recent
آخر المقالات

كتاب الطهارة

 

١ - باب التخلي عند قضاء الحاجة
١ - حدّثنا عبد الله بن مَسلَمة بن قَعنَبٍ القَعْنبي، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابن محمد -، عن محمد - يعني ابن عمرو -، عن أبي سلمة عن المغيرة بن شُعبة: أنَّ النبيَّ ﷺ كان إذا ذهبَ المَذهَبَ (١) أبعَدَ (٢).


٢ - حدَّثنا مسدَّد بنُ مُسَرْهَدِ، حدَّثنا عيسى بن يونس، أخبرنا إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزُّبير


(١) كلمة «المذهب» لم ترد في روايتي ابن داسه وابن العبد.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي. عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه الترمذي (٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (١٦)، وابن ماجه (٣٣١) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٧١).
وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن أبي قُرّاد عند النسائي في «الكبرى» (١٧)، وابن ماجه (٣٣٤)، وإسناده صحيح.
المذهب: هو الموضع الذي يتغوط فيه، وهو مَفعَلٌ من الذهاب أو مصدر ميمي بمعنى الذهاب المعهود، وهو الذهاب إلى موضع التغوط.

عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبيَّ ﷺ كان إذا أرادَ البَرَازَ انطلَقَ حتَى لا يَرَاهُ أحَدٌ (١).

٢ - باب الرَّجُل يتبوَّأ لبوله
٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا أبو التيَّاح، قال: حدَّثني شيخٌ، قال:
لمَّا قَدِمَ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ البصرةَ، فكان يُحدِّثُ عن أبي موسى،
فكتب عبدُ الله إلى أبي مُوسى يسألُهُ عن أشياء فكتبَ إليه أبو موسى:
إني كنتُ مع رسولِ الله ﷺ ذاتَ يوم، فأرادَ أن يبولَ فأتى دمِثًا في أصلِ
جِدارٍ، فبالَ، ثُمَّ قال ﷺ: «إذا أرادَ أحَدُكم أن يبولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَولهِ» (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل بن عبد الملك. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٥) من طريق إسماعيل بن عبد الملك، بهذا الإسناد. ويشهد له ما قبله.
البراز: قال في «النهاية»: هو بالفتح: اسم للفضاء الواسع، فكنوا به عن قضاء الغائط، كما كنوا عنه بالخلاء، لأنهم كانوا يتبرزون في الأمكنة الخالية من الناس.
قال الخطابي: المحدثون يروونه بالكسر وهو خطأ، لأنه بالكسر مصدر من المبارزة في الحرب والبراز بالكسر أيضًا كناية عن ثقل الغذاء وهو الغائط.
(٢) إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي التياح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُّبَعي.
وأخرجه البيهقي ١/ ٩٣ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (٥١٩)، وأحمد (١٩٥٣٧) و(١٩٥٣٧) و(١٩٧١٤)، والروياني (٥٥٨)، والحاكم ٣/ ٤٦٥ - ٤٦٦، والبيهقي ١/ ٩٣ - ٩٤ من طريق شعبة، عن أبي التياح، به.=

٣ - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء
٤ - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مُسَرهَدٍ، حدَّثنا حماد بن زيدِ وعبدُ الوارث عن عبدِ العزيز بنِ صُهَيب عن أنس بن مالك، قال: كانَ رسولُ الله ﷺ إذا دخلَ الخَلاءَ، قال عن حمَّاد: قال: «اللهمَ إنِّي أعوذُ بكَ» وقال عن عبد الوارث: قال: «أعوذُ بالله مِن الخُبُث والخَبائِثِ» (١) (٢).
٥ - حدَّثنا الحسن بن عمرِو - يعني السَّدُوسيِّ -، أخبرنا وكيعٌ، عن شُعبة، عن عبد العزيز - هو ابن صُهَيبِ -


=وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني في «الأوسط» (٣٠٦٤)، ولفظه: «كان رسول الله ﷺ يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله». وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» ١/ ٢٠٤: هو من رواية يحيى بن عبيد بن دجي عن أبيه، ولم أر من ذكرهما، وبقية رجاله موثقون. ونقل المناوي في «فيض القدير» ٥/ ٢٠٠ عن الولي العراقي قوله: فيه يحيى بن عبيد وأبوه غير معروفين.
قوله: «دمثًا» بفتح الدال والميم أو فتح الدال وكسر الميم: الأرض السهلة الرخوة.
وقوله: «فليرتد» أي: فليطلب مكانًا لينًا لئلا يرجع عليه رشاش بوله.
(١) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري.
وأخرجه مسلم (٣٧٥)، والترمذي (٦) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٧٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٩) من طريقين عن عبد العزيز ابن صهيب، به. وهو في «مسند أحمد» (١١٩٤٧) و(١١٩٨٣).
وانظر ما بعده.
(٢) زاد في (ج) بعد هذا الحديث: قال أبو داود: رواه شعبة عن عبد العزيز: «اللهم إني أعوذ بك»، وقال مرة: «أعوذ بالله»، وقال وهيب: «فليتعوَّذ بالله».

عن أنسٍ بهذا الحديث، قال: «اللهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ» وقال شُعبةُ مرةً: «أعوذُ بالله» (١) (٢).
٦ - حدَّثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادة، عن النَّضر بن أنسٍ عن زيدِ بنِ أرقَمَ، عن رسولِ الله ﷺ قال: «إنَّ هذه الحُشُوشَ مُحتَضَرَةٌ فإذا أتى أحَدُكُمُ الخلاءَ فليقُل: أعُوذُ باللهِ مِنَ الخُبُثِ والخَبائِثِ» (٣).


(١) إسناده صحيح، الحسن بن عمرو السدوسي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد ذكروا أن أبا داود لا يروي إلا عن ثقة، وباقي رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، وشعبة: هو ابن الحجاج.
وأخرجه البخاري (١٤٢) و(٦٣٢٢)، والترمذي (٥) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٩٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٠٧).
وانظر ما قبله.
(٢) زاد في روايتي ابن العبد وابن داسه: وقال وهيب، عن عبد العزيز بإسناده: «فليتعوذ بالله».
(٣) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وقد اختلف في إسناده على قتادة، فحكم الترمذي في «جامعه» بإثر الحديث (٥) باضطرابه، ونقل عن البخاري ترجيح أن يكون قتادة سمع الحديث من النضر بن أنس، ومن القاسم بن عوف.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٨٢٠)، وابن ماجه (٢٩٦) من طريق شعبة، والنسائي في «الكبرى» (٩٨٢١) من طريق إسماعيل ابن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، كلاهما (شعبة وسعيد) عن قتادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٨٢٢) و(٩٨٢٣)، وابن ماجه (٢٩٦ م) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن قاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم. وقاسم الشيباني ضعيف يُعتبر به.=

٤ - باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة
٧ - حدَّثنا مُسدَّد بن مُسَرهَد، حدَّثنا أبو مُعاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان، قال: قيل له: لقد عَلَّمَكم نبيُّكم كلَّ شيءٍ حتَّى الخِراءَةَ؟! قال: أجل، لقد نهانا ﷺ أن نَستَقبِلَ القِبلَةَ بغائِطٍ أو بَولٍ، وأن لا نَستَنجِيَ باليمين، وأن لا يَستَنجِيَ أحَدُنا بأقَلَّ من ثلاثةِ أحجارِ، أو نَستَنجِيَ برَجيعٍ أو عَظمٍ (١).


=وهو في «مسند أحمد» (١٩٢٨٦) وفيه بسط الاختلاف على قتادة فيه، و«صحيح ابن حبان» (١٤٠٦) و(١٤٠٨).
قال الخطابي: الحشوش: الكنف، وأصل الحُشّ جماعة النخل الكثيفة، وكانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن يتخذوا الكُنُفَ في البيوت، ومعنى محتضرة، أي: تحضرها الشياطين وتنتابها.
والخبث بضم الباء: جماعة الخبيث، والخبائث: جمع الخبيثة، يريد ذكران الشياطين وإناثهم.
وقال ابن الأعرابي: أصل الخبث في كلام العرب: المكروه، فإن كان من الكلام، فهو الشتم، وإن كان من الملل، فهو الكفر، وإن كان من الطعام، فهو الحرام، وإن كان من الشراب، فهو الضار.
(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعبد الرحمن بن يزيد: هو النخعي الكوفي.
وأخرجه مسلم (٢٦٢)، والترمذي (١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠)، وابن ماجه (٣١٦) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقرن الأعمش عند مسلم والنسائي في الموضع الثاني وابن ماجه بمنصور بن المعتمر.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٧٠٣).=

٨ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفَيلي، حدَّثنا ابنُ المُبارك، عن محمَّد بن عَجْلان، عن القَعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّما أنا لكم بمنزلةِ الوالدِ أُعلِّمُكُم، فإذا أتى أحدُكُمُ الغائِطَ فلا يَستَقبِلِ القبلَةَ، ولا يَستَدبِرْها، ولا يَستَطِبْ بيمينِهِ» وكان يأمُرُ بثلاثةِ أحجارِ، وينهى عن الرَّوْثِ والرِّمَّة (١).


=قال الخطابي: الخِراءة: مكسورة الخاء ممدودة الألف أدب التخلي والقعود عند الحاجة. ونهيه عن الاستنجاء باليمين في قول أكثر العلماء نهي تأديب وتنزيه، وذلك أن اليمين مرصدة في أدب السنة للأكل والشرب والأخذ والإعطاء، ومصونة عن مباشرة السفل والمغابن وعن مماسة الأعضاء التي هي مجاري الأثفال والنجاسات.
وقال النووي في «شرح مسلم» ١/ ١٥٦: وقد أجمع العلماء على أنه منهي عن الاستنجاء باليمين، ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام، وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحابنا، ولا تعويل على إشارتهم.
والرجيع: الروث، والنهي عن الاستنجاء بالرجيع نهي تحريم، قال النووي: فيه النهي عن الاستنجاء بالنجاسات، ونبه ﷺ بالرجيع على جنس النجس.
(١) إسناده قوي من أجل محمد بن عجلان، ففيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، وباقي رجاله ثقات. ابن المبارك: هو عبد الله، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٤٠)، وابن ماجه (٣١٢) و(٣١٣) من طريق محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٣١) و(١٤٤٠).
وأخرجه مسلم (٢٦٥) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن القعقاع، به، بلفظ: «إذا جلس أحدكم على حاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها».
الروث: هو رجيع ذوات الحوافر، والرمة: العظم البالي.

٩ - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مُسَرهَد، حدَّثنا سُفيان، عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثيِّ
عن أبي أيُّوب روايةً، قال: «إذا أتيتُمُ الغائِطَ فلا تَستَقبِلُوا القِبلَةَ بغائِطٍ ولا بَولٍ، ولكنْ شَرِّقُوا أو غَرِّبُوا». فقَدِمْنا الشَّامَ فوجدنا مَراحيضَ قد بُنِيَت قِبَلَ القِبلةِ، فكُنَّا نَنحَرِفُ عنها ونَستَغفِرُ الله (١).
١٠ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا عمرو بن يحيى، عن أبي زيدٍ
عن مَعقِل بن أبي مَعقِل الأسديِّ، قال: نهى رسولُ الله ﷺ أن نَستَقبِلَ القِبلَتَينِ ببَولٍ أو غائِطٍ (٢).
قال أبو داود: وأبو زيد: هو مولى بني ثعلبة.
١١ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسِ، حدَّثنا صفوان بن عيسى، عن الحسن بن ذَكْوان، عن مروانَ الأصفر، قال:


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (١٤٤) و(٣٩٤)، ومسلم (٢٦٤)، والترمذي (٨)، والنسائي في «الكبرى» (٢٠) و(٢١)، وابن ماجه (٣١٨) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في المجتبى (٢٠) من طريق رافع بن إسحاق، عن أبي أيوب. وهو في «مسند أحمد» (٢٣٥٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٤١٦).
(٢) إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى بني ثعلبة. وهيب: هو ابن خالد.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٩) من طريق عمرو بن يحيى المازني، بهذا الإسناد. وهو في مسند أحمد«(١٧٨٣٨).
على أن بعض من أخرج حديث معقل هذا رواه بلفظ:»نهى أن نستقبل القبلة«ولم يقل:»القبلتين"، وهو الذي ثبت عن النبي ﷺ في غير حديث معقل كحديث أبي أيوب السالف قبله.
قال الخطابي: أراد بالقبلتين: الكعبة وبيت المقدس.

رأيتُ ابنَ عمر أناخَ راحِلَتَه مُستَقبِلَ القِبلة، ثمَّ جلسَ يبولُ إليها، فقلتُ: يا أبا عبدِ الرحمن، أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى، إنَّما نُهِيَ عن ذلك في الفَضَاء، فإذا كانَ بينَكَ وبينَ القِبلةِ شيءٌ يَستُرُكَ فلا بأس (١).

٥ - باب الرُّخصة في ذلك
١٢ - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالكِ، عن يحيى بنِ سعيد، عن محمَّدِ بنِ يحيى بنِ حَبَّان، عن عمه واسع بن حَبَّان
عن عبد الله بن عُمر، قال: لقد ارتقَيتُ على ظَهرِ البيتِ فرأيتُ رسولَ الله ﷺ على لَبِنَتَينِ مُستَقبِلَ بيتِ المقدِسِ لحاجتِهِ (٢).


(١) إسناده ضعيف لضعف الحسن بن ذكوان.
وأخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (٣٢)، وابن خزيمة (٦٠)، والدارقطني (١٦١)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (٨٤)، والحاكم ١/ ١٥٤، والبيهقي ١/ ٩٢ من طريق صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بالحسن بن ذكوان. قلنا: لم يخرج البخاري لابن ذكوان إلا حديثًا واحدًا في كتاب الرقاق برقم (٦٥٦٦)، وله شواهد كثيرة.
وحديث ابن عمر هذا حسَّنه الحازمي في «الاعتبار» ص ٣٨، وقال: اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال: فصنف كرهوه مطلقًا، منهم مجاهد والنخعي وأبو حنيفة، وأخذوا بحديث أبي أيوب وحديث أبي هريرة.
وصنف رخصوه مطلقًا وهم فرقتان: فرقة طرحوا الأحاديث لتعارضها، ورجعوا إلى الأصل في الأشياء وهي الإباحة.
ومنهم من ادَّعى النسخ بحديث ابن عمر وجابر وبحديث عراك.
والصنف الثالث، فصلوا، فكرهوه في الصحارى دون البنيان، ومنهم الشعبي وأحمد والشافعي.
(٢) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه البخاري (١٤٥) عن عبد الله بن يوسف، والنسائي في «الكبرى» (٢٢) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن مالك بهذا الإسناد.=

١٣ - حدَّثنا محمد بن بشَّار، حدَّثنا وهب بن جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ محمَّدَ بنَ إسحاق يُحدّث عن أبانَ بنِ صالح، عن مُجاهد
عن جابر بن عبد الله، قال: نهى نبيُّ الله ﷺ أن نَستَقبِلَ القِبلَةَ ببولٍ، فرأيتُه قبلَ أن يُقبَضَ بعامٍ يَستَقبِلُها (١).

٦ - باب كيف التكشُّف عند الحاجة
١٤ - حدَّثنا زهير بن حرب، حدَّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن رجل
عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ إذا أرادَ حاجَةً لا يرفَعُ ثَوبَهُ حتَّى يَدنُوَ منَ الأرضِ (٢).


=وأخرجه مسلم (٢٦٦) وابن ماجه (٣٢٢) من طريق يحيى بن سعيد به.
وأخرجه البخاري (١٤٨) ومسلم (٢٦٦) والترمذي (١١) من طريق عبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان به.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٤١٨).
(١) إسناده حسن، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث هنا وعند أحمد وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. جرير: هو ابن حازم الأزدي البصري.
وأخرجه الترمذي (٩)، وابن ماجه (٣٢٥) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد، وقال: حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٢٠).
(٢) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن ابن عمر. وقد اختلف على وكيع وعلى الأعمش فيه:
فرواه وكيع هنا بإبهام شيخ الأعمش، ورواه عند البيهقي ١/ ٩٦ عن الأعمش، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر. والقاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق، وهو ثقة فقيه.
- ورواه وكيع أيضًا وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني -فيما ذكر الترمذي في «جامعه» بإثر الحديث (١٤) - عن الأعمش قال: قال ابن عمر. وهذا إسناد منقطع.
وروي عن الأعمش عن أنس، وسيأتي بعده.

قال أبو داود: رواه عبدُ السلام بنُ حرب، عن الأعمشِ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، وهو ضعيف (١) (٢).

٧ - باب كراهية الكلام عند الخلاء
١٥ - حدَّثنا عبيد الله بن عمر بن مَيسَرة، حدَّثنا ابنُ مَهدي، حدَّثنا عِكرمةُ ابنُ عمَّار، عن يحيي بن أبي كثير، عن هِلال بن عِياض، قال:
حدثني أبو سعيد، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «لا يَخرُجُ الرجلانِ يَضرِبانِ الغائِطَ كاشِفَينِ عن عَورَتهِما يتحدَّثانِ، فإن الله عز وجل يَمقُتُ على ذلك» (٣).
قال أبو داود: لم يُسنده إلا عِكرمةُ بنُ عمَار.


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، الأعمش لم يسمع من أنس. وقول المصنف:«وهو ضعيف» أي: الإسناد لانقطاعه، وليس مراده تضعيفَ عبد السلام بن حرب، فإنه ثقة حافظ.
(٢) زاد في هامش (أ): قال أبو عيسى الرملي: حدثناه أحمد بن الوليد، حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا عبد السلام، به. قلنا: وأبو عيسى الرملي: هو إسحاق بن موسى ابن سعيد الرملي، سكن بغداد وحدث بها عن جمع، وكان عنده عن أبي داود «السنن»، وكان ورَّاقًا له، توفي سنة ٣٢٠ هـ. وثقه الدارقطني. انظر «تاريخ بغداد» ٦/ ٣٩٥.
(٣) إسناده ضعيف لجهالة هلال بن عياض، ويقال: عياض بن هلال، وهو الراجح في اسمه، فقد تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير. وفي إسناده اضطراب بيَّناه في «المسند» (١١٣١٠).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٦) و(٣٧)، وابن ماجه (٣٤٢) من طريق عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (٣٣٨)، ولفظه: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجلُ إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد».
وانظر حديثُ ابن عمر الآتي بعده.

٨ - باب في الرجل يرد السلام وهو يبول
١٦ - حدَّثنا عثمان وأبُو بكر ابنا أبي شيبة، قالا: حدَّثنا عمر بن سعد، عن سُفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع
عن ابن عمر، قال: مرَّ رجلٌ على النبيِّ ﷺ وهو يبولُ، فسَلَّم عليه، فلم يَرُد عليه (١).
قال أبو داود: ورُوِيَ عن ابنِ عمر وغيرِه: أنَّ النبيَّ ﷺ تيمَّمَ ثمَّ ردَّ على الرجلِ السَّلام (٢).


(١) إسناده صحيح. عمر بن سعد: هو ابن عبيد الحفري، وسفيان: هو الثوري. وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٨/ ٦٢٣.
وأخرجه مسلم (٣٧٠)، والترمذي (٩٠) و(٢٩١٧)، والنسائي في «المجتبى» (٣٧). وابن ماجه (٣٥٣) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
(٢) سيأتي حديث ابن عمر عند المصنف برقم (٣٣٠) و(٣٣١) وانظر حديث ابن عباس الآتي برقم (٣٢٩).
وفي صحيح البخاري بإثر الحديث (٣٣٦): باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة وبه قال عطاء. وقال الحافظ: ويلتحق بفقده عدم القدرة عليه.
قال الحافظ: واختلف السلف في أصل المسألة، فذهب مالك إلى عدم وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر، ووجهه ابن بطال بأن التيمم إنما ورد في المسافر والمريض لإدراك وقت الصلاة فيلتحق بهما الحاضر إذا لم يقدر على الماء قياسًا.
وقال الشافعي: تجب عليه الإعادة لندور ذلك.
وعن أبي يوسف وزفر: لا يصلي إلى أن يجد الماء ولو خرج الوقت.
وقال الطحاوي: التيمم في المصر لا يجوز إلا في ثلاث: إحداها إذا خاف فوت صلاة الجنازة إن توضأ، والثانية: عند خوف فوت صلاة العيد، والثالثة عند خوف الجنب من البرد بسبب الاغتسال.

١٧ - حدَّثنا محمد بن المثنَّى، حدَّثنا عبد الأعلى، حدَّثنا سعيد، عن قتادةَ، عن الحسن، عن حُضَين بن المُنذر أبي ساسان
عن المُهاجِر بن قُنفُذ: أنَّه أتى النبيَّ ﷺ وهو يبولُ، فسلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ عليه حتَّى توضَّأ، ثُمَّ اعتَذَرَ إليه فقال: «إنِّي كَرِهتُ أن أذكُرَ الله عز وجل إلا على طُهرٍ» أو قال: «على طهارةٍ» (١).

٩ - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر
٨١ - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة -يعني الفَأفاء-، عن البَهِيِّ، عن عُروة
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يذكُرُ اللهُ على كُلِّ أحيانِهِ (٢).


(١) إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والحسن: هو البصري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٤)، وابن ماجه (٣٥٠) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٠٣٤)، و«صحيح ابن حبان» (٨٠٣).
قال ابن حبان في «صحيحه» بإثره: قوله ﷺ «إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر» أراد به ﷺ الفضلَ، لأن الذكر على الطهارة أفضل، لا أنه كان يكرهه لنفي جوازه.
(٢) إسناده صحيح، عبد الله البهي روى عنه جمع، ووثقه ابن سعد، واحتج به مسلم في «صحيحه»، وذكره ابن حبان في الثقات. وباقي رجاله ثقات. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا.
وأخرجه مسلم (٣٧٣)، والترمذي (٣٦٨١)، وابن ماجه (٣٠٢) من طريق يحيي ابن زكريا، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤١٠)، و«صحيح ابن حبان» (٨٠٢).=

١٠ - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء
١٩ - حدَّثنا نصر بن علي، عن أبي علي الحنفي، عن همام، عن ابن جُرَيج، عن الزُّهريِّ
عن أنس، قال: كان النبيُّ ﷺ إذا دخلَ الخَلاءَ وضعَ خاتمَه (١).


=وعلَّقه البخاري في «صحيحه» قبل الحديث (٣٠٥) فقال: وكان النبي ﷺ ...
قولها: «على كل أحيانه» هو عام مخصوص بغير قاضي الحاجة لكراهة الذكر حالتئذ باللسان، وبغير الجنب لخبر الترمذي وغيره:«كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة» وبغير حالة الجماع فيكره، هذا ما عليه الجمهور. أفاده المناوي في «فيض القدير».
(١) إسناده ضعيف، ابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- مدلس ورواه بالعنعنة، وقد اختلف فيه على همام كما سيأتي في التخريج. والحديث ضعفه أبو داود هنا والنسائي والدارقطني والبيهقي، وصححه الترمذي وابن حبان وابن التركماني، وقال المنذري كما في «التلخيص الحبير» ١/ ١٠٨: الصواب عندي تصحيحه، فإن رواته ثقات أثبات. وقال في «مختصر السنن» ١/ ٢٦: وإذا كان حال همام كذلك فيترجح ما قاله الترمذي، وتفرده به لا يُوهن الحديث. وقال ابن القيم في «تهذيب السنن» ١/ ٢٨: غايته أن يكون غريبًا، وأما أن يكون منكرًا أو شاذًا فلا. أبو علي الحنفي: هو عبيد الله ابن عبد المجيد البصري.
وأخرجه الترمذي (١٨٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٩٤٧٠)، وابن ماجه (٣٠٣) من طرق عن همام بن يحيى العوذي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وقال النسائي: هذا حديث غير محفوظ.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١٤١٣). وقد توبع همام عليه كما سيأتي قريبًا.
وأخرجه الحاكم ١/ ١٨٧، والبيهقي ١/ ٩٤ - ٩٥ من طريق هدبة بن خالد، عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري، قال: لا أعلمه إلا عن الزهري عن أنس.
ورواه عمر بن شبة -كما في «أحكام الخواتيم» لابن رجب ص ١٧١ - عن حبان ابن هلال، عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري مرسلًا.=

قال أبو داود: هذا حديث مُنكَر، وإنَّما يُعرَف عن ابن جُرَيجٍ، عن زيادِ بن سعد، عن الزُهريِّ، عن أنس: أنَّ النبيَّ ﷺ اتخَذَ خاتمًا مِن وَرِقِ ثمَّ ألقاه. والوهم فيه من همام، ولم يَروِهِ إلا همَّام (١).


=ورواه عمرو بن عاصم -فيما ذكر الدارقطني في «العلل»، ونقله عنه ابن القيم في «تهذيب السنن» ١/ ٢٦، وابن حجر في «التلخيص» ١/ ١٠٨ - عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس موقوفًا.
وقوله: وضع خاتمه، أي: نزعه من يده لئلا يدخل به الخلاء.
(١) بل تابع همامًا عليه يحيى بن المتوكل البصري عند الحاكم ١/ ١٨٧، والبيهقي ١/ ٩٥، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وضعفه البيهقي، وتعقبه ابن التركماني فقال: فيه (يعنى تضعيف البيهقي للحديث) نظر، إذ ليس في سنده من تكلم فيه فيما علمت، ويحيي بن المتوكل بصري أخرج له الحاكم في «المستدرك»، وقال ابن حبان [في «الثقات» ٧/ ٦١٢]: يخطئ، ليس هذا يحيى بن المتوكل الذي يقال له أبو عقيل، ذاك ضعيف. ثم نقل عن الدارقطني في «العلل» أن يحيى بن الضريس رواه عن ابن جريج كرواية همام، قال ابن التركماني: فهذه متابعة ثانية، وابن الضريس ثقة، فيتبين بذلك أن الحديث ليس له علة، وأن الأمر فيه كما ذكر الترمذي من الحسن والصحة.
قلنا: أما يحيى بن المتوكل فتتمة ترجمته من «الثقات» أنه كان راويًا لابن جريج، وروى عنه العراقيون، وقدم بغداد فكتب عنه أهلها. وله ترجمة في «تهذيب الكمال» ٣١/ ٥١٦ تمييزًا عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل المدني المترجم قبله أصالة، الشديد الضعف، وقد روى عن جمع، وروى عنه جمع، ومع هذا ظنه ابن القيم في «تهذيب السنن» ١/ ٢٧ أبا عقيل، فلم يرتضِ متابعته.
وأما إعلال المصنف له برواية ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس: أن النبي ﷺ اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه، فلم يرضه ابن التركماني، وقال: الحديثان مختلفان متنًا وكذا سندًا.

١١ - باب الاستبراء من البول
٢٠ - حدَّثنا زهير بن حرب وهنَّاد، قالا: حدَّثنا وكيع، حدَّثنا الأعمش، قال: سمعتُ مُجاهدًا يُحدِّثُ عن طاووس
عن ابن عبَّاس، قال: مَرَّ النبيُّ ﷺ على قَبرَينِ فقال: «إنَّهُما يُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبيرٍ، أمَّا هذا فكانَ لا يَستَنزِهُ من البَولٍ، وأمَّا هذا فكانَ يمشي بالنَّميمة». ثمَّ دعا بعَسيبٍ رَطبٍ فشقَّه باثنين، ثمَّ غَرَسَ على هذا واحدًا، وعلى هذا واحدًا، وقال: «لعلَّهُ يُخفَّفُ عنهما ما لم يَيْبَسا» (١).
قال هنَّادٌ: «يَستَتِرُ»، مكان«يَستَنزِهُ».
٢١ - حدَّثنا عثمان بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن منصور، عن مُجاهد


(١) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.
وأخرجه البخاري (٦٠٥٢)، ومسلم (٢٩٢)، والترمذي (٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (٢٧)، وابن ماجه (٣٤٧) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢١٨) و(١٣٧٨)، ومسلم (٢٩٢)، والنسائي (٢٢٠٧)، وابن ماجه (٣٤٧) من طرق عن الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٠)، و«صحيح ابن حبان» (٣١٢٨).
وانظر ما بعده.
وقوله: يستنزه من البول وهو كذلك في رواية مسلم من التنزه وهو الإبعاد، ورواية البخاري: لا يستتر، أي: لا يجعل بينه وبين البول سترة يعني لا يتحفظ من البول، وفي رواية ابن عساكر: لا يستبرئ من الاستبراء، وقد وقع عن أبي نعيم في «المستخرج» من طريق وكيع عن الأعمش: كان لا يتوقى، وهي مفسرة للمراد.
والنميمة: هي نقل كلام الناس بقصد الإضرار والإفساد، وهي من أقبح القبائح أفاده في «الفتح». قال الإمام الخطابي: هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة، لا أن في الجريدة معنى يخصه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس.

عن ابن عباسٍ، عن النَّبيّ ﷺ بمعناه، قال: «كان لا يَستَتِرُ مِنَ بَولهِ» (١). وقال أبو معاوية: «يَستَنزِه».
٢٢ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا عبد الواحد بن زياد، حدَّثنا الأعمش، عن زيد ابن وهب، عن عبد الرحمن بن حَسَنَةَ، قال:
انطَلَقتُ أنا وعمرُو بنُ العاص إلى النبيِّ ﷺ، فخرجَ ومعهُ دَرَقَةٌ، ثُمَّ استَتَر بها، ثُمَّ بال، فقُلنا: انظُرُوا إليه يَبولُ كما تَبولُ المرأةُ، فسمعَ ذلك، فقال: «ألم تَعلَمُوا ما لَقِيَ صاحِبُ بني إسرائيلَ؟ كانوا إذا أصابَهُمُ البَولُ قَطَعُوا ما أصابَهُ البَولُ منهم، فنهاهُم، فعُذِّبَ في قَبرِهِ» (٢).
قال أبو داود: قال منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى في هذا الحديث، قال: «جِلدَ أحدِهم». وقال عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النَّبيِّ ﷺ، قال: «جَسَدَ أحدِهم» (٣).


(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه البخاري (٢١٦) و(٦٠٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٠٦) من طريق منصور، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٦)، وابن ماجه (٣٤٦) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٧٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٣١٢٧).
قوله: «ومعه دَرَقة»: في بعض الروايات: «ومعه كهيئة الدَّرقة»، وفي بعضها: «ومعه درقة أو شبهها»، والدرقة: الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عصب.
(٣) هكذا رواه جرير عن منصور عند مسلم (٢٧٣) (٧٤)، قال القرطبي في «المفهم»: مراده بالجلد واحد الجلود التي كانوا يلبسونها. قلنا: ورواية البخاري (٢٢٦) من طريق شعبة عن منصور: «ثوب أحدهم».=

١٢ - باب البول قائمًا
٢٣ - حدَّثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم، قالا: حدَّثنا شُعبة (ح)
وحدثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة -وهذا لفظ حفص-؛ عن سُليمان، عن أبي وائل
عن حُذيفة، قال: أتى رسولُ الله ﷺ سُبَاطَةَ قَومٍ، فبالَ قائمًا، ثمَّ دعا بماءٍ، فمسَحَ على خُفَّيه (١).
قال أبو داود: قال مُسَدَّد: قال: فذَهَبتُ أتباعَدُ، فدَعاني حتَّى كنتُ عندَ عَقِبِه.

١٣ - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده
٢٤ - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا حجاج، عن ابن جُرَيج، عن حُكَيمَةَ بنتِ أُمَيمَةَ بنتُ رُقَيقة


=ورواية عاصم «جسد أحدهم» يردها رواية البخاري: ثوب أحدهم، قال الحافظ: فلعل بعضهم رواه بالمعنى، وعاصم هو ابن بهدلة الكوفي أحد القراء السبعة، قال الدارقطني: في حفظه شيء.
(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه البخاري (٢٢٤)، ومسلم (٢٧٣) (٧٣)، والترمذي (١٣)، والنسائي في «الكبرى» (١٨)، وابن ماجه (٣٠٥) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وعند أكثرهم: «ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه»، واقتصر البخاري على قوله: «فتوضأ»، وروايتا ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني مختصرتان بالبول قائمًا.
وأخرجه مختصرًا البخاري (٢٢٥) و(٢٢٦)، ومسلم (٢٧٣) (٧٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢٣) من طريق منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٤١)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٢٤).

عن أُمِّها أنَّها قالت: كان للنبيِّ ﷺ قَدَحٌ من عَيْدانٍ تحتَ سَريرِهِ يبولُ فيه باللَّيل١).

١٤ - باب المواضع التي نُهي عن البول فيها
٢٥ - حدَّثنا قتيبة بن سعيد، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه
عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال:«اتَّقُوا اللاعِنَينِ» قالوا: وما اللاَّعِنانِ يا رسولَ الله؟ قال: «الذي يَتَخَلَّى في طريقِ النَّاسِ أو ظِلِّهم» (٢).


(١) إسناده ضعيف، حكيمة بنت أميمة لم يرو عنها غيرُ ابن جريج، ولم يوثقها غير ابن حبان، وجهَّلها الذهبي وابن حجر. وباقي رجاله ثقات وابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز، صرح بالتحديث عند النسائي وغيره. حجاج: هو ابن محمد المصيصي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣١) من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١٤٢٦).
قوله: «عيدان» بفتح العين وإسكان الياء، جمع عَيدانة، وهي النخلة الطويلة المتجردة، والمراد قدح من خشب ينقر ويقوَّر ليحفظ ما يجعل فيه. وقيل: بكسر العين جمع عود، وهو خطأ، لأن اجتماع الأعواد لا يتأتى منها قدح يحفظ الماء، بخلاف من فتح العين، فإنه يريد قدحًا من خشب هذه صفته ينقر ليحفظ ما يجعل فيه. انظر شرح النسائي للسيوطي.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٦٩) عن قتيبة بن سعيد ويحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٤١٥).
وقوله: اتقوا اللاعِنَيْنٍ، وفي رواية: اللَّعَّانَيْنٍ، قَال صاحب «النهاية»: أي: الأمرين الجالبين للعن، الباعثين للناس عليه، فإنه سبب للعن من فعله في هذه المواضع، قال=

٢٦ - حدَّثنا إسحاق بن سُويدٍ الرَّمليُّ وعمرُ بنُ الخطَّاب أبو حفص -وحديثُه أتمُّ- أنَّ سعيدَ بنَ الحكم حدَّثهم قال: أخبرنا نافع بن يزيد، حدَّثني حَيْوَةُ بنُ شُريح، أنَّ أبا سعيد الحِمَيرِيَّ حدَّثه
عن معاذِ بن جبل، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «اتَّقُوا المَلاعِنَ الثلاثةَ: البَرازَ في المَوَارِدِ، وقارِعَةِ الطَريقِ، والظّلِّ» (١) (٢).
٢٧ - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حَنبَل والحسن بن علي، قالا: حدَّثنا


= الخطابي، فلما صار سببًا أضيف إليهما الفعل، فكان كأنهما اللاعنان، فهو مجاز عقلي. وقد يكون اللاعن أيضًا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول، كما قالوا: سر كاتم، أي: مكتوم، وعيشة راضية، أي: مرضية.
وقوله: الذي يتخلى في طريق الناس، أي: يتغوط في موضع يمر به الناس، وقد نهي عنه لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر ونتنه واستقذاره وقوله: في ظلِّهم، أي: مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلًا ومناخًا ينزلونه. ورواية ابن حبان وأفنيتهم: وهو جمع فِناء، وفناء الدار: ما امتد من جوانبها.
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي سعيد الحميري، وروايته عن معاذ منقطعة، فإنه لم يدركه.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٨) من طريق نافع بن يزيد، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث أبي هريرة، وهو السالف قبله.
وآخر من حديث جابر عند ابن ماجه (٣٢٩)، وإسناده ضعيف.
وثالث من حديث ابن عمر عند ابن ماجه (٣٣٠)، وإسناده ضعيف.
ورابع من حديث ابن عباس عند أحمد (٢٧١٥)، وإسناده ضعيف.
والموارد: المراد: المجاري والطرق إلى الماء واحدها: مورد، وقارعة الطريق، أي: الطريق التي تقرع بالأرجل والنعال فتصبح ممهدة للمرور عليها، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: الطريق المقروعة.
(٢) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: هذا مرسل، وهو مما انفرد به أهل مصر.

عبد الرزَّاق، قال أحمد: حدَّثنا مَعمَر، أخبرني أشعَثُ. وقال الحسن: عن أشعَثَ بنِ عبد الله، عن الحسن
عن عبد الله بن مُغفَّل، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يبولَنَّ أحدُكم في مُستَحَمِّهِ، ثُمَّ يَغتَسِلُ فيه -قال أحمد: ثُمَّ يتوضَّأُ فيه-، فإن عامَّةَ الوَسوَاسِ منه» (١) (٢).


(١) صحيح لغيره دون قوله:«فإن عامة الوسواس منه» فإنه موقوف، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الحسن البصري لم يصرح بسماعه من عبد الله بن مغفل.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٥٦٩)، و«مصنف عبد الرزاق» (٩٧٨)، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن ماجه (٣٠٤).
وأخرجه الترمذي (٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٣) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به.
وهو وفي «مسند أحمد» (٢٠٥٦٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٥٥). وانظر تخريج الرواية الموقوفة في «المسند».
وللنهي عن البول في المستحم شاهد من حديث رجل صحب النبي ﷺ، وهو الآتي بعده.
وآخر من حديث عبد الله بن يزيد عند الطبراني في«الأوسط» (٢٠٧٧)، وحسَّن إسناده المنذري في «الترغيب والترهيب» ١/ ١٣٦، والهيثمي في «مجمع الزوائد» ١/ ٢٠٤.
قال الخطابي: المستحم: المغتسل، ويسمى مستحمًا باسم الحميم وهو الماء الحار.
وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي ورقة (٦٢): قال أهل العلم: وإنما نهي عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب منه البول، أو كان المكان صلبًا، فيخيل إليه أنه أصابه شيء من رشاشه، فيحصل له الوسواس، فإن كان لا يخاف ذلك بأن يكون له منفذ أو غير ذلك، فلا كراهة. وقال ابن المبارك: قد وسع في البول في المغتسل إذا جرى فيه الماء.
(٢) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: وروى شعبة وسعيد عن قتادة، عن عقبة بن صهبان، سمعت عبد الله بن مغفَّل يقول: البول في المغتسل يأخذ منه=

٢٨ - حدَّثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زُهير، عن داودَ بنِ عبد الله، عن حُمَيد الحِميَرِيِّ -وهو ابن عبد الرحمن- قال:
لقيتُ رجُلًا صَحِبَ النبيَّ ﷺ كما صَحِبَهُ أبو هريرة، قال: نهى رسولُ الله ﷺ أن يَمتَشِطَ أحدُنا كُلَّ يومٍ، أو يبولَ في مُغتَسَلِهِ١).

١٥ - باب النَّهي عن البول في الجُحر (٢)
٢٩ - حدَّثنا عُبيد الله بن عمر بن مَيسَرةَ، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادةَ
عن عبد الله بنِ سَرْجِس: أن النبيَّ ﷺ نهى أن يُبالَ في الجُحْرِ. قال: قالوا لقتادة: ما يُكرَهُ من البولِ في الجُحرِ؟ قال: كان يُقال: إنها مساكِنُ الجنِّ (٣).


= الوسواس، وحديث شعبة أولى [قلنا: يعني: الموقوف] ورواه يزيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن ابن مغفل قوله.
(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وداود بن عبد الله: هو الأودي الكوفي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٥) من طريق داود بن عبد الله الأودي، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٧٠١١).
والحديث عندهما أطول مما هنا، وسيأتي تمامه عند المصنف برقم (٨١).
قوله: «كما صحبه أبو هريرة» أي: قدر ذلك، وبيَّنته رواية أحمد (١٧٠١٢)، ففيها: «قد صحب النبي ﷺ أربع سنين كما صحبه أبو هريرة أربع سنين».
وفي باب النهي عن الامتشاط كل يوم حديث عبد الله بن مغفل الآتي برقم (٤١٥٩).
(٢) هذا التبويب أثبتناه من نسخة في هامش (ج).
(٣) رجاله ثقات، وقد أثبت سماع قتادة من عبد الله بن سرجس غيرُ واحد من أهل العلم كابن المديني وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين، وأحمد بن حنبل في رواية=

١٦ - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء
٣٠ - حدَّثنا عمرو بن محمد الناقِدُ، حدَّثنا هاشِمُ بن القاسم، حدَّثنا إسرائيلُ، عن يوسُف بن أبي بُردة، عن أبيه
حدَّثتني عائشةُ: أنَّ النبيَّ ﷺ كان إذا خرجَ مِنَ الغَائِطِ قال: «غُفرانَكَ» (¬١).

١٧ - باب كراهية مسِّ الذكر باليمين في الاستبراء
٣١ - حدَّثنا مُسلِم بنُ إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة


= ابنه عبد الله، وأما في رواية حرب بن إسماعيل فقد تشكك في سماعه منه. وصحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن السكن كما في «التلخيص الحبير» ١/ ١٠٦. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٠) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٧٥).
وأما تعليله النهي بأنها مساكن الجن، فلم يصرح بقائله، وهو غريب إلا إن أراد بالجن صغار الحيات، فإنه يقال لها: جِنّ وجِنَّان، واحدها جانّ. ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا﴾ [القصص: ٣١]
وقال صاحب «بذل المجهود»: والجن هاهنا ليس أحد الثقلين فقط، بل المراد ما يكون مستورًا عن أعين الناس من حشرات الأرض والهوام وغيرها.
(١) إسناده حسن، يوسف بن أبي بردة -وإن لم يرو عنه غير اثنين- وثقه العجلي، وصحح حديثه هذا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وأبو حاتم الرازي وحسَّنه الترمذي، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال الذهبي في «الكاشف»: ثقة.
وأخرجه الترمذي (٧)، والنسائي في «الكبرى» (٩٨٢٤)، وابن ماجه (٣٠٠) من طريق إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٢٢٠)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٤٤).

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا بالَ أحدُكم فلا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بيمينِهِ، وإذا أتى الخَلاءَ فلا يَتَمسَّحْ بيمينهِ، وإذا شَرِبَ فلا يَشرَبْ نَفَسًا واحدًا» (١).
٣٢ - حدَّثنا محمد بن آدم بن سليمان المِصِّيصيُّ، حدَّثنا ابنُ أبي زائدة، قال: حدَّثني أبو أيُّوب -يعني الإفريقي-، عن عاصم، عن المُسيّبِ بنِ رافعٍ ومَعبَد، أن حارثةَ بن وهب الخُزاعي قال:
حدَثتني حَفصَةُ زوجُ النبيِّ ﷺ: أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَجعَلُ يمينَه لطعامِهِ وشرابِهِ وثيابِهِ، ويَجعَلُ شِمالَهُ لِمَا سِوى ذلك (٢).


(١) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير.
وأخرجه البخاري (١٥٣)، ومسلم (٢٦٧)، والترمذي (١٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨) و(٢٩) و(٤١)، وابن ماجه (٣١٠) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وبعضهم يقتصر على بعضه.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٤١٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٣٤).
قال ابن العربي في «عارضة الأحوذي»: غفران: مصدر كالغفر والمغفرة ومثله سبحانك، ونصبه بإضمار فعل تقديره هنا: أطلب غفرانك، وفي طلب المغفرة هاهنا محتملان: الأول: أنه سأل المغفرة من تركه ذكر الله في ذلك في تلك الحالة، والثاني: وهو أشهر أن النبي ﷺ سأل المغفرة في العجز عن شكر النعمة في تيسير الغذاء وإبقاء منفعته، وإخراج فضلته على سهولة، فيؤدي قضاء حقها بالمغفرة.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي أيوب الإفريقي -وهو عبد الله ابن علي الأزرق- ولاضطراب عاصم- وهو ابن أبي النجود- فيه. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، ومعبد: هو ابن خالد الكوفي.
وأخرجه أبو يعلى (٧٠٤٢) و(٧٠٦٠)، وابن حبان (٥٢٢٧)، والطبراني في «الكبير» ٢٣/ (٣٤٦)، والحاكم ٤/ ١٠٩، والبيهقي ١/ ١١٣ من طريق ابن أبي زائدة، بهذا الإسناد. ورواية غير أبي يعلى والبيهقي عن المسيب وحده، لم يقرنوه بمعبد.=

٣٣ - حدَّثنا أبو تَوبةَ الرَّبيعُ بن نافع، حدثني عيسى بن يونُس، عن ابن أبي عَروبَةَ، عن أبي مَعشَر، عن إبراهيم
عن عائشة، قالت: كانت يَدُ رسولِ الله ﷺ اليُمنى لطُهورِهِ وطعامِهِ، وكانت يَدُه اليُسرى لخَلائِهِ وما كانَ من أذى (١).
٣٤ - حدَّثنا محمد بن حاتم بن بَزِيع، حدَّثنا عبد الوهَّاب بن عطاء، عن سعيد، عن أبي مَعشَر، عن إبراهيمَ، عن الأسود، عن عائشة، عن النبيّ ﷺ بمعناه (٢).

١٨ - باب الاستتار في الخلاء
٣٥ - حدَّثنا إبراهيم بن موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى بن يونُس، عن ثَورِ، عن الحصين الحُبرانيِّ، عن أبي سعيد


=وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٥٢، وعبد بن حميد (١٥٤٥)، وأحمد (٢٦٤٦١)، والطبراني ٢٣/ (٣٤٧) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، عن حفصة. فأسقط الواسطة بين المسيب وحفصة. وقال ابن أبي شيبة: وقال غير حسين عن زائدة: عن سواء عن حفصة.
وتشهد له أحاديث الباب قبله وبعده.
(١) رجاله ثقات، إلا أن إبراهيم -وهو ابن يزيد النخعي- لم يثبت له سماع من عائشة، وإنما دخل عليها ورآها، وقد تبينت الواسطة بينهما -وهو الأسود- كما سيأتي بعده. ابن أبي عروبة: هو سعيد، وعيسى بن يونس روى عنه قبل الاختلاط، وأبو معشر: هو زياد بن كليب الكوفي.
وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (٤١٤٠) من طريق مسروق، عن عائشة. وانظر تخريجه هناك.
(٢) إسناده صحيح، عبد الوهاب بن عطاء سمع من سعيد -وهو ابن أبي عروبة- قبل الاختلاط. الأسود: هو ابن يزيد النخعي.
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (٤١٤٠).

عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ قال: «مَنِ اكتحَلَ فليُوتِرْ، مَن فعلَ فقد أحسَنَ، ومَن لا فلا حَرَجَ، ومن استَجمَرَ فليُوتِرْ، مَن فعلَ فقد أحسنَ، ومَن لا فلا حَرَجَ، ومَن أكلَ فما تخلَّلَ فليَلفِظْ، وما لاكَ بلسانِهِ فليَبتَلِعْ، مَن فعلَ فقد أحسَنَ، ومَن لا فلا حَرَجَ، ومَن أتى الغائِطَ فليَستَتِرْ فإن لم يَجِدْ إلا أن يَجمَعَ كثيبًا مِن رَملٍ فليَستَدبِرْهُ، فإنَّ الشَّيطانَ يَلعَبُ بمقاعِدِ بني آدَمَ، مَن فعلَ فقد أحسَنَ، ومَن لا فلا حَرَجٍ» (١).
قال أبو داود: رواه أبو عاصم (٢) عن ثورٍ، قال: «حصين الحميري». ورواه عبدُ الملك بنُ الصبَّاح (٣) عن ثور، فقال: «أبو سعد الخير» (٤).


(١) إسناده ضعيف، حصين الحبراني مجهول تفرد بالرواية عنه ثور بن يزيد الحمصي، وأبو سعيد، ويقال: أبو سعد -وهو الحبراني- مجهول أيضًا، تفرد بالرواية عنه حُصين الحبراني.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٧) و(٣٣٨)، ومختصرًا (٣٤٩٨) من طريق عبد الملك ابن الصباح، عن ثور بن يزيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٤١٠).
(٢) وهو الضحاك بن مخلد المعروف بالنبيل، وروايته عند الدارمي (٦٦٢) و(٢٠٨٧)، والطحاوي في «شرح المعاني» ١/ ١٢٢، وفي «شرح المشكل» (١٣٨)، وابن حبان (١٤١٠)، والحاكم ٤/ ١٣٧.
(٣) وروايته عند ابن ماجه (٣٣٧)، وقد نبهنا هناك على أن قوله: «أبو سعد الخير» وهم.
(٤) زاد ابن داسه في روايته: قال أبو داود: أبو سعد الخير هو من أصحاب النبي ﷺ.

١٩ - باب ما يُنهَى عنه أن يُستنجَى به
٣٦ - حدَّثنا يزيد بنُ خالد بنِ عبد الله بن مَوهَبٍ الهَمداني، حدَّثنا المُفضَّلُ -يعني ابن فَضَالة المصريَّ- عن عيَّاش بن عبَّاس القِتْبانيِّ، أنَّ شِيَيمَ بنَ بَيتانَ أخبره، عن شَيبانَ القِتْبانيِّ
أنَّ مَسلَمة بن مُخلدٍ استَعمَلَ رُويفِعَ بنَ ثابتٍ على أسفَلِ الأرضِ، قال شَيبانُ: فسِرنا معهُ من كومِ شَريكٍ إلى عَلْقماء أو من عَلْقماءَ إلى كُومِ شَريكٍ -يُريدُ عَلْقامَ-، فقال رُوَيفع: إن كانَ أحدُنا في زَمَنِ رسول الله ﷺ ليأخُذُ نِضوَ أخيه على أنَّ له النِّصفَ مما يَغنَمُ ولنا النِّصفُ، فإن كانَ أحدُنا لَيَطيرُ لهُ النَّضلُ والرِّيشُ وللآخرِ القِدحُ، ثمَّ قال: قال لي رسولُ الله ﷺ: «يا رُوَيفِعُ، لعلَّ الحياة ستطُولُ بك بعدي، فأخبِرِ النَّاسَ أنَّهُ مَن عَقَدَ لِحيتهُ أو تَقَلَّدَ وَتَرًا أو استَنجَى برَجِيعِ دابَّةٍ أو عَظمٍ، فإنَّ مُحمدًا منه بريءٌ» (١).
٣٧ - حدَّثنا يزيد بن خالد، حدَّثنا مُفضَّلٌ، عن عيَّاش، أنَّ شِيَيمَ بن بَيتانَ أخبرهُ بهذا الحديث أيضًا عن أبي سالم الجَيشانيِّ، عن عبد الله بن عمروٍ، يذكرُ ذلك وهو معه مُرابِطٌ بحِصنِ بابِ أليُونَ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة شيان القتباني -وهو ابن أمية-، لكنه متابع كما سيأتي بعده.
وأخرج المرفوع منه النسائي في «الكبرى» (٩٢٨٤) من طريق حيوة بن شريح، عن عياش القتباني، أن شييم بن بيتان حدثه أنه سمع رويفع بن ثابت ... فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٠٠٠). وانظر تمام الكلام عليه فيه.
والقصة التي في أوله أخرجها أحمد (١٦٩٩٥).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. أبو سالم الجيشاني: هو سفيان بن هانئ.
وانظر تخريجه فيما قبله.

قال أبو داود: حصنُ أليُونَ بالفُسطاطِ على جبل (١). قال أبو داود: وهو شَيبانُ بن أُميَّة، يُكنى أبا حُذيفة.
٣٨ - حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن حنبل، حدَّثنا رَوحُ بن عُبادةَ، حدثنا زكريا ابنُ إسحاق، حدَّثنا أبو الزُّبير
أنه سمعَ جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: نهانا رسولُ الله ﷺ أن نتمَسَّحَ بعَظمٍ أو بَعْرٍ (٢).
٣٩ - حدَّثنا حَيوةُ بنُ شُرَيح الحِمصيُّ، حدثنا ابنُ عياشٍ، عن يحيي بن أبي عمرو السَّيبانيِّ، عن عبد الله بن الدَّيلَميِّ
عن عبد الله بن مسعود، قال: قَدِمَ وَفدُ الجنِّ على رسولِ الله ﷺ فقالوا: يا محمَّدُ، انْهَ أُمَّتَكَ أن يَستَنجُوا بعَظمٍ أَو رَوْثةٍ أو حُمَمَةٍ، فإنَّ الله تعالى جعلَ لنا فيها رِزقًا. قال فنهى رسولُ الله ﷺ عن ذلك (٣).


(١) جاء في هامش (د) ما نصه: أليون، بفتح الهمزة وسكون وضم المثناة تحت: اسم مدينة مصر قديمًا، فتحها المسلمون وسموها الفسطاط.
(٢) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- قد صرح بالتحديث. وأخرجه مسلم (٢٦٣) من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٤٦٩٩).
(٣) إسناده ضعيف، ابن عياش -وهو إسماعيل، وإن كان صدوقًا في روايته عن أهل بلده، وهذا منها- قد تفرد بهذا السياق، ولم يُتابَع عليه إلا من طريق ضعيف، وضعفه بهذا السياق الدارقطني والبيهقي.
وأخرجه من طريق أبي داود البيهقيُّ ١/ ١٠٩، والبغوي (١٨٠). وقال البيهقي: إسناده شامي غير قوي.
وأخرجه الدارقطني (١٤٩) من طريق إسماعيل بن عياش، به. وقال: إسناده شامي ليس بثابت.=

٢٠ - باب الاستنجاء بالحجارة
٤٠ - حدَّثنا سعيد بن منصور وقُتيبة بن سعيد، قالا: حدَّثنا يعقوبُ بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن مُسلِمِ بن قُرْطٍ، عن عُروة
عن عائشة: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إذا ذهبَ أحدُكُم إلى الغائِطِ فليَذهَبْ معه بثلاثةِ أحجارٍ يَستَطيبُ بهنَّ، فإنَّها تُجزئُ عنه» (١).


=وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (٨٧٢) من طريق بقية بن الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيي السيباني، به. وبقية مدلس ورواه بالعنعنة على ضعف فيه أيضًا.
وأخرج مسلم (٤٥٠) (١٥٠)، والترمذي (١٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩) من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود رفعه: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن» وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن رواه ابن عُلية عند مسلم بإثر الرواية السالفة والترمذي (٣٥٤٠) عن داود ابن أبي هند، به. إلا أنه جعل النهيَ عن الاستنجاء بهما مسندًا، وتعليلَ ذلك بأنهما من طعام الجن عن الشعبي مرسلًا. ورجح رواية ابن علية الدارقطني في «التتبع» ص٣٤١ - ٣٤٣، وفي «العلل» ٥/ ١٣٢، والخطيب في «الفصل للوصل» ٢/ ٦٢٤. وانظر ما علقناه على «جامع الترمذي».
وللنهي عن الاستنجاء بالعظم والروث شواهد، منها حديث جابر السالف قبل هذا، وحديث أبي هريرة عند البخاري (١٥٥). وليس فيهما التعليل بأنهما من طعام الجن.
أما النهي عن الاستنجاء بالحممة -وهي الفحمة- فأخرجه الدارقطي (١٥٠)، والبيهقي ١/ ١٠٩ - ١١٠ من طريق موسي بن عُلَيّ بن رباح، عن أبيه، عن ابن مسعود. وأعلاه بأن عُلي بن رباح لم يثبت له سماع من ابن مسعود. وانظر «مسند أحمد» (٤٣٧٥).
وله شاهد من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء عند البزار (٣٧٨٣)، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسلم بن قرط، فقد تفرد بالرواية عنه أبو حازم، وهو سلمة بن دينار.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٢) من طريق أبي حازم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٧٧١) و(٢٥٠١٣).

٤١ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النفيلي، حدَّثنا أبو مُعاوية، عن هشام بن عُروة، عن عمرو بن خُزَيمةَ، عن عُمارةَ بن خُزيمة
عن خُزيمةَ بن ثابتٍ، قال: سُئِل النبيُّ ﷺ عن الاستِطابةِ فقال: «بثلاثةِ أحجارٍ ليسَ فيها رَجيعٌ» (١).
قال أبو داود: كذا رواهُ أبو أُسامة وابنُ نُمَيرِ، عن هشام.

٢١ - باب في الاستبراء
٤٢ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ وخلفُ بنُ هشامٍ المُقريُّ، قالا: حدَّثنا عبدُ الله ابنُ يحيى التَّوأمُ (ح)
وحدثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا أبو يعقوب التَّوأمُ، عن عبدِ الله بن أبي مُلَيكة عن أُمِّه
عن عائشة، قالت: بالَ رسولُ الله ﷺ، فقامَ عمرُ خلفَه بكوزٍ من ماء، فقال: «ما هذا يا عمر؟» فقال: ماءٌ تَوَضَّأُ به، قال: «ما أُمرتُ


=ويشهد للاستنجاء بثلاثة أحجار حديث سلمان السالف برقم (٧)، وحديث أبي هريرة السالف برقم (٨)، وحديثه أيضًا السالف برقم (٣٥).
والاستطابة بالأحجار والاستنجاء والاستجمار كناية عن إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه، فالاستطابة والاستنجاء تارة يكونان بالماء، وتارة بالأحجار، والاستجمار مختص بالأحجار.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمرو بن خزيمة، وقد اختلف فيه على هشام بن عروة كما بيناه في تعليقنا على»المسند«(٢١٨٥٦).
وأخرجه ابن ماجه (٣١٥) من طريق ابن عيينة ووكيع، عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث سلمان السالف برقم (٧). وانظر تتمة شواهده في»المسند".

كلَّما بُلت أن أتوضأ، ولو فعلت لكانت سُنَّةً» (١).

٢٢ - باب في الاستنجاء بالماء
٤٣ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقِيَّة، عن خالد -يعني الواسطي-، عن خالدٍ -يعني الحذَّاء- عن عطاء بن أبي ميمونة
عن أنسِ بنِ مالك: أنَّ رسولَ الله ﷺ دخلَ حائِطًا ومعه غلامٌ معه مِيضَأةٌ، وهو أصغَرُنا، فوضَعَها عند السِّدْرَةِ، فقضى حاجَتَه، فخرجَ علينا وقد استنجى بالماء (٢).


(١) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن يحيي التوأم وجهالة أم عبد الله بن أبي مليكة، فقد تفرد بالرواية عنها ابنها.
وأخرجه ابن ماجه (٣٢٧) من طريق عبد الله بن يحيي التوأم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٤٣).
وفي الباب عن ابن عباس: أن النبي ﷺ خرج من الخلاء، فأُتي بطعام فذكروا له الوضوء، فقال: «أريد أن أصلي فأتوضأ؟!» أخرجه مسلم (٣٧٤).
وعن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ خرج من غائط قط إلا مسَّ ماء.
أخرجه ابن ماجه (٣٥٤) بإسناد صحيح.
وقوله: تَوَضَّأُ به، أي: تتوضأ بالماء بعد البول الوضوء الشرعي، أو المراد به الوضوء اللغوي، وهو الاستنجاء بالماء، وعليه حمله المؤلف وابن ماجه.
(٢) إسناده صحيح. خالد الواسطي: هو ابن عبد الله، وخالد الحذاء: هو ابن مهران.
وأخرجه مسلم (٢٧٠) من طريق خالد الواسطي، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٧) من طريق شعبة ابن الحجاج، والبخاري (٢١٧)، ومسلم (٢٧١) من طريق روح بن القاسم، كلاهما عن عطاء بن أبي ميمونة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٠٠).
والمِيضأة: المطهرة يُتوضأ منها.

٤٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا معاويةُ بنُ هشام، عن يونسَ بن الحارث، عن إبراهيمَ بن أبي ميمونة، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «نَزَلَت هذه الآيةُ في أهل قُباء ﴿فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ [التوبة: ١٠٨] قال: كانُوا يَستَنجُونَ بالماء، فنزلت فيهم هذه الآية» (١).

٢٣ - باب الرجل يدلُك يده بالأرض إذا استنجى
٤٥ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد، حدَّثنا أسودُ بنُ عامر، حدَّثنا شَريكٌ -وهذا لفظُهُ- (ح)
وحدَّثنا محمَّدُ بنُ عبدِ الله -يعني المُخرَّميَّ-، حدَّثنا وكيع، عن شَريكٍ، عن إبراهيمَ بن جريرٍ (٢)، عن أبي زُرعة


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يونس بن الحارث وجهالة إبراهيم ابن أبي ميمونة.
وأخرجه الترمذي (٣٣٥٧)، وابن ماجه (٣٥٧) من طريق معاوية بن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه.
وله شاهد من حديث أبي أيوب وجابر وأنس عند ابن ماجه (٣٥٥).
وآخر من حديث عويم بن ساعدة الأنصاري عند أحمد (١٥٤٨٥).
وثالث من حديث محمد بن عبد الله بن سلام عنده أيضًا (٢٣٨٣٣).
ورابع من حديث ابن عباس عند الطبراني (١١٠٦٥)، والحاكم ١/ ١٨٧ - ١٨٨.
وخامس من حديث أبي أمامة عند الطبراني (٧٥٥٥). وفي أسانيدها جميعًا ضعف، لكن يتقوى بها الحديث.
(٢) زاد في (ح) و(ع) بين إبراهيم بن جرير وأبي زرعة قوله: «عن المغيرة» وهو خطأ. انظر «بذل المجهود» ١/ ١٠٩ - ١١٠، و«عون المعبود» ١/ ٤٤ - ٤٥.

عن أبي هريرة، قال: كانَ النبيُّ ﷺ إذا أتى الخَلاءَ أتيتُهُ بماءٍ في تَورٍ أو رَكْوَةِ، فاستَنجَى (١).
قال أبو داود في حديث وكيع: «ثمَّ مسحَ يَدَهُ على الأرضِ ثمَّ أتيتُهُ بإناءِ آخَرَ فتوضَّأ». قال أبو داود: وحديثُ الأسود بن عامر أتمُّ.

٢٤ - باب السِّواك
٤٦ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، عن سُفيان، عن أبي الزِّناد، عن الأعرَجِ
عن أبي هريرة يَرفَعُه، قال: «لولا أن أشُقَّ على المُؤمِنينَ لأمَرتُهم بتأخيرِ العِشاءِ وبالسِّواك عند كُل صلاةِ» (٢).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات. إبراهيم بنُ خالد: هو أبو ثور الفقيه صاحب الشافعي، ووكيع: هو ابن الجراح، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير.
وأخرجه بنحوه النسائي (٤٨)، وابن ماجه (٣٥٨) و(٤٧٣) من طريق شريك، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨١٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٤٠٥).
وفى الباب حديث عائشة عند ابن ماجه (٣٥٤) قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ خرج من غائط قط إلا مس ماء. وإسناده صحيح. وصححه ابن حبان (١٤٤١).
وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعَنَزة يستنجي بالماء. أخرجه البخاري (١٥٠) و(١٥٢)، ومسلم (٢٧١).
وقوله: تور أو ركوة. التور: إناء من صفر أو حجارة كالإجانة يتوضأ منها، والرّكوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء ويتوضأ منه، وأو للشك ممن يروي عن أبي هريرة، أو للتنويع، أي: تارة وتارة.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة، وأبو الزناد: هو عبدُ الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز.=

٤٧ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مُوسى، أخبرنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق، عن مُحمَّد بن إبراهيم التَّيمى، عن أبي سلمةَ بن عبدِ الرحمن
عن زيد بن خالدٍ الجُهنيِّ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «لولا أن أشُقَّ على أُمَّتي لأمَرتُهُم بالسّواكِ عندَ كُلِّ صلاةٍ».
قال أبو سلمة: فرأيتُ زيدًا يَجلِسُ في المَسجِدِ، وإنَّ السِّواكَ مِن أُذُنِهِ مَوضِعَ القَلَمِ من أُذُنِ الكاتِبِ، فكُلَّما قامَ إلى الصَّلاة استَاكَ (١).


=وأخرجه مسلم (٢٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٣٤)، وابن ماجه (٦٩٠) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (٨٨٧)، والنسائى في «الكبرى» (٦) من طريق مالك، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. ورواية مالك مختصرة بذكر السواك، وكذا رواية مسلم، ورواية ابن ماجه مختصرة بذكر العشاء.
وأخرجه مختصرًا بذكر السواك البخاري (٧٢٤٠) من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، به.
وأخرجه ابن ماجه (٢٨٧) مختصرًا بذكر السواك، و(٦٩١) مختصرًا بذكر العشاء من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٦٨).
وانظر ما بعده.
قال الإمام الشافعي: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب، لأنه لو كان واجبًا لأمرهم به شقَّ عليهم أو لم يشق. وإلى القولِ بعدمِ وجوبه صار أكثرُ أهل العلم.
(١) حديث صحيح، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلسًا ورواه بالعنعنة- قد توبع. وقد اختلف فيه على أبي سلمة.
فأخرجه الترمذي (٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٢٩) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.=

٤٨ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عَوف الطَّائيُّ، حدَّثنا أحمدُ بن خالد، حدَّثنا محمَّدُ ابنُ إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عبد الله بن عبدِ الله بن عمر، قال: قلتُ:
أرأيتَ تَوَضِّيَ (١) ابن عمرَ لكُلِّ صلاةٍ طاهرًا وغيرَ طاهرٍ، عَمَّ ذاكَ؟ فقال: حَدَّثَتنيهِ أسماءُ بنتُ زيدِ بن الخطَّاب، أنَّ عبدَ الله بنَ حَنظلَةَ بنِ أبي عامرٍ حدَّثها: أنَّ رسولَ الله ﷺ أُمِرَ بالوُضوءِ لكُلِّ صلاةٍ طاهِرًا وغيرَ طاهِرٍ، فلمَّا شَقَّ ذلك عليه أُمِرَ بالسِّواك لكُلِّ صلاةٍ. فكان ابنُ عُمر يرى أنَّ به قُوَّةً، فكانَ لا يَدَعُ الوُضُوءَ لكُلِّ صلاةٍ (٢).


=وأخرجه أحمد (١٧٠٤٨) من طريق يحيى بن أبي كثير، حدَّثنا أبو سلمة، به. وإسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٣٠) من طريق محمد بن عمرو الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في «مسند أحمد» (٧٨٥٣).
وذهب الترمذي إلى أن الحديثين محفوظان، ونقل عن البخاري أنه رجح عن أبي سلمة حديث زيد بن خالد. بينما نقل النسائى عن يحيى القطان أنه رجح عنه حديث أبي هريرة.
(١) كذا في الأصول الخطية، والصواب: توضؤ، وقد جاء في هامش نسخة (أ): قال النووي رحمه الله: كذا في جميع النسخ: توضي، بكسر الضاد وبالياء، وصوابه: توضؤ، بضم الضاد وبعدها همزة، تكتب واوًا.
(٢) حديث حسن، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلسًا ورواه بالعنعنة- قد صرح بالتحديث عند أحمد وغيره، وباقي رجاله ثقات. وقد اختلف على ابن إسحاق في اسم عبد الله بن عمر، فروي عنه مكبرًا ومصغرًا كما أشار إليه المصنف وكما سيأتي فى التخريج، وهذا الاختلاف لا يضر، فكلاهما ثقة.
وأخرجه للدارمي (٦٥٨)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثانى» (٢٢٤٧)، وابن خزيمة (١٥) و(١٣٨)، والطحاوي ١/ ٤٢ - ٤٣، والبيهقي ١/ ٣٧ - ٣٨ من طريق=

قال أبو داود: إبراهيمُ بنُ سعدٍ رواهُ عن محمدِ بن إسحاق قال: «عُبيدُ الله بنُ عبد الله».

٢٥ - باب كيف يستاك
٤٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسُليمانُ بنُ داودَ العَتكي -المعنى- قالا: حدَّثنا حمَّادُ ابنُ زيد، عن غَيلانَ بن جَريرٍ، عن أبي بُردة
عن أبيه، قال مُسدَّد: قال: أتينا رسولَ الله ﷺ نَستَحمِلُه، فرأيتُه يستاكُ على لسانِه. قال أبو داود: وقال سُليمان: قال دَخَلتُ على النبيَّ ﷺ وهو يَستَاكُ، وقد وَضَعَ السِّواكَ على طَرَفِ لسانِهِ وهو يقول: «أهْ أهْ» (١) يعني يَتَهَوَّعُ. قال أبو داود: قال مُسدَّد: فكان


= أحمد بن خالد الوهبي، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٥/ ٦٧ - ٦٨ من طريق يونس ابن بكير الشيباني، كلاهما عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وتحرف عبد الله بن عبد الله عند الدارمي وعند ابن خزيمة في الموضع الأول إلى: «عبيد الله» مصغرًا.
وأخرجه أحمد (٢١٩٦٠)، والبخاري في «التاريخ» ٥/ ٦٨، والبزار (٣٣٧٨) و(٣٣٨٢)، وابن خزيمة (١٥)، والحاكم ١/ ١٥٦ من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، وأخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٢٦٣ - ٢٦٤، والبيهقي ١/ ٣٧ - ٣٨ من طريق سعيد بن يحيى اللخمي، كلاهما عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر مصغرًا. وسقط من إسناد البزار في الرواية الأولى عبيد الله ابن عبد الله، وتحرف عبيد الله في «تاريخ البخاري» وفي رواية البزار الثانية إلى عبد الله مكبرًا.
(١) ضبطت في (د) و(هـ) بالمد وسكون الهاء، وفي (ج) بفتح الهمزة وسكون الهاء، وجاء في هامش (أ) ما نصه: قال النووي: بهمزة مضمومة، وقيل: مفتوحة، ثم هاء ساكنة.

حديثًا طويلًا، اختصرتُهُ (١)٢).

٢٦ - باب في الرجل يستاك بسواك غيره
٥٠ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عيسى، حدَّثنا عَنبَسَةُ بنُ عبد الواحد، عن هشام بن عُروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله ﷺ يَستَنُّ وعنده رجلان أحدُهما أكبَرُ مِنَ الآخَرِ، فأوحى الله إليه في فَضلِ السِّواكِ: أنْ كَبِّرْ، أَعطِ السواكَ أكبَرَهما (٣).


(١) إسناده صحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.
وأخرجه البخاري (٢٤٤)، ومسلم (٢٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. ولفظ البخاري والنسائي بنحو لفظ سليمان العتكي، ولفظ مسلم بنحو لفظ مسدد.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٧٣٧)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٧٣).
وقوله: يعني يتهوع، ولفظ البخاري: كأنه يتهوع، والتهوع: التقيؤ.
قال الحافظ: أي: له صوت كصوت المتقيئ.
(٢) جاء في رواية ابن الأعرابي زيادة: اختصرته يوم الجمعة في المسجد.
(٣) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير.
وظاهر حديث عائشة هذا أنه في اليقظة، وقد أخرج مسلم (٢٢٧١) (١٩)، وعلقه البخاري في «صحيحه» بصيغة الجزم (٢٤٦) من طريق صخر بن جويرية، عن نافع، أن عبد الله بن عمر حدثه أن رسول الله ﷺ قال: «أُراني في المنام أتسوَّكُ بسواك، فجذبني رجلان، أحدهما أكبرُ من الآخر، فناولتُ السواكَ الأصغَر منهما، فقال لي: كبِّر، فدفعتُه إلى الأكبر» فهذا يقتضي أنه في المنام. وانظر للجمع بينهما «مسند أحمد» (٦٢٢٦) وتعليقنا عليه، و«فتح الباري» ١/ ٣٥٧.
قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب، والمشي والكلام.
وقال النووي: معناه: أوحي إليَّ في فضل آداب السواك أن يعطيه الأكبر.

٥١ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرَّازيُّ، أخبرنا عيسى بنُ يونسَ، عن مِسعَرٍ، عن المِقدامِ بن شُرَيح، عن أبيه، قال:
قلتُ لعائشة: بأيِّ شيءٍ كان يَبدَأُ رسولُ الله ﷺ إذا دخلَ بيتَه؟
قالت: بالسِّواك (١).

٢٧ - باب في غسل السواك
٥٢ - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا محمَّد بن عبدِ الله الأنصاري، حدَّثنا عَنبَسَةُ بنُ سعيدٍ الكوفي الحاسبُ، حدَّثني كثيرٌ
عن عائشة أنَّها قالت: كان نبيُّ الله ﷺ يَستاكُ فيُعطيني السِّواكَ لأغسِلَه، فأبدأُ به فأستاكُ، ثمَّ أغسِلُه وأدفَعُه إليه٢).

٢٨ - باب السواك من الفطرة
٥٣ - حدَّثنا يحيي بنُ مَعِينٍ، حدَّثنا وكيعٌ، عن زكريَّا بن أبي زائِدَةَ، عن مُصعَبِ بن شَيبةَ، عن طَلْقِ بنِ حبيبٍ، عن ابن الزُّبير
عن عائشة قالت: قال رسولُ الله ﷺ: «عَشْرٌ من الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّاربِ، وإعفاءُ اللِّحيَة، والسِّواكُ، والاستِنشاقُ بالماءِ، وقصُّ


(١) هذا الحديث من رواية ابن داسه وحده.
وإسناده صحيح. مسعر: هو ابن كدام، وشريح: هو ابن هانئ الحارثي.
وأخرجه مسلم (٢٥٣)، والنسائي في»الكبرى«(٧)، وابن ماجه (٢٩٠) من طرق عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد.
وهو فى»مسند أحمد«(٢٤١٤٤)، و»صحيح ابن حبان«(١٠٧٤) و(٢٥١٤).
(٢) إسناده حسن، كثير -وهو ابن عبيد التيمي رضيع عائشة- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان فى»الثقات"، ولا يُعلم فيه جرح، فمثلُه يكونُ حسَن الحديث.
وأخرجه البيهقي ١/ ٣٩ من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

الأظْفَارِ، وغَسلُ البَرَاجم، ونَتْفُ الإبطِ، وحَلقُ العانَةِ، وانتِقاصُ الماءِ» يعني الاستِنجاءَ بالماءِ، قال زكريَّا: قال مُصعَبٌ: ونسيتُ العاشِرَة إلا أن تكونَ المَضمَضَة (١).
٥٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ وداودُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن علىّ بن زيدٍ، عن سلمةَ بن محمَدِ بن عمَّار بن ياسر -قال موسى: عن أبيه، وقال داود: عن عمَّار بن ياسر
أن رسولَ الله ﷺ قال: «إنَّ من الفِطْرَة المَضمَضَةَ والاستِنشاقَ» فذكر نحوَه، ولم يَذكُر إعفاءَ اللِّحيَة، وزاد: «الخِتان»، قال: «والانتِضاحَ» ولم يَذكُر انتِقاصَ الماءِ، يعني الاستِنجاء (٢).


(١) الصحيح وقفه، وهذا إسناد ضعيف لضعف مصعب بن شيبة، وقد انفرد برفعه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (٢٦١) في الشواهد، والترمذي (٢٩٦١)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٤١)، وابن ماجه (٢٩٣) من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٠٦٠).
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٥٠٤١) من طريق سليمان التيمي، و(٥٠٤٢) من طريق جعفر بن إياس أبي بشر، كلاهما عن طلق بن حبيب قولَه. وقال النسائي: حديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة، ومصعب منكر الحديث. وقال الدارقطني في «العلل» ٥/ الورقة ٢٤: وهما أثبت من مصعب بن شيبة وأصح حديثًا. وقال ابن حجر في «التخليص»، ١/ ٧٧: وهو معلول.
قوله: «غسل البراجم» معناه تنظيف المواضع التي تتسخ، ويجتمع فيها الوسخ، وأصل البراجم: العُقَد التي تكون في ظهور الأصابع، واحدها بُرجمة.
(٢) إسناده ضعيف، سلمة بن محمد بن عمار مجهول تفرد بالرواية عنه علي بن زيد بن جدعان -وهو ضعيف-، قال المنذري في «مختصر السنن»: حديث سلمة بن محمد عن أبيه مرسل، لأن أباه ليست له صحبة، وحديثه عن جده قال ابن معين: مرسل. يعني أنه منقطع بين سلمة وعمار.=

قال أبو داود: ورُوي نحوُه، عن ابن عبَّاسٍ، وقال: «خمسٌ كلُّها في الرَّأس» وذكرَ فيها الفَرْقَ، ولم يَذكُر إعفاءَ اللِّحيَة (١).
قال أبو داود: ورُوِي نحوُ حديثِ حمَّادٍ عن طَلْقِ بن حبيبٍ (٢) ومُجاهدٍ وعن بكرِ بن عبد الله المُزَنيِّ قولَهم، ولم يَذكُروا إعفاءَ اللِّحيَةِ.
وفي حديث محمَّد بن عبد الله بن أبي مريم (٣)، عن أبي سلمة،


=وأخرجه ابن ماجه (٢٩٤) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٢٧).
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (٥٨٨٩)، ولفظه: الفطرة خمس -أو خمس من الفطرة-: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب«. وسيأتي برقم (٤١٩٨).
وعن ابن عمر عند البخاري (٥٨٩٠)، ولفظه:»من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب«.
والانتضاح: هو نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لنفي الوسواس عنه.
(١) أخرجه عبد الرزاق في»تفسيره«١/ ٥٧، والحاكم ٢/ ٢٦٦، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في»التفسير«١/ ٥٢٤، وفي»التاريخ«١/ ١٤٤ عن معمر عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ [البقرة ١٢٤]: قال: ابتلاه الله بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس: السواك والاستنشاق والمضمضة وقص الشارب وفرق الرأس، وفي الجسد خمسة: تقليم الأظافر وحلق العانة والختان والاستنجاء عند الغائط والبول ونتف الإبط.
(٢) سلف تخريج الموقوف على طلق بن حبيب عند حديثه السالف برقم (٥٣).
(٣) محمد بن عبد الله بن أبي مريم هو المدني الخزاعي مولاهم، روى عنه جمع، وقال يحيى بن سعيد القطان: لم يكن به بأس، وقال أبو حاتم: شيخ مدني صالح الحديث، وذكره ابن حبان في»الثقات" ولم نقف على حديثه هذا عند غير أبي داود.

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ فيه: «وإعفاء اللِّحية». وعن إبراهيمَ النَّخعى نحوه، وذكرَ إعفاءَ اللِّحية والخِتان.

٢٩ - باب السواك لمن قام من الليل
٥٥ - حدَّثنا محمد بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن مَنصورٍ وحُصَين، عن أبي وائل
عن حُذَيفةَ: أنَّ رسولَ الله ﷺ كانَ إذا قامَ مِنَ اللَّيل يَشُوصُ فاهُ بالسِّواك (١).
٥٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا بَهزُ بنُ حكيم، عن زُرَارةَ بن أوفى، عن سعدِ بنِ هشامِ
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ يُوضَعُ له وَضوؤُه وسِواكُه، فإذا قامَ من اللَّيل تخلَّى ثمَّ استاك (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه البخاري (٢٤٥) و(٨٨٩) و(١١٣٦)، ومسلم (٢٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢)، وابن ماجه (٢٨٦) من طرق عن أبي وائل، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٤٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٧٢).
وقوله: يشوص فاه بالسواك. قال صاحب «النهاية»: أي: يدلك أسنانه وينقيها، وقيل: هو أن يستاك من سُفل إلى علو، وأصل الشوص الغسل.
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ضمن حديث مطول النسائي في «الكبرى» (٤٤٨) و(١٢٣٩)، وابن ماجه (١١٩١) من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٦٩).
وقوله: تخلى، من الخلاء: المكان الذي ليس به أحد، ويطلق على المكان المعد لقضاء الحاجة، وعلى قضاء الحاجة نفسها تسمية للحالِّ باسم المحل وهو المراد هنا.

٥٧ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ كثير، حدَّثنا همَّام، عن علىِّ بن زيد، عن أم محمَّد
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ لا يَرقُدُ من ليلٍ ولا نهارٍ فيَستَيقِظُ
إلا تَسَوَّكَ قبلَ أن يَتَوَضَّأ (١).
٥٨ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عيسى، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا حُصَين، عن حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ، عن محمَدِ بن علىّ بن عبدِ الله بن عبَّاس، عن أبيه
عن جدِّه عبدِ الله بن عبَّاس، قال: بِتُّ ليلةً عند النبىِّ ﷺ، فلمَّا استَيقَظَ مِن مَنامِه أتى طَهُورَهُ فأخذَ سِواكَه فاستَاكَ، ثمَّ تلا هذه الآيات: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ١٩٠] حتَّى قَارَبَ أن يَختِمَ السُّورةَ أو خَتَمها، ثمَّ تَوَضَّأ، فأتى مُصَلاَّه فصلَّى ركعتَينِ، ثمَّ رجعَ إلى فِراشِهِ فنامَ ما شاء الله، ثمَّ استَيقَظَ ففعلَ مثلَ ذلك ثمَّ رجع إلى فراشه فنام، ثمَّ استيقظ، ففعل مثل ذلك كلُّ ذلك يَستاكُ ويُصلَّي ركعتَين، ثمَّ أوتَرَ (٢).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- وجهالة أم محمد- وهي امرأة زيد بن جدعان، يقال: اسمها أمينة، ويقال: أمية-، وباقي رجاله ثقات. همام: هو ابن يحيى العوذي.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٤٨٣، وابن أبي شيبة ١/ ١٦٩، وأحمد (٢٤٩٠٠)، وإسحاق بن راهويه (١٤٠١)، والطبراني في «الأوسط» (٣٥٥٧)، و(٦٨٤٣)، والبيهقي ١/ ٣٩ من طريق همام، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث ابن عمر عند أحمد (٥٩٧٩) بسند حسن ولفظه كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك.
(٢) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير، وحصين: هو ابن عبد الرحمن.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٠٢) من طريق زائدة بن قدامة، عن حصين، بهذا الإسناد. وزاد فيه: وأوتر بثلاث.=

قال أبو داود: رواه ابنُ فُضَيل، عن حُصَين قال: فتَسَوَّك وتوضَّأ وهو يقول: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ حتى خَتَمَ السورة (١).

٣٠ - باب فرض الوضوء
٥٩ - حدَّثنا مسلم بن إبراهيم، حدَّثنا شُعبَة، عن قتادة، عن أبي المَليح
عن أبيه، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا يَقبَلُ الله صدقةً مِن غُلولٍ، ولا صلاةً بغيرِ طُهور» (٢).
٦٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حَنبَلٍ، حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن همَّام بن مُنَبِّه


=وأخرجه مختصرًا النسائي (٤٠٣) من طريق زيد بن أبي أنيسة، و(١٣٤٦) من طريق سفِيان الثوري، كلاهما، عن حبيب به. إلا أن زيدًا لم يذكر علي بن عبد الله في إسناده، وذكر سفيان في روايته الإيتار بثلاث.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥٤١).
وأخرجه بنحوه مختصرًا مسلم (٢٥٦) من طريق أبي المتوكل، عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٨).
(١) رواية ابن فضيل أخرجها مسلم (٧٦٣)، وستأتي برقم (١٣٥٣)، وفيها ذكر الإيتار بثلاث.
(٢) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو المليح: هو ابن أسامة بن عمير.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» و(٢٣١٥)، وابن ماجه (٢٧١) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٧٩) من طريق أبي عوانة، عن قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٠٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٧٠٥).
والغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة، وكل من خان في شيء خفية فقد غل، وسميت غلولًا، لأن الأيدي فيها مغلولة، أي: ممنوعة. قال أبو بكر بن العربي في «عارضة الأحوذي»: فالصدقة من مال حرام في عدم القبول، واستحقاق العقاب، كالصلاة بغير طهور في ذلك.

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يَقبَلُ اللهُ تعالى ذِكره صلاةَ أحدِكم (١) إذا أحدَثَ حتَّى يتوضَّأ» (٢).
٦١ - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سُفيان، عن ابنِ عَقيل، عن محمَّد ابن الحنفية
عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مِفتاحُ الصَّلاة الطُّهورُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التَّسليم» (٣).


(١) في (د) و(هـ): لا تقبل صلاةُ أحدكم.
(٢) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الصنعانى.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٥٣٠)، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٣٥)، ومسلم (٢٢٥)، والترمذي (٧٦).
وهو في «مسند أحمد» (٧٠٧٨).
والمراد بالقبول هنا: ما يُرادف الصحة، وهو الإجزاء. وقوله: أحدث، أي: وجد منه الحدث، والمراد به الخارج من أحد السبيلين، وتفسير أبي هريرة الحدث في رواية البخاري بأنه فساء أو ضراط إنما هو تنبيه بالأخف على الأغلظ.
(٣) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن عقيل -وهو عبد الله بن محمد-، وباقي رجاله ثقات. وصحح إسناده النووي في «المجموع» ٣/ ٢٨٩، وابن حجر في «الفتح» ٢/ ٣٢٢! وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه الترمذي (٣)، وابن ماجه (٢٧٥) من طريق سفيان، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٠٦). وسيأتي مكررًا برقم (٦١٨).
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي (٢٣٨)، وابن ماجه (٢٧٦)، وفي إسناده أبو سفيان السعدي طريف بن شهاب، وهو ضعيف.
وانظر تتمة شواهده في تعليقنا على «سنن ابن ماجه».
وقوله: وتحليلها التسليم. أي: صار المصلي بالتسليم يحل له ما حرم عليه فيها بالتكبير من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها، كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حرامًا عليه. قاله السيوطي.

٣١ - باب الرجل يُحدِثُ الوضوء من غير حدث
٦٢ - حدَّثنا محمّد بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد المُقرئ (ح) وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونُسَ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرحمن بن زياد - قال أبو داود: وأنا لحديثِ ابنِ يحيي أتقَنُ-، عن غُطَيفٍ -وقال محمَّد، عن أبي غُطيف الهُذَليِّ- قال:
كنتُ عندَ عبدِ الله بنِ عمر، فلمَّا نُودِيَ بالظُّهرِ توضَّأ فصلَّى، فلمَّا نُودِيَ بالعَصرِ توضَّأ، فقلتُ له، فقال: كانَ رسولُ الله ﷺ يقول: «مَن توضَّأَ على طُهرٍ كُتِبَ له عشرُ حسناتٍ» (١).
قال أبو داود: وهذا حديثُ مُسدَّد وهو أتمُّ.

٣٢ - باب ما يُنَجِّس الماءَ
٦٣ - حدَّثنا محمَّدُ بن العلاء وعثمانُ بن أبي شَيبةَ والحسنُ بنُ عليٍّ وغيرُهم، قالوا: حدَّثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمَّدِ بنِ جعفرِ بن الزُّبير، عن عبد الله بن عبدِ الله بن عمر
عن أبيه، قال: سُئِلَ رسولُ الله ﷺ، عن الماءِ وما يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوابِّ والسِّباع، فقال ﷺ: «إذا كانَ الماءُ قُلَّتَينِ لم يَحمِلِ الخَبَثَ» (٢).


(١) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد -وهو الإفريقي- وجهالة أبي غطيف -أو غطيف- الهذلي.
وأخرجه الترمذي (٦٠)، وابن ماجه (٥١٢) من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، بهذا الإسناد. وضعفه الترمذي.
(٢) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة الكوفي.=

هذا لفظ ابن العلاء، وقال عثمان والحسن بن عليّ: عن محمَّد ابن عبَّاد بن جعفر. قال أبو داود: وهو الصَّواب.
٦٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد (ح)
وحدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا يزيد بنُ زُرَيع، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّدِ بن جعفر -قال أبو كامل: ابن الزُّبير-، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عمر
عن أبيه: أنَّ رسولَ الله ﷺ سُئِلَ عن الماء يكونُ في الفلاةِ، فذكرَ معناه (١).


=وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٠) عن هناد بن السري والحسين بن حريث، كلاهما عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١٢٤٩).
والاختلاف في شيخ الوليد بن كثير لا يضر، لأن الوليد سمعه من محمد بن جعفر ومن محمد بن عباد بن جعفر كما ذهب إليه الدارقطني والحاكم وغيرهما. وانظر التعليق على «المسند» (٤٦٠٥).
وانظر ما بعده.
وقوله: وما ينوبه، أي: يأتيه وينزل به، والقلة: الجرة الكبيرة. وقوله: لم يحمل الخبث. قال الخطابي: أي يدفعه عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل الضيم إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه.
ومن ذهب إلى هذا في تحديد الماء الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد وأبو ثور وجماعة من أهل الحديث، منهم محمد بن إسحاق بن خزيمة.
(١) إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق وقد صرح بالتحديث عند الدارقطني (١٧)، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه الترمذي (٦٧)، وابن ماجه (٥١٧) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٠٥).

٦٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، أخبرنا عاصمُ بنُ المُنذِر، عن عُبَيد الله بن عبدِ الله بن عمر، قال:
حدَّثني أبي: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إذا كان الماءُ قُلَّتَين، فإنَّه لا يَنجُسُ» (١).
قال أبو داود: حمَّاد بن زيد وَقَفَه عن عاصم (٢)٣).

٣٣ - باب في بئر بُضاعة
٦٦ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ العلاء والحسنُ بنُ عليٍّ ومحمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، قالوا: حدَّثنا أبو أسامة، عن الوليدِ بن كثير، عن محمدِ بن كعبٍ، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن رافعِ بنِ خَديج


(١) إسناده حسن من أجل عاصم بن المنذر، وهو ابن الزُّبير بن العوام، قال أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن ماجه (٥١٨) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٥٣).
(٢) قوله: «قال أبو داود ...» زيادة أثبتناها من رواية ابن داسه.
(٣) قال الدارقطني في «سننه» بإثر الحديث (٢١): رواه حماد بن زيد عن عاصم ابن المنذر، عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه موقوفًا غير مرفوع. وكذلك رواه إسماعيل ابن علية، عن عاصم بن المنذر، عن رجل لم يُسمِّه، عن ابن عمر موقوفًا أيضًا.
وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» ١/ ١٨: سئل ابن معين عن هذه الطريق (طريق حماد بن سلمة) فقال: إسنادها جيد، فقال: فإن ابن علية لم يرفعه. قال: وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد.

عن أبي سعيد الخُدريِّ: أنَّه قيلَ لرسولِ الله ﷺ: أنتوضَّأ من بئرِ بُضاعة -وهي بئرٌ يُطرَحُ فيها الحِيَضُ ولحمُ الِكلابِ والنَّتْنُ-؟ فقال رسولُ الله ﷺ: «الماءُ طَهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ» (١).


(١) حديث صحيح بطرقه وشواهده، عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، وقيل في اسمه: ابن عبد الرحمن بن رافع، روى عنه ثلاثة من الثقات، وقال ابن القطان: لا يعرف له حال، وقال ابن منده: مجهول، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال ابن حجر: مستور. والحديث صححه أحمد وابن معين وابن حزم، وحسنه الترمذي.
وأخرجه الترمذي (٦٦)، والنسائى في «المجتبى» (٣٢٦) من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٣٢٧) من طريق خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه. وخالد وسليط مجهولان.
وأخرجه ابن ماجه (٥١٩) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد بنحوه. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف جدًا.
وهو في «مسند أحمد» (١١١١٩) و(١١٢٥٧)، وفيه تمام تخريجه والكلام عليه.
وانظر ما بعده.
ويشهد للمرفوع منه حديث ابن عباس الآتي برقم (٦٨). وانظر تتمة شواهده في «المسند».
بُضاعة: بضم الباء وتكسر، والمحفوظ في الحديث الضم وهي دار بني ساعدة بالمدينة وبئرها معروف. والحِيض بكسر الحاء وفتح الياء: الخرقة التي تستعمل في دم الحيض.
وقد علق الإمام الخطابي في «المعالم» ١/ ٣٧ على قوله: «وهي بئر تطرح فيها الحِيض ولحوم الكلاب» تعليقًا نفيسًا، ونصه بتمامه: قد يتوهم كثير من الناس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدًا وتعمدًا، وهذا لا يجوز أن يُظن بذمي بل بوثني فضلًا عن مسلم، ولم يزل من عادة الناس=

قال أبو داود: وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع.
٦٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب وعبدُ العزيز بنُ يحيى الحرَّانيَّان، قالا: حدَّثنا محمَّدُ بنُ سلمة، عن محمَّد بن إسحاق، عن سَلِيط بن أيوب، عن عُبَيد الله ابن عبد الرحمن بن رافع الأنصاريِّ ثمَّ العَدَويِّ
عن أبي سعيد الخُدْريِّ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ وهو يقال له: إنَّه يُستَقَى لكَ من بئرِ بُضاعة، وهي بئرٌ يُلقَى فيها لحومُ الكِلابِ والمَحايضُ وعِذَرُ النَّاس، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ» (١).


= قديمًا وحديثًا مسلمهم وكافرهم تنزيهُ المياه وصونُها عن النجاسات؛ فكيف يُظن بأهل ذلك الزمان وهم أعلى طبقات أهل الدين، وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمس، أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله ﷺ مَن تغوّط في موارد الماء ومَشارِعِه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا للأنجاس ومطرحًا للأقذار، وهذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر موضعها في حُدور من الأرض وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا يُغيِّره، فسألوا رسول الله ﷺ عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة، فكان من جوابه لهم أن الماء لا ينجسه شيء، يريد الكثير منه الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته وكثرة جمامه.
(١) حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سليط بن أيوب، ومحمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند أحمد (١١٨١٥) وغيره فانتفت شبهة تدليسه.
وانظر تخريجه فيما قبله.
وعَذِرُ الناس جمع عَذِرة: وهي الغائط، سُمي بذلك، لأنهم كانوا يلقونه في العذرات وهي أفنية الدور.

قال أبو داود: سمعتُ قتيبةَ بنَ سعيد قال: سألت قَيِّمَ بئرِ بُضاعةَ عن عُمقها، قال: أكثَرُ ما يكونُ فيها الماءُ إلى العانةِ، قلتُ: فإذا نقصَ؟ قال: دونَ العَورَة. قال أبو داود: وقدَّرتُ أنا بئرَ بُضاعةَ برِدائي مَدَدتُه عليها، ثمَّ ذَرَعتُه، فإذا عَرضُها ستَّة أذرُع، وسألتُ الذي فتحَ لي البستانَ فأدخَلَني إليه: هل غُيِّرَ بناؤُها عمَّا كانت عليه؟ قال: لا، ورأيتُ فيها ماءً مُتغيِّر اللَّون.
٦٨ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا أبو الأحوَص، حدَّثنا سِماكٌ، عن عكرمة
عن ابن عبَّاس، قال: اغتَسَلَ بعض أزواجِ النبيِّ ﷺ في جَفْنةٍ، فجاءَ النبيُّ ﷺ ليتوضَّأ منها -أو يَغتَسِلَ- فقالت له: يا رسولَ الله، إنِّي كنتُ جُنُبًا. فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ الماءَ لا يُجنِبُ» (١).

٣٤ - باب البول في الماء الراكد
٦٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ في حديث هشام، عن محمَّد
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا يبولَنَّ (٢) أحدُكم في الماءِ الدَّائم، ثمَّ يَغتَسِلُ منه» (٣).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطراب رواية سماك -وهو ابن حرب- عن عكرمة. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الكوفي.
وأخرجه الترمذي (٦٥)، والنسائي في «المجتبى» (٣٢٥)، وابن ماجه (٣٧٠) من طريقين عن سماك، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٤١).
ويشهد له حديث أبي سعيد السالف قبله وشواهده.
(٢) في رواية ابن داسه: لا يبول.
(٣) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، وهشام: هو ابن حسان، ومحمد: هو ابن سيرين.=

٧٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن محمَّد بن عَجلانَ، قال: سمعت أبي يُحدِّث


=وأخرجه مسلم (٢٨٢) (٩٥) من طريق هشام بن حسان، والنسائي في «الكبرى» (٥٥) من طريق عوف بن أبي جميلة، و(٥٧) من طريق يحيى بن أبي عتيق، ثلاثتهم عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٤٠٠) من طريق سفيان، عن أيوب، عن محمد ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفًا. وقال سفيان: قالوا لهشام: إن أيوب إنما ينتهي بهذا الحديث إلى أبي هريرة. فقال: إن أيوب لو استطاع أن لا يرفع حديثًا لم يرفعه.
وأخرجه البخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢) (٩٦)، والترمذي (٦٨)، والنسائي في «المجتبى» (٥٧) و(٢٢١) و(٣٩٧) و(٣٩٨) و(٣٩٩) من طرق عن أبي هريرة مرفوعًا. ولفظ الترمذي: «ثم يتوضأ فيه».
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٢٥)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٥١).
وأخرج مسلم (٢٨٣)، والنسائي في «المجتبى» (٢٢٠) و(٣٣١) و(٣٩٦)، وابن ماجه (٦٠٥) من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة رفعه: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولًا. والدائم: هو الراكد.
وانظر ما بعده.
وقوله: ثم يغتسِلُ منه. الرواية يغتسلُ مرفوع، أي: لا تبل ثم أنت تغتسِلُ منه، ويجوز جزمه: «ثم يَغْتَسِل» عطفًا على موضع يبولنَّ. أفاده النووي في «شرح مسلم» ٣/ ١٦٠.
واختار الإمام النووي أنه يحرم البول في الماء الراكد، لأنه ينجسه ويتلف مالِيَّتَهُ ويَغُرُّ غيره باستعماله، ونقل عن أصحابه من الشافعية وغيرهم: أن التغوط في الماء كالبول فيه وأقبح، وكذلك إذا بال في إناء ثُم صبه في الماء، وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول، فكله مذموم قبيح منهي عنه.
وقال العلماء: ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه، لعموم نهي النبي ﷺ عن البراز في الموارد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء، ولما يخاف من وصوله إلى الماء.

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم ولا يَغتَسِلْ فيه مِنَ الجنابةِ» (١).

٣٥ - باب الوضوء بسؤر الكلب
٧١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ في حديث هشام، عن محمَّد، عن أبي هريرة
عن النبي ﷺ قال: «طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ فيه الكلبُ أن يُغسَلَ سبعَ مرارٍ أَوَّلُهُنَّ (٢) بترابٍ» (٣).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمَّ د بن عجلان وأبيه، وباقي رجاله ثقات. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه دون قوله: «ثم يغتسل فيه» ابن ماجه (٣٤٤) من طريق محمَّد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: أولاهن.
(٣) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، وهشام: هو ابن حسان، ومحمد: هو ابن سيرين.
وأخرجه مسلم (٢٧٩) (٩١)، والترمذي (٩١)، والنسائي في «الكبرى» (٦٨) من طرق عن محمَّد بن سيرين، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٧٢)، ومسلم (٢٧٩) (٩٠)، والنسائي في «المجتبى» (٦٣)، وابن ماجه (٣٩٤) من طريق الأعرج، ومسلم (٢٧٩) (٩٢) من طريق همام، والنسائي في «الكبرى» (٦٦) من طريق ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، و(٦٧) من طريق أبي سلمة، و(٦٩) من طريق أبي رافع، أربعتهم عن أبي هريرة. ولم يذكر الأعرج وثابت وأبو سلمة التراب.
وأخرجه مسلم (٢٧٩) (٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (٦٥) وفي «المجتبى» (٣٣٥) من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبى صالح، عن أبي هريرة=

قال أبو داود: وكذلك قال أيوبُ وحبيبُ بن الشَّهيد عن محمَّد.
٧٢ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا المُعتَمِرُ، يعني ابنَ سُليمان (ح)
وحدَّثنا محمَّدُ بن عُبَيد، حدَّثنا حمَّاد بن زيد؛ جميعًا عن أيوب، عن محمَّد
عن أبي هريرة بمعناه، ولم يرفعاه، وزاد: وإذا وَلَغَ الهِرُّ غُسِلَ مرَّةً (١).
٧٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبان، حدَّثنا قتادةُ، أن محمَّد بن سيرينَ حدَّثه
عن أبي هريرة، أنَّ نبيَّ الله ﷺ قال: «إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ فاغسِلُوهُ سبعَ مِرَارٍ، السَّابعة بالتُّراب» (٢).


= رفعه: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليُرِقه ثم ليغسله سبع مرات»، وقال النسائي في «المجتبى» ١/ ٥٣: لا أعلم أحدًا تابع علي بن مسهر على قوله: «فليُرِقه».
وأخرجه مسلم (٢٧٩) (٨٩) من طريق إسماعيل بن زكريا، وابن ماجه (٣٦٣) من طريق أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، به. ولم يذكرا قوله: «فليُرِقه».
وهو في «مسند أحمد» (٧٣٤٦) و(٩٥١١)، و«صحيِح ابن حبان» (١٢٩٧).
والولوغ، قال في «اللسان»: ولغ الكلب في الإناء يَلغ ولوغًا: شرب فيه بأطراف لسانه، وأكثر ما يكون الولوغ في السباع.
(١) إسناده صحيح، وهو موقوف. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه الترمذي (٩١) عن سوار بن عبد الله العنبري، عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد مرفوعًا.
وهو في «شرح مشكل الآثار» (٢٦٥٠).
والصحيح أن حديث أبي هريرة في ولوغ الكلب مرفوع، وفي ولوغ الهرة موقوف. وقد ميَّزه علي بن نصر الجهضمي، عن قرة بن خالد، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ووافقه عليه جماعة من الثقات. قاله البيهقي في «معرفة السنن والآثار» ٢/ ٧٠.
(٢) إسناده صحيح، وقد اختلف على قتادة في غسل الإناء بالتراب، فقال بعض=

قال أبو داود: وأمَّا أبو صالح وأبو رَزينٍ والأعرجُ وثابتٌ الأحنَفُ وهمَّامُ بنُ مُنَبِّه وأبو السُّدِّيِّ عبد الرحمن، رَوَوهُ عن أبي هريرة ولم يذكروا التُّراب.
٧٤ - حدَّثنا أحمدُ بن محمَّد بن حَنبَل، حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، عن شُعبة، حدَّثنا أبو التَّيَّاح، عن مُطرَّف
عن ابن مُغفَّل: أنَّ رسولَ الله ﷺ أمَرَ بقَتلِ الكِلاب، ثم قال: «ما لهم ولها؟» فرخَّصَ في كلبِ الصَّيدِ وفي كلبِ الغَنَم، وقال: «إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناء فاغسِلُوهُ سبعَ مِرارٍ والثَّامنة عَفِّروهُ بالتُّراب» (١) (٢).


= الرواة: «إحداهن»، وقال بعضهم: «أولاهن»، وقال بعضهم: «السابعة»، والراجح عنه رواية: «أولاهن» كما سيأتي. أبان: هو ابن يزيد العطار.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٨) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وقال: «أولاهن بالتراب».
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ١/ ٢٧٦: رواية «أولاهن» أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضًا، لأن تتريب الأخيرة يقتضي الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه.
(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير، وابن مغفل: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم (٢٨٠) و(١٥٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٧٠) وفي «المجتبى». (٣٣٧)، وابن ماجه (٣٦٥) و(٣٢٠٠) و(٣٢٠١) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. ورواية مسلم في الموضع الثاني وابن ماجه في الموضعين الثاني والثالث مختصرة بالأمر بقتل الكلاب، ثم الترخيص بكلب الصيد وكلب الغنم، ورواية ابن ماجه في الموضع الأول مختصرة بغسل الإناء من ولوغ الكلب.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٩٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٩٨).
وانظر حديث ابن عمر في «المسند» (٤٤٧٩) والتعليق عليه.
(٢) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: هكذا قال ابنُ مُغَفَّل.

٣٦ - باب سؤر الهرة
٧٥ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة القَعْنَبيُّ، عن مالك، عن إسحاقَ بن عبدِ الله ابن أبي طلحة، عن حُميدة بنتِ عُبَيد بن رفاعة، عن كبشةَ بنتِ كعب بن مالك، وكانت تحتَ ابن أبي قتادة
أنَّ أبا قتادة دخلَ فسَكَبَت له وَضوءًا، فجاءت هِرَّة فشَرِبَت منه، فأصغى لها الإناءَ حتى شَرِبَت، قالت كَبشَةُ: فرآني أنظُرُ إليه، فقال: أتعجَبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إنَّها ليست بنَجَسٍ، إنَّها مِنَ الطَّوَّافينَ عليكم والطَّوَّافات» (١).


(١) حديث صحيح، حميدة بنت عبيد روى عنها زوجها إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وولدها يحيى بن إسحاق، وذكرها ابن حبان في «الثقات»، وكبشة بنت كعب روت عنها بنت أختها حميدة، وذكرها ابن حبان فى «الثقات» وقال: لها صحبة، وتابعه على ذلك جماعة كما في «الإصابة» لابن حجر، وباقي رجال الإسناد ثقات. وللحديث طرق أخرى يصح بها، انظر تخريجها في «مسند أحمد» (٢٢٥٢٨).
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٢٢ - ٢٣، ومن طريق مالك أخرجه الترمذي (٩٢)، والنسائى «فى الكبرى» (٦٣)، وابن ماجه (٣٦٧)، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال الحاكم ١/ ١٦٠: حديث صحيح، وهو مما صححه مالك، واحتج به في «الموطأ» وصححه البخاري والعقيلي والدارقطني والبيهقي والنووي.
وهو فى «مسند أحمد» (٢٢٥٨٠)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٩٩).
وقوله: «فأصغى» أي: أماله ليسهل عليها التناول. وقوله: «إنها ليست بنجس» هو بفتح الجيم كلما ضبطه النووي وابن دقيق العيد، وابن سيد الناس وغيرهم، والنجس: النجاسة وهو وصف بالمصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث.
ونقل صاحب «المصباح» عن ابن الأنباري أن الهر يقع على الذكر والأنثى، وقد يدخلون الهاء فى المؤنث.
قال الإمام الخطابي فى «معالم السنن»: فيه من الفقه أن ذات الهرة طاهرة، وأن سؤرها غير نجس ... =

٧٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا عبدُ العزيز، عن داودَ بن صالح بن دينار التَّمَّار، عن أُمِّه
أنَّ مولاتَها أرسَلَتها بهَريسةٍ إلى عائشة رضي الله عنها، فوَجَدَتها تُصلِّي، فأشارت إليَّ أنْ ضَعيها، فجاءت هرَّةٌ فأكَلَت منها، فلمَّا انصَرَفَت أكَلَت من حيثُ أكَلَتِ الهرَّة، فقالت: إنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إنَّها ليست بنَجَسٍ، إنَّما هي مِنِ الطَّوَّافينَ عليكم» وقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يتوضَّأ بفَضلِها (١).


=وفيه دليل على أن سؤر كل طاهر الذات من السباع والدواب والطير، وإن لم يكن مأكول اللحم طاهر، قال الترمذي (٩٢): وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي ﷺ والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعي وأحمد وإسحاق لم يرو بسؤر الهرة بأسًا، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: بل نجس كالسبع لكن خفف فيه فكره سؤره.
قال صاحب «بذل المجهود» تعليقًا على قول أبي حنيفة ١/ ٢٠١: ليس معناه أنه نجس مع الكراهة بل معناه أنه كان في الأصل نجسًا كما هو حكم سؤر الكلب وسائر السباع إلا أنه خفف فيه لعلة الطواف، فارتفعت النجاسة وبقيت الكراهة.
(١) المرفوع منه صحيح لغيره، والتوضؤ بفضل الهرة حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف، أم داود بن صالح التمار ترجمها الذهبي في «الميزان» ولم يذكر في الرواة عنها غير ابنها داود، ولم يترجمها المزي فى «تهذيب الكمال» مع أنها من شرطه، وداود بن صالح صدوق. عبد العزيز: هو ابن محمَّد الدراوردي.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (١٠٠٣) و(١٠٣٠)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢٦٥٣) و(٢٦٥٤)، والطبراني في «الأوسط» (٧٩٤٩)، والدارقطني (٢١٦)، وأبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٣٠٨، والبيهقي ١/ ٢٤٦ من طريق عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد. وبعضهم لا يذكر قصة عائشة ويقتصر على التوضؤ بفضل الهرة.=

٣٧ - باب الوضوء بفضل وضوء (١) المرأة
٧٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سُفيان، حدثني منصور، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة قالت: كنت أغتَسِل أنا ورسولُ الله ﷺ من إناءٍ واحدٍ، ونحن جُنُبان (٢).


=وأخرج التوضؤ بفضل الهرة عبد الرزاق (٣٥٦)، وابن ماجه (٣٦٨)، والطحاوي في «معاني الآثار» ١/ ١٩، وفي «مشكل الآثار» (٢٦٥١) و(٢٦٥٢)، والدارقطني (٢١٤) و(٢١٥) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة. وحارثة ضعيف جدًا.
وأخرجه كذلك الطحاوي ١/ ١٩ من طريق صالح بن حسان (وتحرف في المطبوع إلى: حيان)، وابن شاهين في «الناسخ والمنسوخ» ص ١٤١، والبزار (٢٧٥ - زوائد)، والدارقطني (١٩٨)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ٢/ ١٩٢و١٩٣ من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، والبزار (٢٧٦ - زوائد)، والدارقطني (٢١٨) من طريق عمران بن أبي أنس وسعيد بن أبي هند، أربعتهم عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة. وصالح بن حسان ضعيف جدًا، وعبد الله بن سعيد المقبري متروك، وفي الإسناد إلى عمران وسعيد الواقديُّ وهو متروك في الحديث.
وأخرجه ابن خزيمة (١٠٢)، والعقيلي في «الضعفاء» ٢/ ١٤١، والدارقطني (٢١٧)، والحاكم ١/ ٦٠، والبيهقي ١/ ٢٤٦ من طريق سليمان بن مسافع الحجبي، عن منصور ابن صفية بنت شيبة، عن أمه، عن عائشة. وسليمان قال عنه الذهبي في «الميزان»: لا يعرف وأتى بخبر منكر.
ويشهد لقوله: «إنها ليست بنجس ...» حديث أبي قتادة السالف قبله.
(١) كلمة «وضوء» أثبتناها من رواية ابن داسه، ولم ترد في سائر أصولنا الخطية.
(٢) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم والأسود: هما النخعيان.
وأخرجه البخاري (٢٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٩) من طريق سفيان، بهذا الإسناد.=

٧٨ - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النفيليُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن أُسامةَ بن زيد، عن ابن خرَّبُوذَ
عن أمِّ صُبَيَّة الجُهَنيَّة، قالت: اختَلَفَت يدي ويدُ رسولِ الله ﷺ في الوُضوءِ من إناءٍ واحدٍ (١).


=وأخرجه البخاري (٢٦١)، ومسلم (٣١٩) (٤١) و(٣٢١) (٤٣) و(٤٥) و(٤٦)، والترمذي (١٨٥١)، والنسائي في «الكبرى» (٧٣) و(٢٢٩) و(٢٣٦) من طرق عن عائشة. وبعضهم لم يذكر الجنابة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠١٤) و(٢٥٥٨٣)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠٨).
وانظر ما سيأتى برقم (٩٨) و(٢٣٨).
قول عائشة: ونحن جنبان. قال النووي في «شرح مسلم»: هذا جار على إحدى اللغتين في الجنب أنه يثنى ويجمع، فيقال: جنب وجنبان وجنبون وأجناب، واللغة الأخرى: رجل جنب، ورجلان جنب ورجال جنب ونساء جنب بلفظ واحد، قال الله تعالى: ﴿وَإن كُنتُمْ جُنُبًا﴾ [المائدة: ٦] وهذه اللغة أفصح وأشهر.
وفيه دليل على طهارة فضل المرأة.
قال الحافظ في «الفتح»: واستدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان (٥٥٥٧) من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال: سألتُ عطاء فقال: سألت عنها عائشة رضي الله عنها فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل أسامة بن زيد، وهو الليثي. وكيع: هو ابن الجراح، وابن خرَّبرذ سالم بن سرج.
وأخرجه ابن ماجه (٣٨٢) من طريق أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٦٨).
وأخرجه أحمد (٢٧٠٦٧) من طريق خارجة بن الحارث المزني، عن سالم بن سرج، عن أم صُبيَّة، وهذا إسناد صحيح.

٧٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمَّاد، عن أيوبَ، عن نافع (ح)
وحدثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن نافع
عن ابن عمر، قال: كان الرِّجالُ والنِّساءُ يتوضَّؤونَ في زمانِ رسولِ الله ﷺ قال مُسدَّدٌ: من الإناءِ الواحد- جميعًا (١).
٨٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبَيد الله، حدَّثني نافعٌ
عن عبد الله بن عمر، قال: كُنَّا نتوضَّاُ نحنُ والنِّساء (٢) على عَهدِ رسولِ الله ﷺ من إناءٍ واحدٍ نُدْلي فيه أيديَنا٣).

٣٨ - باب النهي عن ذلك
٨١ - حدَّثنا أحمدُ بن يونُسَ، حدَّثنا زهيرٌ، عن داودَ بن عبد الله (ح)
وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن داودَ بن عبد الله، عن حُميدٍ الحِميَريِّ، قال:


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٢٤، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٩٣)، والنسائي في «الكبرى»، (٧٢)، وابن ماجه (٣٨١).
وهو في «مسند أحمد» (٤٤٨١). وانظر ما بعده.
قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٣٠٠: ونقل الطحاوي ثم القرطبي والنووي الاتفاق على جواز اغتسال الرجل والمرأة من الإناء الواحد، وفيه نظر لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة أنه كان ينهى عنه، وكذا حكاه ابن عبد البر عن قوم، وهذا الحديث حجة عليهم.
(٢) زاد ابن الأعرابي وابن داسه في روايتيهما: ونغتسل.
(٣) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري.
وانظر ما قبله.
وقوله: نحن والنساء. قال الرافعي: يريد كل رجل مع امرأته، وأنهما كانا يأخذان من إناء واحد.

لقيتُ رجلًا صَحِبَ النبيَّ ﷺ أربَعَ سنينَ كما صَحِبَه أبو هريرة، قال: نهى رسولُ الله ﷺ أن تَغتَسِلَ المرأةُ بفَضلِ الرجلِ، أو يَغتَسِلَ الرجلُ بفَضلِ المرأةِ. زاد مُسدَّدٌ: وليَغتَرِفا جميعًا (١).
٨٢ - حدَّثنا ابنُ بشَّار، حدَّثنا أبو داود -يعني الطَّيالسيَّ-، حدَّثنا شُعبَةُ، عن عاصم، عن أبي حاجبٍ
عن الحَكَم بن عمرو -وهو الأقرَعُ-: أنَّ النبيَّ ﷺ نهى أن يتوضَّأ الرجلُ بفَضلِ طَهورِ المرأة (٢).


(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وأبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وحميد الحميري: هو ابن عبد الرحمن. وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في «بلوغ المرام» ص ١٣.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٣٥) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وهو معارض بأحاديث الباب السالف قبله، وقد جمع بينهما بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، أو يحمل النهي على التنزيه جمعًا بين الأدلة. انظر «الفتح» ١/ ٣٠٠ وقال الخطابي: وإسناد حديث عائشة رضي الله عنها أجود من إسناد خبر النهي.
(٢) رجاله ثقات، وقد أُعلَّ بالوقف كما بسطناه في التعليق على «مسند أحمد» (١٧٨٦٣). ابن بشار: هو محمَّد، وشعبة: هو ابن الحجاج، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وأبو حاجب: هو سوادة بن عاصم.
وهو في «مسند الطيالسي» (١٢٥٢)، لكن لم يصرح فيه باسم الصحابي، وقال: عن رجل من أصحاب النبي ﷺ. ومن طريق الطيالسي أخرجه الترمذي (٦٤)، والنسائي في «المجتبى» (٣٤٣)، وابن ماجه (٣٧٣) وصرحوا باسم الصحابي.
وأخرجه الترمذي (٦٣) من طريق سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل من بني غفار.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٨٦٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٦٠).

٣٩ - باب الوضوء بماء البحر
٨٣ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن صَفوانَ بن سُليم، عن سعيد ابن سلمة من آل ابن الأزرق، أنَّ المغيرةَ بنَ أبي بُردة -وهو من بني عبد الدَّار- أخبره
أنَّه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجلٌ رسولَ الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماء، فإن تَوَضَّأنا به عَطِشنا، أفنتوضَّأُ بماءِ البحر؟ فقال رسولُ الله ﷺ: «هو الطَّهورُ ماؤُهُ، الحلُّ مَيتَتُه» (١).

٤٠ - باب الوضوء بالنَّبيذ
٨٤ - حدَّثنا هنَّاد وسُليمانُ بنُ داود العَتكيُّ، قالا: حدَّثنا شَريك، عن أبي فزَارة، عن أبي زيد


(١) حديث صحيح. سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق روى عنه اثنان، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في «الثقات» وقد صحح حديثه هذا البخاري كما في «العلل الكبير» للترمذي ١/ ١٣٦، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والخطابي والطحاوي وابن منده والحاكم وغيرهم، وهو في «موطأ مالك» ١/ ٢٢، ومن طريقه أخرجه الترمذي (٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨) و(٤٨٤٣)، وابن ماجه (٣٨٦) و(٣٢٤٦).
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٣٣) وانظر بسط الكلام عليه فيه.
قال أبو عمر في «التمهيد» ١٦/ ٢٢١: وقد أجمع جمهور العلماء وجماعة أئمة الفتيا بالأمصار من الفقهاء أن البحر طهور ماؤه، وأن الوضوء جائز به إلا ما روي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه روي عنهما أنهما كرها الوضوء من ماء البحر، ولم يتابعهما أحد من فقهاء الأمصار على ذلك، ولا عرج عليه ولا التفت إليه لحديث هذا الباب عن النبي ﷺ.

عن عبد الله بن مسعود، أنَّ النبيَّ ﷺ قال له ليلةَ الجنِّ: «ما في إداوَتِكَ؟» قال: نبيذٌ، قال: «تمرةٌ طيِّبةٌ وماءٌ طَهورٌ» (١).
قال أبو داود: وقال سليمان بن داود: عن أبي زيد أو زيد، كذا قال شريك. ولم يذكر هنَّاد ليلة الجنِّ.
٨٥ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن داودَ، عن عامرٍ، عن عَلقمة، قال:
قلتُ لعبد الله بن مسعود: مَن كان منكم مَعَ رسولِ الله ﷺ ليلةَ الجنِّ؟ فقال: ما كانَ معه منَّا أحدٌ (٢).


(١) إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد، وهو مولى عمرو بن حريث. شريك: هو ابن عبد الله النخعي، وأبو فزارة: هو راشد بن كيسان العبسي.
وأخرجه الترمذي (٨٤)، وابن ماجه (٣٨٤) من طريقين عن أبي فزارة، بهذا الإسناد. وضعفه الترمذي بجهالة أبي زيد، وقال الحافظ ابن حجر: وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه.
وهو في «مسند أحمد» (٣٨١٠).
الإداوة: قال في «النهاية»: بالكسر إناء صغير من جلد.
(٢) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد، وداود: هو ابن أبي هند، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.
وأخرجه ضمن حديث مطول مسلم (٤٥٠) (١٥٠)، والترمذي (٣٥٤٠) من طريق داود بن أبي هند، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤١٤٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٣٢٠).
وأخرجه مسلم (٤٥٠) (١٥٢) من طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله ﷺ، وددت أني كنت معه.
وهذا الحديث أورده هنا ليشير إلى أن الحديث السالف الذي فيه أن ابن مسعود كان مع النبي ﷺ ليلة الجن معارض بهذا الحديث الصحيح مع كونه ضعيفًا من جهة سنده، فلا يحتج به.

٨٦ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ بشَّار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا بشرُ بنُ منصور، عن ابن جُرَيج
عن عطاء: أنَّه كَرِهَ الوضوءَ باللَّبَنِ والنَّبيذِ، وقال: إنَّ التَيمُّمَ أعجَبُ إليَّ منه (١).
٨٧ - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا عبد الرحمن، حدَّثنا أبو خَلدةَ قال:
سألت أبا العاليةِ عن رجلٍ أصابَتهُ جنابةٌ وليس عنده ماءٌ وعنده نبيذٌ: أيَغتَسِلُ به؟ قال: لا (٢).

٤١ - باب أيصلي الرجل وهو حاقن (٣)؟
٨٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا هشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيه


(١) أثر إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز.
وأخرجه البيهقي ١/ ٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (٦٩٥) عن ابن جريج، عن عطاء أنه كان يكره أن يتوضأ باللبن.
وعلقه البخاري في «صحيحه» قبل الحديث (٢٤٢) بصيغة الجزم عن عطاء.
(٢) أثر إسناده صحيح. أبو خلدة: هو خالد بن دينار التميمي. وأبو العالية: هو رفيع ابن مهران الرياحي: الثقة المخضرم التابعي.
وأخرجه البيهقي ١/ ٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٢٦، والدارقطني (٢٥٣) من طريق مروان بن معاوية، عن أبي خلدة، به. زاد أبو خلدة عند الدارقطني: فذكرتُ له ليلة الجن، فقال: أنبِذَتُكم هذه الخبيثة، إنما كان ذلك زبيبًا وماء. وأخرج هذه الزيادة وحدها البيهقي ١/ ١٢ - ١٣ من طريق النضر، عن أبي خلدة، به، بلفظ: نرى نبيذكم هذا الخبيث، إنما كان ماء تلقى فيه تمرات، فيصير حلوًا.
(٣) الحاقن: هو الذي يحبس بوله.

عن عبد الله بن الأرقم: أنَّه خرج حاجًّا، أو معتَمِرًا، ومعه الناسُ وهو يؤمُّهم، فلمَّا كانَ ذاتَ يومٍ أقامَ الصَّلاةَ صلاةَ الصُّبح، ثم قال: ليَتَقدَّم أحدُكم، وذهبَ الخلاءَ (١)، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إذا أرادَ أحدُكم أن يذهبَ الخلاءَ وقامَتِ الصلاةُ، فليَبدَأ بالخَلاء» (٢).
قال أبو داود: روى وُهَيبُ بن خالد وشُعيبُ بنُ إسحاق وأبو ضَمْرَةَ هذا الحديث عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن رجل حدَّثه، عن عبدِ الله بن أرقم (٣). والأكثرُ الذين رَوَوهُ عن هشامٍ قالوا كما قال زُهير.
٨٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حَنبَل ومُسَدَّدٌ ومحمَّدُ بنُ عيسى، المعنى، قالوا: حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، عن أبي حَزْرَةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد، قال ابنُ عيسى في حديثه: ابن أبي بكر، ثمَّ اتَّفقوا- أخو القاسم بن محمَّد، قال:


(١) قوله: ذهب الخلاء، أي: ذهب إلى الخلاء، ونصب «الخلاء» على نزع الخافض.
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه الترمذي (١٤٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٧)، وابن ماجه (٦١٦) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٢٠٧١).
وقد صرح عُروة بسماع الحديثِ من ابن أرقم في بعض الروايات كما بيناه في التعليق على«المسند».
(٣) رواية وهيب بن خالد أخرجها البخاري في «التاريخ الكبير»، ٥/ ٣٢، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٩٩٧). ورواية أبي ضمرة -واسمه أنس بن عياض- أخرجها البخاري في «التاريخ» ٥/ ٣٣.

كُنَّا عندَ عائشة فجيءَ بطعامِها، فقامَ القاسِمُ يُصلِّي، فقالت: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «لا يُصلَّى بحَضْرِةِ الطَّعام ولا وهو يُدافِعُهُ الأخبَثان» (١).
٩٠ - حدَّثنا محمّد بنُ عيسى، حدَّثنا ابنُ عيَّاش، عن حبيبِ بن صالح، عن يزيدَ بن شُرَيح الحَضرَميِّ، عن أبي حَيٍّ المؤذِّن
عن ثوبان، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «ثلاثٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَفعَلَهُنَّ: لا يَؤُمُّ رجلٌ قومًا فيَخُصَّ نفسَه بالدُّعاء دونَهم، فإن فَعَلَ فقد خانَهم، ولا ينظُرُ في قَعْرِ بَيتٍ قبلَ أن يَستَأذِنَ، فإن فَعَلَ فقد


(١) حديث صحيح، رجاله ثقات، وقد اختلف في تعيين عبد الله بن محمَّد كما هو مبين في التعليق على»المسند«(٢٤١٦٦).
وأخرجه مسلم (٥٦٠) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد، عن ابن أبي عتيق، قال: تحدثت أنا والقاسم عند عائشة ... فذكره.
وأخرجه أيضًا من طريق إسماعيل بن جعفر، عن أبي حزرة، عن عبد الله بن أبي عتيق، عن عائشة. ولم يذكر القصة.
قال العلماء: وهذا الحديث يدل على كراهة الصلاة بحضرة طعام يتوق إليه، وبمدافعة الأخبثين: البول والغائط، لما في ذلك من اشتغال القلب به، وذهاب الخشوع، فيؤخر ليأكل ويفرغ نفسه. وإذا صلى مع الكراهة، صحت صلاته عند الجمهور، لكن يندب إعادتها، وقال أهل الظاهر بوجوبها لظاهر الحديث.
قال إبراهيم الحلبي فى»شرح المنية«: ويكره أن يدخل فى الصلاة، وقد أخذه غائط أو بول لقوله ﷺ:»لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان" والمراد نفي الكمال كما في نظائره، وهو يقتضي الكراهة، وإن كان الاهتمام بالبول والغائط يشغله، أي: يشغل قلبه عن الصلاة، ويذهب خشوعها يقطعها، وإن مضى عليها، أجزأه، أي: كفاه فعلها على تلك الحالة وقد أساء، وكان آثمًا لأدائه إياها مع الكراهة التحريمية.

دَخَلَ، ولا يُصلِّي وهو حَقِنٌ حتَّى يَتَخَفَّفَ» (١).
٩١ - حدَّثنا محمودُ بن خالد السُّلميُّ، حدَّثنا أحمدُ بن عليِّ، حدَّثنا ثَورٌ، عن يزيدَ بن شُرَيح الحَضرَميِّ، عن أبي حَيِّ المؤذِّن
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا يَحِلُّ لرجلٍ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن يُصلِّيَ وهو حَقِنٌ حتَّى يَتَخَفَّفَ» ثمَّ ساقَ نحوَه على هذا اللَّفظ، قال: «ولا يَحِلُّ لرجلِ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن يَؤُمَ قومًا إلا


(١) صحيح لغيره دون قوله:»لا يؤم رجل قومًا فيخص نفسه بالدعاء دونهم«، وهذا إسناد ضعيف، يزيد بن شريح لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الدارقطني: يُعتبر به، يعني في المتابعات والشواهد، وقد انفرد بالقطعة المذكورة، وقد اختلف عليه فيه:
فأخرجه الترمذي (٣٥٧)، وابن ماجه (٦١٩) و(٦٢٣) من طريقين عن حبيب بن صالح، بهذا الإسناد. وهو في»مسند أحمد«(٢٢٤١٥). ورواية ابن ماجه الأولى مختصرة بصلاة الحاقن، والثانية بدعاء الإمام لنفسه فقط.
وأخرجه ابن ماجه (٦١٧) من طريق السَّفْر بن نُسَير، عن يزيد بن شريح، عن أبي أمامة. وهو في»مسند أحمد«(٢٢١٥٢). والسفر بن نسير ضعيف.
وسيأتي بعده من طريق ثور بن يزيد، عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن، عن أبي هريرة.
ولقوله:»لا ينظر في قعر بيت حتى يستأذن«شاهد من حديث أبي هريرة عند البخارى (٦٨٨٨)، ومسلم (٢١٥٨)، ولفظه:»لو اطلع في بيتك أحدٌ ولم تأذن له خَذَفتَه بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جُناح«، وهو في»مسند أحمد«(٧٣١٣)، وانظر تتمة شواهده فيه.
ولقوله:»لا يصلي وهو حَقِنٌ حتى يتخفف" شاهد من حديث عبد الله بن أرقم، وآخر من حديث عائشة، وهما السالفان قبله.

بإذنهم، ولا يَختَصَّ نفسَه بدَعوةٍ دونهم، فإن فَعَلَ فقد خانَهُم» (١).
قال أبو داود: هذا من سنن أهل الشَّام لم يَشرَكهم فيها أحدٌ (٢).

٤٢ - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء
٩٢ - حدَّثنا محمَّد بنُ كثير، حدَّثنا همَّام، عن قتادة، عن صفيَّة بنت شَيبةَ عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ يَغتَسِلُ بالصَّاعِ، ويتوضأُ بالمُدِّ (٣).
قال أبو داود: رواه أبانٌ، عن قتادة قال: سمعتُ صفيَّة.
٩٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمّد بن حَنبَل، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا يزيدُ بنُ أبي زياد، عن سالم بنِ أبي الجَعد
عن جابر، قال: كان النبيُّ ﷺ يَغتَسِلُ بالصَّاعِ ويتوضَّاُ بالمُدَّ (٤).


(١) صحيح لغيره دون القطعة الأخيرة منه، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. ثور: هو ابن يزيد الحمصي، وأبو حي المؤذن: هو شداد بن حي.
وأخرجه البيهقي ٣/ ١٢٩ من طريق ثور بن يزيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) قوله: «قال أبو داود ...» زيادة أثبتناها من روايتي ابن داسه والرملي.
(٣) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيي العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه النسائى في «المجتبى» (٣٤٦) من طريق سعيد بن أي عروبة، وابن ماجه (٢٦٨) من طريق همام، كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد. ورواية سعيد: «بنحو الصاع».
وأخرجه النسائي (٣٤٧) من طريق الحسن البصري، عن أمه، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٩٨).
(٤) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو الهاشمي مولاهم الكوفي. ومع هذا صحح إسناده الحافظ في «الفتح» ١/ ٣٠٥.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٥٠).
وأخرجه ابن ماجه (٢٦٩) من طريق أبي الزُّبير، عن جابر.

٩٤ - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا محمَّد بن جعفر، حدَّثنا شُعبَة، عن حبيبٍ الأنصاريِّ، قال: سمعت عبَّادَ بن تميم
عن جدتي -وهي أمُّ عُمارة- أنَّ النبيَّ ﷺ توضَّأ فأُتِيَ بإناءٍ فيه ماءٌ قَدْرَ ثُلُثَي المُدِّ (١).
٩٥ - حدَّثنا محمّد بنُ الصَّبَّاح البزَّارُ، حدَّثنا شَريكٌ، عن عبدِ الله بنِ عيسى، عن عبد الله بن جَبرٍ
عن أنس، قال: كانَ النبيُّ ﷺ يتوضأ بإناءٍ يَسَعُ رَطلَينِ، ويَغتَسِلُ بالصَّاع (٢).


=وأخرج البخاري (٢٥٢)، والنسائى في «الكبرى» (٢٢٨) من طريق أبي جعفر الباقر: أنه كان عند جابر هو وأبوه وعنده قوم، فسألوه عن الغُسل، فقال: يكفيك صاع. فقال رجل: ما يكفيني. فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرًا وخيرٌ منك، ثم أمَّنا في ثوب.
الصاع يساوي (٣٨٠٠) غرامًا عند أبي حنيفة وفقهاء العراق، و(٢١٧٥) غرامًا عند الجمهور.
والمد يساوي ربع الصاع وزنته (٩٥٠) غرامًا و(٥٤٣.٧٥) غرامًا عند الجمهور.
(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وحبيب الأنصاري: هو ابن زيد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٦) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ، وقد خولف في سياق المتن كما سيأتي. عبد الله بن جبر: هو عبد الله بن عبد الله بن جبر، نُسب إلى جده.
وأخرجه الترمذي (٦١٥) من طريق وكيع، عن شريك، بهذا الإسناد. بلفظ: «يجزيّ في الوضوء رطلان من ماء». وهو في «مسند أحمد» (١٢٨٣٩) بلفظ الترمذي، و(١٢٨٤٣) بلفظ المصنف.
وأخرج مسلم (٣٢٥) (٥٠)، والنسائي (٧٤) و(٧٥) من طريق شعبة، حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر، به، بلفظ: كان رسول الله ﷺ يغتسل بخمس مكاكيك، ويتوضأ بمكُوك. وهو في «مسند أحمد» (١٢١٠٥)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٠٣) و(١٢٠٤).=

قال أبو داود: رواه شُعبَة قال: حدَّثني عبدُ الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعتُ أنسًا، إلا أنه قال: «يتوضأُ بمكُّوك»، ولم يذكر: «رَطلَين» (١).
قال أبو داود: ورواه يحيى بن آدم، عن شَريكٍ، قال: عن ابنِ جَبرِ بن عَتِيكٍ. قال: ورواه سُفيان، عن عبد الله بن عيسى، قال: حدَّثني جَبرُ بنُ عبد الله (٢).
قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ بن حَنبَل يقول: الصَّاعُ خمسةُ أرطالٍ، وهو صاعُ ابنِ أبي ذئبٍ، وهو صاعُ النبيّ ﷺ (٣).


=وأخرج البخاري (٢٠١)، ومسلم (٣٢٥) (٥١) من طريق مسعر بن كدام، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر، به، بلفظ: كان النبي ﷺ يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد.
والمكوك: اسم لمكيال يختلف قدره حسب اصطلاح أهل بلده، والمقصود به هنا المد، قاله ابن خزيمة وأبو خثيمة زهير بن حرب، ورجَّحه البغوي في «شرح السنة» ٢/ ٥٢، والنووي في «شرح مسلم» ٢/ ٧، وابن الأثير في «النهايه» ٤/ ٣٥٠، وبذلك توافق روايةُ شعبة رواية مسعر، فالصاع المذكور في رواية مسعر أربعة أمداد، أي: كان يغتسل بأربعة أمداد وربما زاد عليه إلى خمسة أمداد.
وأما الرطل في رواية شريك فيساوي مدًا وربع المد تقريبًا، لأن الصاع الذي هو أربعة أمداد: خمسةُ أرطال وثلث. وانظر «فتح الباري» ١/ ٣٦٤.
(١) سلف تخريج رواية شعبة عند حديث شريك.
(٢) رواية سفيان الثوري أخرجها أحمد في «مسنده» (١٣٧٨٨)، وقوله: «جبر بن عبد الله» خطأ قديم نبَّه عليه الحافظ في «أطراف المسند» ١/ ٣٤٣، وقال في «التهذيب»: هو من مقلوب الأسماء.
(٣) قوله: «قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل ...» زيادة من روايتي ابن داسه وابن الأعرابي.=

٤٣ - باب الإسراف في الماء (١)
٩٦ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، حدَّثنا سعيدٌ الجُرَيريُّ، عن أبي نَعامة أنَّ عبدَ الله بنَ مُغفَّل سمع ابنَه يقول: اللهم إنِّي أسألُكَ القَصرَ الأبيَضَ عن يمينِ الجنَّة إذا دخلتُها، فقال: أيْ بُنَيَّ، سَلِ اللهَ الجنَّةَ، وتعوَّذ به مِنَ النَّار، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ ويقول: «إنَّه سيكونُ في هذه الأمَّةِ قومٌ يَعتَدونَ في الطُّهور والدُّعاء» (٢).

٤٤ - باب في إسباغ الوضوء
٩٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن سُفيان، حدثني منصور، عن هِلال ابن يِسافٍ، عن أبي يحيي


(١) في (د) و(هـ)، ونسخة في هامش (أ) و(ج): الإسراف في الوضوء.
(٢) حديث حسن، فقد حسّن إسناده ابن كثير في «تفسيره» ٣/ ٤٢٥، وقال الحافظ في «الأمالي المطلقة» ص ١٧: حديث حسن، وهذا إسناد اختلف فيه على حماد بن سلمة:
فرواه هنا وعند أحمد (١٦٨٠١)، وابن ماجه (٣٨٦٤)، وابن حبان (٦٧٦٤) عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبى نعامة، عن ابن مغفل. وأبو نعامة -واسمه قيس بن عباية الحنفي- لم يسمع من ابن مغفل.
ورواه أيضًا عند ابن حبان (٦٧٦٣) عن الجريزي، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن ابن مغفل. وقال ابن حبان: الطريقان جميعًا محفوظان.
ورواه أيضًا عند أحمد (١٦٧٩٦) عن يزيد الرقاشي، عن أبي نعامة، عن ابن مغفل. ويزيد الرقاشي ضعيف.
ورواه زياد بن مخراق كما سيأتي عند المصنف برقم (١٤٨٠) عن أبي نعامة -وهو قيس بن عباية-، عن مولى لسعد بن أبي وقاص، عن سعد. وزياد ثقة، لكن قال أحمد: لم يقم زياد إسناد هذا الحديث. وفيه مولى سعد وهو مبهم.

عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسولَ الله ﷺ رأى قومًا، وأعقابُهم تلوحُ، فقال: «وَيلٌ للأعقابِ مِنَ النَّارِ، أَسبِغُوا الوضوءَ» (١).

٤٥ - باب الوضوء في آنية الصُّفر
٩٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، أخبرني صاحبٌ لي، عن هشام بن عُروة
أنَّ عائشة قالت: كنتُ أغتَسِلُ أنا ورسولُ الله ﷺ في تَورٍ من شَبَهٍ (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، أبو يحيى -وهو مِصدَع الأعرج- روى عنه جمع، وأخرج له مسلم في المتابعات، ووثقه العجلي. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه مسلم (٢٤١) (٢٦)، والنسائى في «الكبرى» (١٣٦)، وابن ماجه (٤٥٠) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. ورواية النسائى مختصرة بقوله: «أسبغوا الوضوء».
وأخرجه البخاري (٦٠)، ومسلم (٢٤١) (٢٧)، والنسائي في «الكبرى» (٥٨٥٤) و(٥٨٥٥) من طريق يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو بنحوه.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٢٨) و(٦٨٠٩) و(٦٩٧٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٥٥) قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٢٦٦: وقد تواترت الأخبار عن النبي ﷺ في صفة وضوئه أنه غسل رجليه، وهو المبين لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عبسة الذي رواه ابن خزيمة (١٦٥) وغيره مطولًا في فضل الوضوء: «ثم يغسل قدميه كما أمره الله، ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، قال عبد الرحمن بن أبى ليلى: أجمع أصحاب رسول الله ﷺ على غسل القدمين. رواه سعيد بن منصور، وادعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ.
(٢) حديث صحيح، حماد: هو ابن سلمة، وشيخه المبهم هنا هو شعبة بن الحجاج كما في بعض الروايات، وبه جزم الحافظ في»التقريب"، وهشام بن عروة لم يسمعة من عائشة، بينهما أبوه عروة كما سيأتي بعده وكما في مصادر التخريج.

٩٩ - حدَّثنا محمَّدُ بن العلاء، أن إسحاقَ بن منصور حدَّثهم، عن حمَّاد بن سلمة، عن رجلٍ، عن هِشامٍ عن أبيه
عن عائشة عن النبيَّ ﷺ بنحوه (١).
١٠٠ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا أبو الوليد وسَهلُ بنُ حمَّاد، قالا: حدَّثنا عبدُ العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه


=وأخرجه ابن عدي في ترجمة الحسن بن علي العدوي من «الكامل» ٢/ ٧٥٣ من طريق إبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة، عن صاحب له، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وأخرجه ابن عدي ٢/ ٧٥٣، والطبراني في «الصغير» (٥٩٣)، وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٢٥٦، والبيهقي ١/ ٣١ من طريق حوثرة بن أشرس، عن حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. وقال البيهقي: جوّده حوثرة بن أشرس، وقصَّر به بعضهم عن حماد فقال: عن رجل، فلم يُسمّ شعبة، وأرسله بعضهم فلم يذكر في إسناده عروة. وحوثرة بن أشرس روى عنه جمع كما في ترجمته في «الجرح والتعديل» ٣/ ٣٨٣، و«الثقات»لابن حبان«٨/ ٢١٥. وقد تصحف حوثرة في المطبوع من»المعجم الصغير«للطبرانى إلى: جويرية.
وأخرجه الطبراني في»الأوسط«(١٨١٧)، والبيهقي ١/ ١٩٦ من طريقين عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزُّبير، عن عبيد بن عمير، عن عائشة.
وانظر ما سلف برقم (٧٧).
قوله:»في تور من شبه«التور مثلُ القدر من الحجارة، والشَّبه ضرب من النحاس، يقال: كوز شَبَهٌ وشِبهٌ بمعنى، سمي شبهًا، لأن لونه يشبه لون الشبه.
(١) حديث صحيح، وقد سلف الكلام عليه فيما قبله.
وأخرجه الحاكم ١/ ١٦٩ من طريق أبي كريب محمَّد بن العلاء، بهذا الإسناد. إلا أنه لم يذكر الرجل المبهم، وليس هو خطأ مطبعيًا، فقد ذكره الحافظ ابن حجر في»إتحاف المهرة«١٧/ ٢٧٩ من رواية حماد عن هشام مباشرة، وعزاه إلى»مستدرك الحاكم".

عن عبد الله بن زيد، قال: جاءنا رسولُ الله ﷺ فأخرَجْنا له ماءً
في تَورٍ من صُفرٍ فتوضَّأ (١).

٤٦ - باب في التسمية على الوضوء
١٠١ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا محمّد بن موسى، عن يعقوبَ بن سلمة، عن أبيه
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا صلاةَ لمَن لا وُضوءَ له، ولا وضوءَ لِمَن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه» (٢).


(١) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو الخلال، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه البخاري (١٩٧)، وابن ماجه (٤٧١) من طريق عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، بهذا الإسناد.
قوله: «من صُفر» أي: من نحاس.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة يعقوب بن سلمة -وهو الليثي- ولجهالة والده أيضًا، وقال البخاري: لا يعرف لسلمة سماعٌ من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه.
وأخرجه ابن ماجه (٣٩٩) من طريق محمَّد بن موسى بن أبي عبد الله، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٤١٨)، وفيه تمام تخريجه والكلام عليه، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أحمد (١١٣٧٠) و(١١٣٧١) وفي سنده مقال.
وعن رباح بن عبد الرحمن، عن جدته، عن أبيها -قيل: هو سعيد بن زيد- عند أحمد (١٦٦٥١) وفي إسناده جهالة واضطراب.
وعن سهل بن سعد عند ابن ماجه (٤٠٠) والحاكم ١/ ٢٦٩ وسنده ضعيف وعن عيسى بن سبرة بن أبي سبرة، عن أبيه، عن جده عن الدولابي في «الكنى والأسماء» ١/ ٣٦، وعيسى به سبرة منكر الحديث.
وعن عائشة من فعل النبي ﷺ عند البزار (٢٦١) وأبي يعلى (٤٦٨٧) وإسناده ضعيف بمرة.=

١٠٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرِو بن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن الدَّراورديِّ، قال:
وذكر ربيعةُ أنَّ تفسيرَ حديث النبيِّ ﷺ: «لا وضوءَ لِمَن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه»: أنَّه الذي يتوضَّأ أو يَغتَسِلُ ولا ينوي وضوءًا للصَّلاة ولا غُسلًا للجنابة (١).

٤٧ - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها
١٠٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي رَزين وأبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا قامَ أحدُكم مِنَ اللَّيلِ، فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناء حتَّى يَغسِلَها ثلاثَ مرَّاتِ، فإنَّه لا يدري أين باتَت يَدُه» (٢).


=وقد نقل الحافظ في «نتائج الأفكار» ١/ ٢٣٧ تحسينه بمجموع هذه الطرق، وقال هو في «التلخيص» ١/ ٧٥: والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا. والجمهور على أن التسمية في ابتداء الوضوء سنة، وأن النفي محمول على الكمال. انظر «المغني» ١/ ١٤٥.
(١) أثر إسناده قوي، الدراوردي -واسمه عبد العزيز بن محمَّد- فيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، وباقي رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله.
(٢) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو رزين: هو مسعود بن مالك الأسدي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه مسلم (٢٧٨) (٨٧) من طريق أبى معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (١٦٢)، ومسلم (٢٧٨)، والترمذي (٢٤)، والنسائي في «الكبرى» (١) و(١٥٢)، وابن ماجه (٣٩٣) من طرق عن أبي هريرة. ولم يذكر بعضُ الرواة عن أبي هريرة: «ثلاثًا»، كما فصَّله الإمام مسلم في «صحيحه».=

١٠٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسي بنُ يونُسَ، عن الأعمش، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ -يعني بهذا الحديث- قال: «مرَّتَينِ أو ثلاثًا» ولم يذكر أبا رَزين (١).
١٠٥ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمرِو بن السَّرْحِ ومحمَّدُ بنُ سلمة المُراديُّ، قالا: حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ، عن مُعاوية بن صالح، عن أبي مريم، قال:
سمعتُ أبا هريرة يقول: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إذا استَيقَظَ أحدُكم من نَومِهِ، فلا يُدخِلْ يَدَه في الإناءِ حتَّى يَغسِلَها ثلاثَ مرَّات، فإنَّ أحدَكم لا يدري أينَ باتَت يَدُه، أو أينَ كانت تَطوفُ يَدُه» (٢).

٤٨ - باب صفة وضوء النبي ﷺ -
١٠٦ - حدَّثنا الحسنُ بن عليّ الحُلْوانيُّ، حدَّثنا عبد الرَّزَّاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزُّهريِّ، عن عطاءِ بن يزيد اللَّيثيِّ، عن حُمرانَ بن أبان مولى عثمان بن عفان، قال:


=وهو في «مسند أحمد» (٧٢٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٦٢).
وسيأتي بعده وبرقم (١٠٥).
والأمر في هذا الحديث عند الجمهور على الندب، والقرينة الصارفة له عن الوجوب عند الجمهور التعليل بأمر يقتضي الشك، لأن الشك لا يقتضي وجوبًا في هذا الحكم استصحابًا لأصل الطهارة. وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار، وعنه في رواية استحبابه في نوم النهار، واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء.
(١) إسناده صحيح.
وقد سلف تخريجه فيما قبله.
(٢) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو مريم: هو الأنصاري. وانظر تخريجه فيما سلف برقم (١٠٣).

رأيتُ عثمانَ بنَ عفَّان توضَّأ فأفرَغَ على يَدَيه ثلاثًا فَغَسَلَهما، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ، و(١) غسلَ وجهَهُ ثلاثًا، وغسلَ يَدَهُ اليُمنى إلى المِرفَقِ ثلاثًا، ثمَّ اليُسرى مثلَ ذلك، ثمَّ مسحَ رأسَه، ثمَّ غسلَ قَدمَه اليمنى ثلاثًا ثم اليسرى مِثل ذلك، ثم قال: رأيت رسولَ الله ﷺ توضَّأ مثلَ وضوئي هذا، ثم قال: «مَن تَوضَّأ مِثلَ وضوئي هذا ثمَّ صلَّى رَكعتَين لا يُحدِّثُ فيهما نفسَه، غفرَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنبِه» (٢).
١٠٧ - حدَّثنا محمَّدُ بن المثنَّى، حدَّثنا الضَّحَّاكُ بن مَخلَد، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابن وَرْدان، حدَّثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدَّثني حُمْرانُ قال: رأيتَ عثمانَ بن عفان توضَّأ، فذكر نحوَه، ولم يذكر المَضمَضَةَ والاستنشاقَ، وقال فيه: ومسحَ رأسَه ثلاثًا، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ ثلاثًا، ثم قال:


(١) في (د) و(هـ): ثم غسل وجهه ثلاثًا.
(٢) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الصنعاني، والزهري: هو محمَّد بن مسلم.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٣٩).
وأخرجه البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩١) و(١٠٣) وفي«المجتبى» (١١٦) من طريق الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٤٢١)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٥٨) و(١٠٦٠).
وأخرج نحوه بألفاظ متقاربة البخاري (٦٤٣٣)، ومسلم (٢٢٧) و(٢٢٩) و(٢٣٠) و(٢٣١) والنسائي في «الكبرى» (١٧٣) و(١٧٤) و(١٧٥)، وابن ماجه (٢٨٥) من طرق عن حمران، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن ماجه (٤١٣) من طريق شقيق بن سلمة أبي وائل، قال: رأيت عثمان وعليًا يتوضآن ثلاثًا ثلاثًا، ويقولان: هكذا كان توضُّؤ رسول الله ﷺ.
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٠٧ - ١١٠).

رأيتُ رسولَ الله ﷺ توضَّأ هكذا، وقال: «مَن توضَّأ دون هذا كَفَاه» ولم يذكر أمر الصَّلاة (١).
١٠٨ - حدَّثنا محمَّد بن داود الإسكندرانيُّ، حدَّثنا زيادُ بنُ يونُسَ، حدَّثني سعيدُ بنُ زياد المُؤذِّن، عن عثمان بن عبد الرحمن التَّيميِّ، قال: سُئِلَ ابنُ أبي مُلَيكة، عن الوضوء، فقال:
رأيتُ عثمانَ بن عفَّان سُئِلَ عن الوضوء، فدعا بماءٍ، فأُتِيَ بميضَأَةٍ، فأصغاها على يَدِهِ اليُمنى، ثمَّ أدخَلَها في الماءِ، فتَمَضمَضَ ثلاثًا، واستَنثَرَ ثلاثًا، وغَسَلَ وجهَه ثلاثًا، ثمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمنى ثلاثًا، وغَسَلَ


(١) عبد الرحمن بن وردان روى عنه ثلاثة، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس، وقال الدارقطني: صالح، وفي رواية: يعتبر به. وقوله: «ومسح رأسه ثلاثًا» شاذ، فقد انفرد به عبد الرحمن هذا في طريق حمران، وروي من غير طريق حمران أيضًا كما سيأتي في التخريج.
وأخرجه البزار (٤١٨ - زوائد)، والدارقطني (٣٠٣)، والبيهقي ١/ ٦٢ من طريق عبد الرحمن بن وردان، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه بذكر مسح الرأس ثلاثًا أحمد (٤٣٦)، والدارقطني (٣٠٤)، والبيهقي ١/ ٦٢ - ٦٣ من طريق ابن دارة مولى عثمان، عن عثمان.
وأخرجه كذلك الدارقطني (٣٠١)، والبيهقي ١/ ٦٣ من طريق عبد الله بن جعفر، عن عثمان. وفي إسناده إسحاق بن يحيى المدني، وهو شديد الضعف، وبه ضعفه الدارقطني.
وسيأتي برقم (١١٠) من طريق شقيق بن سلمة، عن عثمان.
قال البيهقي في «سننه» ١/ ٦٢ بعد روايته عن أبي داود كلامه الآتي بإثر الحديث (١٠٨): وقد روي من أوجه غريبة عن عثمان رضي الله عنه ذكرُ التكرار في مسح الرأس، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعضُ أصحابنا يحتجُّ بها.
وانظر ما قبله.

يَدَهُ اليُسرى ثلاثًا، ثمَّ أدخَلَ يَدَهُ فأخَذَ ماءً، فمسحَ برأسِهِ وأُذُنَيهِ فغسلَ بُطونَهما وظُهورَهما مرَّةً واحدةً، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ، ثمَّ قال: أينَ السائلُونَ عن الوضوء؟ هكذا رأيتُ رسولَ الله ﷺ يتوضَّأ (١).
قال أبو داود: أحاديثُ عثمان رضي الله عنه الصِّحاحُ كلُّها تدلُّ على مَسحِ الرأسِ أنَّه مرَّة، فإنَّهم ذكروا الوضوءَ ثلاثًا وقالوا فيها: ومَسَحَ رأسَه، ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره.
١٠٩ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، أخبرنا عُبَيد الله -يعني ابن أبي زياد-، عن عبد الله بن عُبَيد بن عُمَير، عن أبي عَلْقمة
أنَّ عثمانَ دعا بماءٍ فتوضَّأ، فأفرَغَ بيدَهِ اليُمنى على اليُسرى، ثمَّ غَسلَهما إلى الكُوعَينِ، قال: ثمَّ مَضمَضَ واستَنشَقَ ثلاثًا، وذكر الوضوءَ ثلاثًا، قال: ومسحَ برأسِهِ، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ، وقال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ توضَّأ مِثلَ ما رأيتُموني توضَّأتُ، ثمَّ ساقَ نحو حديثِ الزُّهريِّ وأتمَّ (٢).
١١٠ - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا يحيى بن آدَمَ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن عامر بن شَقيق بن جَمرة، عن شَقيق بن سَلَمة قال:


(١) حديث صحيح، سعيد بن زياد المؤذن روى عنه اثنان أو ثلاثة، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد توبع. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله.
وقد سلف تخريجه برقم (١٠٦).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي زياد القدَّاح، وقد توبع.
وقد سلف تخريجه برقم (١٠٦).
والكوعُ والكاعُ: رأس الزَّنْدِ الذي يلي الإبهامَ.

رأيتُ عثمانَ بن عفان غسلَ ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسحَ رأسَه ثلاثًا، ثم قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ فَعَلَ هذا (١).
قال أبو داود: رواه وكيعٌ عن إسرائيل قال: توضَّأ ثلاثًا، قَطْ (٢).
١١١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن خالد بن عَلقمة عن عبدِ خير قال:
أتانا عليٌّ رضي الله عنه وقد صلَّى، فدعا بطَهُورٍ، فقلنا: ما يَصنَعُ بالطَّهُورٍ وقد صلَّى؟ ما يُريدُ إلا ليُعَلِّمَنا، فأُتِيَ بإناءٍ فيه ماءٌ وطَسْتٍ فأفرَغ من الإناءِ على يمينهِ فغسلَ يَدَيهِ ثلاثًا، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثًا، فمَضمَضَ ونَثَر مِن الكَفِّ الذي يأخُذُ فيه، ثمَّ غسلَ وجهَه ثلاثًا، وغسلَ يَدَهُ اليُمنى ثلاثًا، وغسلَ يَدَهُ الشمال ثلاثًا، ثمَّ جعلَ يَدَهُ في الإناءِ فمسحَ برأسِهِ مرَّةً واحدةً، ثمَّ غسلَ رِجلَه اليُمنى


(١) إسناده لين، عامر بن شقيق بن جمرة ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال النسائي: ليس به بأس، وصحح له الترمذي حديثه في التخليل في «سننه» (٣١)، وحسَّنه له البخاري. والثابت عن عثمان رضي الله عنه أنه مسح رأسه مرة، وقد روي أيضًا من طريق عامر على الصواب كما سيأتي في التخريج. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي.
وأخرجه الدارقطني (٣٠٢) من طريق هارون بن عبد الله الحمال، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (٢٨٦) من طريق عبد الله بن نمير، و(٢٨٧) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن إسرائيل، به، وقالوا: «ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما».
وانظر ما سلف برقم (١٠٧).
(٢) رواية وكيع أخرجها أحمد في «مسنده» (٤٠٣).

ثلاثًا، ورِجلَه الشِّمالَ ثلاثًا، ثم قال: مَن سَرَّه أن يَعلَمَ وضوءَ رسولِ الله ﷺ فهو هذا (١).
١١٢ - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الحُلوانيُّ، حدَّثنا الحُسينُ بنُ عليّ الجُعفيُّ، عن زائدة، حدَّثنا خالدُ بنُ عَلقمة الهَمدانيُّ، عن عبدِ خيرٍ، قال:
صلَّى عليٌّ رضي الله عنه الغَداةَ، ثمَّ دخلَ الرَّحْبةَ، فدعا بماءٍ، فأتاه الغُلامُ بإناءٍ فيه ماءٌ وطَسْتٍ، قال: فأخذَ الإناءَ بيدِهِ اليُمنى، فأفرَغَ على يَدِهِ اليُسرى وغسلَ كفيهِ ثلاثًا، ثم أدخَلَ يَدَه اليُمنى في الإناءِ- فمَضمَضَ ثلاثًا، ثمَّ ساق قريبًا من حديث أبي عَوانة، قال: ثمَّ مسحَ رأسَه مُقدَّمَه ومُؤَخَّرَه مرَّةً، ثمَّ ساقَ الحديثَ نحوَه (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعبد خير: هو ابن يزيد الهمداني.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٧) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا بالمضمضة والاستنشاق ابن ماجه (٤٠٤) من طريق شريك النخعي، عن خالد بن علقمة، به.
وأخرجه الترمذي (٤٩) من طريق أبي إسحاق، عن عبد خير، به.
وأخرجه النسائي (١٠١) من طريق الحسين بن علي، عن علي.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٩).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١١٢ - ١١٦).
قوله: «طست»: هو إناء من نحاس.
(٢) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة.
وأخرجه مختصرًا بالمضمضة والاستنشاق النسائي في «الكبرى» (٩٤) من طريق حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٣٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٥٦) و(١٠٧٩).
قوله: «الرحبة» بسكون الحاء: اسم موضع بالكوفة، وتعرف برحبة خنيس.

١١٣ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ المثنَّى، حدّثني محمَّدُ بنُ جعفر، حدّثني شُعبَة، قال: سمعتُ مالكَ بن عُرفُطة، سمعتُ عبدَ خيرٍ:
رأيتُ عليًّا عليه السلام أُتِيَ بكُرسيٍّ فقَعَدَ عليه، ثمَّ أُتِيَ بكُوزٍ من ماء، فغَسَلَ يَدَيهِ ثلاثًا، ثمَّ تمضمَضَ معَ الاستِنشاقِ بماءٍ واحدٍ، وذكر هذا الحديث (١) (٢).
١١٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو نُعَيم، حدَّثنا ربيعةُ الكنانيُّ، عن المنهال بنِ عَمرو، عن زرِّ بن حُبَيش:
أنَّه سمعَ عليًّا رضي الله عنه وسُئِلَ عن وضوءِ رسولِ الله ﷺ، فذكرَ الحديثَ، وقال: ومسحَ على رأسِهِ حتَّى الماءُ يَقطُرُ، وغسلَ رِجلَيهِ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: هكذا كانَ وُضوءُ رسولِ الله ﷺ (٣).
١١٥ - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوب الطُوسيُّ، حدَّثنا عُبَيدُ الله بنُ موسى، حدَّثنا فِطْرٌ، عن أبي فَرْوة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال:


(١) إسناده صحيح، وقد أخطأ شعبة في تسمية شيخه، فقال: مالك بن عرفطة، والصواب: خالد بن علقمة، وقد خطأ شعبة فيه غيرُ واحد من النقاد المرجوع إليهم في هذا الفن.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٣) و(١٦٣) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٨٩).
وانظر ما سلف برقم (١١١).
(٢) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: أخطأ فيه شعبة، وإنما هو خالد بن علقمة.
(٣) إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وربيعة الكِناني: هو ابن عتبة.
وهو في «مسند أحمد» (٨٧٣) من طريق ربيعة الكِناني، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١١١).

رأيتُ عليًّا رضي الله عنه توضَّأ فغسلَ وجهَه ثلاثًا، وغسلَ ذراعَيهِ ثلاثًا، ومسحَ برأسِهِ واحدةً، ثم قال: هكذا توضّأ رسولُ الله ﷺ (١).
١١٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأبو تَوبةَ، قالا: حدَّثنا (ح)
وحدثنا عمرُو بنُ عون، أخبرنا أبو الأحوَص، عن أبي إسحاق، عن أبي حيَّة، قال:
رأيتُ عليًّا رضي الله عنه توضَّأ، فذكر وُضوءَهُ كلَّه ثلاثًا ثلاثًا، قال ثم مسحَ رأسَه، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ إلى الكعبَينِ، ثم قال: إنَّما أحبَبتُ أن أُرِيكم طُهورَ رسولِ الله ﷺ (٢) (٣).
١١٧ - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيي الحَرَّانيُّ، حدَّثنا محمَّد -يعني ابن سلمة- عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة، عن عُبَيد الله الخَولانيِّ


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي فروة، وهو مسلم بن سالم النهدي. فطر: هو ابن خليفة. وانظر ما سلف برقم (١١١).
(٢) حديت صحيح، وهذا إسناد حسن، أبو حية -وهو ابن قيس الوادعي- وثقه ابن نمير، وصحح له ابن السكن، وقال أحمد: شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات». أبو توبة: هو الربيع بن نافع، وأبو الأحوص: هو سلام بن سليم، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه الترمذي (٤٨)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٢) و(١٦٢)، وابن ماجه (٤٣٦) من طريق أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بمسح الرأس مرة.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٤٦).
وانظر ما سلف برقم (١١١).
(٣) زاد ابن العبد في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: أخطأ فيه محمَّد بن القاسم الأسدي، قال: عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن حية، وإنما هو أبو حية.

عن ابن عبَّاس، قال: دخل عليَّ عليُّ بن أبي طالب وقد أهراقَ الماءَ، فدعا بوَضُوءٍ، فأتَيناهُ بتَورٍ فيه ماءٌ حتَّى وَضَعناهُ بينَ يَدَيهِ، فقال: يا ابن عباس، ألا أُريكَ كيفَ كان يتوضَّأ رسولُ الله ﷺ؟ قلتُ: بلى، قال: فأصغَى الإناءَ على يَدِهِ فغَسَلَها، ثم أدخَلَ يَدَهُ اليُمنى فأفرَغَ بها على الأخرى، ثمَّ غسلَ كفَّيهِ، ثمَّ تمضمَضَ واستَنثَرَ، ثمَّ أدخَلَ يَدَيهِ في الإناء جميعًا، فأخذَ بها حَفنةً مِن ماءٍ، فضرَبَ بها على وَجهِهِ، ثمَّ ألقَمَ إبهامَيهِ ما أقبَلَ من أُذُنَيهِ، ثمَّ الثَّانية، ثمَّ الثَّالثة مثلَ ذلك، ثم أخذَ بكفِّهِ اليُمنى قبضةً من ماءٍ فصبَّها على ناصِيَته، فتركها تَستَنُّ على وجهِهِ، ثم غسلَ ذِراعَيهِ إلى المِرفَقَينِ ثلاثًا ثلاثًا، ثمَّ مسحَ رأسَهُ وظُهُورَ أُذُنَيهِ، ثمَّ أدخَلَ يَدَيهِ جميعًا فأخذَ حَفْنةَ من ماءٍ فضرَبَ بها على رجلِهِ وفيها النَّعلُ ففَتَلَها بها، ثمَّ الأخرى مثل ذلك، قال: قلتُ: وفي النَّعلَين؟ قال: وفي النَّعلين، قال: قلت: وفي النَّعلين؟ قال: وفي النَّعلين، قال: قلت: وفي النَّعلَين؟ قال: وفي النَّعلين (١).


(١) إسناده حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه. عبيد الله الخولاني: هو ابن الأسود ربيب ميمونة زوج النبي ﷺ.
وأخرجه أحمد (٦٢٥)، والبزار (٤٦٣) و(٤٦٤)، والطحاوي ١/ ٣٢ و٣٤ و٣٥، وأبو يعلى (٦٠٠)، وابن خزيمة (١٥٣)، وابن حبان (١٠٨٠)، والبيهقي ١/ ٧٤ من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. ورواية ابن خزيمة وابن حبان مختصرتان ولم يذكر البزار ولا الطحاوي النعلين، ورواية أبي يعلى: «فصَكَّ بهما على قدميه وفيهما النعل ثم قلبها» وكذا رواية أحمد، وفسَّر السندي قوله: «ثم قلبها بها» أي: صرف رجله بالحفنة وحرَّكها عند صبِّها قصدًا لاستيعاب الغسل للرِّجل، ورواية المصنف: ففتلها بها. قال في «عون المعبود»، أي: لوى، قال فى «التوسط»: أي: فتل رجله بالحفنة التي صبها عليها.=

قال أبو داود: وحديث ابن جُرَيج عن شَيبةَ يُشبِهُ حديثَ عليٍّ، قال فيه حجَّاجُ بن محمّد عن ابن جُرَيج: ومسحَ برأسِهِ مرَّةً واحدةً (١)، وقال ابنُ وَهْبٍ فيه عن ابن جُرَيج: ومسحَ برأسه ثلاثًا (٢).


= وروى البخاري في «صحيحه» (١٤٠) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، فذكر الحديث وقال في آخره: «ثم أخذ غرفةَ من ماءٍ فرشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله -يعني: اليُسرى-، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضَّأ». وفي المتفق عليه من حديث ابن عمر أنه قال: تخلَّف عنا رسولُ الله ﷺ -فى سفرة فأدرَكَنَا وقد أرهقنا العصرُ، فجعلنا نتوضأ ونمسحُ على أرجلنا قال: فنادى بأعلى صوته: «ويل للأعقاب من النار» مرتين أو ثلاثًا. قال الإمام النووي في «شرح مسلم» ٣/ ١٠٩: ذهب جمعٌ من الفقهاء من أهل الفتوى فى الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزئ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع. وقال الحافظ في «الفتح»: ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن على وابن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله ﷺ على غسل القدمين. رواه سعيد بن منصور، وحديث الباب نقل الترمذي عن البخاري أنه ضعفه، وقد ذكر الإمام ابن القيم في «تهذيب سنن أبي داود» ١/ ٩٥ - ٩٨ أن هذا الحديث من الأحاديث المشكلة وأجاب عن تلك الإشكالات ودفعها فانظرها لزامًا.
قوله: «تور»، هو إناء معروف، تذكِّره العرب، والجمع أتوار. و«تستن»: أي: تسيل وتنصبُّ، يقال: سننتُ الماء، إذا صببتَه صبًا سهلًا.
وانظر ما سلف برقم (١١١).
(١) أخرجه النسائي (٩٥) من طريق حجاج بن محمَّد، عن ابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- قال: حدَّثني شيبة -وهو ابن نِصاح المدني-، عن محمَّد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده. وهذا إسناد صحيح.
(٢) أخرجه البيهقي في «سننه» ١/ ٦٣ من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن جريج، عن محمَّد بن علي، به، ولم يذكر شيبة.

١١٨ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن عَمرو بن يحيى المازنيِّ، عن أبيه
أنَّه قال لعبد الله بن زيد -وهو جدُّ عمرو بن يحيى المازنيِّ-: هل تستطيعُ أن تُرِيَني كيفَ كانَ رسولُ الله ﷺ يتوضَّأ؟ فقال عبدُ الله ابن زيد: نعم، فدعا بوَضوءٍ، فأفرَغَ على يَدَيهِ فغسلَ يَدَيه، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثًا، ثمَّ غسلَ وجهَهُ ثلاثًا، ثمَّ غسلَ يَدَيهِ مرَّتين مرَّتين إلى المِرفَقَين، ثمَّ مسحَ رأسَه بيَدَيهِ فأقبَلَ بهما وأدبَرَ: بدأ بمُقدَّمِ رأسِهِ ثمَّ ذهبَ بهما إلى قَفَاهُ ثمَّ رَدَّهما حتَّى رجعَ إلى المكانِ الذي بدأ منه ثمَّ غسلَ رِجلَيهِ (١).
١١٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا خالدٌ، عن عمرو بن يحيي المازنيِّ، عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم، بهذا الحديث، قال: فمضمَضَ واستَنشَقَ مِن كَفٍّ واحدةٍ، يَفعَلُ ذلك ثلاثًا، ثمَّ ذكر نحوَه (٢).


(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ١٨، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٨٥)، ومسلم (٢٣٥)، والترمذي (٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٤) وفي «المجتبى» (٩٧). وبعضهم يزيد على بعض.
وأخرجه البخاري (١٨٦) و(١٩٧) و(١٩٩)، ومسلم (٢٣٥)، والترمذي (٤٧)، والنسائي في «الكبرى» (١٧١) من طرق عن عمرو بن يحيى، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٤٣١)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٨٤).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (١٩١)، ومسلم (٢٣٥)، والترمذي (٤٨)، وابن ماجه (٤٠٥) من طريق خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٤٤٥).=

١٢٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن عمرو بن الحارث، أنَّ حَبَّانَ بنَ واسع حدَّثه، أن أباه حدَّثه
أنَّه سمع عبدَ الله بن زيد بن عاصم المازنيَّ يذكُرُ أنَّه رأى رسولَ الله ﷺ، فذكر وُضوءَهُ. وقال: ومسحَ رأسَهُ بماءٍ غيرِ فَضْلِ يَدَيهِ، وغسلَ رِجلَيهِ حتَّى أنقاهما (١).
١٢١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حَنبَل، حدَّثنا أبو المُغيرة، حدَّثنا حَريزٌ، حدّثني عبدُ الرحمن بن مَيسَرَة الحضرَميُّ قال:
سمعتُ المقدامَ بنَ مَعْدي كَرِبَ الكِنديَّ قال: أُتِيَ رسولُ الله ﷺ بوَضوءٍ فتوضَّأ، فغسلَ كَفيهِ ثلاثًا، وغسلَ وجهَه ثلاثًا، ثمَّ غسلَ ذِراعَيهِ ثلاثًا ثلاثًا، ثم تَمضمَضَ واستَنشَقَ ثلاثًا، ثمَّ مسحَ برأسِهِ وأُذُنَيه ظَاهِرِهما وباطِنِهما (٢).


=وقال الترمذي: قد روى مالك وابن عيينة وغير واحد هذا الحديث عن عمرو بن يحيي، ولم يذكروا هذا الحرف «أن النبي ﷺ مضمض واستنشق من كف واحدة» وإنما ذكره خالد بن عبد الله، وخالد بن عبد الله ثقة حافظ عندَ أهل الحديث.
وانظر ما قبله وما بعده.
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو بن الحارث: هو الأنصاري مولاهم المصري.
وأخرجه مسلم (٢٣٦)، والترمذي (٣٥) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي روى عنه جمع، ووثقه العجلي، وقال أبو داود: شيوخ حريز ثقات كلهم، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وباقي رجاله ثقات. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وحريز: هو ابن عثمان الرَّحَبي.
وهو في «مسند أحمد» (١٧١٨٨). وانظر الطريقين الآتيين بعده.

١٢٢ - حدَّثنا محمودُ بن خالد ويعقوبُ بن كعب الأنطاكي -لفظُه- قالا: حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلم، عن حَريزِ بن عثمان، عن عبد الرحمن بن مَيسَرَة
عن المِقدامِ بن مَعْدي كَرِبَ قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ توضَّأ، فلما بَلَغَ مَسْحَ رأسِهِ وضعَ كفيهِ على مُقَدَمِ رأسِهِ فأمرهما حتَّى بلغَ القَفَا، ثمَّ ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه (١).
قال محمود: قال: أخبرنىِ حَريزٌ.
١٢٣ - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد وهشامُ بنُ خالد -المعنى- قالا: حدَّثنا الوليدُ، بهذا الإسناد، قال:
ومسحَ بأُذُنَيهِ ظاهِرِهما وباطِنِهما، زاد هشامٌ: وأدخَلَ أصابِعَه في صِماخِ أُذُنَيه (٢).
١٢٤ - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفَضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلِم، حدَّثنا عبدُ الله بن العلاء، حدَّثنا أبو الأزهر المُغيرةُ بن فَرْوَةَ ويزيدُ بن أبي مالك
أنَّ مُعاويةَ تَوضَأ للنَّاسِ كما رأىْ رسولَ الله ﷺ يتوضَّأُ، فلما بلغَ رأسَه غَرَف غُرفَةً من ماءٍ فتلقاها بشِمالِهِ حتَّى وَضَعَها على وَسَطِ رأسِهِ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه.
وأخرجه الطبراني في «الكبير»٢٠/ (٦٥٦) من طريق يعقوب بن كعب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله وما بعده.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه.
وأخرجه ابن ماجه (٤٤٢) مختصرًا بقوله: «ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما»، و(٤٥٧) مختصرًا بقوله: "غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وانظر الطريقين السالفين قبله.

حتَّى قَطَرَ الماءُ أو كادَ يَقطُرُ، ثمَّ مسحَ من مُقدمِهِ إلى مُؤخَّرِهِ، ومِن مُؤخَّرِهِ إلى مُقدَّمِهِ (١).
١٢٥ - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد، حدَّثنا الوليدُ في هذا الإسناد، قال:
فتوضَّأ ثلاثًا ثلاثًا، وغسلَ رجلَيهِ، بغيرِ عدد (٢).
١٢٦ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشرُ بن المُفَضَل، حدَّثنا عبدُ الله بن محمّد بن عقيل
عن الربيع بنت مُعوِّذ ابن عَفْراء، قالت: كان رسولُ الله ﷺ يأتينا، فحدَّثَتنا أنَّه قال: «اسكُبي لي وَضوءًا» فذكر وُضوءَ النبي ﷺ، قال فيه: فغسلَ كَفيهِ ثلاثًا، ووضَّأ وجهَه ثلاثًا، ومَضمَضَ واستَنشَقَ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الوليد بن مسلم يدلّس ويُسوّي، ولم يذكر تصريح أبي الأزهر ويزيد بن أبي مالك بسماعهما من معاوية.
وأخرجه البيهقي ١/ ٥٩ من طريق أبى داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (١٦٨٥٤)، والطحاوي ١/ ٣٠، والطبراني ١٩/ (٩٠٠) من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وروايتهم عن أبي الأزهر وحده. ولم يذكر الطحاوي أنه مسح رأسه بغرفة من ماء.
وانظر ما بعده.
ولمسح الرأس بغرفة من ماء شاهد من حديث علي سلف برقم (١١٤).
ولمسحه من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه شاهد من حديث عبد الله ابن زيد سلف برقم (١١٨)، وآخر من حديث المقدام بن معدي كرب سلف برقم (١٢٢).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد منقطع كسابقه.
وأخرجه بهذا اللفظ أحمد (١٦٨٥٥) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد سلف برقم (١١٨).

مرَّةَ، ووضَّأ يَدَيهِ ثلاثًا ثلاثًا، ومسحَ برأسِهِ مَرَّتَين: يَبدَاُ بمُؤخَّر رأسِهِ ثمَّ بمُقدَمِه، وبأُذُنَيهِ كِلتَيهما ظهورِهِما وبُطُونهما، ووَضَّأ رِجلَيهِ ثلاثًا ثلاثًا (١).
قال أبو داود: وهذا معنى حديث مُسدَّد.
١٢٧ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا سُفيان، عن ابن عَقِيل، بهذا الحديث، يُغيِّرُ بعضَ معاني بِشرٍ، قال فيه:
وتَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثًا (٢).
١٢٨ - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد ويزيدُ بن خالد الهَمدانيُّ، قالا: حدَّثنا اللَّيث، عن ابن عَجْلان، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيل
عن الرُّبيع بنتِ مُعوِّذ ابن عَفْراء: أنَّ رسولَ الله ﷺ توضَّأ عندها


(١) حسن لغيره عبد الله بن محمَّد بن عقيل وإن كان ضعيفًا حسن في المتابعات.
وقد صحت معظم ألفاظه كما في أحاديث الباب السالفة قبله.
وأخرجه مختصرًا بمسح الرأس والأذنين الترمذي (٣٣) من طريق بشر بن المفضل، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسنادًا.
وأخرجه ابن ماجه تامًا بنحوه (٣٩٠)، ومختصرًا بمسح الأذنين (٤٤٠) من طريق شريك النخعي، عن ابن عقيل، به.
وأخرجه ابن ماجه مختصرًا بالوضوء ثلاثًا ثلاثًا (٤١٨)، ومختصرًا بمسح الرأس مرتين (٤٣٨) من طريق سفيان الثوري، عن ابن عقيل، به.
وانظر ما سيأتي بالأرقام (١٢٧ - ١٣١).
(٢) إسناده كسابقه. سفيان: هو ابن عيينة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠١٥) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.

فمسحَ الرَّأسَ كُلَّه من قَرْنِ الشَّعرِ (١)،كلَّ ناحية لمُنصَبِّ الشَّعرِ، لا يُحرِّكُ الشَّعرَ عن هَيئتِهِ (٢).
١٢٩ - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا بكرٌ -يعني ابنَ مُضَرَ-، عن ابن عَجْلان، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيل
أنَّ رُبيِّعَ بنتَ مُعوِّذ ابن عَفْراء أخبرته قالت: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يتوضَّأ، قالت: فمسحَ رأسَه ومسحَ ما أقبَلَ منه وما أدبَرَ وصُدْغَيهِ وأُذُنَيهِ مرَةً واحدةً (٣).


(١) في رواية ابن الأعرابي وابن داسه: من فوق، بالفاء والواو، وفسرها في هامش نسخة (أ) بقوله: المراد هنا -والله أعلم- أعلى الرأس، والمعنى: أنه كان يبتدئ المسح بأعلى الرأس إلى أن ينتهي إلى أسفله يفعل ذلك في كل ناحية على حِدَتها.
(٢) إسناد كسابقه. الليث: هو ابن سعد، وابن عجلان: هو محمَّد.
وأخرجه أحمد (٢٧٠٢٤) و(٢٧٠٢٨)، والطبراني ٢٤/ (٦٨٨)، والبيهقي ١/ ٦٠، والبغوي في «شرح السنة» (٢٥٥) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١٢٦).
(٣) حسن لغيره دون مسح الصدغين، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.
وأخرجه الترمذي (٣٤) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠٢٢).
وانظر ما سلف برقم (١٢٦).
ولمسح الأذنين شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب، وهو السالف برقم (١٢١)، وإسناده قوي.
وآخر من حديث ابن عباس عند الترمذي (٣٦)، وابن ماجه (٤٣٩)، وإسناده قوي.
والمراد بالصُّدغين الشعر النازل بين العين والأذن.

١٣٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن سُفيانَ بنِ سعيد، عن ابن عَقِيل
عن الرُّبيِّع: أنَّ النبيّ ﷺ مسحَ برأسِهِ مِن فَضْلِ ماءٍ كانَ في يَدِهِ (١).
١٣١ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعيد، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا الحسنُ بنُ صالح، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيل
عن الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ: أن النبيّ ﷺ توضَّأ فأدخَلَ إصبَعَيهِ في حُجْرَي أُذُنَيهِ (٢).
١٣٢ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عيسى ومُسدَّدٌ، قالا: حدَّثنا عبدُ الوارث، عن ليث، عن طلحة بن مُصرِّف، عن أبيه


(١) إسناده ضعيف.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٢١، وأحمد (٢٧٠١٦)، والطبراني ١٦/ (٦٨١)، والدارقطني (٢٨٩)، والبيهقي ١/ ٢٣٧ من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
قال البيهقي: هكذا رواه جماعة عن عبد الله بن داود وغيره عن الثوري، وقال بعضهم: «ببلل يديه» وكأنه أراد: أخَذَ ماءً جديدًا فصبَّ بعضه ومسح رأسه ببلل يديه، وعبد الله بن محمَّد بن عقيل لم يكن بالحافظ، وأهل العلم بالحديث مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته.
(٢) حسن لغيره، وأخرجه ابن ماجه (٤٤١) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٠١٩).
وله شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب، سلف برقم (١٢١)، ولفظه: «ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما» وإسناده قوي.
وآخر من حديث ابن عباس عند الترمذي (٣٦)، وابن ماجه (٤٣٩)، ولفظه بنحو حديث المقدام، وإسناده قوي أيضًا.

عن جدِّه قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يمسَحُ رأسَه مرَّةَ واحدةً، حتَّى بَلَغَ القَذَالَ -وهو أوَّلُ القَفَا-، وقال مُسدَّدٌ: مسحَ رأسَه مِن مُقدَّمِه إلى مُؤخَّرِه حتَّى أخرَجَ يَدَيهِ مِن تحتِ أُذُنَيه (١).
قال مُسدَّدٌ: فحدَّثتُ به يحيى (٢) فأنكره.
قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقول: ابنُ عُيَينة -زعموا- كان يُنكِرُه ويقول: أَيْشٍ هذا: طلحة، عن أبيه، عن جَده (٣)؟!.
١٣٣ - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا عَبَّادُ بنُ منصور، عن عِكرِمة بن خالد، عن سعيد بن جُبير


(١) إسناده ضعيف، ليث -وهو ابن أبي سليم- ضعيف، ومُصرف والد طلحة مجهول.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا ابن أبي شيبة ١/ ١٦، وأحمد (١٥٩٥١)، والطحاوي ١/ ٣٠، والطبراني ١٩/ (٤٠٧) و(٤٠٨) و(٤٠٩)، والبيهقي ١/ ٦٠ من طرق عن ليث، بهذا الإسناد. وضعَّف إسناده البيهقي والنووي في «المجموع» ١/ ٥٠٠، وابن حجر في «التلخيص» ١/ ٩٢.
قوله: «القذال» هو القفا، وظن بعضهم أن المراد به هنا الرقبة، قال الحافظ فى «التلخيص»: ولعل مستند البغوي في مسح القفا -يعني الرقبة- ما رواه أحمد وأبو داود من حديث طلحة بن مصرف ... وإسناده ضعيف. قلنا: وسياق هذا الحديث عند المصنف أنه في مسح الرأس لا الرقبة، وكذا جعله ابن أبي شيبة والطحاوي.
(٢) هو ابن سعيد القطان كما صرح به البيهقي ١/ ٥١.
(٣) جاء على الهامش (أ) تفسيرًا لكلام ابن عيينة هذا: يعني أنكر أن يكون لجد طلحة بن مصرف صحبة. وجاء في أصل (هـ): أيش هذا يعني أن جده لا تحفظ له صحبة ولهذا أنكره: طلحة عن أبيه عن جده.

عن ابن عبَّاس رأى رسولَ الله ﷺ يتوضَّأ، فذكرَ الحديثَ كُلَّه ثلاثًا ثلاثًا، قال: ومسحَ برأسِهِ وأُذُنَيهِ مَسْحَةً واحدةً (١).
١٣٤ - حدَّثنا سُليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حمَّاد (ح)
وحدَّثنا مُسدَّد وقُتَيبةُ، عن حمَّاد بن زيد، عن سِنان بن ربيعة، عن شهْرِ بنِ حَوشب
عن أبي أُمامة ذكرَ وُضوءَ النبيِّ ﷺ قال: كانَ رسولُ الله ﷺ يَمسَحُ المَأْقَين، قال: وقال: الأُذُنانِ مِن الرَّأسِ.
قال سُليمانُ بنُ حرب: يقولُها أبو أمامة. قال قُتَيبةُ: قال حمَّاد: لا أدري هو مِن قولِ النبيِّ ﷺ أو أبي أمامة، يعني قصَّة الأُذُنين (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عباد بن منصور ضعيف لسوء حفظه وتغيُّره وتدليسه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ضمن حديث مطول أحمد (٣٤٩٠) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني (١٢٥٠٤) من طريق عباد بن منصور، به، وذكر فيه أن النبي ﷺ توضّأ ثلاثًا ثلاثًا، ولم يذكر مسح الرأس مرة.
والأحاديث السالفة برقم (١٠٦) و(١١١) و(١١٨) و(١٢١) تشهد له.
(٢) إسناده ضعيف لضعف سنان بن ربيعة وشهر بن حوشب، وقد اختلف على حماد في رفع قوله: «الأذنان من الرأس» ووقفه.
وأخرجه الترمذي (٣٧) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وذكر شك حماد في الرفع والوقف. وقال الترمذي: ليس إسناده بالقائم.
وأخرجه ابن ماجه (٤٤٠) عن محمَّد بن زياد، عن حماد بن زيد، به مرفوعًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٢٢٣).
وفي باب قوله: «الأذنان من الرأس» عن جماعة من الصحابة ذكرنا أحاديثهم في التعليق على «المسند» ولا يصح منها شيء مرفوعًا كما هو مبين هناك.

قال قُتَيبةُ، عن سنان أبي ربيعة (١).

٤٩ - باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا
١٣٥ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن موسى بن أبي عائشةَ، عن عمرو ابن شُعيب، عن أبيه
عن جدِّه: أن رجلًا أتى النبيَّ ﷺ فقال: يا رسولَ الله، كيفَ الطُّهورُ؟ فدعا بماءٍ في إناءٍ فغسلَ كفَّيهِ ثلاثًا، ثمَّ غسلَ وجهَه ثلاثًا، ثمَّ غسلَ ذِراعَيهِ ثلاثًا، ثمَّ مسحَ برأسِهِ وأدخَلَ إصبَعَيهِ السَّبَّاحَتَينِ في أُذُنَيهِ ومسحَ بإبهامَيهِ على ظاهِرِ أُذُنَيهِ وبالسَّبَّاحَتَينِ باطِنَ أُذُنَيهِ، ثمَّ غسلَ رِجلَيهِ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هكذا الوضوء، فمَن زادَ على هذا أو نَقَصَ فقد أساءَ وظَلَمَ» أو «ظَلَمَ وأساءَ» (٢).


(١) زاد في هامش نسخة (١): «قال أبو داود: وهو ابن ربيعة، كنيته أبو ربيعة» وأشار إلى أنها في رواية ابن داسه، وليست هي عندنا في (هـ).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، إلا أن قوله: «أو نقص» زيادة شاذة، قال ابن الموّاق: إن لم يكن اللفظ شكًا من الراوي، فهو من الأوهام المبينة التي لا خفاء بها، إذ الوضوء مرة ومرتين لا خلاف في جوازه، والآثار بذلك صحيحه.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩)، وابن ماجه (٤٢٢) من طريق سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، بهذا الإسناد. ولم يقل: «أو نقص». وقال السندي في حاشيته علي «سنن النسائي» تعليقًا على زيادة «أو نقص»: والمحققون على أنه وهم لجواز الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٨٤). دون قوله: «أو نقص».
وقال الترمذي بإثر حديثِ علي برقم (٤٤): والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن الوضوء يجزئ مرة مرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده شيء. وقال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم، وقال أحمد وإسحاق: لا يزيدُ على الثلاث إلا رجل مبتلى.

٥٠ - باب الوضوء مرَّتين
١٣٦ - حدَّثنا محمَّد بنُ العلاء، حدَّثنا زيدٌ -يعني ابنَ الحُبَاب-، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن ثَوبان، حدَّثنا عبدُ الله بنُ الفَضْل الهاشميُّ، عن الأعرج
عن أبي هريرة: أنَّ النبيَّ ﷺ توضّأ مرَّتَين مرَّتَين (١).
١٣٧ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا محمَّد بنُ بِشر، حدَّثنا هشامُ بنُ سعد، حدَّثنا زيدٌ، عن عطاء بن يسار، قال:
قال لنا ابن عبَّاس: أتُحبُّونَ أن أُرِيكم كيف كانَ رسولُ الله ﷺ يتوضَّأ؟ فدعا بإناءِ فيه ماءٌ، فاغتَرَفَ غُرفةً بيدِهِ اليُمنى، فتَمضمَضَ واستَنشَقَ، ثمَّ أخذَ أُخرى فجمعَ بها يَدَيهِ، ثمَّ غسلَ وجهَه، ثمَّ أخذَ أُخرى فغسلَ بها يَدَهُ اليُمنى، ثمَّ أخذَ أُخرى فغسلَ بها يَدَهُ اليُسرى ثمَّ قبضَ قَبضَةً مِنَ الماءِ، ثمَّ نَفضَ يَدَهُ، ثمَّ مَسَحَ بها رأسَه وأُذُنَيه، ثمَّ قبضَ قبضةً أُخرى مِن الماء، فرشَّ على رِجلِهِ اليُمنى وفيها النَّعلُ، ثمَّ مَسَحَها بيَدَيهِ: يدٌ فوقَ القَدَمِ ويدٌ تحتَ النَّعل، ثمَّ صنعَ باليُسرى مثلَ ذلك (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الترمذي (٤٣) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٨٧٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٩٤).
وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد أن النبي ﷺ توضّأ مرتين مرتين. أخرجه البخاري (١٥٨).
(٢) حديث صحيح دون ذكر النعل، وهذا إسناد ضعيف لضعف هشام بن سعد، وقد خالفه غيرُ واحد من الثقات فذكروا غسل الرجلين ولم يذكروا النعلين.
زيد: هو ابن أسلم.=

٥١ - باب الوضوء مرةً
١٣٨ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن سفيان، حدَّثني زيدُ بنُ أسلمَ، عن عطاء بن يسار
عن ابن عبَّاس قال: ألا أُخبِرُكم بوضوءِ رسولِ الله ﷺ؟ فتوضَّأ مرَّةً مرَّةً (١).

٥٢ - باب في الفرق ببن المضمضة والاستنشاق
١٣٩ - حدَّثنا حُمَيدُ بنُ مَسعَدَة، حدَّثنا مُعتَمِرٌ قال: سمعتُ ليثًا يذكر عن طلحة، عن أبيه
عن جدِّه، قال: دخلتُ -يعني- على النبي ﷺ وهو يتوضَّأ والماءُ يسيلُ مِن وجهِهِ ولحيتهِ على صَدرِهِ، فرأيتُه يَفصِلُ بينَ المَضمَضَةِ والاستِنشاق (٢).


=وأخرجه البخاري (١٤٠) من طريق سليمان بن بلال، والترمذي (٣٦)، والنسائى في «الكبرى»، (١٠٦)، وابن ماجه (٤٣٩) من طريق محمَّد بن عجلان، والنسائي في «المجتبى» (١٠١)، وابن ماجه (٤٠٣) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، ثلاثتهم عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد. ورواية ابن عجلان عند الترمذي وابن ماجه مختصرة بمسح الرأس والأذنين، ورواية الدراوردي عند ابن ماجه مختصرة بالمضمضة والاستنشاق، ومن رواه تامًا وذكر غسل الرجلين لم يذكر النعلين.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٧٨) و(١٠٨٦).
(١) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه البخاري (١٥٧)، والترمذي (٤٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥)، وابن ماجه (٤١١) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٩٥).
(٢) إسناده ضعيف، ليث -وهو ابن أبي سليم- ضعيف، ومُصرّف والد طلحة مجهول. معتمر: هو ابن سليمان.=

٥٣ - باب في الاستنثار
١٤٠ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إذا توضأَ أحدُكُم فليَجعَل في أنفِهِ (١) ثمَّ ليَنثُرْ» (٢).
١٤١ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا وكيعْ، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن قارظٍ، عن أبي غَطَفان
عن ابن عبَّاس، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «استَنثِروا مرَّتين بالِغَتَينِ أو ثلاثًا» (٣).


=وأخرجه البيهقي ١/ ٥١ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني ١٩/ (٤١٠) من طريق ليث بن أبي سليم، به.
(١) أُلحق في نسخة (ج) بعد كلمة«أنفه»: ماءً. وهي في رواية مسلم والنسائي.
(٢) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز.
وهو في: «موطأ مالك» ١/ ١٩، ومن طريقه أخرجه البخاري (١٦٢)، والنسائي (٩٨).
وأخرجه مسلم (٢٣٧) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (١٦١)، ومسلم (٢٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٩٥)، وابن ماجه (٤٠٩) من طريق أبي إدريس الخولاني، ومسلم (٢٣٧) من طريق همام، كلاهما عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧٤٦).
(٣) إسناده قوي، قارظ -وهو ابن شيبة الليثي المدني- صدوق لا بأس به، وباقى رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن، وأبو غطفان: هو ابن طريف المري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى»، (١٩٧)، وابن ماجه (٤٠٨) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٢٠١١).

١٤٢ - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد في آخرين، قالوا: حدَّثنا يحيي بنُ سُلَيم، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرَة
عن أبيه لَقيطِ بن صَبِرَة، قال: كنتُ وافِدَ بني المنْتَفِقِ، أو في وَفدِ بني المُنتَفِقِ إلى رسول الله ﷺ قال: فلمَّا قَدِمنا على رسولِ الله ﷺ فلم نُصادِفْهُ في مَنزِله، وصادَفْنا عائشةَ أمَ المؤمنين، قال: فأمَرَت لنا بخَزِيرةٍ (١)، فصُنِعَت لنا، قال: وأُتينا بقِناعٍ -ولم يُقِم (٢) قُتَيبةُ القِناع، والقِناعُ: الطَّبَقُ فيه تمرٌ- ثمَّ جاء رسول الله ﷺ فقال: «هل أصَبتم شيئًا؟»، أو «أُمِرَ لكم بشيءٍ؟» قال: قلنا: نعم يا رسول الله، قال: فبينا نحنُ مع رسولِ الله ﷺ جُلوسٌ إذ دفَعَ الرَّاعي غَنَمَه إلى المُرَاحِ، ومَعَه سَخْلةٌ تَيعَرُ، فقال: «ما وَلَّدتَ يا فُلان؟» قال: بَهْمةً، قال: «فاذبَحْ لنا مكانَها شاةً» ثمَّ قال: «لا تَحسِبَنَّ -ولم يقل: لا تَحسَبَنَّ- أنَّا من أجلِكَ ذَبَحناها، لنا غَنَمٌ مئةٌ لا نُريدُ أن تزيدَ، فإذا وَلَّدَ الرَّاعي بَهْمةً ذَبَحنا مكانَها شاةً».
قال: قلت: يا رسولَ الله، إنَّ لي امرأةً، وإنَّ في لسانِها شيئًا -يعني البَذَاءَ- قال: «فطَلِّقها إذًا» قال: قلت: يا رسولَ الله، إنَّ لها صُحبةً ولي منها ولدٌ، قال: «فمُرْها -يقول: عِظْها- فإن يَكُ فيها خيرٌ فستَفعَلُ (٣)، ولا تَضرِبْ ظَعينَتَكَ كضَربِكَ أُمَيَّتَكَ» فقلتُ: يا رسولَ الله، أخبرني


(١) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: بخزير.
(٢) تحرفت في مطبوعتي الدعاس ومحيي الدين إلى: يقل باللام، وقوله: «ولم يقم» فسره على هامش (أ) بقوله: «أي: لم يتلفظ به تلفظًا صحيحًا» وعلى هامش (ج) بقوله: «أي: لم يُثبت».
(٣) في رواية ابن داسه: فستعقل.

عن الوضوء، قال: «أسبغِ الوضوءَ، وخَلِّلْ بينَ الأصابعِ، وبالِغْ في الاستِنشاقِ إلا أن تكونَ صائمًا» (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيي بن سليم -وهو الطائفي- وقد توبع عند أحمد في «المسند» (١٦٣٨٤) وغيره بإسناد صحيح.
وأخرجه مختصرًا بالأمر بإسباغ الوضوء وتخليل الأصابع النسائي في «الكبرى» (١١٦)، وابن ماجه (٤٤٨)، ومختصرًا بالأمر بالإسباغ والمبالغة في الاستنشاق الترمذي (٧٨٨)، والنسائي في «المجتبى» (٨٧)، وابن ماجه (٤٠٧) من طريق يحيي ابن سليم، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا بالأمر بتخليل الأصابع الترمذي (٣٨)، والنسائي في «الكبرى» (١١٦)، ومختصرًا بالأمر بالإسباغ والمبالغة في الاستنشاق النسائي (٩٩) من طريق سفيان، عن إسماعيل بن كثير أبي هاشم، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٨٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٥٤).
وسيأتي بعده وبرقم (٣٩٧٣)، ومختصرًا برقم (٢٣٦٦).
قوله: كنت وافد بني المنتفق، أي: زعيم الوفد ورئيسهم.
وقوله: «أمرت لنا بخزيرة» الخزيرة: طعام يتخذ من لحم ودقيق، يقطع اللحم صغارًا، ويُصب عليه الماء، فإذا نضج ذر عليه الدقيق، فإذا لم يكن فيها لحم، فهي عصيدة.
وقوله: «المُراح» هو مأوى الغنم والإبل ليلًا.
والسَّخلة: ولد المعز، والبَهمة: ولد الشاة أول ما يولد.
وقوله: «تيعَر» اليُعار: هو صوت الشاة.
وقوله: وَلَّدْتَ. هو بتشديد اللام وفتح التاء، يقال: ولَّدَ الشاة إذا حضر ولادتها، فعالجها حتى يخرج الولد منها.
وقوله: لا تحسِبَنَّ ولم يقل: لا تحسَبنَّ، قال النووي: مراد الراوي أن النبي ﷺ نطق بها مكسورة السين، ولم ينطق بها في هذه القضية بفتحها، فلا يظن ظان أني رويتها بالمعنى على اللغة الأخرى أو شككت فيها أو غلطت! بل أنا متيقن نطقه بالكسر.
والبذاء بالمد: الفحش من القول، والظعينة: هي المرأة، وأميتك: تصغير الأمة.

١٤٣ - حدَّثنا عُقبةُ بنُ مُكرَم، حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، حدَّثنا ابنُ جُرَيج، حدَّثني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرة
عن أبيه وافِدِ بني المُنتَفِقِ أنَّه أتى عائشة، فذكر معناه، قال: فلم نَنشَبْ أن جاء رسولُ الله ﷺ يَتَقَلَّعُ يَتكَفَّأ. وقال: «عَصيدة» مكان «خَزيرة» (١).
١٤٤ - حدَّثنا محمَّد بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا أبو عاصم، حدَّثنا ابن جُرَيج، بهذا الحديث، قال فيه:
إذا توضَّأتَ فمَضْمِض (٢).

٥٤ - باب تخليل اللحية
١٤٥ - حدَّثنا أبو تَوبَة -يعني الرَّبيعَ بنَ نافع-، حدَّثنا أبو المَليحِ، عن الوليد بن زَوْران
عن أنس بنِ مالك: أنَّ رسولَ الله ﷺ كان إذا توضّأ أخذَ كفًّا من ماءٍ فأدخَلَه تحتَ حَنَكِهِ فخلَّلَ به لِحيتهُ، وقال: «هكذا أمَرَني ربِّي» (٣).


(١) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٨٤٦) عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
قوله: فلم ننشَب، أي: لم نلبث. وحقيقته: لم نتعلق بشيء غيره، ولم نشتغل بسواه.
(٢) إسناده صحيح. محمَّد بن يحيى بن فارس: هو الذُّهلي الحافظ المشهور، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.
وقد سلف تخريجه برقم (١٤٢).
(٣) حسن لغيره دون قوله: «هكذا أمرني ربي» فلم ترو إلا من طرق شديدة الضعف وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه. الوليد بن زُروان أو زوران وإن روى عنه جمع=

قال أبو داود: والوليدُ بنُ زَوْران روى عنه حجَّاجُ بن حجَّاح وأبو المَليح الرَّقِّيُّ (١).

٥٥ - باب المسح على العمامة
١٤٦ - حدَّثنا أحمدُ بن محمَّد بن حَنبَل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن ثَورٍ، عن راشد بن سعد


= من الثقات، وذكره ابن حبان في «الثقات»، لكن قد قال أبو عبيد الآجري: سألتُ أبا داود عن الوليد بن زروان حدث عن أنس؟ فقال: جزري لا ندري سمع من أنس أم لا.
وأخرجه البيهقي ١/ ٥٤، والبغوي في «شرح السنة» (٢١٥) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ١/ ١٤٩ من طريق موسى بن أبي عائشة، عن أنس. قال الحافظ في «التلخيص الحبير» ١/ ٨٦: وهو معلول، فإنما رواه موسى بن أبي عائشة، عن زيد ابن أبي أنيسة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس. أخرجه ابن عدي في ترجمة الحارث بن أبي الأشهب (٢/ ٥٦٠). قلنا: وهو بهذا الإسناد الأخير عند ابن أبي شيبة ١٤/ ٢٦٢ غير أنه أبهم شيخ موسى فيه، ويزيد -وهو ابن أبان- الرقاشي شديد الضعف، وأصل حديث يزيد عن أنس عند ابن أبي شيبة ١٤/ ٢٦٢، وابن ماجه (٤٣١)، واقتصرا على حكاية تخليل اللحية دون تعليله بأمره سبحانه به.
وأخرجه الذهلي في «الزهريات» -كما في «التلخيص الحبير»-، والحاكم ١/ ١٤٩ من طريق محمَّد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس. قال الحافظ: رجاله ثقات إلا أنه معلول، فقد رواه الذهلي عن يزيد بن عبد ربه، عن محمَّد بن حرب، عن الزبيدى، أنه بلغه عن أنس.
ولتخليل اللحية شواهد منها حديث عثمان عند الترمذي (٣١)، وفي إسناده عامر ابن شقيق وهو لين الحديث، لكن صححه الترمذي ونقل عن البخاري تحسينه، وصححه أيضًا ابن حبان (١٠٨١).
وآخر من حديث عائشة عند أحمد (٢٥٩٧٠)، وذكرنا هناك بقية شواهده، وهي جميعًا لا تخلو من ضعف، لكن يتقوى الحديث بمجموعها.
(١) قول أبي داود هذا من رواية ابن داسه وابن الأعرابي.

عن ثَوبان، قال: بعثَ رسولُ الله ﷺ سَرِيَّة فأصابَهُم البَردُ، فلمَّا قَدِمُوا على رسولِ الله ﷺ أمَرَهُم أن يَمسَحوا على العَصَائِبِ والتَّساخِين (١).


(١) إسناده صحيح. ثور: هو ابن يزيد الحمصي. وقد أورد الذهبي هذا الحديث في «السير» ٤/ ٤٩١ من «سنن أبي داود» وقال: إسناده قوي.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٣٨٣).
وأخرجه البيهقي ١/ ٦٢، والبغوي (٢٣٤) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» ١/ ١٨٧ - ومن طريقه البغوي (٢٣٣) - والطبراني في «مسند الشاميين» (٤٧٧) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقال أبو عبيد: العصائب: هي العمائم.
وأخرجه أبو عبيد ١/ ١٨٧ - ومن طريقه البغوي (٢٣٣) - عن محمَّد بن الحسن، عن ثور، به بلفظ: «المشاوذ والتساخين»، وقال: المشاوذ: هي العمائم، والتساخين: هي الخِفاف. قلنا: وأصله كل ما تسخن به القدم من خف وجوربٍ.
وأخرجه أحمد (٢٢٤١٩)، والبخاري فى «التاريخ الكبير» ٦/ ٥٢٥، والطبراني في «الكبير» (١٤٠٩)، وفي «مسند الشاميين» (٢٠٦٠) من طريق أبي سلام ممطور الحبشي، عن ثوبان، بلفظ: مسح على الخفين والخمار، يعني العمامة. وإسناده ضعيف.
وقد ذهب إلى هذا الحديث طائفة من السلف، فجوزوا المسح على العمامة بدلًا من الرأس، قال ابن المنذر في «الأوسط» ١/ ٤٦٧: وممن فعل ذلك أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأنس بن مالك وأبو أمامة، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، والحسن البصري وقتادة.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز المسح عليها، لأن الله تعالى يقول: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] ولأنه لا تلحقه المشقة في نزعها فلم يجز المسح عليها، وبه قال عروة بن الزُّبير والنخعي والشعبي والقاسم ومالك بن أنس والشافعي وأصحاب الرأي، وتأولوا الحديث على معنى أنه يمسح بعض الرأس ويتمم على العمامة كما في حديث المغيرة عند مسلم (٢٧٤) (٨١) ويأتي عند أبى داود برقم (١٥٠).

١٤٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وَهْب، حدَّثني مُعاويةُ بنُ صالح، عن عبد العزيز بن مُسلِم، عن أبي مَعقِل
عن أنس بن مالك، قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ يتوضَّأ وعليه عِمامةٌ قِطْريَّةٌ، فأدخَلَ يَدَهُ (١) مِن تحتِ العِمامةِ، فمسَحَ مُقَدَّمَ رأسِهِ ولم يَنقُضِ العِمامَةَ (٢).

٥٦ - باب غسل الرِّجل (٣)
١٤٨ - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا ابن لَهِيعةَ، عن يزيد بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ
عن المُستَورِدِ بن شدَّاد، قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ إذا توضَّأ يَدلُكُ أصابعَ رِجلَيهِ بخِنصَرِهِ (٤).


(١) في (أ) و(ب) و(د): يديه، وأشار في هامش (أ) و(ب) أن في نسخة الخطيب: يده، وصحح عليها. وهي كذلك (يده) في (ج) و(هـ).
(٢) إسناده ضعيف، عبد العزيز بن مسلم -وهو المدني- وأبو معقل مجهولان.
وأخرجه ابن ماجه (٥٦٤) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
قوله: «قِطرية» بكسر القاف نسبة إلى قَطَر بفتحتين.
(٣) في (هـ): باب تخليل أصابع الرجلين.
(٤) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، يزيد بن عمرو -وهو المعافري- صدوق حسن الحديث، ورواية قتيبة عن ابن لهيعة قوية، وقد رواه أيضًا عن ابن لهيعة عبدُ الله ابن وهب عند الطحاوي ١/ ٣٦، وعبد الله بن يزيد المقرئ عند ابن قانع ٣/ ١٠٩، والطبراني، ٢٠/ (٨٢٨) وكلاهما ممن روى عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه. أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.
وأخرجه الترمذي (٤٠)، وأبو الحسن القطان في «زوائده» على «سنن ابن ماجه» بإثر الحديث (٤٤٦) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.=

٥٧ - باب المسح على الخفين
١٤٩ - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وَهب، أخبرني يونُسُ بنُ يزيد، عن ابن شِهاب، حدَّثني عبَّادُ بنُ زياد، أنَّ عُروةَ بنَ المُغيرة بن شُعبَة أخبره
أنَّه سمع أباه المُغيرةَ يقول: عَدَلَ رسول الله ﷺ وأنا مَعَهُ في غزوةِ تَبوكَ قبلَ الفَجرِ، فعَدلتُ مَعَه، فأناخَ النبيُّ ﷺ فتبرَّزَ، ثمَّ جاءَ فسَكَبتُ على يَده مِنَ الإداوة، فغَسَلَ كَفَّيهِ، ثمَّ غسلَ وجهَه، ثمَّ حَسَرَ عن ذِراعَيهِ فضاقَ كُمَّا جُبَّتهِ، فأدخَلَ يَدَيهِ فأخرَجَهما مِن تحتِ الجُبَّةِ فغَسَلَهما إلى المِرفَقِ، ومسحَ برأسِهِ، ثمَّ توضَّأ على خُفَّيه، ثمَّ رَكِبَ، فأقبَلنا نسيرُ حتى نَجِدَ الناسَ في الصَّلاةِ قد قَدَّمُوا عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ فصلَّى بهم حينَ كانَ وقتُ الصَّلاة، ووَجَدنا عبدَ الرحمن وقد رَكَعَ لهم ركعةً من صلاةِ الفَجرِ، فقامَ رسولُ الله ﷺ مع فَصَفَّ مع المسلمين، فصلَّى وراء عبد الرحمن بن عَوفٍ الركعةَ الثَّانيةَ، ثمَّ سلَّم عبدُ الرحمن، فقام النبيُّ ﷺ في صلاتِهِ ففَزِعَ المُسلمونَ، فأكثروا التَّسبيحَ لأنَّهم سَبَقُوا النبيَّ ﷺ بالصَّلاة، فلمَّا سلَّم رسولُ الله ﷺ قال لهم: «قد أصَبْتُم» أو «قد أحسَنتم» (١).


=وأخرجه ابن ماجه (٤٤٦) من طريق محمَّد بن حِميَر، عن ابن لهيعة، به.
وله شاهد من حديث لقيط بن صبرة سلف برقم (١٤٢).
وآخر من حديث ابن عباس عند الترمذي (٣٩)، وابن ماجه (٤٤٧).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عباد بن زياد، فلم يرو عنه غير الزهري ومكحول، وذكره ابن حبان في «الثقات»، ولم يخرج له مسلم سوى هذا الحديث الواحد في المتابعات، وباقي رجاله ثقات. ابن شهاب: هو محمَّد ابن مسلم الزهري.=

١٥٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ سعيد- (ح)
وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا المُعتَمِرُ، عن التَّيميِّ، حدَّثنا بكرٌ، عن الحسن، عن ابن المُغيرة بن شُعبَة
عن المغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله ﷺ توضَّأ ومسحَ ناصِيَتَهُ، ذكرَ فوقَ العِمامة.
قال عن المعتمر: سمعتُ أبي يُحدِّثُ عن بكر بن عبد الله، عن الحسن، عن ابن المُغيرة بن شُعبَة، عن المُغيرة: أنَّ نبيَّ الله ﷺ كانَ يَمسَحُ على الخُفَّينِ، وعلى ناصِيَتِهِ، وعلى عِمامَتِهِ.
قال بكر: وقد سَمِعتُه من ابن المُغيرة (١).


=وأخرجه مسلم بإثر الحديث (٤٢١) / (١٠٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٦٥) من طريق الزهري، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٧٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٢٢٤).
وأخرجه مختصرًا دون ذكر صلاة عبد الرحمن بن عوف البخاري (١٨٢)، ومسلم (٢٧٤) (٧٥)، والنسائي (١٢١)، وابن ماجه (٥٤٥) من طريق نافع بن جبير، والترمذي (٩٨) من طريق أبي الزناد، كلاهما عن عروة بن المغيرة، به. وبعضهم يزيد على بعض.
وأخرجه كذلك دون ذكر الصلاة البخاري (٣٦٣) و(٣٨٨) و(٢٩١٨)، ومسلم (٢٧٤) (٧٧) و(٧٨)، والنسائي (٩٥٨٥) من طريق مسروق، ومسلم بإثر الحديث (٤٢١)، والنسائي (٨٢) من طريق حمزة بن المغيرة، ومسلم (٢٧٤) (٧٦) من طريق الأسود بن هلال، ثلاثتهم عن المغيرة.
وأخرجه بذكر الصلاة النسائي (١١٢) من طريق عمرو بن وهب الثقفي، عن المغيرة. وهو في «مسند أحمد» (١٨١٣٤)، وإسناده صحيح.
وسيأتي حديث المغيره مختصرًا بالأرقام (١٥٠) و(١٥١) و(١٥٢) و(١٦٥).
(١) إسناده صحيح. معتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، وشيخه هنا أبوه، وبكر: هو ابن عد الله المزني، والحسن: هو البصري. وابن المغيرة: هو حمزة.=

١٥١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونُسَ، حدّثني أبي، عن الشَّعبيِّ، قال: سمعتُ عُروةَ بن المُغيرة بن شُعبَة يذكر
عن أبيه، قال: كُنَّا مَعَ رسولِ الله ﷺ في رَكْبِهِ (١) ومعي إداوةٌ فخرجَ لحاجتِهِ، ثمَّ أقبَلَ فتَلَقَّيتُه بالإداوةِ، فأفرَغتُ عليه، فغسلَ كَفَّيهِ ووجهَهُ، ثمَّ أرادَ أن يُخرِجَ ذِراعَيهِ وعليه جُبَّةٌ مِن صُوفٍ من جِبَابِ الروم ضَيِّقةَ الكُمَّينِ، فضاقت، فادَّرَعَهُما ادراعًا، ثمَّ أهوَيتُ إلى الخُفَّينِ لأنزِعَهُما، فقال لي: «دَعِ الخُفَّين، فإنِّي أدخَلتُ القَدَمَينِ الخُفَّينِ وهما طاهِرَتانِ» فمسحَ عليهما، قال أبي: قال الشَّعبيُّ: شَهِدَ لي عُروةُ على أبيه، وشَهِدَ أبوه على رسولِ الله ﷺ (٢) -.


=وأخرجه مسلم (٢٧٤) (٨٣)، والترمذي (١٠٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٨) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٧٤) (٨٢) من طريق المعتمر بن سليمان، به.
ثمَّ أخرجه من طريق معتمر، به بإسقاط الحسن، وكلاهما صحيح، فقد سمعه بكر من الحسن عن ابن المغيرة، وسمعه من ابن المغيرة مباشرة.
وأخرجه مسلم (٢٧٤) (٨١) عن محمَّد بن عبد الله بن بزيع، والنسائي (١٠٩) عن عمرو بن علي وحميد بن مسعدة، ثلاثتهم عن يزيد بنْ زريع، عن حميد، عن بكر المزني، عن ابن المغيرة، عن أبيه. وسمَّى ابن بزيع ابن المغيرة: عروة، وسماه عمرو بن علي وحميد بن مسعدة: حمزة. قال المزي في «تحفة الأشراف» (١١٤٩٥): قال أبو مسعود: كذا يقول مسلم في حديث ابن بزيع عن ابن زريع: عروة بن المغيرة، وخالفه الناس فقالوا: حمزة بن المغيرة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٧٢) و(١٨٢٣٤).
وانظر ما قبله.
(١) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: رَكبةٍ.
(٢) إسناده صحيح. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.=

١٥٢ - حدَّثنا هُدبةُ بنُ خالد، حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادة، عن الحسن وعن زُرارةَ بن أوفى
أنَّ المُغيرةَ بنَ شُعبَة قال: تَخَلَّفَ رسولُ الله ﷺ، فذكر هذه القِصَّة، قال: فأتَينا النَّاسَ وعبدُ الرحمن بنُ عَوفٍ يُصلِّي بهم الصُّبحَ، فلمَّا رأى النبيَّ ﷺ أراد أن يتأخَّر، فأومَأ إليه أن يمضي، قال: فصَلَّيتُ أنا والنبيُّ ﷺ خَلفَهُ ركعةَ، فلمَّا سَلَّمَ قامَ النبيُّ ﷺ فصلَّى الرَّكعةَ التي سُبِقَ بها، ولم يَزِدْ عليها شيئًا (١).
قال أبو داود: أبو سعيد الخُدْريُّ وابنُ الزُّبير وابنُ عمر يقولون: مَن أدرَكَ الفردَ مِنَ الصَلاةِ عليه سجدتا السَّهو (٢).


=وأخرجه البخاري (٢٠٦)، ومسلم (٢٧٤) (٧٩)، و(٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (١١١) من طريق الشعبي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٢٦).
وانظر ما سلف برقم (١٤٩).
(١) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيي العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار البصري.
وانظر ما سلف برقم (١٤٩).
وقال المزي في «تحفة الأشراف» (١١٤٩٢): في رواية أبي عيسى الرملي عن أبي داود: عن الحسن بن أعين، عن زرارة بن أوفى، عن المغيرة بن شعبة.
(٢) قول أبي داود هذا ليس في روايتي أبن داسه وابن الأعرابي، ومعنى قوله: من أدرك الفرد من الصلاة .. أدرك مع الإمام ركعة واحدة أو ثلاث ركعات من الصلاة، فعليه سجدتا السهو، قال شمس الحق أبادي ١/ ١٧٨: لأنه يجلس للتشهد مع الإمام في غير موضع الجلوس، وبه قال جماعة من أهل العلم، منهم عطاء وطاووس ومجاهد وإسحاق، ويجاب عن ذلك بأن النبي ﷺ جلس خلف عبد الرحمن، ولم يسجد، ولا أمر به المغيرة، وأيضًا ليس السجود إلا للسهو، ولا سهو هاهنا، وأيضًا متابعة الإمام واجبة فلا يسجد لفعلها كسائر الواجبات.

١٥٣ - حدَّثنا عُبَيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبة، عن أبي بكر -يعني ابنَ حَفص بن عمر بن سعد- سمع أبا عبد الله، عن أبي عبد الرحمن
أنَّه شَهِدَ عبدَ الرحمن بنَ عَوفِ يسألُ بلالًا عن وُضوء رسولِ الله ﷺ فقال: كان يخرُجُ يقضي حاجَتَه فآَتيهِ بالماءِ فيتوضأ ويَمسَحُ على عِمامَتِهِ ومُوقّيه (١).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد الله، وهو مولى بني تيم ابن مرة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٨٤، وأحمد (٢٣٩٠٣)، والشاشي (٩٦٣ - ٩٦٦)، والطبرني (١١٠٠) و(١١٠١)، والحاكم ١/ ١٧٠، والبيهقي ١/ ٢٨٨ - ٢٨٩ من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وعندهم جميعًا إلا الشاشي في إحدى رواياته (٩٦٥): عن أبي عبد الرحمن، غير منسوب. وأما الشاشي فروايته من طريق شبابة عن شعبة، وقال: السلمي. ولإبهام أبي عبد الرحمن في أكثر الروايات جهَّله ابن عبد البر.
وأخرجه أحمد (٢٣٨٩١) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو بكر بن حفص، أخبرني أبو عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، به. فقلبه ابن جريج كما نقله الحافظ بن حجر في «التهذيب» عن غير واحد من الحفاظ.
ورواه عبد الملك بن أبجر -فيما قال الدارقطني في «العلل» ٧/ ١٧٧ - عن أبي بكر بن حفص، عن أبي عبد الله، عن أبي عبد الرحمن مسلم بن يسار، به. وقال الدارقطني: وليس الأمر عندي كما قال.
وأخرج مسلم (٢٧٥)، والترمذي (١٠٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٢٢)، وابن ماجه (٥٦١) من طريق كعب بن عجرة، عن بلال قال: مسح رسول الله ﷺ على الخفين والخمار. وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٨٤).
وأخرجه النسائي (١٢٣) من طريق البراء بن عازب، عن بلال قال: رأيت رسول الله ﷺ يمسح على الخفين.
قوله: «موقيه» هما الخفان الغليظان يلبسان فوق الخف، فهو بمعنى الجرموق.

قال أبو داود: هو أبو عبد الله مولى بني تيم بن مُرَّة.
١٥٤ - حدَّثنا علي بنُ الحسين الدَّرْهميُّ، حدَّثنا ابنُ داود، عن بُكير بن عامر، عن أبي زُرعة بن عمرو بن جرير
أنَّ جريرًا بالَ ثمَّ توضأَ فمسحَ على الخُفَّين وقال: ما يَمنَعُني أن أمسَحَ وقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَمسَحُ قالوا: إنَّما كانَ ذلك قبلَ نُزولِ المائدةِ، قال: ما أسلَمتُ إلا بعد نزولِ المائدة (١).
١٥٥ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأحمدُ بنُ أبي شُعيب الحَرَّانيُّ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا دَلْهمُ بنُ صالح، عن حُجَير بن عبد الله، عن ابن بُرَيدة


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بكير بن عامر -وهو البجلي الكوفي-، والمحفوظ في قوله: «ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة» أنه من كلام بعض الرواة لا من كلام جرير نفسه.
ابن داود: هو عبد الله بن داود الخُرَيْبي.
وهو في «شرح شكل الآثار» (٢٤٩٤) من طريق بكير بن عامر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٩٤) من طريق شهر بن حوشب، عن جرير. وذكر فيه عن جرير قوله: «ما أسلمت إلا بعد المائدة»، وشهر بن حوشب ضعيف.
وأخرجه البخاري (٣٨٧)، ومسلم (٢٧٢)، والترمذي (٩٣)، والنسائي في «الكبرى» (١٢٠) وابن ماجه (٥٤٢) من طريق إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، عن جرير: أنه بال ثمَّ توضّأ فمسح على خفيه، وقال: قد رأيت رسول الله ﷺ يفعله. قال إبراهيم النخعي: كان يُعجبهم -وفي بعض الروايات: كان يعجب أصحاب ابن مسعود- هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. قلنا: واهتمامهم بثبوت المسح بعد نزول سورة المائدة لدفع توهم كونه منسوخًا بآية الوضوء التي في سورة المائدة.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٣٥).

عن أبيه: أنَّ النَّجاشيَّ أهدى إلى رسول الله ﷺ خُفَّين أسوَدَينِ ساذَجَينِ، فلَبِسَهما ثمَّ تَوضَّأ ومسحَ عليهما. قال مُسدَّدٌ: عن دَلْهَم بن صالح (١).
قال أبو داود: هذا مما تفرَّدَ به أهلُ البصرة.
١٥٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا ابنُ حَيٍّ -هو الحسنُ بنُ صالح-، عن بُكير بن عامر البَجَلي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم
عن المغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله ﷺ مسحَ على الخُفَّين، فقلتُ: يا رسولَ الله، أنسيتَ؟ قال: «بل أنتَ نسيتَ، بهذا أمرني ربِّي عز وجل» (٢).


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، دلهم بن صالح ضعيف، وحجير بن عبد الله مجهول.
وأخرجه الترمذي (٣٠٣٠)، وابن ماجه (٥٤٩) و(٣٦٢٠) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٨١)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٣٤٧).
وأخرج البيهقي ١/ ٢٨٣ من طريق أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي، عن المغيرة: أن رسول الله ﷺ توضّأ ومسح على خفيه، قال: فقال رجل عند المغيرة بن شعبة: يا مغيرة، ومن أين كان للنبي ﷺ خفان؟ قال: فقال المغيرة: أهداهما إليه النجاشي. وقال البيهقي: هذا شاهد لحديث دلهم بن صالح. قلنا: ورجال إسناده ثقات.
قوله: «ساذجين» الساذَج: بفتح الذال وكسرها: هو الخالص غيرُ المَشُوب وغيرُ المنقوش، أي: غير منقوشين، أو على لون واحد لم يُخالط سوادَهما لون آخر، أو لا شعر عليهما، وهو معرَّب عن: سادَه بالفارسية.
(٢) ضعيف بهذا السياق، فقد تفرد به هكذا بكير بن عامر البجلي، وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات.=

٥٨ - باب التوقيت في المسح
١٥٧ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبة، عن الحَكَمِ وحمَاد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجَدَليِّ
عن خزيمة بن ثابت، عن النبيِّ ﷺ قال: «المسحُ على الخُفَّينِ للمُسافِرِ ثلاثةُ أيَّامِ، وللمُقيمِ يومٌ وليلةٌ» (١).


=وأخرجه أحمد (١٨١٤٥) و(١٨٢٢٠)، والطبراني ٢٠/ (١٠٠٠) و(١٠٠١) و(١٠٠٢)، والحاكم ١/ ١٧٠، وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ٣٣٥، والبيهقي ١/ ٢٧١ - ٢٧٢، وابن عبد البر في «التمهيد» ١١/ ١٤١ من طرق عن بكير بن عامر البجلي، بهذا الإسناد.
وقد سلف حديث المغيرة بسياقه الصحيح بالأرقام (١٤٩ - ١٥٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع بين إبراهيم -وهو ابن يزيد النخعي- وبين أبي عبد الله الجدلي، وقد تبيَّنت الواسطة بينهما عند الترمذي في «العلل الكبير» ١/ ١٧٢، والبيهقي ١/ ٢٧٧، وذلك أن إبراهيم النخعي سمعه من إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي، وإبراهيم التيمي وعمرو بن ميمون ثقتان. وأما إعلال البخاري له بأنه لا يُعرف سماع لأبي عبد الله الجدلي من خزيمة بن ثابت، فعلى مذهبه في اشتراط ثبوت اللقاء، وقد صحح الحديث ابن معين والترمذي وابن حبان.
وأخرجه الترمذي (٩٥)، وابن ماجه (٥٥٣) من طريق سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة. زاد ابن ماجه فيه: قال: ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسًا.
وأخرجه ابن ماجه (٥٥٤) من طريق سلمة بن كهيل، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٨٥١) و(٢١٨٧١) وفيه تمام الكلام عيه، و«صحيح ابن حبان» (١٣٢٩).

قال أبو داود: رواه منصورُ بنُ المُعتَمِر عن إبراهيم التَّيمىَّ بإسناده، قال فيه: ولو استَزَدْناه لزادَنا.
١٥٨ - حدَّثنا يحيى بنُ مَعِين، حدَّثنا عمرُو بنُ الرَّبيع بن طارق، أخبرنا يحيى ابنُ أيوب، عن عبد الرحمن بن رَزين، عن محمّد بن يزيد، عن أيوب بن قَطَن
عن أُبىِّ بن عُمارة -قال يحيى بن أيوب: وكانَ قد صلَّى مع رسولِ الله ﷺ القِبلَتَينِ- أنَّه قال: يا رسولَ الله، أمسَحُ على الخُفَّين؟ قال: «نعم» قال: يومًا؟ قال: «يومًا» قال: ويومَينِ؟ قال: «ويومَينِ» قال: وثلاثةً؟ قال: «نعم، وما شِئتَ» (١).


(١) إسناده ضعيف جدًا، عبد الرحمن بن رزين ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجاهيل، وقد اختلف في إسناده كما أشار إليه المصنف، وقال الدارقطني: هذا الإسناد لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢٧٩ من طريق المصنف بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٥٥٧) من طريق عبد الله بن وهب، عن يحيي بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمَّد بن يزيد، عن أيوب بن قطن، عن عبادة بن نسي، عن أُبي بن عمارة. فزاد عبادة بن سي.
قال الخطابي في «معالم السنين» ١/ ٥٩ - ٦٠: الأصل في التوقيت أنه للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، هكذا روي في خبر خزيمة بن ثابت، وخبر صفوان بن عسال وهو قول عامة الفقهاء غير أن مالكًا قال: يمسح من غير توقيت قولًا بظاهر هذا الحديث، وتأويل الحديث عندنا أنه جعل له أن يرتخص بالمسح ما شاء وما بدا له كلما احتاج إليه على مر الزمان إلا أنه لا يعدو شرط التوقيت، والأصل وجوب غسل الرجلين، فإذا جاءت الرخصة في المسح مقدرة بوقت معلوم لم يجز مجاوزتها إلا بيقين، والتوقيت في الأخبار الصحيحة إنما هو اليوم والليلة للمقيم، والثلاثة الأيام ولياليهن للمسافر.
وقال النووي في «شرح صحيح مسلم» ٣/ ١٧٦: حديث أبي بن عمارة في ترك التوقيت حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث.
وانظر التعليق الآتي.

قال أبو داود: رواه ابنُ أبي مريم المِصريُّ، عن يحيي بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رَزين، عن محمَّد بن يزيد بن أبي زياد، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن أُبيِّ بن عُمارة، قال فيه: حتَّى بلغَ سبعًا، قال رسول الله ﷺ: «نعم، مما بَدَا لك» (١).
وقد اختُلِفَ في إسناده، وليس بالقويَّ.

٥٩ - باب المسح على الجوربين
١٥٩ - حدَّثنا عثمان بنُ أبي شيبة، عن وكيع، عن سُفيان، عن أبي قيس الأوديِّ، عن هُزَيل بن شُرَحبيل
عن المُغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله ﷺ توضّأ ومسحَ على الجَورَبَينِ والنَّعلَين (٢).


(١) ابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم، وروايته هذه أخرجها الطحاوي ١/ ٧٩، والحاكم ١/ ١٧٠، والبيهقي ١/ ٢٧٩. وليس في إسناده أيوب بن قطن.
وقال الإمام الطحاوي بعد أن أورد الأحاديث الكثيرة الدالة على التوقيت في المسح: فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله ﷺ بالتوقيت في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليها وللمقيم يوم وليلة، فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن عمارة.
(٢) حديث صحيح كما بيَّناه في تعليقنا على «سنن ابن ماجه» (٥٥٩)، وأخرجه الترمذي (٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (١٣٠)، وابن ماجه (٥٥٩) من طريق أبي قيس الأودي، بهذا الإسناد. وصححه الترمذي.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٢٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٣٨) وصحيح ابن خزيمة (١٩٨) وانظر شواهده في تعليقنا على «سنن ابن ماجه».
وفي الباب عن ثوبان سلف عند المصنف برقم (١٤٦).

قال أبو داود: كان عبدُ الرحمن بن مَهْديّ لا يُحدِّثُ بهذا الحديث، لأنَّ المعروفَ عن المُغيرة أنَّ النبيَّ ﷺ مسحَ على الخُفَّين (١).
ورُوي هذا أيضًا عن أبي موسى الأشعريِّ عن النبيِّ ﷺ أنَّه مسحَ على الجَورَبَين، وليس بالمُتَّصلِ ولا بالقويِّ (٢).
قال أبو داود: ومسح علي الجَورَبَين عليُّ بنُ أبي طالب، وأبو (٣) مسعود، والبراءُ بنُ عازب، وأنسُ بنُ مالك، وأبو أمامة، وسهلُ بن سعد، وعمرُو بنُ حُرَيث، ورُوِيَ ذلك عن عمر بن الخطَّاب وابن عبَّاس (٤).


(١) وبهذا ضعفه ابن المديني ومسلم -فيما نقله عنهما البيهقي- وأحمد والنسائي والدارقطني والبيهقي، أما الترمذي وابن حبان وابن التركماني، فقد صححوه وتابعهم الشيخ أحمد شاكر على ذلك ورأوا أن حديث المسح على الخفين غيرُ حديث المسح على الجوربين.
(٢) حديث أبي موسى أخرجه ابن ماجه (٥٦٠)، وفي إسناده عيسى بن سنان القَسْملي وهو لينُ الحديث.
(٣) في أصل (ج): وابن، وهو خطأ.
(٤) أثر علي أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٨٩، وابن المنذر في «الأوسط» ١/ ٤٦٢، وإسناده صحيح.
وأثر أبي مسعود أخرجه عبد الرزاق (٧٧٧) عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث، عنه. وإسناده صحيح.
وأثر البراء بن عازب أخرجه عبد الرزاق (٧٧٨)، وابن أبي شيبة ١/ ١٨٩، وابن المنذر ١/ ٤٦٣، وإسناده صحيح.
وأثر أنس أخرجه عبد الرزاق (٧٧٩)، وابن أبي شيبة ١/ ١٨٨، وإسناده صحيح.
وأثر أبي أمامة أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٨٨، وإسناده ضعيف.
وأثر سهل بن سعد أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٨٩، وإسناده ضعيف.=

٦٠ - باب
١٦٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وعبَّادُ بنُ موسي، قالا: حدَّثنا هُشَيم، عن يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه؛ قال عبَّاد: قال:
أخبرني أوسُ بنُ أبي أوس الثَّقفيُّ: أنَّ رسولَ الله ﷺ (١)، وقال عبَّاد: رأيتُ رسولَ الله ﷺ تى كِظامَةَ قَومٍ -يعني المِيضَأَةَ-، ولم يذكر مُسدَّدٌ المِيضَأَةَ والكِظامَةَ، ثمَّ اتَّفقا، فتوضَّأ ومسحَ على نَعلَيهِ وقَدَمَيه (٢).


وانظر «الأوسط» لابن المنذر ١/ ٤٦٢ - ٤٦٣، و«المجموع» ١/ ٤٩٩ - ٥٠٠ للنووي، وفيه: وحكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقًا وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود.
(١) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: أنه رأى رسولَ الله ﷺ توضّأ ومسح على نعليه وقدميه.
(٢) إسناده ضعيف، عطاء العامري والد يعلى مجهول، تفرد بالرواية عنه ابنه يعلى، وباقي رجاله ثقات. هشيم: هو ابن بشير.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢٨٦ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (١٦١٥٦)، والطبراني (٦٠٣)، والحازمي في «الإعتبار» ص ٦١ من طريق هشيم، بهذا الإسناد. ولم يذكر أحمد المسح على النعلين والقدمين، ولم يذكر الطبراني والحازمي المسح على النعلين وذكرا القدمين فقط.
وأخرجه أحمد (١٦١٥٨)، والطبراني (٦٠٧) و(٦٠٨)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٩٧٨)، والحازمي ص٦١ من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، به.
وأخرجه الطيالسي (١١١٣)، وأحمد (١٦١٦٥)، والطحاوي ١/ ٩٦، وابن حبان (١٣٣٩)، والطبراني (٦٠٥)، والبيهقي ١/ ٢٨٧ من طريق حماد بن سلمة، وابن أبي شيبة ١/ ١٩٠ و١٤/ ٢٣٤، وأحمد (١٦١٦٨) و(١٦١٨١)، والطحاوي ١/ ٩٧، والطبراني (٦٠٦) من طريق شريك النخعي، كلاهما عن يعلى بن عطاء، عن أوس الثقفي، لم يذكرا عطاء أبا يعلى.=

٦١ - باب كيف المسح
١٦١ - حدَّثنا محمَّد بنُ الصَّبَّاح البزَّازُ، حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي الزَّناد، قال: ذكره أبي، عن عُروة بن الزُّبير
عن المُغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله ﷺ كان يَمسَحُ على الخُفَّين، وقال غيرُ محمَّد: على ظَهرِ الخُفَّين (١).
١٦٢ - حدَّثنا محمَّد بنُ العلاء، حدَّثنا حَفصٌ -يعني ابنَ غِياثٍ-، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبدِ خَيرٍ
عن عليٍّ قال: لو كانَ الدينُ بالرَّأي لكانَ أسفَلُ الخُفِّ أولى بالمَسحِ مِن أعلاه، وقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَمسَحُ على ظاهِرِ خُفَّيهِ (٢).


=وقد أجاب أهل العلم عن أحاديث المسح على النعلين بثلاثة أجوبة:
أحدهما: أنه كان من النبي ﷺ في الوضوء المتطوع به.
والثاني -وهو قولُ البيهقي-: أن معنى «مسح على نعليه» أي: غسلهما في النعل.
والثالث -وهو قول الطحاوي-: وهو أنه مسح على الجوربين والنعلين، وكان مسحه على الجوربين هو الذي يطهر به، ومسحه على النعلين فضلًا. وانظر «نصب الراية» ١/ ١٨٨ - ١٨٩.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.
وأخرجه الترمذي (٩٨) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٥٦).
وانظر ما سلف برقم (١٤٩).
(٢) إسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في «التخليص الحبير» ١/ ١٦٠. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وعبد خير: هو ابن يزيد الهمداني.=

١٦٣ - حدَّثنا محمَّد بنُ رافع، حدَّثنا يحيى بنُ آدَمَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ عبد العزيز، عن الأعمش بهذا الحديث، قال:
ما كنت أُرى باطِنَ القَدَمَينِ إلا أحقَّ بالغَسلِ، حتَّى رأيت رسولَ الله ﷺ يَمسَحُ على ظَهرِ خُفَّيه (١).
١٦٤ - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا حفصُ بنُ غِياث، عن الأعمش بهذا الحديث، قال:


=وأخرجه البيهقي ١/ ٢٩٢، وابن عبد البر في «التمهيد» ١١/ ١٥٠ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (٧٦٩) و(٧٧٠) و(٧٨٣)، والبيهقي ١/ ٢٩٢، والبغوي في «شرح السنة» (٢٣٩) من طرق عن حفص بن غياث، به.
وانظر الروايات الآتية بعده.
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢٩٢ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (٧٨٩) من طريق محاضر بن مورع، عن الأعمش، به.
وأخرجه الدارمي (٧١٥)، وأحمد (١٢٦٤)، والبزار (٧٩٤)، والبيهقي ١/ ٢٩٢ من طريق يونس، والدارقطني ٤/ ٤٧ من طريق سفيان الثوري، والبيهقي ١/ ٢٩٢ من طريق إبراهيم بن طهمان، كلاهما عن أبي إسحاق، به.
قوله: «باطن القدمين» أراد بالقدمين الخفين كما في رواية حفص السالفة، وكما قال وكيع في روايته الآتية قريبًا، ولقوله في آخر هذه الرواية نفسها: «يمسح على ظهر خفيه». قال البيهقي: إنما أُريد به قدما الخف بدليل ما مضى -يعني رواية حفص-، وبدليل ما روينا عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي في وصفه وضوء النبي ﷺ، فذكر أنه غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، قلنا: انظر حديث خالد بن علقمة عند المصنف برقم (١١١).

لو كان الدِّينُ بالرَّأي لكانَ باطِنُ القَدَمَينِ أحقَّ بالمَسحِ من ظاهِرِهما، وقد مَسَحَ النبيُّ ﷺ على ظَهرِ خُفَّيه (١).
ورواه وكيعٌ عن الأعمش بإسناده قال: كنتُ أُرى أنَّ باطِنَ القَدَمينِ أحق بالمَسحِ من ظاهِرِهما، حتَّى رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَمسَحُ ظاهِرَهما، قال وكيع: يعني الخُفَّين.
ورواه عيسى بن يونس عن الأعمش كما رواه وكيع (٢).
ورواه أبو السَّوداء عن ابن عبدِ خَيرٍ، عن أبيه قال: رأيتُ عليًا توضّأ فغسلَ ظاهِرَ قَدَمَيهِ، وقال: لولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَفعَلُه، لظَننتُ أنَّ بطونَهما أحقُّ بالمسح.
١٦٤م- حدَّثناه حامدُ بن يحيى، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي السوداء (٣)، وساق الحديث (٤).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه بلفظ القدمين ابن أبي شيبة ١/ ١٨١ عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد.
وقد سلف برقم (١٦٢) من طريق حفص بلفظ الخف، وهو الصحيح، ورواية القدمين محمولة على إرادة الخف كما هو مبين في التعليق السابق.
(٢) رواية وكيع أخرجها ابن أبي شيبة ١/ ١٩، وأحمد (٧٣٧).
ورواية عيسي بن يونس أخرجها النسائي في «الكبرى» (١١٨).
(٣) من قوله: «لظننتُ» إلى هنا سقط من (ب) و(ج) و(د).
(٤) أخرجه النسائي في «الكبرى» (١١٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي السوداء، به، ولفظه: لولا أني رأيت رسول الله ﷺ يغسل ظهور قدميه، لظننت أن بطونها أحق. وهو في «مسند أحمد» (٩١٨) وأبو السوداء: اسمه عمرو بن عمران النهدي، وابن عبد خير: اسمه المسيب.
وقوله: يغسل ظهور قدميه. أي: يمسح، لأن السياق ورد في المسح على الخفين لا على غسل الرجلين والمراد بالقدمين هنا الخفان فهو مجاز مرسل.

١٦٥ - حدَّثنا موسى بنُ مروان ومحمودُ بنُ خالد الدمشقي -المعنى- قالا: حدَّثنا الوليدُ؛ قال محمود: أخبرنا ثورُ بنُ يزيد، عن رجاء بنِ حَيوَةَ، عن كاتب المغيرة بن شُعبَة
عن المُغيرة بن شُعبَة، قال: وَضَّأتُ النبيَّ ﷺ في غَزوَةِ تَبوكَ، فمسحَ أعلى الخُفَّينِ وأسفَلَه (١).
قال أبو داود: بلغني أنَّه لم يسمع ثور هذا الحديثَ من رجاء.

٦٢ - باب في الانتضاح
١٦٦ - حدَّثنا محمَّد بنُ كثير، أخبرنا سُفيان، عن منصور، عن مُجاهِد
عن سُفيان بن الحكم الثَّقفيِّ -أو الحكم بن سفيان الثَّقفيِّ- قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا بالَ يتوضأُ ويَنتَضِحُ (٢).


(١) إسناده ضعيف، الوليد بن مسلم يدلس ويُسوِّي، ومثله يجب أن يصرح بالسماع في طبقات السند كلها، وثور بن يزيد لم يسمعه من رجاء بن حيوة كما أشار إليه المصنف وكما سيأتي، وروي مرسلًا أيضًا، ورجحه -أي المرسل- بعض النقاد.
وأخرجه الترمذي (٩٧)، وابن ماجه (٥٥٠) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٨١٩٧).
قال الترمذي: هذا حديث معلول، لم يُسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح، لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء بن حيوة قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة عن النبي ﷺ مرسلًا، ولم يذكر فيه المغيرة. كذا قال الترمذي فى «السنن» والصواب أن ابن المبارك رواه عن ثور قال: حُدِّثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي ﷺ مرسلًا، كما ذكر هو نفسه فى «العلل الكبير» ١/ ١٨٠، وكذا قال الدارقطني وغيره.
(٢) حديث ضعيف لاضطراب منصور فى إسناده كما قال الذهبي فى «الميزان» والحافظ في «الإصابة»، وقد أخرجه المصنف هنا من أوجه مختلفة لبيان اضطرابه. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.=

قال أبو داود: وافَقَ سُفيانَ جماعةٌ على هذا الإسناد، وقال بعضُهم: الحكم أو ابن الحكم.
١٦٧ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا سُفيان، عن ابن أبي نَجيح، عن مُجاهِد، عن رجلٍ من ثَقيف
عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ بالَ ثمَّ نَضَحَ فَرجَهُ (١).
١٦٨ - حدَّثنا نصرُ بنُ المُهاجِر، حدَّثنا مُعاويةُ بنُ عمرو، حدَّثنا زائدةُ، عن منصور، عن مُجاهد، عن الحكمَ أو ابن الحكم
عن أبيه: أنَّ رسولَ الله ﷺ بالَ ثمَّ توضّأ ونَضَحَ فَرَجَهُ (٢).

٦٣ - باب ما يقول الرجل إذا توضّأ
١٦٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهَمْدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وَهْب، قال: سمعتُ معاوية -يعني ابنَ صالح- يُحدِّثُ عن أبي عثمان، عن جُبَير بن نُفَير


=وأخرجه النسائي فى «المجتبى» (١٣٥) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (١٣٥) من طريق عمار بن رُزيق، وابن ماجه (٤٦١) من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٣٤) من طريق شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم، عن أبيه.
وسيأتي برقم (١٦٧) من طريق زائدة بن قدامة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم أو ابن الحكم، عن أبيه.
وسيأتي بعده من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٣٨٤) وفيه تمام الكلام عليه.
(١) ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه فيما قبله. سفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن يسار.
(٢) ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه برقم (١٦٧). زائدة: هو ابن قدامة.

عن عُقبة بن عامر، قال: كُنَّا مَعَ رسولِ الله ﷺ خُدَّام أنفُسَنا، نتناوَبُ الرِّعايةَ رعايةَ إبلِنا، فكانت عليَّ رعايةُ الإبِلِ، فرَوحتُها بالعَشيِّ، فإذا (١) رسولُ الله ﷺ يَخطُبُ النَّاسَ، فسمعتُه يقول: «ما منكم مِن أحدٍ يَتَوضأ فيُحسِنُ الوضوءَ، ثمَّ يقومُ فيركعُ ركعَتَين، يُقبِلُ عليهما بقلبِهِ ووجهِهِ إلا قد أوجَبَ» فقلت: بَخٍ بَخٍ ما أجوَدَ هذه! فقال رجلٌ مِن بين يديَّ: التي قَبلَها يا عُقبةُ أجوَدُ منها، فنظرتُ فإذا عمرُ بنُ الخطَّاب، قلت: ما هي يا أبا حَفصِ؟ قال: إنَّه قال آنِفًا قبلَ أن تجيء: «ما منكم مِن أحدٍ يَتَوَضَّأ فيُحسِنُ الوضوءَ ثمَّ يقولُ حينَ يَفرَغُ من وضوئه: أشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه، إلا فُتِحَت له أبوابُ الجنَّةِ الثمانيةُ يَدخُلُ من أيَّها شاء».
قال مُعاوية: وحدَّثني ربيعةُ بنُ يزيد، عن أبي إدريس، عن عُقبة ابن عامر (٢).


(١) في (د) و(هـ): فأدركتُ.
(٢) حديث قوي، وهذا إسناد رجاله ثقات غير معاوية بن صالح ففيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح قليلًا، وغير أبي عثمان، وقد اختلف في تعيينه، فقال ابن منجويه في «رجال صحيح مسلم» (٢٠٨٩): يُشبه أن يكون سعيد بن هانئ الخولاني المصري، وقال ابن حبان في «صحيحه»: يُشبه أن يكون حريز بن عثمان الرَّحَبي. قلنا: وكلاهما ثقة، لكن لم يخرج مسلم لواحد منهما، والحديث في «صحيحه»، ولذلك قال الذهبي في «الميزان» ٤/ ٢٥٠: أبو عثمان عن جبير بن نفير لا يُدرَى من هو، وخرَّج له مسلم متابعة، روى عنه معاوية بن صالح.
ولمعاوية بن صالح إسناد آخر في هذا الحديث سيأتي بعد المتن، وهو من روايته عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس -وهو عائذ الله بن عبد الله الخولاني-، عن عقبة ابن عامر. وهذا إسناد قوي من أجل معاوية بن صالح، وباقي رجاله ثقات.=

١٧٠ - حدَّثنا الحسينُ بنُ عيسى، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد المُقرئ، عن حَيْوَةَ بن شُرَيح، عن أبي عَقِيل، عن ابن عمه، عن عُقبةَ بن عامر الجُهَني


=وأخرجه مسلم (٢٣٤) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، بالإسناد الثاني.
ورواه زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح واضطرب فيه:
فأخرجه مسلم (٢٣٤)، والنسائي في «الكبرى» (١٧٧) من طريقه عن معاوية، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة. فخلط بين الإسنادين، فمعاوية يرويه عن أبي عثمان مباشرة، وعن أبي إدريس بواسطة ربيعة، وجبير مذكور في طريق أبي عثمان دون طريق ربيعة.
وأخرجه النسائي (١٤٠) من طريقه عن معاوية، عن ربيعة، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن عقبة، عن عمر دون القصة. فأسقط جبير بن نفير من طريق أبي عثمان.
وأخرجه الترمذي (٥٥) من طريقه عن معاوية، عن ربيعة، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن عمر. فأسقط عقبة بن عامر، وهو ثابت في الطريقين جميعًا. وقد حكم الترمذي على الحديث بالاضطراب، والصواب أن طريق زيد بن الحباب هي المضطربة فقط كما أشار إليه الحافظ في «التلخيص» ١/ ١٠١.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣١٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٥٠).
وسيأتي شطره الأول برقم (٩٠٦)، وانظر ما بعده.
وقوله: فكانت عليَّ رعاية الإبل. أي: إبل رفقته الذين قدم معهم على رسول الله ﷺ وهم اثنا عشر راكبًا، وقوله: فروحتها. بتشديد الواو، أي: رددتها إلى المراح وهو مأواها ليلًا. وقوله «يقبل عليها بقلبه ووجهه» قال الإمام النووي: قد جمع ﷺ بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع، لأن الخضوع في الأعضاء، والخشوع في القلب وقوله: بخٍ بخٍ، قال فى «النهاية»: هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وتكرر للمبالغة، وهي مبنية على السكون، فإن وصلتَ جَرَرتَ ونَوَّنتَ فقلتَ: بخٍ بخٍ، وربما شُدِّدت.
وقوله: آنفًا، أي: قريبًا، وهو منصوب على الحال أو الظرف.

عن النبيِّ ﷺ نحوَه، ولم يذكر أمرَ الرِّعاية، قال عند قوله: «فأحسَنَ الوضوءَ»: «ثمَّ رفعَ نظره إلى السَّماء فقال» وساقَ الحديث بمعنى حديث معاوية (١).

٦٤ - باب الرجل يصلِّي الصلوات بوضوء واحد
١٧١ - حدَّثنا محمَّد بنُ عيسى، حدَّثنا شَريكٌ، عن عمرو بن عامر البَجَليِّ -قال محمّد: هو أبو أسد بن عمرو- قال:
سألتُ أنسَ بنَ مالك عن الوضوء، فقال: كان النبيُّ ﷺ يتوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ، وكنا نُصلِّي الصلَواتِ بوضوءٍ واحدٍ (٢).


(١) إسناده ضعيف، أبو عقيل: هو زهرة بن معبد القرشي التيمي، وابن عمِّه لم يُسمَّ، فهو مجهول، وباقي رجاله ثقات.
وانظر ما قبله.
(٢) حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع. وعمرو بن عامر هو الأنصاري كما في رواية الترمذي، وقوله: «البجلي والد أسد بن عمرو» وهم نبه عليه المزي في «هذيب الكمال» ٢٢/ ٩٤، وقال: إن البجلي متأخر عن طبقة الأنصاري.
وأخرجه ابن ماجه (٥٠٩) من طريق شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢١٤)، والترمذي (٥٩) من طريق سفيان الثوري، والنسائي في «المجتبى» (١٣١) من طريق شعبة، كلاهما عن عمرو بن عامر، به.
وأخرجه بنحوه الترمذي (٥٨) من طريق حميد الطويل، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٣٤٦).
وهذا الحديث يدل على أن الوضوء لا يجبُ إلا مِن حدث، ونقل النووي أن الإجماع استقر على عدم الوجوب، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ....[المائدة: ٦] تأوله كثير من العلماء فقالوا: التقدير: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين، فيكون الأمر في حق المحدثين على الوجوب، وفي حق غيرهم على الندب.=

١٧٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سُفيان، حدَّثني عَلْقمةُ بنُ مَرثَد، عن سُليمان بن بُرَيدة
عن أبيه، قال: صلَّى رسولُ الله ﷺ يومَ الفَتح خمسَ صَلَوات بوضوءٍ (١)، ومسحَ على خُفَّيه، فقال له عمرُ: إنِّي رأَيتُكَ صَنَعتَ شيئًا لم تكن تَصنَعُه، قال: «عَمدًا صَنَعتُه» (٢).

٦٥ - باب تفريق الوضوء
١٧٣ - حدَّثنا هارونُ بنُ معروف، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن جرير بن حازم، أنه سمعَ قتادةَ بنَ دِعامة
حدَّثنا أنسٌ: أنَّ رجلًا جاء إلى رسولِ الله ﷺ وقد تَوَضَّأ وتركَ على قدَمَهِ مثلَ مَوضِعِ الظُّفرِ، فقال له رسولُ الله ﷺ: «ارْجِعْ فأحسِنْ وُضوءَك» (٣).


=وقال البغوي في «شرح السنة» ١/ ٤٤٩: يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد عند عامة أهل العلم، وتجديد الوضوء مستحب إذا كان قد صلى بالوضوء الأول صلاة، وكرهه قوم إذا لم يكن قد صلى بالوضوء الأول صلاة فرضًا أو تطوعًا.
(١) في (ج) و(د) و(هـ): بوضوء واحد، ولفظ واحد رمِّج في (أ) ولم يرد في (ب).
(٢) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سيد القطان، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (٢٧٧)، والترمذي (٦١)، والنسائي في «الكبرى» (١٣٣) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٥١٠) من طريق الثوري، عن محارب بن دثار، عن سليمان ابن بريدة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٧٠٦ - ١٧٠٨)، وشرح السنة (٢٣١).
(٣) إسناده صحيح. ورواية جرير بن حازم عن قتادة -وإن تكلم فيها بعضهم- صحيحة، فقد أخرج الشيخان لجرير عن قتادة، وتفرد ابن وهب -وهو عبد الله- بهذا الحديث عن جرير لا يضر، لا سيما أن للحديث شاهدًا كما سيأتى.=

قال أبو داود: وهذا الحديثُ ليس بمعروف، ولم يَروِهِ إلا ابنُ وَهْب وقد رُوِيَ عن مَعقِل بن عُبَيد الله الجَزَريِّ، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن عمر، عن النبيِّ ﷺ نحوُه، قال: «ارجعْ فأحسِنْ وُضوءَك» (١).
١٧٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا يونُسُ وحُميدٌ، عن الحسن، عن النبيِّ ﷺ، بمعنى قتادة (٢).
١٧٥ - حدَّثنا حَيوة بنُ شُرَيح، حدَّثنا بَقِيَّة، عن بَحير -هو ابنُ سعد-، عن خالد


=وأخرجه ابن ماجه (٦٦٥) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٤٨٧).
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيورده المصنف تعليقًا بعده.
(١) أخرجه مسلم (٢٤٣) من طريق الحسن بن محمَّد بن أعين، عن معقل، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (٦٦٦) من طريق عبد الله بن وهب وزيد بن الحباب، عن ابن لهيعة، عن أبي الزُّبير، به. ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة قوية.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٤).
وقوله: ارجع فأحسن وضوءك: قال بعض العلماء: هذا الحديث يدل على عدم وجوب إعادته الوضوء لأنه أمر فيه بالإحسان لا بالإعادة، والإحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو، وبه قال أبو حنيفة، فعنده لا تجب الموالاة في الوضوء، واستدل به القاضي عياض على خلاف ذلك، فقال: الحديث يدل على وجوب المولاة في الوضوء، لقوله ﷺ: أحسن وضوءك، ولم يقل: اغسل الموضع الذي تركته.
وفي هذا الحديث وجوب غسل الرجلين دون المسح.
(٢) رجاله ثقات لكنه مرسل، حماد: هو ابن سلمة، ويونس: هو ابن عبيد العبدي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، والحسن: هو البصري.

عن بعض أصحابِ النبيِّ ﷺ: أنَّ النبيَّ ﷺ رأى رجلًا يُصلي وفي ظَهرِ قَدَمِهِ لُمعَةٌ قَدرُ الدِّرهَمِ لم يُصِبْها الماءُ، فأمَرَهُ النبيُّ ﷺ أن يُعيدَ الوضوءَ والصلاة (١).

٦٦ - باب إذا شك في الحدث
١٧٦ - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد ومحمَّدُ بن أحمد بن أبي خَلَف، قالا: حدَّثنا سُفيان، عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المسيب وعبَّاد بن تميم
عن عمِّه: شُكِيَ إلى النبيِّ ﷺ الرجلُ يَجِدُ الشيءَ في الصَّلاة حتَّى يُخيَّلَ إليه، فقال: «لا يَنفَتِلُ حتَّى يَسمَعَ صَوتًا أو يَجِدَ ريحًا» (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، بقية -وهو ابن الوليد- يدلس تدليس التسوية، فلا يكفى تصريحه بالسماع من شيخه عند أحمد، بل يجب أن يصرح به في طبقات السند كلها، ثمَّ هو في نفسه ضعيف.
وأخرجه البيهقي ١/ ٨٣ من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وتحرف فيه بحير بن سعد إلى يحيي بن سعيد.
وأخرجه أحمد (١٥٤٩٥) من طريق بقية بن الوليد، به.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وعم عباد بن تميم: هو عبد الله بن زيد الأنصاري المازني.
وأخرجه البخاري (١٣٧) و(١٧٧)، ومسلم (٣٦١)، والنسائي في «الكبرى» (١٥١)، وابن ماجه (٥١٣) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ورواية البخاري في الموضوع الثاني عن عباد بن تميم وحده.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٤٥٠)، و«شرح مشكل الآثار» (٥١٠٠).
واختلف في رواية سعيد بن المسيب، هل هي عن النبي ﷺ مباشرة فتكون مرسلة، أم هي عن عبد الله بن زيد أيضًا. وبالثاني قال المزي في «التحفة»، وبالأول قال الدارقطني في «العلل» ٤/ ٣٩٧، ويؤيده أن عبد الرزاق أخرجه في «مصنفه» (٥٣٤) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلًا. ومراسيل سعيد قوية، وقد صح موصولًا أيضًا من طريق عباد بن تميم.

١٧٧ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا سُهيلُ بنُ أبي صالح، عن أبيه
عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إذا كانَ أحدُكم في الصَّلاة فوَجَدَ حَرَكةً في دُبُرِهِ أحدَثَ أو لم يُحدِث، فأشكَلَ عليه، فلا يَنصَرِف حتَّى يَسمَعَ صَوتًا أو يَجِدَ ريحًا» (١).

٦٧ - باب الوضوء من القُبلة
١٧٨ - حدَّثنا محمّد بن بشار، حدَّثنا يحيى وعبدُ الرحمن، قالا: حدَّثنا سُفيان، عن أبي رَوْق، عن إبراهيم التَّيميِّ
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ قَبَّلَها ولم يتوضَّأ (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (٣٦٢)، والترمذي (٧٥) من طريقين عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٧٤)، وابن ماجه (٥١٥) من طريق شعبة، عن سهيل، به، بلفظ: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح».
وهو في «مسند أحمد» (٩٣١٣) و(٩٣٥٥).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، إبراهيم التيمي -وهو ابن يزيد- لم يسمع من عائشة. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وأبو روق: هو عطية بن الحارث.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (١٥٥)، وفي «المجتبى» (١٧٠) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقال في «المجتبى»: ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث، وإن كان مرسلًا. يعني منقطعًا.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٧٦٧).
وانظر ما بعده.

قال أبو داود: وهو مُرسَل، إبراهيم التَّيميُّ لم يَسمَع من عائشة.
قال أبو داود: كذا رواه الفريابيُّ وغيرهُ.
١٧٩ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا الأعمَشُ، عن حبيب، عن عُروة
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ قَبَّلَ امرأةَ مِن نسائه، ثمَّ خَرَجَ إلى الصَّلاة ولم يَتَوَضَّأ. قال عُروة: فقلت لها: مَن هي إلا أنتِ؟ فضَحِكَت (١).
قال أبو داود: هكذا رواه زائدةُ وعبدُ الحميد الحِمَّانيُّ عن سُليمان الأعمش.
١٨٠ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مَخلَد الطَّالْقانيُّ، حدَّثنا عبد الرحمن -يعني ابن مَغْراء- حدَّثنا الأعمَش، حدَّثنا أصحابٌ لنا عن عُروة المُزَنيِّ، عن عائشة بهذا الحديث (٢).


(١) حديث صحيح، وفي سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزُّبير خلاف، قال ابن عبد البر في «الاستذكار» ٣/ ٥٢: لا ينكر لقاؤه عروة، لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتًا، وهو إمام ثقة، من أئمة العلماء الأجلة. وقال ابن سيد الناس في «شرح الترمذي» ورقة ١٩٩/ ١: قول أبي عمر (ابن عبد البر) هذا أفاد إمكان اللقاء، وهو مزيل للانقطاع عند الأكثرين. قلنا: وحبيب متابع كما بيناه في تعليقنا على «مسند أحمد». الأعمش: هو سليمان بن مهران، وعروة: هو ابن الزُّبير بن العوام كما في رواية ابن ماجه.
وأخرجه الترمذي (٨٦)، وابن ماجه (٥٠٢) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٧٦٦) وقد فصلنا القول فيه هناك.
وانظر ما قبله وما بعده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن مغراء ضعيف في روايته عن الأعمش، وقوله: «عروة المزني» وهم، فلم تأت نسبته إلا في هذا الإسناد الضعيف. والصحيح أنه عروة بن الزُّبير التابعي الثقة، أما عروة المزني، فمجهول.

قال أبو داود: قال يحيى بنُ سعيد القطَّان لرجل: احْكِ عنِّي أنَّ هذينِ -يعني حديثَ الأعمش هذا عن حبيب، وحديثَه بهذا الإسناد في المُستَحاضة أنَّها تتوضَّأُ لكُلِّ صلاةٍ (١) - قال يحيى: احكِ عنِّي أنَّهما شبه لا شيء.
قال أبو داود: ورُوِيَ عن الثَّوريِّ قال: ما حدَّثنا حبيبٌ إلا عن عُروة المُزَنيِّ، يعني لم يُحدِّثهم عن عُروة بن الزُّبير بشيء.
قال أبو داود: وقد روى حمزةُ الزَّيَّات، عن حبيب، عن عُروة ابن الزُّبير، عن عائشة حديثًا صحيحًا (٢).

٦٨ - باب الوضوء من مسِّ الذكر
١٨١ - حدَّثنا عبد الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، أنَّه سمع عُروة يقول:
دخلتُ على مروانَ بن الحكم، فذكرنا ما يكونُ منه الوضوءُ، فقال مَروانُ: ومِن مَسَّ الذكرِ، فقال عُروةُ: ما عَلِمتُ ذلك، فقال مروانُ: أخبَرَتني بُسْرَةُ بنتُ صَفوان، أنَّها سمعت رسولَ الله ﷺ يقولُ: «مَن مَسّ ذَكرَه فليَتَوضأ» (٣).


(١) سيأتي برقم (٢٩٨).
(٢) أخرج الترمذي (٣٧٨٦) من طريق حمزة بن حبيب الزيات، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يقول: «اللهم عافِني في جسدي ...» الحديث، ورجاله ثقات، ونقل الترمذي عن البخاري إعلاله بأن حبيبًا لم يسمع من عروة بن الزُّبير! وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.
(٣) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزُّبير.=

٦٩ - باب الرخصة في ذلك
١٨٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا مُلازِمُ بن عمرو الحنفيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن بدر، عن قيس بن طَلْق
عن أبيه، قال: قَدِمنا على نبيِّ الله ﷺ، فجاء رجلٌ كأنَّه بَدَويُّ فقال: يا نبيَّ الله، ما ترى في مَسَّ الرجلِ ذَكَرَهُ بعد ما يَتَوَضَّأ، فقال: «هل هو إلا مُضغَةٌ منه» أو: «بَضعَةٌ منه» (١).


=وهو في «موطأ مالك» ١/ ٤٢، ومن طريقه أخرجه النسائي في «الكبرى» (١٥٩).
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (١٦٤) من طريق الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا «المجتبى» (٤٤٤) من طريق سفيان، و(٤٤٥) من طريق الزهري، كلاهما عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة. لم يذكر مروان بن الحكم.
وأخرجه الترمذى (٨٣)، وابن ماجه (٤٧٩) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة.
وأخرجه الترمذي (٨٢) و(٨٤)، والنسائي في «المجتبى» (٤٤٦) و(٤٤٧) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، لم يذكر مروان.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٢٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (١١١٢).
وانظر حديث طلق الآتي بعده.
(١) إسناده حسن، قيس بن طلق صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الترمذى (٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٦٠) من طريق ملازم بن عمرو، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٢٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (١١٢١).
وانظر ما بعده.
قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي ﷺ وبعض التابعين أنهم لم يروا الوضوء من مس الذكر، وهو قولُ أهل الكوفة وابن المبارك، وهذا الحديث أحسن شئ روي فى هذا الباب.=

قال أبو داود: رواه هشامُ بنُ حسان، وسُفيانُ الثَّوريُّ، وشُعبةُ، وابنُ عُيينة، وجريرٌ الرَّازيُّ، عن محمّد بن جابر، عن قيس بن طَلْق.
١٨٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا محمَّد بنُ جابر، عن قيس بن طَلْق، بإسناده ومعناه، وقال: «في الصَّلاة» (١).

٧٠ - باب في الوضوء من لحوم الإبل
١٨٤ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو مُعاوية، حدَّثنا الأعمَشُ، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن البراء بن عازب، قال: سُئِلَ رسولُ الله ﷺ عن الوضوءِ من لُحومِ الإبلِ، فقال: «تَوضَّؤوا منها» وسُئِلَ عن لُحوم الغَنَم، فقال: «لا توضَّؤوا منها» وسُئِلَ عن الصلاة في مَبَارِكِ الإبلِ، فقال: «لا


=قلنا: والجمع بين حديث طلق هذا وحديث بسرة السالف قبله بأن يُحمل الأمر بالوضوء في حديث بسرة على الندب لوجود الصارف عن الوجوب في حديث طلق كما هو مذهب الحنفية، ويدل عليه تبويب ابن خزيمة لحديث بسرة بباب استحباب الوضوء من مس الذكر، وأسند فيه عن الإمام مالك قوله: أرى الوضوء من مس الذكر استحبابًا ولا أوجبه.
وذهب بعضهم إلى أن حديث طلق منسوخ، لكن قال السندي: إن في قوله:»بضعة«تعليلًا لعدم الانتفاض بعلة دائمة، والأصل دوام المعلول بدوام العلة، فهذا يؤيد بقاء الحكم.
(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمَّد بن جابر، وقد توبع.
وأخرجه ابن ماجه (٤٨٣) من طريق وكيع، عن محمَّد بن جابر، بهذا الإسناد. ولم يقل:»فى الصلاة«.
وهر في»مسند أحمد«(١٦٢٩٢)، وفيه قوله:»في الصلاة".
وانظر ما قبله.

تُصَلُّوا في مَبَارِكِ الإبل، فإنَّها مِنَ الشَّياطين» وسُئِلَ عن الصَّلاة في مَرَابِضِ الغَنَم، فقال: «صَلُّوا فيها فإنَّها بَرَكةٌ» (١).

٧١ - باب الوضوء من مسِّ اللحم النِّيء وغسله
١٨٥ - حدَّثنا محمَّد بن العلاء وأيوبُ بن محمّد الرَّقى وعمرُو بنُ عثمان الحمصي -المعنى- قالوا: حدَّثنا مروانُ بنُ معاوية، أخبرنا هلالُ بن ميمون الجُهَنيُّ، عن عطاء بن يزيد الليثيِّ، قال هلال: لا أعلمه إلا عن أبي سعيد، وقال أيوب وعمرو -أراه-:
عن أبي سعيد: أنَّ النبيَّ ﷺ مَرَّ بغُلامٍ وهو يَسلَخُ شاةً، فقال له رسولُ الله ﷺ: «تَنَحَّ حتَّى أُرِيَكَ» فأدخَلَ يَدَهُ بين الجلدِ واللَّحمِ، فدَحَسَ بها حتَّى تَوارَت إلى الإبْط، ثمَّ مضى فصَلَّى للناس ولم يَتَوضَّأ (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه الترمذي (٨١)، وابن ماجه (٤٩٤) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
ورواية الترمذي مختصرة بالسؤال عن الوضوء من لحوم الإبل ومن لحوم الغنم، ورواية ابن ماجه مختصرة بالسؤال عن لحوم الإبل فقط.
وهو بتمامه في «مسند أحمد» (١٨٥٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (١١٢٨).
وسيأتي مختصرًا برقم (٤٩٣).
وله شاهد من حديث جابر بن سمرة عند مسلم (٣٦٠).
(٢) إسناده قوى، هلال بن ميمون الرقي وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، وباقي رجاله ثقات.
واخرجه ابن ماجه (٣١٧٩) عن أبي كريب محمَّد بن العلاء، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١١٦٣).

قال أبو داود: زاد عمروٌ في حديثه: «يعني لم يَمَسَّ ماءً»، وقال: عن هلال بن ميمون الرَّمليِّ.
ورواه عبدُ الواحد بنُ زياد وأبو معاوية، عن هلال، عن عطاء، عن النبيِّ ﷺ مرسلًا، لم يذكر أبا سعيد.

٧٢ - باب ترك الوضوء من الميتة (١)
١٨٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا سُليمان -يعني ابن بلال-، عن جعفر، عن أبيه
عن جابر: أنَّ رسولَ الله ﷺ مَرَّ بالسُّوقِ داخِلًا مِن بعضِ العالية، والنَّاسُ كَنَفَتَيه، فمَرَّ بجَدْيٍ أَسَكَّ مَيتِ، فتناوَلَه، فأخَذَ بأُذُنِهِ، ثمَّ قال: «أيُّكم يُحِبُّ أنَّ هذا له؟»وساق الحديث (٢).

٧٣ - باب في ترك الوضوء مما مست النار
١٨٧ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، حدَّثنا مالكٌ، عن زيد بن أسلَمَ، عن عطاء بن يسار


(١) في (د) و(هـ): من مسَّ الميتة.
(٢) إسناده صحيح. جعفر: هو ابن محمَّد بن علي بن الحسين الصادق.
وأخرجه مسلم (٢٩٥٧) عن عبد الله بن مسلمة، بهذا الإسناد. وتتمة متنه: «قالوا: ما نُحِبُّ أنه لنا بشيءٍ، وما نصنعُ به؟! قال: أتحبون أنَّه لكم؟ قالوا: والله لو كان حيًا كان عيبًا فيه، لأنه أَسَكُّ، فكيف وهو ميت؟! فقال: والله، للدنيا أهون على الله من هذا عليكم».
وأخرجه مسلم أيضًا من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن جعفر، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٩٣٠).
قوله: «أسك» هو مقطوعُ الأذنين أو صغيرُهما.

عن ابن عبَّاس: أنَّ رسولَ الله ﷺ أكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثمَّ صلَّى ولم يَتَوضَّأ (١).
١٨٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة ومحمَّدُ بنُ سليمان الأنباريُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن مِسعَر، عن أبي صَخْرة جامع بن شدَّاد، عن المُغيرة بن عبد الله
عن المُغيرة بن شُعبَة، قال: ضِفْتُ النبيَّ ﷺ ذاتَ ليلةٍ فأمَرَ بجَنْبٍ فشُوِيَ، وأخذ الشَّفْرَة، فجعَلَ يَحُز لي بها منه، قال: فجاءَ بلالٌ فآذَنَه بالصَّلاة، قال: فألقى الشَّفْرَةَ وقال: «ما له؟ تَرِبَت يَدَاهُ؟» وقامَ (٢). زاد الأنباريُّ: وكانَ شاربي وَفَى، فقَصَّه لي على سِواكٍ. أو قال: «أقُصُّهُ لَكَ على سِواكٍ» (٣).


(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٢٥، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٠٧)، ومسلم (٣٥٤).
وأخرجه بنحوه البخاري (٥٤٠٥)، ومسلم (٣٥٤)، والنسائى في «الكبرى» (١٨٧) من طرق عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٨)، و«صحيح ابن حبان» (١١٤٣) و(١١٤٤).
وسيأتي بر قم (١٨٩) و(١٩٠).
(٢) في (ب) و(هـ): وقام يصلي.
(٣) إسناده حسن، المغيرة بن عبد الله -وهو ابن أبي عقيل اليشكري- روى عنه جمع، ووثقه العجلي وابن حبان، وأخرج له مسلم حديثًا واحدًا في القدر، وباقي رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، ومسعر: هو ابن كدام.
وأخرجه النسائي فى «الكبرى» (٦٦٢١) من طريق مسعر، بهذا الإسناد. دون قصة الشارب.
وهو بتمامه في «مسند أحمد» (١٨٢١٢).=

١٨٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ بن مُسرهَد، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا سِماك، عن عكرمة
عن ابن عبَّاس، قال: أكلَ رسولُ الله ﷺ كَتِفًا، ثمَّ مَسَحَ يَدَه بمِسْحٍ كان تحتَه، ثمَّ قامَ فصلَّى (١).
١٩٠ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَريُّ، حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادة، عن يحيى ابن يَعمَرَ
عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ ﷺ انتَهَسَ مِن كَتِفٍ، ثمَّ صلَّى ولم يَتَوضَّأ (٢).


=وقوله: ضِفْتُ بكسر الضاد وسكون الفاء: نزلت عليه ضيفًا، يقال: ضِفُت الرجل وتضيفته: إذا نزلت عليه ضيفًا، وأضفته وضيفته: إذا أنزلته بك ضيفًا.
وقوله: تربت يداه. معناه: افتقر. قال الخطابي: هي كلمة تقولها العرب وهم لا يريدون وقوع الأمر، كما قالوا: عقرى حلقى، وهَبِلَتهُ أمُّه، أي ثكلته، فإن هذا الباب لما كثر في كلامهم، ودام استعمالهم له فى خطابهم، صار عندهم بمنزلة اللغو، كقولهم: لا والله وبلى والله، وذلك من لغو اليمين الذي لا اعتبار له، ولا كفارة فيه.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات لاضطراب سماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة، وقد توبع. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي.
وأخرجه ابن ماجه (٤٨٨) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٣٠١٢).
وأخرجه دون قوله: «ثمَّ مسح يده بمسح كان تحته» البخاري (٥٤٠٥) من طريق أيوب وعاصم، عن عكرمة، به.
وانظر ما سلف برقم (١٨٧) وما سيأتي بعده.
والمِسح بكسر الميم وسكون السين: ثوب من الشعر غليظ.
(٢) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وانظر ما سلف برقم (١٨٧).
انْتَهَس: بسين مهملة افتَعَلَ من النَّهْسِ وهو الأكلُ بِمُقَدَّمِ الأسنان.

١٩١ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحسن الخَثعَميُّ، حدَّثنا حجَّاج، قال ابنُ جُرَيج: أخبرني محمَّدُ بنُ المُنكَدر، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول: قَرَّبتُ للنبيِّ ﷺ خُبزًا ولحمًا، فأكلَ ثمَّ دعا بوَضوءٍ فتوضَّأ، ثمَّ صلَّى الظُّهرَ، ثمَّ دعا بفَضلِ طعامِهِ فأكلَ، ثمَّ قامَ إلى الصَّلاةِ ولم يتوضَّأ (١).
١٩٢ - حدَّثنا موسى بنُ سهل أبو عِمران الرَّمليُّ، حدَّثنا عليّ بنُ عيَّاش، حدَّثنا شُعيب بن أبي حمزة، عن محمَّد بن المُنكَدر
عن جابر، قال: كانَ آخِرَ الأمرَين مِن رسول الله ﷺ تَرْكُ الوضوءِ ممَّا غَيَّرَت النَّارُ (٢).


(١) إسناده صحيح. حجاج: هو ابن محمَّد المصيصي، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (٤٨٩) من طريق سفيان بن عيينة، عن محمَّد بن المنكدر، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن جابر.
وأخرجه بنحوه أيضًا الترمذي (٨٠) من طريق ابن عيينة، عن عبد الله بن عقيل، به.
وأخرج ترك الوضوء مما غيَّرت النار بسياق آخر البخاري (٥٤٥٧)، وابن ماجه (٣٢٨٢) من طريق سعيد بن الحارث، عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٥٣)، و«صحيح ابن حبان» (١١٣٠).
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٨٨) من طريق شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١١٣٤).
وانظر ما قبله.

قال أبو داود: هذا اختصارٌ مِن الحديث الأول.
١٩٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمرو بن السَّرح، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ أبي كريمة - قال ابنُ السَّرح: مِن خِيار المسلمين- قال: حدَّثني عُبيدُ بنُ ثُمامة المُراديُّ، قال:
قدِمَ علينا مِصرَ عبدُ الله بنُ الحارث بن جَزءٍ من أصحابِ النبيِّ ﷺ، فسمعتُه يُحدِّث في مَسجدِ مِصرَ، قال: لقد رأيتُني سابعَ سبعةٍ أو سادسَ ستَّة مَعَ رسولِ الله ﷺ في دارِ رجلٍ، فمَرَّ بلالٌ، فناداه بالصَّلاة، فخَرَجْنا، فمَرَرنا برجلٍ وبُرْمَتُه على النَّار، فقال له رسولُ الله ﷺ: «أطابَت بُرمَتُكَ؟» قال: نعم بأبي أنتَ وأمِّي، فتناوَلَ منها بضعةً فلم يَزَلَ يَعلُكُها حتَّى أحرَمَ بالصَّلاة، وأنا أنظُرُ إليه (١).


(١) ضعيف بهذا السياق، فقد تفرد به عبيد بن ثمامة، وهو مجهول لم يرو عنه غير ابن أبي كريمة، ولم يوثقه أحد.
وأخرجه ابن عبد الحكم في «فتوح مصر» ص٣٠٠، والضياء المقدسي في «المختارة» ٩/ (١٨٧) و(١٨٨)، والمزي في ترجمة عبد الملك بن أبي كريمة من «تهذيب الكمال» ١٨/ ٣٩٦ من طريق أحمد بن السرح، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد (١٧٧٠٢)، والترمذي في «الشمائل» (١٦٦)، وابن ماجه (٣٣١١) من طريق سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال: أكلنا مع رسول الله ﷺ شواء في المسجد، فأقيمت الصلاة، فأدخنا أيدينا في الحصى ثمَّ قمنا نصلي ولم نتوضأ. وإسناده حسن.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٠٠)، وابن حبان (١٦٥٧) من طريق سليمان بن زياد، عن ابن جزء بلفظ: كنا نأكل على عهد رسول الله ﷺ في المسجد الخبز واللحم. وإسناده جيد.
وأخرجه أحمد (١٧٧٠٥) من طريق عقبة بن مسلم، عن ابن جزء قال: كنا يومًا عند رسول الله ﷺ في الصُّفّة، فوضع لنا طعام فأكلنا، ثمَّ أقيمت الصلاة فصلينا ولم نتوضأ. وإسناده صحيح.

٧٤ - [باب التشديد في ذلك] (١)
١٩٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبة، حدّثني أبو بكر بنُ حفص، عن الأغَرِّ
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: «الوضوءُ ممَّا أنضَجَتِ النَارُ» (٢).
١٩٥ - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا أبان، عن يحيى -يعني ابن أبي كثير-، عن أبي سلمة، أنَّ أبا سُفيان بنَ سعيد بن المُغيرة حدَّثه
أنَّه دَخَلَ على أمِّ حبيبةَ فسَقَتهُ قَدَحًا من سَويقٍ، فدعا بماءٍ فَمضمَضَ، قالت: يا ابنَ أُختي، ألا تَوَضَّأ؟ إنَّ النبيَّ ﷺ قال: «توضَّؤوا ممَّا غَيَّرتِ النَّارُ» أو قال: «مَسَّتِ النَّارُ» (٣).


(١) ترجمة الباب ليست في شيء من نسخنا، وجاءت على هامش (ب) وأشار إلى أنها في نسخة وصحَّح عليهما.
(٢) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وأبو بكر بن حفص: اسمه عبد الله، والأغر: هو سلمان أبو عبد الله.
وهو في «مسند أحمد» (٩٩٠٧)، و«صحيح ابن حبان» (١١٤٨) من طريق شعبة ابن الحجاج، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٥٢)، والترمذي (٧٩)، والنسائي في «الكبرى» (١٧٨) و(١٧٩) و(١٨٢) وابن ماجه (٤٨٥) من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٦٠٥)، و«صحيح ابن حبان» (١١٤٦) و(١١٤٧).
(٣) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد، أبو سفيان بن سعيد ابن المغيرة تفرد بالرواية عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وهو ابن أخت أم حبيبة رضي الله عنها. أبان: هو ابن يزيد العطار.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٨٤) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، بهذا الإسناد.=

٧٥ - باب الوضوء من اللبن
١٩٦ - حدَّثنا قُتَيبةُ، حدَّثنا اللَّيثُ، عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ، عن عُبَيد الله ابن عبد الله
عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ ﷺ شَرِبَ لَبَنًا، فدعا بماءٍ فتَمضمَضَ، ثمَّ قال: «إنَّ له دَسَمًا» (١).


=وهو في «مسند أحمد» (٢٦٧٧٣) و(٢٦٧٨٣) و(٢٧٤٠٦) وفيه: يا ابن أخي فهو على هذا نداء تلطف، فإن أم حبيبة خالته كما جاه التصريح في بعض الروايات.
ويشهد له حديث أبي هريرة السالف قبله.
وهذا الحديث منسوخ وكذا الذي قبله بحديث جابر السالف برقم (١٩٢) وفيه أن آخر الأمرين من رسول الله ﷺ ترك الوضوء مما غيرت النار. وهو مذهب أكثر أئمة السلف والخلف، وأخرج أحمد في «المسند» (١٤٢٦٢) من حديث جابر قال: أكلت مع النبي ﷺ وأبي بكر وعمر خبزًا ولحمًا فصلوا ولم يتوضوؤا. وهو حديث صحيح لغيره كما حققناه في «المسند».
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد الأيلي، والزهري: هو محمَّد بن مسلم.
وأخرجه البخاري (٢١١)، ومسلم (٣٥٨)، والترمذي (٨٩)، والنسائي في «الكبرى» (١٩٠) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقرن البخاري بقتيبة يحيي بن بكير.
وأخرجه البخاري (٥٦٠٩)، ومسلم (٣٥٨)، وابن ماجه (٤٩٨) من طرق عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥١)، و«صحيح ابن حبان» (١١٥٨) و(١١٥٩).
قوله: «إن له دسمًا» الدسم: هو ما يظهر على اللبن من الدهن، قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ١/ ٣١٣: فيه بيان العلة للمضمضة من اللبن فيدل على استحبابها مِن كل شىء دسم، ويُستنبط منه غسلُ اليدين للتنظيف.
ثمَّ ذكر الحافظُ الرواياتِ التي فيها الأمرُ بالمضمضة، ثمَّ قال: والدليل على أن الأمرَ فيه للاستحباب ما رواه الشافعي عن ابن عباس راوي الحديث أنه شرب لبنًا فمضمض، ثمَّ قال: لو لم أتمضمض ما باليت.

١٩٧ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، عن زيد بن الحُبَاب، عن مُطيع بن راشد، عن توبة العَنبَريِّ
أنَّه سمع أنسَ بنَ مالك: إنَّ رسولَ الله ﷺ شَرِبَ لَبَنًا فلم يُمَضمِضْ ولم يَتَوضَّأ وصَلَّى (١).
قال زيد: دَلَّني شُعبَة على هذا الشَّيخ.

٧٦ - باب الوضوء من الدم
١٩٨ - حدَّثنا أبو تَوبةَ الربيعُ بن نافع، حدَّثنا ابنُ المُبارَك، عن محمَّد بن إسحاق، حدَّثني صَدَقَةُ بنُ يسار، عن عَقيل بن جابر
عن جابر، قال: خَرَجْنا مَعَ رسولِ الله ﷺ -يعني في غَزوةٍ ذاتِ الرَّقاع- فأصابَ رجلٌ امرأةَ رجلٍ من المُشركينَ، فحَلَفَ أن لا أنتهي حتَّى أُهريقَ دمًا في أصحابِ محمَّد، فخرجَ يَتبَعُ أثَرَ النبيِّ ﷺ، فنزلَ النبيُّ ﷺ مَنزِلًا، فقال: «مَن رجلٌ يكلؤُنا؟» فانتَدَبَ رجلٌ من المُهاجِرينَ ورجلٌ من الأنصارِ، فقال: «كُونا بفمِ الشِّعْب» قال: فلمَّا خَرَجَ الرجلانِ إلى فمِ الشِّعب واضطجَعَ المُهاجريُّ، وقامَ الأنصاريُّ يُصلِّي، وأتى الرجلُ، فلمَّا رأى شَخصَه عرفَ أنَّه رَبيئةٌ للقوم، فرماه بسَهمٍ فوَضَعه فيه، فنَزَعَه حتَّى رماه بثلاثةِ أسهُمٍ، ثمَّ ركعَ وسجدَ، ثمَّ أنبهَ صاحِبَه،


(١) إسناده محتمل للتحسين، مطيع بن راشد روى عنه زيد بن الحباب، وعَرَفَه شُعبة، وقال أبو داود -كما في «تهذيب التهذيب»-: أثنى عليه شعبة خيرًا. وحسَّن إسناده الحافظ في «الفتح» ١/ ٣١٣.
وأخرجه البيهقي ١/ ١٦٠، والضياء المقدسي في «المختار» (١٥٨٢) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.

فلمَّا عرفَ أنَّهم قد نَذِرُوا به هَرَبَ، ولمَّا رأى المُهاجريُّ ما بالأنصاريِّ من الدَماء، قال: سُبحانَ الله، ألا أنبَهتَني أوَّل ما رمى قال: كنتُ في سُورةٍ أقرؤها، فلم أُحِبَّ أن أقطَعَها (١).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، عقل بن جابر لم يرو عنه غير صدقة بن يسار ولم يوثقه غير ابن حبان. ابن المبارك: هو عبد الله.
وأخرجه أحمد (١٤٧٠٤) و(١٤٨٦٥)، وابن خزيمة (٣٦)، وابن حبان (١٠٩٦)، والدارقطني (٨٦٩)، والحاكم ١/ ١٥٦ - ١٥٧، والبيهقي ١/ ١٤٠ و٩/ ١٥٠ من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وتتمة قول الأنصاري عندهم: «وايم الله، لولا أن أضيِّع ثغرًا أمرني رسول الله ﷺ بحفظه، لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أُنفِذَها.
وعلقه البخاري في»صحيحه«قبل الحديث (١٧٦) فقال: ويذكر عن جابر: أن النبي ﷺ كان في غزوة ذات الرقاع، فرُمِي رجلٌ بسهم فنزفه الدم، فركع وسجد ومضى في صلاته.
وله شاهد عند البيهقي في»الدلائل«٣/ ٣٧٨ - ٣٧٩ من حديث خوّات بن جبير الأنصاري، وسمَّى الأنصاري عبَّاد بن بشر، والمهاجري عمار بن ياسر، والسورة الكهف، وإسناده ضعيف.
قوله: يكلؤنا، أي: يحفظنا ويحرسنا، وقوله: فانتدب رجل، أي: أجاب دعاءه رجل، والشِّعبُ: الطريق في الجبل، وربيئة القوم: هو الرقيب الذي يشرف على المرقب ينظر العدو من أيِّ وجه يأتي فينذر أصحابه.
وقوله:»نذورا به" أي: شعروا به، وعلموا بمكانه.
وغزوة ذات الرقاع، وهي غزوة نجد، فقد خرج رسول الله ﷺ في جمادى الأولى من السنة الرابعة، وقيل: في المحرم في أربع مئة من أصحابه وقيل: سبع مئة يريد مُحارب وبني ثعلبة بن سعد من غطفان، فلقي جمعًا من غَطَفَان فتواقفوا ولم يكن بينهم قتال، وصلى بهم صلاة الخوف، وإنما سميت هذه الغزوة بذات الرقاع، لأن أقدامهم رضي الله عنهم نقبت (رقت جلودها وتنفَّطت من المشي) وكانوا يلقون عليها الخرق. انظر البخاري (٤١٢٨).

٧٧ - باب في الوضوء من النوم
١٩٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حنبل، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني نافع
حدَّثني عبدُ الله بن عمر: أنَّ رسولَ الله ﷺ شُغِلَ عنها ليلةً فأخَّرَها حتَّى رَقَدْنا في المَسجِدِ، ثمَّ استَيقَظنا، ثمَّ رَقَدْنا، ثمَّ استَيقَظنا، ثمَّ رَقَدنا، ثمَّ خَرَجَ علينا فقال: «ليسَ أحدٌ يَنتظِرُ الصَّلاةَ غيرُكم» (١).
٢٠٠ - حدَّثنا شاذُّ بن فيَّاض، حدَّثنا هشامٌ الدَّستوائيُّ، عن قتادة
عن أنس قال: كان أصحابُ رسولِ الله ﷺ ينتظرونَ العِشاءَ الآخرة حتَّى تَخفِقَ رؤوسُهُم، ثمَّ يُصَلُّون ولا يَتَوضَّؤون (٢).


(١) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وهو فى «مصنف عبد الرزاق» (٢١١٥)، ومن طريقه أخرجه البخاري (٥٧٠)، ومسلم (٦٣٩) (٢٢١).
وهو في «مسند أحمد» (٥٦١١)، و«صحيح ابن حبان» (١٠٩٩).
وانظر ما سيأتي برقم (٤٢٠).
وذكر الحافظ في «الفتح» ٢/ ٤٨ أنه ﷺ شغل عنهم فى تجهيز جيش، وقال: رواه الطبري من وجه صحيح عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر.
(٢) إسناده صحيح. هشام الدستوائى: هو ابن أبي عبد الله، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه مسلم (٣٧٦) (١٢٥)، والترمذي (٧٨) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد.
وهو فى «مسند أحمد» (١٣٩٤١)، و«شرح مشكل الآثار» (٣٤٤٨).
وانظر ما بعده، وما سيأتى برقم (٥٤٢) و(٥٤٤).
وقوله: تخفق رؤوسهم. خَفَقَ يَخْفِقُ، وخفق برأسه خفقة أو خفقتين: إذا أخذته سِنَة من النعاس، فمال رأسه دون جسده.=

قال أبو داود فيه: زاد فيه شُعبة عن قتادة قال: على عَهدِ رسول الله ﷺ. ورواه ابن أبي عَروبةَ عن قتادة بلفظ آخر (١).
٢٠١ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل وداودُ بن شَبيب، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن ثابت البُنانيِّ
أنَّ أنس بن مالك قال: أُقيمَت صلاةُ العِشاءِ فقامَ رجلٌ فقال: يا رسولَ الله، إنَّ لي حاجةً، فقامَ يُناجِيهِ حتَّى نَعَسَ القَومُ، أو بعضُ القَومِ، ثمَّ صلَّى بهم، ولم يذكر وضوءًا (٢).


=قال الخطابي في «معالم السنن» ١/ ٧١: في هذا الحديث من الفقه أن عين النوم ليس بحدث ولو كان حدثًا، لكان على أي حالٍ وُجِدَ ناقضًا للطهارة كسائر الأحداث التي قليلها وكثيرها وعمدُها وخطؤها سواء في نقض الطهارة، وإنما هو مَظِنَّةٌ للحدث موهم لوقوعه من النائم غالبًا، فإذا كان بحال من التماسك والاستواء في القعود المانع من خروج الحدث منه كان محكومًا له بالسلامة وبقاء الطهارة المتقدمة ...
وانظر: «شرح مشكل الآثار» ٩/ ٥٥ - ٧١، و«شرح السنة» ١/ ٣٣٧ - ٣٣٩ بتحقيقنا.
(١) أخرجه البزار (٢٨٢ - كشف الأستار)، وأبو يعلى (٣١٩٩) من طريق سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يضعون جنوبهم فينامون منهم مَنْ يتوضَّأ، ومنهم من لا يتوضَّأ. وإسناده صحيح لكن زيادة «وضع الجنوب» شاذة فقد رواه جمع عن قتادة فلم يذكروها، كلما هو مبين في التعليق على «مسند أحمد» (١٣٩٤١).
(٢) إسناده صحيح. ثابت البناني: هو ابن أسلم.
وأخرجه البخاري (٦٤٣)، ومسلم (٣٧٦) (١٢٦)، والترمذي (٥٢٥) من طرق عن ثابت، بهذا الإسناد، ولفظه عند البخاري ومسلم: حتَّى نام القومُ. وتفسيره حتَّى نام القوم نومًا غير مستغرق.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٦٣٣) وصحيح ابن حبان (٢٠٣٥).
قوله: «لم يذكر وضوءًا» أي: لم يذكر أن القوم توضؤوا لأَجلِ النعاس.

٢٠٢ - حدَّثنا يحيى بنُ معين وهنَّادُ بن السَّريِّ وعثمانُ بن أبي شيبة، عن عبد السلام بن حرب - وهذا لفظ حديث يحيى -، عن أبي خالد الدَّالانيِّ، عن قتادة، عن أبي العالية عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله ﷺ كان يَسجُدُ وينامُ ويَنفُخُ ثمَّ يقومُ فيُصلي ولا يَتَوضَّأ، فقلتُ له: صَلَّيتَ ولم تَتوَضَّأ وقد نِمتَ؟! فقال: «إنَّما الوضوءُ على مَن نامَ مُضطَجِعًا» زاد عثمان وهنَّاد: «فإنَّه إذا اضطَجَعَ استَرخَت مفاصِلُه» (١).
قال أبو داود: قوله: «الوضوءُ على مَن نامَ مُضطَجِعًا» هو حديثٌ مُنكَر لم يَروِه إلا يزيدُ الدَّالانيُّ عن قتادة، وروى أوَّلَه جماعةٌ عن ابن عبَّاس ولم يذكروا شيئًا من هذا (٢)، وقال: كان النبيُّ ﷺ محفوظًا (٣).


(١) إسناده ضعيف، أبو خالد الدالاني - واسمه يزيد بن عبد الرحمن - ضعفه جمهور النقاد، وأنكروا عليه أحاديثَ هذا منها. وممن ضعفه المصنف كما سيأتي.
وأخرجه الترمذي (٧٧) من طريق عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣١٥)، و«شرح مشكل الآثار» (٣٤٢٩).
(٢) أخرج البخاري (١٣٨)، ومسلم (٧٦٣) (١٨١)، والنسائي (١٦٦٢) من طريق كريب مولى ابن عباس، ومسلم (٧٦٣) (١٩١) من طريق علي بن عبد الله بن عباس، كلاهما عن ابن عباس أن النبي ﷺ نام حتَّى نفخ ثمَّ صلَّى. وهذا لفظ البخاري.
وله شاهد من حديث ابن مسعود عند ابن ماجه (٤٧٥)، وهو في «مسند أحمد» (٤٠٥١).
(٣) قوله: وكان محفوظًا، أخرجه عبد بن حميد (٦١٦)، وأحمد (٢١٩٤)، والبيهقي ١/ ١٢١ من قول عكرمة بإثر روايته عن ابن عباس: أن النبي ﷺ نام حتَّى سُمع له غطيط ثمَّ قام فصلى ولم يتوضَّأ.

وقالت عائشةُ: قال النبيُّ ﷺ: «تنامُ عَينايَ ولا ينامُ قلبي» (١) وقال شُعبة: إنَّما سمعَ قتادةُ من أبي العالية أربعةَ أحاديث: حديث يونس ابن متَّى، وحديث ابن عمر في الصَّلاة، وحديثَ: «القضاةُ ثلاثةٌ»، وحديثَ ابن عباس: حدَّثني رجالٌ مرضيُّون (٢) (٣).
٢٠٣ - حدَّثنا حَيْوَةُ بن شُرَيح الحِمصيُّ في آخرين قالوا: حدَّثنا بقيَّة، عن الوَضِين بن عطاء، عن محفوظ بن عَلقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ
عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «وِكاءُ السَّهِ العَينانِ، فمَن نامَ فليَتَوضَّأ» (٤).


(١) سيأتي برقم (١٣٤١) وهو حديث صحيح.
(٢) زاد في (هـ): «منهم عمر وأرضاهم عندي عمر. قال أبو داود: ذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فقال: ما ليزيد الدالاني يُدخِل على أصحاب قتادة! ولم يعبأ بالحديث»، ونحوه على هامش (ج) إلا أن فيها: فانتهرني استعظامًا له، وقال: ما ليزيد ...
(٣) حديث يونس بن متى سيأتي برقم (٤٦٦٩)، وحديث ابن عمر في الصلاة. قال صاحب «بذل المجهود» ١٤٦/ ٢: لم أجد هذا الحديث فيما تتبعت من الكتب، وحديث «القضاة ثلاثة» أخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ٢٣٠، والبغوي في «الجعديات» (١٠٢٤)، والبيهقي ١٠/ ١١٧، وحديث ابن عباس سيأتي برقم (١٢٧٦).
ونقل الترمذي بإثر الحديث (١٨١) كلام شعبة هذا، إلا أنه جعلها ثلاثة أحاديث، ولم يذكر حديث ابن عمر في الصلاة.
(٤) إسناده ضعيف، بقية - وهو ابن الوليد - ضعيف ويدلس تدليس التسوية وهو شر أنواعه، فيشترط في مثله التصريح بالسماع في جميع طبقات السند فلا يكفي فيه تصريحه بالتحديث عن شيخه، ولم يتفطن العلامة الألباني إلى هذه القاعدة فحسن إسناد هذا الحديث في «الإرواء» ١/ ١٤٩ فأخطأ. والوضين بن عطاء فيه كلام وصفه الحافظ في «التقريب» بسوء الحفظ، ورواية عبد الرحمن بن عائذ عن علي مرسلة نص عليه أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في «العلل» ٤٧/ ١.=

٧٨ - باب في الرجل يطأ الأذى
٢٠٤ - حدَّثنا هنادُ بن السَّريِّ وإبراهيمُ بن أبي معاوية، عن أبي معاوية (ح)
وحدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا شَريك وجرير وابنُ إدريس، عن الأعمش، عن شقيق، قال:
قال عبدُ الله: كُنَّا لا نتوضَّأ مِن مَوطِئٍ، ولا نَكُفُّ شَعرًا، ولا ثوبًا (١).


=وأخرجه ابن ماجه (٤٧٧) من طريق بقية، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٨٧).
قوله: «وكاء السَّه» الوكاء: هو الخيط الذي تُشد به القِربة والكيس ونحوهما، والسَّه: هو حلقة الدبر.
قال ابن الأثير: جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة، كما أن الوكاء يمنع ما في القربة أن يخرج كذلك اليقظة تمنع الاست أن يحدث إلا باختيار.
(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وشريك هو ابن عبد الله النخعي، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وابن إدريس: هو عبد الله، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل. والشك المذكور بإثر الحديث إنما هو في رواية أبي معاوية وحده، وسماع شقيق من عبد الله صحيح مشهور.
وأخرجه ابن ماجه (١٠٤١) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن ماجه (٨٨٤) و(١٠٤٠)، وإسناده صحيح.
وقوله: من موطئ. قال الخطابي: ما يوطأ من الأذى في الطريق، وأصله الموطوء، وأراد بذلك أنهم لا يُعيدون الوضوء للأذى إذا أصاب أرجلهم، لا أنهم كانو لا يغسلون أرجلهم ولا ينظفونها من الأذى إذا أصابها، وحمله البيهقى على النجاسة اليابسة، وأنها كانوا لا يغسلون أرجلهم من مسها.
وقال الترمذي: وهو قول غير واحد من أهل العلم، قالوا: إذا وطئ الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غسل القدم إلا أن يكون رطبًا، فيغسل ما أصابه.

قال إبراهيمُ بن أبي معاوية: عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق - أو: حَدَّثَه عنه - قال: قال عبد الله. وقال هنَّاد: عن شقيق - أو: حَدَّثَه عنه - قال: قال عبدُ الله.

٧٩ - باب من يُحدِث في الصلاة
٢٠٥ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا جريرُ بن عبد الحميد، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حِطَّان، عن مُسلم بن سلاّم
عن عليِّ بن طَلْق، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا فَسَا أحدُكُم في الصَّلاة، فليَنصَرِف، فليَتَوضَّأ، وليُعِدِ الصلاة» (١).

٨٠ - باب في المذي
٢٠٦ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا عَبيدةُ بنُ حُميد الحذَّاء، عن الرُّكَين ابن الرَّبيع، عن حُصَين بن قَبِيصة
عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنتُ رجلًا مذَّاءً، فجَعَلتُ أغتَسِلُ حتَّى تَشَققَ ظَهري، فذكرتُ ذلكَ للنبيِّ ﷺ، أو ذُكِرَ له، فقال رسولُ الله ﷺ:


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن سلام لم يرو عنه غير عاصم الأحول، فهو مجهول.
وأخرجه الترمذي (١١٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٧٦) و(٨٩٧٧) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (١١٩٩) من طريق وكيع، عن عبد الملك بن مسلم بن سلام، عن أبيه، به. ولم يسمعه عبد الملك من أبيه، فقد أخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٧٥) من طريق أحمد بن خالد، عن عبد الملك، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٢٣٧).
ويشهد له حديث أبي هريرة السالف برقم (١٧٧).

«لا تَفعَل، إذا رأيتَ المَذْيَ فاغسِل ذَكَرَكَ وتَوَضَّأ وُضوءَك للصَّلاةِ، وإذا فَضَختَ الماءَ فاغتَسِل» (١).
٢٠٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن أبي النَّضر، عن سُليمان ابن يسار
عن المِقداد بن الأسود أن عليّ بنَ أبي طالب رضي الله عنه أمَرَه أن يَسألَ رسولَ الله ﷺ عن الرجل إذا دَنَا مِن أهلِهِ، فخرجَ منه المَذيُ، ماذا عليه؟ فإنَّ عندي ابنَتَه وأنا أستَحيي أنْ أسأَلَه، قال المِقدادُ: فسألتُ رسولَ الله ﷺ عن ذلك، فقال: «إذا وَجَدَ أحدُكُم ذلكَ فليَنضَحْ فَرجَه، وليَتَوَضَّأ وُضوءَهُ للصَلاةِ» (٢).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٩٧) عن علي بن حجر وقتيبة بن سعيد، عن عَبيدة بن حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (١٩٨) من طريق زائدة، عن الركين بن الربيع، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٦٨)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠٢).
وأخرجه البخاري (١٣٢) و(٢٦٩)، ومسلم (٣٠٣)، والترمذي (١١٤)، والنسائي (١٤٨) و(١٤٩) و(١٥٠) وفي «المجتبى» (٤٣٥)، وابن ماجه (٥٠٤) من طرق عن علي.
وانظر ما سيأتي بالأرقام (٢٠٧) و(٢٠٨) و(٢٠٩).
قوله: «فذكرت ذلك للنبي ﷺ»، وفي الروايات الآتية أنه أمر المقداد، وفي بعض الروايات أنه أمر عمار بن ياسر، قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١/ ٣٨٠: جمع ابنُ حبان بَين هذا الاختلاف بأن عليًا أمر عمارًا أن يسأل، ثمَّ أمر المقداد بذلك، ثمَّ سأل بنفسه، وهو جمع جيد إلا بالنسبة لآخره، لكونه مغايرًا لقوله: إنه استحيا عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة، فيتعين حمله على المجاز بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك، وبهذا جزم الإسماعيلي ثمَّ النووي.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد بن الأسود ولا من علي، والصحيح أنه عن سليمان بن يسار، عن ابن=

٢٠٨ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، عن هشام بن عُروة، عن عُروة
أنَّ عليَّ بنَ أبي طالب قال للمِقداد، وذكرَ نحوَ هذا، قال: فسألَهُ المِقدادُ، فقال رسولُ الله ﷺ: «لِيَغسِلْ ذَكَرَه وأُنثَيَيهِ» (١).


= عباس: أن عليًا أرسل المقداد، كما سيأتي في التخريج. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٤٠، ومن طريقه أخرجه النسائي في «المجتبى» (١٥٦) و(٤٤٠)، وابن ماجه (٥٠٥).
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨١٩)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠١).
وأخرجه مسلم (٣٠٣) (١٩)، والنسائي في «المجتبى» (٤٣٨) من طريق بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي: أرسَلْنا المقداد ... فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (٨٢٣).
وانظر ما قبله.
وقوله: فلينضح فرجه، أي: يغسله، فإن النضح يكون غسلًا ويكون رشًا، وقد جاء في إحدى روايات البخاري (٢٦٩) عن علي، وفيه «واغسل ذكرك».
(١) حديث صحيح دون قوله: «وأنثييه» فحسن إن سلم من الوهم أو الشذوذ، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن رواية عروة بن الزُّبير عن علي مرسلة فيما قاله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيانِ.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٤٧) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٠٠٩).
وسلف برقم (٢٠٦) من طريق حصين بن قبيصة وخرَّجناه هناك من طرق عن علي دون قوله: «وأنثييه».
وأخرجه بهذه الزيادة أبو عوانة (٧٦٥) من طريق أبي خالد الأحمر، عن هشام بن حسان، عن محمَّد بن سيرين، عن عَبِيدَةَ السلماني، عن علي. وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر - وإن كان صدوقًا - له بعض الأوهام.
ولهذه الزيادة شاهد من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري، وهو الآتي عند المصنف برقم (٢١١)، وانظر الكلام عليه هناك.=

قال أبو داود: رواه الثَّوريُ وجماعةٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المِقدادِ، عن عليٍّ، عن النبي ﷺ (١).
٢٠٩ - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا أَبي، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن حديث حُدَّثَه أنَّ عليَّ بن أبي طالب قال: قلتُ: للمِقدادِ، فذكرَ معناه (٢).
قال أبو داود: ورواه المُفضَّلُ بن فَضَالة والثوريُّ وابنُ عُيينة عن هشام، عن أبيه، عن عليٍّ، ورواه ابنُ إسحاق عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن المِقداد، عن النبيِّ ﷺ لم يذكر: «أُنثَيَيهِ» (٣).
٢١٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ - يعني ابنَ إبراهيم -، أخبرنا محمَّد ابن إسحاق، حدَّثني سعيدُ بن عُبيد بن السَّبَّاق، عن أبيه
عن سَهل بن حُنَيف، قال: كنتُ ألقى مِنَ المَذْيِ شِدَّةَ، وكنتُ أُكثِرُ منه الاغتِسالَ، فسألتُ رسولَ الله ﷺ عن ذلك، فقال: «إنَّما يَجزيكَ مِن ذلكَ الوضوءُ» قلتُ: يا رسولَ الله، فكيفَ بما يُصيبُ ثَوبي منه؟ قال: «يكفيكَ بأنْ تأخُذَ كفًّا من ماءِ فتَنضَحَ بها مِن ثَوبِكَ حيثُ تَرَى أنَّه أصابَه» (٤).


=والأمر بغسل الأنثيين - وإن كان محفوظًا - محمول على الندب عند جمهور الفقهاء، وقال الأوزاعي بوجوبه، وهو رواية عن أحمد كما في «المغني» ١/ ٢٣٢.
(١) وكذا رواه أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن عروة عند الطبراني في «مسند الشاميين» (١١٢). وعروة لم يسمع من المقداد أيضًا.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع كسابقه.
(٣) رواية محمَّد بن إسحاق هذه أخرجها أحمد (١٦٧٢٥).
(٤) إسناده حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث، وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات.=

٢١١ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عبدُ الله بنُ وَهب، حدَّثنا معاوية ابنُ صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حَرَام بن حَكيم
عن عمِّه عبد الله بن سعد الأنصاريِّ، قال: سألتُ رسولَ الله ﷺ عمَّا يُوجِبُ الغسلَ، وعن الماءِ يكون بعدَ الماء، فقال: «ذاكَ المَذْيُ، وكلُّ فَحلِ يَمذي، فتَغسِلُ مِن ذلك فَرجَكَ وأُنثَيَيكَ، وتَوَضَّأ وُضوءك للصَلاة» (١).
٢١٢ - حدَّثنا هارونُ بن محمَّد بن بكَّار، حدَّثنا مروانُ - يعني ابنَ محمَّد -، حَدثنا الهيثمُ بنُ حُميد، حدَّثنا العلاء بن الحارث، عن حَرَام بن حَكيم


=وأخرجه الترمذي (١١٥)، وابن ماجه (٥٠٦) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠٣).
قال الترمذي: اختلف أهل العلم في المذي يُصيبُ الثوبَ، فقال بعضهم: لا يُجزئ إلا الغسلُ، وهو قوَلُ الشافعى وإسحاق (وغيرهما)، وقال بعضهم: يُجزئه النضحُ، وقال أحمد: أرجو أن يُجزئه النضحُ بالماء.
(١) إسناده صحيح. رواه عن معاوية بن صالح ابن وهب وابن مهدي واختلف على ابن وهب في قوله: «وأنثييه» ولم يذكرها ابن مهدي.
وأخرجه الخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ١/ ١٠٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (٧)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٩٤ من طريقين عن ابن وهب، به. ولم يذكر في رواية ابن قانع الأنثيين.
وأخرجه أحمد (١٩٠٠٧)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٨٦٥) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، به. ولم يذكر الأنثيين.

عن عمِّه: أنه سأل رسولَ الله ﷺ: ما يَحِلُّ لي مِنَ امرأتي وهي حائِضٌ؟ قال: «لَكَ ما فوقَ الإزارِ» وذكرَ مُؤاكَلَةَ الحائِضِ أيضًا، وساق الحديثَ (١).
٢١٣ - حدَّثنا هشامُ بنُ عبد الملك اليَزَني، حدَّثنا بقيَّةُ عن سعد الأغطَش - وهو ابنُ عبد الله -، عن عبد الرحمن بن عائذ الأزْدي، قال هشامٌ: وهو ابن قُرْط أميرُ حِمص
عن معاذ بن جبل، قال: سألتُ رسولَ الله ﷺ عما يَحِلُّ للرجلِ مِن امرأتِه وهي حائِضٌ؟ قال: فقال: «ما فوقَ الإزارِ، والتعفُّفُ عن ذلك أفضَلُ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، هارون بن محمَّد بن بكار صدوق، وباقي رجاله ثقات، حرام بن حكيم، وهو حرام بن معاوية، كان معاوية بن صالح يقوله على الوجهين، ووهم من جعلهما اثنين. قال ابن حجر في «التقريب»: ثقة.
وأخرجه الترمذي (١٣٣)، وابن ماجه (١٣٧٨) من طريق معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، بهذا الإسناد.
وهو مطولًا في «مسند أحمد» (١٩٠٠٧).
وهذا الحديث دليل على جواز الاستمتاع بما فوق السُّرَّة من الحائض وعدم جوازه بما تحت السُّرَّة، لكن سيأتي عند أبي داود (٢٧٤) باب ما يصيب منها دون الجماع عن بعض أزواج النبي ﷺ: أن النبي ﷺ كان إذا أراد من الحائض شيئًا، ألقى على فرجها شيئًا، وهو يدل على جواز الاستمتاع من غير تخصيص بمحل دون محل من سائر البدن غير الفرج.
(٢) صحيح لغيره دون قوله: «والتعفف عن ذلك أفضل» وهذا إسناد ضعيف، بقية بن الوليد ضعيف ومدلس، وسعد بن عبد الله الأغطش لين الحديث.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠/ (١٩٤) من طريق إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن عبد الرحمن الخزاعى، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن معاذ. وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وشيخه سعيد بن عبد الرحمن كوفي، فالإسناد ضعيف.=

قال أبو داود: وليس بالقوي.

٨١ - باب في الإكسال
٢١٤ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وَهب، أخبرني عمروٌ - يعني ابنَ الحارث - عن ابن شِهاب قال: حدَّثني بعضُ مَن أرضى: أنَّ سهلَ بنَ سَعدٍ السَّاعِدِي أخبره
أن أُبيَّ بنَ كعب أخبره: أنَّ رسولَ الله ﷺ إنَّما جعلَ ذلك رُخصةً للناسِ في أوَّلِ الإسلامِ لقلَّةِ الثِّيابِ، ثمَّ أمرَ بالغُسلِ ونهى عن ذلك.
قال أبو داود: يعني: الماءَ مِنَ الماء (١).


=ولقوله: «لك ما فوق الإزار» شاهد من حديث عبد الله بن سعد، وهو السالف قبله.
وآخر من حديث عائشة عند البخاري (٣٠٠)، ومسلم (٢٩٣).
وثالث من حديث ميمونة عند البخاري (٣٠٣)، ومسلم (٢٩٤).
(١) حديث صحيح، شيخ ابن شهاب - وهو محمَّد بن مسلم الزهري - وإن كان مبهمًا، رجح ابن خزيمة وابن حبان أنه أبو حازم سلمة بن دينار، وهو ثقة، ثمَّ إن الزهري قد رواه عن سهل بن سعد مباشرة وصرح بسماعه منه في عدة روايات ذكرها الحافظ في «التلخيص الحبير» ١/ ١٣٥، فيكون الزهرى قد سمعه من أبي حازم عن سهل بن سعد، ثمَّ سمعه من سهل مباشرة. ابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه الترمذي (١١٠) و(١١١)، وابن ماجه (٦٠٩) من طريقين عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٠٠)، و«صحيح ابن حبان» (١١٧٣).
وروى الترمذي (١١٢) من طريق شريك (وهو سيئ الحفظ) عن أبي الجحاف، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «إنما الماء من الماء في الاحتلام»، فهذا من ابن عباس حمل لحديث «الماء من الماء»على صورة مخصوصة، وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع، لكن حديث أُبيّ الآتي بعد هذا صريح في النسخ.=

٢١٥ - حدَّثنا محمّد بنُ مِهرانَ الرَّازيُّ، حدَّثنا مُبشِّرٌ الحلبيُّ، عن محمَّد أبي غسان،عن أبى حازم، عن سَهلِ بنِ سعد قال:
حدَّثني أُبيُّ بنُ كعب: أن الفُتيا التي كانوا يُفتُونَ: أنَّ الماءَ مِنَ الماء، كانت رخصةً رَخّصَها رسولُ الله ﷺ في بَدءِ الإسلامِ، ثمَّ أمرَ بالاغتِسالِ بعدُ (١).
٢١٦ - حدَّثنا مُسلِمُ بنُ إبراهيم الفَرَاهيديُّ، حدَّثنا هشامٌ وشعبةُ، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ قال: «إذا قَعَدَ بينَ شُعَبِها الأربَعِ، وألزَقَ الخِتانَ بالخِتانِ، فقد وَجَبَ الغُسلُ» (٢).


(١) إسناده صحيح. محمَّد أبو غسان: هو ابن مطرف، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١١٧٩) من طريق محمَّد بن مهران، بهذا الإسناد.
وقد سلف تخريجه فيما قبله.
(٢) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وشعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والحسن: هو البصري، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ.
وأخرجه البخاري (٢٩١)، ومسلم (٣٤٨)، وابن ماجه (٦١٠) من طريق هشام، والنسائي في «الكبرى» (١٩٥) من طريق شعبة، كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد.
وقرن مسلم بقتادة مطرًا الوراق.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (١١٧٤).
وأخرجه النسائي (١٩٦) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. وقال: هذا خطأ.
وعندهم: «ثمَّ جهدها» أو «ثمَّ اجتهد» بدل: «وألزق الختان بالختان»، قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٣٩٥ بعد ذكر رواية أبي داود: وهذا يدل على أن الجهد هنا كنايةٌ عن معالجة الإيلاج.=

٢١٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدّثنا ابنُ وَهْب، أخبرني عمرٌو، عن ابن شِهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي سعيد الخُدريِّ، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «الماءُ مِنَ الماءِ». وكانَ أبو سلمة يَفعَلُ ذلك (١).

٨٢ - باب في الجنب يعود
٢١٨ - حدّثنا مسدَّدٌ، حدّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا حُميد الطويلُ
عن أنس: أنَّ رسولَ الله ﷺ طافَ على نِسائِهِ في غُسلٍ واحدٍ (٢).


=وقوله: فقد وجب الغسل، أي: على الزوج والزوجة وإن لم يكن إنزال، فالموجب للغسل: هو غيبوبة الحشفة، قال الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة والفقهاء من التابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق (وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه).
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري.
وأخرجه مسلم (٣٤٣) (٨١) عن هارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (٣٤٣) (٨٠) من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه. وفيه قصة.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٤٣)، و «صحيح ابن حبان» (١١٦٨).
قال السندي في حاشيته على «المسند»: قوله: الماء، أي وجوب الاغتسال بالماء «من الماء»، أي: من خروج الماء المعهود لا بمجرد الجماع بلا إنزال، واتفقوا على أنه كان في أول الأمر، ثمَّ نُسخَ، وقيل: هذا في الاحتلام.
(٢) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُليه، وحميد الطويل: هو ابن أبي حميد البصري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٥٥) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.=

قال أبو داود: هكذا رواه هشامُ بنُ زيد عن أنس، ومَعمَرٌ عن قتادة، عن أنس، وصالحُ بنُ أبي الأخضر عن الزُّهريِّ، كلُّهم عن أنس، عن النبيِّ ﷺ.

٨٣ - باب الوضوء لمن أراد أن يعود
٢١٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن عبد الرحمن بن أبي رافع، عن عمَّتِهِ سَلمى
عن أبي رافع: أنَّ النبيَّ ﷺ طافَ ذاتَ يومِ على نِسائِهِ يَغتَسِلُ عندَ هذه وعندَ هذه، قال: فقلتُ: يا رسولَ الله، ألا تَجعَلُه غُسلًا واحدًا؟ قال: «هذا أزكى وأطيَبُ وأطهَرُ» (١).
قال أبو داود: حديثُ أنس أصحُّ من هذا.


=وأخرجه البخاري (٢٨٤)، والنسائي (٥٢٨٦) من طريق سعيد بن أبي عروبة، والبخاري (٢٦٨) من طريق هشام الدستوائي، والترمذي (١٤٠)، والنسائي (٢٥٦) و(٨٩٨٧)، (٨٩٨٨)، وابن ماجه (٥٨٨) من طريق معمر بن ثابت، ثلاثتهم عن قتادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٠٩) من طريق هشام بن زيد، وابن ماجه (٥٨٩) من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، كلاهما عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٦٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٠٧).
(١) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن أبي رافع لم يرو عنه سوى حماد بن سلمة، وقال ابن معين فيه: صالح، وعمته سلمى روى عنها غير واحد، ولا تعرف بجرح ولا تعديل، وهما ممن لا يحتمل تفردهما لا سيما وقد خالفا حديث أنس الصحيح السالف قبله.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٨٦)، وابن ماجه (٥٩٠) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٨٦٢).

٢٢٠ - حدَّثنا عمرُو بنُ عَون، حدَّثنا حفصُ بنُ غياث، عن عاصم الأحوَلِ، عن أبي المُتوكِّل
عن أبي سعيد الخُدريِّ، عن النبيِّ ﷺ قال: «إذا أتى أحدُكم أهلَه، ثمَّ بَدَا له أن يُعاوِدَ، فليَتَوَضَّأ بينَهما وُضوءًا» (١).

٨٤ - باب الجنب ينام
٢٢١ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن عبد الله بن دينار
عن عبد الله بن عمر، أنه قال: ذكرَ عمرُ بنُ الخطَّاب لرسولِ الله ﷺ أنه تُصيبُه الجنابةُ مِنَ اللَّيلِ، فقالَ رسولُ الله ﷺ «تَوَضَّأ واغسِلْ ذَكَرَكَ، ثمَّ نَمْ» (٢).


(١) إسناده صحيح. عاصم الأحول: هو ابن سليمان، وأبو المتوكل: هو علي ابن داود الناجي.
وأخرجه مسلم (٣٠٨)، والترمذي (١٤١)، والنسائى في «الكبرى» (٢٥٤)، وابن ماجه (٥٨٧) من طرق عن عاصم الأحول، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٢١٠)، (١٢١١) وفي الرواية الثانية زيادة: فإنه أنشط للعود، والأمر في هذا للندب، قال ابن عبد البر ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ، وحجة الجمهور حديث عائشة عند المصنف (٢٢٦) قالت: ربما اغتسل من الجنابة في أول الليل وربما اغتسل في آخره. ورواه الترمذي (١١٨) وابن ماجه (٥٨٣) من طرق عن أبي إسحاق عن الأسود، عن عائشة وهذا سند قوي، وصححه غير واحد من الأئمة.
وروى ابن خزيمة (٢١١) وابن حبان (١٢١٦) عن ابن عمر، عن عمر أنه سأل رسول الله ﷺ: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم ويتوضأ إن شاء» وإسناده صحيح وهو في صحيح مسلم (٣٠٦) (٢٤) بنحوه.
(٢) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٤٧، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٩٠)، ومسلم (٣٠٦) (٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٥٢).=

٨٥ - باب الجنب يأكل
٢٢٢ - حدَّثنا مُسدَّدٌ وقُتيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا سفيان، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ إذا أرادَ أن ينامَ وهو جُنُب تَوَضَّأَ وضوءَه للصَّلاة (١).
٢٢٣ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّار، حدَّثنا ابنُ المُبارَك، عن يونس، عن الزُّهريِّ، بإسناده ومعناه، زاد:
وإذا أرادَ أن يأكُلَ وهو جُنُب غَسَلَ يَدَيهِ (٢).


=وأخرجه البخاري (٢٨٧) و(٢٨٩)، ومسلم (٣٠٦) (٢٣) و(٢٤)، والترمذي (١٢٠)، والنسائي (٩٠٠٩)، وابن ماجه (٥٨٥) من طرق عن نافع، عن ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٤٦٦٢) و(٥٣١٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٢١٣).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه مسلم (٣٠٥) (٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٩٥)، وابن ماجه (٥٨٤) من طريق الليث، عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخارى (٢٨٦) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به.
وأخرجه البخاري (٢٨٨) من طريق عروة بن الزُّبير، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٨٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٢١٧).
وانظر الحديثين الآتيين بعده.
(٢) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٥٠) و(٢٥١)، وابن ماجه (٥٩١) من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه في روايته على الزيادة المذكورة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٧٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٢١٨).
وانظر ما قبله وما بعده.

قال أبو داود: ورواه ابنُ وَهْب، عن يونس، فجعلَ قِصَّةَ الأكلِ قولَ عائشةَ مقصورًا، ورواه صالحُ بنُ أبي الأخضر، عن الزُّهريِّ كما قال ابنُ المُبارَك، إلا أنه قال: عن عُروة أو أبي سلمة. ورواه الأوزاعيُّ، عن يونس عن الزُّهريِّ، عن النبيِّ ﷺ، كما قال ابنُ المُبارَك (١).

٨٦ - باب من قال: الجنب يتوضَّأ
٢٢٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا شُعبةُ، عن الحَكَمِ، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ إذا أرادَ أن يأكُلَ أو ينامَ توَضَّأَ؛ تعني وهو جُنُبٌ (٢).


(١) رواية صالح بن أبي الأخضر -وهو ضعيف يعتبر به- أخرجها أحمد (٢٤٧١٤) و(٢٤٨٧٣) و(٢٥٥٩٨)، وإسحاق بن راهويه (٨٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٩٧)، وعندهم جميعًا: «عن عروة وأبي سلمة» بالعطف، سوى الموضع الأول عند أحمد فعن أبي سلمة وحده.
ورواية الأوزاعي أخرجها النسائي في «الكبرى» (٨٩٩٢)، وهي في «مسند أحمد» (٢٤٥٥٥).
(٢) رجاله ثقات، لكن متنه مخالف لما سلف قبله من طريق أبي سلمة عن عائشة: أن النبي ﷺ كان إذا أراد أن ينام -وهو جنب- توضّأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه. ولذا قال يحيي بن سعيد القطان - كما في رواية أحمد (٢٥٥٨٤) عنه: ترك شعبة حديث الحكم في الجنب: إذا أراد أن يأكل توضأ. الحكم: هو ابن عتيبة، وإبراهيم والأسود: هما النخعيان.
وأخرجه مسلم (٣٠٥) (٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٢٤٩) و(٨٩٩٨)، وابن ماجه (٥٩١) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٨٤).

٢٢٥ - حدَّثنا موسى -يعني ابنَ إسماعيل-، حدَّثنا حماد، أخبرنا عطاءٌ الخُراسانيُّ، عن يحيي بن يَعمَرَ
عن عمَّار بن ياسر: أنَّ النبيَّ ﷺ رَخَّصَ للجُنُب إذا أكَلَ أو شَرِبَ أو نامَ أن يَتَوَضَّأَ (١).
قال أبو داود: بين يحيى بن يَعمَرَ وعمَّار بن ياسر في هذا الحديث رجلٌ. وقال عليُّ بنُ أبي طالب وابنُ عمر وعبدُ الله بنُ عَمرٍو: الجُنُبُ إذا أرادَ أن يأكُلَ تَوَضَّأَ.

٨٧ - باب الجنب يؤخر الغسل
٢٢٦ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا المعتَمرُ (ح)
وحدثنا أحمدُ بنُ حَنبَل، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم؛ قالا: حدَّثنا بُردُ بنُ سِنان، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن غُضَيف بن الحارث، قال:
قلتُ لعائشةَ: أرأيتِ رسولَ الله ﷺ كانَ يَغتَسِلُ مِنَ الجنابةِ في أوَّلِ اللَّيلِ أو في آخِرِه؟ قالت: رُبما اغتَسَلَ في أوَّلِ اللَّيلِ ورُبما اغتَسَلَ في آخِرِه، قلتُ: اللهُ أكبَرُ، الحمدُ لله الذي جَعَلَ في الأمرِ سَعَةً.


(١) إسناده ضعيف لانقطاعه، يحيى بن يعمر لم يلق عمار بن ياسر فيما ذكر الدارقطني، وقد نبه عليه المصنف بعده، وباقي رجاله ثقات. عطاء الخراساني: هو ابن أبي مسلم.
وأخرجه الترمذي (٦١٧) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٨٦).
وسيأتي ضمن حديث مطول برقم (٤١٧٦).
وفي الباب عن جابر عند ابن ماجه (٥٩٢)، وإسناده ضعيف.

قلتُ: أرأيتِ رسولَ الله ﷺ كانَ يُوتِرُ أوَّلَ اللَّيلِ أم في آخِرِه؟ قالت: رُبما أوتَرَ في أوَّلِ اللَّيلِ، ورُبما أوتَرَ في آخِرِه، قلت: اللهُ أكبَرُ، الحمدُ لله الذي جَعَلَ في الأمرِ سَعَةً.
قلتُ: أرأيتِ رسولَ الله ﷺ كان يَجهَرُ بالقُرآنِ أم يَخفِتُ به؟ قالت: رُبما جَهَرَ به ورُبما خَفَتَ، قلتُ: الله أكبَرُ، الحمدُ لله الذي جعَلَ في الأمرِ سَعَةً (١).
٢٢٧ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن علي بن مُدرِكٍ، عن أبي زُرعة بن عمرو بن جرير، عن عبد الله بن نُجَيٍّ، عن أبيه
عن عليٍّ، عن النبيِّ ﷺ قال: «لا تَدخُلُ الملائكةُ بَيتًا فيه صُورةٌ ولا كلبٌ ولا جُنُبٌ» (٢).


(١) إسناده صحيح. معتمر: هو ابن سليمان، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢١)، وابن ماجه (١٣٥٤) من طرق عن برد بن سنان، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بالسؤال عن الغسل، ورواية ابن ماجه مختصرة بالسؤال عن قراءة القرآن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٠٢)، و«صحيح ابن حبان» (٢٤٤٧) و(٢٥٨٢).
وانظر ما سيأتى برقم (١٤٣٧).
(٢) صحيح لغيره دون قوله: «ولا جنب»، وهذا إسناد ضعيف، نجي -وهو الحضرمي الكوفي- لم يرو عنه غير ابنه عبد الله، وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وابنه عبد الله بن نجي مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٥٣) و(٤٧٧٤)، وابن ماجه (٣٦٥٠) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وليس عند ابن ماجه قوله: «ولا جنب».=

٢٢٨ - حدَّثنا محمَّدُ بن كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود
عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ ينامُ وهو جُنُب مِن غيرِ أن يَمَسَّ ماءً (١).
قال أبو داود: حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ الواسِطيُّ، قال: سمعتُ يزيدَ بنَ هارون يقول: هذا الحديثُ وهمٌ يعني حديثَ أبي إسحاق.


=وهو في «مسند أحمد» (٦٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٠٥).
وسيأتي مكررًا برقم (٤١٥٢).
وله دون قوله: «ولا جنب» شاهد من حديث أبي طلحة عند البخاري (٣٢٢٥)، ومسلم (٢١٠٦).
وآخر من حديث عائشة عند مسلم (٢١٠٤).
وثالث من حديث ميمونة عند مسلم (٢١٠٥)، وسيأتى برقم (٤١٥٧).
(١) حديث صحيح دون قولها: «من غير أن يمس ماء» فشاذ، قال أحمد: ليس بصحيح، وقال يزيد بن هارون: هو وهم، وقال الترمذي: يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق، وعلَّله مسلم في «التمييز»، وقد بسطنا الكلام عليه في «مسند أحمد» (٢٤٧٠٦). سفيان: هو الثورى، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه الترمذي (٢١٨) و(٢١٩)، وابن ماجه (٥٨١) و(٥٨٢) و(٥٨٣) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد.
ويُعارضه ما رواه إبراهيم النخعي عن الأسود فيما سلف عند المصنف برقم (٢٢٤)، وما رواه أبو سلمة فيما سلف برقم (٢٢٢)، كلاهما عن عائشة: أن رسول الله ﷺ كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضّأ كما يتوضَّأ للصلاة.
وقد جمع الإمام الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ١/ ١٢٥ بينهما بأنه لم يكن يمس ماء للغسل، وقال ابن قتيبة: إنه كان يفعل الأمرين لبيان الجواز. وانظر «التلخيص الحبير» ١/ ١٤٠ - ١٤١، والتعليق على «مسند أحمد» (٢٤٧٠٦).

٨٨ - باب الجنب يقرأ
٢٢٩ - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن عَمرو بن مُرة، عن عبد الله ابن سَلِمة، قال:
دخلتُ على عليٍّ رضي الله عنه أنا ورجلان، رجلٌ منَّا ورجلٌ مِن بني أَسد أحسَبُ، فبَعَثَهما عليٌّ وجهًا، وقال: إنَّكما عِلْجانِ، فعالِجا عن دِينِكما، فدخلَ (١) المَخْرَجَ ثمَّ خرجَ فدعا بماءٍ فأخذَ منه حَفْنةً فتَمَسحَ بها، ثمَّ جعل يَقرَأُ القُرآنَ، فأنكروا ذلك، فقال: إنَّ رسولَ الله ﷺ كان يَخرُجُ مِنَ الخلاءِ فيُقرِئُنا القُرآنَ ويأكُلُ مَعَنا اللّحمَ، ولم يَكُن يَحجُبُهُ -أو قال: يَحجُزُهُ- عن القُرآنِ شيءٌ ليسَ الجَنابةَ (٢).


(١) زاد في بعض نسخ السنن: ثمَّ قام فدخل.
(٢) إسناده حسن، عبد الله بن سَلِمة -وهو المرادي الكوفي- وثقه يعقوب بن شيبة والعجلي وابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وصحح له حديثه هذا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٠٨: هو من قبيل الحسن يصلح للحجة.
وأخرجه دون قصة علي النسائي في «الكبرى» (٢٥٧)، وابن ماجه (٥٩٤) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢٧) و(٦٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (٧٩٩).
وأخرجه الترمذي (١٤٦) من طريق الأعمش وابن أبي ليلى، والنسائي (٢٦٦) من طريق الأعمش وحده، كلاهما عن عمرو بن مرة، به بلفظ: كان رسول الله ﷺ يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا وقال: حديث حسن صحيح.
قال الترمذي: وبه قال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين، قالوا: يقرأ الرجل القرآن على غير وضوء، ولا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق (وأصحاب الرأي).=

٨٩ - باب الجنب يصافح
٢٣٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن مِسعَر، عن واصِل، عن أبي وائل عن حذيفة: أنَّ النبيَّ ﷺ لَقِيَه، فأهوى إليه، فقال: إنِّي جُنُبٌ، فقال: «إنَّ المُسلِمَ ليس بنَجَسٍ» (١) (٢).
٢٣١ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى وبشرٌ، عن حُميد، عن بكر، عن أبي رافع


=وقوله: إنكما علجان تثنية علج، قال الخطابي: يريد الشدة والقوة على العمل، يقال: رجل علج: إذا كان قوي الخلقة، وقال ابن الأثير: أي: مارسا العمل الذي ندبتكما إليه، واعملا به.
قوله: ليس الجنابةَ بالنصب قال الخطابي: معناه غير الجنابة.
وليس هنا حرف استثناء بمنزلة «إلا».
(١) في (هـ) ونسخة على هامش (ج): «ليس يَنجُس»، وفي نسخة أخرى على هامش (ج): لا ينجس.
(٢) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، ومسعر: هو ابن كدام، وواصل: هو ابن حيّان الأحدب، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه مسلم (٣٧٢)، والنسائي في «الكبرى» (٢٦٠)، وابن ماجه (٥٣٥) من طريق مسعر، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٢٦١) من طريق أبي بردة، عن حذيفة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٦٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٥٨).
وقوله: «فأهوى إليه»، أي: ميَّل يده إليه.
وقوله: «إن المسلم ليس بنجس»، معناه أن الأمر بالغسل من الجنابة تعبدي وليس بنجس حتَّى لا يجوز مسه.
وكذلك الكافر عند جمهور المسلمين سلفًا وخلفًا، وأما قوله تعالى: ﴿إنما المشركون نجس﴾ ﴿التوبه: ٢٨﴾ فالمراد منه نجاسة الاعتقاد والاستقذار، وليس المراد أعيانهم.

عن أبي هريرة، قال: لَقِيَني رسولُ الله ﷺ في طريقٍ مِن طُرُقِ المدينةِ، وأنا جُنُبٌ، فاختَنَستُ، فذهبتُ فاغتَسَلتُ، ثمَّ جئتُ فقال: «أينَ كنتَ يا أبا هريرة؟»قال: قلتُ: إني كنتُ جُنُبًا، فكَرِهتُ أن أُجالِسَكَ على غيرِ طهارةٍ، قال: «سُبحانَ الله! إنَّ المُسلِمَ لا يَنجُسُ» (١).
قال: في حديث بشر: حدَّثنا حُميدٌ، حدَّثني بكر.

٩٠ - باب الجنب يدخل المسجد
٢٣٢ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ زياد، حدَّثنا أفلَتُ بنُ خليفة، حدَّثتني جَسرةُ بنتُ دِجاجة، قالت:
سمعتُ عائشةَ تقول جاءَ رسولُ الله ﷺ ووُجُوهُ بُيوتِ أصحابِهِ شارِعَة في المَسجِدِ، فقال: «وَجِّهُوا هذه البُيوتَ عن المَسجِدِ» ثمَّ دخلَ النبيُّ ﷺ ولم يَصنَع القَومُ شيئًا رجاءَ أن تَنزِلَ فيهم رُخصَةٌ،


(١) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وبشر: هو ابن المفضل، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وبكر: هو ابن عبد الله، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ.
وأخرجه البخاري (٢٨٣)، ومسلم (٣٧١)، والترمذي (١٢٢)، والنسائى فى «الكبرى» (٢٥٩)، وابن ماجه (٥٣٤) من طريق حميد الطويل، بهذا الإسناد. وسقط من النسخ المطبوعة من «صحيح مسلم»: بكر بن عبد الله، قال الحافظ في «النكت الظراف» (١٤٦٤٨): سقط بكر بن عبد الله من أكثر النسخ، وثبت في بعضها من رواية بعض المغاربة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢١١)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٥٩).
وقوله: فاختنستُ بالخاء المعجمة والسين المهملة من الخنوس والتأخر والاختفاء، يقال: خنس وانخنس واختنس. ويروى: فانخنست، ورواه بعضهم فانتجشت بالجيم المعجمة من النَّجْش: الإسراع: قاله فى «النهاية».

فخرجَ إليهم، فقال: «وَجَّهوا هذه البُيوتَ عن المسجِدِ، فإنِّي لا أُحِلُّ المسجِدَ لحائِضٍ ولا جُنُبٍ» (١).
قال أبو داود: هو فُلَيتٌ العامِرِيُ.


(١) إسناده حسن، أفلت -ويقال: فُليت- بن خليفة صدوق، وجسرة بنت دجاجة ذكرها أبو نعيم في «معرفة الصحابة»، ورجح الحافظ في «الإصابة» أن لها إدراكًا، وقد روى عنها جمع، وقال العجلي: ثقة تابعية، وذكرها ابن حبان في «الثقات»، وصحح لها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال البخاري: عندها عجائب، وقال الذهبي معقبًا عليه: قوله هذا ليس بصريح في الجرح.
وأخرجه البيهقي ٢/ ٤٤٢ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (١٣٢٧) من طريق عبد الواحد بن زياد، وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ٦٧، والبيهقي ٢/ ٤٤٢ - ٤٤٣ من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، كلاهما عن أفلت، به. زاد موسى في آخره: «إلا لمحمد وآل محمَّد». قلنا: يعني أزواجه ﷺ، فقد كانت أبواب بيوت النبي ﷺ في المسجد ولم تكن لهم طريق إلا من المسجد.
وأخرجه ابن ماجه (٦٤٥) من طريق أبي الخطاب الهجري، عن محدوج الهذلي، عن جسرة، عن أم سلمة، وأبو الخطاب ومحدوج مجهولان وصحح أبو زرعة كما في «علل الحديث» لابن أبي حاتم ١/ ٩٩ أنه من حديث عائشة.
قال ابن رسلان: استدل به على تحريم اللبث في المسجد والعبور فيه سواء كان لحاجة أو لغيرها قائمًا أو جالسًا أو مترددًا على أي حال متوضئًا كان أو غيره لإطلاق هذا الحديث، وحكاه ابن المنذر ١٠٧/ ٣ عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه ولا يجوز العبورُ إلا أن لا يجد بدًا منه فيتوضأ ثمَّ يمر وإن لم يجد الماء يتيمم، ومذهب أحمد: يباح العبور في المسجد للحاجة من أخذ شيء أو تركه، أو كون الطريق فيه، وأما غير ذلك فلا يجوز بحال.
انظر «المغني» ١/ ٢٠٠ - ٢٠١.

٩١ - باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ
٢٣٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن زياد الأعلم، عن الحسن عن أبي بكرة: أنَّ رسولَ الله ﷺ دخلَ في صلاةِ الفَجرِ، فأومَأَ بيدِهِ: أنْ مكانَكُم، ثمَّ جاءَ ورأسُهُ يَقطُرُ فصلَّى بهم (١).


(١) رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو ابن أبي الحسن يسار البصري- مدلس، رواه بالعنعنة. حماد: هو ابن سلمة، وزياد الأعلم: هو ابن حسان الباهلي.
وأخرجه الشافعي فى «الأم» ١/ ٦٧، وأحمد (٢٠٤٢٠) و(٢٠٤٢٦) و(٢٠٤٥٩)، وابن خزيمة (١٦٢٩)، والطحاوي في «شرح المشكل» (٦٢٣)، وابن حبان (٢٢٣٥)، والبيهقي ٣٩٧/ ٢ و٣/ ٩٤، وابن عبد البر في «التمهيد» ١/ ١٧٥ و١٧٧ من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وسيأتي بعده.
وقد وقع في حديث أبي بكرة هذا أن الانصراف كان بعد التكبير، وكذا جاء فى حديث علي عند أحمد (٦٦٨)، وحديث أنس عند الطحاوي فى «شرح المشكل» (٦٢٤)، والدارقطني (١٣٦٢)، والبيهقي ٢/ ٣٩٩، وإسناد حديث علي ضعيف، وحديث أنس روي مرسلًا عند الدارقطني (١٣٦٣). وكذا سيأتي عند المصنف بإثر الحديث (٢٣٤) من مرسل سليمان بن يسار ومرسل الربيع بن محمَّد.
وجاء في حديث أبي هريرة الآتي برقم (٢٣٦) أن انصرافه ﷺ كان قبل التكبير، وهو في «الصحيحين».
وجمع الإمام الطحاوي بينهما، فحمل حديث أبي بكرة وشواهده على قرب الدخول في الصلاة لا على الدخول حقيقة، كما سُمِّى إسماعيل ذبيحًا ولم يذبح، وجعلهما ابن حبان والنووي حادثتين، ورجح الحافظ ابن حجر حديث أبي هريرة، وهو الصواب. وانظر «التمهيد» ١/ ١٧٣ - ١٩٠، و«الاستذكار» ٣/ ١٠١ - ١١٠.
وقال ابن قدامة فى «المغني» ٢/ ٥٠٤: إن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثًا أو جنبًا غير عالم بحدثه، فلم يعلم هو ولا المأمومون حتَّى فرغوا من الصلاة، فصلاتهم صحيحة وصلاة الإمام باطلة روي ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وسليمان بن حرب وأبو ثور.=

٢٣٤ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا حمّادُ بنُ سلمة بإسناده ومعناه، قال في أوَّلِهِ:
«فكبَّر» وقال في آخره: فلمّا قضى الصَّلاةَ قال: «إنَّما أنا بَشَرٌ، وإنِّي كنتُ جُنُبًا» (١).
قال أبو داود: رواه الزُّهريُّ، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: فلما قامَ في مُصَّلاهُ وانتَظَرنا أن يُكبِّرَ انصَرَفَ، ثمَّ قال: «كما أنتم» (٢).
ورواهُ أيُّوبُ وابنُ عَون وهشامٌ عن محمَّد عن النبيِّ ﷺ، قال: فكبَّرَ ثمَّ أومَأَ إلى القَومِ أنِ اجلِسُوا، وذهبَ فاغتَسَلَ، وكذلك رواه مالك (٣) عن إسماعيلَ بنِ أبي حَكيمٍ، عن عطاء بن يَسار: أنَّ رسولَ الله ﷺ كَبَّرَ في صَلاةٍ.
قال أبو داود: وكذلك حدَّثَناه مُسلِمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبانُ، عن يحيى، عن الربيع بن محمَّد، عن النبيِّ ﷺ أنه كَبَّرَ (٤).


=وعن علي أنه يُعيد ويعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة وأصحابه، لأنه صلى بهم محدثًا، أشبه ما لو علم.
(١) رجاله ثقات، وفيه عنعنة الحسن البصري.
وقد سلف تخريجه والكلام عليه فيما قبله.
(٢) سيأتي حديث أبي هريرة من طريق الزُّهريّ برقم (٢٣٤).
(٣) في «موطئه» ١/ ٤٨، وهو مرسل رجاله ثقات.
(٤) الربيع بن محمَّد تابعي مجهول، وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير.

٢٣٥ - حدَّثنا عمرُو بنُ عثمان، حدَّثنا محمَّدُ بنُ حَرب، حدَّثنا الزُّبيديُّ (ح)
وحدَّثنا عيَّاشُ بنُ الأزرق، أخبرنا ابنُ وَهبٍ، عن يونس، (ح)
وحدَّثنا مَخلدُ بنُ خالد، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد إمامُ مسجد صَنْعاء، حدَّثنا رَبَاحٌ، عن مَعمَر (ح)
وحدَّثنا مُؤملُ بنُ الفَضلِ، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ؛ كلُّهم عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: أُقيمَتِ الصَّلاةُ وصَفَّ النَّاسُ صُفوفَهُم، فخرجَ رسولُ الله ﷺ، حتَّى إذا قامَ في مَقامِهِ ذَكَرَ أنَّه لم يَغتَسِل، فقالَ للناس: «مكانَكُم» ثمَّ رجعَ إلى بيتِهِ فخرَجَ علينا يَنْطُفُ رأسُه قد اغتسلَ ونحنُ صُفوفٌ.
وهذا لفظُ ابنِ حربٍ، وقال عيّاشٌ في حديثه: فلم نَزَل قيامًا نَنتَظِرُه حتَّى خرجَ علينا وقد اغتسلَ (١).


(١) إسناده صحيح. محمَّد بن حرب: هو الخولاني، والزبيدي: هو محمَّد بن الوليد، وابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، ورباح: هو ابن زيد الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.
وأخرجه البخاري (٢٧٥)، ومسلم (٦٠٥) (١٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٥) من طريق يونس بن يزيد، والبخاري (٦٤٠)، ومسلم (٦٠٥) (١٥٨) و(١٥٩)، والنسائي (٨٦٩) من طريق الأوزاعي، والبخاري (٦٣٩) من طريق صالح بن كيسان، والنسائي (٨٦٩) من طريق محمَّد بن الوليد الزبيدي، أربعتهم عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٣٨) و(٧٥١٥) و(٧٨٠٤).
وفي هذا الحديث جواز النسيان على الأنبياء في أمر العبادة لأجل التشريع.=

٩٢ - باب الرجل يجد البِلَّة في منامه
٢٣٦ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا حمَّادُ بنُ خالد الخيَّاط، حدَّثنا عبدُ الله العُمريُّ، عن عُبيد الله، عن القاسم
عن عائشة، قالت: سُئِلَ النبيُّ ﷺ عن الرجلِ يَجِدُ البَلَلَ ولا يَذكُرُ احتِلامًا، قال: «يَغتَسِلُ»، وعن الرجلِ يرى أنْ قَدِ احتَلَمَ ولا يَجِدُ البَلَلَ، قال: «لا غُسلَ عليه» فقالت أُمُّ سُلَيم: المرأةُ ترى ذلكَ أعليها غُسلٌ؟ قال: «نعم، إنَّما النِّساءُ شَقائِقُ الرِّجالِ» (١).


=وفيه أنه لا حياء في أمور الدين، وسبيل من غلب أن يأتي بعذر موهم كأن يمسك بأنفه ليوهم أنه رعف، وفيه انتظار المأمومين مجيء الإمام قيامًا عند الضرورة، وهو غير القيام المنهي عنه في حديث أبي قتادة، وفيه أنه لا يجب على من احتلم في المسجد فأراد الخروج منه أن يتيمم، وجواز تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث، وجواز الكلام بين الإقامة والصلاة.
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله العمري، وباقي رجاله ثقات. عبيد الله: هو ابن عمر العمري أخو عبد الله، والقاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر.
وأخرجه الترمذي (١١٣)، وابن ماجه (٦١٢) من طريق حماد بن خالد الخياط، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» «٢٦١٩٥).
وأخرج سؤال أم سليم وجوابه ﷺ أحمد (٢٧١١٨) من طريق إسحاق بن بد الله ابن أبي طلحة، عن جدته أم سليم. وهذا إسناد منقطع، فإسحاق لم يسمع من جدته.
وأخرجه مسلم (٣١٠) من طريق إسحاق، حدثنى أنس بن مالك، قال: جاءت أم سليم إلى رسول الله ﷺ وعائشة عنده ... فذكره دون قوله: «النساء شقائق الرجال».
وللحديث بتمامه شاهد من حديث خولة بنت حكيم عند أحمد (٢٧٣١٢)، وابن ماجه (٦٠٢) ولفظه: أنها سألت النبي ﷺ عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال: «ليس عليها غسل حتَّى يَنزل الماءُ، كما أن الرجل ليس عليه غسل حتَّى يُنزل» وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.=

٩٣ - باب المرأة ترى ما يرى الرجل
٢٣٧ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونُسُ، عن ابن شِهاب، قال: قال عُروة
عن عائشة: إنَّ أمَّ سُلَيم الأنصاريَّةَ -وهي أمُّ أنسِ بنِ مالك- قالت: يا رسولَ الله، إنَّ اللهُ لا يَستَحيي من الحقِّ، أرأيتَ المرأةَ إذا رَأَتْ في النَّومِ ما يرى الرجلُ أتغتَسِلُ أم لا؟ قالت عائشةُ: فقال النبيُّ ﷺ: «نعم، فلتَغتَسِل اذا وَجَدَتِ الماءَ» قالت عائشةُ: فأقبَلْتُ عليها فقلتُ: أُفٍّ لكِ، وهل ترى ذلك المرأة؟ فأقبَلَ عليَّ رسولُ الله ﷺ فقال: «تَرِبَت يمينُكِ يا عائشة، ومِن أينَ يكونُ الشَّبَه» (١).


=وانظر ما بعده.
وقوله: النساء شقائق الرجال. قال في «النهايه»: أي نظائرهم وأمثالهم في الأخلاق والطباع، كأنهنَّ شُقِقْنَ منهم. يعنى فيجب الغسل على المرأة برؤية البلل من النوم كالرجل. قال الخطابي: وفيه من الفقه إثبات القياس، وإلحاق حكم النظير بنظيره، فإن الخطاب إذا ورد بلفظ المذكر، كان خطابًا للنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة -وهو ابن خالد بن يزيد الأيلي- وقد توبع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي عم عنبسة، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ، وعروة: هو ابن الزُّبير.
وأخرجه مسلم (٣١٤) (٣٢) من طريق عقيل بن خالد، والنسائي في «الكبرى» (٢٠١) من طريق محمَّد بن الوليد الزبيدي، كلاهما عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣١٤) (٣٣) من طريق مسافع بن عبد الله، عن عروة، به. ولم يُسَمَّ السائلة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦١٠)، و «صحيح ابن حبان» (١١٦٦).

قال أبو داود: وكذا رواه عُقيلٌ والزُّبيديُّ ويونسُ وابنُ أخي الزُّهريِّ عن الزُّهريِّ، وابنُ أبي الوزير عن مالك عن الزُّهريِّ، ووافَقَ الزُّهريَّ مُسافِعٌ الحَجَبيُّ، قال: عن عروة عن عائشة. وأمَّا هشامُ بنُ عروة فقال: عن عُروة، عن زينبَ بنتِ أبي سلمة، عن أُمّ سلمة أنَّ أُمِّ سُلَيمٍ جاءت رسولَ الله ﷺ (١).

٩٤ - باب مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل
٢٣٨ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة القَعنَبيُّ، عن مالك، عن ابن شِهاب، عن عُروة
عن عائشة أنَّ رسولَ الله ﷺ كانَ يَغتَسِلُ مِن إناءٍ -هو الفَرَقُ- مِنَ الجَنابةِ (٢).


=وقد روي سؤال أم سليم من حديثها عند أحمد (٢٧١١٤) و(٢٧١١٨)، ومن حديث أنس بن مالك عند مسلم (٣١٠)، والنسائي في «الكبرى» (٢٠٠)، وابن ماجه (٦٠١). وهو في «المسند» (١٢٢٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (١١٦٤).
وقول الرسول لعائشة: تربت يمينك. الذي عليه المحققون أن معناها: افتقرت، ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة معناها الأصلي، فيقولون: تربت يداك، وقاتله الله ما أشجعه، ولا أم له، ولا أب لك، وثكلته أمه وما أشبه هذا من ألفاظهم يقولونها عند إنكار الشيء أو الزجر عنه، أو الذم عليه أو استعظامه، أو الحث عليه أو الإعجاب به. أفاده النووي.
(١) أخرجه البخارى (١٣٠) و(٢٨٢)، ومسلم (٣١٣) (٣٢)، والترمذي (١٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٩٩)، وابن ماجه (٦٠٠) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وانظر «فتح الباري» ١/ ٣٨٨.
(٢) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٤٤ - ٤٥، ومن طريقه أخرجه مسلم (٣١٩) (٤٠).=

قال أبو داود: قال مَعمَرٌ عن الزهريِّ في هذا الحديث: قالت: كنتُ أغتَسِلُ أنا ورسولُ الله ﷺ مِن إناءٍ واحدِ فيه قَدْرُ الفَرَقِ.
قال أبو داود: وروى ابنُ عُيَينة نحوَ حديثِ مالكٍ.
قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ بنَ حَنبَل يقول: الفَرَقُ: سِتَّةَ عشرَ رِطْلًا، وسمعتُه يقول: صاعُ ابنِ أبي ذئبٍ خمسةُ أرطالٍ وثُلُثٌ، قال: فمَن قال: ثمانية أرطال؟ قال: ليسَ ذلك بمحفوظٍ، قال: وسمعتُ أحمدَ يقول: مَن أعطى في صدقةِ الفِطرِ برِطْلِنا هذا خمسةَ أرطالٍ وثُلُثًا فقد أوفى، قيل: الصَّيْحانيُّ ثقيلٌ، قال: الصَّيْحانيُّ أطيَبُ؟ قال: لا أدري.

٩٥ - باب الغسل من الجنابة
٢٣٩ - حاثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، حدَّثني سُليمان بنُ صُرَدٍ


=وأخرجه البخاري (٢٥٠) من طريق ابن أبي ذئب، ومسلم (٣١٩) (٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٢٢٦)، وابن ماجه (٣٧٦) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (٣١٩) (٤١)، وابن ماجه (٣٧٦) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي (٢٣٠) من طريق معمر وابن جريج، أربعتهم عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (١١٠٨).
وانظر ما سلف برقم (٧٧).
الفَرَق: إناء من نحاس يسع (١٦) رطلًا، أي: ما يعادل (١٠) كيلو غرام. قال صاحب «عون المعبود» ٢٧٨/ ١: واعلم أنه ليس الغسل بالصاع أو الفرق للتحديد والتقدير، بل كان رسول الله ﷺ ربما اقتصر على الصاع وربما زاد عليه، والقدر المجزئ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتبر سواء كان صاعًا أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ فى النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعمله مغتسلًا، أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حد الإسراف.

عن جُبير بن مُطعِم: أنهم ذكروا عندَ رسولِ الله ﷺ الغُسلَ مِنَ الجنابةِ، فقال رسولُ الله ﷺ: «أمَّا أنا فأُفيضُ على رأسي ثلاثًا» وأشار بيَدَيهِ كِلتَيهما (١).
٢٤٠ - حدَّثنا محمَّد بنُ المُثنَّى، حدَّثنا أبو عاصم، عن حَنظَلة، عن القاسم عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ -إذا اغتَسَلَ مِنَ الجنابةِ دعا بشيءِ نحوَ الحِلابِ، فاخذَ بكَفِّهِ فبَدَأ بشِقِّ رأسِهِ الأيمَنِ، ثمَّ الأيسَرِ، ثُم أخذَ بكَفَّيهِ فقال بهما على رأسِهِ (٢).
٢٤١ - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا عبدُ الرحمن -يعني ابنَ مَهديّ-، عن زائدةَ بنِ قُدامة، عن صَدَقة، حدَّثنا جُمَيعُ بن عُمَير أحدُ بني تَيْمِ الله بنِ ثعلبة، قال:
دخلتُ مَعَ أمِّي وخالتي على عائشةَ، فسألتْها إحداهما: كيفَ كنتمُ تَصنَعونَ عندَ الغُسلِ؟ فقالت عائشةُ: كانَ رسولُ الله ﷺ يتوضَّأُ


(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن حرب أبو خثيمة، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه البخاري (٢٥٤)، ومسلم (٣٢٧)، والنسائي فى «المجتبى» (٢٥٠) و(٤٢٥)، وابن ماجه (٥٧٥) من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٧٤٩).
(٢) إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وحنظلة: هو ابن أبي سفيان الجمحي، والقاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر.
وأخرجه البخاري (٢٥٨)، ومسلم (٣١٨)، والنسائى في «المجتبى» (٤٢٤) عن محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١١٩٧).
وقوله: فقال بهما على رأسه، أي: أشار بهما على رأسه، أي: أفاض الماء بكفيه على جميع رأسه.

وُضوءَهُ للصَّلاةِ، ثمَّ يُفيضُ على رأسِهِ ثلاثَ مِرارٍ، ونحنُ نُفيضُ على رُؤوسِنا خمسًا مِن أجلِ الضَّفْرِ (١).
٢٤٢ - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ الواشِحي ومُسدَّد، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ إذا اغتَسَلَ مِنَ الجَنابةِ، قال سُليمان: يَبدَأُ فيُفرغُ بيمينِهِ، وقال مُسدَّد: غَسَلَ يَدَيهِ يَصُبُّ الإناءَ على يَدِهِ اليُمنى، ثمَّ اتفقا: فيَغسِلُ فَرجَه، قال مُسدَّد: يُفرغُ على شِمالِهِ، وربما كَنَتْ عن الفَرجِ، ثمَّ يَتَوضَّأُ وُضوءَهُ للصلاة، ثمَّ يُدخِلُ يَدَيهِ في الإناء فيُخَلِّلُ شَعرَهُ، حتَّى إذا رأى أنه قد أصابَ البَشَرةَ أو أنقَى البَشَرةَ، أفرَغَ على رأسِهِ ثلاثًا، فإذا فَضَلَ فَضلةٌ صَبَّها عليه (٢).


(١) صحيح دون قولها: «ونحن نفيض على رؤوسنا خمسًا من أجل الضفر»، وهذا إسناد ضعيف لضعف جميع بن عمير، وباقي رجاله ثقات غير صدقة -وهو ابن سعيد الحنفي- فقد روى عنه جمع، وقال فيه أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤٤٢)، وابن ماجه (٥٧٤) من طريق صدقة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٥٥٢).
وانظر ما بعده.
وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أن النساء يُفِضنَ على رؤوسهن ثلاث مرات كما سيأتي برقم (٢٥٣)، وانظر حديث أم سلمة الآتي برقم (٢٥١).
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (٢٤٨)، ومسلم (٣١٦)، والترمذي (١٠٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢٤١) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.=

٢٤٣ - حدَّثنا عمرُو بنُ عليِّ الباهليُّ، حدَّثنا محمَّدُ بنُ أبي عَدِيّ، حدَّثنا سعيد، عن أبي مَعشَر، عن النَّخَعيِّ، عن الأسود
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ -إذا أرادَ أن يَغتَسِلَ مِنَ الجَنابةِ بَدَأَ بكَفيهِ فغَسَلَهما، ثمَّ غَسَلَ مَرافِغَهُ، وأفاضَ عليه الماءَ، فإذا أنقاهما أهوَى بهما إلى حائطٍ، ثمَّ يَستَقبِلُ الوضوءَ، ويُفِيضُ الماءَ على رأسِهِ (١).
٢٤٤ - حدَّثنا الحسنُ بنُ شَوكَرٍ، حدَّثنا هُشيمٌ، عن عروة الهَمْدانيِّ، حدَّثنا الشَعبيُّ، قال:
قالت عائشةُ: لئن شِئتُم لأُرِيَنَّكم أثَرَ يَدِ رسولِ الله ﷺ في الحائِطِ حيثُ كانَ يَغتَسِلُ مِنَ الجَنابةِ (٢).


=وأخرجه النسائي (٢٣٩) و(٢٤٠) من طريق أبي سلمة، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٥٧)، و«صحيح ابن حبان» (١١٩٦).
وانظر ما بعده.
(١) إسناده صحيح. محمَّد بن أبي عدي -وإن روى عن سعيد بن أبي عَروبة بعد الاختلاط- قد توبع. أبو معشر: هو زياد بن كليب الثقة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٣٧٩) من طريق محمَّد بن جعفر وعبد الوهَّاب بن عطاء، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وعبد الوهَّاب سمع من سعيد قبل الاختلاط.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده ضعيف لانقطاعه، الشعبي -وهو عامر بن شراحيل- لم يسمع من عائشة فيما قال ابن معين وأبو حاتم، وتابعهما المنذري في «مختصر السنن»، على أن الحديث صحيح عند المصنف فقد ثبت سماع الشعبي من عائشة، كما في «سؤالات الآجري» له. وعروة نُسِبَ هنا همدانيًا وعيَّنه المزي في «تحفة الأشراف» (١٦١٦٨): عروة بن الحارث الهمداني، وعروة هذا يكنى أبا فروة وهو ثقة، لكن رواه أحمد=

٢٤٥ - حدَّثنا مُسدَّد بن مُسَرهَد، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن الأعمش، عن سالم، عن كُرَيب، قال: حدَّثنا ابنُ عباس
عن خالته ميمونة، قالت: وَضَعتُ للنبيِّ ﷺ غُسلًا يَغتَسِلُ به مِنَ الجَنابةِ، فأكفَأَ الإناءَ على يَدهِ اليُمنى فغَسَلَها مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ صَبَّ على فَرجِهِ فغَسَلَ فَرجَهُ بشِمالِهِ، ثمَّ ضَرَبَ بيَدِهِ الأرضَ فغَسَلَها، ثمَّ مَضمَضَ واستَنشَقَ وغسَلَ وجهَهُ ويَدَيهِ، ثمَّ صَبَّ على رأسِهِ وجَسَدِهِ، ثمَّ تَنَحَّى ناحيةَ، فغَسَلَ رِجلَيهِ، فناوَلتُهُ المِندِيلَ فلم يَأخُذْهُ، وجعلَ يَنفُضُ الماءَ عن جَسَدِهِ فذكرتُ ذلك لإبراهيمَ، فقال: كانوا لا يَرَونَ بالمِندِيلِ بأسًا، ولكن كانوا يكرَهونَ العادةَ (١).


= (٢٥٩٩٥) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عروة أبو عبد الله البزاز، عن الشعبي، عن عائشة. وعروة البزاز هذا ترجم له البخاري في «التاريخ الكبير» ٧/ ٣٤، وأبو حاتم في «الجرح والتعديل» ٦/ ٣٩٨، وذكره ابن حبان في «الثقات» ٧/ ٢٨٨، ووثقه ابن معين وسماه: عروة أبا عبد الله الهمداني. فإما أن يكون الاثنان روياه عن الشعبي، أو يكون المزي رحمه الله أخطأ في تعيينه. هشيم: هو ابن بشير الواسطي، فالحديث صحيح عند من يصحح سماع الشعبي من عائشة رضي الله عنها.
(١) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وسالم: هو ابن أبي الجعد، وكريب: هو ان أبي مسلم مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (٢٤٩)، ومسلم (٣١٧)، والترمذي (١٠٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢٤٦)، وابن ماجه (٤٦٧) و(٥٧٣) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. ولم يذكروا قولَ إبراهيم في آخره.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٥٦) و(٢٦٨٥٦) وعنده قول إبراهيم النخعي، وصحيح ابن حبان«(١١٩٠).
قال الحافظ في»الفتح«١/ ٣٦٢: وفيه جواز نفض اليدين من ماء الغسل وكذا الوضوء، وأما حديث:»لا تنفضوا أيديكم في الوضوء، فإنها مراوح الشيطان"،=

قال مُسدَّد: قلتُ لعبد الله بن داود: «كانوا يكرَهونَه للعادة» فقال: هكذا هو، ولكن وَجَدتُه في كتابي هكذا.
٢٤٦ - حدَّثنا حُسينُ بنُ عيسى الخُراساني، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيك، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن شُعبة، قال:
إنَّ ابنَ عبَّاسِ كانَ إذا اغتَسَلَ مِنَ الجَنابةِ يُفرغُ بيَدِهِ اليُمنى على يَدِه اليُسرى سبعَ مِرارٍ، ثمَّ يَغسِلُ فَرجَه، فنَسِيَ مرَّةَ، فسَأَلَني: كم أفرَغتُ؟ فقلتُ: لا أدري، فقال: لا أُمَّ لك، وما يَمنَعُكَ أنْ تدري؟ ثمَّ يَتوضأُ وُضوءَهُ للصَّلاةِ، ثمَّ يُفيضُ على جلدِه الماءَ، ثمَّ يقولُ: هكذا كانَ رسولُ الله ﷺ يَتَطَهَّرُ (١).
٢٤٧ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا أيوبُ بنُ جابر، عن عبد الله بن عُصْم


= أخرجه ابن حبان في «الضعفاء» ٢٠٣/ ١ وابن أبي حاتم في «العلل» من حديث أبي هريرة، قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، والبختري -وهو ابن عبيد الطائي ضعيف الحديث وأبوه مجهول، وقال ابن حبان عن البختري: روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد لمخالفته الأثبات في الروايات مع عدم تقدم عدالته ثمَّ هو معارض بحديث الباب الصحيح.
(١) صحيح لغيره دون غسل اليد سبعًا، فلا تصح، وهذا إسناد ضعيف، شعبة -وهو ابنُ دينار مولى ابن عباس- ضعيف من جهة حفظه، وباقي رجاله ثقات. ابن أبي فديك: هو محمَّد بن مسلم، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن.
وأخرجه الطيالسي (٢٧٢٨)، وأحمد (٢٠٠٨)، والطبرانى (١٢٢٢١) من طريقين عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وله شاهد دونَ غسل اليد سبعًا مِن حديث عائشة سلف برقم (٢٤٢).
وآخر من حديث ميمونة سلف قبله.

عن ابن عمر، قال: كانت الصلاةُ خمسين، والغُسلُ مِنَ الجنابة سبعَ مِرارٍ، وغَسلُ البَولِ مِنَ الثَّوبِ سبعَ مِرارٍ، فلم يَزَل رسولُ الله ﷺ يسألُ حتَّى جُعِلَتِ الصَّلاةُ خمسًا، والغُسلُ مِنَ الجنابةِ مرَّةً، وغَسلُ البَولِ مِنَ الثَّوبِ مرَّةً (١).
٢٤٨ - حدَّثنا نصرُ بن عليٍّ، حدَّثني الحارث بنُ وَجِيهٍ، حدَّثنا مالكُ بن دينار، عن محمَّد بن سيرين
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ تحتَ كُلِّ شَعرَةٍ جَنابةً، فاغسِلُوا الشَعرَ وأنقُوا البَشَرَ» (٢).
قال أبو داود: الحارثُ حديثُه منكر، وهو ضعيف.


(١) إسناده ضعيف لضعف أيوب بن جابر -وهو ابن سيار الحنفي اليمامي-، وعبد الله بن عصم -أو عصمة- صدوق حسن الحديث.
وأخرجه أحمد (٥٨٨٤)، والبيهقي ١/ ١٧٩ و٢٤٤ - ٢٤٥ من طريقين عن أيوب ابن جابر، بهذا الإسناد.
ولجعل الصلاة خمسًا بعد أن كانت خمسين شواهد، منها حديث مالك بن صعصعة عند البخاري (٣٢٠٧)، ومسلم (١٦٤).
وحديث أبي ذر عند البخاري (٣٤٩)، ومسلم (١٦٣).
وحديث أنس عند مسلم (١٦٢).
(٢) إسناده ضعيف لضعف الحارث بن وجيه، وقد ضعفه المصنف به.
وأخرجه الترمذي (١٠٦)، وابن ماجه (٥٩٧) من طريق الحارث بن وجيه، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه.
ولقوله: «تحت كل شعرة جنابه» شواهد، لكنها جميعًا لا تخلو من مقال، فمنها حديث أبي أيوب الأنصاري عند ابن ماجه (٥٩٨)، وإسناده نقطع.
ومنها حديث عائشة عند أحمد (٢٤٧٩٧)، وإسناده ضعيف.
ومنها حديث علي، وهو الآتي بعده.

٢٤٩ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا عطاءُ بنُ السَّائب، عن زاذان
عن عليٍّ، أنَّ رسول الله ﷺ قال: «مَن تَرَكَ مَوضِعَ شعرةٍ مِن جنابة لم يَغسِلها فُعِلَ به كذا وكذا مِنَ النَّار» قال علىٌّ: فمِن ثَمَّ عادَيتُ رأسي فمن ثَمَّ عاديتُ رأسي، ثلاثًا، وكان يَجُزُّ شَعرَهُ (١).

٩٦ - باب الوضوء بعد الغسل
٢٥٠ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمّد النُّفيلي، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، عن الأسود
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يَغتَسِلُ ويُصلِّي الركعَتَينِ وصلاةَ الغَدَاةِ، ولا أراه يُحدِثُ وضوءًا بعدَ الغُسلِ (٢).


(١) إسناده ضعيف مرفوعًا، عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وحماد -وهو ابن سلمة- سمع منه قبل الاختلاط وبعده، والذي يغلب على الظن أنه مما سمعه منه بعد الاختلاط، ويؤيده أن شعبة -وهو ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط- صرح بأنه سمع من عطاء حديثين بأخرة، وذكر هذا الحديث منهما، وذلك فيما أخرجه الحافظ ابن المظفر البزاز في «غرائب شعبة» ورقة ٦٢ على ما أفاده محقق «الكواكب النيرات» ص٣٣٠. وقد روى هذا الحديث عن عطاء حماد بن زيد -وقد سمع منه قبل الاختلاط- فوقفه على علي، ذكر ذلك الدارقطني في «العلل» ٣/ ٢٠٨.
وأخرجه ابن ماجه (٥٩٩) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو فى «مسند أحمد» (٧٢٧).
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعى، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه الترمذي (١٠٧)، والنسائي في «الكبرى» (٢٤٥) من طريقين عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. ولم يذكرا فيه صلاة الركعتين وصلاة الغداة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٨٩) و(٢٥٢٠٥).

٩٧ - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟
٢٥١ - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب وابنُ السَّرْح، قالا: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن أيوبَ بنِ موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الله بن رافع مولى أُمِّ سلمة
عن أُمِّ سلمة: أنَّ امرأةً مِنَ المُسلِمين -وقال زهير: أنها- قالت: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُ ضَفرَ رأسي، أفأَنقُضُه للجَنابةِ؟ قال: «إنَّما يَكفيكِ أن تَحْفِني عليه ثلاثًا» وقال زهيرٌ: «تَحْثي عليه ثلاثَ حَثَياتٍ مِن ماءٍ ثمَّ تُفيضي على سائر جَسَدِكِ، فإذا أنتِ قد طَهُرتِ» (١).
٢٥٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح، حدَّثني ابنُ نافع -يعني الصائغ- عن أُسامة، عن المَقبُري
عن أم سلمة: أنَّ امرأةً جاءت إلى أُمِّ سلمة، بهذا الحديث، قالت: فسألتُ لها النبيَّ ﷺ بمعناه، قال فيه: «واغمِزِي قُرونَكِ عندَ كلِّ حَفْنةٍ» (٢).


(١) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المقبري وأخرجه مسلم (٣٣٠)، والترمذي (١٠٥)، والنسائي (٢٣٨)، وابن ماجه (٦٠٣) من طريق أيوب بن موسى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٧٧)، و«صحيح ابن حبان» (١١٩٨).
وانظر ما بعده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد وهم فيه أسامة -وهو ابن زيد الليثى -فأسقط منه عبد الله بن رافع، وأسامة هذا صدوق له أوهام، وقد خالفه أيوب بن موسى -وهو ثقة- فذكر ابن رافع في الإسناد كما سلف قبله. ابن نافع: هو عبد الله بن نافع الصائغ.
وأخرجه ابن أبى شيبة ١/ ٧٣، والدارمي (١١٥٧)، والبيهقي ١/ ١٨١ من طريق أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وقال البيهقى: رواية أيوب بن موسى أصحُّ من رواية أسامة بن زيد، وقد حفظ فى إسناده ما لم يحفظ أسامة بن زيد.=

٢٥٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يحيى بنُ أبي بُكير، حدَّثنا إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، عن صفيَّة بنت شَيبة
عن عائشة، قالت: كانت إحدانا إذا أصابَتها جَنابةٌ أَخَذَت ثلاثَ حَفَناتٍ هكذا -تعني بكَفَّيها جميعًا، فتَصُبُّ على رأسِها، وأَخَذَت بيدٍ واحدةٍ فصَبَّتها على هذا الشِّقِّ، والأخرى على الشِّقِّ الآخَرِ (١).
٢٥٤ - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن عمر بن سُوَيد، عن عائشة بنت طلحة
عن عائشة، قالت: كُنَّا نَغتَسِلُ وعلينا الضِّمادُ، ونحنُ معَ رسولِ الله ﷺ مُحِلاتٍ ومُحرِماتٍ (٢).
٢٥٥ - حدَّثنا محمَّد بنُ عوف، قال: قرأتُ في أصل إسماعيل، قال ابنُ عوف: وحدثنا محمَّد بنُ إسماعيل، عن أبيه، حدَّثني ضَمضَم بن زُرعة، عن شُريح بن عُبيد، قال:


=وقوله: «اغمزي قرونك». أي: اكبسي ضفائرَ شَعرك، والغمز: العصر والكبس باليد. قاله في «النهاية».
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٧٧) من طريق إبراهيم بن نافع، بهذا الإسناد.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه بنحوه أحمد (٢٤٥٠٢) و(٢٥٠٦٢)، وإسحاق بن راهويه (١٠٢١) من عمر بن سويد، بهذا الإسناد. وزادا أنهن كن يعرقن وهو عليهن ولا ينهاهن النبيّ ﷺ. وستأتى هذه الزيادة برقم (١٨٣٠).
الضماد: قال فى «النهاية» بكسر الضاد: خرقة يشُد بها العضو المؤوف (المصاب بآفة) ثمَّ قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره.
وقال المنذري: المراد به هنا: ما تلطخ به الشعر من طيب وغيره.

أفتاني جُبَير بن نُفَير عن الغُسل من الجَنابةِ: أنَّ ثوبانَ حدَّثهم أنَّهم استَفتَوُا النبيَّ ﷺ، عن ذلك، فقال: «أمَّا الرجلُ فليَنشُر رأسَه فليَغسِلهُ حتَّى يَبلُغَ أُصولَ الشَّعرِ، وأمَّا المرأةُ فلا عليها أن لا تَنقُضَه، لِتَغرِفْ على رأسِها ثلاثَ غَرَفاتٍ بكَفَّيها» (١).

٩٨ - باب الجنب يغسل رأسه بالخِطْمي (٢)
٢٥٦ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ جعفر بن زياد، حدَّثنا شَريكٌ، عن قَيس بن وَهْب،عن رجلٍ مِن سُواءة بن عامر
عن عائشة، عن النبيِّ ﷺ: أنه كان يَغسِلُ رأسَهُ بالخِطْمِيِّ وهو جُنُبٌ، يَجتَزِئُ بذلك ولا يَصُبُّ عليه الماءَ (٣).

٩٩ - باب فيما يَفيض بين الرجل والمرأة
٢٥٧ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ رافع، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا شَريكٌ، عن قَيسِ بنِ وهب، عن رجلٍ من بني سُواءة بن عامر


(١) إسناده حسن، رواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده قوية، وهذا منها، وضمضم بن زرعة صدوق، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (١٦٨٦) من طريق محمَّد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد.
(٢) الخَطمي: نبات من الفصيلة الخبازية كثير النفع يدق ورقه يابسًا ويُجعل غِسلًا للرأس فينقيه. «المعجم الوسيط».
(٣) إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني سواءة، وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ.
وأخرجه البيهقي ١/ ١٨٢ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن ابن مسعود موقوفًا عليه عند عبد الرزاق (١٠٠٧ - ١٠٠٩)، وابن أبي شيبة ١/ ٧١، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٢٠٧/ ٤ والطبراني (٩٢٥٦ - ٩٢٥٨).

عن عائشة فيما يَفيضُ بينَ الرجلِ والمرأةِ من الماء، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يأخذ كفًّا مِن ماءِ يَصُبُّ على الماءِ (١)، ثمَّ يَصُبُّه عليه (٢).

١٠٠ - باب مواكلة الحائض ومجامعتها
٢٥٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا ثابتٌ البُنانيُّ
عن أنس بن مالك: أنَّ اليهودَ كانت إذا حاضَت منهمُ المرأةُ أخرَجُوها مِنَ البيتِ، ولم يُواكِلُوها، ولم يُشارِبُوها، ولم يُجامِعُوها في البيتِ، فسُئِلَ رسولُ الله ﷺ عن ذلك، فأنزَلَ اللهُ تعالى ذكره: ﴿وَيَسْئَلُونَّكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعتَزِلوُا النِّسَاءَ فِي المَحَيضِ﴾ إلى آخر الآية [البقرة: ٢٢٢]، فقال رسولُ الله ﷺ: «جامِعُوهُنَّ في البُيوتِ واصنَعُوا كلَّ شيءِ غيرَ النكاح» فقالت اليهودُ: ما يريدُ هذا الرجلُ أن يدع شيئًا مِن أمرِنا إلا خالَفَنا فيه، فجاءَ أُسَيدُ بنُ حُضَير وعبَّادُ بنُ بِشر إلى النبيِّ ﷺ، فقالا: يا رسولَ الله، إنَّ اليهودَ تقولُ كذا وكذا، أفلا نَنكِحُهُنَّ في المَحيضِ؟ فتَمَعَّرَ وجهُ رسولِ الله ﷺ حتَّى ظَنَنَّا أنْ قد


(١) زاد في (هـ) هنا: ثمَّ يأخذ كفًا من ماء.
(٢) إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني سواءة، وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ.
وأخرجه أحمد (٢٥٢٠١) عن يحيي بن آدم، بهذا الإسناد، بلفظ: كان رسول الله ﷺ يصب الماء على الماء.
قوله: «يصب على الماءِ» أي: على المني. قال ابن رسلان: ويروى: «يصب عليَّ الماء» بتشديد الياء، وهي كذلك في (د) و(هـ)، أي: على عائشة. إلا أن رواية أحمد تؤيد الأوَّل.

وَجَدَ عليهما، فخَرَجا فاستَقبَلَتْهما هديَّةٌ مِن لَبَنٍ إلى رسولِ الله ﷺ، فبَعَثَ في آثارِهما، فسقاهما، فظَنَنَّا أنَّه لم يَجِدْ عليهما (١).
٢٥٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن مِسعَر، عن المِقدامِ بنِ شُريح، عن أبيه
عن عائشة، قالت: كنتُ أتعرَّقُ العَظمَ وأنا حائضٌ، فأُعطِيهِ النبيَّ ﷺ، فيَضَعُ فَمَهُ في المَوضِعِ الذي فيه وَضَعتُه، وأَشرَبُ الشَّرابَ، فأناوِلُه، فيَضَعَ فَمَهُ في المَوضِعِ الذي كنتُ أَشرَبُ (٢).


(١) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت البناني: هو ابن أسلم.
وأخرجه مسلم (٣٠٢)، والترمذي (٣٢١٨)، والنسائي في «الكبرى» (٢٧٧) و(١٠٩٧٠)، وابن ماجه (٦٤٤) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائى في الموضع الثانى وابن ماجه قصة أسيد وعباد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٣٥٤) و(١٣٥٧٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٦٢).
وقوله: فلم يجامعوها في البيت. أي: لم يخالطوها ولم يُساكنوها في بيت واحد، وقوله: جامعوهن في البيوت. أي: خالطوهن في البيوت بالمجالسة والمضاجعة والمؤاكلة والمشاربة.
وقوله: فتمعر وجه رسول الله، أي: تغير، والأصل في التمعُّر قِلَّةُ النضارة وعدم إشراق اللون، ومنه: المكان الأمعر وهو الجدبُ الذي ليس فيه خصب.
(٢) إسناده صحيح. مسعر: هو ابن كدام، وشريح: هو ابن هانئ الحارثي الكوفي.
وأخرجه مسلم (٣٠٠)، والنسائى في «الكبرى» (٦١)، وابن ماجه (٦٤٣) من طرق عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٢٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٦٠) و(١٣٦١).
وقولها: كنت أتعرق العظم. العَرْق: العظم الذي عليه بقية اللحم، وهو بفتح العين المهملة، وسكون الراء المهملة، يقال فيه: عَرَقتُهُ مخففًا، وتعرقته واعترقته: إذا أخذت ما عليه من اللحم بأسنانك.

٢٦٠ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ كثير، حدَّثنا سفيانُ،عن منصور بن عبد الرحمن، عن صفيَّة
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يَضَعُ رأسَهُ في حِجْري فيَقرَأُ وأنا حائِضٌ١).

١٠١ - باب الحائض تَناوَلُ من المسجد
٢٦١ - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مسَرهَد، حدَّثنا أبو مُعاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عُبَيد، عن القاسم
عن عائشة، قالت: قال لي رسولُ الله ﷺ: «ناوِليني الخُمْرةَ مِن المسجدِ» قلتُ: إنَّي حائِضٌ، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ حَيضَتَكِ ليست في يَدِكِ» (٢).


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور بن عبد الرحمن: هو الحَجَبي، وصفية: هي بنت شعبة أم منصور الراوي عنها.
وأخرجه البخاري (٢٩٧)، ومسلم (٣٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٢٦٤)، وابن ماجه (٦٣٤) من طرق عن منصور بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.
وهو فى «مسند أحمد» (٢٤٣٩٧) و(٢٤٨٦٢).
(٢) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، والقاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر.
وأخرجه مسلم (٢٩٨)، والترمذي (١٣٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢٦٢) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٩٨) من طريقين عن ثابت بن عبيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٨٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٥٧) و(١٣٥٨).
وأخرجه ابن ماجه (٦٣٢) من طريق البهي، عن عائشة.=

١٠٢ - باب الحائض لا تقضي الصلاة
٢٦٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا أيوب، عن أبي قِلابة
عن مُعاذة: أنَّ امرأةً سألت عائشةَ: أتقضي الحائِضُ الصلاةَ؟ فقالت: أحَرُوريَّةٌ أنتِ، لقد كُنَّا نَحيضُ عندَ رسولِ الله ﷺ فلا نَقضي ولا نُؤمَرُ بالقضاء (١).


=الخمرة: هي السَّجادة يسجد عليها المصلي، يقال: سميت خمرة، لأنها تخمر وجه المصلي عن الأرض، أي: تستره، وقوله: إن حيضتها ليست في يدها. بفتح الحاء هذا هو المشهور في الرواية والمراد منه هنا: الدم وهو الحيض، ومعناه: أن النجاسة التي يُصان المسجد عنها -وهي دم الحيض- ليست في يدك.
(١) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه مسلم (٣٣٥) (٦٧)، والترمذي (١٣٠)، والنسائي في «المجتبى» (٣٨٢) من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٢١)، ومسلم (٣٣٥)، والترمذي (٧٩٧)، والنسائي في «الكبرى» (٢٦٣٩)، وابن ماجه (٦٣١) من طرق عن معاذة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٣٦)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٤٩).
وانظر ما بعده.
وقول عائشة: أحرورية، نسبة إلى حَرُوَراء: بلدة بقرب الكوفة على ميلين منها، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج: حروريٌّ، لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي رضي الله عنه بالبلدة المذكورة، فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرق كثيرة، لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن، ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقًا، وهم يوجبون على المرأة أن تقضي الصلاة التي تركتها أيام حيضتها. ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار، وزاد مسلم (٣٣٥) (٦٩) في رواية عاصم عن معاذة: قلت: لست بحرورية ولكني أسأل.

٢٦٣ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عَمرو، أخبرنا سُفيان -يعني ابنَ عبد الملك-، عن ابن المُبارَك، عن مَعمَر، عن أيوب، عن مُعاذة العَدَويَّةِ، عن عائشة بهذا الحديث.
وزادَ فيه: فنُؤمَرُ بقضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصَّلاةِ١).

١٠٣ - باب في إتيان الحائض
٢٦٤ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبة، حدَّثني الحَكَمُ، عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن، عن مِقسَم
عن ابن عبَّاس، عن النبيِّ ﷺ في الذي يأتي امرأتَهُ وهي حائِضٌ، قال: «يَتَصَدقُ بدينارٍ أو نِصفِ دينارٍ» (٢).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على معمر، وهو ابن راشد الصنعانى:
فرواه عبد الله بن المبارك هنا عنه، عن أيوب، عن معاذة. لم يذكر أبا قلابة في إسناده.
ورواه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٢٧٨) عه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن معاذة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد في «المسند» (٢٥٩٥١).
والحديث صحيح من طرق عن عائشة كما سلف في تخريج ما قبله.
(٢) رجاله ثقات، وقد روي مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح، كما بيناه فى التعليق على «مسند أحمد» و«سنن ابن ماجه». شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عتيبة.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٢٧٨) و(٩٠٩٨)، وابن ماجه (٦٤٠) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال شعبة -عند النسائى فى «الكبرى» (٩٠٥١) -: أما حفظي فمرفوع، وقال فلان وفلان: إنه كان لا يرفعه.
وأخرجه الدارمي (١٠٠٦)، وابن الجارود (١١٠)، والبيهقي ١/ ٣١٤ و٣١٥ من طرق عن شعبة، به موقوفًا. وقال ابن مهدي عند ابنِ الجارود والبيهقي: قيل لشعبة: إنك كنت ترفعه، قال: إني كنت مجنونًا فصححت.=

قال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة، قال: «دينار أو نصف دينار» وربما لم يَرفَعه شُعبةُ.
٢٦٥ - حدَّثنا عبدُ السَّلام بن مُطهَّر، حدَّثنا جعفرٌ -يعني ابنَ سُليمان-، عن عليِّ بن الحكم البُنانيِّ، عن أبي الحسن الجَزَريِّ، عن مِقسَم
عن ابن عباس، قال: إذا أصابَها في أوَّلِ الدَّمِ فدينارٌ، وإذا أصابَها في انقِطاعِ الدَّمِ فنِصفُ دينارٍ (١).
قال أبو داود: وكذلك قال ابنُ جُرَيج، عن عبد الكريم، عن مِقسَم.
٢٦٦ - حدَّثنا محمّد بنُ الصبَّاح البزَّار، حدَّثنا شَريكٌ، عن خُصَيف، عن مِقسَم
عن ابن عبَّاس، عن النبيِّ ﷺ قال: «إذا وقعَ الرجلُ بأهلِهِ وهي حائِضٌ فليَتَصَدق بنصفِ دينارٍ» (٢).


=وهو في «مسند أحمد» (٢٠٣٢)، وسيأتي مكررًا برقم (٢١٦٨).
وأخرجه الترمذي (١٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٥٨) و(٩٠٥٩)، وابن ماجه (٦٥٠) من طريق عبد الكريم، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعًا. وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق فيما صححه الحافظ في «النكت الظراف» (٦٤٩١)، وهو ضعيف. ولفظ النسائي في الموضع الثاني وابن ماجه: «يتصدق بنصف دينار»، ولفظ الترمذي والنسائى في الموضع الأول بنحو الرواية الآتية عند المصنف بعده.
(١) إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن الجزري، وقد خطَّأ الحافظ في «التقريب» من قال: إنه عبد الحميد بن عبد الرحمن الثقة.
وسيأتي مكررًا برقم (٢١٦٩). وانظر ما قبله.
(٢) صحيح موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وخصيف- وهو ابن عبد الرحمن الجزري- سيئا الحفظ، وقد اختلف على خصيف في رفعه ووقفه.=

قال أبو داود: وكذا قال عليّ بن بَذِيمة، عن مِقسَم، عن النبيِّ ﷺ.
وروى الأوزاعيُّ عن يزيد بن أبي مالك، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن النبيِّ ﷺ، قال: أمَرَه أن يَتَصَدَّقَ بخُمُسَي دينارٍ١).

١٠٤ - باب يصيب منها دون الجماع
٢٦٧ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَب الرَّملي، حدَّثنا اللَّيثُ، عن ابن شِهاب، عن حبيب مولى عُروة، عن نُدْبة مولاة ميمونة (٢)


=فأخرجه الترمذي (١٣٦)، والنسائى في «الكبرى» (٩٠٦٠) من طريق شريك، والنسائي (٩٠٦٤) من طريق ابن جريج، كلاهما عن خصيف، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائى (٩٠٦٣) من طريق معمر، عن خصيف، به موقوفًا. إلا أنه قال: «بدينار».
وأخرجه النسائى (٩٠٦١) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، و(٩٠٦٢) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن مقسم، عن النبي ﷺ مرسلًا وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٨) و(٢٩٩٥).
وانظر ما سلف برقم (٢٦٤).
(١) أخرجه الدارمي (١١١٠) عن محمَّد بن يوسف، عن الأوزاعي، عن يزيد بن أبي مالك، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: كان لعمر امرأة تكره الجماع، فكان إذا أراد أن يأتيها، اعتلت عليه بالحيض، فوقع عليها، فإذا هي صادقة، فأتى النبي ﷺ، فأمره أن يتصدق بخمسي دينار. ويزيد بن أبي مالك توفي سنة ١٣٠، فالإسناد معضل كما قال المصنف.
(٢) جاء في «تبصير المنتبه» ١/ ٧٢: واختلف في ندبة مولاة ميمونة فالأكثر قالوه هكذا، وقاله معمر بفتح النون وضمها، وقاله يونس عن ابن شهاب: بُدَيَّة بضم الموحدة وفتح الدال، وتشديد المثناة من تحت حكاه أبو داود في «السنن».

عن ميمونة: أنَّ رسولَ الله ﷺ كانَ يُباشِرُ المرأةَ مِن نسائِهِ وهي حائض إذا كانَ عليها إزارٌ إلى أنصافِ الفَخِذَينِ أو الرُكبَتَينِ تَحتَجِزُ به (١).
٢٦٨ - حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا شُعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يأمُرُ إحدانا إذا كانت حائِضًا أن تَتَّزِرَ، ثمَّ يُضاجِعُها زوجُها. وقال مرَّةً: يُباشِرُها (٢).


(١) حديث صحيح دون قولها: «إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين»، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ندبة مولاة ميمونة، فقد تفرد بالرواية عنها حبيب الأعور مولى عروة، وذكرها ابن حبان في «الثقات»، وباقي رجاله ثقات. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٧٦) من طريق يونس بن يزيد والليث، عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨١٩).
وأخرج البخاري (٣٠٣)، ومسلم (٢٩٤) من طريق عبد الله بن شداد، عن ميمونة قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتَّزرت وهي حائض.
(٢) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم والأسود: هما النخعيان.
وأخرجه البخاري (٣٠٠)، ومسلم (٢٩٣) (١)، والترمذي (١٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (٢٧٤)، وابن ماجه (٦٣٦) من طريقين عن منصور، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٢٧٥) من طريق عمرو بن شرحبيل، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٨٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٦٤).
وانظر ما سيأتي برقم (٢٧٣).

٢٦٩ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن جابر بن صُبْح، سمعت خِلاسًا الهَجَريُّ، قال:
سمعتُ عائشةَ تقولُ: كنتُ أنا ورسولُ الله ﷺ نَبِيتُ في الشِّعارِ الواحدِ، وأنا حائِضٌ طامِثٌ، فإن أصابَه مني شيءٌ غَسَلَ مكانَه لم يَعْدُهُ، ثمَّ صلَّى فيه، وإن أصابَ -تعني ثوبَه- منه شيءٌ غَسَلَ مكانَه ولم يَعدُهُ، ثمَّ صلَّى فيه (١).
٢٧٠ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا عبدُ الله -يعني ابنَ عمر بن غانم-، عن عبد الرحمن -يعني ابنَ زياد-، عن عُمارةَ بنِ غُراب، قال: إنَّ عمَّةً له حدَّثته:
أنها سألت عائشةَ قالت: إحدانا تحيضُ وليسَ لها ولزوجِها إلا فِراشٌ واحد، قالتْ: أُخبِرُكِ بما صنعَ رسولُ الله ﷺ: دخلَ فمضى إلى مَسجِدِه -تعني مَسجِدَ بَيتِهِ- فلم يَنصَرِف حتَّى غَلَبَتني عَيني وأوجَعَه البَردُ، فقال: (ادْني منِّي)، فقلتُ: إنِّي حائِضٌ، فقال: «وإنْ، اكشِفي


(١) إسناده صحيح. وحسَّنه الحافظ المنذري في»مختصر السنن«.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٢٧٣) و(٨٥١) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وسيأتي مكررًا برقم (٢١٦٦).
والشعار: هو بكسر الشين: ما يلي الجسد من الثياب، يقال: شاعَرتُها: نمت معها في الشعار الواحد. قال صاحب»عون المعبود" ١/ ٣١١: وفيه دليل على جواز مباشرة الحائض، والاضطجاع معها في الثوب الواحد وهو الشعار من غير أن يكون إزار عليها، وطامث تأكيد لقوله: حائض، يقال: طمثت كنصر وسمع: إذا حاضت.

عن فَخِذَيكِ»، فكشفتُ فَخِذَيَّ، فوَضَعَ خَدَّهُ وصَدرَه على فَخِذَيَّ، وحَنَيْتُ عليه حتَّى دَفِئَ ونامَ (١).
٢٧١ - حدَّثنا سعيدُ بنُ عبد الجبَّار، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمَّد-، عن أبي اليَمَان، عن أمِّ ذَرَّة
عن عائشة أنها قالت: كنتُ إذا حِضْتُ نزَلتُ عن المِثالِ على الحصير، فلم نَقرَبْ رسولَ الله ﷺ -ولم نَدنُ منه حتَّى نَطهُرَ (٢).
٢٧٢ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن أيوب، عن عِكرمة
عن بعضِ أزواجِ النبيِّ ﷺ: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ إذا أرادَ مِنَ الحائِضِ شيئًا ألقى على فَرجِها ثوبًا (٣).


(١) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن زياد -وهو الإفريقي- ضعيف، وعمارة بن غراب مجهول، وعمته لا تعرف.
وأخرجه البيهقي ٣١٣/ ١، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٧٥/ ٣ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه بأطول مما هنا البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٠) عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الرحمن بن زياد، بهذا الإسناد.
وفي باب استدفاء النبي ﷺ بعائشة وهي جنب عند الترمذي (١٢٣)، وابن ماجه (٥٨٠)، وإسناده ضعيف.
(٢) إسناده ضعيف، أبو اليمان -وهو كثيرُ بن اليمان الرحَّال المدني- روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في «الثقات»، فهو مجهول الحال، وقد أتى هنا بما ينكر، وأم ذَرَّةَ روى عنها ثلاثة، وذكرها ابن حبان في «الثقات»، ووثقها العجلي.
(٣) إسناده صحيح. وقواه الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١/ ٤٠٤. حماد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختيانى، وعكرمة: هو أبو عبد الله مولى ابن عباس، وبعض أزواج النبي ﷺ: قال في «التقريب»: لعلها ميمونة. قلنا: وانظر حديثها السالف برقم (٢٦٧).=

٢٧٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن الشَّيبانيِّ، عن عبد الرحمن ابن الأسود، عن أبيه
عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ يأمُرُنا في فَوْحِ حَيضِنا أن نتَّزِرَ، ثمَّ يُباشِرُنا، وأيُّكم يَملِكُ إرْبَهُ كما كانَ رسولُ الله ﷺ يَملِكُ إرْبَهُ؟! (١).


=وأخرجه البيهقي ١/ ٣١٤ من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن أبي شيبة ٤/ ٢٥٤ عن إسماعيل ابن علية، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن أم سلمة في مضاجعة الحائض إذا كان على فرجها خرقة. وهذا إسناد صحيح.
(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط، والشيباني: هو سليمان ابن أبي سليمان، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه البخاري (٣٠٢)، ومسلم (٢٩٣) (٢)، وابن ماجه (٦٣٥) من طرق عن عبد الرحمن بن الأسود، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٤٦).
وانظر ما سلف برقم (٢٦٨).
فوح حيضتها: معظمه وأوله، وفي البخاري: فور حيضتها، وهو بمعنى الفوح وقولها: وأيكم يملك إربه. يروى إربه بكسر الهمزة وسكون الراء، أي: لحاجته، وقيل: لعقله، وقيل: لعضوه، ويُروى بفتح الهمزة وفتح الراء، أي: لحاجته.
قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٠٤: والمراد أنه كان أملك الناس لأمره، فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى، ومع ذلك، فكان يباشر فوق الإزار تشريعًا لغيره ممن ليس بمعصوم، وبهذا قال أكثر العلماء، وهو الجاري على قاعدة المالكية في باب سد الذرائع. وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط، وبه قال محمَّد بن الحسن من الحنفية ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من المالكية، وأحد القولين أو الوجهين للشافعية واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو الأرجح دليلًا لحديث أنس «اصنعوا كل شيء إلا الجماع» (وقد سلف عند أبي داود برقم (٢٥٨» وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعًا بين الأدلة، وقال ابن دقيق العيد: ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار، لأنه فعل مجرد. وانظر «المغني» ١/ ٤١٤ - ٤١٦ لابن قدامة.

١٠٥ - باب المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدَّة الأيام التي كانت تحيض
٢٧٤ - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن نافع، عن سُليمان بن يَسَار
عن أُمِّ سلمة زوجِ النبي ﷺ أنَّ امرأةً كانت تُهرَاقُ الدِّماءَ على عَهدِ رسولِ الله ﷺ، فاستَفتَت لها أمُّ سلمةَ رسولَ الله ﷺ فقال: «لِتَنظُرْ عِدَّة اللَّيالي والأيَّامِ التي كانت تَحيضُهُنَّ مِنَ الشَهرِ قبلَ أن يُصيبَها الذي أصابَها، فَلْتَترُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذلك مِنَ الشَّهرِ، فإذا خَلَّفَت ذلك فَلْتَغتَسِلْ، ثمَّ لِتَستَثفِرْ بثوبٍ، ثمَّ لتُصَلِّي» (١).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على نافع كما هو مبين في التعليق على «المسند» (٢٦٥١٠)، فروي عنه عن سليمان بن يسار عن أم سلمة كما هنا، وروي عنه عن سليمان عن رجل من الأنصار عن أم سلمة كما سيأتي، ولذا ذهب النسائي في «الكبرى» (٢١٨)، والطحاوي في «شرح المشكل» (٢٧٢٦)، والبيهقي ٣٣٣/ ١ إلى القول بانقطاع الإسناد الأول، بينما ذهب ابن التركماني في «الجوهر النقي» إلى أن سليمان سمعه من رجل عن أم سلمة ثمَّ سمعه من أم سلمة مباشرة. وهو في «موطأ مالك» ١/ ٦٢، ومن طريقه أخرجه النسائي في «المجتبى» (٢٠٨) و(٣٥٥).
وأخرجه النسائى في «المجتبى» (٣٥٤)، وابن ماجه (٦٢٣) من طريق عبيد الله ابن عمر، عن نافع، به. وفي إسناده اختلاف على عبيد الله كما سيأتى برقم (٢٧٦).
وسيأتي عند المصنف برقم (٢٧٨) من طريق أيوب السختيانى، عن سليمان بن يسار، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥١٠) و(٢٦٧١٦)، و«شرح مشكل الآثار» (٢٧٢٥) و(٢٧٢٦).
وسيأتي برقم (٢٧٥) من طريق الليث بن سعد، و(٢٧٧) من طريق صخر بن جويرية، كلاهما عن نافع، عن سليمان، عن رجل، عن عائشة.=

٢٧٥ - حدَّثنا قُتَيبةُ بن سعيد ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوهَب، قالا: حدَّثنا اللَّيثُ، عن نافع، عن سُليمان بن يَسَار، أنَّ رجلًا أخبَرَه
عن أُمِّ سلمة: أنَّ امرأةً كانت تُهراقُ الدَّمَ، فذكرَ معناه، قال: «فإذا خَلَّفَت ذلك وحَضَرَتِ الصَّلاةُ فلتَغتَسِل» بمعناه (١).
٢٧٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا أنسٌ -يعني ابنَ عِياض-، عن عُبيد الله، عن نافع، عن سُليمان بن يَسَار، عن رجلٍ من الأنصار


=وله شاهد من حديث عائشة سيأتي عند المصنف برقم (٢٨٢) و(٢٨٣).
وقوله: «ثمَّ لتستثفر» -وفي بعض النسخ: لتستذفر- قال في «النهاية»: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنًا، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم، وهو مأخوذ من ثفرِ الدابة الذي يجعل تحت ذنبها؟
وقوله: «ثمَّ لتصلي» كذا بإثبات الياء والوجه حذفها، وما هنا يخرج على أن الياء للإشباع.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن أم سلمة، وباقي رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعد.
وأخرجه الدارمي (٨٧٠)، والبيهقي ٣٣٣/ ١، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٦/ ٦٠، وابن المنذر في «الأوسط» (٨١٢) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في «شرح المشكل» (٢٧٢٦) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن الزُّهريّ، عن سليمان بن يسار، به. وعبد الله بن صالح كثير الغلط، والليث يرويه عن نافع لا عن الزُّهريّ.
وانظر ما قبله.
وقوله: تهراق الدمَ هو على ما لم يسمَّ فاعله، والدم تمييز منصوب وإن كان معرفة، فإنه في المعنى نكرة، قال الشاعر:
رأيتُك لما أن عرفتَ وجوهَنا ... صدَدْتَ وطِبتَ النفسَ يا قيُس عن عمرِو
فإن «أل» زائدة، والأصل طِبْتَ نفسًا.

أنَّ امرأةً كانت تُهراقُ (١)، فذكرَ معنى حديثِ اللَّيث، قال: «فإذا خَلَّفَتهُنَّ وحَضَرَتِ الصَّلاةُ فلتَغتَسِلْ» وساقَ بمعناه (٢).
٢٧٧ - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مَهديّ، حدَّثنا صخرُ بنُ جُوَيرية، عن نافع، بإسناد اللَّيث وبمعناه، قال:
«فلَتترُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذلك، ثمَّ إذا حَضَرَتِ الصَّلاة فلتَغتَسِلْ ولتستَذْفِرْ بثَوبٍ، ثمَّ تُصلَّي» (٣).
٢٧٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهيبٌ، حدَّثنا أيوب، عن سُليمان بن يَسار، عن أُمِّ سلمة بهذه القصَة، قال فيه:
«تَدَعُ الصَّلاةَ، وتَغتَسِلُ فيما سِوى ذلك، وتَستَذْفِرُ بثوبٍ، وتُصلِّي» (٤).


(١) في (ج) و(هـ): تهراق الدم، وعلى هامش (أ) و(ب) و(د) إشارة إلى أنه يوجد في نسخة: الدماء.
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الأنصاري، وهو مرسل، فهذا الرجل يرويه عن أم سلمة، وباقي رجاله ثقات. عبيد الله: هو ابن عمر العمري.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٣٥٤)، وابن ماجه (٦٢٣) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة. لم يذكر بينهما واسطة.
وانظر ما سلف برقم (٢٧٤).
(٣) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (١١٣)، والدارقطني (٨٤٤)، والبيهقي ١/ ٣٣٣ من طريق صخر بن جويرية، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (٢٧٤).
(٤) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف على سليمان بن يسار في إسناده، فرواه أيوب -وهو ابن أبي تميمة السختياني- عنه عن أم سلمة، وكذا رواه=

قال أبو داود: سمَّى المرأةَ التي كانت استُحيضَت حمَّادُ بنُ زيد عن أيوب في هذا الحديث، قال: فاطمة بنت أبي حُبَيش (١).
٢٧٩ - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا اللَّيثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر، عن عِراك، عن عُروة
عن عائشة أنها قالت: إنَّ أُمِّ حبيبةَ سألت النبيَّ ﷺ -عن الدَّمِ، فقالت عائشةُ: رأيتُ مِركَنَها مَلآنَ دمًا، فقال لها رسولُ الله ﷺ: «امكُثي قَدرَ ما كانت تَحبِسُكِ حَيضَتُكِ، ثمَّ اغتَسِلي» (٢).


= نافع في بعض الروايات عنه، ورواه نافع في أكثر الروايات عنه عن سليمان عن رجل عن أم سلمة. وقد سلف الكلام على رواية نافع برقم (٢٧٤).
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٧٤٠) من طريق وهيب بن خالد، بهذا الإسناد. وفيه تمام تخريجه والكلام عليه.
(١) أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» ٥٦/ ١٦ من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن سليمان بن يسار: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فأمرت أم سلمة أن تسأل لها ... فذكره. وكذا رواه إسماعيل ابن علية عن ابن أبي شيبة ١/ ١٢٦، والبيهقي ٧/ ٤١٦.
ورواه عفان عند أحمد (١٦٧٤٠)، والبيهقي ١/ ٣٣٤، ووهيب بن خالد عند الطبراني ٢٣/ (٥٧٥)، كلاهما عن أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة: أن فاطمة استحيضت ... فذكره.
وانظر أحاديث الباب الآتية برقم (٢٨٠) فما بعده.
(٢) إسناده صحيح. جعفر: هو ابن ربيعة الكندي، وعراك: هو ابن مالك، وعروة: هو ابن الزُّبير.
وأخرجه مسلم (٣٣٤) (٦٥)، والنسائي فى «الكبرى» (٢٠٦) من طريق الليث ابن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٣٣٤) (٦٦) من طريق بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٨٥٩).

قال أبو داود: ورواه قُتيبةُ بينَ أضعافِ حديثِ جعفر بن ربيعة في آخرها، ورواه عليٌّ بنُ عيَّاش ويونسُ بنُ محمَّد عن اللَّيث، فقالا: جعفر بن ربيعة.
٢٨٠ - حدَّثنا عيسى بنُ حمَّاد، أخبرنا اللَّيثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بُكير بن عبد الله، عن المُنذر بن المغيرة، عن عُروة بن الزُّبير:
أن فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيش، حدَّثَته: أنها سألت رسولَ الله ﷺ فشكَت إليه الدَّمَ، فقال لها رسولُ الله ﷺ: «إنَّما ذلك عِرْقٌ، فانظُري إذا أتى قُرْؤُكِ فلا تُصَلِّي، فإذا مَرَّ قُرْؤُكِ فتَطَهَّري، ثمَّ صَلِّي ما بينَ القُرْءِ إلى القُرْءِ» (١).
٢٨١ - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جرير، عن سُهيل -يعني ابنَ أبي صالح-، عن الزُّهريّ، عن عُروة بن الزُّبير


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة المنذر بن المغيرة، فلم يرو عنه غير بكير بن عبد الله بن الأشج، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وجهله أبو حاتم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢١٤)، وابن ماجه (٦٢٠) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٦٣٠)، و«شرح مشكل الآثار» (٣٧٢٦) و(٣٧٢٧).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٠٧) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن فاطمة بنت قيس. قال الدارقطني في «العلل» ٥/ ورقة ٢١٤: ووهم فيه -يعنى الأوزاعي-، والصحيح عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش ...
قلنا: سيأتي حديث عائشة من طريق هشام بن عروة برقم (٢٨٢)، وقد سلف قبله من وجه آخر عن عائشة، وحديث عائشة هذا هو شاهد حديث فاطمة بنت أبي حبيش.

حدَّثتني فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش: أنَّها أمَرَت أسماءَ، أو أسماءُ حدَّثتني أنها أمَرَتها فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش أن تسألَ رسولَ الله ﷺ، فأمَرَها أن تَقعُدَ الأيامَ التي كانت تَقعُدُ ثمَّ تَغتَسِلُ (١).
قال أبو داود: ورواه قتادةُ، عن عُروة بن الزُبير، عن زينبَ: أن أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحشٍ استُحيضَت، فأمَرَها النبيُّ ﷺ أن تَدَعَ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلَ وتُصَلّي (٢).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح.
فرواه جرير بن عبد الحميد عنه كما تراه هنا.
ورواه خالد بن عبد الله الواسطي عند الطحاوي في «المشكل» (٢٧٣٠)، والدارقطني (٨٣٩)، والبيهقي ٣٥٣/ ١ - ٣٥٤، وعلي بن عاصم عند الدارقطني (٨٤٠)، كلاهما عن سهيل، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله، إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت ... وستأتي رواية خالد بن عبد الله عند المصنف برقم (٢٩١).
قال البيهقي في «سننه» ١/ ٣٥: هكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن الزُّهريّ، عن عروة، واختلف فيه عليه. والمشهور رواية الجمهور عن الزُّهريّ، عن عروة، عن عائشة في شأن أم حبيبة بنت جحش. قلنا: وستأتى هذه الرواية برقم (٢٨٥) و(٢٨٨)، وانظر أيضًا ما سلف برقم (٢٧٩).
(٢) وأخرج ابن راهوية في مسند أم حبيبة (٢٤) من «مسنده» عن عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، قالت: رأيت ابنة جحش تخرج من المركن والدم قد علا، ثمَّ تصلي. ونحوه في «الموطأ» ١/ ٦٢ عن هشام به. وهذا لا ينافي رواية عروة عن عائشة السالفة برقم (٢٧٩) والآتية برقم (٢٨٥) و(٢٨٨)، فإن زينب بنت أم سلمة كانت ربيبة النبي ﷺ، فتكون قد حضرت القصة كما حضرتها عائشة، وروت كل واحدة منهما لعروة ما رأته.

قال أبو داود: وزاد ابنُ عُيينة (١) في حديث الزُّهريّ، عن عَمْرَةَ، عن عائشة: أنَّ أُمِّ حبيبة كانت تُستَحاضُ، فسألتِ النبيَّ ﷺ، فأمَرَها أن تَدَع الصَّلاةَ أيامَ أقرائها.
قال أبو داود: وهذا وَهمٌ مِن ابنِ عُيينة، ليس هذا في حديثِ الحُفَّاظِ عن الزُّهريِّ، إلا ما ذكرَ سُهيلُ بنُ أبي صالح (٢)، وقد روى الحميديُّ هذا الحديثَ عن ابنِ عُيينة لم يذكر فيه: «تدع الصلاة أيام أقرائها» (٣).
وروت قَميرُ، عن عائشة: المُستَحاضةُ تَترُكُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها ثمَّ تَغتَسِلُ (٤).
وقال عبدُ الرحمن بنُ القاسم، عن أبيه: إنَّ النبيَّ ﷺ -أمَرَها أن تَتركَ الصَّلاةَ قَدرَ أقرائِها (٥).


(١) وروايته عند مسلم (٣٣٤) (٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (٢١٣). غير أن مسلمًا لم يسق لفظه، بل أحال على ما قبله فقال: بنحو حديثهم.
(٢) أي أن رواية الحفاظ عن الزُّهريّ مثل رواية سهيل بن أبي صالح السالفة قريبًا، ليس فيها: «أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرانها»، قال صاحب «عون المعبود» ١/ ٣١٨: والمحفوظ فى رواية الزُّهريّ إنما هو قوله: «فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد» ومعنى الجملتين واحد، لكن المحدثين معظم قصدهم إلى ضبط الألفاظ المروية بعينها، فرووها كما سمعوا، وإن اختلطت رواية بعض الحفاظ في بعض ميَّزوها وبيَّنوها.
(٣) رواية الحميدي في «مسنده» برقم (١٦٠).
(٤) ستأتي رواية قمير برقم (٣٠٠).
(٥) أخرجه عبد الرزاق (١١٧٦) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن امرأة ... فذكره مرسلًا وانظر ما سيأتي برقم (٢٩٤) والتعليق عليه.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (٣٦١) من طريقه أيضًا، عن أبيه، عن زينب بنت جحش ... فذكرت القصة لها. وإسناده صحيح.

وروى أبو بشر جعفرُ بنُ أبي وَحْشيَّةَ، عن عِكرِمة، عن النبيِّ ﷺ أنَّ أُمِّ حبيبة بنتَ جحش استُحيضَت، فذكَرَ مِثلَه (١).
وروى شَريكٌ، عن أبي اليَقْظان، عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه، عن جَده، عن النبيِّ ﷺ: «المُستَحاضةُ تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلُ وتُصَلِّي» (٢).
وروى العلاءُ بنُ المُسيّب، عن الحَكَم، عن أبي جعفر: أنَّ سَودَةَ استُحيضَت فأمَرَها النبيُّ ﷺ إذا مَضَتْ أيامُها اغتَسَلَت وصَلَّت (٣).
وروى سعيدُ بنُ جُبَير، عن عليٍّ وابنِ عبَّاس: المُستَحاضةُ تَجلِسُ أيامَ قُرْئها (٤). وكذلك رواه عمَّارٌ مولى بني هاشم وطَلْقُ بنُ حبيب عن ابن عباس (٥)، وكذلك رواه مَعقِلٌ الخَثعَميُّ عن عليٍّ (٦)، وكذلك روى الشَّعبيُّ عن قَمير امرأةِ مسروقٍ عن عائشة.


(١) سيأتي برقم (٣٠٥).
(٢) سيأتي برقم (٢٩٧).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢٦، والطبرانى في «الأوسط» (٩١٨٤) من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، به، وزاد فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة. وهو مرسل. الحكم: هو ابن عتيبة، وأبو جعفر: هو محمَّد الباقر بن علي بن الحسين.
وسيذكر المصنف بإثر الحديث (٣٠٤) أن شعبة رواه عن الحكم عن أبي جعفر من قوله.
(٤) أخرجه بغير هذا السياق عبد الرزاق (١١٧٣)، و(١١٧٨) و(١١٧٩)، وابن أبي شيبة ١٢٧/ ١، والطحاوي ١/ ١٠١ من طريقين عن سعيد بن جبير، به.
(٥) رواية عمار مولى بني هاشم أخرجها الدارمي (٧٨٨)، ورواية طلق بن حبيب أخرجها البيهقي ١/ ٣٣٥.
(٦) ستأتي رواية معقل عند المصنف برقم (٣٠٢).

قال أبو داود: وهو قولُ الحسن وسعيد بن المسيّب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم: أنَّ المُستحاضةَ تَدَع الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها (١).
قال أبو داود: لم يسمع قتادةُ من عروة شيئًا.

١٠٦ - باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة
٢٨٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس وعبدُ الله بن محمَّد النُّفيليُّ قالا: حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا هشام بن عروة، عن عروة
عن عائشة: أن فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيش جاءت رسولَ الله ﷺ فقالت: إنِّي امرأةٌ أُستَحاضُ فلا أَطهُرُ، أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ قال: «إنَّما ذلك عِرْقٌ وليست بالحَيضَةِ، فإذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ فدَعي الصَّلاةَ، فإذا أدبَرَت فاغسِلي عنكِ الدَّمَ، ثمَّ صَلَّي» (٢).


(١) انظر الروايات فى شأن المستحاضة عن الحسن عند ابن أبي شيبة ١٢٩/ ١، وعن ابن المسيب عند عبد الرزاق (١١٦٩)، وابن أبي شيبة ١٢٦/ ١ و١٢٧، وعن عطاء عند عبد الرزاق (١١٧١) و(١١٨٠)، وعن إبراهيم عنده (١١٧٢) وعند ابن أبي شيبة ١٢٧/ ١، وعن سالم والقاسم عند ابن أبي شيبة ١٢٨/ ١.
وانظر ما سيأتي عن ابن المسيب بإثر الحديث (٢٨٦) وبرقم (٣٠١).
(٢) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه البخاري (٢٢٨) و(٣٢٠) و(٣٢٥)، ومسلم (٣٣٣)، والترمذي (١٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢١٧) و(٢١٨)، وابن ماجه (٦٢١) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٦٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٥٤).
وانظر ما سلف برقم (٢٧٩)، وماسيأتي بعده وبرقم (٢٩٨).

٢٨٣ - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن هشام، بإسناد زهير ومعناه، قال:
«فإذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ فاترُكي الصَّلاةَ، فإذا ذهبَ قَدْرُها فاغسِلي الدَمَ عنكِ وصَلَّي» (١).
٢٨٤ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبو عَقيل، عن بُهيَّة، قالت:
سمعتُ امرأةَ تسألُ عائشةَ عن امرأةِ فَسَدَ حَيضُها وأُهريقَت دمًا، فأمَرَني رسولُ الله ﷺ أن آمُرَها فلتَنظرْ قَدْرَ ما كانت تحيضُ في كلَّ شهرٍ وحَيضُها مُستقيمٌ، فلتَعتَدَّ بقَدرِ ذلك مِنَ الأيام، ثمَّ لِتَدَع الصَّلاةَ فيهن وبقَدْرِهنَ، ثمَّ لِتَغتَسِل، ثمَّ لتَستَذفِرْ بثوبٍ، ثمَّ تُصلِّي (٢).
٢٨٥ - حدَّثنا ابنُ أبي عَقيل، ومحمدُ بن سلمة المِصريَّان، قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، عن عَمرو بن الحارث، عن ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير وعَمرة
عن عائشة: أن أُمَّ حبيبة بنتَ جَحش خَتَنَةَ رسولِ الله ﷺ وتحت عبد الرحمن بن عوف استُحيضَت سبعَ سنين، فقال رسولُ الله ﷺ:


(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٦١، ومن طريقه أخرجه البخاري (٣٠٦)، والنسائي في «المجتبي» (٢١٨) و(٣٦٦).
وهو في «شرح مشكل الآثار» (٢٧٣٥)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٥٠).
وانظر ما قبله.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، أبو عقيل -وهو يحيي بن المتوكل- ضعيف، وبهية مولاة عائشة لا تعرف.
وأخرجه البيهقي ١/ ٣٤٣ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (٤٦٢٥)، والبيهقي ١/ ٣٣٢ من طريق أبي عقيل، به.
وانظر ما سلف برقم (٢٧٩) و(٢٨٢).

«إنَّ هذه ليست بالحَيضَةِ، ولكن هذا عِرْقٌ، فاغتَسِلي وصَلَّي» (١).
قال أبو داود: زادَ الأوزاعيُّ في هذا الحديث عن الزُّهري، عن عُروة وعَمرة، عن عائشة قالت: استُحيضَت أُمُ حبيبة بنتُ جَحش -وهي تحتَ عبد الرحمن بن عوف- سبعَ سِنين، فأمَرَها النبي ﷺ قال: «إذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ فدَعِي الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَت فاغتَسِلي وصَلَّي» (٢).
قال أبو داود: ولم يذكر هذا الكلام أَحد من أصحاب الزُّهريِّ غيرُ الأوزاعيَّ، ورواه عن الزُّهريِّ عمرُو بنُ الحارث واللَّيثُ ويونسُ


(١) إسناده صحيح. ابن أبي عقيل: هو عبد الغني بن رِفاعة، وابن وهب: هو عبد الله، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن.
وأخرجه مسلم (٣٣٤) (٦٣) و(٦٤)، والنسائي في «المجتبى» (٢٠٢ - ٢٠٦) و(٣٥٧)، وابن ماجه (٦٢٦) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وبعضهم يرويه عن عروة وحده وبعضهم عن عمرة وحدها.
وأخرجه بنحوه النسائي في «المجتبى» (٢٠٩) و(٣٥٦) من طريق أبي بكر بن محمَّد، عن عمرة، به.
وانظر «السنن الكبرى» للنسائي (٢٥٩) و(٢١٠) و(٢١١) و(٢١٣).
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٣٨)، و«شرح مشكل الآثار» (٢٧٣٨ - ٢٧٤٠)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٥١ - ١٣٥٣).
وانظر ما سيأتي برقم (٢٩١).
(٢) زيادة الأوزاعي هذه أخرجها النسائى في «المجتبى» (٢٠٢) و(٢٠٤)، وابن ماجه (٦٢٦)، وهي فى «مسند أحمد» (٢٤٥٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٥٣). وقُرن الأوزاعي عند النسائي (٢٠٤) بالنعمان بن المنذر وأبي مُعَيد حفص بن غيلان. فإن لم يكن الراوي عنهم قد حمل ألفاظ بعضهم على بعض يكون الأوزاعي متابعًا على هذه الزيادة. والله أعلم.
وانظر «السنن الكبرى» للنسائي (٢٠٨) و(٢٠٩) و(٢١٠).

وابنُ أبي ذئب ومَعمَرٌ وإبراهيمُ بنُ سعد وسُليمانُ بنُ كثير وابنُ إسحاق وسفيانُ بنُ عُيينة، لم يذكروا هذا الكلامَ.
قال أبو داود: وإنَّما هذا لفظُ حديث هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة (١).
قال أبو داود: وزادَ ابنُ عُيينة فيه أيضًا: أمَرَها أن تَدَع الصَّلاة أيامَ أقرائها، وهو وَهمٌ مِن ابن عُيينة (٢).
وحديثُ محمَّد بن عمرو، عن الزُّهريّ فيه شيءٌ يَقرُبُ مِن الذي زادَ الأوزاعيُّ في حديثه.
٢٨٦ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا محمَّدُ بنُ أبي عَدِيَّ، عن محمَّد -يعني ابنَ عمرو- حدَّثني ابنُ شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير
عن فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيش: أنَّها كانت تُستَحاضُ، فقال لها النبيُّ ﷺ: «إذا كانَ دمُ الحَيضَةِ فإنه دمٌ أسوَدُ يُعرَفُ، فإذا كانَ ذلك فأمْسِكي عن الصَّلاةِ، فإذا كانَ الآخَرُ فتَوَضَّئي وصَلّي، فإنما هو عِرْقٌ» (٣).


(١) سلف حديث هشام برقم (٢٨٢).
(٢) سلف الكلام على رواية ابن عيينة بإثر الحديث (٢٨١).
(٣) صحيح من حديث عائشة، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد رواه ابن أبي عدي على وجهين كما نبه إليه المصنف بعده، وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في «العلل» ١/ ٥٠: لم يتابع محمَّد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر. قلنا: والمحفوظ حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن فاطمة استحيضت ... كما سلف برقم (٢٨١)، وكما سيأتي بعده.
وأخرجه النسائي (٢١٥) و(٣٦٢) عن محمَّد بن المثنى، حدَّثنا ابن أبي عدي من كتابه، بهذا الإسناد.
وسيأتي مكررًا برقم (٣٠٤).

قال أبو داود: قال ابنُ المثنَّى: حدَّثنا به ابنُ أبي عَدِيٍّ مِن كتابه هكذا، ثمَّ حدَّثنا به بَعدُ حِفظًا، قال: حدَّثنا محمَّدُ بنُ عمرو، عن الزُّهريِّ، عن عُروة، عن عائشة: أن فاطمة كانت تُستَحاضُ، فذكرَ معناه (١).
قال أبو داود: وروى أنسُ بنُ سِيرِينَ عن ابن عبَّاس في المُستَحاضَةِ قال: إذا رَأَتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ فلا تُصلِّي، وإذا رَأَتِ الطُّهْرَ ولو ساعةً فلتَغتَسِلْ وتُصلِّي (٢). وقال مكحولٌ: النِّساء لا تخفى عليهنَّ الحَيضَةُ، إنَّ دَمَها أسوَدُ غليظٌ، فإذا ذهبَ ذلك وصارت صُفْرةَ رقيقةً، فإنها مُستَحاضةٌ، فلتَغتَسِلْ ولتُصلِّي.
قال أبو داود: وروى حمَّادُ بنُ زيد، عن يحيى بن سعيد، عن القَعْقاع بن حَكيم، عن سعيد بن المسيّب في المُستَحاضة: إذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ تَرَكَتِ الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَتِ اغتَسَلَت وصَلَّت (٣). وروى


(١) وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢١٥) عن محمَّد بن المثنى، حدَّثنا ابن أبي عدي من حفظه، بهذا الإسناد.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ١٢٨/ ١ عن إسماعيل ابن عُلية، عن خالد الحذاء، عن أنس بن سيرين، به. ورجاله ثقات.
والبُحراني: نُسب إلى البحر وهو اسم قعر الرحم، وزادوه في النسب ألفًا ونونًا للمبالغة، يريد الدمَ الغليظَ الواسع، وقيل: نُسِبَ إلى البحر لكثرته وسعته. قاله ابن الأثير في «النهاية».
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢٦ - ١٢٧، والبيهقي ٣٣٠/ ١ من طريقين عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

سُمَيٌّ وغيرُه، عن سعيد بن المسيب: تَجلِسُ أيامَ أقرائها (١). وكذلك رواه حمَّادُ بنُ سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المُسيّب.
قال أبو داود: وروى يونُسُ، عن الحسن: الحائضُ إذا مَدَّ بها الدَمُ تُمسِكُ بعدَ حَيضَتِها يومًا أو يومَينِ فهي مُستَحاضةٌ.
وقال التَّيميُّ عن قتادة: إذا زادَ على أيامِ حَيضِها خمسةُ أيام فلتُصَلِّي، قال التَّيميُّ: فجعلتُ أنقُصُ حتَّى بَلَغتُ يومَينِ، فقال: إذا كانَ يومَينِ فهو مِن حَيضِها. وسُئِلَ ابنُ سِيرِينَ عنه فقال: النِّساءُ أعلَمُ بذلك (٢).
٢٨٧ - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حرب وغيرُه، قالا: حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عَمرو، حدَّثنا زُهيرُ بنُ محمَّد، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقيل، عن إبراهيم بن محمّد ابن طلحة، عن عَمه عِمرانَ بنِ طلحة
عن أُمِّه حَمْنَةَ بنتِ جَحش قالت: كنتُ أُستَحاضُ حَيضَةً كثيرةً شديدةً، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ -أستَفتيهِ وأُخبِرُه، فوجَدتُه في بيتِ أُختي زينبَ بنتِ جَحش، فقلت: يا رسولَ الله، إني أُستَحاضُ حَيضَةً كثيرةً شديدةً، فما ترى فيها، قد مَنَعَتني الصَّلاةَ والصَّومَ؟ قال: «أنعَتُ لَكِ الكُرسُفَ، فإنه يُذهِبُ الدمَ» قالت: هو أكثَرُ مِن ذلك، قال: «فاتَّخِذِي ثَوبًا» فقالت: هو أكثَرُ مِن ذلك، إنَّما أثُجُّ ثَجًّا، قال رسولُ الله ﷺ:


(١) أخرجه عبد الرزاق (١١٦٩) عن سفيان الثوري، عن سمي، عن ابن المسيب. وسمي: هو أبو عبد الله المدنى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، وهو ثقة.
وانظر تمام تخريجه فيما سيأتي عنه برقم (٣٠١).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٥٣٨/ ٢ عن معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه قال: سألت ابن سيرين ... وسألت قتادة ... فذكر قوليهما.

«سآمُرُكِ بأمرَينِ، أيهما فَعَلتِ أجزَأَ عنكِ مِنَ الآخَرِ، وإن قَوِيتَ عليهما فأنت أعلَمُ» قال لها: «إنَّما هذه رَكْضةٌ من رَكَضاتِ الشَّيطانِ، فتَحَيَّضي سِتَّةَ أيامٍ أو سبعةَ أيامٍ في عِلمِ الله، ثمَّ اغتَسِلي، حتَّى إذا رأيتِ أنَّكِ قد طَهُرتِ واستَنقَأتِ فصَلِّي ثلاثًا وعشرينَ ليلةً أو أربعًا وعشرين ليلةً وأيامَها، وصومي، فإنَّ ذلك يُجزِئُكِ، وكذلك فافعَلي كلَّ شهرٍ كما يَحِضنَ النِّساءُ وكما يَطهُرنَ، ميقاتَ حَيضِهنَّ وطُهرِهنَّ، وإن قَوِيتِ على أن تُؤخِّري الظُّهرَ وتُعَجَّلي العَصرَ، فتَغتَسِلينَ (١) وتَجمَعينَ بينَ الصَّلاتين: الظُّهرِ والعَصرِ، وتُؤخِّرينَ المَغرِبَ وتُعَجِّلينَ العِشاءَ، ثمَّ تَغتَسِلينَ وتَجمَعينَ بينَ الصلاتَينِ، فافعلي، وتَغتَسِلينَ مع الفَجرِ فافعَلي، وصومي إن قَدِرتِ على ذلك». قال رسولُ الله ﷺ: «وهذا أعجَبُ الأمرَينِ إليّ» (٢).


(١) في (أ): فتغتسلي.
(٢) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمَّد بن عقيل.
وأخرجه الترمذي (١٢٨)، وابن ماجه (٦٢٢) و(٦٢٧) من طرق عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، بهذا الإسناد. ونقل الترمذي عن البخاري تحسين حديث ابن عقيل، وعن أحمد قوله: حسن صحيح! كذا نقل عنه مع أن المصنف سينقل عنه قريبًا قوله: في النفس منه شيء. ووهن إسناده أبو حاتم كما في «علل الحديث» لابنه ١/ ٥١.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٤٤).
وقوله: الكرسف: هو القطن، وقولها: أثج ثجًا. الثَّجُّ: سيلان الدم، وماء ثجاج: سيال، وقوله: ركضة الشيطان، قال في «النهاية»: اصل الركض: الضرب بالرجل، والإصابة بها، أراد الإضرار بها والأذى والمعنى: أن الشيطان قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها، وطهرها وصلاتها حتَّى أنساها ذلك عادتها، وصار في التقدير كأنه ركضةٌ من ركضاته.
وقوله: فتحيضي. معناه: اقعدي أيام حيضتك عن الصلاة، والزمي ما يجب على الحائض فعله.

قال أبو داود: رواه عمرُو بنُ ثابت، عن ابن عَقيل فقال: قالت حَمْنةُ: هذا أعجَبُ الأمرَينِ إليَّ. لم يَجعَله قولَ النبي ﷺ.
قال أبو داود: كان عمرُو بن ثابث رافضيًا، وذكره عن يحيى بن معين، ولكنه كان صدوقًا في الحديث١).

١٠٧ - باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة
٢٨٨ - حدَّثنا ابنُ أبي عَقِيل ومحمدُ بنُ سلمة المُراديُّ قالا: حدَّثنا ابنُ وَهب، عن عَمرِو بنِ الحارث، عن ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير وعَمرة بنت عبد الرحمن
عن عائشة زوجِ النبيِّ ﷺ: أنَّ أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحش خَتَنَةَ رسولِ الله ﷺ -وتحتَ عبد الرحمن بن عوف استُحيضَت سبعَ سِنينَ، فاستَفتَت رسولَ الله ﷺ في ذلك، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ هذه ليست بالحَيضَةِ، ولكن هذا عِرقٌ فاغتَسِلي وصَلّي» قالت عائشةُ: فكانت تَغتَسِلُ في مِركَنٍ في حُجرَةِ أُختِها زينبَ بنتِ جَحش حتَّى تَعلُوَ حُمرَةُ الدَّمِ الماءَ (٢).
٢٨٩ - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابن شِهاب، أخبرتني عَمرة بنت عبد الرحمن، عن أُمِّ حبيبةَ بهذا الحديثِ
قالت عائشةُ: فكانت تَغتَسِلُ لكلِّ صلاةِ (٣).


(١) قوله: ولكنه كان صدوقًا في الحديث، زيادة أثبتناها من (١)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.
(٢) إسناده صحيح.
وهو مكرر ما سلف برقم (٢٨٥)، وسلف تخريجه هناك.
(٣) صحيح من حديث عائشة، وهذا إسناده ضعيف لضعف عنبسة - وهو ابن خالد الأيلي-، وقد خولف في إسناده، فرواه القاسم بن مبرور الأيلي فيما سيذكره=

٢٩٠ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَب الهَمْدانىُّ، حدَّثني اللَّيثُ ابنُ سعد، عن ابن شِهاب، عن عُروة
عن عائشة بهذا الحديث، قال فيه: فكانت تَغتَسِلُ لكُلَّ صلاةٍ (١).
قال أبو داود: قال القاسمُ بنُ مَبرور، عن يونس، عن ابن شِهاب، عن عَمْرة، عن عائشة، عن أُمَّ حبيبةَ بنتِ جَحش. وكذلك رواه مَعمَرٌ عن الزُّهريِّ، عن عَمرة، عن عائشة، وربما قال مَعمَرٌ: عن عَمرة، عن أُمِّ حبيبة بمعناه (٢). وكذلك رواه إبراهيمُ بنُ سعد وابنُ عُيينة، عن الزُّهريِّ، عن عَمرة، عن عائشة (٣)، وقال ابنُ عُيينة في حديثه: ولم يَقُل: إنَّ النبيَّ ﷺ -أمَرَها أن تَغتَسِل (٤).


= المصنف -والقاسم صدوق- عن يونس بن يزيد، عن الزُّهريّ، عن عمرة، عن عائشة، عن أم حبيبة. وهذا هو المحفوظ عن الزُّهريّ كما سلف برقم (٢٨٥) وكما سيأتي بعده.
(١) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ.
وأخرجه مسلم (٣٣٤) (٦٣)، والترمذي (١٢٩)، والنسائي في «الكبرى» (٢٠٥) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٥٢٣)، و«شرح شكل الآثار» (٢٧٤٢).
وانظر ما سلف برقم (٢٨٥).
وقولها: «فكانت تغتسل لكل صلاة» بيَّن الليث بن سعد عند مسلم أن النبي ﷺ لم يأمرها بذلك، وإنما هو شيء فَعَلَته هي.
وانظر الحديث الآتي برقم (٣٠٥) و(٣٠٦) والتعليق عليه.
(٢) رواية معمر عن الزُّهريّ عن عمرة عن أم حبيبة أخرجها عبد الرزاق (١١٦٤)، ومن طريقه أحمد (٢٧٤٤٦)، والطبراني ٢٤/ (٥٥٠).
(٣) وهو المحفوظ عن الزُّهريّ كما سلف برقم (٢٨٥).
(٤) أخرجه إسحاق بن راهويه في مسند أم حبيبة من «مسنده» (٢٢) عن سفيان ابن عيينة، عن الزُّهريّ، عن عمرة أو غيرها، عن عائشة.

٢٩١ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ إسحاق المُسيّبيُ، حدَّثني أبي، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شِهاب، عن عُروة وعَمرة بنت عبد الرحمن
عن عائشة: أنَّ أُمَّ حبيبة استُحيضَت سبعَ سِنينَ فأمَرَها رسولُ الله ﷺ أن تَغَتسِلَ، فكانت تَغتَسِلُ لكُلِّ صلاةِ (١).
وكذلك رواه الأوزاعيُّ أيضًا، قال فيه: قالت عائشة: فكانت تَغتَسِلُ لكُلِّ صلاةٍ (٢).
٢٩٢ - حدَّثنا هنَّادٌ، عن عَبدة، عن ابن إسحاق، عن الزُّهريِّ، عن عُروة
عن عائشة: أنَّ أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحشٍ استُحيضَت في عَهدِ رسولِ الله ﷺ فأمَرَها بالغُسلِ لكُلِّ صلاةٍ، وساقَ الحديثَ (٣).


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، إسحاق -وهو ابن محمَّد- المسيّبي صدوق حسن الحديث، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري (٣٢٧) من طريق معن بن عيسى القزاز، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٠٩٥)، و«شرح مشكل الآثار» (٢٧٤١).
وانظر ما سلف برقم (٢٨٥).
وانظر«الفتح» ١/ ٤٤٧.
(٢) رواية الأوزاعي أخرجها ابن ماجه (٦٢٦)، وهي في «مسند أحمد» (٢٤٥٣٨).
(٣) إسناده ضعيف، ابن إسحاق -وهو محمَّد- مدلس ورواه بالعنعنة، وقد خالفه الرواة عن الزُّهريّ فلم يذكروا قوله: «فأمرها بالغسل لكل صلاة»، بل صرح بعضهم كالليث بن سعد وابن عيينة بأن النبي ﷺ -لم يأمرها بالغسل لكل صلاة، وإنما هو شيء فعلته هي، كما سلف بيانه في تخريج الحديث (٢٩٠).
وأخرجه أحمد (٢٦٠٠٥)، والدارمي (٧٧٥) و(٧٨٣)، والطحاوي ١/ ٩٨، والبيهقي ١/ ٣٥٠ من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٢٧٤٤٥) من طريق ابن إسحاق أيضًا، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن أم حبيبة ... لم يذكر عائشة.

قال أبو داود: ورواه أبو الوليد الطيالسيُّ، ولم أسمَعْهُ منه، عن سُليمان بن كثير، عن الزُّهريِّ، عن عُروة، عن عائشة: استُحيضَت زينبُ بنتُ جَحشٍ، فقال لها النبي ﷺ: «اغتَسِلي لكُلِّ صلاةِ» وساقَ الحديثَ.
قال أبو داود: ورواه عبدُ الصَّمَدِ، عن سُليمان بن كثير، قال: «تَوَضَّئي لكُلِّ صلاةٍ».
قال أبو داود: وهذا وَهمٌ مِن عبد الصَّمَد، والقولُ قولُ أبي الوليد (١).
٢٩٣ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ عَمرو بن أبي الحجَّاج أبو مَعمَر، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن الحُسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قال:


(١) نقل كلام المصنف هذا البيهقي في «سننه» ١/ ٣٥٠ وقال بإثره: ورواية أبي الوليد أيضًا غير محفوظة، فقد رواه مسلم بن إبراهيم، عن سليمان بن كثير، كما رواه سائر الناس عن الزُّهريّ.
ثمَّ أخرجه البيهقي من طريق مسلم بن إبراهيم، عن سليمان بن كثير، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن عائشة: استحيضت أخت زينب بنت جحش سبع سنين ... فذكره ولم يقل فيه: أمرها بالغسل لكل صلاة. ثمَّ قال البيهقي: وهذا أولى لموافقته سائر الروايات عن الزُّهريّ، ورواية محمَّد بن إسحاق عن الزُّهريّ غلط لمخالفتها سائر الروايات عن الزُّهريّ ومخالفتها الرواية الصحيحة عن عراك بن مالك، عن عروة، عن عائشة. قلنا: رواية الزُّهريّ سلفت بالأرقام (٢٨٥) و(٢٨٨) و(٢٩٠) و(٢٩١)، ورواية عراك سلفت برقم (٢٧٩).
وأخت زينب بنت جحش هي أم حبيبة بنت جحش كما جاء التصريح به في الرواية السالفة برقم (٢٨٨). وانظر التعليق على «المسند» (٢٧٤٤٥).

أخبرتني زينبُ بنتُ أبي سلمة: أنَّ امرأةَ كانت تُهرَاقُ الدَّمَ، وكانت تحتَ عبدِ الرحمن بنِ عَوفٍ: أنَّ رسولَ الله ﷺ أمَرَها أن تَغتَسِلَ عندَ كُلِّ صلاةٍ وتُصلِّي (١).
٢٩٣م- وأخبرني أنَّ أُمَّ بكرٍ أخبَرَته، أنَّ عائشةَ قالت:
إنَّ رسولَ الله ﷺ قال في المرأةِ ترى ما يَريبُها بعدَ الطُّهرِ: «إنَّما هي - أو قال: إنما هو عِرقٌ» أو قال: «عُروقٌ» (٢).


(١) ضعيف وقد اضطرب فيه يحيى بن أبي كثير:
فرواه حسين بن ذكوان المعلم هنا وعند ابن الجارود (١١٥)، والبيهقي ١/ ٣٥١، عنه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أخبرتني زينب بنت أبي سلمة: أن امرأة ...
ورواه هشام الدستوائي عند الدارمى (٩٠١)، وابن راهويه في مسند أم حبيبة من «مسنده» (١٩)، والبيهقي ١/ ٣٥١، ومعمر بن راشد الصنعانى عند ابن راهويه (٢٠)، كلاهما عن يحيى، عن أبي سلمة: أن أم حبيبة سألت النبي ﷺ ... وهذا مرسل.
ورواه الأوزاعي عند البيهقي ١/ ٣٥١ عن يحيى، عن أبي سلمة وعكرمة، أن زينب بنت أم سلمة كانت تعتكف مع رسول الله- ﷺ -وهى تهريق الدم ... وهذا مرسل أيضًا.
وروي عن عكرمة من وجه آخر كرواية هشام ومعمر. وستأتي هذه الرواية برقم (٣٠٥).
وقال صاحب «عون المعبود» ١/ ٣٣٣ إسناده حسن ليس فيه عِلَّة، فيحمل الأمر على الندب جمعًا بين الروايتين.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أم بكر الراوية عن عائشة، لكنها لم تنفرد به.
وأخرجه ابن ماجه (٦٤٦) من طريق شيبان، عن يحيى بن أبى كثير، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٢٨).
وقد صح عن عائشة فى قصة أم حبيبة قوله ﷺ: «إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق» كما سلف برقم (٢٨٢) و(٢٨٥).

قال أبو داود: وفي حديثِ ابن عَقِيل الأمرانِ جميعًا، قال: «إنْ قَوِيتِ فاغتَسِلي لكُلِّ صلاةٍ، وإلا فاجمَعي»، كما قال القاسمُ في حديثه (١). وقد رُوِيَ هذا القولُ عن سعيد بن جُبير، عن عليٍّ وابنِ عبَّاس رضي الله عنهما (٢).

١٠٨ - باب من قال: تجمع ببن الصلاتين وتغتسل لهما غسلًا
٢٩٤ - حدَّثنا ابنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه
عن عائشة، قالت: استُحيضَتِ امرأة على عَهدِ رسولِ الله- ﷺ فأُمِرَت أن تُعجِّلَ العَصر وتُؤَخِّرَ الظُّهرَ، وتَغتَسِلَ لهما غُسلًا، وأن تُؤَخِّرَ المَغرِبَ وتُعَجِّلَ العِشاء، وتَغتَسِلَ لهما غُسلًا، وتَغتَسِلَ لصلاةِ الصُّبحِ غُسلًا. فقلتُ لعبد الرحمن: عن النبيِّ ﷺ؟ فقال: لا أُحدثُكَ عن النبيِّ ﷺ بشيء (٣).


(١) حديث ابن عقيل سلف برقم (٢٨٧)، وإسناده ضعيف، وحديث القاسم سيأتي بعد هذا.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١١٧٣) و(١١٧٨)، وابن أبي شيبة ١/ ١٢٧، والطحاوي ١/ ٩٩ - ١٠٠.
(٣) رجاله ثقات وهو موقوف، وقد اختلف فيه على عبد الرحمن بن القاسم: فرواه شعبة هنا وعند النسائي في «المجتبى» (٢١٣) و(٣٦٠) عنه، عن القاسم ابن محمَّد، عن عائشة وظاهره الوقف. وهو في «مسند أحمد» (٢٥٣٩١).
ورواه محمَّد بن إسحاق فيما سيأتي بعده عنه، به مرفوعًا.
ورواه سفيان الثوري عند البيهقي ٣٥٣/ ١ عنه، عن القاسم، عن زينب بنت جحش: أنها سألت رسول الله ﷺ لحمنة بنت جحش ...
ورواه سفيان بن عيينة عند عبد الرزاق (١١٧٦)، والطحاوي ١/ ١٠٠، والبيهقي ١/ ٣٥٣ عنه، عن القاسم مرسلًا.

٢٩٥ - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى، حدَّثني محمدْ -يعني ابنَ سلمة- عن محمَّد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه
عن عائشة: أنَّ سَهْلَةَ بنتَ سُهيل استُحيضَت فأَتَتِ النبيَّ ﷺ فأَمَرَها أن تَغتَسِلَ عندَ كُلِّ صلاةٍ، فلمَّا جَهَدها ذلك أَمَرَها أن تَجمَعَ بينَ الظُّهرِ والعَصرِ بغُسلٍ، والمَغرِبَ والعِشاءَ بغُسلٍ، وتَغتَسِلَ للصُّبحِ (١).
قال أبو داود: رواه ابنُ عُيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أنَّ امرأةً استُحيضَت فسألت النبيَّ ﷺ -فأمَرَها، بمعناه.
٢٩٦ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، أخبرنا خالد، عن سُهيل -يعني ابنَ أبي صالح-، عن الزُّهريّ، عن عُروة بن الزُّبير
عن أسماءَ بنتِ عُمَيسٍ، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيشٍ استُحيضَت منذُ كذا وكذا فلم تُصَلَّ، فقال رسولُ الله ﷺ: «سُبحانَ الله، هذا مِنَ الشَّيطانِ، لِتَجلِسْ في مِرْكنٍ، فإذا رَأَتْ صُفْرَةً (٢) فوقَ الماء فلتَغتَسِلْ للظُّهرِ والعَصرِ غُسلًا واحدًا، وتَغتَسِلْ


=وقد صح عن عائشة كما في الأحاديث السالفة عند المصنف: أن النبي ﷺ أمر المستحاضة بالغسل بعد انقضاء مدة حيضها المعتادة، ولم يأمرها بالغسل عند كل صلاة، وصرح بعضهم بأنها كانت تغتسل عند كل صلاة، وهو شيء فعلته هي ولم يأمرها به النبي ﷺ.
(١) إسناده ضعيف، محمَّد بن إسحاق مدلس ورواه بالعنعنة، وقد اختلف فيه على عبد الرحمن كما سلف قبله.
وأخرجه أحمد (٢٤٨٧٩) و(٢٥٠٨٦)، والدارمي (٧٧٦) و(٧٨٥)، والطحاوي ١/ ١٠١، والبيهقي ١/ ٣٥٢ - ٣٥٣، والبغوي في»شرح السنة" (٣٢٧) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
(٢) في (ب) و(د) و(هـ): صُفَارة.

للمَغرِبِ والعِشاءِ غسلًا واحدًا، وتَغتَسِل للفَجرِ غُسلًا، وتَوَضَّأْ فيما بينَ ذلك» (١).
قال أبو داود: رواه مُجاهِدٌ، عن ابن عبَّاس: لمَّا اشتَدَّ عليها الغُسلُ أَمَرَها أن تَجمَعَ بينَ الصَّلاتَين (٢).
قال أبو داود: ورواه إبراهيمُ عن ابن عباس، وهو قولُ إبراهيم النَّخَعي وعبدِ الله بنِ شدَّاد (٣).

١٠٩ - باب من قال: تغتسل من طُهر إلى طُهر
٢٩٧ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ جعفر بن زياد (ح)، وحدثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا شَريكٌ، عن أبي اليَقْظان، عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه
عن جَدِّه، عن النبيّ ﷺ في المُستَحاضة: «تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلُ وتُصَلِّي، والوضوءُ عندَ كُلِّ صلاةِ» (٤).


(١) رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح كما فصلناه فيما سلف برقم (٢٨١).
(٢) أخرج الطحاوي ١/ ١٠١ - ١٠٢ من طريق قيس بن سعد، عن مجاهد، قيل لابن عباس: إن أرضنا أرض باردة، قال: تُؤخِّر الظهر وتُعجِّل العصر وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتؤخر المغرب وتُعجِّل العشاء وتغتسل لهما غسلًا، وتغتسل للفجر غسلًا.
(٣) قول إبراهيم أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢٧، والدارمي (٨٠٣) من طريقين عن منصور بن المعتمر، عنه.
وقول عبد الله بن شداد أخرجه الدارمى (٨٠٧).
(٤) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شريك: هو ابن عبد الله النخعي -سيئ الحفظ، وأبو اليقظان- واسمه عثمان بن عمير البجلي - ضعيف، وثابت والد عدي مجهول.=

قال أبو داود: زاد عثمان: «وتصومُ وتُصَلِّي».
٢٩٨ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن حَبيب ابن أبي ثابت، عن عُروة
عن عائشة، قالت: جاءت فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش إلى النبيّ ﷺ، فذكر خَبَرَها، قال: «ثمَّ اغتَسِلي، ثمَّ تَوَضَّئي لكُلِّ صلاةٍ، وصَلِّي» (١).


=وأخرجه الترمذي (١٢٦) و(١٢٧)، وابن ماجه (٦٢٥) من طريق شريك، بهذا الإسناد.
ورواه شريك بإسناده عن علي موقوفًا كما سيأتي بإثر الحديث (٣٠٠).
ويشهد له حديث عائشة السالف برقم (٢٧٩) و(٢٨٢) وإسناده صحيح. وفي هذا الحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دمَ الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض، وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره، اغتسلت عنه، ثمَّ صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث، فتتوضأ لكل صلاة، لكنها لا تصلي بذلك للوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله: «وتوضئي لكل صلاة» وبهذا قال الجمهور، وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة، فلها أن تصلى به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وعند المالكية: يستحب لها الوضوء لكل صلاة، ولا يجب إلا بحدث آخر، وقال أحمد وإسحاق: إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط.
(١) حديث صحيح، ولا ينكر سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزُّبير كما قال ابن عبد البر. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه ابن ماجه (٦٢٤) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٤٥).
وقد توبع حبيب على ذكر الأمر لها بالوضوء لكل صلاة، فقد رواه أبو معاوية عند البخاري (٢٢٨)، والترمذي (١٢٥)، والإمام أبو حنيفة عند الطحاوي ١/ ١٠٢، وأبو حمزة السكري عند ابن حبان (١٣٥٤)، وأبو عوانة عنده (١٣٥٥)، أربعتهم عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة.

٢٩٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سِنانٍ، حدَّثنا يزيدُ، عن أيوبَ بنِ أبي مِسكين، عن الحجَّاج، عن أُمِّ كُلثومٍ
عن عائشة في المُستَحاضة: تغتسل -تعني مَرةً واحدةً- ثمَّ تَوَضَّأُ إلى أيامِ أقرائِها (١).
٣٠٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ سِنانٍ، حدَّثنا يزيدُ، عن أيوبَ أبي العلاء، عن ابن شُبْرُمةَ، عن امرأةِ مَسروق
عن عائشة، عن النبيِّ ﷺ مِثلَه (٢).


(١) أثر صحيح، وهذا إسناد ضعيف، الحجاج -وهو ابن أرطاة- مدلس ورواه بالعنعنة، وأم كلثوم لا تُعرف.
وأخرجه البيهقي ١/ ٣٤٦ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي ١/ ٣٤٥ - ٣٤٦ من طريق عباس بن محمَّد الدوري، عن يزيد بن هارون، به مرفوعًا.
وانظر ما بعده.
(٢) أثر صحيح، وهذا إسناد حسن، أيوب أبو العلاء -وهو ابن أبي مسكين- صدوق حسن الحديث، وامرأة مسروق -وهى قَمير بنت عمرو- روى عنها جمع، ووثقها العجلي.
وأخرجه الطبراني في «الصغير»، (١١٨٧) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (١١٧٠)، وابن أبي شيبة ١/ ١٢٦، وعلى بن الجعد (٣٠٠)، والدارمي (٧٩٠) و(٧٩٢) و(٧٩٩)، والطحاوي ١/ ١٠٥، والبيهقي ١/ ٣٤٦ - ٣٤٧ من طرق عن عامر الشعبي، عن قمير، به.
وأخرجه الدارقطنى (٨١٨)، والبيهقى ١/ ٣٤٦ من طريق عمار بن مطر، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به مرفوعًا. وقال الدارقطني: تفرد به عمار بن مطر، وهو ضعيف، عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوفًا ... وذكر لفظه. وقال في «العلل» ٥/ الورقة ١٠٧: الموقوف عن قمير عن عائشة أصح.

قال أبو داود: حديثُ عَدِيّ بن ثابت، والأعمَشِ عن حبيب، وأيوبَ أبي العلاء، كلُّها ضعيفةٌ لا تَصِحّ، ودلَّ على ضَعفِ حديثِ الأعمش عن حبيب هذا الحديث أوقَفَه حفصٌ، وأنكَرَ حفصُ بنُ غياثٍ حديثَ حبيب مرفوعًا، وأوقَفَه أيضًا أسباطٌ عن الأعمش، موقوفٌ عن عائشة.
قال أبو داود: ورواه ابنُ داود عن الأعمش مرفوعًا أوَّلُه، وأنكَرَ أن يكونَ فيه الوضوءُ عندَ كُلِّ صلاةِ، ودلَّ على ضَعفِ حديثِ حبيبٍ هذا أنَّ روايةَ الزهريّ عن عُروة عن عائشة قالت: فكانت تَغتَسِلُ لكُلِّ صلاةٍ، في حديث المستحاضة (١).
وروى أبو اليَقْظان عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه، عن عليٍّ (٢)، وعمّارٌ مولى بني هاشم عن ابن عبَّاس (٣).


(١) قد بيّنا عند حديث حبيب السالف برقم (٢٩٨) أنه متابع على ذكر الأمر بالوضوء لكل صلاة، وما تمسك به المصنف من تضعيفها برواية الزُّهريّ غير مُسلَّم، قال الإمام الخطابي في «معالم السنن» ١/ ٩٢: أما قولُ أكثر الفقهاء، فهو الوضوء لكل صلاة، وعليه العمل في قول عامتهم، ورواية الزُّهريّ لا تدل على ضعف حديث حبيب بن أبي ثابت، لأن الاغتسال لكل صلاة في حديث الزُّهريّ مضافٌ إلى فعلها، وقد يحتمل أن يكون ذلك اختيارًا منها (قلنا: بل رواية الليث بن سعد عن الزُّهريّ عند مسلم (٣٣٤) (٦٣) فيها التصريح بأن النبي ﷺ لم يأمرها بالغسل، وإنما هو شيء فعلته هي). وأما الوضوء لكل صلاة في حديث حبيب، فهو مروي عن رسول الله- ﷺ ومضاف إليه وإلى أمره إياها بذلك، والواجب هو الذي شرعه النبي ﷺ وأمر به دون ما فعلته وأتته من ذلك.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ١٢٨/ ١ عن شريك، عن أبي اليقظان، به. وإسناده ضعيف كما بيّناه فيما سلف برقم (٢٩٧)، إلا أنه هناك من رواية شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده مرفوعًا. وهو اضطراب في إسناده أيضًا.
(٣) أخرجه الدارمي (٧٨٨).

وروى عبدُ الملك بنُ مَيسَرَةَ وبيانٌ والمُغيرةُ وفراسٌ ومُجالدٌ عن الشَّعبيَّ، عن حديث قَميرِ، عن عائشة: تَوَضَّأ لكُلّ صلاةِ (١). وروايةُ داود وعاصم، عن الشَّعبيّ، عن قَمير، عن عائشة: تَغتَسِلُ كُلَّ يومٍ مرَّةً (٢).
وروى هشامُ بنُ عُروة، عن أبيه: المُستَحاضةُ تتوَضَّأ لكُلِّ صلاةٍ (٣).
هذه الأحاديثُ كلُّها ضعيفةٌ إلا حديثَ قَميرٍ وحديثَ عمَّار مولى بني هاشم وحديثَ هشام بن عُروة عن أبيه، والمعروفُ عن ابن عبَّاس الغُسلُ.

١١٠ - باب من قال: تغتسل من ظُهر إلى ظُهر
٣٠١ - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن سُمَىٍّ مولى أبي بكر:
أنَّ القَعقاعَ وزيدَ بنَ أسلَمَ أرسلاه إلى سعيد بن المُسيّب يَسألُهُ: كيفَ تَغتَسِلُ المُستحاضَةُ؟ فقال: تَغتَسِلُ مِن ظُهرٍ إلى ظُهرٍ، وتَوضَّأُ لكُلَّ صلاةٍ، فإن غَلَبَها الدَّمُ استَثَفَرَت بثَوبٍ (٤).


(١) سلف تخريجه برقم (٣٠٠).
(٢) رواية داود -وهو ابن أبي هند- أخرجها الدارمى (٨١٤)، أما عاصم -وهو ابن سليمان الأحول- فروايته عند عبد الرزاق (١١٧٠) وفيها: «تتوضأ لكل صلاة» كرواية الجماعة، فبقي داود بن أبي هند منفردًا عن الشعبي بالأمر بالاغتسال بدل الوضوء، وداود هذا تقع له أوهام.
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» ١/ ٦٣، وابن أبي شيبة ١/ ١٢٧.
(٤) أثر إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٦٣ برواية يحيى الليثي، و(١٧٤) برواية أبي مصعب الزُّهريّ، ووقع فيهما: من طهر إلى طهر، بالطاء المهملة، مُصحَّفًا.=

قال أبو داود: ورُوِيَ عن ابنِ عمر وأنسِ بنِ مالك: تَغتَسِلُ مِن ظُهرٍ إلى ظُهرٍ (١). وكذلك روى داودُ وعاصمُ (٢)، عن الشَّعبيِّ، عن امرأته، عن قَميرِ، عن عائشة، إلا أنَّ داودَ قال: كُلَّ يومٍ، وفي حديث عاصم: عند الظُّهر. وهو قولُ سالم بن عبد الله والحسن وعطاء (٣).
وقال مالكٌ: إنِّي لأظنُّ حديثَ سعيد بنِ المسيّب إنَّما هو: «مِن طُهرٍ إلى طُهرٍ»، ولكن الوَهمَ دخلَ فيه.


=وأخرجه عبد الرزاق (١١٦٩)، وابن أبي شيبة ١/ ١٢٧، والدارمى (٨٠٨) و(٨١٠) و(٨١٩) من طريقين عن سمي، بهذا الإسناد. وجاء عندهم: ظهر، بالظاء المعجمة.
وأخرجه ابن أبى شيبة ١/ ١٢٧ من طريق قتادة، والدارمي (٨٠٩) من طريق يحيى ابن سعيد، كلاهما عن ابن المسيب. وقالا: ظهر، بالظاء المعجمة.
قال أبو الوليد الباجى فى «المنتقى» ١/ ١٢٦ - ١٢٧ بعد أن نقل كلام مالك الذي نقله المصنف بإثر الخير: وإنما قال ذلك مالك رحمه الله لما لم يكن لوقت الظهر معنى يقتضي اغتسالها، فرأى أن اللفظ قد صُحِّف عن ابن المسيّب، وأصله ما ذكره. وانظر لزامًا«الاستذكار»، لابن عبد البر.
(١) قول ابن عمر أخرجه الدارمى (٨١٥) عن مروان الطاطري عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن نافع، عنه. وبكير بن معروف، قال الذهبي: وثقه بعضهم، وقال ابن المبارك: ارم به، وقال أحمد: ذاهب الحديث، وذكره العقيلي فى «الضعفاء».
(٢) سلف الكلام على هذه الرواية قريبًا بإثر الحديث (٣٠٠).
(٣) قول الحسن أخرجه عبد الرزاق (١١٦٨) وابن أبى شيبة ١٢٩/ ١، والدارمى (٨١١) و(٨١٢).
وقول سالم أخرجه ابن أبي شيبة ١٢٨/ ١.
أما عطاء فقد أخرج عبد الرزاق (١١٧١) عن ابن جريج، عنه فى المستحاضة: تجمع بين الظهر والعصر بغسل، وبين المغرب والعشاء بغسل، وتغتسل للفجر غسلًا. وهذا خلاف ما نقل المصنف عنه!

ورواه مِسْوَر بنُ عبد الملك بن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع: «مِن طُهرٍ الى طُهرٍ»، فلَقِنَها الناسُ: «مِن ظُهرٍ إلى ظُهرٍ».

١١١ - باب من قال: تغتسل كل يوم، ولم يقل: عند الظهر
٣٠٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حَنبَل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُمير، عن محمدِ بن أبي إسماعيل، عن مَعقِل الخَثعَمىِّ
عن عليٍّ، قال: المُستَحاضةُ إذا انقَضَى حَيضُها اغتَسَلَت كُلَّ يومٍ، واتَّخَذَت صُوفَةً فيها سَمنٌ أو زَيتٌ١).

١١٢ - باب من قال: تغتسل ببن الأيام
٣٠٣ - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمّد-، عن محمّد ابن عثمان:
أنه سألَ القاسمَ بنَ محمّد عن المُستَحاضَةِ، قال: تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلُ فتُصَلِّي، ثمَّ تَغتَسِلُ في الأيام (٢).


(١) إسناده ضعيف، معقل الخثعمي تفرد بالرواية عنه محمَّد بن أبي إسماعيل راشد السلمي، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وجهّله الحافظان الذهبي وابن حجر، وباقي رجاله ثقات.
(٢) أثر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي-، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومحمد بن عثمان: هو ابن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي المدني.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٢٨/ ١ عن صفوان بن عيسى، عن محمَّد بن عثمان المخزومي قال: سألت سالمًا والقاسم عن المستحاضة، فقال أحدهما: تنتظر أيام أقرائها، فإذا مضت أيام أقرائها اغتسلت وصلت، وقال الآخر: تغتسل من الظهر إلى الظهر. قلنا: هذا الآخر هو سالم بن عبد الله بن عمر، فهذا قوله كما نقله المصنف بإثر الحديث (٣٠١).=

١١٣ - باب من قال: توضّأ لكل صلاة
٣٠٤ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ المُثنّى، حدَّثنا ابنُ أبي عَدِيّ، عن محمَّد -يعني ابنَ عمرو-، حدَّثني ابنُ شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير
عن فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيش أنها كانت تُستَحاضُ، فقال لها النبىُّ ﷺ «إذا كانَ دَمُ الحَيضِ فإنه دَمٌ أسوَدُ يُعرَفُ، فإذا كانَ ذلك فأمسِكِي عن الصلاةِ، فإذا كانَ الآخَرُ فتَوَضّئى وصَلِّي».
قال أبو داود: قال ابنُ المُثنَّى: وحدّثنا به ابنُ أبي عَدِيّ حِفظًا، فقال: عن عُروة، عن عائشة (١).
قال أبو داود: ورُوي عن العلاء بن المُسيّب وشُعبة، عن الحَكَم، عن أبي جعفر -قال العلاءُ: عن النبيِّ ﷺ، وأوقَفَهُ شُعبةُ-: تَوَضأ لكُلِّ صلاةٍ (٢).

١١٤ - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث
٣٠٥ - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوب، حدَّثنا هُشَيمٌ، أخبرنا أبو بشر، عن عِكرِمة


=وقوله: ثمَّ تغتسل في الأيام. قال صاحب «بذل المجهود» ٢/ ٣٧٦: أي: في أيام طهرها، وهذا الغسل هو المندوب علاجًا لتقليل الدم وتنظيف البدن.
(١) صحيح من حديث عائشة.
وقد سلف بإسناده ومتنه برقم (٢٨٦)، وخرَّجناه هناك.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢٦، والطبراني في «الأوسط» (٩١٨٤) من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، به. وهو منقطع، أبو جعفر: هو محمَّد بن على الباقر.

أنَّ أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحشٍ استُحيضَت فأمَرَها النبيُّ ﷺ -أن تَنتَظِرَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلَ وتُصلِّي، فإن رأت شيئًا مِن ذلك تَوَضَّأَت وصَلَّت» (١).
٣٠٦ - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب، حدَّثني عبدُ الله بنُ وهب، حدَّثني الليث عن رَبِيعة: أنه كانَ لا يرى على المُستَحاضَةِ وضوءًا عندَ كُلِّ صلاةٍ، إلا أن يُصيبَها حَدَثٌ غيرُ الدَّمِ فتَوَضَّأُ (٢).

١١٥ - باب المرأة ترى الصُّفْرة والكُدرة
٣٠٧ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن قتادةَ، عن أُمِّ الهُذَيل عن أُمِّ عطية، وكانت بايَعَت النبيَّ ﷺ، قالت: كُنَّا لا نَعُدّ الكُدرَةَ والصُّفْرَةَ بعدَ الطُّهرِ شيئًا (٣).


(١) رجاله ثقات لكن فيه انقطاع، عكرمة لم يسمع من أم حبيبة. هشيم: هو ابن بشير، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢٦ عن هُشيم، بهذا الإسناد.
وقد صح من حديث عائشة بنحوه كما سلف بالأرقام (٢٨٢) و(٢٨٥) و(٢٩٨).
(٢) رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعد، وربيعة: هو ابن أبي عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي. شيخ الإمام مالك المتوفى سنة ١٣٦ هـ.
(٣) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأم الهذيل: هي حفصة بنت سيرين الأنصارية البصرية أخت محمَّد بن سيرين، قال ابن معين: ثقة حجة.
وأخرجه ابن ماجه (٦٤٧م) من طريق أيوب السختياني، عن قتادة، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
وقول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة، أي: في زمن النبي ﷺ مع علمه بذلك، وبهذا يُعطى الحديثُ حكم الرفع، وهو مصير من البخاري إلى أن مثل هذه الصيغة تُعد في المرفوع ولو لم يُصرح الصحابي بذكر زمن النبي ﷺ، وبهذا جزم الحاكم وغيره خلافًا للخطيب، قاله الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٢٦.=

٣٠٨ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن محمَّد بن سيرين، عن أُمِّ عطيّة، بمثله١).

١١٦ - باب المستحاضة يغشاها زوجها
٣٠٩ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد، حدَّثنا مُعلَّى بن منصور، عن علي بن مُسهِر، عن الشَّيبانيِّ
عن عِكرِمة قال: كانت أُمُّ حبيبةَ تُستَحاضُ، فكانَ زوجُها يَغشاها (٢) (٣).


=وأما حديث عائشة الذي رواه مالك في «الموطأ» ١/ ٥٩ عن علقمة بن أبي علقمة المدني، عن أمه مرجانة مولاة عائشة قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدُّرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تعجلن حتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البيضاء. فالجمع بين حديث عائشة وبين حديث أم عطية بأن ذلك محمول على ما إذا رأت الصُّفرة أو الكُدرة في أيام الحيض، وأما في غيرها، فعلى ما قالته أم عطية.
(١) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم البصري المعروف بابن عُلية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه البخاري (٣٢٦)، والنسائي في «المجتبى» (٣٦٨)، وابن ماجه (٦٤٧) من طريق أيوب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) رجاله ثقات، لكنه مرسل وبتقدير أن عكرمة يرويه عن أم حبيبة، ففي سماعه منها نظر كما قال المنذري في «مختصر السنن» وقال الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٢٩: حديث صحيح إن كان عكرمة سمعه منها. الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان. وأخرجه البيهقي ١/ ٣٢٩ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن ابن عباس موقوفًا: لا بأس أنا يُجامعها زوجها، يعني المستحاضة. وفي رواية: أنه سئل عن المستحاضة أيأتيها زوجها. قال: نعم وإن سال الدم على عقبها. أخرجه عبد الرزاق (١١٨٨) و(١١٨٩)، والدارمي (٨١٧) من طرق عن عكرمة عنه.
(٣) بإثر هذا الحديث في (هـ): قال أبو داود: قال يحيى بن معين: معلّى ثقة، وكان أحمد بن حنبل لا يروي عنه لأنه كان ينظر في الرأي.

٣١٠ - حدَّثنا أحمد بن أبي سُرَيج الرازي، حدَّثنا عبد الله بن الجَهمِ، حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن عاصم، عن عِكرمة
عن حَمْنَةَ بنتِ جحش أنها كانت مُستَحاضةَ وكانَ زوجُها يُجامِعُها (١).


(١) عمرو بن أبي قيس وعاصم -وهو ابن بهدلة- كلاهما له أوهام، وقد خالفهما أبو إسحاق الشيباني وأبو بشر جعفر بن إياس -وهما ثقتان- فروياه عن عكرمة: أن أم حبيبة بنت جحش. ورواية الشيباني سلفت قبل هذا، ورواية أبي بشر سلفت برقم (٣٠٥).
وقد قيل: إن حمنة هي نفسها أم حبيبة، وهو قولُ الحافظ المزي في «تهذيب الكمال»، وتابعه عليه الحافظ ابن حجر في «التقريب»، والصواب التفريقُ بينهما، فقد ترجم الحافظ في «الإصابة» ٧/ ٥٨٦ أم حبيبة، وذكر أنها كانت زوجَ مصعب بنِ عُمير، ثمَّ لما قُتِلَ يومَ أحد تزوجها طلحةُ بن عبيد الله، وترجم أم حبيبة بنت جحش فيه ٨/ ١٨٨، وذكر أنها كانت زوجَ عبد الرحمن بن عوف. قلنا: وقد سلف حديث عائشة برقم (٢٨٨)، وفيه التصريح بأن المستحاضة هي أم حبيبة، وفيه وصفها بأنها زوجُ عبد الرحمن بن عوف، فهو المعتمد، ولذا قال الواقدي: يغلط بعضهم فيظن أن المستحاضة حمنة بنت جحش، ويظنُّ أن كنيتها أم حبيبة. وتعقبه المزي فذكر الروايات التي فيها تسمية المستحاضة حمنة بنت جحش، وقال: لا وجه لرد الروايات الصحيحة لقول الواقدي وحده. فتعقبه الحافظ في «تهذيب التهذيب» بأن رواية الزُّهريّ المذكورة ترجح ما ذهب إليه الواقدي، قال: وقد رجحه إبراهيمُ الحربي وزيّف غيره واعتمده الدارقطني. قلنا: وهو قولُ ابن معين أيضًا، فقد روى البيهقي ١/ ٣٣٩ بإسناده إليه قال: إن المستحاضة هي أمّ حبيبة بنت جحش وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف وليست حمنة.
أما الروايات التي ذكرها المزي وفيها تسمية المستحاضة حمنة فهي ثلاث روايات: رواية عبد الله بن عقيل، عن إبراهيم بن محمَّد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش. ورواية عاصم، عن عكرمة. ورواية عنبسة بن خالد، عن يونس، عن الزُّهريّ، عن عمرة، عن أم حبيبة وهي حمنة.
قلنا: رواية ابن عقيل سلفت برقم (٢٨٧)، وإسنادها ضعيف. ورواية عاصم هي هذه وقد علمت ما فيها، ورواية الزُّهريّ فيها عنبسة بن خالد وهو ضعيف، وقد سلفت روايته برقم (٢٨٩) دون قوله: «وهي حمنة».

١١٧ - باب ما جاء في وقت النُّفَساء
٣١١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا علي بن عبد الأعلى، عن أبي سهل، عن مُسّةَ
عن أُمِّ سلمة: كانت النُّفَساءُ على عَهدِ رسولِ الله ﷺ تَقعُدُ بعدَ نِفاسِها أربعينَ يومًا، أو أربعينَ ليلةً، وكنا نَطْلي على وجوهِنا الوَرسَ، تعني من الكَلَفِ (١).


(١) حسن لغيره، وهذا اسناد ضعيف لجهالة حال مُسَّة -وهي أم بُسَّة الأزدية- روى عنها اثنان، وذكرها ابن حبان في «الثقات»، وقال الدارقطني: لا يحتج بها يعني وحدها، فأما عند المتابعة أو الشاهد، فيكون حديثها حسنًا. أبو سهل: هو كثير بن زياد.
وأخرجه الترمذي (١٣٩)، وابن ماجه (٦٤٨) من طريق على بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥٦١). وسيأتي بعده.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند ابن ماجه (٦٤٩)، وإسناده ضعيف.
وعن عثمان بن أبي العاص عند الدارقطنى (٨٥٣ - ٨٥٦)، والحاكم ١/ ١٧٦، وإسناده ضعيف.
وعن عبد الله بن عمرو عند الدارقطني (٨٥٨)، والحاكم ١/ ١٧٦،وإسناده ضعيف جدًا.
وعن عائشة عند الدارقطني (٨٥٧)، وإسناده ضعيف جدًا.
وعن جابر عند الطبراني في «الأوسط» (٤٦٢)، وإسناده ضعيف.
وعن أبي هريرة عند ابن عدي في ترجمة العلاء بن كثير من «الكامل» ٥/ ١٨٦١، وإسناده ضعيف.
وهذه الشواهد -وإن كانت ضعيفة كلها- فبمجموعها، وبكونها العمل عليها، يدل على أن للحديث أصلًا وأنه حديث حسن.=

٣١٢ - حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، حدَّثنا محمَّدُ بن حاتم -يعني حُبِّي حدَّثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس بن نافع، عن كثير بن زياد قال: حدَثتني الأزدية قالت:
حَجَجتُ فدَخَلتُ على أُمِّ سلمةَ فقلتُ: يا أُمَّ المؤمنين، إنَّ سَمُرةَ ابنَ جُندُب يأمُرُ النِّساءَ يَقضينَ صلاةَ المَحيضِ، فقالت: لا يَقضِينَ، كانت المرأةُ من نساءِ النبيِّ ﷺ تَقعُدُ في النِّفاسِ أربعينَ ليلةً، لا يأمُرُها النبيُّ ﷺ -بقضاءِ صلاةِ النِّفاسِ (١).
قال محمَّد -يعني ابنَ حاتم-: واسمُها مُسَّة، تكنى أُمَّ بُسَّة.
قال أبو داود: كثير بن زياد كنيته أبو سهل.


=قال الترمذي في «سننه» (١٣٩): وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلا أن تري الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي، فإذا رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء، وبه قال سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي.
الورس: نبت يكون في بلاد العرب، وثمرتها قرن مغطى عند نضجه بغددٍ حمراء يستعمل لتلوين الملابس الحريرية لاحتوائه على مادة حمراء.
والكلف: نَمَشَ يعلو الوجه كالسمسم، وحُمرة كدِرة تعلو الوجه، والبهق.
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.
وأخرجه بهذا السياق الحاكم ١/ ١٧٥، والبيهقي ١/ ٣٤١ من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
وقولها: «من نساء النبي ﷺ» الظاهر أنه من أوهام يونس بن نافع، فقد نصوا على أنه يخطئ، وإلا فإن المراد بنسائه هنا بناته وقريباته وسريته مارية، فإن أزواجه ما منهن من كانت نفساء أيامَ كونها معه إلا خديجة، وقد ماتت رضى الله عنها قبل الهجرة. قاله ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» ٣/ ٣٢٩.

١١٨ - باب الاغتسال من الحيض
٣١٣ - حدَّثنا محمَّد بن عمرو الرازي، حدَّثنا سلمة -يعني ابنَ الفضل-، حدَّثنا محمَّد -يعني ابنَ إسحاق-، عن سُليمان بن سُحَيم، عن أُميَّةَ بنتِ أبي الصَّلت
عن امرأةٍ من بني غِفارٍ قد سمَّاها لي، قالت: أردَفَني رسولُ الله ﷺ -على حَقيِبةِ رَحْلِهِ، قالت: فواللهِ لنزلَ رسولُ الله ﷺ إلى الصُّبحِ، فأناخَ ونزلتُ عن حَقيبةِ رَحْلِه، وإذا بها دَمٌ منِّي، وكانت أوّلَ حَيضةٍ حِضتُها، قالت: فتَقَبَّضتُ إلى الناقةِ واستَحيَيتُ، فلمَّا رأى رسولُ الله ﷺ -ما بي ورأى الدَّمَ قال: «ما لكِ؟ لعلَّكِ نَفِستِ»، قلتُ: نعم، قال: «فأصلِحي من نفسِكِ ثمَّ خُذي إناءً من ماءٍ فاطْرَحي فيه مِلحًا، ثمَّ اغسِلي ما أصابَ الحقيبةَ مِنَ الدَّمِ، ثمَّ عودي لِمَركبِكِ» قالت: فلما فتحَ رسولُ الله ﷺ خَيبَرَ رَضَخَ لنا مِنَ الفَيءِ، قالت: وكانت لا تَطَّهَّرُ مِن حَيضةٍ إلا جَعَلَت في طَهورِها مِلحًا، وأَوصَت به أن يُجعَلَ في غُسلِها حينَ ماتت (١).
٣١٤ - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا سلاَّم بنُ سُليم، عن إبراهيم بن مُهاجر، عن صفيه بنتِ شَيبة


(١) إسناده ضعيف لجهالة أمية بنت أبي الصلت، فقد تفرد بالرواية عنها سليمان ابن سحيم، وهي تابعية لا تَصِحُّ صحبتُها، فقد ذكرها الحافظ في القسم الرابع من «الإصابة»، وقال في «التقريب»: لا يُعرف حالها. وسلمةُ بنُ الفضل -وإن كان ضعيفًا - متابع، ومحمد بن إسحاق -وإن كان مدلسًا- صرح بالتحديث عند أحمد والبيهقي.
وأخرجه أحمد (٢٧١٣٦)، والخطيب في «تلخيص المتشابه» ٢/ ٨٤٧ و٨٤٨، والبيهقي ٢/ ٤٠٧ من طريقين عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

عن عائشة قالت: دَخَلَت أسماءُ على رسولِ الله ﷺ، فقالت: يا رسولَ الله، كيف تَغتَسِلُ إحدانا إذا طَهُرَت مِنَ المَحيضِ؟ قال: «تأخُذُ سِدْرَها وماءَها فتَوَضَّاُ، ثمَّ تَغسِلُ رأسَها وتَدلُكُه حتَّى يَبلُغَ الماءُ أصولَ شَعرِها، ثمَّ تَفيضُ على جَسَدِها، ثمَّ تأخُذُ فِرصَتَها فتَطَّهَّرُ بها» قالت: يا رسولَ الله، كيف أتَطَهَرُ بها؟ قالت عائشةُ: فعَرَفتُ الذي يَكْني عنه رسولُ الله ﷺ، فقلتُ لها: تَتَّبِعينَ آثارَ الدَّمِ (١).
٣١٥ - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مُسَرهَد، حدَّثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن صفية بنت شَيْبة
عن عائشة: أنها ذكرت نساءَ الأنصار، فأَثنَت عليهنَّ وقالت لهنَّ معروفًا، قالت: دَخَلَتِ امرأةٌ منهنَّ على رسولِ الله ﷺ فذكر معناه، إلا أنه قال: «فِرْصةً مُمَسَّكةً». قال مسدَّد: كان أبو عوانة يقول: «فِرْصَة» وكان أبو الأحوص يقول: «قَرْصَة» (٢) (٣).


(١) حديث صحيح، إبراهيم بن مهاجر -وإن كان ضعيفًا- قد توبع.
وأخرجه بنحوه البخاري (٣١٤)، ومسلم (٣٣٢) (٦٠)، والنسائي في «الكبرى» (٢٤٤) من طريق منصور بن صفية، عن أمه، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٩٠٧).
وانظر الحديثين الآتيين بعده.
(٢) الفرصهَ: قطعة من صوف أو قطن، وممسكة: مطلية بالمسك ومطيبة منه، والمقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة.
وقوله: وكان أبو الأحوص يقول: قَرْصَةَ. قال الحافظ في «الفتح» وجهه المنذري، فقال: يعني شيئًا يسيرًا مثل القرصة بطرف الإصبعين.
(٣) حديث صحيح، إبراهيم بن مهاجر متابع.
وأخرجه مسلم (٣٣٢) (٦١) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وسمى المرأة: أسماء بنت شَكَل. وانظر ما قبله.=

٣١٦ - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبة، عن إبراهيم -يعني ابنَ مُهاجِر-، عن صفية بنت شَيبة
عن عائشة: أنَّ أسماءَ سألت النبيَّ ﷺ، بمعناه، قال: «فِرْصَةً مُمَسَّكةً» فقالت: كيف أتطهَّرُ بها؟ قال: «سبحان الله! تَطَهَّري بها» واستَتَرَ بثوبٍ. وزاد: وسألتهُ عن الغُسلِ مِنَ الجنابةِ، قال: «تأخُذينَ ماءك فتَطَّهَّرينَ أحسَنَ الطهورِ وأبلَغَه، ثمَّ تَصُبِّينَ على رأسِكِ الماءَ، ثمَّ تَدلُكينَه حتّى يَبلُغَ شؤونَ رأسِكِ، ثمَّ تُفيضينَ عليكِ الماءَ». وقالت عائشة: نِعْمَ النساءُ نساءُ الأنصار، لم يكن يَمنَعُهُنَّ الحياءُ أن يَسألنَ عن الدِّين ويَتَفَقَّهنَ فيه١).

١١٩ - باب التيمم
٣١٧ - حدّثنا عبدُ الله بن محمَّد النُّفيلىّ، حدَّثنا أبو معاوية (ح)
وحدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا عَبْدةُ -المعنى واحد-، عن هشام بن عُروة، عن أبيه


(١) حديث صحيح، إبراهيم بن مهاجر متابع.
وأخرجه مسلم (٣٣٢) (٦١)، وابن ماجه (٦٤٢) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥١٤٥).
وقولها: شؤون رأسك، أي: أصول شعر رأسك.
وقولها: «نعم النساء نساء الأنصار» علقه البخاري قبل الحديث (١٣٠).
والحياء الشرعي هو من الإيمان، وهو الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر وهو محمود، وأما ما يقع سببًا لترك أمر شرعي فهو مذموم، وليس هو بحياء شرعي، وإنما هو ضعف ومهانة.
وانظر الحديثين السالفين قبله.

عن عائشة، قالت: بَعَثَ رسولُ الله ﷺ -أُسَيدَ بنَ حُضَير وأُناسًا معه في طَلَبِ قِلادةٍ أضَلَّتها عائشةُ، فحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فصَلَّوا بغيرِ وُضوءٍ، فأتَوُا النبيَّ ﷺ فذكروا ذلك له، فأنزِلَت آيةُ التيمُّمِ، زاد ابن نُفَيل: فقال لها أُسَيد: يَرحَمُكِ اللهُ، ما نزلَ بكِ أمرٌ تكرهينَه إلا جعلَ اللهُ للمسلمينَ ولكِ فيه فَرَجًا (١).
٣١٨ - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، أن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة
حدَّثه، عن عمَّار بن ياسر، أنه كان يُحدِّثُ أنهم تَمَسَّحوا وهم مع رسولِ الله ﷺ بالصَّعيدِ لصلاةِ الفَجرِ، فضربوا بأكُفّهمُ الصَّعيدَ، ثمَّ مَسَحوا وجوهَهم مَسْحةً واحدةَ، ثمَّ عادوا فضربوا بأكُفِّهمُ الصَّعيدَ، مرَّةً أُخرى، فمسحوا بأيديهم كُلِّها إلى المناكِبِ والآباطِ مِن بُطونِ أيديهم (٢).


(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وعبدة: هو ابن سليمان الكلابي.
وأخرجه البخاري (٣٣٦)، ومسلم (٣٦٧) (١٠٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٨)، وابن ماجه (٥٦٨) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (٣٣٤)، ومسلم (٣٦٧) (١٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٢٩٥) من طريق القاسم بن محمَّد، عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٠٠) و(١٧٠٩). قوله: «فاُنزلت آية التيمم» المراد بها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٦]، كما صرح به البخاري (٤٦٠٨) في رواية الحديث من طريق عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، عبيدُ الله بنُ عبد الله بن عتبة لم يُدرك=

٣١٩ - حدَّثنا سُليمانُ بنُ داود المَهريُّ وعبدُ الملك بنُ شعيب، عن ابن وَهب، نحوَ هذا الحديث، قال:
قامَ المسلمونَ فضربوا بأكُفِّهمُ التُّرابَ، ولم يَقبِضُوا مِنَ التُّرابِ (١)، فذكر نحوَه، لم يَذكر المناكِبَ والآباطَ، قال ابنُ اللَّيث: إلى ما فوقَ المِرفَقَينِ (٢).
٣٢٠ - حدَّثنا محمَّدُ بن أحمد بن أبي خلف ومحمدُ بن يحيى النيسابوريُّ في آخرين، قالوا: حدَّثنا يعقوب، حدَّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شِهاب، حدّثني عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبَّاس
عن عمَّار بن ياسر: أنَّ رسولَ الله ﷺ عرَّسَ بأُولاتِ الجيشِ ومعه عائشةُ، فانقَطَعَ عِقدٌ لها مِن جَزْعِ ظَفار، فحُبِسَ الناسُ ابتغاءَ عِقدِها ذلك حتَّى أضاءَ الفجرُ، وليسَ مع الناسِ ماءٌ، فتَغَيَّظَ عليها أبو بكر، وقال: حَبَستِ الناسَ وليس معهم ماءٌ، فأنزلَ اللهُ تعالى ذِكرُه على رسولِهِ ﷺ رُخصَةَ التَّطَهُّرِ بالصَّعيدِ الطَّيِّبِ، فقامَ المسلمونَ مع رسولِ الله


= عمارًا فيما ذكر المزي في «تحفة الأشراف» (١٠٣٦٣) و«تهذيب الكمال»، وقد عُرفت الواسطةُ بينهما وهي عبد الله بن عباس كما سيأتي برقم (٣٢٠).
وأخرجه ابن ماجه (٥٧١) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال فيه: «فمسحوا بأيديهم» ولم يذكر المناكب والآباط.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٩٧) من طريق مالك، وابن ماجه (٥٦٥) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن الزُّهريّ، به. ورواية النسائي مختصرة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٨٨)
(١) في (هـ): من التراب شيئًا.
(٢) إسناده صحيح. ابن اليث المذكور في آخر الحديث هو عبد الملك بن شعيب. وقد سلف تخريجه فيما قبله.

ﷺ، فضَرَبوا بأيديهم إلى الأرضِ، ثمَّ رفعوا أيديَهم ولم يَقبِضُوا مِنَ التُّرابِ شيئًا، فمَسَحُوا بها وجوهَهم وأيديَهم إلى المناكِبِ، ومِن بُطونِ أيديهم إلى الآباطِ؛ زاد ابنُ يحيى في حديثه: قال ابنُ شِهاب في حديثه: ولا يَعتَبِرُ بهذا الناسُ (١).


(١) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وصالح: هو ابن كيسان، وابن شهاب: هو الزُّهريّ، وعبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٩٦) عن محمَّد بن يحيي الذهلي، بهذا الإسناد.
وهو فى «مسند أحمد» (١٨٣٢٢).
قوله: «عرَّس بأولات الجيش» أي: نزل بهم ليلًا في هذا الموضع، وأُولات بضم الهمزة جمع ذات، وأولات الجيش اسم موضع في المدينة على بريد منها، بينها وبين العقيق سبعة أميال، على طريق مكة وراء ذي الحليفة، ويقال له: ذات الجيش أيضًا.
وقوله: عرس، من التعريس وهو نزول المسافر آخر الليل.
وقوله: «جزع ظفار» الجزَعُ: الخرز اليماني، وظفار: بكسر أوله وصرفه، أو بفتح أوله وبنائه على الكسر على وزن حَذامِ: مدينة بسواحل اليمن.
وقوله: «وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط» نقل الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٤٥ عن الإمام الشافعي قوله: إن كان ذلك وقع بأمر النبي ﷺ، فكل تيمم صح للنبي ﷺ بعده، فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره، فالحجة فيما أمر به، ومما يقوي رواية، «الصحيحين» في الاقتصار على الوجه والكفين كونُ عمار كان يفتي بعد النبي ﷺ بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد.
وقال البغوي في «شرح السنة» ٢/ ١١٤: وما روي عن عمار أنه قال: تيممنا إلى المناكب فهو حكاية فعله، ولم ينقله عن رسول الله ﷺ، كما حكى عن نفسه التمعك في حال الجنابة، فلما سأل النبي ﷺ، وأمره بالوجه والكفين، انتهى إليه، وأعرض عن فعله.

قال أبو داود: وكذلك رواه ابنُ إسحاق، قال فيه: عن ابن عبَّاس، وذكر ضَربَتَينِ كما ذكرَ يونُسُ (١). ورواه مَعمَر عن الزُّهريّ ضَربَتَينِ (٢).
وقال مالكٌ: عن الزُّهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمَّار. وكذلك قال أبو أُوَيس (٣).
وشكَّ فيه ابنُ عُيينة، قال مرَّةً: عن عُبيد الله عن أبيه أو عن عُبيد الله عن ابن عباس اضطرب فيه، ومرَّةً قال: عن أبيه، ومرَّةً قال: عن ابن عباس، اضطَرَبَ فيه وفي سماعِهِ من الزُّهري (٤). ولم يذكر أحدٌ منهم الضَّربَتَينِ إلا مَن سَمَّيتُ.


(١) رواية ابن إسحاق أخرجها البزَّار (١٣٨٣) و(١٣٨٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ١/ ١١٠، وأبو يعلى (١٦٣٠) من طرق عنه.
(٢) رواية معمر أخرجها عبد الرزاق (٨٢٧) -ومن طريقه أحمد (١٨٨٩١)، وأبو يعلى (١٦٣٢) -، وأخرجها الشافعي في «مسنده» (١٢٨) -ومن طريقه البيهقي في «معرفة السنن» (١٥٦٦) - عن الثقة، كلاهما (عبد الرزاق والثقة) عنه. ورواية معمر هذه كرواية يونس السالفة برقم (٣١٨)، ليس في إسناده ابن عباس.
(٣) رواية مالك أخرجها النسائي في «الكبرى» (٢٩٧)، وهي في «صحيح ابن حبان» (١٣١٠).
ورواية أبي أويس -واسمه عبد الله بن عبد الله المدنى- يعني: عن الزُّهريّ، أخرجه أبو يعلى (١٦٣١).
وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة كما في «العلل» لابن أبي حاتم ١/ ٣٢ رواية عبيد الله ابن عبد الله، عن أبيه، عن عمار، على روايته عن ابن عباس، عن عمار. بينما قال النسائي بإثر الحديث (٢٩٧): وكلاهما محفوظ. قلنا: وعبد الله بن عتبة ثقة وابن عباس صحابي، فالاختلاف لا يضر.
(٤) أخرجه الحميدي (١٤٣)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٧٨)، والبزار (١٤٠٣)، والبيهقي في «معرفة السنن» (١٥٦١) من طريق ابن عيينة، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار.=

٣٢١ - حدَّثنا محمَّدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن شَقيق، قال:
كنتُ جالسًا بينَ عبدِ الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبدِ الرحمن، أرأيتَ لو أنَّ رجلًا أجنَبَ فلم يَجِدِ الماءَ شهرًا، أما كان يَتَيَمَّمُ؟ قال: لا، وإن لم يَجِدِ الماءَ شهرًا، فقال أبو موسي: فكيفَ تَصنَعونَ بهذه الآيةِ التي في سورة المائدة: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة:٦] فقال عبدُ الله: لو رُخِّصَ لهم في هذا لأوشَكُوا إذا بَردَ عليهمُ الماءُ أن يَتَيَمَّموا بالصَّعيدِ، فقال له أبو موسي: وإنَّما كَرِهتُم هذا لهذا؟ قال: نعم، فقال له أبو موسى: ألم تَسمَعِ قولَ عمَّار لعمر: بَعَثَني رسولُ الله ﷺ في حاجةٍ، فأجنَبتُ، فلم أجِدِ الماءَ، فتَمَرَّغتُ في الصَعيدِ كما تَتَمَرَّغُ الدابَّهُ، ثمَّ أتيتُ النبيَّ ﷺ، فذكرتُ ذلك له، فقال: «إنَّما كانَ يكفيكَ أن تَصنَعَ هكذا»، فضَرَبَ بيده على الأرضِ فنَفَضَها، ثمَّ ضَرَبَ بشِمالِه على يمينِهِ، وبيمينهِ على شِمالِه على الكَفَّينِ، ثمَّ مَسَحَ وجهَه، فقال له عبدُ الله: أفلم تَرَ عمرَ لم يَقنَع بقولِ عمَّار؟ (١).


=وأخرجه ابن ماجه (٥٦٦)، والطحاوي ١/ ١١١ من طريق ابن عيينة، عن عمرو ابن دينار، عن الزُّهريّ، به.
(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه البخاري (٣٤٥) و(٣٤٦) و(٣٤٧)، ومسلم (٣٦٨) (١١٠) و(١١١)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٤) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٢٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٠٤).
قوله: «أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار» جاء أوضح وأتم مما هنا في الرواية التي بعد هذه، وانظر كلامنا عليها.

٣٢٢ - حدَّثنا محمَّدُ بن كثير العَبديُّ، أخبرنا سفيان، عن سلمة بن كُهَيل، عن أبي مالك، عن عبد الرحمن بن أَبْزى، قال:
كنتُ عندَ عمرَ فجاءَهُ رجلٌ فقال: إنَّا نكونُ بالمكانِ الشَّهرَ أو الشَّهرَينِ، قال عمرُ: أمَّا أنا فلم أكن أُصلِّي حتَّى أَجِدَ الماء، قال: فقال عمار: يا أميرَ المُؤمِنينَ، أما تذكُرُ إذ كنتُ أنا وأنتَ في الإبِلِ، فأصابَتْنا جنابةٌ، فأمَّا أنا فتَمَعّكتُ، فأتَينا النبيَّ ﷺ، فذكرتُ ذلك له، فقال: «إنَّما كانَ يكفيكَ أن تقولَ هكذا» وضربَ بيَدَيهِ إلى الأرضِ، ثمَّ نَفَخَهما، ثمَّ مسحَ بهما وجهَهُ ويَديهِ إلى نِصفِ الذِّراعِ، فقال عمرُ: يا عمَّار، اتَّقِ الله، فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إن شئتَ -والله- لم أذكُرْهُ أبدًا، فقال عمرُ: كلا لَنُوَلِّيَنَّكَ مِن ذلك ما تَوَلَّيتَ (١).


(١) حديث صحيح دون قوله: «إلى نصف الذراع» فضعيف، فقد شك فيه سلمة ابن كهيل في رواية شعبة عنه الآتية برقم (٣٢٤)، فقال: لا أدري فيه «إلى المرفقين» أو «إلى الكفين»، وأشار إلى ضعف هذه القطعة الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٤٥. سفيان: هو الثوري، وأبو مالك: هو غزوان الغفاري الكوفي.
وأخرجه النسائي فى «الكبرى» (٢٩٨) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن سلمة، عن أبي مالك وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن ابن أبزى، فذكره.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٨٢).
قوله: «اتق الله يا عمار» قال الإمام النووي في «شرح مسلم»: أي: فيما ترويه وتثبّت فيه، فلعلك نسيت أو اشتبه عليك الأمر (فإني كنت معك ولا أتذكر من هذا شيئًا)، وأما قول عمار: «إن شئت لم أحدّث به» فمعناه -والله أعلم- إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحديث به راجحة على مصلحة تحديثي به أمسكت، فإن طاعتك واجبة علي في غير المعصية، وأصل تبليغ هذه السنة وأداء العلم قد حصل، فإذا أمسك=

٣٢٣ - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا حفصٌ، حدَّثنا الأعمش، عن سلمة ابن كُهَيل، عن ابن أَبزى
عن عمَّار بن ياسر، في هذا الحديث، فقال: «يا عمَّار، إنَّما كانَ يكفيكَ هكذا» ثمَّ ضربَ بيَدَيهِ الأرضَ، ثمَّ ضربَ إحداهما على الأخرى، ثمَّ مسحَ وجهَهُ والذَّراعَينِ إلى نصفِ الساعِدِ ولم يَبلُغ المِرفَقَينِ ضَربةً واحدةً (١).
قال أبو داود: ورواه وكيعٌ، عن الأعمش، عن سلمة بن كُهَيل، عن عبد الرحمن بن أبزى. ورواه جريرٌ، عن الأعمش، عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، يعني عن أبيه.
٣٢٤ - حدَّثنا محمَّدُ بن بشَار، حدَّثنا محمَّد -يعني ابنَ جعفر-، حدَّثنا شعبة، عن سلمة، عن ذَرّ، عن ابنِ عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه
عن عمار، بهذه القصة، فقال: «إنَّما كانَ يكفيكَ» وضربَ النبيُّ ﷺ بيدِهِ إلى الأرضِ، ثمَّ نفخَ فيها ومسحَ بها وجهَهُ وكَفَّيهِ، شَكَّ سلمةُ،


= بعد هذا لا يكون داخلًا فيمن كتم العلم، ويحتمل أنه أراد: إن شئت لم أحدث به تحديثًا شاثعًا بحيث يشتهر في الناس، بل لا أحدث به إلا نادرًا.
وقوله: «لنولينك من ذلك ما توليت» قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٥٧: أي: لا يلزم من كوني لا أتذكره أن لا يكون حقًا في نفس الأمر، فليس لي منعك من التحديث به. قال: وبه يتضح عذر عمر، وأما ابن مسعود، فلا عذر له في التوقف عن قبول حديث عمار، فلهذا جاء عنه أنه رجع عن الفتيا بذلك.
(١) حديث صحيح دون قوله: «إلى نصف الساعدين» كما سلف بيانه فيما قبله، وهذا إسناد منقطع بين سلمة بن كهيل وبين عبد الرحمن بن أبزى، بينهما أبو مالك الكوفي كما سلف قبله وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى فيما سيذكره المصنف بعده من رواية جرير بن عبد الحميد عن الأعمش.

قال: لا أدري فيه: «إلى المِرفَقَينِ»، يعني: أو «إلى الكَفَّينِ» (١).
٣٢٥ - حدَّثنا علي بن سهل الرَّمليُّ، حدَّثنا حجاج -يعني الأعور-، حدّثني شعبة بإسناده بهذا الحديث قال:
ثمَّ نَفَخَ فيها، ومَسَحَ بها وجهَهُ وكَفَّيهِ إلى المِرفَقَينِ أو الذَّراعَينِ، قال شعبة: كان سلمةُ يقول: الكَفينِ والوجة والذراعَينِ، فقال له منصورٌ ذاتَ يومٍ: انظُر ما تقولُ فإنه لا يَذكُرُ الذِّراعَينِ غيرُك (٢).
٣٢٦ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شعبة، حدَّثني الحَكَمُ، عن ذَرٍّ، عن ابن عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه
عن عمَّار في هذا الحديث، قال: فقال -يعني النبيَّ ﷺ: «إنَّما كانَ يكفيكَ أن تَضرِبَ بيَدَيكَ إلى الأرضِ فتَمسَحَ بهما وَجهَكَ وكَفَّيكَ» وساقَ الحديثَ (٣).


(١) حديث صحيح دون قوله: «إلى المرفقين، لشك سلمة -وهو ابن كهيل- فيه، وقد أشار إلى ضعف هذه الرواية الحافظ في»الفتح«١/ ٤٤٥، وسيأتي الحديث من طرق صحيحة بالأرقام (٣٢٦) و(٣٢٧) بذكر الكفين فحسب. ذر: هو ابن عبد الله المُرهبي، وابن عبد الرحمن: هو سعيد.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(٢٩٩) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(١٨٣٣٣).
(٢) حديث صحيح دون قوله:»إلى المرفقين أو إلى الذراعين«كما سلف الكلام عليه فيما قبله. حجاج الأعور: هو ابن محمَّد المصيصي، ومنصور المذكور في المتن: هو ابن المعتمر.
وأخرجه النسائي في»الكبرى" (٣٠١) من طريق حجاج، بهذا الإسناد.
(٣) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، والحكم: هو ابن عتيبة، وذر: هو ابن عبد الله المرهبي، وابن عبد الرحمن: هو سعيد.=

قال أبو داود: ورواه شُعبة، عن حُصين، عن أبي مالك، قال: سمعتُ عمَّارًا يخطُبُ بمثله، إلا أنه لم يَنفُخ (١). وذكر حسين بن محمَّد، عن شعبة، عن الحكم في هذا الحديث قال: ضربَ بكَفَّيهِ إلى الأرضِ ونَفَخَ (٢).
٣٢٧ - حدَّثنا محمَّدُ بن المِنهال، حدَّثنا يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، عن قتادة، عن عَزْرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه
عن عمَّار بن ياسر، قال: سألتُ النبيِّ ﷺ -عن التيمُّم، فأَمَرَني ضربةً واحدةً للوجهِ والكَفَّينِ (٣).


=وأخرجه البخاري (٣٣٨)، ومسلم (٣٦٨) (١١٢) و(١١٣)، والنسائي (٣٠٠) و(٣٠١)، وابن ماجه (٥٦٩) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الحكم عند البخاري ومسلم في الموضع الثاني: وقْد سمعته من ابن عبد الرحمن بن أبزى.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٣٢)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٦٧).
(١) رواية شعبة أخرجها الطحاوي ١/ ١١٢، والدارقطني (٧٠٢)، وهي موقوفة على عمار.
وقد تابع شعبة على روايته عن حصين -وهو ابن عبد الرحمن السلمي- موقوفًا عبد الله بن إدريس عند ابن أبي شيبة ١/ ١٥٩، وأبو الأحوص سلام بن سليم عند ابن المنذر في «الأوسط» (٥٤٦)، وزائدة بن قدامة عند الطحاوي ١/ ١١٢، والدارقطني (٧٠٣).
وانظر التعليق على «مسند أحمد» (١٨٨٨٢).
ورواية أبي مالك، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار مرفوعًا، سلفت برقم (٣٢٢).
(٢) وذكر النفخ عن شعبة آدم بن أبي إياس عند البخاري (٣٣٨)، ويحيى بن سعيد عند مسلم (٣٦٨) (١١٢)، وبهز بن أسد عند النسائي في «الكبرى» (٣٠٠)، وابن ماجه (٥٦٩).
(٣) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وعزرة: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي الكوفي.=

٣٢٨ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبان، قال: سُئِلَ قتادةُ عن التيمُّم في السَّفَرِ، فقال: حدَّثني مُحدِّث، عن الشَعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى


=وأخرجه الترمذي (١٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٢) من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد، ولفظه عندهما: أن النبي ﷺ أمره بالتيمم للوجه والكفين.
وهو في «مسند أحمد»، (١٨٣١٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٠٣) و(١٣٠٨). وعند ابن حبان: «ضربة واحدة» كرواية المصنف.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» ١٩/ ٢٨٧: أكثر الآثار الموفوعة عن عمار في هذا الحديث إنما فيها ضربة واحدة للوجه واليدين، وكل ما يروى في هذا الباب عن عمار فمضطرب مختلف فيه، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أن أصح حديث روي عن عمار حديث قتادة عن عزرة.
وقال الخطابي في «معالم السنن» ١/ ١٠٠ - ١٠١ ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن التيمم ضربة واحدة للوجه وللكفين، وهو قول عطاء بن أبي رباح ومكحول، وبه قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق، وعامة أصحاب الحديث، وهذا المذهب أصح في الرواية.
وقال الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥ تحت قول الإمام البخاري: باب التيمم للوجه والكفين، أى: هو الواجب المجزئ، وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما ضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه، فأما حديث جهيم، فورد بذكر اليدين مجملًا، وأما حديث عمار، فورد بذكر الكفين في «الصحيحين» وبذكر المرفقين في «السنن» وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط، فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع، ففيهما مقال، وأما رواية الآباط، فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي ﷺ، فكل تيمم صح للنبي ﷺ بعده، فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به، ومما يقوي رواية «الصحيحين» في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي ﷺ بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد.

عن عمَّار بن ياسر، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إلى المِرفَقَينِ» (١).
٣٢٩ - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب بن الليث، حدَّثني أبي، عن جدِّي، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هُرْمُز، عن عمير مولى ابن عبَّاس، أنه سمعه يقول: أقبَلتُ أنا وعبدُ الله بنُ يَسَار مولى ميمونةَ زَوجِ النبيِّ ﷺ حتَّى دَخَلنا على أبي الجُهَيم بنِ الحارث بن الصمةِ الأنصاري، فقال أبو الجُهَيم: أقبَلَ رسولُ الله ﷺ نحوَ بئرِ جَمَلٍ، فلَقِيَه رجلٌ، فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ رسولُ الله ﷺ عليه السلام، حتَّى أتى على جِدارٍ، فمسحَ بوجهِهِ ويَدَيهِ، ثمَّ ردَّ عليه السلام (٢).


(١) إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن الشعبي، وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢١٠ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزَّار (١٣٩١)، والدارقطني (٦٩٣/ ٢)، والبيهقي ١/ ٢١٠، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٩/ ٢٨٦ من طريق موسي بن إسماعيل، حدَّثنا أبان، قال: سئل قتادة عن التيمم في السفر فقال: كان ابن عمر يقول: إلى المرفقين، وكان الحسن يقول: إلى المرفقين، وكان إبراهيم النخعي يقول: إلى المرفقين، وحدثني محدث عن الشعبي ... فذكره، وفي بعض المصادر أن الراوي ذكر هذا الحديث لأحمد بن حنبل فأعجبه وقال: ما أحسنه.
(٢) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البخاري (٣٣٧)، ومسلم معلقًا (٣٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (٣٠٣) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وعند مسلم: أبي الجهم، وهو خطأ كما في «شرح النووي».
وهو في «مسند أحمد» (١٧٥٤١).
قوله: «بئر جمل» اسم موضع بالمدينة.=

٣٣٠ - حدَّثنا أحمدُ بن إبراهيم المَوصليُّ، أبو علي، حدَّثنا محمَّد بن ثابت العَبديُّ، حدَّثنا نافع، قال:
انطَلَقتُ مع ابنِ عمرَ في حاجةٍ إلى ابنِ عباس، فقضى ابنُ عمرَ حاجَتَه، وكانَ مِن حديثه يومَئذٍ أن قال: مَرَّ رجلٌ على رسولِ الله ﷺ في سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وقد خرجَ مِن غائطٍ أو بَولٍ، فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ عليه، حتَّى إذا كادَ الرجلُ أن يَتَوارى في السِّكَّةِ ضربَ بيَدَيهِ على الحائِطِ ومسحَ بها وجهَه، ثمَّ ضربَ ضَربةً أُخرى فمسحَ ذِراعَيهِ، ثمَّ ردّ على الرجل السَّلامَ، وقال: «إنه لم يَمنَعني أن أَرُدَّ عليكَ السَّلامَ إلا أني لم أكُن على طُهرٍ» (١).
٣٣١ - حدَّثنا جعفر بن مُسافِر، حدَّثنا عبد الله بن يحيي البُرُلُسيُّ، أخبرنا حَيوَةُ بن شُريح، عن ابن الهاد، أنَّ نافعًا حدثه


=قال الإمام النووي في «شرح مسلم»: وحديث أبي جهيم محمول على أنه ﷺ كان عادمًا للماء حال التيمم، قال الحافظ ابن حجر: وهو مقتضى صنيع البخاري، لكن تعقب استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سب، وهو إرادة ذكر الله، لأن لفظ السلام من أسمائه وما أريد به استباحة الصلاة، وأجيب بأنه لما تيمم في الحضر لرد السلام مع جوازه بدون الطهارة، فمن خشي فوت الصلاة في الحضر، جاز له التيمم بطريق الأولى.
(١) إسناده ضعيف وما بعده أصح منه، كما نبه إليه المصنف، محمَّد بن ثابت العبدي ضعيف يُعتبر به، وقد انفرد في هذا الحديث بذكر الضربتين وذكر الذراعين.
وأخرجه الطحاوي ١/ ٨٥، والعقيلي في ترجمة محمَّد بن ثابت من «الضعفاء» ٤/ ٣٨، والطبراني في «الأوسط» (٧٧٨٤)، وابن عدي في ترجمة محمَّد بن ثابت من «الكامل» ٦/ ٢١٤٥، والدارقطني (٦٧٦)، والبيهقي ١/ ٢١٥، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٣/ ١٣٥ من طريق محمَّد بن ثابت العبدي، بهذا الإسناد.

عن ابن عمر قال: أقبَلَ رسولُ الله ﷺ مِنَ الغائِطِ، فلَقِيَه رجلٌ عندَ بئرِ جَمَلٍ، فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُد عليه رسولُ الله ﷺ، حتَّى أقبَلَ على الحائِطِ، فوضعَ يَدَه على الحائِطِ، ثمَّ مسحَ وجهَه ويَدَيهِ، ثمَّ رَدَّ رسولُ الله ﷺ -على الرجلِ السَّلامَ١).

١٢٠ - باب الجنب يتيمم
٣٣٢ - حدَّثنا عمرُو بن عَون، أخبرنا خالد (ح)
وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا خالدٌ -يعني ابنَ عبد الله الواسطي- عن خالد الحذَّاء، عن أبي قِلابة، عن عمرو بن بُجْدان
عن أبي ذَرٍّ، قال: اجتَمَعَت غُنَيمةٌ عندَ رسولِ الله ﷺ -فقال: «يا أبا ذَرّ، ابدُ فيها» فبَدَوتُ إلى الرَّبَذَةِ، فكانت تُصيبُني الجنابةُ، فأمكُثُ الخمسَ والسِّتَ، فأتيتُ النبيّ ﷺ فقال: «أبو ذَرٍّ!» فسَكَتُّ، فقال: «ثَكِلَتكَ أُمُّكَ أبا ذَرّ، لأُمِّكَ الوَيلُ» فدعا لي بجاريةٍ سوداءَ، فجاءت بعُسٍّ فيه ماءٌ، فسَتَرَتني بثَوبٍ، واستَتَرتُ بالراحِلَةِ، واغتَسَلتُ، فكأنِّي ألقَيتُ عنِّي جَبَلًا، فقال: «الصَّعيدُ الطيَّبُ وضوءُ المُسلِمِ ولو إلى عشرِ سِنينَ، فإذا وَجَدتَ الماءَ فأَمِسَّه جِلدَكَ، فإنَّ ذلك خيرٌ»


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الله بن يحيي البرلسي. وجعفر ابن مسافر -وإن كانت له أخطاء- متابع، وباقي رجاله ثقات. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن الهاد.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢٠٦ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (٦٧٧) من طريق الحسن بن عبد العزيز الجروي، عن عبد الله ابن يحيي، به.
وانظر ما سلف برقم (١٦).
ويشهد له حديث أبي الجهيم السالف برقم (٣٢٩).

وقال مُسدَّد: غُنَيمة مِنَ الصَدَقة (١).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عمرو بن بجدان، فقد ذكره ابن حبان في «الثقات» ١٧١/ ٥، وقال: يروي عن أبي ذر وأبي زيد الأنصاري، روى عنه أبو قلابة -واسمه عبد الله بن زيد الجرمي- ووثقه العجلي، وترجمه البخاري وابن أبي حاتم فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن حبان والحاكم، خالد الحذاء: هو ابن مهران.
وهو بطوله في «صحيح ابن حبان» (١٣١١) و(١٣١٢).
وأخرج قوله: «الصعيد الطيب وضوء المسلم ...» الترمذي (١٢٤) من طريق سفيان، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٣٧١).
وانظر ما بعده.
وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة عند البزَّار (٣١٠ - كشف الأستار)، والطبراني في «الأوسط» (١٣٥٥)، ولفظ الطبراني: كان أبو ذر في غنيمة له بالمدينة، فلما جاء قال له النبي ﷺ: «يا أبا ذر»، فسكت، فردها عليه، فسكت، فقال: «يا أبا ذر، ثكلتك أمك» قال: إني جنب، فدعا له الجارية بماء فجاءته، فاستتر براحلته واغتسل، ثمَّ أتى النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: «يجزئك الصعيد ولو لم تجد الماء عشرين سنة، فإذا وجدته فأمِسه جلدك» ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» ١/ ٢٦١، وصحح إسناد ابن القطان في «الوهم والإيهام» ٥/ ٢٦٦.
قوله: «ابدُ فيها» أي: اخرج إلى البادية فيها.
والربذة: قرية من قرى المدينة على ثلاث مراحل منها قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز نزل بها أبو ذر الغفاري في عهد عثمان ومات بها، وقد ذكر في حديث البخاري (١٤٠٦) سبب نزوله فيها، فقد جاء في الحديث نفسه أن زيد بن وهب سأل أبا ذر عن نزوله فيها، لأن مبغضي عثمان رضي الله عنه كانوا يشنعون على أنه نفى أبا ذر، وقد بين أبو ذر أن نزوله في ذلك المكان كان باختياره، وقد أمره عثمان بالتنحي عن المدينة لدفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه الذي انفرد به من بين الصحابة أن كل مال مجموع يفضل عن القوت، وسداد العيش يُعد كنزًا ويحرم ادخاره، فاختار الربذة.
والعُسُّ: القدح الكبير.

قال أبو داود: وحديثُ عمرو أتمُّ.
٣٣٣ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن رجلٍ من بني عامر، قال:
دَخَلتُ في الإسلام، فأهمَّني ديني، فأتيتُ أبا ذَر، فقال أبو ذَرّ، إني اجتوَيَتُ المدينةَ، فأمَرَ لي رسولُ الله ﷺ بذَوْدٍ وبغَنَمٍ، فقال لي: «اشرَبْ مِن ألبانِها» -وأشكُّ في «أبوالها»- فقال أبو ذرّ: فكنتُ أعزُبُ عن الماءِ ومعي أهلي، فتُصيبُني الجَنابةُ، فأصلّي بغيرِ طهورٍ، فأْتيتُ رسولَ الله- ﷺ -بنصفِ النَّهارِ، وهو في رَهْطٍ مِن أصحابِه، وهو في ظِل المَسجِدِ، فقال: «أبو ذر!» فقلتُ: نعم، هَلَكتُ يا رسولَ الله، قال: «وما أهلَكَكَ»؟ قلتُ: إنِّي كنتُ أعزُبُ عن الماءِ ومعي أهلي، فتُصيبُني الجَنابةُ فأُصلِّي بغير طهورٍ، فأَمَرَ لي رسولُ الله ﷺ بماءٍ، فجاءت جاريةٌ سَوداءُ بعُسٍّ يَتَخَضخَضُ ما هو بمَلآن، فتَسَتَّرتُ إلى بعيرٍ، فاغتَسَلتُ، ثمَّ جِئتُ، فقال رسولُ الله ﷺ: «يا أبا ذر، إنَّ الصَّعيدَ الطَّيِّبَ طَهورٌ، وإن لم تَجِدِ الماءَ إلى عَشرِ سِنينَ، فإذا وَجَدتَ الماءَ فأَمِسَّه جِلدَكَ» (١).


(١) صحيح لغيره دون قوله: «وأبوالها» فقد تفرد بها حماد -وهو ابنُ سلمة البصري- وشك فيها، وخالفه حماد بن زيد فيما ذكر المصنف -وهو أضبط من ابن سلمة- فلم يذكرها.
وهو بطوله دون وصف الألبان والأبوال في «مسند أحمد» (٢١٣٠٤).
وأخرج قوله: «إن الصعيد الطيب طهور ...» النسائي فى «الكبرى» (٣٠٧) من طريق سفيان، عن أيوب، بهذا الإسناد. وسمى سفيان الرجل عمرو بن بجدان.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١٣١٣).

قال أبو داود: رواه حماد بن زيد عن أيوب لم يذكر«أبوالها» (١).
هذا ليس بصحيح، وليس في أبوالها إلا حديث أنس تفرد به أهل البصرة (٢).

١٢١ - باب إذا خاف الجنب البرد، أيتيمم؟
٣٣٤ - حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا وَهبُ بنُ جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب يُحدِّثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير
عن عمرو بن العاص، قال: احتَلَمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غَزوةِ ذاتِ السَّلاسِلِ فأشفَقتُ أنْ اغتَسِلَ فَأهلِكَ، فتَيَمَّمتُ، ثمَّ صَلَّيتُ بأصحابي الصُّبحَ، فذكروا ذلك للنبيِّ ﷺ، فقال: «يا عَمرو، صَلَّيتَ بأصحابِكَ وأنت جُنُبٌ؟» فأخبَرتُه بالذي مَنَعَني مِنَ الاغتِسالِ، وقلتُ: إني سمعتُ اللهُ يقولُ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّة كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩]، فضَحِكَ رسولُ الله ﷺ -ولم يَقُل شيئًا (٣).


(١) أخرج الطيالسي حديث أبي ذر هذا في «مسنده» برقم (٤٨٤) عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد، عن أيوب، وذكر فيه الألبان والأبوال، ولم يذكر خلافًا بينهما، إلا أنه قال: وسكت أيوب عند «ألبانها».
(٢) حديث أنس سيأتي برقم (٤٣٦٤).
(٣) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير يحيي بن أيوب -وهو الغافقي المصري- فصدوق حسن الحديث، وقد توبع. وقد اختلف في إسناده على يزيد بن أي حبيب، فروي عنه عن عمران عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو مباشرة، وروي عنه بزيادة أبي قيس مولى عمرو بين ابن جبير وعمرو، وروي عنه بزيادة أبي فراس يزيد بن رباح بين ابن جبير وعمرو كما سيأتي. ابن المثنى: هو محمَّد.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=وعلقه البخاري مختصرًا قبل الحديث (٣٤٥)، وذكر الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٥٤ مَن وصله والاختلاف في إسناده، وقوَّى إسناد أبي داود.
وأخرجه الحاكم ١/ ١٧٧ - ١٧٨، والدارقطني (٦٨١) من طرق عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (١٧٨١٢)، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» ص ٢٤٩ من طريقين عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وابن لهيعة حسن الحديث في المتابعات.
وأخرجه ابن عبد الحكم ص ٢٤٩ - ٢٥٥ عن زيد بن الحباب، عن ابن لهيعة، عن يزيد، عن عمران، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي فراس يزيد بن رباح، عن عمرو ابن العاص. وأبو فراس ثقة.
وسيأتي بعده من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة، بزيادة أبي قيس بين ابن جبير وبين عمرو بن العاص.
وأخرج عبد الرزاق (٨٧٨) عن ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عمرو، عن أبيه: أنه أصابته جنابة وهو أمير الجيش، فترك الغسل من أجل آية، قال: إن اغتسلت متُّ، فصلى بمن معه جنبًا، فلما قدم على رسول الله ﷺ عرَّفه بما فعل، وأنبأه بعذره، فسكت. ورواه من طريق عبد الرزاق الطبراني في «الكبير» كما في «تغليق التعليق» لابن حجر ٢/ ١٩١، إلا أنه قال: إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الرحمن الأنصاري. قال ابن حجر: هذا إسناد جيد، لكني لا أعرف حال إبراهيم هذا. وكذا لم يعرفه الهيثمي في «المجمع»
٢٦٣/ ١.
قال ابن الملقن في «البدر المنير» ٦٣٣/ ٢: يؤخذ من الحديث جواز التيميم لخوف التلف مع وجود الماء، وجوازه للجنب، ولشدة البرد في السفر، وسقوط الإعادة، وصحة اقتداء المتوضئ بالمتيمم، وأن التيمم لا يرفع الحدث، واستحباب الجماعة للمسافرين، وأن صاحب الولاية أحق بالإمامة في الصلاة، وإن كان غيره أكمل طهارة أو حالًا منه، وأن التمسك بالعمومات حجة صحيحة.=

٣٣٥ - حدَّثنا محمَّد بن سَلَمة، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن ابن جُبير، عن أبي قيس مولى عَمرو بن العاص
أن عَمرَو بنَ العاص كان على سَرِيَّةٍ، وذكرَ الحديثَ نحوَه، قال: فغسلَ مَغابِنَهُ وتوضَّأَ وُضوءَه للصَّلاة، ثمَّ صَلَّى بهم، فذكرَ نحوَه، ولم يذكر التيمُّم (١).
قال أبو داود: وروى هذه القِصَّةَ عن الأوزاعي عن حسان بن عطيَّة قال فيه: «فتيَمّمَ».

١٢٢ - باب المجدور يتيمم (٢)
٣٣٦ - حدَّثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكيُّ، حدَّثنا محمَّد بن سلمة، عن الزُّبير بن خُرَيق، عن عطاء


=وغزوة السلاسل كانت في الثامنة من الهجرة في جمادى الأولى، وذات السلاسل موضع بناحية الشام في أرض بني عذرة من وراء وادي القرى، بينها وبين المدينة عشرة أيام.
تنبيه: بإثر هذا الحديث في (ب)، وفى هامش (أ): قال أبو داود: عبد الرحمن ابن جبير مصري مولى خارجة بن حذافة، وليس هو ابنَ جبير بن نفير. وعليها الرمز لا: خط، أي: أنها ليست في نسخة الخطيب.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على يزيد بن أبي حبيب كما سلف بيانه فيما قبله، وكأن ابن وهب حمل رواية ابن لهيعة على رواية عمرو بن الحارث، فإن رواية ابن لهيعة ليس فيها «عن أبي قيس»، وقد سلف تخريجها فيما قبله.
وأخرجه ابن المنذر في «الأوسط» ٢/ ٢٧، وابن حبان (١٣١٥)، والدارقطني (٦٨٢)، والحاكم ١٧٧/ ١، والبيهقي ٢٢٦/ ١ من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وفي بعض المصادر عمرو بن الحارث غير مقرون، وفي بعضها أُبهم ابن لهيعة فقيل: ورجل آخر.
(٢) ترجمة الباب غير موجودة فى روايتي ابن الأعرابي وابن داسه.

عن جابر، قال: خَرَجنا في سَفَرٍ فأصابَ رجلًا معنا حَجَرٌ فشَجَّهُ في رأسِهِ، ثمَّ احتَلَمَ، فسألَ أصحابَه فقال: هل تَجِدُونَ لي رُخصةً في التيمُّمِ؟ قالوا: ما نَجِدُ لكَ رُخصةً وأنتَ تَقدِرُ على الماء، فاغتَسَلَ فماتَ، فلمّا قَدِمْنا على النبيِّ ﷺ أُخبِرَ بذلك، فقال: «قَتَلوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، ألا سألوا إذْ لم يَعلَموا، فإنما شِفاءُ العِيّ السُّؤالُ، إنما كانَ يكفيهِ أن يَتَيَمَّم ويَعصِرَ -أو يَعصِبَ، شكَّ موسى- على جُرحِهِ خِرقةً، ثمَّ يَمسَحَ عليها ويَغسِلَ سائِرَ جَسَدِه» (١).


(١) إسناده ضعيف، الزُّبير بن خريق لين الحديث، وقد تفرد بروايته عن عطاء عن جابر، والمحفوظ حديث عطاء عن ابن عباس الآتي بعده، وليس في حديث ابن عباس المسح على الجبيرة، بل فيه ما يخالفها كما سيأتى في الكلام عليه.
وأخرجه البيهقي ٢٢٧/ ١ - ٢٢٨، والبغوي في «شرح السنة» (٣١٣) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (٧٢٩) من طريق محمَّد بن سلمة، به. ونقل عن شيخه فيه أبي بكر بن أبي داود قوله: هذه سنة تفرد بها أهل مكة، وحملها أهلُ الجزيرة، لم يروه عن عطاء عن جابر غيرُ الزُّبير بن خريق، وليس بالقوي، وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس، وهو الصواب.
وأخرج ابن ماجه بإثر الحديث (٥٧٢) من طريق الأوزاعي، عن عطاء قال: بلغنا أن رسول الله- ﷺ قال: لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح.
قال الإمام البغوي في «شرح السنة» ٢/ ١٢٠: والجريح إذا قدر على غسل بعض أعضاء طهارته، عليه أن يغسل الصحيح ويتيمم لأجل الجريح سواء كان أكثر أعضائه صحيحًا أو جريحًا.
وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا يجمع بين الغسل والتيمم، بل إن كان أكثر أعضائه صحيحًا، غسل الصحيح ولا تيمُّم عليه، وإن كان الأكثر جريحًا اقتصر على التيمم.

٣٣٧ - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصم الأنطاكي، حدَّثنا محمَّد بن شعيب، أخبرني الأوزاعيُّ أنه بَلَغَه عن عطاء بن أبي رباح
أنه سمعَ عبدَ الله بنَ عبَّاس قال: أصابَ رجلًا جُرحٌ في عَهدِ رسولِ الله ﷺ، ثمَّ احتَلَمَ، فأُمِرَ بالاغتِسالِ، فاغتَسَلَ، فماتَ، فبَلَغَ ذلك رسولَ الله- ﷺ فقال: «قَتَلُوُه قَتَلَهُمُ اللهُ، ألم يكن شِفاءُ العِيِّ السُّؤالَ» (¬١).

١٢٣ - باب المتيمم يجد الماء بعد ما يصلى في الوقت
٣٣٨ - حدَّثنا محمَّد بن إسحاق المُسيَّبيُّ، حدَّثنا عبد الله بن نافع، عن اللَّيث بن سعد، عن بكر بن سَوَادة، عن عطاء بن يَسَار
عن أبي سعيد الخُدريِّ، قال: خرجَ رجلانِ في سفَرٍ، فحَضَرَتِ الصَّلاةُ وليسَ معهما ماءٌ، فتَيَمَّما صَعيدًا طيبًا، فصَلَّيا، ثمَّ وَجَدا


(١) حديث حسن، وهذا إسناد منقطع بين الأوزاعي -وهو عبد الرحمن بن عمرو- وبين عطاء كما هو ظاهر.
وأخرجه ابن ماجه (٥٧٢) من طريق حبيب بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن عطاء، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٣٠٥٦).
وأخرج ابن الجارود في «المنتقى» (١٢٨)، وابن خزيمة (٢٧٣)، وابن حبان (١٣١٤)، والحاكم ١/ ١٦٥، والبيهقي ١/ ٢٢٦ من طريق الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، عن عطاء، عن ابن عباس: أن رجلًا أجنب في شتاء، فسأل، فأُمِرَ بالغسل، فمات، فذكر ذلك للنبي ﷺ -فقال: «ما لهم قتلوه؟ قتلهم الله -ثلاثًا-، قد جعل الله الصعيد -أو التيمم- طهورًا» والوليد بن عبيد الله هو ابن أخي عطاء بن أبي رباح، ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٩/ ٩، ونقل توثيقه عن ابن معين، ونقل الذهبي في «الميزان» ٤/ ٣٤١ تضعيفه عن الدارقطني، وقد صحح حديثه هذا ابنُ حبان وابنُ خزيمة والحاكم وسكت عنه الذهبي.

الماءَ في الوقتِ، فأعادَ أحدهما الصَّلاةَ والوضوءَ، ولم يُعِدِ الآخَرُ، ثمَّ أتيا رسولَ الله ﷺ فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يُعِدْ: «أصَبتَ السُّنَّةَ وأجزَتْكَ صَلاتُكَ» وقال للذي توضَّأ وأعادَ: «لكَ الأجرُ مَرَّتين» (١).
قال أبو داود: غيرُ ابن نافع يرويه عن اللَّيث، عن عَميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سَوَادة، عن عطاء بن يَسَار، عن النبيِّ ﷺ.
قال أبو داود: وذِكرُ أبى سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ، هو مُرسَل.


(١) رجاله ثقات، وقد اختلف على الليث بن سعد في إسناده وفي وصله وإرساله.
فرواه عبد الله بن نافع هنا وعند النسائي في «المجتبى» (٤٣٣)، والدارقطني (٧٢٧)، والبيهقي ١/ ٢٣١ عن الليث، بهذا الإسناد.
ورواه أبو الوليد الطيالسي عند ابن السكن -كما في «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان ٢/ ٤٣٤، و«نصب الراية» للزيلعي ١/ ١٦٠ - عن الليث بن سعد، عن عمرو ابن الحارث وعَميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، به موصولًا. فزاد بين الليث وبكر واسطة، وسماع الليث من بكر ممكن، فقد تعاصرا في بلد واحد أكثر من عشرين عامًا، والواسطة ثقة على كل حال.
وخالفهما عبد الله بن المبارك عند النسائي في «المجتبى» (٤٣٤)، والدارقطني (٧٢٨)، ويحيي بن بكير عند الحاكم ١٧٨/ ١، والبيهقي ١/ ٢٣١، فروياه عن الليث، عن بكر بن سوادة -وزاد ابن المبارك بينهما: عَميرة بن أبي ناجية-، عن عطاء مرسلًا، لم يذكرا فيه أبا سعيد.
والحديث صححه ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» ٢/ ٤٣٢ - ٤٣٤ اعتمادًا على طريق أبي الوليد الطيالسي.

٣٣٩ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا ابنُ لهيعة، عن بكر بن سَوَادة، عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عُبَيد عن عطاء بن يَسَار: أنَّ رجلَينِ من أصحاب رسول الله ﷺ، بمعناه١).

١٢٤ - باب في الغسل للجمعة
٣٤٠ - حدَّثنا أبو تَوْبة الرَّبيعُ بن نافع، حدَّثنا مُعاوية، عن يحيى، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنَّ أبا هريرة أخبره
أنَّ عمرَ بنَ الخطَّاب بينا هو يَخطُبُ يومَ الجمعة إذ دخلَ رجلٌ، فقال عمر: أتَحتَبِسونَ عن الصَّلاة؟ فقال الرجلُ: ما هو إلا أن سمعتُ النِّداءَ فتوضَّأتُ، قال عمر: الوضوءَ أيضًا؟ أَوَ لم تَسمَعوا رسولَ الله ﷺ يقول: «إذا أتى أحدُكم الجُمُعةَ فَليَغتسِل» (٢).


(١) إسناده ضعيف، ابن لهيعة -وهو عبد الله- ضعيف لاختلاطه بعد احتراق كتبه، وأبو عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد مجهول.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢٣١ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. معاوية: هو ابن سلام الدمشقي، ويحيي: هو ابن أبي كثير.
وأخرجه البخاري (٨٨٢)، ومسلم (٨٤٥) (٤) من طريقين عن يحيي بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩١).
وأخرج نحوه البخاري (٨٧٨)، ومسلم (٨٤٥) (٣)، والترمذي (٥٠٠) و(٥٠١)، والنسائي في «الكبرى» (١٦٨٢) من طريق سالم، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٣٠).
والرجل الذي دخل وعمر يخطب هو عثمانُ بن عفان كما جاء التصريح به في عدة روايات، منها حديث أبي هريرة عند مسلم (٨٤٥) (٤). وانظر «فتح الباري» ٢/ ٣٥٩.=

٣٤١ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن صَفوان بن سُلَيم، عن عطاء بن يَسار
عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسولَ الله ﷺ -قال: «غُسْلُ يومِ الجُمُعةِ واجب على كُلِّ مُحتَلِم» (١).
٣٤٢ - حدَّثنا يزيدُ بن خالد الرَّمليُّ، حدَّثنا المُفَضَّل -يعني ابنَ فَضَالة-، عن عياش بن عباس، عن بُكير، عن نافع، عن ابن عمر


=قال الإمام الخطابي في «معالم السنن»: فيه دلالة على أن غسل يوم الجمعة غير واجب، ولو كان واجبًا لأشبه أن يأمره عمر رضي الله عنه بأن ينصرف فيغتسل، فدل سكوت عمر ومن معه من الصحابة على أن الأمر به على معنى الاستحباب دون الرجوب، ...، ثمَّ ذكر أن الداخل عثمان، ثمَّ قال: وليس يجوز عليهما وعلى عمر ومن بحضرته من المهاجرين والأنصار أن يجتمعوا على ترك واجب.
(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ١٠٢، ومن طريقه أخرجه البخاري (٨٧٩) و(٨٩٥)، ومسلم (٨٤٦) (٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٦٨٠).
وأخرجه البخاري (٨٥٨)، وابن ماجه (١٠٨٩) من طريق سفيان بن عينية، عن صفوان، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٢٧)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٢٨).
وسيأتي برقم (٣٤٤) من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه.
قال الإمام النووي في شرح مسلم ١٢٣/ ٦: واختلف العلماء في غسل الجمعة فحكي وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك.
وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه. وقال ابن القيم في «زاد المعاد» ١/ ٣٧٧: وللناس في وجوبه ثلاثة أقوال: النفي والإثبات والتفصيل بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها، فيجب عليه، ومن هو مستغن عنه، فيستحبُّ له، والثلاثة لأصحاب أحمد.

عن حَفْصة، عن النبيِّ ﷺ قال: «على كُلِّ مُحتَلِمٍ رَوَاحُ الجُمُعةِ، وعلى مَن راحَ إلى الجُمُعةِ الغُسلُ» (١).
قال أبو داود: إذا اغتَسَلَ الرجلُ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ أجزَأَه مِن غُسلِ الجُمُعةِ وإن أجنَبَ.
٣٤٣ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَب الرَّمْليُّ الهمدانيُّ (ح)
وحدَّثنا عبد العزيز بن يحيى الحرانيُّ، قالا: حدَّثنا محمَّد بنُ سلمة (ح) وحدثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد وهذا حديث محمَّد بن سلمة - عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - قال يزيد وعبد العزيز في حديثهما: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أُمامة ابن سهل-
عن أبي سعيد الخدريِّ وأبي هريرة، قالا: قال رسولُ الله ﷺ: «مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ، ولَبِسَ مِن أحسَنِ ثِيابِه، ومسَّ مِن طِيبٍ إن كانَ عِندَه، ثمَّ أتى الجُمُعةَ فلم يَتَخَطَّ أعناقَ النَّاسِ، ثمَّ صلَّى ما كتبَ


(١) إسناده صحيح. بكير: هو ابن عبد الله بن الأشج.
وأخرجه النسائي في»الكبرى«(١٦٧٢) من طريق المفضل بن فضالة، بهذا الإسناد.
وأخرج البخاري (٨٧٧)، ومسلم (٨٤٤) (١)، والنسائي في»الكبرى«(١٦٨٨ - ١٦٩١) من طرق عن نافع، والبخاري (٨٩٤) و(٩١٩)، ومسلم (٨٤٤) (٢)، والترمذي (٤٩٨)، والنسائي (١٦٨٣ - ١٦٨٥) من طريق سالم بن عبد الله، ومسلم (٨٤٤) (٢)، والترمذي (٤٩٩)، والنسائى (١٦٨٦) و(١٦٨٧) من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر، ثلاثتهم عن ابن عمر قال: سمعت النبي ﷺ يقول:»إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل«وعند بعضهم:»من جاء منكم الجمعة فليغتسل«.
وحديث ابن عمر في»مسند أحمد«(٤٤٦٦)، و»صحيح ابن حبان" (١٢٢٦). والمحتلم: البالغ.

اللهُ له، ثمَّ أنصَتَ اذا خرجَ إمامُه حتَّى يَفرُغَ مِنَ صَلاتِه، كانت كفارةَ لِمَا بينها وبينَ جُمعتِه التي قبلَها»، قال: ويقول أبو هريرة: «وزيادةُ ثلاثةِ أيامِ» ويقول: «إنَّ الحسنةَ بعَشرِ أمثالِها» (١).
قال أبو داود: وحديثُ محمّد بن سلمة أتمُّ، ولم يذكر حمَّاد كلامَ أبي هريرة.
٣٤٤ - حدَّثنا محمَّد بن سلمة المُراديُ، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن عمرو بن الحارث، أن سعيدَ بنَ أبي هِلال وبُكيرَ بن الأشج حدثاه، عن أبي بكر بن المُنكدر، عن عمرو بن سُليم الزُّرَقي، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدري
عن أبيه، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ على كُلِّ مُحتَلِمِ، والسِّواكُ، ويَمَسُّ مِنَ الطيبِ ما قُدِّرَ له» إلا أن بكيرًا لم يذكر عبدَ الرحمن، وقال في الطيب: «ولو مِن طِيبِ المرأةِ» (٢).


(١) إسناده حسن من أجل محمَّد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه أحمد (١١٧٦٨)، وابن خزيمة (١٧٦٢)، والحاكم ١/ ٢٨٣، والبيهقي ٢٤٣/ ٣ من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وسيأتي بنحوه من حديث أبى هريرة وحده برقم (١٠٥٠).
(٢) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم (٨٤٦) (٧)، والنسائي في «الكبرى» (١٦٧٩) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقالا: إن بكيرًا لم يذكر في إسناده عبد الرحمن.
وهو في «صحيح ابن حبان» (١٢٣٣) من طريق ابن وهب، به، ولم يذكر فيه خلافًا بين بكير وسعيد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (١٧٠٠) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي بكر بن المنكدر، به.=

٣٤٥ - حدَّثنا محمَّدُ بن حاتم الجَرَجَرائي حُبِّي، حدَّثنا ابن المُبارك، عن الأوزاعي، حدّثني حسان بن عطية، حدَّثني لبو الأشعث الصنعاني
حدَّثني أوسُ بن أوس الثَّقفي قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَن غَسَلَ يومَ الجُمُعةِ واغتَسَلَ، ثمَّ بكَرَ وابتكرَ، ومشى ولم يَركَب، ودنا مِن الإمامِ فاستَمعَ ولم يَلْغُ، كانَ له بكُل خُطوةٍ عَمَلُ سنةٍ أجرُ صِيامِها وقِيامِها» (١).


=وأخرجه البخاري (٨٨٠) من طريق شعبة، عن أبي بكر بن المنكدر، عن عمرو ابن سليم، عن أبي سعيد. لم يذكر عبد الرحمن بن أبي سعيد. وكذا رواه عن أبي بكر ابن المنكدر: محمَّد بن المنكدر وفليح، قال الحافظ في «الفتح» ٢/ ٣٦٥: والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد -يعني تفرد سعيد بن أبي هلال بزيادة عبد الرحمن بن أبي سعيد-، والذي يظهر أن عمرو بن سليم سمعه من عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه، ثمَّ لقي أبا سعيد فحدثه، وسماعه منه ليس بمنكر لأنه قديم، ولد في خلافة عمر ابن الخطاب، ولم يوصف بالتدليس.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٥٠).
(١) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آده.
وأخرجه الترمذي (٥٠٢)، والنسائي في «الكبرى» (١٦٩٧) و(١٧٠٣) و(١٧٠٧) و(١٧١٩) و(١٧٢٠) و(١٧٤١)، وابن ماجه (١٠٨٧) من طرق عن أبي الأشعث، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٧٣)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧٨١).
قوله: «من غسل يوم الجمعة واغتسل» قال النووي في «شرح المهذب»: يروى: غسل، بالتخفيف والتشديد، والأرجح عند المحققين التخفيف، والمختار أن معناه: غسل رأسه، ويؤيده رواية أبي دواد (الآتية بعد هذه): «من غسل رأسه من يوم الجمعة واغتسل» وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولًا ثمَّ يغتسلون، وقيل: المراد: غَسَلَ أعضاءَه ثمَّ اغتسل للجمعة.=

٣٤٦ - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هِلال، عن عُبادة بن نُسَيٍّ
عن أوس الثقفيِّ، عن رسول الله ﷺ أنَّه قال: «مَن غَسَلَ رأسَه يومَ الجُمُعةِ واغتَسَلَ» وساق نحوَه (١).
٣٤٧ - حدَّثنا ابنُ أبي عَقيل ومحمد بن سلمة المصريان، قالا: حدَّثنا ابنُ وَهْب؛ قال ابن أبي عَقيل: قال: أخبرني أُسامة -يعني ابنَ زيد-، عن عمرو ابن شُعيب، عن أبيه


=قال العراقي: ويحتمل أن المراد: غَسَلَ ثيابَه واغتسل في جسده، وقيل: هما بمعنى واحد وكرر للتأكيد، وقيل: غسل: أى: جامع أهله قبل الخروج إلى الصلاة لأنه يعين على غض البصر في الطريق، يقال: غسل الرجل امرأته بالتخفيف والتشديد إذا جامعها. قاله السيوطي في «شرح سنن النسائي» ٣/ ٩٥.
وانظر تفسير «غسل» بـ: غسل رأسه، عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز فيما سيأتي برقم (٣٤٩) و(٣٥٠).
(١) إسناده صحيح وانظر ما قبله.
وأخرجه أحمد (١٦١٦١) من طريق ابن جريج، عن عمر بن محمَّد، عن سعيد ابن أبي هلال عن محمَّد بن سعيد، عن أوس بن أبي أوس وهذا سند تالف، فيه تدليس ابن جريج، ومحمد بن سعيد هو المصلوب كذاب متروك الحديث، وانظر تمام الكلام عليه في «المسند».
وروى البخاري (٨٨٤) عن طاووس قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي ﷺ -قال: «اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنبًا، وأصيبوا من الطيب» قال ابن عباس: أما الغسل، فنعم، وأما الطيب فلا أدري وهو في «المسند» (٣٠٥٨) وصححه ابن حبان (٢٧٨٢).
قال السندي: واغتسل، أي: سائر جسده، وإفراد الرأس للاهتمام به، لأنهم أصحاب الأشعار، وغسل الرأس لصاحب الشعر لا يخلو عن تعب.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي ﷺ أنه قال: «مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ، ومَس مِن طِيبِ امرأتِه إن كانَ لها، ولَبِسَ مِن صالح ثيابِه، ثمَّ لم يَتَخَط رِقابَ الناسِ، ولم يَلْغُ عندَ المَوعِظَةِ، كانت كفَّارةَ لِمَا بينهما، ومَن لَغَا وتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ كانت له ظُهرًا» (١).
٣٤٨ - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا محمَّد بن بِشر، حدَّثنا زكريا، حدَّثنا مُصعَب بن شيبة، عن طَلق بن حبيب، عن عبد الله بن الزُّبير
عن عائشة أنها حدَّثته، أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَغتَسِلُ مِن أربعٍ: مِنَ الجَنابةِ، ويومَ الجُمُعةِ، ومِنَ الحِجامةِ، ومِن غَسلِ الميت (٣).


(١) إسناده حسن، أسامة بن زيد -وهو الليثي- صدوق حسن الحديث، وهو وإن كانت له أوهام فرواية عبد الله بن وهب عنه صالحة لأنه روى عنه كتابه.
وأخرجه البيهقي ٣/ ٢٣١ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي ١/ ٣٦٨، وابن خزيمة (١٨١٠) من طريق ابن وهب، به.
وقوله: كانت له ظهرًا، أي: كانت لهذا المصلي مثل صلاة الظهر في الثواب، ويُحرَمُ بتخطي رقاب الناس واللغو عند الخطبة عن هذا الثواب الجزيل الذي يحصل لمصلي صلاة الجمعة وهو الكفارة من هذه الجمعة الحاضرة إلى الجمعة الماضية والآتية وأجر عبادة سنة قيامها وصيامها.
(٢) إسناده ضعيف، لضعف مصعب بن شيبة، وقد ضعف حديثه هذا المصنف فيما سيأتي بإثر مكرره برقم (٣١٦٠)، وعدَّه الذهبي في «الميزان» ٤/ ١٢٠ من مناكيره، وباقي رجاله ثقات. زكريا: هو ابن أبي زائدة.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٤٤، وأحمد (٢٥١٩٠)، وابن خزيمة (٢٥٦)، والدارقطي (٣٩٩)، والعقيلي في ترجمة مصعب بن شيبة من «الضعفاء» ٤/ ١٩٧، والحاكم ١/ ١٦٣، والبيهقي ١/ ٢٩٩ و٣٠٠ و٣٠٤، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» ١/ ١٣٢ - ١٣٣، والبغوي في «شرح السنة» (٣٣٨) من طريقين عن مصعب بن شيبة، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: مصعب بن شيبة ليس بالقوي ولا بالحافظ.=

٣٤٩ - حدَّثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدَّثنا مَروانُ، حدَّثنا عليّ بن حَوشَب قال:
سألتُ مَكحولًا عن هذا القول: «غَسَلَ واغتَسَلَ»؟ قال: غَسَلَ رأسَه وجَسَدَه (١).
٣٥٠ - حدَّثنا محمَّدُ بن الوليد الدمشقي، حدَّثنا أبو مُسهِر
عن سعيد بن عبد العزيز في «غَسَلَ واغتَسَلَ» قال: قال سعيد: غَسَلَ رأسَه وغَسَلَ جَسَدَه (٢).
٣٥١ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن سُمَيّ، عن أبي صالح السمَان
عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: "مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ ثمَّ راحَ فكأنَّما قَرَبَ بَدَنةً، ومَن راحَ في السَاعةِ الثانيةِ فكأنما قَرّبَ بقرةً، ومَن راحَ في الساعة الثالثةِ فكأنما قَرَّبَ كبشًا أَقرَنَ، ومَن راحَ في السَّاعةِ الرابعةِ فكأنَّما قَرَّبَ دجاجةً، ومَن راحَ


=وسيأتي مكررًا برقم (٣١٦٠) وقال المصنف هناك: حديث مصعب ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليه.
وفي باب الغسل من الحجامة عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا عند ابن أبي شيبة ١/ ٤٤.
وفي باب الغسل من غسل الميت حديث أبي هريرة الآتي برقم (٣١٦١)، وقد روي مرفوعًا وموقوفًا، وانظر الكلام عليه هناك.
(١) رجاله ثقات. مروان: هو ابن محمَّد الطاطَري.
(٢) رجاله ثقات. أبو مُسهر: هو عبد الأعلى بن مُسهر، وسعيد بن عبد العزيز: هو الدمشقي، فقيه أهل الشام ومفتيهم بدمشق بعد الأوزاعي.

في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما قَرَّبَ بيضةً، فإذا خرجَ الإمامُ حَضَرَتِ الملائكةُ يَستَمِعونَ الذكرَ» (¬١).

١٢٥ - باب الرُّخصة في ترك الغسل يوم الجمعة
٣٥٢ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا حمّاد بن زيد، عن يحيي بن سعيد، عن عَمرة
عن عائشة، قالت: كانَ النَّاسُ مُهّانَ أنفسِهم، فيروحونَ إلى الجُمُعةِ بهيئتِهم، فقيلَ لهم: لو اغتَسَلتُم (٢).


(١) إسناده صحيح. سُمي: هو مولى أبي بكر، وأبو صالح السمان: هو ذكوان.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ١٠١، ومن طريقه أخرجه البخاري (٨٨١)، ومسلم (٨٥٠) (١٠)، والترمذي (٥٠٥)، والنسائي في «الكبرى» (١٧٠٨).
وأخرجه بنحوه النسائي (١٧٠٦) من طريق محمَّد بن عجلان، عن سمي، به.
وأخرجه مختصرًا مسلم بإثر الحديث (٨٥٦) / (٢٥)، وبرقم (٨٥٧) (٢٦) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٩٢٩) و(٣٢١١)، ومسلم بإثر الحديث (٨٥٦) / (٢٤)، والنسائي (٩٣٨) و(١٧٠٢) و(١٧٠٤) و(١٧٠٥)، وابن ماجه (١٠٩٢) من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩٩٢٦)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧٧٥).
البدنة: البعير، والهاء فيها للوحدة لا للتأنيث.
(٢) إسناده صحيح. عمرة: هي بنت عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه البخاري (٩٠٣)، ومسلم (٨٤٧) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري (٢٠٧١) من طريق عروة بن الزُّبير، والنسائي (١٣٧٩) من طريق القاسم بن محمَّد، كلاهما عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٣٦) و(١٢٣٧).
وانظر ما سيأتي برقم (١٠٥٥).=

٣٥٣ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمَّد-، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عِكرِمة
أنَّ أُناسًا مِن أهلِ العراقِ جاؤوا فقالوا: يا ابنَ عبَّاس، أترى الغُسلَ يومَ الجُمُعةِ واجبًا؟ قال: لا، ولكنه أطهَرُ وخير لِمَن اغتَسَلَ، ومَن لم يَغتَسِل فليسَ عليه بواجبٍ، وسأُخبِرُكم كيفَ بَدءُ الغُسلِ؟ كانَ النَّاسُ مجهودينَ يَلبَسونَ الصُّوفَ، ويَعمَلونَ على ظُهورِهم، وكان مَسجِدهم ضَيقًا مُقارِبَ السقفِ، إنَّما هو عَريشٌ، فخرجَ رسولُ الله ﷺ في يومِ حارّ وعَرِقَ الناسُ في ذلك الصوفِ، حتَّى ثارت منهم رِياحٌ، آذى بذلك بعضُهم بعضًا، فلمَّا وجدَ رسولُ الله- ﷺ تلك الريحَ قال: «أيها الناس، إذا كانَ هذا اليومُ فاغتَسِلوا، وليَمَسَ أحدُكم أفضَلَ ما يَجِدُ مِن دُهنِه وطِيبِه». قال ابنُ عباس: ثمَّ جاءَ اللهُ بالخير، ولَبِسوا غيرَ الصوفِ، وكُفُوا العَمَلَ، ووُسعَ مَسجِدهم، وذهبَ بعضُ الذي كان يُؤذي بعضُهم بعضًا من العَرَق (١).


=قولها: «مُهَّان أنفسهم» وفي بعض الروايات: «عُمّال أنفسهم» أي: كانوا يتولون المهنة أنفسهم. قال الخطابي: المهان جمع ماهِن، وهو الخادم، يريد أنهم كانوا يتولون المهنة لأنفسهم في الزمان الأول حين لم يكن لهم خدم يكفونهم المهنة، والإنسان إذا باشر العمل الشاق حمي بدنه وعرق سيما في البلد الحار فربما تكون منه الرائحة الكريهة، فأمروا بالاغتسال تنظيفًا للبدن، وقطعًا للرائحة.
وقولها: «بهيئتهم» أي: على هيئتهم، بلا لبس ثياب جدد ولا اغتسال.
وقوله: «لو اغتسلتم»، أي: لكان أحسن، والمراد: ليتكم اغتسلتم.
(١) إسناده حسن، عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي- وعمرو بن أبي عمرو، فيهما كلام يحطهما عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي ١/ ٢٩٥، وابن عبد البر في «التمهيد» ١٠/ ٨٥ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.

٣٥٤ - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا همَّام، عن قتادة، عن الحسن
عن سَمُرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَن توضّأ فبِها ونِعْمَت، ومَن اغتَسَلَ فهو أفضَلُ» (١).


=وأخرجه الطحاوي ١١٦/ ١، والطبرانى (١١٥٤٨) من طريق عبد العزيز الدراوردي، به.
وأخرجه عبد بن حميد (٥٩٠)، والحاكم ١/ ٢٨٠ و٤/ ١٨٩، والبيهقي ٣/ ١٨٩ من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به.
قوله: «مجهودين».
قال في «النهاية»: يقال: جُهِدَ الرجلُ، فهو مجهود: إذا وجد مشقة، وجُهِدَ الناس فهم مجهودون: إذا أجدبوا، ومجهدون: معسرون، والمعنى: أنهم كانوا في المشقة والعسرة لشدة فقرهم.
والعريش: كل ما يستظلُّ به، والمراد أن سقف المسجد كان من جريد النخل.
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصري- مدلس، ولم يُصرح بسماعه من سمرة. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وهمام: هو ابن يحيى العوذي.
وأخرجه الترمذي (٥٠٣)، والنسائى في «الكبرى» (١٦٩٦) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٨٩).
وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند عبد الرزاق (٥٣١٣)، وعبد بن حميد (١٠٧٧).
وعن أنس بن مالك عند ابن ماجه (١٠٩١).
وعن عبد الرحمن بن سمرة عند الطيالسي (١٣٥٠)، والبيهقي ١/ ٢٩٦.
ولا يخلو واحد من هذه الشواهد من ضعف، لكن بمجموعها يتحسن الحديث.
قال الإمام الخطابي: وفيه البيان الواضح أن الوضوء كاف للجمعة، وأن الغسل لها فضيلة لا فريضة.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ، ومن بعدهم اختاروا الغسل يوم الجمعة، ورأوا أن يُجزئ الوضوء من الغسل يوم الجمعة.

١٢٦ - باب الرجل يُسلم فيؤمَر بالغسل
٣٥٥ - حدَّثنا محمَّد بن كثير العَبديُّ، أخبرنا سفيان، حدَّثنا الأَغَرُّ، عن خليفة بن حُصَين
عن جدّه قيس بن عاصم، قال: أتيتُ النبي ﷺ أُريدُ الإسلامَ، فأَمَرَني أن أغتَسِلَ بماءٍ وسِدرٍ (١).
٣٥٦ - حدَّثنا مَخلَد بن خالد، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، قال: أُخبِرتُ عن عُثَيم بن كلَيب، عن أبيه


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأغر: هو ابن الصبَّاح التميمي.
وأخرجه الترمذي (٦١١)، والنسائي في «الكبرى» (١٩١) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦١١)، و«صحيح ابن حبان» (١٢٤٠).
قال في «المغني» ١/ ٢٧٥.
وقد أخذ بظاهر هذا الحديث الإمام أحمد، فأوجب الغسل على الكافر إذا أسلم وهو مذهب مالك وأبي ثور وابن المنذر، وقال أبو بكر: يستحب الغسل وليس بواجب إلا أن يكون قد وجدت منه جنابة زمن كفره فعليه الغسل إذا أسلم سواء قد اغتسل في زمن كفره أو لم يغتسل، وهذا مذهب الشافعي.
ولم يوجب عليه أبو حنيفة الغسل بحال، لأن العدد الكثير والجمِّ الغفير أسلموا، فلو أُمِرَ كل مسلم بالغسل، لنقل نقلًا متواترًا أو ظاهرًا، ولأن النبي ﷺ لما بعث معاذًا إلى اليمن، قال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم، ولو كان الغسل واجبًا، لأمرهم به، لأنه أول واجبات الإسلام.

عن جدِّه: أنَّه جاء النبي ﷺ فقال: قد أسلَمتُ، فقال له النبيُّ ﷺ: «أَلقِ عنكَ شَعرَ الكُفرِ» يقول: أحلِق، قال: وأخبَرَني آخرُ أن النبي ﷺ قال لآخَرَ معه: «ألقِ عنكَ شَعرَ الكُفرِ واختَتِن» (¬١).

١٢٧ - باب المرأة تغسل ثوبها الذي تَلبَسه في حيضها
٣٥٧ - حدَّثنا أحمدُ بن ابراهيم، حدَّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدَّثني أبي، حدثتني أمُّ الحسن -يعني جدةَ أبي بكر العدويِّ-، عن مُعاذة قالت:


(١) إسناده ضعيف، شيخ ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- مبهم لم يُسمَّ، وعثيم بن كليب -وهو عثيم بن كثير بن كليب الحضرمي، نُسب إلى جده- روى عنه ثلاثة من الضعفاء، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وجهله الحافظ في «التقريب»، وأبوه لم نقف له على ترجمة وباقي رجاله ثقات. وقال ابن القطان في «الوهم والإيهام» ٥/ ٤٣: إسناده غاية في الضعف مع الانقطاع الذي في قول ابن جريج: أُخبِرت، وذلك أن عثيم بن كليب وأباه وجده مجهولون.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٩٨٣٥)، ومن طريقه أخرجه أحمد (١٥٤٣٢) وابن أبي عاصم في «الأحاد والمثاني» (٢٧٩٥)، وابن عدي في ترجمة إبراهيم بن أبي يحيي من «الكامل» ١/ ٢٢٣، والبيهقي ١/ ١٧٢.
وقال ابن عدي: وهذا الذي قاله ابن جريج في هذا الإسناد: «وأخبرت عن عثيم» إنما حدثه إبراهيم بن أبي يحيى، فكنَّى عن اسمه.
وأخرجه ابن عدي ١/ ٢٢٤ من طريق الرمادي، عن إبراهيم بن أبي يحيي، عن عثيم، به. وإبراهيم هذا متروك.
وله شاهدان ضعيفان ذكرناهما في «مسند أحمد».
قال السندي: قوله: «ألق عنك شعر الكفر» حملوا الأمر على الاستحباب، فقالوا: يستحب إذا أسلم الكافر أن يزيل شعره بحلق أو قصر، والحلق أفضل، وكذا أخذوا منه أن يغتسل، وأن يغسل ثيابه، وأخذ من الأمر بالاختتان أنه واجب إذا أمِنَ على نفسه الهلاك.

سألتُ عائشةَ عن الحائِضِ يُصيبُ ثوبَها الدَّمُ، قالت: تَغسِله، فإن لم يَذهَب أثَرُه فلتُغَيِّرهُ بشيءٍ من صُفْرةٍ، قالت: ولقد كنتُ أَحيضُ عندَ رسولِ الله ﷺ ثلاثَ حِيَضٍ جميعًا لا أغسِلُ لي ثوبًا (١).
٣٥٨ - حدَّثنا محمَّدُ بن كثير، أخبرنا إبراهيم بن نافع، قال: سمعتُ الحسنَ -يعني ابنَ مُسلِم- يَذكُرُ عن مُجاهِدٍ، قال:
قالت عائشةُ: ما كانَ لإحدانا إلا ثوبٌ واحدٌ تَحيض فيه، فإذا أصابَه شيءٌ مِن دَمٍ بَلَّتهُ بَريقِها ثمَّ قَصَعَتهُ برِيقِها (٢).


(١) إسناده ضعيف لجهالة أم الحسن جدة أبي بكر العدوي، فقد تفرد بالرواية عنها عبد الوارث بن سعيد والد عبد الصمد، ولم يؤثر توثيقها عن أحد. وباقي رجاله ثقات. معاذة: هي بنت عبد الله العدوية.
وأخرجه أحمد (٢٦١٢٦) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عائشة عند أحمد (٢٥٦٨٦) قالت: كان رسول الله ﷺ يُصلي من الليل وأنا إلى جانبه وأنا حائض، وعليّ مرط وعليه بعضه. وإسناده صحيح.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣١٢) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ٤١٣/ ١: طعن بعضهم في هذا الحديث من جهة دعوى الانقطاع ومن جهة دعوى الاضطراب، فأما الانقطاع فقال أبو حاتم: لم يسمع مجاهد من عائشة، وهذا مردود، فقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير هذا الإسناد، وأثبته علي ابن المديني، فهو مقدم على مَنْ نفاه.
وأما الاضطرابُ، فلرواية أبي داود له عن محمَّد بن كثير، عن إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، بدل ابن أبي نجيح، وهذا الاختلافُ لا يوجبُ الاضطراب، لأنه محمولٌ على أن إبراهيم بن نافع سمعه منهما، ولو لم يكن كذلك فأبو نعيم شيخ البخاري فيه أحفظ من محمَّد بن كثير شيخ أبي داود فيه، وقد تابع أبا نعيم خلاد بن يحيى وأبو حذيفة والنعمان بن عبد السلام فرجحت روايته.=

٣٥٩ - حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيم، حدَّثنا عبد الرحمن -يعني ابنَ مَهدي-، حدَّثنا بكَّار بن يحيى، حدَثتني جدَّتي، قالت:
دخلتُ على أُمِّ سلمة، فسَأَلَتها امرأة مِن قُرَيش عن الصَّلاةِ في ثوبِ الحائض، فقالت أُمِّ سلمة: قد كانَ يُصيبُنا الحَيضُ على عَهدِ رسولِ الله ﷺ، فتَلبَثُ إحدانا أيَّامَ حَيضِها، ثمَّ تَطهُرُ، فتَنظُرُ الثَّوبَ الذي كانت تَقَلَّبُ فيه، فإن أصابَه دَمٌ غسَلناه وصَلَّينا فيه، وإن لم يكن أصابَه شيءٌ تَرَكناه، ولم يَمنَعْنا ذلك أن نُصَلِّيَ فيه، وأما المُمتَشِطةُ فكانت إحدانا تكونُ مُمتَشِطةً، فإذا اغتَسَلَت لم تَنقُضْ ذلك، ولكنَّها تَحفِنُ على رأسِها ثلاثَ حَفَناتٍ، فإذا رَأَتِ البَلَلَ في أُصولِ الشَّعرِ دَلَكَته، ثمَّ أفاضَت على سائرِ جَسَدِها (١).


=ومعنى قصعته: دلكته. وقال البيهقي: هذا في الدم اليسير الذي يكون معفوًا عنه وأما في الكثير منه، فصح عنها أنها كانت تغسله.
وانظر ما سيأتي برقم (٣٦٤).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، بكار بن يحيي مجهول الحال وجَدَّتُه لا تُعرف.
وأخرجه البيهقي ١/ ١٨٢ و٢/ ٤٠٧، وابن المنذر في «الأوسط» ٢/ ١٤٧ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. ورواية البيهقي في الموضع الأول مختصرة بقطعة الممتشطة، وروايته في الموضع الأول ورواية ابن المنذر مختصرتان بقطعة ثوب الحائض.
ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أسماء بنت أبي بكر الآتي بعده.
وحديث عائشة عند الدارمي (١٠٠٨)، ولفظه: «إذا طهرت المرأة من الحيض فلتتبع ثوبها الذي يلي جلدها، فلتغسل ما أصابه من الأذى، ثمَّ تصلي فيه»وإسناده صحيح.
والقطعة الثانية منه سلف نحوها بإسناد صحيح برقم (٢٥١).=

٣٦٠ - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النُّفَيلي، حدَّثنا محمَّد بن سلمة، عن محمَّد ابن إسحاق، عن فاطمه بنت المُنذر
عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سمعتُ امرأةً تسألُ رسولَ الله ﷺ: كيف تَصنَعُ إحدانا بثَوبِها إذا رأت الطُّهرَ أتُصلي فيه؟ قال: «تَنظُرُ، فإن رَأَت فيه دمًا، فلتَقَرُصْهُ بشيءٍ من ماءٍ ولتَنضَحْ ما لم تَرَ، وتُصَلي فيه» (١).
٣٦١ - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن هشام بن عُروة، عن فاطمة بنت المُنذز
عن أسماء بنت أبي بكر، أنَّها قالت: سألت امرأة رسولَ الله ﷺ فقالت: يا رسولَ الله، أرأيتَ إحدانا إذا أصابَ ثَوبَها الدَّمُ من الحَيضةِ كيفَ تَصنَعُ؟ قال: «إذا أصابَ إحداكُنَّ الدَّمُ من الحَيضِ فلتَقرُصْهُ، ثمَّ لتَنضَحْهُ بالماءِ، ثمَّ لِتُصَلِّ» (٢).


=وقولها تَقَلَّبُ. قال صاحب «بذل المجهود» ٣/ ١٠٠: بحذف إحدى التائين من باب التفعل، أي: تمشي فيه كما في قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ وقولها: فيه، أي في ذلك الثوب في أيام حيضها.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند الدارمي (١٠١٨)، وابن خزيمة (٢٧٦)، فانتفت شبهة تدليسه.
وسيأتى بعده من طريق هشام بن عروة، عن فاطمة.
قوله: «ولتنضح ما لم تر» قال في «عون المعبود»: أي: ولترش المرأة الموضع الذي لم تر في أثر الدم، ولكن شكت فيه، ولفظ الدارمي من طريق ابن إسحاق: «إن رأيت فيه دمًا فحكيه ثمَّ اقرصيه بماء ثمَّ انضحي في سائره فصلي فيه»، قال القرطبي: المراد بالنضح الرش، لأن غسل الدم استفيد من قوله: «تقرصه بالماء» وأما النضح فهو لما شكت فيه من الثوب.
(٢) إسناده صحيح.

٣٦٢ - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا حماد (ح)
وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا عيسى بن يونس (ح)
وحدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد -يعني ابنَ سلمة-؛ عن هشام، بهذا المعنى، قالا: «حُتِّيهِ، ثمَّ اقرُصِيهِ بالماء، ثمَّ انضَحِيهِ» (١).
٣٦٣ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ سعيد القطَّان-، عن سفيان، حدّثني ثابتٌ الحدَّاد، حدّثني عديُّ بن دينار، قال:
سمعت أُمِّ قيس بنتَ مِحصَن تقول: سألتُ النبيَّ ﷺ -عن دَم الحَيضِ يكون في الثَّوبِ، قال: «حُكَّيهِ بضِلَعٍ، واغسِليهِ بماءٍ وسِدرٍ» (٢).


=وهو في «موطأ مالك» برواية أبي مصعب (١٦٦)، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (٣٠٧)، ومسلم (٢٩١).
ووقع في «الموطأ» برواية يحيي ١/ ٦٠ - ٦١: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت المنذر، وهو خطأ نبه عليه ابن عبد البر في «التمهيد» ٢٢٩/ ٢٢، وفي «الاستذكار» ٣/ ٢٠٣.
وأخرجه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١)، والترمذي (١٣٨)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨١)، وابن ماجه (٦٢٩) من طرق عن هشام بن عروة، عن فاطمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩٢٢)، و«صحح ابن حبان» (١٣٩٦ - ١٣٩٨).
وانظر ما بعده.
(١) إسناده صحيح. حماد شيخ مسدد: هو ابن زيد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٨١) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وثابت الحداد: هو ابن هرمز الكوفي أبو المقدام.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٨٢)، وابن ماجه (٦٢٨) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.=

٣٦٤ - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا سفيان، عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء
عن عائشة قالت: قد كانَ يكونُ لإحدانا الدِّرعُ، فيه تحيضُ، وفيه تُصيبها الجَنابةُ، ثمَّ ترى فيه قَطرةً مِن دَمٍ، فَتقصَعُه بِريقِها (١).
٣٦٥ - حدَّثنا قُتَيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابنُ لَهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عيسى بن طلحة
عن أبي هريرة: أن خولةَ بنتَ يَسَارٍ أتت النبيَّ ﷺ، فقالت: يارسولَ الله، إنه ليس لي إلا ثوبٌ واحدٌ، وأنا أحيضُ فيه، فكيف أصنَعُ، قال: «إذا طَهُرتِ فاغسِليهِ ثمَّ صَلِّي فيه» فقالت: فإن لم يَخرُج الدَّمُ؟ قال: «يكفيكِ الماءُ ولا يَضُرُّكِ أَثَرُه» (٢).


=وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٦٥).
قوله: «بضلع» الضِّلَع: العود، وهو في الأصل واحد أضلاع الحيوان، أُريد به العود المشبَّه به.
(١) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن يسار، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وقد سلف برقم (٣٥٨).
قولها: «الدرع» هو قميص المرأة.
(٢) إسناده حسن، ابن لهيعة -وهو عبد الله، وإن كان سيئ الحفظ- قد رواه عنه قتيبة، وروايته عنه قوية، وتابعه عبد الله بن وهب أيضًا، وهو أحد العبادلة الذين رووا عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه.
وأخرجه أحمد (٨٩٣٩) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي ٢/ ٤٠٨ من طريق عبد الله بن وهب وعثمان بن صالح، كلاهما عن ابن لهيعة، به.
وأخرجه ابن منده -كما في (الإصابة) ٧/ ٦٢٧ -، والطبراني ٢٤/ (٦١٥)، والبيهقي ٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩ من طريق علي بن ثابت، عن الوازع بن نافع، عن أبي سلمة=

١٢٨ - باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهلَه فيه
٣٦٦ - حدَّثنا عيسى بن حمّاد المصري، أخبرنا الليثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سُويد بن قيس، عن مُعاوية بن حُدَيج، عن مُعاوية بن أبي سُفيان
أنه سأل أُختَه أُمَّ حبيبةَ زوجَ النبي ﷺ: هل كانَ رسولُ الله ﷺ يُصلّي في الثَّوبِ الذي يُجامِعُها فيه؟ فقالت: نعم، إذا لم يَرَ فيه أذى١).

١٢٩ - باب الصلاة في شُعُر النساء
٣٦٧ - حدَّثنا عبيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا الأشعث، عن محمَّد ابن سِيرِين، عن عبد الله بن شَقيق
عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله ﷺ -لا يُصَلّي في شُعُرِنا، أو لُحُفِنا. قال عُبَيد الله: شكَّ أبي (٢).


= ابن عبد الرحمن، عن خولة بنت حكيم. وفي رواية ابن منده والبيهقي: خولة بنت يمان أو يسار، وتصحف «يمان» في مطبوع «سنن البيهقي» إلى: نمار. والوازع بن نافع ضعيف.
وهذا الحديث من حاشية نسخة (ج)، وهو ليس في رواية اللؤلؤي، وإنما هو في رواية ابن الأعرابي نبه عليه الحافظ المزي في «الأطراف». وترتيبه في نسخة (ج) بعد الحديث رقم (٣٥٩).
(١) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، ومعاوية بن حُديج صحابي صغير، ففي الإسناد ثلاثة من الصحابة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٨٣)، وابن ماجه (٥٤٠) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٤٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٣١).
(٢) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، والأشعث: هو ابن عبد الملك الحمراني.=

٣٦٨ - حدَّثنا الحسنُ بن عليّ، حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حمّادٌ، عن هشام، عن ابن سِيرِين
عن عائشة: أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ لا يُصَلِّي في مَلاحِفِنا (١).
قال حماد: وسمعتُ سعيدَ بنَ أبي صَدَقةَ قال: سألتُ محمدًا عنه فلم يُحدِّثني، وقال: سمعتُه منذُ زمانٍ، ولا أدري ممَّن سَمِعتُه، ولا أدري أَسَمِعتُه مِن ثَبتٍ أو لا، فسَلُوا عنه (٢).

١٣٠ - باب الرخصة في ذلك
٣٦٩ - حدَّثنا محمَّد بن الصَّبَّاح بن سفيان، حدَّثنا سفيان، عن أبي إسحاق الشَّيبانيِّ، سَمِعَه مِن عبدِ الله بنِ شَدَّاد


=وأخرجه الترمذى (٦٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩٧٢٢) و(٩٧٢٣) من طرق عن الأشعث، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٣٦).
وسيتكرر برقم (٦٤٥)، وانظر ما بعده.
قولها: «في شُعُرنا» الشُّعُر: جمع شعار، وهو الثوبُ الذي يلي البدنَ. قاله الخطابي في «معالم السنن».
واللحف: جمع لحاف: وهو اسم لما يلتحف به.
وإنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أن يكون أصابها شيء من دم الحيض.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع بين محمَّد بن سيرين وعائشة، لكن قد عرفت الواسطة بينهما، فقد رواه أشعث الحُمراني، عن ابن سيرين، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، كما سلف قبله. قال الدارقطني في «العلل» ٥/ الورقة ٩٠: القول فيه قول أشعث. حماد: هو ابن زيد، وهشام: هو ابن حسان القردوسي.
(٢) فيكون ابن سيرين نسي من حدثه به، وقد رواه عنه أشعث الحمراني -كما سلف برقم (٣٦٧) - عن عبد الله بن شقيق بلا شك.

يحدِّثه عن ميمونةَ: أنَّ النبيَّ ﷺ صلّى وعليه مِرْطٌ وعلى بعضِ أزواجِه منه، وهي حائضٌ، يُصلِّي وهو عليه (١).
٣٧٠ - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعُ بن الجرّاح، حدَّثنا طلحة ابن يحيي، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عُتبة
عن عائشة قالت: كان رسولُ الله ﷺ يُصَلِّي بالليلِ وأنا إلى جَنبِهِ وأنا حائضٌ، وعليّ مِرْطٌ لي وعليه بعضُه (٢).

١٣١ - باب المنيّ يصيب الثوب
٣٧١ - حدَّثنا حفص بن عمر، عن شُعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن همَّام بن الحارث:


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو إسحاق الشيبانى: هو سليمان ابن أبي سليمان.
وأخرجه ابن ماجه (٦٥٣) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، وفيه أن المذكورة في الحديث من أزواجه ﷺ هي ميمونةُ نفسُها.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٠٤)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٢٩).
وانظر ما سيأتى برقم (٦٥٦).
قوله: «مرط» هو كساء من صوف أو خَزٍّ يُؤتَزر به وتتلفع المرأة به.«المصباح المنير» (مرط).
(٢) إسناده حسن، طلحة بن يحيى -وهو ابن طلحة بن عبيد الله- صدوق حسن الحديث، وباقى رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (٥١٤)، والنسائى في «الكبرى» (٨٤٦)، وابن ماجه (٦٥٢) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٨٢).
وفى الحديث جواز الصلاة بحضرة الحائض، وفيه أن ثياب الحائض طاهرة إلا موضعًا يرى فيه أثر الدم أو النجاسة، وفيه جواز الصلاة فى ثوب بعضه على المصلي وبعضه عليها.

أنه كانَ عندَ عائشة فاحتَلَمَ فأبصَرَته جاريةٌ لعائشةَ وهو يَغسِلُ أثرَ الجَنابةِ مِن ثَوبِهِ، أو يَغسِلُ ثوبَه، فأخبَرَت عائشةَ، فقالت: لقد رأيتُني وأنا أفرُكُه مِن ثَوبِ رسولِ الله ﷺ (١).
٣٧٢ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، عن حمادِ، عن إبراهيم، عن الأسود
أن عائشة قالت: كنتُ أفرُكُ المنيَّ مِن ثَوبِ رسولِ الله ﷺ فيُصلِّي فيه (٢).


(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عتيبة، وإبراهيم: هو النخعي.
وأخرجه مسلم (٢٨٨) (١٠٦) و(١٠٧)، والترمذي (١١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨٦)، وابن ماجه (٥٣٧) و(٥٣٨) و(٥٣٩) من طرق عن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقُرِنَ همام عند مسلم في الموضع الأول بالأسود، وعند بعضهم قصة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٥٨).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٨٥) من طريق الحارث بن نوفل، عن عائشة.
وانظر ما بعده.
(٢) إسناده صحيح، حماد شيخ موسى: هو ابن سلمة، وحمّاد شيخه: هو ابن أبي سليمان النخعي، قال الذهبي: ثقة إمام مجتهد، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. إبراهيم والأسود: هما النخعيان.
وأخرجه مسلم (٢٨٨) (١٠٥) من طريق أبي معشر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة والأسود: أن رجلًا نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبَه، فقالت عائشة: إنما كان يُجزئك إن رأيته أن تغسِلَ مكانه، فإن لم تر نضحتَ حوله، ولقد رأيتني أفركُه من ثوب رسول الله ﷺ فركًا، فيصلي فيه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٦٤)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٧٩). قال ابن دقيق العيد: اختلف العلماء نى طهارة المني ونجاسته، فقال الشافعي وأحمد بطهارته،=

قال أبو داود: وافَقَه مغيرةُ وأبو مَعشَر وواصِلٌ (١)، ورواه الأعمشُ كما رواه الحكم (٢).
٣٧٣ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمّد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ
قال: وحدَّثنا محمَّد بن عُبيد بن حِسَاب البصري، حدَّثنا سُلَيم -يعني ابن أخضَرَ المعنى، والإخبارُ في حديث سُلَيم- قالا: حدَّثنا عمرو بن ميمون بن مِهران، قال: سمعتُ سليمان بن يَسَار يقول:
سمعتُ عاثشةَ تقول: إنها كانت تَغسِلُ المنيَّ مِن ثَوبِ رسولِ الله ﷺ قالت: ثمَّ أَراه فيه بقعةً أو بقعًا (٣).


= وقال مالك وأبو حنيفة بنجاسته، والذين قالوا بنجاسته اختلفوا في كيفية إزالته، فقال مالك يغسل رطبه ويابسه، وقال أبو حنيفة: يغسل رطبه، ويفرك يابسه.
والقائلون بنجاسته احتجوا بحديث الغسل، وقالوا يطهره الفرك، ولو كان طاهرًا لم تحتج عائشة رضي الله عنها إلى تطهيره بالفرك والغسل، والظاهر أن فعلها لم يكن إلا بأمر رسول الله ﷺ -أو اطلاعه، وأيضًا لو كان طاهرًا لتركه على حاله مرة لبيان الجواز، فلما لم يتركه رسول الله ﷺ على ثوبه مرة، وكذلك الصحابة من بعده علم أنه نجس، ومواظبته ﷺ -على فعل شيءٍ من غير ترك فى الجملة يدل على الوجوب بلا نزاع فيه.
(١) رواية مغيرة -وهو ابن مقسم الضبي- عند مسلم (٢٨٨) (١٠٧)، والنسائي في «المجتبى» (٣٠٠)، وابن ماجه (٥٣٩).
ورواية أبي معشر -وهو زياد بن كليب- عند مسلم (٢٨٨) (١٠٥)، والنسائي في «المجتبى» (٣٠٠).
ورواية واصل -وهو ابن حيان الأحدب- عند مسلم (٢٨٨) (١٠٧).
(٢) وروايته عند مسلم (٢٨٨) (١٠٦)، والترمذي (١١٦)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨٦)، وابن ماجه (٥٣٧) و(٥٣٨).
(٣) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.=

١٣٢ - باب بول الصبي يصيب الثوب
٣٧٤ - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن ابن شِهاب، عن عُبيد الله ابن عبد الله بن عُتبة بن مسعود
عن أمِّ قيس بنتِ مِحصَن: أنها أتت بابنٍ لها صَغيرٍ لم يأكُلِ الطعامَ إلى رسولِ الله ﷺ، فأجلَسَه رسولُ الله ﷺ في حِجرِهِ، فبالَ على ثَوبِهِ، فدعا بماءٍ، فنَضَحَه ولم يَغسِله (١).


=وأخرجه البخاري (٢٢٩ - ٢٣٢)، ومسلم (٢٨٩)، والترمذي (١١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨٤)، ابن ماجه (٥٣٦) من طرق عن عمرو بن ميمون، بهذا الإسناد. وزادوا فيه عدا الترمذي: «فيخرج إلى الصلاة فيه»، ورواية الترمذي مختصرة بلفظ: أنها كانت تغسل منيًا من ثوب رسول الله ﷺ.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٠٧) و(٢٥٠٩٨)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٨١) و(١٣٨٢).
وقال الترمذي بإثره: وحديث عائشة أنها غسلت منيًا من ثوب رسول الله ﷺ ليس بمخالف لحديث الفرك، وإن كان الفرك يجزئ، فقد يُستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره.
(١) إسناده صحيح.
وهو في «موطأ مالك» ١/ ٦٤، ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨٧).
وأخرجه مسلم (٢٨٧)، والترمذي (٧١)، وابن ماجه (٥٢٤) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. ورواية بعضهم بلفظ: «فرشه».
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٩٩٦) و«صحيح ابن حبان» (١٣٧٣) و(١٣٧٤).
وأخرجه البخارى (٥٧١٣) و(٥٧١٥) و(٥٧١٨)، ومسلم بإثر الحديث (٢٢١٣) (٨٦) وبرقم (٢٢١٤) (٨٧) من طريق الزُّهريّ، به. وزادوا فيه ما سيأتي برقم (٣٨٧٧).
قال البغوي في شرح «السنة» ٢/ ٨٤: قال الخطابي: النضح: إمرار الماء عليه رفقًا من غير مرس ولا دلك ...، والغسل إنما يكون بالمرس والعصر.=

٣٧٥ - حدَّثنا مُسدَّد بن مُسَرهَد والربيع بن نافع أبو توبة -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو الأحوَص، عن سِماك، عن قابوس
عن لُبابةَ بنتِ الحارث، قالت: كانَ الحسينُ بنُ عليّ رضي الله عنه في حِجْرِ رسولِ الله ﷺ فبالَ عليه، فقلتُ: البَس ثَوبًا وأعطِني إزارَكَ حتَّى أغسِلَه، قال: «إنما يُغسَلُ من بَولِ الأُنثى ويُنضَحُ مِن بَولِ الذّكَر» (١).
٣٧٦ - حدَّثنا مُجاهِدُ بن موسى وعبَّاس بن عبد العظيم العَنبَريُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدّثني يحيي بن الوليد، حدّثني مُحِلُّ بن خليفة


=وبول الصبي الذي لم يطعم نجس كبول غيره غير أنه يكتفى فيه بالرش، وهو أن ينضح عليه الماء بحيث يصل إلى جميعه، فيطهر من غير مرس ولا دلك، وإليه ذهب غير واحد من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب، وبه قال عطاء والحسن وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
وذهب جماعة إلى وجوب غسله كسائر الأبوال وهو قول النخعي والثوري وأصحاب الرأي. قلت: ومالك وأتباعه كما في شرح «الموطأ» ١/ ١١٥ للزرقاني.
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على سماك بن حرب كما هو مبين في التعليق على «مسند أحمد» (٢٦٨٧٥). أبو الأحوص: هو سلام بن سليم، وقابوس: هو ابن المخارق.
وأخرجه ابن ماجه (٥٢٢) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن ماجه (٣٩٢٣) من طريق علي بن صالح، عن سماك، عن قابوس قال: قالت أم الفضل: يا رسول الله، رأيت كأن في بيتي عضوًا من أعضائك، قال: «خيرًا رأيتِ، تلد فاطمةُ غلامًا فتُرضعيه»، فولدت حسينًا أو حسنًا، فأرضعته بلبن قثم، قالت: فجئتُ به إلى النبي ﷺ فوضعتُه في حجره، فبال، فضربت كتفه، فقال النبي ﷺ: «أوجعت ابني رحمكِ الله».
وأخرجه أحمد (٢٦٨٧٨) من طريق صالح بن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم الفضل. وإسناده صحيح.

حدّثني أبو السَّمح، قال: كنتُ أخدُمُ النبيَّ ﷺ، فكانَ إذا أرادَ أن يَغتَسِلَ قال: «وَلِّني قَفاكَ» فاُولِّيهِ قَفايَ فأستُرُه به، فأُتِيَ بحَسَنٍ أو حُسينِ رضي الله عنهما، فبالَ على صَدرِه، فجئتُ أَغسِلُه، فقال: «يُغسَلُ مِن بَولِ الجاريةِ، ويُرَشُّ مِن بَولِ الغُلام» (١).
قال عبّاس: قال: حدَّثنا يحيى بن الوليد.
قال أبو داود: قال هارون بن تميم، عن الحسن قال: الأبوالُ كلُّها سواءٌ (٢).
٣٧٧ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن أبي عَروبة، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه
عن عليّ رضي الله عنه قال: يُغسَلُ بولُ الجارية (٣) ويُنضَحُ بَولُ الغُلام ما لم يَطعَم (٤).


(١) إسناده جيد، يحيي بن الوليد لا بأس به، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٢٢٣) و(٢٨٩) عن مجاهد بن موسى، وابن ماجه (٥٢٦) عن عمرو بن علي ومجاهد وعباس العنبري، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
(٢) رواية هارون بن تميم عن الحسن لم نقف عليها.
وأخرج الطحاوي ٩٣/ ١ من طريق حميد عن الحسن قال: بول الغلام يغسل غسلًا، وبول الجارية يتتبع بالماء. وأراد بتتبعه بالماء صب الماء عليه كما يفهم من سياق كلام الطحاوي.
وأخرج ابن أبي شبة ١/ ١٢١ من طريق قتادة عن الحسن قال: كلاهما ينضحان ما لم يأكلا الطعام.
(٣) في (د): يُغسل من بول الجارية.
(٤) رجاله ثقات وهو موقوف، وقد روي مرفوعًا كما سيأتي بعده، وهو الراجح.=

٣٧٨ - حدَّثنا ابن المُثنَّى، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه
عن علىّ بن أبي طالب: أنَّ نبي الله ﷺ قال، فذكر معناه، ولم يذكر: «ما لم يَطعَم»، زاد: قال قتادةُ: هذا لِما لم (١) يَطعَما الطَّعامَ، فإذا طَعِما غُسِلا جميعًا (٢).
٣٧٩ - حدَّثنا عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، حدَّثنا عبد الوارث، عن يونس، عن الحسن، عن أُمه
أنَّها أبصَرَت أُم سلمة تَصُبُّ على بَولِ الغُلامِ ما لم يَطعَم، فإذا طَعِمَ غَسَلَته، وكانت تَغسِلُ بولَ الجارية (٣).


=وأخرجه البيهقي ٢/ ٤١٥ من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢١، وعبد الرزاق (١٤٨٨) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حرب، عن علي موقوفًا. ليس فيه أبو الأسود.
(١) في (د) ونسخة على هامش (أ) و(ب) و(ج): ما لم.
(٢) إسناده صحيح. وقد صححه مرفوعًا الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١/ ٣٢٦ وفي «التلخيص» ١/ ٣٨، ونقل تصحيحه عن البخاري والدارقطني، وقال عن الرواية الموقوفة: ليس ذلك بعلة قادحة.
وأخرجه الترمذي (٦١٦)، وابن ماجه (٥٢٥) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٥٦٣).
(٣) إسناده حسن، أم الحسن -وهو ابن أبي الحسن يسار البصري، واسمها خيرة- روى عنها جمع، وذكرها ابن حبان في «الثقات»، وأخرج لها مسلم في «الصحيح»، وباقي رجاله ثقات. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، ويونس: هو ابن عبيد العبدي.
وأخرجه البيهقي ٢/ ٤١٦ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.=

١٣٣ - باب الأرض يصيبها البول
٣٨٠ - حدَّثنا أحمد بن عمرو بن السرح وابن عَبدةَ في آخَرين -وهذا لفظ ابن عَبدة-، قال: أخبرنا سفيان، عن الزُّهريِّ، عن سعيد
عن أبي هريرة: أنَّ أعرابيًّا دخلَ المَسجِدَ ورسولُ الله ﷺ جالِسٌ، فصلَّى -قال ابن عَبْدة: ركعتين-، ثمَّ قال: اللهم ارحَمني ومحمدًا، ولا تَرحَم مَعَنا أحدًا، فقال النبي ﷺ: «لقد تَحَجَّرتَ واسِعًا»، ثمَّ لم يَلبَث أن بالَ في ناحيةِ المَسجِدِ، فأسرَعَ الناسُ إليه، فنهاهم النبي ﷺ وقال: «إنما بُعِثتُم مُيَسِّرينَ، ولم تُبعَثوا مُعَسِّرينَ، صُبُّوا عليه سَجْلًا مِن ماءِ» أو قال: «ذَنوبًا مِن ماءٍ» (١).


=وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٢١، وابن الجعد في «مسنده» (٣١٩٠)، وأبو يعلى (٦٩٢١)، والطبراني ٢٣/ (٨٦٦)، وابن المنذر في «الأوسط» ٢/ ١٤٣من طرق عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد.
(١) إسناده صحيح. ابن عبدة: هو أحمد الضبي، وسفيان: هو ابنُ عُيينة.
وأخرجه الترمذي (١٤٧) من طريق سفيان بن عينية، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا النسائي فى «المجتبى» (١٢١٧) عن عبد الله بن محمَّد بن عبد الرحمن، عن سفيان، به.
وأخرجه البخاري (٢٢٠) و(٦١٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٥٥)، و«صحيح ابن حبان» (٩٨٥).
وسيأتي مختصرًا برقم (٨٨٢) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة.
قوله: «تحجّرت واسعًا» أصل الحجر: المنع، ومنه الحجر على السفيه، وهو منعه من التصرف في ماله، وقبض يده عليه، يقول له: لقد ضيَّقت من رحمة الله ما وسَّعه ومنعت منها ما أباحه، وخصصت به نفسك دون غيرك.=

٣٨١ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا جرير -يعني ابنَ حازم- قال: سمعتُ عبد الملك -يعني ابنَ عُمير- يُحدِّثُ
عن عبد الله بن مَعقِل بن مُقَرِّن، قال: صَلَّى أعرابيٌّ مَعَ النبيّ ﷺ بهذه القِصَّةِ، قال فيه: وقال -يعني النبي ﷺ: «خُذوا ما بالَ عليه مِنَ التراب، فالقُوهُ وأَهريقوا على مَكانِه ماءً» (١).
قال أبو داود: هو مُرسَل، ابنَ معقِل لم يُدرِك النبي ﷺ.


=وقوله: «صبوا عليه سَجلًا» السجل: بفتح فسكون هو الدلو ملأى، ولا يقال لها ذلك وهي فارغة، وقال ابن دريد: السجل: الدلو الواسعة، وقال الجوهري: الدلو الضخمة، وكذا الذَّنُوبُ.
وفي الحديث: الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن عنادًا، ولا سيما إذا كان ممن يحتاج إلى استئلافه، وفيه رأفة النبي ﷺ، وحسن خلقه.
(١) رجاله ثقات لكنه مرسل كما قال المصنف.
وأخرجه المصنف في «المراسيل» (١١) بإسناده ومتنه، وقال بإثره: روي متصلًا ولا يصح. ومن طريق أبي داود أخرجه الدارقطني (٤٧٩)،والبيهقي ٢/ ٤٢٨.
وفي باب حفر التراب الذي أصابه البول وإلقاؤه عن ابن مسعود عند الدارقطني (٤٧٧)، وفي إسناده أبو هشام الرفاعى وسمعان بن مالك، وهما ضعيفان.
وعن أنس بن مالك، أخرجه الدارقطني -كما في «التلخيص الحبير» ١/ ٣٧ - من طريق عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن يحس بن سعيد الأنصاري، عن أنس. وذكره ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٥٤٥) عن الدارقطني، ونقل عنه قوله: وهم عبد الجبار على ابن عيينة، لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رَوَوهُ عنه عن يحيي بنِ سعيد، فلم يذكر أحد منهم الحفرَ، وإنما رواه ابنُ عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس مرسلًا، فاختلط على عبد الجبار المتنان. قال الحافظ في «التلخيص»: وهذا تحقيق بالغ، إلا أن هذه الطريق المرسلة مع صحة إسنادها إذا ضُمَّت إلى أحاديث الباب أخذت قوة.
قلنا: حديث سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس دون ذكر حفر التراب أخرجه أحمد (١٢٠٨٢)، وحديثه عن عمرو بن دينار عن طاووس مرسلًا بذكر الحفر أخرجه عبد الرزاق (١٦٥٩).

١٣٤ - باب طهور الأرض إذا يبست
٣٨٢ - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبد الله بن وَهب، أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، حدّثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال:
قال ابن عمر: كنتُ أبيتُ في المَسجِدِ في عَهدِ رسولِ الله ﷺ، وكنتُ فتًى شابًا عَزَبًا، وكانت الكِلابُ تبولُ وتُقبِلُ وتُدبِرُ في المَسجِدِ، فلم يكونوا يَرشُّونَ شيئًا مِن ذلك (١).


(١) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزُّهريّ.
وأخرجه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم (١٧٤) من طريق يونس بنِ يزيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٨٩)، و«صحيح ابن حبان» (١٦٥٦).
وأخرجه مختصرًا بنوم ابن عمر في المسجد وهو شاب عزب البخاري (٤٤٠)، ومسلم (٢٤٧٩)، والنسائى في «الكبرى» (٨٠٣)، وابن ماجه (٧٥١) من طريق نافع، والبخاري (١١٢١)، ومسلم (٢٤٧٩)، والترمذي (٣٢١)، وابن ماجه (٣٩١٩) من طريق سالم، كلاهما عن ابن عمر.
قال الخطابي في «معالم السنن» ١/ ١١٧: ويتأول قوله: «كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد» على أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، وتقبل وتدبر في المسجد عابرة، إذ لا يجوز أن تترك الكلاب تنتاب المساجد حتَّى تمتهنه وتبول فيه، وإنما كان إقبالها وإدبارها في أوقات نادرة، ولم يكن على المسجد أبواب فتمنع من عبورها فيه. قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٢٧٩: وتعقب بأنه إذا قيل بطهارتها لم يمتنع ذلك كما في الهرة، والأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثمَّ ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها، ويشير إلى ذلك ما رواه الإسماعيلي في روايته من طريق ابن وهب في هذا الحديث عن ابن عمر قال: كان ابن عمر يقول بأعلى صوته: اجتنبوا اللغو في المسجد، قال ابن عمر: وقد كنت أبيت في المسجد على عهد رسول الله ﷺ وكانت الكلاب ... فأشار إلى أن ذلك كان في الابتداء ثمَّ ورد الأمر بتكريم المسجد حتَّى من لغو الكلام.

١٣٥ - باب الأذى يصيب الذَّيل
٣٨٣ - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن محمَّد بن عُمارة بن عمرو ابن حَزْم، عن محمَّد بن إبراهيم، عن أُمِّ ولدٍ لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
أنَّها سألت أُمَّ سلمة زوجَ النبيُّ ﷺ فقالت: إنِّي امرأة أُطيلُ ذَيلي وأمشي في المكانِ القَذِرِ، فقالت أمُّ سلمة: قال رسولُ الله ﷺ: «يُطَهّرُه ما بعدَه» (١).
٣٨٤ - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النُّفَيليّ وأحمد بنُ يونس، قالا: حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله بن يزيد
عن امرأةِ من بني عبد الأشهَل، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ لنا طريقًا إلى المَسجِدِ مُنتِنَةً، فكيفَ نَفعَلُ إذا مُطِرنا؟ قال: «أليسَ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام أم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
وهو فى»موطأ مالك«١/ ٢٤، ومن طريقه أخرجه الترمذي (١٤٣)، وابن ماجه (٥٣١).
وهو في»مسند أحمد«، (٢٦٤٨٨).
ويشهد له ما بعده.
قوله:»يطهره ما بعده" قال الخطابي: كان الشافعيُّ يقول: إنما هو فيما جُرَّ على ما كان يابسًا لا يعلقُ بالثوب منه شيء، فأما إذا جُرَّ على رطب، فلا يطهره إلا الغسل. وقال أحمد بن حنبل: ليس معناه إذا أصابه بول ثمَّ مرّ بعده على الأرض أنها تطهره، ولكنه يمرُّ بالمكان فيقذره ثمَّ يمرُّ بمكان أطيب منه، فيكون هذا بذاك. وقال مالك فيما روي عنه: إن الأرض يطهر بعضها بعضًا: إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثمَّ يطأ الأرض اليابسة النظيفة، فإن بعضها يُطهر بعضًا، فأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوبَ أو بعض الجسد، فإن ذلك لا يطهره إلا الغسل، وهذا إجماعُ الأمة.

بعدَها طريقٌ هي أطيَبُ منها؟» قالت: قلتُ: بلى، قال: «فهذه بهذه» (¬١).

١٣٦ - باب الأذى يصيب النعل
٣٨٥ - حدّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا أبو المُغيرة (ح)
وحدّثنا عبّاس بن الوليد بن مَزيَد، أخبرني أبي (ح)
وحدّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا عمر -يعني ابنَ عبد الواحد-، عن الأوزاعيِّ -المعنى- قال: أُنبِئتُ أنَّ سعيدًا المَقبُريّ حدَّث عن أبيه
عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «إذا وَطِئَ أحدُكم بنَعلِهِ الأذى، فإنّ التُّرابَ له طَهورٌ» (٢).


(١) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه ابن ماجه (٥٣٣) من طريق شريك النخعي، عن عبد الله بن عيسى، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٤٥٢) و(٢٧٤٥٣).
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام شيخ الأوزاعي فيه، وقد رواه محمَّد ابن كثير الصنعانى -كما سيأتى بعده- عن الأوزاعي عن محمَّد بن عجلان عن سعيد المقبري، ومحمد بن كثير ضعيف يعتبر به ورواه بقية بن الوليد عند العقيلي في ترجمة عبد اللهُ بن زياد بن سمعان من «الضعفاء» ٢/ ٢٥٧ عن الأوزاعي عن محمَّد بن الوليد الزبيدي عن سعيد، وبقية ضعيف. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.
وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (٣٠٠) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ١/ ١٦٦، والبيهقى ٢/ ٤٣٠ من طرق عن الوليد بن مزيد، به.
وأخرجه ابن حبان (١٤٠٣) من طريق الوليد بن مزيد، عن الأوزاعي، عن سعيد، به.
وله شاهد من حديث عائشة، وهو الآتى برقم (٣٨٧).
وآخر من حديث أبى سعيد الخدري، وهو الآتى برقم (٦٥٠).=

٣٨٦ - حدَّثنا أحمد بن إبراهيم، حدّثني محمَّد بن كثير -يعني الصّنعانيّ-، عن الأوزاعيّ، عن ابن عَجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ، بمعناه، قال: «إذا وَطِئَ الأذى بخُفَّيهِ فطَهورُهما التُّرابُ» (١).
٣٨٧ - حدَّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا محمَّد -يعني ابنَ عائذ-، حدَّثني يحيى -يعني ابنَ حمزة-، عن الأوزاعىّ، عن محمَّد بن الوليد، أخبرني أيضًا سعيد بن أبي سعيد، عن القَعقاع بن حَكيم، عن عائشة، عن رسول الله ﷺ بمعناه (٢).


=قال البغوي في «شرح السنة» ٢/ ٩٣: ذهب بعض أهل العلم إلى ظاهر هذا الحديث، منهم النخعي، كان يمسح النعل أو الخف يكون به السِّرقين (الروث) عند باب المسجد فيصلي بالقوم، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور، وزاد في «نيل الأوطار» ١/ ٤٤ فقال: وأبو حنيفة وأبو يوسف وإسحاق وأحمد في رواية وهى إحدى الروايتين عن الشافعي، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يطهر إلا بالماء كالبدن والثوب، وتأولوا الحديث على ما إذا مرّ على شيء يابس منها فعلق به يزيله ما بعده كما في حديث أم سلمة أنها سئلت عن امرأة تطيل ذيلها، وتمشي في المكان القذر، فقالت: قال رسول الله- ﷺ: «يطهره ما بعده» أخرجه أحمد (٢٦٤٨٨) وقد سلف عند المصنف (٣٨٣) وله شاهد يصح به عند المصنف (٣٨٤).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمَّد بن كثير الصنعاني ضعيف يعتبر به، وقد انفرد بتسمية شيخ الأوزاعي المبهم في أكثر الروايات عنه: محمدَ بنَ عجلان، وقد سلف تفصيل الاختلاف على الأوزاعي فيه فيما قبله.
وأخرجه ابن خزيمة (٢٩٢)، والطحاوي ١/ ٥١، والعقيلي في ترجمة عبد الله بن زياد بن سمعان من «الضعفاء» ٢٥٧/ ٢، وابن حبان (١٤٠٤)، والحاكم ١/ ١٦٦، واليهقي ٢/ ٤٣٠ من طرق عن محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢) إسناده قوي، محمَّد بن عائذ لا بأس به، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي ٢/ ٤٣٠ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.=

١٣٧ - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب
٣٨٨ - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن فارس، حدَّثنا أبو مَعمَر، حدَّثنا عبد الوارث، حدّثتنا أُمُّ يونس بنتُ شدَّاد قالت: حدّثتني حَماتي أُمُّ جَحدَر العامريَّة
أنَّها سألت عائشةَ عن دَمِ الحَيضِ يُصيبُ الثَّوبَ، فقالت: كنتُ مَعَ رسولِ الله ﷺ وعلينا شِعارُنا، وقد ألقَينا فوقَه كِساءً، فلمّا أصبَحَ رسولُ الله- ﷺ أخذَ الكِساءَ فلَبِسَه، ثمَّ خرجَ فصلَّى الغَداةَ، ثمَّ جَلَسَ، فقال رجل: يا رسولَ الله، هذه لُمعةٌ من دَم، فقبضَ رسولُ الله ﷺ ما يليها (١)، فبعثَ بها إليَّ مَصرُورةَ في يدِ الغُلامِ، فقال: «اغسِلي هذا وأَجِفِّيها، وأرسلِي بها إليَّ» فدَعَوتُ بقَصعَتي فغَسَلتُها، ثمَّ أجفَفتُها فأحَرتُها إليه، فجاءَ رسولُ الله- ﷺ بنصفِ النّهار وهي عليه (٢).


=وأخرجه أبو يعلى (٤٨٦٩)، والعقيلي في ترجمة عبد الله بن زياد بن سمعان من «الضعفاء» ٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧، والطبراني في «الأوسط» (٢٧٥٩)، وابن عدي في ترجمة ابن سمعان من «الكامل» ٤/ ١٤٤٥ - ١٤٤٦ من طريق يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عبد الله بن زياد بن سمعان، عن سعيد المقبري، به. وابن سمعان متروك، وذكر الدارقطني في «العلل» ٨/ ١٦٠ طريق ابن سمعان هذه بعد ذكر الاختلاف على الأوزاعى في حديث أبي هريرة السالف قبل هذا، وقال عنها: وهو أشبهها بالصواب، وإن كان ابن سمعان متروكًا.
وأخرجه موقوفًا عبد الرزاق (١٠٦) عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري: أن امرأة سألت عائشة عن المرأة تجرّ ذيلها إذا خرجت إلى المسجد، فتصيب المكان الذي ليس بطاهر، قالت: فإنها تمرُّ على المكان الطاهر فيُطهِّره.
(١) في (ج) و(د) و(هـ): على ما يليها.
(٢) إسناده ضعيف، أم جحدر العامرية لم يرو عنها غير أم يونس، وأم يونس لم يرو عنها غير عبد الوارث بن سعيد. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو التميمي.
وأخرجه البيهقي ٢/ ٤٠٤ من طريق المصنف، بهذا الإسناد.=

١٣٨ - باب البُزاق يصيب الثوب
٣٨٩ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، أخبرنا ثابتٌ البُنانيُّ
عن أبي نَضْرة، قال: بَزَقَ رسولُ الله ﷺ في ثَوبِهِ وحَكَّ بعضَه ببعض (١).
٣٩٠ - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، عن حُميد، عن أنس، عن النبي ﷺ، بمثله (٢).


=قولها: «مصرورة» أي: مجموعة منقبضة أطرافها، وأصل الصَّرِّ: الجمع والشد، وكل شيء جمعته فقد صررته.
وقولها: «فأحرتُها» أي: رددتها.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد مرسل رجاله ثقات، إلا أنه لا يعرف لثابت -وهو ابن أسلم- البناني سماع من أبى نضرة -وهو المنذر بن مالك-، وقد ذكر الدارقطني فى «العلل» ٤/ الورقة ٥ أن الصواب: عن ثابت عن رجل عن أبي نضرة.
وأخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» ١/ ٢٣، وابن أبي حاتم في «العلل» ١/ ١٢٠ من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد مرسلًا.
وأخرجه أحمد (١١٣٨٢)، وابن ماجه (١٠٢٤)، وابن أبي حاتم ١/ ١٢٠ من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي سعيد. ورجح أبو حاتم المرسل، وزاد ابن ماجه: «وهو في الصلاة» وهي زيادة شاذة كما بيناها فى تخريج «سنن ابن ماجه».
ويشهد له حديث أنس الآتي بعده.
(٢) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه البخاري (٢٤١) و(٤٠٥) و(٤١٧)، والنسائي فى «الكبرى» (٢٩٣) من طرق عن حميد، عن أنس. ولفظ البخاري في الموضع الثاني: أن النبي ﷺ رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتَّى رُئي في وجهه، فقام فحكَّه بيده فقال: «إن أحدكم اذا قام فى صلاته فإنه يناجى ربه -أو إن ربه بينه وبين القبلة- فلا يَبزُقَنَّ أحدكم قِبَلَ قِبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه» ثمَّ أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثمَّ ردَّ بعضه على بعض، فقال: «أو يفعل هكذا».

 


google-playkhamsatmostaqltradent