بَابُ مَنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ
الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]،
وَقَالَ: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ
لِلَّهِ﴾ [الأنفال:
٣٩].
١٨٦٢٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي
مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ
عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ
١٨٦٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الرَّزَّازُ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَعْلَى بْنُ
عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،
فَإِذَا قَالُوهَا مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا
بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا
١٨٦٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ،
ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلٍ،
عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عِصَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا
أَوْ رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا»
١٨٦٢٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، أنبأ أَحْمَدُ
بْنُ سَلَمَةَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا لَيْثٌ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ
بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ
كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله
عنهما: كَيْفَ
تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ
النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ
عَلَى اللهِ»؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ
بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ
مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ
عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ
رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لِلْقِتَالِ،
فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ.
١٨٦٢٧
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنْبَأَ الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَهَذَا مِثْلُ الْحَدِيثَيْنِ قَبْلَهُ فِي
الْمُشْرِكِينَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ مُشْرِكُو
أَهْلِ الْأَوْثَانِ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَا قُرْبَهُ
أَحَدٌ مِنْ مُشْرِكِي أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا يَهُودُ بِالْمَدِينَةِ،
وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْأَنْصَارِ، وَلَمْ تَكُنِ الْأَنْصَارُ اسْتَجْمَعَتْ
أَوَّلَ مَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِسْلَامًا، فَوَادَعَتْ يَهُودُ رَسُولَ
اللهِ ﷺ وَلَمْ تَخْرُجْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَدَاوَتِهِ بِقَوْلٍ يَظْهَرُ وَلَا
فِعْلٍ، حَتَّى كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ فَتَكَلَّمَ بَعْضُهَا بِعَدَاوَتِهِ
وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ
بِالْحِجَازِ عَلِمْتُهُ إِلَّا يَهُودُ أَوْ نَصَارَى قَلِيلٌ بِنَجْرَانَ،
وَكَانَتِ الْمَجُوسُ بِهَجَرَ وَبِبِلَادِ الْبَرْبَرِ وَفَارِسَ نَائِينَ عَنِ
الْحِجَازِ، دُونَهُمْ مُشْرِكُونَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ كَثِيرٌ
١٨٦٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا
عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ
بْنِ مَالِكٍ، أَظُنُّهُ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ ابْنُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ
الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ كَانَ
شَاعِرًا، وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ ﷺ وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ
قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا
أَخْلَاطٌ، مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ تَجْمَعُهُمْ دَعْوَةُ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، وَمِنْهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ،
وَمِنْهُمُ الْيَهُودُ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَالْحُصُونِ وَهُمْ حُلَفَاءُ
لِلْحَيَّيْنِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ اسْتِصْلَاحَهُمْ كُلَّهُمْ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا
وَأَبُوهُ مُشْرِكٌ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَخُوهُ مُشْرِكٌ، وَكَانَ
الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ ⦗٣٠٩⦘ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ أَشَدَّ الْأَذَى، فَأَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبِرِ عَلَى ذَلِكَ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ، فَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٦] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَفِيهِمْ
أَنْزَلَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ
يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ
أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ [البقرة: ١٠٩]، فَلَمَّا أَبَى كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ
أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَذَى الْمُسْلِمِينَ أَمَرَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَنْ يَبْعَثَ رَهْطًا لِيَقْتُلُوهُ،
فَبَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ
الْأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا عَبْسٍ الْأَنْصَارِيَّ، وَالْحَارِثَ ابْنَ أَخِي
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي خَمْسَةِ رَهْطٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قَتْلِهِ. قَالَ:
فَلَمَّا قَتَلُوهُ فَزِعَتِ الْيَهُودُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ حِينَ أَصْبَحُوا فَقَالُوا:
إِنَّهُ طُرِقَ صَاحِبُنَا اللَّيْلَةَ وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا فَقُتِلَ
فَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ الَّذِي كَانَ يَقُولُ فِي أَشْعَارِهِ
وَيَنْهَاهُمْ بِهِ، وَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كِتَابًا يَنْتَهُوا إِلَى مَا فِيهِ،
فَكَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَامًّا
صَحِيفَةً كَتَبَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ تَحْتَ الْعَذْقِ الَّذِي فِي دَارِ بِنْتِ
الْحَارِثِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الصَّحِيفَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِنْدَ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه
١٨٦٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:
لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ،
جَمَعَ الْيَهُودَ فِي سُوقِ قَيْنُقَاعَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ
أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا». فَقَالُوا:
يَا مُحَمَّدُ لَا يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ
قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ، إِنَّكَ لَوْ
قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ، وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ
مِثْلَنَا. فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ قَدْ
كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ
اللهِ﴾ [آل
عمران: ١٣]: أَصْحَابُ
رَسُولِ اللهِ ﷺ بِبَدْرٍ، ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ
الْعَيْنِ﴾ [آل
عمران: ١٣] إِلَى
قَوْلِهِ: ﴿لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [آل عمران: ١٣]
١٨٦٣٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَصَالِحُ
بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَا: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ بَشِيرَيْنِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، زَيْدَ بْنَ
حَارِثَةَ، ⦗٣١٠⦘ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَالَ: وَيْلَكَ أَحَقٌّ هَذَا؟ هَؤُلَاءِ مُلُوكُ الْعَرَبِ وَسَادَةُ النَّاسِ، يَعْنِي قَتْلَى قُرَيْشٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى
مَكَّةَ فَجَعَلَ يَبْكِي عَلَى قَتْلَى قُرَيْشٍ وَيُحَرِّضُ عَلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ
بَابُ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ
الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ
صَاغِرُونَ﴾ [التوبة:
٢٩].
١٨٦٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا
عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ
وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، قَالَ: «إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ،
فَأَيَّتُهُنَّ أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ،
ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ
عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ
الْمُهَاجِرِينَ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا
لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا
وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ مِثْلَ أَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ
يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي كَانَ يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ،
وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ
يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى
إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ،
فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا قَاتَلْتَ أَهْلَ
حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ،
وَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا يَحْكُمُ اللهُ فِيهِمْ، وَلَكِنْ أَنْزِلُوهُمْ
عَلَى حُكْمِكُمْ ثُمَّ اقْضُوا فِيهِمْ بَعْدُ مَا شِئْتُمْ». ⦗٣١١⦘ قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ عَلْقَمَةُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فَقَالَ:
حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ هُوَ ابْنُ هَيْصَمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ رضي
الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ
١٨٦٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ،
ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أنبأ سُفْيَانُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ،
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْصَاهُ،
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، زَادَ فِيهِ: «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ وَأَرَادُوكَ
عَلَى أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّكَ فَلَا تَجْعَلْ
لَهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّكَ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ
وَذِمَّةَ آبَائِكَ وَذِمَمَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ
وَذِمَمَ آبَائِكُمْ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ
وَذِمَّةَ رَسُولِهِ». وَلَمْ يَذْكُرْ إِسْنَادَ حَدِيثِ مُقَاتِلٍ. رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ
دُونَ إِسْنَادِ مُقَاتِلٍ، وَرَوَاهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَذَكَرَ فِيهِ إِسْنَادَ مُقَاتِلٍ.
١٨٦٣٣
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا شُعْبَةُ،
حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بُرَيْدَةَ
الْأَسْلَمِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا
بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ دَعَاهُ فَأَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ
نَفْسِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِزِيَادَتِهِ
فِي مَتْنِهِ. ⦗٣١٢⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ
بْنِ الشَّاعِرِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ.
١٨٦٣٤
- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمِصْرِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ،
فَذَكَرَهُ
١٨٦٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْهَرَوِيُّ قَالَا: أنبأ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ،
أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي
الله عنه فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ
الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَأَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الْحَجِّ
الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا قِيلَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ
قَوْلِ النَّاسِ الْحَجَّ الْأَصْغَرَ، فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى
النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَلَمْ يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ الَّذِي
حَجَّ فِيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مُشْرِكٌ، وَأَنْزَلَ اللهُ عز
وجل فِي الْعَامِ الَّذِي نَبَذَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ [التوبة: ٢٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٢٨]، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُوَافُونَ
بِالتِّجَارَةِ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، فَلَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ أَنْ لَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ
فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قُطِعَ عَنْهُمْ مِنَ التِّجَارَةِ الَّتِي كَانَ
الْمُشْرِكُونَ يُوَافُونَ بِهَا، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ
عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ﴾ [التوبة: ٢٨]، ثُمَّ أَحَلَّ فِي الْآيَةِ الَّتِي
تَتْبَعُهَا الْجِزْيَةَ، وَلَمْ تَكُنْ تُؤْخَذُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَجَعَلَهَا
عِوَضًا مِمَّا مَنَعَهُمْ مِنْ مُوَافَاةِ الْمُشْرِكِينَ بِتِجَارَاتِهِمْ
فَقَالَ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ
دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ
عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]،
فَلَمَّا أَحَلَّ اللهُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ عَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ عَاضَهُمْ
أَفْضَلَ مِمَّا كَانُوا وَجَدُوا عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ الْمُشْرِكُونَ
يُوَافُونَ بِهِ مِنَ التِّجَارَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي الْيَمَانِ إِلَى قَوْلِهِ: حَجَّةَ الْوَدَاعِ مُشْرِكٌ دُونَ مَا
بَعْدَهُ، وَأَظُنُّهُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ
١٨٦٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ⦗٣١٣⦘ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] قَالَ: نَزَلَ هَذَا حِينَ أُمِرَ
النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ بِغَزْوَةِ تَبُوكَ
١٨٦٣٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ يَحْنَةُ بْنُ رَوْبَةَ
صَاحِبُ أَيْلَةَ فَصَالَحَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ وَأَتَاهُ
أَهْلُ جَرَبَا وَأَذْرُحَ فَأَعْطَوْهُ الْجِزْيَةَ
١٨٦٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ
عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: يُقَاتَلُ أَهْلُ الْأَوْثَانِ
عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُقَاتَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى الْجِزْيَةِ
بَابُ مَنْ لَحِقَ بِأَهْلِ
الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ
١٨٦٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا وَهْبُ بْنُ
جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦] قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ
الْأَنْصَارِ لَا يَكَادُ يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَتَحْلِفُ: لَئِنْ عَاشَ لَهَا
وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ إِذَا فِيهِمْ
نَاسٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللهِ
أَبْنَاؤُنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿لَا
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦]. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنْ شَاءَ لَحِقَ
بِهِمْ وَمَنْ شَاءَ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي
السُّنَنِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ شُعْبَةَ، ⦗٣١٤⦘ وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ فَأَرْسَلَهُ
١٨٦٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ،
ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦] قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ،
قُلْتُ: خَاصَّةً؟ قَالَ: خَاصَّةً، كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ إِذَا كَانَتْ
نَزِرَةً أَوْ مِقْلَاةً تَنْذِرُ: لَئِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا لَتَجْعَلَنَّهُ فِي
الْيَهُودِ تَلْتَمِسُ بِذَلِكَ طُولَ بَقَائِهِ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَفِيهِمْ
مِنْهُمْ، فَلَمَّا أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ قَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ
اللهِ أَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا فِيهِمْ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ،
فَنَزَلَتْ: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: قَدْ خُيِّرَ
أَصْحَابُكُمْ، فَإِنِ اخْتَارُوكُمْ فَهُمْ مِنْكُمْ، وَإِنِ اخْتَارُوهُمْ
فَأَجْلُوهُمْ مَعَهُمْ "
بَابُ مَنْ قَالَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ
الْجِزْيَةُ عَرَبًا كَانُوا أَوْ عَجَمًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْجِزْيَةَ
مِنْ أُكَيْدِرِ دُومَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ يُقَالُ مِنْ غَسَّانَ أَوْ كِنْدَةَ.
١٨٦٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ
زَكَرِيَّا، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ فَأَخَذُوهُ فَأَتَوْا
بِهِ، فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ
١٨٦٤٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، رَجُلٌ
مِنْ كِنْدَةَ، كَانَ مَلِكًا عَلَى دُومَةَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ لِخَالِدٍ: «إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ»، فَخَرَجَ
خَالِدٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ مَنْظَرَ الْعَيْنِ، وَفِي لَيْلَةٍ
مُقْمِرَةٍ صَافِيَةٍ وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَأَتَتِ
الْبَقَرُ تَحُكُّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ:
هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ، قَالَتْ: فَمَنْ يَتْرُكُ
مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَحَدَ، فَنَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ ⦗٣١٥⦘ وَرَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ حَسَّانُ، فَخَرَجُوا مَعَهُ بِمَطَارِفِهِمْ، فَتَلَقَّاهُمْ خَيْلُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا
أَخَاهُ حَسَّانَ، وَكَانَ عَلَيْهِ قُبَاءُ دِيبَاجٍ مَخُوصٍ بِالذَّهَبِ،
فَاسْتَلَبَهُ إِيَّاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا قَدِمَ بِالْأُكَيْدِرِ
عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ
وَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَرَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ ذِمَّةِ الْيَمَنِ، وَعَامَّتُهُمْ عَرَبٌ، وَمَنْ أَهْلِ
نَجْرَانَ وَفِيهِمْ عَرَبٌ
١٨٦٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ
عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْيَمَنِ
وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: وَإِنَّمَا هَذِهِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ
وَهُمْ قَوْمٌ عُرْبٌ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ:
لَا يُفْتَنُ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِيَّةٍ " يَعْنِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْ
جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِذَلِكَ
١٨٦٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُصَرِّفُ
بْنُ عَمْرٍو الْيَامِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، أنبأ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ
الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَالَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَهْلَ نَجْرَانَ
عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
١٨٦٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
الْجِزْيَةَ مِنْ أُكَيْدِرَ الْغَسَّانِيِّ وَيَرْوُونَ أَنَّهُ صَالَحَ رِجَالًا
مِنَ الْعَرَبِ عَلَى الْجِزْيَةِ، فَأَمَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى الْيَوْمِ فَقَدْ أَخَذُوا الْجِزْيَةَ
مِنْ بَنِي تَغْلِبَ وَتَنُّوخَ وَبَهْرَاءَ وَخُلْطٍ مِنْ خُلْطِ الْعَرَبِ،
وَهُمْ إِلَى السَّاعَةِ مُقِيمُونَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ، يُضَاعَفُ
عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ جِزْيَةٌ، وَإِنَّمَا الْجِزْيَةُ عَلَى
الْأَدْيَانِ لَا عَلَى الْأَنْسَابِ، وَلَوْلَا أَنْ نَأْثَمَ بِتَمَنِّي بَاطِلٍ
وَدِدْنَا أَنَّ الَّذِي قَالَ أَبُو يُوسُفَ كَمَا قَالَ، وَأَنْ لَا يُجْرَى
صَغَارٌ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَكِنَّ اللهَ أَجَلُّ فِي أَعْيُنِنَا مِنْ أَنْ
نُحِبَّ غَيْرَ مَا قَضَى بِهِ
١٨٦٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ
بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَوْمَ الْمَرْجِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:
لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ عز وجل سَيَمْنَعُ
الدِّينَ بِنَصَارَى مِنْ رَبِيعَةَ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ» مَا تَرَكْتُ
عَرَبِيًّا إِلَّا قَتَلْتُهُ أَوْ يُسْلِمَ
١٨٦٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فِي
قِصَّةِ وُرُودِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنْ جِهَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي
الله عنه الْحِيرَةَ وَمُحَاوَرَةِ هَانِئِ بْنِ قَبِيصَةَ إِيَّاهُ فَقَالَ
خَالِدٌ: أَدْعُوكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى أَنْ تَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُقِيمُوا
الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَتُقِرُّوا بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى
أَنَّ لَكُمْ مِثْلَ مَا لَهُمْ وَعَلَيْكُمْ مِثْلَ مَا عَلَيْهِمْ. فَقَالَ
هَانِئٌ: وَإِنْ لَمْ أَشَأْ ذَلِكَ فَمَهْ؟ قَالَ: فَإِنْ أَبَيْتُمْ ذَلِكَ
أَدَّيْتُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ. قَالَ: فَإِنْ أَبَيْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ:
فَإِنْ أَبَيْتُمْ ذَلِكَ وَطِئْتُكُمْ بِقَوْمٍ الْمَوْتُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ
مِنَ الْحَيَاةِ إِلَيْكُمْ. فَقَالَ هَانِئٌ: أَجِّلْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ
فَنَنْظُرَ فِي أَمْرِنَا. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ
غَدَا هَانِئٌ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ أَمْرُنَا عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ
الْجِزْيَةَ فَهَلُمَّ فَلْأُصَالِحْكَ. فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: فَكَيْفَ
وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ تَكُونُ الْجِزْيَةُ وَالذُّلُّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ
الْقِتَالِ وَالْعِزِّ؟ فَقَالَ: نَظَرْنَا فِيمَا يُقْتَلُ مِنَّا فَإِذَا هُمْ
لَا يَرْجِعُونَ، وَنَظَرْنَا إِلَى مَا يُؤْخَذُ مِنَّا مِنَ الْمَالِ فَقَلَّمَا
نَلْبَثُ حَتَّى يُخْلِفَهُ اللهُ لَنَا. قَالَ: فَصَالَحَهُمْ خَالِدٌ عَلَى
تِسْعِينَ أَلْفًا
بَابُ مَنْ زَعَمَ أَنَّمَا تُؤْخَذُ
الْجِزْيَةُ مِنَ الْعَجَمِ
١٨٦٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ
أَبِي سُوَيْدٍ، ثنا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ،
أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَبَا طَالِبٍ
وَعِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ مَقْعَدُ رَجُلٍ، فَلَمَّا
رَآهُ أَبُو جَهْلٍ قَامَ فَجَلَسَ فَقَالَ: ابْنُ أَخِيكَ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا،
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: مَا شَأْنُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ؟ قَالَ: «يَا عَمِّ
أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ يَدِينُ لَهُمُ الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ
الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ». قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللهُ». فَقَامُوا وَقَالُوا: أَجَعَلَ ⦗٣١٧⦘ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا؟ قَالَ: وَنَزَلَ: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ [ص: ١] حَتَّى إِذَا بَلَغَ: ﴿إِنَّ هَذَا
لِشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: ٥] لَفْظُ
حَدِيثِ الْمُقْرِئُ
بَابُ ذِكْرِ كُتُبٍ أَنْزَلَهَا
اللهُ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَمْ لَمْ
يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم: ٣٧]. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَلَيْسَ يُعْرَفُ تِلَاوَةُ كِتَابِ
إِبْرَاهِيمَ، وَذَكَرَ زَبُورَ دَاوُدَ وقَالَ: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ
الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء:
١٩٦]
١٨٦٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
رَجَاءٍ، أنبأ عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ وَاثِلَةَ
بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ
أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ
مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ
رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ،
وَالْقُرْآنُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ» وَفِيمَا رَوَى
الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: أَنْزَلَ اللهُ
مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ مِنَ السَّمَاءِ
بَابُ الْمَجُوسُ أَهْلُ كِتَابٍ
وَالْجِزْيَةُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ
١٨٦٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ
أَبِي سَعْدٍ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ:
قَالَ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ: عَلَامَ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنَ
الْمَجُوسِ وَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسْتَوْرِدُ
فَأَخَذَ يُلَبِّبُهُ فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ تَطْعَنُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي عَلِيًّا رضي
الله عنه وَقَدْ أَخَذُوا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ؟ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْقَصْرِ
فَخَرَجَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَيْهِمَا وَقَالَ: الْبَدَا، فَجَلَسَا فِي
ظِلِّ الْقَصْرِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ
بِالْمَجُوسِ، كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يَعْلَمُونَهُ، وَكِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ،
وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، فَاطَّلَعَ
عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا صَحَا جَاءُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ
الْحَدَّ، فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ، فَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا أَتَوْهُ
قَالَ: تَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ ⦗٣١٨⦘ آدَمَ وَقَدْ كَانَ يُنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ، وَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ، مَا يَرْغَبُ بِكُمْ عَنْ دِينِهِ؟ قَالَ: فَبَايَعُوهُ وَقَاتَلُوا الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ حَتَّى
قَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أَسْرَى عَلَى كِتَابِهِمْ فَرُفِعَ مِنْ بَيْنِ
أَظْهُرِهِمْ، وَذَهَبَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ، فَهُمْ أَهْلُ
كِتَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما مِنْهُمُ
الْجِزْيَةَ.
١٨٦٥١
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيَّ
يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ
يَقُولُ: وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي
سَعْدٍ الْبَقَّالِ، فَقَالَ: عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، وَنَصَرُ بْنُ عَاصِمٍ
هُوَ اللَّيْثِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ كُوفِيٌّ.
قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَالْغَلَطُ فِيهِ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَا مِنَ
الشَّافِعِيِّ، فَقَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ،
فَقَالَ: عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ
١٨٦٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ
الْأَعْرَابِيِّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ بَجَالَةَ بْنَ عَبْدَةَ،
يَقُولُ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ
قَيْسٍ، فَأَتَاهُ كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَفَرِّقُوا
بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ رضي الله عنه أَخَذَ
الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي
الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ
١٨٦٥٣
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،
فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مُخْتَصَرًا فِي الْجِزْيَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله: حَدِيثُ
بَجَالَةَ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ، وَإِنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ رضي الله عنه، وَكَانَ
رَجُلًا فِي زَمَانِهِ كَاتِبًا لِعُمَّالِهِ، وَحَدِيثُ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ
عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُتَّصِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ ⦗٣١٩⦘ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْحِجَازِ حَدِيثَانِ مُنْقَطِعَانِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ
١٨٦٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ح وَأَخْبَرَنَا
أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ مَالِكٌ،
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ،
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
يَقُولُ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ»
١٨٦٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ رضي الله عنه أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ، زَادَ ابْنُ وَهْبٍ فِي
رِوَايَتِهِ أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ
فَارِسَ ⦗٣٢٠⦘ قَالَ الشَّيْخُ: وَابْنُ شِهَابٍ إِنَّمَا أَخَذَ حَدِيثَهُ هَذَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ حَسَنُ الْمُرْسَلِ، كَيْفَ وَقَدِ انْضَمَّ إِلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ
١٨٦٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَخَذَهَا
مِنْ مَجُوسِ بَرْبَرَ
١٨٦٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا هُشَيْمٌ، أنبأ
دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ قُشَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ
عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ
الْأَسْبَذِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَهُمْ مَجُوسُ أَهْلِ هَجَرَ إِلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ فَمَكَثَ عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجَ، فَسَأَلْتُهُ مَا قَضَى اللهُ
وَرَسُولُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: شَرًّا. قُلْتُ: مَهْ؟ قَالَ: الْإِسْلَامُ أَوِ
الْقَتْلُ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه:
قَبِلَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ. قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: وَأَخَذَ النَّاسُ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ وَتَرَكُوا مَا سَمِعْتُ أَنَا مِنَ الْأَسْبَذِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه
الله: نِعْمَ
مَا صَنَعُوا، تَرَكُوا رِوَايَةَ الْأَسْبَذِيِّ الْمَجُوسِيِّ، وَأَخَذُوا
بِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه عَلَى أَنَّهُ قَدْ
يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِمَا قَالَ الْأَسْبَذِيُّ، ثُمَّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ
بِقَبُولِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ فَيَقْبَلُهَا كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه
١٨٦٥٨ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ،
أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَتَّابٍ
الْعَبْدِيُّ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى
بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ،
أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ رضي الله
عنه وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ⦗٣٢١⦘ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه إِلَى الْبَحْرَيْنِ
يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ
الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ
أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ
بِقُدُومِهِ، فَوَافَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا
انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ:
«أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ؟»
فَقَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا
يَسُرُّكُمْ، فَوَاللهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ
تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
فَتَنَافَسُوهَا وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ.
١٨٦٥٩
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا
أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ. رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ
١٨٦٦٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللهِ ثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، وَزِيَادِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ
مِنْ أَفْنَاءِ الْأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
فِي إِسْلَامِ الْهُرْمُزَانِ قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي
مَغَازِيَّ هَذِهِ فَأَشِرْ عَلَيَّ فِي مَغَازِي الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: نَعَمْ
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الْأَرْضُ مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ
النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ
جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلَانِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ
الرِّجْلَانِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ كُسِرَ الْجَنَاحُ الْآخَرُ نَهَضَتِ
الرِّجْلَانِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَ الرِّجْلَانِ
وَالْجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ،
وَالْجَنَاحُ الْآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْفِرُوا إِلَى
كِسْرَى. فَقَالَ بَكْرٌ وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ:
فَنَدَبَنَا عُمَرُ رضي الله عنه، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا رَجُلًا مِنْ
مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه، وَحَشَرَ
الْمُسْلِمِينَ مَعَهُ. قَالَ: وَخَرَجْنَا فِيمَنْ خَرَجَ مِنَ النَّاسِ حَتَّى
إِذَا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ وَأَدَاةُ النَّاسِ وَسِلَاحُهُمُ الْجَحْفُ
وَالرِّمَاحُ الْمُكَسَّرَةُ وَالنَّبْلُ. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا نَسِيرُ وَمَا
لَنَا كَثِيرُ ⦗٣٢٢⦘ خُيُولٍ، أَوْ مَا لَنَا خُيُولٌ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ نَهَرٌ، خَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، حَتَّى وَقَفُوا عَلَى النَّهَرِ وَوَقَفْنَا مِنْ حِيَالِهِ الْآخَرِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَخْرِجُوا إِلَيْنَا رَجُلًا
يُكَلِّمُنَا، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَكَانَ رَجُلًا
قَدِ اتَّجَرَ وَعَلِمَ الْأَلْسِنَةَ. قَالَ: فَقَامَ تُرْجُمَانُ الْقَوْمِ
فَتَكَلَّمَ دُونَ مَلِكِهِمْ قَالَ: فَقَالَ لِلنَّاسِ: لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ
مِنْكُمْ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟
فَقَالَ: نَحْنُ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلَاءٍ
طَوِيلٍ، نَمُصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ
وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ
بَعَثَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ
أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا
ﷺ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا
الْجِزْيَةَ، فَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ
قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى جَنَّةٍ وَنَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، وَمَنْ
بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ. قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
بَعْدَ غَدٍ حَتَّى نَأْمُرَ بِالْجِسْرِ يُجْسَرُ. قَالَ: فَافْتَرَقُوا
وَجَسَرُوا الْجِسْرَ، ثُمَّ إِنَّ أَعْدَاءَ اللهِ قَطَعُوا إِلَيْنَا فِي
مِائَةِ أَلْفٍ، سِتُّونَ أَلْفًا يَجُرُّونَ الْحَدِيدَ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا
رُمَاةُ الْحَدَقِ، فَأَطَافُوا بِنَا عَشْرَ مَرَّاتٍ. قَالَ: وَكُنَّا اثْنَيْ
عَشَرَ أَلْفًا، فَقَالُوا: هَاتُوا لَنَا رَجُلًا يُكَلِّمُنَا، فَأَخْرَجْنَا
الْمُغِيرَةَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ، فَقَالَ الْمَلِكُ:
أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُكُمْ؟ قَالَ الْمُغِيرَةُ: مَا مَثَلُنَا
وَمَثَلُكُمْ؟ قَالَ: مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ بُسْتَانٌ ذُو رَيَاحِينَ، وَكَانَ لَهُ
ثَعْلَبٌ قَدْ آذَاهُ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْبُسْتَانِ: يَا أَيُّهَا الثَّعْلَبُ
لَوْلَا أَنْ تُنَتِّنَ حَائِطِي مِنْ جِيفَتِكَ لَهَيَّأْتُ مَا قَدْ قَتَلَكَ،
وَأَنَا لَوْلَا أَنْ تُنَتَّنَ بِلَادُنَا مِنْ جِيفَتِكُمْ لَكُنَّا قَدْ
قَتَلْنَاكُمْ بِالْأَمْسِ. قَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ: هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ
الثَّعْلَبُ لِرَبِّ الْبُسْتَانِ؟ قَالَ: مَا قَالَ لَهُ؟ قَالَ: قَالَ لَهُ: يَا
رَبَّ الْبُسْتَانِ أَنْ أَمُوتَ فِي حَائِطِكَ ذَا بَيْنَ الرَّيَاحِينِ أَحَبُّ
إِلِيَّ مِنْ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى أَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ، وَإِنَّهُ
وَاللهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ دِينٌ وَقَدْ كُنَّا مِنْ شَقَاءِ الْعَيْشِ فِيمَا
ذَكَرْتُ لَكَ مَا عُدْنَا فِي ذَلِكَ الشَّقَاءِ أَبَدًا حَتَّى نُشَارِكَكُمْ
فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ أَوْ نَمُوتَ، فَكَيْفَ بِنَا وَمَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ
إِلَى رَحْمَةِ اللهِ وَجَنَّتِهِ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ.
قَالَ جُبَيْرٌ: فَأَقَمْنَا عَلَيْهِمْ يَوْمًا لَا نُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُنَا
الْقَوْمُ. قَالَ: فَقَامَ الْمُغِيرَةُ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ رضي
الله عنه فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّ النَّهَارَ قَدْ صَنَعَ مَا
تَرَى، وَاللهِ لَوْ وُلِّيتُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مِثْلَ الَّذِي وُلِّيتَ
مِنْهُمْ لَأَلْحَقْتُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ
عِبَادِهِ بِمَا أَحَبَّ. فَقَالَ النُّعْمَانُ: رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللهُ
مِثْلَهَا ثُمَّ لَمْ يُنَدِّمْكَ وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ مَعَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ كَثِيرًا كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ
انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الْأَرْوَاحُ وَتَحْضُرَ الصَّلَاةُ، أَلَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنِّي لَسْتُ لِكُلِّكُمْ أَسْمَعُ فَانْظُرُوا إِلَى رَايَتِي هَذِهِ،
فَإِذَا حَرَّكْتُهَا فَاسْتَعِدُّوا، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَطْعَنَ بِرُمْحِهِ
فَلْيُيَسِّرْهُ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ فَلْيُيَسِّرْ عَصَاهُ،
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَطْعَنَ بِخِنْجَرِهِ فَلْيُيَسِّرْهُ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ
يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ فَلْيُيَسِّرْ سَيْفَهُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي
مُحَرِّكُهَا الثَّانِيَةَ فَاسْتَعِدُّوا، ثُمَّ إِنِّي مُحَرِّكُهَا
الثَّالِثَةَ⦗٣٢٣⦘ فَشُدُّوا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ، فَإِنْ قُتِلْتُ فَالْأَمِيرُ أَخِي، وَإِنْ
قُتِلَ أَخِي فَالْأَمِيرُ حُذَيْفَةُ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ فَالْأَمِيرُ
الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. قَالَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي زِيَادٌ أَنَّ أَبَاهُ
قَالَ: قَتَلَهُمُ اللهُ فَنَظَرُوا إِلَى بَغْلٍ مُوَقَّرٍ عَسَلًا وَسَمْنًا
قَدْ كَدَسَتِ الْقَتْلَى عَلَيْهِ فَمَا أُشَبِّهُهُ إِلَّا كَوْمًا مِنْ كَوْمِ
السَّمَكِ مُلْقًى بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ
الْقَتْلُ فِي الْأَرْضِ وَلَكِنَّ هَذَا شَيْءٌ صَنَعَهُ اللهُ، وَظَهَرَ
الْمُسْلِمُونَ، وَقُتِلَ النُّعْمَانُ وَأَخُوهُ، وَصَارَ الْأَمْرُ إِلَى
حُذَيْفَةَ. فَهَذَا حَدِيثُ زِيَادٍ وَبَكْرٍ
١٨٦٦١ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ
الْحَنَفِيُّ، قَالَ: كَتَبَ حُذَيْفَةُ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ
أُصِيبَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَفِيمَنْ لَا يَعْرِفُ
أَكْثَرُ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ بَكَى وَبَكَى
فَقَالَ: بَلِ اللهُ يَعْرِفُهُمْ - ثَلَاثًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ مُخْتَصَرًا عَنِ الْفَضْلِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
جَعْفَرٍ الرَّقِّيِّ وَفِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ
الْمَجُوسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، فَقَدْ كَانَ كِسْرَى وَأَصْحَابُهُ مَجُوسًا
١٨٦٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عِمْرَانَ
الْقَطَّانِ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
إِنَّ أَهْلَ فَارِسَ لَمَّا مَاتَ نَبِيُّهُمْ كَتَبَ لَهُمْ إِبْلِيسُ
الْمَجُوسِيَّةَ
بَابُ الْفَرْقِ بَيْنَ نِكَاحِ
نِسَاءِ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةِ وَذَبَائِحِهِمْ
١٨٦٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ،
أنبأ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا
وَكِيعٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ
يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، فَمَنْ أَسْلَمَ قَبِلَ مِنْهُ، وَمَنْ أَبَى
ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَنْ لَا تُؤْكَلَ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا
تُنْكَحَ لَهُمُ امْرَأَةٌ. ⦗٣٢٤⦘ هَذَا مُرْسَلٌ، وَإِجْمَاعُ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ يُؤَكِّدُهُ وَلَا يَصِحُّ مَا رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي نِكَاحِ مَجُوسِيَّةٍ، وَالرِّوَايَةُ فِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما تَرِدُ فِي
مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى
بَابُ كَمِ الْجِزْيَةُ
١٨٦٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ
ثَلَاثِينَ تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ
حَالِمٍ دِينَارًا، أَوْ عِدْلَهُ ثَوْبَ مَعَافِرَ
١٨٦٦٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا
وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ
ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ
كُلِّ حَالِمٍ، يَعْنِي مُحْتَلِمًا، دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِيِّ
ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ.
١٨٦٦٦
- قَالَ: وَحَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ،
ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ
مُعَاذٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي
بَعْضِ النُّسَخِ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ
يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ إِنْكَارًا شَدِيدًا. قَالَ الشَّيْخُ: إِنَّمَا
الْمُنْكَرُ رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، فَأَمَّا رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، فَإِنَّهَا مَحْفُوظَةٌ قَدْ رَوَاهَا عَنِ الْأَعْمَشِ
جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَمَعْمَرٌ، وَجَرِيرٌ،
وَأَبُو عَوَانَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: عَنْ مُعَاذٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا بَعَثَ
مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، ⦗٣٢٥⦘ وَأَمَّا حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فَالصَّوَابُ كَمَا
١٨٦٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ، أنبأ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ
مَسْرُوقٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: قَالَ مُعَاذٌ رضي الله عنه:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى
الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً ثَنِيَّةً،
وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا
أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ. هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي
وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَحَدِيثُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ
مُنْقَطِعٌ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مَسْرُوقٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَاصِمِ بْنِ
أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
١٨٦٦٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنَّ «عَلَى كُلِّ
إِنْسَانٍ مِنْكُمْ دِينَارًا كُلَّ سَنَةٍ أَوْ قِيمَتَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ»،
يَعْنِي أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ
١٨٦٦٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا،
وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ،
بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ غَيْرَ أَنَّهُ حَسَنٌ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَرَضَ عَلَى
أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارًا كُلَّ سَنَةٍ، فَقُلْتُ
لِمُطَرِّفِ بْنِ مَازِنٍ فَإِنَّهُ يُقَالُ: وَعَلَى النِّسَاءِ أَيْضًا،
فَقَالَ: لَيْسَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخَذَ مِنَ النِّسَاءِ ثَابِتًا عِنْدَنَا
١٨٦٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ
الْحَمِيدِ الضَّبِّيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه بِالْيَمَنِ «عَلَى كُلِّ حَالِمٍ
أَوْ حَالِمَةٍ دِينَارًا أَوْ قِيمَتَهُ، وَلَا يُفْتَنُ يَهُودِيٌّ عَنْ
يَهُودِيَّتِهِ». قَالَ يَحْيَى: وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ عَلَى النِّسَاءِ جِزْيَةً
إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَلَيْسَ فِي
رِوَايَةِ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ «حَالِمَةٍ» وَلَا فِي
رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُعَاذٍ، إِلَّا شَيْئًا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ
مُعَاذٍ، وَمَعْمَرٌ إِذَا رَوَى عَنْ غَيْرِ الزُّهْرِيِّ يَغْلَطُ كَثِيرًا
وَاللهُ أَعْلَمُ، ⦗٣٢٦⦘ وَقَدْ حَمَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَلَى أَخْذِهَا مِنْهَا إِذَا طَابَتْ بِهَا نَفْسًا. وَرَوَاهُ أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْحَكَمِ مَوْصُولًا وَأَبُو شَيْبَةَ ضَعِيفٌ
١٨٦٧١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ إِمْلَاءً، أنبأ حَامِدُ بْنُ
شُعَيْبٍ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثنا أَبُو شَيْبَةَ، عَنِ
الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ «مَنْ
أَسْلَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا
عَلَيْهِمْ، وَمَنْ أَقَامَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ فَعَلَى كُلِّ
حَالِمٍ دِينَارٌ أَوْ عِدْلُهُ مِنَ الْمَعَافِرِ، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، حُرًّا
أَوْ مَمْلُوكًا، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ،
وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ
الْإِبِلِ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ فَيْحًا
الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ نِصْفُ الْعُشْرِ». هَذَا لَا يَثْبُتُ
إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ
١٨٦٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، قَالَ: فَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ
عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَدَدًا مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَكُلُّهُمْ
حَكَى لِي عَنْ عَدَدٍ مَضَوْا قَبْلَهُمْ، يَحْكُونَ عَنْ عَدَدٍ مَضَوْا
قَبْلَهُمْ، كُلُّهُمْ ثِقَةٌ: أَنَّ صُلْحَ النَّبِيِّ ﷺ لَهُمْ كَانَ لِأَهْلِ
ذِمَّةِ الْيَمَنِ عَلَى دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ، وَلَا يُثْبِتُونَ أَنَّ
النِّسَاءَ كُنَّ فِيمَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَقَالَ عَامَّتُهُمْ:
وَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْ زُرُوعِهِمْ وَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ زُرُوعٌ، وَلَا مِنْ
مَوَاشِيهِمْ شَيْئًا عَلِمْنَاهُ، وَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: قَدْ جَاءَنَا بَعْضُ
الْوُلَاةِ فَخَمَسَ زُرُوعَهُمْ أَوْ أَرَادَهَا فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ،
فَكُلُّ مَنْ وَصَفْتُ أَخْبَرَنِي أَنَّ عَامَّةَ ذِمَّةِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ
حِمْيَرَ. قَالَ: وَسَأَلْتُ عَدَدًا كَثِيرًا مِنْ ذِمَّةِ أَهْلِ الْيَمَنِ
مُتَفَرِّقِينَ فِي بُلْدَانِ الْيَمَنِ فَكُلُّهُمْ أَثْبَتَ لِي لَا يَخْتَلِفُ
قَوْلُهُمْ أَنَّ مُعَاذًا أَخَذَ مِنْهُمْ دِينَارًا عَنْ كُلِّ بَالِغٍ
مِنْهُمْ، وَسَمَّوَا الْبَالِغَ حَالِمًا قَالُوا: وَكَانَ فِي كِتَابِ
النَّبِيِّ ﷺ مَعَ مُعَاذٍ «أَنَّ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا»
١٨٦٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى
بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ فَرَضَ الْجِزْيَةَ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ
دِينَارًا دِينَارًا
١٨٦٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
حَزْمٍ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِنْدَنَا الَّذِي كَتَبَهُ
لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ
«وَأَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ إِسْلَامًا خَالِصًا
مِنْ نَفْسِهِ فَدَانَ دِينَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَهُ
مَا لَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنْ كَانَ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ
يَهُودِيَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يُفْتَنُ عَنْهَا، وَعَلَى كُلِّ حَالِمٍ، ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ دِينَارٌ وَافٍ، أَوْ عَرْضُهُ مِنَ الثِّيَابِ،
فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَمَنْ
مَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَدُوُّ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ». هَذَا
مُنْقَطِعٌ وَلَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ
١٨٦٧٥
- وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
مُنْقَطِعًا، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ
الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ، ثنا أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ
أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ إِلَى
أَهْلِ الْيَمَنِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ حَزْمٍ
١٨٦٧٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْمَعَافِرِيُّ، ثنا أَبُو يَزَنَ الْحِمْيَرِيُّ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُفَيْرِ
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُفَيْرِ بْنِ زُرْعَةَ بْنِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ،
حَدَّثَنِي عَمِّي أَحْمَدُ بْنُ حُبَيْشِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي
أَبِي عُفَيْرٌ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي أَبِي عُفَيْرُ،
حَدَّثَنِي أَبِي زُرْعَةُ بْنُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ قَالَ: كَتَبَ إِلِيَّ
رَسُولُ اللهِ ﷺ كِتَابًا هَذَا نُسْخَتُهُ، فَذَكَرَهَا وَفِيهَا «وَمَنْ يَكُنْ
عَلَى يَهُودِيَّتِهِ أَوْ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْتَنُ
عَنْهَا، وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ
أَوْ عَبْدٍ دِينَارٌ أَوْ قِيمَتُهُ مِنَ الْمَعَافِرِ». وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ
فِي رُوَاتِهَا مَنْ يُجْهَلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِمِثْلِهَا عِنْدَ أَهْلِ
الْعِلْمِ حَدِيثٌ، فَالَّذِي يُوَافِقُ مِنْ أَلْفَاظِهَا وَأَلْفَاظِ مَا
قَبْلَهَا رِوَايَةَ مَسْرُوقٍ مَقُولٌ بِهِ، وَالَّذِي يَزِيدُ عَلَيْهَا وَجَبَ
التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
١٨٦٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ،
ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي
الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى نَصَارَى بِمَكَّةَ دِينَارًا
لِكُلِّ سَنَةٍ
١٨٦٧٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ،
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ضَرَبَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ بِمَكَّةَ يُقَالُ لَهُ مَوْهَبٌ
دِينَارًا كُلَّ سَنَةٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ضَرَبَ عَلَى نَصَارَى أَيْلَةَ
ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ، وَأَنْ يُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَغُشُّوا مُسْلِمًا.
١٨٦٧٩
- قَالَ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ،
أَنْبَأَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ،
فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ كُلَّ
سَنَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: ثُمَّ صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى حُلَلٍ
يُؤَدُّونَهَا إِلَيْهِ، فَدَلَّ صُلْحُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى غَيْرِ الدَّنَانِيرِ
عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ
١٨٦٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، ثنا أَسْبَاطُ بْنُ
نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَالَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَهْلَ
نَجْرَانَ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، النِّصْفُ فِي صَفَرٍ، وَالنِّصْفُ فِي رَجَبٍ،
يُؤَدُّونَهَا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَارِيَةٍ ثَلَاثِينَ دِرْعًا،
وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَثَلَاثِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ
مِنْ أَصْنَافِ السِّلَاحِ يَغْزُونَ بِهَا، الْمُسْلِمُونَ ضَامِنُونَ لَهَا
حَتَّى يَرُدُّوهَا عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ بِالْيَمَنِ كَيْدٌ
١٨٦٨١
- قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ
الْعِلْمِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ
يَذْكُرُ أَنَّ قِيمَةَ مَا أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ
بَابُ الزِّيَادَةِ عَلَى
الدِّينَارِ بِالصُّلْحِ
١٨٦٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ
أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا
أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللهِ، ثنا نَافِعٌ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ
أَهْلِ الْجِزْيَةِ أَنْ لَا يَضَعُوا الْجِزْيَةَ إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ أَوْ
مَرَّتْ عَلَيْهِمُ الْمَوَاسِي، وَجِزْيَتُهُمْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى
أَهْلِ الْوَرِقِ مِنْهُمْ، وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ، وَعَلَيْهِمْ
أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْحِنْطَةِ مُدَّيْنِ، وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ
زَيْتٍ لِكُلِّ إِنْسَانٍ كُلَّ شَهْرٍ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
وَأَهْلِ الْجِزْيَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِرْدَبٌّ لِكُلِّ
إِنْسَانٍ كُلَّ شَهْرٍ، وَمِنَ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ شَيْءٌ لَمْ نَحْفَظْهُ،
وَعَلَيْهِمْ مِنَ الْبَزِّ الَّتِي كَانَ يَكْسُوَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
النَّاسَ شَيْءٌ لَمْ نَحْفَظْهُ، وَيُضَيِّفُونَ مَنْ نَزَلَ ⦗٣٢٩⦘ بِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه لَا يَضْرِبُ الْجِزْيَةَ عَلَى
النِّسَاءِ، وَكَانَ يَخْتِمُ فِي أَعْنَاقِ رِجَالِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ
١٨٦٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ،
أنبأ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ
الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ لَا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ عَلَى
النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَا يَضْرِبُوهَا إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ
الْمَوَاسِي، وَيَخْتِمَ فِي أَعْنَاقِهِمْ، وَيَجْعَلَ جِزْيَتَهُمْ عَلَى
رُءُوسِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَمَعَ ذَلِكَ
أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ،
وَعَلَى أَهْلِ الشَّامِ مِنْهُمْ مُدَّيْ حِنْطَةٍ، وَثَلَاثَةَ أَقْسَاطِ
زَيْتٍ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ إِرْدَبَّ حِنْطَةٍ وَكِسْوَةً وَعَسَلًا، لَا يَحْفَظُهُ
نَافِعٌ كَمْ ذَلِكَ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا حِنْطَةً.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: وَذَكَرَ كِسْوَةً لَا أَحْفَظُهَا
١٨٦٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا شُعْبَةُ، ح وَأَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ
أَبُو الْفَتْحِ نَاصِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُمَرِيُّ، أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
الْجَعْدِ، ثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ
مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَذَكَرَهُ
قَالَ: ثُمَّ أَتَاهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فجَعَلَ يُكَلِّمُهُ مِنْ وَرَاءِ
الْفُسْطَاطِ يَقُولُ: وَاللهِ لَئنْ وَضَعْتَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ مِنْ أَرْضٍ
دِرْهَمًا وَقَفِيزًا مِنْ طَعَامٍ، وَزِدْتَ عَلَى كُلِّ رَأْسٍ دِرْهَمَيْنِ لَا
يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجْهِدُهُمْ. قَالَ: نَعَمْ، فَكَانَ
ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ فَجَعَلَهَا خَمْسِينَ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ رحمه الله
فِي الْقَدِيمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ رضي
الله عنه كَانَ إِذَا اسْتَغْنَى أَهْلُ السَّوَادِ زَادَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا
افْتَقَرُوا وَضَعَ عَنْهُمْ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ
١٨٦٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ،
عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيِّ قَالَ: وَضَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَعْنِي فِي
الْجِزْيَةِ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ، عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً
وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى
الْفَقِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ أَبِي
مَخْلَدٍ، عَنْ عُمَرَ، وَكِلَاهُمَا مُرْسَلٌ
بَابُ الضِّيَافَةِ فِي الصُّلْحِ
قَدْ مَضَى حَدِيثُ أَبِي
الْحُوَيْرِثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُنْقَطِعًا، أَنَّهُ جَعَلَ عَلَى نَصَارَى
أَيْلَةَ جِزْيَةً دِينَارًا عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ، وَضِيَافَةَ مَنْ مَرَّ
بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَالِاعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا.
١٨٦٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ مَالِكٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ، أنبأ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ
دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَمَعَ ذَلِكَ
أَرْزَاقَ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
١٨٦٨٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه فَرَضَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَمَنْ
حَبَسَهُ مَرَضٌ أَوْ مَطَرٌ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ:
وَحَدِيثُ أَسْلَمَ بِضِيَافَةِ ثَلَاثٍ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ جَعَلَ
الضِّيَافَةَ ثَلَاثًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا عَلَى قَوْمٍ
ثَلَاثًا، وَعَلَى قَوْمٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى آخَرِينَ
ضِيَافَةً، كَمَا يَخْتَلِفُ صُلْحُهُ لَهُمْ، فَلَا يَرُدُّ بَعْضُ الْحَدِيثِ
بَعْضًا
١٨٦٨٨ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
الْمَعْرُوفِ الْإِسْفِرَايِينِيُّ بِهَا، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرَّازِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ،
أنبأ مُسْلِمٌ، ثنا هِشَامٌ، ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَحْنَفِ
بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَشْتَرِطُ عَلَى
أَهْلِ الذِّمَّةِ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَأَنْ يُصْلِحُوا قَنَاطِرَ،
وَإِنْ قُتِلَ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ
هِشَامٍ: وَإِنْ قُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَرْضِهِمْ فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الضِّيَافَةِ
ثَلَاثَةً
١٨٦٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ،
ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ،
قَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حُدِّثْنَا ⦗٣٣١⦘ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعَتْ
أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمَنَّ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ».
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا جَائِزَتُهُ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ،
وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ
صَدَقَةٌ، وَلَا يَثْوِي عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ
قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
١٨٦٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: قُرِئَ
عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ، حَدَّثَكُمْ أَشْهَبُ، قَالَ:
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ».
قَالَ: يُكْرِمُهُ وَيُتْحِفُهُ وَيَحْفَظُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ ضِيَافَةً
١٨٦٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «حَقُّ الضِّيَافَةِ
ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ»
١٨٦٩٢ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ
أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي ضِيَافَةِ مَنْ
نَزَلَ بِهِ
١٨٦٩٣ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا
يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا لَيْثٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
شَاذَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا
اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ
بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا
فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ
فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي
يَنْبَغِي لَهُمْ». ⦗٣٣٢⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
١٨٦٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ
الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ،
ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي
كَرِيمَةَ رضي الله عنه سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ
عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، مَنْ أَصْبَحَ الضَّيْفُ بِفِنَائِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ حَقٌّ
- أَوْ قَالَ: دَيْنٌ - إِنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ»
١٨٦٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْجُودِيِّ الشَّامِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُهَاجِرِ يُحَدِّثُ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ
رضي الله عنه، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ
رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا وَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا إِلَّا كَانَ عَلَى كُلِّ
مُسْلِمٍ نَصْرُهُ حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَتِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ»
١٨٦٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التَّرْقُفِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو سَعِيدٍ
مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ
الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا غَيْلَانُ بْنُ جَامِعٍ، عَنْ قَيْسِ
بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: خَرَجَ قَوْمٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ
بَنِي أَسَدٍ وَقَدْ أَرْمَلُوا، فَسَأَلُوهُمُ الْبَيْعَ وَقَدْ رَاحَ عَلَيْهِمْ
مَالٌ لَهُمْ حَسَنٌ، قَالُوا: مَا عِنْدَنَا بَيْعٌ، فَسَأَلُوهُمُ الْقِرَى،
قَالُوا: مَا نُطِيقُ قِرَاكُمْ، فَلَمْ يَزَلْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَعْرَابِ
حَتَّى اقْتَتَلُوا، فَتَرَكَتْ لَهُمُ الْأَعْرَابُ الْبُيُوتَ وَمَا فِيهَا، فَأَخَذُوا
لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ شَاةً. قَالَ: فَأَتَوْا عُمَرَ رضي الله عنه فَذَكَرُوا
ذَلِكَ لَهُ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ
تَقَدَّمْتُ فِي هَذَا لَفَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ
الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ بِنُزُلِ لَيْلَةٍ لِلضَّيْفِ. قَالَ قَيْسٌ:
فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَسَمَ غَنَمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَأَعْطَى كُلَّ
عَشَرَةٍ شَاةً، وَأَنَّهَا كَانَتْ سُنَّةً. قَالَ: وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ بِالْقُدُورِ يَوْمَئِذٍ فَأُكْفِئَتْ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِخَيْبَرَ قَالَ
قَيْسٌ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ
بِنُزُلِ لَيْلَةٍ فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْمُعَاهَدِينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي
لَيْلَى: قَدْ أَذْكُرُ أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَنَا
بِنُزُلِ لَيْلَةٍ نَقُولُ بِالْفَارِسِيَّةِ شام. قَالَ التَّرْقُفِيُّ فِي
رِوَايَتِهِ: يَقُولُونَ شام أَيْ عَشَاءٌ
١٨٦٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا
يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي
الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ،
عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى
أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، فَذَكَرَهُ، قَالَ: وَأَيُّمَا رُفْقَةٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ آوَاهُمُ اللَّيْلُ إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُعَاهَدِينَ
مِنْ مُسَافِرِينَ فَلَمْ يَأْتُوهُمْ بِالْقِرَى فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمُ
الذِّمَّةُ
١٨٦٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ
الْجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ مِنْ ثِمَارِ
أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَعْلَافِهِمْ وَلَا نُشَارِكُهُمْ فِي نِسَائِهِمْ وَلَا
أَمْوَالِهِمْ، وَكُنَّا نُسَخِّرُ الْعِلْجَ يَهْدِينَا إِلَى الطَّرِيقِ
١٨٦٩٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ صَعْصَعَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّا نَأْتِي الْقَرْيَةَ
بِالسَّوَادِ فَنَسْتَفْتِحُ الْبَابَ، فَإِنْ لَمْ يُفْتَحْ لَنَا كَسَرْنَا
الْبَابَ فَأَخَذْنَا الشَّاةَ فَذَبَحْنَاهَا. قَالَ: وَلِمَ تَفْعَلُونَ ذَاكَ؟
قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا نَرَاهُ لَنَا حَلَالًا. قَالَ: فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ
وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٧٥]. وَهَذَا إِنْ كَانَ فِي
الْمُعَاهَدِينَ؛ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُصَالِحُوهُمْ عَلَى الضِّيَافَةِ فَلَمْ
يَحِلَّ لَهُمْ تَنَاوُلُهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ مَنْ يُرْفَعُ عَنْهُ
الْجِزْيَةُ
قَدْ مَضَى حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ،
يَعْنِي مُحْتَلِمًا، دِينَارًا.
١٨٧٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ
عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ أَنْ لَا
يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي. قَالَ:
وَكَانَ لَا يَضْرِبُ الْجِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. ⦗٣٣٤⦘ قَالَ يَحْيَى: وَهَذَا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
١٨٧٠١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنبأ
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدَةُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى
عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أُمَرَاءِ الْجِزْيَةِ أَنْ لَا
يَضَعُوا الْجِزْيَةَ إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي، وَلَا
يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَكَانَ عُمَرُ رضي الله
عنه يَخْتِمُ أَهْلَ الْجِزْيَةِ فِي أَعْنَاقِهِمْ
بَابُ الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ
فَيُرْفَعُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ وَلَا يُعْشَرُ مَالُهُ إِذَا اخْتَلَفَ
بِالتِّجَارَةِ
١٨٧٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ
الدَّهَّانُ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو
الْأَزْهَرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ
بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَيْسَ عَلَى مُؤْمِنٍ جِزْيَةٌ، وَلَا يَجْتَمِعُ
قِبْلَتَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ». وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسَ
١٨٧٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ بِبَغْدَادَ، أنبأ الْحُسَيْنُ بْنُ
يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ، ثنا يَحْيَى بْنُ السَّرِيِّ، ثنا جَرِيرٌ،
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ هِلَالٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ
عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَيْسَتْ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ». لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَفِي رِوَايَةِ
جَرِيرٍ قَالَ: عَنْ حَرْبِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي أُمِّهِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي
تَغْلِبَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
عُشُورٌ، إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى»
١٨٧٠٤ - وَرَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ
حَرْبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرٍ
الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ قَالَ: أَتَيْتُ
النَّبِيَّ ﷺ فَأَسْلَمْتُ، وَعَلَّمَنِي الْإِسْلَامَ، وَعَلَّمَنِي كَيْفَ آخُذُ
الصَّدَقَةَ مِنْ قَوْمِي مِمَّنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّ مَا ⦗٣٣٥⦘ عَلَّمْتَنِي قَدْ حَفِظْتُ، إِلَّا الصَّدَقَةَ أَفَأَعْشُرُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَى النَّصَارَى وَالْيَهُودِ». أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ
بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ،
ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ فَذَكَرَهُ.
١٨٧٠٥
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ
السَّائِبِ، عَنْ، حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمَعْنَى
حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: خَرَاجٌ مَكَانَ الْعُشُورِ،
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ حَرْبٍ، عَنْ خَالٍ
لَهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
١٨٧٠٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أنبأ
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ
وَائِلٍ، عَنْ خَالِهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْشُرُ قَوْمِي؟
قَالَ: «إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى». وَرَوَاهُ حَمَّادُ
بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَخْوَالِهِ
١٨٧٠٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ
عَيَّاشٍ، عَنْ نُصَيْرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ
اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَمِدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَيْسَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ، إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى». قَالَ الْعَبَّاسُ: هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: عَنْ
أَبِي حَمِدَةَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
التَّارِيخِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ نُصَيْرٍ، عَنْ
عَطَاءٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي حَمِدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
ﷺ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ الْحَارِثِ الثَّقَفِيِّ،
أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، وَكَانَ مِمَّنْ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. وَهَذَا
إِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللهُ أَعْلَمُ تَعْشِيرَ أَمْوَالِهِمْ إِذَا
اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَةِ، فَإِذَا أَسْلَمُوا رُفِعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ
١٨٧٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ
اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، حَدَّثَنِي مَسْرُوقٌ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الشُّعُوبِ
أَسْلَمَ فَكَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، ⦗٣٣٦⦘ فَأَتَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُ، فَكَتَبَ: أَنْ لَا
يُؤْخَذَ مِنْهُ الْجِزْيَةُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الشُّعُوبُ الْعَجَمُ هَهُنَا
جِمَاعُ أَبْوَابِ الشَّرَائِطِ
الَّتِي يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمَا يَكُونُ مِنْهُمْ
نَقْضًا لِلْعَهْدِ
بَابُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ
لَا يَذْكُرُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ إِلَّا بِمَا هُوَ أَهْلُهُ
١٨٧٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ
مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ، عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّ يَهُودِيَّةً
كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ ﷺ وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى
مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ دَمَهَا
١٨٧١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْأَصْفَهَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثنا الْمُبَارَكُ، أنبأ
حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، أَنَّ عَرَفَةَ
بْنَ الْحَارِثِ الْكِنْدِيَّ مَرَّ بِهِ نَصْرَانِيٌّ فَدَعَاهُ إِلَى
الْإِسْلَامِ، فَتَنَاوَلَ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَهُ، فَرَفَعَ عَرَفَةُ يَدَهُ
فَدَقَّ أَنْفَهُ، فَرُفِعَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ عَمْرٌو:
أَعْطَيْنَاهُمُ الْعَهْدَ. فَقَالَ عَرَفَةُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَكُونَ
أَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يُظْهِرُوا شَتْمَ النَّبِيِّ ﷺ، إِنَّمَا
أَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى أَنْ نُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كَنَائِسِهِمْ،
يَقُولُونَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُمْ، وَأَنْ لَا نُحَمِّلَهُمْ مَا لَا
يَطِيقُونَ، وَإِنْ أَرَادَهُمْ عَدُوٌّ قَاتَلْنَاهُمْ مِنْ وَرَائِهِمْ،
وَنُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَحْكَامِهِمْ، إِلَّا أَنْ يَأْتُوا رَاضِينَ
بِأَحْكَامِنَا، فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ، وَإِنْ
غَيَّبُوا عَنَّا لَمْ نَعْرِضْ لَهُمْ فِيهَا. قَالَ عَمْرٌو: صَدَقْتَ وَكَانَ
عَرَفَةُ لَهُ صُحْبَةٌ
بَابُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنَّ
أَحَدًا مِنْ رِجَالِهِمْ إِنْ أَصَابَ مُسْلِمَةً بِزِنًا أَوِ اسْمِ نِكَاحٍ،
أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ، أَوْ
أَعَانَ الْمُحَارِبِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ
السِّيرَةِ عِنْدَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ
مِمَّنْ رَوَى السِّيرَةَ، أَنَّ بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ مُوَادَعَةٌ وَعَهْدٌ، فَأَتَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
إِلَى صَائِغٍ مِنْهُمْ لِيَصُوغَ لَهَا حُلِيًّا، وَكَانَتِ الْيَهُودُ
مُعَادِيَةً لِلْأَنْصَارِ، فَلَمَّا جَلَسَتْ عِنْدَ الصَّائِغِ عَمَدَ إِلَى
بَعْضِ حَدَائِدِهِ فَشَدَّ بِهِ أَسْفَلَ ذَيْلِهَا وَجَيْبَهَا وَهِيَ لَا
تَشْعُرُ، فَلَمَّا قَامَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي سُوقِهِمْ نَظَرُوا إِلَيْهَا
مُنْكَشِفَةً فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْهَا وَيَسْخَرُونَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
رَسُولَ اللهِ ﷺ فَنَابَذَهُمْ وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ،
وَذَكَرَ حَدِيثَ بَنِي النَّضِيرِ وَمَا صَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله
عنه فِي الْيَهُودِيِّ الَّذِي اسْتَكْرَهَ الْمَرْأَةَ فَوَطِئَهَا
١٨٧١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، ثنا جَدِّي، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: هَذَا حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ ﷺ
حِينَ خَرَجَ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي عَقْلِ
الْكِلَابِيِّينَ، وَكَانُوا زَعَمُوا قَدْ دَسُّوا إِلَى قُرَيْشٍ حِينَ نَزَلُوا
بِأُحُدٍ فِي قِتَالِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَحَضُّوهُمْ عَلَى الْقِتَالِ،
وَدَلُّوهُمْ عَلَى الْعَوْرَةِ، فَلَمَّا كَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي عَقْلِ
الْكِلَابِيِّينَ قَالُوا: اجْلِسْ أَبَا الْقَاسِمِ حَتَّى تَطْعَمَ وَتَرْجِعَ
بِحَاجَتِكَ وَنَقُومَ فَنَتَشَاوَرَ وَنُصْلِحَ أَمْرَنَا فِيمَا جِئْتَنَا لَهُ.
فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي ظِلِّ جِدَارٍ
يَنْتَظِرُ أَنْ يُصْلِحُوا أَمْرَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسُوا وَالشَّيْطَانُ
مَعَهُمْ لَا يُفَارِقُهُمُ ائْتَمَرُوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالُوا:
لَنْ تَجِدُوهُ أَقْرَبَ مِنْهُ الْآنَ فَاسْتَرِيحُوا مِنْهُ تَأْمَنُوا فِي
دِيَارِكُمْ وَيُرْفَعْ عَنْكُمُ الْبَلَاءُ. فَقَالَ رَجُلٌ: إِنْ شِئْتُمْ
ظَهَرْتُ فَوْقَ الْبَيْتِ وَدَلَّيْتُ عَلَيْهِ حَجَرًا فَقَتَلْتُهُ. فَأَوْحَى
اللهُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا ائْتَمَرُوا مِنْ شَأْنِهِ، فَعَصَمَهُ اللهُ،
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كَأَنَّهُ يُرِيدُ يَقْضِيَ حَاجَةً وَتَرَكَ أَصْحَابَهُ
فِي مَجْلِسِهِمْ، وَانْتَظَرَ أَعْدَاءُ اللهِ فَرَاثَ عَلَيْهِمْ، وَأَقْبَلَ
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَسَأَلُوهُ عَنْهُ، فَقَالَ: لَقِيتُهُ قَدْ
دَخَلَ أَزِقَّةَ الْمَدِينَةِ. فَقَالُوا لِأَصْحَابِهِ: عَجِلَ أَبُو الْقَاسِمِ
أَنْ يُقِيمَ أَمْرَنَا فِي حَاجَتِهِ الَّتِي جَاءَ بِهَا. ثُمَّ قَامَ أَصْحَابُ
رَسُولِ اللهِ ﷺ فَرَجَعُوا، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي
جَاءَ أَعْدَاءُ اللهِ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ
فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ﴾، فَلَمَّا أَظْهَرَ اللهُ رَسُولَهُ عَلَى مَا أَرَادُوا بِهِ ⦗٣٣٨⦘ وَعَلَى خِيَانَتِهِمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَمَرَ
بِإِجْلَائِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا
حَيْثُ شَاءُوا. إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ
١٨٧١٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ
الْأَزْدِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ
غَفَلَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالشَّامِ، فَأَتَاهُ نَبَطِيٌّ مَضْرُوبٌ مُشَجَّجٌ
مُسْتَعْدٍ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا فَقَالَ لِصُهَيْبٍ: انْظُرْ مَنْ صَاحِبُ
هَذَا؟ فَانْطَلَقَ صُهَيْبٌ فَإِذَا هُوَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ،
فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَلَوْ
أَتَيْتَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَمَشَى مَعَكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ بَادِرَتَهُ. فَجَاءَ مَعَهُ مُعَاذٌ، فَلَمَّا
انْصَرَفَ عُمَرُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ: أَيْنَ صُهَيْبٌ؟ فَقَالَ: أَنَا هَذَا
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَجِئْتَ بِالرَّجُلِ الَّذِي ضَرَبَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَاسْمَعْ مِنْهُ وَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِ،
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
رَأَيْتُهُ يَسُوقُ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ فَنَخَسَ الْحِمَارَ لِيَصْرَعَهَا
فَلَمْ تُصْرَعْ، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَنِ الْحِمَارِ، ثُمَّ تَغَشَّاهَا
فَفَعَلْتُ مَا تَرَى. قَالَ: ائْتِنِي بِالْمَرْأَةِ لِتُصَدِّقَكَ. فَأَتَى
عَوْفٌ الْمَرْأَةَ فَذَكَرَ الَّذِي قَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، قَالَ
أَبُوهَا وَزَوْجُهَا: مَا أَرَدْتَ بِصَاحِبَتِنَا فَضَحْتَهَا. فَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ: وَاللهِ لَأَذْهَبَنَّ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
فَلَمَّا أَجْمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُوهَا وَزَوْجُهَا: نَحْنُ نُبَلِّغُ
عَنْكِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَتَيَا فَصَدَّقَا عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ بِمَا
قَالَ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ لِلْيَهُودِيِّ: وَاللهِ مَا عَلَى هَذَا
عَاهَدْنَاكُمْ. فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ فُوا
بِذِمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَمَنْ فَعَلَ مِنْهُمْ هَذَا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ. قَالَ
سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ: وَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَصْلُوبٍ رَأَيْتُهُ. تَابَعَهُ
ابْنُ أَشْوَعَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ
بَابُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ
لَا يُحْدِثُوا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ كَنِيسَةً، وَلَا مَجْمَعًا
لِصَلَاتِهِمْ، وَلَا صَوْتَ نَاقُوسٍ، وَلَا حَمْلَ خَمْرٍ، وَلَا إِدْخَالَ
خِنْزِيرٍ
١٨٧١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ،
وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالُوا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ
مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كَتَبَ ⦗٣٣٩⦘ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنْ أَدِّبُوا
الْخَيْلَ، وَلَا يُرْفَعَنَّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمُ الصَّلِيبُ، وَلَا
يُجَاوِرَنَّكُمُ الْخَنَازِيرُ
١٨٧١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ أَبُو مُسْلِمٍ، ح وَأنبأ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ
طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْإِمَامُ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ حَمْدَانَ الْفَارِسِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ قَالُوا: ثنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ
السُّلَمِيُّ، أنبأ أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ حَنَشٍ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُلُّ مِصْرٍ
مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ لَا يُبْنَى فِيهِ بِيعَةٌ وَلَا كَنِيسَةٌ، وَلَا
يُضْرَبُ فِيهِ بِنَاقُوسٍ، وَلَا يُبَاعُ فِيهِ لَحْمُ خِنْزِيرٍ
بَابُ لَا تُهْدَمُ لَهُمْ كَنِيسَةٌ
وَلَا بِيعَةٌ
١٨٧١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُصَرِّفُ
بْنُ عَمْرٍو الْيَامِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، أنبأ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ
الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَالَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَهْلَ نَجْرَانَ
عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا مَضَى قَالَ فِيهِ: عَلَى أَنْ
لَا تُهْدَمَ لَهُمْ بِيعَةٌ، وَلَا يُخْرَجَ لَهُمْ قِسٌّ، وَلَا يُفْتَنُونَ
عَنْ دِينِهِمْ مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا
١٨٧١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ،
ثنا أَبُو قِلَابَةَ، ثنا أَبِي، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما قَالَ: أَيُّمَا مِصْرٍ أَعَدَّهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ
يَبْنُوا فِيهِ بِيعَةً، أَوْ قَالَ: كَنِيسَةً، وَلَا يَضْرِبُوا فِيهِ
نَاقُوسًا، وَلَا يُدْخِلُوا فِيهِ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا، وَأَيُّمَا مِصْرٍ
اتَّخَذَهُ الْعَجَمُ فَعَلَى الْعَرَبِ أَنْ يَفُوا لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ فِيهِ
وَلَا يُكَلِّفُوهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ
بَابُ الْإِمَامِ يَكْتُبُ كِتَابَ
الصُّلْحِ عَلَى الْجِزْيَةِ
١٨٧١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، ثنا
أَبُو بَكْرِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْمُطَّوِّعِيُّ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ
ثَعْلَبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الْعَيْزَارِ، عَنْ سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ، وَالْوَلِيدِ بْنِ نُوحٍ، وَالسَّرِيِّ بْنِ مُصَرِّفٍ، يَذْكُرُونَ
عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
غَنْمٍ، قَالَ: كَتَبْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ صَالَحَ
أَهْلَ الشَّامِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ
اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَصَارَى مَدِينَةِ كَذَا وَكَذَا،
إِنَّكُمْ لَمَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا سَأَلْنَاكُمُ الْأَمَانَ لِأَنْفُسِنَا ⦗٣٤٠⦘ وَذَرَارِيِّنَا وَأَمْوَالِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا، وَشَرَطْنَا لَكُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا أَنْ لَا نُحْدِثَ فِي مَدِينَتِنَا وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا كَنِيسَةً وَلَا قَلَّايَةً وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ، وَلَا نُجَدِّدَ مَا خَرِبَ مِنْهَا، وَلَا نُحْيِيَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي خُطَطِ الْمُسْلِمِينَ،
وَأَنْ لَا نَمْنَعَ كَنَائِسَنَا أَنْ يَنْزِلَهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، وَأَنْ نُوَسِّعَ أَبْوَابَهَا لِلْمَارَّةِ وَابْنِ
السَّبِيلِ، وَأَنْ نُنْزِلَ مَنْ مَرَّ بِنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَنُطْعِمَهُمْ، وَأَنْ لَا نُؤَمِّنَ فِي كَنَائِسِنَا وَلَا مَنَازِلِنَا
جَاسُوسًا، وَلَا نَكْتُمَ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا نُعَلِّمَ أَوْلَادَنَا
الْقُرْآنَ، وَلَا نُظْهِرَ شِرْكًا وَلَا نَدْعُوَ إِلَيْهِ أَحَدًا، وَلَا
نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ قَرَابَتِنَا الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ إِنْ أَرَادَهُ،
وَأَنْ نُوَقِّرَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ نَقُومَ لَهُمْ مِنْ مَجَالِسِنَا إِنْ
أَرَادُوا جُلُوسًا، وَلَا نَتَشَبَّهَ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ مِنْ
قَلَنْسُوَةٍ وَلَا عِمَامَةٍ وَلَا نَعْلَيْنِ وَلَا فَرْقِ شَعَرٍ، وَلَا
نَتَكَلَّمَ بِكَلَامِهِمْ، وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ، وَلَا نَرْكَبَ
السُّرُوجَ، وَلَا نَتَقَلَّدَ السُّيُوفَ، وَلَا نَتَّخِذَ شَيْئًا مِنَ
السِّلَاحِ، وَلَا نَحْمِلَهُ مَعَنَا، وَلَا نَنْقُشَ خَوَاتِيمَنَا
بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَا نَبِيعَ الْخُمُورَ، وَأَنْ نَجُزَّ مَقَادِيمَ
رُءُوسِنَا، وَأَنْ نَلْزَمَ زِيَّنَا حَيْثُ مَا كُنَّا، وَأَنْ نَشُدَّ
الزَّنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِنَا، وَأَنْ لَا نُظْهِرَ صُلُبَنَا وَكُتُبَنَا فِي
شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقِهِمْ، وَأَنْ لَا نُظْهِرَ
الصَّلِيبَ عَلَى كَنَائِسِنَا، وَأَنْ لَا نَضْرِبَ بِنَاقُوسٍ فِي كَنَائِسِنَا
بَيْنَ حَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ لَا نُخْرِجَ سَعَانِينًا وَلَا
بَاعُونًا، وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا مَعَ أَمْوَاتِنَا، وَلَا نُظْهِرَ
النِّيرَانَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا
نُجَاوِزَهُمْ مَوْتَانَا، وَلَا نَتَّخِذَ مِنَ الرَّقِيقِ مَا جَرَى عَلَيْهِ
سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ نُرْشِدَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا نَطَّلِعَ
عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ. فَلَمَّا أَتَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه بِالْكِتَابِ
زَادَ فِيهِ: وَأَنْ لَا نَضْرِبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، شَرَطْنَا لَهُمْ
ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا وَقَبِلْنَا مِنْهُمُ الْأَمَانَ،
فَإِنْ نَحْنُ خَالَفْنَا شَيْئًا مِمَّا شَرَطْنَاهُ لَكُمْ فَضَمِنَّاهُ عَلَى
أَنْفُسِنَا فَلَا ذِمَّةَ لَنَا، وَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مَا يَحِلُّ لَكُمْ مِنْ
أَهْلِ الْمُعَانَدَةِ وَالشَّقَاوَةِ
بَابُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ
يُفَرِّقُوا بَيْنَ هَيْئَتِهِمْ وَهَيْئَةِ الْمُسْلِمِينَ
١٨٧١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ
اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ رضي الله
عنه إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنِ اخْتِمُوا رِقَابَ أَهْلِ الْجِزْيَةِ فِي
أَعْنَاقِهِمْ
١٨٧١٩ - وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ
أَيْضًا بِمَا: ⦗٣٤١⦘ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو
حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ،
وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ
١٨٧٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ الْحَارِثُ بْنُ
أَبِي أُسَامَةَ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي
زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «يُسَلِّمُ
الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى
الْكَثِيرِ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ
سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: الْمَاشِيَانِ إِذَا اجْتَمَعَا فَأَيُّهُمَا بَدَأَ
بِالسَّلَامِ فَهُوَ أَفْضَلُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ رَوْحٍ دُونَ قَوْلِ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ رَوْحٍ بِهِ
١٨٧٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ،
قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّكُمْ لَاقُونَ الْيَهُودَ غَدًا،
فَلَا تَبْدءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا:
وَعَلَيْكَ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
سُفْيَانَ
١٨٧٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمَ
عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ إِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْ: عَلَيْكَ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ
مَالِكٍ
١٨٧٢٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا ⦗٣٤٢⦘ فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ». قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدْ قُلْتُ عَلَيْكُمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهَذِهِ السُّنَنُ لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهَا إِلَّا
بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِهِمْ، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَعْرِفُهُمْ فَلَا بُدَّ
مِنْ غِيَارٍ يَتَمَيَّزُونَ بِهِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ
١٨٧٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ،
حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ
هَيْئَتُهُ هَيْئَةُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ عُقْبَةُ
وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي
عَلَى مَنْ رَدَدْتَ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ فَقَالُوا: لَا،
وَلَكِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ. فَقَامَ عُقْبَةُ فَتَبِعَهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ
فَقَالَ: إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ وَبَرَكَاتِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لَكِنْ
أَطَالَ اللهُ حَيَاتَكَ وَأَكْثَرَ مَالَكَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ
مَعْنَاهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ
بَابُ لَا يَأْخُذُونَ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ سَرَوَاتِ الطُّرُقِ وَلَا الْمَجَالِسَ فِي الْأَسْوَاقِ
١٨٧٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ذَكَرَ
سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا لَقِيتُمُ الْمُشْرِكِينَ فِي
الطَّرِيقِ فَلَا تَبْدءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ».
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ
١٨٧٢٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الزِّيَادِيُّ، أنبأ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ
بْنُ مُنِيبٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أنبأ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، ⦗٣٤٣⦘ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ،
وَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ». قَالَ هَذَا لِلنَّصَارَى فِي
النَّعْتِ، وَنَحْنُ نَرَاهُ لِلْمُشْرِكِينَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَرِيرٍ
بَابُ لَا يَدْخُلُونَ مَسْجِدًا
بِغَيْرِ إِذْنٍ
١٨٧٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ
بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّجَّارِ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ
قَالَا: أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ حَازِمٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ
عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ رضي الله
عنه أَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى فِي أَدِيمٍ
وَاحِدٍ، وَكَانَ لِأَبِي مُوسَى كَاتِبٌ نَصْرَانِيٌّ يَرْفَعُ إِلَيْهِ ذَلِكَ،
فَعَجِبَ عُمَرُ رضي الله عنه وقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَافِظٌ، وَقَالَ: إِنَّ
لَنَا كِتَابًا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ جَاءَ مِنَ الشَّامِ، فَادْعُهُ
فَلْيَقْرَأْ. قَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْخُلَ
الْمَسْجِدَ. فَقَالَ عُمَرُ أَجُنُبٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ نَصْرَانِيٌّ.
قَالَ: فَانْتَهَرَنِي وَضَرَبَ فَخِذِي وَقَالَ: أَخْرِجْهُ، وَقَرَأَ: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: ٥١]، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
بَابُ لَا يَأْخُذُ الْمُسْلِمُونَ
مِنْ ثِمَارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ
إِذَا أَعْطَوا مَا عَلَيْهِمْ، وَمَا وَرَدَ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي ظُلْمِهِمْ
وَقَتْلِهِمْ
١٨٧٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عِيسَى، ثنا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ، أنبأ أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ،
قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ عُمَيْرٍ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ عَنِ الْعِرْبَاضِ
بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ
خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ
رَجُلًا مَارِدًا مُنْكَرًا، فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا
مُحَمَّدُ أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا وَتَأْكُلُوا ثِمَارَنَا وَتَضْرِبُوا
نِسَاءَنَا؟ فَغَضِبَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ ارْكَبْ فَرَسَكَ
ثُمَّ نَادِ: إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، وَأَنِ اجْتَمِعُوا
لِلصَّلَاةِ». قَالَ: فَاجْتَمَعُوا ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ قَامَ
فَقَالَ: «أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ
اللهَ عز وجل لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، أَلَا
وَإِنِّي وَاللهِ قَدْ ⦗٣٤٤⦘ أَمَرْتُ وَوَعَظْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا
بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ وَلَا أَكْلَ
ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ»
١٨٧٢٩ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عَبِيدٍ الصَّفَارُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، ثنا
مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، عَنْ رَجُلٍ
مِنْ جُهَيْنَةَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«إِنَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا وَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ فَيُفَادُوكُمْ
بِأَمْوَالِهِمْ دُونَ أَنْفُسِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ، وَتُصَالِحُوهُمْ عَلَى
صُلْحٍ فَلَا تُصِيبُوا مِنْهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ».
قَالَ الثَّقَفِيُّ: صَحِبْتُ الْجُهَنِيَّ فِي غَزَاةٍ أَوْ سَفَرٍ، وَكَانَ مِنْ
أَعَفِّ النَّاسِ عَنِ الْأَعْدَاءِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ
١٨٧٣٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُسَدَّدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ قَالَا: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ
رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«لَعَلَّكُمْ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا فَتَظْهَرُوا عَلَيْهِمْ فَيَتَّقُونَكُمْ
بِأَمْوَالِهِمْ دُونَ أَنْفُسِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ». قَالَ سَعِيدٌ فِي
حَدِيثِهِ: فَيُصَالِحُونَكُمْ عَلَى صُلْحٍ ثُمَّ اتَّفَقَا فَلَا تُصِيبُوا
مِنْهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَكُمْ
١٨٧٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ
الْمَدَنِيُّ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ
أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً، عَنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ قَالَ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا وَانْتَقَصَهُ وَكَلَّفَهُ فَوْقَ
طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَأَنَا
حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِأُصْبُعِهِ إِلَى
صَدْرِهِ: "أَلَا وَمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ
رَسُولِهِ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ
مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا
١٨٧٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
الْمَنِيعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَا: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ،
وَإِنَّهُ لَيُوجَدُ رِيحُهَا مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». ⦗٣٤٥⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، عَنِ الْحَسَنِ، وَخَالَفَهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ فَرَوَاهُ
١٨٧٣٣ - عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ
مُجَاهِدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رضي
الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ أَهْلِ
الذِّمَّةِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ
كَذَا وَكَذَا». أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ زِيَادٍ، ثنا ابْنُ أَبِي
عُمَرَ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو فَذَكَرَهُ
١٨٧٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمِصْرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
الْفِرْيَابِيُّ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ،
حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ ثُرْمُلَةَ
الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً بِغَيْرِ حِلِّهَا فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ
عَلَيْهِ الْجَنَّةَ أَنْ يَشُمَّ رِيحَهَا»
بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشْدِيدِ
فِي جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ
١٨٧٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَسَنِ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ
حَكِيمٍ رضي الله عنه وَجَدَ رَجُلًا وَهُوَ عَلَى حِمْصَ يُشَمِّسُ نَاسًا مِنَ
الْقِبْطِ فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي
الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ
وَهْبٍ
١٨٧٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ،
ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ قَالَ:
اسْتَعْمَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى بَزْرَجِ سَابُورَ
فَقَالَ: لَا تَضْرِبَنَّ رَجُلًا سَوْطًا فِي جِبَايَةِ دِرْهَمٍ، وَلَا
تَبِيعَنَّ لَهُمْ رِزْقًا وَلَا كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ، ⦗٣٤٦⦘ وَلَا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا، وَلَا تُقِمْ رَجُلًا قَائِمًا فِي طَلَبِ دِرْهَمٍ. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذًا أَرْجِعَ إِلَيْكَ كَمَا ذَهَبْتُ مِنْ عِنْدِكَ. قَالَ: وَإِنْ رَجَعْتَ كَمَا ذَهَبْتَ وَيْحَكَ إِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمُ الْعَفْوَ، يَعْنِي الْفَضْلَ
١٨٧٣٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَأَلَهُ مَا فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «الْعَفْوُ» يَعْنِي الْفَضْلَ
بَابُ لَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ فِي
الْجِزْيَةِ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا
١٨٧٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ يُقَلِّبُ يَدَهُ هَكَذَا فَقُلْتُ
لَهُ: مَا لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: عُوَيْمِلٌ لَنَا بِالْعِرَاقِ
خَلَطَ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ أَثْمَانَ الْخَمْرِ وَأَثْمَانَ الْخَنَازِيرِ،
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ
عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ أَنْ يَأْكُلُوهَا فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا
أَثْمَانَهَا». قَالَ سُفْيَانُ يَقُولُ: لَا تَأْخُذُوا فِي جِزْيَتِهِمُ
الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ، وَلَكِنْ خَلُّوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَيْعِهَا، فَإِذَا
بَاعُوهَا فَخُذُوا أَثْمَانَهَا فِي جِزْيَتِهِمْ
بَابُ الْوَصَاةِ بِأَهْلِ
الذِّمَّةِ
١٨٧٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَا
بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله
عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ
فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً
وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ عَلَى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ
فَاخْرُجْ مِنْهَا». قَالَ: فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ
شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ
مِنْهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَارُونَ الْأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ
وَهْبٍ
١٨٧٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ
الْعَسْكَرِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، ثنا آدَمُ بْنُ
أَبِي إِيَاسٍ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ
بْنَ قُدَامَةَ التَّيْمِيَّ، يَقُولُ: حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ
فَسَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَخْطُبُ فَقَالَ: إِنِّي
رَأَيْتُ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، قَالَ: فَمَا كَانَتْ
إِلَّا جُمُعَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ حَتَّى أُصِيبَ، ثُمَّ أَذِنَ لِأَصْحَابِ
النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَذِنَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لِأَهْلِ الشَّامِ،
ثُمَّ أَذِنَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَكُنَّا فِي آخِرِ مَنْ دَخَلَ، فَإِذَا
عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ أَوْ بُرْدٌ أَسْوَدُ قَدْ عُصِبَ عَلَى طَعْنَتِهِ، وَإِذَا
الدَّمُ يَسِيلُ فَقُلْنَا: أَوْصِنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ:
أُوصِيكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ،
وَأُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ،
وَأُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ شَعْبُ الْإِسْلَامِ الَّذِي نَجَا
إِلَيْهِ، وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ،
وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ،
وَأُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ اللهِ، فَإِنَّهُمْ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ ﷺ وَرِزْقُ
عِيَالِكُمْ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا عَنِّي. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ
١٨٧٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ
حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي
بِأَهْلِ الذِّمَّةِ خَيْرًا، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ
مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ. أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
عَيَّاشٍ
بَابُ لَا يَقْرَبُ الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ، وَهُوَ الْحَرَمُ كُلُّهُ، مُشْرِكٌ
قَالَ اللهُ تبارك وتعالى:
﴿إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ
هَذَا﴾ [التوبة:
٢٨].
١٨٧٤٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فِيمَنْ يُؤَذِّنُ
يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى: أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَأَنْ لَا
يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ،
وَإِنَّمَا قِيلَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ،
فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَلَمْ
يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَجَّةَ ⦗٣٤٨⦘ الْوَدَاعِ مُشْرِكٌ، وَأَنْزَلَ اللهُ فِي الْعَامِ الَّذِي نَبَذَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى الْمُشْرِكِينَ: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨] الْآيَةَ، وَذَكَرَ بَاقِيَ
الْحَدِيثِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ
١٨٧٤٣ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ
أَبِي أُسَامَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرٌ، ثنا
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:
أَرْسَلْتُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِأَرْبَعٍ: لَا يَطُوفَنَّ بِالْكَعْبَةِ
عُرْيَانٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِ،
وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ
١٨٧٤٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ، ثنا
أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ يُثَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عَلِيًّا رضي الله عنه: بِأِيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ؟ قَالَ:
بِأَرْبَعٍ فَذَكَّرَهُنَّ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ
وَمُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فِي الْحَجِّ، وَزَادَ: وَمَنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ عَهْدٌ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
بَابُ لَا يَسْكُنُ أَرْضَ
الْحِجَازِ مُشْرِكٌ
١٨٧٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
الْإِسْفِرَايِينِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا الْمَرَّارُ بْنُ حَمُّويَهِ
الْهَمَذَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، قَالَ مُوسَى: وَهُوَ
أَبُو غَسَّانَ الْكِنَانِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: لَمَّا فُدِعْتُ بِخَيْبَرَ قَامَ عُمَرُ رضي الله عنه خَطِيبًا
فِي النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى
أَمْوَالِهَا وَقَالَ: «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ»، وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ
بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ
فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَلَيْسَ لَنَا عَدُوٌّ هُنَاكَ غَيْرَهُمْ وَهُمْ
تُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ. فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ
أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،
تُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ وَعَامَلَنَا عَلَى الْأَمْوَالِ
وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ: «كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ
قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ». فَأَجْلَاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ
مَالِهِمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالًا وَإِبِلًا وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ
وَغَيْرَ ذَلِكَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ
وَهُوَ مَرَّارُ بْنُ حَمُّويَهِ
١٨٧٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبِسْطَامِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ⦗٣٤٩⦘ أنبأ الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا ابْنُ بَزِيعٍ، وَأَبُو الْأَشْعَثِ، قَالَا: ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ
أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الْأَرْضُ إِذْ أَظْهَرَ
عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ
اللهِ ﷺ أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكُفُّوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ
الثَّمَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا،
فَأُقِرُّوا بِهَا، وَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه فِي إِمَارَتِهِ إِلَى
تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي
الْأَشْعَثِ أَحْمَدَ بْنِ الْمِقْدَامِ
١٨٧٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي
مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟
ثُمَّ بَكَى ثُمَّ قَالَ: اشْتَدَّ وَجَعُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «ائْتُونِي
أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا»، فَتَنَازَعُوا وَلَا
يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالَ: «ذَرُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ
خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ»، وَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ فَقَالَ:
أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ
بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَالثَّالِثَةَ نُسِّيتُهَا. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ،
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِمَا عَنْ
سُفْيَانَ
١٨٧٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ،
أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الزُّهْرِيُّ الْقَاضِي،
بِمَكَّةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَا: ثنا رَوْحُ بْنُ
عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ
جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَئِنْ عِشْتُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَتْرُكَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ رَوْحٍ
١٨٧٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ ⦗٣٥٠⦘ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ، ثنا سَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ: آخِرُ مَا
تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَالَ: "أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ
وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ شَرَّ النَّاسِ
الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ
١٨٧٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ الْعَدْلُ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ،
أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ
مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ قَالَ: «قَاتَلَ اللهُ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، لَا
يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ»
١٨٧٥١ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ». قَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَفَحَصَ عَنْ ذَلِكَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حَتَّى أَتَاهُ الثَّلَجُ وَالْيَقِينُ عَنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ
الْعَرَبِ»، فَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ. قَالَ مَالِكٌ: قَدْ أَجْلَى عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَهُودَ نَجْرَانَ وَفَدَكَ
١٨٧٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي
ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَكُونُ قِبْلَتَانِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ»، وَرُوِّينَا عَنْ
أَبِي كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ بِإِسْنَادِهِ: «لَا
يَجْتَمِعُ قِبْلَتَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ». قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:
وَقَدْ أَجْلَى رَسُولُ اللهِ ﷺ
يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، ثُمَّ يَهُودَ الْمَدِينَةِ، وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي
الله عنه
١٨٧٥٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو السَّرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ
بِالطَّابِرَانِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْحَنْظَلِيُّ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ
سَعِيدٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ
حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ ﷺ بَنِي النَّضِيرِ،
وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ⦗٣٥١⦘ وَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ ﷺ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ، بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، وَبَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ لَا يُقَرُّونَ فِيهَا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، وَلَا أَدْرِي أَكَانَ يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ أَمْ لَا
١٨٧٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَحْرُ بْنُ
نَصْرٍ الْخُولَانِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ: أَخْبَرَكَ
أَبُوكَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ
إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ»،
فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا إِلَى بَيْتِ الْمِدْرَاسِ فَقَامَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا».
قَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«ذَلِكَ أُرِيدُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا». قَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا
الْقَاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذَلِكَ أُرِيدُ»، ثُمَّ قَالَهَا
الثَّالِثَةَ وَقَالَ: «اعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ،
وَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ
مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا
الْأَرْضُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ، كِلَاهُمَا
عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ
أَرْضِ الْحِجَازِ وَجَزِيرَةِ الْعَرَبِ
١٨٧٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مَحْمُودُ
بْنُ خَالِدٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ الْوَادِي إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ
إِلَى تُخُومِ الْعِرَاقِ إِلَى الْبَحْرِ
١٨٧٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: جَزِيرَةُ
الْعَرَبِ مَا بَيْنَ حُفَرِ أَبِي مُوسَى إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ فِي الطُّولِ،
وَأَمَّا الْعَرْضُ فَمَا بَيْنَ رَمْلِ يَبْرِينَ إِلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مِنْ أَقْصَى عَدَنِ أَبْيَنَ
إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ، وَأَمَّا الْعَرْضُ فَمِنْ جُدَّةَ وَمَا
وَالِاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَافِ الشَّامِ
١٨٧٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ
عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: قَالَ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْمُقْرِيَّ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مِنْ لَدُنِ
الْقَادِسِيَّةِ إِلَى لَدُنْ قَعْرِ عَدَنَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ
١٨٧٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: قُرِئَ
عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ، أَخْبَرَكَ أَشْهَبُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عُمَرُ رضي الله عنه أَجْلَى أَهْلَ
نَجْرَانَ وَلَمْ يُجْلَوْا مِنْ تَيْمَاءَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بِلَادِ
الْعَرَبِ، فَأَمَّا الْوَادِي فَإِنِّي أَرَى أَنَّمَا لَا يُجْلَى مَنْ فِيهَا
مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ
١٨٧٥٩
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنْبَأَ الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ سَأَلَ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةَ أَنْ
يُعْطِيَهَا وَيَجْرِيَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ الْحِجَازَ لَمْ
يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَالْحِجَازُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ
وَمَخَالِيفُهَا كُلُّهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا أُجْلِيَ
مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ كَانَتْ بِهَا ذِمَّةٌ وَلَيْسَتِ
الْيَمَنُ بِحِجَازٍ، فَلَا يُجْلِيهِمْ أَحَدٌ مِنَ الْيَمَنِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ
يُصَالِحَهُمْ عَلَى مَقَامِهِمْ بِالْيَمَنِ قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ جَعَلُوا
الْيَمَنَ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ وَالْجَلَاءُ وَقَعَ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ،
وَذِمَّةُ أَهْلِ الْحِجَازِ دُونَ ذِمَّةِ أَهْلِ الْيَمَنِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ
بِحِجَازٍ، لَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ، وَالْجَلَاءُ
فِي الْحَدِيثِ تَخْصِيصٌ، وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ
الْجَرَّاحِ رضي الله عنه دَلِيلٌ أَوْ شِبْهُ دَلِيلٍ عَلَى مَوْضِعِ الْخُصُوصِ،
وَاللهُ أَعْلَمُ
١٨٧٦٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا
الْوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي
فَتْحِ وَادِي الْقُرَى، قَالَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِوَادِي الْقُرَى
أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَقَسَمَ مَا أَصَابَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِوَادِي الْقُرَى،
وَتَرَكَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِأَيْدِي يَهُودَ وَعَامَلَهُمْ عَلَيْهَا،
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخْرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ
وَفَدَكَ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَهْلَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى؛ لِأَنَّهُمَا
دَاخِلَتَانِ فِي أَرْضِ الشَّامِ، وَنَرَى أَنَّ مَا دُونَ وَادِي الْقُرَى إِلَى
الْمَدِينَةِ حِجَازٌ، وَأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَامٌ قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا
الْكَلَامُ الْأَخِيرُ أَظُنُّهُ مِنْ قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ
١٨٧٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ يَعْنِي النَّيْسَابُورِيَّ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ يَحْيَى الْمَدَنِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ، يَقُولُ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَكَّةُ وَالْيَمَنُ،
فَأَمَّا مِصْرُ فَمِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَالشَّامُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ،
وَالْعِرَاقُ مِنْ بِلَادْ فَارِسَ
بَابُ الذِّمِّيِّ يَمُرُّ
بِالْحِجَازِ مَارًّا لَا يُقِيمُ بِبَلَدٍ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ
١٨٧٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو عَمْرٍو
إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ،
ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ضَرَبَ لِلْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ بِالْمَدِينَةِ إِقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
يَتَسَوَّقُونَ بِهَا وَيَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ، وَلَا يُقِيمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ
فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ
بَابُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ
إِذَا اتَّجَرَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، وَالْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ بِلَادَ
الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ
١٨٧٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
بِلَالٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه عَلَى
الْعُشُورِ فَقُلْتُ: تَبْعَثُنِي عَلَى الْعُشُورِ مِنْ بَيْنِ غِلْمَتِكَ؟
فَقَالَ: أَلَا تَرْضَى أَنْ أَجْعَلَكَ عَلَى مَا جَعَلَنِي عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبْعَ
الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ
لَهُ الْعُشْرَ
١٨٧٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلِيَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه فَأَبْطَأْتُ
عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلِيَّ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ لَأَرَى
لَوْ أَنِّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَعَضَّ عَلَى حَجَرِ كَذَا وَكَذَا ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِي لَفَعَلْتَ، اخْتَرْتُ لَكَ خَيْرَ عَمَلٍ فَكَرِهْتَهُ، إِنِّي
أَكْتُبُ لَكَ سُنَّةَ عُمَرَ. قُلْتُ: فَاكْتُبْ لِي سُنَّةَ عُمَرَ رضي الله عنه.
قَالَ: فَكَتَبَ: مِنَ
الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَمَنْ أَهْلِ
الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ
مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمٌ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ؟
قَالَ: الرُّومُ كَانُوا يَقْدَمُونَ الشَّامَ
١٨٧٦٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَقِيهُ، ثنا بِشْرُ
بْنُ مُوسَى، ثنا الْمُقْرِيُّ، ثنا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنِ الْهَيْثَمِ وَكَانَ
صَيْرَفِيًّا بِالْكُوفَةِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ قَالَ: جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
عَلَى صَدَقَةِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَبْعَثُكَ عَلَى
مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.
فَقُلْتُ: لَا أَعْمَلُ ذَلِكَ
حَتَّى تَكْتُبَ لِي عَهْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكَ،
فَكَتَبَ لِي أَنْ خُذْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ
أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوا ⦗٣٥٤⦘ لِلتِّجَارَةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ
١٨٧٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ
يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ يُرِيدُ
بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَأْخُذُ مِنَ
الْقِطْنِيَّةِ الْعُشْرَ
١٨٧٦٧ - قَالَ: وأنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ
مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ:
كُنْتُ عَامِلًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي
زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ
الْعُشْرَ
١٨٧٦٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ
الْمِهْرَجَانِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ
شِهَابٍ: عَلَى أِيِّ وَجْهٍ أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنَ
النَّبَطِ الْعُشْرَ؟ فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
١٨٧٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ
مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ
أُعَاشِرُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ زَمَانَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْصَافَ عُشُورِ
أَمْوَالِهِمْ فِيمَا تَجَرُوا فِيهِ
١٨٧٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا قَيْسٌ،
عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى
عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ تُجَّارَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا دَخَلُوا دَارَ
الْحَرْبِ أَخَذُوا مِنْهُمُ الْعُشْرَ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: خُذْ
مِنْهُمْ إِذَا دَخَلُوا إِلَيْنَا مِثْلَ ذَلِكَ الْعُشْرِ، وَخُذُوا مِنْ
تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ
مِائَتَيْنِ خَمْسَةً، وَمَا زَادَ فَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا
١٨٧٧١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ
مُغَلِّسٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ
حُدَيْرٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ
يَدْخُلُونَ أَرْضَنَا أَرْضَ الْإِسْلَامِ فَيُقِيمُونَ قَالَ: فَكَتَبَ ⦗٣٥٥⦘ إِلِيَّ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنْ أَقَامُوا سِتَّةَ أَشْهُرٍ
فَخُذْ مِنْهُمُ الْعُشْرَ، وَإِنْ أَقَامُوا سَنَةً فَخُذْ مِنْهُمْ نِصْفَ
الْعُشْرِ
١٨٧٧٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَبْسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ
زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَعْشُرُ مُسْلِمًا وَلَا مُعَاهَدًا.
قَالَ: قُلْتُ: فَمَنْ كُنْتُمْ تَعْشُرُونَ؟ قَالَ: تُجَّارَ أَهْلِ الْحَرْبِ
كَمَا يَعْشُرُونَنَا إِذَا أَتَيْنَاهُمْ
١٨٧٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ نُصَيْرٍ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
أَبِي حَمِدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
عُشُورٌ، إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى». قَالَ
الْعَبَّاسُ: هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَمِدَةَ. وَذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ دُونَ
ذِكْرِ أَبِيهِ، وَقَدْ مَضَى سَائِرُ طُرُقِهِ، وَذَكَرْنَا حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
بَابُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ ذَلِكَ
فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِلَّا أَنْ يَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى
أَكْثَرَ مِنْهَا
١٨٧٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ
أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ أُعَشِّرُ بَنِي
تَغْلِبَ كُلَّمَا أَقْبَلُوا وَأَدْبَرُوا، فَانْطَلَقَ شَيْخٌ مِنْهُمْ إِلَى
عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ زِيَادًا يُعَشِّرُنَا كُلَّمَا أَقْبَلْنَا أَوْ
أَدْبَرْنَا، فَقَالَ: تُكْفَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ الشَّيْخُ بَعْدَ ذَلِكَ
وَعُمَرُ رضي الله عنه فِي جَمَاعَةٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا
الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَأَنَا الشَّيْخُ الْحَنِيفُ قَدْ
كُفِيتَ. قَالَ: وَكَتَبَ إِلِيَّ أَنْ لَا تُعَشِّرَهُمْ فِي السَّنَةِ إِلَّا
مَرَّةً
١٨٧٧٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ
حَيَّانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ ⦗٣٥٦⦘ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَيْهِ: وَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَخُذْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارًا، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا، وَاكْتُبْ
لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ كِتَابًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ
بَابُ السُّنَّةُ أَنْ لَا يُقْتَلَ
الرُّسُلُ
١٨٧٧٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ،
ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي سَعْدُ
بْنُ طَارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ جَاءَهُ رَسُولَا مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ
بِكِتَابِهِ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ لَهُمَا: «وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ
مِثْلَمَا يَقُولُ؟» فَقَالَا: نَعَمْ، فَقَالَ: «أَمَا وَاللهِ لَوْلَا أَنَّ
الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا»
١٨٧٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ كَثِيرٍ، أنبأ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ
مُضَرِّبٍ، أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَالَ: مَا
بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ حِنَّةٌ وَإِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ
لِبَنِي حَنِيفَةَ فَإِذَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسَيْلِمَةَ، فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللهِ فَجِيءَ بِهِمْ فَاسْتَتَابَهُمْ غَيْرَ ابْنِ
النَّوَّاحَةِ قَالَ لَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنَّكَ
رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ»، فَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ، فَأَمَرَ
قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فِي السُّوقِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَرَادَ
أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلًا بِالسُّوقِ
١٨٧٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ
لِابْنِ النَّوَّاحَةِ: «لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَقَتَلْتُكَ»
١٨٧٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، أنبأ
أَبُو بَكْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ رضي الله عنه قَالَ: «مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُقْتَلَ الرُّسُلُ»
بَابُ الْحَرْبِيِّ إِذَا لَجَأَ
إِلَى الْحَرَمِ وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ
١٨٧٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
قُتَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ:
حَدَّثَكَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا
نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ
الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»، قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ
عَنْ مَالِكٍ
١٨٧٨١ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَدْلُ الصَّفَّارُ،
ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ،
ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ: "اقْتُلُوهُمْ
وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةَ بْنَ
أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمَقِيسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَعَبْدَ
اللهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ
١٨٧٨٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبِ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ
الْحُبَابِ، ثنا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ
الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ
يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "أَرْبَعَةٌ لَا أُؤَمِّنُهُمْ فِي حِلٍّ وَلَا فِي
حَرَمٍ: الْحُوَيْرِثُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَمَقِيسٌ، وَهِلَالُ بْنُ خَطَلٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ. فَأَمَّا الْحُوَيْرِثُ فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه،
وَأَمَّا مَقِيسٌ فَقَتَلَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ لَحًّا، وَأَمَّا هِلَالُ بْنُ
خَطَلٍ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي
سَرْحٍ فَاسْتَأْمَنَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه وَكَانَ أَخَاهُ
مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَقَيْنَتَيْنِ كَانَتَا لِمِقْيَسٍ تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ قُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا، وَأَفْلَتَتِ الْأُخْرَى وَأَسْلَمَتْ
١٨٧٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ، أَنَّهُ
قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ
لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْغَدَ
مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ
عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ ⦗٣٥٨⦘ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، وَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقُولُوا: إِنَّ اللهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ
لَكَ عَمْرٌو؟ فَقَالَ: قَالَ عَمْرٌو: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا
شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا
فَارًّا بِخَرْبَةٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
١٨٧٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ
أَنَّهَا لَمْ يُحَلَّلْ أَنْ يُنْصَبَ عَلَيْهَا الْحَرْبُ حَتَّى تَكُونَ
كَغَيْرِهَا، فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَمَا قُتِلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ
وَخُبَيْبٌ بِقَتْلِ أَبِي سُفْيَانَ فِي دَارٍ بِمَكَّةَ غِيلَةً إِنْ قُدِرَ
عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ مُحَرَّمَةً، فَدَلَّ
عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا
إِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُنْصَبَ عَلَيْهَا الْحَرْبُ كَمَا يُنْصَبُ عَلَى
غَيْرِهَا
١٨٧٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا
الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا الْوَاقِدِيُّ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ،
عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ،
فَذَكَرَ قِصَّةً فِي بَعْثِ أَبِي سُفْيَانَ مَنْ يَقْتُلُ مُحَمَّدًا ﷺ غِيلَةً،
وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَطْلَعَ عَلَيْهِ نَبِيَّهُ، وَأَسْلَمَ الرَّجُلُ قَالَ:
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَسَلَمَةَ بْنِ
أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ: «اخْرُجَا حَتَّى تَأْتِيَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ،
فَإِنْ أَصَبْتُمَا مِنْهُ غِرَّةً فَاقْتُلَاهُ». ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً فِي
رُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ عَمْرًا وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ، وَأَنَّ عَمْرَو
بْنَ أُمَيَّةَ وَسَلَمَةَ بْنَ أَسْلَمَ أَسْنَدَا فِي الْجَبَلِ وَتَغَيَّبَا
فِي غَارٍ، ثُمَّ إِنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ خَرَجَ فَقَتَلَ عُبَيْدَ اللهِ
بْنَ مَالِكٍ ابْنَ أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَجَاءَ إِلَى خُبَيْبِ
بْنِ عَدِيٍّ وَهُوَ مَصْلُوبٌ فَأَنْزَلَهُ وَأَهَالَ عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ
ذَكَرَ رُجُوعَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ إِلَى الْمَدِينَةِ
١٨٧٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، ثنا
زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «لَا تُغْزَى بَعْدَهَا
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
١٨٧٨٧ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ
مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
مَنْ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا
يُجَالَسُ وَلَا يُكَلَّمُ وَلَا يُؤْذَى، وَيُنَاشَدُ حَتَّى يَخْرُجَ، فَإِذَا
خَرَجَ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا أَصَابَ، فَإِنْ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ فِي الْحِلِّ
ثُمَّ أُدْخِلَ الْحَرَمَ فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ مَا أَصَابَ
أَخْرَجُوهُ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ، وَإِنْ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ فِي
الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:
وَهَذَا مِنْ رَأْيِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما، وَقَدْ تَرَكْنَاهُ بِالظَّوَاهِرِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي إِقَامَةِ
الْحُدُودِ دُونَ تَخْصِيصِ الْحَرَمِ بِتَرْكِهَا فِيهِ مِنْ صَاحِبِ
الشَّرِيعَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي هَدَايَا
الْمُشْرِكِينَ لِلْإِمَامِ
١٨٧٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ،
ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، أنبأ سَعِيدٌ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ جُبَّةً فَلَبِسَهَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنْ قَتَادَةَ
١٨٧٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، ثنا عَارِمٌ، ثنا مُعْتَمِرٌ، ح وأنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ،
أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ،
ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبِي،
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي
الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟» فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ
مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ
طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا قَالَ: أَبَيْعٌ أَوْ عَطِيَّةٌ؟ أَوْ قَالَ: أَمْ
هِبَةٌ؟ فَقَالَ: بَلْ بَيْعٌ، قَالَ: فَاشْتَرَى مِنْهَا شَاةً فَصُنِعَتْ،
فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللهِ مَا
مِنَ الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ حُزَّةً
مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا
خَبَأَ لَهُ. قَالَ: وَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ. قَالَ: فَأَكَلْنَا
أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى
الْبَعِيرِ أَوْ كَمَا قَالَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَارِمٍ،
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُعَاذٍ
١٨٧٩٠ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ
إِمْلَاءً، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ،
ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ
السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَافَرْتُ
مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى تَبُوكَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: وَأَهْدَى
مَلِكُ الَأَيْلَةِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ
النَّبِيُّ ﷺ بُرْدَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَهْلِ بْنِ بَكَّارٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ
١٨٧٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَبُو
تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَامٍ، عَنْ زَيْدٍ،
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْهَوْزَنِيُّ،
قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ
حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ
فِيهِ: فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو يَا بِلَالُ أَجِبْ ⦗٣٦٢⦘ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ
مُنَاخَاتٍ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَاسْتَأْذَنْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «أَبْشِرْ فَقَدْ جَاءَكَ اللهُ بِقَضَائِكَ»، ثُمَّ قَالَ: «أَلَمْ تَرَ
إِلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعِ؟» فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: «إِنَّ
لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ فَإِنَّ عَلَيْهِنَّ كِسْوَةً وَطَعَامًا
أَهْدَاهُنَّ إِلِيَّ عَظِيمُ فَدَكَ فَاقْبِضْهُنَّ وَاقْضِ دَيْنَكَ»،
فَفَعَلْتُ
١٨٧٩٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ
إِسْرَائِيلُ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: أَهْدَى كِسْرَى إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَى قَيْصَرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَبِلَ مِنْهُ،
وَأَهْدَتْ لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي
الْقَدِيمِ: قَدْ أَهْدَى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
أَدَمًا فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَى إِلَيْهِ صَاحِبُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ
مَارِيَةَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ فَقَبِلَهَا، وَغَيْرُهُمَا قَدْ أَهْدَى إِلَيْهِ
وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
١٨٧٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رضي الله عنه قَالَ:
أَهْدَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ نَاقَةً أَوْ هَدِيَّةً، فَقَالَ: «أَسْلَمْتَ؟»
قُلْتُ: لَا، قَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ». وَأَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ، ثنا يُونُسُ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَمَّادُ
بْنُ زَيْدٍ، ثنا أَبُو التَّيَّاحِ، ثنا الْحَسَنُ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رضي
الله عنه قَالَ: أَهْدَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ هَدِيَّةً، أَوْ قَالَ: نَاقَةً
فَقَالَ لِي: «أَسْلَمْتَ؟» قُلْتُ: لَا، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ:
«إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ». قُلْتُ لِلْحَسَنِ: مَا زَبْدُ
الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: رِفْدُهُمْ قَالَ الشَّيْخُ: يَحْتَمِلُ رَدُّهُ
هَدِيَّتَهُ التَّحْرِيمَ، وَيَحْتَمِلُ التَّنْزِيهَ، وَقَدْ يَغِيظُهُ بِرَدِّ
هَدِيَّتِهِ فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْأَخْبَارُ فِي قَبُولِ
هَدَايَاهُمْ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ نَصَارَى الْعَرَبِ تُضَعَّفُ
عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ
١٨٧٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو الصَّيْرَفِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو
بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ السَّفَّاحِ،
عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، قَالَ: صَالَحَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ⦗٣٦٣⦘ رضي
الله عنه بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ يُضَاعِفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ، وَلَا
يَمْنَعُوا أَحَدًا مِنْهُمْ أَنْ يُسْلِمَ، وَأَنْ لَا يَغْمِسُوا أَوْلَادَهُمْ
١٨٧٩٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ السَّفَّاحِ، عَنْ
دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّهُ صَالَحَ بَنِي
تَغْلِبَ عَلَى أَنْ لَا يَصْبُغُوا فِي دِينِهِمْ صَبِيًّا، وَعَلَى أَنَّ
عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ مُضَاعَفَةٌ، وَعَلَى أَنْ لَا يُكْرَهُوا عَلَى دِينٍ
غَيْرِ دِينِهِمْ، فَكَانَ دَاوُدُ يَقُولُ: مَا لِبَنِي تَغْلِبَ ذِمَّةٌ؛ قَدْ
صَبَغُوا
١٨٧٩٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ
حَرْبٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ السَّفَّاحِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ،
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ التَّغْلِبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَنِي
تَغْلِبَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ شَوْكَتَهُمْ، وَإِنَّهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ،
فَإِنْ ظَاهَرُوا عَلَيْكَ الْعَدُوَّ اشْتَدَّتْ مُؤْنَتُهُمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ
أَنْ تُعْطِيَهُمْ شَيْئًا. قَالَ: فَافْعَلْ. قَالَ: فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ
لَا يَغْمِسُوا أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَتُضَاعَفَ
عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ. قَالَ: وَكَانَ عُبَادَةُ يَقُولُ: قَدْ فَعَلُوا وَلَا
عَهْدَ لَهُمْ
١٨٧٩٧
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنْبَأَ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ عُقَيْبَ هَذَا الْحَدِيثِ: وَهَكَذَا حَفِظَ أَهْلُ الْمَغَازِي
وَسَاقُوهُ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فَقَالُوا: رَامَهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ
فَقَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي الْعَجَمُ، وَلَكِنْ خُذْ
مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، يَعْنُونَ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ
عُمَرُ رضي الله عنه: لَا، هَذَا فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
فَقَالُوا: فَزِدْ مَا شِئْتَ بِهَذَا الِاسْمِ لَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ. فَفَعَلَ
فَتَرَاضَى هُوَ وَهُمْ عَلَى أَنْ ضَعَّفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ
بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَبَائِحِ
نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ
١٨٧٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدٍ الْجَارِيِّ أَوْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
سَعْدٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله
عنه قَالَ: مَا نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَمَا يَحِلُّ لَنَا
ذَبَائِحُهُمْ، وَمَا أَنَا بِتَارِكِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ أَضْرِبَ
أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا تَرَكْنَا أَنْ نُجْبِرَهُمْ
عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؛ لِأَنَّ ⦗٣٦٤⦘ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، وَأَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رضي الله عنهم قَدْ أَقَرُّوهُمْ،
وَإِنْ كَانَ عُمَرُ قَدْ قَالَ هَذَا، لِذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَنَا نِكَاحُ
نِسَائِهِمْ؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَحَلَّ لَنَا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ الَّذِي عَلَيْهِمْ نَزَلَ
١٨٧٩٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُكْرَمٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ السَّهْمِيُّ، أنبأ هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ
هُوَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه عَنْ
ذَبَائِحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَقَالَ: لَا تَأْكُلُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمْ
يَتَعَلَّقُوا مِنْ دِينِهِمْ بِشَيْءٍ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ
١٨٨٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ
الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
الْمُهَاجِرِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ:
قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: لَئِنْ بَقِيتُ لِنَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ
لَأَقْتُلَنَّ الْمُقَاتِلَةَ، وَلَأَسْبِيَنَّ الذُّرِّيَّةَ، فَإِنِّي كَتَبْتُ
الْكِتَابَ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وَبَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُنَصِّرُوا
أَبْنَاءَهُمْ
١٨٨٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ
بْنُ مُوسَى الْحَاسِبُ، ثنا جُبَارَةُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ
بَهْرَامَ، حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ ذَبِيحَةِ نَصَارَى الْعَرَبِ. هَذَا
إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِخِلَافِهِ
١٨٨٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ
الْمِهْرَجَانِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ
الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سُئِلَ
عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا، وَتَلَا هَذِهِ
الْآيَةَ: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١].
١٨٨٠٣
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَزَّارُ، ثنا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ
١٨٨٠٤
- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا: ثنا أَبُو ⦗٣٦٥⦘ الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَالَّذِي يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِحْلَالِ ذَبَائِحِهِمْ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، أَخْبَرَنِيهِ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ ثَوْرٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَائِحِ
نَصَارَى الْعَرَبِ فَقَالَ قَوْلًا حَكَيَاهُ هُوَ إِحْلَالُهَا وَتَلَا: ﴿وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، وَلَكِنَّ صَاحِبَنَا سَكَتَ عَنِ اسْمِ
عِكْرِمَةَ، وَثَوْرٌ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:
يَعْنِي بِصَاحِبِنَا: مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ، لَمْ يَذْكُرْ عِكْرِمَةَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَكَأَنَّهُ
كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَثَوْرٌ الدِّيلِيُّ إِنَّمَا رَوَاهُ
عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ وَاللهُ
أَعْلَمُ. كَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ عِكْرِمَةُ، وَنَحْنُ
إِنَّمَا رَغِبْنَا عَنْهُ لِقَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْشِيرِ
أَمْوَالِ بَنِي تَغْلِبَ إِذَا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَةِ
١٨٨٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ رضي الله
عنه إِلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْهُمْ نِصْفَ عُشْرِ
أَمْوَالِهِمْ، وَنَهَانِي أَنْ أَعْشُرَ مُسْلِمًا أَوْ ذَا ذِمَّةٍ يُؤَدِّي
الْخَرَاجَ. قَالَ: يَعْنِي فِيمَا أَظُنُّ بِقَوْلِهِ مُسْلِمًا يَقُولُ مَنْ
أَسْلَمَ مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُرْسِلَ إِلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ،
وَقَوْلُهُ أَوْ ذَا ذِمَّةٍ يُؤَدِّي ⦗٣٦٦⦘ الْخَرَاجَ يَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يُعْرَضُ لَهُمْ فِي مَوَاشِيهِمْ وَلَا فِي عُشْرِ زُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ إِلَّا بَنِي تَغْلِبَ؛ لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ:
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صُلْحِ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا فِي
وِلَايَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ تَعْشِيرُ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي يَتَّجِرُونَ
بِهَا
١٨٨٠٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ
حُدَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلِيَّ عُمَرُ أَلَّا تُعَشِّرَ بَنِي تَغْلِبَ فِي
السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً
بَابُ الْمُهَادَنَةِ عَلَى
النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ
١٨٨٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي،
ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ
بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ،
يُصَدِّقُ حَدِيثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبُهُ قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ،
حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْهَدْيَ
وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ
مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ، وَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى إِذَا
كَانَ بِوَادِي الْأَشْطَاطِ قَرِيبٍ عَنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ
الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ
لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِشَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ
وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى
ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ، فَإِنْ قَعَدُوا
قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْزُونِينَ، وَإِنْ نَجَوْا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا
اللهُ، أَوْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ
قَاتَلْنَاهُ؟». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ يَا
نَبِيَّ اللهِ، إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ نُقَاتِلُ أَحَدًا،
وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ. فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: «فَرُوحُوا إِذًا». قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ
يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ
وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ: فَرَاحُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي ⦗٣٦٧⦘ خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٍ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ». فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُوَ بِغَبْرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ، فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ
الْفِيلِ». ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونَنِي خُطَّةً
يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا. ثُمَّ
زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ بِهِ. قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهَا حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى
الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ
تَبَرُّضًا، فَلَمْ يَلْبَثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ، فَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ
يَجْعَلُوهُ فِيهِ، قَالَ: فَوَاللهِ مَازَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى
صَدَرُوا عَنْهُ. قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ
وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ
لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ
وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَهُمُ
الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، لَكِنَّا جِئْنَا
مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ
بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ
النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ
النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي
أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ». قَالَ يَحْيَى: عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ،
حَتَّى تَنْفَرِدَ، قَالَ: فَإِنْ شَاءوا مَادَدْنَاهُمْ مُدَّةً، قَالَ بُدَيْلٌ:
سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فَقَالَ: إِنَّا
قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا،
فَإِنْ شِئْتُمْ نَعْرِضْهُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا
فِي أَنْ تُحَدِّثَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ
مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَحَدَّثَهُمْ
بِمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ فَقَالَ:
أَيْ قَوْمِ، أَلَسْتُمْ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْتُ
بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونَنِي؟ قَالُوا: لَا،
قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ فَلَمَّا
جَمَحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا:
بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا
وَدَعُونِي آتِهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ. فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ
فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ:
أَيْ مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ هَلْ⦗٣٦٨⦘ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا وَأَرَى أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ خُلَقَاءَ أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ، أَنَحْنُ
نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قَالَ:
أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ
أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ. وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمَّا كَلَّمَهُ
أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ
النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ فَكُلَّمَا أَهْوَى
عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ
وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ يَدَهُ
فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ: أَيْ غُدَرُ
أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ وَأَسْلَمَ
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ
مِنْهُ فِي شَيْءٍ»، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ النَّبِيَّ ﷺ
بِعَيْنِهِ قَالَ: فَوَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ
فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا
أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى
وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَمَا يُحِدُّونَ
النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ
قَوْمِ، وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ
وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ
أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللهِ إِنْ
تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا
وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ
كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا
أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ،
وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ
مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِهِ. قَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى
النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ
قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ»، فَبُعِثَتْ لَهُ
وَاسْتَقْبَلَهُ الْقَوْمُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ
اللهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ
إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَلَمْ
أَرَ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ
مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فَقَالَ: دَعُونِي آتِهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا
أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ».
فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ، فَبَيْنَا هُوَ يُكَلِّمُهُ ﷺ إِذْ جَاءَ
سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ
أَمْرُكُمْ». قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو
فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا الْكَاتِبَ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقَالَ
سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ:
بِاسْمِكَ اللهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَا
نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ». ثُمَّ قَالَ: «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللهِ»، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ
اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ
مُحَمَّدُ بْنُ⦗٣٦٩⦘ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ
كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ:
وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ:»لَا يَسْأَلُونَنِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ
اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا «، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:»عَلَى أَنْ
تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ «، فَقَالَ سُهَيْلٌ:
وَاللهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضَغْطَةً، وَلَكِنْ لَكَ مِنَ
الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَكَ
مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. فَقَالَ
الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ
جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ
سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ، وَقَالَ يَحْيَى: عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ،
يَرْصُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى
بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا
مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلِيَّ، فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ:»إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ «، قَالَ: فَوَاللهِ إِذًا
لَا نُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:»فَأَجِزْهُ لِي «،
قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ، قَالَ:»بَلَى فَافْعَلْ«. قَالَ: مَا أَنَا
بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلَى قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ:
أَيْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ
مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ أَتَيْتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا
شَدِيدًا فِي اللهِ عز وجل، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ:
أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ:»بَلَى «، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ
وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ:»بَلَى «، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي
الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ:»إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ
وَهُوَ نَاصِرِي «، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي
الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ:»بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ
الْعَامَ «؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ:»فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ«. قَالَ:
فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا
نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ
وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي
الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ
وَلَنْ يَعْصِيَ رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى
تَمُوتَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كَانَ
يُحَدِّثُنَا أَنَّهُ سَيَأْتِي الْبَيْتَ وَيَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى،
أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ
فَتَطُوفُ بِهِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ
أَعْمَالًا. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ:»قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا«. قَالَ: فَوَاللهِ
مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ
يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا
لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُحِبُّ
ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ
بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ
أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ،
يَعْنِي فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ
بَعْضُهُمْ⦗٣٧٠⦘ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] حَتَّى بَلَغَ ﴿بِعِصَمِ
الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة:
١٠]. قَالَ:
فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ،
فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْأُخْرَى
صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَهُ أَبُو
بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَقَالَ يَحْيَى: عَنِ ابْنِ
الْمُبَارَكِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو بَصِيرِ بْنُ أُسَيْدٍ الثَّقَفِيُّ
مُسْلِمًا مُهَاجِرًا، فَاسْتَأْجَرَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ رَجُلًا كَافِرًا
مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَمَوْلًى مَعَهُ وَكَتَبَ مَعَهُمَا إِلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ يَسْأَلُهُ الْوَفَاءَ. قَالَ: فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ
رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ. فَدَفَعَهُ إِلَى
الرَّجُلَيْنِ فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا
يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ:
وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ يَا فُلَانُ هَذَا جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ
الْآخَرُ فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ
ثُمَّ جَرَّبْتُ. قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ
مِنْهُ فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ
فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: لَقَدْ رَأَى هَذَا
ذُعْرًا، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي
وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ. فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ قَدْ
وَاللهِ أَوْفَى اللهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي
اللهُ مِنْهُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:»وَيْلُ امِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ
لَهُ أَحَدٌ". فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ
إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ. قَالَ: وَيَنْفَلِتُ أَبُو
جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ
قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ
مِنْهُمْ عِصَابَةٌ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ
لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا
أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تُنَاشِدُهُ اللهَ وَالرَّحِمَ
لَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ
إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿وَهُوَ
الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ [الفتح: ٢٤] حَتَّى بَلَغَ ﴿حَمِيَّةَ
الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح: ٢٦]،
وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، وَلَمْ
يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الْبَيْتِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٨٨٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَتَّابٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ مَعْنَى هَذِهِ الْقِصَّةِ، زَادَ: ثُمَّ إِنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ دَعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِيُرْسِلَهُ إِلَى
قُرَيْشٍ وَهُوَ بِبَلْدَحَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَا
تُرْسِلْنِي إِلَيْهِمْ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُهُمْ عَلَى نَفْسِي، وَلَكِنْ
أَرْسِلْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَلَقِيَ أَبَانَ بْنَ
سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَأَجَارَهُ وَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْفَرَسِ
حَتَّى جَاءَ قُرَيْشًا، فَكَلَّمَهُمْ بِالَّذِي أَمَرَهُ ⦗٣٧١⦘ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَرْسَلُوا مَعَهُ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو لِيُصَالِحَهُ عَلَيْهِمْ، وَبِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا،
فَدَعَوْا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه لِيَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَأَبَى
أَنْ يَطُوفَ وَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَطُوفَ بِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ
اللهِ ﷺ. فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَمَعَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ
أَجَارَهُ لِيُصَالِحَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الصُّلْحِ وَكِتَابَتِهِ.
قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْكِتَابِ إِلَى قُرَيْشٍ مَعَ عُثْمَانَ
بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً فِيمَا كَانَ بَيْنَ
الْفَرِيقَيْنِ مِنَ التَّرَامِي بِالْحِجَارَةِ وَالنَّبْلِ، وَارْتِهَانِ
الْمُشْرِكِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، وَارْتِهَانِ
الْمُسْلِمِينَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمُسْلِمِينَ
إِلَى الْبَيْعَةِ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ رَعَبَهُمُ اللهُ،
فَأَرْسَلُوا مَنْ كَانُوا ارْتَهَنُوهُ، وَدَعَوْا إِلَى الْمُوَادَعَةِ
وَالصُّلْحِ، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَكَاتَبَهُمْ
بَابُ مَا جَاءَ فِي مُدَّةِ
الْهُدْنَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَكَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ
١٨٨٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ،
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ
بْنِ مَخْرَمَةَ، فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: فَدَعَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ
بْنَ عَمْرٍو فَقَالُوا: اذْهَبْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَصَالِحْهُ، وَلَا
يَكُونَنَّ فِي صُلْحِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا، لَا
تُحَدِّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُ دَخَلَهَا عَلَيْنَا عَنْوَةً. فَخَرَجَ سُهَيْلُ
بْنُ عَمْرٍو مِنْ عِنْدِهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ مُقْبِلًا قَالَ:
«قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصُّلْحَ حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرَّجُلَ». فَلَمَّا
انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ جَرَى بَيْنَهُمَا الْقَوْلُ حَتَّى وَقَعَ
الصُّلْحُ عَلَى أَنْ تُوضَعَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عَشْرَ سِنِينَ، وَأَنْ
يَأْمَنَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ عَامَهُمْ
ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَدِمَهَا خَلَّوا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا
بِسِلَاحِ الرَّاكِبِ، وَالسُّيُوفِ فِي الْقُرُبِ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَانَا مِنْ
أَصْحَابِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ، وَأَنَّهُ مَنْ
أَتَاكَ مِنَّا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَدْتَهُ، وَأَنَّ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكَ عَيْبَةٌ مَكْفُوفَةٌ، وَأَنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَلَا إِغْلَالَ،
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
١٨٨١٠ - وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ
حَفْصٍ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ
وَأَهْلِ مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ سِنِينَ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو
سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا ⦗٣٧٢⦘ الْقَاسِمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ. الْمَحْفُوظَ هُوَ الْأَوَّلُ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ هَذَا يَأْتِي بِمَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ
بَابُ نُزُولِ سُورَةِ الْفَتْحِ
عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ
١٨٨١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ
الشَّامَاتِيُّ، ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الْأَشْعَثِ، قَالَا: ثنا
خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ،
أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا
لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] مَرْجِعَهُمْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ
وَهُمْ يُخَالِطُهُمُ الْحُزْنُ وَالْكَابَةُ، وَقَدْ نُحِرَ الْهَدْيُ فَقَالَ:
«لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ هِيَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنَ الدُّنْيَا».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا مَا يَفْعَلُ اللهُ بِكَ فَمَا
يَفْعَلُ بِنَا؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥] حَتَّى بَلَغَ رَأْسَ الْآيَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ
١٨٨١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْحَافِظَ، أنبأ
أَبُو عَرُوبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَسْفَاطِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ﴿إِنَّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: ١]،
قَالَ: فَتْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَنِيئًا مَرِيئًا يَا رَسُولَ
اللهِ، هَذَا لَكَ فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل ﴿لِيُدْخِلَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥]. قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ
الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، ثُمَّ
قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ
فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا الثَّانِي ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥] فَعَنْ عِكْرِمَةَ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
عُمَرَ
١٨٨١٣ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَلِيُّ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عِيسَى، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، ح قَالَ: ⦗٣٧٣⦘ وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، نا أَبُو يَعْلَى، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ رضي الله عنه يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ: أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ
الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ
الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: فَأَتَى
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْنَا عَلَى
حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: «بَلَى»، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي
الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي
الدَّنِيَّةَ فِي أَنْفُسِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَلَنْ
يُضَيِّعَنِي اللهُ». قَالَ: فَانْطَلَقَ ابْنُ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَصْبِرْ
مُتَغَيِّظًا فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ
أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ
قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ:
فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ
يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا. قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ السُّلَمِيِّ،
عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَمَا كَانَ
فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، كَانَتِ الْحَرْبُ قَدْ أَجْحَرَتِ
النَّاسَ، فَلَمَّا آمَنُوا لَمْ يُكَلَّمْ بِالْإِسْلَامِ أَحَدٌ يَعْقِلُ إِلَّا
قَبِلَهُ، فَلَقَدْ أَسْلَمَ فِي سَنَتَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْهُدْنَةِ أَكْثَرُ
مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ
١٨٨١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، فِي قِصَّةِ
الْحُدَيْبِيَةِ وَفِيهَا مُدْرَجًا: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَاجِعًا،
فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ
الْفَتْحِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا
مُبِينًا﴾ [الفتح: ١]
فَكَانَتِ الْقَضِيَّةُ فِي سُورَةِ
الْفَتْحِ وَمَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ بَيْعَةِ رَسُولِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ،
فَلَمَّا أَمِنَ النَّاسُ وَتَفَاوَضُوا لَمْ يُكَلَّمْ أَحَدٌ بِالْإِسْلَامِ
إِلَّا دَخَلَ فِيهِ، وَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنِكَ السَّنَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ
أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ
فَتْحًا عَظِيمًا
١٨٨١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، أنبأ إِسْرَائِيلُ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ
الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فِينَا فَتْحًا، وَنَعُدُّ
نَحْنُ الْفَتْحَ ⦗٣٧٤⦘ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، نَزَلْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ بِئْرٌ، فَوَجَدْنَا النَّاسَ قَدْ نَزَحُوهَا فَلَمْ يَدَعُوا فِيهَا قَطْرَةً، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَدَعَا بِدَلْوٍ فَنَزَعَ مِنْهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ بِفِيهِ فَمَجَّهُ فِيهَا، وَدَعَا اللهَ فَكَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى صَدَرْنَا وَرَكَائِبُنَا، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَالِكِ
بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ
بَابُ مُهَادَنَةِ الْأَئِمَّةِ
بَعْدَ رَسُولِ رَبِّ الْعِزَّةِ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ
١٨٨١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ بِهِ»
١٨٨١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ
أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ
الْأَشْجَعِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ
تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ لِي: «يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا
بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ
مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ
فِيكُمْ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلَّ سَاخِطًا، ثُمَّ
فِتْنَةٌ لَا تُبْقِي بَيْتًا مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ
تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ
تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا». قَالَ
الْوَلِيدُ: فَذَاكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ فِي
قَوْلِهِ: «ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ» فَقَالَ الشَّيْخُ: أَخْبَرَنِي
سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا
الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَيَقُولُ مَكَانَ فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ:
عِمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ
الْحُمَيْدِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ دُونَ إِسْنَادِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه
١٨٨١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ السَّوسِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أنبأ
أَبِي، أَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ:
مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ فَمِلْتُ
مَعَهُمْ. قَالَ: ⦗٣٧٥⦘ فَحَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مَخْبَرٍ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: "سَيُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا، ثُمَّ
تَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ،
ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ فَتَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ
النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْضَبُ
الرُّومُ وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ
بَابُ الْمُهَادَنَةِ إِلَى غَيْرِ
مُدَّةٍ
١٨٨١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ،
عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رضي
الله عنه أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَكَانَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ
مِنْهَا فَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ لِيُقِرَّهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوهُ عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ
الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا
شِئْنَا»، فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى
تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
رَافِعٍ، وَإِسْحَاقِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: «نُقِرُّكُمْ عَلَى
ذَلِكَ مَا شِئْنَا». وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ:
«أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللهِ
بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: «مَا بَدَا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ». وَفِي رِوَايَةِ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ: «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ». وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلًا:
«أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ». وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَوْصُولًا.
وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ بِأَسَانِيدِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله: فَإِنْ
قِيلَ فَلِمَ لَا تَقُولُ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ، يَعْنِي كُلَّ
إِمَامٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فِي أَنَّ أَمْرَ اللهِ كَانَ يَأْتِي رَسُولَهُ بِالْوَحْيِ وَلَا
يَأْتِي أَحَدًا غَيْرَهُ بِوَحْيٍ
بَابُ مُهَادَنَةِ مَنْ يَقْوَى
عَلَى قِتَالِهِ
١٨٨٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ثنا
حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعْدَوَيْهِ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ثنا
سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى
الْمَوْسِمِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، قَالَ:
فَبَيْنَا أَبُو بَكْرٍ نَازِلٌ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذْ سَمِعَ رُغَاءَ
نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ الْقَصْوَاءِ، فَخَرَجَ فَزِعًا وَظَنَّ أَنَّهُ رَسُولُ
اللهِ ﷺ، فَإِذَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ
ﷺ، فَأَتَى عَلَى الْمَوْسِمِ وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ
الْكَلِمَاتِ، فَانْطَلَقَا فَحَجَّا، فَقَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَنَادَى فِي
وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ
مُشْرِكٍ، فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ
غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ، لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا
يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ.
كَانَ يُنَادِي بِهَذَا، فَإِذَا بُحَّ قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَنَادَى
بِهَا
١٨٨٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدِ
بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
الْعَطَّارُ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ
النَّبِيُّ ﷺ بِبَرَاءَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: فَكُنْتُ أُنَادِي حَتَّى
صَحِلَ صَوْتِي، فَقِيلَ لَهُ: بِأِيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تُنَادِي؟ فَقَالَ:
أَمَرَنَا أَنْ نُنَادِيَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ،
وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ إِلَى
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتِ الْأَشْهُرُ فَإِنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَحُجُّ
بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ. وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ
عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ
إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَالَ
الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِصَفْوَانَ بْنِ
أُمَيَّةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ تَسْيِيرَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. قَالَ الشَّيْخُ:
قَدْ مَضَى هَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
بَابُ لَا خَيْرَ فِي أَنْ
يُعْطِيَهُمُ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْمُسْلِمِينَ
شَهَادَةٌ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُعْطَى مُشْرِكٌ عَلَى أَنْ
يَكُفَّ عَنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ قَاتِلِينَ وَمَقْتُولِينَ ظَاهِرُونَ
عَلَى الْحَقِّ. ⦗٣٧٧⦘ قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي قِصَّةِ الْأَهْوَازِ أَنَّهُ قَالَ: فَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى جَنَّةٍ وَنَعِيمٍ لَمْ يُرَ مِثْلَهُ قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ.
١٨٨٢٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ خَالَهُ وَكَانَ اسْمُهُ حَرَامًا أَخَا أُمِّ
سَلِيمٍ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا فَقُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَكَانَ
رَئِيسُ الْمُشْرِكِينَ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ
فَقَالَ: أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ
وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، وَأَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ أَوْ أَغْزُوَكَ
بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ. قَالَ: فَطُعِنَ فِي بَيْتِ
امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ فِي بَيْتِ
امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَرَكِبَهُ فَمَاتَ عَلَى
ظَهْرِ فَرَسِهِ فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ وَرَجُلَانِ مَعَهُ
رَجُلٌ أَعْرَجُ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، قَالَ: كُونَا، يَعْنِي قَرِيبًا
مِنِّي حَتَّى آتِيَهُمْ، فَإِنْ أَمَّنُونِي كُنْتُ كَذَا، وَإِنْ قَتَلُونِي
أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ، فَأَتَاهُمْ حَرَامٌ فَقَالَ: أَتُؤَمِّنُونَنِي
أُبَلِّغْكُمْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَجَعَلَ
يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَوْا إِلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنْهُ.
قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: فَأَنْفَذَهُ بِالرُّمْحِ، فَقَالَ: اللهُ
أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَلَحِقَ الرَّجُلُ فَقَتَلَ كُلَّهُمْ
إِلَّا الْأَعْرَجَ كَانَ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ. قَالَ إِسْحَاقُ: فَحَدَّثَنِي
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ:
«إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنْا وَأَرْضَانَا»، فَدَعَا رَسُولُ
اللهِ ﷺ سَبْعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ
وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ
١٨٨٢٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا حَبَّانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، أنبأ مَعْمَرٌ، حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ - وَكَانَ خَالَهُ - يَوْمَ بِئْرِ
مَعُونَةَ فَقَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا يَنْضَحُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ
قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
حَبَّانَ
١٨٨٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الصُّوفِيُّ، ثنا خَلَفٌ هُوَ ابْنُ سَالِمٍ الْمُخَرِّمِيُّ، ثنا أَبُو
أُسَامَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله
عنها: اسْتَأْذَنَ
أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه النَّبِيَّ ﷺ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ، فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ فِي الْهِجْرَةِ، وَتَبِعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ قَالَ:
فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ ⦗٣٧٨⦘ مَعُونَةَ، وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: مَنْ هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ. قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ خَبَرُهُمْ
فَنَعَاهُمْ وَقَالَ: "إِنَّ أَصْحَابَكُمْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ
سَأَلُوا رَبَّهُمْ فَقَالُوا: رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا
رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، قَالَ: فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ. قَالَ:
وَأُصِيبَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءِ بْنِ الصَّلْتِ، سُمِّيَ
بِهِ عُرْوَةُ وَمُنْذِرُ بْنُ عُمَرَ وَسُمِّيَ بِهِ مُنْذِرٌ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي
أُسَامَةَ، وَجَعَلَ آخِرَ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ
١٨٨٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ،
ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي
أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا
يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ
خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَغَيْرِهِ
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْإِعْطَاءِ
فِي الْفِدَاءِ وَنَحْوِهِ لِلضَّرُورَةِ
١٨٨٢٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ،
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي
الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَدَى رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى وَمَضَى حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي
الْمَرْأَةِ الَّتِي اسْتَوْهَبَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْهُ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى
مَكَّةَ وَفِي أَيْدِيهِمْ أَسْرَى فَفَدَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ
١٨٨٢٧ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ
بْنُ مَنْصُورٍ الرَّئِيسُ الْجُرْجَانِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ الْعَبْدِيُّ، أنبأ أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ
الْجُمَحِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أنبأ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، ح،
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
«أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ». قَالَ
سُفْيَانُ: وَالْعَانِي " الْأَسِيرُ. ⦗٣٧٩⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ وَعَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ
١٨٨٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّقَّاءِ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُقْرِئُ قَالَا: أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ
عَامِرٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ
عِنْدَكُمْ مِنَ الْوَحْيِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ
وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللهُ عز وجل رَجُلًا
وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: «الْعَقْلُ،
وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِقَتْلِ مُشْرِكٍ». وَقَالَ
زُهَيْرٌ: فَقُلْتُ لِمُطَرِّفٍ: وَمَا فِكَاكُ الْأَسِيرِ؟ قَالَ: أَنْ يُفَكَّ
مِنَ الْعَدُوِّ، وَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ. قَالَ مُطَرِّفٌ: الْعَقْلُ:
الْمَعْقُلَةُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ
عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
بَابُ الْهُدْنَةِ عَلَى أَنْ
يَرُدَّ الْإِمَامُ مَنْ جَاءَ بَلَدَهُ مُسْلِمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
١٨٨٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: صَالَحَ النَّبِيُّ ﷺ
الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ
«مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ فَيُقِيمَ
بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ
السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ، فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجِلُ فِي قُيُودِهِ
فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي
حُذَيْفَةَ
١٨٨٣٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا صَالَحَ
قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه:
«اكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ»، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ
الرَّحِيمَ، اكْتُبْ «بِاسْمِكَ اللهُمَّ»، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ رضي
الله عنه: «اكْتُبْ
بِاسْمِكَ اللهُمَّ»، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه:
«اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو:»لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ
رَسُولُ اللهِ لَصَدَّقْنَاكَ وَلَمْ نُكَذِّبْكَ، اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ
أَبِيكَ، ⦗٣٨٠⦘ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: «اكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ
اللهِ»، وَكَتَبَ: مَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ رَدَدْنَاهُ عَلَيْكُمْ وَمَنْ
أَتَاكُمْ مِنَّا تَرَكْنَاهُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ
نُعْطِيهِمْ هَذَا؟ قَالَ: «مَنْ أَتَاهُمْ مِنَّا فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ
أَتَانَا مِنْهُمْ فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ جَعَلَ اللهُ عز وجل لَهُ فَرَجًا
وَمَخْرَجًا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَفَّانَ عَنْ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ
١٨٨٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ
بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَخُرُوجِ
سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ جَرَى بَيْنَهُمَا الْقَوْلُ حَتَّى وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ
تُوضَعَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عَشْرَ سِنِينَ، وَأَنْ يَأْمَنَ النَّاسُ
بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ عَامَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا
كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَدِمَهَا خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ
فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بِسِلَاحِ الرَّاكِبِ
وَالسُّيُوفِ فِي الْقُرُبِ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَانَا مِنْ أَصْحَابِكَ بِغَيْرِ
إِذْنِ وَلِيِّهِ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا
بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي كَتَبَةِ
الصَّحِيفَةِ قَالَ: فَإِنَّ الصَّحِيفَةَ لَتُكْتَبُ إِذْ طَلَعَ أَبُو جَنْدَلِ
بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ
حَبَسَهُ فَأَفْلَتَ، فَلَمَّا رَآهُ سُهَيْلٌ قَامَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ وَجْهَهُ
وَأَخَذَ بِلُبَّتِهِ فَتَلَّهُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ وَلِجَتِ
الْقَضِيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ هَذَا. قَالَ:
«صَدَقْتَ». وَصَاحَ أَبُو جَنْدَلٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ
الْمُسْلِمِينَ أَأُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَبِي جَنْدَلٍ: «أَبَا جَنْدَلٍ اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ فَإِنَّ
اللهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا،
إِنَّا قَدْ صَالَحْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ
الْعَهْدُ، وَإِنَّا لَا نَغْدِرُ». فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
يَمْشِي إِلَى جَنْبِ أَبِي جَنْدَلٍ وَأَبُوهُ يَتُلُّهُ وَهُوَ يَقُولُ: أَبَا
جَنْدَلٍ اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ فَإِنَّمَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا دَمُ
أَحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ. وَجَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يُدْنِي مِنْهُ قَائِمَ
السَّيْفِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: رَجَوْتُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَيَضْرِبَ بِهِ
أَبَاهُ فَضَنَّ بِأَبِيهِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّحَلُّلِ مِنَ
الْعُمْرَةِ وَالرُّجُوعِ، قَالَا: وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمَدِينَةَ
وَاطْمَأَنَّ بِهَا أَفْلَتَ إِلَيْهِ أَبُو بَصِيرٍ عُتْبَةُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ
جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
فِيهِ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ وَالْأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ عَوْفٍ وَبَعَثَا
بِكِتَابِهِمَا مَعَ مَوْلًى لَهُمَا وَرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ
اسْتَأْجَرَاهُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا صَاحِبَهُمَا أَبَا بَصِيرٍ فَقَدِمَا عَلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ فَدَفَعَا إِلَيْهِ كِتَابَهُمَا، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَبَا
بَصِيرٍ فَقَالَ لَهُ: «يَا أَبَا بَصِيرٍ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ
صَالَحُونَا عَلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَإِنَّا لَا نَغْدِرُ فَالْحَقْ
بِقَوْمِكَ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ تَرُدُّنِي إِلَى الْمُشْرِكِينَ
يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي وَيَعْبَثُونَ بِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «⦗٣٨١⦘ اصْبِرْ يَا أَبَا بَصِيرٍ وَاحْتَسِبْ فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا». قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ وَخَرَجَا
حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ جَلَسُوا إِلَى سُورِ جِدَارٍ، فَقَالَ
أَبُو بَصِيرٍ لِلْعَامِرِيِّ: أَصَارِمٌ سَيْفُكَ هَذَا يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَنْظُرُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ. فَاسْتَلَّهُ
فَضَرَبَ بِهِ عُنُقَهُ وَخَرَجَ الْمَوْلَى يَشْتَدُّ فَطَلَعَ عَلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَالَ:
«هَذَا رَجُلٌ قَدْ رَأَى فَزَعًا». فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: «وَيْحَكَ
مَا لَكَ»؟ قَالَ: قَتَلَ صَاحِبُكُمْ صَاحِبِي. فَمَا بَرِحَ حَتَّى طَلَعَ أَبُو
بَصِيرٍ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ فَوَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ وَفَتْ ذِمَّتُكَ وَأَدَّى الله عَنْكَ وَقَدِ امْتَنَعْتُ
بِنَفْسِي عَنِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَفْتِنُونِي فِي دِينِي وَأَنْ يَعْبَثُوا
بِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَيْلُ امِّهِ مِحَشَّ حَرْبٍ لَوْ كَانَ مَعَهُ
رِجَالٌ». فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى نَزَلَ بِالْعِيصِ وَكَانَ طَرِيقَ
أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ فَسَمِعَ بِهِ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ وَبِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيهِ، فَلَحِقُوا بِهِ حَتَّى
كَانَ فِي عُصْبَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَرِيبٍ مِنَ السِّتِّينَ أَوِ
السَّبْعِينَ، فَكَانُوا لَا يَظْفَرُونَ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا
قَتَلُوهُ، وَلَا تَمُرُّ عَلَيْهِمْ عِيرٌ إِلَّا اقْتَطَعُوهَا حَتَّى كَتَبَتْ
فِيهَا قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِمْ لَمَا
آوَاهُمْ فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهِمْ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَدِمُوا
عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ
١٨٨٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ
فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَالَ فِيهَا: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَيْلُ
امِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ». وَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ
بِسَلَبِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: خَمِّسْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ:
«إِنِّي إِذَا خَمَّسْتُهُ لَمْ أُوْفِ لَهُمْ بِالَّذِي عَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ
وَلَكِنْ شَأْنُكَ بِسَلَبِ صَاحِبِكَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ». فَخَرَجَ أَبُو
بَصِيرٍ مَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ كَانُوا قَدِمُوا مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ
مَكَّةَ حَتَّى كَانُوا بَيْنَ الْعِيصِ وَذِي الْمَرْوَةِ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ
عَلَى طَرِيقِ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ مِمَّا يَلِي سِيفَ الْبَحْرِ لَا يَمُرُّ بِهِمْ
عِيرٌ لِقُرَيْشٍ إِلَّا أَخَذُوهَا وَقَتَلُوا أَصْحَابَهَا، وَانْفَلَتَ أَبُو
جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا أَسْلَمُوا
وَهَاجَرُوا فَلَحِقُوا بِأَبِي بَصِيرٍ وَكَرِهُوا أَنْ يَقْدَمُوا عَلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ فِي هُدْنَةِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَهُ بِمَعْنَى مَا
تَقَدَّمَ وَأَتَمَّ مِنْهُ
بَابُ نَقْضِ الصُّلْحِ فِيمَا لَا
يَجُوزُ وَهُوَ تَرْكُ رَدِّ النِّسَاءِ إِنْ كُنَّ دَخَلْنَ فِي الصُّلْحِ
١٨٨٣٣ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ قَاضَى ⦗٣٨٢⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْزَلَ اللهُ فِيمَا قَضَى بِهِ بَيْنَهُمْ، فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا
اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ
مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا
فَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَأَلْغَطُوا
بِهِ أَوْ قَالَ كَلِمَةً أُخْرَى، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله:
لَمْ يَقُلْ شَيْخُنَا هَذِهِ
الْكَلِمَةَ وَرِوَايَتُهُ فِي نُسْخَةٍ: وَامْتَعَظُوا وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا
ذَلِكَ فَكَاتَبَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى
أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا
رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ الْمُؤْمِنَاتُ
وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ
إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ
رَسُولَ اللهِ ﷺ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ لِمَا
أَنْزَلَ اللهُ فِيهِنَّ: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ
مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا
هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]. قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي
الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا
يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ
أَوْلَادَهُنَّ﴾ [الممتحنة:
١٢] الْآيَةَ.
قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ
مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدْ بَايَعْتُكِ»، كَلَامًا
يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي
الْمُبَايَعَةِ، مَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ
١٨٨٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عُبَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ ثَوْرٍ، حَدَّثَهُمْ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ،
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
بِمَعْنَى مَا مَضَى، زَادَ: ثُمَّ جَاءَ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ مُهَاجِرَاتٌ،
الْآيَةَ، فَنَهَاهُمُ اللهُ أَنْ يَرُدُّوهُنَّ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا
الصَّدَاقَ
١٨٨٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ
بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي هُنَيْدٍ
يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ ⦗٣٨٣⦘ عز وجل:
﴿إِذَا
جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ كَانَ صَالَحَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ وَشَرَطَ لَهُمْ أَنَّهُ مَنْ
أَتَاهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا هَاجَرَ
الْمُسْلِمَاتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَمَرَهُ اللهُ بِامْتِحَانِهِنَّ فَإِنْ
كُنَّ جِئْنَ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يَرُدَّهُنَّ عَلَيْهِمْ، قَالَ
اللهُ عز وجل: ﴿فَإِنْ
عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [الممتحنة: ١٠]، فَحَبَسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النِّسَاءَ
وَرَدَّ الرِّجَالَ
١٨٨٣٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَا: هَاجَرَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ
عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ
فَجَاءَ أَخَوَاهَا الْوَلِيدُ وَفُلَانٌ ابْنَا عُقْبَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
يَطْلُبَانِهَا فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِمَا. وَقَدْ مَضَى فِي رِوَايَةِ
مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي صُلْحِ حُدَيْبِيَةَ فَقَالَ سُهَيْلٌ: عَلَى أَنْ
لَا يَأْتِيَكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ
إِلَيْنَا، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي
هَذَا الشَّرْطِ
بَابُ مَنْ جَاءَ مِنْ عَبِيدِ
أَهْلِ الْهُدْنَةِ مُسْلِمًا
١٨٨٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ
شَاكِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى،
أنبأ هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما: «وَإِنْ
هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْعَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا
وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ» أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ فِي الصَّحِيحِ
بَابُ مَنْ جَاءَ مِنْ عَبِيدِ
أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا
١٨٨٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ قَانِعٍ قَاضِي الْحَرَمَيْنِ
بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ،
ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ
الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ
مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَبْدَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ
الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَوَالِيهِمْ قَالُوا: يَا
مُحَمَّدُ وَاللهِ مَا خَرَجُوا إِلَيْكَ رَغْبَةً فِي دِينِكَ وَإِنَّمَا
خَرَجُوا هَرَبًا مِنَ الرِّقِّ. فَقَالَ نَاسٌ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللهِ
رُدَّهُمْ ⦗٣٨٤⦘ إِلَيْهِمْ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَالَ: «مَا أَرَاكُمْ تَنْتَهُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى هَذَا»، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ وَقَالَ: «هُمْ عُتَقَاءُ اللهِ عز وجل»
١٨٨٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُكَدِّمِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ أَهْلَ الطَّائِفِ خَرَجَ إِلَيْهِ رَقِيقٌ مِنْ رَقِيقِهِمْ أَبُو
بَكْرَةَ وَكَانَ عَبْدًا لِلْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، وَالْمُنْبَعِثُ وَيُحَنَّسُ
وَوَرْدَانُ فِي رَهْطٍ مِنْ رَقِيقِهِمْ فَأَسْلَمُوا، فَلَمَّا قَدِمَ وَفْدُ
أَهْلِ الطَّائِفِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَسْلَمُوا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ
رُدَّ عَلَيْنَا رَقِيقَنَا الَّذِينَ أَتَوْكَ، فَقَالَ: «لَا، أُولَئِكَ
عُتَقَاءُ اللهِ عز وجل». وَرَدَّ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ وَلَاءَ عَبْدِهِ
فَجَعَلَهُ إِلَيْهِ. هَذَا مُنْقَطِعٌ
١٨٨٤٠ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ
الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ أَعْتَقَ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ يَوْمَ الطَّائِفِ مِنْ عَبِيدِ
الْمُشْرِكِينَ
١٨٨٤١ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ
الْقَاضِي، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: ثنا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ وَثَبُوا إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ زَمَنَ الطَّائِفِ فَأَعْتَقَهُمْ
١٨٨٤٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ،
ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، ثنا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ،
عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ عَبْدَيْنِ خَرَجَا مِنَ
الطَّائِفِ فَأَسْلَمَا فَأَعْتَقَهُمَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَحَدُهُمَا أَبُو
بَكْرَةَ
١٨٨٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ
شَاكِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى،
أنبأ هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما قَالَ: «وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ - يَعْنِي أَهْلَ الْحَرْبِ -
أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ
وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ» ⦗٣٨٥⦘ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى
أَنَّهُ إِنَّمَا أَعْتَقَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَالْخُرُوجِ مِنْ بِلَادٍ
مَنْصُوبٍ عَلَيْهَا الْحَرْبُ
١٨٨٤٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ، أنبأ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ،
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى
الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ فَقَالَ
لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «بِعْنِيهِ»، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ ثُمَّ
لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسْأَلَهُ أَعَبْدٌ هُوَ؟. رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله: وَلَوْ
كَانَ الْإِسْلَامُ يُعْتِقُهُ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ حُرًّا وَلَكِنَّهُ أَسْلَمَ
غَيْرَ خَارِجٍ مِنْ بِلَادٍ مَنْصُوبٍ عَلَيْهَا الْحَرْبُ
بَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ إِذَا
كَانَ الْعَقْدُ مُبَاحًا وَمَا وَرَدَ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي نَقْضِهِ
قَالَ اللهُ تبارك وتعالى:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١].
١٨٨٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ
فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ
فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا
عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ
أَبِيهِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ
١٨٨٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ، ح وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَشَمْرَدُ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ⦗٣٨٦⦘ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: هَذِهِ
غَدْرَةُ فُلَانٍ». هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ:
«إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: هَذِهِ
غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ
الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى
١٨٨٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَفْصُ
بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ سُلَيْمِ
بْنِ عَامِرٍ، رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ
عَهْدٌ، وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلَادِهِمْ حَتَّى إِذَا انْقَضَى الْعَهْدُ
غَزَاهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ وَهُوَ يَقُولُ: اللهُ
أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، فَنَظَرُوا فَإِذَا عَمْرُو بْنُ
عَبَسَةَ رضي الله عنه، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه فَسَأَلَهُ
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ
عَهْدٌ فَلَا يَشُدَّ عُقْدَةً وَلَا يُحِلَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ
يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ»، فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ.
١٨٨٤٨
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ
سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ
عَهْدٌ، فَذَكَرَهُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ،
وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَسُلَيْمَانُ
بْنُ حَرْبٍ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ شُعْبَةَ
١٨٨٤٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُيَيْنَةُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ جَوْشَنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ
اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»
١٨٨٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ
الْخُرَاسَانِيِّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ،
ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ، قَالَا: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ
مُوسَى، أنبأ بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ قَطُّ
إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ، وَلَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ
إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ
إِلَّا حَبَسَ اللهُ عَنْهُمُ الْقَطْرَ». ⦗٣٨٧⦘ خَالَفَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ قَوْلِهِ أَتَمَّ مِنْهُ،
وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
١٨٨٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْخَيْرِ جَامِعُ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الْوَكِيلُ، أنبأ أَبُو طَاهِرٍ
الْمُحَمَّدْأَبَاذِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مُسْلِمُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ،
وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ»
بَابُ لَا يُوْفَى مِنَ الْعُهُودِ
بِمَا يَكُونُ مَعْصِيَةً
١٨٨٥٢ - اسْتِدْلَالًا بِمَا أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
الْمُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالُوا: ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ
طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ
نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلَا
يَعْصِهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَغَيْرِهِ
عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَأَسَرَ الْمُشْرِكُونَ امْرَأَةً
مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَخَذُوا نَاقَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَانْفَلَتَتِ
الْأَنْصَارِيَّةُ عَلَى نَاقَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ
عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرَهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «لَا نَذْرَ
فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».
١٨٨٥٣
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثنا أَيُّوبُ،
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ،
فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا مَضَى قَالَ الشَّافِعِيُّ:
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا
خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ
١٨٨٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
الْأَسْفَاطِيُّ يَعْنِي الْعَبَّاسَ بْنَ الْفَضْلِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ ⦗٣٨٨⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَاعْلَمْ أَنَّ طَاعَةَ اللهِ أَنْ لَا يَفِيَ بِالْيَمِينِ إِذَا كَانَ غَيْرُهَا خَيْرًا، وَأَنْ يُكَفِّرَ بِمَا فَرَضَ اللهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ، وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُوَفَّى بِكُلِّ عَقْدٍ نَذَرَ وَعَهْدٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُشْرِكٍ كَانَ مُبَاحًا لَا
مَعْصِيَةَ لِلَّهِ فِيهِ
بَابُ نَقْضِ أَهْلٍ الْعَهْدَ أَوْ
بَعْضِهِمُ الْعَهْدَ
١٨٨٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قِصَّةِ بَنِي النَّضِيرِ وَمَا أَجْمَعُوا
عَلَيْهِ مِنَ الْمَكْرِ بِالنَّبِيِّ ﷺ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ غَدَا
عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْكَتَائِبِ فَحَصَرَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ:
«إِنَّكُمْ وَاللهِ لَا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلَّا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُونَنِي
عَلَيْهِ». فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ عَهْدًا فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ
ثُمَّ غَدَا عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْكَتَائِبِ وَتَرَكَ بَنِي النَّضِيرِ
وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُعَاهِدُوهُ فَعَاهَدُوهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ، وَغَدَا
إِلَى بَنِي النَّضِيرِ بِالْكَتَائِبِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى
الْجَلَاءِ فَهَذَا عَهْدُ بَنِي قُرَيْظَةَ
١٨٨٥٦ - وَأَمَّا نَقْضُهُمُ الْعَهْدَ
فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ
بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ،
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ يَهُوذَا، أَحَدُ بَنِي
عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: كَانَ الَّذِينَ
حَزَّبُوا الْأَحْزَابَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي
وَائِلٍ، وَكَانَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ حُيِيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكِنَانَةُ بْنُ
الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَأَبُو عَمَّارٍ، وَمِنْ بَنِي وَائِلٍ حَيٌّ
مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَوْسِ اللهِ وَحْوَحُ بْنُ عَمْرٍو وَرِجَالٌ مِنْهُمْ
خَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا عَلَى قُرَيْشٍ فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اللهِ
ﷺ فَنَشِطُوا لِذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي خُرُوجِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ
حَرْبٍ وَالْأَحْزَابُ قَالَ: وَخَرَجَ حُيِيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى أَتَى كَعْبَ
بْنَ أَسَدٍ صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهِمْ فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ
كَعْبٌ أَغْلَقَ حِصْنَهُ دُونَهُ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ افْتَحْ لِي
حَتَّى أَدْخُلَ عَلَيْكَ، ⦗٣٨٩⦘ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا حُيِيُّ إِنَّكَ امْرُؤٌ مَشْئَومٌ وَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ لِي بِكَ وَلَا بِمَا جِئْتَنِي بِهِ إِنِّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا صِدْقًا وَوَفَاءً وَقَدْ وَادَعَنِي مُوَادَعَةً فَدَعْنِي وَارْجِعْ عَنِّي. فَقَالَ: وَاللهِ إِنْ غَلَّقْتَ دُونِي إِلَّا عَنْ خَشْيَتِكَ أَنْ آكُلَ مَعَكَ مِنْهَا فَاحْفَظْهُ، فَفَتَحَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ
عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ جِئْتُكَ بِعِزِّ الدَّهْرِ بِقُرَيْشٍ
مَعَهَا قَادَتُهَا حَتَّى أَنْزَلْتُهَا بِرَوْمَةَ وَجِئْتُكَ بِغَطَفَانَ عَلَى
قَادَتِهَا وَسَادَتِهَا حَتَّى أَنْزَلْتُهَا إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ، جِئْتُكَ
بِبَحْرٍ طَامٍّ لَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ. فَقَالَ: جِئْتَنِي وَاللهِ بِالذُّلِّ
وَيْلَكَ فَدَعْنِي وَمَا أَنَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ لِي بِكَ وَلَا
بِمَا تَدْعُونِي إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ حُيِيُّ بْنُ أَخْطَبَ يَفْتِلُهُ فِي
الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى أَطَاعَ لَهُ وَأَعْطَاهُ حُيَيٌّ الْعَهْدَ
وَالْمِيثَاقَ لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبُوا
مُحَمَّدًا لَأَدْخُلَنَّ مَعَكَ فِي حِصْنِكَ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ،
فَنَقَضَ كَعْبٌ الْعَهْدَ وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَمَا
كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ
عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَبَرُ كَعْبٍ وَنَقْضُ
بَنِي قُرَيْظَةَ بَعَثَ إِلَيْهمِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَسَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ،
وَخَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ لِيَعْلَمُوا
خَبَرَهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِمْ وَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا
بَلَغَهُمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ
قَتَادَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ سَبَبِ إِسْلَامِ
ثَعْلَبَةَ وَأُسَيْدٍ ابْنَيْ سَعْيَةَ وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَنُزُولِهِمْ
عَنْ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَإِسْلَامِهِمْ، وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ
فِيمَا زَعَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى الْقُرَظِيُّ فَمَرَّ
بِحَرَسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَعَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ تِلْكَ
اللَّيْلَةَ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا عَمْرُو بْنُ
سُعْدَى، وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي
غَدْرِهِمْ وَقَالَ: لَا أَغْدِرُ بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ
مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ: اللهُمَّ لَا تَحْرِمْنِي عَثَرَاتِ الْكِرَامِ، ثُمَّ
خَلَّى سَبِيلَهُ فَخَرَجَ حَتَّى بَاتَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ تِلْكَ
اللَّيْلَةَ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَ مِنَ الْأَرْضِ فَذُكِرَ
شَأْنُهُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «ذَلِكَ رَجُلٌ نَجَّاهُ اللهُ بِوَفَائِهِ»
وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ حُيَيًّا لَمْ يَزَلْ
بِهِمْ حَتَّى شَأَمَهُمْ فَاجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى الْغَدْرِ عَلَى أَمْرِ
رَجُلٍ وَاحِدٍ غَيْرَ أَسَدٍ وَأُسَيْدٍ وَثَعْلَبَةَ خَرَجُوا إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ
١٨٨٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ
يَهُودَ النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَجْلَى رَسُولُ
اللهِ ﷺ بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى
حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ⦗٣٩٠⦘ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى
١٨٨٥٨
- قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَضَ رَجُلٌ
مِنْهُمْ فَقَاتَلَ كَانَ لِلْإِمَامِ قِتَالُ جَمَاعَتِهِمْ، قَدْ أَعَانَ عَلَى
خُزَاعَةَ وَهُمْ فِي عَقْدِ النَّبِيِّ ﷺ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ
فَشَهِدُوا قِتَالَهُمْ فَغَزَا النَّبِيُّ ﷺ قُرَيْشًا عَامَ الْفَتْحِ بِغَدْرِ
النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ وَتَرْكِ الْبَاقِينَ مَعُونَةَ خُزَاعَةَ، وَإِيوَائِهِمْ
مَنْ قَاتَلَ خُزَاعَةَ
١٨٨٥٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ،
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ
بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ جَمِيعًا، قَالَا: كَانَ فِي صُلْحِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ أَنَّهُ مَنْ
شَاءَ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ دَخَلَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ
يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ، فَتَوَاثَبُوا خُزَاعَةُ
فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بَنُو
بَكْرٍ فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ. فَمَكَثُوا
فِي تِلْكَ الْهُدْنَةِ نَحْوَ السَّبْعَةَ أَوِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا،
ثُمَّ إِنَّ بَنِي بَكْرٍ الَّذِينَ كَانُوا دَخَلُوا فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ
وَعَهْدِهِمْ وَثَبُوا عَلَى خُزَاعَةَ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي عَقْدِ رَسُولِ
اللهِ ﷺ وَعَهْدِهِ لَيْلًا بِمَاءٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ الْوَتِيرُ قَرِيبٍ مِنْ
مَكَّةَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا يَعْلَمُ بِنَا مُحَمَّدٌ، وَهَذَا اللَّيْلُ
وَمَا يَرَانَا أَحَدٌ. فَأَعَانُوهُمْ عَلَيْهِمْ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ،
فَقَاتَلُوهُمْ مَعَهُمْ لِلضَّغْنِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَإِنَّ عَمْرَو بْنَ
سَالِمٍ رَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عِنْدَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ خُزَاعَةَ
وَبَنِي بَكْرٍ بِالْوَتِيرِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ وَقَدْ قَالَ أَبْيَاتَ شِعْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنْشَدَهُ إِيَّاهَا:
[البحر الرجز]
اللهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا
... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
كُنَّا وَالِدًا وَكُنْتَ وَلَدَا
... ثُمَّتْ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ رَسُولَ اللهِ نَصْرًا
عَتِدَا ... وَادْعُوا عِبَادَ اللهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ
تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسَفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا
⦗٣٩١⦘ فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدَا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا
... وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا
فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا
... قَدْ جَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ مَرْصَدَا
هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ
هُجَّدَا ... فَقَتَلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نُصِرْتَ
يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ». فَمَا بَرِحَ حَتَّى مَرَّتْ عَنَانَةٌ فِي السَّمَاءِ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ
بَنِي كَعْبٍ». وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّاسَ بِالْجِهَازِ وَكَتَمَهُمْ
مَخْرَجَهُ وَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُعَمِّيَ عَلَى قُرَيْشٍ خَبَرَهُ حَتَّى
يَبْغَتَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ
١٨٨٦٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ
الْعَبْدِيُّ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ
أَبِي أُوَيْسٍ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ بَنِي نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدِّيلِ
أَغَارُوا عَلَى بَنِي كَعْبٍ وَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ رَسُولِ اللهِ
ﷺ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ بَنُو كَعْبٍ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
وَكَانَتْ بَنُو نُفَاثَةَ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ فَأَعَانَتْ بَنُو بَكْرٍ بَنِي
نُفَاثَةَ وَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ وَاعْتَزَلَتْهُمْ
بَنُو مُدْلِجٍ وَأَوْفَوْا بِالْعَهْدِ. قَالَ: وَيَذْكُرُونَ أَنَّ مِمَّنْ
أَعَانَهُمْ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ، وَسُهَيْلَ
بْنَ عَمْرٍو، فَأَغَارَتْ بَنُو الدِّيلِ عَلَى بَنِي عَمْرٍو وَعَامَّتِهِمْ
زَعَمُوا أَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَضُعَفَاءَ الرِّجَالِ فَأَثْخَنُوهُمْ
وَقَتَلُوا مِنْهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ دَارَ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ بِمَكَّةَ،
قَالَ: فَخَرَجَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللهِ ﷺ
وَذَكَرُوا لَهُ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَمَا كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَيْهِمْ فِي
ذَلِكَ وَالَّذِي أَعَانُوا بِهِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ جِهَازَ النَّبِيِّ ﷺ
وَدُخُولَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ يا ِرَسُولِ اللهِ:
أَتُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ مَخْرَجًا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: لَعَلَّكَ تُرِيدُ
بَنِي الْأَصْفَرِ؟ قَالَ: «لَا». قَالَ: أَفَتُرِيدُ أَهْلَ نَجْدٍ؟ قَالَ:
«لَا». قَالَ: فَلَعَلَّكَ تُرِيدُ قُرَيْشًا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: أَلَيْسَ
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مُدَّةٌ؟ قَالَ: «أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا صَنَعُوا بِبَنِي
كَعْبٍ»؟ وَأَذَّنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي النَّاسِ بِالْغَزْوِ وَأَمَّا الْحُكْمُ
بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ فَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَالْغَصْبِ
وَغَيْرِهاِ
بَابُ كَرَاهِيَةِ الدُّخُولِ عَلَى
أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَالتَّشَبُّهِ بِهِمْ يَوْمَ نَيْرُوزِهِمْ
وَمِهْرَجَانِهِمْ
١٨٨٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ
السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ
يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
«لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ
الْأَعَاجِمِ وَلَا تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ
عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ»
١٨٨٦٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الْفَارِسِيُّ، أنبأ أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْفَهَانِيُّ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ
فَارِسٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي
مَرْيَمَ: ثنا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي زَيْنَبَ، وَعَمْرَو
بْنَ الْحَارِثِ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ سَلَمَةَ، سَمِعَ أَبَاهُ، سَمِعَ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللهِ فِي عِيدِهِمْ»
١٨٨٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ
أَوْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو، قَالَ: «مَنْ بَنَى بِبِلَادِ
الْأَعَاجِمِ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى
يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ الشَّيْخُ
الْإِمَامُ رحمه الله: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله:
بَنَى هُوَ الصَّوَابُ
١٨٨٦٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي
الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو، قَالَ: «مَنْ بَنَى فِي بِلَادِ
الْأَعَاجِمِ فَصَنَعَ نَوْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى
يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَهَكَذَا رَوَاهُ
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أبي عَدِيٍّ، وَغُنْدَرٌ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ،
عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ
قَوْلِهِ
١٨٨٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ
هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِهَدِيَّةِ
النَّيْرُوزِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا
يَوْمُ النَّيْرُوزِ، قَالَ: فَاصْنَعُوا كُلَّ يَوْمٍ فَيْرُوزَ. قَالَ أَبُو
أُسَامَةَ: كَرِهَ أَنْ يَقُولَ نَيْرُوزَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَفِي هَذَا
كَالْكَرَاهَةِ لِتَخْصِيصِ يَوْمٍ بِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْهُ الشَّرْعُ مَخْصُوصًا
بِهِ