recent
آخر المقالات

[أَبْوَابُ الْهِبَاتِ]

 

١ - بَابُ الرَّجُلِ يَنْحَلُ وَلَدَهُ
٢٣٧٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ ابْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: انْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ يَحْمِلُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «فَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي». قَالَ: «أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَلَا إِذًا» (١).



(١) إسناده صحيح. الشعبي اسمه عامر بن شَراحيل.
وأخرجه البخاري (٢٥٨٧) و(٢٦٥٠)، ومسلم (١٦٢٣)، وأبو داود (٣٥٤٢)، والنسائي ٦/ ٢٥٩ و٢٦٠ من طرق عن الشعبي، عن النعمان. زاد عند بعضهم: «فإني لا أشهد عليَّ جور».
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٦٣) و(١٨٣٦٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٠٦).
وأخرجه مسلم (١٦٢٣)، وأبو داود (٣٥٤٣)، والنسائي ٦/ ٢٥٩ من طريق عروة بن الزبير، والنسائي ٦/ ٢٦١ و٢٦٢ من طريق أبي الضحى مسلم بن صُبيح، كلاهما عن النعمان بن بشير.
وأخرج أبو داود (٣٥٤٤)، والنسائي ٦/ ٢٦٢ من طريق المفضل بن المهلّب، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله ﷺ: «اعدِلوا بين أبنائكم، اعدِلوا بين أبنائكم».
وانظر ما بعده. =

٢٣٧٦ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَخْبَرَاهُ
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ غُلَامًا، وَأَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُشْهِدُهُ، فَقَالَ: «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَارْدُدْهُ» (١).

٢ - بَابُ مَنْ أَعْطَى وَلَدَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ
٢٣٧٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ طَاوُوسٍ


= قال الإمام الخطابي رحمه الله في «معالم السُّنن» ٣/ ١٧١: اختلف أهل العلم في جواز تفضيل بعض الأبناء عليَّ بعض في النحل والبر، فقال مالك والشافعي: التفضيل مكروه فإن فعل ذلك نفذ، وكذلك قال أصحاب الرأي، وعن طاووس أنه قال: إن فعل ذلك لم ينفذ، وكذلك قال إسحاق بن راهويه، وهو قول داود، وقال أحمد بن حنبل: لا يجوز التفضيل، ويُحكى ذلك عن سفيان الثوري.
قلنا: وقول الإمام أحمد: لا يجوز التفضيل، ليس هو عليَّ إطلاقه، فقد قال ابن قدامة في «المغني» ٨/ ٢٥٨: فإن خص بعض أولاده لمعنى يقضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطية عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه عليَّ معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل عليَّ جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف. لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان عليَّ سبيل الأثرة، والعطية في معناه.
(١) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع. سفيان: هو ابن عيينة، وحميد بن عبد الرحمن: هو ابن عوف الزهري.
وأخرجه البخاري (٢٥٨٦)، ومسلم (١٦٢٣)، والترمذي (١٣٦٧)، والنسائي ٦/ ٢٥٨ من طريق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٨٢)، و«صحيح ابن حبان» (٥٥٩٧).
وانظر ما قبله.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ يَرْفَعَانِ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا، إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» (١).
٢٣٧٨ - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَرْجِعْ فِي هِبَتِهِ (٢) إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ» (٣).


(١) إسناده صحيح. ابن أبي عدي: هو محمَّد بن إبراهيم، وحسين المعلم: هو ابن ذكوان.
وأخرجه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٣٤٥) و(٢٢٦٦)، والنسائي ٦/ ٢٦٥ و٢٦٧ - ٢٦٨ من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١١٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٢٣).
وأخرجه النسائي ٦/ ٢٦٥ و٢٦٨ من طريق الحسن بن مسلم، عن طاووس مرسلًا.
وانظر ما سيأتي برقم (٢٣٨٥) و(٢٣٨٦).
(٢) في المطبوع: لا يرجع أحدكم في هبته، بزيادة «أحدكم». وفي (س): في هبةٍ.
(٣) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل جميل بن الحسن -وهو العتكي- وقد توبع، وعبد الأعلى -وهو ابن عبد الأعلى السامي- سمع من سعيد -وهو ابن أبي عروبة- قبل الاختلاط. عامر الأحول: هو ابن عبد الواحد.
وأخرجه النسائي ٦/ ٢٦٤ - ٢٦٥ من طريق إبراهيم بن طهمان، عن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٦٧٠٥) عن محمَّد بن جعفر، عن سعيد، به.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٧٣٦، والبيهقي ٦/ ١٧٩ من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن عامر الأحول، به. وسنده حسن.
وقد سلف عند المصنف قبله من طرق عمرو بن شعيب، عن طاووس، عن ابن عمر وابن عباس. قال الدارقطني في «العلل»- كما في «نصب الراية» ٤/ ١٢٤ -: =

٣ - بَابُ الْعُمْرَى
٢٣٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا عُمْرَى، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ» (١).


= ولعل الإسنادين محفوظان. وقال البيهقي في «السُّنن» ٦/ ١٧٩: ويحتمل أن يكون عمرو بن شعيب رواه من الوجهين جميعًا، فحسين المعلم حجة، وعامر الأحول ثقة.
وأخرجه أبو داود (٣٥٤٠) من طريق أسامة بن زيد الليثي -وهو حسن الحديث- عن عمرو بن شعيب، به، بذكر العائد في هبته دون استثناء الوالد. وهو في «مسند أحمد» (٦٦٢٩).
(١) إسناده حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو الليثي-. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه النسائي ٦/ ٢٧٧ من طريق محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (٨٦٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٣١).
وأخرجه البخاري (٢٦٢٦)، ومسلم (١٦٢٦)، وأبو داود (٣٥٤٨)، والنسائي ٦/ ٢٧٧ من طريق بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: «العمرى جائزة». وهو في «مسند أحمد» (٨٥٦٧).
قوله: «عُمرى» اسم من: أعمرتك الدار، أي: جعلت لك سكناها مدة عمرك، فإذا متَّ عادت إليّ، وكذا كانوا يفعلون في الجاهية.
قال في «المغني» ٨/ ٢٨٣: قال جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وشريح ومجاهد وطاووس والثوري والشافعي وأصحاب الرأي: إن العمرى تَنقُلُ الملكَ إلى المُعمَرِ. وروي ذلك عن علي.
وقال مالك والليث: العمرى تمليك المنافع، ولا تُملك بها رقبة المُعمَر بحال، ويكرن للمُعمَر السكنى، فإذا مات عادت إلى المُعمِر. وإن قال: له ولعقبه، كان سكناها لهم، فإذا انقرضوا عادت إلى المُعمِر.

٢٣٨٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ فِيهَا، فَهِيَ لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ» (١).
٢٣٨١ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَعَلَ الْعُمْرَى لِلْوَارِثِ (٢).


(١) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (٢٦٢٥)، ومسلم (١٦٢٥)، وأبو داود (٣٥٥٠) و(٣٥٥٢ - ٣٥٥٥)، والترمذي (١٤٠٠)، والنسائي ٦/ ٢٧٥ و٢٧٥ - ٢٧٦ و٢٧٦ و٢٧٧ من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٢٩٠)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٣٩).
وأخرجه أبو داود (٣٥٥١)، والنسائي ٦/ ٢٧٤ - ٢٧٥ من طريق عروة بن الزبير، عن جابر.
وسيأتي عند المصنف برقم (٢٣٨٣) من طريق أبي الزبير، عن جابر.
(٢) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار، وحُجر المدري: هو ابن قيس الهَمداني.
وأخرجه أبو داود (٣٥٥٩)، والنسائي ٦/ ٢٧١ من طرق عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي ٦/ ٢٧٠ و٢٧١ من طرق عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن زيد بن ثابت، بإسقاط حجر المدري، والصحيح ذِكرُه:
فقد أخرجه النسائي ٦/ ٢٧٥ - ٢٧١ من طريقين عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن حجر المدري، عن زيد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٥٨٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥١٣٢ - ٥١٣٤). =

٤ - بَابُ الرُّقْبَى
٢٣٨٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا رُقْبَى، فَمَنْ أُرْقِبَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ، حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ». قَالَ: وَالرُّقْبَى أَنْ يَقُولَ: هُوَ لِلْآخِرِ مِنِّي وَمِنْكَ مَوْتًا (١).
٢٣٨٣ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ


= وأخرجه النسائي ٦/ ٢٧٢ من طريق قتادة وسعيد بن بشير -فرقهما- عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن حجر المدري، عن ابن عباس رفعه بلفظ: «العمرى جائزة» إلا أن سعيد بن بشير لم يذكر حجر المدري، وسعيد ضعيف، ورواية قتادة أصح.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، حبيب بن أبي ثابت رواه بالعنعنة، وقد صرح عند عبد الرزاق (١٦٩٢٠) بأنه لم يسمع من ابن عمر في الرقبى شيئًا.
ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وقد صرح بالتحديث عند غير واحد.
وأخرجه النسائي ٦/ ٢٧٣ من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وفيه زيادة: «ولا عمرى».
وأخرجه أيضًا ٦/ ٢٧٣ من طريق محمَّد بن بكر، عن عطاء، به. وقال فيه: عن ابن عمر ولم يسمعه منه.
وأخرجه النسائي ٦/ ٢٧٣ عن عبدة بن عبد الرحيم، عن وكيع، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن حبيب، سمعت ابن عمر. هكذا رواه عبدة بتصريح حبيب بالسماع، وخالفه أحمد بن حنبل فرواه في «مسنده» (٤٨٠١) عن وكيع، به، وقال: عن ابن عمر. وأحمد أوثق من عبدة.
وانظر«مسند أحمد» (٤٩٠٦).
ويشهد له حديث جابر الآتي بعده.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِمَنْ أُعْمِرَهَا، وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لِمَنْ أُرْقِبَهَا» (١).

٥ - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ
٢٣٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خِلَاسٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعُودُ فِي عَطِيَّتِهِ، كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ فَأَكَلَهُ» (٢).


(١) إسناده صحيح، أبو الزبير- واسمه محمَّد بن مسلم بن تدرس- صرح بالسماع عند النسائي وغيره. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وهشيم: هو ابن بشير، وداود: هو ابن أبي هند.
وأخرجه أبو داود (٣٥٥٨)، والترمذي (١٤٠١)، والنسائي ٦/ ٢٧٤ من طريقين عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٦٢٥)، والنسائي ٦/ ٢٧٤ من طرق عن أبي الزبير، به، بلفظ: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعمروها، فمن أُعمر شيئًا حياته فهو له حياته وبعد موته».
وانظر ما سلف برقم (٢٣٨٠).
قال الإمام الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» ١٤/ ٦٩: قد اختلف أهل العلم في كيفية العُمرى، فقالت طائفة منهم: هي قول الرجل للرجل: قد ملكتك داري هذه أيام حياتك، فتكون له بذلك في حياته، وتكون لورثته بعد وفاته، وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة والثوري وأصحابهما والشافعي.
وقال آخرون: العُمرى التي لها هذا الحكم هي العُمرى التي يقول الرجل للرجل: قد أعمرتك ولعقبك داري هذه، فتكون له في حياته وإن لم يذكر فيها: ولعقبك، رجعت إلى المُعمر بعد موت المُعمَرِ، وممن كان يقول ذلك منهم ابن شهاب ومالك وكثير من أهل المدينة، وانتهى إلى ترجيح القول الأول، فانظره.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، فخلاس -وهو ابن عمرو الهجري- لم يسمع من أبي هريرة فيما نقله أبو داود عن أحمد، وقد توبع. أبو أسامة: هو حمادُ بن أسامة، وعوفُ: هو ابن أبي جميلة. =

٢٣٨٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» (١).


= وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٦/ ٤٧٧.
وأخرجه أحمد (٧٥٢٤) و(٩٥٥٢) و(١٠٣٨١)، وإسحاق بن راهويه (٤٩٧)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٧٨، وفي «شرح مشكل الآثار» (٥٠٣٢) من طرق عن عوف بن أبي جميلة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي ٤/ ٧٨ من طريق روح بن عبادة، عن عوت، عن الحسن مرسلًا. وروح نفسه يرويه عند الطحاوي كرواية الجماعة.
وأخرجه أحمد (١٠٣٨٢) عن محمَّد بن جعفر، عن عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح متصل.
قال الإمام النووي في «شرح مسلم» ١١/ ٦٤ - ٦٥: هذا ظاهر في تحريم الرجوع في الهبة والصدقة بعد إقباضهما، وهو محمول عليَّ هبة الأجنبي، أما إذا وهب لولده وإن سفل فله الرجوع فيه، كما صرح به في حديث النعمان بن بشير (وهو السالف برقم ٢٣٧٥)، ولا رجوع في هبة الإخوة والأعمام وغيرهم من ذوي الأرحام، هذا مذهب الشافعي، وبه قال مالك والأوزاعي، وقال أبو حنيفة وآخرون: يرجع كل واهب إلا الوالد وكل ذي رحم محرم.
(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه البخاري (٢٦٢١)، ومسلم (١٦٢٢) (٧)، وأبو داود (٣٥٣٨)، والنسائي ٦/ ٢٦٦ من طريق قتادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٦٢٢) و(٦٩٧٥)، والترمذي (١٣٤٤)، والنسائي ٦/ ٢٦٦ من طريق عكرمة، والبخاري (٢٥٨٩)، ومسلم (١٦٢٢) (٨)، والترمذي (٢٢٦٦)، والنسائي ٦/ ٢٦٧ من طريق طاووس، كلاهما عن ابن عباس، ولفظ البخاري والنسائي: «ليس لنا مثل السَّوءِ الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه». =

٢٣٨٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْعَرْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» (١).

٦ - بَابُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً رَجَاءَ ثَوَابِهَا
٢٣٨٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيل بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٢٥٢٩). وانظر ما سلف برقم (٢٣٧٧).
وسيأتي برقم (٢٣٩١) من طريق محمَّد بن علي الباقر، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس بذكر الرجوع في الصدقة بدل الهدية.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أحمد بن عبد الله العرعري تفرد ابن ماجه بالرواية عنه، وليس له عنده غير هذا الحديث، والعمري -وهو عبد الله بن عمر- ضعيف أيضًا، والمحفوظ: عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مرفوعًا: «العائد في صدقته ...»، وسيأتي حديث زيد بن أسلم برقم (٢٣٩٠).
وقد سلف حديث الهبة من طريق طاووس، عن ابن عمر وابن عباس برقم (٢٣٧٧).
وتشهد له أحاديث الباب السالف قبله.
(٢) ضعيف مرفوعًا، إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعيف، وعمرو بن دينار لم يسمع من أبي هريرة كما قال البيهقي، والصحيح أنه من قول عمر كما قال البخاري في «التاريخ الكبير» ١/ ٢٧١. وكيع: هو ابن الجراح.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ٤٧٤، والدارقطني (٢٩٧٠ - ٢٩٧٢)، والبيهقي ٦/ ١٨١ من طرق عن إبراهيم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. =

٧ - بَابُ عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا
٢٣٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الرَّقِّيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، إِذَا هُوَ مَلَكَ عِصْمَتَهَا» (١).


= وأخرجه الطحاوي ٤/ ٨١، والبيهقي ٦/ ١٨١ من طريق سالم، عن ابن عمر، عن عمر موقوفًا بلفظ: مَن وهب هبةً فلم يُثَب فهو أحق بهبته إلا لذي رحم. قال البيهقي: وهو المحفوظ.
وأخرج نحوه عبد الرزاق (١٦٥١٩) و(١٦٥٢٠) و(١٦٥٢٤) و(١٦٥٢٨)، وابن أبي شيبة ٤/ ٤٧٢، والطحاوي ٤/ ٨١ من طرق عن عمر موقوفًا.
(١) حديث حسن، المثنى بن الصباح -وان كان ضعيفًا- متابَع. محمَّد بن سلمة: هو الحراني.
وأخرجه أبو داود (٣٥٤٦)، والنسائي ٥/ ٦٥ و٦/ ٢٧٨ من طرق عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٧٢٧) و(٧٠٥٨).
قوله: «لا يجوز لامرأة في مالها» أي: لا يجوز لها فيه هبةٌ أو عطيةٌ، كما في مصادر التخريج.
قال السندي في حاشيته عليَّ «سنن النسائي» ٦/ ٢٧٩: قال الخطابي: أخذ به مالك. قلت (القائل السندي): ما أخذ بإطلاقه، ولكن فيما زاد عليَّ الثلث، وهو عند أكثر العلماء عليَّ معنى حُسن العِشرة واستطابة نفس الزوج، ونقل عن الشافعي أن الحديث ليس بثابت وكيف نقول به والقرآن يدل عليَّ خلافه، ثم السنة، ثم الأثر، ثم المعقول، ويمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار، مثل: «ليس لها أن تصوم وزوجُها حاضر إلا بإذنه» فإن فعلت جاز صومُها، وإن خرجت بغير إذنه فباعت جاز بيعُها، وقد أعتقت ميمونةُ قبل أن يعلم النبي ﷺ فلم يعب ذلك عليها، فدل هذا مع غيره عليَّ أن هذا الحديث- إن ثبت- فهو محمولٌ عليَّ الأدب =

٢٣٨٩ - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى (١) رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ جَدَّتَهُ خَيْرَةَ امْرَأَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِحُلِيٍّ لَهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهَذَا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، فَهَلْ اسْتَأْذَنْتِ كَعْبًا؟» قَالَتْ: نَعَمْ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ: «هَلْ أَذِنْتَ لِخَيْرَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا؟» فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْهَا (٢).


= والاختيار، وقال البيهقي: إسناد هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح، فمن أثبت عمرو بن شعيب لَزِمَه إثباتُ هذا، إلا أن الأحاديث المعارضةَ له أصحُّ إسنادًا، وفيها وفي الآيات التي احتج بها الشافعيُّ دلالةٌ عليَّ نفوذ تصرُّفها في مالها دون الزوج، فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولًا عليَّ الأدب والاختيار، كما أشار إليه الشافعي. والله تعالى أعلم. وانظر كلام الإمام الشافعي رحمه الله بتمامه في «الأم» ٣/ ٢١٦ - ٢١٨ فإنه في غاية النفاسة والفقاهة.
(١) تحرف في بعض النسخ الخطية إلى: عبد الله بن نجي. بنون وجيم.
(٢) إسناده ضعيف، عبد الله بن يحيى وأبوه مجهولان.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» معلقًا ٥/ ٢٣٠، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ٦/ ١٢٦، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ٣٥١، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (٦٥٤)، وفي «الأوسط» (٨٦٧١)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٧/ ١٠١، والمزي في ترجمة عبد الله بن يحيى من «تهذيب الكمال» ١٦/ ٢٩٧ من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
قال الطحاوي في «شرح معاني الاَثار» ٤/ ٣٥٣ بعد أن أورد ما يُعارضه: فكيف يجوز لأحد تركُ آيتين من كتاب الله عز وجل، وسنن ثابتة عن رسول الله ﷺ متفق عليَّ صحة مجيئها، إلى حديث شاذ لا يثبت مثله!!

 


google-playkhamsatmostaqltradent