١ - باب ما جاء في اللباس (١)
٤٥٢٠
- حدَّثنا عمرو بنُ عَونٍ، أخبرنا ابن
المبارَكِ، عن الجُريري، عن أبي نَضرَةَ
عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسولُ
الله ﷺ ِ إذا استجدّ ثوبًا سمَّاه باسمه: إما قميصًا أو عِمامةً، ثم يقول: «اللهم
لكَ الحمدُ، أنتَ كسَوْتَنِيهِ، أسالُكَ مِن خَيرِه، وخَيرِ ما صُنِع له، وأعُوذُ
بِك مِنْ شرِّهِ، وشرِّ ما صُنِعَ له» قال أبو نضرة: وكان أصحابُ النبي ﷺ إذا لبس
أحدُهم ثوبًا جديدًا قيل له: تُبْلي ويُخْلِفُ الله عز وجل (٢).
(١) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).
(٢)
حديث حسن، وهذا إسناد ضيف. الجُريري -وهو سعيد بن إياس- كان قد اختلط، وسماع ابن
المبارك -وهو عبد الله- منه بعد اختلاطه، وقد تابعه جماعة، لكنهم جميعًا رووا عنه
بعد اختلاطه خلا خالد بن عبد الله الواسطي وحماد بن أسامة، فلم يُنص على أنهما
سمعا منه قبل أو بعد الاختلاط. ورواه عنه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو
ممن سمع منه قبل اختلاطه فخالفهم في إسناده، كما أشار المصنف بإثر الحديث (٤٠٢٢)،
فقد رواه الثقفي عن الجريري، عن أبي نضرة مرسلًا، وكذلك رواه حماد بن سلمة -وهو
ممن سمع من الجريري قبل اختلاطه- لكن جعله عن الجريري، عن أبي العلاء ابن
الشِّخِّير مرسلًا أيضًا. وقد رجح النسائي في «الكبرى» (١٠٠٦٩) رواية حماد بن سلمة
المرسلة على رواية ابن المبارك وغيره.
وأخرجه الترمذي (١٨٦٥) من طريق عبد
الله بن المبارك، وبإثر (١٨٦٥) من طريق القاسم بن مالك المزني، كلاهما عن سعيد
الجريري، به. وقال: هذا حديث حسن.=
٤٠٢١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا عيسى بنُ
يونُس، عن الجُرَيري، بإسناده، نحوَه (١).
٤٠٢٢
- حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا
محمدُ بنُ دينارٍ، عن الجُريريِّ، بإسناده ومعناه (٢).
قال أبو داود: رواه عبدُ الوهَّابُ
الثقفيُّ عن الجُريريِّ، لم يذكُر فيه أبا سعيدٍ.
وحماد بنُ سلمة، قال: عن الجُريري،
عن أبي العلاء، عن النبيَّ ﷺ. قال: أبو داود، حمادُ بنُ سلمةَ والثقفي سماعُهما
واحدٌ (٣).
٤٠٢٣
- حدَّثنا نُصَيرُ بنُ الفَرَجِ،
حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيدَ، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، عن أبي مرحومٍ، عن
سهلِ بنِ مُعاذِ بنِ أنسٍ
عن أبيه، أن رسولَ الله ﷺ قال: «مَنْ
أكل طعامًا ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعمني هذا الطَّعامَ ورَزَقَنِيهِ مِنْ غيرِ
حَوْلٍ مني ولا قُوةٍ، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه، ومن لَبِسَ ثوبًا فقال:
الحمدُ لله الذي كسَاني هذا
= وهو في»مسند أحمد«(١١٢٤٨)، و»صحيح
ابن حبان«(٥٤٢٠) و(٥٤٢١). وانظر تالييه.
وقد حسنه الحافظ في»نتائج الأفكار«١/
١٢٢ لشاهده الذي سيأتي برقم (٤٠٢٣).
(١)
حديث حسن كسابقه. وعيسى بن يونس -وهو السبيعي- ممن سمع من يري بعد اختلاطه.
وأخرجه النسائي في»الكبرى"
(١٠٠٦٨) من طريق عيسى بن يونس السبيعي، الإسناد. وقال: تابعه عبد الله بن المبارك.
ثم أسنده من طريق حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء ابن الشخير مرسلًا،
وقال: هذا أولى بالصواب.
وانظر ما قبله.
(٢)
حديث حسن كسابقيه. ومحمد بن دينار ليس بذاك.
(٣)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
الثوبَ ورَزَقَنِيهِ من غير حولٍ
منِّي ولا قُوة، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه وما تأخَّر» (١).
٢
- باب فيما
يُدْعى لمن لبس ثوبًا جديدًا
٤٠٢٤
- حدَّثنا إسحاقُ بنُ الجرَّاح
الأذنيُّ، حدَّثنا أبو النَّضرِ، حدَّثنا إسحاقُ ابنُ سعيدٍ، عن أبيه
(١) إسناده ضعيف، سهل بن معاذ هو الجهني ضعفه
ابن معين، واضطرب قول ابن حبان فيه.
وقال الذهبي في «الكاشف»: فيه لين،
وأبو مرحوم واسمه عبد الرحيم بن ميمون المدني، ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: يكتب
حديثه ولا يحتج به.
وقال الحافظ المنذري في «مختصر سنن
أبي داود» ٦/ ٢٢: سهل بن معاذ مصري ضعيف، والراوي عنه أبو مرحوم عبد الرحيم بن
ميمون مصري أيضًا لا يُحتج به.
ونُصَيْر شيخ أبي داود قد تفرد بقوله
في آخر الحديث: «وما تأخر» وهي زيادة منكرة، فقد أخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/
(٣٨٩) عن بشر بن موسى الأسدي أحد الثقات عن عبد الله بن يزيد المقرئ فلم يقلها.
وقد رواه البخاري في «تاريخه» (١٥٥٧) عن إسحاق بن راهويه، وابن السني (٢٧١) في
«عمل اليوم والليلة» عن أبي الربيع الزهراني وأبي خيثمة وأحمد الدورقي، والحاكم في
«المستدرك» ١/ ٥٠٧ و٤/ ١٩٢ عن عبد الصمد بن الفضل والسري بن خزيمة ستتهم عن عبد
الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد، ولم ترد هذه الزيادة «وما تأخر» عندهم، وقد
صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي، فقال: أبو مرحوم ضعيف، وهو عبد الرحيم بن ميمون.
وأخرج شطره الأول ابنُ ماجه (٣٢٨٥)،
والترمذيُّ (٣٧٦١) من طريق عبد الله ابن يزيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث
حسن غريب!
وهو في «مسند أحمد» (١٥٦٣٢) كذلك
بالشطر الأول.
وقد حسن إسناد أبي داود الحافظ ابن
حجر في «نتائج الأفكار» ١/ ١٢٠، وفي «الخصال المكفرة» ص٧٤!
عن أُمِّ خالدٍ بنتِ خالدِ بنِ سعيدِ
بنِ العاص: أن رسولَ الله ﷺ أُتي بِكُسْوةٍ فيها خَمِيصَةٌ صغيرة فقال: لامَن
«تُرَوْنَ أحقَّ بهذه؟» فسكت القوم، فقال: «ائتُوني بأمِّ خالدٍ» فأُتي بها،
فألبسها إيَّاهَا، ثم قال: «أبلي وأخْلِقي» مرَّتينِ، وجعل ينظرُ إلى عَلَمِهِ في
الخميصةِ أحمرَ أو أصفرَ ويقولُ: «سَنَاه سَنَاه يا أُمَّ خالدٍ» وسناه في كلام
الحبشة: الحَسَنُ (١).
٣
- باب ما
جاء في القميص
٤٠٢٥
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا
الفضلُ بنُ موسى، عن عبدِ المؤمنِ ابنِ خالدٍ الحَنَفيِّ، عن عبدِ الله بنِ
بُريدةَ
عن أُمِّ سلمةَ، قالت: كان أحَبَّ
الثياب إلى رسُولِ الله ﷺ القَمِيصُ (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو النضر: هو هاشم بن
القاسم، وإسحاق بن سعيد: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص.
وأخرجه البخاري (٣٠٧١) و(٥٨٤٥)
و(٥٩٩٣) من طريق إسحاق بن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٥٧).
قال ابن الأثير في «النهاية»:
«أخلقي» يُروى بالقاف والفاء، فبالقاف: من إخلاق الثوب: تقطيعه، وقد خَلُق الثوبُ
وأَخْلَقَ، وأما الفاء فبمعنى العِوض والبدل، وهو الأشبه.
والخميصة، قال الخطابي: قال الأصمعي:
هي ثياب تكون من خزٍّ أو صوف معلمة.
(٢)
حديث حسن، وقد اختلف في إسناده على عبد المؤمن بن خالد، فقد رواه عنه الفضل بن
موسى السيناني وزيد بن الحباب كما في رواية المصنف هنا، وخالفهما أبو تُميلة -
واسمه يحيى بن واضح، فرواه عنه، عن عبد الله بن بريدة، عن أمه، عن أم سلمة. بزيادة
أم عبد الله بن بريدة في الإسناد. وقد صحح البخاري فيما نقله عنه الترمذي رواية
أبي تميلة، وأما ابن القطان الفاسي فإنه قال في «بيان الوهم والإيهام» ٢/ ٤٥١:
=
٤٠٢٦ - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوبَ، حدَّثنا
أبو تُمَيلَةَ، قال: حدَّثني عبدُ المؤمنِ ابنُ خالدٍ، عن عبدِ الله بنِ بُريدَةَ،
عن أمه
عن أمِّ سلمة، قالت: لم يكن ثوبٌ
أحبَّ إلى رسولِ الله ﷺ مِن قميصٍ (١).
= الحديث إما منقطع، وإما متصل بمن لا
تعرف حالُه. قلنا: أم عبد الله وإن لم يعرف حالها تعد في طبقة الصحابة أو كبار
التابعين إذ ولد ابنها عبد الله ست خمس عشرة فربما يكون عبد الله سمعه على الوجهين
كليهما: من أمه عن أم سلمة. ثم سمعه من أم سلمة مباشرة، وأم سلمة قد عاشت إلى حدود
الستين فالأمر محتمل، والله أعلم.
ويؤيده أنه قد وقع تصريح عبد الله بن
بريدة بسماعه من أم سلمة عند البيهقي في «السنن الكبرى» ٢/ ٢٣٩، وفي «شعب الإيمان»
(٦٢٤٠).
ولهذا فقد حسن هذا الحديث الترمذي
ومن بعده البغوي في «مصابيح السنة» (٣٣٤٠).
وأخرجه الترمذي (١٨٦٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٥٨٩) من طريق الفضل ابن موسى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه الترمذي (١٨٦٠) عن محمد بن
حميد الرازي، عن أبي تُميلة والفضل ابن موسى وزيد بن الحباب عن عبد المؤمن بن
خالد، عن عبد الله بن بُريدة، عن أم سلمة. وهذا إسناد وهم فيه محمد بن حميد الرازي
-وهو ضعيف بل متروك- إذ جمع رواية أبي تُميلة -وهو يحيى بن واضح- إلى رواية الفضل
بن موسى وزيد بن الحباب، مع أن أبا تميلة رواه بزيادة أم عبد الله بن بريدة، كما
نصّ عليه البخاري، وكما سيأتي في الإسناد الذي بعده عند المصنف.
وقد فاتنا تحسينُ هذا الحديث في
«مسند أحمد» (٢٦٦٩٥)، و«جامع الترمذي»، فيُستدرك من هنا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٦٩٥).
وانظر ما بعده.
(١)
حديث حسن كسابقه. أم عبد الله بن بُريدة -وإن لم يؤثر توثيقها عن أحد ولم يرو عنها
غير ابنها- تعد في طبقة الصحابة أو كبار التابعين، إذ وُلد ابنها عبد الله
=
٤٠٢٧ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ ابن
راهويه الحَنْظليُّ، حدَّثنا معاذُ بنُ هشام، عن أبيهِ، عن بُدَيل بنِ مَيْسَرَةَ،
عن شَهْر بنِ حَوْشبٍ
عن أسماءَ بنتِ يزيدَ، قالت: كانت
يَدُ كُمِّ رسولِ الله ﷺ ِ إلى الرُّصْغِ (١).
٤
- باب ما
جاء في لبس الأقبية
٤٠٢٨
- حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ ويزيدُ
بنُ خالد بنِ مَوهَبٍ -المعنى- أن الليثَ حدَّثهم، عن عبدِ الله بنِ عُبيدِ اللهِ
ابن أبي مُلَيْكَةَ
عن المِسْورِ بن مَخرَمة، أنه قال:
قسم رسولُ الله ﷺ أقْبِيَةً ولم يُغطِ مخرمةَ شيئًا، فقال مخرمةُ: يا بُنيَّ،
انطلِق بنا إلى رسولِ الله ﷺ ِ فانطلقتُ معه، قال: اذخُلْ فادعُهُ لي، قال:
فدعوتُه، فخرجَ إليه،
= سنة خمس عشرة. ويحتمل أن يكون سمعه
من أمه عن أم سلمة، وأن يكون سمعه من أم سلمة مباشرة.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٧٥)، والترمذي
(١٨٦١) من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب.
وحَسَّنه البغوي في «مصابيح السنة» (٣٣٤٠).
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٦٩٥).
وانظر ما قبله.
تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من (أ)
و(هـ)، وهو في رواية ابن العبد وابن داسه. فقد أشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن
العبد و(هـ) عندنا برواية ابن داسه. لكن وقع في رواية (أ): عن أبيه، بدل: عن أمه،
وهو خطأ.
(١)
إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي. وأخرجه
الترمذي (١٨٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (٩٥٨٧) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب!
والرُّصْغ لغة في الرُّسْغِ.
وعليه قَباءٌ منها، فقال: «خَبَأتُ
هذا لكَ» قال: فنظرَ إليه - زاد ابنُ مَوْهب: مخرمةُ -ثم اتفقا- قال: «رَضِيَ
مخرمةُ؟». قال قتيبةُ: عن ابنِ أبي مُليكة، لم يُسمِّه (١).
٥
- باب في
لبس الشُّهْرَة
٤٠٢٩
- حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو
عَوَانةَ. وحدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا شريكٌ، عن عثمانَ بنِ أبي زُرعةَ، عن
المُهاجرِ الشَّامي
عن ابنِ عُمَرَ -قال في حديث شَريكٍ:
يرفعُه- قال: «من لبِسَ ثوبَ شُهْرَةٍ ألْبَسَهُ اللهُ يومَ القيامةِ ثوبًا مثلَه
-زاد عن أبي عَوانةَ- ثم تَلَهّبُ فيه النَّارُ» (٢).
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البخاري (٢٥٩٩)، ومسلم
(١٠٥٨)، والترمذي (٣٠٢٨)، والنسائي (٥٣٢٤) من طريق عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي
مليكة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٢٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٨١٧).
قال الحافظ في «هدي الساري» ص ١٦٩:
القَباء، بفتح أوله ممدود هو جنس من الثياب، ضيق من لباس العجم معروف، والجمع
أقبية.
(٢)
إسناده حسن من طريق أبي عوانة -وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري- حسن في المتابعات
من طريق شريك - وهو ابن عبد الله النخعي المهاجر الشامي: هو ابن عمرو النَّبَّال.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٠٦)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٤٨٧) من طريق شريك ابن عبد الله، وابن ماجه (٣٦٥٧) من طريق أبي عوانة
اليشكري، بهذا الإسناد. إلا أنه جاء عندهما: «ألبسه الله يوم القيامة ثوب مَذَلَّة».
وهو في «مسند أحمد» (٥٦٦٤).
قال المناوي في «فيض القدير» ٦/ ٢١٨
- ٢١٩: «من لبس ثوب شهرة»: أي: ثوب تكبر وتفاخر، والشهرة هي التفاخر في اللباس
المرتفع أو المنخفض للغاية، =
٤٠٣٠ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو
عَوانة، قال: «ثوبَ مذلَّةٍ» (١).
٤٠٣١
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا أبو النضرِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابنُ ثابتٍ، حدَّثنا حسانُ بنُ عطيَّهَ،
عن أبي مُنيب الجُرَشيٍّ
عن ابنِ عُمَرَ، قال: قال رسولُ الله
ﷺ:، مَن تَشَبَّه بقومٍ فهو منهم«(٢).
= ولهذا قال ابن القيم: هو من الثياب
الغالي والمنخفض، ...، وقال القاضي: المراد بثوب الشهرة ما لا يحل لبسه، وإلا لما
رتب الوعيد عليه، أو ما يُقصد بلبسه التفاخر والتكبر على الفقراء والإدلال والتيه
عليهم وكسر قلوبهم، أو ما يتخذه المساخر (كالمهرِّج) ليجعل به نفسه ضُحْكَة بين
الناس، أو ما يُرائي به من الأعمال، فكنى بالثوب عن العمل وهو شائع، والأظهر الأول
لملاءمته لقوله:»ألبسه الله ثوب مذلة«.
(١)
إسناده حسن كسابقه.
(٢)
إسناده ضعيف على نكارة في بعض ألفاظه، علته عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد
بسطنا القول فيه في»المسند«(٥١١٤). أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.
والحديث عند غير المصنف مطول، وقد
اقتصر أبو داود على الفقرة الأخيرة منه ونصه:»بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك
له، وجعل رزقي تحت ظل رُمحي، وجعل الذلةُ والصَّغارُ على من خالف أمري، ومن تشبه
بقوم فهو منهم«.
وأخرجه بتمامه ابن أبي شيبة ٥/ ٣١٣،
وأحمد (٥١١٤)، وعبد بن حميد (٨٤٨)، وابن الأعرابي في»معجم شوخه«(١١٣٧)، والطبراني
في»مسند الشاميين«، (٢١٦)، والبيهقي في»شعب الإيمان«(١١٩٩)، والذهبي في»سير أعلام
النبلاء«١٥/ ٥٠٩، وابن حجر في»تغليق التعليق«٣/ ٤٤٥ من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن
ثوبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في»شرح مشكل
الآثار«عن أبي أمية الطرسوسي، حدَّثنا محمد بن وهب بن عطية، حدَّثنا الوليد بن
مسلم، حدَّثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن عبد الله بن عمر
... وهذا إسناد فيه ثلاث علل قد أبنا عنها في تعليقنا على»المسند«، وقد فاتني أن
أنبه على ضعفه في شرح مشكل الآثار»، فليستدرك من هنا ومن «المسند».
=
٦ - باب في لبس الشعر والصُّوف
٤٠٣٢
- حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ بنِ يزيدَ
بنِ عبدِ الله بنِ مَوْهَبِ الرَّمليُّ وحسينُ ابنُ عليٍّ، قالا: حدَّثنا ابنُ أبي
زائدةَ، عن أبيهِ، عن مُصعبِ بنِ شيبةَ، عن صفيَّهَ بنتِ شيبةَ عن عائشة قالت:
خرجَ رسولُ الله ﷺ وعليه مِرْط مُرَحَّلٌ مِن شَعَرٍ أسوَدَ (١).
= وفي الباب عن حذيفة بن اليمان عند
البزار في «مسنده» (٢٩٦٦)، والطبراني في «الأوسط» (٨٣٢٣) من طريق محمد بن مرزوق،
حدَّثنا عبد العزيز بن الخطاب، حدَّثنا علي بن غراب عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين
عن أبي عبيدة بن حذيفة عن أبيه أن النبيَّ ﷺ قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» قال
البزار بإثره: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن حذيفة مسندًا إلا من هذا الوجه، وقد
رواه غير علي بن غراب، عن هشام، عن محمد، عن أبي عُبيدة، عن أبيه موقوفًا.
قلنا: رواه موقوفًا على حذيفة
الإِمام أحمد في «الورع» ص ١٧٨.
وكيف يبعث ﷺ بالسيف، والله يقول في
وصفه في محكم كتابه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾
[الأنبياء:١٠٧].
وفي صحيح مسلم (٢٥٩٩) من حديث أبي
هريرة، قيل: يا رسول الله ﷺ ادع على المشركين، قال: «إني لم أبعث لعانًا وإنما
بعثت رحمة».
وروى ابن سعد في الطبقات«١/ ١٩٢،
والبيهقى في شعب الإيمان» (٣٣٩) عن طريق وكيع بن الجراح، أخبرنا الأعمش، عن أبي
صالح قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة» وهذا سند صحيح
لكنه مرسل، ويعضده حديث مسلم قبله.
(١)
إسناده صحيح. مصعب بن شيبة -وإن ان لين الحديث- انتقى له مسلم هذا الحديث. وصححه
الترمذي والحاكم، وسكت عنه الذهبي. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا.
وأخرجه مسلم (٢٠٨١)، والترمذي (٣٠٢٢)
من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن
صحيح غريب. =
٤٠٣٢/ ١ - وقال حسينٌ: حدَّثنا يحيى بنُ زكريا، حدَّثنا
إبراهيمُ بنُ العلاء الزُبيديُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عياشٍ، عن عَقِيلِ بنِ
مُدْرِكٍ، عن لقمانَ بنِ عامرٍ
عن عُتبةَ بنِ عبْدٍ السُّلَمي، قال:
اسْتَكسَيْتُ رسولَ الله ﷺ، فكساني خَيْشَتَيْنِ، فلقدْ رأيتُني وأنا أَكْسَى
أصْحَابِي (١).
٤٠٣٣
- حدَّثنا عَمرُو بنُ عَونٍ، حدَّثنا
أبو عَوانةَ، عن قتادةَ، عن أبي بُرْدَةَ، قال:
قال لي أبي: يا بنيَّ، لو رأيتَنا
ونحنُ مع نبينا ﷺ، وقد أصابَتْنَا السَّماءُ، حَسِبْتَ أن ريحَنَا رِيحُ الضأنِ
(٢).
= وهو في «مسند أحمد»، (٢٥٢٩٥).
قال الخطابي: المِرط: كساء يؤتزر به،
قال أبو عبيد: المرط قد يكون من صوف ومن خزّ، والمُرَحَّل: هو الذي فيه خطوط،
ويقال: إنما سمي مُرحَّلَا، لأن عليه تصاوير رحْلٍ، وما يُشبهه.
(١)
إسناده حسن. عقيل بن مُدرك، قال عنه الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام»: شامي صدوق،
وهو كما قال، وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده صالحة، وهذا منها.
وأخرجه أحمد (١٧٦٥٦)، ويعقوب بن
سفيان في «المعرفة والتاريخ» ٢/ ٣٥٠، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٣٦٢)،
والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٣٠٧)، وفي «الشاميين» (١٦١٠)، وأبو نعيم في «الحلية»
٢/ ١٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦١٨١/ م)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣٨/ ٢٧٧،
والمزي في ترجمة عقيل بن مُدرك من «تهذيب الكمال» ٢٠/ ٢٣٩ من طريق إسماعيل بن
عياش، بهذا الإسناد.
قال في «اللسان»: الخيش: ثياب رقاق
النسج، غلاظ الخيوط، تُتَّخذ من مُشَاقَة الكتان ومن أردئه.
(٢)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله
اليشكري. =
قال أبو داود: يعني من لباس الصُّوف
(١).
٧
- باب لبس
المرتفع من الثياب
٤٠٣٤
- حدَّثنا عمرُو بنُ عون، أخبرنا
عُمارَةُ بنُ زاذانَ، عن ثابتٍ
عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ مِلكَ ذِي
يَزَن أهدى إلى رسولِ الله ﷺ حُلَّةً أخذها بثلاثَةٍ وثلاثينَ بعيرًا، أو ثلاثٍ
وثلاثينَ ناقةً، فقبِلها (٢).
= وأخرجه ابن ماجه (٣٥٦٢)، والترمذي
(٢٦٤٧) من طريق قتادة بن دعامة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وهو في مسند أحمد«(١٩٦٠٢)، و»صحيح
ابن حبان«(١٢٣٥).
قال الترمذي: ومعنى الحديث أنه كان
ثيابَهم الصوفُ، فإذا أصابهم المطر يجيء في ثيابهم ريح الضأن.
(١)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.
(٢)
إسناده ضعيف. عمارة بن زاذان، يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير، فيما قاله
الإِمام أحمد. وقد تفرد بهذا الحديث. والمحفوظ عن أنس أن الذي بعث بحلة هدية إلى
النبي ﷺ هو أكيدر دومة، وأما حلة ذي يزن، فالصحيح فيها أنه اشتراها حكيم بن حزام
ثم أراد أن يهديها للنبي ﷺ ولم يكن أسلم بعد، فلم يقبلها رسول الله ﷺ حتى اشتراها
منه بالمال.
وأخرجه أحمد (١٣٣١٥)، والحسين
المروزي في زياداته على»البر والصلة«لابن المبارك (٢٧١)، والدارمي (٢٤٩٤)، وأبو
يعلى (٣٤١٨)، والطحاوي في»شرح مشكل الآثار«(٤٣٤٤) و(٤٣٤٥)، والطبراني
في»الأوسط«(٨٨٥٨)، وأبو الشيخ في»أخلاق النبي«ص ١٠٥، والحاكم ٤/ ١٨٧ من طرق عن
عمارة بن زاذان، به. زاد الحاكم: فلبسها النبي ﷺ مرة، وصححه، وسكت عنه الذهبي!
وأخرج أحمد (١٥٣٢٣)، وابن أبي عاصم
في»الآحاد والمثاني" (٥٩٢)، والطبراني (٣١٢٥)، والحاكم ٣/ ٤٨٤ - ٤٨٥ من طريق
الليث بن سعد، عن عبيد الله ابن المغيرة، عن عراك بن مالك، أن حكيم بن حزام قال:
... وفيه: فوجد حلة لذي =
٤٠٣٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن عليِّ بنِ زيدٍ
عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله بنِ
الحارِثِ: أن رسولَ الله ﷺ اشترى حُلّةً ببِضعةٍ وعشرين قَلُوصًا، فأهداها إلى ذِي
يَزَن (١).
٨
- باب لباس
الغليظ
٤٠٣٦
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ. وحاثنا موسى، حدَّثنا سليمان -يعني ابنَ المغيرة، المعنى- عن حميدِ بنِ
هِلال، عن أبي بُردةَ، قال:
دخلتُ على عائشةَ، فأخرجت إلينا
إزارًا غليظًا مما يُصْنَعُ باليمنِ، وكساءً مِن التي يُسمُّونها المُلبَّدة،
فأقْسَمَتْ باللهِ إنَّ رسولَ الله ﷺ قُبِضَ في هذين الثوبين (٢).
= يَزَن تباع، فاشتراها -يعي حكيمًا-
بخمسين دينارًا ليهديها لرسول الله ﷺ، فقدم بها عليه المدينة، فأراده على قبضها
هدية، فأبى، قال عُبيد الله: حسبتُ أنه قال: «إنا لا نقبل شيئًا من المشركين، ولكن
إذا شئت أخذناها بالثمن» فأعطيته حين أبى علىَّ الهدية. وإسناده صحيح.
وأما هدية أكيدر دومة، فأخرجها مسلم
(٢٤٦٩) وغيره من طريق عمر بن عامر، عن قتادة، عن أنس. وهو في «مسند أحمد» (١٣١٤٨)،
و«صحيح ابن حبان» (٧٠٣٨).
وانظر ما بعده.
(١)
إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- ثم هو مرسل، لأن إسحاق بن عبد الله
بن الحارث -وهو ابن نوفل- تابعي.
وأخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص
١١٢ من طريق قتادة، عن علي بن زيد، به.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، وحماد: هو ابن سلمة.
=
٤٠٣٧ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالدِ أبو ثَور
الكلبيُّ، حدَّثنا عمر بنُ يونسَ بنِ القاسم اليماميُّ، حدَّثنا عِكرمَةُ بنُ
عمارٍ، حدَّثنا أبو زُمَيْلٍ
حدَّثني عبدُ الله بنُ عباس، قال:
لما خرجَتِ الحروريةُ أتيتُ عليًا، فقلتُ: آتي هؤلاءِ القومَ، فَلَبِسْتُ أحسَنَ
ما يكونَ مِن حُلَلِ اليَمَنِ -قال أبو زُميل: وكان ابنُ عباسٍ رجلًا جميلًا
جهِيرًا-، قال ابن عباس: فأتيتُهم، فقالوا: مرحبًا بك يا أبا عباسٍ، ما هذه
الحُلَّةُ؟ قال: ما تعيبُون عليَّ؟ لقد رأيتُ على رسولِ الله ﷺ أحسَنَ ما يكونُ
مِن الحُلَلِ (١).
= وأخرجه البخاري (٣١٠٨)، ومسلم
(٢٠٨٠)، وابن ماجه (٣٥٥١)، والترمذي (١٨٣٠) من طريق حميد بن هلال، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٣٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٦٢٣).
قوله: مُلبَّدة«: قال ابن الأثير:
أي: مرقَّعًا، وقال ثعلب: يقال للرقعة التي يرقع بها القميص لبدة، وقال غيره: هي
التي ضُرِبَ بعضها في بعض حتى تتراكب وتجتمع.
(١)
إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمار.
وأخرجه الحاكم ٢/ ١٥٠، والبيهقي ٨/
١٧٩ من طريق عمر بن يونس بن القاسم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٤/ ١٨٢ من طريق محمد
بن عيسى المدائني، عن عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن عبد الله بن
الدؤل، عن ابن عباس. ومحمد ابن عيسى المدائني ضعفه الدارقطني وغيره.
وأخرجه الطبراني في»الكبير"
(١٢٨٧٨) من طريق نعيم بن حماد، عن عبد الله ابن المبارك و(١٢٨٨٤) من طريق النضر بن
محمد الجرشي، كلاهما عن عكرمة بن عمار، به ولفظه: رأيتُ على رسول الله ﷺ أحسن ما
يكون من الثياب اليمنية.
الحرورية بفتح الحاء نسبوا إلى
حروراء: وهو موضع قريب من الكوفة كان أول ما اجتمعوا فيه، وخروجهم: هو انتقاضهم
على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والجهير: ذو الرواء والمنظر.
قال أبو داودَ: اسمُ أبي زُميلٍ:
سماكُ بنُ الوليدِ الحَنفيُّ.
٩
- باب ما
جاء في الخَزِّ
٤٠٣٨
- حدَّثنا عثمانُ بنُ محمد الأنْماطيُّ
البصريُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ عبدِ اللهِ الرازيُّ (ح)
وحدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ
الرازيُّ، حدَّثنا أبي، أخبرني أبي عبدُ اللهِ ابنُ سعدِ
عن أبيه سعد، قال: رأيتُ رجلًا
ببُخارى على بغلةٍ بيضاءَ، عليه عِمَامَةُ خَزٍّ سوداءُ، فقال: كَسَانِيها رسولُ
الله ﷺ ِ هذا لفظ عثمان، والإخبارُ في حديثه (١).
٤٠٣٩
- حدَّثنا عبدُ الوهَّابِ بنُ نجدةَ،
حدَّثنا بِشرُ بنُ بكْرٍ، عن عبدِ الرحمن ابن يزيدَ بنِ جابرٍ، حدَّثنا عطيةُ بنُ
قيسٍ، سمعتُ عبدَ الرحمن بنَ غَنمٍ الأشعريَّ
حدَّثني أبو عامِرٍ، أو أبو مالِكِ،
واللهِ يمينٌ أُخرى ما كذبني، أنه سَمعَ رسولَ الله ﷺ يقول: «ليكونَنَ من أُمَّتي
أقوامٌ يستحلُّونَ الخزَّ والحَرِيرَ -وذكرَ كلاماَ، قال:- يَمسَخُ منهم آخرين
قِرَدَةً وخنازيرَ إلى يومِ القِيَامَةِ» (٢).
(١) إسناده ضعيف. سعد بن عثمان الرازي جد عبد
الرحمن بن عبد الله مجهول، تفرد بالرواية عنه ولده عبد الله. وقال الذهبي في
«الميزان» عنه وعن صحابي الحديث: لا يُدرى مَن هما.
وأخرجه الترمذي (٣٦٠٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٥٦٠) من طريق عبد الله بن سعد الرازي، به.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه الإسماعيلي في «مستخرجه» كما
في «تهذيب السنن» لابن قيم الجوزية ٥/ ٢٧١، ومن طريقه البيهقي ٣/ ٢٧٢ عن الحسن بن
سفيان، عن عبد الرحمن بن إبراهيم =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= دُحيم، عن يشعر بن بكر، بهذا
الإسناد. ولفظه بتمامه: «ليكرنن في أمتي أقوام يستحلُّون الخَزَّ والحرير والخمر
والمعازف، ولينزلن أقرام إلى جنب عَلَم تروح عليهم سارحة لهم، فيأتيهم طالب حاجة،
فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيُبيِّتُهم، فيضع عليهم العلم، ويمسخ منهم آخرين قردة
وخنازير إلى يوم القيامة».
وقوله: «الخَرّ» كذا جاء في (أ) و(ب)
و(ج)، وكذا هو في رواية ابن الأعرابي كما في هامش (هـ) وضُبطت في (هـ): «الحِرَ»،
وجاء في هامشها ما نصه: «الحِرَ» وقع في رواية ابن الأعرابي بالحاه المنقوطة
والزاي، قال أبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم: رواه لنا حميد بن ثوابة: «الحِرَ،
بالحاء مكسورة وبالراء، وقال لي حميد: وقفت إسحاق أبا عيسى الرمليَّ على وجوه
الكلمة كيف سمعتَها من أبي داود، فقال:
»الحِرَ والحرير«، وقال: هذا لفظ أبي
داود كأني أسمعُه ... حدَّثنا أبو عمر النمري، حدَّثنا أبو زيد العطار، حدَّثنا
أحمد بن سعيد بن حزم، حدَّثنا أبو الحسن الباهلي بمصر، قال: حدَّثنا محمد بن
الوزير السلمي الدمشقي، قال: حدَّثنا يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة، عن أبي وهب،
عن مكحول، عن أبي ثعلبة، عن أبي عبيدة بن الجراح، عن النبي ﷺ قال:»إن أول دينكم
نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك أغْفر، ثم ملك وجبروت، يستحل فيها الحِرَ
والحرير«قال لنا الباهلي: هكذا هو»الحر«بكسر الحاء، وقال: هو الوجه، وهكذا في أصل
أحمد بن دُحيم، عن أبي عيسى [يعني الرملي] أيضًا:»الحِرَ والحرير«.. قلنا: لكن نقل
العيني في»عمدته«٢١/ ١٧٦ عن ابن دقيق العيد: أن في كتاب أبي داود والبيهقي ما
يقتضي أنه»الخز«بالزاي والخاء المعجمة، وقال ابن الأثير في»النهاية«في مادة حرر:
والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه:»يستحلُّون الخَزّ، بالخاء المعجمة
والزاي، وهو ضرب من ثياب الابريسم معروف، وكذا جاء في كتابي البخاري وأبي داود.
قال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٥٥: كذا قال، وقد عُرف أن المشهور في رواية البخاري
بالمهملتين.
قلنا: أخرجه البخاري (٥٥٩٠) معلقًا
بصيغة الجزم عن هشام بن عمار (وفيه ضعف) عن صدقة بن خالد، به. ولفظه كلفظ رواية
الحسن بن سفيان إلا أنه جاء عنده «الحِرَ» بدل: «الخز». قال الحافظ في «الفتح» ١٠/
٥٥: ضبطه ابن ناصر بالحاء المهملة =
قال أبو داود: عشرونَ نَفْسًا من
أصحابِ رسول الله ﷺ أقلّ أو أكثر لَبِسُوا الخز (¬١).
١٠
- باب ما
جاء في لبس الحرير
٤٠٤٠
- حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلَمةَ، عن
مالكٍ، عن نافعِ
عن عبدِ الله بنِ عُمر: أن عمر بنَ
الخطاب رأى حُلَّةً سِيراء عند باب المسجد تُباع، فقال: يا رسول الله ﷺ، لو
اشتريتَ هذه فلبستَها يوم
= المكسورة والراء الخفيفة، وهو الفرج.
وكذا هو في معظم الروايات من (صحيح البخاري«، ولم يذكر عياض ومَن تبعه غيرَه،
وأغرب ابن التين، فقال: إنه عند البخاري بالمعجمتين، وقال ابن العربي: هو
بالمحجمتين تصحيف، وإنما روياه بالمهملتين، وهو الفرج، والمعنى يستحلوُّن الزنى.
وأخرجه دون قوله:»الخز«أو»الحِرَ«ابن
حبان (٦٧٥٤)، والطبراني في»الكبير«(٣٤١٧)، وفي»مسند الشاميين«(٥٨٨)، وتمام بن محمد
في»مسند المقلين«(٨)، والبيهقي ١٠/ ٢٢١، والمزي في»تهذيب الكمال«في ترجمة عطية بن
قيس، من طريق هشام بن عمار، بإسناد البخاري.
و»الخز«المقصود بالنهي عنه هو الثوب
الذي جميعه حرير، فقد أخرج الإِمام أحمد في»مسنده«(٢٨٥٦) و(٢٨٥٧) عن ابن عباس قال:
إنما نهى رسول الله ﷺ عن الثوب المُصمت حريرًا. والمصمت هو الذي جميعه حرير، لا
يخالطه فيه قطن ولا غيره. وسيأتي عند المصنف من حديث معاوية بن أبي سفيان
مرفوعًا:»لا تركبوا الخز ولا النمار«.
وأما»الخز«الذي لبسه غيرُ واحد من
الصحابة، فهو الثوب الذي اتخذ من وبر ذكر الأرنب. قال في»المصباح«ومثله
في»المُغرب«: الخز اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وبره خزًا. والخُزَز كصُرَد
ذكر الأرانب. قال في»القاموس«: ومنه اشتق الخَزُّ.
وهذا النوع من»الخز«هو الذي عناه ابن
العربي بقوله:»الخز" بالمعجمتين والتشديد مختلف فيه، والأقوى حله، وليس فيه
وعيد ولا عقوبة بإجماع.
(١)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
الجُمعةِ وللوَفْد إذا قَدِمَوا
عليك، فقال رسول الله ﷺ: «إنما يَلْبَسُ هذه من لا خلاقَ له في الآخرة» ثم جاء
رسولَ الله ﷺ منها حُلل، فأعطى عُمَرَ بنَ الخطاب منها حُلَّةً، فقال عمر: يا
رسولَ الله، كسوتَنِيها وقد قُلتَ في حُلّةِ عُطارد ما قلت؟! فقال رسولُ الله ﷺ:
«إني لم أكْسُكَها لتَلْبَسَها» فكساها عمر أخًا له مُشركًا بمكةَ (١).
٤٠٤١
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا
ابنُ وهب، أخبرني يونسُ وعمرو ابنُ الحارِث، عن ابنِ شهابٍ، عن سالمٍ بنِ عبدِ
الله
عن أبيه، بهذه القصة، قال: حُلّةَ
إسْتَبْرقٍ، وقال فيه: ثم أرْسَلَ إليه بِجُبّةِ ديباجٍ، وقال فيه: «تبيعُها
وتُصيبُ بها حاجتَك» (٢).
٤٠٤٢
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، حدَّثنا عاصمٌ الأحولُ
عن أبي عثمان النَّهديِّ، قال: كتب
عُمر إلى عُتبةَ بن فَرْقَدٍ أن النبيَّ ﷺ نهى عن الحَرير إلا ما كان هكذا وهكذا:
إصبَعَين، وثلاثة، وأربعة (٣).
(١) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف
برقم (١٠٧٦).
(٢)
إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (١٠٧٧).
(٣)
إسناده صحيح. أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ، وعاصم الاحول: هو ابن
سليمان، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه البخاري (٥٨٢٨) و(٥٨٢٩)،
ومسلم (٢٠٦٩)، وابن ماجه (٣٥٩٣)، والنسائي في «الكبرى» (٩٥٤٨ - ٩٥٥١) من طرق عن
أبي عثمان النهدي، به. وعندهم جميعًا خلا ابن ماجه تحديد مقدار ما يجوز من الحرير
في الثوب بإصبعين فقط. وعند ابن ماجه من طريق حفص بن غياث عن عاصم الاحول كالمصنف
بمقدار أربع أصابع.
وأخرجه مسلم (٢٠٦٩)، والترمذي
(١٨١٨)، والنسائي في «الكبرى» (٩٥٥٢)
من طريق سويد بن غَفَلة، عن عمر بن
الخطاب. =
٤٠٤٣ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا
شُعبةُ، عن أبي عَوْنٍ، سمعتُ أبا صالحٍ
عن عليٍّ رضي الله عنه، قال:
أُهدِيتْ إلى رَسُولِ الله ﷺ حُلَّةٌ سِيَراءُ، فأرسلَ بها إليَّ، فلبستُها
فأتيتُه، فرأيتُ الغَضَبَ في وجْهِهِ وقال: «إني لم أُرْسِلْ بها إليكِ
لِتلبَسَها» وأمرَني فأطَرْتُها بين نسائي (١).
قال أبو داود: أبو عَون: محمد بن
عُبيد الله الثقفي، وأبو عثمان النَّهْدي: عبد الرحمن بن مِلّ (٢).
= وهو في «مسند أحمد» (٩٢)، و«صحيح ابن
حبان» (٥٤٥٤).
قال في «عون المعبود» ١١/ ٦١: وفيه
دليل على أنه يحل من الحرير مقدار أربع أصابع كالطراز والسجاف من غير فرق بين
المركب على الثوب، والمنسوج والمعمول بالإبرة، والترقيع كالتطريز، ويحرم الزائد
على الأربع من الحرير، وهذا مذهب الجمهور، وقد أغرب بعض المالكية، فقالوا: يجوز
العلم، إن زاد على الأربع.
(١)
إسناده صحيح. أبو صالح: هو عبد الرحمن بن قيس الحنفي.
وأخرجه مسلم (٢٠٧١)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٤٩٣) من طريق أبي عون الثقفي، به.
وأخرجه البخاري (٢٦١٤)، ومسلم
(٢٠٧١)، والنسائي في «الكبرى» (٩٤٩٤) من طريق زيد بن وهب، عن علي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٩٦) من طريق يزيد
بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن هبيرة بن يريم، عن علي: أنه أُهدي لرسول الله ﷺ حلة
مكفوفة بحرير إما سداها، وإما لُحْمَتها فأرسل بها إلي. فأتيته، فقلت: يا رسول
الله ﷺ، ما أصنع بها؟ ألبَسُها؟ قال: «لا ولكن اجعلها خُمُرًا بين الفواطم». ويزيد
رديء الحفظ.
وهو في «مسند أحمد» (٦٩٨) و(٧٥٥)
و(١١٥٤).
قال الخطابي: قوله: (حلة سيراء) هي
المضلعة بالحرير، وقوله: «فأطرتها بين نسائي» يريد قسمتها بينهن بأن شققتها وجعلت
لكل واحدة منهن شقة، يقال: طار لفلان في القسمة سهم كذا، أي: طار له ووقع في حصته.
(٢)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.
١١ - باب من كرِهَه
٤٠٤٤
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
نافعٍ، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بنِ حُنَين، عن أبيه
عن علي بنِ أبي طالبِ: أن رسولَ الله
ﷺ نَهَى عن لُبسِ القَسِّيِّ، وعن لُبس المُعصْفَرِ وعن تَختُّمِ الذَّهبِ، وعن
القراءَةِ في الرُّكوع (١).
٤٠٤٥
- حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ،
حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بن
حُنَينٍ، عن أبيه
(١) إسناده صحيح. نافع: هو مولى ابن عمر،
ومالك: هو ابن أنس الإِمام، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في «موطأ
مالك» ١/ ٨٠.
وأخرجه مسلم (٢٠٧٨)، والترمذي
(٢٦٣)،والنسائي في «الكبرى» (٦٣٥) و(٦٣٦) و(٧٠٩) و(٧١٠) و(٩٤١٢ - ٩٤١٨) و(٩٥٧١)
و(٩٥٧٥) من طريق إبراهيم ابن عبد الله بن حنين، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٠١) و(٦١١)،
و«صحيح ابن حبان»، (١٨٩٥).
وأخرجه النسائي (٩٤٢٩) من طريق
عَبيدة السَّلْماني، و(٩٤٩١) من طريق على ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، كلاهما عن
علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين لم يدرك جده عليًا.
وانظر تالييه.
قال الخطابي: «القَسيّ»: ثيابٌ يُؤتى
بها من مصر فيها حرير، ويقال: إنها منسوبة إلى بلاد يقال لها: القَسّ -مفتوحة
القاف مشددة السين-، ويقال: إنها القَزِّية [يعني من القز] أبدلوا الزاي سينًا،
وإنما حرمت هذه الأشياء على الرجال دون النساء.
وأما قراءة القرآن في الركوع فإنما
نهى عنه من أجل أن الركوع محل التسبيح والذكر بالتعظيم، وإنما محل القراءة القيام،
فكره أن يجمع بينهما في محل واحد، ليكون كل واحد منهما في موضعه الخاص به، والله
أعلم.
وقد كُره للنساء أن يتختمن بالفضة،
لأن ذلك من زي الرجال، فإذا لم يجدن ذهبًا فليصَفِّرنَه بزعفران ونحوه.
عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، عن النبي ﷺ،
بهذا، قال: عَنِ القراءة في الرُّكوعِ والسُّجودِ (١).
٤٠٤٦
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرو عن إبراهيمَ بنِ عبد الله، بهذا، زاد: ولا أقولُ نهاكُمْ
(٢).
٤٠٤٧
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن علي بنِ زيدٍ
عن أنس بن مالكٍ: أن مَلِكَ الرومِ
أهدى إلى النبي ﷺ مُسْتَقَةً مِن سُنْدُسٍ، فلبِسَها، فكأني انظر إلى يديه
تَذَبْذَبانِ، ثم بَعَثَ بها إلى جعفر، فلبِسها، ثم جاءه، فقال النبي ﷺ: «إني لم
أُعْطِكها لِتَلْبَسَها» قال: فما أصنعُ بها؟ قال: «أرسِلْ بها إلى أخيكَ
النجاشيِّ» (٣).
(١) إسناده صحيح كسابقه. معمر: هو ابن راشد،
وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني.
وهو في«مصنف عبد الرزاق» (٢٨٣٢)
و(١٩٤٧٦)، ومن طريقه أخرجه مسلم (٢٠٧٨)، والترمذي (١٨٢٢)، والنسائي في «الكبرى»
(٩٥٧٤). واقتصر النسائي على ذكر النهي عن لبس المعصفر.
وأخرجه مسلم (٢٠٧٨)، والنسائي (٩٤١٥)
من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٩٢٤).
وانظر ما قبله.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- لكنه متابع
في الطريقين السابقين. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٤١٧)
من طريق خالد بن الحارث، عن محمد ابن عمرو، بهذا الإسناد.
وانظر سابقيه.
(٣)
إسناده ضعيف، ومتنه منكر، تفرد بهذه السياقة علي بن زيد -وهو ابنُ جُدعان- وهو
ضعيف الحديث. =
٤٠٤٨ - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا
رَوْحٌ، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ، عن الحسن
= وأخرجه الطيالسي (٢٠٥٧)، وأحمد
(١٣٤٠٠) و(١٣٦٢٦)، وأبو يعلى (٣٩٨٠) من طريق حماد بن سلمة، به.
وأخرجه أحمد (١٣١٤٨)، وأبو عوانة في
المناقب كما في «إتحاف الخيرة» ٢/ ٢١٦، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٤٧،
وابن حبان (٧٠٣٨)، والبيهقي ٣/ ٢٧٣ - ٢٧٤، والحازمي في «الاعتبار» ص ٢٣٠، من طريق
سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: أن أكيدر دُومة أهدى إلى رسول الله ﷺ جبة
سندس -أو ديباج- قبل أن ينهى عن الحرير، فلبسها، فتعجب الناس منها، فقال: «والذي
نفس
محمد بيده، لمناديل سعْد بن معاذ في
الجنة أحسن منها». وعلق البخاري أوله (٢٦١٦)
عن سعيد بصيغة الجزم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٥٤١)
من طريق عمر بن عامر السلمي، عن قتادة بنحوه.
وخالف سعيدَ بنَ أبي عروبة وعمرَ بن
عامر شيبانُ بنُ عبد الرحمن النحوي، فرواه عن قتادة، عن أنس، فلم يذكر مَن أهدى
للنبي ﷺ الجبة، ولم يذكر أنه ﷺ لبسها أيضًا، وقال في روايته: وكان ينهى عن الحرير.
أخرج رواية شيبان البخاري (٢٦١٥) و(٣٢٤٨)، ومسلم (٢٤٦٩).
ويؤيد رواية ابن أبي عروبة وعمر بن
عامر ما رواه واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أنس عند الترمذي (١٨٢٠)، والنسائي
في «الكبرى» (٩٥٤٤)، وفيه: أنه ﷺ لبس الجبة التي أهداه إياها أكيدر دُومة. وهذا
يقتضي أن ذلك كان قبل النهي. وإسناده حسن.
وقال ابن العربي في «عارضة الأحوذي»
٧/ ٢٢٦: إنما لبسها ﷺ حين كان ذلك مباحًا.
قال الخطابي: قال الأصمعي: المساتق:
فراء طويل الأكمام، واحدتُها مُسْتَقة، قال: وأصلها بالفارسية مُشْته، فعُرِّبت.
قال الشيخ: ويشبه أن تكون هذه
المستقة مكففة بالسندس، لأن نفس الفروة لا تكون سندسًا.
وقوله: تَذَبْذَبان، معناه:
تَحَرَّكان وتضطربان، يريد الكمين.
عن عمران بن حُصَينِ، أن نبيَّ اللهِ
ﷺ قال: «لا أرْكَبُ الأُرْجُوانَ، ولا ألبَسُ المُعصفَرَ، ولا ألبَسُ القَمِيصَ
المكفَّف بالحرِيرِ -قال: وأومأ الحسنُ إلى جَيْبِ قميصِه، قال: وقال:- ألا وطِيبُ
الرجالِ ريحٌ لا لوْنَ له، ألا وطِيبُ النِّساء لونٌ لا ريحَ له».
قال سعيد: أُراه قال: إنما حَمَلُوا
قوله في طِيبِ النساءِ على أنها إذا خَرَجَتْ، فأما إذا كانت عند زوجِها،
فَلْتطَّيَّبْ بما شاءَتْ (١).
(١) حسن لغيره دون قوله: «ولا ألبس القميص
المكفف بالحربر»، فقد صح ما يخالفه. وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو
البصري- لم يسمع من عمران.
روح: هو ابن عُبادة.
وأخرجه الترمذي (٢٩٩٦) من طريق سعيد
بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. دون
ذكر المعصفر والمكفوف بالحرير. وقال:
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩٧٥).
ويشهد لقوله: «لا أركب الأرجوان»
حديث علي بن أبي طالب الآتي برقم (٤٠٥٠)
وإسناده صحيح.
ولقوله: «لا ألبس المُعصفر» شاهد من
حديث علي بن أبي طالب سلف عند المصنف برقم (٤٠٤٤) وإسناده صحيح أيضًا.
وقوله: «ألا إن طيب الرجال ريح لا
لون له، ألا وطيب النساء لون لا ريح له» له
شاهد من حديث أبي هريرة سلف عند
المصنف ضمن حديث مطول برقم (٢١٧٤).
وإسناده ضعيف.
وآخر من حديث أنس بن مالك عند
الطحاري في «شرح معاني الآثار» ٢/ ١٢٨ وفي إسناده صاعد بن عبيد البجلي لم يؤثر فيه
جرح ولا تعديل.
وروي عن أنس من وجه آخر عند البزار
(٢٩٨٩ - كشف الأستار)، والعقيلي في «الضعفاء» ٢/ ١٠٩، والبيهقي في «الشعب» (٧٨١٠)،
والضياء المقدسي في «المختارة» (٢٣١١) لكن اختلف في وصله وإرساله، فقد رواه عبد
الرزاق في «مصنفه» (٧٩٣٨)، والعقيلي ١/ ٤٩ مرسلًا، وإسناد المرسل أصح، وهو الذي
رجحه العقيلي ٢/ ١٠٩.
وبمجموع هذه الشواهد يحسن الحديث إن
شاء الله.
٤٠٤٩ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ بنِ عبدِ
الله بنِ مَوْهَبٍ الرَّمْليُّ الهمدانيُّ، أخبرنا المفضَّلُ بنُ فَضَالةَ، عن
عيّاش بنِ عباسٍ
عن أبي الحصين الهيثَمِ بنَ شَفِيّ -
قال: خرجتُ أنا وصاحبٌ لي يُكنى أبا عامرٍ رجلٌ من المَعَافِرِ لنُصَلِّي
بإيلياءَ، وكان قاصَّهم رجلٌ من الأزْدِ يقال له أبو رَيحانةَ مِن الصحابة، قال
أبو الحصينِ: فسبقني صَاحبي إلى المسجدِ، ثم رَدِفْتُه فجلستُ إلى جنبه، فسألني:
هل أدركتَ قَصَصَ أبي ريحانة؟ قلتُ: لا، قال: سمعتُه يقولُ: نهى رسولُ الله ﷺ عن
عشْرٍ: عن الوشْمِ، والوشمِ، والنَّتْفِ، وعن مُكامَعَة الرجلِ الرجلَ بغير
شِعارٍ، ومُكامَعةِ المرأةِ المرأةَ بغيرِ شعارٍ، وأن يجعل الرجلُ في أسفلِ ثيابِه
حَرِيرًا مثلَ الأعاجِمِ، أو يجعلَ على مَنْكِبَيه حريرًا مثلَ الأعاجم، وعن
النُّهْبَى، وركوبِ النُّمورِ، ولُبوسِ الخاتِم إلا لذي سُلطان (١).
(١) صحيح لغيره دون ذكر النهي عن لبس الخاتم
إلا لذي سلطان، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عامر المعافري -وهو عبد الله بن جابر-
فلم يرو عنه غير رجلين، ولم يوثقه غير يعقوب بن سفيان، ذكره في ثقات التابعين من
أهل مصر، ويعقوب بن سفيان نفسه رخو في توثيق الرجال، فقد ذكر الذهبي في «السير»
١٣/ ١٨١ عنه أنه قال: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات، ثم تعقبه الذهبي بقوله:
ليس في مشيخته إلا نحو من ثلاث مئة شيخ، فأين الباقي؟ ثم في المذكورين جماعة قد
ضعِّفوا. المفضّل ابن فضالة: هو القِتباني المصري الثقة، لا البصري الضعيف.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٣١٣)
من طريق المفضل بن فضالة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (٩٣٤١) لكن مختصرًا
بالنهي عن الوشر والوشم والنتف، من طريق حيوة بن شريح، عن عياش، به.
وأخرجه مختصرًا بالنهي عن ركوب
النمور ابنُ ماجه (٣٦٥٥) من طريق يحيى بن أيوب، عن عياش، به. =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وهو في «مسند أحمد» (١٧٢٠٩) مطولًا.
ويشهد لذكر النهي عن الوشر حديث عبد
الله بن مسعود عند أحمد (٣٩٤٥) بلفظ: سمعت رسول الله ﷺ نهى عن النامصة والواشرة
والواصلة والواشمة، إلا من داء ... وإسناده قوي.
ولذكر النهي عن الوشم يشهد حديث عبد
الله بن عمر الآتي برقم (٤١٦٨) وإسناده صحيح وهو في «الصحيحين».
وحديث ابن مسعود الآتي أيضًا برقم
(٤١٦٩)، وهو في «الصحيحين» كذلك.
وحديث ابن عباس الآتي برقم (٤١٧٠).
وحديث أبي جحيفة عند البخاري (٢٠٨٦).
وحديث أبي هريرة عند البخاري (٥٩٣٣)
و(٥٩٤٦).
وانظر تمام شواهده في «مسند أحمد»
(٣٩٤٥).
ويشهد للنهي عن النتف (وهو النمص)
حديث ابن مسعود الآتي عند المصنف برقم (٤١٦٩)، وهو في «الصحيحين» كذلك.
ويشهد للنهي عن المكامعة بغير شعار
حديث أبي سعيد الخدري السالف برقم (٤٠١٨) وإسناده قوي، وهو في صحيح مسلم«.
ويشهد للنهي عن النُّهبى حديث عبد
الرحمن بن سمرة السالف برقم (٢٧٠٣)
وإسناده حسن وحديث أبي هريرة عند
البخاري (٢٤٧٥)، ومسلم (٥٧).
وحديث عبد الله بن يزيد عند البخاري
(٢٤٧٤).
ويشهد للنهي عن ركوب النمور حديث
معاوية بن أبي سفيان السالف برقم (١٧٩٤)، والأتي برقم (٤١٢٩) بلفظ غير اللفظ
الأول. وإسناده صحيح.
ونهيه ﷺ أن يجعل في أسفل ثيابه
حريرًا مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريرًا مثل الأعاجم، قال شيخ الإسلام ابن
تيمية في»اقتضاء الصراط المستقيم" ص ١١٢: النهي عن هذين لكونهما كانا شعارًا
للأعاجم، لا لكونهما حريرًا، فإنه لو كان النهي عنهما لكونهما حريرًا لعم الثوب
كله، ولم يخص هذين الموضعين، ولهذا قال فيه: مثل الأعاجم، والأصل في الصفة أن تكون
لتقييد الموصوف لا لتوضيحه. =
قال أبو داود: الذي تفرَّدَ بهِ مِن
هذا الحديث خَبر الخاتِم (١).
٤٠٥٠
- حدَّثنا يحيى بنُ حبيبٍ، حدَّثنا
روح، حدَّثنا هِشامٌ، عن محمدٍ، عن عَبِيدَةَ
عن عليٍّ أنه قال: نُهِيَ عن
مَياثِرِ الأرجُوان (٢).
= قال الخطابي: «الوشر» معالجة الأسنان
بما يحدّدها تفعله المرأة المُسنّة تتشبه بالشوابّ الحديثات السنن، والوشم: أن
تُغرز اليد بالابرة، ثم يُحشى كحلًا أو غيره من خضرة أو سواد.
وأما «المكامعة»: فهي المضاجعة، وروى
أبو العباس أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابي قال: المكامعة: مضاجعة العراة المحرمين،
والمكاعمة: تقبيل أفواه المحظورين.
ونهيه عن ركوب النمور: قد يكون لما
فيه من الزينة والخيلاء، وقد يكون لأنه غير مدبوغ، لأنه إنما يُراد لشعره، والشعر
لا يقبل الدباغ.
وقال ابن الأثير في «النهاية»:
النُّهبي بمعنى النَّهب، وهو الغارة والسَّلْب، وهو اختلاس شيء له قيمة عالية.
وأما النهي عن لبس الخاتم إلا لذي
سلطان، فقد جاء في بعض نسخ السنن أن أبا داود قال: الذي تفرد به من هذا الحديث ذكر
الخاتم. وقال الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه المناوي في «فيض القدير» ٦/ ٣٣٥: هذا
الحديث لم يصح، وفي إسناده رجل مبهم، أي: فلا يعارض الأخبار الصحيحة الصريحة في حل
لبسه لكل أحد.
(١)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ). وكتب بجانبه: لؤلؤي.
(٢)
إسناده صحيح. عَبيدة: هو ابن عمرو السَّلْماني، ومحمد: هو ابن سيرين، وهشام: هو
ابن حسان، ورَوْح: هو ابن عُبادة، ويحيى بن حبيب: هو ابن عَرَبيّ.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٤٣٠)
من طريق هشام بن حسان، بهذا الإسناد وزاد في روايته: لبس القسي، وخاتم الذهب،
وسيأتي ذكرهما في الحديث التالي، وسلف ذكرهما في الحديث رقم (٤٠٤٤).
وأخرج النسائي في «الكبرى» (٩٤٠٩)
و(٩٤١٠) من طريق مالك بن عمير، عن علي بن أبي طالب قال: نهانا رسول الله ﷺ عن
الميثرة الحمراء. =
٤٠٥١ - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ ومسلم بنُ
إبراهيم، قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن هُبَيْرَةَ
عن علي رضي الله عنه، قال: نهاني
رسولُ الله ﷺ ِ، عن خَاتمِ الذَّهْبِ، وعَن لُبْسِ القَسِّيِّ، والمِيثرَةِ
الحمرَاء. قال مسلمٌ: المَياثر (١).
٤٠٥٢
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
إبراهيمُ بنُ سعْد، حدَّثنا ابنُ شهابٍ الزهريِّ، عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ
عن عائشة: أن رسولَ الله ﷺ صلَّى في
خَمِيصَةٍ لها أعلامٌ، فنظر إى أعلامِها، فلما سلَّم، قال: «اذهبوا بخميصتي هذه
إلى أبي جَهْمٍ فإنَّها ألْهَتْنِي آنفًا في صلاتي، وأْتُوني بأنْبِجانِيَّتِهِ»
(٢).
= وهو في «مسند أحمد» (١١٦٢).
وانظر ما بعده.
وسيأتي برقم (٤٢٢٥) من طريق آخر
بلفظ: نهاني رسول الله ﷺ عن المثيرة.
قال ابن الأثير في «النهاية»:
المياثر: من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج، والأُرْجُوان: صِبغ أحمر ويتخذ
كالفراش الصغير ويُحشى بقطن أو صوف، ثم يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال،
ويدخل فيه مياثر السروج، لأن النهي يشمل كل مِيثَرة حمراء، سواء كانت على رحل أو
سراج.
وقال الخطابي: إنما سميت مياثر
لوثارتها ولينها.
وجاء في رواية ابن العبد: وسائد
الأرجوان، بدل: مياثر الأرجوان.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هُبيرة -وهو ابن يَرِيْم-، لكنه متابع. أبو
إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٥٤)، والترمذي
(٣٠١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩٤٠٤) و(٩٤٠٥) و(٩٤٠٦) من طريق أبي إسحاق السبيعي،
به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤٣٨).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٤٠٤٤).
وانظر ما سيأتي برقم (٤٢٢٥).
(٢)
إسناده صحيح. =
قال أبو داود: أبو جهم بنُ حذيفة من
بني عَدي بن كعْب.
٤٠٥٣
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة في
آخرِين: قالوا: حدَّثنا سُفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُروةَ
عن عائشة، نحوه، والأول أشبع
(¬١).
١٢
- بابُ
الرخصةِ في العَلَم وخيطِ الحرير
٤٠٥٤
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ
يونس، حدَّثنا المغيرةُ بن زياد
حدَّثنا عبدُ الله أبو عمر مولى
أسماء بنتِ أبي بكر، قال: رأيتُ ابنَ عمر في السُّوق اشترى ثوبًا شاميًا، فرأى فيه
خيطًا أحْمَرَ، فردَّه، فأتيتُ أسماء، فذكرتُ ذلك لها، فقالت: يا جاريةُ، ناوليني
جُبَّة
= وأخرجه البخاري (٣٧٣) و(٥٨١٧) من
طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وقد سلف من طريقين برقم (٩١٤) و(٩١٥).
وانظر ما بعده.
و«الأنبجانية»، قال ابن الأثير في
«النهاية»: المحفوظ بكسر الباء، ويُروى بفتحها، منسوب إلى منبج، المدينة المعروفة،
وهي مكسورة الباء، ففتحت في النسب، وأُبدلت الميم همزة، وقيل: إنها منسوبة إلى
موضع اسمه أنبجان، وهو أشبه، لأن الأول فيه تعسُّف، وهو كساء يتخذ من الصوف، وله
خمل ولا عَلَم له، وهي أدْون الثياب الغليظة، وإنما بعث الخميصة إلى أبي جهم، لأنه
أهدى إلى النبي ﷺ خميصة ذات أعلام فلما شغلته في الصلاة، قال: «ردُّوها عليه،
وأتوني بأبنجانيته» وإنما طلبها منه لئلا يوثر ردّ الهدية في قلبه.
(١)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير، وسفيان: هو ابن عيينة.
وقد سلف برقم (٩١٤).
وانظر ما قبله.
تنبيه: هذه الطريق أثبتناها من (أ)
و(هـ)، وهي في رواية ابن العبد وابن داسه.
رسولِ الله ﷺ ِ، فأخرجت جُبَّةَ
طَيالِسَةٍ مكفوفةَ الجيبِ والكُمّين والفَرْجَيْنِ بالدِّيباجِ (١).
٤٠٥٥
- حدَّثنا ابنُ نُفَيل، حدَّثنا
زُهيرٌ، حدَّثنا خُصَيف، عن عِكرمة عن ابنِ عباس، قال: إنما نهى رسولُ الله ﷺ عن
الثوبِ المُصْمَتِ من الحرِيرِ، فأما العَلَم من الحرير وسدَى الثوبِ فلا بأسَ به
(٢).
(١) إسناده حسن من أجل المغيرة بن زياد. عبد
الله أبو عمر: هو ابن كيسان.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٩٤) من طريق
المغيرة بن زياد، به.
وأخرجه بمعناه مسلم (٢٠٦٩)، والنسائي
في «الكبرى» (٩٥٤٦) من طريق عبد الملك بن أبي سُليمان، عن أبي عمر عبد الله بن
كيسان، به.
وهؤ في «مسند أحمد» (٢٦٩٤٢) و(٢٦٩٨٢).
قوله: طيالسة: جمع طَيْلَس وطيلَسان
وطيلُسان، والهاء في طيالسة للعجمة، لأنه فارسي، وهو ضرب من الأكسية أسود.
والفرج في الثوب: الشق الذي يكون
أمام الثوب وخلفَه في أسفله.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف خُصَيف -وهو ابن عبد الرحمن الجزري- لكن روي
الحديث من وجه آخر صحيح كما سيأتي. زهير: هو ابن معاوية، وابن نُفَيل: هو عبد الله
بن محمد بن علي نفيل النُّفَيلي.
وأخرجه أحمد (٢٩٥١)، والطحاوي في
«شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٥٥، والطبراني في «الكبير» (١٢٢٣٢)، والبيهقي في «السنن
الكبرى» ٢/ ٤٢٤ و٣/ ٢٧٠، وفي «شعب الإيمان» (٦١٠١) من طريق خُصَيف بن عبد الرحمن،
به.
وأخرجه أحمد (٢٨٥٦)، والحاكم ٤/ ١٩٢
من طريق ابن جريج، أخبرني عكرمة ابن خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنما
نهى رسول الله ﷺ عن الثوب المُصمت حريرًا - قال البيهقي في «الشعب» بإثر الحديث
(٦١٠٣) وإسناده صحيح.
وذلك يؤيد جملة رواية خصيف. قلنا:
وهو كما قال.
و«المُصمَت» هو الثوب الذي جميعه
حرير لا يخالطه قطن ولا غيره.
و«العلَمَ» العلامة من طراز وغيره.
و«سَدَى الثوب» خلاف اللُّحمة، وهو
ما يُمد طُولًا في النسيج.
١٣ - باب في لبس الحرير لعُذْرٍ
٤٠٥٦
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى
-يعني ابنَ يونسَ- عن سعيدِ بنِ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ
عن أنس، قال: رَخَّص رسول الله ﷺ
لعبدِ الرحمن بن عَوفٍ والزبير بن العَوَّام في قُمُصِ الحرير في السَّفَرِ من
حِكَّةٍ كانت بهما (¬١).
١٤
- باب في
الحرير للنساء
٤٠٥٧
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدِ، حدَّثنا
الليثُ، عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عن أبي أفلحَ الهمدانيِّ، عن عبدِ الله بن
زُرَير
أنه سمعَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقول:
إن نبي الله ﷺ أخذَ حريرًا فجعلَه في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شِمَالِه، ثم
قال: «إنَّ هذينِ حَرَامٌ على ذُكُورِ أُمَّتي» (٢).
(١) إسناده صحيح. النُّفيلي: هو عبد الله بن
محمد بن علي بن نفيل الحراني.
وأخرجه البخاري (٢٩١٩)، ومسلم
(٢٠٧٦)، وابن ماجه (٣٥٩٢)، والترمذي (١٨١٩)، والنسائي في «الكبرى» (٩٥٥٧ - ٩٥٥٩)
من طريق قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٢٣٠)، وابن
حبان (٥٤٣٢).
وقد جاء في بعض طرق الحديث في
«الصحيحين» وغيرهما عن همام عن قتادة أن ذلك بسبب القمل لا الحكة، لكن الأكثرين عن
قتادة قالوا: بسبب حكة كانت بهما كما هو هنا عند المصنف. قال الحافظ في «الفتح» ٦/
١٠١: رجح ابن التين الرواية التي فيها الحكة، وقال: لعل أحد الرواة تأولها فأخطأ،
وجمع الداوودي باحتمال أن يكون إحدى العلتين بأحد الرجلين.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد خالف فيه قتيبة بن سعيد غيره من الثقات من أصحاب الليث
-وهو ابن سعد- كابن المبارك وحجاج بن محمد وعيسى بن حماد وشعيب بن الليث، فأسفط من
إسناده عبد العزيز بن أبي الصعبة بين يزيد بن أبي =
٤٠٥٨ - حدَّثنا عمرو بنُ عُثمان وكثيرُ بنُ
عبيد الحِمْصيَّانِ، قالا: حدَّثنا بقيَّةُ، عن الزُّبَيدي، عن الزُّهري
عن أنس بن مالك أنه حدَّثه، أنه رأى
على أُمِّ كُلثُومٍ بنتِ رسولِ الله ﷺ بُرْدًا سِيَراءَ، قال: والسِّيراءُ
المُضَلَّع بالقزِّ (١).
= حبيب وبين أبي أفلح الهمْداني، وعبد
العزيز هذا لا بأس به، وشيخه أبو أفلح كذلك، فالإسناد حسن.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٣٨٢)
عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٩٣٨٣) عن عيسى بن
حماد، و(٩٣٨٤) من طريق عبد الله بن المبارك، وأحمد (٩٣٥) عن حجاج بن محمد،
والطحاوي في«شرح معاني الآثار» ٤/ ٢٥٠ من طريق شعيب بن الليث، أربعتهم عن الليث بن
سعْد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الصعبة عبد العزيز بن أبي الصعبة، عن رجل من
همدان يقال له: أبو أفلح، عن ابن زُرير، عن علي بن أبي طالب.
وأخرجه أحمد (٧٥٠)، وابن ماجه
(٣٥٩٥)، والنسائي (٩٣٨٥) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، بإسناد
الجماعة عن الليث.
وانظر تمام تخريجه في «مسند أحمد»
(٧٥٠).
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة.
انظر «البدر المنير» لابن الملقن ١/ ٦٤٠ - ٦٥٠.
قال الخطابي: قوله: «إن هذين» إشارة
إلى جنسهما لا إلى عينهما فقط.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- لكنه متابع. الزُّبيدي: هو
محمد بن الوليد.
وأخرجه البخاري (٥٨٤٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٥٠٥) من طريق شعيب ابن أبي حمزة، وابن ماجه (٣٥٩٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٥٠٣) من طريق معمر ابن راشد، والنسائي (٩٥٠٤) من طريق بقية بن الوليد،
عن الزبيدي، و(٩٥٠٦) من طريق ابن جُريج، و(٩٥٠٧) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري،
خمستهم عن الزهري، به. إلا أن معمرًا قال في روايته: زينب بنت رسول الله ﷺ بدل: أم
كلثوم.
٤٠٥٩ - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا أبو
أحمدَ -يعني الزُّبيريَّ- حدَّثنا مسعرٌ، عن عبدِ الملك بن ميسَرةَ، عن عمرو بنِ
دينارٍ
عن جابر، قال: كنا ننزِعُهُ عن
الغِلْمَان، ونترُكُه على الجوارِي.
قال مسعر: فسألتُ عمرو بنَ دينارِ
عنه، فلم يعرِفه (¬١).
١٥
- باب في
لُبس الحِبَرة
٤٠٦٠
- حدَّثنا هُدْبةُ بنُ خالدٍ الأزديُّ،
حدَّثنا همام، عن قتادةَ، قال:
قلتُ لأنسِ: أيُّ اللباسِ كان أحبَّ
إلى رسولِ الله ﷺ، أو أعجبَ إلى رسولِ الله ﷺ؟ قال: الحِبَرَةُ (٢).
(١) إسناده صحيح. مِسْعَر: هو ابن كِدام،
وأبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. وقال المنذري في
«مختصره» ٦/ ٣٦ في تفسير قوله: فلم يعرفه: يعني أن مسعرًا سمع الحديث من عبد الملك
بن ميسرة الزَّرّاد الكوفي عن عمرو بن دينار. فسأله عن الحديث؟ فلم يعرفه. فلعله
نسيه، والله عز وجل أعلم.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني
الآثار» ٤/ ٢٥٤ من طريق أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد. ولفظه: أن جابر بن عبد
الله نزع الحرير عن الغلام وتركه على الجارية.
(٢)
إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي.
وأخرجه البخاري (٥٨١٢) و(٥٨١٣)،
ومسلم (٢٠٧٩)، والترمذي (١٨٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٥٦٨) من طريق قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٣٧٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٣٩٦).
وقوله: «برد حِبَرة» قال في
«النهاية»: الحبير من البرود: ما كان مَوْشِيًّا مخططًا، يقال: بردُ حَبيرٍ
وبُرْدُ حِبرة بوزن عنبة: على الوصف والإضافة. والجمع حِبَر وحِبَرات.
وقال أبو العباس القرطبي: سميت
حبرةً، لأنها تحبّر، أي: تُزَيَّن، والتَّحبير: التزيين والتحسين.
١٦ - باب في البَياض
٤٠٦١
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا
زُهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عثمانَ بنِ خُثَيْم، عن سعيدِ بنِ جُبير
عن ابنِ عباسِ، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «البسوا من ثيابِكُم البياضَ، فإنَّها من خيرِ ثيابكم، وكفِّنوا فيها
موْتَاكُم، وإنّ خَيْرَ أكْحَالِكُم الإثمدُ: يجلو البَصَرَ، ويُنْبِتُ الشَّعَرَ»
(¬١).
١٧
- باب في
غَسْلِ الثوب وفي الخُلْقانِ
٤٠٦٢
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا
مِسكينٌ، عن الأوزاعي. وحدثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، عن وكيعٍ، عن الأوزاعيِّ
-نحوه- عن حسانَ بنِ عطية، عن محمدِ ابنِ المنكدِرِ
عن جابرِ بنِ عبدِ الله، قال: أتانا
- رسولُ الله ﷺ فرأى رجُلًا شعِثًا قد تفرَّقَ شَعرُهُ، فقال: «أما كان هذا يَجدُ
ما يُسَكِّنُ به شَعْرَهَ؟» ورأى رجُلًا آخر عليه ثيابٌ وسِخَة فقال: «أَما كان
هذا يجدُ ما يَغسِلُ به ثوبَهُ؟» (٢).
٤٠٦٣
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا
زُهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن أبي الأحوصِ
(١) إسناده قوى من أجل عبد الله بن عثمان بن
خثيم. زهير: هو ابن معاوية.
وهو مكرر الحديث السالف برقم (٣٨٧٨).
(٢)
إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، ومسكين: هو ابن بُكير الحراني، والنفيلي: هو
عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٢٦١)
من طريق الأوزاعي، بهذا الإسناد. لكنه اقتصر على قصة الرجل الشَّعِث.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٥٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤٨٣).
عن أبيهِ، قال: أتيتُ النبي ﷺ في ثوب
دُونٍ، فقال: «ألكَ مالٌ؟» قال: نعم، قال: «مِنْ أيِّ المالِ؟» قال: قد آتاني
اللهُ مِن الإبل والغَنَمِ والخيلِ والرَّقيقِ، قال: «فإذا آتاكَ اللهُ مالًا
فليُرَ أثرُ نِعْمَةِ اللهِ عليكَ وكرامتِهِ» (¬١).
١٨
- باب في
المصبوغ بالصُّفْرة
٤٠٦٤
- حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمة
القَعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ محمد- عن زيدٍ -يعني ابنَ أسلم-
أن ابنَ عمر كان يَصْبُغُ لِحيتَه
بالصُّفرة، حتى تمتلئ ثيابُه مِن الصُّفرة، فقيلَ له: لم تَصْبُغُ بالصُّفرة؟
فقال: إني رأيتُ رسولَ الله ﷺ يصبُغُ بها، ولم يكن شيٌ أحبَّ إليه منها، وقد كان
يصبُغُ بها ثيابَه كلَّها حتى عمامتَه (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك
بن نضلة الجُشمي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وزهير: هو ابن
معاوية، والنُّفَيلي: هو عبد الله ابن محمد بن علي.
وأخرجه الترمذي (٢١٢٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٤٨٤ - ٩٤٨٦) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٨٨٧)
و(١٧٢٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٤١٦) و(٥٤١٧).
(٢)
إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدَّراوردي-.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٣٠٥)
عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن الدراوردي عن زيد بن أسلم، قال: رأيتُ ابن عمر
يصفِّر ... الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٥٧١٧).
١٩ - باب في الخُضْرةِ
٤٠٦٥
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا
عُبيدُ اللهِ -يعني ابنَ إياد- حدَّثنا إياد
عن أبي رِمْثَةَ، قال: انطلقتُ مع
أبي نحو النبيِّ ﷺ فرأيتُ عليه بُردَينِ أخضَرَينِ (١).
٢٠
- باب في
الحُمرة
٤٠٦٦
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ
يونسَ، حدَّثنا هشامُ بنُ الغازِ، عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه
عن جدِّه، قال: هبطْنَا مع رسولِ
الله ﷺ من ثنيّةٍ، فالتفتَ إليَّ وعليَّ ريطةٌ مضرَّجةٌ بالعُصْفُرِ، فقال: «ما
هذه الرَّيطةُ عليك؟» فعرفتُ ما كرِهَ، فأتيتُ أهلي وهم يسجرون تنُّورًا لهم،
فقذفتُها فيه، ثم أتيتُه من الغد، فقال: «يا عبدَ الله، ما فعلتِ الرَّيطةُ؟»
فأخبرتُه، فقال: «أفلا كسوتَها بعضَ أهلِكَ، فإنه لا بأسَ به للنساء» (٢).
(١) إسناده صحيح. عُبيد الله بن إياد: هو ابن
لَقِيط السَّدوسي.
وأخرجه الترمذي (٣٠٢١)، والنسائي في
«الكبرى» (١٧٩٤) من طريق عُبيد الله ابن إياد، والنسائي في «الكبرى» (٩٥٧٨) من
طريق عبد الملك بن عمير، كلاهما عن إياد بن لقيط، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٠٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٩٥).
وسيتكرر برقم (٤٢٠٦).
(٢)
إسناده حسن.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٠٣) من طريق هشام
بن الغاز، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٣٦٩ - ٣٧٠ من طريق محمد بن عمرو بن علقمة،
كلاهما عن عمرو بن شعيب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٨٥٢).
=
٤٠٦٧ - حدَّثنا عمرو بنُ عثمانَ الحِمصيُّ،
حدَّثنا الوليدُ، قال:
قال هشامٌ -يعني ابنَ الغاز-:
المُضرَّجةُ: التي ليست بالمُشَبَّعةِ ولا المُورَّدِةَ (١).
٤٠٦٨
- حدَّثنا محمدُ بنُ عُثمانَ
الدِّمشقيُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عيَّاشٍ، عن شُرَحْبِيلَ بنِ مُسلمٍ، عن
شُفْعَةَ
= وأخرجه الحاكم ٤/ ١٩٠، وابن عبد البر
في «التمهيد» ١٦/ ١٢٢ - ١٢٣ من طريق سعيد بن أبي هلال عن عطاء بن أبي رباح عن عبد
الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن أبي هلال عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنه
قال: دخلت يومًا على رسول الله ﷺ وعلي ثوبان معصفران، فقال لي رسول الله ﷺ: ما
هذان الثوبان؟ قال: صبغتهما لي أم عبد الله، فقال رسول الله ﷺ: «أقسمت عليك لما
رجعت إلى أم عبد الله فأمرتها أن توقد لهما التنور، ثم تطرحهما فيه» فرجعت إليها،
ففعلت. فجعل في هذه الرواية الإحراق بأمر النبي ﷺ. وتوافق رواية سعيد بن أبي هلال
هذه رواية طاووس عن عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي ذكرها قريبًا.
وأخرج مسلم (٢٠٧٧)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٥٦٩) من طريق جُبير بن نُفير، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ رأى
عليه ثوبين معصفرين، فقال: «إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها». فلم يذكر في هذه
الرواية الاحراق ولا الترخيص بها للنساء.
وأخرج مسلم أيضًا (٢٠٧٧)، والنسائي
(٩٥٧٠) من طريق طاووس عن عبد الله ابن عمرو قال: رأى النبي ﷺ عليَّ ثوبين معصفرين،
فقال: «أأمك أمرتك بهذا؟» قلت: أغسلهما؟ قال: «بل أحرقهما». هذا لفظ مسلم. فجعل
الأمر بالإحراق أيضًا بأمر النبي ﷺ.
وانظر ما سيأتي برقم (٤٠٦٨).
قال الخطابي: المُضرَّج: الذي ليس
صبغه بالمُشبَع العام، وإنما هو لطخ علق به، ويقال: تضرَّج الثوب: إذا تلطخ بدم
ونحوه.
والرَّيطة قال الفيومي في «المصباح
المنير»: بالفتح: كل مُلاءة ليست لِفقين، أي: قطعتين، وقد يسمى كل ثوب رقيق رَيطةً.
(١)
رجاله ثقات. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي.
عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ العاص،
قال: رآني رسولُ اللهِ ﷺ قال أبو عليّ اللؤلؤي: أُرَاهُ - وعليَّ ثوبٌ مصبوغٌ
بعصفُرٍ مُورَّدٌ، فقال:»ما هذا؟ «فانطلقتُ فأحرقتُه، فقال النبي ﷺ:»ما صنعتَ
بثوبِكَ؟، فقلت: أحرقتُه، قال: «أفلا كسوتَه بعضَ أهلِكَ» (١).
قال أبو داود: رواه ثورٌ عن خالدٍ،
فقال: مُورَّد، وطاووس قال: مُعصفرٌ.
٤٠٦٩
- حدَّثنا محمدُ بنُ حُزابَةَ، حدَّثنا
إسحاقُ بنُ منصورِ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن أبي يحيى، عن مُجاهِدِ
عن عبدِ الله بنِ عمرو، قال: مرَّ
على النبيِّ ﷺ رجُلٌ عليهِ ثوبانِ أحمرانِ، فسلّم، فلم يَرُدَّ النبيَّ ﷺ عليه (٢).
٤٠٧٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا
أبو أُسامةَ، عن الوليدِ -يعني ابنَ كثير-، عن محمّدِ بن عمرو بنِ عطاءِ، عن رجُلٍ
مِن بني حارثةَ
عن رافع بن خَديِجٍ، قال: خرجنا مع
رسولِ الله ﷺ في سَفَرٍ، فرأى رسولُ الله ﷺ على رواحِلِنا وعلى إبِلِنا أكسيِةً
فيها خُيُوطُ عِهْنٍ
(١) إسناده ضعيف لجهالة شُفعة -وهو السَّمَعي
الحمصي-.
وأخرجه البخاري في «تاريخه الكبير»
٤/ ٢٦٧، والطبراني في «مسند الشاميين» (٥٥١)، وابن عبد البر في التمهيد" ١٦/
١٢٢ من طريق إسماعيل بن عياش، به.
وانظر ما سلف برقم (٤٠٦٦).
(٢)
إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى -وهو القَتَّات- مجاهد: هو ابن جبر المكي، وإسرائيل. هو
ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وإسحاق بن منصور: هو السَّلُولي مولاهم الكوفي.
وأخرجه الترمذي (٣٠١٥) من طريق إسحاق
بن منصور، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
حُمْرٌ، فقال رسولُ الله ﷺ: «ألا أرى
هذه الحُمْرَةَ قد علتكم؟»فقمنا سراعًا لقولِ رسولِ الله ﷺ حتى نفرَ بعضُ إبلنا،
فأخذنا الأكسِيةَ، فنزعناها عنها (١).
٤٠٧١
- حدَّثنا محمد بنُ عوفٍ الطائيُّ،
حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثني أبي -قال ابنُ عوفٍ: وقرأتُ في أصل إسماعيلَ،
قال:- حدَّثني ضَمْضَمٌ -يعني ابنَ زرعة- عن شُرَيح بنِ عُبَيدٍ، عن حبيبِ بنِ
عُبيد، عن حُريث بنِ الأبَحِّ السَّلِيحِيِّ
أن امرأةً من بني أسد قالت: كنتُ
يومًا عندَ زينبَ امرأة رسول الله ﷺ ونحن نصبُغ ثيابًا لها بمَغْرَةٍ، فبينا نحن
كذلك إذ طلع علينا رسولُ الله ﷺ، فلما رأى المغرةَ رجَعَ، فلما رأتْ ذلك زينبُ،
علمت أن رسولَ الله ﷺ قد كَرِهَ ما فعلَت: فأخذت فَغَسَلت ثِيابَها ووارَتْ كلَّ
حُمرةٍ، ثم إنَّ رسولَ الله ﷺ رجع، فاطَّلَعَ، فلما لم يَرَ شيئًا دخل (٢).
(١) إسناده ضعيف لإبهام الرجل الحارثي. أبو
أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٤٩٢، وأحمد
(١٥٨٠٧)، والطبراني في «الكبير» (٤٤٤٩) من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، به.
وأخرجه مختصرًا أحمد (١٧٢٧٤) من طريق
عثمان بن محمد الأخنسي، عن رافع بن خديج. ولم يدركه.
العِهْن: الصوف الملوّن، الواحدة
عِهنة.
(٢)
إسناده ضعيف لجهالة حُريث بن الأبَحّ السَّلِيحي. إسماعيل: هو ابن عياش، وابن عوف:
هو محمد بن عوف الحمصي.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد
والمثاني» (٣٠٩٦) و(٣٤٦٠)، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (١٤٩) و٢٥/ (٤٥٦) من طريق
محمد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الاسناد.
والمغرة: الطين الأحمر.
٢١ - باب في الرخصة في ذلك
٤٠٧٢
- حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَرِيُّ،
حدَّثنا شُعبَةُ، عن أبي إسحاق
عن البراء، قال: كان رسولُ الله ﷺ له
شعر يبلُغُ شحمةَ أُذنيه، ورأيتُه في حُلَّةٍ حمراء، لم أو شيئًا قَطُّ أحْسَنَ
منه (١).
٤٠٧٣
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو
معاويةَ، عن هِلال بنِ عامِرٍ
(١) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد
الله السَّبيعي.
وأخرجه البخاري (٣٥٥١)، ومسلم
(٢٣٣٧)، وابن ماجه (٣٥٩٩)، والترمذي (١٨٢١) و(٣٠٢٠) و(٣٩٦٣)،والنسائي في «الكبرى»
(٩٢٧٤ - ٩٢٧٧) من طرق عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٧٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٢٨٤).
وسيأتي برقم (٤١٨٣).
قال الخطابي: قد نهى رسول الله ﷺ
الرجال عن لبس المعصفر، وكره لهم الحُمرة في اللباس، فكان ذلك منصرفًا إلى ما صُبغ
من الثياب بعد النسج، فأما ما صُبغ نسجه فغير داخل في النهي.
والحلل: إنما هي برود اليمن، حمر
وصفر وخضر، وما بين ذلك من الألوان، وهي لا تصبغ بعد النسج، ولكن يُصبغ الغزل، ثم
يتخذ منه الحلل.
وقال الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٣٠٥: وقد
جاء جواز لبس الثوب الأحمر مطلقًا عن علي وطلحة وعبد الله بن جعفر والبراء وغير
واحد من الصحابة، وعن سعيد بن المسيب والنخعي والثعبي وأبي قلابة وأبي وائل وطائفة
من التابعين، وانظر تمام كلامه فيه.
وقال صاحب «عون المعبود» ١١/ ٨٤:
واحتج بحديثي الباب (يعني هذا الحديث والذي بعده) من قال بجواز لبس الأحمر وهم
الشافعية والمالكية وغيرهم، وذهبت الحنفية إلى كراهة ذلك، وانتهى هو إلى القول:
بكراهة لبس الثوب المشبع بالحمرة للرجال دون ما كان صبغه خفيفًا.
عن أبيه، قال رأيتُ رسولَ الله ﷺ
بِمنىَ يخطبُ على بغلةٍ، وعليه بُرْدٌ أحمرُ، وعليٌّ أمامَه يُعَبِّرُ عنه (١).
٢٢
- باب في
السَّوادِ
٤٠٧٤
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا
همَّامٌ، عن قَتادةَ، عن مُطرِّفٍ
عن عائشةَ، قالت: صنعتُ لرسولِ الله
ﷺ بُرْدَةً سوداءَ فلبسَها، فلما عَرِقَ فيها وَجَدَ ريحَ الصُّوفِ فَقَذَفَها،
قال: وأحسبه قال: وكان تُعْجِبُه الريحُ الطيبةُ (¬٢).
٢٣
- باب في
الهُدْبِ
٤٠٧٥
- حدَّثنا عُبيد اللهِ بنُ محمد
القرشيُّ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، أخبرنا يونسُ بنُ عُبيدٍ، عن عَبيدةَ أبي
خِدَاشِ، عن أبي تميمةَ الهُجَيمي
(١) إسناده صحيح. إلا أن الصحيح أن صحابي
الحديث هو رافع بن عمرو المزني كما بيناه في الطريق السالف برقم (١٩٥٦) أبو
معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه أحمد (١٥٩٢٠)، والبيهقي ٣/
٢٤٧ من طريق أبي معاوية الضرير، به.
وأخرجه أحمد (١٥٩٢١) من طريق شيخ من
بني فزارة، عن هلال بن عامر، به.
وانظر ما سلف برقم (١٩٥٦).
وقوله: يُعبِّر عنه، أي: يبلغ عنه
الكلام إلى الناس لاجتماعهم وازدحامهم، وذلك لأن القول لم يكن ليبلغ أهل الموسم،
ويُسمعَ سائرَهم الصوتُ الواحد لما فيهم من الكثرة. قاله أبو الطيب.
(٢)
إسناده صحيح. مُطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير، وقتادة: هو ابن دِعامة
السَّدوسيّ، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٤٨٨)
و(٩٥٨٢) من طريق همام بن يحيى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٠٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٣٩٥).
عن جابرٍ قال: أتيتُ النبيَّ ﷺ وهو
مُحْتَبٍ بِشَمْلَةٍ، وقد وقع هُدْبُها على قَدَميهِ (١).
٢٤
- باب في
العمائم
٤٠٧٦
- حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ
ومسلُم بنُ إبراهيم وموسى بن إسماعيلَ، قالوا: حدَّثنا حمادٌ، عن أبي الزبير
عن جابرٍ: أن النبيَّ ﷺ دخَلَ عامَ
الفتح مكَّةَ وعليه عمامَةٌ سوداءُ (٢).
(١) حديث حسن. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عَبيدة
أبي خِداش، لكن تابعه قرة ابن موسى الهُجيمي، وهو وإن كان مجهولًا أيضًا، تقوى
الحديث به. جابر: هو ابن سُلَيم الهُجيمي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦١١)
من طريق يونس بن عُبيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد»
(١١٨٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٦١٢) من طريق قرة بن موسى الهُجَيمي، عن سُلَيم بن
جابر -كذا سماه-.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦٣٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٢١).
وهُدْب الثوب: قال ابن الأثير في
«النهاية»: هُذب الثوب وهُدْبته وهُدَّابه: طرف الثوب مما يلي طُرَّته. والطرة: هي
كُفَّةُ الثوب، وهي جانبه الذي لا هُدب له.
وقال الحافظ: هي أطراف من سدى بغير
لُحمة ربما قصد بها التجمل، وقد تفتل صيانة لها من الفساد، وقال الداوودي: هي ما
يبقى من الخيوط من أطراف الأردية.
(٢)
إسناده صحيح. أبو الزبير: وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي، وحماد: هو ابن سلمة،
وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه مسلم (١٣٥٨)، وابن ماجه
(٢٨٢٢) و(٣٥٨٥)، والترمذي (١٨٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٨٣٨) و(٩٦٧١ - ٩٦٧٣) من
طريق أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٩٠٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٧٢٢).
وفي الباب عن عمرو بن حريث عند مسلم
(١٣٥٩)، وسيأتي بعده. وجاء عند الحميدي (٥٦٦) أن ذلك كان يومَ فتح مكة.
٤٠٧٧ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا
أبو أُسامةَ، عن مساوِرٍ الورَّاقِ، عن جعفر بنِ عمرو بنِ حُرَيثٍ
عن أبيه، قال: رأيتُ النبىَّ ﷺ على
المِنْبَرِ وعليهِ عِمامةٌ سوداءُ قد أرخى طَرفَها بين كتفيه (١).
٤٠٧٨
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثقفيُّ،
حدَّثنا محمدُ بنُ ربيعةَ، حدَّثنا أبو الحسن العسقلانيُّ، عن أبي جعفرِ بنِ محمد
بنِ عليٍّ بن رُكانَةَ، عن أبيه -أن رُكانَةَ صارَعَ النبيَّ ﷺ، فصرعَهُ النبيُّ ﷺ-
قال رُكانة: وسمعتُ النبيَّ ﷺ يقول:
«فرقُ ما بيننا وبينَ المشركينَ العَمائِمُ على القَلانِسِ» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن
أسامة، والحسن بن علي: هو الحُلْواني الخَلَّال.
وأخرجه مسلم (١٣٥٩)، وابن ماجه
(١١٠٤) و(٢٨٢١) و(٣٥٨٤) و(٣٥٨٧)،
والنسائي في «الكبرى» (٩٦٧٤) من طريق
مساور الوراق، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٣٤).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦٧٥)
من طريق مساور الوراق، به. بلفظ: رأيت على رسول الله ﷺ عمامة حَرَقانية.
والحرقانية: قال الزمخشري في
«الفائق»: هي التي على لون ما أحرقته النار، كأنها منسوبة -بزيادة الألف والنون-
إلى الحَرَق، يقال: الحَرْق بالنار والحَرَق معًا.
(٢)
إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن العَسْقَلاني فمن فوقه. غير رُكانة الصحابي وهو
ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي، أسلم في فتح مكة، قال
الزبير: مات بالمدينة في خلانة معاوية، وقال أبو نعيم: مات في خلافة عثمان.
وأخرجه الترمذي (١٨٨٧) عن قتيبة بن
سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب، وليس إسناده بالقائم. =
٤٠٧٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ مولى بني
هاشِمٍ، حدَّثنا عثمانُ بن عثمان الغطفانيُّ، حدَّثنا سليمانُ بن خرَّبُوذَ،
حدَّثني شيخ مِن أهلِ المدينةِ، قال:
سمعتُ عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ يقولُ:
عمَّمني رسولُ الله ﷺ، فَسَدَلها بين يديَّ ومِن خَلْفِي (١).
٢٥
- باب في
لِبْسَةِ الصَّمَّاء
٤٠٨٠
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا جرِيرٌ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ
= وأخرجه المصنف في «المراسيل» (٣٥٨)
عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، حدَّثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن
جبير: أن رسول الله ﷺ كان بالبطحاء فأتى عليه يزيد بن رُكانةَ أو رُكانةُ، ومعه
أعنُزٌ له، فقال له: يا محمدُ هل لك أن تصارعني؟ قال: «ما تسبقني؟! قال: شاةٌ من
غنمي، فصارعه النبيُّ ﷺ فصرَعَهُ، يعني فأخذَ شاةً، فقام رُكانةُ، فقال: هل لكَ في
العودَةِ؟ قال:»ما تسبقني؟ «قال: أُخرى، فصارعه النبيُّ ﷺ فصَرَعهُ، فقال له
مثلها، فقال:»ما تسبقني؟ قال: أُخرى، فصارعَه النبيُّ فصرَعَه، ذكرَ ذلك مرارًا،
فقال: يا محمد، والله ما وضعَ جنبي أحدٌ إلى الأرض، وما أنت الذي صَرَعَني -يعني:
فأسلم- ودعا له رسول الله ﷺ. رجاله ثقات رجال الصحيح. ورواه البيهقي ١٠/ ١٨ من
طريق أبي داود، به. وقال: هو مرسل جيد. وقال الحافظ في التلخيص ٤/ ١٦٢: إسناده
صحيح إلى سعيد بن جبير إلاَّ أنّ سعيدًا لم يدرك رُكانة.
(١)
إسناده ضعيف لابهام الشيخ المدني، وجهالة سليمان بن خَرَّبوذ.
وأخرجه أبو يعلى (٨٥٠)، وابن عدي في
«الكامل» ٥/ ١٨٢٠، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٢٥٣)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»
٤/ ١٩١ - ١٩٢، والمزي في ترجمة سليمان بن خرّبوذ من «تهذيب الكمال» ١١/ ٤٠٠ من
طريق عثمان بن عثمان الغطفاني، بهذا الإسناد. وقد وقع اسم سليمان بن خربوذ عندهم
خلا البيهقي:
الزبير بن خرّبود. قال المزي: هو
وهم، والصواب سيمان بن خرَّبود كما قال أبو داود.
عن أبي هريرة، قال: نهى رسولُ الله ﷺ
عن لِبْستينِ أن يحتبي الرجلُ مُفْضِيًا بِفَرْجِهِ إلى السَّماء، ويلبسَ ثوبَه
وأحدُ جانبيه خارِجٌ، ويُلقِي ثوبَه على عاتِقِه (١).
(١) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان،
والأعمش: هو سليمان بن مهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه بنحوه الترمذي (١٨٥٦) من طريق
سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه بنحوه كذلك البخاري (٣٦٨)
و(٥٨٢١) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري (٥٨٤) و(٥٨١٩)، وابن ماجه
(٣٥٦٠) من طريق حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، والبخاري (٢١٤٥) من طريق محمد بن
سيرين، والنسائي في «الكبرى» (٩٦٦٧) و(٩٦٧٠) من طريق محمد بن عمير، أربعتهم عن أبي
هريرة. وقال النسائي عن طريق محمد بن عمير: هذا منكر محمد بن عمير مجهول، نقله عنه
في «تحفة الأشراف» ١٠/ ٣٦٥.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٤٩).
والصمَّاء من تلك اللبستين هي اللبسة
الثانية وهي اشتمال الرجل بالثوب الواحد على أحد شقيه، ويلقي ثوبه على عاتقه. كذا
حمله أبو داود على هذا المعنى، ونقل أبو عبيد في «غريبه» ٢/ ١١٨ أن هذا هو تفسير
الفقهاء، وأنهم أعلم بالتأويل في هذا.
لكنه نقل عن الأصمعي أن اشتمال
الصماء عند العرب أن يشتمل الرجل بثوبه فيجلل به جسده كله، ولا يرفع منه جانبًا
فيخرج منه يده. قلنا: وكذلك فسره ابن الأثير في «النهاية». قال أبو عبيد: كأنه
يذهب إلى أنه لا يدري لعله يصيبه شيء يريد الاحتراس منه وأن يقيه بشيء فلا يقدر
على ذلك لإدخاله إياهما في ثيابه.
قلنا: لكن بحمل ألفاظ حديث أبي هريرة
المطلق منها على المقيد يتضح صحة كلام الفقهاء ومنهم أبو داود، فقد جاء في رواية
الأعرج وحفص بن عاصم الإطلاق بذكر النهي عن اشتمال الصماء، وقُيِّد في هذه الرواية
التي عند المصنف، وكذلك في رواية عطاء بن ميناء عن أبي هريرة عند عبد الرزاق
(٧٨٨٠) وغيره بما يفيد أن اشتمال الصماء هو أن يلقي داخلة إزاره وخارجته على أحد
عاتقيه، ويُبرز شقه.
٤٠٨١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابرِ، قال: نهى رسولُ الله ﷺ عن
الصَّمَّاء والاحتِبَاءِ في ثوبٍ واحِدٍ (١).
٢٦
- باب في
حَلِّ الأزرار
٤٠٨٢
- حدَّثنا النُّفيليُّ وأحمدُ بنُ
يونس، قالا: حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عُروةُ ابنُ عبدِ الله -قال ابنُ نفيلٍ: ابن
قُشيرٍ أبو مَهَل الجعفيُّ- حدَّثنا معاويةُ بنُ قُرَّة
حدَّثني أبي، قال: أتيتُ رسولَ الله
ﷺ في رهْطِ مِنْ مُزَينةَ، فبايعناه، وإن قميصَه لمطلَقُ الأزْرَارِ، قال:
فبايعتُه ثم أدخلتُ يدي في جَيْبِ قميصِه فمسِسْتُ الخاتِمَ، قال عُروة: فما رأيتُ
معاويةَ ولا ابنَهُ إلا مُطلِقَيْ أزرارهِما قطُّ في شتاءِ ولا حَرٍّ، ولا
يَزُرَّان أزرارَهما أبدًا (٢).
(١) إسناده صحيح. وقد روى هذا الحديثَ عن أبي
الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- الليثُ بنُ سعد عند الترمذي والنسائي
والليث لم يرو عن أبي الزبير إلا ما ثبت له فيه سماعه من جابر. على أنه صرح
بالسماع أيضًا عند أحمد (١٤١٧٨) وغيره.
وأخرجه مسلم (٢٠٩٩)، والترمذي
(٢٩٧٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٦٦٨) و(٩٧١٣) و(٩٧١٤) من طرق عن أبى الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١١٨)
و(١٤١٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٧٣) و(٥٢٢٥) و(٥٥٥٣).
(٢)
إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن
علي بن نُفيل الحرَّاني، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، يُنسب لجده
كثيرًا.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٧٨) من طريق زهير
بن معاوية، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٥٨١)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤٥٢).
٢٧ - باب في التَّقَنُّع
٤٠٨٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ داود بنِ سُفيانَ،
حدَّثنا عبدُ الرَّزاقِ، أخبرنا معمر، قال: قال الزهريُّ: قال عُروةُ:
قالت عائشةُ: بينا نحنُ جلوسٌ في
بيتنا في نَحْرِ الظهيرةِ، قال قائِلٌ لأبي بكر: هذا رسولُ الله ﷺ مقبلًا
مُتقنِّعًا في ساعةٍ لم يَكُنْ يأتينا فيها، فجاء رسولُ الله ﷺ ِ، فاستاذَنَ،
فَاُذِنَ له، فدخل (١).
٢٨
- باب ما
جاء في إسبال الإزار
٤٠٨٤
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن
أبي غِفارِ، حدَّثنا أبو تميمةَ الهُجَيْميُّ
عن أبي جُرَيٍّ جابرِ بنِ سُليمِ،
قال: رأيتُ رجلًا يصدُرُ الناسُ عن رأيه، لا يقولُ شيئًا إلا صدَرُوا عنه، قلتُ:
مَنْ هذا؟ قالوا: رسولُ الله ﷺ، قال: قلت: عليكَ السلامُ يا رسولَ الله - مرتَين -
قال: «لا تَقُلْ عليكَ السلامُ، فإن عليكَ السلامُ تحيةُ الميتِ، قل: السلامُ
عليكَ» قال: قلت: أنتَ رسولُ الله؟ قال: «أنا رسولُ الله الذي إذا أصابكَ ضُرٌّ
فدعوته كشفهُ عنكَ، وإن أصابكَ عامُ سنةٍ فدعوتهُ أَنبَتَهَا لك، وإذا كُنْتَ
بأرضٍ قَفْرٍ أو فلاةٍ، فضلَّتْ راحِلتُك فدعوتهُ ردَّها عليك». قال: قلتُ: اعهدْ
إليَّ، قال: «لا تسُبَّنّ أحدًا» قال: فما سببتُ بعدَه حُرًّا ولا عبْدًا، ولا
بَعيرًا ولا شاةً.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مطولًا البخاري (٣٩٠٥) في
مناقب الأنصار: باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة و(٥٨٠٧) في اللباس: باب التقنع
من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٦٢٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٢٧٧).
قال: «ولا تحقِرنَّ شيئًا من
المعروفِ، وأن تُكلِّم أخَاك وأنتَ مُنْبَسطٌ إليه وجهُكَ، إنَّ ذلك من المعروفِ،
وارفَعْ إزاركَ إلى نصفِ السَّاق، فإن أبيت فإلى الكعبينِ، وإيَّاك وإسبالَ
الإزار، فإنها مِن المَخِيْلَةِ، وإن الله لا يحبُّ المَخِيْلَة، وإن امرؤٌ شتمَكَ
وعيَّركَ بما يعلمُ فيك، فلا تُعيِّرْه بما تعلمُ فيه، فإنما وبَالُ ذلك عليهِ»
(١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي
غفار -واسمه المثنى بن سعيد أو سعْد الطائي- فهو صدوق لا بأس به، لكنه متابع.
يحيى: هو ابن سعيد القطان، وأبو تميمة: هو طريف بن مجالد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦٣٦) دون قصة
السلام، من طريق خالد الحذاء، عن أبي تميمة، به.
وأخرج قصة السلام منه الترمذي
(٢٩٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠٧٧) من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، عن أبي
غفار المثنى، به.
وأخرجها كذلك الترمذي (٢٩١٩)،
والنسائي (١٠٠٧٨) و(١٠٠٧٩) من طريق خالد الحذاء، والنسائي (١٠٠٧٦) من طريق أبي
السَّليل ضُرَيب بن نُقَير، كلاهما عن أبي تميمة، وأخرجها النسائي (٩٦١٤) من طريق
سهم بن المعتمر، عن الهجيمي.
وقال: سهم بن المعتمر ليس بمعروف.
وأخرج منه قوله: «لا تسبَّن أحدًا
...» إلى آخر الحديث: النسائي في «الكبرى» (٩٦١٥) من طريق خالد الحذاء، عن طريف بن
مجالد أبي تميمة، به.
وأخرجه أيضًا (٩٦١١) من طريق عَبيدة
أبي خداش الهُجيمي، و(٩٦١٢) من طريق قرة بن موسى الهُجيمي، و(٩٦١٣) من طريق مشيخة
من هجيم، و(٩٦١٤) من طريق سهم بن المعتمر، و(٩٦١٦) من طريق عقيل بن طلحة، خمستهم
عن أبي جري الهجيمي.
وستتكرر قصة السلام وحدها برقم
(٥٢٠٩).
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦٣٢) و(٢٠٦٣٣).
=
٤٠٨٥ - حدَّثنا النفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ،
حدَّثنا موسى بنُ عُقبةَ، عن سالمِ بنِ عبد الله
عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ ِ:
«من جرَّ ثوبهُ خيلاء، لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ» فقال أبو بكر: إنَّ
أحدَ جانبَيْ إزارِي يَسْتَرخي، إلا أن أتعَاهَدَ ذلك منه، قال: «لستَ مِمَّنْ
يفعلُهُ خُيلاء» (١).
= وقوله: «عليك السلام تحية الموتى».
قال الخطابي: يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له: عليك السلام كما يفعله كثير
من العامة، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه دخل المقبرة فقال: «السلام عليكم أهل دار قوم
مؤمنين» فقدم الدعاء على اسم المدعو له، كهو في تحية الأحياء، وإنما قال ذلك القول
منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت
على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم كقول الشاعر:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ...
ورحمته ما شاء أن يترحما
وكقول الشماخ:
عليك سلام من أديم وباركت ... يد
الله في ذاك الأديم الممزق
فالسنة لا تختلف في تحية الأحياء
والأموات.
(١)
إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي، والنّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي
بن نُفيل الحرَّاني.
وأخرجه البخاري (٣٦٦٥) و(٥٧٨٤)
و(٦٠٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٦٣٨) من طريق موسى بن عقبة، به.
وأخرجه دون قصة أبي بكر البخاريُّ
(٥٧٨٣) و(٥٧٩١)، ومسلم (٢٠٨٥)، وابن ماجه (٣٥٦٩) و(٣٥٧٠) و(٣٥٧٦)، والترمذي
(١٧٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٩٦٣٥) و(٩٦٣٦) و(٩٦٣٧) و(٩٦٤١ - ٩٦٤٩) و(٩٦٥١)
و(٩٦٥٢) من طرق عن عبد الله بن عمر. زاد الترمذي في روايته والنسائي في الموضعين
الأخيرين: قالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخين شبرًا» فقالت:
إذًا تنكشف أقدامهن، قال: «فيُرخينه ذراعًا لا يزدْن عليه».
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٨٩) و(٥١٧٣)،
و«صحيح ابن حبان» (٥٦٨١). =
٤٠٨٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن أبي جعفرٍ، عن عطاء بنِ يسارٍ
عن أبي هريرة، قال: بينما رجُلٌ
يُصلِّي مُسبِلًا إزارَه، فقال له رسولُ الله ﷺ:»اذهب فتوضَّأ«فذهب فتوضَّأ، ثم
جاء، فقال:»اذْهب فتوضَّأ«فقال له رجُلٌ: يا رسولَ الله ﷺ ِ، ما لكَ أمرتهُ أن
يتوضَّأ ثم سكتَّ عنه، قال:»إنه كان يُصلِّي وهو مسبِلٌ إزارهَ، وإنَّ الله لا
يقبلُ صلاةَ رجُل مُسْبِلٍ (١).
٤٠٨٧
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا
شُعبةُ، عن عليِّ بنِ مُدْرِكٍ، عن أبي زُرعةَ بنِ عَمرو بنِ جَريرٍ، عن خَرشَةَ
بنِ الحُرِّ
عن أبي ذرٍّ، عن النبيّ ﷺ أنه قال:
«ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهُمُ اللهُ، ولا ينظر إليهم يومَ القيامةِ، ولا يزكِّيهم، ولهم
عذاب أليم» لا قلتُ: من هُمْ يا رسُولَ اللهِ، فقد خابُوا وخَسِرُوا؟ فأعادَهَا
ثلاثًا، قلت: منْ هُمْ خَابُوا وخَسِرُوا؟ فقال: «المُسبِلُ، والمنَّانُ،
والمُنَفِّقُ سلعتَهُ بالحلِفِ الكاذِبِ -أو الفاجِرِ-» (٢).
= وانظر ما سيأتي برقم (٤٠٩٤).
قال صاحب «بذل المجهود» ١٦/ ٤١٢: قال
العلماء: المستحب في الإزار والثوب إلى نصف الساقين، والجائز بلا كراهة ما تحته
إلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين، فهو ممنوع فإن كان للخيلاء، فهو ممنوع منع
تحريم، وإلا فمنع تنزيه.
(١)
إسناده ضعيف لجهالة أبي جعفر. وهو مكرر الحديث السالف برقم (٦٣٨).
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٠٦)، وابن ماجه
(٢٢٠٨)، والترمذي (١٢٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣٥٥) و(٦٠٠٧) و(٩٦٢١) و(١٠٩٤٦)
من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. =
٤٠٨٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن
سفيانَ، عن الأعمشِ، عن سُليمانَ بن مُسْهِرٍ، عن خرشَةَ بنِ الحُرِّ
عن أبي ذر، عن النبي ﷺ، بهذا،
والأوَّل أتمُّ، قال: المنَّانُ الذي لا يُعطي شيئًا إلا مَنَّهُ (١).
٤٠٨٩
- حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله،
حدَّثنا أبو عامر -يعني عبدَ الملك بنَ عَمرو- حدَّثنا هشامُ بنُ سعدٍ، عن قيس بن
بِشْرِ التَّغلبيِّ، قال: أخبرني أبي -وكان جليسًا لأبي الدرداء- قال:
= وأخرجه ابن ماجه (٢٢٠٨) من طريق
المَسعودي، عن علي بن مدرك، عن خَرَشة بن الحر، به. وفيه انقطاع.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٣١٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٩٠٧).
وانظر ما بعده.
وقوله: المسبل. قال الخطابي: أنما
نهى عن الإسبال، لما فيه من النخوة والكبر، والمنان يتأول على وجهين، أحدهما: من
المنة، وهي أن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن كانت في المعروف، كدرت الصنيعة
وأفسدتها.
والوجه الآخر: أن يُراد بالمن النقص،
يريد النقص من الحق والخيانة في الوزن والكيل ونحوهما، ومن هذا قول الله سبحانه:
﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ [القلم:٣]، أي: غير منقوص، ومن ذلك سمي
الموت منونًا، لأنه ينقص الأعداد ويقطع الأعمار.
(١)
إسناده صحح. الأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وسفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد
القطان.
وأخرجه مسلم (١٠٦)، والنسائي في
«الكبرى» (٢٣٥٦) و(٦٠٠٨) و(٩٦٢٢) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٤٠٥).
وانظر ما قبله.
وقوله: «إلا مَنَّهُ» أي: إلا
قَرَّعه بمِنَّةٍ، قال في «اللسان»: مَنَّ خَيرَهُ يَمُنُّهُ مَنًَّا، فعدَّوه.
قلنا: يمني عدَّوه بنفسه من غير حرف جر.
كان بدمشقَ رجل من أصحاب النبي ﷺ
يقال له: ابن الحنظلية، وكان رجُلًا متوحِّدًا قلَّما يُجَالِسُ الناسَ، إنما هو
صلاةٌ، فإذا فَرَغَ فإنما هو تسبيحٌ وتكبيرٌ حتى يأتيَ أهلَه، قال: فمرَّ بنا
ونحنُ عندَ أبي الدَّرداء، فقال له أبو الدرداءِ: كلمةً تنفعُنا ولا تضُرُّك، قال:
بعثَ رسولُ الله ﷺ سرِيةً، فقَدِمت، فجاء رجلٌ منهم، فجلس في المجلسِ الذي
يَجْلِسُ فيه رسولُ الله ﷺ، فقال لرجُلٍ إلى جنْبه: لو رأيتَنا حينَ التقَينا نحنُ
والعدوُّ فحملَ فلانٌ فَطَعَنَ فقال: خُذْها مني وأنا الغلامُ الغِفاريُّ، كيف ترى
في قوله؟ قال: ما أُراه إلا قد بَطَلَ أجرُه، فَسَمعَ بذلك آخرُ، فقال: ما أُرى
بذلك بأسًا، فتنازعا، حتى سُمِعَ رسولُ الله ﷺ، فقال: «سُبحانَ الله! لا بأسَ أن
يُؤجرَ ويُحمدَ» فرأيتُ أبا الدرداء سُرَّ بذلك، وجَعَلَ يرفعُ رأسَه إليه،
ويقولُ: أنتَ سَمِعْتَ ذلك مِنْ رسولِ الله ﷺ؟ فيقولُ: نعم، فما زالَ يُعيدُ عليه
حتى إني لأقوُلُ: ليَبْرُكنَّ على رُكبتيه. قال: فمرَّ بِنا يومًا آخرَ، فقال له
أبو الدرداء: كلِمةً تنفعُنَا ولا تَضُرُّك، قال: قال لنا رسولُ الله ﷺ:
«المُنْفِقُ على الخَيلِ كالبَاسِطِ يَدَه بالصَّدقَةِ لا يقْبِضُها».
ثم مرَّ بِنَا يومًا آخَرَ، فقال له
أبو الدرداء: كلمةً تنفعُنا ولا تَضُرُّك، قال: قالَ لنا رسولُ الله ﷺ: «نِعْمَ
الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسدِيُّ لولا طُولُ جُمَّته، وإسبَالُ إزاره» فبلغ ذلك
خُريمًا، فعجِلَ فأخذَ شفرةً، فقطَع بها جُمَّتَه إلى أُذنيه، ورفع إزاره إلى
أنصافِ سَاقَيْهِ.
ثم مرَّ بنا يومًا آخرَ، فقال له أبو
الدرداء،: كلمةً تنفعُنَا ولا تضُرُّك، فقال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: إنكم
قادِمُونَ على إخوانِكم، فأصْلِحُوا رِحَالكُم، وأصْلِحُوا لباسَكُم، حتى تكونوا
كأنكم شامةٌ في الناسِ، فإن الله لا يُحب الفُحْشَ ولا التّفَحُّشَ» (١).
(١) إسناده محتمل للتحسين. بشر والد قيس
-واسمه بِشْر بن قيس التغلبي- تابعي كبير، كان جليسًا لأبي الدرداء، وذكره ابن
حبان في «الثقات». وابنه قيس قال فيه هشام بن سعد: كان رجل صدق، وقال أبو حاتم: ما
أرى بحديثه بأسًا.
وأما هشام بن سعْد فحسن الحديث في
المتابعات والشواهد، وقد جاء للمرفوع من حديثه شواهد تعضده. ولهذا قال الحافظ ابن
حجر في «الأمالي المطلقة» ص ٣٦: هذا حديث حسن.
وابن الحنظلية: هو سهل بن الربيع بن
عمرو، ويقال: سهل بن عمرو، أنصاري حارثي، سكن الشام، والحنظلية: هي أم جده، وهي من
بني حنظلة بن تميم. قاله المنذري في «تهذيب السنن».
وأخرجه أحمد (١٧٦٢٢)، والطبراني في
«الكبير» (٥٦١٦) و(٥٦١٧)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٢٠٤)، وفي «الآداب» (٥٩٤)،
والمزي في ترجمة بشر بن قيس التغلبي من «تهذيب الكمال» ٤/ ١٤٣ - ١٤٤، وابن حجر في
«الأمالي المطلقة» ص ٣٥ - ٣٦، من طريق هشام بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرج القطعة الأولى منه ابن أبي
شيبة ١٢/ ٥٠٦، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (٢٤٤)، والطبراني (٥٦١٨)، وابن عساكر
في«تاريخ دمشق» ١٠/ ٢٥٠ - ٢٥١ من طريق هشام بن سعد، به.
وأخرج القطعة الثانية منه الحاكم ٢/
٩١ - ٩٢ من طريق هشام بن سعد، به.
وأخرج القطعة الثالثة منه البخاري في
«التاريخ الكبير» ٣/ ٢٢٥، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٠٤٥)، وابن قانع
في «معجم الصحابة» ١/ ٢٦٨، والبيهقي في «الآداب» (٧٠٢) وابن عساكر في «تاريخ دمشق»
١٦/ ٣٥٢ من طريق هشام بن سعد، به. =
قال أبو داود: وكذلك قال أبو نُعيم
عن هِشَامٍ، قال: حتى تكونوا كالشَّامة في الناسِ.
= وأخرج القطعة الرابعة منه ابن
المبارك في «مسنده» (٣٣)، وفي «الزهد» (٨٥٣)، وابن أبي شيبة ٥/ ٣٤٥، والبيهقي في
الشُّعب«(٦٢٠٥)، والحاكم ٤/ ١٨٣، وابن عساكر ١٠/ ٢٥٠ من طريق هشام بن سعد، به.
ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أبي ذر
عند مسلم (٢٦٤٢) قال: قيل: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده
الناسُ عليه؟ قال:»تلك عاجل بشرى المؤمن«.
ويشهد للقطعة الثانية، وهي قصة الخيل
حديث أبي كبشة عند أبي عوانة (٧٢٩٤)، والطحاوي في»شرح معاني الآثار«٣/ ٢٧٤، وابن
حبان (٤٦٧٤)، والطبراني في»الكبير«٢٢/ (٨٤٩) وفي»مسند الشاميين«(٢٠٦٤)، والحاكم ٢/
٩١. وإسناده صحح.
وحديث أبي هريرة عند أبي عوانة
(٧٢٧٦)، وابن حبان (٤٦٧٥). وإسناده صحيح.
ويشهد للقطعة الثالثة منه حديث خريم
نفسه عند عبد الرزاق (١٩٩٨٦)، وابن سعد في»الطبقات«٦/ ٣٨، وأحمد (١٨٨٩٩)، وغيرهم،
وهو حسن بطرقه كما بيناه في»مسند أحمد«.
وروي عن أخيه سمرة بن فاتك الأسدي أن
النبي ﷺ قال ذلك له. أخرجه ابن المبارك في»الجهاد«(١٠٩)، وأحمد (١٧٧٨٨)، والبخاري
في»التاريخ «الكبير» ٤/ ١٧٧، وابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ٣٠٥، وغيرهم. وإسناده
حسن إن شاء الله.
ويشهد لقوله: «إن الله لا يُحب
الفُحش ولا التفحُّش» حديث عائشة عند مسلم (٢١٦٥).
ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص
عند أحمد (٦٤٨٧)، وابن حبان (٥١٧٦) وغيرهما. وإسناده صحيح.
ومن حديث أبي هريرة عند أحمد (٩٥٦٩)
وإسناده صحيح.
واللمة: بكسر اللام وتشديد الميم
وفتحها: الشعر يجاوز شحمة الأذنين، وقيل: هي أكثر من الوفرة، والوفرة: الشعر إلى
شحمة الأذن ثم الجمة، ثم اللمة.
٢٩ - باب ما جاءَ في الكبر
٤٠٩٠
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حماد (ح)
وحدَّثنا هنَّاد -يعني ابنَ
السَّرِي- عن أبي الأحوصِ -المعنى- عن عطاء ابنِ السَّائبِ، قال موسى: عن سلمانَ
الأغَرِّ، وقال هنَّاد: عن الأغرِّ أبي مسلم
عن أبي هريرة -قال هناد:- قال: قال
رسولُ الله ﷺ: قال اللهُ تبارك وتعالى: الكبرياءُ ردائي، والعظمةُ إزارِي، فمن نازَعَني
واحِدًا منهما قذفتُه في النَّارِ» (١).
٤٠٩١
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا
أبو بكْرٍ -يعني ابنَ عيّاشٍ- عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن علقمة
عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا يدخلُ الجنّةَ من كان
(١) حديث صحح. حماد -وهو ابن سلمة- سمع من
عطاء بن السائب قبل اختلاطه، وكذا رواه سفيان الثوري عن عطاء عند أحمد (٧٣٨٢) وهو
ممن سمع منه قبل اختلاطه وقد توبع. أبو الأحوص: هو سلام بن سُليم.
وهو في»الزهد«لهناد (٨٢٥)، وعنه
أخرجه ابن ماجة (٤١٧٤).
وأخرجه مسلم (٢٦٢٠) من طريق أبي
إسحاق، عن أبي مسلم الأغر، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رفعاه:»العز إزاره،
والكبرياء رداؤه، فمن ينازِعُني عذَّّبتُه«.
وهو في»مسند أحمد«(٧٣٨٢)، و»صحح ابن
حبان" (٣٢٨) و(٥٦٧١).
وقوله: الكبرياء ردائي والعظمة
إزاري. قال الخطابي: معنى هذا الكلام أن الكبرياء والعظمة صفتان لله واختص بهما،
لا يشركه أحد فيهما ولا ينبغي لمخلوق أن يتعاطاهما، لأن صفة المخلوق التواضع
والتذلل، وضرب الرداء والازار مثلًا في ذلك يقول -والله أعلم- كما لا يشرك الإنسان
في ردائه وإزاره أحد، فكذلك لا يشركني في الكبرياء والعظمة مخلوق.
في قلبه مِثْقَالُ حبَّةٍ من
خَرْدَلةٍ من كبْرٍ، ولا يدخلُ النارَ من كان في قلبِهِ مثقالُ خردلة من إيمانٍ»
(١).
قال أبو داود: رواه القَسمَليُّ عن
الأعمش مثله.
٤٠٩٢
- حدَّثنا أبو موسى محمدُ بنُ المثنى،
حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا هِشَامٌ، عن محمدٍ
عن أبي هريرة: أن رجُلًا أتى النبيَّ
ﷺ، وكانَ رجلًا جميلًا، فقال: يا رسولَ الله ﷺ، إني رجل حُبِّبَ إليّ الجمالُ،
وأُعْطِيْتُ منه ما
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي
بكر بن عياش، وهو متابع. علقمة: هو ابن قيس النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي،
والأعمش: هو سليمان بن مِهْران.
وأخرجه مسلم (٩١)، وابن ماجه (٥٩)
و(٤١٧٣)، والترمذي (٢١١٦) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٩١)، والترمذي (٢١١٧)
من طريق فضيل بن عمرو الفُقيمي، عن إبراهيم النخعي، به. بلفظ: «لا يدخل الجنة من
كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبر» قال رجل: إنَّ الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حسنًا
ونعله حسنة، قال: «إن الله جميلٌ يُحب الجمال، الكبرُ بطرُ الحقِّ وغمطُ الناس».
وهو في «مسند أحمد» (٣٩١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٢٤) و(٥٤٦٦) و(٥٦٨٠).
قال النووي في «شرح مسلم»: الظاهر في
معنى الحديث ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين: أنه لا يدخل الجنة دون
مجازاة إن جازاه، وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم بأنه لا يُجازيه، بل لا بد
أن يدخل كل المُوحِّدين الجنة إما أولًا، وإما ثانيًا بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر
الذين ماتوا مُصرِّين عليها.
وقيل: لا يدخلها مع المتقين أول وهلة.
قال: وأما قوله: «لا يدخل النار من
كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان»، فالمراد به دخول الكفار، وهو دخول
الخلود.
ترى، حتى ما أُحِبُّ أن يفُوقني أحد،
إما قال: بِشِرَاكِ نعلي، وإما قال: بِشسِع نعلي، أفمِنَ الكِبْرِ ذلك؟ قال: «لا،
ولكنَّ الكِبْرَ مَنْ بَطِرَ الحقَّ وغَمَطَ النَّاسَ» (١).
٣٠
- باب في
قَدْر موضع الإزار
٤٠٩٣
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَر، حدَّثنا
شُعبةُ، عن العلاء بنِ عبدِ الرحمن، عن أبيه، قال:
سألت أبا سعيد الخدريَّ عن الإزارِ،
قال: على الخَبير سقطت،
قال رسولُ الله ﷺ ِ: «إزْرَةُ
المُسْلمِ إلى نصفِ السَّاق ولا حرج -أو لا جُنَاحَ- فيما بينَهُ وبينَ الكعبينِ،
وما كان أسفلَ منَ الكعبين فهو في النار، مَن جرَّ إزارَهُ بطرًا لم يَنْظُرِ
اللهُ إليه» (٢).
(١) إسناده صحيح. محمد: هو ابن سيرين، وهشام:
هو ابن حَسّان القُردوسي، وعبد الوهَّاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد»
(٥٥٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٤٦٧)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ١٨١ - ١٨٢،
والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦١٩٣) من طريق هشام بن حسان، به.
قال الخطابي: قوله: «ولكن الكبر من
بطر الحق» معناه: لكن الكبر كبرُ من بطِر الحق فأضمر كقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧] أي: لكن البرَّ برُّ من آمن بالله.
وقوله: غمط: معناه: أزرى بالناس
واستخفَّهم، يقال: غَمِطَ وغَمِصَ بمعنى واحد، وفيه لغة أخرى: غَمَطَ وغَمَصَ،
مفتوحة الميم.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٧٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٦٣٩ - ٩٦٣٤) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠١٠)، و«صحح
ابن حبان» (٥٤٤٦) و(٥٤٤٧). =
٤٠٩٤ - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِيِّ،
حدَّثنا حُسين الجُعفيُّ، عن عبد العزيز بنِ أبي روَّادٍ، عن سالمِ بنِ عبد الله
عن أبيه، عن النبيِّ ﷺ، قال:
«الإسبْالُ في الإزارِ والقَمِيصِ والعِمامَةِ، من جَرَّ منها شيئًا خُيَلاءَ لم
يَنْظُرِ اللهُ إليه يوم القيامة (١).
= وأخرج ابن ماجه (٣٥٧٠) من طريق عطية
بن سعْد العَوْفي، عن أبي سعيد الخدري، رفعه:»من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر
اللهُ إليه يومَ القيامة«.
وهو في»مسند أحمد«(١١٣٥٢).
وقوله:»إزرة المؤمن«. قال السندي: هو
بكسر الهمزة، أي: كيفية لبسة الإزار أن يكون الإزار إلى نصف الساق.
وقوله: فهو في النار. قال الخطابي:
يتأول على وجهين، أحدهما: أن ما دون
الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة
له على ما فعله.
والوجه الآخر: أن يكون معناه: أن
صنيعه ذلك وفعله الذي فعله في النار على معنى أنه معدود ومحسوب من أفعال أهل
النار. والله أعلم.
(١)
إسناده جيد، لكن قوله:»الإسبال في الإزار والقميص والعمامة«شاذٌّ، انفرد به عبد
العزيز بن أبي روّاد من بين سائر أصحاب سالم، ولهذا قال أبو بكر بن أبي شيبة بإثر
الحديث عند ابن ماجه: ما أغْربَه، وأعله الحافظ ابن حجر في»الفتح«١٠/ ٢٦٢ بعبد
العزيز، فقال: عبد العزيز فيه مقال. حسين الجُعفي: هو ابن علي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٧٦)، والنسائي
في»الكبرى«(٩٦٣٧) من طريق عبد العزيز ابن أبي روّاد، به.
وأخرجه دون قوله:»الإسبال في الإزار
والقميص والعمامة«: البخاري (٣٦٦٥)، ومسلم (٢٠٨٥)، والنسائي (٩٦٣٨) من طرق عن
سالم، به.
وسلف عند المصنف برقم (٤٠٨٥) من طريق
موسى بن عقبة، عن سالم.
وخرَّجناه هناك من طرق عن عبد الله
بن عمر، لم يذكر أحد منهم ما ذكره عبد العزيز ابن أبي روّاد.
قال الحافظ في»الفتح" ١٠/ ٢٦٢:
وفي تصوير جر العمامة نظر، إلا أن يكون المراد ما جرت به عادة العرب من إرخاء
للعَذَبات، فمهما زاد على العادة في ذلك كان من الإسبال.
٤٠٩٥ - حدَّثنا هنَّادٌ، حدَّثنا ابنُ
المبارك، عن أبي الصَّبَّاح، عن يزيدَ بنِ أبي سُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ ابنَ
عُمَرَ يقولُ: ما قال رسولُ الله ﷺ ِ في الإزارِ، فهو في القَميص (١).
٤٠٩٦
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن
محمدِ بنِ أبي يحيى، قال: حدَّثني عِكرمةُ أنه رأى ابنَ عباسٍ يأتَزِرُ فيضعُ
حاشيةَ إزارِه من مُقدَّمه على ظهْرِ قَدَمِه، ويرفَعُ مِن مُؤخَّرِه، قلت: لِمَ
تأتزرُ هذه الإزْرَةَ؟ قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يأتزرُهَا (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو الصَّبَّاح: هو سعدان
بن سالم الأيلي، وابن المبارك: هو عبد الله.
وهو في «الزهد» لهناد (٨٤٨).
وأخرجه أحمد (٥٨٩١) و(٦٢٢٠)، وابن
حبان في «الثقات» ٦/ ٤٣١، والطبراني في «الأوسط» (٤٢٣)، والبيهقي في السنن
الكبرى«٢/ ٢٤٤، وفي»الشعب«(٦١٣٢)، وابن عبد البر في»التمهيد«٢٠/ ٢٢٥ من طريق أبي
الصبَّاح سعدان بن سالم، به.
وأخرجه المزي في ترجمة سعدان بن سالم
من»تهذيب الكمال«١٠/ ٣٢٣ من طريق جُبارة بن مُغلِّس، عن ابن المبارك، به بلفظ:
سمعت رسول الله ﷺ يقول:»ما قال في جَرّ الإزار فهو في القميص، وجرّ القميص أشد من
جرّ الإزار«انفرد به كذلك مرفوعًا جُبارة بن المغلِّس.
(٢)
إسناده صحيح. محمد بن أبي يحيى: هو الأسلمي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه النسائي في»الكبرى"
(٩٦٠١) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، عن محمد بن أبي يحيى، به.
٣١ - باب في لِباسِ النساء
٤٠٩٧
- حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ مُعاذٍ،
حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن عِكْرِمة عن ابنِ عباسٍ، عن النبيَّ
ﷺ: لَعَنَ المُتشبَّهاتِ من النِّساء بالرِّجالِ، والمُتشبِّهينَ من الرِّجالِ
بالنِّساء (١).
(١) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري.
وأخرجه البخاري (٥٨٨٥)، وابن ماجه
(١٩٠٤)، والترمذي (٢٩٩١) من طريق قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٢) و(٢٢٦٣)
و(٣١٥١).
وسيأتي عند المصنف برقم (٤٩٣٠) من
طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، بلفظ: أن رسول الله ﷺ لعن المخنثين من الرجال،
والمترجَّلات من النساء.
قال المناوي في «فيض القدير» ٥/ ٢٦٧:
لعن رسول الله ﷺ أصنافًا كثيرة يزيد على عشرين، وفي جواز لعن أهل المعاص من أهل
القبلة خُلْفٌ محصوله: أن اللعن إما أن يتعلق بمعين أو بالجنس، فلعن الجنس يجوز،
والمعين موقوف على السماع من الشارع ولا قياس.
وقال ابن أبي جمرة الأندلسي في «بهجة
النفوس» ٤/ ١٣٩: ظاهر اللفظ مطلق التشبه، لكن الذي قد تقرر مما فهم من قواعد
الشريعة خلف عن سلف فهو في زي اللباس وبعض الصفات والحركات، وما أشبه ذلك، وأما
التشبه بهم في أمور الخير وطلب العلوم فمرغب فيه.
قال: والحكمة في هذا اللعن ظاهرة
لاخفاء بها، وهي إخراج الشبه عن الصفة التي وضعتها عليه حكمة الحكيم.
تنبيه: وقع نصُّ الحديث في (هـ) وهي
برواية ابن داسه: «لُعن المُتَشبهاتُ ... ولُعن المُتشبِّهون ...» من قول النبي ﷺ
بالنص، وليس حكايةً عنه أنه لَعَنَ، والمُثبتُ وهو حكايةُ اللعْن من (أ) و(ب)
و(ج)، وهو الموافق لما جاء في رواية البخاري وابن ماجه والترمذي.
٤٠٩٨ - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا
أبو عامِرٍ، عن سُليمانَ بنِ بِلالٍ، عن سُهَيلِ، عن أبيهِ
عن أبي هريرة، قال: لَعَنَ رسولُ
الله ﷺ الرَّجُلَ يلبس لِبسةَ المرأةِ، والمرأة تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرجُلِ (١).
٤٠٩٩
- حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ لُوَيْنٌ
-وبعضُه قراءةً عليه- عن سفيانَ، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ، قال:
قيلَ لِعائشةَ: إن امرأةً تَلْبَسُ
النعلَ، فقالت: لَعَنَ رسولُ الله ﷺ الرَّجُلةَ مِنَ النساء (٢).
(١) إسناده صحيح. سهيل: هو ابن أبي صالح
السمّان، وأبو عامر: هو عبد الملك ابن عمرو العَقَدي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٢٠٩)
من طريق. خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣٠٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٧٥١) و(٥٧٥٢).
وأخرج ابن ماجه (١٩٠٣) عن يعقوب بن
حميد بن كاسب، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل، به، بلفظ: إن رسول الله ﷺ لعن
المرأة تتشبه بالرجل، والرجل يتشبه بالمرأة، ويعقوب ضعيف الحديث.
(٢)
رجاله ثقات، لكن ابن جُريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- مدلِّس وقد عنعنه،
وقال الإِمام أحمد في «العلل» (٥٢٦٥): رواه حجاج الأعور، عن ابن جريج بسناد آخر،
وليس هو عن ابن أبي مليكة. سفيان: هو ابن عيينة. وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن
عُبيد الله.
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (٢٧٢)،
والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٨٠٤) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
الرجلة بضم الجيم، يقال: امرأة رجلة:
إذا تشبهت بالرجال في زيهم وهيئاتهم.
٣٢ - باب في قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب:٥٩]
٤١٠٠
- حدَّثنا أبو كامِل، حدَّثنا أبو
عَوانَةَ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجر، عن صفية بنتِ شَيبةَ
عن عائشةَ: أنها ذكرتْ نساءَ
الأنصار، فأثنتْ عليهِنَّ، وقالت لهُنَّ معروفًا، وقالت: لما نزلت سورةُ النُّور
عَمَدْنَ إلى حُجُورٍ -أو حُجُوز، شكَّ أبو كامل- فشققنَهنَّ فاتَّخذْنَهُ خُمُرًا
(١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات،
إبراهيم بن مهاجر ضعيف يعتبر به وقد توبع أبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله
اليشكري، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجَحْدري.
وأخرجه البخاري (٤٧٥٩)،والنسائي في
«الكبرى» (١١٢٩٩) من طريق الحسن ابن مسلم بن يَنَّاق، عن صفيّة بنت شيبة، عن
عائشة. وليس فيه تخصيص نساء الأنصار.
لكن سيأتي ذكرهن في الحديث الآتي
بعده، وسنده قوي.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٥١).
وسيأتي في الحديث (٤١٠٢) من طريق
عروة عن عائشة أن النساء المهاجرات الأول فعلن ذلك.
قال الحافظ في «الفتح» ٨/ ٤٩٠: ويمكن
الجمع بين الروايتين بأن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك.
وانظر تالييه.
وقوله: عمدن إلى حجور بالراء
المهملة، قال الخطابي: الحجور لا معنى لها ها هنا، وإنما هو بالزاي المعجمة. حدثني
عبد الله بن أحمد المكي، قال: حدَّثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد: حُجَز أو
حجوز مناطقهن، فشققنهن والحُجز: جمع الحجزة وأصل الحجزة موضع ملاث الإزار، ثم قيل
للإزار: حُجْزة، وأما الحجوز، فهو جمع الحُجُز، يقال: احتنجز الرجل بالازار: إذا
شده على وسطه. =
٤١٠١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبَيد، حدَّثنا
ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن خُثَيم، عن صفته بنتِ شيبة
عن أمِّ سلمة، قالت: لما نزلت
﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٩]، خرجَ نِسَاءُ الأنصارِ كأن على رؤوسِهِنَّ
الغِرْبانَ مِنَ الأكْسِيَة (١).
٣٣
- باب في
قوله: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: ٣١]
٤١٠٢ -
حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا.
وحدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ المهريُّ وابنُ السرْح وأحمدُ بنُ سعيد الهمدانيُّ،
قالوا: أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني قرَّةُ ابنُ عبد الرحمن المعَافِرِيُّ، عن ابنِ
شهاب، عن عُروة بنِ الزُّبيرِ
= وقوله: فاتخذنه خُمُرًا قال ابن
الجوزي في «زاد المسير» ٦/ ٣٢ بتحققنا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ﴾ [النور:
٣١]: وهي جمع
خِمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها، والمعنى: وليلقين مقانعهن على جيوبهن ليسترن
بذلك شعورهن وقرطهن وأعناقهن.
وقال اِلطبري في «جامع البيان» ١٨/
١٢٠: وليلقين خُمُرَهُن وهي جمع خمار ﴿عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ ليسترن بذلك شعورهن
وأعناقهن وقرطهن.
وقال ابن كثير: والخمر جمع خِمار،
وهو ما يُختمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي يسميها الناس المقانع.
قال سعيد بن جبير:
﴿وَلْيَضْرِبْنَ﴾:وليشددن ﴿بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ يعني على النحر
والصدر، فلا يُرى منه شيء.
(١)
إسناده قوي. ابن خثيم -وهو عبد الله بن عثمان- لا بأس به. ابن ثور: هو محمد بن ثور
الصنعاني، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري.
وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» كما
في «تفسير ابن كثير» ٦/ ٤٨ - ٤٩ من طريق الزنجي مسلم بن خالد، عن عبد الله بن
عثمان بن خثيم، به مطولًا.
وانظر ما قبله.
عن عائشة، أنها قالت: يَرْحَمُ اللهُ
نِساءَ المُهاجرَاتِ الأوَلَ، لما أنزل اللهُ: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] شققن أكنَفَ -قال ابنُ صالح: أكثَفَ-
مُرُوطِهِنَّ، فاخْتَمَرْنَ بها (١).
٤١٠٣
- حدَّثنا ابنُ السَّرْح، قال: رأيتُ
في كتابِ خَالي، عن عُقيلٍ، عن ابنِ شِهابٍ، بإسنادِه ومعناهُ (٢).
٣٤
- باب فيما
تُبدي المرأةُ من زِينَتِها
٤١٠٤
- حدَّثنا يعقوبُ بنُ كعْبٍ الأنطاكيُّ
ومؤمَّل بنُ الفَضْلِ الحرَّانيُّ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن سعيدِ بنِ بَشيرٍ،
عن قتادَةَ، عن خالد، -قال يعقوبُ: ابن دُرَيْك-
عن عائشة: أن أسماءَ بنتَ أبي بكْرِ
دَخَلَت على رسولِ الله ﷺ وعليها ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فأعْرَضَ عنها رسولُ الله ﷺ،
وقال: "يا أسماءُ
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات.
قرة بن عبد الرحمن المَعَافري ضعيف يعتبر به، وقد توبع. ابن وهب: هو عبد الله،
وابن السَّرْج: هو أحمد ابن عَمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح المصري.
وأخرجه البخاري (٤٧٥٨) من طريق يونس
بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، به.
وانظر ما بعده.
وانظر ما سلف برقم (٤١٠٠).
وقوله: أكنَفَ، قال الخطابي: تريد
الأستر والأصفق منها، ومن هذا قيل للوعاء الذي يُحرَزُ فيه الشيءُ: كِنْف، والبناء
الساتر لما وراءه: كنيف، والمروط: واحدها مِرط، وهو كساء يؤتَزر به.
(٢)
حديث صحيح كسابقه. عُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن السَّرْح: هو أحمد ابن عمرو بن
عبد الله بن عمرو بن السَّرْح، وخاله: هو عبد الرحمن بن عبد الحميد بن سالم
المَهري.
وانظر ما قبله.
إن المرأةَ إذا بَلَغَتِ المَحِيضَ
لم يضلُحْ أن يُرى مِنَها إلا هذا وهذا» وأشار إلى وجهه وكفَّيْهِ (١).
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. سعيد بن
بشير وإن كان ضعيفًا لكن يصلح للمتابعة، وخالد بن لم يُدْرك عائشة.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١٢٠٩،
والبيهقي ٢/ ٢٢٦، ٧/ ٨٦ من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود في «مراسيله» (٤٣٧)
حدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثنا أبو داود الطيالسي، حدَّثنا هشام الدستوائي، عن
قتادة: أن رسول الله ﷺ قال: «إن الجارية إذا حاضت لا يصلح أن يُرى منها إلا وجهها
ويداها إلى المفصل». وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه مرسل.
وله شاهد عند البيهقي ٧/ ٨٦ من طريق
ابن لهيعة، عن عياض بن عبد الله، أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رُفاعة الأنصاري
يُخبرُ عن أبيه، أظنه عن أسماء بنت عميس.
وابن لهيعة حسن الحديث في المتابعات
والشواهد.
وأورده الهيثمي في «المجمع» ٥/ ١٣٧
ونسبه للطبراني في «الكبير» و«الأوسط» وقال: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية
رجاله رجال الصحيح. وقد قوّى البيهقي ٢/ ٢٢٦ هذا المرسل مرسل خالد بن دُريك، فقال
بعد أن رواه: مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله عنهم في بيان ما أباح
الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قويًا، وعنى بالصحابة ابن عباس وعائشة
وعليّ، وقال بعد أن أسند ذلك عنهم: وروينا معناه عن عطاء بن أبي رباح وسعيد بن
جبير وهو قول الأوزاعي.
ومما يقوي هذا المرسل ويعضُده جريان
العمل عليه، كما في حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (٨٨٥)، وقصة الخثعمية من حديث
ابن عباس عند البخاري (١٨٥٥)، ومسلم (١٣٣٤)، وحديث سهل بن سعد عند البخاري (٥٠٣٠)،
ومسلم (٣٤٨٧)، وحديث عائشة عند البخاري (٥٧٨)، ومسلم (٦٤٥)، وحديث فاطمة بنت قيس
عند مسلم (٢٩٤٢)، وحديث سُبيعة بنت الحارث عند البخاري (٣٩٩١)، ومسلم (١٤٨٤).
وظاهر هذه الأحاديث يدل على جواز كشف
المرأة عن وجهها وكفَّيها.
قال أبو داود: هو مرسلٌ، خالدُ بن
دُرَيكِ لم يُدرك عائشةَ، وسعيد ابن بشير ليس بالقوي (١).
٣٥
- باب في
العبد ينظُر إلى شَعرِ مولاته
٤١٠٥
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد ويزيد بن
خالد بن عبد الله بن مَوْهَب، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزبيرِ
عن جابرِ: أن أمَّ سلمة استأذنَت
رسولَ الله ﷺ في الحِجَامة، فأمر أبا طَيْبةَ أن يَحْجُمَها، قال: حَسِبْتُ أنه
قال: كان أخاها مِن الرَّضاعَةِ، أو غلامًا لم يحتَلِمْ (٢).
٤١٠٦
- حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو
جُميع سَالِمُ بنُ دينارِ، عن ثابتٍ
عن أنسِ: أن النبيَّ ﷺ أتى فاطمة
بعبدٍ قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمةَ ثوبٌ إذا قنَّعت به رأسها لم يَبْلُغ
رِجْلَيها، وإذا غَطَّت به رجْلَيهَا لم يَبْلُغْ رأسَها، فلما رأى النبيُّ ﷺ ما
تَلْقى قال: «إنَّهُ ليس عليكِ بأسٌ، إنما هو أبوكِ وغُلامُكِ» (٣).
(١) عبارة: وسعيد بن بشير ليس بالقوي، زيادة
من رواية ابن العبد، كما أشار إليه في (أ).
(٢)
إسناده صحيح. الليث -وهو ابن سعْد- لم يرو عن أبي الزبير -وهو محمد ابن مسلم بن
تدرُس المكي- إلا ما ثبت له في سماعه من جابر.
وأخرجه مسلم (٢٢٠٦)، وابن ماجه
(٣٤٨٠) من طريق الليث بن سعْد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٧٧٥). و«صحح
ابن حبان» (٥٦٠٢).
(٣)
إسناده حسن من أجل أبي جُميع سالم بن دينار. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، ومحمد بن
عيسى: هو ابن الطباع. =
٣٦ - باب في قوله عز وجل:
﴿غَيْرِ
أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ [النور:٣١]
٤١٠٧ -
حدَّثنا محمدُ بنُ عُبَيدٍ، حدَّثنا
محمدُ بنُ ثورٍ، عن مَعْمرٍ، عن الزهريِّ وهشامِ بنِ عُروة، عن عُروة
عن عائشة، قالت: كان يَدْخُلُ على
أزواجِ النبيِّ ﷺ مُخَنَّثٌ، فكانوا يَعدُّونه من غَيرِ أولي الإرْبَةِ، فدخلَ
علينا النبيُّ ﷺ يومًا وهو عنْدَ بعضِ نِسائه، وهو يَنْعَتُ امرأةً، فقال: إنَّها
إذا أَقبلَتْ أَقبلَتْ بأربعٍ، وإذا أَدبَرَتْ أدبَرَتْ بثمانٍ، فقال النبي ﷺ: ألا
أرى هذا يَعلَمُ ما ها هنا، لا يَذخُلَنَّ عليكُنَّ هذا» فَحَجَبُوه (١).
= وأخرجه البيهقي ٧/ ٩٥، والضياء
المقدسي في «المختارة» (١٧١٢) من طريق أبي جميع سالم بن دينار، به.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٣/ ١١٥٢
من طريق سلام بن أبي الصهباء، عن ثابت، به.
(١)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب
الغُبَري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٢٠٢)
من طريق رباح بن زيد، عن معمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥١٨٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٤٨٨).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٤١٠٨)
و(٤١٠٩) و(٤١١٠).
وأخرجه البخاري (٤٣٢٤) و(٥٢٣٥)
و(٥٨٨٧)، ومسلم (٢١٨٥)، وابن ماجه (١٩٠٢) و(٢٦١٤)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٥١)
و(٩٢٠٥) من طرق عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها أم سلمة.
فجعلوه من مسند أم سلمة. وليس ببعيد أن يكون عروة سمعه من عائشة، ومن زينب بنت أم
سلمة عن أمها. =
٤١٠٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ بنِ
سُفيانَ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهريِّ، عن عُروةَ، عن
عائشةَ، بمعناه (١).
٤١٠٩
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا
ابنُ وهْبٍ، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروةَ
عن عائِشةَ، بهذا الحديثِ، زاد:
وأخرجه، فكان بالبيداء يَدْخُلُ كُلَّ جُمعةٍ يستطعِمُ (٢).
٤١١٠
- حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا
عُمَرُ، عن الأوزاعيِّ، في هذه القصة، فقيل:
يا رسُول الله، إنه إذن يموُتُ مِنَ
الجوعِ، فأذِنَ له أن يدخُلَ في كُل جُمُعَةٍ مرَّتينِ فيسألَ ثم يرْجِعَ (٣).
= وأخرجه مالك في «موطئه» ٢/ ٧٦٧، ومن
طريقه النسائي في «الكبرى» (٩٢٠٦) عن هشام، عن أبيه، مرسلًا. وهذا لا يضر بصحة
الحديث، لأن الثقات وصلوه عن هشام، ولهذا أخرجه البخاري في «صحيحه».
(١)
إسناده صحيح.
وهو في «تفسير عبد الرزاق» في تفسير
الآية (٣١) من سورة النور، ومن طريقه أخرجه مسلم (٢١٨١)، والنسائي في «الكبرى»
(٩٢٠٣).
وهو في «مسند أحمد» (٢٥١٨٥).
وانظر ما قبله.
وانظر أيضًا تالييه.
(٢)
إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله.
وهو في «صحيح ابن حبان»، (٤٤٨٨).
وانظر سابقيه.
وانظر ما بعده.
(٣)
إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عَمرو، وهذا الحديث يرويه هو عن الزهري،
وعمر: هو ابن عبد الواحد السُّلَمي.
وانظر الأحاديث الثلاثة السالفة قبله.
٣٧ - باب في قوله: ﴿وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور:٣١]
٤١١١ -
حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ،
حدَّثنا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ واقد، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرمة
عن ابنِ عباس ﴿وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ الآية، فَنُسِخَ وأستثْنِيَ مِن
ذلك ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾
[النور:٦٠]، الآية (١).
(١) إسناده حسن. علي بن الحسين بن واقد، وصفه
الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» بقوله: الإِمام المحدّث الصدوق، وهو كما
قال. ويغلب على الظن أن تضعيف من ضعفه للإرجاء، وليس ذا بجرح، لأن الإرجاء مذهب
لعدة من جلة العلماء، لا ينبغي التحامل على قائله كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة
مسعر بن كدام من «الميزان». يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وأحمد بن محمد المروزي:
هو ابن ثابت الخُزاعي.
وأخرجه البيهقي ٧/ ٩٣، وابنُ الجوزي
في «نواسخ القرآن» ص ٤٠٩ من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.
والصحيح أنه ليس بين الآيتين تعارض
حتى يُدَّعى النسخُ، والذين عدُّوا آية القواعد ناسخة أبعدوا النُّجعة، وقُصارى ما
يمكن قوله في هاتين الآيتين أن الآية الأُولى فيمن يُخاف الافتتانُ بها، والآية
الثانية في العجائز على ما قاله ابن الجوزي في «نواسخ القرآن» ص ٤٠٩.
ويمكن أن يقال: إن الآية الثانية
خَصَّصت الآية الأولى لا غير، على ما قاله مكي ابن أبي طالب في «الإيضاح» ص ٣٦٦،
لأن التخصيص زوال بعض حُكم الأول وبقاء ما بقي على حُكمه.
ويؤيد ذلك أن عددًا من الأئمة ممن
يُعتد بقوله في هذا الشأن لم يذكر في هاتين الآيتين ناسخًا ولا منسوخًا، كالإمام
أبي عُبيد القاسم بن سلاّم والإمام الطبري وغيرهما.
والله تعالى أعلم.
٤١١٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، حدَّثنا
ابنُ المباركِ، عن يونَس، عن الزهريِّ، حدَّثني نبهانُ مولى أُمِّ سلمة
عن أُمِّ سلمة، قالت: كنتُ عندَ
رسولِ الله ﷺ وعنده»مَيْمونَةُ، فأقبلَ ابنُ أُمَّ مكتومٍ، وذلك بعد أن أُمِرنا
بالحِجَابِ، فقال النبيُّ ﷺ: «احتَجِبَا مِنْه» فَقُلنا: يا رسولَ الله، أليس
أعمى، لا يُبْصِرُنَا ولا يَعْرِفُنَا؟ فقال النبيَّ ﷺ: «أفَعَمياوانِ أنتمُا؟
ألستما تُبْصِرَانِهِ»؟ (١).
قال أبو داود: هذا لأزواج النبيِّ ﷺ
خاصَّة، وقال النبيُّ ﷺ لفاطمة بنت قيس: «اعتدِّي عِنْدَ ابنِ أمِّ مكتُومٍ،
فإنَّه رجلٌ أعمى تضعِينَ ثِيابَك عندَهُ (٢).
(١) إسناده ضعيف. نبهان مولى أم سلمة في عداد
المجهولين. وقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين، يعني هذا الحديث، وحديث:»إذا كان
لإحداكن مكاتب ... «ونقل صاحب»المبدع«٧/ ١١ تضعيفه عن أحمد، وقال ابن عبد البر:
نبهان مجهول لا يُعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وقال ابن حزم: مجهول.
يونس: هو ابن يزيد الأيلي. وابن المبارك: هو عبد الله.
وأخرجه الترمذي (٢٩٨٣)، والنسائي
في»الكبرى«(٩١٩٧) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، والنسائي (٩١٩٨) من طريق عُقيل بن
خالد الأيلي، كلاهما عن ابن شهاب، به.
وهو في»مسند أحمد«(٢٦٥٣٧)، و»صحيح
ابن حبان«(٥٥٧٥).
وانظر لزامًا»المغني«٩/ ٥٠٦ - ٥٠٧
لابن قدامة المقدسي.
(٢)
مقالة أبي داود هذه بتمامها أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن
الأعرابي، واقتصر ابن العبد منها على قوله: وهذا لأزواج النبي ﷺ خاصة. كما أشار
إليه في (أ).
وقال في»عون المعبود" ١١/ ١١٤ -
١١٥: أي حديث أم سلمة مختص بأزواج النبي ﷺ، وحديث فاطمة بنت قيس لجميع النساء هكذا
جمع أبو داود بين الأحاديث. =
٤١١٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ
ميمونٍ، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيهِ
عن جَدِّهِ، عن النبيِّ ﷺ، قال: «إذا
زوَّج أحدُكُمْ عبدَه أمتَه فلا ينظُرْ إلى عورَتِها» (١).
٤١١٤
- حدَّثنا زهيرُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا
وكيعٌ، حدَّثني داودُ بن سوّار المُزَنيُّ، عن عَمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ
عن جدِّه، عن النبيَّ ﷺ، قال: «إذا
زوَّج أحدُكم خَادِمَه عَبْدَهُ أو أجِيَره، فلا ينظُرْ إلى ما دُونَ السُّرة
وفوقَ الرُّكْبَةِ» (٢).
قال أبو داود: وصوابُه سوّارُ بنُ
داود المُزني الصَّيرفي، وهم فيه وكيعٌ.
= قال الحافظ في «التلخيص»: وهذا جمع
حسن، وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا. قلنا: هذا الجمع إنما يلجا إليه
إذا كان الحديثان صحيحين، وأما إذا كان أحدهما ضعيفًا والآخر صحيحا، فلا داعي إلى
هذا الجمع، وإنما يؤخذ بالصحيح، ويرد الضعيف.
وحديث فاطمة بنت قيس أخرجه مسلم
(١٤٨٠).
(١)
إسناده حسن. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، والوليد: هو ابن مسلم.
وأخرجه البيهقي ٢/ ٢٢٦ من طريق أبي
داود، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده، وما سلف برقم (٤٩٦).
وقد جاء ذكر العورة في الطريق الآتي
بعده مقيدًا بما دون السُّرَّة وفوق الركبة، قال البيهقي: هذه الرواية إذا قرنت
برواية الأوزاعي دَلَّنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا
زوَّجَها، وأن عورة الأمة ما بين السُّرَّة والركبة.
(٢)
إسناده حسن، وهو مكرر الحديث السالف برقم (٤٩٦).
وانظر ما قبله.
٣٨ - باب في الاختِمار
٤١١٥
- حدَّثنا زهيرُ بنُ حَرب، حدَّثنا
عبدُ الرحمن. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن حبيبِ بنِ أبي
ثابتٍ، عن وهْبٍ مولى أبي أحمد
عن أُمِّ سلمةَ: أن النبيَّ ﷺ دخلَ
عليها وهي تختَمِرُ، فقال: «ليَّةً لا ليَّتَيْنِ» (١).
قال أبو داود: معنى قولِه: «ليَّةً
لا ليَّتَيْنِ» يقولُ: لا تَعْتمَّ مِثْلَ الرَّجُلِ، لا تُكرِّره طاقًا أو طاقَين.
٣٩
- باب في
لبس القَبَاطيِّ لِلنِّساءِ
٤١١٦
- حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح
وأحمدُ بنُ سعيد الهمدانيُّ، قالا: أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني عبدُ الله بنُ
لهيعةَ، عن موسى بنِ جُبَيْرٍ، أن عُبيدَ اللهِ ابنَ عباسٍ حدَّثه، عن خالد بن
يزيدَ بنِ معاويةَ
(١) رجاله ثقات غير وهب مولى أبي أحمد، فقد
اختُلف في تعيينه، فذكر الدارقطني والحاكم أنه أبو سفيان مولى ابن أبي أحمد الثقة
المخرج له في «الصحيحين» وهذا وثقه ابن سعْد وابن حبان والدارقطني، واحتمل المزي
أن يكون هو هذا، وأما ابن عبد البر فقال: أبو سفيان لم يصح له اسم غير كنيته.
قلنا: ولهذا جهّل المنذري وابن القطان والذهبي وابن حجر وهبًا مولى أبي أحمد، فإن
كان وهب هو أبو سفيان كما قرره الدارقطني والحاكم فالإسناد صحيح، وإلا فهو رجل لا
يُعرف مجهول كما قرره المنذري ومن تبعه، فيكون الإسناد ضعيفًا، والله تعالى أعلم.
وأخرجه الطيالسي (١٦١٢)، وعبد الرزاق
(٥٠٥٠)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» مسند أم سلمة ٤/ (٨٩) و(١٥٦)، وأحمد (٢٦٥٢٢)
و(٢٦٥٣٨) و(٢٦٦١٧)، وأبو يعلى (٦٩٧١)، والطبراني في «الكبير» ٢٣/ (٧٠٥)، والحاكم
٤/ ١٩٤ - ١٩٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦١٤٤)، والمزي في ترجمة وهب مولى أبي
أحمد من «تهذيب الكمال» ٣١/ ١٦٢ - ١٦٣ من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وصححه
الحاكم وسكت عنه الذهبي.
عن دِحْيَةَ بن خَليفة الكلبي أنه
قال: أُتِيَ رسولُ الله ﷺ بِقباطيّ، فأعطاني منها قُبْطّيةً، فقال: «اصْدَعْها
صِدْعَينِ، فاقْطَعْ أحدَهما قميصًا، وأعْطِ الآخرَ امرأتَك تَخْتَمِرْ بهِ»، فلما
أدبر، قال: «وأْمرِ امرأتَكَ أن تجعلَ تحتَه ثوبًا لايَصِفُها» (١).
قال أبو داود: رواه يحيى بنُ أيوب،
فقال: عباسُ بنُ عُبيدِ الله ابن عباس.
٤٠
- باب في
قَدْر الذَّيل
٤١١٧
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ
القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي بكرِ بنِ نافعٍ، عن أبيه، عن صفيَّة بنتِ أبي عُبَيدٍ
أنها أخبرته
أن أُمَّ سلمة زوجَ النبيِّ ﷺ، قالت
لِرسُولِ الله ﷺ حينَ ذكر الإزارَ:
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن خالد بن يزيد
بن معاوية لم يلق دحية الكلبي فيما قاله الحافظ الذهبي في «تلخيص المستدرك» ٤/
١٨٧، و«سير أعلام النبلاء» ٤/ ٣٨٢.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٤١٩٩)،
والحاكم ٤/ ١٨٧، والبيهقي ٢/ ٢٣٤ من طريقين عن موسى بن جبير، بهذا الإسناد. وصححه
الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: فيه انقطاع.
وفي باب قوله: «وأمر امرأتك أن تجعل
تحته ثوبًا لا يصفُها، عن أسامة بن زيد عند ابن سعد في»طبقاته«٤/ ٦٤ - ٦٥، وابن
أبي شيبة في»مسنده«كما في»إتحاف الخيرة" (٥٤٩٦)، وأحمد (٢١٧٨٦)، وغيرهم.
وإسناده محتمل لتحسين.
والقبطية مضمومة القاف: الشقة أو
الثوب من القباطي وهي ثياب تعمل بمصر.
وقوله: اصدعها. يريد شقها نصفين، فكل
شق منها صِدع بكسر الصاد، والصَّدع مفتوحة الصاد مصدر صدعت الشيء إذا شققته،
واصدعه صدعًا.
فالمرأةُ يا رسولَ الله ﷺ، قال:
«تُرْخِي شِبْرًا» قالت أُمُّ سلمة: إذًا ينكَشِفَ عنها، قال: «فَذِرَاعًا، لا
تَزِيدُ عليه» (١).
٤١١٨
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا
عيسى، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ، عن سُليمانَ بنِ يَسارٍ، عن أُمِّ سلمة، عن
النبيَّ ﷺ، بهذا الحديث (٢).
قال أبو داود: رواه ابنُ إسحاقَ
وأيوب بن موسى، عن نافع، عن صفية.
٤١١٩
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى بنُ
سعيدٍ، عن سفيانَ، أخبرني زيدٌ العمِّيُّ، عن أبي الصِّدِّيقِ
(١) حديث صحح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر
بن نافع مولى عبد الله ابن عمر، وهو متابع. وقد اختلف في إسناد هذا الحديث
اختلافًا كثيرًا كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٦٥١١) لكن ذكر ابن عبد البر في
التمهيد ٢٤/ ١٤٨ أن الصواب رواية مالك ومن تبعه.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٩١٥.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦٥٧)
من طريق أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص، و(٩٦٥٨) من طريق محمد بن إسحاق،
كلاهما عن نافع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥١١)
و(٢٦٥٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٤٥١). وانظر ما بعده.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه عن عُبيد الله بن عمر كما سيأتي بيانه. عيسى: هو
ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
فأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦٥٩)
من طريق معتمر بن سليمان، و(٩٦٦٠) من طريق عبد الرحيم بن سليمان الرازي، كلاهما عن
عُبيد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي أيضًا (٩٦٦١) من طريق
خالد بن الحارث، عن عُبيد الله، عن نافع، عن سليمان بن يسار: أن أم سلمة ذكرت ذيول
النساء ... هكذا رواه مرسلًا وكذلك أخرجه مرسلًا أحمد (٥١٧٣) عن يحى بن سعيد
القطان، عن عُبيد الله بن عمر.
وانظر ما قبله.
عن ابن عمر، قال: رخص رسولُ الله ﷺ ِ
لأمهاتِ المؤمنينَ في الذَّيل شِبرًا، ثم استزَدْنَه، فزادَهُن شِبرًا، فكنَّ
يُرسِلْن إلينا، فنذْرَعُ لهن ذِرَاعًا (١).
٤١
- باب في
أُهُبِ الميتةِ
٤١٢٠
- حدَّثنا مُسدَّدٌ ووهبُ بنُ بيانٍ
وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ وابنُ أبي خَلَفٍ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن
عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله، عن ابنِ عباس -قال مُسَدَّدٌ ووهب:-
عن ميمونة، قالت: أُهدِي لمولاةٍ لنا
شاةٌ من الصدقةِ، فماتَتْ، فمرَّ بها النبيُّ ﷺ، فقال: «ألا دبغتُم إهابَها،
واستنفعتُم به». قالوا: يا رسولَ الله ﷺ، إنها ميتة، قال: «إنما حُرِّمَ أكْلُها»
(٢).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف زيد
العَمِّي -وهو ابن الحواريّ-، سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (٣٥٨١) من طريق
سفيان الثوري، به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦٥٠)
من طريق مطرف بن طريف، عن زيد العمي، عن أبي الصدّيق، عن ابن عمر عن عمر. فجعله من
مسند عمر.
وهو في مسند أحمد«(٤٦٨٣) و(٤٧٧٣)
و(٥٦٣٧).
وفي الباب عن أم سلمة في الحديث
السالف قبله.
(٢)
إسناده صحيح. وهذا الاختلاف الذي في إسناده بأن جعله بعضهم عن ابن عباس مرفوعًا
وبعضهم عن ابن عباس عن ميمونة مرفوعًا - لا يضر، فإنه مرسل صحابي، وهو حجة. وقال
الحافظ في»الفتح«٩/ ٦٥٨: والراجح عند الحفاظ في حديث الزهري ليس فيه ميمونة.
وأخرجه مسلم (٣٦٣)، وابن ماجه
(٣٦١٠)، والنسائي في»الكبرى" (٤٥٤٦) من طريق سفيان بن عيينه، بهذا الإسناد.
فجعله من مسند ميمونة. =
٤١٢١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ،
حدَّثنا مَعْمَرٌ
عن الزهريِّ، بهذا الحديث، لم يذكرْ
ميمونة، فقال: ألا انتفعتُمْ بإهإبها»، ثم ذكر معناه، لم يذكر الدِّباغَ (١).
٤١٢٢
- حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ،
حدَّثنا عبدُ الرزاق، قال: قال مَعْمَرٌ: وكاْن الزهري يُنكِرُ الدباغَ، ويقول:
يُستمتَعُ به على كلِّ حالٍ.
= وهو في «مسند أحمد» (٢٦٧٩٥)، و«صحيح
ابن حبان» (١٢٨٥) و(١٢٨٩).
وأخرجه مسلم (٣٦٣) من طريق سفيان بن
عيينة، به. فجعله من مسند ابن عباس.
وأخرجه مسلم (٣٦٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٥٤٩) من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، عن ميمرنة فجعله من
مسندها. دون ذكر الدباغ.
وأخرجه مسلم (٣٦٣) و(٣٦٥)، والترمذي
(١٨٢٤)، والنسائي في «الكبرى» (٤٥٥٠) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رفعه.
فجعله من «مسنده». ولم يذكر مسلم في روايته الثانية الدباغ، وأخرجه النسائي (٤٥٥١)
من طريق عامر الشعبي، عن ابن عباس. فجعله من مسند ابن عباس أيضًا دون ذكر الدباغ.
وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم
(٤١٢٣) و(٤١٢٦).
(١)
إسناده صحيح. يزيد: هو ابن زُريع.
وأخرجه البخاري (٢٢٢١) و(٥٥٣١)،
ومسلم (٣٦٣) من طريق صالح بن كيسان، والبخاري (١٤٩٢)، ومسلم (٣٦٣) من طريق يونس بن
يزيد الأيلي، والنسائي في «الكبرى» (٤٥٤٧) من طريق مالك بن أنس، و(٤٥٤٨) من طريق
حفص ابن الوليد، كلهم عن ابن شهاب الزهري، به. ولم يذكر أحدٌ منهم خلا حفص بن
الوليد الدباغ.
وهو في «مسند أحمد» (٣٠١٦)، و«صحح
ابن حبان» (١٢٨٤).
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم
(٤١٢٣).
قال أبو داود: لم يذكرِ الأوزاعيُّ
ويونس وعقيلٌ في حديثِ الزهري الدِّباغَ، وذكره الزُّبيديُ وسعيدُ بنُ عبدِ العزيز
وحفصُ بن الوليد، ذكروا الدِّباغَ.
٤١٢٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، عن زيدِ بنِ أسلَم، عن عبدِ الرحمن بنِ وَعْلَةَ
عن ابنِ عباس، قال: سمعتُ رسولَ
اللهِ ﷺ يقولُ: «إذا دُبِغَ الإهابُ فقد طَهُرَ» (١).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (٣٦٦)، وابن ماجه
(٣٦٠٩)، والترمذي (١٨٤٥) والنسائي في «الكبرى» (٤٥٥٣) و(٤٥٥٤) من طريق عبد الرحمن
بن وعلة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٥)، و«صحيح
ابن حيان» (١٢٨٧) و(١٢٨٨). وانظر ما سلف برقم (٤١٢٠) و(٤١٢١).
قال الخطابي: الإهاب: الجلد، ويجمع
على أهب، وزعم قوم أن جلد ما لا يؤكل لا يسمى إهابًا، وذهبوا إلى أن الدباغ لا
يعمل من الميتة، إلا في الجنس المأكول اللحم، وهو قول الأوزاعي وابن المبارك
وإسحاق بن راهويه وأبي ثور.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه ومالك
والشافعي إلى أن جلد الميتة مما يؤكل لحمه ومما لا يؤكل يطهر بالدباغ إلا أن أبا
حنيفة وأصحابه استثنوا منها جلد الخنزير واستثنى الشافعي مع الخنزير جلد الكلب،
وكان مالك يكره الصلاة في جلود السباع وإن دبغت، ويرى الانتفاع بها، ويمتنع من
بيعها، وعند الشافعي بيعها والانتفاع بها على جميع الوجره جائز لأنها طاهرة. وقال
ابن المنذر في «الأوسط» ٤/ ٢٨٠: وأجمع أهل العلم على تحريم الخنزير، والخنزير محرم
بالكتاب والسنة واتفاق الأمة، واختلفوا في استعمال شعره فرخصت طائفة أن يخرز به،
رخص فيه الحسن البصري ومالك والأوزاعي والنعمان، وقد روينا عن الشعبي أنه سئل عن
جرب من جلود الخنازير يحمل فيها مديد من أذربيجان، فقال: لا بأس به. وقال القرطبي
في «تفسيره» ٢/ ٢٢٣: لا خلاف أن جملة الخنزير محرمة إلا الشعر، فإنه يجوز الخِرازة
به. =
٤١٢٤ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن
مالكٍ، عن يزيدَ بنِ عبدِ الله بنِ قُسَيْط، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمن بنِ ثوبانَ،
عن أُمه
عن عائشة زوجِ النبيِّ ﷺ: أن رسولَ
الله ﷺ أمر أن يُستَمْتَعَ بجلود الميتة إذا دُبِغَت (١).
٤١٢٥
- حدَّثنا حفص بن عمر وموسى بن
إسماعيلَ، قالا: حدَّثنا همّامٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن جَوْنِ بنِ قتادةَ
عن سَلَمَةَ بن المحبَّق: أن رسُولَ
اللهِ ﷺ في غزوةِ تبوكَ أتى على بيتٍ فإذا قِربْةٌ مُعلَّقةٌ، فسألَ الماءَ،
فقالوا: يا رسولَ الله، إنها ميتةٌ، فقال: «دِباغُها طَهُورُها» (٢).
= ونقل ابن عبد البر في «الاستذكار»
١٥/ ٣٤٧ عن سحنون: أنه لا بأس بجلد الخنزير إذا دبغ، وكذلك قال داود بن علي ومحمد
بن عبد الله بن عبد الحكم، وحجتهم عموم قوله ﷺ: «أيما إهاب دبغ فقد طهر».
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة والدة محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، لكنها قد
توبعت.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٤٩٨، ومن
طريقه أخرجه ابن ماجه (٣٦١٢)، والنسائي في «الكبرى» (٤٥٦٤).
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٤٧)، و«صحيح
ابن حبان» (١٢٨٦).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٥٥٩)
من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود
النخعي، عن عائشة قالت، قال رسول الله ﷺ: «ذكاة الميتة دباغها». وهذا إسناد صحيح.
(٢)
مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة جَوْن بن قتادة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٥٥٥)
من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي.
عن قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٠٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٥٢٢). =
٤١٢٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا
ابنُ وهبِ، أخبرني عمرو بنُ الحارث، عن كثيرِ بنِ فرقدٍ، عن عبدِ الله بن مالك بن
حُذافة
حدَّثه، عن أمِّه العالِيَةِ بنتِ
سُبيعٍ، أنها قالت: كان لي غنمٌ بأُحُدٍ، فوقعَ فيها الموتُ، فدخلتُ على ميمونةَ
زوجِ النبيِّ ﷺ فذكرتُ ذلك لها، فقالت لي ميمونةُ: لو أخذْتِ جلودَها فانتفعتِ
بها، قالت: فقلتُ: أو يَحِل ذلك؟ قالت: نعم، مرَّ على رسُولِ الله ﷺ رجالٌ مِنْ
قُريشٍ يَجُرُّون شاةً لهم مِثْلَ الحمارِ، فقال لهم رسولُ الله ﷺ: «لو أخذتُم
إهابَها» قالوا: إنها مَيْتَةٌ، فقال رسولُ الله ﷺ: «يُطهِّرُها الماءُ والقَرَظُ»
(١).
٤٢
- باب من
روى أن لا يُنتفَعَ بإهابِ الميتةِ
٤١٢٧
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا
شعبةُ، عن الحكمِ، عن عبدِ الرحمن ابنِ أبي ليلى
= ويشهد لمرفوعه حديث ميمونة وابن عباس
وعائشة السالفة أحاديثهم عند المصنف بالأرقام (٤١٢٠) و(٤١٢١) و(٤١٢٣) و(٤١٢٤).
(١)
مرفوعه صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن مالك وأمه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٥٦٠)
من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٣٣)، و«صحيح
ابن حبان» (١٢٩١).
وقد سلف ذكر الانتفاع بالاهاب بعد
دباغه عن ميمونة بإسناد صحيح برقم (٤١٢٠).
قال الخطابي: القرظ: شجر تُدبغ به
الأُهب وهو لما فيه من القبض والعُفوصة، يُنشِّف البلَّة، ويذهب الرخاوة، ويخصف
الجلد، ويصلحه ويُطيبه، فكل شيء عَمِل عَمَل القرظ كان حكمه في التطهير حكم القرظ.
عن عبدِ الله بنِ عُكيم، قال: قُرِئ
علينا كتابُ رسُولِ الله ﷺ بأرضِ جُهينةَ وأنا غلامٌ شابٌّ: «أن لا تَسْتمْتِعُوا
من الميتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ» (١).
(١) إسناده ضعيف. عبد الله بن عُكيم، قال عنه
البخاري في «تاريخه الكبير» ٥/ ٣٩، وذلك أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في
الجرح والتعديل«٥/ ١٢١: أدرك زمان رسول الله ﷺ ولا يُعرف له سماع صحيح، ثم هو
مضطرب كما بيناه في»مسند أحمد«(١٨٧٨٠) الحكم: هو ابن عتيبه.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦١٣)، والترمذي
(١٨٢٦)، والنسائي في»الكبرى«(٤٥٦١) و(٤٥٦٢) من طرق عن الحكم بن عتيبة، به. وقال
الترمذي: هذا حديث حسن ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم هذا الحديث، وليس
العمل على هذا عند أكثر أهل العلم.
وهو في»مسند أحمد«(١٨٧٨٠)، و»صحيح
ابن حبان«(١٢٧٧).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: مذهب عامة العلماء على
جواز الدباغ والحكم بطهارة الإهاب إذا دبغ، ووهَّنوا هذا الحديث، لأن عبد الله بن
عكيم لم يلق النبي ﷺ، وإنما هو حكايته عن كتاب أتاهم، فقد يحتمل لو ثبت الحديث أن
يكون النهي إنما جاء عن الانتفاع به قبل الدباغ، ولا يجوز أن تترك به الأخبار
الصحيحة التي قد جاءت في الدباغ وأن يحمل على النسخ، والله أعلم.
وقال ابن حبان بإثر حديث عبد الله بن
عكيم (١٢٧٩) ومعنى هذا الخبر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، يريد به قبل
الدباغ، والدليل على صحته قوله ﷺ:»أيما إهاب دبغ فقد طهر«.
وقال الحافظ في»التلخيص«١/ ٤٨: وقد
تكلم الحازمي في»الناسخ والمنسوخ" على هذا الحديث فشفى، ومحصل ما أجاب به
الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال، وهو أن عبد الله بن عُكيم لم يسمعه من
النبي ﷺ.
والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي
ليلى لم يسمعه من عبد الله بن عكيم.
والاضطراب في سنده، فإنه تارة قال:
عن كتاب النبي ﷺ، وتارة عن مشيخة من جهينة، وتارة: عمن قرأ الكتاب.
=
قال أبو داود: إليه يذهب أحمد.
قال أبو داود: وسمعت أحمد ابنْ
شبُّوية، قال: قال النضرُ بنُ شُميلٍ: يُسمى إهابًا ما لم يُدْبَغْ، فإذا دبغ
يُقال له: شنٌّ وقربةُ (١).
٤١٢٨
- حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيل مولى بني
هاشِمٍ، حدَّثنا الثقفيُّ، عن خالدٍ، عن الحكم بنِ عُتَيْبَةَ، أنه انطلقَ هو
وناسٌ مَعَهُ إلى عبدِ الله بن عُكَيمٍ -رجلٍ مِن جُهينةَ- قال الحكم: فدخَلُوا
وقَعدْتُ على البابِ، فخرجوا إلي، فأخبروني
أن عبدَ الله بنَ عُكَيْم أخبرهم: أن
رسولَ الله ﷺ كتَبَ إلى جُهينة قَبْلَ موتِهِ بشهرٍ: «أن لا تَتتَفِعُوا من
الميتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ» (٢).
٤٣
- باب في
جلود النُّمور والسِّباع
٤١٢٩
- حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّريِّ، عن
وكيعٍ، عن أبي المُعتمِرِ، عن ابنِ سيرين
= والاضطراب في المتن، فرواه الأكثر من
غير تقييد، ومنهم من رواه بتقييد شهر أو شهرين، أو أربعين يومًا، أو ثلاثة أيام.
والترجيح بالمعارضة بأن الأحاديث
الدالة على الدباغة أصح. والقول بموجبه بأن الإهاب اسم للجلد قبل الدباغ لا بعده،
حمله على ذلك ابن عبد البر والبيهقي، وهو منقول عن النضر بن شميل والجوهري قد جزم
به.
وقال الحازمي: وطريق الإنصاف فيه أن
يقال: إن حديث ابن عُكيم ظاهر الدلالة في النسخ لو صح، ولكنه كثير الاضطراب، ثم لا
يقاوم حديث ميمونة في الصحة.
(١)
مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من هامش (هـ) وأشار هناك أنهما في رواية ابن
الأعرابي. واقتصر في (أ) و(ب) و(ج) على مقالة أبي داود الثانية، بنحوها عند ابن
الأعرابي.
(٢)
إسناده ضعيف كسابقه.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٧٨٢).
وانظر ما قبله.
عن معاوية، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«لا تركبُوا الخَزَّ، ولا النِّمارَ» قال: وكان معاويةُ لا يُتَّهم في الحديثِ عن
رسولِ الله ﷺ (١).
قال أبو داود: أبو المعتمِرُ شَيخ من
الحِيرة، كان بصريًا، يقال
له: يزيدُ بن طَهْمانَ، قال: وكان
بُخراسانَ أيضًا.
٤١٣٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، حدَّثنا
أبو داود، حدَّثنا عِمرانُ، عن قتادةَ، عن زُرَارَة عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:
لا تَصْحَبُ الملائِكةُ رِفْقةً فيها جِلْدُ نَمِرٍ«(٢).
(١) إسناده صحيح. ابن سيرين: هو محمد، وأبو
المعتمر: هو يزيد بن طهمان، ووكيع: هو ابن الجراح.
وأخرجه ابن ماجه (٣٦٥٦) من طريق وكيع
بن الجراح، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(١٦٨٤٠).
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٩٧٣٠) من
طريق قتادة بن دعامة، عن أبي شيخ الهُنائي، أنه سمع معاوية وعنده جمع من أصحاب
محمد في الكعبة قال: أتعلمون أن نبي الله ﷺ نهى عن ركوبٍ على جلد النمور؟ قالوا:
نعم. وإسناده حسن.
ورواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي شيخ
الهنائي، واختلف عليه كما بينه النسائي في»الكبرى«(٩٧٣٢ - ٩٧٣٧). وسَلِم طريقُ
قتادة.
وهو في»مسند أحمد«(١٦٨٣٣). وانظر ما
سيأتي برقم (٤١٣١) و(٤٢٣٩).
قال ابن الأثير في»النهاية«: إنما
نهى عن استعمال جلود النمور لما فيها من الزينة والخيلاء.
(٢)
إسناده ضعيف وفيه اضطراب. عمران -وهو ابنُ دَاوَر القطّان- ضعَّفه الأكثرون، وقد
تفرذ بهذا الحديث عن أبي هريرة بهذا الإسناد، وخالفه هشام الدستوائي الثقة فرواه
عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة بلفظ:»لا تصحب الملائكة رفقة فيها
جرس". وكذلك رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بهذا اللفظ.
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= فدل على وهم عمران القطان فيه، على
أنه رواه مرة موقوفًا على أبي هريرة وبلفظ هشام كما أشار إليه الدارقطني في
«العلل» ١٠/ ٣٢٨.
ورواه سعيدُ بن بَشير -وهو لين
الحديث- فاضطرب في إسناده ومتنه، فرواه مرة عن قتادة عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن
عائشة فجمع الحديثين بذكر الجرس وجلد النمر، قال الدارقطني في «العلل» ١٠/ ٣٢٩:
ورواه سعيد بن بشير عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة عن النبي ﷺ،
واختُلف عن سعيد بن بشير في متنه، فقيل عنه: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر»
ولا يصح القولان.
قلنا: يعني لا الإسناد ولا المتن.
ورواه سعيد بن بشير مرة أخرى فقال:
عن أبي الزبير، عن جابر كذا ذكره ابن أبي حاتم في «العلل» ١/ ٤٨٦، ونقل عن أبيه
أنه قال فيه: هذا حديث منكر. وذكر ابنُ حبان هذا الحديث من منكرات سعيد بن بشير في
«المجروحين» ١/ ٣١٩.
وأخرجه ابن المنذر في «الأوسط» ٢/
٢٩٩ من طريق محمد بن عثمان التنوخي، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد
بن هشام، عن عائشة أن نبي الله ﷺ قال: «لا تقرب الملائكة رفقة فيها جرس ولا جلد
نمر».
وأخرجه ابن حبان في «المجروحين» ١/
٣١٩ من طريق الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن أبي الزبير، عن جابر.
وأخرج إسحاق بن راهويه في «مسنده» في
مسند أبي هريرة (٢٨٠)، وأحمد بن حنبل في «مسنده» (٨٩٩٨)، والنسائي في «الكبرى»
(٨٧٥٩) من طريق معاذ بن هشام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن
أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس».
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٢٢٩ عن
وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن زرارة عن أبي هريرة قال: الملائكة لا تصحب
رفقه فيها جرس. فجعله موقوفًا عليه من قوله. وهذا لا يُعل المرفوع، لأن الحديث ثبت
مرفوعًا من طريق آخر عن أبي هريرة: وهو ما أخرجه أحمد في «مسنده» (٧٥٦٦)، ومسلم
(٢١١٣)، والترمذي (١٧٩٨)، والنسائي في «الكبرى»
كما في «تحفة الأشراف» ٩/ ٣٩٥ وغيرهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي
هريرة. وقد سلف عند المصنف برقم (٢٥٥٥).
٤١٣١ - حدَّثنا عَمرُو بنُ عُثمانَ، حدَّثنا
بقيةُ، عن بَحِيْرٍ، عن خالد، قال:
وفد المقدام بن مَعدِي كَرِبَ وعمرو
بنُ الأسودِ، ورَجُلٌ من بني أسدِ من أهل قِنَّسرِينَ إلى معاويَة بن أبي سفيانَ،
فقال معاويةُ لِلمقدام: أعَلِمْتَ أن الحسنَ بنَ علي تُوفِّي؟ فرجَّعَ المِقدَامُ،
فقال له رجل: أترَاها مُصِيبَةً؟ قال له: ولم لا أراها مُصيبةً وقد وضعه رسولُ
الله ﷺ في حَجرِه، فقال: «هذا مِنِّي وحُسينٌ مِنْ علي»؟! فقال الأسَديُّ: جمرةٌ
أطفأها اللهُ عز وجل، قال: فقال المقدامُ: أما أنا، فلا أبرحُ اليومَ حتى
أُغيِّظَكَ وأُسمِعَكَ ما تَكرَه، ثم قال: يا معاويةُ، إن أنا صدقَتُ فصدِّقني،
وإن أنا كذبتُ فكذِّبْني، قال: أفْعَلُ: قال: فأنشُدُكَ بالله، هلْ سمعتَ رسولَ
الله ﷺ ينهى عن لبسِ الذَّهَبِ؟ قال: نَعَمْ. قال: فأنشُدكَ باللهِ، هل تَعْلَمُ
أن رسولَ الله ﷺ نهى عن لبسِ الحريرِ؟ قال: نَعَمْ. قال: فأنشُدُكَ بالله، هل
تَعْلَمُ أن رسولَ الله ﷺ نهى عن لبسِ جلود السَّباع والرُّكوب عليها؟ قال:
نَعَمْ. قال: فواللهِ لقد رأيتُ هذا كُلَّه في بيتِك يا معاويةُ، فقال معاويةُ: قد
علِمتُ أني لن أنجوَ مِنْكَ يا مقدامُ، قال خالدٌ: فأمر له معاويةُ بما لم يأمُرْ
لِصاحبَيه، وفَرَضَ لابنِه في المئتينِ، ففرَّقها المقدامُ على أصحابه قال: ولم
يُعطِ الأسديُّ أحدًا شيئًا مما أخذَ، فبلغ ذلك معاويةَ، فقال:
أما المقدامُ فرجلٌ كريمٌ بَسَطَ
يدَه، وأما الأسديُّ فرجلٌ حسنُ الأمساكِ لشيئه (١).
٤١٣٢
- حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ،
أن يحيى بنَ سعيد وإسماعيلَ بنَ إبراهيم، حدَّثاهم -المعنى- عن سعيدِ بنِ أبي
عَروبة، عن قتادةَ، عن أبي المليحِ بنِ أسامة عن أبيه: أن رسولَ الله ﷺ نهى عن
جُلُودِ السِّبَاعِ (٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد
الحمصي- وخالد -وهو ابن مَعدان- قد سمع المقدام بن معدى كرب كما قال البخاري في
«تاريخه الكبير» ٣/ ١٧٦. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد الحمصي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٥٦٦)
و(٤٥٦٧) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد.
وقد صح النهي عن هذه الأمور التي
ذكرها المقدام عن عدة من الصحابة«.
منها حديث البراء بن عازب عند
البخاري (١٢٣٩)، ومسلم (٢٠٦٦) بلفظ: ونهانا النبي ﷺ عن آنية الفضة وخاتم الذهب
والحرير والديباج والقَسي والاستبرق.
وحديث علي بن أبي طالب السالف عند
المصنف برقم (٤٠٥٧) بلفظ: إن نبي الله ﷺ أخذ حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا
فجعله في شماله، ثم قال:»ان هذين حرام على ذكور أمتي«وهو صحيح لغيره له ما يشهد له
بلفظه عن عدة من الصحابة ذكرهم ابن الملقن في»البدر المنير«١/ ٦٤٠ - ٦٥٠.
وأما جلود السباع فقد صح النهي عنها
في حديث معاوية السالف برقم (٤١٢٩)، وحديث أسامة بن عمير الآتي بعده.
(٢)
إسناده صحيح. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مِقْسَم، المعروف بابن عُلَيّهَ. ويحيى
بن سعيد: هو القطان.
وأخرجه الترمذي (١٨٧٠) و(١٨٧١)،
والنسائي في»الكبرى«(٤٥٦٥) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (٢٠٧٠٦).
=
٤٤ - باب في النِّعال
٤١٣٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح
البزَّاز، حدَّثنا ابنُ أبي الزناد، عن موسى ابنِ عُقبةَ، عن أبي الزُّبير
عن جابرٍ، قال: كُنَّا مَعَ النبي ﷺ
في سَفَرٍ، فقال: «أكثِرُوا مِن النِّعالِ، فإن الرَّجُلَ لا يزالُ راكبًا ما
انتَعَلَ» (١).
٤١٣٤
- حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا
همَّام، عن قتادةَ
= وقال المناوي في «فيض القدير» ٦/
٣٢٨: والنهي للسرف والخيلاء، أو لأن افتراشها دأب الجبابرة وسجية المترفين، أو
لنجاسة ما عليها من الشعر، والشعر ينجس بالموت ولا يطهر بالدباغ عند الشافعية.
وخبْث الملبس يُكسب القلب هيئة خبيثة، كما أن خبث المطعم يُكسبه ذلك، فإن الملابسة
الظاهرة تسري إلى الباطن، ومن ثم حُرّم على الذكر لبس الحرير والذهب لما يُكسب
القلبَ من الهيئة التي تكون لمن ذلك لبسه من نساء وأهل الفخر والخيلاء، وفيه أنه
يحرم الجلوس على جلد كسبع ونمر وفهد، أي: به شعر، وإن جُعل على الأرض على الأوجَه،
لكونه من شأن المتكبرين كما تقرر.
(١)
إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- وإن لم يصرح بسماعه من
جابر في شيء من طرق الحديث، متابع، وقد صحح له مسلم هذا الحديث، وكذا ابن حبان.
وأخرجه مسلم (٢٠٩٦)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٧١٥) من طريق معقل بن عُبيد الله، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٦٢٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤٥٧).
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير»
٨/ ٤٤، وابن عدي في «الكامل» ٦/ ٢٤١٩ من طريق النضر بن شميل، عن مُجَّاعة بن
الزبير، عن الحسن البصري، عن جابر.
ومجَّاعة تصلح روايته للمتابعة. وقد
اختُلف عنه في تعيين الصحابي فمرة ذكر جابرًا، ومرة ذكر عمران بن حصين. وكلاهما لم
يصرح الحسن البصري بسماعه منهم، لكن مع ذلك تصلح روايته هذه للاعتبار.
عن أنسٍ: أن نَعْلَ النبيِّ ﷺ كان
لها قِبَالانِ (١).
٤١٣٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحيم أبو
يحيى، أخبرنا أبو أحمدَ الزبيريُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن أبي
الزُّبير
عن جابرٍ، قال: نهى رسولُ الله ﷺ أن
ينتعِلَ الرَّجُلُ قائمًا (٢).
(١) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة
السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي.
وأخرجه البخاري (٥٨٥٧)، وابن ماجه
(٣٦١٥)، والتر مذي (١٨٧٤) و(١٨٧٥)،
والنسائي في «الكبرى» (٩٧١٦) من طريق
همام بن يحيى، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٢٢٩).
وأخرجه البخاري (٣١٠٧) و(٥٨٥٨) من
طريق عيسى بن طهمان، عن أنس نحوه.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٤٧٨
من طريق عفان عن همام عن قتادة، عن أنس قال: كانت نعل النبي ﷺ لها قبالان من سبت
ليس عليها شعر.
قال ابن الأثير: القبالان: تثنية
قِبال: زمام النعل، وهو السير الذي يكون بين الأصبعين.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس
المكي- لم يصرح بسماعه من جابر. أبو أحمد الزبيري: هو محمد ابن عبد الله الأسدي.
وأخرجه البيهقى في «شعب الإيمان»
(٦٢٧٣) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن عُمر عند
ابن ماجه (٣٦١٩) وإسناده صحيح.
وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (٣٦١٨)،
والترمذي (١٨٧٧)، وإسناد ابن ماجه رجاله ثقات، لكنه اختلف في رفعه ووقفه.
وعن أنس عند الترمذي (١٨٧٨) وإسناده
ضعيف.
قال الخطابي: يشبه أن يكون إنما نهى
عن لبس النعل قائمًا لأن لبسها قاعدًا أسهل عليه وأمكن له، وربما كان ذلك سببًا
لانقلابه إذا لبسها قائمًا فأمر بالقعود له والاستعانة باليد ليأمن غائلته، والله
أعلم.
٤١٣٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، عن
مالكٍ، عن أبي الزَّنادِ، عن الأعرجِ
عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ قال:
لا يَمْشي أحَدُكُم في النَّعلِ الواحدة، لينْعَلْهُما جميعًا، أو لِيُحْفِهِما
جميعًا» (١).
(١) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن
هُرمز، وأبو الزناد هو عبد الله ابن ذكوان.
وهو في «موطأ مالك»، ٢/ ٩١٦، ومن
طريقه أخرجه البخاري (٥٨٥٥)، ومسلم (٢٠٩٧)، والترمذي (١٨٧٦).
وأخرجه مسلم (٢٠٩٧) من طريق محمد بن
زياد، وابن ماجه (٣٦١٧) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، كلاهما عن أبي هريرة.
ولفظ مسلم: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال،
وليُنْعلْهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا». وزاد ابن ماجه: «ولا خف واحد».
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٤٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤٥٩).
وانظر ما سيأتي برقم (٤١٣٩).
قال الخطابي: وهذا قد يجمع أمورًا،
منها: أنه قد يشق عليه المشي على هذه الحال، لأن وضع أحد القدمين منه على الحفاء
إنما يكون مع التوقي والتهيب لأذى يصيبه أو حجر يصدمه، ويكون وضعه القدم على خلاف
ذلك من الاعتماد به والوضع له من غير محاشاة أو تقيَّة. فيختلف من أجل ذلك مشيه،
ويحتاج معه إلى أن ينتقل عن سجية المشي وعادته المعتادة فيه، فلا يأمن عند ذلك
العثار والعَنَت.
وقد يتصور فاعله عند الناس بصورة من
إحدى رجليه أقصر من الأخرى ولا خفاء بقبح منظر هذا الفعل، وكل أمر يشتهر عند
الناس، ويرفعون إليه أبصارهم، فهو مكروه مركوب عنه.
قلت (القائل الخطابي): وقد يدخل في
هذا المعنى كل لباس يُنتفع به الخفين، وإدخال اليد في الكمين، والتردي بالرداء على
المنكبين. فلو أرسله على إحدى المنكبين وعرّى منه الجانب الآخر كان مكروهًا على
معنى الحديث، ولو أخرج إحدى يديه من كمه وترك الأخرى داخل الكم الآخر كان كذلك في
الكراهة، والله أعلم.
٤١٣٧ - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ،
حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو الزُّبيرِ
عن جابرٍ، قال: قال النبيُّ ﷺ: «إذا
انْقَطَعَ شِسْعُ أحَدِكُم، فلا يَمْشِ في نَعْلٍ واحدةٍ حتى يُصْلِحَ شِسْعَهُ،
ولا يَمْشِ في خُفٍّ واحِدٍ، ولا يأكُلْ بِشِمَالِه» (١).
٤١٣٨
- حدَّثنا قُتيبة بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
صفوانُ بنُ عيسى، حدَّثنا عبدُ الله بن هارون، عن زياد بنِ سعْد، عن أبي نَهِيكِ
عن ابنِ عباس، قال: من السُّنَّةِ
إذا جلسَ الرَّجُلُ أن يخْلَعَ نعليهِ فيضعَهُما بجنبه (٢).
٤١٣٩
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن
مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرجِ
(١) إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير -وهو
محمد بن مسلم بن تدرس المكي- بسماعه من جابر عند أحمد. (١٤١٧٨)، ومسلم (٢٠٩٩)
فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه مسلم (٢٠٩٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٧١٣) و(٩٧١٤) من طرق عن أبي الزبير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١١٨)
و(١٤١٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٢٢٥). والشسع: أحد سيور النعل.
(٢)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن هارون. أبو نَهيك: هو عثمان بن نَهيك الأزدي.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد»
(١١٩٠)، وابن أبي الدنيا في «الإشراف» (١٢٣) والطبراني في «المعجم الكبير»
(١٢٩١٧)، وفي «المعجم الأوسط» (٧٢٢٨)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٢٨٣)، والمزي
في ترجمة عبد الله بن هارون من «تهذيب الكمال» ١٦/ ٢٣٥ من طريق صفوان بن عيسى،
بهذا الإسناد.
عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ قال:
«إذا انْتَعَلَ أحدُكُم فليَبْدَأ باليمينِ، وإذا نزَعَ فليبدأ بالشِّمالِ،
ولتكُنْ اليُمنى أوَّلَهما تُنْعَلُ، وآخرَهما تُنْزَعُ» (١).
٤١٤٠
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ ومُسْلِمُ
بنُ إبراهيمَ، قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن الأشعثِ بن سُلَيم، عن أبيهِ، عن مسروقِ
عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله ﷺ
يُحِبُّ التَّيمُّنَ ما استطاع في شأنِه كلِّه: في طُهورِه، وتَرَجُّلِه،
ونَعْلِه. قال مسلمٌ: وسِوَاكِهِ، ولم يذكر: شأنِهِ كُلِّه (٢).
(١) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن
هرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٩١٦، ومن
طريقه أخرجه البخاري (٥٨٥٦)، والترمذي (١٨٨١).
وأخرجه مسلم (٢٠٩٧)، وابن ماجه
(٣٦١٦) من طريق محمد بن زياد، عن أبي هريرة رفعه: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى
وإذا خلع فليبدأ بالشمال، وليُنعلْهما جميعًا أو ليخعلهما جميعًا».
وهو في «مسند أحمد» (٧١٧٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٤٥٥).
قال الخطابي: إذا كان معلومًا أن لبس
الحذاء صيانة للرجل ووقاية لها، فقد أعلم أن التبدئة به لليمنى زيادة في كرامتها،
وكذلك التبقية لها بعد خلع اليسرى، وقد كان رسول الله ﷺ يبدأ في لبوسه وطهوره
بميامنه ويقدمها على مياسره.
(٢)
إسناده صحيح. سليم: هو ابن أسود المحاربي أبو الشعثاء، ومسروق: هو ابن الأجدع.
وأخرجه البخاري (١٦٨)، ومسلم (٢٦٨)،
والترمذي (٦١٤)، والنسائي في «الكبرى» (١١٥) و(٩٢٦٩) من طريق أشعث بن سليم، بهذا
الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٢٧)، و«صحيح
ابن حبان» (١٠٩١).
وانظر ما سلف برقم (٣٣) و(٣٤).
قال أبو داود: رواه، عن شُعبةَ معاذٌ
لم يذكر: سِواكه.
٤١٤١
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا
زُهيرٌ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صَالحٍ
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «إذا لَبِسْتُم إذا توضاتُم، فابدؤوا بأيامِنِكُم» (١).
٤٥
- باب في
الفُرُش
٤١٤٢
- حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن مَؤهَبٍ
الهمدانيُّ الرمليُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، عن أبي هانئٍ، عن أبي عَبْدِ الرحمن
الحُبُليِّ
عن جابر بن عبد الله، قال: ذَكَرَ
رسولُ الله ﷺ الفُرُشَ، فقال: «فِراشٌ للرجلِ، وفِرَاشٌ للمرأةِ، وفِراشٌ للضَّيف،
والرابع للشيطان» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان،
والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي، والنُّفَيلي: هو
عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل الحرَّاني.
وأخرجه ابن ماجه (٤٥٢) من طريق أبي
جعفر عبد الله بن محمد النُّفيلي، بهذا الإسناد.
وأخرج الترمذي (١٨٦٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٥٩٠) من طريق شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: كان
رسول الله ﷺ إذا لبس قميصًا بدأ بميامنه.
وهو في «مسند أحمد» (٨٦٥٢)، و«صحيح
ابن حبان» (١٠٩٠) و(٥٤٢٢).
(٢)
إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُلى: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري، وأبو
هانئ: هو حميد بن هانئ، وابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم (٢٠٨٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٥٤٧) من طريق أبي هانئ حميد بن هانئ، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٢٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٣). =
٤١٤٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا
وكيعٌ. وحدَّثنا عبدُ الله بنُ الجرَّاحِ، عن وكيع، عن إسرائيلَ، عن سِماكٍ
عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ، قال: دخلتُ
على النبيَّ ﷺ في بيتِه فرأيتُه متَّكئًا على وسادةٍ، زاد ابن الجراح: على يسارِه
(١).
قال أبو داود: رواه إسحاقُ بنُ
مَنصورٍ عن إسرائيلَ في هذا الحديثِ أيضًا: على يساره.
٤١٤٤
- حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّري، عن
وكيعٍ، عن إسحاقَ بنِ سعيد بنِ عَمرو القرشيِّ، عن أبيه
عن ابن عمر أنه رأى رِفْقةَ من أهْلِ
اليَمَنِ رِحالهمُ الأدَمُ، فقال: من أحَبَّ أن ينظُرَ إلى أشْبَهِ رُفْقَةٍ
-كانوا- بأصْحاب النبيِّ ﷺ فلينظُرْ إلى هؤلاء (٢).
= قوله: «والرابع للشيطان». قال
العلماء: معناه أي: ما زاد على الحاجة، فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال، وما
كان بهذه الصفة، فهو مذموم يضاف إلى الشيطان، لأنه يرتضيه ويوسوس به ويحسِّنه
ويُساعد عليه.
(١)
إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب-. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق
السَّبيعي، ووكيع: هو ابن الجراح بن مَليح الرؤاسي.
وأخرجه الترمذي (٢٩٧٦) عن يوسف بن
عيسى، عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. دون قوله: على يساره. وقال: هذا حديث صحيح.
وأخرجه الترمذي (٢٩٧٥) من طريق إسحاق
بن منصور الكوفي، عن إسرائيل، والنسائي في «الكبرى» (٧١٤٥) من طريق زهير بن
معاوية، كلاهما (إسرائيل وزهير) عن سماك بن حرب، به بزيادة: على يساره، وقال
الترمذي بإثره: هذا حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٨٠٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٨٩).
(٢)
إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح. =
٤١٤٥ - حدَّثنا ابنُ السَّرْح، حدَّثنا
سفيانُ، عن ابنِ المُنْكَدِرِ
عن جابرٍ، قال: قال لي رسولُ الله ﷺ:
«أتَّخذتُمْ أنماطًا؟» قلت: وأنى لنَا الأنماطُ؟ قال: «أما إنها ستكونُ لكمْ
أنماط» (١).
٤١٤٦
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وأحمدُ
بنُ منيعٍ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه
عن عائشَةَ، قالت: كانت وسَادَةُ
رسولِ الله ﷺ -قال ابنُ منيعٍ:- التي ينام عليها بالليل -ثم اتفقا- مِن أدَمٍ
حَشْوُها لِيفٌ (٢).
= وهو في «الزهد» لهناد (٨٢٠)، ومن
طريقه أخرجه البيهقي ٣/ ٢٧٧.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى»
٢/ ١٨٨، وأحمد بن حنبل (٦٠١٦)، والبيهقي ٤/ ٣٣٢ من طريق أبو النضر هاشم بن القاسم،
وابن أبو شيبة ٤/ ١٠٦ عن وكيع بن الجراح، كلاهما عن إسحاق بن سعيد، به.
(١)
إسناده صحيح. ابن المنكدر: هو محمد، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن السَّرْح: هو أحمد
بن عمرو بن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه البخاري (٣٦٣١)، ومسلم
(٢٠٨٣)، والتر مذي (٢٩٧٩) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (٥١٦١)، ومسلم (٢٠٨٣)،
والنسائي في «الكبرى» (٥٥٤٨) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن محمد بن المنكدر،
عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٣٢)، و(صحح
ابن حبان، (٦٦٨٣).
قال النووي: والأنماط بفتح الهمزة:
جمع نمط بفتح النون واليم: وهو ظهارة الفراش، وقيل: ظهر الفراش، ويطلق أيضًا على
بساط لطيف له خمل يجعل على الهودج، وقد يجعل سترًا، ومنه حديث عائشة الذي ذكره
مسلم (٢١٠٧) في باب الصور، قالت: فأخذت نمطًا فسترته على الباب، والمراد في حديث
جابر هو النوع الأول، وفيه جواز الأنماط إذا لم تكن من حرير، وفيه معجزة ظاهرة
باخباره بها، وكانت كما أخبر ﷺ
(٢)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
=
٤١٤٧ - حدَّثنا أبو توبةَ، حدَّثنا سُليمانُ
-يعني ابنَ حيَّان- عن هشامٍ، عن أبيه
عن عائشةَ، قالت: كانت ضِجْعَةُ
رسولِ الله ﷺ من أدَمٍ حَشْوُهَا ليف (١).
٤١٤٨
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ
زُرَيع، حدَّثنا خالدٌ الحذاءُ عن أبي قِلابةَ، عن ابنة أمِّ سلمةَ
عن أمِّ سلمةَ، قالت: كان فراشُهَا
حِيالَ مَسْجِدِ رسول الله ﷺ (٢).
= وأخرجه البخاري (٦٤٥٦)، ومسلم
(٢٠٨٢)، وابن ماجه (٤١٥١)، والترمذي (١٨٥٩) من طرق عن هشام بن عروة، به. وقد جاء
عند بعضهم ذكر الفراش بدل الوسادة، وبعضهم يقول: ضِجاع رسول الله ﷺ، والضِّجاع
بكسر الضاد المعجمة بعدها جيم: ما يُرقد عليه. قاله الحافظ في «الفتح» ١١/ ٢٩٢.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٠٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٣٦١).
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل سليمان بن حيّان -وهو أبو خالد الأحمر، مشهور
بكنيته- فهو صدوق لا بأس به، ولكنه متابع. أبو توبة: هو الربيع بن نافع.
وأخرجه ابن ماجه (٤١٥١) من طريق أبي
خالد سليمان بن حيان، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
قال ابن الأثير في «النهاية»: الضجعة
بالكسر من الاضطجاع وهو النوم كالجِلْسه من الجلوس وبفتحها: المرة الواحدة،
والمراد: ما كان يضطجع عليه، فيكون في الكلام مضاف محذوف والتقدير: كانت ذات ضجعته
أو ذات اضطجاعه فراش أدم حشوها ليف.
(٢)
إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرْمي، وخالد الحذاء: هو ابن
مِهْران، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد، وابنة أم سلمة: هي زينب.
وأخرجه ابن ماجه (٩٥٧) من طريق يزيد
بن زُريع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٧٣٣) وزاد:
فكان يُصلي وأنا حيالُه.
٤٦ - باب في اتخاذ السُّتورِ
٤١٤٩
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا ابنُ نُميرٍ، حدَّثنا فُضَيل بن غَزْوَانَ، عن نافعٍ
عن عبدِ الله بنِ عُمر: أنَّ رسولَ
الله ﷺ ِ أتى فاطِمةَ، فوجَدَ على بابها سِترًا، فلم يَدْخُلْ، قال: وقلَّما كان
يدخُلُ إلا بَدَأ بها، فجاءَ عليٌّ، فرآها مُهتمَّةً، فقال: ما لَكِ؟ قالت: جاء
النبيُّ ﷺ إليَّ فلم يَدْخُلْ، فأتاه عليٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إن فاطمةَ
اشتَدَّ عليها أنك جئتَها فلم تدخُلْ عليها، قال: «وما أنا والدُّنيا؟ وما أنا
والرَّقْمَ» فذهَبَ إلى فاطمةَ، فأخبرها بقولِ رسولِ الله ﷺ، فقالت: قُل لِرَسُول
الله ﷺ: ما تأمرُني به؟ قال: «قل لها: فلتُرْسِلْ به إلى بني فُلانٍ» (١).
٤١٥٠
- حدَّثنا واصِلُ بنُ عبد الأعلى،
حدَّثنا ابنُ فُضَيلٍ عن أبيه، بهذا الحديث، قال: وكان سترًا مَوْشيًّا (٢).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٦١٣) من طريق
محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبيه، به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٢٧)، - و«صحيح
ابن حبان» (٦٣٥٣).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: أصلُ الرقْمِ الكتابةُ،
قال الشاعر:
سأرقم في الماء القَراح إليكم ...
على بُعدِكم إن كانَ للماء راقم
(٢)
إسناده صحيح كسابقه.
وقوله: موشيًا. يقال: وشيت الثوب
ونحره بتخفيف الشين وبتشديدها: إذا زخرفته ونقشته، فهو موشي بزنة: مرضي، وموشَّى
بزنة: مزكَّى.
٤٧ - باب الصَّليب في الثوب
٤١٥١
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
أبانُ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا عِمرانُ بنُ حِطَّانَ
عن عائشةَ: أن رسولَ الله ﷺ كان لا
يَترُكُ في بيته شيئًا فيه تَصْلِيبٌ إلا قَضَبَهُ (١).
٤٨
- باب في
الصُّور
٤١٥٢
- حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا
شُعبةُ، عن علي بنِ مُدْرِكٍ، عن أبي زُزعَةَ بن عمرو بنِ جَرير، عن عبدِ الله بنِ
نُجيّ، عن أبيه
عن عليٍّ، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا
تَدخُلُ الملائِكَةُ بيتًا فيه صُورَةٌ ولا كَلْبٌ ولا جُنُبٌ» (٢).
٤١٥٣
- حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، حدَّثنا
خالدٌ، عن سهيلِ بنِ أبي صالحٍ، عن سعيد بنِ يسار الأنصاريِّ، عن زيدِ بنِ خالد
الجهني
عن أبي طلحةَ الأنصاري، قال: سمعتُ
النبيَّ ﷺ يقول: «لا تَدْخُلُ الملائكةُ بيتًا فيه كَلْبٌ ولا تِمثالٌ» وقال:
انطلِق بنا إلى أُمِّ المؤمنينَ
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٩٥٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٧٠٦) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٦١).
وقوله: قضبه، قال الخطابي: معناه:
قطعه، والقضب: القطع، والتصليب: ما كان على صورة الصليب.
(٢)
صحيح لغيره دون ذكر الجُنب، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن نُجَيّ، وجهالة
أبيه. وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٢٧).
عائشةَ نسألها عن ذلك، فانطلقنا،
فقُلنا: يا أُمَّ المؤمنين، إن أبا طلحة، حدَّثنا عن رسولِ الله ﷺ بكذا وكذا، فهلْ
سَمِعْتِ النبيَّ ﷺ يذكُرُ ذلك؟ قالت: لا، ولكن سأحدِّثُكُم بما رأيتُه فعل، خرجَ
رسول الله ﷺ -في بعضِ مَغازِيه وكنت أتحيَّنُ قُفولَه، فأخذتُ نَمَطًا كان لنا
فسترْتُه على العَرَضِ، فلما جاءَ استقبلتُه، فقلتُ: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله
ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، الحمْدُ لله الذي أعزَّكَ وأكْرَمَكَ، فنظر إلى البيتِ
فرأى النَّمَطَ، فلم يَرُدَّ علي شيئًا، ورأيتُ الكراهيةَ في وجهه، فأتى النَّمَطَ
حتى هَتكَه، ثم قال: «إن الله عز وجل لم يأمُرْنَا فيما رَزَقَنا أن نَكْسُوَ
الحِجَارَةَ واللَّبِنَ» قالت: فقطعتُه، وجعلتُه وسادتَين، وحشوتُهما ليفًا، فلم
يُنكِرْ ذلك عليَّ (١).
(١) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله
الواسطي الطحّان.
وأخرجه البخاري (٣٢٢٥) و(٣٣٢٢)
و(٤٠٠٢) و(٥٩٤٩)، ومسلم (٢١٠٦)، وابن ماجه (٣٦٤٩)، والترمذي (٣٠١٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٧٧٥) و(٩٦٨٣ - ٩٦٨٦) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد
الله بن عباس، عن أبي طلحة.
واقتصروا على حديث أبي طلحة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦٨٢)
من طريق عُبيد الله بن عبد الله، قال: حدثني أبو طلحة. واقتصر على حديثه. وذكر
الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٣٨١ أن الدارقطني رجح رواية عبيد الله عن ابن عباس عن أبي
طلحة. لكن الحافظ استدل برواية مالك عن سالم أبي النضر الآتي ذكرها عند الحديث
(٤١٥٥) على احتمال أن يكون عُبيد الله سمعه من ابن عباس عن أبي طلحة، ثم لقي أبا
طلحة لما دخل يعوده فسمعه منه.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٤٥) و(١٦٣٤٦/
٢) و«صحيح ابن حبان» (٥٤٦٨) و(٥٨٥٥).
وانظر تالييه. =
٤١٥٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة،
حدَّثنا جريرٌ، عن سُهيل، بإسنادهِ مثلَه، قال: فقلتُ: يا أُمَّه، إن هذا، حدَّثني
أن النبيَّ ﷺ قال (١). وقال فيه: سعيدُ بنُ يسار مولى بني النجار.
٤١٥٥
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
الليثُ، عن بُكَيْرِ، عن بُسر بنِ سعيدٍ، عن زيدِ بنِ خالد
عن أبي طلحة، أنه قال: إن رسولَ الله
ﷺ قال: «إن الملائِكَةَ لا تَدخُلُ بيتًا فيه صُورةٌ».
قال بُسر: ثم اشْتكَى زيدٌ،
فعُدْنَاهُ، فإذا على بابِهِ سِترٌ فيه صُورةٌ، فقلت لعُبيد الله الخولاني رَبيبِ
مَيمُونةَ زوجِ النبيِّ ﷺ: ألم يخبرْنا زيدٌ عن الصور يومَ الأولِ؟ فقال عُبيد
الله: ألم ثسمَعْه حينَ قال: «إلا رَقمًا في ثَوبٍ» (٢)؟!.
= قال الخطابي: العَرض: هو الخشبة
المعترضة يُسقف بها البيت، ثم يوضع عليها أطراف الخشب الصغار، يقال: عرضت البيت
تعريضًا. وقال صاحب «النهاية»: المحدثون يروون بالضاد المعجمة، وهو بالصاد المهملة.
والنمط: قال ابن الأثير: هو ضرب من
البُسُط له خَمْل رقيق، وقال في موضع آخر: ما يُفترش من مفارش الصوف الملونة.
(١)
إسناده صحيح كسابقه. جرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه مسلم (٢١٠٦) و(٢١٠٧)،
والنسائي في «الكبرى» (٩٦٧٩) و(١٠٣١٦) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
واقتصر النسائي في الموضع الأول على حديث أبي طلحة.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحح. بُكير: هو ابن عبد الله بن الأشجّ، والليث: هو ابن سعْد.
=
٤١٥٦ - حدَّثنا الحسنُ بنُ الصَّبَّاح، أن
إسماعيلَ بنَ عبدِ الكريمِ حَدَّثهم، حدَّثني إبراهيمُ -يعني ابنَ عَقيل- عن أبيه،
عن وهبِ بن مُنبِّه
= وأخرجه البخاري (٣٢٢٦) و(٥٩٥٨)،
ومسلم (٢١٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩٦٧٨) من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج،
بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٤٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٨٥٠).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٦٧٦)
من طريق مخرمة بن سليمان، و(٩٦٧٧) من طريق عَبيدة بن سفيان، كلاهما عن زيد بن خالد
الجهني أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ذلك. فجعله من مسند زيد بن خالد الجهني، وهو
صحابي أيضًا. لكن في الإسنادين إليه عبد الرحمن بن أبي عمرو، وهو مجهول.
وأخرجه النسائي أيضًا (٩٦٨٠) من طريق
محمد بن إسحاق، و(٩٦٨١) من طريق مالك، كلاهما عن سالم أبي النضر، عن عُبيد الله بن
عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة يعوده ... فذكر قصة، وفيها أنه أخبره أن
رسول الله ﷺ حين نهى عن الصور قال: «إلا ما كان رقما في ثوب». وقد سلف عند الحديث
(٤١٥٣) تخريجه من طريق عُبيد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة وذكر الحافظ في «الفتح»
١٠/ ٣٨١ أن الدارقطني رجح رواية من أثبت ابن عباس، لكن الحافظ احتمل بأن عبيد الله
سمعه من ابن عباس، عن أبي طلحة، ثم لقي أبا طلحة لما دخل يعوده فسمعه منه واستدل
برواية أبي النضر هذه التي فيها زيادة قصة عيادة أبي طلحة.
قال أبو بكر في «عارضة الأحوذي» ٧/
٢٥٣: أما الوعيد على المصورين فهو كسائر الوعيد في أهل المعاصي، معلق بالمشيئة كما
بيناه، وموقوف على التوبة كما شرحناه، وأما كيفية الحكم فيها فإنها محرمة إذا كانت
أجسادًا بالإجماع فإن كانت رقمًا ففيها أربعة أقوال: الأول: أنها جائرة لقوله في
الحديث: إلا ما كان رقمًا في ثوب.
الثاني: أنه ممنوع لحديث عائشة: دخل
النبي ﷺ وأنا مستترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه ثم قال: «إن
أشدَّ الناس عذابًا المصورون» الثالث: أنه إذا كانت صورة متصلة الهيئة قائمة الشكل
منع، فإن هتك وقطع وتفرقت أجزاؤه جاز للحديث المتقدم، قالت فيه: وجعلت منه وسادتين
كان يرتفق بهما. الرابع: أنه إذا كان ممتهنًا جاز وإن كان معلقًا لم يجز، والثالث
أصح. والله أعلم.
عن جابرٍ: أن النبيَّ ﷺ أمَرَ عُمَرَ
بنَ الخطاب زمنَ الفتحِ وهو بالبَطْحاء أتى يَأتيَ الكَعبةَ فيَمحُو كُلَّ صُورَةٍ
فيها، فلم يَدْخُلْها النبيُّ ﷺ حتى مُحِيَتْ كُلُّ صُورةٍ فيها (١).
٤١٥٧
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
ابنُ وهب، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن ابن السَّبَّاق، عن ابنِ عباسِ، قال:
حدَّثتني ميمونةُ زوجُ النبيّ ﷺ، أن
النبيَّ ﷺ قال: «إنَّ جبريلَ عليه السلام كانَ وَعَدَني أن يَلْقَانِي الليلةَ،
فلم يَلْقَني» ثم وَقَعَ في نفسِه جَرْوُ كلْبٍ تحتَ بِسَاطٍ لَنَا، فأمَرَ به
فأُخْرِجَ، ثم أخذَ بيده ماءً، فنَضَح به مكانَه، فلما لقيه جِبريلُ عليه السلام قال:
إنا لا نَدْخلُ بيتًا فيه كَلْبٌ ولا صورةٌ، فأصبحَ النبيُّ ﷺ فأمرَ بقَتلِ
الكِلابِ، حتى إنه ليأمُرُ بقتلِ كلب الحائط الصغير، ويَترُك كَلْبَ الحائطِ
الكَبير (٢).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (٥٨٥٧)، وأبو نعيم
في «حلية الأولياء» ٤/ ٧٩، والبيهقي ٧/ ٢٦٨ من طريق إسماعيل بن عبد الكريم، بهذا
الإسناد. وقد سقط من إسناد أبي نعيم في المطبوع سقط يُستدرك من هنا.
وأخرجه أحمد (١٤٥٩٦) و(١٥١٠٩)، وأبو
عوانة في اللباس كما في «إتحاف المهرة» ٣/ ٤٤٦، والبيهقي ٥/ ١٥٨ من طريق ابن جريج،
أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ...
وقوله: وهو بالبطحاء، أي: بطحاء مكة،
وهو الأبطح، ويضاف إلى مكة أو مني، وهو واحد، وهو المحصب، وهو خيفُ بني كنانة، وكل
مسيل واسع فيه دقاق الحصى، فهو أبطح، وقيل الأبطح والبطحاء: الرمل المنبسط على وجه
الأرض، وقيل الأبطح: أثر المسيل ضيقًا كان أو واسعًا.
(٢)
إسناده صحيح. ابن السَّبَّاق: هو عُبيد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وابن
وهب: هو عَبد الله. =
٤١٥٨ - حدَّثنا أبو صالحٍ محبوبُ بنُ موسى،
حدَّثنا أبو إسحاق الفزَاريُّ، عن يونَس بن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ
حَدّثنا أبو هُريرة، قال: قال رسولُ
الله ﷺ: أتاني جبريلُ عليه السلام، فقال لي: أتيتُكَ البارحَةَ فلم يمنعْني أن
أكونَ دخلتُ إلا أنَّه كانَ على الباب تماثيلُ، وكان في البيت قِرَامُ سِتْرٍ فيه
تماثيلُ، وكان في البيت كلْبٌ، فَمُرْ برأسِ التِّمثَالِ الذي على بابِ البيت
يقْطَعُ فيصيرُ كهيئةِ الشجرة، ومُرْ بالسِّترِ، فليُقْطَع، فيُجعَلُ منه
وسادَتَان مَنبوذتانِ تُوطآن، ومُرْ بالكلب فليُخرَج» ففعل رسولُ الله ﷺ، وإذا
الكلبُ لحَسَنٍ أو حُسين كان تحتَ نَضَدٍ لهم، فأمر به فأخْرِجَ (١).
= وأخرجه مسلم (٢١٠٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٧٧٦) من طريقين عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٠٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٦٤٩) و(٥٨٥٦).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٧٦٩)
من طريق محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق، قال: أخبرتني
ميمونة. فلم يذكر في إسناده ابن عباس.
قوله: الحائط: هو الحديقة من النخل،
سمي كذلك للتحويط عليه، وقوله: «يترك كلب الحائط الكبير» يعني للحاجة إلى حماتيه
بخلاف الصغير الذي يحميه ساكنه.
والجرو: ولد الكلب والسباع.
قلنا: والأمر بقتل الكلاب منسوخ
بحديث جابر في صحيح مسلم (١٥٧٢)، أمرنا رسول الله ﷺ بقتل الكلاب حتى إن المرأة
تَقْدَمُ من البادية بكلبها، فنقتُلُه، ثم نهى رسول الله ﷺ عن قتلها.
(١)
صحيح دون قصة التمثال، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق السبيعي.
وأخرجه الترمذي (٣٠١٤) من طريق عبد
الله بن المبارك، عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال: هذا حديث حسن صحيح.=
قال أبو داود: والنَّضَدُ، شيء توضع
عليه الثياب شبه السرير (١).
آخر كتاب اللباس
= وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٧٠٨)
من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن مجاهد، به. مختصرًا بذكر الستر الذي فيه تماثيل.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٤٥).
ويشهد له دون قصة التمثال حديث
ميمونة السالف قبله.
وحديث عائشة عند البخاري (٢٤٧٩)،
ومسلم (٢١٠٧).
وحديث ابن عمر عند البخاري (٥٩٦٠).
وحديث أسامة عند أحمد (٢١٧٧٢) وغيره.
وإسناده قوي.
القِرام: هو الستر الرقيق، وقيل:
الصفيق من صوف ذي ألوان. قاله ابن الأثير.
وقال الخطابي: النضد: متاع البيت
ينضد بعضه على بعض، أي: يرفع بعضه فوق الآخر.
والمنبوذتان: وسادتان لطيفتان وسميتا
منبوذتين لخفتهما، يُنبذان ويُطرحان للقعود عليهما، وفيه دليل على أن الصورة إذا
غيرت بأن يقطع رأسُها أو تُحَلّ أوصالُها حتى تغير هيئتها عما كانت لم يكن بها بعد
ذلك بأس.
(١)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.