recent
آخر المقالات

٤٦ - كتاب القدر

 

١ - باب كيفية الخلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته
١ - (٢٦٤٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية ووكيع. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير الهمداني (واللفظ له). حدثنا أبي وأبو معاوية ووكيع. قالوا: حدثنا الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ:
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وهو الصادق المصدوق «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما. ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك. ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح. ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل النار. فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار. حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل الجنة. فيدخلها».



(الصادق المصدوق) معناه الصادق في قوله، المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم. (ذراع) المراد بالذراع التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه. وإن تلك الدار ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع. والمراد بهذا الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس لا أنه غالب فيهم. ثم إنه من لطف الله تعالى وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة. وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور ونهاية القلة.

١ - م - (٢٦٤٣) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. كلاهما عن جرير بن عبد الحميد. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يونس. ح وحدثني أبو سعيد الأشج. وحدثنا وكيع. ح وحَدَّثَنَاه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة بن الحجاج. كلهم عن الأعمش، بهذا الإسناد.

٢٠٣٧
قال في حديث وكيع «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة». وقال في حديث معاذ عن شعبة «أربعين ليلة أربعين يوما». وأما في حديث جرير وعيسى «أربعين يوما».

٢ - (٢٦٤٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ). قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد،
يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قال «يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمسة وأربعين ليلة. فيقول: يا رب! أشقي أو سعيد؟ فيكتبان. فيقول: أي رب! أذكر أو أنثى؟ فيكتبان. ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه. ثم تطوى الصحف. فلا يزاد فيها ولا ينقص».

٣ - (٢٦٤٥) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سرح. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عن أبي الزبير المكي؛ أن عامر بن واثلة حدثه؛ أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول:
الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره. فأتى رجلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري. فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا. فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها. ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! أجله. فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! رزقه. فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده. فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص».

٣ - م - (٢٦٤٥) حدثنا أحمد بن عثمان النوفلي. أخبرنا أبو عاصم. حدثنا ابن جريج. أخبرني أبو الزبير؛ أن أبا الطفيل أخبره؛ أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول. وساق الحديث بمثل حديث عمرو بن الحارث.

٤ - (٢٦٤٥) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ. حَدَّثَنَا زُهَيْرُ، أبو خيثمة. حدثني عبد الله بن عطاء؛ أن عكرمة بن خالد حدثه؛ أن أبا الطفيل حدثه قال: دخلت على أبي سريحة، حذيفة بن أسيد الغفاري، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بأذني هاتين، يقول «إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة. ثم يتصور عليها الملك». قال زهير: حسبته قال الذي يخلقها «فيقول: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى. ثم يقول: يا رب! أسوي أو غير سوي؟ فيجعله الله سويا أو غير سوي. ثم يقول: يا رب! ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خلقه؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا».


(يتصور) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: يتصور، بالصاد. وذكر القاضي: يتسور، بالسين. والمراد. بيتسور ينزل. وهو استعارة من تسورت الدار إذا نزلت فيها من أعلاها. ولا يكون التسور إلا من فوق. فيحتمل أن تكون الصاد الواقعة في نسخ بلادنا مبدلة من السين.

٤ - م - (٢٦٤٥) حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي. حدثنا ربيعة بن كلثوم. حدثني أبي، كلثوم عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، صاحب رسول الله ﷺ.
رفع الحديث إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «أن ملكا موكلا بالرحم. إذا أراد الله أن يخلق شيئا بإذن الله، لبضع وأربعين ليلة» ثم ذكر نحو حديثهم.

٥ - (٢٦٤٦) حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا حماد بن زيد. حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسٍ بن مالك. ورفع الحديث أنه قال
«إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا. فيقول: أي رب! نطفة. أي رب! علقة. أي رب! مضغة. فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال قال الملك: أي رب! ذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه».

٦ - (٢٦٤٧) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حرب وإسحاق بن إبراهيم - واللفظ لزهير - (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، عن علي، قال:
كنا في جنازة في بقيع الغرقد. فأتانا رسول الله ﷺ. فقعد وقعدنا حوله. ومعه مخصرة. فنكس فجعل ينكت بمخصرته. ثم قال «ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار. وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة» قال فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال «من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة. ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة» فقال «اعملوا فكل ميسر. أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة. وأما أهل الشقاوة

٢٠٤٠
فييسرون لعمل أهل الشقاوة». ثم قرأ ﴿فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى﴾ [٩٢ /الليل /٥ - ١٠].


(بقيع الغرقد) هو مدفن المدينة. وهو المعروف الآن بجنة البقيع. (مخصرة) المخصرة ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة وعكاز لطيف، وغيرهما. (فنكس) بتخفيف الكاف وتشديدها، لغتان فصيحتان. يقال: نكسه ينكسه فهو ناكس، كقتله يقتله فهو قاتل. ونكسه ينكسه تنكيسا فهو منكس. أي خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض على هيئة المهموم. (ينكت) أي يخط بها خطا يسيرا مرة بعد مرة. وهذا فعل المفكر المهموم. (أفلا نمكث على كتابنا) قال القاضي: يعني إذا سبق القضاء بمكان كل نفس من الدارين، وما سبق به القضاء فلابد من وقوعه، فأي فائدة في العمل، فندعه. قال الطبري: هذا الذي انقدح في نفس الرجل هي شبهة النافين القدر. وأجاب عليه السلام بما لم يبق معه إشكال. وتقدير جوابه أن الله سبحانه غيب عنا المقادير. وجعل الأعمال أدلة على ما سبقت به مشيئته من ذلك. فأمرنا بالعمل، فلا بد لنا من امتثال أمره.
وقال الإمام النووي: وفي هذه الأحاديث كلها دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر. وأن جميع الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره، خيرها وشرها، نفعها وضرها. وقد سبق في أول كتاب الإيمان قطعة صالحة من هذا. قال الله تعالى: ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾. فهو ملك لله تعالى يفعل ما يشاء. ولا اعتراض على المالك في ملكه. لأن الله تعالى لا علة لأفعاله. قال الإمام أبو المظفر السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة، دون محض القياس ومجرد العقول. فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب. لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونها الأستار. اختص الله به وحجبه عن عيون الخلق ومعارفهم، لما علمه من الحكمة. وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه. وقد طوى الله تعالى علم القدر عن العالم، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب.

٦ - م - (٢٦٤٧) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ منصور، بهذا الإسناد في معناه. وقال: فأخذ عودا. ولم يقل: مخصرة. وقال ابن أبي شيبة في حديثه عن أبي الأحوص: ثم قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

٧ - (٢٦٤٧) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا أبو معاوية. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ:
كان رسول الله ﷺ ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت به. فرفع رأسه فقال «ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار». قالوا: يا رسول الله! فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال «لا. اعملوا. فكل ميسر لما خلق له». ثم قرأ ﴿فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* إلى قوله فسنيسره للعسرى﴾ [٩٢ /الليل /٥ - ١٠].

٧ - م - (٢٦٤٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن منصور والأعمش؛ أنهما سمعا سعد بن عبيدة يحدثه عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بنحوه.

٨ - (٢٦٤٨) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر. قال:
جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله! بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن. فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير،

٢٠٤١
أم فيما نستقبل؟ قال «لا. بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير» قال: ففيم العمل؟
قال زهير: ثم تكلم أبو الزبير بشيء لم أفهمه. فسألت: ما قال؟ فقال «اعملوا فكل ميسر».


(أفيما جفت به الأقلام) أي مضت به المقادير وسبق علم الله تعالى به وتمت كتابته في اللوح المحفوظ. وجف القلم الذي كتب به. وامتنعت فيه الزيادة والنقصان؟ قال العلماء: وكتاب الله تعالى ولوحه وقلمه والصحف المذكورة في الأحاديث، كل ذلك مما يجب الإيمان به. وأما كيفية ذلك وصفته فعلمها إلى الله تعالى. ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء.

٨ - م - (٢٦٤٨) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عمرو بن الحارث عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله،
عن النبي ﷺ، بهذا المعنى. وفيه: فقال رسول الله ﷺ «كل عامل ميسر لعمله».

٩ - (٢٦٤٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن يزيد الضبعي. حدثنا مطرف عن عمران بن حصين. قال:
قيل: يا رسول الله! أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال فقال: «نعم» قال قيل: ففيم يعمل العاملون؟ قال «كل ميسر لما خلق له».

٩ - م - (٢٦٤٩) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ نمير عن ابن علية. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. حدثنا شعبة. كلهم عن يزيد الرشك، في هذا الإسناد. بمعنى حديث حماد. وفي حديث عبد الوارث. قال قلت: يا رسول الله!

١٠ - (٢٦٥٠) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. حدثنا عثمان بن عمر. حدثنا عزرة بن ثابت عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يعمر، عن أبي الأسود الدئلي، قال:
قال لي عمران بن الحصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا. وقلت: كل شيء خلق الله وملك يده. فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فقال لي. يرحمك الله! إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك. إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله ﷺ. فقالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل

٢٠٤٢
الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال «لا. بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: ﴿ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها﴾» [٩١ /الشمس /٧ - و-٨].


(ويكدحون فيه) الكدح هو السعي في العمل. سواء أكان للآخرة أم للدنيا. (لأحرز عقلك) أي لأمتحن عقلك وفهمك ومعرفتك.

١١ - (٢٦٥١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ قال «إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم عمله بعمل أهل النار. وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة».

١٢ - (١١٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو للناس، وهو من أهل الجنة».

٢ - باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام
١٣ - (٢٦٥٢) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ وابن أبي عمر المكي وأحمد بن عبدة الضبي. جميعا عن ابن عيينة (واللفظ لابن حاتم وابن دينار). قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن طَاوُسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «احتج آدم وموسى. فقال موسى: يا آدم! أنت أبونا. خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى. اصطفاك الله بكلامه،

٢٠٤٣
وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» فقال النبي ﷺ «فحج آدم موسى. فحج آدم موسى».
وفي حديث ابن أبي عمر وابن عبدة. قال أحدهما: خط. وقال الآخر: كتب لك التوراة بيده.


(احتج آدم موسى) قال أبو الحسن القابسي: معناه التقت أرواحهما في السماء فوقع الحجاج بينهما. قال القاضي عياض: ويحتمل أنه على ظاهره وأنهما اجتمعا بأشخاصهما. (خيبتنا) أي أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران. وقد خاب يخيب ويخوب. ومعناه كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطئية التي ترتب عليها إخراجك من الجنة. ثم تعرضنا نحن لإغواء الشياطين. والغي الانهماك في الشر. (بيده) في اليد، هنا، المذهبان السابقان في كتاب الإيمان، ومواضع في أحاديث الصفات. أحدهما الإيمان بها. ولا يتعرض لتأويلها مع أن ظاهرها غير مراد. والثاني تأويلها على القدرة. (قدره الله علي) المراد بالتقدير هنا الكتابة في اللوح المحفوظ، أو في صحف التوراة وألواحها. (فحج آدم موسى) هكذا الرواية في جميع كتب الحديث، باتفاق الناقلين والرواة والشراح وأهل الغريب: فحج آدم موسى، برفع آدم، وهو فاعل. أي غلبه بالحجة وظهر عليه بها.

١٤ - (٢٦٥٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أنس، فيما قرئ عليه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «تحاج آدم وموسى. فحج آدم موسى. فقال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت الذي أعطاه الله علم كل شئ، واصطفاه على الناس برسالته؟ قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟».

١٥ - (٢٦٥٢) حدثنا إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري. حدثنا أنس بن عياض. حدثني الحارث بن أبي ذباب عن يزيد (وهو ابن هرمز) وعبد الرحمن الأعرج، قالا: سمعنا أبا هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ «احتج آدم موسى عليهما السلام عند ربهما. فحج آدم موسى. قال موسى: أنت آدم الذي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شئ، وقربك نجيا، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قال آدم: فهل وجدت فيها: ﴿وعصى آدم ربه فغوى؟﴾ [٢٠ /طه /١٢١]. قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» قال رسول الله ﷺ «فحج آدم موسى».

١٥ - م - (٢٦٥٢) حدثني زهير بن حرب وابن حاتم. قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «احتج آدم وموسى. فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى».

١٥ - م ٢ - (٢٦٥٢) حدثني عمرو الناقد. حدثنا أيوب بن النجار اليمامي. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمَعْنَى حديثهم.

١٥ - م ٣ - (٢٦٥٢) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ. نحو حديثهم.

١٦ - (٢٦٥٣) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عبد الله بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال وعرشه على الماء».


(كتب الله مقادير الخلائق) قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير. فإن ذلك أزلي لا أول له. (وعرشه على الماء) أي قبل خلق السموات والأرض.

١٦ - م - (٢٦٥٣) حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا المقرئ. حدثنا حيوة. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أبي مريم. أخبرنا نافع (يعني ابن يزيد). كلاهما عن أبي هانئ، بهذا الإسناد، مثله. غير أنهما لم يذكرا: وعرشه على الماء.

٣ - باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء
١٧ - (٢٦٥٤) حدثني زهير بن حرب وابن نمير. كلاهما عَنْ الْمُقْرِئِ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يزيد المقرئ. قال: حدثنا حيوة. أخبرني أَبُو هَانِئٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحبلي؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص يقول؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن. كقلب واحد. يصرفه حيث يشاء». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اللهم! مصرف القلوب! صرف قلوبنا على طاعتك».


(بين إصبعين من أصابع الرحمن) هذا من أحاديث الصفات. وفيها القولان السابقان قريبا: أحدهما الإيمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى. بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد. قال الله تعالى: ليس كمثله شئ. والثاني يتأول بحسب ما يليق بها. فعلى هذا المراد المجاز. كما يقال. فلان في قبضتي وفي كفي. لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي. ويقال: فلان تحت إصبعي أقلبه كيف شئت. فمعنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء. لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده، كما لا يمتنع على الإنسان ما كان بين إصبعيه. فخاطب العرب بما يفهمونه، ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم.

٤ - باب كل شيء بقدر
١٨ - (٢٦٥٥) حدثني عبد الأعلى بن حماد. قال: قرأت على مالك بن أنس. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ، فيما قرئ عليه، عن زياد بن سعد، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس؛ أنه قال:
أدركت ناسا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يقولون: كل شيء بقدر. قال وسمعت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كل شيء بقدر. حتى العجز والكيس. أو الكيس والعجز».


(كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس) قال القاضي: رويناه برفع العجز والكيس، عطفا على كل. وبجرهما عطفا على شئ. قال: ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره، وهو عدم القدرة. وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به، وتأخيره عن وقته. قال: ويحتمل العجز عن الطاعات. ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة. والكيس ضد العجز، وهو النشاط والحذق بالأمور. ومعناه أن العاجز قد قدر عجزه. والكيس قد قدر كيسه.

١٩ - (٢٦٥٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ: قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زياد بن إسماعيل، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، عن أبي هريرة. قال:
جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله ﷺ في القدر. فنزلت: ﴿يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر* إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ [٥٤ /القمر /٤٨، و-٤٩].


(بقدر) المراد بالقدر، هنا، القدر المعروف. وهو ما قدره الله وقضاه وسبق به علمه وإرادته. وفي هذه الآية الكريمة والحديث تصريح بإثبات القدر وأنه عام في كل شئ. فكل ذلك مقدر في الأزل معلوم لله، مراد له.

٥ - باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره
٢٠ - (٢٦٥٧) حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد (واللفظ لإسحاق). قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال:
ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ؛ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى. أدرك ذلك لا محالة. فزنى العينين النظر. وزنى اللسان النطق. والنفس تَمَنَّى وتشتهي. والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».
قال عبد في روايته: ابن طاوس عن أبيه. سمعت ابن عباس.


(إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى) معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنى. فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام. ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله. أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها. أو بالمشي بالرجل إلى الزنى أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك. أو بالفكر بالقلب. فكل هذه أنواع من الزنى المجازي. والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه. معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه. بأن لا يولج الفرج في الفرج وإن قارب ذلك.

٢١ - (٢٦٥٧) حدثنا إسحاق بن منصور. أخبرنا أبو هشام المخزومي. حدثنا وهيب. حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قال «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى. مدرك ذلك لا محالة. فالعينان زناهما النظر. والأذنان زناهما الاستماع. واللسان زناه الكلام. واليد زناها البطش. والرجل زناها الخطا. والقلب يهوى ويتمنى. ويصدق ذلك الفرج ويكذبه».

٦ - باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين
٢٢ - (٢٦٥٨) حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ كان يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ما من مولود إلا يولد على الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء. هل تحسون فيها من جدعاء؟» ثم يقول أبو هريرة: واقرؤا إن شئتم: ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله﴾. الآية [٣٠ /الروم /٣٠].


(الفطرة) قال المازري: قيل هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وإن الولادة تقع عليها حتى يحصل التغيير بالأبوين. وقيل هي ما قضى عليه من سعادة أو شقاوة يصير إليها. وقيل: هي ما هيئ له. (كما تنتج البهيمة بهيمة) بضم التاء الأولى وفتح الثانية. ورفع البهيمة، ونصب بهيمة. ومعناه كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء، أي مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص. لا توجد فيها جدعاء، وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء. ومعناه أن البهيمة تلد بهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها. وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها.

٢٢ - م - (٢٦٥٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبد الأعلى. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرزاق. كلاهما عن معمر، عن الزهري، بهذا الإسناد. وقال «كما تنتج البهيمة بهيمة». ولم يذكر: جمعاء.

٢٢ - م ٢ - (٢٦٥٨) حدثني أبو الطاهر وأحمد بن عيسى. قالا: حدثنا ابن وهب. أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ؛ أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ «ما من

٢٠٤٨
مولود إلا يولد على الفطرة». ثم يقول: اقرؤا: ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم﴾ [٣٠ /الروم /٣٠].

٢٣ - (٢٦٥٨) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «ما من مولود إلا يلد على الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه» فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال «الله أعلم بما كانوا عاملين».


(يلد) هكذا هو في جميع النسخ: يلد. حكاه القاضي عن رواية السمرقندي. قال وهو صحيح على إبدال الواو لانضمامها.

٢٣ - م - (٢٦٥٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ، بهذا الإسناد.
وفي حديث ابن نمير «ما من مولود يولد إلا وهو على الملة».
وفي رواية أبي بكر عن أبي معاوية «إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه».
وفي رواية أبي كريب عن أبي معاوية «ليس من مولود يولد إلا على الفطرة. حتى يعبر عنه لسانه».

٢٤ - (٢٦٥٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «من يولد يولد على هذه الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه. كما تنتجون الإبل. فهل تجدون فيها جدعاء؟ حتى تكونوا أنتم تجدعونها» قالوا: يا رسول الله! أفرأيت من يموت صغيرا؟ قال «الله أعلم بما كانوا عاملين».

٢٥ - (٢٦٥٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يعني الدراوردي) عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ قال «كل إنسان تلده أمه على الفطرة. وأبواه، بعد، يهودانه

٢٠٤٩
وينصرانه ويمجسانه. فإن كانا مسلمين فمسلم. كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه، إلا مريم وابنها».


(يلكزه) لكزه لكزا، من باب قتل، ضربه بجمع كفه في صدره. وربما أطلق على جميع البدن. (حضنيه) هكذا هو في جميع النسخ: في حضنيه، تثنية حضن. وهو الجنب. وقيل الخاصرة.

٢٦ - (٢٦٥٩) حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ سئل عن أولاد المشركين. فقال «الله أعلم بما كانوا عاملين».

٢٦ - م - (٢٦٥٩) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الرحمن بن بهرام. أخبرنا أبو اليمان. أخبرنا شعيب. ح وحَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ (وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ). كلهم عن الزهري. بإسناد يونس وابن أبي ذئب. مثل حديثهما. غير أن في حديث شعيب ومعقل: سئل عن ذراري المشركين.

٢٧ - (٢٦٥٩) حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن أطفال المشركين. من يموت منهم صغيرا. فقال «الله أعلم بما كانوا عاملين».

٢٨ - (٢٦٦٠) وحدثنا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير، عن ابن عباس. قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن أطفال المشركين؟ قال «الله أعلم بما كانوا عاملين، إذ خلقهم».


(الله أعلم بما كانوا عاملين) هذا بيان لمذهب أهل الحق. أن الله علم ما كان وما يكون، وما لا يكون، لو كان كيف كان يكون.

٢٩ - (٢٦٦١) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مسلمة بن قعنب. حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه، عن رقبة بن مسقلة، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا. ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا».

٣٠ - (٢٦٦٢) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين، قالت:
توفي صبي. فقلت: طوبى له. عصفور من عصافير الجنة. فقال رسول الله ﷺ «أو لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار. فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا».

٣١ - (٢٦٦٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين قالت:
دعي رسول الله ﷺ إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله! طوبى لهذا. عصفور من عصافير الجنة! لم يعمل السوء ولم يدركه. قال «أو غير ذلك، يا عائشة! إن الله خلق للجنة أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم. وخلق للنار أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم».

٣١ - م - (٢٦٦٢) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ زَكَرِيَّاءَ عن طلحة بن يحيى. ح وحدثني سليمان بن معبد. حدثنا الحسين بن حفص. ح وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا محمد بن يوسف. كلاهما عن سفيان الثوري، عن طلحة بن يحيى. بإسناد وكيع. نحو حديثه.

٧ - باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها، لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر
٣٢ - (٢٦٦٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب (واللفظ لأبي بكر). قالا: حدثنا وكيع عن مسعر، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري، عن المعرور بن سويد،

٢٠٥١
عن عبد الله. قال:
قالت أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ»اللهم! أمتعني بزوجي، رسول الله ﷺ. وبأبي أبي سفيان. وبأخي، معاوية. قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودات، وأرزاق مقسومة. لن يعجل شيئا قبل حله. أو يؤخر شيئا عن حله. ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر، كان خيرا وأفضل».
قال وذكرت عنده القردة. قال مسعر: وأراه قال والخنازير من مسخ. فقال «إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا. وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك».


(حله) ضبطناه بوجهين: فتح الحاء وكسرها في المواضع الخمسة من هذه الروايات. وذكر القاضي: أن جميع الروايات على الفتح. ومراده رواة بلادهم. وإلا، فالأشهر عند رواة بلادنا الكسر. وهما لغتان. ومعناه وجوبه وحينه. يقال: حل الأجل يحل حلا وحلا. وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل. فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك. (وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك) أي قبل مسخ بني إسرائيل. فدل ذلك على أنها ليست من المسخ.

٣٢ - م - (٢٦٦٣) حدثناه أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ، بهذا الإسناد. غير أن في حديثه عن ابن بشر ووكيع جميعا «من عذاب في النار. وعذاب في القبر».

٣٣ - (٢٦٦٣) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحجاج بن الشاعر - واللفظ لحجاج - (قال إسحاق: أخبرنا. وقال حجاج: حَدَّثَنَا) عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بن مرثد، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري، عن معرور بن سويد، عن عبد الله بن مسعود. قال:
قالت أم حبيبة: اللهم! متعني بزوجي، رسول الله ﷺ. وبأبي، أبي سفيان. وبأخي، معاوية. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إنك سألت الله لآجال مضروبة، وآثار موطوءة، وأرزاق مقسومة. لا يعجل شيئا منها قبل حله. ولا يؤخر منها شيئا بعد حله. ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، لكان خيرا لك».
قال فقال رجل: يا رسول الله! القردة والخنازير، هي مما مسخ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «إِنَّ الله عز وجل

٢٠٥٢
لم يهلك قوما، أو يعذب قوما، فيجعل لهم نسلا. وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك».

٣٣ - م - (٢٦٦٣) حدثنيه أبو داود، سليمان بن معبد. حدثنا الحسين بن حفص. حدثنا سفيان، بهذا الإسناد. غير أنه قال «وآثار مبلوغة».
قال ابن معبد: وروى بعضهم «قبل حله» أي نزوله.

٨ - باب في الأمر بالقوة وترك العجز. والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله
٣٤ - (٢٦٦٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله. ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله. وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان».


(المؤمن القوي خير) المراد بالقوة، هنا، عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة. فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد وأسرع خروجا إليه وذهابا في طلبه. وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والصبر على الأذى في كل ذلك. واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها، ونحو ذلك. (وفي كل خير) معناه في كل من القوي والضعيف خير، لاشتراكهما في الإيمان، مع ما يأتي به الضعيف من العبادات. (احرص على ما ينفعك) معناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة.

 


google-playkhamsatmostaqltradent