(الوصية) قال الأزهري: هي مشتقة من وصيت
الشيء أوصيه، وسميت وصية لأنه وصل ما كان في حياته بما بعده. ويقال: وصى وأوصى
إيصاء. والاسم الوصية والوصاة.
١ - (١٦٢٧)
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بن مثنى
الْعَنَزِيُّ (واللفظ لابن المثنى) قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ ابْنُ
سَعِيدٍ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابن عمر؛
أن رسول الله ﷺ قال (ما حَقُّ
امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ،
إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عنده).
(ما حق امرئ مسلم) قال الشافعي رحمه الله:
معنى الحديث: ما الحزم والاحتياط
للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده. فيستحب تعجيلها، وأن يكتبها في صحته، ويشهد
عليه فيها. ويكتب فيها ما يحتاج إليه.
٢ - (١٦٢٧)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ
بْنُ نُمَيْرٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي. كِلَاهُمَا عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُمَا قَالَا (وَلَهُ شَيْءٌ
يُوصِي فِيهِ). وَلَمْ يَقُولَا (يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ).
٣ - (١٦٢٧)
وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ
زيد). ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ
عُلَيَّةَ). كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ
سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ
زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامٌ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ). كُلُّهُمْ عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ
اللَّهِ. وَقَالُوا جَمِيعًا (لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ). إِلَّا فِي حَدِيثِ
أَيُّوبَ فَإِنَّهُ قَالَ (يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ). كَرِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ.
٤ - (١٦٢٧)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ.
أَخْبَرَنِي عَمْرٌو (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ،
عَنْ أَبِيهِ؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
قَالَ (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ. يَبِيتُ ثَلَاثَ
لَيَالٍ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ:
مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال ذلك، إلا
وعندي وصيتي.
(١٦٢٧) - وحدثنيه أبوالطاهر وحرملة. قالا:
أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ
اللَّيْثِ. حدثني أبي عن جدي. حدثني عقيل. ح وحدثنا ابن أبو عمر وعبد ابن حميد.
قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كُلُّهُمْ عَنْ
الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.
١ - بَاب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ.
٥
- (١٦٢٨)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عن عامر ابن سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ. فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَلَغَنِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ. وَأَنَا ذُو مَالٍ.
وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ. أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ
مَالِي؟ قَالَ (لا) قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ (لَا. الثُّلُثُ.
وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ.
⦗١٢٥١⦘
إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ
أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ.
وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا أُجِرْتَ
بِهَا. حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ). قَالَ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ (إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ
فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ
دَرَجَةً وَرِفْعَةً. وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يُنْفَعَ بِكَ أَقْوَامٌ
وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ. اللَّهُمَّ! أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ. وَلَا
تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ).
قَالَ: رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
من أن توفى بمكة.
(عن أبيه) هو سعد بن أبي وقاص.
(أشفيت
منه على الموت) أي قاربته وأشرفت عليه. يقال: أشفى عليه وأشاف، قاله الهروي.
(ولا
يرثني إلا ابنة لي واحدة) أي لا يرثني من الولد وخواص الورثة. وإلا فقد كان له
عصبة. وقيل: معناه لا يرثني من أصحاب الفروض.
(والثلث
كثير) بالمثلثة، وبعضها بالموحدة: كبير. وكلاهما صحيح. قال القاضي: يجوز نصب الثلث
الأول ورفعه. أما النصب فعلى الإغراء. أو على تقدير فعل. أي أعط الثلث. وأما الرفع
فعلى أنه فاعل. أي يكفيك الثلث. أو أنه مبتدأ وحذف خبره. أو خبر محذوف المبتدأ.
(إنك
إن تذر ورثتك أغنياء) قال القاضي: رحمه الله: روينا قوله: إن تذر بفتح الهمزة
وكسرها. وكلاهما صحيح. والمعنى تركك إياهم مستغنين عن الناس خير من أن تذرهم عالة
أي فقراء.
(يتكففون
الناس) أي يسألونهم بمد أكفهم إليهم.
(حتى
اللقمة) بالجر على أن حتى جارة. وبالرفع على أن كونها ابتدائية، والخبر تجعلها.
وبالنصب عطفا على نفقة.
(أخلف
بعد أصحابي) قال القاضي: معناه أحلف بمكة بعد أصحابي؟ فقاله إما إشفاقا من موته
بمكة لكونه هاجر منها وتركها لله تعالى، فخشى أن يقدح ذلك في هجرته أو في ثوابه
عليها. أو خشى بقاءه بمكة بعد انصراف النبي ﷺ وأصحابه الى المدينة، وتخلفه عنهم
بسبب المرض.
(إنك
لن تخلف) المراد بالتخلف طول العمر والبقاء في الحياة بعد جماعات من أصحابه.
(ولعلك
تخلف حتى ينفع بك أقوام) هذا الحديث من المعجزات. فإن سعدا رضي الله عنه عاش حتى
فتح العراق وغيره. وانتفع به أقوام في دينهم ودنياهم. وتضرر به الكفار في دينهم
ودنياهم. وولي العراق فاهتدى على يديه خلائق وتضرر به خلائق بإقامته الحق فيهم، من
الكفار ونحوهم.
(اللهم
أمض لأصحابي في هجرتهم) أي أتممها ولا تبطلها ولا تردهم على أعقابهم بترك هجرتهم
ورجوعهم عن مستقيم حالهم المرضية.
(لكن
البائس سعد بن خولة) البائس هو الذي عليه أثر البؤس، وهو الفقر والقلة.
(رثى
له رسول الله ﷺ من أن توفى بمكة) قال العلماء: هذا من كلام الراوي، وليس هو من
كلام النبي ﷺ. بل انتهى كلامه ﷺ بقوله (لكن البائس سعد بن خولة). فقال الراوين
تفسيرا لمعنى هذا الكلام: إنه يرثيه النبي ﷺ ويتوجع له ويرق عليه لكونه مات بمكة.
واختلفوا في قصة سعد بن خولة. فقيل: لم يهاجر من مكة حتى مات بها. وذكر البخاري
أنه هاجر وشهد بدرا ثم انصرف الى مكة ومات بها. وقال ابن هشام: إنه هاجر الى
الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بدرا وغيرها وتوفي بمكة حجة الوداع، سنة عشر. وقيل:
توفي بها سنة سبع في الهدنة، خرج مجتازا من المدينة. فقيل: سبب بؤسه سقوط هجرته
لرجوعه عنها مختارا وموته بها. وقيل: سبب بؤسه موته بمكة على أي حال كان، وإن لم
يكن باختياره. لما فاته من الأجر والثواب الكامل بالموت في دار هجرته، والغربة عن
وطنه الذي هجره لله تعالى.
(١٦٢٨) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالَا: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بن إبراهيم وعبد بن
حميد. قالا: أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كُلُّهُمْ عَنْ
الزُّهْرِيِّ، بهذا الإسناد، نحوه.
٢ م - (١٦٢٨) وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ
بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ
سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ. قَالَ: دَخَلَ
النَّبِيُّ ﷺ على يَعُودُنِي. فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. وَلَمْ
يَذْكُرْ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا.
٦ - (١٦٢٨)
وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا
زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ
أَبِيهِ. قَالَ:
مَرِضْتُ فَأَرْسَلْتُ إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ. فَقُلْتُ: دَعْنِي أَقْسِمْ مَالِي حَيْثُ شِئْتُ. فَأَبَى. قُلْتُ:
فَالنِّصْفُ؟ فَأَبَى. قُلْتُ: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ بَعْدَ الثُّلُثِ.
قَالَ: فَكَانَ، بَعْدُ، الثُّلُثُ جائزا.
(١٦٢٨) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن
سِمَاكٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ: فَكَانَ، بعد، الثلث
جائزا.
٧ - (١٦٢٨)
وحدثني القاسم بن زكريا. حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
عَادَنِي النَّبِيُّ ﷺ فَقُلْتُ:
أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ. قَالَ: (لَا). قُلْتُ: فَالنِّصْفُ. قَالَ (لَا)
فَقُلْتُ: أَبِالثُّلُثِ؟ فَقَالَ (نَعَمْ. وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ).
٨ - (١٦٢٨)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ
عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ. كُلُّهُمْ
يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِيهِ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى
سَعْدٍ يَعُودُهُ بِمَكَّةَ. فَبَكَى. قَالَ (مَا يُبْكِيكَ؟) فَقَالَ: قَدْ
خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا. كَمَا مَاتَ سَعْدُ
بْنُ خَوْلَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (اللَّهُمَّ! اشْفِ سَعْدًا. اللَّهُمَّ!
اشْفِ سعد) ثَلَاثَ مِرَارٍ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي مَالًا
كَثِيرًا. وَإِنَّمَا يَرِثُنِي ابْنَتِي. أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ
(لَا) قَالَ: فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ (لَا) قَالَ: فَالنِّصْفُ؟ قَالَ (لَا)
قَالَ: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ (الثُّلُثُ. وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. إِنَّ صَدَقَتَكَ
مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ. وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ صَدَقَةٌ وإن تَأْكُلُ
امْرَأَتُكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ. وَإِنَّكَ أَنْ تَدَعَ أَهْلَكَ بِخَيْرٍ
(أَوَ قَالَ بِعَيْشٍ)، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)
وَقَالَ بِيَدِهِ.
٩ - (١٦٢٨)
وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا
أَيُّوبُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ. قَالُوا: مَرِضَ سَعْدٌ
بِمَكَّةَ. فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعُودُهُ. بِنَحْوِ حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ.
(١٦٢٨) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ،
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنِي ثَلَاثَةٌ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ
بْنِ مَالِكٍ. كُلُّهُمْ يُحَدِّثُنِيهِ بِمِثْلِ حَدِيثِ صَاحِبِهِ. فقال: مرض
سعد بمكة. فأتاه النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ
عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ.
١٠ - (١٦٢٩) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى
الرَّازِيُّ. أَخْبَرَنَا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ). ح وحَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرِ بن أبي شيبة وأبو كريب. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو
كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ
الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ، فَإِنَّ رسول الله ﷺ قال (الثُّلُثُ. وَالثُّلُثُ
كَثِيرٌ).
وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ (كَبِيرٌ أو
كثير).
(لو أن الناس غضوا من الثلث) غضوا أي نقصوا.
٢ - بَاب وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى
الْمَيِّتِ
١١
- (١٦٣٠)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ
حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنِ
الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ:
إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يُوصِ. فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ
أَتَصَدَّقَ عنه؟ قال (نعم).
١٢ - (١٠٠٤) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. أَخْبَرَنِي أَبِي
عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ:
إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا. وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ
تَصَدَّقَتْ. فَلِي أَجْرٌ أن أتصدق عنها؟ قال (نعم).
(افتلتت نفسها) أي ماتت بغتة وفجأة. والفلتة
والافتلات ما كان بغتة. ونفسها يرفع السين ونصبها، هكذا ضبطوه. وهما صحيحان. الرفع
على ما لم يسم فاعله. والنصب على المفعول الثاني.
(١٠٠٤) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا. وَلَمْ
تُوصِ. وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ. أَفَلَهَا أَجْرٌ إِنْ
تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ (نَعَمْ).
١٣ - (١٠٠٤) وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحدثني الحكم ابن مُوسَى. حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ
إِسْحَاقَ. ح وحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي
ابْنَ زُرَيْعٍ). حَدَّثَنَا رَوْحٌ (وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ). ح وحدثنا أبو بكر
ابن أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ
بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. أَمَّا أَبُو أُسَامَةَ وَرَوْحٌ فَفِي
حَدِيثِهِمَا: فَهَلْ لِي أجر؟ كما قال يحيى ابن سَعِيدٍ. وَأَمَّا شُعَيْبٌ
وَجَعْفَرٌ فَفِي حَدِيثِهِمَا: أَفَلَهَا أَجْرٌ؟ كَرِوَايَةِ ابْنِ بِشْرٍ.
٣ - باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته
١٤
- (١٦٣١)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) وَابْنُ
حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنِ الْعَلَاءِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ (إِذَا مَاتَ
الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ. أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ. أو ولد صالح يدعو له).
(إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله) قال
العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له، إلا في هذه
الأشياء الثلاثة. لكونه كان سببها. فإن الولد من كسبه. وكذلك العلم الذي خلفه من
تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، وهي الوقف.
٤ - بَاب الْوَقْفِ
١٥
- (١٦٣٢)
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ
أَخْضَرَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ.
فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إني
أصبيت أَرْضًا بِخَيْبَرَ. لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي
مِنْهُ. فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ
بِهَا). قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ؛ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا. وَلَا
يُبْتَاعُ. وَلَا يُورَثُ. وَلَا يُوهَبُ. قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي
الْفُقَرَاءِ. وَفِي الْقُرْبَى. وَفِي الرِّقَابِ. وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَابْنِ السَّبِيلِ. وَالضَّيْفِ. لا جناح على من وليها أن لا يَأْكُلَ مِنْهَا
بِالْمَعْرُوفِ. أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا. غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ.
قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا
الْحَدِيثِ مُحَمَّدًا. فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذَا الْمَكَانَ: غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ
فِيهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَأَنْبَأَنِي
مَنْ قَرَأَ هَذَا الْكِتَابَ؛ أَنَّ فيه: غير متأثل مالا.
(أصاب عمر أرضا) أي أخذها وصارت إليه بالقسم
حين فتحت خيبر عنوة وقسمت أرضها.
(يستأمره)
أي يستشيره، طالبا في ذلك أمره.
(هو
أنفس عندي منه) أنفس معناه أجود. والنفيس الجيد. وقد نفس نفاسة.
(غير
متأثل) معناه غير جامع. وكل شيء له أصل قديم، أو جمع حتى يصير له أصل، فهو مؤثل.
ومنه: مجد مؤثل أي قديم. وأثلة الشيء أصله.
(١٦٣٢) - حَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا ابن أبي زائدة. ح وحدثنا أَزْهَرُ السَّمَّانُ. ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ.
كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ
حَدِيثَ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَأَزْهَرَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ (أَوْ
يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ). وَلَمْ يُذْكَرْ مَا بَعْدَهُ.
وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ فِيهِ مَا ذَكَرَ سُلَيْمٌ قَوْلُهُ: فَحَدَّثْتُ
بِهَذَا الْحَدِيثِ مُحَمَّدًا إِلَى آخِرِهِ.
(١٦٣٣) - وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ.
قَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
فَقُلْتُ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا أَحَبَّ إِلَيَّ وَلَا أَنْفَسَ
عِنْدِي مِنْهَا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ:
فَحَدَّثْتُ مُحَمَّدًا وما بعده.
٥ - بَاب تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ
شَيْءٌ يوصي فيه
١٦
- (١٦٣٤)
حدثنا يحيى بن يحيى النميمي. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ
مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. قَالَ:
سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي
أَوْفَى: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: لَا. قُلْتُ: فَلِمَ كُتِبَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةُ، أَوْ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ:
أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل.
١٧ - (١٦٣٤) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. كِلَاهُمَا عَنْ
مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ
وَكِيعٍ: قُلْتُ: فَكَيْفَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْوَصِيَّةِ؟ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ
نُمَيْرٍ: قُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةُ؟
١٨ - (١٦٣٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ. ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي
وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ
مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ.
(١٦٣٥) - وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كُلُّهُمْ عَنْ
جَرِيرٍ. ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى (وَهُوَ ابْنُ
يُونُسَ). جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
١٩ - (١٦٣٦) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى). قَالَ: أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ بن عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ
الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ:
ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ؛ أَنَّ
عَلِيًّا كَانَ وَصِيًّا. فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ؟ فَقَدْ كُنْتُ
مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي (أَوْ قَالَتْ حَجْرِي) فَدَعَا بِالطَّسْتِ. فَلَقَدِ
انْخَنَثَ فِي حَجْرِي. وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ مَاتَ. فَمَتَى أَوْصَى إليه؟
(انخنث) معناه مال وسقط.
٢٠ - (١٦٣٧) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو
النَّاقِدُ (وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ). قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ
سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ
الْخَمِيسِ! وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ
الْحَصَى. فَقُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ:
اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَجَعُهُ. فَقَالَ (ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ
كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي) فَتَنَازَعُوا.
⦗١٢٥٨⦘
وَمَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ
تَنَازُعٌ. وَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ. قَالَ (دعوني.
فالذي أنا فيه خير. أوصيكم ثلاث: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ
الْعَرَبِ. وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ). قَالَ: وَسَكَتَ
عَنِ الثالثة. أو قال فَأُنْسِيتُهَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا
الْحَدِيثِ.
(يوم الخميس! وما يوم الخميس!) معناه تفخيم
أمره في الشدة والمكروه، فيما يعتقده ابن عباس. وهو امتناع الكتاب. ولهذا قال ابن
عباس: إن الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ أن يكتب هذا
الكتاب. هذا مراد ابن عباس، وإن كان الصواب ترك الكتاب.
(فقال
ائتوني أكتب لكم كتابا ...) اعلم أن النبي ﷺ معصوم من الكذب، ومن تغير شيء من
الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه. ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ
ما أوجب الله عليه تبليغه. وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام
ونحوها، مما لا نقص فيه لمنزلته، ولا فساد لما تمهد من شريعته. وقد سحر النبي ﷺ
حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله. ولم يصدر منه ﷺ في هذا الحال كلام
في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها. فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف
العلماء في الكتاب الذي هم النبي ﷺ به. فقيل: أراد أن ينص على الخلافة في إنسان
معين لئلا يقع فيه نزاع وفتن. وقيل: أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة
ليرتفع النزاع فيها ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه. وكان النبي ﷺ هم بالكتاب حين
ظهر له أنه مصلحة. أو أوحي إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه. أو أوحي إليه بذلك
ونسخ ذلك الأمر الأول. وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في
شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره. لأنه خشي أن يكتب ﷺ
أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد
فيها. فقال عمر: حسبنا كتاب الله، لقوله تعالى: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾.
وقوله: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على
الأمة. وأراد الترفيه على رسول الله ﷺ. فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه.
قال الخطابي: ولا يجوز أن يحمل قول
عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله ﷺ أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال.
لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله ﷺ من الوجع وقرب الوفاة، مع ما اعتراه من الكرب
خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه، فيجد المنافقون بذلك
سبيلا إلى الكلام في الدين. وقد كان أصحابه ﷺ يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم
فيها بتحتيم. كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش
فأما إذا أمر النبي ﷺ بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم وقال القاضي عياض:
قوله: أهجر رسول الله ﷺ، هكذا هو في صحيح مسلم وغيره: أهجر؟ على الاستفهام وهو أصح
من رواية من روى: هجر يهجر. لأن هذا كله لا يصح منه ﷺ. لأن معنى هجر هذى. وإنما
جاء هذا من قائله استفهاما للإنكار على من قال: لا تكتبوا. أي لا تتركوا أمر رسول
الله ﷺ وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه؟. لأنه ﷺ لا يهجر. وقول عمر رضي الله عنه:
حسبنا كتاب الله، رد على من نازعه،
لا على أمر النبي ﷺ.
(دعوني
فالذي أنا فيه خير) معناه دعوني من النزاع واللغط الذي شرعتم فيه. فالذي أنا فيه
من مراقبة الله تعالى، والتأهب للقائه، والفكر في ذلك ونحوه أفضل مما أنتم فيه.
(جزيرة
العرب) قال أبو عبيد: قال الأصمعي: جزيرة العرب ما بين أقصى عدن إلى ريف العراق في
الطول. وأما في العرض فمن جدة وما والاها إلى أطراف الشأم. وقال أبو عبيدة: هي ما
بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأما في العرض فما بين رمل يبرين إلى
منقطع السماوة. قالوا: وسميت جزيرة لإحاطة البحار بها من نواحيها وانقطاعها عن
المياه العظيمة. وأصل الجزر، في اللغة، القطع. وأضيفت إلى العرب لأنها الأرض التي
كانت بأيديهم قبل الإسلام. وديارهم التي هي أوطانهم وأوطان أسلافهم.
(وأجيزوا
الوفد بنحو ما كنتم أجيوهم) قال العلماء: هذا أمر منه ﷺ بإجازة الوفود وضيافتهم
وإكرامهم تطييبا لنفوسهم وترغيبا لغيرهم من المؤلفة قلوبهم ونحوهم، وإعانة لهم على
سفرهم.
(وسكت
عن الثالثة، أو قالها فأنسيتها) الساكت هو ابن عباس. والناسي هو سعيد بن جبير. قال
المهلب: الثالثة هي تجهيز جيش أسامة رضي الله عنه.
٢١ - (١٦٣٧) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ
بْنِ مُصَرِّفٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أَنَّهُ قَالَ:
يَوْمُ الْخَمِيسِ! وَمَا يَوْمُ
الْخَمِيسِ! ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ. حَتَّى رَأَيْتُ عَلَى خَدَّيْهِ
كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (ائْتُونِي
بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ (أَوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ) أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا
لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا) فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ الله ﷺ يهجر.
(أو اللوح والدواة) قال في المصباح: اللوح هو
كل صحيفة من خشب وكتف، إذا كتب عليه سمي لوحا. والدواة هي التي يكتب فيها.
٢٢ - (١٦٣٧) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد
(قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق). أخبرنا معمر عن الزهري، عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
وَفِي الْبَيْتِ رجال فيهم عمر ابن الْخَطَّابِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (هَلُمَّ
أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّونَ بَعْدَهُ). فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ. وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ.
حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ. فَاخْتَصَمُوا.
فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كِتَابًا
لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَلَمَّا
أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رسول الله ﷺ، قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
(قُومُوا).
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ، مِنَ
اخْتِلَافِهِمْ ولغطهم.
(لما حضر) أي حضره الموت.