناده ضعيف لضعف سعيد بن خالد الخُزَاعي، فقد ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وسُئِلَ الدارقطني عنه فذكره، ثم قال: والحديث غير ثابت، تفرد به سعيد بن خالد المدني، عن عبد الله بن الفضل. وسعيد بن خالد ليس بالقوي. =

١٥٣ - باب في المصافحة
٥٢١١ - حدَّثنا عمرُو بنُ عَونٍ، أخبرنا هُشَيْمٌ، عن أبي بَلْجٍ، عن زيدٍ أبي الحكم العَنَزِيَّ عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا التقَى المُسْلِمان، فتصافحا، وحَمِدا الله عز وجل واستَغْفَرَاه، غُفر لهما» (١).
٥٢١٢ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو خالدٍ وابنُ نُمير، عن الأجلحِ، عن أبي إسحاق
عن البراء، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما مِن مُسلِمَينِ يلتقيانِ، فيتصافحان، إلا غُفِر لهُما قبلَ أن يَفْتَرِقا» (٢).


= وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٩/ ٤٨ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الضياء في «المختارة» (٦٢٠)، والمزي في ترجمة سعيد بن خالد الخزاعي المدني من «تهذيب الكمال» ١٥/ ٤١١ من طريق الحسن بن علي، به.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٥٣٤)، وأبو يعلى في «مسنده» (٤٤١)، وابن السنّى في «عمل اليوم والليلة» (٢٢٤) من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن سعيد بن خالد، به.
(١) صحيح لغيره دون قوله: «وحمدا الله عز وجل»، وهذا إسناد ضعيف لجهالة زيد أبي الحكم العَنَزي تفرد بالرواية عنه أبو بَلْج -وهو يحيى بن سُلَيم الفَزَارىُّ-، وقال الذهبي: لا يُعرف، وقد اختلف فيه على أبي بلج كما بسطناه في تعليقنا على الحديث في المسند«(١٨٥٩٤). هُشَيم: هو ابن بشير.
وانظر ما بعده.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. الأجلَح -وهو ابن عبد الله الكِنْدي- ضعيف يعتبر به، وذكر الذهبي في»الميزان" أن هذا الحديث من أفراده. أبو خالد: هو سليمان بن حيان، وابن نمير: هو عبد الله الهمداني الخارفي، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله السبيعي. =

٥٢١٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا حميد
عن أنس بنِ مالك، قال: لما جاءَ أهلُ اليمن قال رسولُ الله ﷺ عم: «قد جاءكم أهلُ اليمنِ وهُمْ أولُ مَن جاءَ بالمُصَافَحَةِ» (¬١).

١٥٤ - باب في المُعَانقة
٥٢١٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا أبو الحسين هُو خالدُ بنُ ذكرانَ، عن أيوبَ بنِ بُشَير بنِ كَعْب العَدَوِىّ
عن رجلٍ من عَنَزة، أنه قال لأبي ذَرٍّ حيث سُيرَ من الشام: إني أُريد أن أسألك عن حديثٍ مِنْ حديثِ رسولِ الله ﷺ، قال: إذًا أُخبِرَك به إلا أن يكونَ سِرًّا، قلت: إنه ليسَ بسرِّ، هل كان رسولُ الله ﷺ يُصَافِحُكُم إذا لقيتُموه؟ قال: ما لقيتُهُ قطُّ إلا صافحني، وبعثَ


= وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٦١٩، وعنه أخرجه ابن ماجه (٣٧٠٣). وأخرجه الترمذي (٢٩٢٨) من طريق عبد الله بن نمير، به. وقال: هذا حديث غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥٤٧). وانظر تمام كلامنا عليه فيه.
ويشهد له حديث أنس بن مالك عند أحمد في «مسنده» (١٢٤٥١). وذكرنا بقية الشواهد فيه.
وانظر ما قبله.
(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٢١٢) و(١٣٦٢٤)، وفي «فضائل الصحابة» (١٦٥٧)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٦٧) من طرق عن حماد، بهذا الإسناد.
وجاء في رواية عند أحمد (١٣٦٢٤) أن القائل: «هم أول من جاء بالمصافحة» هو أنس رضي الله عنه.

إليَّ ذاتَ يومٍ، ولم أكُنْ في أهلي، فلما جئتُ أُخبرتُ أنه أرسَلَ إليَّ، فأتيتُه وهو على سريرِه فالتزمَنِي، فكانت تلك أجْوَدَ وأجْوَدَ١).

١٥٥ - باب في القيام
٥٢١٥ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن سعْدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي أُمامة بن سهلِ بنِ حُنيف
عن أبي سعيدِ الخدري: أنَّ أهلَ قُريظَةَ لما نزلُوا على حُكم سعْدٍ أرسلَ إليهِ النبيَّ ﷺ فجَاءَ على حِمارِ أقْمَرَ، فقال النبيَّ ﷺ: «قوموا إلى سَيِّدِكم- أو: إلى خيرِكُم-» فجاء حتى قعَدَ إلى رسولِ الله ﷺ (٢).


(١) إسناده ضعيف لجهالة العَنَزي. حماد: هو ابن سلمة البصري.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢١٤٤٤) و(٢١٤٧٦) من طريق حمّاد، و(٢١٤٤٣)
من طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن أبي الحسين خالد بن ذكوان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (٤٧٣) عن حماد بن سلمة، عن أبي الحسين، عن أيوب بن بُشير أو رجل آخر، عن قاضي أهل مصر، أو قاصّ -شكَّ أيوب بن بُشير- أنه قال لأبى ذر ... فذكره.
وثبتت مشروعية المصافحة في غير هذا الحديث، كحديث أنس السالف قبله.
(٢) إسناده صحيح. حَفْص بن عُمر: هو ابن الحارث الحوضي.
وأخرجه البخاري (٣٠٤٣) و(٦٢٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٠٥) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١١٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٢٦).
وانظر ما بعده.
وقوله: على حمار أقمر: هو الشديد البياض، والأنثى قمراء.
قال الخطابي: فيه من العلم أن قول الرجل لصاحبه: يا سيدي غير محظور إذا كان صاحبه خيرًا فاضلًا، وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر. =

٥٢١٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، عن شُعبة، بهذا الحديثِ، قال؟ فلما كانَ قريبًا مِنَ المَسجْدِ قال للأنصارِ: «قومُوا إلى سَيِّدِكُم» (١).
٥٢١٧ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ وابنُ بشَارٍ، قالا: حدَّثنا عثمانُ بنُ عُمَرَ، أخبرنا إسرائيلُ، عن ميسرةَ بنِ حبيبٍ، عن المنهال بنِ عمرو، عن عائشةَ بنتِ طلحةَ


= وفيه أن قيام المرؤوس للرئيس الفاضل، وللوالي العادل، وقيام المتعلم للعالم، مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف أهل هذه الصفات، ومعنى ما روي من قوله: «من أحب أن يستجم له الرجال صفوفًا» هو أن يأمرهم بذلك، ويلزمهم إياه، على مذهب الكبْر والنخوة.
ومعنى «يستجم» أي: يجتمعون له في التي م عنده، ويحبسون أنفسهم عليه.
وقوله: «من أحب أن يستجم» حديث صحيح سيأتي عند المصنف برقم (٥٢٢٩).
وقال الإِمام النووي في «الأذكار»: وأما إكرام الداخل بالقيام فالذي نختاره أنه مستحب لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية ونحو ذلك، ويكون هذا القيم للبر والاكرام والاحترام، لا للرياء والأعظام، وعلى هذا استمر عمل السلف والخلف.
وفي الحديث دليل على أن من حكَّم رجلًا في حكومة بينه وبين غيره، فرضيا بحكمه: كان ما حكم به ماضيًا عليهما إذا وافق الحق.
(١) إسناده صحيح. محمَّد بن جعفر: هو الهُذَلي المعروف بغُندَر.
وأخرجه البخاري (٤١٢١)، ومسلم (١٧٦٨) عن محمَّد بن بشار، بهذا الاسناد.
وأخرجه مسلم (١٧٦٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٦٥) من طرق عن محمَّد ابن جعفر، به.
وأخرجه البخاري (٣٨٠٤)، ومسلم بإثر (١٧٦٨) (٦٤) من طريقين عن شعبة، به. وانظر ما قبله.

عن أُمِّ المؤمنين عائشةَ، أنها قالت: ما رأيتُ أحَدًا كان اْشْبَهَ سَمْتًا وهَدْيًا ودَلأً -وقال الحسن: حديثًا وكلامًا، ولم يذكر الحسنُ السمتَ والهدْيَ والدَّلَّ- برسولِ الله ﷺ مِن فاطمةَ، كانت إذا دَخَلَتْ عليه قام إليها، فأخذ بيدها، وقبَّلَهَا، وأجلسَها في مجلسه، وكان إذا دَخَلَ عليها قامَتْ إليه فاخذتْ بيدِه فقبَّلَتْه، وأجلسَتْه في مَجْلِسها١).

١٥٦ - باب في قُبْلَةِ الرجل وَلَدَهُ
٥٢١٨ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهْرىِّ، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة: أن الأقرعَ بنَ حابِس أبْصَرَ النبي ﷺ، وهو يقبل حَسنًا (٢)، فقال: إن لي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ، ما فعلْتُ هذا بواحدٍ منهم، فقال رسول الله ﷺ: «مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ» (٣).


(١) إسناده صحيح.: الحسن بن علىّ: هو ابن محمَّد الهُذَلىُّ الخَلاّل الحُلْوانيُّ، وابن بشار: هو محمَّد العَبدي، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وإسرائيل: هو ابن يونس السَّبيعي.
وأخرجه الترمذي (٤٢١٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٣١١) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩١٩٣) من طريق عثمان بن عمر، و(٩١٩٢) من طريق النضر بن شُميل، كلاهما عن إسرائيل، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٩٥٣).
(٢) جاء في (ب) و(ج) و(هـ): يقبل حُسينًا، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لرواية «الصحيحين».
(٣) إسناده صحيح. مُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيَيْنة الهلالي، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن عبيد الله، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن ابن عوف الزهري. =

٥٢١٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا هشامُ بن عُروة، عن أبيه
أن عائشة قالت: ثم قال:- تعني النبيَّ ﷺ «أبشِرِي يا عائشَة، فإن الله قد أنْزَلَ عُذرَكِ» وقرأ عليها القُرآن، فقال أبوايَ: قُومي، فقبِّلي رأسَ رسولِ الله ﷺ، فقلتُ: أحمَدُ الله، لا إيَّاكُما (١).


= وأخرجه مسلم (٢٣١٨)، والترمذي (٢٠٢٣) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٩٩٧)، ومسلم (٢٣١٨) من طريقبن عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٢١) و(٧٢٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٥٧).
وقال السندي في «حاشيته على المسند»: المعنى: أن تقبيلَ الصغير من باب الرحمة على من يستحِقُّها، فلا ينبغى تركه، فإن الذى لا يرحم المستحقَّ للرحمة، لا يرحمه الله تعالى.
وقال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٤٣٠: وفي جواب النبي-ﷺ-للأقرع إشارة إلى أن تقبيل الولد وغيره من الأهل المحارم وغيرهم من الأجانب إنما يكون للشفقة والرحمة، لا للذة والشهوة، وكذا الضم والشَّم والمعانقة.
(١) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سَلَمة البَصري.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٠١ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولًا أبو يعلى في «مسنده» (٤٩٣١)، والطبراني في «الكبير» ٢٣/ (١٤٩) من طريقين عن حماد، به.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٣/ (١٥١) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وأخرجه مطولًا دون ذكر التقبيل البخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠)، والترمذي (٣٤٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (١١٣٦٠) من طرق عن عائشة. وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣١٧).
وقال صاحب «بذل المجهود» ٢٠/ ١٥٨: وهذا الحديث لا يُناسب الباب، لأن في الباب قبلة الرجل ولده، وليس في الحديث لذلك ذكر، بل فيه قبلة المرأة زوجها، =

١٥٧ - باب في قُبلةِ ما بينَ العينين ٥٢٢٠
- حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا علي بن مُسْهِرٍ، عن أجْلَحَ عن الشعبىّ: أن النبيَّ ﷺ تلقى جعفرَ بن أبي طالبٍ، فالتزمَهُ وقبَّلَ ما بين عَينَيهِ (١).


= وقبلة المرأة زوجها لا تكون للشفقة والمرحمة، وأما قبلة الرجل ولده فيكون شفقة ومرحمة، فهو نوع آخر وهذا نوع غيره، ولو وقع في القصة أن أبا بكر رضي الله عنه قبل عائشة لكان للحديث مناسبة بالباب، فالحديث الثاني من الباب الثاني لو ذكر في هذا الباب لكانت المناصبة ظاهرة، والله أعلم.
(١) رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأجْلَح -وهو ابن عبد الله الكِندي- مختلف فيه، روى له البخاري في «الأدب المفرد» وأصحاب السنن، وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يحتج به، ثم هو مرسل. الشَّعْبي: هو عامر بن شَرَاحيل.
وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٦٢١، ومن طريقه أخرجه المصنَّف في «مراسيله» (٤٩١).
وأخرجه ابن سعد في «طبقاته» ٤/ ٣٤ و٣٥ عن عبد الله بن نمير، وابن سعد ٤/ ٣٥ والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٠١ من طريق سفيان، كلاهما عن الأجلح، به.
وذكره البيهقى ٧/ ١٠١ مسندًا من حديث عبد الله بن جعفر. وقال: والمحفوظ هو الأول مرسلًا.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (١٢٣)، وأبو يعلى في «معجمه» (٢١)، وغيرهما، من حديث عائشة، لكن في سنده محمَّد بن عبد الله بن عُبيد بن عمير، وهو ضعيف.
وفي الباب عن رجل من عنزة، سلف عند المصنف برقم (٥٢١٤)، قال: قلت لأبي ذر: هل كان رسول الله ﷺ يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلى ذات يوم، فلم أكلن في أهلي، فلما جئت، أُخبرت أنه أرسل إلى، فأتيته وهو على سريره، فالتزمني، فكانت تلك أجود وأجود. ورجاله ثقات إلا هذا الرجل المبهم. =

١٥٨ - باب في قُبْلةِ الخَدِّ
٥٢٢١ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا المُعتمِرُ بن سليمانَ، عن إياس ابنِ دَغْفَلٍ، قال:
رأيتُ أبا نَضرَةَ قبَّلَ خَدَّ الحسنِ (١).
٥٢٢٢ - حدَّثنا عبدُ الله بن سالم الكوفيُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بن يُوسفَ، عن أبيه، عن أبي إسحاق


= وآخر من حديث أنس عند الطبراني في «الأوسط» (٩٧) قال: كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، واذا قدموا من سفر تعانقوا. قال المنذري ٢/ ٢٧٠، ثم الهيثمي ٨/ ٣٦: رجاله رجال الصحيح.
وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد في «مسنده» (١٦٠٤٢)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٧٠) قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله ﷺ،
فاشتريت بعيرًا، ثم شددت إليه رحلي، فسرتُ إليه شهرًا حتى قدمت عليه الشام، فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، قال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته. وحسن إسناده الحافظ في «الفتح» ١/ ١٧٤. وروى ابن أبي شيبة ٨/ ٦١٩ - . ٦٢ من طريق وكيع، عن شعبة، عن غالب قال: قلت للشعبي: إن ابن سيرين كان يكرهُ المصافحة، قال: فقال الشعبي: كان أصحاب
رسول الله ﷺ يتصافحون، وإذا قدم أحدهم من سفرعانق صاحبه.
(١) رجاله ثقات لكنه مرسل. أبو نَضْرَة: هو المنذر بن مالك بن قِطعَة العَبْدي العَوَقي، والحسن: في الأصول الخطية المعتمدة جاء هكذا غير منسوب، وهو ابن أبي الحسن البصري وكان معاصرًا لأبي نضرة، وأبو نضرة مات قبله وأوصى أن يصلي عليه الحسن، وقد صرح بأن الحسن هنا هو البصري البيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٠١، والمنذري في «مختصره» ٨٧/ ٨، وما وقع في المطبوع من أنه الحسن بن علي فهو خطأ من النساخ.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٠١ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن أبى شيبة في «مصنفه» ٨/ ٦٢٢.

عن البراء، قال: دخلتُ مع أبي بكرٍ أولَ ما قَدِمَ المدينةَ، فإذا عائشةُ ابنتُه مُضطجعةٌ قد أصابَتْهَا حُمَّى، فاتاهَا أبو بكر، فقال: كيفَ أنتِ يا بُنيَّة؟ وقبَّل خَدها١).

١٥٩ - باب قبلة اليَدِ
٥٢٢٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي زيادِ، أن عبدَ الرحمن بنَ أبي ليلى حدَّثه
أن عبدَ الله بنَ عمر حدَّثه، وذكر قصةً، قال: فدنونا -يعني مِنَ النبيِّ ﷺ- فقبَّلْنا يَدَه (٢).


(١) إسناده حسن. إبراهيم بن يوسف -وهو ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي- قال أبو حاتم: حسن الحديث يكتب حديثه، وقال ابن عدي: ليس هو بمنكر الحديث، ووثقه الدارقطني في رواية ابن بكير، وقال ابن المديني: ليس هو كأقوى ما يكون، وضغَفه يحيى بن معين وأبو داود وغيرهما، وقال النسائي: ليس بالقوي، قال الحافظ في «المقدمة»: وقد احتج به البخاري ومسلم في أحاديث يسيرة، وروى له الباقون، وجاء في «تحرير تقريب التهذيب»: أن عامة ما انتقاه البخاري من حديثه إنما هو في المغازي ما عدا حديثًا واحدًا في العُمرة، وله شاهد عنده من حديث أنس (١٧٧٨). وأخرجه البخاري (٣٩١٨) من طريق شُرَيح بن مَسْلَمة، عن إبراهيم بن يوسف، بهذا الإسناد.
قال الإِمام الذهبي في «الموقظة»: إن الإِمام البخاري يترخَّص في الرواية عمّن في حديثه ضعفٌ في غير الأحكام، كالمغازي والشمائل والتفسير والرقاق. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
(٢) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو مولى الهاشميين-. زُهَير: هو ابن معاوية بن حُدَيج الجُعفي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٧٠٤) من طريق محمَّد بن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٨٤). =

١٦٠ - باب قُبْلة الجسد
٥٢٢٤ - حدَّثنا عَمرو بنُ عَونِ، أخبرنا خالدٌ، عن حُصينٍ، عن عبد الرحمن ابنِ أبي ليلى
عن أُسَيدِ بنِ حُضَيرِ -رجلِ من الأنصار- قال: بينما هو يُحَدِّثُ القومَ -وكان فيه مُزَاحٌ- بَينا يُضْحِكُهُم فَطَعَنَه النبيَّ ﷺ في خاصِرَتِه بعُودِ، فقال: أصْبِرْني، قال: «اصْطَبِرْ»، قال: إنَّ عليك قميصًا وليس َعَلَيَّ قميصٌ، فرفع النبيَّ ﷺ -عَنْ قميصِه، فاحتضَنَه وجَعَلَ يُقبَّلُ كْشحَهُ، قال: إنما أردتُ هذا يا رسولَ الله ﷺ (١).


=وقد سلف مطولًا برقم (٢٦٤٧).
قال الحافظ في «الفتح»: وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءًا في تقبيل اليد سمعناه أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارًا فمن جيدها حديث الزارع العبدي (وذكر حديث المصنف الآتي بعده).
ومن حديث مَزِيدَةَ العَصَري مثله.
ومن حديث أسامة بن شريك قال: قمنا إلى النبي ﷺ فقبلنا يده. وسنده قوي.
ومن حديث جابر أن عمر قام إلى النبي ﷺ-فقبل يده.
وأخرج البخاري فى «الأدب المفرد» (٩٧٣) من رواية عبد الرحمن بن رَزين قال: أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفًا له ضخمة كأنه كف بعير فقمنا إليها فقبلناها.
وأخرج أيضًا (٩٤٨) عن ثابت أنه قبل يد أنس.
وقد طبع جزء ابن المقرئ هذا في تقبيل اليد، في دار العاصمة بالرياض، فانظر هذه الأحاديث فيه.
قال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة.
(١) رجاله ثقات، إلا أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك أسَيد بن حُضَير. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحَّان، وحُصَين: هو ابن عبد الرحمن السُلَميُّ. =

١٦١ - باب في قُبْلَةِ الرِّجْلِ
٥٢٢٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا مَطَرُ بنُ عبدِ الرحمن الأعنقِ، حدَّثتني أُمُ أبان بنتُ الوازع بن زَارعٍ
عن جِدِّها زَارع -وكان في وَفْد عبدِ القَيس- قال: لما قدِمنا المدينةَ، فجعلنا نتبادَرُ مِن رَواحلنا، فنُقبِّلُ يَدَ رسولِ الله ﷺ ورِجْلَه، وانتظرَ المنذِرُ الأشجُّ حتى أتى عَيْبَتَهُ، فَلَبِسَ ثوبَيْهِ، ثم أتى النبيَّ- ﷺﷺ، فقال له: «إن فيكَ خَلَّتَينِ يُحِبُّهُما اللهُ: الحِلْمُ والأنَاةُ»، قال: يا رسولَ الله، أنا أتَخَلَّقُ بهما أمِ اللهُ جبلَنِي عليهما؟ قال: «بل اللهُ


= وأخرجه البيهقي في»الكبرى«٧/ ١٠٢ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في»المعجم «الكبير» (٥٥٦) - ومن طريقه الضياء في «المختارة» (١٤٧١) - من طريق عمرو بن عون، به.
وأخرجه أيضًا الطبراني (٥٥٧) من طريق أبي جعفر الرازي، عن حصين، به.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٣/ ٢٨٨ - وعنه البيهقي في «الكبرى» ٨/ ٤٩ - من طريقين عن جرير -وهو ابن عبد الحميد الضبي-، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقوله: «أصْبِرْني» معناه: مَكِّنِّي من نفسك لأستوفي حقي للقصاص منك.
والكشح، بفتح الكاف وسكون الشين: هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي.
قال الخطابي: وفيه حجة لمن رأى القصاص في الضربة بالسوط، واللطمة بالكف ونحو ذلك مما لا يوقف له على حد معلوم يُنتهى إليه، وقد روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب كرم الله وجوههم ورضي عنهم، وممن ذهب إليه شريح والثعبي رحمهما الله، وبه قال ابن شبرمة.
وقال الحسن وقتادة رحمهما الله: لا قصاص في اللطمة ونحوها، وإليه ذهب أصحاب الرأى، وهو قول مالك والشافعي رحمهما الله.

جَبَلَكَ عليهما»، قال: الحمد لله الذي جَبَلَني على خَلَّتَيْنِ يحبُّهما اللهُ ورسولُه (١).


(١) حسن لغيره، وقصة الأشج صحيحة. أم أبان بنت الوازع تفرد عنها مطر بن عبد الرحمن الأعنق، ولم يوثقها أحد. محمَّد بن عيسى: هو ابن الطبّاع.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٠٢، وفيا «دلائل النبوة» ٥/ ٣٢٧ - ٣٢٨ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراش في «المعجم الكبير»، (٥٣١٣) من طريق محمَّد بن عيسى، به.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخارى في «الأدب المفرد» (٩٧٥)، وفي«التاريخ»الكبير«، ٣/ ٤٤٧، والبزار (٢٧٤٦ - زوائد)، والبيهقي في»شعب الإيمان«(٨٩٦٦) من طرق عن مطر بن عبد الرحمن الأعتق، به.
وتقبيل اليد والرجل جاء فيه حديث عن صفوان بن عسال عند الترمذي (٢٩٣١)، والنسائي في»الكبرى«(٣٥٢٧)، وابن ماجه (٣٧٠٥)، وهو حسن في الشواهد، وعن علي عند البخاري في»الأدب المفرد«(٩٧٦) عن صهيب، قال: رأيت عليًا رضي الله عنه يقبل يد العباس ورجليه. ورجاله ثقات.
ومن حديث بردة عند الحاكم في»المستدرك«٤/ ١٧٢ - ١٧٣ في قصة الأعرابي والشجرة، فقال: يا رسول الله ﷺ إئذن لي أن أقبل رأسك ورجليك فأذن له. وفي سنده صالح بن حيان وهو ضعيف.
وأما قصة الأشج فقد رواها النسانيُّ في»الكبرى«(٧٦٩٩) و(٨٢٤٨) من حديث أشجّ بني عَصَرٍ. وهي في»مسند أحمد«(١٧٨٢٨)، و»صحيح ابن حبان«(٧٢٠٣). وإسناده صحيح.
ورواها مسلم (١٨) (٢٦) من حديث أبي سعيد الخدري. وهي في»مسند أحمد«(١١١٧٥). وانظر تمام تخريجها فيه.
ورواها مسلم (١٧) (٢٥) من حديث عبد الله بن عباس. وهي في»صحيح ابن حبان" (٧٢٠٤) وانظر تمام تخريجها فيه.
وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (٥٢٢٣).
والعيبة بفتح العين: مستودَعُ الثياب. =

١٦٢ - باب الرجل يقول: جعلني الله فِداكَ
٥٢٢٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ. وحدَّثنا مُسلمٌ، حدَّثنا هشامٌ، جميعًا عن حمادٍ -يعنيان ابنَ أبي سُليمانَ-، عن زيدِ بنِ وهب
عن أبي ذرِّ، قال: قال النبي-ﷺ:«يا أبا ذَرٍّ» فقلت: لبَّيْك وسَعْدَيكَ، يا رسولَ الله ﷺ، وأنا فِداؤكَ١).

١٦٣ - باب الرجل يقولُ للرجل: أنعَم اللهُ بك عَينًا
٥٢٢٧ - حدَّثنا سلمةُ بنُ شَبيبٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ أو غيرِه
أن عِمرانَ بنَ حُصين، قال: كنا نقولُ في الجاهليةِ: أنعَمَ الله بك عَينًا، وأنعِمْ صَبَاحًا، فلما كان الإِسلامُ نُهِينا عن ذلك.


= والأناة: التثبت وترك العجلة، قال القاضي: الأناة: تربُّصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل.
والحِلْم: هذا القول الدالُّ على صحة عقله، وجودة نظره للعواقب.
(١) إسناده صحيح، حماد بن أبي سليمان احتج به مسلم، وقال الذهبي: ثقة إمام مجتهد. حماد: هو ابن سلمة، ومسلم: هو ابن إبراهيم الفراهيدي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.
وأخرجه مطولًا البخاري (٦٢٦٨)، ومسلم بإثر (٩٩١) من طريق الأعمش، عن
زيد بن وهب، به. دون قوله: وأنا فداك.
وأخرجه أيضًا البخاري (٦٤٤٣)، ومسلم بإثر (٩٩١) من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن زيد بن وهب، به.
وأخرجه مسلم (٩٩٠)، والترمذي (٦٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٣٢) من طريق المعرور بن سويد، عن أبي ذرّ. ولفظه: فداك أبي وأمي.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٢٨٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٧٠) و(١٩٥).

قال عبدُ الرزاق: قال معمرٌ: يكره أن يقولَ الرجل: أنْعَمَ اللهُ بكَ عينًا، ولا بأسَ أن يقولَ: أنْعَمَ اللهُ عَينَكَ١).

١٦٤ - باب الرجل يقول للرجل: حفظك الله
٥٢٢٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتِ البنانيِّ، عن عبدِ الله بنِ رَباح الأنصاريّ
حدَّثنا أبو قتادة: أن النبيَّ ﷺ كان في سَفَرٍ له فَعَطِشُوا، فانطلق سَرْعَانُ الناس، فلزمتُ رسولَ الله ﷺ تلكَ الليلةَ، فقال: «حَفِظَكَ اللهُ بما حَفِظتَ به نبيَّه» (٢).

١٦٥ - باب الرجُل يقوم للرجُل يُعظِّمه بذلك
٥٢٢٩ - حدَّثنا موس بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حبيبِ بنِ الشهيدِ، عن أبي مِجْلَز، قال:


(١) رجاله ثقات إلا أنه منقطع. قتاده -وهو ابن دعامة السدوسي- لم يسمع مِن عِمران بن حصين. عبد الرزاق: هو الصنعاني، وسر: هو ابن راشد.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه» (١٩٤٣٧)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٨٥٠٢).
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم.
وأخرجه مطولًا مسلم (٦٨١) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، بهذا الاسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٥٤٦) و(٢٢٥٧٥).
والسرعان: قال في «النهاية»: هو بفتح السين والراء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء، ويقبلون عليه بسرعة، ويجوز تسكين الراء. وفي الحديث أنه يستحب لمن صنع إليه معروف أن يدعو لفاعله.

خَرَجَ معاويةُ على ابنِ الزبيرِ وابنِ عامر، فقام ابنُ عامر، وجلس ابنُ الزبير، فقال معاويةُ لابن عامر: اجلس، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنْ أحَب أن يَمْثُلَ له الرِّجَالُ قِيامًا، فَلْيَتَبوَّأ مقعدَه مِن النَّارِ» (١).
٥٢٣٠ - حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُميبر، عن مِسْعَرٍ، عن أبي العَنْبسِ، عن أبي العَدَبَّسِ، عن أبو مَرْزوقٍ، عن أبي غالبٍ
عن أبي أُمامةَ، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله ﷺ متوكئًا على عَصًا، فَقُمْنَا إليه، فقال: «لا تَقُومُوا كما تَقُومُ الأعَاجمُ، يُعَظمُ بعضُها بعضًا» (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وأبو مِجْلَز: هو لاحق بن حميد السدوسي.
وأخرجه الترمذي (٢٩٥٨) و(٢٩٥٩) من طريقين عن حبيب بن الشهيد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨٣٠). وانظر تمام كلامنا عليه فيه.
وقوله يمثل معناه: يقوم وينتصب بين يديه، ولفظ الترمذي: يتمثل.
قال الزمخشري: أمر بمعنى الخبر، كأنه قال: من أحب ذلك، وجب له أن ينزل منزلته من النار وحُق له ذلك. قال المناوي: وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء بنفسه، واعتقاد الكمال، وذلك عجب وتكبر، وجهل وغرور، ولا يناقضه خبر «قوموا إلى سيدكم» لأن سعدًا لم يحب ذلك، والوعيد إنما هو لمن أحبه.
وقال النووي: ومعنى الحديث زجر المكلف أن يحب قيام الناس له، ولا تعرض فيه للقيام بنص ولا بغيره، والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله، فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه، وإن أحبه أثم، قاموا أو لا، فلا يصح الاحتجاج به لترك القيام، ولا يناقضه ندب القيام لأهل الكمال ونحوهم. وانظر لزامًا «شرح مشكل الآثار» ٣/ ١٥٠ - ١٥٧.
(٢) إسناده ضعيف. أبو مرزوق، قال ابن حبان في «المجروحين»: لا يجوز الاحتجاج به لانفراده عن الأثبات بما خالف حديث الثقات، وأبو غالب -وهو الحَزَوَّر البصري- ضعيف. =

١٦٦ - باب الرجل يقول: فلانٌ يُقرئك السلامَ
٥٢٣١ - حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن غالبِ، قال: إنا لَجُلُوسٌ ببابِ الحَسَنِ، إذ جَاء رَجُلٌ، نقال: حدَّثني أبي، عن جَدِّي، قال:
بعثني أبي إلى رسُولِ الله ﷺ-ﷺ عمرو، فقال: ائْتِه، فأقْرِئهُ السلامَ، قال: فأتيتُهُ، فقلت: إن أبيْ يُقْرِئُكَ السَّلام، فقال: «عَلَيْكَ وعلى أبيكَ السَّلامُ» (١).
٥٢٣٢ - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الرحيم بن سليمانَ، عن زكريا، عن الشعبيِّ، عن أبي سَلَمَة


= وقد اختلف في إسناده عن مِسْعَر -وهو ابن كِدَام الهلالي- فتارة روي عنه عن أبي مرزوق عن أبي العدبَّس عن أبي أمامة كما في رواية ابن ماجه، وتارة روي عنه عن أبي العَنبس، عن أبي العدبَّس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة كما في رواية المصنف، وتارة روي عنه عن أبي العدبَّس عن رجل يظنة أبا خلف، عن أبي مرزوق، عن أبي أمامة، وتارة عنه عن أبي العدبَّس، عن أبى مرزوق، عن رجلٍ، عن أبي أمامة. وانظر بسط ذلك في «مسند أحمد» (٢٢١٨١).
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٣٦) عن علي بن محمَّد، حدَّثنا وكيع، عن مِسْعَر، عن أبي مرزوق، عن أبى العدبَّس، عن أبي أمامة الباهلي.
(١) إسناده ضعيف لجهالة الرجل وأبيه، وقد قال المنذري في «مختصر السنن» ٨/ ٩٤ - ٩٥: وهذا الإسناد فيه مجاهيل. إسماعيل: هو ابن إبراهيم، المعروف بابن عُلية، وغالب: هو ابن خطَّاف القطان.
وهو عند ابن أبي شبة في«مصنفه» ٨/ ٦١٢ - ٦١٣.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ١٢٢، وأحمد في «مسنده» (٢٣١٠٤)، والنسائي في «الكبرى» (١٠١٣٣) - ومن طريقه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٢٣٨) - من طريق شعبة، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٢٥٨/ ٧ من طريق مسْعَر، كلاهما عن غالب، به.
وقد سلف مطولًا برقم (٢٩٣٤).

أن عائشَةَ حدَّثته، أن النبيَّ- ﷺ قال لها: «إن جِبريلَ يَقْرأُ عليكِ السلامَ»، فقالت: وعليه السَّلامُ ورحمةُ اللهِ١).

١٦٧ - باب الرجلُ ينادي الرجُلَ فيقول: لبَّيك وسَعْدَيكَ
٥٢٣٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادة أخبرنا يعلي بن عطاءٍ، عن أبي همَّام عبد الله بن يَسَارِ
أن أبا عبد الرحمن الفِهْرىَّ قال: شَهِدْتُ مع رسولِ الله ﷺ حُنَينًا، فسِرْنا في يومٍ قائظٍ شديدِ الحرّ، فنزلنا تحتَ ظل الشجَر، فلما زَالتِ الشمسُ لبستُ لأْمَتي ورَكبتُ فَرسي، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ وهو في فُسطاطِهِ، فقلت: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله ﷺ ورحمةُ الله وبركاتُه، قد حان الرَّواحُ، قال: «أجَلْ»، ثم قال: «يا بلالُ» فثار من تحت سَمُرةٍ كأنَ ظلِّه ظِلُّ طائرٍ، فقال: لبَّيك وسَعْدَيكَ، وأنا فِداؤُك، فقال:


(١) إسناد. صحيح. زكريا: هو ابن أي زائدة، والشعبي: هو عامر بن شَرَاحيل، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» ١٣/ ٦٨، و١٢/ ١٣٢ - ١٣٣، وعنه أخرجه مسلم (٢٤٤٧) (٩٠)، وابن ماجه (٣٦٩٦).
وأخرجه البخاري (٦٢٥٣)، ومسلم (٢٤٤٧) (٩٠) وبإثره، والترمذي (٢٨٨٨) و(٤٢٢٠) من طرق، عن زكريا، به.
وأخرجه البخاري (٣٢١٧) و(٣٧٦٨) و(٦٢٠١) و(٦٢٤٩)، ومسلم (٢٤٤٧) (٩١)، والترمذى (٤٢١٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٥٠) و(٨٨٥١) و(١٠١٣٦) و(١٠١٣٧) من طريق ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٣٢٤) و(٨٨٤٩) من طريق صالح بن ربيعةَ بن هُدَير، و(٨٨٥٠) و(١٠١٣٥) من طريق عروة، كلاهما عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٨١)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٩٨).

«أسْرِجْ لي الفَرَسَ»، فأخرج سَرْجًا، دفَّتاه من ليفٍ: ليس فيهما أشَرٌ ولا بَطرٌ، فركِبَ ورَكِبْنا، وساق الحديث (١).
قال أبو داود: أبو عبد الرحمن الفهرىُّ ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيلٌ جاء به حمادُ بنُ سلمة (٢).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي همام عبدُ الله بن يَسار. حمّاد: هو ابن سلمة البصري.
وأخرجه ابن أبى عاصم في «الآحاد والمثاني» (٨٦٣)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٦/ ٢٠٠ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي في «مسند» (١٣٧١)، والدارمي في «سننه» (٢٤٥٢)، وابن سعد في «طبقاته» ٢/ ١٥٦، وابن أبى شيبة في «مصنفه» ١٤/ ٥٢٩ - ٥٣٠، وأحمد في «مسنده» (٢٢٤٦٧) و(٢٢٤٦٨)، والطبري في «تفسيره» ١٠/ ١٠٢، والطبراني في «المعجم الكبير» ٢٢/ (٧٤١)، والمزي في ترجمة عبد الله بن يسار من «تهذيب الكمال» ١٦/ ٣٢٨ - ٣٢٩ من طرق عن حمّاد، به. وتمامه: فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فتشامَّتِ الخَيلان، فولَّى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فقال رسول الله ﷺ: «يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله» ثم قال: «يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله» قال: ثم اقتحم رسول الله ﷺ عن فرسه فأخذ كفًا من تراب، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني: ضرب به وجوههم، وقال: «شاهت الوجوه» فهزمهم الله عز وجل. لفظ «المسند».
وأورده الهيثمي في«مجمع الزوائد» ٦/ ١٨١ - ١٨٢، وْقال: رواه البزار والطبراني،
ورجالهما ثقات!
وفي الباب ما يقويه عن العباس بن عبد المطلب عند مسلم (١٧٧٥). وهو في «مسند أحمد» (١٧٧٥). لكن ليس فيه قول بلال: لبيك وسعديك، وأنا فداؤك.
وآخر عن سلمة بن الاكوع عند مسلم أيضًا برقم (١٧٧٧). وليس فيه قول بلال أيضًا.
ويشهد لقول بلال حديث أبى ذرَّ السالف برقم (٥٢٢٦).
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

١٦٨ - باب في الرجل يقول للرجل: أضْحَكَ الله سنَّك
٥٢٣٤ - حدَّثنا عيسى بن إبراهيم البِرَكيّ، وسمعتُه من أبي الوليد الطَّيالسيُّ - وأنا لحديثِ عيسى أضبَطُ-، قال: حدَّثنا عبدُ القاهر بن السَّريّ -يعني السُّلميَّ-، حدَّثنا ابن لكِنانَةَ بن عبَّاس بن مِرْداس، عن أبيه
عن جده، قال: ضحكَ رسولُ الله ﷺ، فقال له أبو بكر، أو عمر: أضْحَكَ الله سنَّك. وساق الحديث١).

١٦٩ - باب في البناء
٥٢٣٥ - حدَّثنا مُسدِّدٌ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن أبي السَّفَر
عن عبدِ الله بن عمرو، قال: مرَّ بي رسولُ الله ﷺ وأنا أَطِينُ حائطًا لي أنا وأُمِّي، فقال: «ما هذا يا عبدَ الله؟» فقلتُ: يا رسول الله ﷺ، شيٌ أُصْلِحُه، فقال: «الأمرُ أشرَعُ من ذلك» (٢).
٥٢٣٦ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وهنادٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، بإسناده بهذا، قال:


(١) إسناده ضعيف لضعف عبد القاهر بن إلسَّري السُّلَمي، وجهالة ابن كنانة -واسمه عبد الله- وأبيه.
وأخرجه مطولًا ابن ماجه (٣٠١٣) عن أيوب بن محمَّد الهاشمي، عن عبد القاهر ابن السرى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٠٧) من زيادات عبد الله بن أحمد على أبيه من طريق عبد القاهر بن السرى، به.
وانظر تمام تخريجه وبسط الكلام على علله هناك.
(٢) إسناده صحيح. حَفْص: هو ابن غِياث بن طَلق النَّخعيُّ، والأعمش: هو سُلَيمان بن مِهران الأسدي، وأبو السَّفَر: هو سعيد بن يُحْمِد الهَمداني الثوريّ.
وانظر ما بعده.

مرَّ عليَّ رسولُ الله ﷺ، ونحن نُعالجُ خُصًّا لنا وَهَى، فقال: «ما هذا؟» فقلنا: خُصٌّ لنا وَهَى، فنحن نصلِحُهُ، فقال رسولُ الله ﷺ: «ما أرى الأمْرَ إلا أعْجَلَ من ذلك» (١).
٥٢٣٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عثمانُ بنُ حَكِيم، أخبرني إبراهيمُ بنُ محمَّد بنِ حَاطبٍ القُرشيُّ، عن أبي طلحة الأسدي
عن أنس بنِ مالكِ: أن رسولَ الله ﷺ خَرَجَ فرأى قُبَّةً مُشْرِفَةً، فقال: «ما هذه؟» فقالَ له أصحابُه: هذه لفلانٍ رجلٍ من الأنصارِ، قال: فَسَكَتَ وحَمَلَها في نفسِه، حتى إذا جاء صاحبُها رسولَ الله ﷺ في النَّاسِ، أعْرَضَ عنهُ، صنع ذلك مرارًا، حتى عَرَفَ الرجلُ الغَضَبَ فيه، والاعراضَ عنه، فشكا ذلك إلى أصحابِه، فقال: واللهِ إني لأُنْكِر رسولَ الله ﷺ، قالوا: خرج فرأى قُبَّتَكَ، قال: فَرَجَعَ الرجلُ إلى قُبَّته فهدَمَها، حتى سوَّاهَا بالأرضٍ، فخرج رسولُ الله ﷺ ذاتَ يومٍ، فلم يَرَهَا، قال:«ما فَعَلَتِ القُبَّةُ؟»، قالوا: شكا إلينا صاحبُها إعراضَكَ


(١) إسناده صحيح. هنَّاد: هو ابن السَّرِىّ، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خَازِم الضَّرِير.
وأخرجه الترمذي (٢٤٨٩) عن هنَّاد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٤١٦٠) عن أبي غريب، عن أبي معاوية، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٠٢)، و«صحيح ابن حبان» (٢٩٩٦) و(٢٩٩٧).
وانظر ما قبله.
والخُصُّ: بضم الخاء المعجمة وتشديد الصاد المهملة: بيت يكون من قصب.
وقوله: «وَهى»، بفتحتين: من وَهى الحائطُ يهي، يعني: إذا ضَعف وهمَّ بالسقوط.
وقوله: «ما أرَى الأمْرَ إلاَّ أعْجَلَ من ذلك»: أي: أمْر الارتحال عن الدنيا والموت.

عنه، فأخبرْناه، فَهَدَمَهَا، فقال: «أما إنَّ كُلَّ بِناءٍ وبَالٌ على صاحِبه إلا ما لا، إلا ما لا»يعني ما لابُدَّ منه١).

١٧٠ - باب في اتِّخاذِ الغُرَف
٥٢٣٨ - حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ مُطَرِّفٍ الرؤاسيُّ، حدَّثنا عيسى، عن إسماعيلَ، عن قيسٍ
عن دُكين بنِ سعيد المزنيِّ، قال: أتينا النبيَّ ﷺ، فسألْناه الطَّعَامَ، فقال:«يا عُمَرُ، اذهَبْ فأعطِهم»، فارْتَقَى بنا إلى عِلِّيَّةٍ، فأخذ المِفتاحَ مِن حُجْزَتهِ (٢) ففتح (٣).


(١) أبو طلحة الأسَدي وإبراهيم بن محمَّد بن حاطب القرشي، روى عنهما جمعٌ وذكرهما ابن حبان في «ثقاته»، وباقي رجاله ثقات. وقال الحافظ العراقي في تخريج «الإحياء»٤/ ٢٣٦: إسناده جيد.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٩٥٦) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٣٠١) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن عبد الملك بن عمير، عن أبى طلحة الأسدي، به. وشريك سيىء الحفظ.
وأخرجه ابن ماجه بنحوه (٤١٦١) من طريق الوليد بن مسلم، عن عيسى بن عبد الأعلي بن أي فروة، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس. وعيسى بن عبد الأعلى مجهول.
(٢) كذا في (ج): حُجْزَته، ونقل في الهامش عن المنذري أنه ضبطها كذلك، وجاءت في (أ): حُجْرَته، بالراء بدل الزاي. وقال المنذري: أصل الحُجْزة موضع ملاث الإزار، ثم قيل للأزار: حُجزة.
وقوله: ملاث الإزار: موضع شدّ الإزار من الوَسط.
(٣) إسناد. صحيح. عيسى: هو ابن يونس بن أبى إسحاق السبيعي، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد البجلي، وقيس: هو ابن أبى حازم البجلي الأحمسي. =

١٧١ - باب في قطع السِّدْرِ
٥٢٣٩ - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبو أُسامَة، عن ابنِ جُريج، عن عثمانَ ابنِ أبي سُليمانَ، عن سعيدِ بنِ محمَّد بنِ جُبير بنِ مُطعِم
عن عبدِ الله بنِ حُبْشِئيٍّ، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةَ صَوَّب اللهُ رأسَهُ في النارِ» (١).


= وأخرجه ابن أبى عاصم في «الآحاد والمثاني» (١١١٠) من طريق عبد الرحيم بن مطرف، والطبراني في «المعجم»الكبير«(٤٢٠٩) من طريق أبي جعفر النفيلي، كلاهما عن عيسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي في»مسنده«(٨٩٣)، وأحمد في»مسنده«(١٧٥٧٦ - ١٧٥٨٠)، والبخاري في»التاريخ الكبير«، ٣/ ٢٥٥ - ٢٥٦، وابن أبى عاصم في»الآحاد والمثاني«(١٠٧٧) و(١١٠٩)، وابن حبان في»صحيحه«(٦٥٢٨)، والطبراني في»المعجم «الكبير» (٤٢٠٧) و(٤٢٠٨) و(٤٢١٠)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ١/ ٣٦٥، وفي «دلائل النبوة» (٣٣٣)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٢/ ١٦١ - ١٦٢، والمزي فى ترجمة دُكين بن سَعيد من «تهذيب الكمال» ٨/ ٤٩٢ - ٤٩٣ من طرق عن إسماعيل، به. وبعضهم يختصره. وذكر البخاري في روايته سماع إسماعيل بن أبي خالد من في ابن أبي حازم، وسماع في بن أبي حازم من دكلين. وأورده الدارقطني في «الالزامات».
ودُكَينُ بن سعيد نسبه أبو داود هنا المزني، وفي «مسند أحمد»: الخثعمي، وذكره
ابن سعد في «طبقاته» في قصة وفد مُزَينَة، ويقوي نسبته إلى ذلك أن القصة المذكورة
في حديثه قد رواها أيضًا النعمان بن مقرِّن المُزَنى، وهي في «المسند» (٢٣٧٤٦).
وهو معدود في من نزل الكوفة من الصحابة، وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم لدكلين غير هذا الحديث.
العلية: بضم العين المهملة وكسرها، وتشديد كل من اللام والياء-: الغرفة والجمع: العَلالي.
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- مدلس وقد عنعن، وقد أعله الذهبي كذلك في «الميزان» في ترجمة سعيد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= محمَّد بن جبير بأن ابن جريج قد تفرد به بهذا الإسناد، وأنه خالفه معمر بن راشد -كما سيأتي عند المصنف بعده- فرواه عن عثمان بن أبي سليمان، عن رجل من ثم، عن عروة بن الزبير، يرفع الحديث. يعني مرسلًا.
قال البيهقي في «معر فة السنن والآثار» (١٢١٦١): روي موصولًا ومسندًا، وأسانيده مضطربة معلولة. وقد استبعد الطحاوي أيضًا سماع سعيد بن محمَّد من عبد الله بن حُبْشى، وشكك البيهقي في سماعه كذلك.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٥٥٧) من طريق مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده عند تمّام في «فوائده» (١٢٣٠)، والبيهقي ٦/ ١٤١. وإسناده حسن.
وعن عروة عن عائشة عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢٩٧٦)، والطبراني في «الأوسط» (٥٦١٥)، وتمّام في «فوائده» (١٢٣١)، والبيهقي ٦/ ١٤٠، وقد أعله الطحاوىُّ والبيهقي بالارسال، ونقله البيهقي عن أبي علي الحافظ. وصوّب الدارقطنى في «العلل» ١٤/ ٢١٦ أنه من قول عروة بن الزبير.
قال المنذري في «مختصره» ٨/ ١٠٠: السِّدْرُ شَجَرُ النَّبِقِ، الواحدة: سِدْرَة، وقيل: هو السَّمُرْ، وقال الأصمعي: السِّدْرُ ما نبت منه في البَرِّ هو الضَّالُ بتخفيف اللام قيل: أراد به سِدْر مكة لأنها حرم (قلنا: وقال السيوطي في رسالته «رفع الحذر عن قطع السِّدْر،: والأولى عندي في تأويل الحديث أنه محمولٌ على سِدْرِ الحرم كما وقع في رواية الطبراني في»الأوسط" ٢٤٤١)، وقيل: سِدْر المدينة نهي عن قطعه ليكون أنسًا وظلًا لمن يهاجر إليها، وقيل: أراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أبناء السبيل والحيوان، أو في ملك إنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق.
وذهب الإِمام الطحاوي إلى أن الحديث منسوخ، واحتج بأن عروة بن الزبير وهو أحد رواة الحديث قد ورد عنه أنه قطع الدر ثم روى ذلك بإسناده عنه، وهو عند المصنف برقم (٥٢٤١) وهو صريح في أن عروة كان يرى جواز قطع السدر.
قال الطحاوي: لأن عروة مع عدالته وعلمه وجلالة منزلته في العلم لا يدع شيئًا قد ثبت عنده عن النبي ﷺ إلى هذه إلا لما يوجب ذلك له ...

سئل أبو داود، عن معنى هذا الحديثِ، فقال: هذا الحديثُ مختصرٌ، يعني: مَن قَطَع سدرةً في فلاةٍ يَستظِل بها ابنُ السبيلِ والبهائمُ، عَبَثًا وظلمًا بغير حَق يكونُ له فيها، صوَّبَ اللهُ رأسَه في النار.
٥٢٤٠ - حدَّثنا مَخلدُ بنُ خالدٍ وسلمةُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمرٌ، عن عثمانَ بنِ أبي سُليمان، عن رجلٍ مِن ثقيفٍ
عن عُروةَ بن الزبير، يرفعُ الحديثَ إلى النبيَّ- ﷺ، نحوَ (١).
٥٢٤١ - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمَر بنِ ميسرةَ وحميد بنُ مَسْعَدةَ، قالا: حدَّثنا حسانُ بنُ إبراهيمَ، قال:
سألتُ هِشَامَ بنَ عُروةَ، عن قَطعِ السِّدْرِ وهو مُستنِدٌ إلى قَصْر عُروة، فقال: أتَرى هذه الأبواب والمصاريعَ؟ إنما هي من سِدْرِ عُروةَ، كان عُروةُ يقطعُه مِن أرضه، وقال: لا بأسَ به. زاد حميدٌ: فقال: هِيْ يا عِرَاقئُ، جئتَني ببدعةٍ، قال: قلت: إنما البِدعَةُ مِن قِبَلِكُم، سمعتُ من يقولُ بمكةَ: لَعَنَ رسولُ الله ﷺ مَن قَطَعَ السِّدْرَ، ثم ساقَ معناهُ (٢).

١٧٢ - باب في إماطة الأذى عن الطريق
٥٢٤٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزىُّ، حدَّثني عليٍّ بن حُسين، حدَّثني أبي، حدَّثني عبدُ الله بنُ بُريدةَ


(١) حسن لغيره كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لابهام الرجل الثقفى، وللاختلاف فيه عن عثمان بن أبي سيمان كما بيناه في الطريق الذي قبله. معمر: هو ابن راشد.
وهو في«مصنف عبد الرزاق» (١٩٧٥٦).
وانظر ما قبله.
(٢) رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٦/ ١٤١ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

سمعتُ أبي -بُريدةَ- يقول: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول:«في الإنسانِ ثلاثُ مئةٍ وستُّون مَفْصِلًا، فعَليهِ أن يتصدَّق عن كلِّ مَفْصِلِ منهُ بصدقَةٍ» قالوا: ومن يُطيقُ ذلك يا نبيُّ الله؟ قال: «النُّخَاعةُ في المَسجِدِ تَدْفِنُها، والشيءُ تُنَحِّيهِ عن الطَّريقِ، فإن لم تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضحىَ تُجزئُكَ» (١).
٥٢٤٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ. وحدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيع، عن (٢) عباد بنِ عبَّاد -وهذا لفظُه وهو أتمُّ- عن واصلٍ، عن يحيى بن عُقَيْل، عن يحيى بنِ يَعمَرَ
عن أبي ذرٍّ، عن النبي ﷺ قال: «يُصْبحُ على كلِّ سُلامى مِنَ ابنِ آدَمَ صَدقَةٌ، تَسْليمُهُ على مَن لقيَ صدقَةٌ، وأمرُهُ بالمَعْرُوفِ صدقَةٌ، ونهيُهُ عن المُنكَرِ صدقَةٌ، دإماطتُهُ الأذى عن الطَّرِيقِ صدقَةٌ، وبُضْعُهُ أهلَه صدقَةٌ» قالوا: يا رسول الله ﷺ، يأتي شهوتَهُ وتكون له صدقةٌ؟


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد- فهو صدوق حسن الحديث. ولكنه متابع.
وأخرجه محمَّد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (٨٢٠)، وابن خزيمة (١٢٢٦)، وابن شاهين في «التركيب» (١٢٤) من طريق علي بن الحسين، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٢٢٩٩٨) و(٢٣٠٣٧)، والبزار (٤٤١٧)، وابن حبان في «صحيحه» (١٦٤٢) و(٢٥٤٠)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٩٩)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١١١٦٤) من طريقين عن حسين بن واقد، به.
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد (٨١٨٣). وهو في «الصحيحين».
وعن أبي ذر الغفاري سيأتي بعده.
وعن عائشة عند مسلم (١٠٠٧).
والنخاعة: هي البصقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي أصل النخاع.
(٢) في (أ): حدَّثنا.

قال: «أرأيت لو وضعَهَا في غيرِ حقِّها، أكانَ يأثَمُ؟» قال: «ويُجزِىُ من ذلك كُلِّهِ ركعتَان مِن الضُّحَى» (١).
قال أبو داود: ولم يذكر حمادٌ الأمرَ والنهيَ (٢).
٥٢٤٤ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن واصلٍ، عن يحيى بن عُقَيل، عن يحيى بنِ يَعْمَرَ، عن أبي الأسود الدِّيليِّ، عن أبي ذرِّ بهذا الحديثِ، وذكر النبيُّ ﷺ في وسطِهِ (٣).
٥٢٤٥ - حدَّثنا عيسى بنُ حمّادٍ، أخبرنا الليثُ، عن محمَّد بن عجلانَ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ، أنه قال:«نزَعَ رجُلٌ لم يعمَلْ خيرًا قَطُّ غُضنَ شوْكٍ عن الطَّرِيقِ، إما كان في شَجَرَةِ فقطَعَهُ وألقَاهُ، وإمَّا كان موضُوعًا فأماطَهُ، فشكرَ الله لهُ بها، فأدخَلَهُ الجنةَ» (٤).


(١) إسناده صحيح. واصل: هو مولى أبي عيينة، وعباد بن عباد: هو المُهلَّبي.
وقد سلف تخريجه برقم (١٢٨٥).
(٢) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) وهامش (ب).
(٣) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وواصل: هو مولى أبي عيينة، وأبو الأسود الديلى: هو ظالم بن عمرو بن سفيان.
وقد سلف تخريجه برقم (١٢٨٦).
وقوله: وذكر النبيَّ، كلمة «النبي» فاعل «ذكر» أي ذكر النبيُّ- ﷺ هذا الحديث في وسط كلامه، أي: في أثنائه.
(٤) إسناده قوي من أجل محمَّد بن عجلان، فهو صدوق لا بأس به. الليث: هو ابن سعد، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه ابن حبان (٥٤٠) عن إسماعيل بن داود بن وردان، عن عيسى بن حماد، بهذا الإسناد. وقال: معنى قوله: «لم يعمل خيرًا قطٌّ» يريد به سوى الإسلام. =

١٧٣ - باب إطفاء النار بالليل
٥٢٤٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حَنْبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ
عن أبيه روايةً- وقال مرةً: يبلغُ به النبيَّ- ﷺ «لا تَترُكُوا النارَ في بيُوتكم حينَ تنامُونَ» (١).
٥٢٤٧ - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن التّمارُ، حدَّثنا عمرو ابنُ طلحةَ، حدَّثنا أسباطٌ، عن سماكِ، عن عِكرِمَة
عن ابنِ عباسٍ قال: جاءَت فأرَةٌ، فاخذَتْ تجرُّ الفَتِيلةَ، فجاءت بها فألقَتْهَا بين يدَي رسولِ الله ﷺ على الخُمْرَةِ التي كان قاعدًا عليها، فأحرقَت منها مثلَ موضِعِ دِرْهَمٍ، فقال: «إذا نِمتُم فأطفِئُوا سُرُجَكم، فإن الشيطَان يَدُلُّ مِثلَ هذِهِ على هذا فَتُحْرِقَكُم» (٢).


= وأخرجه بنحوه مالك في «الموطأ» ١/ ١٣١ ومن طريقه البخاري (٦٥٢)، ومسلم (١٩١٤) عن سمَّى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبى صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: «بينما رجل يمشي بطريق إذ وجد غصنَ شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له».
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٤١) و(١٠٨٩٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٣٦).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيية، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري (٦٢٩٣)، ومسلم (٢٠١٥)، وابن ماجه (٣٧٦٩)، والترمذي (١٩١٦) من طريق سفيان بن عيية، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٤٦).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. أسباط -وهو ابن نصر الهَمداني- صدوق كثير الخطأ، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب. عمرو ابن طلحة: هو عمرو بن حماد بن طلحة القنّاد. =

١٧٤ - باب في قَتل الحيّات
٥٢٤٨ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ عجلانَ، عن
أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«ما سالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حاربنَاهُنَّ، ومن تركَ شيئًا منهُنَّ خِيفةً فليس منا» (١).


= وأخرجه عبد بن حميد (٥٩١)، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٢٢٢)، والبزار في «مسنده» (٤٧٧٩)، وابن حبان (٥٥١٩)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٢٨٤ - ٢٨٥ من طرق عن عمرو بن حماد بن طلحة، بهذا الاسناد. وفي الباب ما يشهد له عن جابر في «مسند أحمد» (١٤٢٢٨)، والبخاري في «صحيحه» (٦٢٩٥) وفي «الأدب المفرد» (١٢٢١)، ومسلم (٢٠١٢). ولفظه عند أحمد: «أغلقوا أبوابكم، وخمِّروا آنيتكم، وأطفئوا سُرُجَكم، وأوكوا أسقيتكم، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقًا،ولا يكشف غطاءً، ولا يحلُّ وكاءً، وإن الفويسقة تُضرم البيت على أهله» يعني الفأرة. ولفظ البخاري في «صحيحه»: «وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرَّت الفتيلة فاحرقت أهل البيت».
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: احترق بيت على أهله بالمدينة، فلما حُدِّث رسول الله ﷺ بشأنهم، قال: «إن هذه النار إنما هي عدوٌ لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم». أخرجه أحمد (١٩٥٧٠)، والبخاري (٦٢٩٤)، ومسلم (٢٠١٦)، وابن ماجه (٣٧٧٠).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد جيد. ابن عجلان -وهو محمَّد- وأبوه صدوقان.
وقد سمعه محمَّد بن عجلان من أبيه ومن بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبيه، وصرح بالسماع من أبيه عند أحمد (٩٥٨٨)، فالطريقان محفوظان، والله أعلم. ولهذا قال الدارقطني في «العلل» ١١/ ١٣٨: لعل محمَّد بن عجلان سمعه عن أبيه، ثم استثبته من بكير ابن الأشج.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (٩٥٨٨) و(١٠٧٤١)، والبزار (٨٣٧٢)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٣٣٨) و(٢٩٢٩). =

٥٢٤٩ - حدَّثنا عبد الحميد بن بيانٍ السُّكرىُّ، عن إسحاقَ بنِ يوسُفَ، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن القاسم بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه
عن ابنِ مسعودِ، قال: قال رسولُ الله ﷺ:«اقتُلُوا الحيّاتِ كُلَّهنَّ، فمن خَافَ ثأرَهُن فليس مني» (١).
٥٢٥٠ - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن نُمير، حدَّثنا- موسى ابن مُسلم، قال:
سمعت عِكرِمَة يرفَع الحديث فيما أُرى إلى ابنِ عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَن ترَكَ الحيّاتِ مخافَةَ طلبهِنَّ فليسَ مِنّا، ما سالَمْنَاهُن منذُ حاربنَاهُنَّ» (٢).


= وأخرجه الحيدي (١١٥٦)، وأحمد (٧٣٦٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٦٤٤) من طريق سفيان، عن ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله، عن عجلان، عن أبي هريرة.
زاد فيه بكيرَ بن عبد الله.
وله شاهد من حديث ابن عباس سيأتي برقم (٥٢٥٠).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيىء الحفظ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه إلا شيئًا يسيرًا. وقد روي من وجه آخر صحيح كما سيأتي.
وأخرجه النسائى في «المجتبى» (٣١٩٣) من طريق يزيد بن هارون، عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي فى«شرح مشكل الآثار» (١٣٣٩) من طريق مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود رفعه، وقال: مثله. فأحال على حديث أبي هريرة وهو الحديث الذي قبله.
وانظر ما سيأتى برقم (٥٢٦١).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (٢٠٣٧)، والطبراني (١١٨٠١) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الاسناد. =

٥٢٥١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدَّثنا مروانُ بنُ معاويةَ، عن موسى الطحّانِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ سابِط
عن العباسِ بنِ عبدِ المطلبِ، أنه قال لرسُولِ الله -صلى الله عليه-: إنا نريدُ أن نكنُسَ زمزم، وإنَّ فيها من هذه الجِنَّانِ -يعني الحيّاتِ الصغارَ-، فأمر النبيَّ- ﷺ بقتلِهِنَّ (١).
٥٢٥٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سألمٍ
عن أبيه، أن رسولَ الله ﷺ قال: «اقتُلُوا الحيَّاتِ، وذا الطُّفَّيتَينِ، والأبتَرَ، فانهما يلتمسَانِ البَصَرَ، ويُسقِطَانِ الحبَلَ» (٢).


=وأخرجه عبد الرازق (١٩٦١٧) ومن طريقه أحمد (٣٢٥٤)،والبغوى فى «شرح السنة، (٥٣٢٦) عن معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، به. دون قوله:»ما سالمناهن منذ حاربناهن«.
وبهامش: مختصر المنذري» قال يحيى بن أيوب: سُئل أحمد بن صالح عن تفسير قوله: «ما سالمناهن منذ حاربناهن» متى كانت العداوة؟ قال: حين أُخرج آدم من الجنة، قال الله العظيم: ﴿اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ﴾ [طه: ١٢٣] قال: هُم، قالوا: آدم وحواء وإبليس والحية، قال: والذي صح أنهم الثلاثة بإسقاط الحية.
(١) رجاله ثقات، لكن قال المنذري في سماع عبد الرحمن بن سابط من العباس ابن عبد المطلب نظر، والأظهر أنه مرسل. موسى الطحان: هو ابن مسلم.
وأخرجه الضياء في «المختارة» ٨/ ٣٧٢ من طريق أحمد بن منيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (١١٦٢) عن محمَّد بن يحيى الذهلي، عن محمَّد بن عبيد الطنافسي، عن موسى الطحان، عن عبد الرحمن بن سابط قال: أراد بنو العباس رضي الله عنهم أن يكنسوا زمزم، فقالوا: يا رسول الله ﷺ ... الحديث، وهذا يويد ما استظهره المنذري.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب. =

قال: وكان عبدُ اللهِ يقتُلُ كلَّ حيّةٍ وجدها، فأبصره أبو لُبَابَةَ، أو زيدُ ابنُ الخطّاب، وهو يُطارِدُ حيّةً، فقال: إنه قد نُهِي عن ذَواتِ البُيوت.
٥٢٥٣ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ
عن أبي لُبَابَةَ: أن رسولَ الله ﷺ نهى عن قتلِ الجِنَّانِ التي تكونُ في البيوتِ، إلا أن يكونَ ذا الطفْيَتَينِ والأبترَ، فإنهما يَخطَفَانِ البَصَرَ ويطرحَانِ ما في بطُونِ النِّساء (١).


= وأخرجه البخاري (٣٢٩٧)، ومسلم (٢٢٣٣)، وابن ماجه (٣٥٣٥)، والترمذي (١٥٥٣) من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٥٧)، و«صحيح ابن حبان» (٥٦٣٨).
والأبتر: هو مقطوع الذنب. زاد النضر بن شُميل: أنه أزرق اللون لا تنظر إليه
حامل إلا ألْقَت، وقيل: الأبتر: الحية القصيرة الذنب.
وقوله: «ذو الطفيتين»: تثنية طفية، وهي خُوصة المُقْل، شبه به الخط الذي على ظهر الحية، قال ابن عبد البر يقال: إن ذا الطفيتين جنس من الحيات يكون على ظهره خطان أبيضان.
(١) إسناده صحيح. أبو لبابة: هو ابن عبد المنذر الأوسي. اختلف في اسمه فقيل: بَشير، وقيل: رفاعة، وقيل غير ذلك. وقد ذكر الدارقطني في «العلل» ١٢/ ٢٩٨ و٣٠٧ أن النهي عن قتل الجِنّان يرويه نافع عن ابن عمر عن أبي لبابة عن النبي-ﷺ، وأن قتل ذي الطفيتين والأبتر فهو مما سمعه ابن عمر من النبي-ﷺ. قلنا: يوضح ذلك
رواية سالم بن عبد الله بن عمر الآتية.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٧٥ وقال فيه: «الحيات، بدل»الجِنّان".
وأخرجه بنحوه مسلم (٢٢٣٣) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، و(٢٢٣٣) من طريق عمر بن نافع، كلاهما عن نافع، به. وبتنا في روايتيهما أن أبا لبابة حدث بذلك عبدَ الله بن عمر لما هم بقتل حية عند بيته.
وأخرجه كذلك بنحوه البخاري (٣٣١٣) و(٤٠١٧)، ومسلم (٢٢٣٣) من طرق عن نافع، به. وأن أبا لبابة حدث به ابن عمر أيضًا. واقتصروا فيه على النهي عن =

٥٢٥٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوب، عن نافعٍ
أن ابن عمر وجَدَ بعدَ ذلكَ -يعني بعد ما حدثه أبو لُبابةَ- حيّةً في دارِه، فأمَر بها فاُخرِجَت، يعني إلى البَقيعِ (١).
٥٢٥٥ - حدَّثنا ابنُ السَّرْء وأحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدَانيُّ، قالا: أخبرنا ابنُ وهبِ، أخبرني أسَامَةُ، عن نافع، في هذا الحديثِ، قال نافع: ثم رأيتُها بعدُ في بيتِه (٢).
٥٢٥٦ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن محمَّد بنِ أبي يحيى
حدَّثني أبي، أنه انطلَقَ هو وصاحبٌ له إلى أبي سعيدٍ يعودانِه، فخرجنَا مِن عندِه، فلقِيَنا صاحبُ لنا، وهو يريدُ أن يدخُلَ عليه، فأقبلْنا


= قتل جِنّان البيوت، دون استثناء ذي الطفيتين والأبتر. وبعضهم يقول فيه: عن نافع عن ابن عمر أن أبا لبابة حدثه به. وهذا يؤيد ما سلف من قول الدارقطني.
وأخرج البخاري (٣٢٩٧) و(٣٢٩٨)، ومسلم (٢٢٣٣) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، أنه سمع النبي ﷺ يخطب على المنبر يقول: «اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل، قال عبد الله بن عمر: فبينا أنا أطارد حية لأقتلها فناداني أبو لبابة: لا تقتلها، فقلتُ: إن رسول الله ﷺ قد أمر بقتل الحيات قال: إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهي العوامر.
وهو في»مسند أحمد«(٤٥٥٧) و(١٥٥٤٧)، و»صحيح ابن حبان" (٥٦٣٩). وانظر تالييه.
(١) إسناده صحيح. محمَّد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري.
وانظر ما قبله.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة -وهو ابن زيد الليثى- فهو صدوق، لكه متابع كما سلف برقم (٥٢٥٣) ٠ ابن وهب: هو عبد الله، وابن السَّرحٍ: هو أحمد بن عمرو.
وأخرجه مسلم (٢٢٣٣) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.
وانظر سابقيه.

نحن فجلسْنا في المسجدِ، فجاء فأخبرنا أنه سَمعَ أبا سعيدِ الخدريِّ يقول: قال رسولُ الله ﷺ: «إن الهَوامَّ مِنَ الجِنِّ، فمن رأى في بيتِه شيئًا فليُحَرِّجْ عليه ثلاثَ مراتٍ، فإن عادَ فليقتُلْه، فإنه شيطانٌ» (١).
٥٢٥٧ - حدَّثنا يزيدُ ابنُ مَوهَبِ الرَّمْلي، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن صيفيٍّ أبي سعيدِ مولى الأنصارِ، عن أبي الشائِبِ، قال:
أتيتُ أبا سعيدٍ الخُدرِىَّ، فبينا أنا جَالسٌ عندَه سمعتُ تحتَ سريرهِ تحريكَ شيءٍ، فنظرتُ فإذا حيَّةٌ، فقمتُ، قال أبو سعيدٍ: ما لكَ؟ قلت: حيةٌ ها هنا، قال: فتريد ماذا؟ قلت: أقتُلُها، فأشار إلى بَيتٍ في دارِه تِلقاءَ بيتهِ، فقال: إن ابنَ عمٍّ لي كانَ في هذا البيتِ، فلما كانَ يومُ الأحزابِ استأذنَ إلى أهلِهِ، وكان حديثَ عهدٍ بعُرْسٍ، فأذِنَ له رسولُ الله ﷺ، وأمره أن يذهَبَ بسلاحِه، فأتى دارَه فوجَدَ امرأته قائمةً على بابِ البيتِ، فأشار إليها بالرُّمحِ، فقالت: لا تَعْجَلْ حتى تنظرَ ما أخرجَني، فدخل البيتَ، فإذا حيَّهٌ مُنْكَرةٌ، فطعنها بالرُّمحِ، ثم خرج بها في الرُّمح ترتَكضُ، قال: فلا أدري أيُّهما كان أسرعَ موتًا الرجلُ أو الحيّةُ، فأتى قومُه رسولَ الله ﷺ، فقالوا: ادعُ الله أن يَرُدَّ صاحبَنا، فقال: «استغفِروا لِصَاحِبِكم». ثم قال:«إنَّ نفرًا


(١) إسناده ضعيف لجهالة الراوي عن أبى سعيد. محمَّد بن أبي يحيى: هو الأسلمي، وأبوه أبو يحيى اسمه سمعان، روى عن جمع وروى عنه ابناه أنيس ومحمد، وذكره ابن حبان في كتاب»الثقات«، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الحافظ في»التقريب": لا بأس به.
والهوامُّ: جمع هامَّة: وهي الحية وكل ذي سمٍّ يقتل، وقد تطلق على ما لا يقتُل كالحشرات.

مِن الجِنِّ أسلمُوا بالمدينةِ، فإذا رأيتُم أحدًا منهم فحذِّرُوهُ ثلاثَ مراتٍ، ثم إن بدا لكم بعدُ أن تقتُلُوه فاقتُلُوه بعد الثلاثِ» (١).
٥٢٥٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ عَجْلانَ، بهذا الحديث مختصرًا، قال: «فليُؤذِنْهُ ثلاثًا، فإن بَدَا له بعدُ فليقتُلْه، فإنه شيطانٌ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمَّد- لكنه متابع فيما سيأتي برقم (٥٢٥٩). يزيد: هو ابن خالد بن يزيد بن مَؤهَبٍ الرملي، والليث: هو ابن سعد، وصيفي: هو ابن زياد الأنصاري مولاهم، وأبو السائب: هو عبد الله بن السائب الأنصاري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٠٧٤٠) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٢٣٦) والنسائي في «الكبرى» (١٥٧٤٣) من طريق أسماء بن عبيد، عن السائب -هكذا سماه السائب-، به.
وأخرجه النسائي (١٠٧٣٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن صيفي، به. فَزاد سعيدًا المقبرىَّ بين ابن عجلان وصيفىّ! ولم يتابعه أحدٌ على ذلك. ولهذا وهّمه الدارقطني في «العلل»، ١١/ ٢٧٩.
وأخرجه الترمذي (١٥٥٤) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن صيفي، عن أى سعيد. فأسقط الواسطة بين صيفي وأبي سعيد. قال الدارقطني في «العلل» ١١/ ٢٧٨: وصيفي لم يسمعه من أبي سعيد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦١٥٧).
وانظر تالييه.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمَّد- لكنه قد توبع. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه مسلم (٢٢٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٧٤١) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله وما بعده.

٥٢٥٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهَمْدَانيُّّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني مالكٌ، عن صَيفيٍّ مولى ابنِ أفلحَ
أخبرني أبو السائب مولى هِشام بن زُهرةَ، أنه دخل على أبي سعيد الخدري، فذكر نحوه وأتمَّ منه، قال: «فآذِنُوهُ ثلاثَةَ أيام، فإن بدا لكُم بعدَ ذلك فاقتلُوه، فإنما هُوَ شيطَانٌ» (١).
٥٢٦٠ - حدَّثنا سعيدُ بنُ سليمانَ، عن عليٍّ بنِ هاشمٍ، حدَّثنا ابنُ أبي ليلَى، عن ثابتِ البنانيِّ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى
عن أبيه، أن رسول الله ﷺ سُئِلَ عن حيّاتِ البُيوتِ، فقال:«إذا رأيتُم منهنَّ شيئًا في مساكِنِكُم فقولوا: أَنشُدُكُنَّ العَهْدَ الذي أخَذَ عليكنَّ نوحٌ، أَنْشُدُكُنّ العَهْدَ الذي أخَذَ عليكُنَّ سليمانُ أنْ تُؤْذُونا، فإن عُدْنَ فاقتلُوهُنَّ» (٢).
٥٢٦١ - حدَّثنا عَمرو بنُ عَونٍ، أخبرنا أبو عَوَانةَ، عن مُغيرة، عن إبراهيمَ
عن ابن مسعود، أنه قال: اقتلوا الحيّاتِ كُلَّها، إلا الجانَّ الأبيضَ الذي كأنه قضِيبُ فِضّةٍ (٣).


(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٩٧٦ - ٩٧٧، ومن طريقه أخرجه مسلم (٢٢٣٦) (١٣٩)، والترمذي (١٥٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٢٠) و(١٠٧٤٢).
وهو في «صحيح ابن حبان» (٥٦٣٧).
(٢) إسناده ضعيف، ابن أبي ليلى -وهو محمَّد بن عبد الرحمن- سيىء الحفظ.
وأخرجه الترمذي (١٥٥٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٧٣٨) من طريق محمَّد ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب.
(٣) رجاله ثقات وهو موقوف عن ابن مسعود، وقد روى الإِمام الترمذي في «العلل» =

قال أبو داود: فقال لي إنسانٌ: إن الجانَّ لا يتعوّج في مِشيتِه، فإن كان هذا صحيحًا كانت علامةً فيه إن شاء الله.

١٧٥ - باب في قتل الأوزاغ
٥٢٦٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حَنْبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، عن عامر بنِ سعدٍ
عن أبيه، قال: أمرَ رسولُ الله ﷺ بِقَتلِ الوزَغِ، وسماه فُويسِقًا (١).
٥٢٦٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصّبَّاح البزَّازُ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ زكريا، عن سهيلٍ، عن أبيه


= عن أبي عبيدة بن أبي السفر الكوفي قال: حدَّثنا سعيد بن عامر، عن شعبة، عن سليمان الأعمش، قال: قلتُ وإبراهيم النخعي: أسند لي عن عبد الله بن مسعود فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعتُ، وإذا قلتُ: قال عبدُ الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله. قال ابن رجب في«شرح»العلل«١/ ٢٩٤ - ٢٩٥: وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة.
مغيرة: هو ابن مِقسَم الضبي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكرى.
وأخرجه ابن عبد البر في»التمهيد«١٦/ ٣٠ من طريق لي داود، بهذا الإسناد.
وقال: قول غريبٌ حسن.
وانظر ما سلف برقم (٥٢٤٩).
ونقل صاحب»بذل المجهود«١٧/ ٢٠١ عن محمَّد يحيى في قوله:»كأنه قضيب فضة«: والنهي إما لكونها من الجان فيخص بالمدينة، أو لعدم السم فعامٌّ.
(١) إسناده صحيح.
وهو عند عبد الرزاق في»مصنفه«(٨٣٩٠)، ومن طريقه أخرجه مسلم (٢٢٣٨).
وهو في»مسند أحمد«(١٥٢٣)، و»صحيح ابن حبان" (٥٦٣٥).
الوَزغ: جمع وَزَغَة، وهي التي يُقال لها: سامّ أبرْص، سميت بها لخِفَّتها وسرعة حركتها، وهو من الحشرات المؤذيات، ولذا أمر النبي ﷺ بقتلها وحث عليه.

عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ قتل وزَغةً في أوَّلِ ضرْبةٍ فله كذا وكذا حسنةً، ومن قتلَهُ في الضَّرْبة الثانيةِ فلَهُ كذا وكذا حسنةً، أدنى من الأولى، ومَنْ قَتَلَهُ في الضَّربِة الثالثةِ فله كذا وكذا حسنةَ أدنى مِن الثانيةِ» (١).
٥٢٦٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّازُ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ زكريا، عن سُهَيلٍ، قال: حدَّثني أخي أو أُختى
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال:«فى أول ضرْبةِ سبعونَ حسنةَ» (٢).

١٧٦ - باب في قتل الذَّرِّ
٥٢٦٥ - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، عن المغيرةِ بنِ عبد الرحمن، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج
عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال: «نَزَلَ نبيُّ مِن الأنبياءِ تحتَ شجرةِ، فلدغَتْهُ نَمْلةٌ، فأمر بِجَهازِه فَاُخرِجَ مِن تحتِها، ثُمَّ أمر بها فأُحْرِقَت، فأوحى اللهُ إليه: فهلاًّ نملَةَ واحِدَةَ» (٣).


(١) إسناده صحيح. سهيل: هو ابن أبي صالح السّمان. وقد ذكر الحافظ الذهبي هذا الحديث في «سير أعلام النبلاء» ٥/ ٤٥٩، وعدَّه من غرائب سهيل.
وأخرجه مسلم (٢٢٤٠) من طريق إسماعيل بن زكريا، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٢٤٠)، وابن ماجه (٣٢٢٩)، والترمذى (١٥٥٢)، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وقال الترمذى: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٨٦٥٩).
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٢٤٠) عن محمَّد بن الصبّاح البزاز، بهذا الإسناد.
(٣) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والاعرج: هو عبد الرحمن ابن هُرمُز. =

٥٢٦٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرني يونُسُ، عن ابنِ شهابٍ، عن أبى سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمن وسعيدِ بنِ المسيِّب
عن أبي هريرَةَ، عن رسولِ الله ﷺ:»أن نملةً قرَصَت نبيًا من الأنبياء، فأمَرَ بقريةِ النَّمْلِ فاُحْرِقَت، فأوحى اللهُ إليه: أفي أن قَرَصَتْك نملة أهلكتَ أُمَّةً من الأمم تُسَبِّحُ؟! «(١).
٥٢٦٧ - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، حدَّثنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله بن عُتبة
عن ابنِ عباس، قال: إن النبيَّ- ﷺ نهى عن قَتلِ أربَعٍ من الدوابٌ: النملةِ، والنخلةِ، والهُدهدِ، والصُّردِ (٢).


= وأخرجه مسلم (٢٢٤١)، والنسائى في»الكبرى«(٨٥٦١) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٣١٩) من طريق مالك، والنسائى (٨٥٦١) من طريق محمَّد ابن عجلان، كلاهما عن أبي الزناد، به.
وأخرجه مسلم (٢٢٤١) من طريق همام بن منبّه، والنسائى في»الكبرى«(٢/ ٤٨٥٢) من طريق محمَّد بن سيرين، كلاهما عن أبى هريرة.
وهو في»مسند أحمد«(٨١٣٠) و(٩٨٠١)، و»صحيح ابن حبان«، (٥٦٤٧). وانظر ما بعد.
قال القاضي عياض: في هذا الحديث دلالة على جواز قتل مُؤذٍ.
(١) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد إلايلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (٣٠١٩)، ومسلم (٢٢٤١) وابن ماجه (٣٢٢٥) و(٣٢٢٥ م)،
والنسائى في»الكبرى«(٤٨٥١) من طريق يونس بن يزيد، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٩٢٢٩)، و»صحيح ابن حبان" (٥٦١٤).
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. =

٥٢٦٨ - حدَّثنا أبو صالح مَحبُوبُ بنُ موسى، أخبرنا أبو اسحاقَ الفَزَارِىُّ، عن أبي إسحاقَ الشَّيباني، عن ابنِ سعْد -قال أبو داود: وهو الحسنُ بنُ سعْدِ - عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الله
عن أبيهِ، قال: كنَّا مع رسولِ الله ﷺ في سَفَرٍ، فانطلقَ لِحاجَتِه، فرأينا حُمَّرَةً معها فَرْخَانِ، فأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءتِ الحُمَّرَةُ، فجعلت تُعَرِّشُ، فجاء النبيَّ ﷺ، فقال:«مَنْ فَجَعَ هذهِ بولدِها؟ رُدُّوا ولدَها إليها». ورأى قَرْيَةَ نملٍ قد حَرّقْنَاهَا، فقال: «من حَرَّقَ هذه؟» قلنا: نحن، قال: «إنهُ لا ينبغِي أن يُعذَّبَ بالنار إلا رَبُّ النارِ» (¬١).

١٧٧ - باب في قتل الضِّفْدَع
٥٢٦٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن ابنِ أبي ذئب، عن سعيدِ بنِ خالد، عن سعيد بنِ المسيّب
عن عبدِ الرحمن بنِ عُثمان: أن طبيبًا سأل النبيَّ ﷺ عن ضِفدعٍ يجعلُها في دَوَاءٍ، فنهاه النبيُّ- ﷺ عن قَتْلِها (٢).


= وهو في«مصنف عبد الرزاق» (٨٤١٠٥)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (٣٢٢٤). وهو في «مسند أحمد» (٣٠٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٦٤٦).
قال الخطابي: يقال: إن النهي إنما جاء في قتل النمل في نوع منه خاص، وهو الكبار منها ذوات الأرجل الطوال وذلك أنها قليلة الأذى والضرر، ونهى عن قتل النحلة لما فيها من المنفعة، فأما الهدهد والصُّرَد [والصُّرَد: طائر فوق العُصفور يصيد العصافير، وانظر «حياة الحيوان» ١/ ٦١٢]، فالنهي في قتلهما يدل على تحريم لحومهما وذلك أن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحرمته ولا لضرر فيه كان ذلك لتحريم لحمه.
(١) إسناده صحيح. وهو مرر الحديث السالف برقم (٢٦٧٥).
(٢) إسناده صحيح. وهو مرر الحديث السالف برقم (٣٨٧١) ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وسفيان: هو الثوري.

١٧٨ - باب في الخَذْفِ
٥٢٧٠ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن عقبةَ بن صُهبانَ
عن عبد الله بن مُغَفَّل، قال: نهى رسولُ الله ﷺ-عن الخَذْفِ، قال: «إنَّهُ لا يَصِيدُ صَيْدًا، ولا يَنْكَاُ عَدُوًا، وإنما يَققَاُ العَينَ، ويكْسِرُ السِّنَّ» (¬١).

١٧٩ - باب في الخِتان
٥٢٧١ - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقيُّ وعَندُ الوهاب بنُ عبدِ الرحيم الأشجعيُّ، قالا: حدَّثنا مروانُ، حدَّثنا محمدُ بنُ حسّانَ -قال عبدُ الوهَّاب: الكوفيُّ- عن عبدِ الملك بنِ عُمْيبر
عن أمِّ عطيةَ الأنصارية: أن امرأةَ كانَت تَخْتُنُ بالمدينةِ، فقال لها النبي-ﷺ:«لا تَنْهَكِي، فإنَّ ذلكَ أحْظَى لِلمرأةِ، وأحَبُّ إلى البَعْلِ» (٢).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٨٤١) و(٦٢٢٠)، ومسلم (١٩٥٤)، وابن ماجه (٣٢٢٧) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. ولفظ البخاري في الموضع الأول مختصر بالنهي عن الخذف.
وأخرجه البخاري (٥٤٧٩)، ومسلم (١٩٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٦٩٩٠) من طريق عبد الله بن بريدة، ومسلم (١٩٥٤)، وابن ماجه (١٧) و(٣٢٢٦) من طريق سعيد بن جبير، كلاهما عن عبد الله بن مُغَفل، به. ولفظ النسائي مختصر بالنهي عن الخذف.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٩٤) و(٢٠٥٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٤٩).
الخذفُ: أن ترمي الحصاةَ إلى الأرض، ثم تأخذها بين سبابتيك -الإبهام والسبابة- ثم ترمي بها، أو تجعل مخذفة من خشب ترمي بها صغار الأحجار.
(٢) إسناده ضعيف كما قال المصنف، وقال: محمَّد بن حسان مجهول. وقال الذهبي في «الميزان» لا يُدرى من هو، وقال في «التقريب»: مجهول، وقد أعِلَّ هذا =

قال أبو داود: رُوِيَ، عن عُبيد الله بنِ عَمرو، عن عَبدِ الملك، بمعناه وإسناده. وليس هو بالقوي وقد رُوي مرسلًا.
قال أبو داود: ومحمد بن حسان مجهولٌ، وهذا الحديثُ ضعيفٌ (١).


= الحديث بالاضطراب، وله طرق وشواهد لا تصح، وليس لأي منها إسناد قائم. انظر «تلخيص الحبير» ٤/ ٨٣. مروان: هو ابن معاوية الفزاري.
وأخرجه ابن عدى ٦/ ٢٢٢٣، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٨/ ٣٢٤، وفي «الشعب» (٨٦٤٥)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ٢/ ٣٨٥ من طريق مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٣/ ٥٢٥ من طريق هلال بن العلاء الرقي، عن أبيه، عن عبيد الله ابن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الملك بن عمير، عن الضحاك بن قيس، رفعه.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٨١٣٧)، وعنه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٣٨٩٨) من طريق علي بن معبد الرقي، والبيهقي في «الكبرى» ٨/ ٣٢٤، وفي «الصغرى» (٣٤٠٣)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (٧٦٧) من طريق عبد الله بن جعفر، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن رجل من أهل الكوفة، عن عبد الملك بن عمير، عن الضحاك بن قيس. وقال ابن معين: الضحاك بن قيس هذا ليس بالفهري ولهذا قال الحافظ في «الإصابة» ٣/ ٥٠٤: هذا تابعي أرسل هذا الحديث.
وقوله: «ولا تنهكي» قال الخطابي: معنا.: لا تبالغي بالخفض، والنهك: المبالغة في الضرب والقطع والشتم، وغير ذلك، وقد نهكته الحمى: إذا بلغت منه وأضرت به.
وقال في «المغني» لابن قدامة ١/ ١١٥: وأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، هذا قول كثير من أهل العلم.
(١) من قوله: وقد روي مرسلًا، إلى هنا، أثبتنا. من (هـ).

١٨٠ - باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق
٥٢٧٢ - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمَّد- عن أبى اليمَانَ، عن شداد بنِ أبي عمرو بن حِمَاس، عن أبيه، عن حمزة بن أولى أُسَيد الأنصاريِّ
عن أبيه، أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقولُ وهو خارجٌ مِن المسجدِ، فاختلطَ الرجالُ مَعَ النساءِ في الطريق، فقالَ رسولُ الله ﷺ-للنساءِ: «استَأخِرْنَ، فإنَّه ليسَ لَكُنَّ أن تَحْقُقْنَ الطريقَ، عليكُنَّ بحافَاتِ الطَريق» قال: فكانت المرأةُ تلصَقُ بالجِدارِ، حتى إن ثوبَها ليتعلَّق بالجدارِ مِن لصوقِها به (١).


(١) إسناده ضعيف لجهالة شداد بن أبي عمرو وأبي اليمان -وهو كثير الرحّال-. وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوى في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٣٤٤، والشاشي في «مسنده» (١٥١٥)، والطبراني ١٩/ (٥٨٠)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٨٢٢) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد. ابن مسلمة محمَّد بن عثمان.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (١٣٠١٨)، والدولابي في «الكنى» ١/ ٤٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٨٢١) من طريق الحارث بن الحكم، عن أبى عمرو ابن حماس مرسلًا، بلفظ: «ليس للنساء سَراة الطريق». ووقع عند الطبراني أن له صحبة، لكن في إسناده عند الطبراني إسحاق بن محمَّد المسيّبى، وهو ضعيف الحديث. وهذا المرسل يعِلُّ الموصول، فهذه علة ثانية للخبر.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (٥٦٠١)، وابن عدي ٤/ ١٣٢١، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٨٢٣)، وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف كثير الخطًا. وذكر ابن عدي أنه انفرد به. يعني من هذا الطريق. فلا يصلح مثله للاعتبار. والله أعلم.
وكنا قد حسنًا حديثه بشاهده الذي عند المصنف هنا موصولًا ومرسلًا، فيستدرك من هنا.

٥٢٧٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا أبو قتيبةَ سَلْمُ بنُ قتيبة، عن داودَ بنِ أبي صالحٍ المدنيِّ (١)، عن نافعِ
عن ابنِ عمر: أن النبيَّ- ﷺ نَهَى أن يمشيَ الرجلُ بينَ المرأتَين (٢).

١٨١ - باب الرجل يَسُبُّ الدهرَ
٥٢٧٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح بنِ سفيانَ وابنُ السَّرْح، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سعيدٍ
عن أبي هريرة عن النبيَّ ﷺ: «يقولُ الله عز وجل (٣): يؤذيني ابنُ آدمَ: يَسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بيدي الأمْرُ، أقلِّبُ الليلَ والنهار» (٤).


(١) جاء في (هـ): المُزَني، وهو خطأ، لأن داود بن أبي صالح هذا ذُكر في ترجمته أنه ليثيٌّ، وأين ليث من مزينة؟! والمثبت من (أ) وهو الصواب.
(٢) إسناده ضعيف جدًا. داود بن أبي صالح -هو المدني- قال أبو حاتم الرازي هو مجهول حدث بحديث منكر، وقال أبو زرعة الرازي: لا أعرفه إلا في حديث واحد يرويه عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ، وهو حديثٌ منكر، وذكر البخاري هذا الحديث في «تاريخه الكبير» ٣/ ٢٣٤ من رواية داود هذا، وقال: لا يتابع عليه، وقال ابن حبان في «المجروحين» ١/ ٢٩٠: يروي الموضوعات عن الثقات حتى كأنه يتعمد لها وذكر له هذا الحديث.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٢٣٤، والعقيلي في «الضعفاء» ٢/ ٣٣، وابن عدي ٣/ ٩٥٥، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٢٨٠، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥٤٤٦) و(٥٤٤٧) من طرق عن سلم بن قتيبة، بهذا الإسناد.
(٣) قوله: «يقول الله عز وجل» لم يرد في (أ) و(ج) و(هـ)، وأثبتاه من (ب) وهو الصواب، لأن الحديث من قول الله عز وجل. وكذلك جاء في مصادر تخريج الحديث.
(٤) إسناده صحيح. ابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وسعيد: هو ابن المسيب. =

قال ابنُ السَّرْح: عن ابن المُسَيَّب، مكانَ سعيد.

آخر كتاب الأدب وهو آخر الكتاب


= وأخرجه البخاري (٤٨٢٦) و(٧٤٩١)، ومسلم (٢٢٤٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٢٣) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٢٤٦) من طريق معمر، عن الزهري، به.
وأخرجه البخاري (٦١٨١)، ومسلم (٢٢٤٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٢٢) من طرق عن أبي هريرة.
وأخرج البخاري (٦١٨٢)، ومسلم (٢٢٤٦) و(٢٢٤٧)، والنسائي (١١٤٢٣) من طرق عن أبي هريرة عن النبي-ﷺ-قال: «لا تقولوا: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر» وعند بعضهم: «لا تسبّوا الدهر».
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٤٥)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧١٤) و(٥٧١٥).
قال الخطابي: تأويل هذا الكلام أن العرب إنما كانوا يسبُّون الدهر على أنه هو المُلم بهم في المصائب والمكاره، ويُضيفون الفعلَ فيما ينالهم منها إليه، ثم يسبُّون فاعلَها، فيكون مرجع السبِّ في ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، إذ هو الفاعلُ لها، فقيل على ذلك:«لا تسبوا الدهرَ فإن الله هو الدهر» أي: إن الله هو الفاعلُ لهذه الأمور التي تُضيفونها إلى الدهر.

نجز بعونه سبحانه وتوفيقه تحقيق «سنن أبى داود»، وتخريج أحاديثه، والحكم عليها، ومقابلته بالأصول الخطية، والتعليق عليه، وكان الفراغ منه يوم الاثنين الثاني من رببع الأول سنة (١٤٢٩) هجرية، الموافق اليوم العاشر من آذار سنة ٢٠٠٨ ميلادبة. والحمد لله الذي نتم به الصالحات.

 


google-playkhamsatmostaqltradent