بَابُ مُبْتَدَأِ الْخَلْقِ
١٧٧٠١ - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنبأ أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ
مَسْعُودٍ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثنا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ،
عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ، قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ
بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَدْ
بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ أُنَاسٌ
مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ
لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ،
جِئْنَا لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ
مَا كَانَ؟ قَالَ: «كَانَ اللهُ عز وجل، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ
عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي
الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ»، قَالَ: وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ بْنَ
حُصَيْنٍ رَاحِلَتَكَ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ، فَقَدْ ذَهَبَتْ فَانْطَلَقْتُ فِي
طَلَبِهَا فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُوْنَهَا، وَايْمُ اللهِ لَوَدِدْتُ
أَنَّهَا ذَهَبَتْ وَأَنِّي لَمْ أَقُمْ
١٧٧٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ عَبدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوْبُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، ثنا أَبِي، ثنا الْأَعْمَشُ، ثنا جَامِعُ بْنُ
شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ
فِيهِ: قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ: «كَانَ اللهُ
وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي
الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، وَالْمُرَادُ
بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ خَلَقَ الْمَاءَ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى
الْمَاءِ، وَخَلَقَ الْقَلَمَ، وَأَمَرَهُ فَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ
١٧٧٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ
بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَبْسِيُّ،
أنبأ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ ⦗٥⦘ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ عز وجل مِنْ شَيْءٍ الْقَلَمُ، فقَالَ:
«اكْتُبْ»، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا أَكْتُبُ؟، قَالَ: «اكْتُبِ الْقَدَرَ»، قَالَ:
فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ،
قَالَ: ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا الْأَرْضَ عَلَيْهَا، فَارْتَفَعَ بُخَارُ
الْمَاءِ فَفَتَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ، وَاضْطَرَبَ النُّونُ فَمَادَتِ
الْأَرْضُ فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ، وَإِنَّ الْجِبَالَ لَتُفَجَّرُ عَلَى
الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
١٧٧٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ الرَّازِيُّ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ،
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ
شَيْءٍ خَلَقَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْقَلَمُ وَأَمَرَهُ فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ
يَكُونُ». وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
مَرْفُوعًا
١٧٧٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى
يَحْيَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزِّبْرِقَانَ وَأَنَا أَسْمَعُ، أنبأ حَجَّاجُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ
بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ،
مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
بِيَدِي، فَقَالَ: «خَلَقَ اللهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا
الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ
الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ،
وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا
بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ، وَهَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ
مُحَمَّدٍ
١٧٧٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامَغَانِيُّ، أنبأ أَبُو بَكرٍ الِإسْمَاعِيلِيُّ،
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ الطُّوسِيُّ بِبَغْدَادَ،
ثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَظُنُّهُ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ
أَبُو هُرَيْرَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ
لَسَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللهَ فِيهَا عَبْدٌ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى بَدَأَ الْخَلْقَ
فَخَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ
السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَخَلَقَ
الْأَقْوَاتَ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ ⦗٦⦘ شَيْءٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَتِلْكَ السَّاعَةُ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ
١٧٧٠٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مُعْتَمِرٌ،
أَخْبَرَنِي عَوْفٌ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «خَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا،
فَخَرَجَتْ ذُرِّيَّتُهُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، مِنْهُمُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ
وَالْأَسْمَرُ وَالْأَحْمَرُ، وَمِنْهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمُ السَّهْلُ
وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ»
١٧٧٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
الرَّزَّازُ، قَالَا: ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ
عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خُلِقَ آدَمُ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ
الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ
وَالْأَسْوَدُ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالْخَبِيثُ
وَالطَّيِّبُ»
١٧٧٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو الْأَزْهَرِيِّ، وَحَمْدَانُ السُّلَمِيُّ،
قَالُوا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خُلِقَتِ
الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ
آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، قَالَ الشَّافِعِيُّ: خَلَقَ اللهُ
الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ َيَعْنِي مَا شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، أَوْ لِيَأْمُرَ مَنْ
شَاءَ مِنْهُمْ بِعِبَادَتِهِ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
١٧٧١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ،
أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ
يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ الْعَاصِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ» خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ،
ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ
يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ، فَلِذَلِكَ أَقُولُ جَفَّ
الْقَلَمُ عَنْ عِلْمِ اللهِ "، ⦗٧⦘ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: ثُمَّ أَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ
خِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ أَنْبِيَاؤُهُ، فَقَالَ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً
وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [البقرة: ٢١٣]، فَجَعَلَ نَبِيَّنَا ﷺ مِنْ أَصْفِيَائِهِ
دُونَ عِبَادِهِ بِالْأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ وَالْقِيَامِ بِحُجَّتِهِ فِيهِمْ
١٧٧١١ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ إِدْرِيسَ
السَّامِرِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ الْبَصْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ،
إِلَى أَنْ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كَمِ النَّبِيُّونَ؟، قَالَ:
«مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ». قُلْتُ: كَمِ
الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ». تَفَرَّدَ
بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ
١٧٧١٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
شَاذَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا
اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ
إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ،
وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلِيَّ، فَأَرْجُو
أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ، وَغَيْرِهِ، عَنِ اللَّيْثِ،
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ خَاصَّتِهِ
صَفْوَتَهُ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ
وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٣٣]،
وَسَاقَ الشَّافِعِيُّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ اصْطَفَى
مُحَمَّدًا ﷺ مِنْ خَيْرِ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ قَبْلَ
إِنْزَالِهِ الْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ بِصِفَتِهِ وَفَضِيلَةِ مَنْ
تَبِعَهُ، فَقَالَ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى
الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تُرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ
فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ
السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ
كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ﴾ [الفتح: ٢٩] الْآيَةَ
١٧٧١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ
السُّوسِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَا: ثنا
بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ ⦗٨⦘ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا سَيِّدُ بَنِي آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ
١٧٧١٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ بُرْهَانٍ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ
الْمُزَنِيُّ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا
أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ
لَمَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا مَعَهُ مُصَدِّقٌ غَيْرُ وَاحِدٍ».
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ
١٧٧١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ هُشَيْمٌ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَبُو
الرَّبِيعِ، ثنا هُشَيْمٌ، أنبأ سَيَّارٌ، ثنا يَزِيدُ الْفَقِيرُ، أنبأ جَابِرُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ
يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ
لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ
مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ
فَلْيُصَلِّ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ
خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي الرَّبِيعِ،
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ هُشَيْمٍ
١٧٧١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ، ثنا إِسْحَاقُ، أنبأ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ،
قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه سُورَةَ الْفَتْحِ،
فَلَمَّا بَلَغَ ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى
عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [الفتح: ٢٩]، قَالَ: لِيَغِيظَ اللهُ بِالنَّبِيِّ
وَأَصْحَابِهِ الْكُفَّارَ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ: «أَنْتُمُ الزَّرْعُ وَقَدْ
دَنَا حَصَادُهُ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ لِأُمَّتِهِ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠] الْآيَةَ، فَفَضَّلَهُمْ بِكَيْنُونَتِهِمْ مِنْ
أُمَّتِهِ دُونَ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ
١٧٧١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ، ⦗٩⦘ أنبأ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّكُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ عز وجل» قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ أَخْبَرَ
جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَاتِحَ رَحْمَتِهِ عِنْدَ فَتْرَةِ رُسُلِهِ،
فَقَالَ: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ
عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا
نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ [المائدة: ١٩]، وَقَالَ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي
الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢]،
وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى خَلْقِهِ لِأَنَّهُمْ
كَانُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْأُمِّيِّينَ، وَأَنَّهُ فَتَحَ بِهِ رَحْمَتَهُ
وَخَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ، فَقَالَ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ
رِجَالِكُمْ، وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠]
١٧٧١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ،
ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ:
أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ
الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ
إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
١٧٧١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، رحمه الله، أنبأ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
الذُّهْلِيُّ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ. ح، قَالَ: وَثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ
قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ ابْتَنَى دَارًا»، وَقَالَ يَزِيدُ: «بَنَى دَارًا»
فَأَحْسَنَهَا وَأَكْمَلَهَا إِلَّا فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ
يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَيَقُولُونَ لَوْلَا مَوْضِعُ هَذِهِ
اللَّبِنَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَأَنَا مَوْضِعُ تِلْكَ اللَّبِنَةِ جِئْتُ
فَخَتَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سِنَانٍ، عَنْ سُلَيْمٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ عَفَّانَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَقَضَى أَنْ أَظْهَرَ دِينَهُ عَلَى
الْأَدْيَانِ، فَقَالَ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ ⦗١٠⦘ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣] الْآيَةَ، قَالَ: وَقَدْ وَصَفْنَا بَيَانَ
كَيْفَ يَظْهَرُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
١٧٧٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبأ جَعْفَرُ بْنُ
عَوْنٍ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ،
عَنْ خَبَّابٍ رضي الله عنه، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ
مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلَا تَدْعُو اللهَ
لَنَا أَلَا تَسْتَنْصِرُ اللهَ لَنَا قَالَ: فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ،
قَالَ: «وَاللهِ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَيُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ
لَهُ الْحُفْرَةُ فَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ
مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، أَوْ يُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا بَيْنَ
عَصَبِهِ وَلَحْمِهِ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا
الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْكُمْ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ
لَا يَخْشَى إِلَّا اللهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ
تَعْجَلُونَ». أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ
بَابُ مُبْتَدَأِ الْبَعْثِ
وَالتَّنْزِيلِ
١٧٧٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَمْرٍو الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا
أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي
الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ
بِهِ رَسُولُ اللهِ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ،
فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حَبَّبَ
اللهُ إِلَيْهِ الْخَلَاءَ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ
وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ أُولَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى
أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ
بِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ
الْمَلَكُ، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ: فَأَخَذَنِي
فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ،
فَقُلْتُ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى
بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: «مَا
أَنَا بِقَارِئٍ»، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي
الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ،
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ
بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ٢]، فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ تَرْجُفُ
بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ رضي الله عنها، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي
زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، ثُمَّ قَالَ
لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي»، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: «لقَدْ
خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلَّا ⦗١١⦘ أَبْشِرْ فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ رضي الله عنها حَتَّى أَتَتْ بِهِ
وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ
ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ ابْنُ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ، يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ
بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ
عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ
وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ
اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا
حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟»،
قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا
عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ
١٧٧٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
مُكْرَمٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا
اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ
بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «فَتَرَ الْوَحْيُ عَنِّي،
فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي
قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى
كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَخَشِيتُ مِنْهُ فَرَقًا حَتَّى
هَوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي، فَقُلْتُ لَهُمْ:»زَمِّلُونِي
زَمِّلُونِي «، فَزَمَّلُونِي فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ
فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ٢]»، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَالرُّجْزُ:
الْأَوْثَانُ، قَالَ: «ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ بَعْدُ وَتَتَابَعَ».
١٧٧٢٣
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ،
ثنا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَقِيلٍ هُوَ
الْخُسْرَوْجِرْدِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ
سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، أَخْبَرَنِي عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ:
أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللهِ ﷺ يَقُولُ: «فَتَرَ الْوَحْيُ عَنِّي فَتْرَةً»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
بِمَعْنَاهُ، ⦗١٢⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبٍ
١٧٧٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، ثنا أَبُو حَامِدِ بْنُ
الشَّرْقِيِّ، إِمْلَاءً، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، ثنا
سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ
الْقُرْآنِ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: ١]»
بَابُ مُبْتَدَأِ الْفَرْضِ عَلَى
النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ عَلَى النَّاسِ، وَمَا لَقِيَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ أَذَى
قَوْمِهِ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ
١٧٧٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء:
٢١٤]،
وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى صَعِدَ
الصَّفَا فَهَتَفَ» وَاصَبَاحَاهُ «، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟،
قَالُوا: مُحَمَّدٌ، قَالَ: فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ:»يَا بَنِي فُلَانٍ،
يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا
الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ «، قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا،
قَالَ:»فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٌ "، قَالَ:
فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا، ثُمَّ قَامَ،
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ). كَذَا
قَرَأَ الْأَعْمَشُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي
كُرَيْبٍ
١٧٧٢٦ - وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
الْأَقْرَبِينَ، وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٥]، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "عَرَفْتُ
أَنِّي إِنْ بَادَأْتُ بِهَا ⦗١٣⦘ قَوْمِي رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ فَصَمَتُّ عَلَيْهَا، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: يَا
مُحَمَّدُ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ عَذَّبَكَ
رَبُّكَ. ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً فِي جَمْعِهِمْ وَإِنْذَارِهِ إِيَّاهُمْ
١٧٧٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ بْنُ الْحَمَّامِيِّ، بِبَغْدَادَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
سَلْمَانَ النَّجَّادُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ
عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ
الدُّؤَلِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِذِي الْمَجَازِ يَتْبَعُ
النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ،
وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَدِينِ
آبَائِكُمْ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟، قَالُوا: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ
١٧٧٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، قَالَا: ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ،
أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى
بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ
التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ
اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ
الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ
وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ،
فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَخَذَ
بِمَنْكِبَيْهِ فَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا
أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟».
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ
١٧٧٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جُنَاحُ
بْنُ نَذِيرِ بْنِ جُنَاحٍ الْقَاضِي بِالْكُوفَةِ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيِّ بنِ دُحَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، أنبأ
عُبَيْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى، أنبأ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه،
قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ ﷺ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَجَمِيعُ
قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ يَنْظُرُونَ، إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلَا
تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي؟ أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ بَنِي
فُلَانٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلَاهَا فَيَجِيءُ بِهِ، ثُمَّ
يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟ فَانْبَعَثَ
أَشْقَاهَا فَجَاءَ بِهِ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَضَعَهُ بَيْنَ
كَتِفَيْهِ وَثَبَتَ النَّبِيُّ ﷺ ⦗١٤⦘ سَاجِدًا، وَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى
بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها وَهِيَ
جُوَيْرِيَةٌ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ
عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ الصَّلَاةَ قَالَ:
«اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ» ثَلَاثًا، ثُمَّ سَمَّى «اللهُمَّ عَلَيْكَ
بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَبِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ
عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ
بْنِ الْوَلِيدِ»، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى
يَوْمَ بَدْرٍ يُسْحَبُونَ إِلَى قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«وَأَتْبِعْ أَصْحَابَ الْقَلِيبِ لَعْنَةً». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى،
وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
١٧٧٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ، إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ
الْقَطَّانُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ،
قَالَا: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا
سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله
عنها قَالَتْ:»كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ
تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧] فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ
مِنَ الْقُبَّةِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي
اللهُ». وَرِوَايَةُ الْهِلَالِيِّ فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا النَّاسُ» قَالَ
الشَّافِعِيُّ: يَعْصِمُكَ مِنْ قَتْلِهِمْ أَنْ يَقْتُلُوكَ حَتَّى تُبَلِّغَهُمْ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، فَبَلَّغَ مَا أُمِرَ بِهِ فَاسْتَهْزَأَ بِهِ قَوْمٌ،
فَنَزَلَ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا
كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ [الحجر: ٩٥]
١٧٧٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، أنبأ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ
السُّلَمِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَزِينٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل: ﴿إِنَّا
كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ [الحجر: ٩٥]،
قَالَ: الْمُسْتَهْزِئُونَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ
عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَأَبُو زَمْعَةَ،
مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلٍ
السَّهْمِيُّ، وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام شَكَاهُمْ
إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَرَاهُ الْوَلِيدَ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْمُغِيرَةِ،
فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى أَبْجَلِهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ:
كُفِيتُهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ فَأَوْمَى جِبْرِيلُ
إِلَى عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: كُفِيتُهُ، ثُمَّ أَرَاهُ
الْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيَّ فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ،
فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ ⦗١٥⦘ كُفِيتُهُ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ فَأَوْمَأَ إِلَى أَخْمَصِهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: كُفِيتُهُ، فَأَمَّا
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ يَرْيِشُ
نَبْلًا لَهُ فَأَصَابَ أَبْجَلَهُ فَقَطَعَهَا، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ
الْمُطَّلِبِ فَعَمِيَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَمِيَ هَكَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ: نَزَلَ تَحْتَ سَمُرَةٍ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ أَلَا تَدْفَعُونَ
عَنِّي؟ قَدْ قُتِلْتُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا نَرَى شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ
كَذَلِكَ حَتَّى عَمِيَتْ عَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ
الزُّهْرِيُّ فَخَرَجَ فِي رَأْسِهِ قُرُوحٌ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْحَارِثُ
بْنُ عَيْطَلٍ فَأَخَذَهُ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ فِي بَطْنِهِ حَتَّى خَرَجَ
خُرْؤُهُ مِنْ فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ فَبَيْنَمَا
هُوَ كَذَلِكَ يَوْمًا إِذْ دَخَلَ فِي رَأْسِهِ شِبْرِقَةٌ حَتَّى امْتَلَأَتْ
مِنْهَا فَمَاتَ مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرَكِبَ إِلَى الطَّائِفِ عَلَى
حِمَارٍ فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شِبْرِقَةٍ فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ
شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ
١٧٧٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا هَارُونُ بْنُ
سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا
سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ:
ادْعُ رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا وَنُؤْمِنَ بِكَ، قَالَ:
أَتَفْعَلُونَ؟، قَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام،
فَقَالَ: إِنْ اللهُ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَيَقُولُ: «إِنْ شِئْتَ
أَصْبَحَ الصَّفَا ذَهَبًا، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا
أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ
التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ»، قَالَ: بَلْ يَا رَبِّ التَّوْبَةَ وَالرَّحْمَةَ
١٧٧٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيمِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، ﴿فَاصْبِرْ
كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ نُوحٌ وَهودٌ وَإِبْرَاهِيمُ
أُمِرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يَصْبِرَ كَمَا صَبَرَ هَؤُلَاءِ فَكَانُوا
ثَلَاثَةً، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ رَابِعُهُمْ، قَالَ نُوحٌ: ﴿إِنْ كَانَ كَبُرَ
عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ﴾ [يونس: ٧١] إِلَى آخِرِهَا، فَأَظْهَرَ لَهُمُ
الْمُفَارَقَةَ، وَقَالَ هُودٌ حِينَ قَالُوا: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ
بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ [هود: ٥٤] الْآيَةَ، فَأَظْهَرَ لَهُمُ الْمُفَارَقَةَ،
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ [الممتحنة: ٤] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَأَظْهَرَ
لَهُمُ الْمُفَارَقَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ
الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ [الأنعام: ٥٦]، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عِنْدَ
الْكَعْبَةِ يَقْرَؤُهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَظْهَرَ لَهُمُ الْمُفَارَقَةَ
"
بَابُ الْإِذْنِ بِالْهِجْرَةِ
١٧٧٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا
قَالَتْ: لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي
دِينِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ،
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ، لَا يَصِلُ
إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَا يَنَالُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ
فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا
أَنْتُمْ فِيهِ»، فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا حَتَّى اجْتَمَعْنَا
وَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَلَمْ
نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
١٧٧٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَارُ، ثنا
الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا
دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ
عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَبِثَ عَشْرَ
سِنِينَ يَتْبَعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوَاسِمِ بمَجَنَّةَ
وَعُكَاظٍ وَمَنَازِلِهِمْ بِمِنًى؟ مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرُنِي حَتَّى
أُبَلِّغَ رِسَالِاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُؤْوِيهِ
وَيَنْصُرُهُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْخِلُ صَاحِبَهُ مِنْ مِصْرَ
وَالْيَمَنِ فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ أَوْ ذَوُو رَحِمِهِ، فَيَقُولُونَ: احْذَرْ
فَتَى قُرَيْشٍ لَا يُصِيبُكَ، يَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى
اللهِ، يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مِنْ يَثْرِبَ
فَيَأْتِيهِ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ، ويُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ
فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ
دَارٌ مِنْ دُورِ يَثْرِبَ إِلَّا فِيهَا رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ
الْإِسْلَامَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ فَائْتَمَرْنَا وَاجْتَمَعْنَا سَبْعِينَ
رَجُلًا مِنَّا، فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى رَسُولُ اللهِ ﷺ يُطْرَدُ فِي جِبَالِ
مَكَّةَ وَيَخَالُ، أَوْ قَالَ: وَيَخَافُ، فَرَحَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ
الْمَوْسِمَ فَوَعَدَنَا شِعْبَ الْعَقَبَةِ فَاجْتَمَعْنَا فِيهِ مِنْ رَجُلٍ
وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فِيهِ عِنْدَهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ
عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟، قَالَ: «تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي
النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى
الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ تَقُولُوا فِي
اللهِ لَا يَأْخُذُكُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي
إِنْ قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ يَثْرِبَ، وَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ
أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمُ الْجَنَّةُ»، فَقُلْنَا:
نُبَايِعُكَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ ⦗١٧⦘ زُرَارَةَ وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ رَجُلًا إِلَّا أَنَا، فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى عَضِّ السُّيُوفِ وَقَتْلِ خِيَارِكُمْ
وَمُفَارَقَةِ الْعَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللهِ، وَأَمَّا
أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ
عِنْدَ اللهِ، فَقَالُوا: أَخِّرْ عَنَّا يَدَكَ يَا أَسْعَدُ بْنَ زُرَارَةَ،
فَوَاللهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَا، فَقُمْنَا
إِلَيْهِ رَجُلًا رَجُلًا يَأْخُذُ عَلَيْنَا شَرْطَهُ وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ
الْجَنَّةَ
١٧٧٣٦ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، ثنا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرٌ،
عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَكَّةَ فَأُمِرَ بِالْهِجْرَةِ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ:
﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ
وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٠]»
١٧٧٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا
الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، ثنا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ
بِمَكَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ: «قَدْ رَأَيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً
ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ»، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ
قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَرَجَعَ إِلَى
الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مُهَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي»، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: وَتَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي،
قَالَ: «نَعَمْ»، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ لِصَحَابَتِهِ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ بِطُولِهِ، مِنْ
حَدِيثِ عَقِيلٍ وَيُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
١٧٧٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ
الْبَاهِلِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمِرِيُّ، قَالَا: ثنا
شُعْبَةُ، قَالَ: أنبأ أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:
كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مُصْعَبُ
بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ
جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَبِلَالٌ وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ ⦗١٨⦘ عَنْهُ فِي عِشْرِينَ وَبَيْنَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ قَطُّ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ وَالصِّبْيَانَ يَسْعَوْنَ فِي الطَّرَائِقِ، يَقُولُونَ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، جَاءَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ، قَالَ: فَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَرَأْتُ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ
بَابُ مُبْتَدَأِ الْإِذْنِ
بِالْقِتَالِ
١٧٧٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أنبأ
شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ
وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي
بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حَتَّى مَرَّ
بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ
يُسْلِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا بِالْمَجْلِسِ رِجَالٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَفِي
الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ
عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ:
لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ،
فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، قَالَ: فَقَالَ
عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لَا
أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا،
ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ
بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا،
فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ
وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ
يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ ﷺ دَابَّتَهُ فَسَارَ
حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ
ﷺ: «يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ». يُرِيدُ عَبْدَ اللهِ
بْنَ أُبَيٍّ، «قَالَ كَذَا وَكَذَا»، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ
اللهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ
اللهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ
الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ اللهُ
ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرَّقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا
رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَكَانَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ عز وجل،
وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى، قَالَ اللهُ عز وجل: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ
تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦]، وَقَالَ اللهُ: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ
عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا
وَاصْفَحُوا حَتَّى ⦗١٩⦘ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ١٠٩]،
وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ حَتَّى
أُذِنَ لَهُمْ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا النَّبِيُّ ﷺ بَدْرًا فَقَتَلَ اللهُ بِهِ
مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ
سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ.
فَبَايَعُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى الْإِسْلَامِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ
وَعُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
١٧٧٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، ثنا
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أَخْرَجَ
أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه:
«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ، أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ؛ لَيَهْلِكُنَّ». قَالَ: فَقَرَأَ: ﴿أُذِنَ
لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: ٣٩].
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه
يَقْرَؤُهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: فَعَلِمْتُ أَنَّهَا قِتَالٌ. قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ
١٧٧٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ قَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ السَّيَّارِيُّ
بِمَرْوَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَاتِمٍ الْبَاشَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
عَوْفٍ، وَأَصْحَابًا لَهُ رضي الله عنهم، أَتَوَا النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالُوا: يَا
نَبِيَّ اللهِ كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا
أَذِلَّةً. فَقَالَ: «إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ».
فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا،
فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا
أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ
عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ﴾ [النساء: ٧٧]
بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ
الْعَفْوِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، وَنَسْخِ النَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى
يُقَاتَلُوا، وَالنَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقَالُ نُسِخَ
النَّهْيُ هَذَا كُلُّهُ بِقَوْلِ اللهِ عز وجل: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ
فِتْنَةٌ﴾ [البقرة:
١٩٣]
١٧٧٤٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدُوسٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، ⦗٢٠⦘ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وَقَوْلِهِ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩]، قَالَ: فَنَسَخَ هَذَا الْعَفْوَ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ، وَقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣]، فَأَمَرَهُ اللهُ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ
بِالسَّيْفِ، وَالْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ، وَأَذْهَبَ الرِّفْقَ عَنْهُمْ
"
١٧٧٤٣ - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَوْلُهُ: «﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤]، وَ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢]، يَقُولُ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ
﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾ [المائدة: ١٣]،
﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا﴾ [التغابن: ١٤]،
﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ [البقرة: ١٠٩]، ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا
لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ﴾ [الجاثية: ١٤]، وَنَحْوُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ أَمَرَ
اللهُ بِالْعَفْوِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَنَّهُ نَسْخَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ:
﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وَقَوْلُهُ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾
[التوبة:
٢٩]،
فَنَسَخَ هَذَا الْعَفْوَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ»
١٧٧٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا
مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
قَالَ: قَالَ اللهُ عز وجل: «﴿فَإِنْ
تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا
مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا، إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٠] الْآيَةَ، وَقَالَ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ
الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ
دِيَارِكُمْ﴾ [الممتحنة:
٨]،
الْآيَةَ، ثُمَّ نَسَخَ هَؤُلَاءِ فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ
وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ
الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وَأَنْزَلَ ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ
كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]، قَالَ: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ
فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: ٦١] ثُمَّ نَسْخَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿قَاتِلُوا
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ
مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٢٩]»
١٧٧٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ
بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَاقُ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ،
ثنا أَبِي، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ
عَنِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَهْطًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ
عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ. قَالَ: فَلَمَّا انْطَلَقَ لِيَتَوَجَّهَ بَكَى
صَبَابَةً إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَبَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عَبْدُ
اللهِ بْنُ جَحْشٍ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْرَأَهُ إِلَّا
لِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، لَا تُكْرِهَنَّ أَحَدًا مِنْ ⦗٢١⦘ أَصْحَابِكَ عَلَى الْمَسِيرِ مَعَكَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَرَأَ الْكِتَابَ وَاسْتَرْجَعَ، قَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَرَجَّعَ رَجُلًا مِنْ
أَصْحَابِهِ وَمَضَى بَقِيَّتُهُمْ مَعَهُ، فَلَقُوا ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ
فَقَتَلُوهُ، فَلَمْ يَدْرِ ذَلِكَ مِنْ رَجَبٍ أَوْ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ،
فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَتَلَهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَنَزَلَتْ:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ
كَبِيرٌ﴾ [البقرة:
٢١٧]،
إِلَى قَولِهِ: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة: ٢١٧]. قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ
الْمُسْلِمِينَ: لَئِنْ كَانُوا أَصَابُوا خَيْرًا مَا لَهُمْ أَجْرٌ، فَنَزَلَتْ:
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾»
١٧٧٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ «بَعَثَ سَرِيَّةً
مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ
الْأَسَدِيَّ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى هَبَطُوا نَخْلَةَ فَوَجَدُوا بِهَا عَمْرَو
بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فِي عِيرِ تِجَارَةٍ لِقُرَيْشٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي
قَتْلِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَنُزُولِ قَوْلِهِ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ
الْحَرَامِ﴾ [البقرة:
٢١٧]،
قَالَ: فَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَقَلَ ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ، وَحَرَّمَ
الشَّهْرَ الْحَرَامَ كَمَا كَانَ يُحَرِّمُهُ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
﴿بَرَاءَةٌ
مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ١]». قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: «وَكَأَنَّهُ أَرَادَ قَوْلَ اللهِ عز
وجل: ﴿وَقَاتِلُوا
الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]،
وَالْآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله أَعَمُّ فِي النَّسْخِ،
وَاللهُ أَعْلَمُ»
١٧٧٤٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَحْرُ بْنُ
نَصْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَاسْتُفْتِيَ: «هَلْ يَصْلُحُ
لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا الْكُفَّارَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟».
فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ وَقَالَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ
١٧٧٤٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنْ قَوْلِ اللهِ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ
الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٧]، قَالَ: «هَذَا شَيْءٌ مَنْسُوخٌ وَقَدْ
مَضَى، وَلَا بَأْسَ بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ»
بَابُ فَرْضِ الْهِجْرَةِ
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي
الَّذِي يُفْتَنُ عَنْ دِينِهِ قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ فَلَمْ يُهَاجِرْ حَتَّى
تُوُفِّيَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: ٩٧] الْآيَةَ.
١٧٧٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ
الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ، وَرَجُلٌ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ نَوْفَلٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ
لِيَنْهَبَ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَنَهَانِي
أَشَدَّ النَّهْيِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ
" نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ
سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَيَأْتِي السَّهْمُ يُرْمَى بِهِ
فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللهُ
تَعَالَى ذِكْرَهُ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ
ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي
الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا
فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧]. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ
١٧٧٥٠ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَاهُ حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنِ
الْحَجَّاجِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي
حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
قَالَ: «مَنْ أَقَامَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ»
١٧٧٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنْ أَبِي بَجِيلَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه،
قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ
اللهِ ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ، فَأَنْتُ أَعْلَمُ
بِالشَّرْطِ مِنِّي. قَالَ: «أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللهَ، وَتُقِيمَ
الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتُنَاصِحَ الْمُؤْمِنَ، وَتُفَارِقَ
الْمُشْرِكَ»
١٧٧٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسَ
بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الشِّخِّيرِ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ بِالْمِرْبَدِ إِذْ أَتَى عَلَيْنَا
أَعْرَابِيٌّ شَعِثُ الرَّأْسِ مَعَهُ قِطْعَةُ أَدِيمٍ أَوْ قِطْعَةُ جِرَابٍ،
فَقُلْنَا: كَأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، فَقَالَ: أَجَلْ لَا،
هَذَا كِتَابٌ كَتَبَهُ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ. فَقَالَ الْقَوْمُ: هَاتِ،
فَأَخَذْتُهُ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ ⦗٢٣⦘ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللهِ لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ، قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ: وَهُمْ حِيُّ مِنْ عُكْلٍ، إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَفَارَقْتُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَعْطَيْتُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ الْخُمُسَ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ ﷺ وَالصَّفِيَّ، وَرُبَّمَا قَالَ: وَصَفِيَّهُ، فَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللهِ وَأَمَانِ
رَسُولِهِ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي عُذْرِ
الْمُسْتَضْعَفِينَ
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا
يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ
يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٩٩]. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
يُقَالُ: عَسَى مِنَ اللهِ وَاجِبٌ
١٧٧٥٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «كُلُّ عَسَى فِي الْقُرْآنِ فَهِيَ
وَاجِبَةٌ»
١٧٧٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ
بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٩٨]،
قَالَ: «كُنْتُ وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ
١٧٧٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ،
قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، يَقُولُ: «أَنَا وَأُمِّي مِنَ
الْمُسْتَضْعَفِينَ، كَانَتْ أُمِّي مِنَ النِّسَاءِ، وَأَنَا مِنَ الْوِلْدَانِ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ
١٧٧٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه، قَالَ: «لَمَّا اجْتَمَعْنَا لِلْهِجْرَةِ اتَّعَدْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ
بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَقُلْنَا:
الْمِيعَادُ بَيْنَنَا التَّنَاضِبُ مِنْ أَضَاةِ بَنِي ⦗٢٤⦘ غِفَارٍ، فَمَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ لَمْ يَأْتِهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ، فَأَصْبَحْتُ عِنْدَهُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَحُبِسَ عَنَّا هِشَامٌ وَفُتِنَ فَافْتُتِنَ، بِالْمَدِينَةِ فَكُنَّا نَقُولُ: مَا اللهُ بِقَابِلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تَوْبَةً، قَوْمٌ عَرَفُوا اللهَ وَآمَنُوا بِهِ، وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ
لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِأَنْفُسِهِمْ،
فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِيهِمْ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ﴾ [الزمر: ٥٣]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مَثْوًى
لَلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: ٦٠]،
قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي كِتَابًا، ثُمَّ بَعَثْتُ
بِهَا إِلَى هِشَامٍ، فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ: فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَيَّ
خَرَجْتُ بِهَا إِلَى ذِي طُوًى، فَجَعَلْتُ أَصْعَدُ بِهَا وَأُصَوِّبُ
لِأَفْهَمَهَا، فَقُلْتُ: اللهُمَّ فَهِّمْنِيهَا، وَفَرَقْتُ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ
فِينَا لِمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ فِينَا، فَرَجَعْتُ
فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي فَلَحِقْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقُتِلَ هِشَامٌ شَهِيدًا
بِأَجْنَادِينَ فِي وِلَايَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه»
١٧٧٥٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،
حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ،، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ كَانَ
يُفْتَنُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِمَكَّةَ: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ
لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ
رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١١٠]
١٧٧٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَسْلَمَ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ،
وَهَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَهُوَ
أَخُوهُ لِأُمِّهِ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ أُمَّكَ
تُنَاشِدُكَ رَحِمَهَا وَحَقَّهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهَا»، فَأَقْبَلَ مَعَهُمَا
فَرَبَطَاهُ حَتَّى قَدِمَا بِهِ مَكَّةَ فَكَانَا يُعَذِّبَانِهِ
١٧٧٥٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ
نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ
بِمَكَّةَ قَدْ أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ إِلَى بَدْرٍ
لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا أَخْرَجُوهُ فَقُتِلَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ أَقَرُّوا
بِالْإِسْلَامِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا،
إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا
يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨]، حِيلَةً: نُهُوضًا إِلَيْهَا، وَسَبِيلًا:
طَرِيقًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَتَبَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ كَانُوا
بِالْمَدِينَةِ إِلَى مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا كُتِبَ إِلَيْهِمْ خَرَجَ
نَاسٌ مِمَّنْ أَقَرُّوا ⦗٢٥⦘ بِالْإِسْلَامِ، فَاتَّبَعَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَكْرَهُوهُمْ حَتَّى أَعْطَوْهُمُ الْفِتْنَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِيهِمْ: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦]
١٧٧٦٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي قَالَا: أنبأ
أَبُو بَكْرٍ سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قَبْلَ أَنْ
يَسْجُدَ، قَالَ: «اللهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللهُمَّ
أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ،
اللهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اشْدُدْ
وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللهُمَّ اجْعَلْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحُ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ شَيْبَانَ
بَابُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ
مُهَاجِرًا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فِي طَرِيقِهِ
١٧٧٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا هُشَيْمٌ،، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ كَانَ بِمَكَّةَ فَمَرِضَ،
وَهُوَ ضَمْرَةُ بْنُ الْعِيصِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ زِنْبَاعٍ، فَأَمَرَ أَهْلَهُ،
فَفَرَشُوا لَهُ عَلَى سَرِيرٍ فَحَمَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى
الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِالتَّنْعِيمِ مَاتَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ
مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ
فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾ [النساء: ١٠٠]،
وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْإِقَامَةِ
بِدَارِ الشِّرْكِ لِمَنْ لَا يَخَافُ الْفِتْنَةَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَذِنَ
لِقَوْمٍ بِمَكَّةَ أَنْ يُقِيمُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ مِنْهُمُ الْعَبَّاسُ
بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَغَيْرُهُ إِذْ لَمْ يَخَافُوا الْفِتْنَةَ.
١٧٧٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عِلَاقَةَ،
حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ
بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: «كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله
عنه قَدْ أَسْلَمَ وَأَقَامَ عَلَى سِقَايَتِهِ وَلَمْ يُهَاجِرْ»
١٧٧٦٣ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْعَاصِ ⦗٢٦⦘ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مَشْهَدًا، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَأَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ
الْعَوَّامِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وكَانَ يَأْمُرُ جُيُوشَهُ أَنْ
يَقُولُوا لِمَنْ أَسْلَمَ: إِنْ هَاجَرْتُمْ فَلَكُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ،
وَإِنْ أَقَمْتُمْ فَأَنْتُمْ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ يُخَيِّرُهُمْ
إِلَّا فِيمَا يَحِلُّ لَهُمْ
١٧٧٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ
أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَقَالَ: «إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ
أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ادْعُهُمْ إِلَى
الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ
ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ،
وَاعْلَمُوا أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ،
وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا
دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ مِثْلَ أَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ
يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي كَانَ يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ،
وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ
يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ». . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ الشَّيْخُ:
وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى
١٧٧٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
السُّوسِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، أنبأ أَبِي، أَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ،
ثنا الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنِي
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ
فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ،
فَهَلْ لَكَ إِبِلٌ؟». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا؟». قَالَ:
نَعَمْ. قَالَ: «فَهَلْ تَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا؟». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
«فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ
شَيْئًا». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
الْأَوْزَاعِيِّ
١٧٧٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، أنبأ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ، أنبأ سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ أَبُو الْحُسَيْنِ، ثنا فُلَيْحٌ
يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ
عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ حُبِسَ
فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا
تُنْبِئُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ
أَعَدَّهَا لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا
بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَاسْأَلُوهُ
الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ
عَرْشُ اللهِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ، عَنْ وَلَدِهِ فُلَيْحٍ
١٧٧٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا جَرِيرٌ، ح وَأنبأ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَاءُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، بِهَا أنبأ أَبُو سَهْلٍ
بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، ثنا يَحْيَى
بْنُ يَحْيَى، أنبأ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ الْفَتْحِ
فَتْحِ مَكَّةَ: «لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا
اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ
بْنِ الْمَدِينِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى. وَقَوْلُهُ ﷺ: «لَا هِجْرَةَ» يَعْنِي
وَاللهُ أَعْلَمَ: لَا هِجْرَةَ وُجُوبًا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ
بَعْدَ فَتْحِهَا، فَإِنَّهَا قَدْ صَارَتْ دَارَ إِسْلَامٍ وَأَمْنٍ، فَلَا يَخَافُ
أَحَدٌ فِيهَا أَنْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ مَكَّةَ إِذَا صَارَ
فِي مَعْنَاهَا بَعْدَ الْفَتْحِ فِي الْأَمْنِ
١٧٧٦٨ - وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ وَرَدَ مَا
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ،
ثنا الْأَسْفَاطِيُّ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا سُوَيْدٌ، ح وَأنبأ أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ، أنبأ بِشْرُ بْنُ آدَمَ، وَسُوَيْدُ
بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمٍ،، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ،
قَالَ: أَخْبَرَنِي مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: جِئْتُ بِأَخِي
أَبِي مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ بَايِعْهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ: «قَدْ مَضَتِ الْهِجْرَةُ
لِأَهْلِهَا». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَلَى أِيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟
قَالَ: «عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ»، فَبَايَعَهُ. قَالَ أَبُو
عُثْمَانَ: فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ مُجَاشِعٍ، فَقَالَ:
صَدَقَ. ⦗٢٨⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ
١٧٧٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا
فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ
مُنْيَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ثَانِيَ يَوْمِ الْفَتْحِ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ: «بَلْ
أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ، وَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ يَوْمَ الْفَتْحِ».
كَذَا وَجَدْتُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
١٧٧٧٠ - أَخْبَرَنَاه أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنبأ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ،
حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى، أَنَّ أَبَاهُ،
أَخْبَرَهُ، أَنَّ يَعْلَى قَالَ: كَلَّمْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَأَبِي أُمَيَّةُ
يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ؛ فَقَدِ انْقَطَعَتِ
الْهِجْرَةُ». وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَقَالَ
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ: ابْنُ أَخِي يَعْلَى
١٧٧٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُسْرَوْجِرْدِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ،
حَدَّثَنِي ابْنُ كَاسِبٍ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ،
وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما، قَالَ: قِيلَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ:
إِنَّهُ لَا دِينَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، فَقَالَ: لَا أَصِلُ إِلَى بَيْتِي
حَتَّى أَقْدُمَ الْمَدِينَةَ. فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ
بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: «مَا جَاءَ بِكَ
يَا أَبَا وَهْبٍ؟». قَالَ: قِيلَ إِنَّهُ لَا دِينَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ارْجِعْ أَبَا وَهْبٍ إِلَى أَبَاطِحِ مَكَّةَ فَقَرُّوا
عَلَى مِلَّتِكُمْ، فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ
وَإِنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»
١٧٧٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى الْآدَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٢٩⦘ مَاهَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، سَمِعَ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ،
إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: لَيْسَ لَنَا أُجُورٌ بِمَكَّةَ. قَالَ:
«لَيَأْتِيَنَّكُمْ أُجُورُكُمْ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي جُحْرِ ثَعْلَبٍ»
١٧٧٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو
الْأَزْهَرِ، ثنا فُدَيْكُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ، قَالَ: جَاءَ فُدَيْكٌ إِلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ
لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا فُدَيْكُ أَقِمِ
الصَّلَاةَ، وَآتِ الزَّكَاةَ، وَاهْجُرِ السُّوءَ، وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ
قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ». قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ: «تَكُنْ مُهَاجِرًا».
١٧٧٧٤
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، أنبأ
أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثنا
يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
نَحْوَهُ، لَيْسَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْدِيِّ: «تَكُنْ مُهَاجِرًا»
١٧٧٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ، ثنا الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أُنَاسٌ مِنْ
أَهْلِ الْبَدْوِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَامَ عَلَيْنَا أُنَاسٌ مِنْ
قَرَابَاتِنَا، فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ عَمَلٌ دُونَ الْهِجْرَةِ
وَالْجِهَادِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «حَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَأَحْسِنُوا
عِبَادَةَ اللهِ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ»
١٧٧٧٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا
رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ جَاءَ عَائِشَةَ أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَتْ
مُجَاوِرَةً، قَالَ: فَقَالَ عُبَيْدٌ: أَيْ هَنْتَاهُ أَسْأَلُكِ عَنِ
الْهِجْرَةِ، قَالَتْ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، إِنَّمَا كَانَتِ
الْهِجْرَةُ قَبْلَ الْفَتْحِ حَيْثُ يُهَاجِرُ الرَّجُلُ بِدِينِهِ إِلَى النَّبِيِّ
ﷺ، فَأَمَّا حِينَ كَانَ الْفَتْحُ حَيْثُ شَاءَ الرَّجُلُ عَبَدَ اللهَ لَا
يُمْنَعُ
١٧٧٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ،
ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أنبأ أَبُو إِسْحَاقَ،
عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَعَ
عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْهِجْرَةِ، قَالَتْ: لَا هِجْرَةَ
الْيَوْمَ إِنَّمَا كَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَكَانَ
الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّونَ بِدِينِهِمْ ⦗٣٠⦘ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ أَنْ يُفْتَنُوا فَقَدْ أَفْشَى اللهُ الْإِسْلَامَ، فَحَيْثُ مَا شَاءَ رَجُلٌ عَبَدَ رَبَّهُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَعْنَى هَذَا، وَكُلُّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى انْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ وُجُوبًا عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ
وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ بَعْدَ مَا صَارَتْ دَارَ أَمْنٍ وَإِسْلَامٍ،
فَأَمَّا دَارُ حَرْبٍ أَسْلَمَ فِيهَا مَنْ يَخَافُ الْفِتْنَةَ عَلَى دِينِهِ
وَلَهُ مَا يُبَلِّغُهُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ
١٧٧٧٨ - وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا
أَبُو دَاوُدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أنبأ عِيسَى، عَنْ
حَرِيزٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: «لَا
تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ
التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»
١٧٧٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا
الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَاضِي دِمَشْقَ، عَنْ عَطَاءٍ
الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ
مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي
أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا قَالُوا: احْفَظْ لَنَا رِكَابَنَا
حَتَّى نَقْضِيَ حَاجَتَنَا ثُمَّ تَدْخُلَ. وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقَضَى
لَهُمْ حَاجَتَهُمْ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ادْخُلْ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ، قَالَ: «حَاجَتُكَ؟». قَالَ: حَاجَتِي أَنْ تُخْبِرَنِي أَنْقَطَعَتِ
الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: «حَاجَتُكَ مِنْ خَيْرِ حَوَائِجِهِمْ، لَا تَنْقَطِعُ
الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ»
بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَمُوتَ
بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا
١٧٧٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
دُحَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، ثنا ابْنُ أَبِي غَرَزَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ
هُوَ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:
جَاءَنِي النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ
الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟
قَالَ: «لَا». قُلْتُ: فَالشَّطْرِ؟. قَالَ: «لَا». قُلْتُ فَالثُّلُثِ؟. قَالَ:
«الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ
خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ ⦗٣١⦘ النَّاسَ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يَرْفَعَكَ
فَيَنْتَفِعَ بِكَ أُنَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ».
١٧٧٨١
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ، ثنا
حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ
سَعِيدٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:
«يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ
الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللهُ ابْنَ عَفْرَاءَ» ثُمَّ
ذَكَرَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ سُفْيَانَ
١٧٧٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى
بْنِ أَسَدٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ
بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ مَرِضَ عَامَ
الْفَتْحِ مَرَضًا أَشْفَى مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ
يَعُودُهُ وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ أُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي. قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي
فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً
وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ
وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا
تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ».
يَرْثِي لَهُ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ".
١٧٧٨٣
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، ثنا بِشْرُ
بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، فَذَكَرَهُ
بِإِسْنَادِهِ، وَمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي
عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ،
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ
١٧٧٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا
ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ
السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ يَعُودُهُ بِمَكَّةَ فَبَكَى،
فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ؟». قَالَ: قَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي
هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا» ثَلَاثَ مِرَارٍ. وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ
١٧٧٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا عَفَّانُ، ثنا وُهَيْبٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ عَمْرٍو الْقَارِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدِمَ فَخَلَّفَ سَعْدًا
مَرِيضًا حَيْثُ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ
مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ مَغْلُوبٌ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ:
إِنَّ لِي مَالًا وَإِنِّي أُورَثُ كَلَالَةً فَأُوصِي بِمَالِي أَوْ أَتَصَدَّقُ
بِهِ؟ قَالَ: «لَا». قَالَ: فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ؟ قَالَ: «لَا». قَالَ:
فَأُوصِي بِشَطْرِهِ؟. قَالَ: «لَا». قَالَ: فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ؟ قَالَ:
«نَعَمْ، وَذَاكَ كَثِيرٌ». قَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، أُصِيبُ بِالدَّارِ
الَّتِي خَرَجْتُ مِنْهَا مُهَاجِرًا؟ قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَكَ
اللهُ عز وجل وَأَنْ يُكَادَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيَنْتَفِعَ بِكَ آخَرُونَ، يَا
عَمْرُو بْنَ الْقَارِي إِنْ مَاتَ سَعْدٌ بَعْدِي فَهَهُنَا ادْفِنْهُ نَحْوَ
طَرِيقِ الْمَدِينَةِ». وَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا. هَذِهِ الرِّوَايَةُ
تُوَافِقُ رِوَايَةَ سُفْيَانَ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَامَ الْفَتْحِ، وَسَائِرُ
الرُّوَاةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالُوا فِيهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ،
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى ابْنِ خُثَيْمٍ فِي اسْمِ حَفَدَةِ
عَمْرِو بْنِ الْقَارِي
١٧٧٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثنا
سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ،
قَالَ: خَلَّفَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى سَعْدٍ رَجُلًا، فَقَالَ: «إِنْ مَاتَ فَلَا
تَدْفِنُوهُ بِهَا»
١٧٧٨٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
وَأَبُو بَكْرٍ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو يَحْيَى، ثنا
سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قِالَ
ِرَسُولِ اللهِ ﷺ: أَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ
مِنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». هَذَا مُرْسَلٌ، فَكَذَلِكَ مَا قَبْلَهُ
١٧٧٨٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا
الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ، بِنَيْسَابُورَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
خَشْرَمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه،
قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ
الَّتِي يُهَاجِرُ مِنْهَا»
١٧٧٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْبَيْسَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ، قَالَ: «اللهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنَايَانَا فِيهَا حَتَّى
تُخْرِجَنَا مِنْهَا». تَابَعَهُ وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ
١٧٧٩٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ
الْهَمَذَانِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله
عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَإِبِلٍ
مِائَةٍ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: "يَا مَعْشَرَ
الْمُهَاجِرِينَ لَا تَتَّخِذُوا الْأَمْوَالَ بِمَكَّةَ وَأَعِدُّوهَا بِدَارِا
هِجْرَتِكُمْ، فَإِنَّ قَلْبَ الرَّجُلِ عِنْدَ مَالِهِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّعَرُّبِ
بَعْدَ الْهِجْرَةِ
١٧٧٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، ثنا
يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه:
«آكِلُ الرِّبَا وَمُؤَكِّلُهُ
وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلِمَاهُ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ، وَلَاوِي
الصَّدَقَةِ، وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَلْعُونُونَ عَلَى
لِسَانِ مُحَمَّدٍ ﷺ». تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ عِيسَى هَكَذَا، وَرَوَاهُ
الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ
الْحَارِثِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ
فِيهِ فِي الْفِتْنَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا
١٧٧٩٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ مِخْرَاقٍ
الْفَارَيَابِيُّ، قَالَا: ثنا إِسْمَاعِيلُ،، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ،
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: يَا
ابْنَ الْأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ، قَالَ: أَحَدُهُمَا
بَعْدَ الْهِجْرَةِ. قَالَ: لَا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَذِنَ لِي فِي
الْبَدْوِ. ⦗٣٤⦘ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
١٧٧٩٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَاتِمٌ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي
الله عنه خَرَجَ سَلَمَةُ إِلَى الرَّبَذَةِ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً،
وَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ
فَنَزَلَ يَعْنِي الْمَدِينَةَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ
بَابُ أَصْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا
شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ
لَكُمْ﴾ [البقرة:
٢١٦]،
مَعَ مَا ذُكِرَ فِيهِ فَرْضُ الْجِهَادِ مِنْ سَائِرِ الْآيَاتِ فِي الْقُرْآنِ
١٧٧٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ
الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ،
ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ،
عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَالَ ذَاتَ
يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: «أَلَا إِنَّ رَبِّي أَوْ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ
أَعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا». فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ. قَالَ: فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ
وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ
تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ
قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: «رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً»،
فَقَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا أَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ
فَنُنْفِقَ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ، وَقَاتِلْ
بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ،
مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ قَتَادَةَ
١٧٧٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا
صَفْوَانُ، ثنا أَبُو زِيَادٍ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ يَزِيدَ
بْنِ قُطَيْبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: «لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ
بِقَبْرِي وَمَسْجِدِي قَدْ بَعَثْتُكَ إِلَى قَوْمٍ رَقِيقَةٍ قُلُوبُهُمْ
يُقَاتِلُونَكَ عَلَى الْحَقِّ مَرَّتَيْنِ فَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مِنْهُمْ
مَنْ عَصَاكَ، ثُمَّ يَغْدُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تُبَادِرَ الْمَرْأَةُ
زَوْجَهَا وَالْوَلَدُ وَالِدَهُ وَالْأَخُ أَخَاهُ، فَانْزِلْ بَيْنَ
الْحَيَّيْنِ السَّكُونِ وَالسَّكَاسِكِ»
١٧٧٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو
الْأَزْهَرِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ إِمْلَاءً بِبَغْدَادَ، ثنا
هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، ثنا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ جَبَلَةَ
بْنِ سُحَيْمٍ، ثنا أَبُو الْمُثَنَّى الْعَبْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ
الْخَصَاصِيَةِ رضي الله عنه يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِأُبَايِعَهُ
عَلَى الْإِسْلَامِ فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُصَلِّيَ الْخَمْسَ، وَتَصُومَ
رَمَضَانَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، وَتُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ
اللهِ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَّا اثْنَتَانِ فَلَا أُطِيقُهُمَا،
أَمَّا الزَّكَاةُ فَمَا لِي إِلَّا عَشْرُ ذَوْدٍ هُنَّ رَسَلُ أَهْلِي
وَحَمُولَتُهُمْ، وَأَمَّا الْجِهَادُ فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ وَلَّى فَقَدْ بَاءَ
بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ فَأَخَافُ إِذَا حَضَرَنِي قِتَالٌ كَرِهْتُ الْمَوْتَ
وَخَشَعَتْ نَفْسِي. قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ ثُمَّ حَرَّكَهَا،
ثُمَّ قَالَ: «لَا صَدَقَةَ وَلَا جِهَادَ فَبِمَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟». قَالَ:
ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أُبَايِعُكَ، فَبَايَعَنِي عَلَيْهِنَّ
كُلِّهِنَّ. لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللهِ
١٧٧٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَاقُ بِبَغْدَادَ، أنبأ
أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، ثنا
آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا شَيْبَانُ، ثنا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ
عُتَيْبَةَ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي
الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي بِعَمَلٍ أَدْخُلُ
بِهِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ
وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ، أَمَّا رَأْسُ الْأَمْرِ فَالْإِسْلَامُ، مَنْ
أَسْلَمَ سَلِمَ، وَأَمَّا عَمُودُهُ فَالصَّلَاةُ، وَأَمَّا ذِرْوَةُ سَنَامِهِ
فَالْجِهَادُ». وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
١٧٧٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا
يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو
الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ
حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: «جَاهِدُوا -
يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ - بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ»
١٧٧٩٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّغَانِيُّ، أنبأ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَحْكُولٍ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنَّهُ بَابٌ
مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يُذْهِبُ اللهُ بِهِ الْغَمَّ وَالْهَمَّ». ⦗٣٦⦘ وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ قَالَ: «وَجَاهِدُوا فِي اللهِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ، وَأَقِيمُوا حُدُودَ اللهِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَلَا يَأْخُذْكُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ». قَالَ الشَّيْخُ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه
١٧٨٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، أنبأ أَبُو
الْمُوَجِّهِ، أنبأ عَبْدَانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو،
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه بِدِمَشْقَ وَهُوَ
عَلَى تَابُوتٍ مَا بِهِ عَنْهُ فَضْلٌ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوْ قَعَدْتَ
الْعَامَ عَنِ الْغَزْوِ. قَالَ: أَتَتْ عَلَيْنَا الْبَحُوثُ، يَعْنِي سُورَةَ
التَّوْبَةِ، قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: ﴿انْفِرُوا
خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]،
فَلَا أَجِدُنِي إِلَّا خَفِيفًا
١٧٨٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا عَفَّانُ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا
عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رضي
الله عنه قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]، قَالَ: أَرَى رَبَّنَا يَسْتَنْفِرُنَا
شُيُوخًا وَشَبَابًا جَهِّزُونِي، أَيْ بَنِيَّ جَهِّزُونِي. فَقَالَ بَنُوهُ:
قَدْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَنَحْنُ
نَغْزُو. فَقَالَ: جَهِّزُونِي. فَرَكِبَ الْبَحْرَ، فَمَاتَ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ
جَزِيرَةً إِلَّا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَقُبِرَ بِهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ
بَابُ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ
الْجِهَادُ
١٧٨٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أنبأ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ
ﷺ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: «جِهَادُكُنَّ أَوْ حَسْبُكُنَّ الْحَجُّ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ
١٧٨٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ
بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ النَّجَّارُ الْمُقْرِئُ
بِالْكُوفَةِ، قَالَا: أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ
الشَّيْبَانِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا قَبِيصَةُ،
عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ
طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، ⦗٣٧⦘ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: «حَسْبُكُنَّ الْحَجُّ أَوْ جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ».
١٧٨٠٤
- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ
أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ النَّجَّارِ الْمُقْرِئُ،
قَالَا: أنبأ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا
قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها بِنَحْوِ هَذَا. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قَبِيصَةَ، بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا
١٧٨٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي
مَحْمُودٌ الْوَاسِطِيُّ لَفْظَهُ، وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَا: ثنا
وَهْبٌ، أنبأ خَالِدٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ
طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ؛ أَفَلَا نُجَاهِدُ
مَعَكَ؟ قَالَ: «لَا وَلَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». وَكَانَتْ
عَائِشَةُ خَالَتَهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
١٧٨٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبأ قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللهِ أَيَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو فَنُسْتَشْهَدَ، وَإِنَّمَا لَنَا
نِصْفُ الْمِيرَاثِ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ
اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [سورة: النساء، آية رقم: ٣٢]
١٧٨٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرَيْشٍ، أنا
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا
أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
«عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ
عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي». قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ،
فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدُّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَكَتَبَ إِلَى
عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَا
كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَالِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
١٧٨٠٨ - أخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أنبأ شُعْبَةُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ⦗٣٨⦘ الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «عُرِضْتُ يَوْمَ
الْخَنْدَقِ أَنَا وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، أَنَا وَهُوَ
ابْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَقَبِلَنَا»
١٧٨٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ
الْأَعْيَنُ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيُّ، ثنا
عَمِّي عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي زَيْدُ بْنُ
جَارِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اسْتَصْغَرَ نَاسًا يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ
زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ يَعْنِي نَفْسَهُ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ
بْنُ أَرْقَمَ، وَسَعْدٌ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ،
وَذَكَرَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهم، كَذَا فِي كِتَابِي عُثْمَانُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَرَأَيْتُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ
١٧٨١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، أنبأ
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْهَرَوِيُّ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيُّ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَتْ بِي
أُمِّي فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَهَا النَّاسُ، فَقَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ
إِلَّا بِرَجُلٍ يَكْفُلُ لِي هَذَا الْيَتِيمَ، فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْرِضُ غِلْمَانَ الْأَنْصَارِ فِي كُلِّ
عَامٍ فَيُلْحِقُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ. قَالَ: وَعُرِضْتُ عَامًا فَأَلْحَقَ
غُلَامًا وَرَدَّنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ أَلْحَقْتَهُ
وَرَدَدْتَنِي، وَلَوْ صَارَعْتُهُ لَصَرَعْتُهُ، قَالَ: «فَصَارِعْهُ»،
فَصَارَعْتُهُ فَصَرَعْتُهُ؛ فَأَلْحَقَنِي "
١٧٨١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ حَاتِمٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ
إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خِلَالٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله
عنه: إِنَّ
نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُكَاتِبُ الْحَرُورِيَّةَ وَلَوْلَا
أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْهِ. فَكَتَبَ نَجْدَةُ
إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَغْزُو
بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ وَهَلْ
كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ وَعَنِ
الْخُمُسِ لِمَنْ هُوَ؟. فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ كَتَبْتَ
تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ كَانَ
يَغْزُو ⦗٣٩⦘ بِهِنَّ يُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا السَّهْمُ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمْ يَقْتُلِ الْوِلْدَانَ فَلَا تَقْتُلْهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ الْخِضْرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ، فَتُمَيِّزَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ وَتَدَعَ الْمُؤْمِنَ، وَكَتَبْتَ مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ، وَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ ضَعِيفُ الْإِعْطَاءِ، فَإِذَا
أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ
الْيُتْمُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْخُمُسِ وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ: هُوَ
لَنَا فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَصَبَرْنَا عَلَيْهِ». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ قَيْسِ
بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي
هَذَا الْحَدِيثِ: «وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ
مَعْلُومٌ إِذَا حَضَرُوا الْبَأْسَ، وَلَكِنْ يُحْذَوْنَ مِنْ غَنَائِمِ
الْقَوْمِ»
١٧٨١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ، أنبأ
أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ
بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَمَرَّ بِأُنَاسٍ مِنْ
مُزَيْنَةَ، فَاتَّبَعَهُ عَبْدٌ لِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ
الطَّرِيقِ سَلَّمَ عَلَيْهِ، قَالَ: «فُلَانٌ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا
شَأْنُكَ؟» قَالَ: أُجَاهِدُ مَعَكَ. قَالَ: «أَذِنَتْ لَكَ سَيِّدَتُكَ؟» قَالَ:
لَا. قَالَ: «ارْجِعْ إِلَيْهَا فَإِنَّ مَثَلَكَ مَثَلُ عَبْدٍ لَا يُصَلِّي،
إِنْ مُتُّ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهَا، فَاقْرَأْ عليها السلام».
فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا
الْخَبَرَ، فَقَالَتْ: آللَّهِ هُوَ أَمَرَ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيَّ السَّلَامَ؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: ارْجِعْ فَجَاهِدْ مَعَهُ "
بَابُ مَنِ اعْتَذَرَ بِالضَّعْفِ
وَالْمَرَضِ وَالزَّمَانَةِ وَالْعُذْرِ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ
قَالَ اللهُ تبارك وتعالى فِي
الْجِهَادِ: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى
الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ٩١]، إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ.
١٧٨١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ⦗٤٠⦘ ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ حَمَّادٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ،
قَالَ: «جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ»
١٧٨١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ
الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ
الضَّرِيرُ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه،
قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ:»لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ «، الْآيَةَ، أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَيْدًا
فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿غَيْرُ
أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ
١٧٨١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ
بْنُ يُوسُفَ الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ
أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي
الله عنه، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ:»لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ «، الْآيَةَ، أَمَرَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ زَيْدًا فَكَتَبَهَا فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ
إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
عَنْ شُعْبَةَ
١٧٨١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ
الْقَنْطَرِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ،
عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا مَرْوَانُ بْنُ
الْحَكَمِ جَالِسٌ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي
الله عنه، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَنَزَلَتْ: «لَا ⦗٤١⦘ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ». قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَنَا أَكْتُبُهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ تَرَى مَا بِعَيْنِيَّ مِنَ الضَّرَرِ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فَثَقُلَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى فَخِذِي حَتَّى هَمَّتْ أَنْ تَرُضَّهَا، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: "اكْتُبْ: ﴿لَا يَسْتَوِي
الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ﴾ [النساء: ٩٥]. لَفْظُ حَدِيثِ الْقَنْطَرِيِّ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ
وَغَيْرِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
١٧٨١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ،
ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ،
أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ
السَّكِينَةَ غَشِيَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ زَيْدٌ: وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ
فَوَقَعَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى فَخِذِي فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَثْقَلَ
مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: «اكْتُبْ: ﴿لَا
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٥]، الْآيَةَ كُلَّهَا. قَالَ زَيْدٌ:
فَكَتَبْتُ ذَلِكَ فِي كَتِفٍ، فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ رَجُلًا
أَعْمَى حِينَ سَمِعَ فَضِيلَةَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ، فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ: فَمَا قَضَى ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ كَلَامَهُ أَوْ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ
قَضَى كَلَامَهُ، فَغَشِيَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ السَّكِينَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ
عَلَى فَخِذِي فَوَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا الْمَرَّةَ مِثْلَمَا وَجَدْتُ مِنْ
ثِقَلِهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَقَالَ:»اقْرَأْ "، فَقَرَأْتُ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء:
٩٥]،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]. قَالَ زَيْدٌ: فَأَلْحَقْتُهَا
وَكَانَ مَلْحَقُهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي الْكَتِفِ
١٧٨١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ
إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ قَوْلِ اللهِ عز وجل:
﴿لَا
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]، قَالَ: «هُمْ أُولُو الضَّرَرِ قَوْمٌ
كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَا يَغْزُونَ مَعَهُ، كَانَتْ تَحْبِسُهُمْ
أَوْجَاعٌ وَأَمْرَاضٌ وَآخَرُونَ أَصِحَّاءُ، فَكَانَ الْمَرْضَى أَعْذَرَ مِنَ
الْأَصِحَّاءِ»
١٧٨١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ
بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ⦗٤٢⦘ أنبأ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي
بَعْضِ أَسْفَارِهِ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْنَا مَسِيرًا،
وَلَا قَطَعْنَا وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَنَا فِيهِ؛ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ».
لَفْظُ حَدِيثِ أَحْمَدَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ
يَحْيَى
١٧٨٢٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُوسَى
بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَقَدْ تَرَكْتُمْ
بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ
نَفَقَةٍ، إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ
يَكُونُونَ مَعَنَا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ».
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرٍ، وَحَمَّادِ بْنِ
زَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مُوسَى، عَنْ حَمَّادٍ
يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، نَحْوَهُ
١٧٨٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ،
قَالُوا كَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ أَعْرَجَ شَدِيدَ الْعَرَجِ، وَكَانَ لَهُ
أَرْبَعَةُ بَنِينَ شَبَابٌ يَغْزُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذَا غَزَا، فَلَمَّا
أَرَادَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَتَوَجَّهُ إِلَى أُحُدٍ، قَالَ لَهُ بَنُوهُ: إِنَّ
اللهَ عز وجل قَدْ جَعَلَ لَكَ رُخْصَةً فَلَوْ قَعَدْتَ فَنَحْنُ نَكْفِيكَ
فَقَدْ وَضَعَ اللهُ عَنْكَ الْجِهَادَ. فَأَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَسُولَ
اللهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَنِيَّ هَؤُلَاءِ يَمْنَعُونَ أَنْ
أَخْرُجَ مَعَكَ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُسْتَشْهَدَ فَأَطَأَ
بِعَرْجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَّا أَنْتَ
فَقَدْ وَضَعَ اللهُ عَنْكَ الْجِهَادَ». وَقَالَ لِبَنِيهِ: «وَمَا عَلَيْكُمْ
أَنْ تَدَعُوهُ لَعَلَّ اللهَ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ». فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا
بَابُ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا
يُنْفِقُ
قَالَ اللهُ عز وجل:
﴿وَلَا
عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ﴾ [التوبة: ٩١].
١٧٨٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا ⦗٤٣⦘ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ،
وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً
فَيَتَّبِعُونِي، وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٧٨٢٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، ثنا
سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا
أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ»
١٧٨٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا رِيَاحُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ
مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا
رَأَيْنَاهُ بِأَبْصَارِنَا قُلْنَا: لَوْ أَنَّ هَذَا الشَّابَّ جَعَلَ شَبَابَهُ
وَنَشَاطَهُ وَقُوَّتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ. قَالَ: فَسَمِعَ مَقَالَتَنَا رَسُولُ
اللهِ ﷺ، قَالَ: «وَمَا سَبِيلُ اللهِ إِلَّا مَنْ قَتَلَ؟ مَنْ سَعَى عَلَى
وَالِدَيْهِ فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ سَعَى عَلَى عِيَالِهِ فَفِي سَبِيلِ
اللهِ، وَمَنْ سَعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُعِفَّهَا فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ سَعَى
عَلَى التَّكَاثُرِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ»
بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ
دَيْنٌ فَلَا يَغْزُو إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الدَّيْنِ
١٧٨٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ،
بِبَغْدَادَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ
كَفَّرَ اللهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ قُتِلْتَ فِي
سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللهُ
عَنْكَ خَطَايَاكَ». فَلَمَّا جَلَسَ دَعَاهُ، فَقَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ؟».
فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «إِلَّا الدَّيْنَ، كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عليه
السلام». ⦗٤٤⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ
١٧٨٢٦ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً، أنبأ بِشْرُ بْنُ
مُوسَى، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي
أَيُّوبَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ
اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الْمُقْرِئِ، وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ
بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ»
بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ
أَبَوَانِ مُسْلِمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا يَغْزُو إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ
١٧٨٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ بِالْبَصْرَةِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا حَبِيبُ
بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ، وَكَانَ لَا
يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ رضي الله عنهما، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَحَيٌّ
وَالِدَاكَ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ
١٧٨٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثنا
بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ
الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ. قَالَ: «أَحَيٌّ
أَبَوَاكَ؟». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَإِنَّ فِيهِمَا
الْمُجَاهِدَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ،
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو
١٧٨٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا
أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ ⦗٤٥⦘ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ نَاعِمًا مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَه، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى
نَبِيِّ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ أَوِ الْجِهَادِ
أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ. قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟».
قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا. قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟».
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
١٧٨٣٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ التَّمَّارُ،
قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ
وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ. فَقَالَ: «ارْجِعْ فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا
أَبْكَيْتَهُمَا»
١٧٨٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ
دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ
الْيَمَنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي هَاجَرْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «قَدْ هَجَرْتَ الشِّرْكَ وَلَكِنَّهُ الْجِهَادُ، هَلْ لَكَ أَحَدٌ
بِالْيَمَنِ؟». قَالَ: أَبَوَايَ. قَالَ: «أَذِنَا لَكَ؟». قَالَ: لَا. قَالَ:
«فَارْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإِلَّا
فَبِرَّهُمَا»
١٧٨٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ،
ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، ثنا حَجَّاجٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو،
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ، أَنَّ جَاهِمَةَ رضي الله عنه جَاءَ
النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ
جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ. فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
«فَالزَمْهَا؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا». ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ
الثَّالِثَةَ فِي مَقَاعِدَ شَتَّى فَكَمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ. لَفْظُ حَدِيثِ
الصَّغَانِيِّ
١٧٨٣٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ. بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْمُنَادِي، ثنا
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ،
عَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَرْبَعِ آيَاتٍ، فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ اللهُ
بِبِرِّ الْوَالِدَةِ؟ فَوَاللهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا
حَتَّى تَكْفُرَ أَوْ أَمُوتَ. فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا أَوْ
يَسْقُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا، ثُمَّ أَوْجَرُوهَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ،
فَنَزَلَتْ: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ
لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ [العنكبوت: ٨]. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
بَابُ الْمُسْلِمِ يَتَوَقَّى فِي
الْحَرْبِ قَتْلَ أَبِيهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ
١٧٨٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
حُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ، أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ رضي الله عنه لَمَّا
لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ وَلَا
أَعْصِي لَكَ أَمْرًا. قَالَ: فَعَجِبَ لِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ غُلَامٌ،
فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: «فَاقْتُلْ أَبَاكَ». قَالَ: فَخَرَجَ مُوَلِّيًا
لِيَفْعَلَ، فَدَعَاهُ، قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لِقَطِيعَةِ رَحِمٍ»
١٧٨٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: "جَعَلَ أَبُو أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ
الْجَرَّاحِ يَنْصِبُ الْآلِهَةَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ يَحِيدُ عَنْهُ، فَلَمَّا
أَكْثَرَ الْجَرَّاحُ قَصَدَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَتَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز
وجل فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ حِينَ قَتَلَ أَبَاهُ: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ
بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ
كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [المجادلة: ٢٢] إِلَى آخِرِهَا. هَذَا مُنْقَطِعٌ
١٧٨٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَ
قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ:
إِنِّي لَقِيتُ الْعَدُوَّ وَلَقِيتُ أَبِي فِيهِمْ فَسَمِعْتُ لَكَ مِنْهُ
مَقَالَةً قَبِيحَةً، فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى ⦗٤٧⦘ طَعَنْتُهُ بِالرُّمْحِ أَوْ حَتَّى قَتَلْتُهُ. فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ،
فَقَالَ: «إِنِّي لَقِيتُ أَبِي فَتَرَكْتُهُ وَأَحْبَبْتُ أَنْ يَلِيَهُ غَيْرِي،
فَسَكَتَ عَنْهُ». وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ
بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ
أَخْذِ الْجَعَائِلِ، وَمَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِيهِ مِنَ السُّلْطَانِ
١٧٨٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ أَبُو
دَاوُدَ: وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى،
وَأَنَا لِحَدِيثِهِ أَتْقَنُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ أَخِي أَبِي أَيُّوبَ
الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ
ﷺ يَقُولُ: «سَيُفْتَحُ عَلَيْكُمُ الْأَمْصَارُ، وَسَتَكُونُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ
يُقْطَعُ عَلَيْكُمْ فِيهَا بُعُوثٌ، يَتَكَرَّهُ الرَّجُلُ مِنْكُمُ الْبَعْثَ
فِيهَا، فَيَتَخَلَّصُ مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ يَتَصَفَّحُ الْقَبَائِلَ يَعْرِضُ
نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ: مَنْ أَكْفِيهِ بَعَثَ كَذَا؟ مَنْ أَكْفِيهِ
بَعَثَ كَذَا؟ أَلَا وَذَلِكَ الْأَجِيرُ إِلَى آخِرِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ»
١٧٨٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الْأَرْدَسْتَانِيُّ، أنبأ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْعِرَاقِيُّ، ثنا
سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ
شَقِيقِ بْنِ الْعَيْزَارِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: «سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ
الْجَعَائِلِ، فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأَرْتَشِيَ إِلَّا مَا رَشَانِي اللهُ.
وَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: تَرْكُهَا أَفْضَلُ، فَإِنْ
أَخَذْتَهَا فَأَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ»
١٧٨٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ
بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ
الْأَعْجَمِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ الْجُعَلِ،
قَالَ: «إِذَا جَعَلْتَهُ فِي سِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِذَا
جَعَلْتَهُ فِي الرَّقِيقِ فَلَا». وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
أَنَّهُ قَالَ: "كَانُوا أَنْ يُعْطُوا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْ
يَأْخُذُوا. يَعْنِي فِي الْجَعَائِلِ
١٧٨٤٠ - وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
الْمَرَاسِيلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ⦗٤٨⦘ عَيَّاشٍ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ حُدَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَثَلُ الَّذِينَ يَغْزُونَ مِنْ أُمَّتِي وَيَأْخُذُونَ الْجُعْلَ يَتَقَوَّوْنَ عَلَى عَدُوِّهِمْ مَثَلُ أُمِّ مُوسَى تُرْضِعُ وَلَدَهَا وَتَأْخُذُ أَجْرَهَا». أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبأ أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَسَوِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ،
فَذَكَرَهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَجْهِيزِ
الْغَازِي وَأَجْرِ الْجَاعِلِ
١٧٨٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا
يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي بِبَغْدَادَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ،
ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ،
ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، ثنا عَبْدُ
الْوَارِثِ، ثنا الْحُسَيْنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي بُسْرُ
بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ رضي الله عنه، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا،
وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ
الْوَارِثِ، وَحَدِيثُ رَوْحٍ مِثْلُهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ عَنْ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ
الرَّبِيعِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ حُسَيْنٍ
١٧٨٤٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ
ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ
ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ بِهِ.
فَقَالَ: «إِنَّ فُلَانًا قَدْ تَجَهَّزَ ثُمَّ مَرِضَ فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ
إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَا
أَتَجَهَّزُ بِهِ». فَأَتَاهُ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: انْظُرِي أَنْ تُعْطِيَهُ
مَا جَهَّزْتِنِي بِهِ وَلَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا فَيُبَارِكَ اللهُ لَكِ
فِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ،
عَنْ عَفَّانَ
١٧٨٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي
مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ⦗٤٩⦘ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، «لَيْسَ عِنْدِي». فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَا أَدُلُّكَ يَا رَسُولَ اللهِ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ أَجْرٌ مِثْلُ فَاعِلِهِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةُ: أُبْدِعَ بِي: يَقُولُ: قُطِعَ بِي. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
١٧٨٤٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
الْمُؤَمَّلِ، أنبأ أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ، أنبأ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، فَذَكَرَهُ، إِلَّا
أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ: «مَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكَ، وَلَكِنِ ائْتِ فُلَانًا».
فَأَتَاهُ فَحَمَلَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «مَنْ دَلَّ
عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ»
١٧٨٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ
بْنُ رُمْحٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ
الْكِنْدِيِّ التُّجِيبِيِّ، عَنِ ابْنِ شُفَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:
«لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْغَازِي». وَأَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ»
١٧٨٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو النَّضْرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ
الْأَسْقَعِ رضي الله عنه، قَالَ: نَادَى رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ
فَخَرَجْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَقْبَلْتُ، وَقَدْ خَرَجَ أَوَّلُ صَحَابَةِ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، فَطَفِقْتُ فِي الْمَدِينَةِ أُنَادِي، أَلَا مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا لَهُ
سَهْمُهُ؟ فَنَادَى شَيْخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: «لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ
نَحْمِلَهُ عُقْبَتَهُ وَطَعَامُهُ مَعَنَا». قُلْتُ: نَعَمْ، فَسِرْ عَلَى
بَرَكَةِ اللهِ، فَخَرَجْتُ مَعَ خَيْرِ صَاحِبٍ حَتَّى أَفَاءَ اللهُ عَلَيْنَا،
فَأَصَابَنِي قَلَائِصُ فَسُقْتُهُنَّ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَخَرَجَ، فَقَعَدَ
عَلَى حَقِيبَةٍ مِنْ حَقَائِبِ إِبِلِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سُقْهُنَّ مُدْبِرَاتٍ»،
ثُمَّ قَالَ: «سُقْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ»، فَقَالَ: «مَا أَرَى قَلَائِصَكَ إِلَّا
كِرَامًا». قَالَ: إِنَّمَا هِيَ غَنِيمَتُكَ الَّتِي شَرَطْتُ. قَالَ: «خُذْ
قَلَائِصَكَ ابْنَ أَخِي، فَغَيْرَ سَهْمِكَ أَرَدْنَا». ⦗٥٠⦘ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: فَغَيْرَ سَهْمِكَ أَرَدْنَا
يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّا لَمْ نَقْصِدْ بِمَا فَعَلْنَا
الْإِجَارَةَ، وَإِنَّمَا قَصَدْنَا الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ،
وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ إِنْسَانًا
لِلْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ
١٧٨٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، ثنا بَشِيرُ
بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ رضي الله
عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَبْعَثُنِي فِي سَرَايَاهُ، فَبَعَثَنِي ذَاتَ
يَوْمٍ وَكَانَ رَجُلٌ يَرْحَلُ لِي، فَقُلْتُ لَهُ: ارْحَلْ، فَقَالَ: مَا أَنَا
بِخَارِجٍ مَعَكَ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: حَتَّى تَجْعَلَ لِي ثَلَاثَةَ
دَنَانِيرَ. قُلْتُ: الْآنَ حِينَ وَدَّعْتُ النَّبِيَّ ﷺ مَا أَنَا بِرَاجِعٍ
إِلَيْهِ ارْحَلْ وَلَكَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، فَلَمَّا رَجَعْتُ مِنْ غَزَاتِي
ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَعْطِهَا إِيَّاهُ،
فَإِنَّهَا حَظُّهُ مِنْ غَزَاتِهِ». وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْقَسْمِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ فِي مَعْنَاهُ
بَابُ الْإِمَامِ لَا يُجَمِّرُ
بِالْغُزَّى
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«فَإِنْ جَمَّرَهُمْ فَقَدْ أَسَاءَ
وَيَجُوزُ لِكُلِّهِمْ خِلَافُهُ وَالرُّجُوعُ».
١٧٨٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، ثنا أَبُو صَالِحٍ يَعْنِي مَحْبُوبَ بْنَ مُوسَى، ثنا
الْفَزَارِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي
فِرَاسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ فِي
خُطْبَتِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكُمْ عُمَّالِي
لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنْ
بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ
غَيْرُ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلِيَّ فَأَقُصَّهُ مِنْهُ، أَلَا لَا تَضْرِبُوا
الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ وَلَا تَمْنَعُوهُمْ فَتُكْفِرُوهُمْ، وَلَا
تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ»
١٧٨٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُوسَى
بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أنبأ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ جَيْشًا مِنَ الْأَنْصَارِ
كَانُوا بِأَرْضِ فَارِسَ مَعَ أَمِيرِهِمْ، وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يُعْقِبُ
الْجُيُوشَ فِي كُلِّ عَامٍ، فَشُغِلَ عَنْهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه، فَلَمَّا
مَرَّ الْأَجَلُ قَفَلَ أَهْلُ ⦗٥١⦘ ذَلِكَ الثَّغْرِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَأَوْعَدَهُمْ وَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالُوا: يَا عُمَرُ إِنَّكَ غَفَلْتَ عَنَّا، وَتَرَكْتَ فِينَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ إِعْقَابِ بَعْضِ الْغَزِيَّةِ بَعْضًا "
١٧٨٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنَ اللَّيْلِ، فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ:
[البحر الطويل]
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ
وَاسْوَدَّ جَانِبُهْ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا حَبِيبَ أُلَاعِبُهْ
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه لِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رضي الله عنها: «كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ
الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟». فَقَالَتْ: سِتَّةُ أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ.
فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَا أَحْبِسُ الْجَيْشَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا»
بَابُ شُهُودِ مَنْ لَا فَرْضٌ
عَلَيْهِ الْقِتَالُ
١٧٨٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي،
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ
نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَغْزُو
بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ فَقَالَ: «قَدْ كَانَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَلَمْ يَكُنْ
يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، وَلَكِنْ يُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ». أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمَحْفُوظٌ أَنَّهُ
شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ الْقِتَالَ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ وَأَحْذَاهُمْ
مِنَ الْغَنِيمَةِ»
١٧٨٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ
الْمَغْنَمَ، هَلْ لَهُمَا مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْءٌ؟ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
«لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا». ⦗٥٢⦘ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، يَسْأَلُهُ عَنِ الصَّبِيِّ مَتَى يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ؟ وَمَتَى يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمِهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ إِذَا احْتَلَمَ، وَيُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ»
١٧٨٥٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ
ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
أُمَيَّةَ الْقُرَشِيِّ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِيهِ:
"وَسَأَلَ عَنِ الْيَتِيمِ مَتَى يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ وَيَقَعُ حَقُّهُ
فِي الْفَيْءِ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِذَا احْتَلَمَ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْيُتْمِ
وَوَقَعَ حَقُّهُ فِي الْفَيْءِ. يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ،
وَسَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ
١٧٨٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ، أنبأ أَبُو مَعْمَرٍ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا عَبْدُ
الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ
انْهَزَمَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ يَجُوبُ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ. الْحَدِيثَ. قَالَ: «وَلَقَدْ
رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا
لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى
مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ تَرْجِعَانِ
فَتَمْلَآنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ
١٧٨٥٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ، ثنا يَحْيَى
بْنُ يَحْيَى، أنبأ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي
الله عنه، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ
مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ
الْجَرْحَى». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى. ⦗٥٣⦘ وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، وَأُمِّ عَطِيَّةَ، وَغَيْرِهِمَا
١٧٨٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، ثنا مُوسَى بْنُ
الْحَسَنِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ إِمْلَاءً، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ،
وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ رضي
الله عنه يَسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: جُرِحَ
وَجْهُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى
رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ تَغْسِلُ الدَّمَ، وَكَانَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهِ
بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها أَنَّ الْمَاءَ لَا
يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى
إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى
بْنِ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ
١٧٨٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، ثنا عُمَيْرٌ مَوْلَى
آبِي اللَّحْمِ رضي الله عنه، قَالَ: «غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ خَيْبَرَ
وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَلَمْ يَضْرِبْ لِي بِسَهْمٍ وَأَعْطَانِي سَيْفًا
فَقُلِّدْتُهُ أَجُرُّ بِنَعْلِهِ فِي الْأَرْضِ، وَأَمَرَ لِي مِنْ خُرْثِيِّ
الْمَتَاعِ»
١٧٨٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه،
قَالَ: «كُنْتُ أَمْنَحُ أَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ». وَفِي رِوَايَةٍ:
«كُنْتُ أَسْقِي»
بَابُ مَنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ
يَغْزُوَ بِهِ بِحَالٍ
١٧٨٥٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «غَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَغَزَا
مَعَهُ بَعْضُ مَنْ يُعْرَفُ نِفَاقُهُ، فَانْخَزَلَ عَنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ
بِثَلَاثِمِائَةٍ». قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: هُوَ بَيِّنٌ فِي الْمَغَازِي
١٧٨٦٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
فَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا، عَنْ
يَوْمِ أُحُدٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، قَالَ فِيهَا: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي
أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ بَيْنَ
الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ انْخَزَلَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِيٍّ الْمُنَافِقُ
بِثُلُثِ النَّاسِ، فَرَجَعَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ
الرَّيْبِ وَالنِّفَاقِ»
١٧٨٦١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَتَّابٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الْمُغِيرَةِ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ عُقْبَةَ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ قَالَ: «فَرَجَعَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ
أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ، وَبَقِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي
سَبْعِمِائَةٍ»
١٧٨٦٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ، ثنا ابْنُ
لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
«فَمَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى نَزَلَ أُحُدًا، وَرَجَعَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ
بْنُ أُبَيٍّ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ، وَبَقِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي سَبْعِمِائَةٍ»
١٧٨٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ
الْوَاسِطِيُّ بِهَا، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا
شُعْبَةُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ،
أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا سُلَيْمَانُ
بْنُ حَرْبٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه، قَالَ:»لَمَّا خَرَجَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ قَوْمٌ مِنَ الطَّرِيقِ، فَكَانَ أَصْحَابُ
رَسُولِ اللهِ ﷺ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةٌ تَقُولُ: نَقْتُلُهُمْ،
وَفِرْقَةٌ تَقُولُ: لَا نَقْتُلُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
﴿فَمَا
لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ [النساء: ٨٨]. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «ثُمَّ شَهِدُوا مَعَهُ يَوْمَ
الْخَنْدَقِ، فَتَكَلَّمُوا بِمَا حَكَى الله عز وجل مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿مَا
وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢]. قَالَ الشَّيْخُ:»هُوَ بَيِّنٌ فِي
الْمَغَازِي عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ،
وَغَيْرِهِمَا. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ - الْإِسْنَادُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي
قِصَّةِ الْخَنْدَقِ -: فَلَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ
وَأَصْحَابِهِ نَافَقَ نَاسٌ كَثِيرٌ وَتَكَلَّمُوا بِكَلَامٍ قَبِيحٍ، فَلَمَّا
رَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ مَا فِيهِ ⦗٥٥⦘ النَّاسُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْكَرْبِ جَعَلَ يُبَشِّرُهُمْ وَيَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُفَرَّجَنَّ عَنْكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ، فَإِنِّي
لَأَرْجُو أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ آمِنًا، وَأَنْ يَدْفَعَ اللهُ عز
وجل مَفَاتِحَ الْكَعْبَةِ، وَلَيُهْلِكَنَّ اللهُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ،
وَلَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ». فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ مَعَهُ
لِأَصْحَابِهِ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ مُحَمَّدٍ يَعِدُنَا أَنْ نَطُوفَ
بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَأَنْ نَغْنَمَ كُنُوزَ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَنَحْنُ هَا
هُنَا لَا يَأْمَنُ أَحَدُنَا أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْغَائِطِ، وَاللهِ لَمَا
يَعِدُنَا إِلَّا غُرُورًا. وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ مَعَهُ: ائْذَنْ لَنَا
فَإِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مَقَامَ
لَكُمْ فَارْجِعُوا. وَسَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ مُعَتِّبَ
بْنَ قُشَيْرٍ، وَالْقَائِلَ الثَّانِيَ أَوْسَ بْنَ قَيْظِيٍّ
١٧٨٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ: ثنا
أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ، قَالَ:»فَلَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ
فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ، مِثْلَ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، إِلَّا أَنَّهُ
قَالَ فِي آخِرِهَا: وَقَالَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يُخَذِّلُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ:
«يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا». قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«ثُمَّ غَزَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَشَهِدَهَا مَعَهُ مِنْهُمْ عَدَدٌ،
فَتَكَلَّمُوا بِمَا حَكَى اللهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى
الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨]، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا حَكَى اللهُ مِنْ
نِفَاقِهِمْ»
١٧٨٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ
الْعَسْكَرِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، ثنا آدَمُ بْنُ
أَبِي إِيَاسٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ
كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه،
لَمَّا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ
رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَقَالَ أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى
الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، أُخْبِرْتُ بِذَلِكَ
عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ صَدَّقَكَ
وَعَذَرَكَ، وَنَزَّلَ: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ
عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ [المنافقون: ٧] الْآيَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ
١٧٨٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ أَيُّوبَ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ
عَمْرُو، وَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ ⦗٥٦⦘ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، يَقُولُ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ،
وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى: كُنَّا فِي جَيْشٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا
لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ». قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ.
فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
أُبَيٍّ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ
رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،
دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «دَعْهُ؛ لَا
يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». قَالَ: وَكَانَتِ
الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ
إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
وَجَمَاعَةٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ
بِالْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ بَنِي
الْمُصْطَلِقِ، وَكَذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«ثُمَّ غَزَا غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَشَهِدَهَا مَعَهُ مِنْهُمْ قَوْمٌ نَفَرُوا بِهِ
لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ لِيَقْتُلُوهُ، فَوَقَاهُ اللهُ شَرَّهُمْ». قَالَ الشَّيْخُ
رحمه الله: هُوَ
بَيِّنٌ فِي الْمَغَازِي
١٧٨٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فِي قِصَّةِ تَبُوكَ، قَالَ:
فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الثَّنِيَّةَ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ ﷺ
أَنْ خُذُوا بَطْنَ الْوَادِي؛ فَهُوَ أَوْسَعُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ قَدْ أَخَذَ الثَّنِيَّةَ، وَكَانَ مَعَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ
وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنهما، وَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ
يُزَاحِمَهُ فِي الثَّنِيَّةِ أَحَدٌ، فَسَمِعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ
فَتَخَلَّفُوا، ثُمَّ اتَّبَعَهُ رَهْطٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ حِسَّ الْقَوْمِ خَلْفَهُ، فَقَالَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْهِ:
«اضْرِبْ وُجُوهَهُمْ». فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ وَرَأَوَا الرَّجُلَ مُقْبِلًا
نَحْوَهُمْ وَهُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ انْحَدَرُوا جَمِيعًا وَجَعَلَ
الرَّجُلُ يَضْرِبُ رَوَاحِلَهُمْ، وَقَالُوا: إِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابُ
أَحْمَدَ، وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ لَا يُرَى شَيْءٌ إِلَّا أَعْيُنُهُمْ، فَجَاءَ
صَاحِبُهُ بَعْدَ مَا انْحَدَرَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: «هَلْ عَرَفْتَ الرَّهْطَ؟»
فَقَالَ: لَا وَاللهِ يَا نَبِيَّ ⦗٥٧⦘ اللهِ، وَلَكِنْ قَدْ عَرَفْتُ رَوَاحِلَهُمْ. فَانْحَدَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ الثَّنِيَّةِ، وَقَالَ لِصَاحِبَيْهِ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا أَرَادَ الْقَوْمُ؟ أَرَادُوا أَنْ يَزْحَمُونِي مِنَ الثَّنِيَّةِ فَيَطْرَحُونِي مِنْهَا». فَقَالَا: أَفَلَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ إِذَا اجْتَمَعَ إِلَيْكَ النَّاسُ؟ فَقَالَ: «أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا
قَدْ وَضَعَ يَدَهُ فِي أَصْحَابِهِ يَقْتُلُهُمْ». وَذَكَرَ الْقِصَّةَ
١٧٨٦٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيُّ،
ثنا أَبُو عُلَاثَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ،
عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: «وَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ
مَكَرَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَآمَرُوا أَنْ يَطْرَحُوهُ
مِنْ عَقَبَةٍ فِي الطَّرِيقِ». ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ بِمَعْنَى ابْنِ
إِسْحَاقَ
١٧٨٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ،
وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالَا: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، ثنا أَبُو الطُّفَيْلِ،
قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ
مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ
الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ. قَالَ:
كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانَ
الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ
حَرْبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ
الْأَشْهَادُ وَعُذِرَ ثَلَاثَةٌ. قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ
ﷺ، وَلَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ، وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى،
فَقَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ. فَوَجَدَ
قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ الزُّبَيْرِيِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ مِنْهُمْ
فِيمَنْ بِحَضْرَتِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ غَزَاةَ تَبُوكَ،
أَوْ مُنْصَرَفَهُ مِنْهَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ، فَقَالَ: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا
الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٦]، قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَيَتَوَلَّوْا
وَهُمْ فَرِحُونَ﴾ [التوبة: ٥٠]». قَالَ الشَّيْخُ: «هُوَ بَيِّنٌ فِي مَغَازِي
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ»
١٧٨٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ، ثنا
أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: ثُمَّ
إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَجَهَّزَ غَازِيًا يُرِيدُ الشَّامَ، فَأَذَّنَ فِي
النَّاسِ بِالْخُرُوجِ وَأَمَرَهُمْ بِهِ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فِي لَيَالِي
الْخَرِيفِ، فَأَبْطَأَ عَنْهُ نَاسٌ كَثِيرٌ وَهَابُوا الرُّومَ، فَخَرَجَ أَهْلُ
الْحِسْبَةِ وَتَخَلَّفَ الْمُنَافِقُونَ، وَحَدَّثُوا أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُ لَا ⦗٥٨⦘ يَرْجِعُ أَبَدًا وَثَبَّطُوا عَنْهُ مَنْ أَطَاعَهُمْ، وَتَخَلَّفَ
عَنْهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِأَمْرٍ كَانَ لَهُمْ فِيهِ عُذْرٌ، فَذَكَرَ
الْقِصَّةَ، قَالَ: وَأَتَاهُ جَدُّ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ
مَعَهُ نَفَرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِي الْقُعُودِ فَإِنِّي
ذُو ضَيْعَةٍ وَعْلَةٍ بِهَا عُذْرٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَجَهَّزْ
فَإِنَّكَ مُوسِرٌ لَعَلَّكَ تُحْقِبُ بَعْضَ بَنَاتِ الْأَصْفَرِ». فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي بِبَنَاتِ الْأَصْفَرِ. فَأَنْزَلَ
اللهُ عز وجل فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي
وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ
بِالْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: ٤٩]،
عَشْرَ آيَاتٍ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَهُ، وَكَانَ فِيمَنْ تَخَلَّفَ ابْنُ عَنَمَةَ أَوْ عَنْمَةَ
مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَا خَلَّفَكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ
ﷺ؟ قَالَ: الْخَوْضُ وَاللَّعِبُ. فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِيهِ وَفِيمَنْ
تَخَلَّفَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا
كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ
تَسْتَهْزِئُونَ﴾، ثَلَاثَ آيَاتٍ مُتَتَابِعَاتٍ "
١٧٨٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ،
ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ
عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ:
سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ
أَنِّي تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبِ اللهُ أَحَدًا حِينَ
تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ
حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ،
وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ
لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ
مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّي
لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي
تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهَا رَاحِلَتَانِ
قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا تِلْكَ الْغَزْوَةَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ ﷺ
يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ
الْغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا
بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ
لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي
يُرِيدُهُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَثِيرٌ لَا يَجْمَعُهُمْ
كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ. قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ
يَتَغَيَّبَ إِلَّا ظَنَّ أَنْ سَيُخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ
مِنَ اللهِ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ
وَالظِّلَالُ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَطَفِقْتُ
أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، وَأَقُولُ فِي
نَفْسِي إِنِّي قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى
بِي حَتَّى اسْتَجَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ ⦗٥٩⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ فَرَجَعْتُ، وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ
يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا
مَغْمُوصًا فِي النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ،
فَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ
فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي
سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ يَنْظُرُ فِي عِطْفَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ
مَا عَلِمْنَا إِلَّا خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا
بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي
هَمِّي وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ، وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ
سَخَطِهِ غَدًا وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي،
فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي
الْبَاطِلُ وَعَرَفْتُ أَنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ،
فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا
قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ
جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بَضْعَةً وَثَمَانِينَ
رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَانِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل، فَجِئْتُهُ
فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ:
«تَعَالَ». فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «مَا
خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟». فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ
اللهِ، إِنِّي وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا
لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيتُ جَدَلًا،
وَلَكِنْ وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثًا كَاذِبًا
تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَسْخَطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ
حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو عَفْوَ اللهِ،
لَا وَاللهِ مَا كَانَ بِي عُذْرٌ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا
أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَّا هَذَا
فَقَدْ صَدَقَ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ». فَقُمْتُ وَسَارَ رِجَالٌ مِنْ
بَنِي سَلَمَةَ فَقَالُوا: يَا كَعْبُ، وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ
ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ
اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَكَ. فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى
أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ لَقِيَ هَذَا
مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ وَقِيلَ
لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ
الرَّبِيعِ الْعُمَرِيُّ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي
رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ
ذَكَرُوهُمَا، وَنَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ كَلَامِنَا الثَّلَاثَةَ مِنْ بَيْنِ
مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى
تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي⦗٦٠⦘ الْأَرْضُ، فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، وَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ لَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأُسَلِّمُ
عَلَيْهِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ
عَلَيَّ أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ
عَلَى صَلَاتِي نَظَرَ إِلِيَّ، فَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي
حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ تَسَوَّرْتُ
جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلِيَّ
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ لَهُ:
يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ اللهَ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللهَ
وَرَسُولَهُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ. قَالَ:
فَعُدْتُ لَهُ فَنَاشَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ. قَالَ:
فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ
الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ
يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا
جَاءَنِي دَفَعَ إِلِيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا،
فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ،
وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا
نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلَاءِ،
فَيَمَّمْتُ بِهِ التَّنُّورَ، فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ لَنَا
أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الْخَمْسِينَ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ:
أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ بِهَا؟ فَقَالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلَا
تَقْرَبَنَّهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَقُلْتُ
لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ
هَذَا الْأَمْرَ. قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ
رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ
شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَتْ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ:
لَا، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ. قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ
إِلَى شَيْءٍ، وَإِنَّهُ مَا زَالَ يَبْكِي مُذْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ
إِلَى يَوْمِي هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ
اللهِ ﷺ فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ تَخْدُمُهُ،
فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَسْتَأَذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، وَمَا يُدْرِينِي مَا
يَقُولُ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِنِ اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟
فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ
لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ كَلَامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ
الْفَجْرَ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ
بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ مِنَّا،
قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ،
سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ
أَبْشِرْ. فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ،
وَأَذِنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ
الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنِي، وَذَهَبَ⦗٦١⦘ قِبَلَ صَاحِبِيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلِيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ إِلِيَّ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ ثَوْبِيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبُشْرَاهُ، وَوَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونَنِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ:
لِيَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ إِلِيَّ
طَلْحَةُ بَنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، مَا
قَامَ إِلِيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ،
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: «أَبْشِرْ
بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُذْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قُلْتُ: أَمِنْ
عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ مِنْ
عِنْدِ اللهِ تبارك وتعالى». وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَشَّرَ
بِبِشَارَةٍ يَبْرُقُ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا
نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ عز
وجل وَإِلَى الرَّسُولِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ
مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي
بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا نَجَّانِي الصِّدْقُ، وَإِنَّ
مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ، فَوَاللهِ مَا
أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابْتَلَاهُ اللهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ
مُذْ حَدَّثْتُ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَحْسَنَ مِمَّا ابْتَلَانِي، مَا
تَعَمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا،
وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللهُ فِيمَا بَقِيَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى
رَسُولِهِ: ﴿لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا
كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا
أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا
إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾، فَوَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ
نِعْمَةٍ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ؛ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ
الَّذِينَ كَذَبُوهُ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوهُ حِينَ نَزَلَ
الْوَحْيُ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ، قَالَ اللهُ تبارك وتعالى:
﴿سَيَحْلِفُونَ
بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ
فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا
كَانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا
عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦]. قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا
أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ
اللهِ ﷺ حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ تبارك
وتعالى: ﴿وَعَلَى
الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: ١١٨]،
وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ تَخَلُّفُنَا عَنِ الْغَزْوِ، إِنَّمَا هُوَ
تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا مِمَّنْ حَلَفَ وَاعْتَذَرَ،
فَقَبِلَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
١٧٨٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ
الطُّوسِيُّ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رِجَالًا مِنَ
الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ
إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا
وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿لَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا
بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [آل عمران: ١٨٨]. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ
الْحُلْوَانِيِّ وَابْنِ عَسْكَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ
رحمه الله: "فَأَظْهَرَ
اللهُ عز وجل لِرَسُولِهِ ﷺ أَسْرَارَهُمْ، وَخَبَرَ السَّمَّاعِينَ لَهُمْ
وَأَتْبَاعِهِمْ أَنْ يَفْتِنُوا مَنْ مَعَهُ بِالْكَذِبِ وَالْإِرْجَافِ
وَالتَّخْذِيلِ لَهُمْ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَهُمْ إِذَا كَانُوا
عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ، فَكَانَ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ اللهَ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ أَمَرَ أَنْ يُمْنَعَ مَنْ عُرِفَ بِمَا عُرِفُوا بِهِ مِنْ أَنْ
يَغْزُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ زَادَ فِي
تَأْكِيدِ بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ
رَسُولِ اللهِ﴾ [التوبة:
٨١] قَرَأَ
إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾ [التوبة: ٨٣]
١٧٨٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
الْعَلَوِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَلُّوَيْهِ
الدَّقَّاقُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ بْنِ مَنِيعٍ، ثنا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ
لَيُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٧٨٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ،
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
«نَسْتَعِينُ بِقُوَّةِ
الْمُنَافِقِينَ، وَإِثْمُهُ عَلَيْهِمْ». وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، فَإِنْ صَحَّ
فَإِنَّمَا وَرَدَ فِي مُنَافِقِينَ لَمْ يُعْرَفُوا بِالتَّخْذِيلِ
وَالْإِرْجَافِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
١٧٨٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ،
عَنْ حَبَّةَ بْنِ جُوَيْنٍ، ⦗٦٣⦘ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَلْمَانَ رضي الله عنه فِي غَزَاةٍ وَنَحْنُ
مُصَافُّو الْعَدُوِّ، فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟». قَالُوا: الْمُشْرِكُونَ.
قَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟». قَالُوا: الْمُؤْمِنُونَ. قَالَ: فَقَالَ: «هَؤُلَاءِ
الْمُشْرِكُونَ، وَهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُنَافِقُونَ، فَيُؤَيِّدُ اللهُ
الْمُؤْمِنِينَ بِقُوَّةِ الْمُنَافِقِينَ، وَيَنْصُرُ اللهُ الْمُنَافِقِينَ
بِدَعْوَةِ الْمُؤْمِنِينَ»
١٧٨٧٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْنَانِيُّ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ جَعْفَرٍ - يَعْنِي غُنْدَرًا ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «إِنَّكُمْ
سَتُعَانُونَ فِي غَزْوِكُمْ بِالْمُنَافِقِينَ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِعَانَةِ
بِالْمُشْرِكِينَ
١٧٨٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ
أَنَسٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:
لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ
الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةً وَنَجْدَةً،
فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ لِأَتِّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟». قَالَ: لَا. قَالَ: «فَارْجِعْ؛ فَلَنْ
أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ». قَالَ: ثُمَّ مَضَى، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّجَرَةُ
أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ
النَّبِيُّ ﷺ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَ: «فَارْجِعْ؛ فَلَنْ أَسْتَعِينَ
بِمُشْرِكٍ». قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ
كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟». قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَانْطَلِقْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«لَعَلَّهُ رَدَّهُ رَجَاءَ
إِسْلَامِهِ، وَذَلِكَ وَاسِعٌ لِلْإِمَامِ، وَقَدْ غَزَا بِيَهُودِ بَنِي
قَيْنُقَاعَ بَعْدَ بَدْرٍ، وَشَهِدَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ حُنَيْنًا بَعْدَ
الْفَتْحِ، وَصَفْوَانُ مُشْرِكٌ». قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:
أَمَّا شُهُودُ صَفْوَانَ بْنِ
أُمَيَّةَ مَعَهُ حُنَيْنًا وَصَفْوَانُ مُشْرِكٌ، فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ بَيْنَ
أَهْلِ الْمَغَازِي، وَقَدْ مَضَى بِإِسْنَادِهِ، وَأَمَّا غَزْوُهُ بِيَهُودِ
قَيْنُقَاعَ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ
وَهُوَ ⦗٦٤⦘ ضَعِيفٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «اسْتَعَانَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ بِيَهُودِ قَيْنُقَاعَ فَرَضَخَ لَهُمْ، وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُمْ»
١٧٨٧٨ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو الْمَرْوَزِيُّ،
ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه،
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى إِذَا خَلَفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ إِذَا
كَتِيبَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟». قَالُوا: بَنُو قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ. قَالَ: «وَأَسْلَمُوا؟». قَالُوا: لَا. قَالَ: «بَلْ
هُمْ عَلَى دِينِهِمْ». قَالَ: «قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا؛ فَإِنَّا لَا
نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ». وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَصَحُّ
١٧٨٧٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوْحٍ
الْمَدَائِنِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ
الثَّقَفِيُّ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَأَتَيْتُهُ
أَنَا وَرَجُلٌ قَبْلَ أَنْ نُسْلِمَ، فَقُلْنَا: إِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ
يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا فَلَا نَشْهَدُهُ. قَالَ: «أَسْلَمْتُمَا؟».
قُلْنَا: لَا. قَالَ: «فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ». فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَتَلْتُ
رَجُلًا، وَضَرَبَنِي الرَّجُلُ ضَرْبَةً، فَتَزَوَّجْتُ ابْنَتَهُ، فَكَانَتْ
تَقُولُ: لَا عَدِمْتُ رَجُلًا وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ. فَقُلْتُ: لَا
عَدِمْتِ رَجُلًا أَعْجَلَ أَبَاكِ إِلَى النَّارِ". جَدُّهُ خُبَيْبُ بْنُ
يَسَافٍ، وَيُقَالُ: إِسَافٌ، لَهُ صُحْبَةٌ
١٧٨٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
زُهَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
صَالِحٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه «غَزَا بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ
فَرَضَخَ لَهُمْ»
بَابُ مَنْ يُبْدَأُ بِجِهَادِهِ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
"قَالَ
اللهُ تبارك وتعالى: ﴿قَاتِلُوا
الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣].
١٧٨٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَهَيَّأَ لِلْحَرْبِ، فَقَامَ فِيمَا أَمَرَ اللهُ عز
وجل مِنْ جِهَادِ عَدُوِّهِ وَقِتَالِ مَنْ أَمَرَهُ بِهِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِنْ
مُشْرِكِي الْعَرَبِ». ⦗٦٥⦘ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَإِنِ اخْتَلَفَ حَالُ الْعَدُوِّ فَكَانَ بَعْضُهُمْ أَنْكَى مِنْ بَعْضٍ، أَوْ أَخْوَفَ مِنْ بَعْضٍ، فَلْيَبْدَأ الْإِمَامُ بِالْعَدُوِّ الْأَخْوَفِ أَوِ الْأَنْكَى، وَإِنْ كَانَتْ دَارُهُ أَبْعَدَ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَتَكُونُ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ ضَرُورَةٍ». قَالَ: "وَقَدْ بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ، فَأَغَارَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْهِ وَقُرْبَهُ عَدُوٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ
١٧٨٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي
بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ يَجْمَعُونَ
لَهُ، وَقَائِدُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ زَوْجِ
النَّبِيِّ ﷺ، فَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى نَزَلَ بِالْمُرَيْسِيعِ مَاءٌ مِنْ
مِيَاهِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَعَدُّوا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَتَزَاحَفَ
النَّاسُ فَاقْتَتَلُوا، فَهَزَمَ اللهُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ
مِنْهُمْ، وَنَفَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَبْنَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ،
وأَقَامَ عَلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ قُدَيْدٍ إِلَى السَّاحِلِ. قَالَ ابْنُ
إِسْحَاقَ: غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ
"
١٧٨٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، قَالَا: أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ سُلَيْمُ بْنُ
أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ
الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ، قَالَ: «فَكَتَبَ إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ فِي أَوَّلِ
الْإِسْلَامِ، قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ
غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ
وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ - أَحْسَبُهُ قَالَ: جُوَيْرِيَةَ
بِنْتَ الْحَارِثِ. حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ،
وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ
يَحْيَى قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:»وَبَلَغَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ بْنِ
نُبَيْحٍ يَجْمَعُ لَهُ، فَأَرْسَلَ ابْنَ أُنَيْسٍ فَقَتَلَهُ وَقُرْبَهُ عَدُوٌّ
أَقْرَبُ مِنْهُ "
١٧٨٨٤ - أَخْبَرْنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ
الْهُذَلِيِّ وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: «اذْهَبْ
فَاقْتُلْهُ». قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْتُ:
إِنِّي لَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا أَنْ أُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ،
فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِي إِيمَاءً نَحْوَهُ، فَلَمَّا
دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ،
بَلَغَنِي ⦗٦٦⦘ أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ. قَالَ: إِنِّي لَفِي ذَاكَ. فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَكَ "
بَابُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ سَدِّ
أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ بِالرِّجَالِ
١٧٨٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثنا
لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى الْقُرَشِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ
رَابَطَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ صِيَامِ شَهْرٍ
وَقِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا أُجْرِيَ لَهُ مِثْلُ الْأَجْرِ وَأُجْرِيَ
عَلَيْهِ الرِّزْقُ وَأُومِنَ الْفِتَانَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ.
١٧٨٨٦
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدٌ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ سَلْمَانَ
الْخَيْرِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، نَحْوَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
١٧٨٨٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ
الْقَاسِمِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي
حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا
عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ
الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ
أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُنِيرٍ، عَنْ أَبِي
النَّضْرِ هَاشِمٍ
١٧٨٨٨ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا
أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ
مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنِّي كُنْتُ كَتَمْتُكُمْ
حَدِيثًا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ
بَدَا لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ ⦗٦٧⦘ لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ مِنْكُمْ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ»
بَابُ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ
مِنَ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ وَكُلِّ أَمْرٍ دَفَعَ الْعَدُوَّ قَبْلَ
انْتِيَابِهِ
١٧٨٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ
إِمْلَاءً وَأَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي قِرَاءَةً،
قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ، أنبأ الْقَعْنَبِيُّ، ثنا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي
الله عنه، قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ
وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَافِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهُمَّ
لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ
١٧٨٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي
أَبُو يَعْلَى، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ،
ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ
وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ، وَيَقُولُونَ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا
مُحَمَّدَا ... عَلَى الْإِسْلَامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
قَالَ: وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
وَهُوَ يُجِيبُهُمْ: «اللهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَةْ فَبَارِكْ فِي
الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةْ» قَالَ: وَيُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ جَفْنَتَيْنِ
شَعِيرٍ فَيُصْنَعُ لَهُمْ إِهَالَةٌ سَنِخَةٌ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ
وَلَهَا رِيحٌ مُنْكَرَةٌ، فَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ
بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ
مِنَ الْغَزْوِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِسَرَايَاهُ فِي كُلِّ عَامٍ عَلَى حُسْنِ
النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَا يَكُونَ الْجِهَادُ مُعَطَّلًا فِي عَامٍ
إِلَّا مِنْ عُذْرٍ
١٧٨٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ
مُنِيبٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «تَضَمَّنَ
اللهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يَخْرُجُهُ إِلَّا إِيمَانًا بِهِ
وَتَصْدِيقًا بِرَسُولِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يُرْجِعَهُ إِذَا
رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ
خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَرِيرٍ
١٧٨٩٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي
عَمْرٍو، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ
أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَغَيْرِهِ،
عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ
بَابُ الْإِمَامِ يُغْزِي مِنْ
أَهْلِ دَارٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَهُمْ، وَيُخَلِّفُ مِنْهُمْ فِي دَارِهِمْ
مَنْ يَمْنَعُ دَارَهُمْ
١٧٨٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ أَتُخَلِّفُنِي وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ؟ فَقَالَ: «أَمَا
تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ
لَا نَبِيَّ بَعْدِي». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
حَدِيثِ شُعْبَةَ
١٧٨٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ ⦗٦٩⦘ دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنبأ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنِي خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «خَرَجَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ فَاسْتَخْلَفَ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ عَلَى
الْمَدِينَةِ»
١٧٨٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «مَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ
لِسَفَرِهِ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ
أَبَا رُهْمٍ كُلْثُومَ بْنَ الْحُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ خَلَفٍ الْغِفَارِيَّ»
١٧٨٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ
الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ، وَقَالَ: «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ
رَجُلَيْنِ رَجُلٌ». ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي
أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
١٧٨٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا رَوْحٌ، ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ يَحْيَى
بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَرْبُ
بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ
الْمَهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ» بَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي لِحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ، قَالَ: «لِيَنْبَعِثْ
مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ يَحْيَى، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ،
عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ
بَابُ مَا عَلَى الْوَالِي مِنْ
أَمْرِ الْجَيْشِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَلِّيَ
الْإِمَامُ الْغَزْوَ إِلَّا ثِقَةً فِي دِينِهِ، شُجَاعًا بِبَدَنِهِ، حَسَنَ
الْأَنَاةِ، عَاقِلًا لِلْحَرْبِ بَصِيرًا بِهَا، غَيْرَ عَجِلٍ وَلَا نَزِقٍ،
وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَحْمِلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَهْلَكَةٍ
بِحَالٍ»
١٧٨٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ،
قَالَا: ثنا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ
بْنَ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: «غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ
غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ سَبْعَ مَرَّاتٍ،
عَلَيْنَا مَرَّةً أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ».
لَفْظُ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الثَّانِيَةِ: تِسْعَ
غَزَوَاتٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ
سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَكِّيِّ
١٧٨٩٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ
أَبِي الْمَعْرُوفِ الْإِسْفِرَايِينِيُّ بِهَا، أنبأ أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ
بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، أنبأ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ،
عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: «غَزَوْتُ
مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَمَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ تِسْعَ
غَزَوَاتٍ كَانَ يُؤَمِّرُهُ عَلَيْنَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ أَبِي عَاصِمٍ
١٧٩٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ إِمْلَاءً، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا:
ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَمْرَو
بْنَ الْعَاصِ فِي سَرِيَّةٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما،
فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى مَكَانِ الْحَرْبِ أَمَرَهُمْ عَمْرٌو أَنْ لَا
يُنَوِّرُوا نَارًا، فَغَضِبَ عُمَرُ وَهَمَّ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَنَهَاهُ أَبُو
بَكْرٍ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْكَ إِلَّا
لِعِلْمِهِ بِالْحَرْبِ، فَهَدَأَ عَنْهُ عُمَرُ رضي الله عنه»
١٧٩٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ،
أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا أَبِي، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ
مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ رَضِيَ ⦗٧١⦘ اللهُ عَنْهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ رضي الله عنه: إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ
لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
يَقُولُ: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ
لَهُمْ وَلَا يَنْصَحُ إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي غَسَّانَ وَغَيْرِهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ
١٧٩٠٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ
الْإِمَامُ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، ثنا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ،
قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي
مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا
سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ بِي حَيَاةً مَا
حَدَّثْتُكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ
يَسْتَرْعِيهِ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ
إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ
أَبِي الْأَشْهَبِ وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا
عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللهِ
وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا»
١٧٩٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ
جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي غَزْوَةٍ فَأَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ، فَكَتَبَ
جَرِيرٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ:
«مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللهُ». قَالَ: وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ
أَنْ يَقْفِلُوا. قَالَ: وَمَتَّعَهُمْ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَأَنَا
أَدْرَكْتُ قَطِيفَةً مِمَّا مَتَّعَهُمْ
١٧٩٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ جَرِيرُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَرْحَمُ
اللهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
١٧٩٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ
بْنِ الْحَكَمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مِهْرَانَ الْعَبْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي قَابُوسَ، مَوْلًى لِعَبْدِ
اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
رَضِيَ اللهُ ⦗٧٢⦘ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»
١٧٩٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ
نَصْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
النَّهْدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَجُلًا
مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى عَمَلٍ فَجَاءَ يَأْخُذُ عَهْدَهُ، قَالَ: فَأَتَى عُمَرُ
رضي الله عنه بِبَعْضِ وَلَدِهِ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: أَتُقَبِّلُ هَذَا؟ مَا
قَبَّلْتُ وَلَدًا قَطُّ. فَقَالَ عُمَرُ: «فَأَنْتَ بِالنَّاسِ أَقَلُّ رَحْمَةً،
هَاتِ عَهْدَنَا، لَا تَعْمَلْ لِي عَمَلًا أَبَدًا»
١٧٩٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَسْمَاءٍ، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، ثنا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله
عنه وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ
أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَأَنَا أَرَى أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يُرِيدُ بِهِ
اللهَ وَمَا عِنْدَهُ، فَيُخَيَّلُ إِلِيَّ بِأَخَرَةٍ أَنَّ قَوْمًا قَرءُوهُ
يُرِيدُونَ بِهِ النَّاسَ وَيُرِيدُونَ بِهِ الدُّنْيَا، أَلَا فَأَرِيدُوا اللهَ
بِأَعْمَالِكُمْ، ألَا فَأَرِيدُوا اللهَ بِأَعْمَالِكُمْ، أَلَا إِنَّمَا كُنَّا
نَعْرِفُكُمْ إِذْ يَتَنَزَّلُ الْوَحْيُ، وَإِذِ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ
أَظْهُرِنَا، وَإِذْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، فَقَدِ انْقَطَعَ
الْوَحْيُ وَذَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ، فَإِنَّمَا نَعْرِفُكُمْ بِمَا أَقُولُ لَكُمْ،
أَلَا مَنْ رَأَيْنَا مِنْهُ خَيْرًا ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا وَأَحْبَبْنَاهُ
عَلَيْهِ، وَمَنْ رَأَيْنَا مِنْهُ شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا وَأَبْغَضْنَاهُ
عَلَيْهِ، سَرَائِرُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ، أَلَا إِنَّمَا أَبْعَثُ
عُمَّالِي لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَلِيُعَلِّمُوكُمْ سُنَّتَكُمْ، وَلَا
أَبْعَثُهُمْ لِيَضْرِبُوا ظُهُورَكُمْ، وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، أَلَا
فَمَنْ رَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلِيَّ، فَوَالَّذِي نَفْسُ
عُمَرَ بِيَدِهِ لَأُقِصَّنَّ مِنْهُ». فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ بَعَثْتَ عَامِلًا مِنْ عُمَّالِكَ فَأَدَّبَ
رَجُلًا مِنْ أَهْلِ رَعِيَّتِهِ فَضَرَبَهُ إِنَّكَ لَمُقِصُّهُ مِنْهُ؟ قَالَ:
"نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَأُقِصَّنَّ مِنْهُ، وَقَدْ
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ، أَلَا لَا تَضْرِبُوا
الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكْفِرُوهُمْ،
وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ
فَتُضَيِّعُوهُمْ
١٧٩٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي الثَّقَفِيُّ،
عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه سَأَلَهُ: «إِذَا حَاصَرْتُمُ الْمَدِينَةَ كَيْفَ
تَصْنَعُونَ؟». قَالَ: نَبْعَثُ الرَّجُلَ إِلَى الْمَدِينَةِ ونَصْنَعُ لَهُ
هَنَةً مِنْ جُلُودٍ. قَالَ: «أَرَأَيْتَ إِنْ ⦗٧٣⦘ رُمِيَ بِحَجَرٍ؟». قَالَ: إِذًا يُقْتَلَ. قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَفْتَتِحُوا مَدِينَةً فِيهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ بِتَضْيِيعِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»
١٧٩٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُكْرَمٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ
مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
أَصَابَ النَّاسَ سَنَةٌ غَلَا فِيهَا السَّمْنُ، فَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَأْكُلُ
الزَّيْتَ فَيُقَرْقِرُ بَطْنُهُ«. وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى قَالَ:»كَانَ عُمَرُ رضي
الله عنه يَأْكُلُهُ، فَلَمَّا قَلَّ قَالَ: «لَا آكُلُهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ
النَّاسُ». قَالَ: فَكَانَ يَأْكُلُ الزَّيْتَ فَيُقَرْقِرُ بَطْنُهُ«. قَالَ
ابْنُ مُكْرَمٍ فِي رِوَايَتِهِ:»فَقَالَ: «قَرْقِرْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ لَا
آكُلُ السَّمْنَ حَتَّى يَأْكُلَهُ النَّاسُ». ثُمَّ قَالَ لِي: «اكْسِرْ حَرَّهُ
عَنِّي بِالنَّارِ». فَكُنْتُ أَطْبُخُهُ لَهُ فَيَأْكُلُهُ
١٧٩١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ طَاوُسٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ،
أَنَّ حَفْصَةَ، وَابْنَ مُطِيعٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَلَّمُوا عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالُوا: لَوْ أَكَلْتَ طَعَامًا طَيِّبًا كَانَ
أَقْوَى لَكَ عَلَى الْحَقِّ. قَالَ: «أَكُلُّكُمْ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ؟».
قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ إِلَّا نَاصِحٌ،
وَلَكِنْ تَرَكْتُ صَاحِبِيَّ عَلَى جَادَّةٍ فَإِنْ تَرَكْتُ جَادَّتَهُمَا لَمْ
أُدْرِكْهُمَا فِي الْمَنْزِلِ». قَالَ: "وَأَصَابَ النَّاسَ سَنَةٌ فَمَا
أَكَلَ عَامَئِذٍ سَمْنًا وَلَا سَمِينًا حَتَّى أَحْيَا النَّاسُ
١٧٩١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ
يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: لَمَّا
كَانَتِ الرَّمَادَةُ أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ شَدِيدٌ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ
يَوْمٍ رَكِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه دَابَّةً لَهُ، فَرَأَى فِي
رَوْثِهَا شَعِيرًا فَقَالَ: «وَاللهِ لَا أَرْكَبُهَا حَتَّى يَحْسُنَ حَالُ
النَّاسِ»
١٧٩١٢ - وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
النَّهْدِيِّ، أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
رضي الله عنه مِنْ أَذْرَبِيجَانَ بِخَبِيصٍ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
«أَيَشْبَعُ الْمُسْلِمُونَ فِي
رِحَالِهِمْ مِنْ هَذَا؟». فَقَالَ الرَّسُولُ: اللهُمَّ لَا. فَقَالَ عُمَرُ رضي
الله عنه: «لَا
أُرِيدُهُ». وَكَتَبَ إِلَى عُتْبَةَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ
كَدِّكَ وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيكَ وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ، فَأَشْبِعْ مَنْ
قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي
رَحْلِكَ". أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا ⦗٧٤⦘ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، أنبأ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، فَذَكَرَهُ
١٧٩١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
الشَّافِعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا وَهْبُ بْنُ
جَرِيرٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ الْمِصْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله
عنها، فَقَالَتْ: «مِمَّنْ أَنْتَ؟». قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ مِصْرَ. قَالَتْ:
«كَيْفَ وَجَدْتُمُ ابْنَ حُدَيْجٍ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟». قُلْتُ: خَيْرَ
أَمِيرٍ، مَا يَنْفُقُ لِرَجُلٍ مِنَّا فَرَسٌ وَلَا بَعِيرٌ إِلَّا أَبْدَلَ لَهُ
مَكَانَهُ بَعِيرًا، وَلَا غُلَامٌ إِلَّا أَبْدَلَ لَهُ مَكَانَهُ غُلَامًا،
فَقَالَتْ: «إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي قَتْلُهُ أَخِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ مَا
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَقُولُ:»اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ
أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ، وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ
فَاشْقُقْ عَلَيْهِ". وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ،
أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ
خُزَيْمَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْعَطَّارُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ الْمِصْرِيَّ
يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
حَاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
١٧٩١٤ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْنِي حِينَ حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ
شَيْئًا -: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ». فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ:
كَيْفَ نَذْهَبُ وَلَمْ نَفْتَحْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَاغْدُوا
لِلْقِتَالِ». فَغَدَوْا عَلَيْهِمْ، فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا». فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ،
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ
عُيَيْنَةَ
بَابُ مَنْ تَبَرَّعَ بِالتَّعَرُّضِ
لِلْقَتْلِ رَجَاءَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«قَدْ بُورِزَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ وَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَاسِرًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ بَعْدَ إِعْلَامِ النَّبِيِّ ﷺ إِيَّاهُ بِمَا فِي
ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ فَقُتِلَ» قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ عَوْفُ ابْنُ عَفْرَاءَ
فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ،
وَذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ مَنْ بَارَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَرِدُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ
شَاءَ اللهُ ".
١٧٩١٥ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُوعَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا سُلَيْمَانُ
يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،
فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ قِصَّةِ بَدْرٍ، قَالَ: فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ».
قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ،
عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: بَخٍ بَخٍ. قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ: بَخٍ بَخٍ؟». قَالَ: لَا
وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ:
«فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا». قَالَ: فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ
يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: «لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ مِنْ
تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ». قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ
مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي
النَّضْرِ
١٧٩١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا
الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ
قُتِلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ». فَأَلْقَى
تُمَيْرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. أَخْرَجَاهُ فِي
الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ
١٧٩١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ،
أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ،
ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ عَمَّ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: غِبْتُ
عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنْ
أَشْهَدَنِي اللهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا ⦗٧٦⦘ أَصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ - وَأَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ - ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ، فَلَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ أَيْ سَعْدٌ، وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجِنَّةِ دُونَ أُحُدٍ وَاهًا لِرِيحِ
الْجَنَّةِ. قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا صَنَعَ،
فَوَجَدْنَاهُ بَيْنَ الْقَتْلَى وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً مِنْ
ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، وَقَدْ مَثَّلُوا
بِهِ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نَقُولُ:
أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا
اللهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب:
٢٣] فِيهِ
وَفِي أَصْحَابِهِ. كَذَا فِي كِتَابِي، وَالصَّوَابُ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ حُمَيْدٍ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه
١٧٩١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْخَطَّابِ بْنِ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ الْمَعْمَرِيُّ إِمْلَاءً، ثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ
مِنَ الْأَنْصَارِ، وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ: «مَنْ
يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟».
فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ رَهِقُوهُ
أَيْضًا، فَقَالَ: «مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ
رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟». فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ
حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ لِصَاحِبَيْهِ: «مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ
١٧٩١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ
هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنبأ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْوَازِعِ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ أَرَاهُ ثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَرْتُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِثَابِتِ
بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ، فَقُلْتُ: «يَا عَمِّ، أَمَا تَرَى
مَا يَلْقَى الْمُسْلِمُونَ؟ أَيْ وَأَنْتَ هَهُنَا. قَالَ: فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ
قَالَ: الْآنَ يَا ابْنَ أَخِي. فَلَبِسَ سِلَاحَهُ، وَرَكِبَ فَرَسَهُ حَتَّى
أَتَى الصَّفَّ، فَقَالَ: أُفٍّ لِهَؤُلَاءِ وَلِمَا يَصْنَعُونَ. وَقَالَ
لِلْعَدُوِّ: أُفٍّ لِهَؤُلَاءِ وَلِمَا يَعْبُدُونَ، خَلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ،
أَوْ قَالَ: سَنَنِهِ - يَعْنِي فَرَسَهُ - حَتَّى أَصْلَى بِحَرِّهَا. فَحَمَلَ، فَقَاتَلَ
حَتَّى قُتِلَ»
١٧٩٢٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ،
ثنا ابْنُ عُثْمَانَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، أنبأ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، أَنَّ ⦗٧٧⦘ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ تَرَجَّلَ يَوْمَ كَذَا، فَقَالَ لَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: «لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ قَتْلَكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَدِيدٌ». فَقَالَ: خَلِّ عَنِّي يَا خَالِدُ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لَكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ سَابِقَةٌ، وَإِنِّي وَأَبِي كُنَّا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَمَشَى حَتَّى
قُتِلَ "
١٧٩٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا
حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، أَخْبَرَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَوْا إِلَى حَائِطٍ قَدْ
أُغْلِقَ بَابُهُ فِيهِ رِجَالٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَلَسَ الْبَرَاءُ بْنُ
مَالِكٍ رضي الله عنه عَلَى تُرْسٍ فَقَالَ: «ارْفَعُونِي بِرِمَاحِكُمْ
فَأَلْقُونِي إِلَيْهِمْ». فَرَفَعُوهُ بِرِمَاحِهِمْ فَأَلْقَوهُ مِنْ وَرَاءِ
الْحَائِطِ فَأَدْرَكُوهُ قَدْ قَتَلَ مِنْهُمْ عَشَرَةً
١٧٩٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْإِمَامُ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ جَعْفَرُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ. قَالَ: فَسَمِعْتُهُ
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ
السُّيُوفِ». قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا
مُوسَى، أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: اللهُمَّ نَعَمْ.
قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ
سَيْفِهِ وَشَدَّ عَلَى الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللهِ عز
وجل: ﴿وَأَنْفِقُوا
فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]
١٧٩٢٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ
عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ
حُذَيْفَةُ رضي الله عنه فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل: «﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة:
١٩٥] فِي
النَّفَقَةِ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ،
عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا، قَالَ: «هُوَ
تَرْكُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ»
١٧٩٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الصَّائِغُ، ثنا آدَمُ
بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فِي
قَوْلِهِ: «﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ [البقرة: ١٩٥] الْآيَةَ، قَالَ: يَقُولُ: لَا
يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ ⦗٧٨⦘ لَا أَجِدُ شَيْئًا، إِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا مِشْقَصًا فَلْيُجَهَّزْ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]»
١٧٩٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، أنبأ يَزِيدُ بْنُ أَبِي
حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ، قَالَ: كُنَّا
بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَلَى
أَهْلِ الشَّامِ رَجُلٌ يُرِيدُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، فَخَرَجَ مِنَ
الْمَدِينَةِ صَفٌّ عَظِيمٌ مِنَ الرُّومِ فَصَفَفْنَا لَهُمْ، فَحَمَلَ رَجُلٌ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ
عَلَيْنَا فَصَاحَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: سُبْحَانَ اللهِ أَلْقَى
بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَتُؤَوِّلُونَ هَذِهِ
الْآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا
مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إِنَّا لَمَّا أَعَزَّ اللهُ دِينَهُ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ،
فَقُلْنَا فِيمَا بَيْنَنَا بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ:
إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ فَلَوْ أَقَمْنَا فِيهَا قَدْ أَصْلَحْنَا مَا
ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا هَمَمْنَا بِهِ،
فَقَالَ: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة:
١٩٥]،
فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ فِي الْإِقَامَةِ الَّتِي أَرَدْنَا أَنْ نُقِيمَ فِي
أَمْوَالِنَا نُصْلِحُهَا، فَأَمَرَنَا بِالْغَزْوِ. فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ رضي
الله عنه غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ عز وجل
١٧٩٢٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ،
ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ
رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ رضي الله عنه: أَحْمِلُ عَلَى الْكَتِيبَةِ بِالسَّيْفِ فِي
أَلْفٍ، مِنَ التَّهْلُكَةِ ذَاكَ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّمَا التَّهْلُكَةُ أَنْ
يُذْنِبَ الرَّجُلُ الذَّنْبَ ثُمَّ يُلْقِيَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يَقُولَ: لَا
يُغْفَرُ لِي»
١٧٩٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، ثنا آدَمُ، ثنا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ
بَشِيرٍ رضي الله عنه: ﴿وَلَا
تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥] قَالَ: يَقُولُ: «إِذَا أَذْنَبَ
أَحَدُكُمْ فَلَا يُلْقِيَّنَّ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا يَقُولَنَّ
لَا تَوْبَةَ لِي، وَلَكِنْ لِيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ إِلَيْهِ، فَإِنَّ
اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»
١٧٩٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبأ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ
عَوْفٍ الْأَحْمَسِيِّ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه،
فَذَكَرُوا ⦗٧٩⦘ رَجُلًا شَرَى نَفْسَهُ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ، فَقَالَ: ذَاكَ وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَالِي، زَعَمَ النَّاسُ أَنَّهُ أَلْقَى بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «كَذَبَ أُولَئِكَ، بَلْ هُوَ مِنَ
الَّذِينَ اشْتَرَوَا الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا». كَذَا فِي رِوَايَةِ يَعْلَى
١٧٩٢٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ،
ثنا ابْنُ عُثْمَانَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ،
عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: لَمَّا
أُخْبِرَ عُمَرُ بِقَتْلِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَقِيلَ أُصِيبَ فُلَانٌ
وَفُلَانٌ وَآخَرُونَ لَا نَعْرِفُهُمْ، قَالَ: «وَلَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُهُمْ».
قَالَ: وَرَجُلٌ شَرَى نَفْسَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهُ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ: ذَاكَ خَالِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، زَعَمَ نَاسٌ
أَنَّهُ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ. فَقَالُ عُمَرُ: «كَذَبَ
أُولَئِكَ، بَلْ هُوَ مِنَ الَّذِينَ اشْتَرُوا الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا». قَالَ
قَيْسٌ: وَالْمَقْتُولُ عَوْفُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ وَهُوَ أَبُو شِبْلٍ. قَالَ
يَعْقُوبُ: مَالِكٌ أَشْبَهُ
١٧٩٣٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ،
أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَا: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ،
ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُرَّةَ
الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَجِبَ رَبُّنَا عز وجل مِنْ رَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ
فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ،
فَيَقُولُ اللهُ عز وجل لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً
فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ»
بَابُ الِاخْتِيَارِ فِي
التَّحَرُّزِ
١٧٩٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ،
عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ:
«أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ
هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا». فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِيَدِهِ، فَقَالَ:
«حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ وَهُوَ فِي
الدِّرْعِ». فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦]. ⦗٨٠⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ شَاهِينَ
١٧٩٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه،
قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ ذَهَبَ لِيَنْهَضَ إِلَى الصَّخْرَةِ،
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ
يَنْهَضَ إِلَيْهَا، فَجَلَسَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ تَحْتَهُ، فَنَهَضَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَوْجَبَ
طَلْحَةُ»
١٧٩٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ
الْمَكِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ
يَزِيدَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ «ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ»
١٧٩٣٤ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ، ثنا
سُفْيَانُ وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ،
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمٍ، عَنْ
طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «ظَاهَرَ بَيْنَ
دِرْعَيْنِ يَوْمَ أُحُدٍ».
١٧٩٣٥
- وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ
بْنِ يَزِيدَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا بِشْرُ
بْنُ السَّرِيِّ، فَذَكَرَهُ
بَابُ النَّفِيرِ وَمَا يُسْتَدَلُّ
بِهِ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿لَا
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ
اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً
وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء: ٩٥].
١٧٩٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا مَوْلَى
عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
قَالَ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى
بَدْرٍ لَمَّا نَزَلَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ
الْأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ شُرَيْحٍ، أَوْ شُرَيْحُ بْنُ مَالِكِ بْنِ
رَبِيعَةَ بْنِ ⦗٨١⦘ ضِبَابٍ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: إِنَّا أَعْمَيَانِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَهَلْ لَنَا رُخْصَةٌ؟ فَنَزَلَ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥]، ﴿فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ﴾ [النساء: ٩٥] ﴿عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: ٩٥]، فَهَؤُلَاءِ الْقَاعِدُونَ غَيْرُ أُولِي
الضَّرَرِ، ﴿وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا
عَظِيمًا، دَرَجَاتٍ مِنْهُ﴾ [النساء: ٩٦]،
الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ». أَخْرَجَ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ أَوَّلَ الْحَدِيثِ دُونَ سِيَاقَتِهِ مِنْ
وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«وَبَيِّنٌ إِذَا وَعَدَ اللهُ
الْقَاعِدِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ الْحُسْنَى أَنَّهُمْ لَا يَأْثَمُونَ
بِالتَّخَلُّفِ، وَأَبَانَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي قَوْلِهِ فِي النَّفِيرِ
حِينَ أَمَرَ بِالنَّفِيرِ: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]، وَقَالَ: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩]،
وَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ
مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢]، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ فَرْضَهُ الْجِهَادَ
عَلَى الْكِفَايَةِ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ، وَأَبَانَ أَنْ لَوْ تَخَلَّفُوا مَعًا
أَثِمُوا مَعًا بِالتَّخَلُّفِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا
يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩]».
١٧٩٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما «﴿إِلَّا
تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩]، ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ
حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ﴾ [التوبة: ١٢٠]، إِلَى قَوْلِهِ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٢١]، نَسَخَهَا بِالْآيَةِ الَّتِي تَلِيهَا:
﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢]»
١٧٩٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا
مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ اللهُ تبارك
وتعالى: ﴿خُذُوا
حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ﴾ [النساء: ٧١]،
عُصَبًا، ﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ [النساء: ٧١]،
وَقَالَ: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]، وَقَالَ ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩]،
ثُمَّ نَسَخَ هَذِهِ الْآيَاتِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ
لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢]،
قَالَ: فَتَغْزُو طَائِفَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَتُقِيمُ طَائِفَةٌ، قَالَ:
فَالْمَاكِثُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ
ﷺ هُمُ الَّذِينَ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ وَيُنْذِرُونَ قَوْمَهُمْ إِذَا
رَجَعُوا إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَزْوِ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ مَا نَزَّلَ اللهُ
مِنْ كِتَابِهِ وَفَرَائِضِهِ وَحُدُودِهِ "
١٧٩٣٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الِحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي رَجُلٌ،
وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ ⦗٨٢⦘ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ
قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ
فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَأَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
كَمَا مَضَى
١٧٩٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ بَعَثَ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ، وَقَالَ: «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ
رَجُلٌ». ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ
وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ
١٧٩٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ بِمَرْوَ، أنبأ أَبُو الْمُوَجِّهِ، أنبأ
عَبْدَانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
إِسْحَاقَ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا حَبَّانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، أنبأ
وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ،
عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ
بِغَزْوٍ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الْمُبَارَكِ
١٧٩٤٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَمْرُو
بْنُ عُثْمَانَ، وَقَرَأْتُهُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْجُرْجُسِيِّ،
قَالَا: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ
الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
قَالَ: «مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ لَمْ يُجَهِّزْ غَازِيًا أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا
فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ أَصَابَهُ اللهُ بِقَارِعَةٍ» قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ:
«قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
١٧٩٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا ⦗٨٣⦘ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا نَجْدَةُ بْنُ نُفَيْعٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
اسْتَنْفَرَ حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ فَتَثَاقَلُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا
يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩]،
قَالَ: «كَانَ عَذَابُهُمْ حَبْسَ الْمَطَرِ عَنْهُمْ»
١٧٩٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَذَكَرَ
الْجِهَادَ فَلَمْ يُفَضِّلْ عَلَيْهِ شَيْئًا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» هَذَا
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ فَضَّلَ عَلَيْهِ
الْمَكْتُوبَةَ بِعَيْنِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ "
١٧٩٤٥ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، ثنا
أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ: مَا أَقْعَدَ ابْنَ
عُمَرَ عَنِ الْغَزْوِ؟ قَالَ: «فَكَتَبَ إِلِيَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ
يُغْزِي وَلَدَهُ وَيَحْمِلُ عَلَى الظَّهْرِ، وَمَا أَقْعَدَهُ عَنِ الْغَزْوِ
إِلَّا وَصَايَا عُمَرَ وَصِبْيَانٌ صِغَارٌ، وَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُغْزِي
وَلَدَهُ وَيَحْمِلُ عَلَى الظَّهْرِ وَيَرَى الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ
أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الصَّلَاةِ»
١٧٩٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيٍّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، ثنا مَعْبَدُ
بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه،
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَفَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُجْزِي عَنِ
الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِي عَنِ الْجُلُوسِ
أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ»
جِمَاعُ أَبْوَابِ السِّيَرِ
بَابُ السِّيرَةِ فِي الْمُشْرِكِينَ
عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ "﴾
[التوبة:
٥] الْآيَتَيْنِ
١٧٩٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عِيسَى، أنبأ أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَقَدْ عَصَمَ
مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
عَنِ الزُّهْرِيِّ
١٧٩٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا
شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَرَّرِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه حَيْثُ
بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِبَرَاءَةٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَكُنْتُ أُنَادِي
حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي، قُلْتُ: يَا أَبِي، بِأِيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تُنَادِي؟
قَالَ: «أَمَرَنَا أَنْ نُنَادِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا
مُؤْمِنٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ
إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّ اللهَ
بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْكِرِينَ وَرَسُولُهُ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْكَعْبَةِ بَعْدَ
الْعَامِ مُشْرِكٌ أَوْ بَعْدَ الْيَوْمِ مُشْرِكٌ»
بَابُ السِّيرَةِ فِي أَهْلِ
الْكِتَابِ
" قَالَ
اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا
بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا
يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا
الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]
١٧٩٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ،
ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ بْنِ خَالِدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ
بْنُ مُوسَى، أنبأ سُفْيَانُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ
بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه،
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْصَاهُ فِي
خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا،
ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ
بِاللهِ، ⦗٨٥⦘ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ
دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ إِنْ هُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ
فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ
هُمْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ
فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي
عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْعَرَبِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ
مِنَ الْفَيْءِ، وَلَا مِنَ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ
الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَسَلْهُمْ إِعْطَاءَ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ
فَعَلُوا فَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللهِ
وَقَاتِلْهُمْ». وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ، وَتَمَامُ الْحَدِيثِ يَرِدُ إِنْ
شَاءَ اللهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ
بَابُ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ
وَقَدْ مَضَتِ الْأَخْبَارُ فِي
كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَحْنُ نَذْكُرُ هَهُنَا طَرَفًا مِنْهَا
إِنْ شَاءَ اللهُ
١٧٩٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ح وَأنبأ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ حُنَيْنٍ:
«مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقُمْتُ لِأَلْتَمِسَ
بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ ثُمَّ
بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
جُلَسَائِهِ: سِلَاحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي. قَالَ:
فَأَرْضِهِ مِنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: كَلَّا لَا يُعْطَهُ أُصَيْبِغٌ مِنْ
قُرَيْشٍ وَيَدَعُ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ.
قَالَ: فَعَلِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَدَّاهُ إِلِيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ
خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو فِي
رِوَايَتِهِ: «فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأَدَّاهُ إِلِيَّ». ⦗٨٦⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، عَنِ اللَّيْثِ: فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَدَّاهُ إِلِيَّ
بَابُ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ شَهِدَ
الْوَقْعَةَ
١٧٩٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ،
قَالَ: مَعْلُومٌ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالرِّدَّةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، قَالَ: «إِنَّمَا الْغَنِيمَةُ
لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ»
١٧٩٥٢ - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ حِكَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ
الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بَعَثَ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فِي خَمْسِمِائَةٍ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَدَدًا لِزِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَلِلْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي
أُمَيَّةَ، فَوَافَقَهُمُ الْجُنْدُ قَدِ افْتَتَحُوا النَّجِيرَ بِالْيَمِينِ،
فَأَشْرَكَهُمْ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فِي
الْغَنِيمَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَإِنَّ زِيَادًا كَتَبَ فِيهِ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه:
«إِنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ
الْوَقْعَةَ». وَلَمْ يَرَ لِعِكْرِمَةَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدِ
الْوَقْعَةَ، فَكَلَّمَ زِيَادٌ أَصْحَابَهُ فَطَابُوا أَنْفُسًا بِأَنْ
أَشْرَكُوا عِكْرِمَةَ وَأَصْحَابَهُ مُتَطَوِّعِينَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا قَوْلُنَا
"
١٧٩٥٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا أَهْلَ
نَهَاوَنْدَ، فَأَمَدُّوهُمْ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِمْ عَمَّارُ بْنُ
يَاسِرٍ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِمْ بَعْدَ مَا ظَهَرُوا عَلَى الْعَدُوِّ، فَطَلَبَ
أَهْلُ الْكُوفَةِ الْغَنِيمَةَ وَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ لَا يَقْسِمُوا
لِأَهْلِ الْكُوفَةِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ
لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَيُّهَا الْأَجْدَعُ، تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي
غَنَائِمِنَا؟ قَالَ: وَكَانَتْ أُذُنُ عَمَّارٍ جُدِعَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ
عُمَرُ: «إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ»
١٧٩٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ،
عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ الْأَحْمَسِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
رضي الله عنه: «إِنَّ
الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ». هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ رضي
الله عنه
١٧٩٥٥ - وَأَمَّا الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ حِكَايَةً عَنْ أَبِي
يُوسُفَ، عَنِ الْمُجَالِدِ، عَنْ عَامِرٍ، وَزِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، أَنَّ
عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ:»قَدْ أَمْدَدْتُكَ
بِقَوْمٍ فَمَنْ أَتَاكَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ تَتَفَقَّأَ الْقَتْلَى
فَأَشْرِكْهُ فِي الْغَنِيمَةِ«. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
فَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ عُمَرَ،
وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُ كُنَّا أَسْرَعَ إِلَى قَبُولِهِ مِنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ
مُخَالَفَةَ أَبِي يُوسُفَ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ
مُنْقَطِعٌ، وَرِوَايَةُ مُجَالِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَحَدِيثُ طَارِقِ بْنِ
شِهَابٍ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَاللهُ أَعْلَمُ». قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ شَيْءٌ يَثْبُتُ
فِي مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما لَا
يَحْضُرُنِي حِفْظُهُ». قَالَ الشَّيْخُ: "إِنَّمَا أَرَادَ وَاللهُ أَعْلَمُ
حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ حِينَ
وَقَعَ مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِخَيْبَرَ، بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا
وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ مَعَ سَائِرِ مَا
رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ
١٧٩٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قِرَاءَةً، ثنا أَبِي، ثنا
حُصَيْنُ بْنُ مُخَارِقٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ بَخْتَرِيٍّ الْعَبْدِيِّ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ:
«الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ»
بَابُ الْجَيْشِ فِي دَارِ الْحَرْبِ
يَخْرُجُ مِنْهُمُ السَّرِيَّةُ إِلَى بَعْضِ النَّوَاحِي فَتَغْنَمُ وَيَغْنَمُ
الْجَيْشُ
١٧٩٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى،
ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ،
عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ
حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ
بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللهُ أَصْحَابَهُ. وَذَكَرَ بَاقِيَ
الْحَدِيثِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي
كُرَيْبٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «أَبُو عَامِرٍ كَانَ فِي جَيْشِ
النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَهُ بِحُنَيْنٍ، فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي أَتْبَاعِهِمْ،
وَهَذَا جَيْشٌ وَاحِدٌ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُ رِدْءٌ لِلْأُخْرَى، وَإِذَا كَانَ
الْجَيْشُ هَكَذَا فَلَوْ أَصَابَ الْجَيْشُ شَيْئًا دُونَ السَّرِيَّةِ، أَوِ
السَّرِيَّةُ شَيْئًا دُونَ الْجَيْشِ، كَانُوا فِيهِ شُرَكَاءَ»
١٧٩٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ عَامَ الْفَتْحِ، فَقَالَ فِيهِ: «وَالْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ
يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، يَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، تَرُدُّ
سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدَتِهِمْ». وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرٍو،
فَقَالَ: «يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّعُهُمْ عَلَى
قَاعِدِهِمْ»
بَابُ سَهْمِ الْفَارِسِ
وَالرَّاجِلِ
١٧٩٥٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ،
ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ
عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ
ﷺ«أَسْهَمَ لِلرَّجُلِ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمًا لَهُ،
وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ». أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ
اللهِ كَمَا مَضَى فِي كِتَابِ الْقَسْمِ، وَقَدْ مَضَتْ سَائِرُ الْأَخْبَارِ فِي
هَذَا الْبَابِ فِيهِ
بَابُ تَفْضِيلِ الْخَيْلِ
١٧٩٦٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ،
عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ الْأَقْمَرِ،
قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَّبَ الْعِرَابَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ مُنْذِرٌ
الْوَادِعِيُّ، كَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ رضي الله عنه عَلَى بَعْضِ الشَّامِ
فَطَلَبَ الْعَدُوَّ، فَلَحِقَتِ الْخَيْلُ وَتَقَطَّعَتِ الْبَرَاذِينُ،
فَأَسْهَمَ لِلْخَيْلِ وَتَرَكَ الْبَرَاذِينَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ رضي الله
عنه، فَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه: «نِعِمَّا رَأَيْتَ». فَصَارَتْ سُنَّةً. رَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ،
ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ مِنْ هَذَا تَسْوِيَةٌ بَيْنَ
الْخَيْلِ وَالْعِرَابِ وَالْبَرَاذِينِ وَالْمَقَارِيفِ، وَلَوْ كُنَّا نُثْبِتُ
مِثْلَ هَذَا مَا خَالَفْنَاهُ
١٧٩٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا هَنْبَلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْحِمْصِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ
الْجُرْجَانِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا ⦗٨٩⦘ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «عَرَّبَ الْعَرَبِيَّ وَهَجَّنَ الْهَجِينَ». «كَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ سَاكِنُ حِمْصَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ مَوْصُولًا، وَرَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ حَمَّادٍ مُنْقَطِعًا»
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَهُوَ الْعَلَاءُ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ «هَجَّنَ الْهَجِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَعَرَّبَ الْعَرَبِيَّ، لِلْعَرَبِيِّ
سَهْمَانِ، وَلِلْهَجِينِ سَهْمٌ». وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَلَا تَقُومُ بِهِ
الْحُجَّةُ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ مُسْنَدٌ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ
١٧٩٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ،
ثنا الْمُفَضَّلُ بْنُ صَدَقَةَ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ الْبَهِيِّ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «لَمْ يُعْطِ الْكَوْدَنَ
شَيْئًا، وَأَعْطَى دُونَ سَهْمِهِ الْعِرَابَ وَالْكَوْدَنُ الْبِرْذَوْنُ
الْبَطِيءُ». أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
١٧٩٦٣ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
سَعِيدٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
أَبِي السَّفَرِ، وَحُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي
الْجَعْدِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي
الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ». قَالَ
الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ
عَلَى أَنَّهُ عَلَّقَ الْمَغْنَمَ بِجِنْسِ الْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْ
جُمْلَةِ الْخَيْلِ، وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ
عَنِ الْبَرَاذِينِ هَلْ فِيهَا صَدَقَةٌ، فَقَالَ: «وَهَلْ فِي الْخَيْلِ
صَدَقَةٌ؟»
بَابُ سُهْمَانِ الْخَيْلِ
١٧٩٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ،
أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ ⦗٩٠⦘ عُرْوَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه كَانَ يَضْرِبُ فِي
الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، سَهْمٍ لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ،
وَسَهْمٍ فِي ذِي الْقُرْبَى. سَهْمُ أُمِّهِ صَفِيَّةَ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ:
وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَهَابُ أَنْ يَذْكُرَ يَحْيَى بْنَ عَبَّادٍ،
وَالْحُفَّاظُ يَرْوُونَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
عَبَّادٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، بِنَحْوِهِ، وَهُوَ مَعَ مَا ذَكَرَ يَحْيَى
بْنُ عَبَّادٍ فِيهِ مُرْسَلٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَمُحَاضِرُ بْنُ مُوَرِّعٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْإِسْنَادِ
الَّذِي مَضَى: رَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ الزُّبَيْرَ حَضَرَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ
لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ، وَأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ
لِفَرَسَيْهِ. فَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى قَبُولِ هَذَا عَنْ مَكْحُولٍ
مُنْقَطِعًا، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَحْرَصُ لَوْ زِيدَ الزُّبَيْرُ رضي الله
عنه لِفَرَسَيْنِ أَنْ يَقُولَ بِهِ، وَأَشْبَهَ إِذْ خَالَفَهُ مَكْحُولٌ أَنْ
يَكُونَ أَثْبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِيهِ مِنْهُ؛ لِحِرْصِهِ عَلَى زِيَادَتِهِ
وَإِنْ كَانَ حَدِيثُهُ مَقْطُوعًا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، فَهُوَ كَحَدِيثِ
مَكْحُولٍ، وَلَكِنَّا ذَهَبْنَا إِلَى أَهْلِ الْمَغَازِي، فَقُلْنَا: «إِنَّهُمْ
لَمْ يَرْوُوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَضَرَ خَيْبَرَ بِثَلَاثَةِ أَفْرَاسٍ، لِنَفْسِهِ السَّكْبِ
وَالظَّرِبِ وَالْمُرْتَجِزِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ.
قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:»قَدْ رُوِّينَا حَدِيثًا عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْ حَدِيثِ مُحَاضِرٍ مَوْصُولًا
"
١٧٩٦٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَارِثِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثنا ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدِّهِ،
أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَامَ خَيْبَرَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ
الْعَوَّامِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمًا لَهُ، وَسَهْمًا لِذِي الْقُرْبَى
لِصَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُمِّ الزُّبَيْرِ، وَسَهْمَيْنِ
لِلْفَرَسِ "
بَابُ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ
وَالصِّبْيَانِ يَحْضُرُونَ الْوَقْعَةَ
١٧٩٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأُمَوِيُّ،
وَأَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ ⦗٩١⦘ عَطَاءٍ، أنبأ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ح، قَالَ: وَأنبأ أَبُو الْفَضْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَاللَّفْظُ لَهُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ بْنَ
عَامِرٍ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنِ اكْتُبْ إِلِيَّ مَنْ
ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ عز وجل وَفَرَضَ لَهُمْ مِمَّا
أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ، وَهَلْ
يُقْتَلُ صِبْيَانُ الْمُشْرِكِينَ، وَهَلْ لِلنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ إِذَا
حَضَرُوا الْبَأْسَ مِنْ سَهْمٍ مَعْلُومٍ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَوْلَا
أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَقَعَ فِي شَيْءٍ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ
وَأَنَا شَاهِدٌ: أَمَّا ذَوُو الْقُرْبَى فَإِنَّا كُنَّا نَرَى أَنَّهُمْ
قَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا، وَأَمَّا
صِبْيَانُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ
أَحَدًا، فَلَا تَقْتُلْ إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ
الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ، وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنِ انْقِضَاءِ يُتْمِ
الْيَتِيمِ فَإِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ وَأُونِسَ مِنْهُ رُشْدُهُ، فَقَدِ انْقَضَى
يُتْمُهُ فَادْفَعْ إِلَيْهِ مَالَهُ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ فَلَمْ
يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مَعْلُومٌ إِذَا حَضَرُوا الْبَأْسَ، وَلَكِنْ يُحْذَوْنَ
مِنْ غَنَائِمِ الْقَوْمِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ
١٧٩٦٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ
الزَّاهِدُ، ثنا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ الْعَتَكِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ،
أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرَ
وَالزُّهْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ
نَجْدَةُ فِي كِتَابِهِ ذَلِكَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْيَتِيمِ مَتَى يَخْرُجُ مِنَ
الْيُتْمِ وَيَقَعُ حَقُّهُ فِي الْفَيْءِ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّهُ إِذَا
احْتَلَمَ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْيُتْمِ وَوَقَعَ حَقُّهُ فِي الْفَيْءِ
"
١٧٩٦٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ،
حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي،
فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَمَرَ بِي، فَقُلِّدْتُ سَيْفًا فَإِذَا
أَنَا أَجُرُّهُ فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ
خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ "
١٧٩٦٩ - وَأَمَّا الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ،
قَالَا: «أَسْهَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِلْفَارِسِ لِفَرَسِهِ سَهْمَيْنِ،
وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا، فَصَارَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا،
وَأَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ». فَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَحَدِيثُ ابْنُ
عَبَّاسٍ مَوْصُولٌ صَحِيحٌ فَهُوَ أَوْلَى وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ الرَّضْخِ لِمَنْ يُسْتَعَانُ
بِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ
١٧٩٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: أنبأ
الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: «اسْتَعَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَهُودِ بَنِي
قَيْنُقَاعَ فَرَضَخَ لَهُمْ، وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُمْ». «تَفَرَّدَ بِهَذَا
الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي هَذَا حَدِيثٌ
صَحِيحٌ، وَقَدْ رَوَينَا قَبْلُ هَذَا فِي كَرَاهِيَةِ الِاسْتِعَانَةِ
بِالْمُشْرِكِينَ، وَاللهُ أَعْلَمُ»
١٧٩٧١ - فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا حَفْصٌ،
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ «غَزَا بِنَاسٍ
مِنَ الْيَهُودِ فَأَسْهَمَ لَهُمْ». «فَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ» قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«وَالْحَدِيثُ الْمُنْقَطِعُ عِنْدَنَا لَا يَكُونُ حُجَّةً. قَالَ الشَّيْخُ رحمه
الله: وَرَوَى
الْوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ فُطَيْرٍ الْحَارِثِيِّ،
قَالَ:»خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ يَهُودِ
الْمَدِينَةِ إِلَى خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَهُمْ كَسُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ".
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ فِي
دَارِ الْحَرْبِ
١٧٩٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ سُلَيْمُ بْنُ
أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ
قَبْلَ الْقِتَالِ، قَالَ: فَكَتَبَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ
الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ
غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ
وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ». قَالَ يَحْيَى: أَحْسِبُهُ قَالَ:
جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ. وَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللهِ
بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ
عَوْنٍ
١٧٩٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي
أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّوفِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ح، قَالَ:
وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَهَذَا حَدِيثُهُ، ثنا قُتَيْبَةُ،
قَالَا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرَ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا
وَأَبُو صِرْمَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، فَسَأَلَهُ أَبُو صِرْمَةُ،
فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَذْكُرُ الْعَزْلَ؟
قَالَ: نَعَمْ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ غَزْوَةَ الْمُصْطَلِقِ فَسَبَيْنَا
كَرَائِمَ الْعَرَبِ وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ،
فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ، فَقُلْنَا نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ
بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَلَا نَسْأَلُهُ، فَسَأَلْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «لَا
عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا كَتَبَ اللهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ،
وَقُتَيْبَةَ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَسَّمَ بَيْنَهُمْ
غَنَائِمَهُمْ قَبْلَ الرُّجُوعِ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا قَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ بِلَادَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَصَارَتْ بِلَادُهُمْ دَارَ
الْإِسْلَامِ، وَبَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ يَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ. قَالَ
الشَّافِعِيُّ مُجِيبًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ: «أَغَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ
وَهُمْ غَارُّونَ فِي نِعَمِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ، وَقَسَمَ
أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فِي دَارِهِمْ سَنَةَ خَمْسٍ، وَإِنَّمَا أَسْلَمُوا
بَعْدَهَا بِزَمَانٍ، وَإِنَّمَا بَعَثَ إِلَيْهِمُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ
مُصَدِّقًا سَنَةَ عَشْرٍ، وَقَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْهُمْ، وَدَارُهُمْ
دَارُ حَرْبٍ». قَالَ الشَّيْخُ: أَمَّا قَوْلُهُ: «إِنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ
خَمْسٍ فَكَذَلِكَ قَالَهُ عُرْوَةُ، وَابْنُ شِهَابٍ»
١٧٩٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، ثنا
أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، ح، قَالَ: وَثَنَا يَعْقُوبُ، وَثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ
عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي ذِكْرِ مَغَازِي رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: ثُمَّ
قَاتَلَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَبَنِي لِحْيَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ.
وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ
سِتٍّ "
١٧٩٧٥ - وَأَمَّا بَعْثُهُ الْوَلِيدَ
مُصَدِّقًا فَفِيمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ ⦗٩٤⦘ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ
لِيَأْخُذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَاتِ، وَأَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُمُ الْخَبَرُ فَرِحُوا
وَخَرَجُوا لِيَتَلَقَّوْا رَسُولَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَنَّهُ لَمَّا حُدِّثَ
الْوَلِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا
الصَّدَقَةَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَبَيْنَمَا
هُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ إِذْ أَتَاهُ الْوَفْدُ، فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ رَسُولَكَ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ
الطَّرِيقِ، وَإِنَّا خَشِينَا أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا رَدَّهُ كِتَابٌ جَاءَهُ
مِنْكَ لِغَضَبٍ غَضِبْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِنَّا نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ
اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اسْتَعْتَبَهُمْ وَهَمَّ
بِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل عُذْرَهُمْ فِي الْكِتَابِ، فَقَالَ: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ
تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: ٦]»
١٧٩٧٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: «أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي
مُعَيْطٍ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ لِيُصَدِّقَهُمْ، فَتَلَقَّوْهُ
بِالْهَدِيَّةِ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ بَنِي
الْمُصْطَلِقِ قَدْ أَجْمَعُوا لَكَ لِيُقَاتِلُوكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ تبارك
وتعالى: ﴿إِنْ
جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: ٦] الْآيَةَ. قَالَ
الشَّيْخُ:»وَالَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ غَزْوَةِ
بَنِي الْمُصْطَلِقِ بِمُدَّةٍ كَثِيرَةٍ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَنَةَ عَشْرٍ،
كَمَا حَفِظَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ كَانَ
زَمَنَ الْفَتْحِ صَبِيًّا، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَلَا يَبْعَثُهُ مُصَدِّقًا
إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ رَجُلًا "
١٧٩٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ
الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةِ،
قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَكَّةَ جَعَلَ أَهْلُ مَكَّةَ
يَأْتُونَهُ بِصِبْيَانِهِمْ فَيَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ وَيَدْعُو لَهُمْ، فَجِيءَ
بِي إِلَيْهِ وَقَدْ خُلِّقْتُ بِالْخَلُوقِ، فَلَمَّا رَآنِي لَمْ يَمْسَسْنِي
وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْخَلُوقُ الَّذِي خَلَّقَتْنِي أُمِّي». ⦗٩٥⦘
١٧٩٧٨
- وَحَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْكِلَابِيِّ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: «لَمَّا
فَتَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَكَّةَ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ:»وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ سَلَحَ يَوْمَئِذٍ فَتَقَذَّرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
وَلَمْ يَمَسَّهُ، وَلَمْ يَدْعُ لَهُ، وَمُنِعَ بَرَكَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
لِسَابِقِ عِلْمِ اللهِ فِيهِ "
١٧٩٧٩ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ
عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنبأ
مُسَدَّدٌ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، قَالَا: ثنا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَثَابِتٍ
الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ رَكِبَ، فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ
خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ
الْمُنْذَرِينَ». فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ وَهُمْ يَقُولُونَ:
مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ حَمَّادٌ: وَالْخَمِيسُ
الْجَيْشُ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى
الذَّرَارِيَّ، فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ
صَفِيَّةُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا.
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا
مَا أَمْهَرَهَا؟ فَقَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا. فَتَبَسَّمَ. ⦗٩٦⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ
١٧٩٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَا: ثنا السَّرِيُّ
بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ،
ح، قَالَ: وَأنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا بَهْزٌ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ
الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، ثنا أَنَسٌ رضي الله عنه، قَالَ: صَارَتْ صَفِيَّةُ
لِدِحْيَةَ فِي مَقْسَمِهِ، وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
وَيَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى
دِحْيَةَ فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّي، فَقَالَ:
أَصْلِحِيهَا. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ خَيْبَرَ حَتَّى
جَعَلَهَا فِي ظَهْرِهِ، نَزَلَ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا الْقُبَّةَ، فَلَمَّا
أَصْبَحَ، قَالَ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَأْتِنَا بِهِ». قَالَ:
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِفَضْلِ التَّمْرِ، وَفَضَلِ السَّوِيقِ، وَفَضَلِ
السَّمْنِ، حَتَّى جَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ سَوَادًا حَيْسًا، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ
مِنْ ذَلِكَ الْحَيْسِ، وَيَشْرَبُونَ مِنْ حِيَاضٍ إِلَى جَنْبِهِمْ مِنْ مَاءِ
السَّمَاءِ. قَالَ: فَقَالَ أَنَسٌ: وَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
عَلَيْهَا. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا رَأَيْنَا جُدُرَ الْمَدِينَةِ
مَشَيْنَا إِلَيْهَا، فَرَفَعْنَا مَطِيَّتَنَا، وَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
مَطِيَّتَهُ. قَالَ: وَصَفِيَّةُ خَلْفَهُ قَدْ أَرْدَفَهَا، فَعَثَرَتْ مَطِيَّةُ
رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَصُرِعَ وَصُرِعَتْ. قَالَ: فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ
يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا إِلَيْهَا حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَسْتُرُهَا.
قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ: لَمْ نُضَرَّ. قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ
فَخَرَجَ جَوَارِي نِسَائِهِ يَتَرَاءَيْنَهَا وَيَشْمَتْنَ بِصَرْعَتِهَا«.
لَفْظُ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ هَاشِمٍ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى وُقُوعِ قِسْمَةِ غَنِيمَةِ
خَيْبَرَ بِخَيْبَرَ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِنَّهَا حِينَ افْتَتَحَهَا صَارَتْ
دَارَ إِسْلَامٍ وَعَامَلَهُمْ عَلَى النَّخْلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ:»أَمَّا
خَيْبَرُ فَمَا عَلِمْتُهُ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَاحِدٌ مَا صَالَحَ إِلَّا
الْيَهُودَ، وَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، وَمَا حَوْلَ خَيْبَرَ كُلُّهُ دَارُ حَرْبٍ
"
١٧٩٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا
شِئْنَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، وَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ
فَأَخْرَجَهُمْ»
١٧٩٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَالْحَسَنُ النَّسَوِيُّ،
قَالُوا: ثنا هُدْبَةُ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا قَتَادَةُ، ⦗٩٧⦘ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اعْتَمَرَ
أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي فِي حَجَّتِهِ،
عُمْرَةً فِي الْحُدَيْبِيَةِ، أَوْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ،
وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ
قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ».
هَذَا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى عُمْرَتَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هُدْبَةَ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ ﷺ
قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ بِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
"فَأَمَّا
مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَقْسِمْ غَنَائِمَ
بَدْرٍ حَتَّى وَرَدَ الْمَدِينَةَ، وَمَا ثَبَتَ مِنَ الْحَدِيثِ بِأَنْ قَالَ:
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَسْهَمَ لِعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ
وَلَمْ يَشْهَدَا بَدْرًا، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ فَهُوَ يُخَالِفُ سُنَّةَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ
أَحَدًا لَمْ يَشْهَدِ الْوَقْعَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَدَدًا، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ:
قَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَنَائِمَ بَدْرٍ بِسَيْرِ شِعْبٍ مِنْ شِعَابِ
الصَّفْرَاءِ، قَرِيبٍ مِنْ بَدْرٍ
١٧٩٨٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
«وَمَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ مَضِيقٍ يُقَالُ لَهُ
الصَّفْرَاءُ، خَرَجَ مِنْهُ إِلَى كَثِيبٍ يُقَالُ لَهُ سَيْرٌ عَلَى مَسِيرَةِ
لَيْلَةٍ مِنْ بَدْرٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّفَلَ بَيْنَ
الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْكَثِيبِ»
١٧٩٨٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، ثنا
ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي حُيَيٌّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ
يَوْمَ بَدْرٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، كَمَا
خَرَجَ طَالُوتُ فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ خَرَجَ، فَقَالَ: «اللهُمَّ
إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ، اللهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ،
اللهُمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ». فَفَتَحَ اللهُ لَهُمْ يَوْمَ
بَدْرٍ، فَانْقَلَبُوا وَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أَوْ
جَمَلَيْنِ وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا«. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:»وَكَانَتْ غَنَائِمُ بَدْرٍ كَمَا
رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ
الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، فَلَمَّا تَشَاحُّوا عَلَيْهَا انْتَزَعَهَا
اللهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ
الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ١] الْآيَةَ
١٧٩٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي
رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى الْأَشْدَقِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي
سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي
الله عنه، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى بَدْرٍ، فَلَقِيَ بِهَا
الْعَدُوَّ فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللهُ اتَّبَعَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَاسْتَوْلَتْ
طَائِفَةٌ عَلَى النَّهْبِ وَالْعَسْكَرِ، فَلَمَّا رَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوا
الْعَدُوَّ، قَالُوا: لَنَا النَّفَلُ؛ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ، وَبِنَا
نَفَاهُمُ اللهُ وَهَزَمَهُمْ. وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ:
مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا بَلْ هُوَ لَنَا؛ نَحْنُ أَحْدَقْنَا
بِرَسُولِ اللهِ ﷺ أَنْ يَنَالَهُ مِنَ الْعَدُوِّ غِرَّةٌ. وَقَالَ الَّذِينَ
اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا
بَلْ هُوَ لَنَا؛ نَحْنُ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ وَأَحْرَزْنَاهُ. فَأَنْزَلَ
اللهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ عليه السلام: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ
الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ١] الْآيَةَ، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَهُمْ
عَنْ فُوَاقٍ»
١٧٩٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ
بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى الْأَشْدَقِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي
الله عنه عَنِ الْأَنْفَالِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ فِي آخِرِهِ:
فَلَمَّا اخْتَلَفْنَا وَسَاءَتْ أَخْلَاقُنَا انْتَزَعَهُ اللهُ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِينَا فَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِهِ، فَقَسَمَهُ عَلَى النَّاسِ عَنْ سَوَاءٍ،
فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَقْوَى اللهِ وَطَاعَتُهُ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ وَصَلَاحُ
ذَاتِ الْبَيْنِ، يَقُولُ اللهُ عز وجل: ﴿يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ
وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: ١]. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ
الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ بِأَسْرِهَا فِي أَهْلِ
بَدْرٍ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ كُلُّهَا خَالِصًا،
وَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ، وَأَدْخَلَ مَعَهُمْ ثَمَانِيَةَ نَفَرٍ لَمْ يَشْهَدُوا
الْوَقْعَةَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً»
١٧٩٨٧ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَحَسَّانُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ، قَالَا: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ، فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَلَمْ يَشْهَدْهَا، ثُمَّ
ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَهْمِهِ، فَمَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا، وَضَرَبَ لَهُ
بِسَهْمِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ
عَبْدِ شَمْسٍ، تَخَلَّفَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى امْرَأَتِهِ رُقَيَّةَ بِنْتِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ وَكَانَتْ وَجِعَةً ⦗٩٩⦘ فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَهْمِهِ، قَالَ: وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَأَجْرُكَ» وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: كَانَ بِالشَّامِ فَقَدِمَ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، فَقَالَ: وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «وَأَجْرُكَ» وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بَعْدَ مَا رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِسَهْمِهِ، فَقَالَ: وَأَجْرِي يَا
رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَأَجْرُكَ». فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ، وَأَمَّا مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَبُو لُبَابَةَ خَرَجَ زَعَمُوا
مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى بَدْرٍ، فَأَمَّرَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ
لَهُ بِسَهْمِهِ مَعَ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ رَجَّعَهُ
النَّبِيُّ ﷺ زَعَمُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، وَخَرَجَ
عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ ﷺ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ أَهْلِ
بَدْرٍ، وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
بِسَهْمِهِ فِي أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ كُسِرَ
بِالرَّوْحَاءِ فَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِسَهْمٍ وَذَكَرَهُمْ أَيْضًا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، وَذَكَرَهُمْ أَيْضًا مُوسَى بْنُ
عُقْبَةَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْحَارِثَ بْنَ حَاطِبٍ فِي الرَّدِّ
إِلَى الْمَدِينَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«وَإِنَّمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ
مَالِهِ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ
فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ٤١] بَعْدَ غَنِيمَةِ بَدْرٍ»
١٧٩٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ
الْفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: سُورَةُ الْأَنْفَالِ، قَالَ:
«نَزَلَتْ فِي أَهْلِ بَدْرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَأَمَّا مَا احْتُجَّ
بِهِ مِنْ وَقْعَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ، وَابْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَذَلِكَ
قَبْلَ بَدْرٍ، وَقَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَتُهُمْ فِي آخِرِ
يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَتَوَقَّفُوا فِيمَا صَنَعُوا، حَتَّى
نَزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ
فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة:
٢١٧]،
وَلَيْسَ مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ بِسَبِيلٍ». قَالَ الشَّيْخُ:
فذَكَرْنَا قِصَّةَ ابْنِ جَحْشٍ مِنْ رِوَايَةِ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
١٧٩٨٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ،
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَبْدَ اللهِ بْنَ
⦗١٠٠⦘ جَحْشٍ إِلَى نَخْلَةَ، فَقَالَ لَهُ: «كُنْ بِهَا حَتَّى تَأْتِيَنَا بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ»، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقِتَالٍ وَذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ
يُعْلِمَهُ أَيْنَ يَسِيرُ، فَقَالَ: «اخْرُجْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ حَتَّى إِذَا
سِرْتَ يَوْمَيْنِ فَافْتَحْ كِتَابَكَ وَانْظُرْ فِيهِ فَمَا أَمَرْتُكَ فِيهِ
فَامْضِ لَهُ، وَلَا تَسْتَكْرِهَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ عَلَى الذَّهَابِ
مَعَكَ»، فَلَمَّا سَارَ يَوْمَيْنِ فَتْحَ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ أَنِ امْضِ
حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةَ، فَتَأْتِيَنَا مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ بِمَا يَصِلُ
إِلَيْكَ مِنْهُمْ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ سَمْعًا وَطَاعَةً،
مَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الشَّهَادَةِ فَلْيَنْطَلِقْ مَعِي
فَإِنِّي مَاضٍ لِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْكُمْ
فَلْيَرْجِعْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ نَهَانِي أَنْ أَسْتَكْرِهَ مِنْكُمْ
أَحَدًا. فَمَضَى مَعَهُ الْقَوْمُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبُحْرَانَ أَضَلَّ سَعْدُ
بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرًا لَهُمَا كَانَا
يَعْتَقِبَانِهِ، فَتَخَلَّفَا عَلَيْهِ يَطْلُبَانِهِ، وَمَضَى الْقَوْمُ حَتَّى
نَزَلُوا نَخْلَةَ، فَمَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، وَالْحَكَمُ بْنُ
كَيْسَانَ، وَعُثْمَانُ وَالْمُغِيرَةُ ابْنَا عَبْدِ اللهِ، مَعَهُمْ تِجَارَةٌ
قَدِمُوا بِهَا مِنَ الطَّائِفِ أُدُمٌ وَزَبِيبٌ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْقَوْمُ
أَشْرَفَ لَهُمْ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا
رَأَوْهُ حَلِيقًا قَالُوا: عُمَّارٌ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ بَأْسٌ،
وَائْتَمَرَ الْقَوْمُ بِهِمْ - يَعْنِي أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي آخِرِ
يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، فَقَالُوا: لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ
لَتَقْتُلُونَهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَلَئِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ
لَيَدْخُلُنَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْحَرَمَ فَلَيَمْتَنِعُنَّ مِنْكُمْ،
فَأَجْمَعَ الْقَوْمُ عَلَى قَتْلِهِمْ، فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيمِيُّ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَأْسَرَ
عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَالْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ، وَهَرَبَ الْمُغِيرَةُ
وَأَعْجَزَهُمْ، وَاسْتَاقُوا الْعِيرَ فَقَدِمُوا بِهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَقَالَ لَهُمْ: «وَاللهِ مَا أَمَرْتُكُمْ بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ
الْحَرَامِ». فَأَوْقَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْأَسِيرَيْنِ وَالْعِيرَ، فَلَمْ
يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَا قَالَ
أُسْقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَظَنُّوا أَنْ قَدْ هَلَكُوا، وَعَنَّفَهُمْ
إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ حِينَ بَلَغَهُمْ أَمْرُ
هَؤُلَاءِ: قَدْ سَفَكَ مُحَمَّدٌ الدَّمَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَأَخَذَ
فِيهِ الْمَالَ، وَأَسَرَ فِيهِ الرِّجَالَ، وَاسْتَحَلَّ الشَّهْرَ الْحَرَامَ.
فَأَنْزَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ
فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ
وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ
وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة: ٢١٧]، يَقُولُ: الْكُفْرُ بِاللهِ أَكْبَرُ مِنَ
الْقَتْلِ، فَلَمَّا نَزَلَت ذَلِكَ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْعِيرَ، وَفَدَى
الْأَسِيرَيْنِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: أَتَطْمَعُ لَنَا أَنْ تَكُونَ غَزْوَةً،
فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ [البقرة: ٢١٨]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ
رَحْمَةَ اللهِ﴾، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَكَانُوا ثَمَانِيَةً وَأَمِيرُهُمُ
التَّاسِعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ«.
١٧٩٩٠
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَتَّابٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، أنبأ⦗١٠١⦘ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ بِمَعْنَى هَذَا، قَالَ:»وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الْغَنَائِمِ "
بَابُ السَّرِيَّةِ تَأْخُذُ
الْعَلَفَ وَالطَّعَامَ
١٧٩٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله، أنبأ أَبُو
الْأَحْرَزِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَمِيلٍ الطُّوسِيُّ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ الْحَرْبِيُّ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ،
عَنْ شُعْبَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه، قَالَ: «كُنَّا مُحَاصِرِينَ
خَيْبَرَ فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ، فَأَخَذْتُهُ فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا
النَّبِيُّ ﷺ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي الْوَلِيدِ
١٧٩٩٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا شُعْبَةُ،
وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ حُمَيْدِ بْنِ
هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَأَخَذْتُهُ فَالْتَزَمْتُهُ،
فَقُلْتُ: هَذَا لِي لَا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا
رَسُولُ اللهِ ﷺ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ». قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ:
وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «هُوَ لَكَ». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي دَاوُدَ،
عَنْ شُعْبَةَ
١٧٩٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْمَوْصِلِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: «كُنَّا نُصِيبُ فِي الْمَغَازِي الْعَسَلَ
أَوِ الْفَاكِهَةَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ حَمَّادٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «الْعَسَلَ
وَالْعِنَبَ»
١٧٩٩٤ - وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ
حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: «كُنَّا نَأْتِي الْمَغَازِيَ مَعَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ فَنُصِيبُ الْعَسَلَ وَالسَّمْنَ فَنَأْكُلُهُ». أَخْبَرَنَاهُ
أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي ⦗١٠٢⦘ إِسْحَاقَ، أنبأ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، فَذَكَرَهُ
١٧٩٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثنا
الزُّبَيْرُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ جَيْشًا
غَنِمُوا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ ﷺ طَعَامًا وَعَسَلًا فَلَمْ يُؤْخَذْ
مِنْهُمُ الْخُمُسُ. وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ، عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، " أَنَّ جَيْشًا غَنِمُوا دُونَ
ذِكْرِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ.
١٧٩٩٦
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي
عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ، عَنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ،
فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا
١٧٩٩٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ،
ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنبأ
الشَّيْبَانِيُّ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
الْمُجَالِدِ، قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلُ الْمَسْجِدِ إِلَى ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي
الله عنه أَسْأَلُهُ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ فِي طَعَامِ خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُهُ
فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: هَلْ خَمَسَهُ؟ قَالَ: لَا كَانَ أَقَلَّ
مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ أَحَدُنَا إِذَا أَرَادَ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْهُ
حَاجَتَهُ "
١٧٩٩٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، ثنا مُوسَى
بْنُ هَارُونَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا:
ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ
الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: مَنْ أَكَلَ
الْخُبْزَ سَمِنَ، فَلَمَّا فَتَحْنَا خَيْبَرَ جَهَضْنَاهُمْ عَنْ خُبْزَةٍ
لَهُمْ فَقَعَدْتُ عَلَيْهَا فَأَكَلْتُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعْتُ، فَجَعَلْتُ
أَنْظُرُ فِي عِطْفِيَّ هَلْ سَمِنْتُ». كَذَا قَالَ عَنْ يُونُسَ وَقَالَ
غَيْرُهُ، عَنْ أَيُّوبَ
١٧٩٩٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ سُوَيْدٍ
خَادِمِ سَلْمَانَ، أَنَّهُ «أَصَابَ سَلَّةً - يَعْنِي فِي غَزْوَةٍ -
فَقَرَّبَهَا إِلَى سَلْمَانَ رضي الله عنه، فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا
حَوَارِيُّ وَجُبْنٌ، فَأَكَلَ سَلْمَانُ مِنْهَا»
بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ فِي دَارِ
الْحَرْبِ
١٨٠٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ
الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي أُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ
الدُّرَيْكِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ
وَالْعَلَفِ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رضي
الله عنه، يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالًا يُرِيدُونَ أَنْ يُزِيلُونِي عَنْ دِينِي
وَاللهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى أَلْقَى مُحَمَّدًا ﷺ وَأَصْحَابَهُ، مَنْ
بَاعَ طَعَامًا أَوْ عَلَفًا بِأَرْضِ الرُّومِ مِمَّا أَصَابَ مِنْهَا بِذَهَبٍ
أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمُسُ اللهِ، وَفَيْءُ الْمُسْلِمِينَ»
١٨٠٠١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ
بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنِي خَالِدُ
بْنُ دُرَيْكٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله
عنه، قَالَ: «إِنَّ نَاسًا يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَزِلُّونِي عَنْ دِينِي وَإِنِّي
وَاللهِ لَأَرْجُو أَنْ لَا أَزَالَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، مَا كَانَ مِنْ
شَيْءٍ بِيعَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمُسُ اللهِ وَسِهَامُ
الْمُسْلِمِينَ»
١٨٠٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، ثنا أُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُقْبِلِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ هَانِئِ بْنِ كُلْثُومٍ، أَنَّ صَاحِبَ جَيْشِ الشَّامِ
حِينَ فُتِحَتِ الشَّامُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:
إِنَّا فَتَحْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ
الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
إِلَّا بِأَمْرِكَ فَاكْتُبْ إِلِيَّ بِأَمْرِكَ فِي ذَلِكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ
عُمَرُ رضي الله عنه: «أَنْ دَعِ النَّاسَ يَأْكُلُونَ وَيَعْلِفُونَ،
فَمَنْ بَاعَ شَيْئًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمُسُ اللهِ وَسِهَامُ
الْمُسْلِمِينَ»
بَابُ مَا فَضَلَ فِي يَدِهِ مِنَ
الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ فِي دَارِ الْحَرْبِ
١٨٠٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُصَفَّى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ،
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْأُرْدُنِّ، عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، قَالَ: رَابَطْنَا
مَدِينَةَ قِنَّسْرِينَ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ رضي الله عنه، فَلَمَّا
فَتَحَهَا أَصَابَ فِيهَا غَنَمًا وَبَقَرًا، فَقَسَمَ فِينَا طَائِفَةً مِنْهَا
وَجَعَلَ بَقِيَّتَهَا فِي الْمَغْنَمِ، فَلَقِيتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله
عنه فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ مُعَاذٌ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ،
فَأَصَبْنَا فِيهَا غَنَمًا فَقَسَمَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ طَائِفَةً وَجَعَلَ
بَقِيَّتَهَا فِي الْمَغْنَمِ "
١٨٠٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
الرَّزَّازُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا الْوَاقِدِيُّ، ثنا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله
عنهما، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ: «كُلُوا وَاعْلِفُوا وَلَا
تَحْمِلُوا».
١٨٠٠٥
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ،
فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا
١٨٠٠٦ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ،
ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا هُشَيْمٌ،
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ حَرْشَفٍ الْأَزْدِيَّ حَدَّثَهُ،
عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ،
قَالَ: «كُنَّا نَأْكُلُ الْجُزُرَ فِي الْغَزْو وَلَا نَقْسِمُهُ، حَتَّى إِنْ
كُنَّا لَنَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا وَأَخْرِجَتُنَا مِنْهُ مُمْلَأَةٌ»
١٨٠٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ بَعْضِ النَّاسِ
مِثْلُ مَا قُلْتُ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَذِنَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا فِي
بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلَا يَخْرُجُوا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ. فَإِنْ كَانَ
مِثْلُ هَذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ، وَإِنْ
كَانَ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّ فِي رِجَالِهِ مَنْ يُجْهَلُ، فَكَذَلِكَ فِي رِجَالِ
مَنْ رُوِيَ عَنْهُ إِحْلَالُهُ مَنْ يُجْهَلُ. قَالَ الشَّيْخُ:»وَكَأَنَّهُ
أَرَادَ بِالْأَوَّلِ حَدِيثَ الْوَاقِدِيِّ، وَأَرَادَ بِالثَّانِي مَا ذَكَرْنَا
بَعْدَهُ "
١٨٠٠٨ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
بَالَوَيْهِ، قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَزَّارُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ الْعَطَّارُ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا
أَبَا سَعِيدٍ إِنِّي امْرُؤٌ مَتْجَرِي بِالْأَيْلَةِ، وَإِنِّي أَمْلَأُ بَطْنِي
مِنَ الطَّعَامِ، فَأَصْعَدُ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَآكُلُ مِنْ تَمْرِهِ
وَبُسْرِهِ فَمَا تَرَى؟ قَالَ الْحَسَنُ: غَزَوْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
سَمُرَةَ وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ كَانُوا إِذَا صَعِدُوا إِلَى
الثِّمَارِ أَكَلُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْسِدُوا أَوْ يَحْمِلُوا
"
بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَهْبِ
الطَّعَامِ
١٨٠٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ
أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ
جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا،
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا
وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ
فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي
عَوَانَةَ
١٨٠١٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا هَنَّادُ
بْنُ السَّرِيِّ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ النَّاسَ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَهْدٌ، فَأَصَابُوا غَنَمًا
فَانْتَهَبُوهَا، وَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
يَمْشِي عَلَى فَرَسِهِ فَأَكْفَأَ قُدُورَنَا بِقَوْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَ يُرَمِّلُ
اللَّحْمَ بِالتُّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ النُّهْبَةَ لَيْسَ بِأَحَلَّ مِنَ
الْمَيْتَةِ، أَوْ إِنَّ الْمَيْتَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنَ النُّهْبَةِ».
الشَّكُّ مِنْ هَنَّادٍ
بَابُ أَخْذِ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ
بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ
١٨٠١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِي، وَأَبُو صَادِقٍ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ
الْمِصْرِيُّ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ التُّجِيبِيِّ، عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
السَّبَئِيِّ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، عَنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ عَامَ حُنَيْنٍ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ، وَمَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ دَابَّةٍ مِنَ
الْمَغَانِمِ فَيَرْكَبَهَا حَتَّى إِذَا نَقَصَهَا رَدَّهَا فِي الْمَغَانِمِ،
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسَنَّ شَيْئًا
مِنَ الْمَغَانِمِ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِي الْمَغَانِمِ»
١٨٠١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بُدَيْلِ
بْنِ مَيْسَرَةَ، ⦗١٠٦⦘ وَخَالِدٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَلْقَيْنِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ خُمُسُهَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلْجَيْشِ». قُلْتُ: فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: «لَا، وَلَا السَّهْمُ
تَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَنْبِكَ لَيْسَ أَنْتَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيكَ
الْمُسْلِمِ»
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي
اسْتِعْمَالِهِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ
١٨٠١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بُدَيْلِ
بْنِ مَيْسَرَةَ، ⦗١٠٦⦘ وَخَالِدٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَلْقَيْنِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ خُمُسُهَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلْجَيْشِ». قُلْتُ: فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: «لَا، وَلَا السَّهْمُ
تَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَنْبِكَ لَيْسَ أَنْتَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيكَ
الْمُسْلِمِ»
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي
اسْتِعْمَالِهِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ
١٨٠١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا
عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي
جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ، وَمَعَهُ سَيْفٌ جَيِّدٌ، وَمَعِي
سَيْفٌ رَدِيٌّ، فَجَعَلْتُ أَنْقُفُ رَأْسَهُ بِسَيْفِي وَأَذْكُرُ نَقْفًا كَانَ
يَنْقُفُ رَأْسِي بِمَكَّةَ، حَتَّى ضَعُفَتْ يَدُهُ فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ،
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: عَلَى مَنْ كَانَتِ الدَّبَرَةُ؟ أَكَانَتْ لَنَا،
أَوْ عَلَيْنَا؟ أَلَسْتَ رُوَيْعِيَنَا بِمَكَّةَ؟ قَالَ: فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقُلْتُ: قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَتَلْتَهُ؟». فَاسْتَحْلَفَنِي ثَلَاثَ
مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَامَ مَعِي إِلَيْهِمْ فَدَعَا عَلَيْهِمْ "
١٨٠١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جُنَاحُ
بْنُ نَذِيرِ بْنِ جُنَاحٍ الْقَاضِي بِالْكُوفَةِ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، أنبأ مِنْجَابُ بْنُ
الْحَارِثِ، أنبأ شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ فِي
الْقَتْلَى صَرِيعٌ وَمَعِي سَيْفٌ رَثٌّ، فَجَعَلْتُ أَضْرِبُهُ بِسَيْفِي فَلَمْ
يَعْمَلْ شَيْئًا. قَالَ: وَنَظَرَ إِلِيَّ، فَقَالَ: أَرُوَيْعِينَا بِمَكَّةَ؟
فَوَقَعَ سَيْفُهُ فَأَخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ
جِئْتُ أَشْتَدُّ حَتَّى أَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: «أَنْتَ قَتَلْتَهُ؟»
قُلْتُ: نَعَمْ، حَتَّى اسْتَحْلَفَنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَلَفْتُ لَهُ، ثُمَّ
قَالَ: «انْطَلِقْ فَأَرِنِيهِ». فَانْطَلَقَ فَأَرَيْتُهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ:
«كَانَ هَذَا فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ». وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ بِمَعْنَاهُ
١٨٠١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ،
عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ بَرَاءِ بْنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: «لَقِيتُ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ
حِمَارُ الْيَمَامَةِ، رَجُلًا جَسِيمًا بِيَدِهِ سَيْفٌ أَبْيَضُ، فَضَرَبْتُ
رِجْلَيْهِ فَكَأَنَّمَا أَخْطَأَتْهُ فَانْقَعَرَ فَوَقَعَ عَلَى قَفَاهُ،
فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ وَأَغْمَدْتُ سَيْفِي، فَمَا ضَرَبْتُ بِهِ إِلَّا ضَرْبَةً
حَتَّى انْقَطَعَ فَأَلْقَيْتُهُ وَأَخَذْتُ سَيْفِي»
بَابُ الْإِمَامِ إِذَا ظَهْرَ عَلَى
قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا
١٨٠١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً، أنبأ أَبُو سَعِيدِ
بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا
سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنهما،
قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا غَلَبَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ
بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
مِنْ حَدِيثِ رَوْحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، «قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَتَابَعَهُ مُعَاذٌ»
بَابُ مَا يَفْعَلُهُ بِذَرَارِيِّ
مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ
١٨٠١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْمُقْرِي الْحَمَّامِيُّ رحمه الله بِبَغْدَادَ،
أنبأ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ،
ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى
حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ،
فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ»، فَقَالَ: «إِنَّ
هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ». قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ
يُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «حَكَمْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ، وَرُبَّمَا قَالَ، حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللهِ».
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ شُعْبَةَ
١٨٠١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَسَدِيُّ الْحَافِظُ
بَهَمَذَانَ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ، ثنا إِسْحَاقُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَا: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ
بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رضي الله عنه حَكَمَ عَلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى،
وَأَنْ تُقَسَمَ أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ
ﷺ، فَقَالَ: «لَقَدْ حَكَمَ الْيَوْمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ
مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ»
١٨٠١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبأ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا سُفْيَانُ،
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: «كُنْتُ
فِيهِمْ، وَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ تُرِكَ، فَكُنْتُ
فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ»
١٨٠٢٠ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ
الضَّبِّيُّ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: «كُنْتُ فِيمَنْ حَكَمَ فِيهِمْ
سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُقْتَلَ
مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ: فَجَاءُوا بِي، وَلَا أَرَانِي
إِلَّا سَيَقْتُلُونَنِي فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ؛
فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ»
بَابُ مَا يَفْعَلُهُ بِالرِّجَالِ
الْبَالِغِينَ مِنْهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«الْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ
بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ أَهْلُ الْأَوْثَانِ، أَوْ يُعْطِيَ
الْجِزْيَةَ أَهْلُ الْكِتَابِ، أَوْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُفَادِيَهِمْ
بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ أَوْ بِأَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُطْلَقُونَ
لَهُمْ، أَوْ يَسْتَرِقَّهُمْ فَإِنِ اسْتَرَقَّهُمْ أَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا
فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْغَنِيمَةِ، يُخْمَسُ وَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا
لِأَهْلِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ حَكَمْتَ فِي الْمَالِ
وَالْوِلْدَانِ وَالنِّسَاءِ حُكْمًا وَاحِدًا، وَحَكَمْتَ فِي الرِّجَالِ
أَحْكَامًا مُتَفَرِّقَةً؟ قِيَلَ: ظَهَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى قُرَيْظَةَ
وَخَيْبَرَ، فَقَسَمَ عَقَارَهَا مِنَ الْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ قِسْمَةَ
الْأَمْوَالِ، وَسَبَى وِلْدَانَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ وَنِسَاءَهُمْ،
فَقَسَمَهُمْ قِسْمَةَ الْأَمْوَالِ». قَالَ الشَّيْخُ: أَمَّا مَا قَالَ فِي
قُرَيْظَةَ فَفِيمَا "
١٨٠٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، قَالَا:
أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ
أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ
«يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَجْلَى
رَسُولُ اللهِ ﷺ بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنْ عَلَيْهِمْ،
حَتَّى حَاربَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ
نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا
بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى
رَسُولُ اللهِ ﷺ يَهُودَ الْمَدِينَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ
اللهِ - يَعْنِي ابْنَ سَلَامٍ - وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ
بِالْمَدِينَةِ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
١٨٠٢٢
- وَأَمَّا مَا قَالَ فِي خَيْبَرَ
فَفِيمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو ⦗١٠٩⦘ الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: «لَوْلَا
آخِرُ النَّاسِ مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ الْمُثَنَّى
١٨٠٢٣ - وَأَمَّا مَا قَالَ فِي وِلْدَانِ
بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ، أنبأ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ ابْنُ عَوْنٍ، ح، قَالَ وَأَخْبَرَنَا
أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ،
قَالَا: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ
الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ، قَالَ: «إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ فِي
أَصْلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ
وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ
مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ
الْحَارِثِ». حَدَّثَنِي بِهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ
الْجَيْشِ«. وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ إِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ الدُّعَاءِ فِي
أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: غَزَوْنَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ
الْعَرَبِ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ
ﷺ فَقَالَ:»لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا "
١٨٠٢٤ - وَأَمَّا مَا قَالَ فِي هَوَازِنَ،
فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ وَهُوَ ابْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ
أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ،
أَنَّ مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ
إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَعِي
مَنْ تَرَوْنَ وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلِيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ، إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدِ اسْتَأْنَيْتُ
بِكُمْ». وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ
قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ غَيْرُ
رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ
سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ
بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ
جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ
سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ
أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ
أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا». فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ
يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ ⦗١١٠⦘ رَسُولُ اللهِ: «إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ». فَرَجَعَ
النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. «هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي
عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ،
عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
«وَأَسَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَهْلَ
بَدْرٍ مِنْهُمْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِلَا شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُمْ،
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فِدْيَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَهُ، وَكَانَ
الْمَقْتُولَانِ بَعْدَ الْإِسَارِ يَوْمَ بَدْرٍ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ
بْنَ الْحَارِثِ»
١٨٠٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ
قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ أَسَرَ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَبْدِيَّ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَتَلَهُ
بِالْبَادِيَةِ أَوِ الْأَثِيلِ صَبْرًا، وَأَسَرَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ
فَقَتَلَهُ صَبْرًا». قَالَ الشَّيْخُ: «وَقَدْ رُوِّينَا فِي كِتَابِ الْقَسْمِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبِ الْمَغَازِي»
١٨٠٢٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ،» أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا أَقْبَلَ بِالْأُسَارَى حَتَّى إِذَا
كَانَ بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ أَمَرَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ
أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَجَعَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي
مُعَيْطٍ يَقُولُ: يَا وَيْلَاهُ، عَلَامَ أُقْتَلُ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بِعَدَاوَتِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». فَقَالَ: يَا
مُحَمَّدُ مَنُّكَ أَفْضَلُ، فَاجْعَلْنِي كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِي إِنْ
قَتَلْتَهُمْ قَتَلْتَنِي، وَإِنْ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ مَنَنْتَ عَلَيَّ، وَإِنْ
أَخَذْتَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ كُنْتُ كَأَحَدِهِمْ، يَا مُحَمَّدُ مَنْ
لِلصِّبْيَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «النَّارُ، يَا عَاصِمُ بْنَ ثَابِتٍ،
قَدِّمْهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ». فَقَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ
"
١٨٠٢٧ - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْجَلَّابُ،
بِهَمَذَانَ، ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
جَعْفَرٍ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَرَادَ الضَّحَّاكُ بْنُ
قَيْسٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَسْرُوقًا، فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ:
أَتَسْتَعْمِلُ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا قَتَلَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه؟ فَقَالَ
لَهُ مَسْرُوقٌ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَكَانَ فِي
أَنْفُسِنَا مَوْثُوقَ الْحَدِيثِ، أَنَّ ⦗١١١⦘ رَسُولَ اللهِ ﷺ «لَمَّا أَرَادَ قَتْلَ أَبِيكَ قَالَ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ قَالَ:»النَّارُ "، قَدْ رَضِيتُ لَكَ مَا رَضِيَ لَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
١٨٠٢٨ - قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:»وَكَانَ الْمَمْنُونُ عَلَيْهِمْ
بِلَا فِدْيَةٍ أَبَا عَزَّةَ الْجُمَحِيَّ، تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
لِبَنَاتِهِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ، فَأَخْفَرَهُ
وَقَاتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ لَا يُفْلِتَ، فَمَا
أُسِرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ امْنُنْ
عَلَيَّ وَدَعْنِي لِبَنَاتِي وَأُعْطِيَكَ عَهْدًا أَنْ لَا أَعُودَ لِقِتَالِكَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَمْسَحُ عَلَى عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ: قَدْ
خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ». فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عُنُقُهُ.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ
الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَهُ. «وَقَدْ رُوِّينَا فِي ذَلِكَ
عَنْ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ»
١٨٠٢٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ
الْفَرَجِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ مِنَ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ أَبَا عَزَّةَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
عَبْدٍ الْجُمَحِيَّ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يَا
مُحَمَّدُ إِنَّ لِي خَمْسَ بَنَاتٍ لَيْسَ لَهُنَّ شَيْءٌ فَتَصَدَّقْ بِي
عَلَيْهِنَّ، فَفَعَلَ، وَقَالَ أَبُو عَزَّةَ: أُعْطِيكَ مَوْثِقًا أَنْ لَا
أُقَاتِلَكَ وَلَا أُكْثِرَ عَلَيْكَ أَبَدًا، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ،
فَلَمَّا خَرَجَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أُحُدٍ جَاءَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ،
فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَنَا، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُ مُحَمَّدًا مَوْثِقًا
أَنْ لَا أُقَاتِلَهُ، فَضَمِنَ صَفْوَانُ أَنْ يَجْعَلَ بَنَاتِهِ مَعَ بَنَاتِهِ
إِنْ قُتِلَ، وَإِنْ عَاشَ أَعْطَاهُ مَالًا كَثِيرًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى
خَرَجَ مَعَ قُرَيْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأُسِرَ وَلَمْ يُؤْسَرْ غَيْرُهُ مِنْ
قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا أُخْرِجْتُ كَرْهًا وَلِي بَنَاتٌ
فَامْنُنْ عَلَيَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَيْنَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ
الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ؟ لَا، وَاللهِ لَا تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ
تَقُولُ: سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ مَرَّتَيْنِ». قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ:
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ،
يَا عَاصِمُ بْنَ ثَابِتٍ قَدِّمْهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ». فَقَدَّمَهُ فَضَرَبَ
عُنُقَهُ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: «ثُمَّ أَسَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثُمَامَةَ بْنَ
أُثَالٍ الْحَنَفِيَّ بَعْدُ فَمَنَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ ثُمَامَةُ بْنُ
أُثَالٍ بَعْدُ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ»
١٨٠٣٠ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، وَأَبُو
الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا أَبُو بَكْرٍ ⦗١١٢⦘ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: بَعَثَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْلًا نَحْوَ أَرْضِ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ
ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ الْحَنَفِيُّ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ
بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ،
فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ «قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ
تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ
تُرِدِ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ، ثُمَّ قَالَ:»مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ «،
فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ. فَرَدَّهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَاهُ الْيَوْمَ
الثَّالِثَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:»أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ«.
فَخَرَجَ ثُمَامَةُ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ مِنَ
الْمَاءِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللهِ مَا
كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلِيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَقَدْ
أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلِيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ دِينٌ أَبْغَضَ
إِلِيَّ مِنْ دِينِكَ وَقَدْ أَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الْأَدْيَانِ إِلِيَّ،
وَوَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلِيَّ مِنْ بَلَدِكَ، وَقَدْ أَصْبَحَ
بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبُلْدَانِ كُلِّهَا إِلِيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي
وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ لَهُ رِجَالٌ بِمَكَّةَ:
أَصَبَوْتَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: لَا، وَاللهِ مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي
أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَاللهِ لَا يَأْتِيكُمْ حَبَّةُ حِنْطَةٍ مِنَ
الْيَمَامَةِ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى
١٨٠٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ
بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ إِسْلَامُ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ
الْحَنَفِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ دَعَا اللهَ حِينَ عَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ
بِمَا عَرَضَ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ اللهُ مِنْهُ، وَكَانَ عَرَضَ لَهُ وَهُوَ
مُشْرِكٌ فَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَأَقْبَلَ ثُمَامَةُ مُعْتَمِرًا وَهُوَ عَلَى
شِرْكِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَتَحَيَّرَ فِيهَا حَتَّى أُخِذَ، وَأُتِيَ
بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُبِطَ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ
الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا ثُمَامَةُ
هَلْ أَمْكَنَ اللهُ مِنْكَ؟». قَالَ: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يَا مُحَمَّدُ إِنْ
تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تَعْفُ تَعْفُ عَنْ شَاكِرٍ، وَإِنْ تَسْأَلْ
مَالًا تُعْطَهُ. فَمَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ وَتَرَكَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ
مَرَّ بِهِ، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا ثُمَامَ؟». فَقَالَ: خَيْرًا يَا مُحَمَّدُ
إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تَعْفُ تَعْفُ عَنْ شَاكِرٍ، وَإِنْ
تَسْأَلْ مَالًا تُعْطَهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ ⦗١١٣⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَجَعَلْنَا - الْمَسَاكِينَ -
نَقُولُ بَيْنَنَا: مَا نَصْنَعُ بِدَمِ ثُمَامَةَ؟، وَاللهِ لَأَكْلَةٌ مِنْ
جَزُورٍ سَمِينَةٍ مِنْ فِدَائِهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ دَمِ ثُمَامَةَ،
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مَرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا ثُمَامَ؟».
فَقَالَ: خَيْرًا يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تَعْفُ
تَعْفُ عَنْ شَاكِرٍ، وَإِنْ تَسَألْ مَالًا تُعْطَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«أَطْلِقُوهُ فَقَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ يَا ثُمَامَ». فَخَرَجَ ثُمَامَةُ حَتَّى
أَتَى حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَاغْتَسَلَ فِيهِ وَتَطَهَّرَ
وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ
فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ لَقَدْ كُنْتَ وَمَا وَجْهٌ
أَبْغَضَ إِلِيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَلَا دِينَ أَبْغَضُ إِلِيَّ مِنْ دِينِكَ،
وَلَا بَلَدَ أَبْغَضُ إِلِيَّ مِنْ بَلَدِكَ، ثُمَّ لَقَدْ أَصْبَحْتَ وَمَا
وَجْهٌ أَحَبَّ إِلِيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَلَا دِينَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ دِينِكَ،
وَلَا بَلَدَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ بَلَدِكَ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا رَسُولَ اللهِ،
إِنِّي كُنْتُ قَدْ خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي،
فَبَشِّرْنِي صَلَّى الله عَلَيْكَ فِي عُمْرَتِي. فَبَشَّرَهُ وَعَلَّمَهُ،
فَخَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ وَسَمِعَتْهُ قُرَيْشٌ يَتَكَلَّمُ
بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْإِسْلَامِ، قَالُوا: صَبَأَ ثُمَامَةُ، فَأَغْضَبُوهُ،
فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ
مُحَمَّدًا، وَآمَنْتُ بِهِ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ ثُمَامَةَ بِيَدِهِ لَا
يَأْتِيكُمْ حَبَّةٌ مِنَ الْيَمَامَةِ، وَكَانَتْ رِيفَ مَكَّةَ، مَا بَقِيتُ
حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا مُحَمَّدٌ ﷺ. وَانْصَرَفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَ
الْحَمْلَ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى جَهَدَتْ قُرَيْشٌ، فَكَتَبُوا إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِمْ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى ثُمَامَةَ يُخَلِّي
إِلَيْهِمْ حَمْلَ الطَّعَامِ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ "
١٨٠٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ، ثنا
أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
وَأَقْبَلَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ:
هَبْ لِي الزُّبَيْرَ الْيَهُودِيَّ أَجْزِيهِ، فَقَدْ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي
يَوْمَ بُعَاثٍ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَأَقْبَلَ ثَابِتٌ حَتَّى أَتَاهُ،
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَهَلْ
يُنْكِرُ الرَّجُلُ أَخَاهُ؟ قَالَ ثَابِتٌ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْزِيَكَ الْيَوْمَ
بِيَدٍ لَكَ عِنْدِي يَوْمَ بُعَاثٍ. قَالَ: فَافْعَلْ فَإِنَّ الْكَرِيمَ يَجْزِي
الْكَرِيمَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَوَهَبَكَ لِي.
فَأَطْلَقَ عَنْهُ إِسَارَهُ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ
أَخَذْتُمُ امْرَأَتِي وَبَنِيَّ. فَرَجَعَ ثَابِتٌ إِلَى الزُّبَيْرِ، فَقَالَ:
رَدَّ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ امْرَأَتَكَ وَبَنِيكَ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ:
حَائِطٌ لِي فِيهِ أَعْذُقٌ لَيْسَ لِي وَلَا لِأَهْلِي عَيْشٌ إِلَّا بِهِ. فَرَجَعَ
ثَابِتٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَوَهَبَ لَهُ، فَرَجَعَ ثَابِتٌ إِلَى الزُّبَيْرِ
فَقَالَ: قَدْ رَدَّ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَهْلَكَ وَمَالَكَ فَأَسْلِمْ
تَسْلَمْ. قَالَ: مَا فَعَلَ الْجَلِيسَانِ، وَذَكَرَ رِجَالَ قَوْمِهِ، قَالَ
ثَابِتٌ: قَدْ قُتِلُوا وَفُرِغَ مِنْهُمْ، وَلَعَلَّ اللهَ تبارك وتعالى أَنْ
يَكُونَ أَبْقَاكَ لَخَيْرٍ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أَسْأَلُكَ بِاللهِ يَا ثَابِتُ
وَبِيَدِي الْخَصِيمِ عِنْدَكَ يَوْمَ بُعَاثٍ إِلَّا أَلْحَقْتَنِي بِهِمْ،
فَلَيْسَ فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ. ⦗١١٤⦘ فَذَكَرَ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَمَرَ بِالزُّبَيْرِ فَقُتِلَ. «وَذَكَرَهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا الْقُرَظِيُّ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ كَبِيرًا أَعْمَى»
١٨٠٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ، بِبَغْدَادَ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ
الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ
لِأُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا فَكَلَّمَنِي فِي
هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَخَلَّيْتُهُمْ لَهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٨٠٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ
بْنُ نَصْرَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ خَنَبٍ الْبُخَارِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ، ثنا
عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي
الله عنه، أَنَّ " ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ
الْفَجْرِ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَعَفَا عَنْهُمْ، قَالَ: وَنَزَلَ
الْقُرْآنُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ
بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ [الفتح: ٢٤]. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادٍ
١٨٠٣٥ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ،
أنبأ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، أنبأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ
مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ» نَزَلَ مَنْزِلًا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ
فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ تَحْتَهَا، فَعَلَّقَ النَّاسُ سِلَاحَهُمْ فِي
شَجَرَةٍ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى سَيْفِهِ فَأَخَذَهُ وَسَلَّهُ، ثُمَّ
أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ وَالنَّبِيُّ ﷺ
يَقُولُ: «اللهُ». فَشَامَ الْأَعْرَابِيُّ السَّيْفَ، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ
أَصْحَابَهُ وَأَخْبَرَهُمْ بِصَنِيعِ الْأَعْرَابِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى
جَنْبِهِ لَمْ يُعَاقِبْهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَحْمُودٍ،
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ
١٨٠٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ
رضي الله عنه، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ
قَتَادَةُ يَذْكُرُ نَحْوَ ⦗١١٥⦘ هَذَا، وَيَذْكُرُ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ أَرَادُوا أَنْ يَفْتِكُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَأَرْسَلُوا هَذَا الْأَعْرَابِيَّ، وَيَتْلُو: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ﴾ الْآيَةَ "
١٨٠٣٧ - وَأَمَّا الْمُفَادَاةُ بِالنَّفْسِ،
فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو
الْوَلِيدِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، ح،
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَاللَّفْظُ لَهُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ بْنِ وَاقِدٍ الْكِلَابِيُّ،
قَالَا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ،
عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ:
كَانَتْ ثَقِيفٌ حُلَفَاءَ لِبَنِي عَقِيلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفٌ رَجُلَيْنِ مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلًا
وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ فِي
الْوَثَاقِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ ﷺ، فَقَالَ: «مَا
شَأْنُكَ؟». فقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي، وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَ الْحَاجِّ؟
فَقَالَ: «إِعْظَامًا لِذَاكَ أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ». ثُمَّ
انْصَرَفَ عَنْهُ، فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ:
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَحِيمًا رَفِيقًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا
شَأْنُكَ؟». فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ
أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَنَادَاهُ: يَا
مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟». فَقَالَ: إِنِّي
جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي. قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ». قَالَ:
فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ
حُجْرٍ وَغَيْرِهِ
١٨٠٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي
الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَى
رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ». «قَالَ سُفْيَانُ:»يَعْنِي أَخَذَ رَجُلَيْنِ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَى رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
١٨٠٣٩ - وَأَمَّا الْمُفَادَاةُ بِالْمَالِ
فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَرْفِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثنا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا
عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: وَكَانَ أَكْثَرُ حَدِيثِهِ عَنْ عُمَرَ رضي
الله عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ
الْأُسَارَى؟». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا نَبِيَّ اللهِ، بَنُو الْعَمِّ
وَالْعَشِيرَةُ ⦗١١٦⦘ وَالْإِخْوَانُ، غَيْرَ أَنَّا نَأْخُذُ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ؛ لِيَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَعَسَى الله عز وجل أَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ
وَيَكُونُوا لَنَا عَضُدًا. قَالَ: «فَمَاذَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟».
قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنْ
هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهُمْ فَقَرِّبْهُمْ وَاضْرِبْ
أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ: فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ
يَهْوَ مَا قُلْتُ أَنَا، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ
غَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَإِذَا هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَانِ
يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أِيِّ شَيْءٍ تَبْكِي
أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِلَّا تَبَاكَيْتُ
لِبُكَائِكُمَا. قَالَ: الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ، لَقَدْ عُرِضَ
عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَشَجَرَةٌ قُرَيْبَةٌ
حِينَئِذٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿مَا
كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ
تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [الأنفال: ٦٧] الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، زَادَ إِلَى
قَوْلِهِ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [الأنفال: ٦٩]، فَأَحَلَّ اللهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ
وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْقَسْمِ
١٨٠٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبُرُلُّسِيُّ،
ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمِصْرِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ صَالِحٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَرْعَرَةَ، ثنا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ،
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ
بَدْرٍ: «إِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَادَيْتُمُوهُمْ
وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتُشْهِدَ مِنْكُمْ بِعُدَّتِهِمْ». قَالَ:
فَكَانَ آخِرُ السَّبْعِينَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، قُتِلَ يَوْمَ
الْيَمَامَةِ". زَادَ الْبُرُلُّسِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ
عَرْعَرَةَ: رَدَدْتُ هَذَا عَلَى أَزْهَرَ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقُولَ:
عُبَيْدَةُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه
١٨٠٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَا: ثنا
أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا أَبُو الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي
الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَرْبَعَمِائَةٍ»
١٨٠٤٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ
بَدْرٍ، قَالَ: «وَكَانَ فِي ⦗١١٧⦘ الْأُسَارَى أَبُو وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَدِمَ ابْنُهُ الْمُطَّلِبُ الْمَدِينَةَ فَأَخَذَ أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَانْطَلَقَ بِهِ، ثُمَّ بَعَثَ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى، فَقَدِمَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فِي فِدَاءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: اجْعَلُوا رِجْلِيَّ مَكَانَ رِجْلِهِ وَخَلُّوا سَبِيلَهُ حَتَّى
يُبْعَثَ إِلَيْكَم بِفِدَائِهِ. فَخَلَّوْا سَبِيلَ سُهَيْلٍ وَحَبَسُوا
مِكْرَزًا. قَالَ: فَفَدَى كُلُّ قَوْمٍ أَسِيرَهُمْ بِمَا رَضُوا. قَالَ: وَكَانَ
أَكْثَرُ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ فِدَاءً الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، وَذَلِكَ لَأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مُوسِرًا، فَافْتَدَى نَفْسَهُ
بِمِائَةِ أُوقِيَّةِ ذَهَبٍ»
١٨٠٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، ثنا
الْقَبَّانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الرَّازِيُّ، قَالُوا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ
شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رِجَالًا مِنَ
الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالُوا:»ائْذَنْ لَنَا
فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا الْعَبَّاسِ فِدَاءَهُ. فَقَالَ: «وَاللهِ لَا
تَذَرُونَ دِرْهَمًا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ الْمُنْذِرِ، «وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ مَضَتْ فِي
كِتَابِ الْقَسْمِ»
بَابُ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ
الْإِسَارِ بِضَرْبِ الْأَعْنَاقِ دُونَ الْمُثْلَةِ
١٨٠٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا إِسْمَعِيلُ ابْنُ
عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ،
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ،
فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا
الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
١٨٠٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ الْمُقْرِئُ بِوَاسِطَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ
الْمُثْلَةِ وَالنُّهْبَةِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ
بْنِ مِنْهَالٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ شُعْبَةَ
١٨٠٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ
بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ ⦗١١٨⦘ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ:»كَانَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَمَرَهُ فِي خَاصَّةِ
نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا، ثُمَّ
قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ، فَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَقَاتِلُوا مَنْ
كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا،
وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ
١٨٠٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا
عَفَّانُ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ هَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ
الْبُرْجُمِيِّ، أَنَّ عَامِلًا لِأَبِيهِ أَبَقَ فَجَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ إِنْ
قَدِرَ عَلَيْهِ لَيَقْطَعَنَّ يَدَهُ، فَلَمَّا قَدَرَ عَلَيْهِ بَعَثَنِي إِلَى
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ
النَّبِيَّ ﷺ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَنَهَى عَنِ
الْمُثْلَةِ. قَالَ: وَبَعَثَنِي إِلَى سَمُرَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ
«يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله: فَإِنْ
قَالَ قَائِلٌ قَدْ قَطَّعَ أَيْدِيَ الَّذِينَ اسْتَاقُوا لِقَاحَهُ
وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَجُلًا
رَوَيَا هَذَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، رَوَيَا فِيهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَخْطُبْ بَعْدَ ذَلِكَ خُطْبَةً إِلَّا أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ،
وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ «قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ،
وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ»
١٨٠٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ السُّوسِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بَنُ يَحْيَى، أنبأ
هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ فَاجْتَوَوْهَا، وَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ شِئْتُمْ أَنْ
تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا
وَأَبْوَالِهَا» فَفْعَلُوا فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ
فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللهِ
ﷺ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَبَعَثَ فِي أَثَرِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ،
فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي
الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا«. لَفْظُ حَدِيثِ هُشَيْمٍ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ
الْوَهَّابِ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: لَا أَحْفَظُ: اشْرَبُوا أَبْوَالَهَا». ⦗١١٩⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى
١٨٠٤٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ، ثنا الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ،
أنبأ أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ بِمَعْنَى حَدِيثِ حُمَيْدٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: نَفَرٌ مِنْ
عُكْلٍ، قَالَ: «فَنَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ الْمُثْلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ»
١٨٠٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه بِهَذَا الْحَدِيثِ، زَادَ: ثُمَّ «نَهَى
عَنِ الْمُثْلَةِ»
١٨٠٥١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ
وَعُرَيْنَةَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ «يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ
وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ
يُنْكِرُ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي أَصْحَابِ اللِّقَاحِ»
١٨٠٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا،
وَأَبُو بَكْرٍ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام، قَالَ:»لَا وَاللهِ مَا
سَمَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَيْنًا، وَلَا زَادَ أَهْلَ اللِّقَاحِ عَلَى قَطْعِ
أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: «حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ ثَابِتٌ
صَحِيحٌ، وَمَعَهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِمَا جَمِيعًا أَنَّهُ سَمَلَ
أَعْيُنَهُمْ، فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ، وَالْأَحْسَنُ حَمْلُهُ
عَلَى النَّسْخِ».
١٨٠٥٣
- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ،
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ هَذَا
قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ مَا
دَلَّ عَلَى هَذَا، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ بِهِمْ مَا فَعَلُوا
بِالرِّعَاءِ
١٨٠٥٤ - وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ يَعْنِي
ابْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيَّ، ثنا يَحْيَى بْنُ ⦗١٢٠⦘ غَيْلَانَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، قَالَا: ثنا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ، ثنا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ،
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ إِنَّمَا «سَمَلَ أَعْيُنَ
أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرُّعَاةِ». «لَفْظُ حَدِيثِ
الْأَعْرَجِ، وَفِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ: إِنَّمَا سَمَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
أَعْيُنَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرُّعَاةِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ
١٨٠٥٥ - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ، أنبأ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ
الرُّصَافِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ
بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُصَيْنِ
بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي
الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّمَا «مَثَّلَ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَثَّلُوا
بِالرَّاعِي»
بَابُ الْمَنْعِ مِنْ صَبْرِ
الْكَافِرِ بَعْدَ الْإِسَارِ بِأَنْ يُتَّخَذَ غَرَضًا
١٨٠٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بْنُ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ بِهَا، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا وَهْبُ بْنُ
جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا
شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ الْمِنْهَالُ بْنُ
عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
١٨٠٥٧ - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ،
ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا
شُعْبَةُ، ثنا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ
ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما خَرَجَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَرَأَى
غِلْمَانًا قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوْهُ فَرُّوا،
فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ «لَعَنَ مَنْ
مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ». ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الشَّوَاهِدِ، وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
١٨٠٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ، أنبأ أَبُو يَعْلَى، ثنا ⦗١٢١⦘ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، أنبأ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ
وَقَدْ نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ
كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوَا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا،
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ
هَذَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ «لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ
غَرَضًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ،
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ
١٨٠٥٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا
عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدَّارَابَجِرْدِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ
الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله
عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ «نَهَى عَنْ صَبْرِ الدَّابَّةِ». قَالَ أَبُو
أَيُّوبَ: لَوْ كَانَتْ دَجَاجَةً مَا صَبَرْتُهَا
١٨٠٦٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بُكَيْرِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَعْلَى،
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، قَالَ: أَدْرَبْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ أَمِيرُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ عَلَى
الدُّرُوبِ. قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَأَقَمْنَا بِهِ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ قَدِ اتَّخَذَ مَسْجِدًا فَكُنَّا نَرُوحُ
وَنَجْلِسُ إِلَيْهِ، وَيُصَلِّي لَنَا وَنَسْتَمْتِعُ مِنْ حَدِيثِهِ. قَالَ:
فَوَاللهِ إِنَّا لَعَشِيَّةً مَعَهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَتَى الْآنَ
الْأَمِيرُ بِأَرْبَعَةِ أَعْلَاجٍ مِنَ الرُّومِ، فَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ
يُصْبَرُوا، فَرُمُوا بِالنَّبْلِ حَتَّى قُتِلُوا، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ
فَزِعًا حَتَّى جَاءَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ، فَقَالَ: أَصَبَرْتَهُمْ؟
لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ «يَنْهَى عَنْ صَبْرِ الدَّابَّةِ». وَمَا
أُحِبُّ أَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا وَأَنِّي صَبَرْتُ دَجَاجَةً. قَالَ: فَدَعَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ بِغِلْمَانٍ لَهُ أَرْبَعَةٍ فَأَعْتَقَهُمْ
مَكَانَهَمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةُ: عُبَيْدُ بْنُ يَعْلَى مِنْ أَهْلِ
فِلَسْطِينَ مَنْزِلُهُ عَسْقَلَانُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ،
عَنْ بُكَيْرٍ
١٨٠٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عِيسَى، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: أنبأ هُشَيْمٌ، أنبأ مُغِيرَةُ،
عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُنِيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَعَفُّ النَّاسِ
قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ»
بَابُ الْمَنْعِ مِنْ إِحْرَاقِ
الْمُشْرِكِينَ بِالنَّارِ بَعْدَ الْإِسَارِ
١٨٠٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبِسْطَامِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا
سُفْيَانُ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، وَأَيُّوبَ، وَعَمَّارًا
الدُّهْنِيَّ اجْتَمَعُوا، فَتَذَاكَرُوا الَّذِينَ حَرَقَهُمْ عَلِيٌّ رضي الله
عنه، فَحَدَّثَ أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ
بَلَغَهُ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا مَا حَرَقْتُهُمْ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ:
«لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللهِ»، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ:
«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». فَقَالَ عَمَّارٌ: لَمْ يَحْرِقْهُمْ،
وَلَكِنْ حَفَرَ لَهُمْ حَفَائِرَ وَخَرَقَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ دَخَّنَ
عَلَيْهِمْ حَتَّى مَاتُوا. فَقَالَ عَمْرٌو: قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
لِتَرْمِ بِيَ الْمَنَايَا حَيْثُ
شَاءَتْ ... إِذَا لَمْ تَرْمِ بِي فِي الْحُفْرَتَيْنِ
إِذَا مَا أَجَّجُوا حَطَبًا
وَنَارًا ... هُنَاكَ الْمَوْتُ نَقْدًا غَيْرَ دَيْنِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، دُونَ قَوْلِ
عَمَّارٍ وَعَمْرٍو
١٨٠٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِيَادِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ
النَّصِيبِيُّ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا
اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ، ح وَأنبأ أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قُتَيْبَةُ
بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي
بَعْثٍ، وَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا، لِرَجُلَيْنِ مِنْ
قُرَيْشٍ، فَاحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ
أَرَدْنَا الْخُرُوجَ: «إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَحْرِقُوا فُلَانًا
وَفُلَانًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللهُ،
فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا». «لَفْظُهُمَا سَوَاءٌ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
١٨٠٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ،
ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أنبأ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ،
أَنَّ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ
حَنْظَلَةَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ: «إِنْ أَصَبْتَ فُلَانًا أَوْ
فُلَانًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ». فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ
لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّهَا». وَرَوَاهُ مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
١٨٠٦٥ - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ، قَالَ: فَخَرَجْتُ
فِيهَا، وَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ».
فَوَلَّيْتُ فَنَادَانِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا
فَاقْتُلُوهُ وَلَا تَحْرِقُوهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ
النَّارِ». «وَأَمَّا حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَيْثُ أَمَرَهُ رَسُولُ
اللهِ ﷺ أَنْ يَحْرِقَ عَلَى أُبْنَى، وَمَا رُوِيَ فِي نَصْبِ الْمَنْجَنِيقِ
عَلَى الطَّائِفِ فَغَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا قُلْنَا، إِنَّمَا هُوَ فِي قِتَالِ
الْمُشْرِكِينَ مَا كَانُوا مُمْتَنِعِينَ، وَمَا رُوِيَ مِنَ النَّهْيِ فِي
الْمُشْرِكِينَ إِذَا كَانُوا مَأْسُورِينَ، وَشَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله بِرَمْيِ
الصَّيْدِ مَا دَامَ عَلَى الِامْتِنَاعِ، ثُمَّ النَّهْيِ عَنْ رَمْيِ
الدَّجَاجَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُمْتَنِعَةٍ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ»
بَابُ جَرَيَانِ الرِّقِّ عَلَى
الْأَسِيرِ وَإِنْ أَسْلَمَ إِذَا كَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ الْأَسْرِ
١٨٠٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ،
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ
بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ:»أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلًا
مِنْ بَنِي عَقِيلٍ، فَأَوْثَقُوهُ فَطَرَحُوهُ فِي الْحَرَّةِ، فَمَرَّ بِهِ
رَسُولُ اللهِ ﷺ وَنَحْنُ مَعَهُ، أَوْ قَالَ: أَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ
عَلَى حِمَارٍ وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ،
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ». قَالَ: فِيمَ أُخِذْتُ، وَفِيمَ
أُخِذَتْ سَابِقَةُ الْحَاجِّ؟ قَالَ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ
ثَقِيفٍ». وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
ﷺ، فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَرَحِمَهُ
رَسُولُ اللهِ ﷺ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ»؟ فَقَالَ إِنَّهُ
مُسْلِمٌ، قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ
الْفَلَاحِ». قَالَ: فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا
مُحَمَّدُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، قَالَ:
وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَإِنِّي عَطْشَانُ فَاسْقِنِي. قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ».
قَالَ: فَفَدَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمَا
ثَقِيفٌ وَأَخَذَ نَاقَتَهُ تِلْكَ. ⦗١٢٤⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ
بَابُ مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ
الرِّقُّ
١٨٠٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَدْ سَبَى رَسُولُ اللهِ ﷺ بَنِي
الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ وَقَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ وَأَجْرَى عَلَيْهِمُ
الرِّقَّ حَتَّى مَنَّ عَلَيْهِمْ بَعْدُ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ
بِالْمَغَازِي، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَطْلَقَ سَبْيَ
هَوَازِنَ قَالَ: «لَوْ كَانَ تَامًّا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ سَبْيٌ لَتَمَّ
عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَكِنَّهُ إِسَارٌ وَفِدَاءٌ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَمَنْ
ثَبَّتَ هَذَا الْحَدِيثَ زَعَمَ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَجْرِي عَلَى عَرَبِيٍّ
بِحَالٍ،» وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،
وَالشَّعْبِيِّ". وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه،
وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
١٨٠٦٨ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، ح، قَالَ: وَأنبأ سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ
عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «لَا يُسْتَرَقُّ عَرَبِيٌّ» قَالَ: وَأَنْبَأَ عَنِ
ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ فِي
الْمَوْلَى يَنْكِحُ الْأَمَةَ: يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ. وَفِي الْعَرَبِيِّ
يَنْكِحُ الْأَمَةَ: لَا يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ، عَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ «قَالَ
الشَّافِعِيُّ:»وَمَنْ لَمْ يُثْبِتِ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ذَهَبَ إِلَى
أَنَّ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقُّ
حَيْثُ جَرَى عَلَى الْعَجَمِ، وَاللهُ أَعْلَمُ«. قَالَ الرَّبِيعُ: وَبِهِ يَأْخُذُ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله». قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: «أَمَّا الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ»
عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ عُمَرَ
الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ السَّلُولِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: «لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَلَى أَحَدٍ مِنَ
الْعَرَبِ سِبَاءٌ بَعْدَ الْيَوْمِ لَثَبَتَ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا
هُوَ إِسَارٌ وَفِدَاءٌ» وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ،
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
١٨٠٦٩ - فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ
أَبِي حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا ⦗١٢٦⦘ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى
عَرَبِيٍّ مِلْكٌ، وَلَسْنَا بِنَازِعِي مِنْ يَدِ رَجُلٍ شَيْئًا أَسْلَمَ
عَلَيْهِ، وَلَكِنَّا نُقَوِّمُهُمُ الْمِلَّةَ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ». قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ: يَقُولُ هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ السَّبْيُ لَا نَنْزِعُهُ مِنْ
يَدِهِ بِلَا عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَيْهِ، وَلَا نَتْرُكُهُ مَمْلُوكًا
وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَكِنَّهُ قَوَّمَ قِيمَتَهُ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ
لِلَّذِي سَبَاهُ، وَيَرْجِعُ إِلَى نَسَبِهِ عَرَبِيًّا كَمَا كَانَ. قَاَلَ
الشَّيْخُ «وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه»
١٨٠٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ، ثنا الْقَاسِمُ هُوَ
الْجَوْهَرِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ،
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله
عنه «فَرَضَ
فِي كُلِّ سَبْيٍ فُدِيَ مِنَ الْعَرَبِ سِتَّةَ فَرَائِضَ، وَأَنَّهُ كَانَ
يَقْضِي بِذَلِكَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ الْوَلَائِدَ مِنَ الْعَرَبِ». وَهَذَا
أَيْضًا مُرْسَلٌ إِلَّا أَنَّهُ جَيِّدٌ
١٨٠٧١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَارِثِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، ثنا ابْنُ
مَنِيعٍ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «أَبَقَتْ أَمَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ فَوَقَعَتْ بِوَادِي
الْقُرَى، فَانْتَهَتْ إِلَى الْحِيِّ الَّذِي أَبَقَتْ مِنْهُمْ، فَتَزَوَّجَهَا
رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، فَنَثَرَتْ لَهُ بَطْنُهَا، ثُمَّ عَثَرَ عَلَيْهَا
سَيِّدُهَا فَاسْتَاقَهَا وَوَلَدَهَا، فَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه لِلْعُذْرِيِّ
- يَعْنِي قَضَى لَهُ بِوَلَدِهِ - وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْغُرَّةِ لِكُلِّ وَصِيفٍ
وَصِيفٌ، وَلِكُلِّ وَصِيفَةٍ وَصِيفَةٌ، وَجَعَلَ ثَمَنَ الْغُرَّةِ إِذَا لَمْ
تُوجَدْ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى سِتِّينَ دِينَارًا أَوْ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ،
وَعَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ سِتَّ فَرَائِضَ». قَالَ الشَّيْخُ: «وَهَذَا وَرَدَ
فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ، فَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ
لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ، وَكَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَأَى
الْقِيمَةَ بِمَا نُقِلَ فِي هَذَا الْأَثَرِ إِنْ ثَبَتَ، وَاللهُ أَعْلَمُ،
وَجَرَيَانُ الرِّقِّ عَلَى سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهَوَازِنَ صَحِيحٌ
ثَابِتٌ، وَالْمَنُّ عَلَيْهِمْ بِإِطْلَاقِ السَّبَايَا تَفَضُّلٌ»
١٨٠٧٢ - وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا أَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ،
ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه،
فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ رضي
الله عنه: خَرَجْنَا
مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي ⦗١٢٧⦘ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبَايَا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ
مَالِكٍ
١٨٠٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،
قَالَتْ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ
جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ
شَمَّاسٍ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتِ
امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَاحَةً لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ،
فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ:
فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا فَكَرِهْتُهَا، وَقُلْتُ: سَيَرَى
مِنْهَا مِثْلَمَا رَأَيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ سَيِّدِ قَوْمِهِ،
وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، وَقَدْ كَاتَبْتُ
عَلَى نَفْسِي فَأَعِنِّي عَلَى كِتَابَتِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَوَ
خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ؟». فَقَالَتْ:
نَعَمْ. فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَبَلَغَ النَّاسَ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا،
فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَأَرْسَلُوا مَا
كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَلَقَدْ أُعْتِقَ بِهَا مِائَةُ
أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً أَعْظَمَ
بَرَكَةً مِنْهَا عَلَى قَوْمِهَا "
١٨٠٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا يُونُسُ،
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِحُنَيْنٍ، فَلَمَّا أَصَابَ مِنْ
هَوَازِنَ مَا أَصَابَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَسَبَايَاهُمْ، أَدْرَكَهُ وَفْدُ
هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَسْلَمُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ،
لَنَا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ
عَلَيْكَ فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ. وَقَامَ خَطِيبُهُمْ زُهَيْرُ
بْنُ صُرَدَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا فِي الْحَظَائِرِ مِنَ
السَّبَايَا خَالِاتُكَ وَعَمَّاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللَّاتِي كُنَّ يَكْفُلْنَكَ،
وَذَكَرَ كَلَامًا وَأَبْيَاتًا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:»نِسَاؤُكُمْ
وَأَبْنَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟«. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ
اللهِ، خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا وَبَيْنَ أَمْوَالِنَا، أَبْنَاؤُنَا
وَنِسَاؤُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا. فَقَالَ ⦗١٢٨⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ:»أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فَهُوَ لَكُمْ، وَإِذَا أَنَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ فَقُومُوا وَقُولَوا: إِنَّا
نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا سَأُعْطِيكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ
وَأَسْأَلُ لَكُمْ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ قَامُوا
فَقَالُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ». وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا
فَهُوَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ. فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا
وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ: أَمَّا
أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا. فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: بَلْ مَا كَانَ لَنَا
فَهُوَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ. وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو
فَزَارَةَ فَلَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَمْسَكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ
فَلَهُ بِكُلِّ إِنْسَانٍ سِتَّةُ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ فَيْءٍ نُصِيبُهُ».
فَرَدُّوا إِلَى النَّاسِ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ. " وَحَدِيثُ
الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ قَدْ مَضَى
١٨٠٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
نُعَيْمٍ، ثنا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ
عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: ثَلَاثٌ سَمِعْتُهُنَّ لِبَنِي تَمِيمٍ
مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، لَا أُبْغِضُ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَهُنَّ أَبَدًا، كَانَ
عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها نَذْرٌ مُحَرَّرٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ
فَسُبِيَ سَبْيٌ مِنْ بَلْعَنْبَرِ، فَلَمَّا جِيءَ بِذَلِكَ السَّبْيِ قَالَ
لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَفِي بِنَذْرِكِ فَأَعْتِقِي
مُحَرَّرًا مِنْ هَؤُلَاءِ». فَجَعَلَهُمْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَجِيءَ
بِنَعَمٍ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا رَآهُ رَاعَهُ حُسْنُهُ، قَالَ:
فَقَالَ: هَذَا نَعَمُ قَوْمِي، فَجَعَلَهُمْ قَوْمَهُ. قَالَ: وَقَالَ: هُمْ
أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالًا فِي الْمَلَاحِمِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ حَامِدِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ
١٨٠٧٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ
بِمَرْوَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ مِسْعَرٌ،
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ سَبْيًا مِنْ
خَوْلَانَ قَدِمَ، وَكَانَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها رَقَبَةٌ مِنْ وَلَدِ
إِسْمَاعِيلَ، فَقَدِمَ سَبْيٌ مِنَ الْيَمَنِ فَأَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَ،
فَنَهَاهَا النَّبِيُّ ﷺ، فَقَدِمَ سَبْيٌ مِنْ مُضَرَ أَحْسِبُهُ قَالَ: «مِنْ
بَنِي الْعَنْبَرِ فَأَمَرَهَا أَنْ تُعْتِقَ». تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عُبَيْدٍ
بَابُ تَحْرِيمِ الْفِرَارِ مِنَ
الزَّحْفِ وَصَبْرِ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ
«قَالَ اللهُ تبارك وتعالى:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا
تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ [الأنفال: ١٥] الْآيَةَ، وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ [الأنفال: ٦٥] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ».
١٨٠٧٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ
حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، ثنا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ
بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ فَذَكَرَهُنَّ، وَذَكَرَ فِيهِنَّ
التَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ
الْأُوَيْسِيِّ
١٨٠٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّغَانِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى
بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ،
وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي
الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ
وَسَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا
أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍوَ
١٨٠٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ،
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾، فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا
يَفِرَّ الْعِشْرُونَ مِنَ الْمِائَتَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
﴿الْآنَ
خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾، فَخَفَّفَ عَنْهُمْ وَكَتَبَ
عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ». ⦗١٣٠⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ
١٨٠٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ أنبأ عَبْدِ اللهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ النَّضْرِ الْمَرْوَزِيُّ،
أنبأ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ هُوَ ابْنُ سُفْيَانَ، ثنا حَبَّانُ،
أنبأ عَبْدُ اللهِ، أنبأ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «نَزَلَتْ ﴿إِنْ
يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ قَالَ: فُرِضَ
عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ رَجُلٌ مِنْ عَشَرَةٍ، وَلَا قَوْمٌ مِنْ عَشْرِ
أَمْثَالِهِمْ، فَجَهَدَ ذَلِكَ النَّاسَ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَتْ: ﴿الْآنَ
خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ قَالَ: فَأُمِرُوا أَنْ لَا يَفِرَّ
رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَلَا قَوْمٌ مِنْ مِثْلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَنَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خَفَّفَ مِنَ الْعِدَّةِ». «هَذَا لَفْظُ
حَدِيثِ عَفَّانَ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَشَقَّ ذَلِكَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ
فَجَاءَ التَّخْفِيفُ، فَقَالَ: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ﴾ [الأنفال: ٦٦]، الآية، فَلَمَّا خَفَّفَ اللهُ عَنْهُمْ
مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خَفَّفَ عَنْهُمْ» رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيِّ، عَنِ
ابْنِ الْمُبَارَكِ
١٨٠٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
شَيْبَانَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «إِنْ فَرَّ رَجُلٌ مِنِ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ،
وَإِنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ يَفِرَّ»
بَابُ مَنْ تَوَلَّى مُتَحَرِّفًا
لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ
١٨٠٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي
سَرِيَّةٍ، فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً، فَأَتَيْنَا
الْمَدِينَةَ، فَفَتَحْنَا بَابَهَا، وَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَحْنُ
الْفَرَّارُونَ. فَقَالَ: «بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ وَأَنَا فِئَتُكُمْ»
١٨٠٨٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
عَاصِمٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ
اللهِ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقِينَا الْعَدُوَّ، فَحَاصَ الْمُسْلِمُونَ حَيْصَةً،
فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ، قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَا نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ
بُؤْنَا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ، ثُمَّ قُلْنَا: نَدْخُلُهَا فَنَمْتَارُ مِنْهَا،
فَدَخَلْنَا فَلَقِينَا النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْنَا:
نَحْنُ الْفَرَّارُونَ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ». فَقُلْنَا: يَا
نَبِيَّ اللهِ، أَرَدْنَا أَنْ لَا نَدْخُلَ الْمَدِينَةَ وَأَنْ نَرْكَبَ
الْبَحْرَ. قَالَ: «لَا تَفْعَلُوا فَإِنِّي فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ»
١٨٠٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ»
١٨٠٨٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ
سُوَيْدًا، سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ لَمَّا هُزِمَ
أَبُو عُبَيْدَةَ: «لَوْ أَتَوْنِي كُنْتُ فِئَتَهُمْ». ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَايِّ، عَنْهُ أَحَادِيثَ
فِي الْبَيْعَةِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا، وَقَدْ
ذَكَرْنَاهَا فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ "
بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَصْدِ
النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ بِالْقَتْلِ
١٨٠٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، ثنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى
ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ نَهَاهُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ
"
١٨٠٨٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرْشِيُّ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
يُونُسَ، ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي
الله عنهما، أَخْبَرَهُ أَنَّ «امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ
اللهِ ﷺ مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَتْلَ النِّسَاءِ
وَالصِّبْيَانِ». ⦗١٣٢⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ، عَنِ اللَّيْثِ
١٨٠٨٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، وَأَبُو
أُسَامَةَ، قَالَا: ثنا عُبَيْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: «وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ
تِلْكَ الْمَغَازِي، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ
وَالصِّبْيَانِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي
أُسَامَةَ
وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»
١٨٠٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمِصْرِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ
يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ الْخَفَّافَ، ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ،
عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
فَغَزَوْتُ مَعَهُ، فَأَصَبْنَا ظَفَرًا فَقَتَلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ حَتَّى
قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «مَا بَالُ
أَقْوَامٍ جَاوَزَ بِهِمُ الْقَتْلُ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ؟». فَقَالَ
رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ. قَالَ:
«أَلَا إِنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ». ثُمَّ قَالَ: «لَا
تَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ». قَالَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ: «كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ
عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا، فَأَبَوَاهَا
يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ
عُبَيْدٍ: «مَعْنَى قَوْلِهِ:»كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ "،
يَعْنِي الْفِطْرَةَ الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ
آدَمَ فَأَقَرُّوا بِتَوْحِيدِهِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ
عُبَيْدٍ، وَذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنَ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ،
١٨٠٩٠
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثنا هُشَيْمٌ، أنبأ يُونُسُ
بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ رضي
الله عنه، قَالَ: كُنَّا فِي غَزْوَةٍ لَنَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. ⦗١٣٣⦘ وَرَوَاهُ أَيْضًا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ
بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ
وَالصِّبْيَانِ فِي التَّبْيِيتِ وَالْغَارَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَمَا وَرَدَ
فِي إِبَاحَةِ التَّبْيِيتِ
١٨٠٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما، قَالَ: أَخْبَرَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ
سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَسْأَلُ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«هُمْ مِنْهُمْ». وَزَادَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: «هُمْ مِنْ
آبَائِهِمْ» «لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا،
وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فِي الْحَدِيثِ:»هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ". رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ
١٨٠٩٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو بَكْرٍ، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ
الرَّبِيعُ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا بَعَثَ إِلَى ابْنِ
أَبِي الْحُقَيْقِ «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ». لَفْظُ حَدِيثِ
أَبِي عَبْدِ اللهِ، زَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي رِوَايَتِهِ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «فَكَانَ سُفْيَانُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ
ﷺ:»هُمْ مِنْهُمْ «إِبَاحَةٌ لِقَتْلِهِمْ، وَأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي
الْحُقَيْقِ نَاسِخٌ لَهُ. قَالَ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيثِ
الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَتْبَعَهُ حَدِيثَ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ». قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَحَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ كَانَ فِي
عُمْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَتِهِ الْأُولَى فَقَدْ قُتِلَ
ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ قَبْلَهَا وَقِيلَ فِي سَنَتِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي
عُمْرَتِهِ الْآخِرَةِ فَهُوَ بَعْدَ أَمْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ غَيْرَ
شَكٍّ، وَاللهُ أَعْلَمُ». قَالَ: «وَلَمْ نَعْلَمْهُ رَخَّصَ فِي قَتْلِ
النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ، ⦗١٣٤⦘ وَمَعْنَى نَهْيِهِ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ أَنْ يَقْصِدَ قَصْدَهُمْ بِقَتْلٍ وَهُمْ يُعْرَفُونَ مُمَيَّزِينَ مِمَّنْ أُمِرَ
بِقَتْلِهِ مِنْهُمْ. قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ هُمْ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ
يَجْمَعُونَ خَصْلَتَيْنِ، أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْإِيمَانِ الَّذِي
يَمْنَعُ الدَّمَ، وَلَا حُكْمُ دَارِ الْإِيمَانِ الَّذِي يَمْنَعُ الْغَارَةَ
عَلَى الدَّارِ». قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: «أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَتِهِ»
١٨٠٩٣ - فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ
اسْتِدْلَالًا بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا جَعْفَرٌ الْفَارَيَابِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ
اللهِ ﷺ وَأَنَا بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَأَهْدَيْتُ إِلَيْهِ لَحْمَ
حِمَارِ وَحْشٍ، فَرَدَّهُ عَلَيَّ فَلَمَّا رَأَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِي،
قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ وَلَكِنَّا حُرُمٌ»
قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ ذَرَارِيِّ
الْمُشْرِكِينَ فَيُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ،
فَقَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ». قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا حِمَى إِلَّا
لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». قَالَ عَلِيٌّ: فَرَدَّدَهُ سُفْيَانُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ
مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: حَفِظْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ سَمِعْتُهُ، وَكَانَ إِذَا ⦗١٣٥⦘ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ»
١٨٠٩٤ - وَأَمَّا تَارِيخُ قَتْلِ ابْنِ
أَبِي الْحُقَيْقِ، وَتَارِيخُ عُمْرَتِهِ، فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
هُوَ ابْنُ يَسَارٍ، قَالَ: فَلَمَّا انْقَضَى أَمْرُ الْخَنْدَقِ وَأَمْرُ بَنِي
قُرَيْظَةَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ مِمَّنْ كَانَ
حَزَّبَ الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، اسْتَأْذَنَتِ الْخَزْرَجُ رَسُولَ
اللهِ ﷺ فِي قَتْلِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَ بِخَيْبَرَ،
فَأَذِنَ لَهُمْ فِيهِ. قَالَ: ثُمَّ غَزَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي شَعْبَانَ
سَنَةَ سِتٍّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مُعْتَمِرًا عَامَ
الْحُدَيْبِيَةِ». قَالَ الشَّيْخُ: «ثُمَّ كَانَتْ عُمْرَتُهُ الَّتِي تُسَمَّى
عُمْرَةَ الْقَضَاءِ، ثُمَّ عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ، ثُمَّ عُمْرَتُهُ فِي سَنَةِ
حَجَّتِهِ، كُلُّهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَتْلُ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ كَانَ
قَبْلَهُنَّ، فَكَيْفَ يَكُونُ نَهْيُهُ فِي قِصَّةِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ عَنْ
قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ نَاسِخًا لِحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ
الَّذِي كَانَ بَعْدَهُ؟ وَزَعَمُوا أَنَّهُ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَاتَ
فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ الْحَدِيثَ مِنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ بَعْدَ مَا هَاجَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ قِصَّةِ
ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ الْهَدِيَّةِ مَا دَلَّ عَلَى
أَنَّهُ أَوَّلُ مَا الْتَقَى بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَيَكُونُ وَجْهُ الْحَدِيثَيْنِ
مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله مِنَ اخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ
وَاللهُ أَعْلَمُ»
١٨٠٩٥ - وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي
جَوَازِ التَّبْيِيتِ أَيْضًا بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَا: ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ،
أَنَّ نَافِعًا كَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ،
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ فِي
نَعَمِهِمْ بِالْمُرَيْسِيعِ، فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ».
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ كَمَا مَضَى
١٨٠٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيٍّ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، وَأَبُو عَامِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ
عَمَّارٍ، ثنا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، فَغَزَوْنَا نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
فَبَيَّتْنَاهُمْ فَقَتَلَهُمْ، وَكَانَ شِعَارُنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَمِتْ
أَمِتْ، قَالَ سَلَمَةُ: فَقَتَلْتُ بِيَدِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ سَبْعَةَ أَهْلِ
أَبْيَاتٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
١٨٠٩٧ - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ،
فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَنَا لَيْلًا
وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِاللَّيْلِ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ،
فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا
رَأَوْهُ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ
ﷺ: «اللهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ
﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٧]». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ
الْقَعْنَبِيِّ
١٨٠٩٨ - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرِ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ
الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَارَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَى إِلَيْهَا لَيْلًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
إِذَا طَرَقَ قَوْمًا لَمْ يُغِرْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ
أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ أَغَارَ عَلَيْهِمْ حِينَ يُصْبِحُ،
فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ
وَمَعَهُمْ مَكَاتِلُهُمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللهِ ﷺ
قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهُ أَكْبَرُ
خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ
الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات:
١٧٧]». قَالَ
أَنَسٌ: وَإِنِّي لَرِدْفٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، وَإِنَّ قَدَمِي لَتَمَسُّ قَدَمَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ
١٨٠٩٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لَا يُغِيرُ حَتَّى
يُصْبِحَ لَيْسَ بِتَحْرِيمٍ لِلْإِغَارَةِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَلَا غَارِّينَ
فِي حَالٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَكِنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ يُبْصِرُ مَنْ
مَعَهُ كَيْفَ يُغِيرُونَ احْتِيَاطًا مِنْ أَنْ يُؤْتَوْا مِنْ كَمِينٍ، أَوْ
مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ، وَقَدْ يَخْتَلِطُ الْحَرْبُ إِذَا أَغَارُوا
لَيْلًا فَيَقْتُلُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضًا، قَدْ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ فِي
قَتْلِ ابْنِ عَتِيكٍ، فَقَطَعُوا رِجْلَ أَحَدِهِمْ " ⦗١٣٧⦘ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ
بِالْغَارَةِ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ يَهُودَ فَقَتَلُوهُ
قَتْلُ أَبِي رَافِعٍ عَبْدِ اللهِ
بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَيُقَالُ: سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ
١٨١٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الشَّطَوِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ
رضي الله عنه، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ
وَكَانَ يَسْكُنُ أَرْضَ الْحِجَازِ، فَنَدَبَ لَهُ سَرَايَا مِنَ الْأَنْصَارِ،
وَأَمَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي النَّبِيَّ ﷺ
وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حَصِينٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَلَمَّا
دَنَوْا مِنْهْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ
عَبْدُ اللهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ فَمُتَطَلِّعٌ
الْأَبْوَابَ لَعَلِّي أَدْخُلُ فَأَقْتُلُهُ. حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْبَابِ
تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ فَهَتَفَ
بِهِ الْبَوَّابُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ
فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ، قَالَ: فَدَخَلْتُ، فَلَمَّا
دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ ثُمَّ عَلَّقَ الْأَقَالِيدَ عَلَى وَتَدٍ.
قَالَ: فَقُمْتُ إِلَى الْأَقَالِيدِ فَأَخَذْتُهَا فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَكَانَ
أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ فِي عَلَالِيَّ لَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ عَنْهُ
أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا
أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ الْقَوْمَ نَذِرُوا بِي لَمْ
يَخْلُصُوا إِلِيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا
هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ
الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: أَبَا رَافِعٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوِي نَحْوَ
الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً غَيْرَ طَائِلٍ وَأَنَا دَهِشٌ، فَلَمْ أُغْنِ
عَنْهُ شَيْئًا وَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ فَمَكَثْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ
جِئْتُ فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ، فَقَالَ: لِأُمِّكَ
الْوَيْلُ رَجُلٌ فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قَالَ:
فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً ثَانِيَةً وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ضَبَابَةَ
السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ اتَّكَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُهُ أَخَذَ فِي
ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الْأَبْوَابَ
بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا
أَرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ
مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي، ثُمَّ إِنِّي
انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، قُلْتُ: وَاللهِ لَا أَخْرُجُ
اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ أَوْ لَا، فَلَمَّا صَاحَ
الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ
أَهْلِ الْحِجَازِ، فَانْطَلَقْتُ أَتَعَجَّلُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ:
النَّجَاءَ، قَدْ قَتَلَ اللهُ أَبَا رَافِعٍ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ، فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ:»ابْسُطْ رِجْلَكَ «، فَبَسَطْتُهَا فَمَسَحَهَا
فَكَأَنَّمَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ. ⦗١٣٨⦘
١٨١٠١
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ح،
قَالَ وَأَخْبَرَنِي الْمُنَيْعِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أنبأ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ
الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى أَبِي رَافِعٍ
الْيَهُودِيِّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ
بْنَ فُلَانٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَإِنِّي
مُنْطَلِقٌ فَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ، وَقَالَ: فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ، فَلَمَّا
دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الْأَقَالِيدَ عَلَى وَتَدٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عُبَيْدِ
اللهِ بْنِ مُوسَى.» وَيُذْكَرُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِخَيْبَرَ،
وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ ضَرَبَهُ، وَابْنَ عَتِيكٍ ذَفَفَ عَلَيْهِ،
وَفِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا أَنَّ ابْنَ عَتِيكٍ ذَفَفَ عَلَيْهِ، وَفِي
الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا أَنَّ ابْنَ عَتِيكٍ سَقَطَ فَوَثِئَتْ رِجْلُهُ
"
قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ
١٨١٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ
بْنَ عَبْدِ اللهِ، ح، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ
وَرَسُولَهُ». فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ
يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ،
فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ. قَالَ: «قُلْ». فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ،
فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَخَذَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَقَدْ عَنَّانَا،
وَقَدْ مَلِلْنَا مِنْهُ. فَقَالَ الْخَبِيثُ لَمَّا سَمِعَهَا: وَأَيْضًا وَاللهِ
لَتَمَلُّنَّهُ أَوْ لَتَمَلُّنُّ مِنْهُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَمْرَكُمْ
سَيَصِيرُ إِلَى هَذَا. قَالَ: إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُسْلِمَهُ حَتَّى
نَنْظُرَ مَا فَعَلَ، وَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ بَعْدَ أَنِ اتَّبَعْنَاهُ
حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أِيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ، وَقَدْ جِئْتُكَ
لِتُسْلِفَنِي تَمْرًا. قَالَ: نَعَمْ، عَلَى أَنْ تَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ:
فَأَوْلَادَكُمْ، قَالَ: فَيُعَيِّرُ النَّاسُ أَوْلَادَنَا أَنَّا رَهَنَّاهُمْ بِوَسْقٍ
أَوْ وَسْقَيْنِ، وَرُبَّمَا قَالَ: فَيُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ: رُهِنَ
بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ. قَالَ: فَأِيُّ شَيْءٍ تَرْهَنُونَ؟ قَالَ: نَرْهَنُكَ
اللَّأْمَةَ - يَعْنِي السِّلَاحَ - قَالَ: نَعَمْ. فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ،
فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَقْبَلَ وَأَقْبَلَ مَعَهُ أَبُو
نَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَجَاءَ مَعَهُ رَجُلَانِ
آخَرَانِ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَمْكِنٌ مِنْ رَأْسِهِ فَإِذَا ⦗١٣٩⦘ أَدْخَلْتُ يَدِي فِي رَأْسِهِ فَدُونَكُمُ الرَّجُلَ. فَجَاؤُوهُ لَيْلًا وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ، فَقَامُوا فِي ظِلِّ
النَّخْلِ، وَأَتَاهُ مُحَمَّدٌ فَنَادَاهُ: يَا أَبَا الْأَشْرَفِ، فَقَالَتِ
امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ. فَنَزَلَ إِلَيْهِ
مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبِ وَاحِدٍ تَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ لَهُ
مُحَمَّدٌ: مَا أَحْسَنَ جِسْمَكَ وَأَطْيَبَ رِيحَكَ قَالَ: إِنَّ عِنْدِي
ابْنَةَ فُلَانٍ وَهِيَ أَعْطَرُ الْعَرَبِ. قَالَ: فَتَأْذَنُ لِي أَنْ
أَشُمَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَدْخَلَ مُحَمَّدٌ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ
قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُشِمَّ أَصْحَابِي؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَدْخَلَهَا فِي
رَأْسِهِ فَأَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَهَا مَرَّةً أُخْرَى فِي رَأْسِهِ
حَتَّى أَمِنَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ شَبَّكَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ فَنَصَاهُ، ثُمَّ
قَالَ لِأَصْحَابِهِ: دُونَكُمْ عَدُوَّ اللهِ، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ،
ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ وَأَخْبَرَهُ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ مُحَمَّدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
١٨١٠٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ، ثنا الْقَاسِمُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ
فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَعَانَقَهُ سَلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ، وَقَالَ:
«اقْتُلُونِي وَعَدُوَّ اللهِ»، فَلَمْ يَزَالُوا يَتَخَلَّصُونَ إِلَيْهِ
بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى طَعَنَهُ أَحَدُهُمْ فِي بَطْنِهِ طَعْنَةً بِالسَّيْفِ
خَرَجَ مِنْهَا مُصْرَانُهُ وَخَلَصُوا إِلَيْهِ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ،
وَكَانُوا فِي بَعْضِ مَا يَتَخَلَّصُونَ إِلَيْهِ، وَسَلْكَانُ مُعَانِقُهُ
أَصَابُوا عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فِي وَجْهِهِ، أَوْ فِي رِجْلهِ وَلَا
يَشْعُرُونَ، ثُمَّ خَرَجُوا يَشْتَدُّونَ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِجُرُفِ
بُعَاثٍ فَقَدُوا صَاحِبَهُمْ، فَرَجَعُوا أَدْرَاجَهُمْ فَوَجَدُوهُ مِنْ وَرَاءِ
الْجُرُفِ فَاحْتَمَلُوهُ حَتَّى أَتَوْا بِهِ أَهْلَهُمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ.
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ،
قَالَ: وَأُصِيبَ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ
وَرِجْلِهِ، أَصَابَهُ بَعْضُ أَسْيَافِنَا. وَبِمَعْنَاهُ ذَكَرَهُ ابْنُ
لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ
بَابُ الْمَرْأَةِ تُقَاتِلُ
فَتُقْتَلُ
١٨١٠٤ - اسْتِدْلَالًا بِمَا أَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ الْمُرَقَّعِ
بْنِ صَيْفِيٍّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ رضي الله
عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ، فَرَأَى النَّاسَ
مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ، فَبَعَثَ رَجُلًا، فَقَالَ: «انْظُرْ عَلَى مَا
اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ». فَجَاءَ، فَقَالَ: عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ، فَقَالَ: «مَا ⦗١٤٠⦘ كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ». قَالَ: وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَبَعَثَ رَجُلًا، فَقَالَ: «قُلْ لِخَالِدٍ: لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا»
١٨١٠٥ - وَفِيمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
الْمَرَاسِيلِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنْ أَيُّوبَ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً بِالطَّائِفِ،
فَقَالَ: «أَلَمْ أَنْهَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ؟ مَنْ صَاحِبُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ
الْمَقْتُولَةِ؟». قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ
أَرْدَفْتُهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَصْرَعَنِي فَتَقْتُلَنِي. فَأَمَرَ بِهَا
رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تُوَارَى "
١٨١٠٦ - وَعَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ،
عَنْ وُهَيْبٍ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ،
كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ أَهْلَ الطَّائِفِ أَشْرَفَتِ امْرَأَةٌ فَكَشَفَتْ قُبُلَهَا، فَقَالَتْ: هَا
دُونَكُمْ فَارْمُوا، فَرَمَاهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَا أَخْطَأَ
ذَلِكَ مِنْهَا، وَفِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ فَمَا أَخْطَأَهَا أَنْ قَتَلُوهَا،
فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تُوَارَى. أَخْبَرَنَا بِهِمَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الْفَسَوِيُّ الدَّاوُدِيُّ، ثنا
أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ
١٨١٠٧ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا قَتَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ امْرَأَةً مِنْ بَنِي
قُرَيْظَةَ إِلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً، وَاللهِ إِنَّهَا عِنْدِي لَتَضْحَكُ
ظَهْرًا لِبَطْنٍ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَيَقْتُلُ رِجَالَهُمْ بِالسُّوقِ
إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا أَيْنَ فُلَانَةُ؟ فَقَالَتْ: أَنَا وَاللهِ.
فَقُلْتُ: وَيْلَكِ مَا لَكِ؟. فَقَالَتْ: أُقْتَلُ وَاللهِ. قُلْتُ: وَلِمَ؟.
قَالَتْ: لِحَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ. فَانْطُلِقَ بِهَا فَضُرِبَ عُنُقُهَا، فَمَا
أَنْسَى عَجَبًا مِنْهَا طِيبَةَ نَفْسِهَا، وَكَثْرَةَ ضَحِكِهَا، وَقَدْ
عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ. ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَةِ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ، عَنْهُ عَنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّهَا كَانَتْ
دَلَّتْ عَلَى مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ دَلَّتْ عَلَيْهِ رَحًى فَقَتَلَتْهُ،
فَقُتِلَتْ بِذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَسْلَمَتْ وَارْتَدَّتْ
وَلَحِقَتْ بِقَوْمِهَا، فَقَتَلَهَا لِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: لَمْ يَصِحَّ الْخَبَرُ لِأِيِّ مَعْنًى
قَتَلَهَا، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَحْمُودَ بْنَ مَسْلَمَةَ قُتِلَ بِخَيْبَرَ
وَلَمْ يُقْتَلْ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ "
١٨١٠٨ - وَاحْتَجَّ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ
الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
الْأَصَمُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ
مِنْ حِصْنِ ⦗١٤١⦘ خَيْبَرَ قَدْ جَمَعَ سِلَاحَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ لِهَذَا؟». فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا وَاللهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قَتَلُوا أَخِي بِالْأَمْسِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ«. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:»وَالْمَنْقُولُ عِنْدَنَا فِي
قِصَّةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ مَا "
١٨١٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدَّقَّاقُ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، فِيمَا حَدَّثَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ
سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَالْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ خَلَّادَ بْنَ
سُوَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيَّ دَلَّتْ عَلَيْهِ فُلَانَةُ، امْرَأَةٌ
مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، رَحًا فَشَدَخَتْ رَأْسَهُ، فَذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ قَالَ: «لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ». فَقَتَلَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيمَا ذُكِرَ،
وَكَانَ خَلَّادُ بْنُ سُوَيْدٍ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَأُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ،
وَبَنِي قُرَيْظَةَ". وَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَالْوَاقِدِيِّ
مُنْقَطِعٌ
بَابُ قَطْعِ الشَّجَرِ وَحَرْقِ
الْمَنَازِلِ
١٨١١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدِ
بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو صَادِقِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ
الْعَطَّارُ، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا
أَبُو دَاوُدَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالَ: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا، وَقَالُوا:
ثنا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ،
فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿مَا
قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا
فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الحشر: ٥]. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى،
وَقُتَيْبَةَ، وَابْنِ رُمْحٍ
١٨١١١ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيُّ، ثنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَيُوسُفُ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ ⦗١٤٢⦘ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَطَعَ
نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ
١٨١١٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، أنبأ مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ
وَحَرَّقَ»، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
[البحر الوافر]
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ
... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
وَفِي هَذَا نَزَلَتْ هَذِهِ
الْآيَةُ: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى
أُصُولِهَا﴾ [الحشر: ٥]
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ
١٨١١٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمِصْرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي
سَلَمَةَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ حَرَّقَ بَعْضَ نَخْلِ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ بَعْضًا«، وَقِيلَ فِي
ذَلِكَ شِعْرٌ:
[البحر الوافر]
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ
... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ
فِيهَا ... وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ»
١٨١١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُنْذِرِ رَجَاءُ بْنُ
الْجَارُودِ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أنبأ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّقَ نَخْلَ
بَنِي النَّضِيرِ. قَالَ: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
[البحر الوافر]
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ
... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
قَالَ: فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ
بْنُ الْحَارِثِ:
[البحر الوافر]
أَدَامَ اللهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ
... وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ
⦗١٤٣⦘ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أِيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنِ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ حَبَّانَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ
١٨١١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ،
ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ
أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ
أُسَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «أَمَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ أَنْ أُغِيرَ عَلَى
أُبْنَا صَبَاحًا وَأُحَرِّقَ»
١٨١١٦
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ
السِّجِسْتَانِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا مُسْهِرٍ، قِيلَ لَهُ: أُبْنَا، قَالَ: «نَحْنُ أَعْلَمُ هِيَ يُبْنَا فِلَسْطِينَ»
١٨١١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، ثنا
أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْأَكَمَةِ عِنْدَ حِصْنِ
الطَّائِفِ، فَحَاصَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَقَاتَلَتْهُ ثَقِيفٌ
بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ وَهُمْ فِي حِصْنِ الطَّائِفِ، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى
فِي الْمُسْلِمِينَ وَفِي ثَقِيفٍ، وَقَطَعَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا مِنْ كُرُومِ
ثَقِيفٍ لِيَغِيظُوهُمْ بِذَلِكَ. قَالَ عُرْوَةُ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
الْمُسْلِمِينَ حِينَ حَاصَرُوا ثَقِيفًا أَنْ يَقْطَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ خَمْسَ نَخَلَاتٍ، أَوْ حَبَلَاتٍ مِنْ كُرُومِهِمْ، فَأَتَاهُ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا
عَفًا لَمْ تُؤْكَلْ ثِمَارُهَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا مَا أُكِلَتْ
ثَمَرَتُهُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ "
١٨١١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَتَّابٍ، ثنا
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ
فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ، قَالَ: «وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْأَكَمَةِ عِنْدَ
حِصْنِ الطَّائِفِ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُقَاتِلُهُمْ، فَذَكَرَهُ. قَالَ:
وَقَطَعُوا طَائِفَةً مِنْ أَعْنَابِهِمْ لِيَغِيظُوهُمْ بِهَا، فَقَالَتْ
ثَقِيفٌ: لَا تُفْسِدُوا الْأَمْوَالَ فَإِنَّهَا لَنَا أَوْ لَكُمْ. قَالَ:
وَاسْتَأْذَنَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي مُنَاهَضَةِ الْحِصْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ:»مَا أَرَى أَنْ نَفْتَحَهُ، وَمَا أُذِنَ لَنَا فِيهِ الْآنَ
"
١٨١١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «نَصَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ مَنْجَنِيقًا،
أَوْ عَرَّادَةً»
١٨١٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
عَمْرٍو بَصْرِيٌّ وَكَانَ حَافِظًا، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ، وَنَصَبَ عَلَيْهِمُ الْمَنْجَنِيقَ سَبْعَةَ عَشَرَ
يَوْمًا «قَالَ أَبُو قِلَابَةَ:»وَكَانَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ
«قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:»فَكَأَنَّهُ كَانَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَصْلُ
إِسْنَادِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَنْكَرَ رَمْيَهُمْ يَوْمَئِذٍ
بِالْمَجَانِيقِ «فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى
هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَهْرًا. قُلْتُ:
فَبَلَغَكَ أَنَّهُ رَمَاهُمْ بِالْمَجَانِيقِ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: مَا
يُعْرَفُ هَذَا. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:»كَذَا قَالَ يَحْيَى إِنَّهُ لَمْ
يَبْلُغْهُ، وَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
الْمَرَاسِيلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَصَبَ الْمَجَانِيقَ
عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ.
١٨١٢١
- أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبأ أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَسَوِيُّ، ثنا
أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، فَذَكَرَهُمَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ
الْوَاقِدِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ مَكْحُولٌ، وَزَعَمَ أَنَّ الَّذِي
أَشَارَ بِهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي
الْقَدِيمِ حَدِيثَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ،
أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ «نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ
الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ»
١٨١٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنبأ ابْنُ
لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، فِي
فَتْحِ قَيْسَارِيَةَ، قَالَ: فَكَانُوا يَرْمُونَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ بِسِتِّينَ
مَنْجَنِيقًا وَذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ
فَتَحَ اللهُ عَلَى يَدَيْ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو
"
١٨١٢٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا أَبُو رَبِيعَةَ
الْعَامِرِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ ⦗١٤٥⦘ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ
ﷺ أَنْ أُغَوِّرَ مَاءَ آبَارِ بَدْرٍ». وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدِ
بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ هَارُونَ. وَيُوسُفُ، وَأَبُو رَبِيعَةَ مُحَمَّدُ بْنُ
عَوْفٍ ضَعِيفَانِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عُبَيْدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «اسْتَشَارَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: نَرَى أَنْ
تُغَوَّرَ الْمِيَاهُ كُلُّهَا غَيْرَ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَنَلْقَى الْقَوْمَ
عَلَيْهِ»
١٨١٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ:
«كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَأْمُرُ أُمَرَاءَهُ حِينَ كَانَ يَبْعَثُهُمْ
فِي الرِّدَّةِ:»إِذَا غَشِيتُمْ دَارًا «فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ
قَالَ:»فَشُنُّوهَا غَارَةً فَاقْتُلُوا، وَأَحْرِقُوا، وَانْهَكُوا فِي الْقَتْلِ
وَالْجِرَاحِ، لَا يُرَى بِكُمْ وَهَنٌ لِمَوْتِ نَبِيِّكُمْ ﷺ
"
بَابُ مَنِ اخْتَارَ الْكَفَّ عَنِ
الْقَطْعِ وَالتَّحْرِيقِ إِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهَا سَتَصِيرُ دَارَ
إِسْلَامٍ أَوْ دَارَ عَهْدٍ
١٨١٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ الْكَرَابِيسِيُّ الْهَرَوِيُّ بِهَا، أنبأ
أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا بَعَثَ الْجُنُودَ نَحْوَ
الشَّامِ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَشُرَحْبِيلَ
ابْنَ حَسَنَةَ، قَالَ: لَمَّا رَكِبُوا مَشَى أَبُو بَكْرٍ مَعَ أُمَرَاءِ
جُنُودِهِ يُوَدِّعُهُمْ حَتَّى بَلَغَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، فَقَالُوا: يَا
خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ، أَتَمْشِي وَنَحْنُ رُكْبَانٌ؟ فَقَالَ: «إِنِّي
أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ». ثُمَّ جَعَلَ يُوصِيهِمْ، فَقَالَ:
«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، اغْزُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ
بِاللهِ، فَإِنَّ اللهَ نَاصِرٌ دِينَهُ، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا،
وَلَا تَجْبُنُوا، وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، وَلَا تَعْصُوا مَا
تُؤْمَرُونَ، فَإِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنْ شَاءَ اللهُ
فَادْعُوهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ
وَكُفُّوا عَنْهُمْ، ادْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ
فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ وَكُفُّوا عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُوهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ
مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ هُمْ فَعَلُوا فَأَخْبِرُوهُمْ
⦗١٤٦⦘ أَنَّ لَهُمْ مِثْلَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، وَإِنْ هُمْ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ عَلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ فَأَخْبِرُوهُمْ أَنَّهُمْ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي فَرَضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنَائِمِ شَيْءٌ حَتَّى يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَادْعُوهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ، فَإِنْ هُمْ فَعَلُوا فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ وَكُفُّوا عَنْهُمْ، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا
فَاسْتَعِينُوا بِاللهِ عَلَيْهِمْ فَقَاتِلُوهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَلَا
تُغْرِقُنَّ نَخْلًا وَلَا تَحْرِقُنَّهَا، وَلَا تَعْقِرُوا بَهِيمَةً، وَلَا
شَجَرَةً تُثْمِرُ، وَلَا تَهْدِمُوا بَيْعَةً، وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ
وَلَا الشُّيُوخَ وَلَا النِّسَاءَ، وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا حَبَسُوا
أَنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ فَدَعُوهُمْ وَمَا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ،
وَسَتَجِدُونَ آخَرِينَ اتَّخَذَ الشَّيْطَانُ فِي رُءُوسِهِمْ أَفْحَاصًا،
فَإِذَا وَجَدْتُمْ أُولَئِكَ فَاضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ».
١٨١٢٦
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَا أَظُنُّ
مِنْ هَذَا شَيْئًا، هَذَا كَلَامُ أَهْلِ الشَّامِ، أَنْكَرَهُ أَبِي عَلَى
يُونُسَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، كَأَنَّهُ عِنْدَهُ مِنْ يُونُسَ، عَنْ غَيْرِ
الزُّهْرِيِّ
١٨١٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَلَعَلَّ أَمْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي
الله عنه بِأَنْ يَكُفُّوا عَنْ أَنْ يَقْطَعُوا شَجَرًا مُثْمِرًا؛ إِنَّمَا هُوَ
لِأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يُخْبِرُ أَنَّ بِلَادَ الشَّامِ تُفْتَحُ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ «، فَلَمَّا كَانَ مُبَاحًا لَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَيَتْرُكَ
اخْتَارَ التَّرْكَ نَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ، لَا لِأَنَّهُ رَآهُ مُحَرَّمًا؛
لِأَنَّهُ قَدْ حَضَرَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ تَحْرِيقَهُ بِالنَّضِيرِ، وَخَيْبَرَ،
وَالطَّائِفِ»
بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِ مَا لَهُ
رُوحٌ إِلَّا بِأَنْ يُذْبَحَ فَيُؤْكَلَ
١٨١٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ صُهَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ قَالَ: «⦗١٤٧⦘ مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا سَأَلَهُ اللهُ عَنْ قَتْلِهِ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا، وَلَا تَقْطَعَ رَأْسَهَا فَتَرْمِيَ بِهَا». قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَنَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ
الْمَصْبُورَةِ»
١٨١٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ
الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا سَعِيدٌ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ رضي الله عنه عَلَى
الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَرَأَى غِلْمَانًا أَوْ فِتْيَانًا قَدْ نَصَبُوا
دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَقَالَ أَنَسٌ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُصْبَرَ
الْبَهَائِمُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ
١٨١٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
هَاشِمٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ،
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ
مِنَ الْبَهَائِمِ صَبْرًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى
١٨١٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْبُوشَنْجِيُّ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ، فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ فِي وَصِيَّتِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: «وَلَا تَعْقِرُنَّ شَاةً وَلَا
بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ»
١٨١٣٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله
عنه بَعَثَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الشَّامِ، فَمَشَى مَعَهُ،
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: «وَلَا تَذْبَحُوا بَعِيرًا وَلَا بَقَرًا
إِلَّا لِمَأْكَلٍ»
١٨١٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ
أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي
الله عنه: إِنَّ
الرُّومَ يَأْخُذُونَ مَا حُسِرَ مِنْ خَيْلِنَا فَيَسْتَعْجِلُونَهَا
وَيُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا أَفْنَعْقِرُ مَا حُسِرَ مِنْ خَيْلِنَا؟ فَقَالَ: لَا،
لَيْسُوا بِأَهْلٍ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنْكُمْ، إِنَّمَا هُمْ غَدًا رَقِيقُكُمْ
وَأَهْلُ ذِمَّتِكُمْ «» زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ
«، قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:»وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَوْصَى ابْنَهُ: «لَا يَعْقِرُ جَسَدًا»،
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله، أَنَّهُ «نَهَى عَنْ عَقْرِ
الدَّابَّةِ إِذَا هِيَ قَامَتْ»، وَعَنْ قَبِيصَةَ «أَنَّ فَرَسَهُ قَامَ
عَلَيْهِ بِأَرْضِ الرُّومِ فَتَرَكَهُ وَنَهَى عَنْ عَقْرِهِ»، أَخْبَرَنَا مَنْ
سَمِعَ هِشَامَ بْنَ الْغَازِ، وَيَرْوِي عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْهَا
فَنَهَاهُ وَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ «نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ»
١٨١٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جُنَاحُ
بْنُ نَذِيرِ بْنِ جُنَاحٍ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ الْهَمَذَانِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ
الْكَسَائِيُّ، ثنا آدَمُ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا الْمِنْهَالُ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي
مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله
عنهما: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ»
١٨١٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو عُتْبَةَ، ثنا بَقِيَّةُ، ثنا
خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ اللَّخْمِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ
أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ عَقَرَ بَهِيمَةً ذَهَبَ رُبْعُ أَجْرِهِ، وَمَنْ
حَرَّقَ نَخْلًا ذَهَبَ رُبْعُ أَجْرِهِ، وَمَنْ غَاشَّ شَرِيكَهُ ذَهَبَ رُبْعُ
أَجْرِهِ، وَمَنْ عَصَى إِمَامَهُ ذَهَبَ أَجْرُهُ كُلُّهُ». فِي هَذَا
الْإِسْنَادِ ضَعْفٌ، وَفِي الْأَوَّلِ كِفَايَةٌ
١٨١٣٦ - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي وَكَانَ
أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: وَاللهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَوْمَ مُؤْتَةَ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ
فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
"
١٨١٣٧ - فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ
بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ
جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَقَرَ عِنْدَ الْحَرْبِ، فَلَا
أَحْفَظُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَلَا أَعْلَمُهُ
مَشْهُورًا عِنْدَ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي «
١٨١٣٨
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ
السِّجِسْتَانِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِذَلِكَ الْقَوِيِّ، وَقَدْ جَاءَ
فِيهِ نَهْيٌ كَثِيرٌ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله:»الْحُفَّاظُ يَتَوَقَّوْنَ مَا
يَنْفَرِدُ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَإِنْ صَحَّ فَلَعَلَّ جَعْفَرًا رضي الله عنه لَمْ
يَبْلُغْهُ النَّهْيُ، وَاللهُ أَعْلَمُ "
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي عَقْرِ
دَابَّةِ مَنْ يُقَاتِلُهُ حَالَ الْقِتَالِ
١٨١٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: "قَدْ عَقَرَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ بِأَبِي
سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَاكْتَسَعَتْ فَرَسُهُ بِهِ، فَسَقَطَ
عَنْهَا فَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ لِيَذْبَحَهُ، فَرَآهُ ابْنُ شَعُوبٍ فَرَجَعَ
إِلَيْهِ يَعْدُو كَأَنَّهُ سَبُعٌ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَنْقَذَ أَبَا سُفْيَانَ
مِنْ تَحْتِهِ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ:
[البحر الطويل]
فَلَوْ شِئْتُ نَجَّتْنِي كُمَيْتٌ
رَجِيلَةٌ ... وَلَمْ أَحْمِلِ النَّعْمَاءَ لِابْنِ شَعُوبِ
وَمَازَالَ مُهْرِي مُزْجِرَ
الْكَلْبِ مِنْهُمُ ... لَدَى غُدْوَةٍ حَتَّى دَنَتْ لِغُرُوبِ
أُقَاتِلُهُمْ طُرًّا وَأَدْعُو يَا
لَغَالِبٍ ... وَأَدْفَعُهُمْ عَنِّي بِرُكْنِ صَلِيبِ،
١٨١٤٠
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ، فَذَكَرَ قِصَّةَ حَنْظَلَةَ مَعَ
أَبِي سُفْيَانَ، وَمَا كَانَ مِنْ مَعُونَةِ ابْنِ شَعُوبٍ أَبَا سُفْيَانَ،
وَقَتْلِهِ حَنْظَلَةَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْعَقْرَ، ثُمَّ ذَكَرَ
أَبْيَاتَ أَبِي سُفْيَانَ بِنَحْوٍ مِمَّا ذَكَرَهُنَّ الشَّافِعِيُّ، وَزَادَ
عَلَيْهِنَّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاسْمُ ابْنِ شَعُوبٍ شَدَّادُ بْنُ
الْأَسْوَدِ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ
عَقْرَهُ فَرَسَهُ
١٨١٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ
الْوَاقِدِيُّ، عَنْ شُيُوخِهِ، فَذَكَرُوا قِصَّةَ حَنْظَلَةَ، قَالُوا: «وَأَخَذَ
حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ رضي الله عنه سِلَاحَهُ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ
بِأُحُدٍ وَهُوَ يُسَوِّي الصُّفُوفَ، فَلَمَّا انْكَشَفَ الْمُشْرِكُونَ
اعْتَرَضَ حَنْظَلَةُ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَضَرَبَ ⦗١٥٠⦘ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ فَاكْتَسَعَتِ الْفَرَسُ، وَيَقَعُ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى الْأَرْضِ فَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ. وَحَنْظَلَةُ يُرِيدُ ذَبَحَهُ بِالسَّيْفِ، فَأَسْمَعَ الصَّوْتُ رِجَالًا لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَزِيمَةِ حَتَّى عَايَنَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ شَعُوبٍ، فَحَمَلَ عَلَى حَنْظَلَةَ بِالرُّمْحِ، فَأَنْفَذَهُ وَهَرَبَ
أَبُو سُفْيَانَ»
١٨١٤٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا
عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْيَمَامِيُّ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَرُجُوعِهِمْ إِلَى
الْمَدِينَةِ، قَالَ: «فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ظَهْرًا مَعَ رَبَاحٍ غُلَامِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُبْدِيهِ مَعَ
الظَّهْرِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ قَدْ
أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتْلَ رَاعِيَهُ،
فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ، خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ
اللهِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى
سَرْحِهِ. قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ عَلَى ثَنِيَّةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ
فَنَادَيْتُ ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ يَا صَبَاحَاهُ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ فِي
آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ
وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ: فَأَرْمِي رَجُلًا فَأَضَعُ السَّهْمَ
حَتَّى يَقَعَ فِي كَتِفِهِ، وَقُلْتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ
وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ: فَوَاللهِ مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ
وَأَعْقِرُ بِهِمْ، فَإِذَا رَجَعَ إِلِيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ
فِي أَصْلِهَا فَرَمَيْتُهِ فَعَقَرْتُ بِهِ، فَإِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ
فَدَخَلُوا فِي مُتَضَايِقٍ رَقِيتُ الْجَبَلَ، ثُمَّ جَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ
بِالْحِجَارَةِ. قَالَ: فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللهُ
بَعِيرًا مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَّا جَعَلْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي،
وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَمَا
بَرِحْتُ مَكَانِي حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، وَإِذَا أَوَّلُهُمُ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ، وَعَلَى
أَثَرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَلَى أَثَرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ
الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ، فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ فَرَسِ الْأَخْرَمِ، قُلْتُ: يَا
أَخْرَمُ، إِنَّ الْقَوْمَ قَلِيلٌ فَاحْذَرْهُمْ، لَا يَقْتَطِعُونَكَ حَتَّى
يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ، إِنْ كُنْتَ
تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ
وَالنَّارَ حَقٌّ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ. فَخَلَّيْتُهُ،
فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَعَقَرَ الْأَخْرَمُ
بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ، وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ،
وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِهِ فَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، وَعُقِرَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَتَحَوَّلَ
أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ وَخَرَجُوا هَارِبِينَ»، وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ. ⦗١٥١⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
بَابُ الْأَسِيرِ يُوثَقُ
١٨١٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: «بَعَثَ
النَّبِيُّ ﷺ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ
يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ
بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَدْ أَخْرَجَاهُ
فِي الصَّحِيحِ بِطُولِهِ كَمَا مَضَى
١٨١٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، ثنا
عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
عَمْرٍو، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ
بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ،
قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَبْدَ اللهِ بْنَ غَالِبٍ اللَّيْثِيَّ فِي
سَرِيَّةٍ، فَكُنْتُ فِيهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشُنُّوا الْغَارَةَ عَلَى بَنِي
الْمُلَوِّحِ فِي الْكَدِيدِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْكَدِيدِ
لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ فَأَخَذْنَاهُ، فَقَالَ:
إِنَّمَا جِئْتُ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ، فَقُلْنَا:»إِنْ تَكُ مُسْلِمًا لَمْ يَضُرَّكَ رِبَاطُنَا يَوْمًا وَلَيْلَةً،
وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ نَسْتَوْثِقْ مِنْكَ، فَشَدَدْنَاهُ وِثَاقًا
"
١٨١٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا أَمْسَى رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ
وَالْأُسَارَى مَحْبُوسُونَ بِالْوَثَاقِ، بَاتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَاهِرًا أَوَّلَ
اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَكَ لَا تَنَامُ
وَقَدْ أَسَرَ الْعَبَّاسَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«سَمِعْتُ أَنِينَ عَمِّيَ الْعَبَّاسِ فِي وَثَاقِهِ». فَأَطْلَقُوهُ، فَسَكَتَ،
فَنَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
١٨١٤٦ - وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ:
قُدِمَ بِالْأُسَارَى حِينَ قُدِمَ بِهِمُ الْمَدِينَةُ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ
رضي الله عنها زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ آلِ عَفْرَاءَ فِي مُنَاخِهِمْ عَلَى
عَوْفٍ وَمُعَوِّذٍ ابْنَيْ عَفْرَاءَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِمُ
الْحِجَابُ، قَالَتْ سَوْدَةُ: فَوَاللهِ إِنِّي لَعِنْدَهُمْ إِذْ أُتِينَا،
فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى قَدْ أُتِيَ بِهِمْ، فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي
وَرَسُولُ اللهِ ﷺ فِيهِ، وَإِذَا أَبُو يَزِيدَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي
نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ يَدَاهُ مَجْمُوعَتَانِ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، فَوَاللهِ
مَا مَلَكْتُ حِينَ رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ كَذَلِكَ أَنْ قُلْتُ: أَيْ أَبَا
يَزِيدَ أَعْطَيْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَّا مِتُّمْ كِرَامًا، فَمَا انْتَهَيْتُ
إِلَّا ⦗١٥٢⦘ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ الْبَيْتِ: «يَا سَوْدَةُ أَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ؟». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا مَلَكْتُ حِينَ رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِالْحَبْلِ أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ
١٨١٤٧ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ
أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله إِمْلَاءً،
أنبأ أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، أنبأ ابْنُ أَبِي
ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا بِأَسِيرٍ
وَعِنْدَهَا نِسْوَةٌ، فَلَهَيْنَهَا عَنْهُ، فَذَهَبَ الْأَسِيرُ، فَجَاءَ
النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَيْنَ الْأَسِيرُ؟». فَقَالَتْ: نِسْوَةٌ
كُنَّ عِنْدِي فَلَهَيْنَنِي عَنْهُ فَذَهَبَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَطَعَ
اللهُ يَدَكِ». وَخَرَجَ فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِهِ فَجِيءَ بِهِ فَدَخَلَ
النَّبِيُّ ﷺ، وَإِذَا عَائِشَةُ رضي الله عنها قَدْ أَخْرَجَتْ يَدَيْهَا،
فَقَالَ: «مَا لَكِ؟». قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ. إِنَّكَ دَعَوْتَ عَلَيَّ
بِقَطْعِ يَدِيَّ وَإِنِّي مُعَلِّقَةٌ يَدِيَّ أَنْتَظِرُ مَنْ يَقْطَعُهَا.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَجُنِنْتِ؟». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ
مَنْ كُنْتُ دَعَوْتُ عَلَيْهِ فَاجْعَلْهُ لَهُ كَفَّارَةً وَطَهُورًا»
بَابُ تَرْكِ قَتْلِ مَنْ لَا
قِتَالَ فِيهِ مِنَ الرُّهْبَانِ وَالْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمَا
١٨١٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ
الْمِهْرَجَانِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ،
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ،
فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ
تِلْكَ الْأَرْبَاعِ، فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي
الله عنه: إِمَّا
أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه:
«مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ وَلَا أَنَا
بِرَاكِبٍ، إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ». قَالَ: «إِنَّكَ
سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ
وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، وَسَتَجِدُ قَوْمًا
فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رُءُوسِهِمْ مِنَ الشَّعْرِ، فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا
عَنْهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً،
وَلَا صَبِيًّا، وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا،
وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا
لِمَأْكَلَةٍ، وَلَا تَحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ، وَلَا تَغْلُلْ،
وَلَا تَجْبُنْ». وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه كَمَا مَضَى فِي
مَسْأَلَةِ التَّحْرِيقِ،
١٨١٤٩
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنبأ عَبْدُ
الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنبأ رَوْحُ بْنُ ⦗١٥٣⦘ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الشَّامِيِّ، قَالَ: جَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يَزِيدَ بْنَ أَبِي
سُفْيَانَ، بِعْثَةً إِلَى الشَّامِ أَمِيرًا فَمَشَى مَعَهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
بِمَعْنَاهُ
١٨١٥٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ،
قَالَ: لَمَّا بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ
إِلَى الشَّامِ عَلَى رُبْعٍ مِنَ الْأَرْبَاعِ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه
مَعَهُ يُوصِيهِ، وَيَزِيدُ رَاكِبٌ وَأَبُو بَكْرٍ يَمْشِي، فَقَالَ يَزِيدُ: يَا
خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ.
فَقَالَ: «مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ وَمَا أَنَا بِرَاكِبٍ، إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ
هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَا يَزِيدُ إِنَّكُمْ سَتَقْدَمُونَ بِلَادًا
تُؤْتَوْنَ فِيهَا بِأَصْنَافٍ مِنَ الطَّعَامِ، فَسَمُّوا اللهَ عَلَى
أَوَّلِهَا، وَاحْمَدُوهُ عَلَى آخِرِهَا، وَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا
قَدْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي هَذِهِ الصَّوَامِعِ فَاتْرُكُوهُمْ وَمَا
حَبَسُوا لَهُ أَنْفُسَهُمْ، وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا قَدِ اتَّخَذَ الشَّيْطَانُ
عَلَى رُءُوسِهِمْ مَقَاعِدَ - يَعْنِي الشَّمَامِسَةَ - فَاضْرِبُوا تِلْكَ
الْأَعْنَاقَ، وَلَا تَقْتُلُوا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا
وَلِيدًا، وَلَا تُخْرِبُوا عُمْرَانًا، وَلَا تَقْطَعُوا شَجَرَةً إِلَّا
لِنَفْعٍ، وَلَا تَعْقِرُنَّ بَهِيمَةً إِلَّا لِنَفْعٍ، وَلَا تَحْرِقُنَّ
نَخْلًا، وَلَا تُغَرِّقُنَّهُ، وَلَا تَغْدِرْ، وَلَا تُمَثِّلْ، وَلَا تَجْبُنْ،
وَلَا تَغْلُلْ، ﴿وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ
إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد: ٢٥]،
أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ وَأُقْرِئُكَ السَّلَامَ». ثُمَّ انْصَرَفَ
١٨١٥١ - وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ لِي:
هَلْ «تَدْرِي لِمَ فَرَّقَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَمَرَ بِقَتْلِ
الشَّمَامِسَةِ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الرُّهْبَانِ؟». فَقُلْتُ: لَا أُرَاهُ
إِلَّا لِحَبْسِ هَؤُلَاءِ أَنْفُسَهُمْ. فَقَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّ
الشَّمَامِسَةَ يَلْقَوْنَ الْقِتَالَ فَيُقَاتِلُونَ دُونَ الرُّهْبَانِ، وَإِنَّ
الرُّهْبَانَ دَأْبُهُمْ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا، وَقَدْ قَالَ اللهُ عز وجل:
﴿وَقَاتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٠] "
١٨١٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله
عنه بَعَثَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الشَّامِ، فَمَشَى مَعَهُ
يُشَيِّعُهُ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ
مَاشِيًا وَأَنَا رَاكِبٌ. قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّكَ خَرَجْتَ غَازِيًا فِي
سَبِيلِ اللهِ، وَإِنِّي أَحْتَسِبُ فِي مَشْيِي هَذَا مَعَكَ. ثُمَّ أَوْصَاهُ،
فَقَالَ:»لَا تَقْتُلُوا صَبِيًّا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا،
وَلَا مَرِيضًا، وَلَا رَاهِبًا، وَلَا تَقْطَعُوا مُثْمِرًا، وَلَا تُخْرِبُوا
عَامِرًا، وَلَا تَذْبَحُوا بَعِيرًا وَلَا بَقَرَةً إِلَّا لِمَأْكَلٍ، وَلَا
تُغْرِقُوا نَخْلًا، وَلَا تُحْرِقُوهُ "
١٨١٥٣ - وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ ⦗١٥٤⦘ مُوسَى، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفِزْرِ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا، وَلَا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ،
وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»
١٨١٥٤ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ
الْقَاضِي، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْفَرَّاءُ
الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ رحمه الله، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَبِي الْمَوْتِ إِمْلَاءً، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ الْحَكَمِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، ثنا
دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي
أُوَيْسٍ قَالَ: عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ
قَالَ: «اخْرُجُوا بِاسْمِ اللهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ مَنْ كَفَرَ
بِاللهِ، لَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَقْتُلُوا
الْوِلْدَانَ، وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ». لَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّ
قَوْلُهُ: «وَلَا تَغُلُّوا» وَالْبَاقِي مِثْلُهُ
١٨١٥٥ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ
عُمَرَ مَوْلَى عَنْبَسَةَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ
إِذَا بَعَثَ جَيْشًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ:
«انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللهِ»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: «وَلَا تَقْتُلُوا
وَلِيدًا طِفْلًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا، وَلَا تُغَوِّرُنَّ
عَيْنًا، وَلَا تَعْقِرُنَّ شَجَرَةً إِلَّا شَجَرًا يَمْنَعُكُمْ قِتَالًا أَوْ
يَحْجِزُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تُمَثِّلُوا بِآدَمِيٍّ وَلَا
بَهِيمَةٍ، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَغُلُّوا». «فِي هَذَا الْإِسْنَادِ
إِرْسَالٌ وَضَعْفٌ، وَهُوَ بِشَوَاهِدِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْآثَارِ يَقْوَى،
وَاللهُ أَعْلَمُ»
١٨١٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ صَفْوَانَ، وَعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ خَالِدِ
بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مُشَيِّعًا لِأَهْلِ مُؤْتَةَ
حَتَّى بَلَغَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، فَوَقَفَ وَوَقَفُوا حَوْلَهُ، فَقَالَ:
«اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فَقَاتِلُوا عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ بِالشَّامِ، ⦗١٥٥⦘ وَسَتَجِدُونَ فِيهِمْ رِجَالًا فِي الصَّوَامِعِ
مُعْتَزِلِينَ مِنَ النَّاسِ فَلَا تَعَرَّضُوا لَهُمْ، وَسَتَجِدُونَ آخَرِينَ
لِلشَّيْطَانِ فِي رُءُوسِهِمْ مَفَاحِصُ فَافْلِقُوهَا بِالسُّيُوفِ، وَلَا
تَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَغِيرًا ضَرَعًا، وَلَا كَبِيرًا فَانِيًا، وَلَا
تَقْطَعُنَّ شَجَرَةً، وَلَا تَعْقِرُنَّ نَخْلًا، وَلَا تَهْدِمُوا بَيْتًا».
وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ وَضَعِيفٌ
١٨١٥٧ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
بُكَيْرٍ أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي الْمُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ،
عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ، أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَخَالِدُ
بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ، فَمَرَّ رَبَاحٌ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ
ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ مِمَّا أَصَابَتْهُ الْمُقَدِّمَةُ، فَوَقَفُوا
يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ خَلْقِهَا حَتَّى لَحِقَهُمْ رَسُولُ
اللهِ ﷺ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، قَالَ: فَفَرَّجُوا عَنِ الْمَرْأَةِ، فَوَقَفَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «هَا مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتَلُ».
قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ: «الْحَقْ
خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَلَا يَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا». قَالَ
الْبُخَارِيُّ: رَبَاحُ بْنُ الرَّبِيعِ أَصَحُّ، وَمَنْ قَالَ رِيَاحٌ فَهُوَ
وَهِمٌ. كَذَا قَالَ أَبُو عِيسَى
١٨١٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،
وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ قَتْلِ الْوَصْفَاءِ، وَالْعَسْفَاءِ»
١٨١٥٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ فِي الْفَلَّاحِينَ
فَلَا تَقْتُلُوهُمْ إِلَّا أَنْ يَنْصِبُوا لَكُمُ الْحَرْبَ»
١٨١٦٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ
الْقَارِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
«كَانُوا لَا يَقْتُلُونَ تُجَّارَ الْمُشْرِكِينَ»
بَابُ قَتْلُ مَنْ لَا قِتَالَ فِيهِ
مِنَ الْكُفَّارِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ أَوْلَى
١٨١٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَارِثِيُّ، ثنا، ح، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو
هُوَ ابْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
بَرَّادٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي
مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ حُنَيْنٍ
بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشِ أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ
فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللهُ أَصْحَابَهُ»، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ
قَالَ: عَنْ أَبِي مُوسَى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ دَخَلْتُ
عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ، وَعِنْدَهُ فِرَاشٌ قَدْ
أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَجَنْبِهِ، فَأَخْبَرْتُهُ
بِخَبَرِي وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَرَّادٍ، وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا عَنْ أَبِي
كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ
١٨١٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
بْنِ يَسَارٍ، فِي قِصَّةِ أَوْطَاسٍ، قَالَ: فَأَدْرَكَ رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيْعٍ
دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَأَخَذَ بِخِطَامِ جَمَلِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ
امْرَأَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي شِجَارٍ لَهُ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ،
فَأَنَاخَ بِهِ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ وَإِذَا هُوَ دُرَيْدٌ وَلَا
يَعْرِفُهُ الْغُلَامُ، فَقَالَ دُرَيْدٌ: «مَاذَا تُرِيدُ؟». قَالَ: قَتْلَكَ.
قَالَ: «وَمَنْ أَنْتَ؟». قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيْعٍ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ
ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا، فَقَالَ دُرَيْدٌ: «بِئْسَ مَا
سَلَّحَتْكَ أُمُّكَ، خُذْ سَيْفِي هَذَا مِنْ مُؤَخَّرِ الشِّجَارِ ثُمَّ اضْرِبْ
بِهِ، وَارْفَعْ عَنِ الْعِظَامِ وَاخْفِضْ عَنِ الدِّمَاغِ، فَإِنِّي كَذَلِكَ
كُنْتُ أَقْتُلُ الرِّجَالَ». فَقَتَلَهُ
١٨١٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ دُرَيْدُ بْنُ
الصِّمَّةِ ابْنُ خَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ فِي شِجَارٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ،
فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يُنْكِرْ قَتْلَهُ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَقُتِلَ
أَعْمَى مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ الْإِسَارِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ
مَنْ لَا يُقَاتِلُ مِنَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ إِذَا أَبَى الْإِسْلَامَ
وَالْجِزْيَةَ». قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا الْقُرَظِيُّ قَدْ
ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ فِيمَا مَضَى "
١٨١٦٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ،
ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ
الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ». قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «وَلَوْ جَازَ أَنْ يُعَابَ قَتْلَ مَنْ عَدَا الرُّهْبَانَ
لِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، لَمْ يُقْتَلِ الْأَسِيرُ، وَلَا
الْجَرِيحُ الْمُثْبَتُ، وَقَدْ ذُفِّفَ عَلَى الْجَرْحَى بِحَضْرَةِ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، مِنْهُمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، ذَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ
وَغَيْرُهُ»
١٨١٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنبأ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ
يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟». قَالَ: فَانْطَلَقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ، فَنَزَلَ
فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، قَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟ قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ
قَتَلْتُمُوهُ أَوْ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ
١٨١٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا أَبُو وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ
بَدْرٍ انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ مَصْرُوعٌ، فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي،
فَمَا صَنَعَ شَيْئًا وَنَدَرَ سَيْفُهُ، فَضَرَبْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ
النَّبِيَّ ﷺ فِي يَوْمٍ حَارٍّ كَأَنَّمَا أَقَلَّ مِنَ الْأَرْضِ، فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللهِ، هَذَا عَدُوُّ اللهِ أَبُو جَهْلٍ قَدْ قُتِلَ. فَقَالَ النَّبِيُّ
ﷺ: «آللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ؟». قُلْتُ: آللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ. قَالَ: فَانْطَلِقْ
بِنَا فَأَرِنَاهُ. فَجَاءَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «هَذَا كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ
الْأُمَّةِ». كَذَا قَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ
"
١٨١٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ثنا حَنْبَلُ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنبأ
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ،
أَنَّهُ «كَانَ مَعَ أَبِيهِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، فَلَمَّا انْهَزَمَ
الْمُشْرِكُونَ وَحَمَلَ، فَجَعَلَ يُجِيزُ عَلَى جَرْحَاهُمْ». قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «وَلَا أَعْلَمُ يَثْبُتُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي
الله عنه خِلَافُ هَذَا، وَلَوْ كَانَ ثَبَتَ لَكَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ
أَمَرَهُمْ بِالْجِدِّ عَلَى قِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ، وَلَا يَتَشَاغَلُوا
بِالْمُقَامِ عَلَى مَوْضِعِ هَؤُلَاءِ». قَالَ الشَّيْخُ: «وَإِنَّمَا قَالَ
هَذَا لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه
كُلَّهَا مَرَاسِيلُ، إِلَّا أَنَّهَا رُوِيَتْ مِنْ أَوْجُهٍ وَرَوَاهَا ابْنُ
الْمُسَيِّبِ، وَهُوَ حَسَنُ الْمُرْسَلِ، ⦗١٥٩⦘ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَةِ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ حَدِيثَ الْمُرَقَّعِ، ثُمَّ ضَعَّفَهُ
بِأَنَّ مُرَقَّعًا لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَيُّوبَ عَنْ
رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كَالَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلِهِ
مَجْهُولٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ
فَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَضْعَفُ مِمَّا رَدَّهُ بِالْجَهَالَةِ،
وَاللهُ أَعْلَمُ»
بَابُ أَمَانِ الْعَبْدِ
١٨١٦٨ - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو
الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله إِمْلَاءً، ثنا
أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى الرَّازِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ،
عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي
الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ
يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ
وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا
صَرْفٌ، وَمَنْ وَالَى مُؤْمِنًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ
اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا
صَرْفٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ
قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
«الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ،
وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ». " ⦗١٦٠⦘ وَمَضَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
١٨١٦٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، أنبأ
جَدِّي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ
بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يُجِيرُ عَلَى
أُمَّتِي أَدْنَاهُمْ»
١٨١٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأُمَوِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مَرْزُوقٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثنا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ
عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كُنَّا مُصَافِّي
الْعَدُوِّ. قَالَ: فَكَتَبَ عَبْدٌ فِي سَهْمٍ أَمَانًا لِلْمُشْرِكِينَ
فَرَمَاهُمْ بِهِ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: قَدْ أَمَّنْتُمُونَا. قَالُوا: لَمْ
نُؤَمِّنْكُمْ إِنَّمَا أَمَّنَكُمْ عَبْدٌ. فَكَتَبُوا فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:
«إِنَّ الْعَبْدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ، وَأَمَّنَهُمْ»
١٨١٧١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ
مُسْلِمٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْهِنْدِ قَدِمَ بِأَمَانِ عَبْدٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ
رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: «فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
بِدِيَتِهِ إِلَى وَرَثَتِهِ». وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ
١٨١٧٢ - مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ
الصُّوفِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
الْأَشْعَثِ الْكُوفِيِّ بِمِصْرَ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو
الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثنا أَبِي
إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ،
عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ إِلَّا خُرْثِيَّ
الْمَتَاعِ، وَأَمَانُهُ جَائِزٌ إِذَا هُوَ أَعْطَى الْقَوْمَ الْأَمَانَ»
بَابُ أَمَانِ الْمَرْأَةِ
١٨١٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا السَّرِيُّ
بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، ح وَحَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ كَامِلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِيُّ، أنبأ أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ
بْنُ أَحْمَدَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، ثنا أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ بِخَسْرُوجَرْدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ
هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ
أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنها تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عَامَ
الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ عليها السلام تَسْتُرُهُ
بِثَوْبٍ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟». فَقُلْتُ: أُمُّ
هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». فَلَمَّا
فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ
وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ فُلَانَ بْنَ
هُبَيْرَةَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ
هَانِئٍ». قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحًى. «لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ
يَحْيَى، وَفِي حَدِيثِ الْقَعْنَبِيِّ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقُلْتُ، وَالْبَاقِي
سَوَاءٌ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى
١٨١٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ
ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله
عنه، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَجَرْتُ حَمْوَيْنِ لِي مِنَ
الْمُشْرِكِينَ، فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَتَفَلَّتَ
عَلَيْهِمَا لِيَقْتُلَهُمَا، وَقَالَ: لِمَ تُجِيرِي الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَتْ:
وَاللهِ لَا تَقْتُلُهُمَا حَتَّى تَبْدَأَ بِي قَبْلَهُمَا. فَخَرَجَتْ،
وَقَالَتْ: أَغْلِقُوا دُونَهُ الْبَابَ، وَذَهَبَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ: «مَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَقَدْ أَمَّنَّا مَنْ
أَمَّنْتِ وَأَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ»
١٨١٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو صَادِقٍ، قَالُوا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ،
عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما، أَنَّ ⦗١٦٢⦘ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ مَنْ أَجَرْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ»
١٨١٧٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ،
ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ
الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ
لَتَأْخُذُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيُجَوِّزُونَ ذَلِكَ لَهَا»
١٨١٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى
بْنِ جُبَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ،
أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَرْسَلَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا أَبُو
الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ أَنْ خُذِي لِي أَمَانًا مِنْ أَبِيكِ، فَخَرَجَتْ
فَأَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا وَالنَّبِيُّ ﷺ فِي صَلَاةِ
الصُّبْحِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا زَيْنَبُ
بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ. فَلَمَّا فَرَغَ
النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَمْ أَعْلَمْ
بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُمُوهُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
أَدْنَاهُمْ»
١٨١٧٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ
عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَاسْتَجَارَ بِهَا، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ إِلَى الصُّبْحِ، فَلَمَّا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ صَرَخَتْ زَيْنَبُ: أَيُّهَا
النَّاسُ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ. فَلَمَّا سَلَّمَ
رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ سَمِعْتُمْ مَا
سَمِعْتُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
مَا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ حَتَّى سَمِعْتُ مِنْهُ مَا سَمِعْتُمْ،
إِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ». ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
عَلَى زَيْنَبَ، فَقَالَ: «أَيْ بُنَيَّةُ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، وَلَا
يَقْرَبَنَّكِ فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَكِ». " هَكَذَا
أُخْبِرْنَا فِي كِتَابِ الْمَغَازِي مُنْقَطِعًا، وَحُدِّثْنَا بِهِ فِي كِتَابِ
الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: صَرَخَتْ زَيْنَبُ فَذَكَرَهُ
١٨١٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيِّ
بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ،
عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْبَهِيِّ، عَنْ زَيْنَبَ رضي الله
عنها، قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ إِنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ إِنْ
قَرُبَ فَابْنُ عَمٍّ، وَإِنْ بَعُدَ فَأَبُو وَلَدٍ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ.
فَأَجَازَهُ النَّبِيُّ ﷺ. ⦗١٦٣⦘ وَقِيلَ عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ زَيْنَبَ رضي الله عنها قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ
مُرْسَلٌ
بَابُ كَيْفَ الْأَمَانُ
١٨١٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبأ جَعْفَرُ بْنُ
عَوْنٍ، أنبأ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رضي
الله عنه: «وَإِذَا
حَاصَرْتُمْ قَصْرًا فَأَرَادُوكُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلَا
تُنْزِلُوهُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللهِ فِيهِمْ وَلَكِنْ
أَنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ، ثُمَّ اقْضُوا فِيهِمْ مَا أَحْبَبْتُمْ، وَإِذَا
قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: لَا تَخَفْ فَقَدْ أَمَّنَهُ، وَإِذَا قَالَ:
مِتْرَسٌ فَقَدْ أَمَّنَهُ، وَإِذَا قَالَ لَهُ: أَظُنُّهُ لَا تَدْهَلْ فَقَدْ
أَمَّنَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ». وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، فَقَالَ فِي آخِرِهِ: «وَإِنْ قَالَ لَا تَذْهَلْ فَقَدْ أَمَّنَهُ،
فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ».
١٨١٨١
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَاءَ
كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه وَنَحْنُ مُحَاصِرُونَ قَصْرًا فَذَكَرَهُ
بِمَعْنَاهُ
١٨١٨٢ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ لَفْظًا، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قِرَاءَةً عَلَيْهِ،
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا هِلَالُ بْنُ
الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، ثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْمُزَنِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَالَ:
بَعَثَ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ مِنْ أَفْنَاءِ الْأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ
الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا عُمَرُ رضي الله عنه كَذَلِكَ، إِذْ أُتِيَ
بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَازِ قَدْ أُسِرَ، فَلَمَّا
أُتِيَ بِهِ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِلْهُرْمُزَانِ: أَيَسُرُّكَ أَنْ لَا
تُقْتَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا قَرَّبُوكَ مِنْ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ فَكَلَّمَكَ فَقُلْ: إِنِّي أَفْرَقُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، فَيَقُولُ:
لَا تَفْرَقْ، فَإِنْ أَرَادَ قَتْلَكَ فَقُلْ: إِنِّي فِي أَمَانٍ، إِنَّكَ
قُلْتَ لَا تَفْرَقْ. قَالَ: فَحَفِظَهَا الرَّجُلُ، فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ عُمَرُ رضي
الله عنه قَالَ لَهُ فِي بَعْضِ مَا يُسَائِلُهُ عَنْهُ: «إِنِّي أَفْرَقُ».
يَعْنِي، فَقَالَ: لَا تَفْرَقْ. قَالَ: «فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ
سَاءَلَهُ عَمَّا شَاءَ اللهُ»، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «إِنِّي قَاتِلُكَ»، قَالَ:
فَقَالَ: فَقَدْ أَمَّنْتَنِي. فَقَالَ: «وَيْحَكَ مَا أَمَّنْتُكَ». قَالَ:
قُلْتَ: لَا تَفْرَقْ. قَالَ: «صَدَقَ إِمَّا لَا فَأَسْلِمْ». قَالَ: نَعَمْ.
فَأَسْلَمَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
١٨١٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ الثَّقَفِيُّ، عَنْ
حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: حَاصَرْنَا تُسْتَرَ
فَنَزَلَ الْهُرْمُزَانُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَدِمْتُ بِهِ عَلَى
عُمَرَ رضي الله عنه، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، قَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله
عنه: «تَكَلَّمْ»،
قَالَ: كَلَامُ حَيٍّ، أَوْ كَلَامُ مَيِّتٍ؟ قَالَ: «تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ».
قَالَ: إِنَّا وَإِيَّاكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ مَا خَلَّى اللهُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ، كُنَّا نَتَعَبَّدُكُمْ وَنَقْتُلُكُمْ وَنَغْصِبُكُمْ، فَلَمَّا
كَانَ اللهُ مَعَكُمْ لَمْ يَكُنْ لَنَا يَدَانِ. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
«مَا تَقُولُ؟». فَقُلْتُ: يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَرَكْتُ بَعْدِي عَدُوًّا كَثِيرًا وَشَوْكَةً
شَدِيدَةً، فَإِنْ قَتَلْتَهُ يَأْيَسِ الْقَوْمُ مِنَ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ
أَشَدَّ لِشَوْكَتِهِمْ. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «أَسْتَحْيِي قَاتِلَ الْبَرَاءِ بْنِ
مَالِكٍ وَمَجْزَأَةَ بْنِ ثَوْرٍ؟ فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَقْتُلَهُ قُلْتُ:
لَيْسَ إِلَى قَتْلِهِ سَبِيلٌ، قَدْ قُلْتَ لَهُ: تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ. فَقَالَ
عُمَرُ رضي الله عنه:»ارْتَشَيْتَ وَأَصَبْتَ مِنْهُ«. فَقَالَ:
وَاللهِ مَا ارْتَشَيْتُ وَلَا أَصَبْتُ مِنْهُ. قَالَ:»لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا
شَهِدْتَ بِهِ بِغَيْرِكَ أَوْ لَأَبْدَأَنَّ بِعُقُوبَتِكَ". قَالَ:
فَخَرَجْتُ، فَلَقِيتُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه، فَشَهِدَ
مَعِي، وَأَمْسَكَ عُمَرُ رضي الله عنه، وَأَسْلَمَ، يَعْنِي الْهُرْمُزَانَ
وَفَرَضَ لَهُ
بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الْحِصْنِ أَوْ
بَعْضهِمْ عَلَى حُكْمِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِ الْإِمَامِ إِذَا كَانَ
الْمَنْزُولُ عَلَى حُكْمِهِ مَأْمُونًا
١٨١٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنِي سَعْدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا
عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَجَاءَ، فَقَالَ:
«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ خَيْرِكُمْ»، فَقَعَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ. قَالَ: «فَإِنِّي
أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
١٨١٨٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ،
وَالْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ثنا
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:
أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ
حَبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ
اللهِ ﷺ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ
جِبْرِيلُ عليه السلام وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ، فَقَالَ: قَدْ
وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ وَاللهِ مَا وَضَعْنَاهَا اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «فَأَيْنَ؟». قَالَ: هَهُنَا، وَأَشَارَ ⦗١٦٥⦘ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَيْهِمْ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ أَبِي: فَأُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ،
عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ
١٨١٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ،
ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثنا سُفْيَانُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ
بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ
فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ، قَالَ: وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ
تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي
أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ أَمْ لَا. «زَادَ فِيهِ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ وَلَكِنْ
أَنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ، ثُمَّ اقْضُوا فِيهِمْ بَعْدُ مَا شِئْتُمْ»
١٨١٨٧
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ،
فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ،
وَرُوِّينَا فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي الْبَابِ
قَبْلَهُ
بَابُ الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ
يَقْتُلُ مُسْلِمًا ثُمَّ يُسْلِمُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ
١٨١٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي
سَلَمَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ،
حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو الضَّمْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ
اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ،
قَالَ لِي عُبَيْدُ اللهِ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ
حَمْزَةَ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدُ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا
عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ ⦗١٦٦⦘ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ كَذَا فِي كِتَابِي، قَالَ:»أَقْبَلْنَا مِنَ الرُّومِ فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنْ حِمْصَ قُلْنَا: لَوْ مَرَرْنَا بِوَحْشِيٍّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ قَتْلِ
حَمْزَةَ، فَلَقِينَا رَجُلًا فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ قَدْ
غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَمْرُ، فَإِنْ أَدْرَكْتُمَاهُ وَهُوَ صَاحٍ لَمْ تَسْأَلَاهُ
عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرَكُمَا، وَإِنْ أَدْرَكْتُمَاهُ شَارِبًا فَلَا
تَسْأَلَاهُ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ قَدْ أُلْقِيَ لَهُ
شَيْءٌ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ جَالِسٌ صَاحٍ، فَقَالَ: ابْنُ الْخِيَارِ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، قَالَ: مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ حَمَلَتْكَ إِلِيَّ أُمُّكَ بِذِي طُوًى
إِذْ وَضَعَتْكَ فَرَأَيْتُ قَدَمَيْكَ فَعَرَفْتُهُمَا، قَالَ: قُلْتُ: جِئْنَاكَ
نَسْأَلُكَ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ، قَالَ: سَأُحَدِّثُكُمَا كَمَا حَدَّثْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ إِذْ سَأَلَنِي، كُنْتُ عَبْدًا لِآلِ مُطْعِمٍ، فَقَالَ لِي
ابْنُ أَخِي مُطْعِمٍ: إِنْ أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ،
فَانْطَلَقْتُ يَوْمَ أُحُدٍ مَعِي حَرْبَتِي وَأَنَا رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ
أَلْعَبُ بِهَا لَعِبَهُمْ، فَخَرَجْتُ يَوْمَئِذٍ مَا أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ
أَحَدًا وَلَا أُقَاتِلَهُ إِلَّا حَمْزَةَ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَنَا بِحَمْزَةَ
كَأَنَّهُ بَعِيرٌ أَوْرَقُ مَا يَرْفَعُ لَهُ أَحَدٌ إِلَّا قَمَعَهُ
بِالسَّيْفِ، فَهِبْتُهُ وَبَادَرَنِي إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي وَلَدِ سِبَاعٍ،
فَسَمِعْتُ حَمْزَةَ يَقُولُ: إِلِيَّ يَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، فَشَدَّ
عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، وَجَعَلْتُ أَلُوذُ مِنْهُ فَلُذْتُ مِنْهُ بِشَجَرَةٍ
وَمَعِي حَرْبَتِي، حَتَّى إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ هَزَزْتُ الْحَرْبَةَ
حَتَّى رَضِيتُ مِنْهَا، ثُمَّ أَرْسَلْتُهَا فَوَقَعَتْ بَيْنَ ثَنْدُوَتَيْهِ
وَنَهَزَ لِيَقُومَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ حَرْبَتِي مَا
قَتَلْتُ أَحَدًا وَلَا قَاتَلْتُهُ، فَلَمَّا جِئْتُ عَتَقْتُ، فَلَمَّا قَدِمَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ أَرَدْتُ الْهَرَبَ مِنْهُ أُرِيدُ الشَّامَ فَأَتَانِي رَجُلٌ،
فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا وَحْشِيُّ، وَاللهِ مَا يَأْتِي مُحَمَّدًا أَحَدٌ يَشْهَدُ
بِشَهَادَتِهِ إِلَّا خَلَّى عَنْهُ، فَانْطَلَقْتُ فَمَا شَعَرَ بِي إِلَّا
وَأَنَا وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِهِ أَشْهَدُ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ، فَقَالَ:
«أَوَحْشِيٌّ؟»، قُلْتُ: وَحْشِيٌّ، قَالَ: «وَيْحَكَ حَدِّثْنِي عَنْ قَتْلِ
حَمْزَةَ». فَأَنْشَأْتُ أُحَدِّثُهُ كَمَا حَدَّثْتُكُمَا، فَقَالَ: «وَيْحَكَ
يَا وَحْشِيُّ غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ فَلَا أَرَاكَ». فَكُنْتُ أَتَّقِي أَنْ
يَرَانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ
أَمْرِ مُسَيْلِمَةَ مَا كَانَ، ثُمَّ انْبَعَثَ إِلَيْهِ الْبَعْثُ انْبَعَثْتُ
مَعَهُ وَأَخَذْتُ حَرْبَتِي فَالْتَقَيْنَا، فَبَادَرْتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ، فَرَبُّكَ أَعْلَمُ أَيُّنَا قَتَلَهُ، فَإِنْ كُنْتُ أَنَا
قَتَلْتُهُ فَقَدْ قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ وَشَرَّ النَّاسِ. قَالَ سُلَيْمَانُ
بْنُ يَسَارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ يَوْمَئِذٍ
فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ فِي مُسَيْلِمَةَ قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ.
«لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ، وَحَدِيثِ حُجَيْنٍ بِمَعْنَاهُ يَزِيدُ
وَيَنْقُصُ، لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الشُّرْبِ وَلَا قَوْلَهُ إِنْ كُنْتُ
قَتَلْتُهُ»، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حُجَيْنِ بْنِ الْمُثَنَّى
١٨١٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ
الْخَفَّافُ، قَالُوا: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا
حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
أَنَّ «نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا
فَأَكْثَرُوا، ثُمَّ أَتَوْا مُحَمَّدًا ﷺ، فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ
وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ وَلَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا
كَفَّارَةً، فَنَزَلَتْ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ
وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا
يَزْنُونَ﴾ [الفرقان:
٦٨]،
وَنَزَلَتْ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ﴾ [الزمر: ٥٣] الْآيَةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
١٨١٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ
أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أنبأ جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: ثنا
أَبُو عَاصِمٍ، أنبأ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي
حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ
الْعَاصِ رضي الله عنه وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ،
قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِأُبَايِعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقُلْتُ:
ابْسُطْ يَمِينَكَ أُبَايِعْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَبَسَطَ يَدَهُ، فَقَبَضْتُ
يَدِي، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟». قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ،
قَالَ: «تَشْتَرِطُ مَاذَا؟». قُلْتُ: أَشْتَرِطُ أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ:
«أَمَا عَلِمْتَ يَا عَمْرُو أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ».
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ
١٨١٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا
الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
قَالَ: رُمِيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما بِسَهْمٍ يَوْمَ
الطَّائِفِ، فَانْتَقَضَتْ بِهِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِأَرْبَعِينَ
لَيْلَةً فَمَاتَ، فَذَكَرَ قِصَّتَهُ، قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ ثَقِيفٍ
وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ السَّهْمُ عِنْدَهُ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: هَلْ
يَعْرِفُ هَذَا السَّهْمَ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَخُو
بَنِي الْعَجْلَانِ: هَذَا سَهْمٌ أَنَا بَرَيْتُهُ وَرُشْتُهُ وَعَقَّبْتُهُ،
وَأَنَا رَمَيْتُ بِهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: «فَإِنَّ هَذَا السَّهْمَ الَّذِي
قَتَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَهُ
بِيَدِكَ وَلَمْ يُهِنْكَ بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ أَوْسَعُ لَكُمَا»
١٨١٩٢ - وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رضي
الله عنه يُصَابُ بِالْمُصِيبَةِ فَيَقُولُ: «أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه فَصَبَرْتُ. وَأَبْصَرَ قَاتِلَ أَخِيهِ زَيْدٍ»، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ
لَقَدْ قَتَلْتَ لِي أَخًا مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلَّا ذَكَرْتُهُ
١٨١٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا
زُهَيْرٌ، ثنا حُمَيْدٌ، ثنا أَنَسٌ، أَنَّ الْهُرْمُزَانَ نَزَلَ عَلَى حُكْمِ
عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا أَنَسُ أَسْتَحْيِي قَاتِلَ
الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَمَجْزَأَةَ بْنِ ثَوْرٍ؟ فَأَسْلَمَ وَفَرَضَ لَهُ
١٨١٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ
عَلِيُّ بْنُ سَقَرَ بْنِ نَصْرٍ السُّكَّرِيُّ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا
سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه فِي
قِصَّةِ الْقُرَّاءِ وَقَتْلِ حَرَامِ بْنِ مِلْحَانَ، قَالَ فِي آخِرِهِ:
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَبُو طَلْحَةَ يَقُولُ لِي: «هَلْ لَكَ فِي
قَاتِلٍ لِحَرَامٍ؟». قُلْتُ: مَا بَالُهُ فَعَلَ اللهُ بِهِ وَفَعَلَ. قَالَ: لَا
تَفْعَلْ فَقَدْ أَسْلَمَ "
بَابُ جَوَازِ انْفِرَادِ الرَّجُلِ
وَالرِّجَالِ بِالْغَزْوِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ اسْتِدْلَالًا بِجَوَازِ
التَّقَدُّمِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهَا سَتَقْتُلُهُ
١٨١٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ
بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ،
قَالَ: «غَزَوْنَا الْمَدِينَةَ، يُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَعَلَى
الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالرُّومُ
مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ،
فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مَهْ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى
التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ رضي الله عنه: إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، لَمَّا نَصَرَ اللهُ نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ
الْإِسْلَامَ قُلْنَا: هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا،
فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ
إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]،
فَالْإِلْقَاءُ بِأَيْدِينَا إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا
وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ». قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: فَلَمْ يَزَلْ أَبُو
أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ "
١٨١٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا ⦗١٦٩⦘ أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ
لِلنَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا؟
قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ». فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ
حَتَّى قُتِلَ. «وَهَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ بْنِ شَيْبَانَ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ
١٨١٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ
بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ
الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بُسَيْسَةَ
عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَ وَمَا فِي
الْبَيْتِ غَيْرِي، وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا
اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ لَنَا طِلْبَةً، فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ
حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا». فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَ فِي
ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: «لَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ
حَاضِرًا». فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا
الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«لَا يُقْدِمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ
إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُوذِنُهُ». فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ».
قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ،
جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: بَخٍ بَخٍ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟». قَالَ: لَا
وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ:
«فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا». فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ
يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي
هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ
التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وَغَيْرِهِمَا، عَنْ
أَبِي النَّضْرِ
١٨١٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ يَوْمَ
بَدْرٍ قَالَ عَوْفُ ابْنُ عَفْرَاءَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه:
يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُضْحِكُ
الرَّبَّ تبارك وتعالى مِنْ عَبْدِهِ؟ قَالَ: «أَنْ يَرَاهُ قَدْ غَمَسَ يَدَهُ
فِي الْقِتَالِ يُقَاتِلُ حَاسِرًا». فَنَزَعَ عَوْفٌ دِرْعَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
١٨١٩٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
قَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَخَبَّابًا سَرِيَّةً،
وَبَعَثَ دِحْيَةَ سَرِيَّةً وَحْدَهُ
١٨٢٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ تَخَلَّفَ عَنْ أَصْحَابِ بِئْرِ
مَعُونَةَ، فَرَأَى الطَّيْرَ عُكُوفًا عَلَى مَقْتَلَةِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ
لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: سَأَتَقَدَّمُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَدُوِّ
فَيَقْتُلُونَنِي وَلَا أَتَخَلَّفُ عَنْ مَشْهَدٍ قُتِلَ فِيهِ أَصْحَابُنَا،
فَفَعَلَ فَقُتِلَ، فَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ
ﷺ فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا حَسَنًا، وَيُقَالُ قَالَ لِعَمْرٍو: «فَهَلَّا
تَقَدَّمْتَ فَقَاتَلْتَ حَتَّى تُقْتَلَ» قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَمْرَو
بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَرِيَّةً وَحْدَهُمَا،
وَبَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ سَرِيَّةً وَحْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا
إِسْنَادَهُمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ
بَابُ الرَّجُلِ يَسْرِقُ مِنَ
الْمَغْنَمِ وَقَدْ حَضَرَ الْقِتَالَ
١٨٢٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو يَعْلَى، ثنا جُبَارَةُ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ،
حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ
عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمُسِ سَرَقَ مِنَ الْخُمُسِ فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ
ﷺ فَلَمْ يَقْطَعْهُ فَقَالَ: «مَالُ اللهِ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَهَذَا
إِسْنَادٌ فِيهِ ضَعْفٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ
مِهْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ مِغْفَرًا مِنَ الْمَغْنَمِ فَلَمْ
يَقْطَعْهُ
بَابُ الْغُلُولِ قَلِيلُهُ
وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ
١٨٢٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ الْعَطَّارُ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، أنبأ ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ،
عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ فَلَمْ
نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، ⦗١٧١⦘ إِنَّمَا غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالْأَمْوَالَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا نَحْوَ وَادِي الْقُرَى، وَمَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَبْدٌ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ رِفَاعَةُ بْنُ بَدْرٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبِيبٍ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذْ أَتَاهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَأَصَابَهُ فَمَاتَ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي غَلَّهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ
الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَجَاءَ
رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ
١٨٢٠٣ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي
الله عنه قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ،
فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هُوَ فِي النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ
إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَلَيْهِ عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
١٨٢٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْمُقْرِي بْنِ الْحَمَامِيِّ رحمه الله بِبَغْدَادَ،
أنبأ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا
عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ أَبُو عَمْرٍو الْغُدَانِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ
عَمَّارٍ، عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ قُتِلَ
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، يَعْنِي نَاسًا، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ،
وَفُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ
غَلَّهَا أَوْ بُرْدَةٍ غَلَّهَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا ابْنَ
الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا
الْمُؤْمِنُونَ». فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ
١٨٢٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللهِ الْمُنَادِي، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي،
وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو صَادِقٍ الْعَطَّارُ ⦗١٧٢⦘ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ
يَوْمَ خَيْبَرَ، وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُمْ:
«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَزَعَمَ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ».
فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا تُسَاوِي
دِرْهَمَيْنِ. لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ
١٨٢٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ
عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا
مُسَدَّدٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَاللَّفْظُ لَهُ،
أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ،
ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو
زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا فَذَكَرَ الْغُلُولَ، فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ
أَمْرَهُ فَقَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى
رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ:
لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ
اللهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا
أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ
لَهَا حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ
لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ
أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا
أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، يَقُولُ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ
أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى
رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا
أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ مُسَدَّدٍ
١٨٢٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ
عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ إِمْلَاءً، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْقَاضِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ
عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ⦗١٧٣⦘ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ ثُمَّ قَالَ: «لِيَحْذَرْ أَحَدُكُمْ أَنْ يَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ عَلَى عُنُقِهِ، فَيَقُولَ: يَا مُحَمَّدُ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ: إِنِّي لَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ، وَيَجِيءُ رَجُلٌ عَلَى عُنُقِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: إِنِّي لَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ عَلَى عُنُقِهِ رِقَاعٌ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ». قَالَ
حَمَّادٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَجَاءَ بِهِ نَحْوًا مِنْ
هَذَا، لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
حَرْبٍ
١٨٢٠٨ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا الْأَسْفَاطِيُّ،
ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ
أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ، مِنَ الْكِبْرِ
وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». قَالَ أَبُو عِيسَى: ورَوَاهُ
سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ الْكَنْزَ بَدَلَ الْكِبْرِ
بَابُ لَا يُقْطَعُ مَنْ غَلَّ فِي
الْغَنِيمَةِ وَلَا يُحْرَقُ مَتَاعُهُ، وَمَنْ قَالَ يُحْرَقُ
١٨٢٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ،
ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ،
سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَابْنُ عَجْلَانَ
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ رَهِقَهُ النَّاسُ
يَسْأَلُونَهُ، فَحَاصَتْ بِهِ النَّاقَةُ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ شَجَرَةٌ،
فَقَالَ: «رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخْشَوْنَ عَلَيَّ الْبُخْلَ؟ وَاللهِ
لَوْ أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ نَعَمًا مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ لَقَسَمْتُهَا
بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونَنِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا».
ثُمَّ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ وَبَرِ سَنَامِ الْبَعِيرِ فَرَفَعَهَا وَقَالَ: «مَا
لِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسُ،
وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ». فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ قَسْمِ الْخُمُسِ
أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْتَحِلُّهُ خِيَاطًا أَوْ مِخْيَطًا فَقَالَ: «رُدُّوا
الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ».
١٨٢١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أنبأ أَبُو إِسْحَاقَ
الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَوْذَبٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ
الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي
الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَصَابَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا
فَنَادَى فِي النَّاسِ، فَيَجِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ فَيَخْمُسُهَا
وَيَقْسِمُهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَاهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَالَ:
«أَسَمِعْتَ بِلَالًا نَادَى ثَلَاثًا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا مَنَعَكَ
أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟» قَالَ: فَاعْتَذَرَ قَالَ: «كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ» وَقَدْ مَضَى فِي الْبَابِ قَبْلَهُ
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فِي كِرْكِرَةَ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ
مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِتَحْرِيقِ مَتَاعِ
الْغَالِّ
١٨٢١١ - وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ
مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ الزَّاهِدُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ الْبُرِّيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، أنبأ الْوَلِيدُ بْنُ
مُسْلِمٍ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ
وَعُمَرَ رضي الله عنهما أَحْرَقُوا مَتَاعَ الْغَالِّ وَمَنَعُوهُ سَهْمَهُ
وَضَرَبُوهُ. هَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ،
وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ مُرْسَلًا
١٨٢١٢
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَا: ثنا
الْوَلِيدُ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَوْلَهُ
لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَهَّابِ مَنْعَ سَهْمِهِ، وَيُقَالُ: إِنَّ زُهَيْرًا
هَذَا مَجْهُولٌ وَلَيْسَ بِالْمَكِّيِّ
١٨٢١٣ - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ قَالَا: أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ عَبْدُ الْعَزِيزِ
بْنُ مُحَمَّدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ
عِيسَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ ⦗١٧٥⦘ نَجْدَةَ الْقُرَشِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْضَ
الرُّومِ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ غَلَّ، فَسَأَلَ سَالِمًا عَنْهُ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا وَجَدْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا
مَتَاعَهُ وَاضْرِبُوهُ». قَالَ: فَوَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ مُصْحَفًا، فَسُئِلَ
سَالِمٌ عَنْهُ فَقَالَ: بِعْهُ وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ. لَفْظُ حَدِيثِ سَعِيدٍ،
فَهَذَا ضَعِيفٌ
١٨٢١٤ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَبُو
صَالِحٍ الْأَنْطَاكِيُّ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ وَمَعَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَغَلَّ رَجُلٌ مَتَاعًا
فَأَمَرَ الْوَلِيدُ بِمَتَاعِهِ فَأُحْرِقَ وَطِيفَ بِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ
سَهْمَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ، رَوَى غَيْرُ
وَاحِدٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ هِشَامٍ حَرَّقَ رَحْلَ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ
وَكَانَ قَدْ غَلَّ، وَضَرَبَهُ.
١٨٢١٥
- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ أَبُو
وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ تَرَكَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ مُنْكَرُ
الْحَدِيثِ، يَرْوِي عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، رَفْعَهُ:
«مَنْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ». وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رضي
الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغُلُولِ وَلَمْ يَحْرِقْ. قَالَ
الْبُخَارِيُّ: وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا يَحْتَجُّونَ بِهَذَا فِي الْغُلُولِ
وَهَذَا بَاطِلٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
١٨٢١٦
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: صَالِحُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ
بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي
أَرْضِ الْحَرْبِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
قَدْ أَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
الْحَدَّ بِالْمَدِينَةِ، وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهَا وَفِيهَا شِرْكٌ كَثِيرٌ
مُوَادِعُونَ، وَضَرَبَ الشَّارِبَ بِحُنَيْنٍ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهُ.
١٨٢١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَرْمَيسِينِيُّ بِهَا، أنبأ أَبُو الْحُسَيْنِ
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُهَيْلِيُّ، أنبأ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ الْحَكَمِ، ثنا رَوْحٌ، ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ الزُّهْرِيُّ رضي الله عنه قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَتَخَلَّلُ النَّاسَ يَسْأَلُ عَنْ
مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأُتِيَ ⦗١٧٦⦘ بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضَرَبُوهُ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَحَثَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
١٨٢١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
الْجَهْمِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، أَظُنُّهُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِي
قِصَّةِ خَيْبَرَ وَمَا أُخْرِجَ مِنْ حِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ:
وَزُقَاقُ خَمْرٍ فَأُهْرِيقَتْ وَعَمَدَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
فَشَرِبَ مِنْ ذَلِكَ الْخَمْرِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَكَرِهَ
حِينَ رُفِعَ إِلَيْهِ فَخَفَقَهُ بِنَعْلِهِ وَأَمَرَ مَنْ حَضَرَهُ فَخَفَقُوهُ
بِنِعَالِهِمْ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ الْحِمَارُ كَانَ رَجُلًا لَا
يَصْبِرُ عَنِ الشُّرْبِ فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِرَارًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي
الله عنه: اللهُمَّ
الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُضْرَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَفْعَلْ يَا
عُمَرُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ»
١٨٢١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ
غَيْلَانَ مَوْلَى كِنَانَةَ، عَنْ أَبِي سَلَامَ الْحَبَشِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ
بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا عُبَادَةُ بْنُ
الصَّامِتِ، وَعِنْدَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
صَلَّى إِلَى بَعِيرٍ مِنَ الْمُقَسَّمِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَخَذَ
مِنْهُ قَرَدَةً بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ وَهِيَ فِي وَبَرَةٍ فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ
هَذَا مِنْ غَنَائِمِكُمْ، وَلَيْسَ مِنْهُ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ
عَلَيْكُمْ، فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمِخْيَطَ وَأَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ
وَأَكْبَرَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ، وَجَاهِدُوا النَّاسَ فِي اللهِ، الْقَرِيبَ مِنْهُمْ وَالْبَعِيدَ،
وَلَا يَأْخُذْكُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَأَقِيمُوا حُدُودَ اللهِ فِي
السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ
الْجَنَّةِ عَظِيمٌ يُنَجِّي اللهُ بِهِ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ».
١٨٢٢٠
- رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، أَنَّهُ
جَلَسَ مَعَ عُبَادَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَالْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
الْكِنْدِيِّ، فَتَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْأَخْمَاسِ،
فَقَالَ عُبَادَةُ رضي الله عنه: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلَّى بِهِمْ فِي
غَزْوَةٍ إِلَى بَعِيرٍ. فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ فِيهِ: وَأَقِيمُوا
حُدُودَ اللهِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ. أَخْبَرْنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أَنْبَأَ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَابِدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ،
فَذَكَرَهُ
١٨٢٢١ - وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
الْمَرَاسِيلِ عَنْ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ ⦗١٧٧⦘ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى الْخُشَنِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ عَلَى الْقَرِيبِ
وَالْبَعِيدِ، وَلَا تُبَالُوا فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ». أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَسَوِيُّ، ثنا أَبُو
عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، فَذَكَرَهُ. وَرُوِي ذَلِكَ أَيْضًا
عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
١٨٢٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ
بْنُ نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: بَعَثَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَيْشٍ،
فَبَعَثَ خَالِدٌ ضِرَارَ بْنَ الْأَزْوَرِ فِي سَرِيَّةٍ فِي خَيْلٍ، فَأَغَارُوا
عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَأَصَابُوا امْرَأَةً عَرُوسًا جَمِيلَةً،
فَأَعْجَبَتْ ضِرَارًا، فَسَأَلَهَا أَصْحَابَهُ فَأَعْطَوْهَا إِيَّاهُ، فَوَقَعَ
عَلَيْهَا، فَلَمَّا قَفَلَ نَدِمَ وَسُقِطَ بِهِ فِي يَدِهِ، فَلَمَّا رُفِعَ
إِلَى خَالِدٍ أَخْبَرَهُ بِالَّذِي فَعَلَ، فَقَالَ خَالِدٌ: فَإِنِّي قَدْ
أَجَزْتُهَا لَكَ وَطَيَّبْتُهَا لَكَ. قَالَ: لَا حَتَّى تَكْتُبَ بِذَلِكَ إِلَى
عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ أَرْضِخْهُ بِالْحِجَارَةِ، فَجَاءَ كِتَابُ عُمَرَ رضي
الله عنه وَقَدْ تُوُفِّيَ، فَقَالَ: مَا كَانَ اللهُ لِيُخْزِيَ ضِرَارَ بْنَ
الْأَزْوَرِ
بَابُ مَنْ زَعَمَ لَا تُقَامُ
الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ حَتَّى يَرْجِعَ
١٨٢٢٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، عَنْ عَيَّاشِ
بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، عَنْ شُيَيْمِ بْنِ بَيْتَانَ، وَيَزِيدَ بْنِ صُبْحٍ
الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا
مَعَ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَاةَ فِي الْبَحْرِ فَأُتِيَ بِسَارِقٍ يُقَالُ لَهُ
مَصْدَرٌ قَدْ سَرَقَ بُخْتِيَّةً، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ:
«لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ»؛ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَطَعْتُهُ. هَذَا
إِسْنَادٌ شَامِيٌّ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ
يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ،
وَقَالَ يَحْيَى: بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ رَجُلُ سَوْءٍ
١٨٢٢٤
- أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، ⦗١٧٨⦘ قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ يَحْيَى لِمَا ظَهَرَ مِنْ سُوءِ فِعْلِهِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْحَرَّةِ وَغَيْرِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
١٨٢٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا
بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:
«لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ أَهْلُهَا
بِالْعَدُوِّ»
١٨٢٢٦ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا بَعْضُ
أَصْحَابِنَا، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ
رضي الله عنه، كَتَبَ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَإِلَى
عُمَّالِهِ: «أَنْ لَا يُقِيمُوا حَدًّا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي
أَرْضِ الْحَرْبِ حَتَّى يَخْرُجُوا إِلَى أَرْضِ الْمُصَالَحَةِ». قَالَ
الشَّافِعِيُّ: مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مُسْتَنْكَرٌ،
وَهُوَ يَعِيبُ أَنْ يُحْتَجَّ بِحَدِيثٍ غَيْرِ ثَابِتٍ، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا
شَيْخٌ، وَمَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ وَيَقُولُ: مَكْحُولٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَمَكْحُولٌ لَمْ يَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلُهُ
يَلْحَقُ بِالْمُشْرِكِينَ، فَإِنْ لَحِقَ بِهِمْ فَهُوَ أَشْقَى لَهُ، وَمَنْ
تَرَكَ الْحَدَّ خَوْفَ أَنْ يَلْحَقَ الْمَحْدُودُ بِبِلَادِ الْمُشْرِكِينَ
تَرَكَهُ فِي سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَالِحِهِمُ الَّتِي تَتَّصِلُ
بِبِلَادِ الْحَرْبِ
١٨٢٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا ⦗١٧٩⦘ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ خَتَنُ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيِّ، ثنا سَلَمَةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَرِبَ
عَبْدُ بْنُ الْأَزْوَرِ وَضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ وَأَبُو جَنْدَلِ بْنُ
سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو بِالشَّامِ، فَأُتِيَ بِهِمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
الْجَرَّاحِ رضي الله عنه، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: وَاللهِ مَا شَرِبْتُهَا إِلَّا
عَلَى تَأْوِيلِ أَنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: ٩٣]. فَكَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ رضي الله
عنه بِأَمْرِهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ الْأَزْوَرِ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ لَنَا
عَدُوُّنَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤَخِّرَنَا إِلَى أَنْ نَلْقَى عَدُوَّنَا
غَدًا، فَإِنِ اللهُ أَكْرَمَنَا بِالشَّهَادَةِ كَفَاكَ ذَاكَ وَلَمْ تُقِمْنَا
عَلَى خَزَايَةٍ وَإِنْ نَرْجِعْ نَظَرْتَ إِلَى مَا أَمَرَكَ بِهِ صَاحِبُكَ
فَأَمْضَيْتَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ رضي الله عنه: فَنَعَمْ. فَلَمَّا الْتَقَى
النَّاسُ قُتِلَ عَبْدُ بْنُ الْأَزْوَرِ شَهِيدًا، فَرَجَعَ الْكِتَابُ كِتَابُ
عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ الَّذِي أَوْقَعَ أَبَا جَنْدَلٍ فِي الْخَطِيئَةِ قَدْ
تَهَيَّأَ لَهُ فِيهَا بِالْحُجَّةِ، وَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَأَقِمْ
عَلَيْهِمْ حَدَّهُمْ وَالسَّلَامُ. فَدَعَاهُمَا أَبُو عُبَيْدَةُ رضي الله عنه فَحَدَّهُمَا،
وَأَبُو جَنْدَلٍ لَهُ شَرَفٌ وَلِأَبِيهِ، فَكَانَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ حَتَّى
قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ وُسْوِسَ، فَكَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ رضي الله
عنهما: أَمَّا
بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ ضَرَبْتُ أَبَا جَنْدَلٍ حَدَّهُ، وَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَ
نَفْسَهُ حَتَّى قَدْ خَشِينَا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ. فَكَتَبَ عُمَرُ رضي
الله عنه إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِي أَوْقَعَكَ فِي
الْخَطِيئَةِ قَدْ خَزَنَ عَلَيْكَ التَّوْبَةَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ ﴿حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ
الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر: ٢]،
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ رضي الله عنه ذَهَبَ عَنْهُ مَا كَانَ بِهِ
كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ
١٨٢٢٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ،
أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: كَانَ اللَّيْثُ يَرَى أَنْ يُقِيمَ
الْحَدَّ فِي أَرْضِ الرُّومِ؛ لَأَنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ: ﴿وَمَنْ يُرِدِ
اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا﴾ [المائدة: ٤١]
١٨٢٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
قَالَا: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ
الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمِيَّ، وَرِبَا ⦗١٨٠⦘ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلَّهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى
بَابُ دُعَاءِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ
الدَّعْوَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وُجُوبًا وَدُعَاءِ مَنْ بَلَغَتْهُ نَظَرًا.
قَدْ مَضَى فِي هَذَا حَدِيثُ
بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ:
«إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ
خِصَالٍ» وَمَضَى حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ:
«إِذَا أَتَيْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»
١٨٢٣٠ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، ثنا
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ،
أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
ﷺ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ
عَلَى يَدَيْهِ». فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا
أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، ⦗١٨١⦘ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ مَكَانَهُ، حَتَّى لَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. قَالَ: «عَلَى رِسْلِكَ، انْفُذْ
حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ
وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَوَاللهِ لَأَنْ
يَهْدِيَ اللهُ بِكَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ
١٨٢٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى يَعْنِي
الذُّهْلِيَّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو
النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَا: ثنا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ
قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى
كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ
١٨٢٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ، أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا
مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَيُوسُفُ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا ابْنُ كَثِيرٍ، ثنا
سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما قَالَ: «مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَوْمًا قَطُّ حَتَّى يَدْعُوَهُمْ»
١٨٢٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا أَبُو عَمْرٍو مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ
الْمُنْذِرِ الْحِمْصِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنَ مُصَفَّى، ثنا بَقِيَّةُ، ثنا
رَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي
الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ بِأُسَارَى مِنَ اللَّاتِ وَالْعُزَّى. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلْ
دَعَوْهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ؟». فَقَالُوا: لَا. فَقَالَ لَهُمْ: «هَلْ
دَعَوْكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ؟» فَقَالُوا: لَا. قَالَ: «خَلُّوا سَبِيلَهُمْ حَتَّى
يَبْلُغُوا مَأْمَنَهُمْ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ:
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ
بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٦]،
﴿وَأُوحِيَ إِلِيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ
أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٩] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. رَوْحُ بْنُ
مُسَافِرٍ ضَعِيفٌ
بَابُ جَوَازِ تَرْكِ دُعَاءِ مَنْ
بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ
١٨٢٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ السَّيَّارِيُّ،
وَأنبأ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَاتِمٍ،، أنبأ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
شَقِيقٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ
إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ، يَعْنِي فِي الْقِتَالِ، فَكَتَبَ:
إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى
الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ
جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ،
وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ
بْنِ الْحَسَنِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا مَضَى
١٨٢٣٥ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا
ابْنُ رَجَاءٍ، أنبأ عِكْرِمَةُ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ،
حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَمَّرَهُ
رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْنَا فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا دَنَوْنَا أَمَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَرَّسْنَا فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ أَمَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ رضي الله عنه فَشَنَنَّا الْغَارَةَ، فَوَرَدْنَا الْمَاءَ فَقَتَلْنَا
مَنْ قَتَلْنَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي مَضَتْ فِي
جَوَازِ التَّبْيِيتِ دَلِيلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
بَابُ الِاحْتِيَاطِ فِي
التَّبْيِيتِ وَالْإِغَارَةِ كَيْلَا يُصِيبَ مُسْلِمِينَ بِجَهَالَةٍ
١٨٢٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُغِيرُ عِنْدَ الصَّبَاحِ
فَيَسْتَمِعُ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ
١٨٢٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، أنبأ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ⦗١٨٣⦘ رضي
الله عنه يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى
يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ
بَعْدَ مَا أَصْبَحَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ
١٨٢٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ
بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عِصَامٍ، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: "إِذَا
سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا أَوْ رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا
بَابُ النَّهْيِ عَنِ السَّفَرِ
بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
١٨٢٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ
يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ. قَالَ مَالِكٌ أُرَاهُ مَخَافَةَ
أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ.
١٨٢٤٠
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
ثنا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَلِيٍّ، قَالُوا: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ،
فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مَالِكٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى
١٨٢٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ
أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
"نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ
بَابُ حَمْلِ السِّلَاحِ إِلَى
أَرْضِ الْعَدُوِّ
١٨٢٤٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُسَدَّدٌ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ ذِي
الْجَوْشَنِ، رَجُلٌ مِنَ الضِّبَابِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ
مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لِي يُقَالُ لَهَا الْقَرْحَاءُ، فَقُلْتُ: يَا
مُحَمَّدُ إِنِّي جِئْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ لِتَتَّخِذَهُ. قَالَ: «لَا
حَاجَةَ لِي فِيهِ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُقِيضَكَ بِهِ الْمُخْتَارَةَ مِنْ دُرُوعِ
بَدْرٍ فَعَلْتُ». قُلْتُ: مَا كُنْتُ أُقِيضُهُ الْيَوْمَ بِغُرَّةٍ. قَالَ:
«فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ». قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُهُ أُقِيضُكَ مِنَ
الْمُقَايَضَةِ، وَهِيَ الْمُبَادَلَةُ
بَابُ مَا أَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ
١٨٢٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ
الْحَسَنِ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ
الْمَجِيدِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ
أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: أَسَرَ
أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ،
قَالَ: وَأُخِذَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ تِلْكَ، وَسُبِيَتِ امْرَأَةٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ، وَكَانَتِ النَّاقَةُ أُصِيبَتْ قَبْلَهَا، فَكَانَتْ تَكُونُ
مَعَهُمْ وَكَانُوا يَجِيئُونَ بِالنَّعَمِ إِلَيْهِمْ. قَالَ: فَانْفَلَتَتْ
ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ فَأَتَتِ الْإِبِلَ فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أَتَتْ
بَعِيرًا رَغَا ⦗١٨٥⦘ حَتَّى أَتَتْ تِلْكَ النَّاقَةَ فَشَنَقَتْهَا، فَلَمْ تَرْغُ وَهِيَ نَاقَةٌ هُدَرَةٌ، فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ صَاحَتْ بِهَا فَانْطَلَقَتْ،
فَطُلِبَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهَا، فَجَعَلَتْ لِلَّهِ
عَلَيْهَا إِنِ اللهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا. قَالُوا: لَا
وَاللهِ لَا تَنْحَرِنَّهَا حَتَّى نُؤْذِنَ رَسُولَ اللهِ ﷺ. فَأَتَوْهُ
فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ فُلَانَةَ قَدْ جَاءَتْ عَلَى نَاقَتِكَ، وَأَنَّهَا جَعَلَتْ
لِلَّهِ عَلَيْهَا إِنْ أَنْجَاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «سُبْحَانَ اللهِ بِئْسَ مَا جَزَتْهَا، إِنِ اللهُ أَنْجَاهَا
عَلَيْهِ لَتَنْحَرَنَّهَا؟ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا
وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ». أَوْ قَالَ: «ابْنُ آدَمَ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
١٨٢٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ، أنبأ أَبُو يَعْلَى، ثنا
أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي
الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتِ
الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ، وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ الْحَاجِّ،
فَأُسِرَ الرَّجُلُ، وَأُخِذَتِ الْعَضْبَاءُ. قَالَ: فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ
وَهُوَ فِي وَثَاقٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ
فُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ، وَحَبَسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْعَضْبَاءَ لِرَحْلِهِ، ثُمَّ
إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَذَهَبُوا بِهِ،
وَكَانَتِ الْعَضْبَاءُ فِي ذَلِكَ السَّرْحِ، وَأَسَرُوا امْرَأَةً مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ انْقِلَابِهَا بِنَحْوٍ مِنْ
حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيِّ
١٨٢٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي
قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ
قَوْمًا أَغَارُوا فَأَصَابُوا امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ وَنَاقَةً لِلنَّبِيِّ
ﷺ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَالنَّاقَةُ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ انْفَلَتَتِ الْمَرْأَةُ
فَرَكِبَتِ النَّاقَةَ فَأَتَتِ الْمَدِينَةَ، فَعُرِفَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ ﷺ
فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ لَئِنْ نَجَّانِي اللهُ عَلَيْهَا لَأَنْحَرَنَّهَا.
فَمَنَعُوهَا أَنْ تَنْحَرَهَا حَتَّى يَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ:
«بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا أَنْ نَجَّاكِ اللهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرِيهَا، لَا
نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ». وَقَالَا
مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الْحَدِيثِ: وَأَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ نَاقَتَهُ. ⦗١٨٦⦘ زَادَ أَبُو سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ نَاقَتَهُ بَعْدَ مَا أَحْرَزَهَا الْمُشْرِكُونَ وَأَحْرَزَتْهَا الْأَنْصَارِيَّةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ
١٨٢٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
طَلْحَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الصَّقْرِ بِبَغْدَادَ، ثنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ أَبِي رُومَا، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ عَامِلًا
لَهُمْ أَبَقَ إِلَى الْعَدُوِّ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، فَرَدَّهُ
النَّبِيُّ ﷺ، وَلَمْ يَكُنْ قَسَمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنْ
صَالِحِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى
١٨٢٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ،
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما
«أَنَّ
غُلَامًا لَهُ لَحِقَ بِالْعَدُوِّ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَظَهَرَ عَلَيْهَا خَالِدُ
بْنُ الْوَلِيدِ رضي الله عنه، فَرَدَّهُمَا عَلَيْهِ». كَذَا قَالَ أَبُو
مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ بَيَّنَ عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ مَا
كَانَ مِنْهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَمَا كَانَ بَعْدَهُ
١٨٢٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، الْمَعْنَى قَالَا:
ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبِسْطَامِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ الْحَسَنُ هُوَ ⦗١٨٧⦘ ابْنُ سُفْيَانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ذَهَبَتْ
لَهُ فَرَسٌ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ
فَرُدَّتْ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ: وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ
فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، فَذَكَرَهُ
١٨٢٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْبِسْطَامِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ
كَانَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يَوْمَ لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ طَيِّئًا وَأَسَدًا،
وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله
عنه، فَاقْتَحَمَ الْفَرَسُ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ جُرُفًا فَصَرَعَهُ،
وَسَقَطَ عَبْدُ اللهِ، فَعَارَ الْفَرَسُ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَلَمَّا هَزَمَ
اللهُ الْعَدُوَّ رَدَّ خَالِدٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ فَرَسَهُ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ فَيُحْتَمَلَ أَنْ
يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي رُدَّ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ
وَالْفَرَسُ بَعْدَهُ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا
بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، ثُمَّ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ هَذِهِ، وَاللهُ
أَعْلَمُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَمْرُ الْقِسْمَةِ، وَلَعَلَّهُ
فِي رِوَايَةِ يَحْيَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ دُونَ ابْنِ عُمَرَ
١٨٢٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، أنبأ الثِّقَةُ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، لَا
أَحْفَظُ عَمَّنْ رَوَاهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَالَ
فِيمَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا غَلَبُوا
عَلَيْهِ أَوْ أَبَقَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَحْرَزَهُ الْمُسْلِمُونَ:
"مَالِكُوهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ
١٨٢٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَائِدَةَ،
عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصَابَ
الْمُشْرِكُونَ فَرَسًا لَهُمْ زَمَنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَكَانُوا
أَحْرَزُوهُ فَأَصَابَهُ مُسْلِمُونَ زَمَنَ سَعْدٍ، فَكَلَّمْنَاهُ فَرَدَّهُ
عَلَيْنَا بَعْدَ مَا قُسِمَ وَصَارَ فِي خُمُسِ الْإِمَارَةِ
بَابُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وُجُودِهِ
قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَيْنَ وُجُودِهِ بَعْدَهُ وَمَا جَاءَ فِيمَا اشْتُرِيَ مِنْ
أَيْدِي الْعَدُوِّ
١٨٢٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا
الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ
الزَّرَّادِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ بَعِيرِي فِي الْمَغْنَمِ كَانَ
أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «انْطَلِقْ فَإِنْ
وَجَدْتَ بَعِيرَكَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَخُذْهُ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قُسِمَ
فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ إِنْ أَرَدْتَهُ». هَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ
بِالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَالْحَسَنُ
بْنُ عُمَارَةَ مَتْرُوكٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَاهُ أَيْضًا مَسْلَمَةُ بْنُ
عُلَيٍّ الْخُشَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ. وَرُوِي
بِإِسْنَادٍ آخَرَ مَجْهُولٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ
ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ،
وَيَاسِينَ بْنِ مُعَاذٍ الزَّيَّاتِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمَا فِي
لَفْظِهِ، وَإِسْحَاقُ وَيَاسِينُ مَتْرُوكَانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا
١٨٢٥٣ - وأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ قَالَا: ثنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ،
ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ،
عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، قَالَ: عَرَفَ رَجُلٌ نَاقَةً لَهُ فِي
يَدَيْ رَجُلٍ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَسَأَلَ عَنْ أَمْرِ النَّاقَةِ،
فَوَجَدَ أَصْلَهَا اشْتُرِيَ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
لِلَّذِي عَرَفَهَا: «إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا
بِهِ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِلَّا فَخَلِّ عَنْ نَاقَتِهِ». قَالَ: وَسَأَلَ
شَاهِدَيْنِ
١٨٢٥٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، أَنَّ
الْعَدُوَّ أَصَابُوا نَاقَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ⦗١٨٩⦘ فَعَرَفَهَا صَاحِبُهَا فَخَاصَمَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «رُدَّ إِلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوْ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا». قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رِوَايَةِ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ عَنْهُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ لَمْ يُدْرِكِ
النَّبِيَّ ﷺ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَالْمُرْسَلُ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُجَّةٌ؛
لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى عَمَّنْ أَخَذَهُ
١٨٢٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ،
عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ
فِيمَا أَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ فَعَرَفَهُ
صَاحِبُهُ، قَالَ: «إِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ لَهُ، وَإِذَا
جَرَتْ فِيهِ السِّهَامُ فَلَا شَيْءَ لَهُ». قَالَ: وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: «هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، اقْتُسِمَ
أَوْ لَمْ يُقْتَسَمْ». هَذَا مُنْقَطِعٌ قَبِيصَةُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ رضي الله
عنه، وَقَتَادَةُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مُنْقَطِعٌ
١٨٢٥٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ، أنبأ
أَبُو الْفَضْلِ، أنبأ أَحْمَدُ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا عَبْدُ اللهِ ⦗١٩٠⦘ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى أَبِي
عُبَيْدَةَ فِيمَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ
أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ إِلَى أَهْلِهِ مَا لَمْ
يُقْسَمْ "
١٨٢٥٧ - وَبِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ رضي
الله عنه إِلَى السَّائِبِ بْنِ الْأَقْرَعِ: أَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَجَدَ رَقِيقَهُ وَمَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ
فِي أَيْدِي التُّجَّارِ بَعْدَ مَا قُسِمَ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَأَيُّمَا
حُرٍّ اشْتَرَاهُ التُّجَّارُ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ، فَإِنَّ
الْحُرَّ لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى. رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي
رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: هَذَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مُرْسَلٌ،
إِنَّمَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ
حَيْوَةَ عَنْ عُمَرَ وَكِلَاهُمَا لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَا
قَارَبَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ سَعْدٍ أَثْبَتُ مِنَ الْحَدِيثِ
عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه؛ لِأَنَّهُ عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ سَعْدًا فَعَلَهُ بِهِ، وَالْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مُرْسَلٌ
١٨٢٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ
لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ بُكَيْرِ
بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي
الله عنه قَالَا: «مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ
فَاسْتُنْقِذَ فَعَرَفَهُ أَهْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ رُدَّ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ
لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى يُقْسَمَ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ». كَذَا وَجَدْتُهُ فِي
كِتَابِي وَهُوَ هَكَذَا مُنْقَطِعٌ، وَابْنُ لَهِيعَةَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ،
وَاللهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ قِيلَ: عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
بَابُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ
فَهُوَ لَهُ
١٨٢٥٩ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ
أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا هِشَامٌ، ح وَأنبأ أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ،
أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خُرَيْمٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ
خَالِدٍ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ،
⦗١٩١⦘ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
قَالَ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ». يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ
الزَّيَّاتُ كُوفِيٌّ ضَعِيفٌ جَرَحَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ
وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْحُفَّاظِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ
أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلًا، وَعَنْ عُرْوَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
مُرْسَلًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَكَأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ مَنْ
أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ فَهُوَ لَهُ
١٨٢٦٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: قَالَ
مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ
الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي قِصَّةِ
الْحُدَيْبِيَةِ وَمَا قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ لِلْمُغِيرَةِ
بْنِ شُعْبَةَ حِينَ قَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: أَيْ غُدَرُ أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ قَالَ:
وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ
أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَمَّا الْإِسْلَامُ
فَأَقْبَلُ وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ». أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه
الله: وَإِنَّمَا
امْتَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ تَخْمِيسِهِ فِيمَا رَوَى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ
أَنَّهُ مَالُ غَدْرٍ، وَفِيمَا رَوَى عَقِيلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا نَخْمُسُ مَالًا أُخِذَ غَصْبًا». فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
الْمَالَ فِي يَدَيِ الْمُغِيرَةِ، وَفِي ذَلِكَ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ
يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
١٨٢٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ
الدُّورِيُّ، ثنا أَبُو شَيْخٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ
لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ:
«لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ وَدِيَارِهِمْ
وَأَرْضِهِمْ وَمَاشِيَتِهِمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ إِلَّا الصَّدَقَةُ»
بَابُ الْحَرْبِيِّ يَدْخُلُ
بِأَمَانٍ وَلَهُ مَالٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ يُسْلِمُ أَوْ يُسْلِمُ فِي
دَارِ الْحَرْبِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
أَسْلَمَ ابْنَا سَعْيَةَ
الْقُرَظِيَّانِ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ مُحَاصِرٌ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَحْرَزَ
لَهُمَا إِسْلَامُهُمَا أَنْفُسَهُمَا وَأَمْوَالَهُمَا مِنَ النَّخْلِ
وَالْأَرْضِ وَغَيْرِهِمَا
١٨٢٦٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ،
عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ
يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ، حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَجْلَى
رَسُولُ اللهِ ﷺ بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ،
حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ
نِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا
بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٨٢٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْظَةَ أَنَّهُ قَالَ:
هَلْ تَدْرِي عَمَّ كَانَ إِسْلَامُ ثَعْلَبَةَ وَأُسَيْدٍ ابْنَيْ سَعْيَةَ،
وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ نَفَرٌ مِنْ هُدَلَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ
وَلَا نَضِيرٍ كَانُوا فَوْقَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدِمَ
عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الشَّامِ مِنْ يَهُودَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْهَيْبَانِ
فَأَقَامَ عِنْدَنَا، وَاللهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطُّ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ
خَيْرًا مِنْهُ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا قَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
بِسَنَتَيْنِ، فَكُنَّا إِذَا قَحَطْنَا وَقَلَّ عَلَيْنَا الْمَطَرُ نَقُولُ
لَهُ: يَا ابْنَ الْهَيْبَانِ اخْرُجْ فَاسْتَسْقِ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ
حَتَّى تُقَدِّمُوا أَمَامَ مَخْرَجِكُمْ صَدَقَةً، فَنَقُولُ: كَمْ نُقَدِّمُ؟
فَيَقُولُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى
ظَاهِرَةِ حَرَّتِنَا وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَسْتَسْقِي، فَوَاللهِ مَا يَقُومُ مِنْ
مَجْلِسِهِ حَتَّى تُمَرَّ الشِّعَابُ، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ لَا
مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةً، فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ،
فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ
وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ؟ فَقُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ،
فَقَالَ: إِنَّهُ إِنَّمَا أَخْرَجَنِي أَتَوَقَّعُ خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ
زَمَانُهُ، هَذِهِ الْبِلَادُ مُهَاجَرُهُ، فَأَتَّبِعُهُ فَلَا تُسْبَقُنَّ
إِلَيْهِ إِذَا خَرَجَ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَإِنَّهُ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ
وَيَسْبِي الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ مِمَّنْ خَالَفَهُ، فَلَا يَمْنَعْكُمْ
ذَلِكَ مِنْهُ. ثُمَّ مَاتَ، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي
افْتُتِحَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ قَالَ أُولَئِكَ الْفِتْيَةُ الثَّلَاثَةُ،
وَكَانُوا شُبَّانًا أَحْدَاثًا: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ لَلَّذِي كَانَ ذَكَرَ
لَكُمُ ابْنُ الْهَيبَانِ. قَالُوا: مَا هُوَ؟ قَالُوا: بَلَى وَاللهِ لَهُوَ يَا
مَعْشَرَ الْيَهُودِ، إِنَّهُ وَاللهِ لَهُوَ لِصِفَتِهِ. ثُمَّ نَزَلُوا
فَأَسْلَمُوا وَخَلَّوْا أَمْوَالَهَمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَهَالِيَهُمْ. قَالَ:
وَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ فِي الْحِصْنِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا فُتِحَ
رُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ "
١٨٢٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ أَبُو حَفْصٍ، ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ثنا أَبَانُ، قَالَ عُمَرُ
وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ
أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ صَخْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ غَزَا
ثَقِيفًا ⦗١٩٣⦘ فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ صَخْرٌ رَكِبَ فِي خَيْلٍ يَمُدُّ النَّبِيَّ ﷺ، فَوَجَدَ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَدِ انْصَرَفَ وَلَمْ يَفْتَحْ، فَجَعَلَ صَخْرٌ حِينَئِذٍ عَهْدَ اللهِ وَذِمَّتَهُ أَنْ لَا
يُفَارِقَ هَذَا الْقَصْرَ حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَلَمْ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَكَتَبَ
إِلَيْهِ صَخْرٌ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ ثَقِيفًا قَدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ
يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا مُقْبِلٌ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي خَيْلٍ. فَأَمَرَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً فَدَعَا لِأَحْمَسَ عَشْرَ دَعَوَاتٍ:
«اللهُمَّ بَارِكْ لِأَحْمَسَ فِي خَيْلِهَا وَرِجَالِهَا». وَأَتَاهُ الْقَوْمُ
فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ صَخْرًا أَخَذَ
عَمَّتِي وَدَخَلَتْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. فَدَعَاهُ فَقَالَ: «يَا
صَخْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ
فَادْفَعْ إِلَى الْمُغِيرَةِ عَمَّتَهُ». فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَسَأَلَ نَبِيُّ
اللهِ ﷺ: «مَا لِبَنِي سُلَيْمٍ قَدْ هَرَبُوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَتَرَكُوا ذَاكَ
الْمَاءَ؟» فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَنْزِلْنِيهِ أَنَا وَقَوْمِي. قَالَ:
«نَعَمْ». فَأَنْزَلَهُ وَأَسْلَمَ يَعْنِي السُّلَمِيِّينَ، فَأَتَوْا صَخْرًا
فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمُ الْمَاءَ فَأَبَى، فَأَتَوْا نَبِيَّ اللهِ
ﷺ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ أَسْلَمْنَا وَأَتَيْنَا صَخْرًا لِيَدْفَعَ
إِلَيْنَا مَاءَنَا فَأَبَى عَلَيْنَا، فَدَعَاهُ فَقَالَ: «يَا صَخْرُ إِنَّ
الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ فَادْفَعْ
إِلَى الْقَوْمِ مَاءَهُمْ». قَالَ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللهِ. فَرَأَيْتُ وَجْهَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ يَتَغَيَّرُ عِنْدَ ذَلِكَ حُمْرَةً؛ حَيَاءً مِنْ أَخْذِهِ
الْجَارِيَةَ وَأَخْذِهِ الْمَاءَ قَالَ الشَّيْخُ: وَالِاسْتِدْلَالُ وَقَعَ
بِقَوْلِهِ ﷺ: «إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ
وَدِمَاءَهُمْ». فَأَمَّا اسْتِرْدَادُ الْمَاءِ عَنْ صَخْرٍ بَعْدَ مَا مَلَكَهُ
بِتَمْلِيكِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِيَّاهُ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ
بِاسْتِطَابَةِ نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ يَظْهَرُ فِي وَجْهِهِ أَثَرُ
الْحَيَاءِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا عَمَّةُ الْمُغِيرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ
أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْأَخْذِ فَكَأَنَّهُ رَأَى إِسْلَامَهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ
يُحْرِزُ مَالَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِسْلَامُهَا قَبْلَ الْأَخْذِ،
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَخْرٌ هَذَا هُوَ ابْنُ الْعَيْلَةِ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ
عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةِ لَمْ يَقُلْ: عَنْ أَبِيهِ. وَرُوِيَ فِي قِصَّةِ
رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قِصَّةِ عَمَّةِ
الْمُغِيرَةِ، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَهْلِي
وَمَالِي. قَالَ: «أَمَّا مَالُكَ فَقَدْ قُسِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا
أَهْلُكَ فَانْظُرْ مَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ». قَالَ: فَرَدَّ عَلَيْهِ
ابْنَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتَطَابَ أَنْفُسَ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ كَمَا
فَعَلَ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ وَعَوَّضَ أَهْلَ الْخُمُسِ مِنْ نَصِيبِهِمْ،
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَإِسْنَادُ الْحَدِيثَيْنِ غَيْرُ قَوِيٍّ
بَابُ الْمُشْرِكِينَ يُسْلِمُونَ
قَبْلَ الْأَسْرِ وَمَا عَلَى الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ التَّثَبُّتِ إِذَا
تَكَلَّمُوا بِمَا يُشْبِهُ الْإِقْرَارَ بِالْإِسْلَامِ وَيُشْبِهُ غَيْرَهُ
١٨٢٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا فَيَّاضٌ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: بَعَثَ
النَّبِيُّ ﷺ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، أَحْسَبُهُ قَالَ: إِلَى بَنِي جُذَيْمَةَ،
فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا،
فَقَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، وَجَعَلَ خَالِدٌ بِهِمْ قَتْلًا وَأَسْرًا،
قَالَ: ثُمَّ دَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرًا، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ
يَوْمًا أَمَرَنَا فَقَالَ لِيَقْتُلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَسِيرَهُ. قَالَ
ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: وَاللهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ
أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ. قَالَ: فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
فَذَكَرَ لَهُ مَا صَنَعَ خَالِدٌ قَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
«اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَحْمُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٨٢٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "لَقِيَ نَاسٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا فِي غَنِيمَةٍ لَهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ،
فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَةَ، فَنَزَلَ: ﴿وَلَا
تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤]، وَقَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّلَامَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
١٨٢٦٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أنبأ
إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
ﷺ وَمَعَهُ غَنَمٌ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ
إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ، فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا
غَنَمَهُ، فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ
مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النساء: ٩٤]
١٨٢٦٨ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ ⦗١٩٥⦘ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي الْقَعْقَاعِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي حَدْرَدٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ
إِلَى إِضَمٍ، فَخَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ
الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، فَخَرَجْنَا حَتَّى
إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمٍ مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ عَلَى بَعِيرٍ
لَهُ، فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْنَا سَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ،
فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ
وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمَا مَعَهُ، فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
وَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَنَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ
أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. كَذَا رَوَاهُ
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي
حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَرَوَاهُ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي
حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ
عَنْهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ،
عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ،
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ فِي
سَرِيَّةٍ بَعَثَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى إِضَمٍ، وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ
أَشْجَعَ. وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ
قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ
١٨٢٦٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْحَارِثِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ
بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ
أَسْلَمَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيَّ رضي الله
عنه يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ، فَرَآهُمْ رَجُلٌ وَهُوَ فِي جَبَلٍ،
فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ فَفِيهِ
نَزَلَتْ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ
مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤]، وَالرَّجُلُ الَّذِي قَتَلُوهُ عَامِرُ
بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ
١٨٢٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ⦗١٩٦⦘ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ بْنِ سَعْدٍ السُّلَمِيَّ يُحَدِّثُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أَبَاهُ وَجَدَّهُ شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَا: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ الظُّهْرَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ
يَخْتَصِمَانِ فِي دَمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيِّ، وَكَانَ
قَتَلَهُ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ، فَعُيَيْنَةُ يَطْلُبُ بِدَمِ
الْأَشْجَعِيِّ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَيْسٍ، وَالْأَقْرَعُ
بْنُ حَابِسٍ يَدْفَعُ عَنْ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خِنْدِفَ
وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ خِنْدِفَ، فَسَمِعْنَا عُيَيْنَةَ يَقُولُ: وَاللهِ يَا
رَسُولَ اللهِ لَا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحَرِّ مَا أَذَاقَ
نِسَائِي. وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ:»تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ خَمْسِينَ فِي
سَفَرِنَا هَذَا، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا «، وَهُوَ يَأْبَى، فَقَامَ رَجُلٌ
مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ مُكَيْتِلٌ مَجْمُوعٌ قَصِيرٌ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ، مَا وَجَدْتُ لِهَذَا الْقَتِيلِ فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا
كَعِيرٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ أُولَاهَا فَنَفَرَتْ أُخْرَاهَا، اسْنُنِ الْيَوْمَ
وَغَيِّرْ غَدًا. فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ:»تَأْخُذُونَ
الدِّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا «،
فَقَبِلَهَا الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ:»ائْتُوا بِصَاحِبِكُمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ
رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَجَاءُوا بِهِ فَقَامَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ ضَرَبَ عَلَيْهِ
حُلَّةً لَهُ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ،
اللهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ، اللهُمَّ لَا تَغْفِرْ
لِمُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ». ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ»، فَقَامَ وَهُوَ
يَتَلَقَّى دَمْعَهُ بِفَضْلِ رِدَائِهِ، فَأَمَّا نَحْنُ فِيمَا بَيْنَنَا
فَنَقُولُ: إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُ،
وَلَكِنْ أَظْهَرَ هَذَا لِيَنْزِعَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَأَمَّا مَا
ظَهَرَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ هَذَا. وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
١٨٢٧١
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيِّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا وَهْبُ
بْنُ بَيَانٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: ثنا ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ
سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ السُّلَمِيَّ يُحَدِّثُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ
أَشْجَعَ فِي الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ عِيرٍ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ،
فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا
عُيَيْنَةُ أَلَا تَقْبَلُ الْعِيرَ»؟ يُرِيدُ الدِّيَةَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ:
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَقَتَلْتَهُ بِسِلَاحِكَ فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ؟
اللهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ» بِصَوْتٍ عَالٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ
١٨٢٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ،
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ قَالَا: أنبأ بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا
عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: أَتَيْنَا نَصْرَ بْنَ عَاصِمٍ اللَّيْثِيَّ،
فَقَالَ نَصْرٌ: ثنا ⦗١٩٧⦘ عُقْبَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ رَهْطِهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَرِيَّةً فَأَغَارُوا عَلَى قَوْمٍ، فَشَذَّ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ مَعَهُ
السَّيْفُ شَاهِرٌ، فَقَالَ الشَّاذُّ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَلَمْ
يَنْظُرْ فِيهِ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ، فَقَالَ قَوْلًا شَدِيدًا، فَقَالَ الْقَاتِلُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا
قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ
ثَلَاثًا، فَأَعَادَهُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ تُعْرَفُ الْمَسَاءَةُ
فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عز وجل أَبَى عَلَى مَنْ قَتَلَ
مُؤْمِنًا» قَالَهَا ثَلَاثًا. تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدِ
بْنِ هِلَالٍ
بَابُ فَتْحِ مَكَّةَ حَرَسَهَا
اللهُ تَعَالَى
١٨٢٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ح وَأنبأ أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعِمْرَانُ بْنُ مُوسَى،
قَالَا: ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا
ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ: وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ،
فَكَانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا
يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ: أَلَا أَصْنَعُ طَعَامًا
وَأَدْعُوهُمْ إِلَى رَحْلِي؟ فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ فَصُنِعَ، ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِيِّ، فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ. قَالَ:
سَبَقْتَنِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا
أُعْلِمُكُمْ حَدِيثًا مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ
فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ،
فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ
الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى
الْحُسَّرِ فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ فِي كَتِيبَتِهِ
فَنَظَرَ فَرَآنِي، فَقَالَ: «أَبُو هُرَيْرَةَ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ
اللهِ. قَالَ: فَنَدَبَ الْأَنْصَارَ فَقَالَ: «لَا يَأْتِينَا إِلَّا
أَنْصَارِيٌّ» فَأَطَافُوا بِهِ، زَادَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: فَقَالَ: «اهْتِفْ
بِالْأَنْصَارِ وَلَا تَأْتِنِي إِلَّا بِأَنْصَارِيٍّ». قَالَ: فَفَعَلْتُهُ.
قَالَ شَيْبَانُ فِي رِوَايَتِهِ: وَأَوْبَشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا
وَأَتْبَاعًا فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا
مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ»؟ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ
إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ: حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا. زَادَ
أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ: «احْصُدُوهُمْ حَصْدًا». قَالَ شَيْبَانُ فِي
رِوَايَتِهِ: قَالَ: وَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ
أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا. قَالَ:
فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ
قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. قَالَ: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي
سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ». زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ: «مَنْ ⦗١٩٨⦘ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ».⦗١٩٩⦘ قَالَ شَيْبَانُ فِي رِوَايَتِهِ: فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا
الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرَابَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ.
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ لَا يَخْفَى
عَلَيْنَا، فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ». قَالُوا: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ. قَالَ:
«قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرَابَتِهِ». قَالُوا:
قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَالَ: «كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ
إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ».
فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ يَقُولُونَ: وَاللهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا
إِلَّا الضِّنَّ بِاللهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ
وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ». فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى
دَارِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ، وَأَقْبَلَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ، حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ
فَأَتَى إِلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ. قَالَ: وَفِي
يَدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَلَمَّا أَتَى
عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعَنُ فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ: ﴿جَاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: ٨١]، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى
الصَّفَا فَعَلَا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ
وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ
بْنِ أَسَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَذَكَرَ اللَّفْظَةَ الَّتِي
زَادَهَا أَبُو دَاوُدَ.
١٨٢٧٤
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: فَجَاءَتِ
الْأَنْصَارُ فَأَحَاطُوا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ عِنْدَ الصَّفَا فَجَاءَ أَبُو
سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ
بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ: «مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى
سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ،
وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَمَّادٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ:
«مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ»
١٨٢٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، ثنا ثَابِتٌ
الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ سَرَّحَ
الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَخَالِدَ بْنَ
الْوَلِيدِ عَلَى الْخَيْلِ، وَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ اهْتِفْ
بِالْأَنْصَارِ». قَالَ: «اسْلُكُوا هَذَا الطَّرِيقَ فَلَا يُشْرِفَنَّ لَكُمْ
أَحَدٌ إِلَّا أَنَمْتُمُوهُ». فَنَادَى مُنَادٍ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ.
فَقَالَ ⦗٢٠٠⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ دَخَلَ دَارًا فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ». وَعَمَدَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ فَغُصَّ بِهِمْ وَطَافَ النَّبِيُّ ﷺ وَصَلَّى
خَلْفَ الْمَقَامِ، ثُمَّ أَخَذَ بِجَنْبَيِ الْبَابِ فَخَرَجُوا فَبَايَعُوا
النَّبِيَّ ﷺ عَلَى الْإِسْلَامِ، زَادَ فِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ
مِسْكِينٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ
فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ»؟
قَالُوا: نَقُولُ: ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ. قَالَ: وَقَالُوا
ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ: ﴿لَا
تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: ٩٢].
قَالَ: فَخَرَجُوا كَأَنَّمَا
نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ.
١٨٢٧٦
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ
الْمُؤَمَّلِ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنبأ
الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، فَذَكَرَهُ. وَفِيمَا حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي
يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِي
الْمَسْجِدِ:»مَا تَرَوْنَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ؟ «قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ
كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ:»اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ«. قَالَ
الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُمْ بِالْأَمَانِ الْأَوَّلِ الَّذِي عَقَدَهُ
عَلَى شَرْطِ قَبُولِهِمْ، فَلَمَّا قَبِلُوهُ قَالَ:»أَنْتُمُ
الطُّلَقَاءُ". يَعْنِي بِالْأَمَانِ الْأَوَّلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
١٨٢٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَامَ
الْفَتْحِ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ
حَرْبٍ فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ
اللهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَلَوْ جَعَلْتَ
لَهُ شَيْئًا؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ،
وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ»
١٨٢٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَرِّ
الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ: قُلْتُ: وَاللهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
مَكَّةَ عَنْوَةً قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكُ
قُرَيْشٍ. فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: لَعَلِّي أَجِدُ
ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي أَهْلَ مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
لِيَخْرُجُوا إِلَيْهِ فَيَسْتَأْمِنُوهُ، وَإِنِّي لَأَسِيرُ سَمِعْتُ كَلَامَ
أَبِي سُفْيَانَ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَعَرَفَ
صَوْتِي، قَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي
وَأُمِّي؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالنَّاسُ. قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ ⦗٢٠١⦘ قَالَ: فَرَكِبَ خَلْفِي وَرَجَعَ صَاحِبُهُ فَلَمْ أُصْبِحْ غَدَوْتُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَسْلَمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا. قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ». قَالَ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى
دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ
١٨٢٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، ثنا
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا
أَبُو أُسَامَةَ، ح قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ،
وَاللَّفْظُ لَهُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ شَاكِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ،
ثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ
فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ
حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ
بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ؟
لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ. فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي
عَمْرٍو. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَرَآهُمْ نَاسٌ
مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، وَأَتَوْا بِهِمْ
رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ:
«احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى
الْمُسْلِمِينَ». فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ
النَّبِيِّ ﷺ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ
كَتِيبَةٌ، قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ غِفَارُ. قَالَ: مَا
لِي وَلِغِفَارَ. ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ
سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمٌ فَقَالَ مِثْلَ
ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟
قَالَ هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ
الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمَ يَوْمُ
الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا
عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ. ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ
الْكَتَائِبِ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ وَرَايَةُ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ
الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِأَبِي سُفْيَانَ
قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «مَا قَالَ؟»
قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ
يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ». قَالَ:
وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ. قَالَ عُرْوَةُ:
فَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ يَقُولُ: سَمِعْتُ
الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ هَهُنَا
أَمَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تُرْكِزَ الرَّايَةَ. قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كُدَى،
وَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ كَدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ
الْوَلِيدِ يَوْمَئِذٍ رَجُلَانِ، حُبَيْشُ بْنُ الْأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ
جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ. ⦗٢٠٢⦘ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا
١٨٢٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا
الْأَدِيبُ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيُّ، ثنا
أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «أُمِّنَ النَّاسُ
إِلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فَلَا يُؤَمَّنُونَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ، ابْنُ
خَطَلٍ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي
سَرْحٍ، وَابْنُ نُقَيْذٍ». فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ
الْعَوَّامِ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَاسْتَأْمَنَ
لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَأُومِنَ، وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَلَمْ
يُقْتَلْ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ قَتَلَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ لَحًّا قَدْ
سَمَّاهُ، وَقَتَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ابْنَ نُقَيذٍ وَقَيْنَتَيْنِ كَانَتَا
لِمَقِيسٍ فَقُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْلَتَتِ الْأُخْرَى وَأَسْلَمَتْ أَبُو
جَدِّهِ سَعِيدُ بْنُ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَهُ الْقَبَّانِيُّ، وَفِي
حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِيمَنْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ أُمُّ سَارَّةَ مَوْلَاةٌ
لِقُرَيْشٍ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي سَارَّةُ مَوْلَاةٌ
لِبَعْضِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَتْ مِمَّنْ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ
١٨٢٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عُلَاثَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، ثنا
أَبِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ، ثنا الْقَاسِمُ
الْجَوْهَرِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُوسَى
وَحَدِيثُ عُرْوَةَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ بَنِي نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي
الدِّيلِ أَغَارُوا عَلَى بَنِي كَعْبٍ وَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، وَكَانَ بَنُو كَعْبٍ فِي صُلْحِ رَسُولِ
اللهِ ﷺ، وَكَانَ بَنُو نُفَاثَةَ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ، فَأَعَانَتْ بَنُو بَكْرٍ
بَنِي نُفَاثَةَ وَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ، فَذَكَرَ
الْقِصَّةَ قَالَ: فَخَرَجَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ
اللهِ ﷺ فَذَكَرُوا لَهُ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَمَا كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ
عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى
مَكَّةَ وَقِصَّةَ الْعَبَّاسِ وَأَبِي سُفْيَانَ حِينَ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللهِ
ﷺ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَمَعَهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ
قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَحَكِيمٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ النَّاسَ
إِلَى الْأَمَانِ، أَرَأَيْتَ إِنِ اعْتَزَلَتْ قُرَيْشٌ فَكَفَّتْ أَيْدِيَهُمْ
آمِنُونَ هُمْ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ، مَنْ كَفَّ يَدَهُ وَأَغْلَقَ
دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ». قَالُوا: فَابْعَثْنَا نُؤَذِّنْ بِذَلِكَ فِيهِمْ. قَالَ:
«انْطَلِقُوا فَمَنْ دَخَلَ دَارَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ وَدَارَكَ يَا حَكِيمُ
وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ». وَدَارُ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَدَارُ
حَكِيمٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، فَلَمَّا ⦗٢٠٣⦘ تَوَجَّهَا ذَاهِبَيْنِ قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَا آمَنُ أَبَا سُفْيَانَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إِسْلَامِهِ. قَالَ: «رُدَّهُ حَتَّى يَقِفَ وَيَرَى جُنُودَ اللهِ مَعَكَ». فَأَدْرَكَهُ عَبَّاسٌ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَغَدْرًا يَا
بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: سَتَعْلَمُ أَنَّا لَسْنَا بِغُدُرٍ وَلَكِنْ
لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَأَصْبِحْ حَتَّى تَنْظُرَ جُنُودَ اللهِ. ثُمَّ ذَكَرَ
قِصَّةَ إِيقَافِ أَبِي سُفْيَانَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِ الْجُنُودُ، قَالَ:
وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه عَلَى
الْمُهَاجِرِينَ وَخَيْلِهِمْ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءَ مِنْ
أَعْلَى مَكَّةَ، وَأَعْطَاهُ رَايَتَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْرِزَهَا بِالْحَجُونِ
وَلَا يَبْرَحَ حَيْثُ أَمَرَهُ يَغْرِزُهَا حَتَّى يَأْتِيَهُ، وَبَعَثَ خَالِدَ
بْنَ الْوَلِيدِ فِيمَنْ كَانَ أَسْلَمَ مِنْ قُضَاعَةَ وَبَنِي سُلَيْمٍ وَنَاسًا
أَسْلَمُوا قَبْلَ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ،
وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْرِزَ رَايَتَهُ عِنْدَ أَدْنَى الْبُيُوتِ بِأَسْفَلِ
مَكَّةَ، وَبِأَسْفَلِ مَكَّةَ بَنُو بَكْرٍ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ
مَنَاةٍ وَهُذَيْلٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْأَحَابِيشِ قَدِ اسْتَنْصَرَتْ
بِهِمْ قُرَيْشٌ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكُونُوا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، وَبَعَثَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي كَتِيبَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي مُقَدِّمَةِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَلَا
يُقَاتِلُوا أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ أَرْبَعَةِ
نَفَرٍ مِنْهُمْ، عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ
نُقَيْذٍ، وَابْنِ خَطَلٍ، وَمَقِيسِ بْنِ صُبَابَةَ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ
قَيْنَتَيْنِ لِابْنِ خَطَلٍ كَانَتَا تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَمَرَّتِ الْكَتَائِبُ تَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا عَلَى أَبِي سُفْيَانَ
وَحَكِيمٍ وَبُدَيْلٍ، لَا يَمُرُّ عَلَيْهِمْ كَتِيبَةٌ إِلَّا سَأَلُوا عَنْهَا،
حَتَّى مَرَّتْ عَلَيْهِمْ كَتِيبَةُ الْأَنْصَارِ فِيهَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ،
فَنَادَى سَعْدٌ أَبَا سُفْيَانَ: الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ
تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ. فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِأَبِي سُفْيَانَ فِي
الْمُهَاجِرِينَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَرْتَ بِقَوْمِكَ أَنْ يُقَتَّلُوا،
فَإِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَمَنْ مَعَهُ حِينَ مَرُّوا بِي نَادَانِي سَعْدٌ
فَقَالَ: الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ،
وَإِنِّي أُنَاشِدُكَ اللهَ فِي قَوْمِكَ. فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى
سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَعَزَلَهُ، وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ
مَكَانَهُ عَلَى الْأَنْصَارِ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ، فَسَارَ الزُّبَيْرُ
بِالنَّاسِ حَتَّى وَقَفَ بِالْحَجُونِ وَغَرَزَ بِهَا رَايَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
وَانْدَفَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ،
فَلَقِيَهُ بَنُو بَكْرٍ فَقَاتَلُوهُ فَهُزِمُوا وَقُتِلَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ
قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ
وَانْهَزَمُوا، وَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةِ حَتَّى بَلَغَ قَتْلُهُمْ بَابَ
الْمَسْجِدِ، وَفَرَّ فَضَضُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ، وَارْتَقَتْ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ عَلَى الْجِبَالِ وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالسُّيُوفِ، وَدَخَلَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ،
وَصَاحَ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ: مَنْ أَغْلَقَ دَارَهُ وَكَفَّ
يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ. فَقَالَتْ لَهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَهِيَ امْرَأَتَهُ:
قَبَّحَكَ اللهُ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ وَقَبَّحَ عَشِيرَتَكَ مَعَكَ. وَأَخَذَتْ
بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ وَنَادَتْ: يَا آلَ غَالِبٍ، اقْتُلُوا الشَّيْخَ
الْأَحْمَقَ، هَلَّا قَاتَلْتُمْ وَدَفَعْتُمْ عَنْ أَنْفُسِكُمْ وَبِلَادِكُمْ؟
فَقَالَ لَهَا أَبُو سُفْيَانُ: وَيْحَكِ اسْكُتِي وَادْخُلِي بَيْتَكِ فَإِنَّهُ
جَاءَنَا بِالْحَقِّ. وَلَمَّا عَلَا رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَنِيَّةَ كَدَاءَ نَظَرَ
إِلَى الْبَارِقَةِ عَلَى الْجَبَلِ مَعَ فَضَضِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «مَا
هَذَا⦗٢٠٤⦘ وَقَدْ نَهَيْتُ عَنِ الْقِتَالِ»؟ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: نَظُنُّ أَنَّ خَالِدًا قُوتِلَ وَبُدِئَ بِالْقِتَالِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ قَاتَلَهُ، وَمَا كَانَ يَا رَسُولَ اللهِ لِيَعْصِيَكَ وَلَا لِيُخَالِفَ أَمْرَكَ. فَهَبَطَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ الثَّنِيَّةِ فَأَجَازَ عَلَى الْحَجُونِ، وَانْدَفَعَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ الْكَعْبَةِ وَذَكَرَ
الْقِصَّةَ، قَالَ فِيهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ:
«لِمَ قَاتَلْتَ وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ؟» فَقَالَ: هُمْ بَدَؤُونَا
بِالْقِتَالِ وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ وَأَشْعَرُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَدْ
كَفَفْتُ يَدِي مَا اسْتَطَعْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَضَاءُ اللهِ عز وجل خَيْرٌ»
١٨٢٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ
جَابِرًا هَلْ غَنِمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا
١٨٢٨٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ
عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها فِي
قِصَّةِ أَبِي قُحَافَةَ وَابْنَةٍ لَهُ مِنْ أَصْغَرِ وَلَدِهِ كَانَتْ تَقُودُهُ
يَوْمَ الْفَتْحِ، حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ بِهِ إِلَى الْأَبْطَحِ لَقِيَتْهَا
الْخَيْلُ وَفِي عُنُقِهَا طَوْقٌ لَهَا مِنْ وَرِقٍ، فَاقْتَطَعَهُ إِنْسَانٌ
مِنْ عُنُقِهَا، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمَسْجِدَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ
رضي الله عنه حَتَّى جَاءَ بِأَبِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِسْلَامِهِ، ثُمَّ
قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ
بِاللهِ وَالْإِسْلَامِ طَوْقَ أُخْتِي. فَوَاللهِ مَا أَجَابَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ
قَالَ الثَّانِيَةَ فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ احْتَسِبِي
طَوْقَكِ فَوَاللهِ إِنَّ الْأَمَانَةَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَقَلِيلٌ. وَهَذَا
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَغْنَمُوا شَيْئًا، وَأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا
إِذْ لَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً لَكَانَتْ وَمَا مَعَهَا غَنِيمَةً، وَلَكَانَ أَبُو
بَكْرٍ رضي الله عنه لَا يَطْلُبُ طَوْقَهَا
١٨٢٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ
حُسَيْنٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي
الله عنهما قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ:
«وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟». وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ
أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ وَلَا جَعْفَرٌ شَيْئًا؛
لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ
كَمَا مَضَى
بَابُ مَا قُسِمَ مِنَ الدُّورِ
وَالْأَرَاضِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا
١٨٢٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنْ
أَهْلِ الْحَرْبِ يَقْسِمُونَ الدَّارَ وَيَمْلِكُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَى
ذَلِكَ الْقَسْمِ، وَيُسْلِمُونَ ثُمَّ يُرِيدُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ
الْقَسْمَ وَيَقْسِمَهُ عَلَى قَسْمِ الْأَمْوَالِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.
فَقُلْتُ: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: الِاسْتِدْلَالُ بِمَعْنَى
الْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ، فَذَكَرَ مَا لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ مِنْ قَتْلِ
بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَسَبْيِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَغَصْبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا،
ثُمَّ قَالَ: مَعَ أَنَّهُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ
الدِّيلِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَيُّمَا دَارٍ أَوْ
أَرْضٍ قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ،
وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الْإِسْلَامُ لَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ
عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ نَرْوِي فِيهِ حَدِيثًا
أَثْبَتَ مِنْ هَذَا، بَلَغَنِي بِمِثْلِ مَعْنَاهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَلَعَلَّهُ
أَرَادَ مَا:
١٨٢٨٦ - أَخْبَرْنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زِيَادٍ النَّحْوِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ نُعَيْمٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا مُوسَى
بْنُ دَاوُدَ، ح وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا تَمْتَامٌ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ
جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
قَالَ: «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ
عَلَيْهِ، وَكُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ فِي
الْإِسْلَامِ» لَفْظُ حَدِيثِ تَمْتَامٍ، وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ مَالِكٍ
مَوْصُولًا.
١٨٢٨٧
- أَخْبَرَنَاه أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ. فَذَكَرَهُ
مِثْلَ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله
بَابُ تَرْكِ أَخْذِ الْمُشْرِكِينَ
بِمَا أَصَابُوا
١٨٢٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْمُقْرِئُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
قَالَا: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ حَجِّ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ
مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمِيَّ، وَدِمَاءُ
الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ رَبِيعَةَ
بْنِ الْحَارِثِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ مُرْتَضِعًا فِي
بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
١٨٢٨٩ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ثنا يَحْيَى هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَزِيدَ أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ
بَكْرِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ رضي الله
عنه وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
يَوْمَ الْفَتْحِ لَقُوا رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ كَانُوا يَطْلُبُونَهُ بِذَحْلٍ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْحَرَمِ، يَؤُمُّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِيُبَايِعَهُ عَلَى
الْإِسْلَامِ فَقَتَلُوهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ غَضِبَ،
فَسَعَتْ بَنُو بَكْرٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَسْتَشْفِعُونَ
بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا
بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ عز وجل حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ، أَوْ
قَالَ: وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً مِنْ
نَهَارٍ ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ كَمَا حَرَّمَهَا اللهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَإِنَّ
أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ قَتَلَ فِيهَا، وَرَجُلٌ قَتَلَ
غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَ بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنِّي وَاللهِ
لَأَدِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي أَصَبْتُمْ». قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ:
فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
١٨٢٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ رَاشِدٍ مَوْلَى حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي
أَوْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه، فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِهِ قَالَ: ثُمَّ تَقَدَّمْتُ فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللهِ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ يُغْفَرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي،
وَلَمْ أَذْكُرْ مَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لِي: «يَا عَمْرُو بَايِعْ فَإِنَّ
الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ
قَبْلَهَا»، فَبَايَعْتُهُ
١٨٢٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٢٠٧⦘ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّحْوِيُّ غُلَامُ ثَعْلَبٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ، ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ
أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ خَلَّادِ بْنِ يَحْيَى
١٨٢٩٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا كُنَّا نَعْمَلُ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا
عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ
عَنْ أَبِيهِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ
الْإِيمَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ كُفْرِهِ، وَجَعَلَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ
بَعْدُ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ سِوَى كُفْرِهِ
١٨٢٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي
الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ
أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ هَلْ لِي
فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ
لَكَ مِنْ خَيْرٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
رَاهَوَيْهِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ
بَابُ الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
قَدْ شَهِدَ الْحَرْبَ يَقَعُ عَلَى الْجَارِيَةِ مِنَ السَّبْيِ قَبْلَ الْقَسْمِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أُخِذَ مِنْهُ
عُقْرُهَا وَلَا حَدَّ مِنْ قِبَلِ الشُّبْهَةِ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ مِنْهَا
شَيْئًا
١٨٢٩٤ - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو
الْفَتْحِ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ
الْبَغَوِيُّ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، ثنا
يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ⦗٢٠٨⦘ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما قَالَتْ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ادْرَؤُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ
لِلْمُسْلِمِينَ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ
فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ». وَرُوِّينَا فِي
ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله
عنهما وَغَيْرِهِمَا، وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ رِوَايَةُ
عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ،
وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْحُدُودِ
١٨٢٩٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الْأَرْدَسْتَانِيُّ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو نَصْرٍ الْعِرَاقِيُّ، ثنا سُفْيَانُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي
السَّرِيَّةِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه سُئِلَ عَنْ جَارِيَةٍ بَيْنَ
رَجُلَيْنِ وَقَعَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا قَالَ: هُوَ خَائِنٌ لَيْسَ عَلَيْهِ
حَدٌّ، تَقُومُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ». وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ
تَقْوِيمَ الْبُضْعِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعَ إِلَى الْمَهْرِ، غَيْرَ
١٨٢٩٦
- أَنَّ وَكِيعًا رَوَاهُ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَهُوَ اسْمُ أَبِي السَّرِيَّةِ
فَقَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ جَارِيَةٍ كَانَتْ بَيْنَ
رَجُلَيْنِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا قَالَ: «لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ،
يَقُومُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَأْخُذُهَا» أَنْبَأَنِيهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
إِجَازَةً، أَنْبَأَ أَبُو الْوَلِيدِ، أَنْبَأَ أَبُو زُهَيْرٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ وَكِيعٍ فَذَكَرَهُ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ
فِيهِ إِذَا حَمَلَتْ مِنْهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ الْمَرْأَةِ تُسْبَى مَعَ
زَوْجِهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
سَبَى رَسُولُ اللهِ ﷺ سَبْيَ
أَوْطَاسٍ، وَسَبْيَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَأَسَرَ مِنْ رِجَالِ هَؤُلَاءِ
وَهَؤُلَاءِ وَقَسَمَ السَّبْيَ، فَأَمَرَ أَنْ لَا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى
تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهَا،
وَلَا هَلْ سُبِيَ زَوْجٌ مَعَ امْرَأَتِهِ وَلَا غَيْرُهُ
١٨٢٩٧ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا
يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
سَعِيدٍ، أنبأ شَرِيكٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ وَالْمُجَالِدِ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ ⦗٢٠٩⦘ أَوْطَاسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»
١٨٢٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي
حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ،
قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ أَبِي رُوَيْفِعٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه الْمَغْرِبَ،
فَافْتَتَحَ قَرْيَةً فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُولُ فِيكُمْ
إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ قَامَ فِينَا
عليه السلام فَقَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» يَعْنِي إِتْيَانَ الْحَبَالَى
مِنَ الْفَيْءِ، «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
أَنْ يُصِيبَ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ ثَيِّبًا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا
يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا
حَتَّى يُقْسَمَ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا
رَدَّهَا فِيهِ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ
رَدَّهُ». كَذَا قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ
يَوْمَ حُنَيْنٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ
وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ
السِّبَاءَ نَفْسَهُ انْقِطَاعُ الْعِصْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَذَلِكَ
أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِوَطْءِ ذَاتِ زَوْجٍ بَعْدَ حَيْضَةٍ إِلَّا وَذَلِكَ
قَطَعَ الْعِصْمَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ قَوْلَ اللهِ عز وجل:
﴿وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ اللَّاتِي
مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسِّبَاءِ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
١٨٢٩٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيَّ
حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَصَابُوا جَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ
يَوْمَ أَوْطَاسٍ، فَقَاتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ، فَأَصَابُوا نِسَاءً لَهُنَّ
أَزْوَاجٌ، وَكَأَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ تَأَثَّمُوا مِنْ غَشَيَانِهِنَّ
مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ. ⦗٢١٠⦘ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ.
١٨٣٠٠
- وَأَخْرَجَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ
الْقَوَارِيرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
عَرُوبَةَ، بِمَعْنَاهُ، «زَادَ فِيهِ: أَيْ فَهُنَّ لَهُمْ حَلَالٌ إِذَا
انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ». أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَ
أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ
بْنِ مَيْسَرَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، فَذَكَرَهُ
بَابُ وَطْءِ السَّبَايَا
بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ
١٨٣٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ مِيكَالَ، أنبأ عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ، ثنا زَيْدُ بْنُ
الْحَرِيشِ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَا: ثنا أَبُو هَمَّامٍ، يَعْنِي مُحَمَّدَ
بْنَ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى
بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:
أَصَبْنَا سَبَايَا فِي سَبْيِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ
وَأَنْ لَا يَلِدْنَ فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «لَا
عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْفَرَجِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ. قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَعَرَّسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِصَفِيَّةَ
بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ غَيْرُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ
١٨٣٠٢ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ
زَيْدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ مِنْ أَصْلِ
سَمَاعِهِ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحَنِينِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ،
ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ
حِينَ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ: «الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ
غِلْمَانِكُمْ يَخْدِمُنِي». فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا
غُلَامٌ قَدْ رَاهَقْتُ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ خَدَمْتُهُ فَسَمِعْتُهُ كَثِيرًا
مَا يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ،
وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَظَلْعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ
الرِّجَالِ». فَلَمَّا فُتِحَ الْحِصْنُ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ، وَكَانَتْ
عَرُوسًا وَقُتِلَ زَوْجُهَا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ لِنَفْسِهِ، فَلَمَّا
كُنَّا بِسَدِّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَاتَّخَذَ
حَيْسًا فِي نِطْعٍ صَغِيرٍ وَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
يُحَوِّي لَهَا بِعَبَاءَةٍ خَلْفَهُ وَيَجْلِسُ عِنْدَ نَاقَتِهِ فَيَضَعُ
رُكْبَتَهُ، فَتَجِيءُ صَفِيَّةُ فَتَضَعُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ
تَرْكَبُ، ⦗٢١١⦘ فَلَمَّا بَدَا لَنَا أُحُدٌ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: «اللهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ
مَكَّةَ، اللهُمَّ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، اللهُمَّ بَارِكْ
لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ مَنْصُورٍ، وَأَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَقَدْ غَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ
الْمُرَيْسِيعِ بِامْرَأَةٍ أَوِ امْرَأَتَيْنِ مِنْ نِسَائِهِ وَالْغَزْوُ
بِالنِّسَاءِ أَوْلَى لَوْ كَانَ فِيهِ مَكْرُوهٌ أَنْ يُتَوَقَّى قَالَ الشَّيْخُ
رحمه الله: قَدْ
مَضَتِ الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ، وَمَضَتْ أَحَادِيثُ فِي
غَزْوِ النَّبِيِّ ﷺ بِالنِّسَاءِ فِي هَذَا الْكِتَابِ
بَابُ بَيْعِ السَّبْيِ وَغَيْرِهِ
فِي دَارِ الْحَرْبِ
١٨٣٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ
بِمَرْوَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أنبأ
شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ
الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ النِّسَاءِ الْحَبَالَى أَنْ يُوطَأْنَ حَتَّى يَضَعْنَ
مَا فِي بُطُونِهِنَّ، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ بَيْعِ
الْخُمُسِ حَتَّى يُقْسَمَ». وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَعَنْ شِرَى
الْمَغْنَمِ حَتَّى يُقْسَمَ "
١٨٣٠٤ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا مُعَاذُ بْنُ
الْمُثَنَّى، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى أَنْ يُوقَعَ عَلَى
الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، وَقَالَ: «زَرْعُ غَيْرِكَ». وَعَنْ
بَيْعِ الْمَغَانِمِ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ، وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ
الْإِنْسِيَّةِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، دَلِيلُهُ أَنَّهَا
إِذَا قُسِمَتْ جَازَ بَيْعُهَا. وَقَدْ مَضَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ
قِسْمَتِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ
بَابُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ
الْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا
١٨٣٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْجَلَّابُ، ثنا أَبُو
حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الرَّازِيُّ، ثنا
عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ ⦗٢١٢⦘ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه «أَنَّهُ بَاعَ جَارِيَةً وَوَلَدَهَا
فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَنَهَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ».
١٨٣٠٦
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ
حَرْبٍ، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِ إِسْنَادِهِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ
وَوَلَدِهَا فَنَهَاهُ النَّبِيُّ ﷺ وَرَدَّ الْبَيْعَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
مَيْمُونٌ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا رضي الله عنه
١٨٣٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
دُحَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، أنبأ عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي
مَرْيَمَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ،
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَصَبْتُ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ مَعَهَا
ابْنٌ لَهَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهَا وَأُمْسِكَ ابْنَهَا، فَقَالَ لِي
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بِعْهُمَا جَمِيعًا أَوْ أَمْسِكْهُمَا جَمِيعًا»
١٨٣٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَعْيَنَ الْمِصْرِيُّ، ثنا ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ رضي
الله عنه قَدِمَ بِسَبْيٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَصُفُّوا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟»
قَالَتْ: بِيعَ ابْنِي فِي عَبْسٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي أُسَيْدٍ:
«لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ بِهِ كَمَا بِعْتَ بِالثَّمَنِ». فَرَكِبَ أَبُو
أُسَيْدٍ فَجَاءَ بِهِ. هَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِرْسَالٌ فَهُوَ مُرْسَلٌ
حَسَنٌ شَاهِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ
١٨٣٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ
وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ
١٨٣١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو صَادِقِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ
قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ إِجَازَةً، ثنا أَبُو
عُتْبَةَ، ثنا بَقِيَّةُ، ثنا خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ⦗٢١٣⦘ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ فَرَّقَ اللهُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
١٨٣١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ
ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ ضُمَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ضُمَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
مَرَّ بِأُمِّ ضُمَيْرَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟ أَجَائِعَةٌ
أَنْتِ أَمْ عَارِيَةٌ أَنْتِ؟» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ فُرِّقَ بَيْنِي
وَبَيْنَ ابْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ وَالِدَةٍ
وَوَلَدِهَا». ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الَّذِي عِنْدَهُ ضُمَيْرَةُ، فَدَعَاهُ
فَابْتَاعَهُ مِنْهُ بِبَكْرَةٍ
١٨٣١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَشْعَثَ،
عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ
شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ عَلَى الْمَدَائِنِ وَأَبُوهُ بِالشَّامِ، فَكَتَبَ
إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه: إِنَّكَ تَأْمُرُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ
السَّبَايَا وَبَيْنَ أَوْلَادِهِنَّ، فَإِنَّكَ قَدْ فَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ
أَبِي. فَكَتَبَ إِلَيْهِ فَأَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ
١٨٣١٣ - وَبِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: أَمَرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي
الله عنه أَنْ يُشْتَرَى لَهُ رَقِيقٌ وَقَالَ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَالِدِ
وَوَلَدِهِ». وَرُوِيَ هَذَا مَوْصُولًا
١٨٣١٤ - أَخْبَرْنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَيْثَمِ،
أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي اللَّيْثِ حَدَّثَهُمْ ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ
حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ، قَالَ: نَهَانِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنْ
أُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ فِي الْبَيْعِ
١٨٣١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَمَّنْ سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَمَةِ
وَوَلَدِهَا فِي الْقِسْمَةِ تَقَعُ». فَقَالَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ:
وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلِ الْقَسْمُ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه:
«وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلِ الْقَسْمُ»
بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُفَرَّقُ
بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي الْبَيْعِ
١٨٣١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، أنبأ شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ⦗٢١٤⦘ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ
أَنْ أَبِيعَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتُهُمَا وَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا،
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «أَدْرِكْهُمَا فَارْتَجِعْهُمَا وَلَا
تَبِعْهُمَا إِلَّا جَمِيعًا، وَلَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا». وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ
١٨٣١٧
- وَرَوَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْ
عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ الْحَكَمِ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ
الْخَفَّافُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ
إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:
أَمَرَنِي. كَذَا وَجَدْتُهُ فِي أَصْلِ كِتَابِي عَنْ سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ،
عَنِ الْحَكَمِ
١٨٣١٨
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْخُرَاسَانِيِّ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ،
عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ. قَالَ ابْنُ
الْخُرَاسَانِيِّ: وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا أَشْبَهُ،
وَسَائِرُ أَصْحَابِ شُعْبَةَ لَمْ يَذْكُرُوهُ عَنْ شُعْبَةَ، وَسَائِرُ
أَصْحَابِ سَعِيدٍ قَدْ ذَكَرُوهُ عَنْ سَعِيدٍ هَكَذَا
١٨٣١٩
- أَخْبَرْنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا
ابْنُ سَوَاءٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه،
فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنِ
الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه
١٨٣٢٠ - حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ ⦗٢١٥⦘ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادٌ، أنبأ الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: وَهَبَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ
غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَبِعْتُ أَحَدَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا فَعَلَ
الْغُلَامَانِ؟» قُلْتُ: بِعْتُ أَحَدَهُمَا. قَالَ: «رُدَّهُ». كَذَا رَوَاهُ
الْحَجَّاجُ، وَالْحَجَّاجُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَحَدِيثُ أَبِي خَالِدٍ
الدَّالَانِيِّ عَنِ الْحَكَمِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا لِكَثْرَةِ
شَوَاهِدِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
١٨٣٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
نَاجِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ بْنِ السَّرَّاجِ، ثنا أَبُو
بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ طَلِيقِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ». كَذَا قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَقِيلَ
عَنْهُ عَنْ طَلْقِ بْنِ مُحَمَّدٍ
١٨٣٢٢ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَلِيٍّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ح وَأنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ
بْنُ مُوسَى، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ طَلِيقِ بْنِ عِمْرَانَ،
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ، وَبَيْنَ الْأَخِ وَبَيْنَ
أَخِيهِ. قَالَ الشَّيْخُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ هَذَا
لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ
طَلِيقِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي
الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ
١٨٣٢٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، أنبأ أَبُو
دَاوُدَ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ⦗٢١٦⦘ رضي
الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أُتِيَ بِالسَّبْيِ أَعْطَى أَهْلَ
الْبَيْتِ جَمِيعًا وَكَرِهَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ
١٨٣٢٤ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، وَشَيْبَانُ، وَقَيْسٌ، كُلُّهُمْ عَنْ جَابِرٍ،
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَبْيٍ فَجَعَلَ يُعْطِي أَهْلَ
الْبَيْتِ كَمَا هُمْ جَمِيعًا، وَكَرِهَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ. جَابِرٌ
هَذَا هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ بِهَذَيْنِ
الْإِسْنَادَيْنِ
١٨٣٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخَ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:
أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ
أَخَوَيْنِ مَمْلُوكَيْنِ فِي الْبَيْعِ
بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ
فِيهِ التَّفْرِيقُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
حِينَ يَبْلُغُ الْوَلَدُ سَبْعَ
سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ، وَقَاسَ ذَلِكَ عَلَى وَقْتِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ
الْأَبَوَيْنِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ، وَقَالَ فِي
رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ: حَتَّى يَبْلُغَ، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ
حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
١٨٣٢٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيُّ
الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَسَّانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
التَّنُوخِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا يَقُولُ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ
مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ
الصَّامِتِ رضي الله عنه يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ
الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِلَى مَتَى؟ قَالَ: «حَتَّى
يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ».
١٨٣٢٧
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ قَالَا: قَالَ أَبُو
الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو هَذَا هُوَ
الْوَاقِفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، رَمَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ
بِالْكَذِبِ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ سَعِيدٍ غَيْرُهُ
بَابُ بَيْعِ السَّبْيِ مِنْ أَهْلِ
الشِّرْكِ
١٨٣٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ
رحمه الله: سَبَى
رَسُولُ اللهِ ﷺ نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَذَرَارِيَّهُمْ وَبَاعَهُمْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ، فَاشْتَرَى أَبُو الشَّحْمِ الْيَهُودِيُّ أَهْلَ بَيْتٍ،
عَجُوزًا وَوَلَدَهَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَا بَقِيَ
مِنَ السَّبْيِ أَثْلَاثًا، ثُلُثًا إِلَى تِهَامَةَ، وَثُلُثًا إِلَى نَجْدٍ،
وَثُلُثًا إِلَى طَرِيقِ الشَّامِ، فَبِيعُوا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ
وَالْإِبِلِ وَالْمَالِ
١٨٣٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ
قُرَيْظَةَ قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ أَخَا بَنِي
عَبْدِ الْأَشْهَلِ بِسَبَايَا بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى نَجْدٍ، فَابْتَاعَ لَهُمْ
بِهِمْ خَيْلًا وَسِلَاحًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ
الْبَوَالِغُ قَدِ اسْتَوْهَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ جَارِيَةً بَالِغَةً مِنْ
أَصْحَابِهِ فَفَدَى بِهَا رَجُلَيْنِ
١٨٣٣٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
الْأَسْفَاطِيُّ يَعْنِي الْعَبَّاسَ بْنَ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا
عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ
اللهِ ﷺ، فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ أَمَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَّسْنَا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ أَمَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَشَنَنَّا الْغَارَةَ فَنَزَلْنَا عَلَى الْمَاءِ،
قَالَ سَلَمَةُ فَنَظَرْتُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذُّرِّيَّةُ
وَالنِّسَاءُ، فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَأَخَذْتُ آثَارَهُمْ
فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ، فَقَامُوا فَجِئْتُ
أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي
فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ
الْعَرَبِ فَنَفَلَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ابْنَتَهَا، فَمَا كَشَفْتُ
لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا،
وَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي السُّوقِ فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي
الْمَرْأَةَ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ
لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
وَتَرَكَنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي
السُّوقِ، فَقَالَ لِي: «يَا سَلَمَةُ هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي، وَاللهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا
ثَوْبًا وَهِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَهْلِ
مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا رِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَيْدِيهِمْ. ⦗٢١٨⦘ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَرَأَيْتَ صِلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ
بِالْمَالِ وَإِطْعَامَهُمُ الطَّعَامَ أَلَيْسَ بِأَقْوَى لَهُمْ فِي كَثِيرٍ
مِنَ الْحَالِاتِ مِنْ بَيْعِ عَبْدٍ أَوْ عَبْدَيْنِ مِنْهُمْ، فَقَدْ أَذِنَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فَقَالَتْ: إِنَّ
أُمِّي أَتَتْنِي وَهِيَ رَاغِبَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ:
«نَعَمْ».
١٨٣٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:
أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
أَصِلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَأَذِنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَكَسَا ذَا قَرَابَةٍ لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ
١٨٣٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ
عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ
فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوُفُودِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ».
ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ
قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنِّي لَمْ
أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا». فَكَسَاهَا عُمَرُ رضي الله عنه أَخًا لَهُ مُشْرِكًا
بِمَكَّةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ
اللهُ تَعَالَى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾
[الإنسان:
٨]
١٨٣٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ،
عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيُطْعِمُونَ
الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨] قَالَ: كَانُوا مِنْ أَهْلِ
الشِّرْكِ
بَابُ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ
حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ اللِّسَانُ
١٨٣٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمُنَادِي، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، ثنا
أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ
سَرِيعٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَاتَلُوا
الْمُشْرِكِينَ، فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ، فَلَمَّا
جَاءُوا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ؟»
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا كَانُوا أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ. قَالَ:
«وَهَلْ خِيَارُكُمْ إِلَّا أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ مَا مِنْ نَسَمَةٍ تُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ
عَنْهَا لِسَانُهَا». قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْهُ: «هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللهُ عَلَيْهَا
الْخَلْقَ»، فَجَعَلَهُمْ مَا لَمْ يُفْصِحُوا بِالْقَوْلِ لَا حُكْمَ لَهُمْ فِي
أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا الْحُكْمُ لَهُمْ بِآبَائِهِمْ
بَابُ الْحَمِيلِ لَا يُوَرَّثُ
إِذَا عَتَقَ حَتَّى تَقُومَ بِنَسَبِهِ بَيِّنَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ يُعْطَى
النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ،
وَلَكِنِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»
١٨٣٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ، أنبأ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ لَا يُوَرِّثُ الْحَمِيلَ
١٨٣٣٦ - قَالَ: وَأنبأ يَزِيدُ، أنبأ
أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه كَتَبَ إِلَى شُرَيْحٍ أَنْ لَا يُوَرِّثَ الْحَمِيلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ
وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ فِي خِرْقَتِهَا
١٨٣٣٧ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا
مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلِيَّ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَا تُوَرِّثِ الْحَمِيلَ إِلَّا
بِبَيِّنَةٍ».
١٨٣٣٨
- قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ
ابْنِ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، مِثْلَهُ
١٨٣٣٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنبأ يَزِيدُ، أنبأ
الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ
بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه اسْتَشَارَ ⦗٢٢٠⦘ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْحَمِيلِ، فَقَالُوا فِيهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: «مَا نَرَى أَنْ نُوَرِّثَ مَالَ اللهِ إِلَّا بِالْبَيِّنَاتِ»
١٨٣٤٠ - قَالَ: وَأنبأ الْحَجَّاجُ بْنُ
أَرْطَاةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ:
«لَا يُوَرَّثُ الْحَمِيلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ». وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ عَنْ
عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ
بَابُ الْمُبَارَزَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
لَا بَأْسَ بِالْمُبَارَزَةِ، قَدْ
بَارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةُ وَحَمْزَةُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم بِأَمْرِ
النَّبِيِّ ﷺ.
١٨٣٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ،
عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي
الله عنه يُقْسِمُ قَسَمًا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا
فِي رَبِّهِمْ﴾ [الحج: ١٩]
نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا
يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنهم،
وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ،
١٨٣٤٢
- وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ
يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي
هَاشِمٍ، زَادَ فِيهِ: اخْتَصَمُوا فِي الْحَجِّ يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخْبَرَنَاهُ
أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، فَذَكَرَهُ
١٨٣٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا
إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي
قِصَّةِ بَدْرٍ قَالَ: فَبَرَزَ عُتْبَةُ وَأَخُوهُ وَابْنُهُ الْوَلِيدُ
حَمِيَّةً فَقَالَ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَخَرَجَ مِنَ الْأَنْصَارِ شَبَبَةٌ، فَقَالَ
عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا مِنْ
بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا
حَمْزَةُ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ». فَقَتَلَ اللهُ عز وجل عُتْبَةَ
وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ
بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ. وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ
١٨٣٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَحَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ
بْنِ قَتَادَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ
عُلَمَائِنَا، فَذَكَرُوا قِصَّةَ بَدْرٍ وَفِيهَا: ثُمَّ خَرَجَ عُتْبَةُ بْنُ
رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ فَدَعَوْا إِلَى
الْبِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةٌ،
فَقَالُوا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: رَهْطٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالُوا: مَا
بِنَا إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ. ثُمَّ نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ
إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قُمْ يَا
حَمْزَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ». فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا
مِنْهُمْ قَالُوا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ حَمْزَةُ: أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ
عُبَيْدَةُ: أَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ. فَقَالُوا: نَعَمْ أَكْفَاءٌ
كِرَامٌ، فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ عُتْبَةَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ كِلَاهُمَا
أَثْبَتَ صَاحِبَهُ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ فَقَتَلَهُ مَكَانَهُ، وَبَارَزَ
عَلِيٌّ الْوَلِيدَ فَقَتَلَهُ مَكَانَهُ، ثُمَّ كَرَّا عَلَى عُتْبَةَ فَذَفَفَا
عَلَيْهِ وَاحْتَمَلَا صَاحِبَهُمَا فَحَازُوهُ إِلَى الرَّحْلِ قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَبَارَزَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَرْحَبًا
يَوْمَ خَيْبَرَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَبَارَزَ يَوْمَئِذٍ الزُّبَيْرُ بْنُ
الْعَوَّامِ رضي الله عنه يَاسِرًا
١٨٣٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ، أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنِ خَيْبَرَ
وَقَدْ جَمَعَ سِلَاحَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ لِهَذَا؟» فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ
يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا وَاللهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قَتَلُوا أَخِي
بِالْأَمْسِ. قَالَ: «قُمْ إِلَيْهِ، اللهُمَّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ». فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَالِهِمَا، قَالَ: وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ
مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: خَرَجَ يَاسِرٌ فَبَرَزَ لَهُ
الزُّبَيْرُ رضي الله عنه، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ رضي الله عنها لَمَّا خَرَجَ
إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ: يَا رَسُولَ اللهِ يَقْتُلُ ابْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «بَلِ ابْنُكِ يَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ». فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ
يَرْتَجِزُ، ثُمَّ الْتَقَيَا فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ، قَالَ: وَكَانَ ذَكَرَ
أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه هُوَ قَتَلَ يَاسِرًا كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ
أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ هُوَ قَتَلَ مَرْحَبًا
١٨٣٤٦ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ
الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ
سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه يَدْعُوهُ وَهُوَ أَرْمَدُ، فَقَالَ: «لَأُعْطِيَنَّ
الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ
وَرَسُولُهُ». قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ، ⦗٢٢٢⦘ قَالَ: فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ قَالَ: فَبَرَزَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي
مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ
تَلَهَّبُ
قَالَ: فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ رضي
الله عنه وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي
حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ
السَّنْدَرَهْ
فَضَرَبَ مَرْحَبًا فَفَلَقَ
رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ وَكَانَ الْفَتْحُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ
١٨٣٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْغَضَائِرِيُّ
بِبَغْدَادَ قَالَا: أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُسَيِّبِ
بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِيِّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي خَيْبَرَ، وَذَكَرَ خُرُوجَ مَرْحَبٍ وَرَجْزَهُ،
وَقَوْلَ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أُكِيلُهُمْ
بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ قَالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَبَدَرَهُ
عَلِيٌّ رضي الله عنه فَضَرَبَهُ فَقَدَّ الْحَجَرَ وَالْمِغْفَرَ وَرَأْسَهُ
وَوَقَعَ فِي الْأَضْرَاسِ وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ
١٨٣٤٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أنبأ
زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ الْعُكْلِيُّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ
فَذَكَرَ بَعْضَ الْقِصَّةِ قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِاللِّوَاءِ فَدَعَا عَلِيًّا رضي
الله عنه وَهُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَمَسَحَهُمَا ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ
اللِّوَاءَ فَفُتِحَ لَهُ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُرَيْدَةَ يَقُولُ:
حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مَرْحَبٍ
١٨٣٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أنبأ السَّاجِيُّ،
وَبَدْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُسَيْنٍ
الْأَشْقَرُ، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ
عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: جِئْتُ النَّبِيَّ ﷺ بِرَأْسِ مَرْحَبٍ وَرَوَاهُ
صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ حَسَنٍ الْأَشْقَرِ
بِمَعْنَاهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: بَارَزَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَلِيُّ
بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ
١٨٣٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ ⦗٢٢٣⦘ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجَ، يَعْنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ، فَنَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَهُوَ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ،
فَقَالَ: أَنَا لَهَا يَا نَبِيَّ اللهِ. فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمْرٌو اجْلِسْ».
وَنَادَى عَمْرٌو: أَلَا رَجُلٌ؟ وَهُوَ يُؤَنِّبُهُمْ وَيَقُولُ: أَيْنَ
جَنَّتُكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ دَخَلَهَا؟ أَفَلَا
يَبْرُزُ إِلِيَّ رَجُلٌ؟ فَقَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: أَنَا يَا
رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: «اجْلِسْ». ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ وَذَكَرَ شِعْرًا،
فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا. فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمْرٌو».
قَالَ: وَإِنْ كَانَ عَمْرًا. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَمَشَى إِلَيْهِ حَتَّى
أَتَاهُ وَذَكَرَ شِعْرًا فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا
عَلِيٌّ. قَالَ: ابْنُ عَبْدِ مَنَافٍ؟ فَقَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ. فَقَالَ: غَيْرُكَ يَا ابْنَ أَخِي مِنْ أَعْمَامِكَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ
مِنْكَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُهَرِيقَ دَمَكَ. فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:
لَكِنِّي وَاللهِ مَا أَكْرَهُ أَنْ
أُهَرِيقَ دَمَكَ. فَغَضِبَ فَنَزَلَ وَسَلَّ سَيْفَهُ كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ،
ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَ عَلِيٍّ رضي الله عنه مُغْضَبًا، وَاسْتَقْبَلَهُ عَلِيٌّ رضي
الله عنه بِدَرَقَتِهِ فَضَرَبَهُ عَمْرٌو فِي الدَّرَقَةِ، فَقَدَّهَا وَأَثْبَتَ
فِيهَا السَّيْفَ وَأَصَابَ رَأْسَهُ فَشَجَّهُ، وَضَرَبَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى
حَبْلِ الْعَاتِقِ فَسَقَطَ وَثَارَ الْعَجَاجُ، وَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
التَّكْبِيرَ، فَعَرَفَ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَدْ قَتَلَهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي نَقْلِ
الرُّءُوسِ
١٨٣٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ،
أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي شُجَاعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ
أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
الْجُهَنِيِّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَشُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ بَعَثَا
عُقْبَةَ بَرِيدًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه بِرَأْسِ يَنَاقٍ
بِطَرِيقِ الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْكَرَ
ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَإِنَّهُمْ
يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، قَالَ: أَفَاسْتِنَانٌ بِفَارِسَ وَالرُّومِ؟ لَا يُحْمَلْ
إِلِيَّ رَأْسٌ، فَإِنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ
١٨٣٥٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ، أنبأ
أَبُو الْفَضْلِ، أنبأ أَحْمَدُ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ،
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ
مُعَاوِيَةَ بْنَ خَدِيجٍ، يَقُولُ: هَاجَرْنَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْمِنْبَرَ
فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ قُدِمَ عَلَيْنَا
بِرَأْسِ يَنَاقٍ الْبِطْرِيقِ، وَلَمْ تَكُنْ لَنَا بِهِ حَاجَةٌ، إِنَّمَا
هَذِهِ سُنَّةُ الْعَجَمِ
١٨٣٥٣ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، أَنَّهُ
حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أُتِيَ بِرَأْسٍ فَقَالَ:
بَغَيْتُمْ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ ⦗٢٢٤⦘ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمْ يُحْمَلْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ رَأْسٌ إِلَى الْمَدِينَةِ قَطُّ، وَلَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَحُمِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَكَرِهَ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَوَّلُ
مَنْ حُمِلَتْ إِلَيْهِ الرُّءُوسُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ.
١٨٣٥٤
- قَالَ الشَّيْخُ: وَالَّذِي رَوَى
أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَرَّاحِ، عَنْ
حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ،
قَالَ: لَقِيَ النَّبِيُّ ﷺ الْعَدُوَّ فَقَالَ: «مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ
عَلَى اللهِ مَا تَمَنَّى». فَجَاءَهُ رَجُلَانِ بِرَأْسٍ فَاخْتَصَمَا فِيهِ،
فَقَضَى بِهِ لِأَحَدِهِمَا. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ
أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَسَوِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ فَذَكَرَهُ. فَهَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ إِنْ ثَبَتَ تَحْرِيضٌ
عَلَى قَتْلِ الْعَدُوِّ، وَلَيْسَ فِيهِ نَقْلُ الرَّأْسِ مِنْ بِلَادِ الشِّرْكِ
إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ
بَابُ لَا تُبَاعُ جِيفَةُ مُشْرِكٍ
١٨٣٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أنبأ
سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوا رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ
الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يَشْتَرُوهُ، فَنَهَاهُمُ
النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَبِيعُوا جِيفَةَ مُشْرِكٍ
١٨٣٥٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ
الْقَطَّانُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، ثنا عَفَّانُ، ثنا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ حَجَّاجٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُتِلَ يَوْمَ
الْأَحْزَابِ، فَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنِ ابْعَثْ
إِلَيْنَا بِجَسَدِهِ وَنُعْطِيَكَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «لَا خَيْرَ فِي جَسَدِهِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ»
بَابُ السَّوَادِ
١٨٣٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَا أَعْرِفُ مَا أَقُولُ فِي
أَرْضِ السَّوَادِ إِلَّا ظَنًّا مَقْرُونًا إِلَى عِلْمٍ، وَذَلِكَ أَنِّي
وَجَدْتُ أَصَحَّ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ الْكُوفِيُّونَ عِنْدَهُمْ فِي السَّوَادِ
لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ، وَوَجَدْتُ أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ تُخَالِفُهُ
مِنْهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: السَّوَادُ صُلْحٌ، وَيَقُولُونَ: السَّوَادُ
عَنْوَةٌ، وَيَقُولُونَ: بَعْضُ السَّوَادِ صُلْحٌ وَبَعْضُهُ عَنْوَةٌ
١٨٣٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو زُبَيْدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ
ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: السَّوَادُ مِنْهُ صُلْحٌ وَمِنْهُ عَنْوَةٌ، فَمَا كَانَ
مِنْهُ عَنْوَةٌ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ مِنْهُ صُلْحٌ فَلَهُمْ
أَمْوَالُهُمْ
١٨٣٥٩ - وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ يَحْيَى: عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ
الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: لَا تُبَاعُ أَرْضٌ دُونَ
الْجَبَلِ إِلَّا أَرْضُ بَنِي صَلُوبَا وَأَرْضُ الْحِيرَةِ، فَإِنَّ لَهُمْ
عَهْدًا. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ مَا دُونَ
الْجَبَلِ مِمَّا وَرَاءَهُ صُلْحٌ
١٨٣٦٠ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
شَرِيكٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: لَيْسَ
لِأَهْلِ السَّوَادِ عَهْدٌ إِلَّا أَرْضَ الْحِيرَةِ وَأَلِيسَ وَبَانِقْيَا.
قَالَ شَرِيكٌ: إِنَّ أَهْلَ بَانِقْيَا كَانُوا دَلُّوا جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ
اللهِ عَلَى مَخَاضَةٍ، وَأَهْلُ أَلِيسَ كَانُوا أَنْزَلُوا أَبَا عُبَيْدَةَ
وَدَلُّوهُ عَلَى شَيْءٍ. قَالَ يَحْيَى: أَظُنُّهُ يَعْنِي عَوْرَةً لِلْعَدُوِّ
١٨٣٦١ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: صَالَحَ خَالِدُ
بْنُ الْوَلِيدِ أَهْلَ الْحِيرَةِ وَأَهْلَ عَيْنِ التَّمْرِ، قَالَ: وَكَتَبَ
بِذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَجَازَهُ، قَالَ يَحْيَى: قُلْتُ
لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ: فَأَهْلُ عَيْنِ التَّمْرِ مِثْلُ أَهْلِ الْحِيرَةِ
إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ عَلَى أَرْضِهِمْ شَيْءٌ، قَالَ: نَعَمْ
١٨٣٦٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: انْتَهَيْنَا
إِلَى أَهْلِ الْحِيرَةِ فَصَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَحْلٍ قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي: مَا صَنَعْتُمْ بِذَلِكَ الرَّحْلِ؟ قَالَ: صَاحِبٌ لَنَا لَمْ
يَكُنْ لَهُ رَحْلٌ. كَذَا فِي كِتَابِي: أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ:
سَبْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
١٨٣٦٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ
الرَّحِيمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَانُوا يُرَخِّصُونَ أَنْ
يَشْتَرُوا مِنْ أَرْضِ الْحِيرَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ صُلْحٌ
١٨٣٦٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حَسَنِ
بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَهْلُ الْحِيرَةِ إِنَّمَا
صُولِحُوا عَلَى مَا لَمْ يَقْتَسِمُوهُ بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى رُءُوسِ
الرِّجَالِ شَيْءٌ
١٨٣٦٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا الْحُسَيْنُ
بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لِأَهْلِ الْأَنْبَارِ
عَهْدٌ أَوْ قَالَ: عَقْدٌ
١٨٣٦٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: لَيْسَ لِأَهْلِ السَّوَادِ
عَهْدٌ، إِنَّمَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمٍ
١٨٣٦٧ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ،
عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ
أَهْلِ السَّوَادِ، أَلَهُمْ عَهْدٌ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَهْدٌ، فَلَمَّا
رُضِيَ مِنْهُمْ بِالْخَرَاجِ صَارَ لَهُمُ الْعَهْدُ
١٨٣٦٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا حَسَنُ بْنُ
صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: وَرَدَّ إِلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ أَرْضَهُمْ وَصَالَحَهُمْ عَلَى الْخَرَاجِ
١٨٣٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ
ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى
سَعْدٍ رضي الله عنهما حِينَ افْتَتَحَ الْعِرَاقَ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ
بَلَغَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوكَ أَنْ تَقْسِمَ بَيْنَهُمْ
مَغَانِمَهُمْ وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا
فَانْظُرْ مَا أَجْلَبَ النَّاسُ عَلَيْكَ إِلَى الْعَسْكَرِ مِنْ كُرَاعٍ أَوْ
مَالٍ فَاقْسِمْهُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاتْرُكِ
الْأَرَضِينَ وَالْأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَعْطِيَاتِ
الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ
لِمَنْ بَقِيَ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ
١٨٣٧٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عُمَرَ رضي
الله عنه، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ أَهْلَ السَّوَادِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
وَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُحْصَوْا، فَوَجَدُوا الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ يُصِيبُهُ
ثَلَاثَةٌ مِنَ الْفَلَّاحِينَ، يَعْنِي الْعُلُوجَ، فَشَاوَرَ أَصْحَابَ
النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: دَعْهُمْ يَكُونُونَ مَادَّةً
لِلْمُسْلِمِينَ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَوَضَعَ عَلَيْهِمْ
ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَاثْنَيْ عَشَرَ
١٨٣٧١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ مَعْقِلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: أَصْفَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْ هَذَا السَّوَادِ
عَشَرَةَ أَصْنَافٍ، أَصْفَى أَرْضَ مَنْ قُتِلَ فِي الْحَرْبِ، وَمَنْ هَرَبَ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ⦗٢٢٧⦘ يَعْنِي إِلَيْهِمْ، وَكُلَّ أَرْضٍ لِكِسْرَى، وَكُلَّ أَرْضٍ كَانَتْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ، وَكُلَّ مَغِيضِ مَاءٍ، وَكُلَّ دَيْرِ بَرِيدٍ. قَالَ: وَنَسِيتُ أَرْبَعًا. قَالَ: وَكَانَ خَرَاجُ مَنْ أَصْفَى سَبْعَةَ آلَافِ أَلْفٍ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجَمَاجِمُ أَحْرَقَ النَّاسُ الدِّيوَانَ وَأَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ مَا يَلِيهِمْ
١٨٣٧٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا قَيْسُ بْنُ
الرَّبِيعِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصْفَى
حُذَيْفَةُ أَرْضَ كِسْرَى وَأَرْضَ آلِ كِسْرَى وَمَنْ كَانَ كِسْرَى أَصْفَى
أَرْضَهُ، وَأَرْضَ مَنْ قُتِلَ وَمَنْ هَرَبَ، وَالْآجَامَ وَمَغِيضَ الْمَاءِ
١٨٣٧٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا قَيْسُ بْنُ
الرَّبِيعِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ الْحِمَّانِيِّ،
قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بِالرَّحْبَةِ
فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَضْرِبَ بَعْضُكُمْ وُجُوهَ بَعْضٍ لَقَسَمْتُ السَّوَادَ
بَيْنَكُمْ
١٨٣٧٤
- حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَمْرُو
بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ
يَزِيدَ الْحِمَّانِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه نَحْوَهُ
حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّانَ
الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ
رضي الله عنه قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَقْسِمَ السَّوَادَ يَنْزِلُ
أَحَدُكُمُ الْقَرْيَةَ فَيَقُولُ: قَرْيَتِي لَتَكُفُّنِّي، أَوْ قَالَ:
لَتَدَعُنِّي، أَوْ لَأَقْسِمَنَّهُ
١٨٣٧٥
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ. ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَقُولُونَ:
إِنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيَّ
وَهَذَا أَثْبَتُ حَدِيثٍ عِنْدَهُمْ
فِيهِ:
١٨٣٧٦
- أَخْبَرَنَاهُ الثِّقَةُ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَتْ بَجِيلَةُ رُبْعَ النَّاسِ فَقُسِمَ لَهُمْ
رُبْعُ السَّوَادِ فَاسْتَغَلُّوهُ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ، أَنَا
شَكَكْتُ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَمَعِي
فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، امْرَأَةٌ مِنْهُمْ قَدْ سَمَّاهَا لَا يَحْضُرُنِي
ذِكْرُ اسْمِهَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:
لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ
لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تَرُدُّوا عَلَى
النَّاسِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ فِي حَدِيثِهِ: وَعَاضَنِي مِنْ حَقِّي
فِيهِ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ، وَكَانَ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَتْ فُلَانَةُ: شَهِدَ
أَبِي الْقَادِسِيَّةَ وَثَبَتَ سَهْمُهُ وَلَا أُسْلِمُهُ حَتَّى تُعْطِيَنِي
كَذَا وَتُعْطِيَنِي كَذَا. فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ جَرِيرٍ، وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ، ⦗٢٢٨⦘ فَذَكَرَهَا وَذَكَرَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ وَذَكَرَ أَنَّهَا أُمُّ كُرْزٍ، وَذَكَرَ أَنَّهَا قَالَتْ: وَإِنِّي لَسْتُ أُسْلِمُ حَتَّى تَحْمِلَنِي عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ وَعَلَيْهَا قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ وَتَمْلَأُ كَفِّي ذَهَبًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَكَانَتِ الدَّنَانِيرُ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ دِينَارًا
١٨٣٧٧ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: لَمَّا وَفَدَ جَرِيرُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى عُمَرَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَنَاسٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِجَرِيرٍ: يَا جَرِيرُ وَاللهِ
لَوْمَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، وَلَكِنِّي
أَرَى أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَرَدَّهُ وَكَانَ جَعَلَ رُبْعَ
السَّوَادِ لِبَجِيلَةَ فَأَخَذُوا الْخَرَاجَ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَرَدَّهُ
وَأَعْطَاهُ ثَمَانِينَ دِينَارًا
١٨٣٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ،
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
كُنَّا رُبْعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، فَأَعْطَانَا عُمَرُ رضي الله عنه
رُبْعَ السَّوَادِ، فَأَخَذْنَاهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وَفَدَ جَرِيرٌ إِلَى
عُمَرَ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْلَا أَنِّي
قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، فَأَرَى أَنْ تَرُدَّهُ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَفَعَلَ، وَأَجَازَهُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا
١٨٣٧٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ
حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ،
قَالَ: أَعْطَى عُمَرُ رضي الله عنه جَرِيرًا وَقَوْمَهُ رُبْعَ السَّوَادِ،
فَأَخَذَهُ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ جَرِيرًا وَفَدَ إِلَى عُمَرَ
مَعَ عَمَّارٍ رضي الله عنهم فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه:
يَا جَرِيرُ لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ
مَسْئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تَرُدَّهُ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَعْطَاهُ عُمَرُ رضي الله عنه ثَمَانِينَ
دِينَارًا
١٨٣٨٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِجَرِيرٍ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ الْعِرَاقَ
وَلَكَ الرُّبُعُ أَوِ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَشَيْءٍ.
هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَالَّذِي قَبْلَهُ مَوْصُولٌ، وَلَيْسَ فِي الْآثَارِ الَّتِي
رُوِّينَاهَا وَلَمْ نَرُدَّهَا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ أَصَحُّ مِنْهُ كَمَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: ⦗٢٢٩⦘ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دِلَالَةٌ إِذْ أَعْطَى جَرِيرًا الْبَجَلِيَّ عِوَضًا مِنْ سَهْمِهِ، وَالْمَرْأَةَ عِوَضًا مِنْ سَهْمِ أَبِيهَا أَنَّهُ اسْتَطَابَ أَنْفُسَ الَّذِينَ أَوْجَفُوا عَلَيْهِ، فَتَرَكُوا حُقُوقَهُمْ مِنْهُ، فَجَعَلَهُ وَقْفًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا حَلَالٌ لِلْإِمَامِ لَوِ افْتُتِحَ الْيَوْمَ أَرْضٌ عَنْوَةً فَأَحْصَى مَنِ افْتَتَحَهَا وَطَابُوا أَنْفُسًا عَنْ حُقُوقِهِمْ مِنْهَا أَنْ يَجْعَلَهَا الْإِمَامُ وَقْفًا، وَحُقُوقُهُمْ
مِنْهَا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ وَيُوَفَّى أَهْلُ الْخُمُسِ حَقَّهُمْ،
إِلَّا أَنْ يَدَعَ الْبَالِغُونَ مِنْهُمْ حُقُوقَهُمْ فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُ،
وَالْحُكْمُ فِي الْأَرْضِ كَالْحُكْمِ فِي الْمَالِ، وَقَدْ سَبَى النَّبِيُّ ﷺ
هَوَازِنَ وَقَسَمَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْمُوجِفِينَ، ثُمَّ
جَاءَتْهُ وُفُودُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ
بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ
الْأَمْوَالِ وَالسَّبْيِ، فَقَالُوا: خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا
وَأَمْوَالِنَا فَنَخْتَارُ أَحْسَابَنَا، فَتَرَكَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ
حَقَّهُ وَحَقَّ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَسَمِعَ بِذَلِكَ الْمُهَاجِرُونَ فَتَرَكُوا
لَهُ حُقُوقَهُمْ، وَسَمِعَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ فَتَرَكُوا لَهُ حُقُوقَهُمْ،
وَبَقِيَ قَوْمٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْآخِرِينَ وَالْفَتْحِيِّينَ فَأَمَرَ
فَعَرَفَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ ثُمَّ قَالَ: «ائْتُونِي بِطِيبِ أَنْفُسِ
مَنْ بَقِيَ فَمَنْ كَرِهَ فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْإِبِلِ» إِلَى وَقْتٍ
ذَكَرَهُ فَجَاءُوا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ إِلَّا الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ
وَعُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ فَإِنَّهُمَا أَبَيَا لِيُعَيِّرَا هَوَازِنَ، فَلَمْ
يُكْرِهْهُمَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى كَانَا هُمَا تَرَكَا بَعْدَ
أَنْ خَدَعَ عُيَيْنَةُ عَنْ حَقِّهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَقَّ مَنْ
طَابَ نَفْسُهُ عَنْ حَقِّهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى الْأُمُورِ
بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عِنْدَنَا فِي السَّوَادِ وَفُتُوحِهِ
إِنْ كَانَتْ عَنْوَةً، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَمْرِ
هَوَازِنَ قَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَفِي رِوَايَةِ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
١٨٣٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامَغَانِيُّ بِبَيْهَقَ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ الْقَطِيعِيُّ،
ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ،
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مُثِّلَتْ لِيَ
الْحِيرَةُ كَأَنْيَابِ الْكِلَابِ، وَإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا». فَقَامَ
رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَبْ لِيَ ابْنَةَ بَقِيلَةَ. قَالَ: «هِيَ
لَكَ». فَأَعْطَوْهُ إِيَّاهَا فَجَاءَ أَبُوهَا فَقَالَ: أَتَبِيعُهَا؟ قَالَ:
نَعَمْ. قَالَ: بِكَمْ؟ احْكُمْ مَا شِئْتَ. قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ. قَالَ: قَدْ
أَخَذْتُهَا. قَالُوا لَهُ: لَوْ قُلْتَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا لَأَخَذَهَا. قَالَ:
وَهَلْ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ؟. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ
هَكَذَا، وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ⦗٢٣٠⦘ وَالْمَشْهُورُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ أَوْسٍ، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي آخِرِ غَزْوَةِ تَبُوكَ
بَابُ قَدْرِ الْخَرَاجِ الَّذِي
وُضِعَ عَلَى السَّوَادِ
١٨٣٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ، ثنا رَوْحٌ، ثنا ابْنُ أَبِي
عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ
مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ رضي الله عنهم إِلَى الْكُوفَةِ، وَبَعَثَ
عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الصَّلَاةِ وَعَلَى الْجُيُوشِ، وَبَعَثَ ابْنَ
مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ
حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضِ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً، شَطْرُهَا
وَسَوَاقِطُهَا لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَالنِّصْفُ بَيْنَ هَذَيْنِ، ثُمَّ
قَالَ: أَنْزَلْتُكُمْ وَإِيَّايَ مِنْ هَذَا الْمَالِ كَمَنْزِلَةِ وَالِي مَالِ
الْيَتِيمِ، ﴿مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا
فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦]،
وَمَا أَرَى قَرْيَةً يُؤْخَذُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ شَاةٌ إِلَّا كَانَ ذَلِكَ
سَرِيعًا فِي خَرَابِهَا. قَالَ: فَوَضَعَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ عَلَى جَرِيبِ
الْكَرْمِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ أَظُنُّهُ قَالَ:
ثَمَانِيَةً، وَعَلَى جَرِيبِ الْقَصَبِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ
الْبُرِّ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَيْنِ، وَعَلَى
رُءُوسِهِمْ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ كُلَّ سَنَةٍ، وَعَطَّلَ
مِنْ ذَلِكَ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَفِيمَا يُخْتَلَفُ بِهِ مِنْ
تِجَارَاتِهِمْ نِصْفَ الْعُشْرِ. قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رضي
الله عنه فَأَجَازَ ذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ، وَقِيلَ لِعُمَرَ رضي الله عنه:
كَيْفَ نَأْخُذُ مِنْ تُجَّارِ
الْحَرْبِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
كَيْفَ يَأْخُذُونَ مِنْكُمْ إِذَا
أَتَيْتُمْ بِلَادَهُمْ؟ قَالُوا: الْعُشْرَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ خُذُوا مِنْهُمْ.
وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَقَالَ:
وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى جَرِيبِ الْقَصَبِ سِتَّةٌ لَمْ
يَشُكَّ
١٨٣٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ،
ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ
الْحَكَمِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ
حُنَيْفٍ فَمَسَحَ السَّوَادَ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ
حَيْثُ يَنَالُهُ الْمَاءُ قَفِيزًا أَوْ دِرْهَمًا، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي
الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ
وَعَلَى جَرِيبِ الرِّطَابِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ
١٨٣٨٤ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى النَّخْلِ عَلَى الدِّفْلَتَيْنِ
دِرْهَمًا، وَعَلَى الْفَارِسِيَّةِ دِرْهَمًا
١٨٣٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ
بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ
دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا،
وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ
بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ
بَدَأْتُمْ». شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. قَالَ
يَحْيَى: يُرِيدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ذَكَرَ الْقَفِيزَ
وَالدِّرْهَمَ قَبْلَ أَنْ يَضَعَهُ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى الْأَرْضِ. رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَعِيشَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ
عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ
بَابُ مَنْ رَأَى قِسْمَةَ
الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ وَمَنْ لَمْ يَرَهَا
١٨٣٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ
مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ
أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ
مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: افْتَتَحْنَا
خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْإِبِلَ
وَالْبَقَرَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ
ﷺ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، وَهَبَهُ
لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ:
هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ
لَمْ يُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ
سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ فَقَالَ: هَذَا
شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ
مِنْ نَارٍ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو
١٨٣٨٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ⦗٢٣٢⦘ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فِيمَا يَحْسِبُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَاتَلَ
أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ
وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجْلُوا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا
حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ وَلِرَسُولِ اللهِ ﷺ الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ
وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا
يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عَهْدَ،
فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لِحُيِيِّ بْنِ أَخْطَبَ كَانَ
احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ لِعَمِّ حُيَيٍّ: «مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنَ
النَّضِيرِ؟» فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ. فَقَالَ:
«الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ». فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
إِلَى الزُّبَيْرِ فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ، وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ
دَخَلَ خَرِبَةً فَقَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَهُنَا».
فَذَهَبُوا وَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرِبَةِ، فَقَتَلَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ ابْنَيْ حَقِيقٍ وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيِيِّ بْنِ
أَخْطَبَ، وَسَبَى رَسُولُ اللهِ ﷺ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَقَسَمَ
أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ مِنْهَا
فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا
وَنَقُومُ عَلَيْهَا. وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَا لِأَصْحَابِهِ
غِلْمَانٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، وَكَانُوا لَا يَفْرُغُونَ أَنْ يَقُومُوا
عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ عَنْ كُلِّ زَرْعٍ
وَنَخْلٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ
الشَّطْرَ، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ شِدَّةَ خَرْصِهِ وَأَرَادُوا أَنْ
يَرْشُوهُ، قَالَ: «يَا أَعْدَاءَ اللهِ تُطْعِمُونَِي السُّحْتَ؟ وَاللهِ لَقَدْ
جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلِيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلِيَّ
مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي
إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ بَيْنَكُمْ». فَقَالُوا:
بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ. قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ
بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً فَقَالَ: «يَا صَفِيَّةُ مَا هَذِهِ الْخُضْرَةُ».
فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ حَقِيقٍ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ
كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي
وَقَالَ: تَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ
أَبْغَضِ النَّاسِ إِلِيَّ، قَتَلَ زَوْجِي وَأَبِي فَمَازَالَ يَعْتَذِرُ إِلِيَّ
وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ»، حَتَّى
ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ
مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا
مِنْ شَعِيرٍ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه غَشُّوا
الْمُسْلِمِينَ وَأَلْقَوَا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ،
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ
خَيْبَرَ⦗٢٣٣⦘ فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ، فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِرَئِيسِهِمْ:
أَتُرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «كَيْفَ بِكَ إِذَا رَقَصَتْ
بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا».
وَقَسَمَهَا عُمَرُ رضي الله عنه بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ
الْحُدَيْبِيَةِ
١٨٣٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ
فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلَّ
سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ النِّصْفُ سِهَامًا لِلْمُسْلِمِينَ وَسَهْمَ
رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَعَزَلَ النِّصْفَ لِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الْأُمُورِ
وَالنَّوَائِبِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا لِأَنَّهُ افْتَتَحَ بَعْضَ خَيْبَرَ
عَنْوَةً وَبَعْضَهَا صُلْحًا، فَمَا قَسَمَ بَيْنَهُمْ هُوَ مَا افْتَتَحَهُ
عَنْوَةً، وَمَا تَرَكَهُ لِنَوَائِبِهِ هُوَ مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ
لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ
١٨٣٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ
جُوَيْرِيَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ افْتَتَحَ بَعْضَ خَيْبَرَ عَنْوَةً
١٨٣٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رضي
الله عنه قَالَ: «لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا افْتُتِحَتْ قَرْيَةٌ إِلَّا
قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ صَدَقَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
١٨٣٩١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أنبأ هِشَامُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: «لَوْلَا أَنِّي أَتْرُكُ النَّاسَ يَبَابًا
لَا شَيْءَ لَهُمْ مَا فُتِحَتْ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ خَيْبَرَ». قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى
أَنَّهُ كَانَ يَسْتَطِيبُ قُلُوبَهُمْ، ثُمَّ يَقِفُهَا لِلْمُسْلِمِينَ نَظَرًا
لَهُمْ
١٨٣٩٢ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ
بْنُ قَتَادَةَ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ ⦗٢٣٤⦘ نَجْدَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ: أَصَابَ النَّاسَ فَتْحٌ بِالشَّامِ فِيهِمْ بِلَالٌ، وَأَظُنُّهُ ذَكَرَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنهما، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إِنَّ هَذَا الْفَيْءَ الَّذِي أَصَبْنَا لَكَ
خُمُسُهُ وَلَنَا مَا بَقِيَ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا صَنَعَ
النَّبِيُّ ﷺ بِخَيْبَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَا قُلْتُمْ
وَلَكِنِّي أَقِفُهَا لِلْمُسْلِمِينَ، فَرَاجَعُوهُ الْكِتَابَ وَرَاجَعَهُمْ
يَأْبَوْنَ وَيَأْبَى، فَلَمَّا أَبَوْا قَامَ عُمَرُ رضي الله عنه فَدَعَا
عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَأَصْحَابَ بِلَالٍ، قَالَ:
فَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا. قَالَ الشَّيْخُ رحمه
الله: قَوْلُهُ
رضي الله عنه إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَا قُلْتُمْ، لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ إِنْكَارَ
مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ قِسْمَةِ خَيْبَرَ، فَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ لَيْسَتِ الْمَصْلَحَةُ فِيمَا
قُلْتُمْ وَإِنَّمَا الْمَصْلَحَةُ فِي أَنْ أَقِفَهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلَ
يَأْبَى قِسْمَتَهَا لِمَا كَانَ يَرْجُو مِنْ تَطْيِيبِهِمْ ذَلِكَ وَجَعَلُوا
يَأْبَوْنَ لِمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ، فَلَمَّا أَبَوْا لَمْ يُبْرِمْ
عَلَيْهِمُ الْحُكْمَ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَوَقْفِهَا، وَلَكِنْ
دَعَا عَلَيْهِمْ حَيْثُ خَالَفُوهُ فِيمَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَهُمْ لَوْ
وَافَقُوهُ وَافَقَهُ أَفْنَاءُ النَّاسِ وَأَتْبَاعُهُمْ. وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ
وَاللهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِّينَا فِي كِتَابِ الْقَسْمِ فِي فَتْحِ مِصْرَ
أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَرَأَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قِسْمَتَهَا
كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ
١٨٣٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، ثنا
الْمُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي
رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:
«أَيُّمَا قَرْيَةٍ افْتَتَحَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ،
وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ افْتَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً فَخُمُسُهَا لِلَّهِ
وَلِرَسُولِهِ وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا». قَالَ أَبُو الْفَضْلِ
الدُّورِيُّ: أَبُو سَلَمَةَ هَذَا هُوَ عِنْدِي صَاحِبُ الطَّعَامِ أَوْ حَمَّادُ
بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْ
حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِمَعْنَاهُ
بَابُ الْأَرْضِ إِذَا كَانَتْ
صُلْحًا رِقَابُهَا لِأَهْلِهَا وَعَلَيْهَا خَرَاجٌ يُؤَدُّونَهُ فَأَخَذَهَا
مِنْهُمْ مُسْلِمٌ بِكِرَاءٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
لَا بَأْسَ كَمَا يَسْتَأْجِرُ
مِنْهُمْ إِبِلَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَرَقِيقَهُمْ وَمَا دَفَعَ إِلَيْهِمْ أَوْ
إِلَى السُّلْطَانِ بِوِكَالَتِهِمْ، فَلَيْسَ بِصَغَارٍ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ
دَيْنٌ عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ ⦗٢٣٥⦘ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُؤَدِّيَ خَرَاجًا وَلَا لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، إِنَّمَا هُوَ خَرَاجُ الْجِزْيَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَقَدِ اتَّخَذَ أَرْضَ الْخَرَاجِ
قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالدِّينِ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ احْتِيَاطًا قَالَ
الشَّيْخُ: أَمَّا الْكَرَاهِيَةُ فَفِيمَا
١٨٣٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ثنا أَبُو دَاوُدَ،
ثنا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عِيسَى بْنِ سُمَيْعٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ،
عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ عَقَدَ الْجِزْيَةَ فِي عُنُقِهِ
فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ»
١٨٣٩٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أنبأ
أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا
بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، حَدَّثَنِي سِنَانُ
بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي شَبِيبُ بْنُ نُعَيْمٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ
خُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا فَقَدِ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ، وَمَنْ
نَزَعَ صَغَارَ كَافِرٍ مِنْ عُنُقِهِ فَجَعَلَهُ فِي عُنُقِهِ فَقَدْ وَلَّى
الْإِسْلَامَ ظَهْرَهُ» قَالَ سِنَانٌ: فَسَمِعَ مِنِّي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ هَذَا
الْحَدِيثَ فَقَالَ لِي: أَشَبِيبٌ حَدَّثَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا
قَدِمْتَ فَسَلْهُ فَلْيَكْتُبْ إِلِيَّ بِالْحَدِيثِ، قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ،
فَلَمَّا قَدِمْتُ سَأَلَنِي ابْنُ مَعْدَانَ الْقِرْطَاسَ فَأَعْطَيْتُهُ،
فَلَمَّا قَرَأَهُ تَرَكَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ،
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ الْيَزَنِيُّ، لَيْسَ هُوَ
صَاحِبَ شُعْبَةَ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: هَذَانِ الْحَدِيثَانِ
إِسْنَادُهُمَا إِسْنَادٌ شَامِيٌّ، وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لَمْ يَحْتَجَّا
بِمِثْلِهِمَا وَاللهُ أَعْلَمُ
١٨٣٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: ثنا
شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ هُوَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي أَكُونُ بِالسَّوَادِ فَأَتَقَبَّلُ
وَلَا أُرِيدُ أَنْ أَزْدَادَ، إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَدْفَعَ عَنْ نَفْسِي،
فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا
بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] إِلَى ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [التوبة: ٢٩] عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ «لَا
تَنْزِعِ الصَّغَارَ مِنْ أَعْنَاقِهِمْ فَتَجْعَلَهُ فِي عُنُقِكَ»
١٨٣٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ⦗٢٣٦⦘ الْمُزَكِّي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ إِذَا سُئِلَ عَنِ
الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ يَأْخُذُ الْأَرْضَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ
بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الْخَرَاجِ يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَوْ لَا
يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى نَفْسِهِ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ»
١٨٣٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ،
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِي بِجِزْيَةٍ
خَمْسَةِ دَرَاهِمَ أُقِرُّ فِيهَا بِالصَّغَارِ عَلَى نَفْسِي»
١٨٣٩٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ
جَابِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَنْ
أَقَرَّ بِالطَّسْقِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالصَّغَارِ»
بَابُ مَنْ كَرِهَ شِرَاءَ أَرْضِ
الْخَرَاجِ
١٨٤٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ
قَتَادَةَ عَنْ سُفْيَانَ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عُمَرَ رضي
الله عنه قَالَ: «لَا تَشْتَرُوا رَقِيقَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ
خَرَاجٍ يُؤَدِّي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَأَرْضِيهِمْ فَلَا تَبْتَاعُوهَا،
وَلَا يُقِرَّنَّ أَحَدُكُمْ بِالصَّغَارِ بَعْدَ إِذْ نَجَّاهُ اللهُ مِنْهُ».
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَرَادَ فِيمَا نَرَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ
مَمَالِيكُ وَأَرْضٌ وَأَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ كَانَتْ أَكْثَرَ لِجِزْيَتِهِ،
وَكَانَتْ سُنَّةُ عُمَرَ رضي الله عنه فِيهِمْ إِنَّمَا كَانَتْ يَضَعُ
الْجِزْيَةَ عَلَى قَدْرِ الْيَسَارِ وَالْعُسْرِ، فَلِهَذَا كَرِهَ أَنْ
يُشْتَرَى رَقِيقُهُمْ، وَأَمَّا شِرَاءُ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ ذَهَبَ فِيهِ إِلَى
الْخَرَاجِ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَلَا تَرَاهُ
يَقُولُ: وَلَا يُقِرَّنَّ أَحَدُكُمْ بِالصَّغَارِ بَعْدَ إِذْ نَجَّاهُ اللهُ
مِنْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ عُمَرَ رِجَالٌ
مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ
وَكَانَتْ لَهُ أَرْضٌ بِرَاذَانَ، وَخَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ وَغَيْرُهُمَا
١٨٤٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا عُبَيْدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ
يَكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ شَيْئًا، وَيَقُولُ: عَلَيْهَا
خَرَاجُ الْمُسْلِمِينَ»
١٨٤٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ:
اشْتَرَيْتُ أَرْضًا. قَالَ: الشِّرَاءُ حَسَنٌ. قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أُعْطِي
مِنْ كُلِّ جَرِيبِ أَرْضٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا مِنْ طَعَامٍ. قَالَ: وَلَا
تَجْعَلْ فِي عُنُقِكَ صَغَارًا
بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِي شِرَاءِ
أَرْضِ الْخَرَاجِ
١٨٤٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ
الْحَجَّاجِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: اشْتَرَى عَبْدُ
اللهِ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهَا يَعْنِي
دُهْقَانَهَا: أَنَا أَكْفِيكَ إِعْطَاءَ خَرَاجِهَا وَالْقِيَامَ عَلَيْهَا
١٨٤٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ،
ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا حَفْصٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
اشْتَرَى عَبْدُ اللهِ أَرْضَ الْخَرَاجِ مِنْ دُهْقَانٍ وَعَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ
خَرَاجَهَا
١٨٤٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ،
عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: اشْتَرَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما
مِلْحَةً أَوْ مِلْحًا، وَاشْتَرَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه بَرِيدَيْنِ
مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ وَقَالَ: قَدْ رَدَّ إِلَيْهِمْ عُمَرُ رضي الله عنه أَرْضَهُمْ
وَصَالَحَهُمْ عَلَى الْخَرَاجِ الَّذِي وَضَعَهُ عَلَيْهِمْ
١٨٤٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، ثنا عَبَّادُ بْنُ
الْعَوَّامِ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسَنٍ، أَنَّ الْحَسَنَ
وَالْحُسَيْنَ رضي الله عنهما اشْتَرَيَا قِطْعَةً مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ
١٨٤٠٧ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
عَبَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه اشْتَرَى
قِطْعَةً مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ
١٨٤٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ،
أَنَّهُ اشْتَرَى أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْحِيرَةِ يُقَالُ لَهَا زُبَا قَالَ: وَقَالَ
الْحَكَمُ: وَكَانُوا يُرَخِّصُونَ فِي شِرَاءِ أَرْضِ الْحِيرَةِ مِنْ أَجْلِ
أَنَّهُمْ صُلْحٌ. قَالَ يَحْيَى: وَسَأَلْتُ حَسَنَ بْنَ صَالِحٍ فَكَرِهَ
شِرَاءَ أَرْضِ الْخَرَاجِ الَّتِي أُخِذَتْ عَنْوَةً فَوُضِعَ عَلَيْهَا
الْخَرَاجُ فَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِشِرَاءِ أَرْضِ أَهْلِ الصُّلْحِ
بَابُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ
الصُّلْحِ سَقَطَ الْخَرَاجُ عَنْ أَرْضِهِ
١٨٤٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنبأ
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا الْفَضْلُ
بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ،
قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَذَكَرَهُ، فَقَالَ فِيهِ: وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَنْ
أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ. وَقَدْ رُوِّينَا فِيهِ حَدِيثًا مُسْنَدًا
لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ إِلَّا صَدَقَةٌ وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي كِتَابِ
الزَّكَاةِ
بَابُ الْأَرْضِ إِذَا أُخِذَتْ
عَنْوَةً فَوُقِفَتْ لِلْمُسْلِمِينَ بِطِيبِ أَنْفُسِ الْغَانِمِينَ لَمْ يَجُزْ
بَيْعُهَا إِذَا أَسْلَمَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ لَمْ يَسْقُطْ خَرَاجُهَا
١٨٤١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ هُوَ
ابْنُ حَرْبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: اشْتَرَى
عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ ثُمَّ أَتَى عُمَرَ رضي
الله عنه فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: مِمَّنِ اشْتَرَيْتَهَا؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِهَا.
قَالَ: فَهَؤُلَاءِ أَهْلُهَا - لِلْمُسْلِمِينَ - أَبِعْتُمُوهُ شَيْئًا؟
قَالُوا: لَا. قَالَ: اذْهَبْ فَاطْلُبْ مَالَكَ
١٨٤١١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي
إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، قَالَ:
اشْتَرَيْتُ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ
لِقَضْبِ دَوَابَّ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: اشْتَرَيْتَهَا
مِنْ أَصْحَابِهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: رُحْ إِلِيَّ. قَالَ: فَرُحْتُ
إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، أَبِعْتُمُوهُ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ:
ابْتَغِ مَالَكَ حَيْثُ وَضَعْتَهُ
١٨٤١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ
مِنْ أَهْلِ نَهَرِ الْمَلِكِ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ أَوْ كَتَبَ عُمَرُ رضي الله
عنه: إِنِ
اخْتَارَتْ أَرْضَهَا وَأَدَّتْ مَا عَلَى أَرْضِهَا فَخَلُّوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
أَرْضِهَا، وَإِلَّا خَلُّوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَرَضِيهِمْ
١٨٤١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا حَفْصُ بْنُ ⦗٢٣٩⦘ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهما إِذَا أَسْلَمَ
الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ تَرَكَاهُ يَقُومُ بِخَرَاجِهِ فِي أَرْضِهِ
١٨٤١٤ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
شَرِيكٌ، وَقَيْسٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: أَسْلَمَ الرَّقِيلُ
فَأَعْطَاهُ عُمَرُ رضي الله عنه أَرْضَهُ بِخَرَاجِهَا وَفَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ
١٨٤١٥ - قَالَ: وَثَنَا يَحْيَى، ثنا قَيْسُ
بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي
زُهْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى سَعْدٍ
يُقْطِعُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ أَرْضًا فَأَقْطَعَهُ أَرْضًا لِبَنِي الرَّقِيلِ،
فَأَتَى ابْنُ الرَّقِيلِ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ عَلَامَ صَالَحْتُمُونَا؟ قَالَ: عَلَى أَنْ تُؤَدُّوا إِلَيْنَا
الْجِزْيَةَ وَلَكُمْ أَرْضُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ. قَالَ: يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَقَطَعْتَ أَرْضِي لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ: فَكَتَبَ
إِلَى سَعْدٍ رُدَّ عَلَيْهِ أَرْضَهُ، ثُمَّ دَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ
فَأَسْلَمَ فَفَرَضَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه سَبْعَمِائَةٍ وَجَعَلَ عَطَاءَهُ
فِي خَثْعَمٍ، وَقَالَ: إِنْ أَقَمْتَ فِي أَرْضِكَ أَدَّيْتَ عَنْهَا مَا كُنْتَ
تُؤَدِّي. وَهَذَا فِي إِسْنَادِهِ ضِعْفٌ، فَإِنْ ثَبَتَ كَانَ قَوْلُهُ:
وَلَكُمْ أَرْضُكُمْ، مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ وَلَكُمْ أَرْضُكُمُ
الَّتِي كَانَتْ لَكُمْ تَزْرَعُونَهَا وَتُعْطُونَ خَرَاجَهَا، وَذَلِكَ فِيمَا
أُخِذَ عَنْوَةً إِلَّا تَرَكَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ خَرَاجُهَا حِينَ أَسْلَمَ،
وَفِي الصُّلْحِ يَسْقُطُ
١٨٤١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا يَحْيَى، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ
مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَضَعْ عَنْ أَرْضِي
الْخَرَاجَ. فَقَالَ: أَلَا إِنَّ أَرْضَكَ أُخِذَتْ عَنْوَةً. قَالَ: وَجَاءَهُ
رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا يُطِيقُونَ مِنَ الْخَرَاجِ أَكْثَرَ
مِمَّا عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْهِمْ إِنَّمَا صَالَحْنَاهُمْ
صُلْحًا
١٨٤١٧ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
هُشَيْمٌ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ:
أَسْلَمَ دُهْقَانٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالَ
لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِنْ أَقَمْتَ فِي أَرْضِكَ رَفَعْنَا
الْجِزْيَةَ عَنْ رَأْسِكَ وَأَخَذْنَا مِنْ أَرْضِكَ، وَإِنْ تَحَوَّلْتَ عَنْهَا
فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَا
١٨٤١٨ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا
وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: ⦗٢٤٠⦘ أَسْلَمَ دُهْقَانٌ مِنْ أَهْلِ عَيْنِ التَّمْرِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَمَّا جِزْيَةُ رَأْسِكَ
فَنَرْفَعُهَا، وَأَمَّا أَرْضُكَ فَلِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ شِئْتَ فَرَضْنَا
لَكَ وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْنَاكَ قَهْرَمَانًا لَنَا، فَمَا أَخْرَجَ اللهُ مِنْهَا
مِنْ شَيْءٍ أَتَيْتَنَا بِهِ
بَابُ الْأَسِيرِ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ
الْعَهْدُ أَنْ لَا يَهْرُبَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
فَمَتَى قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ
مِنْهَا فَلْيَخْرُجْ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ يَمِينُ مُكْرَهٍ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ
لَيْسَ بِوَاسِعٍ لَهُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهُمْ إِذَا قَدَرَ عَلَى التَّنَحِّي
عَنْهُمْ.
١٨٤١٩ - وَقَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا لِمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ
بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، قَالَا: ثنا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي
خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ فَاعْتَصَمَ
نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ، وَأَسْرَعَ فِيهِمُ الْقَتْلُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
النَّبِيَّ ﷺ فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْعَقْلِ وَقَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ
كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللهِ وَلِمَ؟ قَالَ: «لَا تَرَايَا نَارَاهُمَا»
١٨٤٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«لَا تُسَاكِنُوا الْمُشْرِكِينَ وَلَا تُجَامِعُوهُمْ، فَمَنْ سَاكَنَهُمْ أَوْ
جَامَعَهُمْ فَلَيْسَ مِنَّا»
بَابُ الْأَسِيرِ يُؤَمَّنُ فَلَا
يَكُونُ لَهُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
لِأَنَّهُمْ إِذَا أَمَّنُوهُ فَهُمْ
فِي أَمَانٍ مِنْهُ.
١٨٤٢١ - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ
الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ،
عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي
الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ». أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ
مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ
١٨٤٢٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ
شَدَّادٍ رضي الله عنه، حَدَّثَنِي ⦗٢٤١⦘ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
ﷺ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ
فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا»
١٨٤٢٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ
رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: كُنْتُ أُبْطِنُ شَيْئًا بِالْمُخْتَارِ، يَعْنِي
الْكَذَّابَ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: دَخَلْتَ وَقَدْ
قَامَ جِبْرِيلُ قَبْلُ مِنْ هَذَا الْكُرْسِيِّ. قَالَ: فَأَهْوَيْتُ إِلَى
قَائِمِ السَّيْفِ فَقُلْتُ: مَا أَنْتَظِرُ أَنْ أَمْشِيَ بَيْنَ رَأْسِ هَذَا
وَجَسَدِهِ حَتَّى ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ
الْخُزَاعِيُّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الرَّجُلُ
الرَّجُلَ عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ رُفِعَ لَهُ لِوَاءُ الْغَدْرِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَكَفَفْتُ عَنْهُ»
١٨٤٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ
سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، خَرَجَتْ سَرِيَّةٌ فَأَخَذُوا إِنْسَانًا مَعَهُ
غَنَمٌ يَرْعَاهَا فَجَاؤُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَكَلَّمَهُ النَّبِيُّ ﷺ
مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنِّي قَدْ
آمَنْتُ بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَكَيْفَ بِالْغَنَمِ يَا رَسُولَ اللهِ؟
فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَهِيَ لِلنَّاسِ الشَّاةُ وَالشَّاتَانِ وَأَكْثَرُ مِنْ
ذَلِكَ. قَالَ: «احْصِبْ وُجُوهَهَا تَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهَا». فَأَخَذَ قَبْضَةً
مِنْ حَصْبَاءَ أَوْ تُرَابٍ فَرَمَى بِهِ وَجُوهِهَا فَخَرَجَتْ تَشْتَدُّ حَتَّى
دَخَلَتْ كُلُّ شَاةٍ إِلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى الصَّفِّ
فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ وَلَمْ يُصَلِّ لِلَّهِ سَجْدَةً قَطُّ، قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَدْخِلُوهُ الْخِبَاءَ»، فَأُدْخِلَ خِبَاءَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ:
«لَقَدْ حَسُنَ إِسْلَامُ صَاحِبِكُمْ، لَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَإِنَّ عِنْدَهُ
لَزَوْجَتَيْنِ لَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ». لَمْ أَكْتُبْهُ مَوْصُولًا إِلَّا
مِنْ حَدِيثِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ. ورُوِيَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، وَرُوِي عَنْ
أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ فِيهِ قِصَّةٌ شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ، إِلَّا
أَنَّهَا بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ
١٨٤٢٥ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ:
خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ وَكَانَ رَجُلًا
مَأْمُونًا، وَكَانَتْ مَعَهُ بَضَائِعُ لِقُرَيْشٍ فَأَقْبَلَ قَافِلًا،
فَلَقِيَهُ سَرِيَّةٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَاسْتَاقُوا عِيرَهُ ⦗٢٤٢⦘ وَأَفْلَتَ، وَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِمَا أَصَابُوا فَقَسَمَهُ
بَيْنَهُمْ، وَأَتَى أَبُو الْعَاصِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ رضي الله عنها فَاسْتَجَارَ
بِهَا، وَسَأَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَدَّ مَالِهِ
عَلَيْهِ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ
السَّرِيَّةَ فَسَأَلَهُمْ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ
مَكَّةَ فَأَدَّى عَلَى النَّاسِ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ بَضَائِعِهِمْ، حَتَّى
إِذَا فَرَغَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَلْ بَقِيَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ مَعِي
مَالٌ لَمْ أَرُدَّهُ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: لَا، فَجَزَاكَ اللهُ خَيْرًا قَدْ
وَجَدْنَاكَ وَفِيًّا كَرِيمًا. فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ
أُسْلِمَ قَبْلَ أَنْ أَقْدَمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا تَخَوُّفًا أَنْ تَظُنُّوا
أَنِّي إِنَّمَا أَسْلَمْتُ لِأَذْهَبَ بِأَمْوَالِكُمْ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ:
فِي الْمُسْلِمِ إِذَا أُسِرَ وَلَمْ يُؤَمِّنُوهُ وَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَيْهِ
أَنَّهُمْ آمِنُونَ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
وَإِفْسَادُهُ وَالْهَرَبُ مِنْهُمْ قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ رَوَيْنَا حَدِيثَ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه فِي الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ الَّتِي
أَخَذَتِ النَّاقَةَ وَهَرَبَتْ عَلَيْهَا
بَابُ الْأَسِيرِ يَسْتَعِينُ بِهِ
الْمُشْرِكُونَ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
قَدْ قِيلَ يُقَاتِلُهُمْ، قَدْ
قَاتَلَ الزُّبَيْرُ وَأَصْحَابٌ لَهُ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ مُشْرِكِينَ عَنْ
مُشْرِكِينَ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: يَمْتَنِعُ عَنْ قِتَالِهِمْ لِمَعَانٍ
ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ كَانَ مَذْهَبًا، وَلَا نَعْلَمُ خَبَرَ الزُّبَيْرِ رضي
الله عنه يَثْبُتُ، وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ النَّجَاشِيُّ مُسْلِمًا كَانَ آمَنَ
بِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ.
١٨٤٢٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا
قَالَتْ: لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ فِي
هِجْرَتِهِمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَا كَانَ مِنْ بِعْثَةِ قُرَيْشٍ
عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ
لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ بِلَادِهِ وَيَرُدَّهُمْ عَلَيْهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ
دُخُولِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم عَلَى
النَّجَاشِيِّ قَالَ: فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا جَاءَ
بِهِ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص
فَبَكَى وَاللهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَبَكَتْ
أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَضَاجِعَهُمْ، ⦗٢٤٣⦘ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيَخْرُجُ مِنَ الْمِشْكَاةِ الَّتِي جَاءَ بِهِ مُوسَى، انْطَلِقُوا رَاشِدِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي تَصْوِيرِهِمَا لَهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام أَنَّهُ عَبْدٌ، فَدَخَلُوا
عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ بَطَارِقَتُهُ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ عليه السلام؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ
وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ
الْبَتُولِ. فَدَلَّى النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ عُوَيْدًا
بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ فَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا
الْعُوَيْدَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَتْ: فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ
عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، فَوَاللهِ مَا
عَلِمْتُنَا حَزِنَّا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُ فَرَقًا مِنْ أَنْ
يَظْهَرَ ذَلِكَ الْمَلِكُ عَلَيْهِ فَيَأْتِي مَلِكٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا
مَا كَانَ يَعْرِفُ، فَجَعَلْنَا نَدْعُو اللهَ وَنَسْتَنْصِرُهُ لِلنَّجَاشِيِّ،
فَخَرَجَ إِلَيْهِ سَائِرًا فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ فَيَحْضُرُ الْوَقْعَةَ حَتَّى يَنْظُرَ عَلَى
مَنْ تَكُونُ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ
سِنًّا: أَنَا. فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ
يَسْبَحُ عَلَيْهَا فِي النِّيلِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الشِّقَّةِ الْأُخْرَى إِلَى
حَيْثُ الْتَقَى النَّاسُ، فَحَضَرَ الْوَقْعَةَ وَهَزَمَ اللهُ ذَلِكَ الْمَلِكَ
وَقَتْلَهُ وَظَهَرَ النَّجَاشِيُّ عَلَيْهِ، فَجَاءَنَا الزُّبَيْرُ رضي الله عنه
فَجَعَلَ يُلِيحُ إِلَيْنَا بِرِدَائِهِ وَيَقُولُ: أَلَا أَبْشِرُوا فَقَدْ
أَظْهَرَ اللهُ النَّجَاشِيَّ، فَوَاللهِ مَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا
بِظُهُورِ النَّجَاشِيِّ
بَابُ الْأَسِيرِ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ
أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِفِدَاءٍ وَيَعُودَ فِي إِسَارِهِمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ:
يَعُودُ فِي إِسَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُعْطِهِمُ الْمَالَ. قَالَ: وَمَنْ ذَهَبَ
مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا يَحْتَجُّ فِيمَا
أَرَاهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَالَحَ
أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ بَعْدَ الصُّلْحِ
مُسْلِمًا، فَجَاءَهُ أَبُو جَنْدَلٍ فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ، وَأَبُو بَصِيرٍ
فَرَدَّهُ فَقَتَلَ أَبُو بَصِيرٍ الْمَرْدُودَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيَّ ﷺ
فَقَالَ: قَدْ وَفَّيْتُ لَهُمْ وَنَجَّانِي اللهُ مِنْهُمْ، فَلَمْ يَرُدَّهُ
النَّبِيُّ ﷺ وَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ، فَكَانَ بِطَرِيقِ
الشَّامِ يَقْطَعُ عَلَى كُلِّ مَالٍ لِقُرَيْشٍ حَتَّى سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ
أَنْ يَضُمَّهُ إِلَيْهِ لِمَا نَالَهُمْ مِنْ أَذَاهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ:
وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَغَازِي كَمَا وَصَفْتُ، وَلَا
يَحْضُرُنِي ذِكْرُ إِسْنَادِهِ.
١٨٤٢٧
- قَالَ الشَّيْخُ، أَخْبَرَنَاهُ
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ،
ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ،
فَذَكَرَ حَدِيثَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ أَبِي جَنْدَلٍ
وَأَبِي بَصِيرٍ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ ⦗٢٤٤⦘ قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا رَدَّ النَّبِيُّ ﷺ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَيْهِمْ؛ لَأَنَّهُ
كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ فِي الرَّدِّ لِمَكَانِ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ أَشَارَ
عَلَى أَبِي بَصِيرٍ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ فِي الِابْتِدَاءِ لِذَلِكَ وَاللهُ
أَعْلَمُ وَسَيَرِدُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ إِنْ شَاءَ اللهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ
الْجِزْيَةِ
١٨٤٢٨ - وَفِي مِثْلِ هَذَا مَا أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ
الْمُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو صَادِقٍ الْعَطَّارُ قَالُوا: ثنا
أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ،
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ
حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ
بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ
اللهِ ﷺ أُلْقِيَ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي
وَاللهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِ أَبَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنِّي لَا
أَخِيسُ بِالْعَهْدِ، وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ وَلَكِنِ ارْجِعْ فَإِنْ كَانَ فِي
قَلْبِكَ الَّذِي فِي قَلْبِكَ الْآنَ فَارْجِعْ». قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ
ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْلَمْتُ قَالَ بُكَيْرٌ: وَأَخْبَرَنِي
أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا
١٨٤٢٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ،
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، ثنا
أَبُو الطُّفَيْلِ، ثنا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: مَا
مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٍ.
قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ
مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ فَأَخَذُوا
عَلَيْنَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا
نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ:
«انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ بِاللهِ عَلَيْهِمْ»
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ انْصِرَافُهُمَا إِلَى
تَرْكِ فَرْضٍ إِذْ لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُمَا وَاجِبًا عَلَيْهِمَا، وَلَا إِلَى
ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ، وَالْعَوْدُ إِلَيْهِمْ وَالْإِقَامَةُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ
مِمَّا لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ يَخَافُ الْفِتْنَةَ عَلَى نَفْسِهِ فِي
الْعَوْدِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْأَسِيرِ أَوْ
مَنْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ وَالرَّجُلِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي مَالِهِ
١٨٤٣٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ مُسْرِفًا، قَدَّمَ
يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ يَوْمَ الْحَرَّةِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ
فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَسَأَلُوا أَهْلَ الْعِلْمِ
فَقَالُوا: لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا
١٨٤٣١ - وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا
الشَّافِعِيُّ، أنبأ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ
عَامَّةَ صَدَقَاتِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه تَصَدَّقَ بِهَا وَفَعَلَ أُمُورًا
وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ يَوْمَ الْجَمَلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي
الله عنه: وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله وَابْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله أَنَّهُمَا
قَالَا: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ يُقَاتِلُ فَمَا صَنَعَ
فَهُوَ جَائِزٌ. وَرُوِي عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله:
عَطِيَّةُ الْحُبْلَى جَائِزَةٌ
حَتَّى تَجْلِسَ بَيْنَ الْقَوَابِلِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ
الْمُسَيِّبِ: عَطِيَّةُ الْحَامِلِ جَائِزَةٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
وَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ. قَالَ
الشَّيْخُ: حَدِيثُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ
الْوَصَايَا بِطُولِهِ
بَابُ صَلَاةِ الْأَسِيرِ إِذَا
قُدِّمَ لِيُقْتَلَ
١٨٤٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ،
ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ
حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَشَرَةَ رَهْطٍ
عَلَيْنَا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ
وَهُوَ جَدُّ عَاصِمٍ، يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه،
فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ
ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا
لَهُمْ بِمِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا
مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ
عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم لَجَؤُوا إِلَى قَرْدَدٍ يَعْنِي فَأَحَاطَ
بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا: انْزِلُوا وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لَا
يُقْتَلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاللهِ لَا أَنْزِلُ
فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ الْيَوْمَ، اللهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيِّكَ السَّلَامَ.
فَقَاتَلُوهُمْ فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، وَنَزَلَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْعَهْدِ
وَالْمِيثَاقِ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ
وَكَتَّفُوهُمْ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ قَالَ: هُوَ وَاللهِ
أَوَّلُ الْغَدْرِ. فَعَالَجُوهُ فَقَتَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبِ بْنِ
عَدِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمَا إِلَى مَكَّةَ
فَبَاعُوهُمَا، وَذَلِكَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَاشْتَرَى بَنُو الْحَارِثِ
خُبَيْبًا وَكَانَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَتِ ابْنَةُ الْحَارِثِ:
وَكَانَ خُبَيْبٌ أَسِيرًا عِنْدَنَا فَوَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ
كَانَ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ
عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَإِنْ هُوَ إِلَّا رِزْقٌ
رَزَقَهُ اللهُ خُبَيْبًا. قَالَتْ: فَاسْتَعَارَ مِنِّي مُوسًى يَسْتَحِدُّ بِهِ
لِلْقَتْلِ. قَالَتْ: فَأَعَرْتُهُ إِيَّاهُ وَدَرَجَ بُنَيٌّ لِي وَأَنَا
غَافِلَةٌ فَرَأَيْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى صَدْرِهِ. قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا
خُبَيْبٌ. ⦗٢٤٦⦘ قَالَتْ: فَفَطِنَ بِي فَقَالَ: أَتَحْسَبِينَنِي أَنِّي قَاتِلُهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ قَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. قَالَتْ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تَحْسَبُوا أَنَّ بِي جَزَعًا لَزِدْتُ. قَالَ:
فَكَانَ خُبَيْبٌ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الصَّلَاةَ لِمَنْ قُتِلَ صَبْرًا، ثُمَّ
قَالَ: اللهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ
مِنْهُمْ أَحَدًا. وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ
مُسْلِمًا ... عَلَى أِيِّ حَالٍ كَانَ فِي اللهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي جَنْبِ الْإِلَهِ
وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
قَالَ: وَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ
إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ لِيُؤْتَوْا مِنْ لَحْمِهِ بِشَيْءٍ وَكَانَ قَتَلَ
رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللهُ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ
فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ لَحْمِهِ
شَيْئًا.
١٨٤٣٣
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُوسَى
بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، أنبأ ابْنُ شِهَابٍ،
أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا دُونَ
الشِّعْرِ وَدُونَ قِصَّةِ عَاصِمٍ فِي آخِرِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِطُولِهِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ
أُسَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ
جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، وَقِيلَ عُمَرُ بْنُ أُسَيْدٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ:
الْأَوَّلُ أَصَحُّ، يَعْنِي: عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُسَيْدٍ
أَصَحُّ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَغَيْرُهُمْ
عَنِ الزُّهْرِيِّ
بَابُ الْمُسْلِمِ يَدُلُّ
الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ
١٨٤٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
هَاشِمِ بْنِ حَيَّانَ الطُّوسِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالُوا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الْمُرَادِيُّ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي
رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ
ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا
رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ». فَخَرَجْنَا تَعَادَى
بِنَا خَيْلُنَا، فَإِذَا ⦗٢٤٧⦘ نَحْنُ بِظَعِينَةٍ فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا لَهَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِينَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُ بِبَعْضِ
أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ»؟ قَالَ: لَا تَعْجَلْ
عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ
أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ
يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ
فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، وَاللهِ مَا
فَعَلْتُهُ شَكًّا فِي دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّهُ قَدْ صَدَقَ». فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
يَا رَسُولَ اللهِ دَعْنِي أَضْرِبْ
عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا
مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». وَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة:
١]. أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ سُفْيَانَ
١٨٤٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
قُتَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعْدِ
بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَحَيَّانَ بْنِ
عَطِيَّةَ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُمَا كَانَا يَتَنَازَعَانِ فِي عَلِيٍّ
وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما، وَكَانَ حَيَّانُ يُحِبُّ عَلِيًّا رضي الله عنه،
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحِبُّ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالَ أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ يَعْنِي عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ:
كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى مَكَّةَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ
أَنْ يَغْزُوَكُمْ بِأَصْحَابِهِ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ. وَدَفَعَ كِتَابَهُ إِلَى
امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: سَارَّةُ، فَجَعَلَتْهُ فِي إِزَارِهَا أَوْ فِي
ذُؤَابَةٍ مِنْ ذَوَائِبِهَا فَانْطَلَقَتْ، فَأَطْلَعَ اللهُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
عَلَى ذَلِكَ، قَالَ عَلِيٌّ: فَبَعَثَنِي وَمَعِيَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ
وَأَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ: «انْطَلِقُوا
فَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَهَا بِرَوْضَةِ كَذَا وَكَذَا فَفَتِّشُوهَا فَإِنَّ
مَعَهَا كِتَابًا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ حَاطِبٍ». فَانْطَلَقْنَا
فَوَافَقْنَاهَا فَقُلْنَا: هَاتِي الْكِتَابَ الَّذِي مَعَكِ إِلَى أَهْلِ
مَكَّةَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. قَالَ: قُلْتُ: مَا كَذَبْتُ وَلَا
كُذِبْتُ، لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ، فَلَمَّا عَرَفَتْ أَنِّي
فَاعِلٌ أَخْرَجَتِ الْكِتَابَ، فَأَخَذْنَاهُ فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ فَفَتَحَهُ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ
وَتَأَهَّبُوا. أَوْ كَمَا قَالَ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ أَرْسَلَ إِلَى
حَاطِبٍ فَقَالَ لَهُ: «أَكَتَبْتَ هَذَا الْكِتَابَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
«فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَا وَاللهِ مَا
كَفَرْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَإِنِّي لِمُؤْمِنٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا
حَمَلَنِي عَلَى مَا صَنَعْتُ مِنْ كِتَابِي إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا أَنَّهُ
لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا وَلَهُ هُنَاكَ بِمَكَّةَ مَنْ
يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي هُنَاكَ أَحَدٌ يَدْفَعُ
عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، فَأَحْبَبْتُ ⦗٢٤٨⦘ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَ الْقَوْمِ يَدًا، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ اللهَ سَيُظْهِرُ رَسُولَهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَبِلَ قَوْلَهُ، قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللهِ دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ خَانَ اللهَ وَالْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ
فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ هُشَيْمٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ إِدْرِيسَ وَغَيْرِهِ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله: وَقَدْ
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «تَجَافَوْا لِذَوِي الْهَيْئَاتِ».
وَقِيلَ فِي الْحَدِيثِ مَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا فَإِذَا كَانَ هَذَا مِنَ
الرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ وَقِيلَ بِجَهَالَةٍ كَمَا كَانَ هَذَا مِنْ حَاطِبٍ
بِجَهَالَةٍ وَكَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُتَجَافَى لَهُ، وَإِذَا
كَانَ مِنْ غَيْرِ ذِي الْهَيْئَةِ كَانَ لِلْإِمَامِ وَاللهُ أَعْلَمُ
تَعْزِيرُهُ
بَابُ الْجَاسُوسِ مِنْ أَهْلِ
الْحَرْبِ
١٨٤٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْإِيَادِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، ثنا أَبُو
نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ
قَالَ: فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ انْسَلَّ، فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: «اطْلُبُوهُ فَاقْتُلُوهُ». قَالَ: فَسَبَقْتُهُمْ إِلَيْهِ
فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي نُعَيْمٍ
١٨٤٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ،
ثنا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ فِي مَسْجِدِ
الْبَصْرَةِ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ
بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنِ الْفُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَدْ
أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ وَحَلِيفًا أَظُنُّهُ
قَالَ: لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَرَّ عَلَى حَلْقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ
فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ
يَقُولُ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْهُمْ رِجَالًا
نَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانِهِمْ مِنْهُمُ الْفُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ»
بَابُ الْأَسِيرِ يُسْتَطْلَعُ
مِنْهُ خَبَرُ الْمُشْرِكِينَ
١٨٤٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو ⦗٢٤٩⦘ عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَدَبَ
أَصْحَابَهُ فَانْطَلَقَ إِلَى بَدْرٍ، فَإِذَا هُمْ بِرَوَايَا قُرَيْشٍ فِيهَا
عَبْدٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ
فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ أَيْنَ أَبُو سُفْيَانَ؟ فَيَقُولُ: وَاللهِ وَاللهِ مَا
لِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ عِلْمٌ وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ فِيهِمْ
أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ،
فَإِذَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ فَيَقُولُ: دَعُونِي دَعُونِي
أُخْبِرْكُمْ، فَإِذَا تَرَكُوهُ قَالَ: وَاللهِ مَا لِي بِأَبِي سُفْيَانَ مِنْ
عِلْمٍ وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ،
وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ قَدْ
أَقْبَلُوا، وَالنَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي وَهُوَ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ
قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ،
وَتَدَعُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ، هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَمْنَعَ
أَبَا سُفْيَانَ». قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَذَا
مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا»، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا مَصْرَعُ
فُلَانٍ غَدًا «، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ
غَدًا»، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
مَا جَاوَزَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَمَرَ بِهِمْ
رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهِمْ فَسُحِبُوا فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ
بَدْرٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّادٍ
بَابُ بَعْثِ الْعُيُونِ
وَالطَّلَائِعِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
١٨٤٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، أنبأ أَبُو
النَّضْرِ، ثنا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بُسَيْسَةَ عَيْنًا
يَنْظُرُ مَا صَنَعَ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ. قَالَ: فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ
أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ كَمَا مَضَى
١٨٤٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
اللَّخْمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ،
ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا
أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: «مَنْ يَأْتِينِي
بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَأْتِينِي
بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَأْتِينِي
بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ
لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ». ⦗٢٥٠⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ
١٨٤٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا
ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه يَقُولُ:
نَدَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ،
ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ
الزُّبَيْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ
الزُّبَيْرُ». قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ فِيهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَحَوَارِيَّ
الزُّبَيْرُ وَابْنُ عَمَّتِي. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ
الْمَدِينِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ سُفْيَانَ
١٨٤٤٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَأَبُو
الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي
الله عنه فَقَالَ رَجُلٌ: لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَاتَلْتُ مَعَهُ أَوْ
أَبْلَيْتُ. فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَاكَ؟ لَقَدْ
رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ رِيحٍ
شَدِيدَةٍ وَقَرٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ
الْقَوْمِ يَكُونُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ،
ثُمَّ الثَّانِيَةَ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ: «يَا حُذَيْفَةُ قُمْ فَأْتِنَا
بِخَبَرِ الْقَوْمِ»، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ،
فَقَالَ: «ائْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تُذْعِرْهُمْ عَلَيَّ». قَالَ:
فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُو
سُفْيَانَ يُصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ، فَوَضَعْتُ سَهْمِي فِي كَبِدِ قَوْسِي
وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «لَا
تُذْعِرْهُمْ عَلَيَّ»، وَلَوْ رَمَيْتُ لَأَصَبْتُهُ قَالَ: فَرَجَعْتُ
كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ثُمَّ أَصَابَنِي
الْبَرْدُ حِينَ فَرَغْتُ وَقُرِرْتُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَلْبَسَنِي
رَسُولُ ﷺ مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ
نَائِمًا حَتَّى الصُّبْحِ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قُمْ
يَا نَوْمَانُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ
بَابُ فَضْلِ الْحَرْسِ فِي سَبِيلِ
اللهِ
١٨٤٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو
الْأَزْهَرِ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَاللَّفْظُ ⦗٢٥١⦘ لَهُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ الْحَلَبِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ
الْحَنْظَلِيَّةِ رضي الله عنه يَذْكُرُ أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ
يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فَحَضَرَتِ
الصَّلَاةُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللهِ إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا
وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ بِظُعُنِهِمْ
وَنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ فَقَالَ: «تِلْكَ غَنِيمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ».
ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟» فَقَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ
الْغَنَوِيُّ رضي الله عنه: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: «ارْكَبْ».
فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبِ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلَاهُ وَلَا نُغَرَّنَّ
مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ». فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى
مُصَلَّاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: «هَلْ حَسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ؟»
فَقَالَ رَجُلٌ: مَا حَسَسْنَا. فَثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَبْشِرُوا
فَقَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ». قَالَ: فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلَالِ الشَّجَرِ
فِي الشِّعْبِ فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
فَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ
حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا طَلَعْتُ عَلَى
الشِّعْبَيْنِ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: لَا إِلَّا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَدْ أَوْجَبْتَ فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَعْمَلَ
بَعْدَهَا»
١٨٤٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، ثنا
يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،
ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ
بِلَيْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؟ حَارِسٌ حَرَسَ فِي أَرْضِ خَوْفٍ
لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ». رَفَعَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ
وَوَقَفَهُ وَكِيعٌ
١٨٤٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ
الْجَنْبِيِّ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ فَأَوْفَى بِنَا عَلَى شَرَفٍ فَأَصَابَنَا بَرْدٌ شَدِيدٌ،
حَتَّى إِذَا كَانَ أَحَدُنَا يَحْفِرُ ⦗٢٥٢⦘ الْحَفِيرَ ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهِ وَيُغَطِّي عَلَيْهِ بِحَجْفَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ قَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ أَدْعُو اللهَ لَهُ بِدُعَاءٍ يُصِيبُ بِهِ فَضْلًا؟» فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. فَدَعَا لَهُ، قَالَ أَبُو رَيْحَانَةَ رضي الله عنه: فَقُلْتُ: أَنَا، فَدَعَا لِي
بِدُعَاءٍ هُوَ دُونَ مَا دَعَا بِهِ لِلْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، حُرِّمَتِ
النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ». قَالَ: وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ.
قَالَ أَبُو شُرَيْح /٦٣ ٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ: وَسَمِعْتُهُ
بَعْدُ أَنَّهُ قَالَ: «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ
اللهِ أَوْ عَيْنٍ فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ»
١٨٤٤٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أنبأ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حَمَّادٍ
الْآمُلِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ جَمِيلٍ الْجُمَحِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «رَحِمَ اللهُ حَارِسَ الْحَرَسِ».
١٨٤٤٧
- وَرُوِيَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ،
عَنْ صَالِحٍ، عَنْ عُمَرَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ
عُبَيْدٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَهْوَازِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ،
ثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ، فَذَكَرَهُ
بَابُ صَلَاةِ الْحَرَسِ
١٨٤٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ،
حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ
الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
مَنْزِلًا فَقَالَ: «مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ؟» فَانْتَدَبَ
رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَا: نَحْنُ يَا
رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَكُونَا بِفَمِ الشِّعْبِ». فَلَمَّا أَنْ خَرَجَا إِلَى
فَمِ الشِّعْبِ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلْمُهَاجِرِيِّ: أِيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ
إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ؟ قَالَ: بَلِ اكْفِنِي
أَوَّلَهُ. فَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ فَنَامَ، وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ
يُصَلِّي، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
بَابُ مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً
فَوَرَّى بِغَيْرِهَا
١٨٤٤٩ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ،
عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ
بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُرِيدُ غَزْوَةً
يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ
١٨٤٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
هِلَالٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ، ثنا
يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ
قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ
غَزْوَةُ تَبُوكَ فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ
سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ
أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ
الَّذِي يُرِيدُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ نَحْوَ إِسْنَادِ عَقِيلٍ
١٨٤٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ
ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا وَكَانَ يَقُولُ: «الْحَرْبُ
خَدْعَةٌ»
١٨٤٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
بِلَالٍ الْبَزَّازُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ
الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
قَالَ: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ صَدَقَةَ
بْنِ الْفَضْلِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ وَزُهَيْرٍ
كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
١٨٤٥٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا ⦗٢٥٤⦘ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
أَنَّهُ سَمَّى الْحَرْبَ خَدْعَةً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ
١٨٤٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا
مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه
قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ
عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا، وَإِنَّ لِي بِهَا
أَهْلًا، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ فَأَنَا فِي حِلٍّ إِنْ أَنَا نِلْتُ
مِنْكَ شَيْئًا. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ قَالَ:
فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكِ
فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ
فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ: وَفَشَا ذَلِكَ
بِمَكَّةَ فَانْقَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا
وَسُرُورًا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَقِرَ
وَجَعَلَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ. قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ
الْجَزَرِيُّ عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ
قُثَمُ، وَاسْتَلْقَى فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
حِبِّي قُثَمْ ... شَبِيهُ ذِي
الْأَنْفِ الْأَشَمّْ
نَبِيِّ ذِي النَّعَمْ ... يَزْعُمُ
مَنْ زَعَمْ
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ ثَابِتٌ:
قَالَ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ أَرْسَلَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
غُلَامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ: وَيْلَكَ مَاذَا جِئْتَ بِهِ
وَمَاذَا تَقُولُ؟ فَمَا وَعَدَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ
الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ لِغُلَامِهِ: اقْرَأْ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ السَّلَامَ
وَقُلْ لَهُ فَلْيَخْلُ لِي فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ لِآتِيَهُ، فَإِنَّ الْخَبَرَ
عَلَى مَا يَسُرُّهُ. فَجَاءَ غُلَامُهُ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الدَّارِ قَالَ:
أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى
قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْحَجَّاجُ فَأَعْتَقَهُ،
ثُمَّ جَاءَهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدِ افْتَتَحَ
خَيْبَرَ وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللهِ فِي أَمْوَالِهِمْ،
وَاصْطَفَى رَسُولُ اللهِ ﷺ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ،
وَخَيَّرَهَا أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا،
فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ
كَانَ لِي هَهُنَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ فَأَذْهَبَ بِهِ فَاسْتَأْذَنْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ فَأَخْفِ عَنِّي ثَلَاثًا
ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ. قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا
مِنْ حُلِيٍّ أَوْ مَتَاعٍ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهِ، فَلَمَّا
كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ:
مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا
وَقَالَتْ: لَا يَحْزُنْكَ يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي
بَلَغَكَ. قَالَ: أَجَلْ فَلَا يَحْزُنُنِي اللهُ لَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللهِ
إِلَّا مَا أَحْبَبْنَا، فَتَحَ اللهُ خَيْبَرَ عَلَى ⦗٢٥٥⦘ رَسُولِهِ ﷺ وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللهِ ﷺ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَكِ فِي زَوْجِكِ حَاجَةٌ فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللهِ صَادِقًا. قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أُخْبِرُكِ. قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجْلِسَ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْرٌ يَا أَبَا
الْفَضْلِ. قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللهِ، قَدْ أَخْبَرَنِي
الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ
وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللهِ، وَاصْطَفَى لِنَفْسِهِ صَفِيَّةَ، وَقَدْ
سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ
وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ هَهُنَا ثُمَّ يَذْهَبَ. قَالَ: فَرَدَّ اللهُ
الْكَابَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. قَالَ:
وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوَا
الْعَبَّاسَ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُمْ وَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ، وَرَدَّ اللهُ
مَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ غَيْظٍ وَحَزَنٍ
بَابُ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْخَمِيسِ
١٨٤٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
هِلَالٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ، أنبأ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ:
قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَّا يَوْمَ
الْخَمِيسِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ
بَابُ الِابْتِكَارِ فِي السَّفَرِ
١٨٤٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ
يُوسُفَ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا
يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ
عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ حُدَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ صَخْرٍ
الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ
لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا». قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا بَعَثَ
سَرِيَّةً بَعَثَهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا،
وَكَانَ يُرْسِلُ غِلْمَانَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَكَثُرَ مَالُهُ حَتَّى
كَانَ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَضَعُهُ. لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ
بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ
انْضِمَامِ الْعَسْكَرِ
١٨٤٥٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، ثنا
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ،
أَنَّهُ سَمِعَ مُسْلِمَ بْنَ مِشْكَمٍ أَبَا عُبَيْدِ اللهِ أَوْ قَالَ أَبَا
عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَنْزِلًا تَفَرَّقُوا فِي
الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي
هَذِهِ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ»، فَلَمْ
يَنْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلًا إِلَّا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ
حَتَّى يُقَالَ: لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ ثَوْبٌ لَعَمَّهُمْ
١٨٤٥٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيِّ،
عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ
نَبِيِّ اللهِ ﷺ غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ
وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، فَبَعَثَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي
النَّاسِ أَنَّ مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلًا أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا فَلَا جِهَادَ لَهُ.
١٨٤٥٩
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا
الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي أُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ
جُهَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ.
١٨٤٦٠
- وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ عَنِ
الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أُسَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ بِمَعْنَاهُ. أَخْبَرَنَاهُ
أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، ثنا بَقِيَّةُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ
فَذَكَرَهُ
بَابُ كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءِ
الْعَدُوِّ وَمَا يَفْعَلُ وَمَا يَقُولُ عِنْدَ اللِّقَاءِ
١٨٤٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَبَلَةَ، أنبأ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا الْمُغِيرَةُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ
الْعَدُوِّ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ
الْحُلْوَانِيِّ
١٨٤٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ
مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي ⦗٢٥٧⦘ إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه حِينَ خَرَجَ إِلَى
الْحَرُورِيَّةِ فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي بَعْضِ
أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ
ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا
لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ
فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»، ثُمَّ
قَالَ: «اللهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ
الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». قَالَ: وَقَالَ أَبُو
النَّضْرِ: وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَقَالَ:
«أَنْتَ رَبُّنَا وَرَبُّهُمْ، وَنَحْنُ عَبِيدُكَ وَهُمْ عَبِيدُكَ،
وَنَوَاصِينَا وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ فَاهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ
عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ دُونَ بَلَاغِ أَبِي النَّضْرِ
١٨٤٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ الْهَمَذَانِيُّ بِهَا، أنبأ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَاسِي الْمَتُّوثِيُّ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أنبأ عِمْرَانُ،
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ: "اللهُمَّ إِنِّي
أَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ
١٨٤٦٤ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ أَبِي
قُمَاشٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى، أنبأ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سُلَيْمَانُ
بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ
ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ
صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ
بِشَيْءٍ لَا يُفْهَمُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ
بِشَيْءٍ لَا يُفْهَمُ، فَقَالَ: «إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَعْجَبَهُ
كَثْرَةُ قَوْمِهِ، فَقَالَ: مَنْ يَفِي لِهَؤُلَاءِ أَوْ مَنْ يَقُومُ
لِهَؤُلَاءِ؟ قَالَ: فَقِيلَ لَهُ خَيِّرْ أَصْحَابَكَ بَيْنَ أَنْ نُسَلِّطَ
عَلَيْهِمْ عَدُوًّا فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ أَوِ الْجُوعَ أَوِ الْمَوْتَ
فَخَيَّرَهُمْ فَاخْتَارُوا الْمَوْتَ، قَالَ: فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
سَبْعُونَ أَلْفًا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:»وَأَنَا أَقُولُ: اللهُمَّ
بِكَ أُقَاتِلُ، وَبِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ
إِلَّا بِكَ " وَسَائِرُ مَا وَرَدَ مِنَ الدُّعَاءِ فِي هَذَا قَدْ مَضَى
فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَفِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ
بَابُ أِيِّ وَقْتٍ يُسْتَحَبُّ
اللِّقَاءُ
١٨٤٦٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُوسَى
بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ
النُّعْمَانَ يَعْنِي ابْنَ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ
ﷺ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى
تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ وَيَنْزِلَ النَّصْرُ
بَابُ الصَّمْتِ عِنْدَ اللِّقَاءِ
١٨٤٦٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ
اللهِ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ
عَبَّادٍ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ
عِنْدَ ثَلَاثٍ: عِنْدَ الْقِتَالِ، وَفِي الْجَنَائِزِ، وَفِي الذِّكْرِ
١٨٤٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامٌ، ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ
عِنْدَ الْقِتَالِ.
١٨٤٦٨
- قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ،
ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مَطَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ بِمِثْلِ ذَلِكَ
١٨٤٦٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ
ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ
الْعَدُوِّ وَسَلُوا الْعَافِيَةَ، فَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَاثْبُتُوا
وَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللهِ، فَإِنْ أَجْلَبُوا وَصَيَّحُوا فَعَلَيْكُمْ
بِالصَّمْتِ»
بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْحَرْبِ
١٨٤٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ
بِبُخَارَى، أنبا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
⦗٢٥٩⦘ صَبَّحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيْبَرَ بُكْرَةً وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ جَاءُوا يَسْعَوْنَ إِلَى الْحِصْنِ وَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الرَّجْزِ
عِنْدَ الْحَرْبِ
١٨٤٧١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا
عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْيَمَاميُّ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ
حِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ عَلَى
ثَنِيَّةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيْتُ ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ: يَا
صَبَاحَاهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ
وَأَرْتَجِزُ:
[البحر الرجز]
أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ ...
وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ
وَفِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا إِلَى
خَيْبَرَ فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
بِاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا
اهْتَدَيْنَا ... وَمَا تَصَدَّقْنَا وَمَا صَلَّيْنَا
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا
اسْتَغْنَيْنَا ... فَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ هَذَا؟»
قَالُوا: عَامِرٌ، قَالَ: «غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ». وَفِيهِ: فَلَمَّا قَدِمْنَا
خَيْبَرَ خَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي
مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ
تَلَهَّبُ
فَبَرَزَ لَهُ عَامِرٌ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي
عَامِرُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي رُجُوعِ
سَيْفِ عَامِرٍ عَلَى نَفْسِهِ وَخُرُوجِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَرَجْزِهِ
وَقَتْلِهِ إِيَّاهُ وَقَدْ مَضَى
١٨٤٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا ⦗٢٦٠⦘ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثنا سُفْيَانُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنه يَقُولُ: وَجَاءَهُ رَجُلٌ
فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا
فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ
الْقَوْمِ فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ
بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: "أَنَا النَّبِيُّ لَا
كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى
الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ
١٨٤٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فِي
قِصَّةِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَقِتَالِهِ فِي غَزْوَةِ
مُؤْتَةَ قَالَ: وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ
وَاقْتِرَابُهَا ... طَيِّبَةٌ بَارِدَةٌ شَرَابُهَا
وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا
عَذَابُهَا ... عَلَيَّ إِنْ لَاقَيْتُهَا ضِرَابُهَا
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ
رَوَاحَةَ قَالَ حِينَ أَخَذَ الرَّايَةَ يَوْمَئِذٍ:
[البحر الرجز]
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ
لَتَنْزِلِنَّهْ ... طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ
إِنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا
الرَّنَّهْ ... مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّةْ
قَدْ طَالَمَا قَدْ كُنْتِ
مُطْمَئِنَّةْ ... هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّةْ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ
أَيْضًا:
يَا نَفْسُ إِلَّا تُقْتَلِي
تَمُوتِي ... هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ صُلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتِ
... إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ
وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيتِ
يُرِيدُ جَعْفَرًا وَزَيْدًا رضي
الله عنهما. قَالَ:
ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
١٨٤٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ثنا عَبْدُ
الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ هُنَيْدَةَ، ⦗٢٦١⦘ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟» قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا لَقِيَ الْعَدُوَّ جَعَلَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
إِنِّي امْرُؤٌ بَايَعَنِي خَلِيلِي
... وَنَحْنُ عِنْدَ أَسْفَلِ النَّخِيلِ
أَنْ لَا أَقُومَ الدَّهْرَ فِي
الْكُيُولِ ... أَضْرِبْ بِسَيْفِ اللهِ وَالرَّسُولِ
زَادَ غَيْرُهُ فِيهِ: فَقَاتَلَ
حَتَّى قُتِلَ رضي الله عنه
بَابُ الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ
١٨٤٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أنبأ أَبُو يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، ثنا أَبُو
أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ
بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، ح قَالَ إِبْرَاهِيمُ:
وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا ابْنُ
الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَّنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا: «إِذَا
أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ». هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْفَضْلِ،
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي حَدِيثِهِ: «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ» يَعْنِي
أَكْثَرُوكُمْ فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ. قَالَ أَبُو
بَكْرٍ: الصَّحِيحُ: إِذَا أَكْثَبُوكُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، وَعَنْ أَبِي يَحْيَى مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ
بَابُ سَلِّ السُّيُوفِ عِنْدَ
اللِّقَاءِ
١٨٤٧٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ نَجِيحٍ وَلَيْسَ بِالْمَلْطِيِّ، عَنْ
مَالِكِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ: «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ
فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ وَلَا تَسُلُّوا السُّيُوفَ حَتَّى يَغْشَوْكُمْ»
بَابُ التَّرَجُّلِ عِنْدَ شِدَّةِ
الْبَأْسِ
١٨٤٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ،
ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ رَضِيَ ⦗٢٦٢⦘ اللهُ عَنْهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلَاحٌ أَوْ كَثِيرُ سِلَاحٍ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِي نَصْرٍ
فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا لَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ إِلَى
رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو
سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ
وَاسْتَنْصَرَ وَقَالَ: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبْ» ثُمَّ صَفَّهُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زُهَيْرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ
يَحْيَى
بَابُ الْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ
١٨٤٧٨ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا
يُحِبُّهَا اللهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللهُ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي
يُحِبُّ اللهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي
يُبْغِضُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ، وَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي
يُحِبُّهَا اللهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ
وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ
فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ فِي الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ
بَابُ الْغَزْوِ مَعَ أَئِمَّةِ
الْجَوْرِ
١٨٤٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
الرَّزَّازُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ
يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، ثنا زَكَرِيَّا، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ عَمْرُو بْنُ تَمِيمِ بْنِ
سَيَّارٍ الطَّبَرِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ،
عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الْخَيْلُ
مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الْأَجْرُ
وَالْغَنِيمَةُ». لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ
الْأَزْرَقِ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زَكَرِيَّا
١٨٤٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ بِشْرُ بْنُ
مُوسَى، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
بَكْرٍ، ثنا ٣٥٦٧ أَبُو دَاوُدَ، قَالَا: ثنا سَعِيدُ ⦗٢٦٣⦘ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي نُشْبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ لَا يُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِعَمَلٍ،
وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللهُ عز وجل إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ
أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ،
وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ» وَحَدِيثُ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ: «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ
أَوْ فَاجِرًا». قَدْ مَضَى فِي بَابِ الْإِمَامَةِ وَكِتَابِ الْجَنَائِزِ
بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ
الْجُيُوشِ وَالسَّرَايَا
١٨٤٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ح وأنبأ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ
الدَّهَّانُ، ثنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ
الْبَزَّازُ قَالَا: ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي
قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَيْرُ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا
أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا
عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ». تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ مَوْصُولًا،
وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُنْقَطِعًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَسْنَدَهُ جَرِيرُ بْنُ
حَازِمٍ وَهُوَ خَطَأٌ
١٨٤٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ قَالَا: ثنا
أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ
يَحْيَى، أنبأ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ حُيِيِّ بْنِ مِخْمَرٍ
الْوَصَّابِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ، مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَنْ
أَكْثَمَ بْنِ الْجَوْنِ الْخُزَاعِيِّ ثُمَّ الْكَعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «يَا أَكْثَمُ بْنَ الْجَوْنِ اغْزُ مَعَ غَيْرِ قَوْمِكَ يَحْسُنْ
خُلُقُكَ وَتُكْرَمْ عَلَى رُفَقَائِكَ، يَا أَكْثَمُ بْنَ الْجَوْنِ خَيْرُ
الرُّفَقَاءِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ الطَّلَائِعِ أَرْبَعُونَ، ⦗٢٦٤⦘ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ الَآفٍ، وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ، يَا أَكْثَمُ بْنَ الْجَوْنِ لَا تُرَافِقِ الْمِائَتَيْنِ»
بَابٌ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ فِي
سَبِيلِ اللهِ
١٨٤٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أِيُّ الْأَعْمَالِ
أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:
«ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ حَجٌّ
مَبْرُورٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ
وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ
١٨٤٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ،
ثنا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «انْتَدَبَ
اللهُ لِمَنْ خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي
وَتَصْدِيقٌ بِرَسُولِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ
أُرْجِعَهُ إِلَى بَيْتِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ
وَغَنِيمَةٍ»
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا مِنْ
مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي اللهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ
يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ»
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ خَلْفَ
سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَكِنْ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ وَلَا
يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي، وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا
بَعْدِي»
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ
أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ». حَدِيثُ الْكَلْمِ رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، وَرَوَى الْبَاقِيَ عَنْ حَرَمِيِّ
بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ
بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عُمَارَةَ
١٨٤٨٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ، أنبأ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ الْمُغِيرَةُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "تَكَفَّلَ اللهُ لِمَنْ
جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي ⦗٢٦٥⦘ سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ
١٨٤٨٦ - وَعَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
إِنْ قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ
سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي وَلَا تَطِيبُ
أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي»
١٨٤٨٧ - وَعَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ
اللهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ، ثُمَّ
أَحْيَا فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا». كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ ثَلَاثًا: أُشْهِدُ
اللهَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَقَدْ
أَخْرَجَا بَاقِيَهُ مِنْ أَوْجُهٍ
١٨٤٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، ثنا جَعْفَرُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا عَفَّانُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا عَفَّانُ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
جُحَادَةَ، أَنَّ أَبَا حُصَيْنٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا يَعْدِلُ الْجِهَادَ. قَالَ: «لَا أَجِدُهُ».
ثُمَّ قَالَ: فَقَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ
الْمَسْجِدَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ؟» قَالَ: لَا
أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِينَ
يَسْتَنُّ فِي طُولِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ. لَفْظُ حَدِيثِ جَعْفَرٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عَفَّانَ
١٨٤٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُفْيَانَ الطُّوسِيُّ، ثنا عَبْدُ
الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ح وَأَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً،
ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ جَرِيرٌ، عَنْ
سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنَا مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ. قَالَ:
«إِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ». قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «إِنَّكُمْ لَا
تَسْتَطِيعُونَهُ». قَالَ: فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَمْ فِي الرَّابِعَةِ:
«مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ
الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ حَتَّى
يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ إِلَى أَهْلِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَرِيرٍ
١٨٤٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَا: ثنا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ،
ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدُوسٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو
تَوْبَةَ، ثنا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ هُوَ ابْنُ
سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ
بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ
رَجُلٌ: لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ
أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. وَقَالَ الْآخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ
أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ. فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ثُمَّ
قَالَ: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ
يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنِّي إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ
فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ. فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
﴿أَجَعَلْتُمْ
سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ﴾ [التوبة: ١٩] الْآيَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ
١٨٤٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه
عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ
الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، الْغَدْوَةُ يَغْدُوهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللهِ
وَالرَّوْحَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ
الْقَعْنَبِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ
الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
١٨٤٩٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأُمَوِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ
الشَّرْعَبِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ
سُلَيْمٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَرِيَّةٍ تَخْرُجُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ
أَنَخْرُجُ اللَّيْلَةَ أَمْ نَمْكُثُ حَتَّى نُصْبِحَ؟ فَقَالَ: «أَوَلَا
تُحِبُّونَ أَنْ تَبِيتُوا فِي خَرِيفٍ مِنْ خَرَائِفِ الْجَنَّةِ» وَالْخَرِيفُ:
الْحَدِيقَةُ
١٨٤٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو
هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَا أَبَا
سَعِيدٍ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ
نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». قَالَ: فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ ⦗٢٦٧⦘ فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ. فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ». قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ». رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
١٨٤٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو
الْأَزْهَرِ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ
عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَوِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ،
وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى
اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ - يَعْنِي الْجَنَّةَ - هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ
مَاتَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا
تُنْبِئُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟. قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، مَا
بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَعَدَّهَا اللهُ
لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَاسْأَلُوهُ
الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ وَسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ
تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ تبارك وتعالى».
١٨٤٩٥
- قَالَ: وَثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ
ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فُلَيْحٌ
الثَّانِيَةَ، فَذَكَرَهُ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ وَلَمْ يَشُكَّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ عَنْ فُلَيْحٍ، وَلَمْ يَشُكَّ
١٨٤٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أنبأ أَبُو سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ الْطَّحَّانُ، ثنا
عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَبُو
سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أِيُّ
النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ
اللهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ». فَقَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ
مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللهَ عز وجل وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ
عَنِ الزُّهْرِيِّ
١٨٤٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَطَّارُ
الْحِيرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ قَالُوا:
ثنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، ثنا
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ بَعْجَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ
قَالَ: «مِنْ خَيْرِ ⦗٢٦٨⦘ مَعَاشِ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ، أَوْ رَجُلٌ فِي غَنِيمَةٍ فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشَّعَفِ أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلَّا فِي خَيْرٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى،
وَرَوَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَيَعْقُوبَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِلَيْهِمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
مِثْلَهُ، وَقَالَ: عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ، وَقَالَ: فِي
شُعْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ
١٨٤٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيُّ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ، وَهُوَ أَبُو مُسْلِمٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ
اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ
الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ،
تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ
بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغَبَّرَّةٍ
قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي
الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤَذَنْ لَهُ،
وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ، طُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى لَهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ
١٨٤٩٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ
السُّوسِيُّ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ،
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالُوا: لَوْ أَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ رَسُولًا
يَسْأَلُهُ عَنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ. قَالَ: فَلَمْ يَذْهَبْ
إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَّا وَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَدَعَا
رَسُولُ اللهِ ﷺ أُولَئِكَ النَّفْرَ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى جَمَعَهُمْ،
وَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ السُّورَةُ: سَبَّحَ لِلَّهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
سَلَامٍ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ كُلَّهَا، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ:
قَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ كُلَّهَا، قَالَ يَحْيَى بْنُ
أَبِي كَثِيرٍ: وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ كُلَّهَا. ⦗٢٦٩⦘ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا يَحْيَى
كُلَّهَا، قَالَ الْعَبَّاسُ: قَالَ أَبِي: وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الْأَوْزَاعِيُّ
كُلَّهَا
١٨٥٠٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ قَالُوا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ،
ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: اجْتَمَعْنَا فَتَذَاكَرْنَا فَقُلْنَا:
أَيُّكُمْ يَأْتِي رَسُولَ اللهِ ﷺ فَيَسْأَلُهُ: أِيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ
إِلَى اللهِ؟ قَالَ: ثُمَّ تَفَرَّقْنَا وَهِبْنَا أَنْ يَأْتِيَهُ مِنَّا أَحَدٌ،
فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَجَمَعَنَا فَجَعَلَ يُومِئُ بَعْضُنَا
إِلَى بَعْضٍ، فَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ إِلَى آخِرِ
السُّورَةِ. قَالَ يَحْيَى: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَوَّلِهَا
إِلَى آخِرِهَا، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
سَلَامٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَقَرَأَهَا
عَلَيْنَا يَحْيَى مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ:
وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، قَالَ
مُعَاوِيَةُ: وَقَرَأَهَا أَبُو إِسْحَاقَ عَلَيْنَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى
آخِرِهَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ: وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ
مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَمْ يَقْرَأْ
عَلَيْنَا الصَّغَانِيُّ السُّورَةَ بِتَمَامِهَا، وَقَرَأَ أَبُو الْعَبَّاسِ
مِنْ أَوَّلِهَا شَيْئًا، وَقَرَأَ الْقَاضِي مِنْ أَوَّلِهَا شَيْئًا، وَقَرَأَ
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ عَلَيْنَا السُّورَةَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى
آخِرِهَا، وَقَرَأَهَا الشَّيْخُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا
١٨٥٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ رحمه الله، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ،
ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ
اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ،
قَالَ: كَانَ الْحَدِيثُ يَبْلُغُنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه فَكُنْتُ
أَشْتَهِي لِقَاءَهُ فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّهُ كَانَ
يَبْلُغُنِي عَنْكَ الْحَدِيثُ فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَكَ، فَقَالَ: لِلَّهِ
أَبُوكَ فَقَدْ لَقِيتَ فَهَاتِ. فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حَدَّثَكُمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ ثَلَاثَةً
وَيُبْغِضُ ثَلَاثَةً، قَالَ: مَا إِخَالُنِي أَنْ أَكْذِبَ عَلَى خَلِيلِي ﷺ.
قُلْتُ: فَمَنِ ⦗٢٧٠⦘ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّ اللهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ وَإِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ عِنْدَكُمْ: ﴿إِنَّ اللهَ
يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ [الصف: ٤]. قُلْتُ: وَمَنْ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَهُ
جَارُ سُوءٍ فَهُوَ يُؤْذِيهِ فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ فَيَكْفِيهِ اللهُ
إِيَّاهُ بِحَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ. قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ: رَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ
فِي سَفَرٍ فَنَزَلُوا فَعَرَّسُوا وَقَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الْكَرَى وَالنُّعَاسُ،
وَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَنَامُوا وَقَامَ فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى رَهْبَةً لِلَّهِ
وَرَغْبَةً إِلَيْهِ. قُلْتُ: فَمَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُ؟ قَالَ:
الْبَخِيلُ الْمَنَّانُ، وَالْمُخْتَالُ الْفَخُورُ، وَإِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ
ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: ١٨]. قَالَ: فَمَنِ الثَّالِثُ؟ قَالَ:
التَّاجِرُ الْحَلَّافُ، أَوِ الْبَائِعُ الْحَلَّافُ
١٨٥٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ أَبِي
الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
قَالَ: فَقَامَ بِتَبُوكَ خَطَبَ النَّاسَ وَهُوَ مُضِيفٌ ظَهْرَهُ إِلَى نَخْلَةٍ
فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ وَشَرِّ النَّاسِ؟ إِنَّ مِنْ
خَيْرِ النَّاسِ رَجُلًا عَمِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، أَوْ
عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، أَوْ عَلَى قَدَمِهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ،
وَإِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ رَجُلًا فَاجِرًا يَقْرَأُ كِتَابَ اللهِ فَلَا
يَرْعَوِي إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ»
١٨٥٠٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو
الْأَزْهَرِ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، ح
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأُمَوِيُّ،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنِ
ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَرَّ بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبٍ
فَأَعْجَبَهُ طِيبُهُ وَحُسْنُهُ فَقَالَ: لَوِ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ وَأَقَمْتُ
فِي هَذَا الشِّعْبِ. ثُمَّ قَالَ: لَا أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَسُولَ اللهِ
ﷺ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «لَا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ مُقَامَ
أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي أَهْلِهِ سِتِّينَ
عَامًا، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ؟
اغْزُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَتِهِ
وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»
١٨٥٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ
الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ
قَالَ: «مُقَامُ الرَّجُلِ فِي الصَّفِّ - أَيْ فِي سَبِيلِ اللهِ - أَفْضَلُ مِنْ
عِبَادَةِ رَجُلٍ سِتِّينَ سَنَةً»
١٨٥٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو
دَاوُدَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه فِي
مَسْجِدِ الْخَيْفِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ كُنْتُ أَكْتُمُكُمُوهُ ضِنًّا بِكُمْ، قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُبْدِيَهُ
نَصِيحَةً لَكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «يَوْمُ الْمُجَاهِدِ فِي
سَبِيلِ اللهِ كَأَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ فَلْيَنْظُرْ مِنْكُمْ كُلُّ
امْرِئٍ لِنَفْسِهِ»
١٨٥٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنبأ عُبَيْدُ
بْنُ شَرِيكٍ، ثنا أَبُو الْجَمَاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ،
ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ
الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ
رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِي السِّيَاحَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ
سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»
١٨٥٠٧ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ثنا أَبُو الْجَمَاهِرِ، ثنا الْهَيْثَمُ، يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ، ثنا
الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه،
أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: ائْذَنْ لِي فِي الزِّنَى. قَالَ:
فَهَمَّ مَنْ كَانَ قُرْبَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَتَنَاوَلُوهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ
ﷺ: «دَعُوهُ». ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «ادْنُهْ، أَتُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ
ذَلِكَ بِأُخْتِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَبِابْنَتِكَ»؟ قَالَ: لَا. فَلَمْ
يَزَلْ يَقُولُ بِكَذَا وَكَذَا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا، فَقَالَ لَهُ
النَّبِيُّ ﷺ: «فَاكْرَهْ مَا كَرِهَ اللهُ وَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ
لِنَفْسِكَ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَادْعُ اللهَ أَنْ يُبَغِّضَ إِلِيَّ
النِّسَاءَ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللهُمَّ بَغِّضْ إِلَيْهِ النِّسَاءَ». قَالَ:
فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ لَيَالٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللهِ مَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضُ إِلِيَّ مِنَ النِّسَاءِ فَائْذَنْ لِي
بِالسِّيَاحَةِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي
سَبِيلِ اللهِ»
١٨٥٠٨ - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو
الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله، ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَا: ثنا
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ أَبِي اللَّجْلَاجِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا
يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ
أَبَدًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا»
بَابُ فَضْلِ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ
فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل
١٨٥٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْغَضَائِرِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَا:
أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
الْمُنَادِي، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، ثنا
سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي
نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَصْرَ
الطَّائِفِ فَسَمِعْتُ نَبِيَّ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فَبَلَغَ
فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنْ
رَمَيْتُ بِسَهْمٍ فَلِي دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَرَمَى
فَبَلَغَ. قَالَ: وَبَلَغْتُ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا. قَالَ:
وَسَمِعْتُ نَبِيَّ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ
كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ كَانَ لَهُ
نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا
فَإِنَّ اللهَ عز وجل جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ مِنَ النَّارِ،
وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَإِنَّ اللهَ
جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهَا
مِنَ النَّارِ». وَرَوَاهُ أَيْضًا أَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ
عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ
١٨٥١٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ
أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
عَبَسَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ رَمَى
الْعَدُوَّ بِسَهْمٍ فَبَلَغَ سَهْمُهُ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ فَعِدْلُ رَقَبَةٍ»
١٨٥١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ، ثنا مُسَدَّدُ بْنُ
قَطَنٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ
السِّمْطِ، قَالَ: قُلْنَا لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه:
حَدِّثْنَا وَاحْذَرْ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ
لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَ
كَعِتْقِ رَقَبَةٍ»
١٨٥١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْقَطَّانِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ ⦗٢٧٣⦘ الْجَبَّارِ قَالُوا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه يَقُولُ: نَثَلَ لِي رَسُولُ اللهِ
ﷺ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: يَعْنِي نَفَضَ كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ -
وَقَالَ: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ
١٨٥١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا قَبِيصَةُ، ح، وَأَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ، ثنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: مَا
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ جَمَعَ أَبَوَيْهِ إِلَّا لِسَعْدٍ فَإِنَّهُ قَالَ:
«ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
قَبِيصَةَ وَمُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
١٨٥١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ، أنبأ
أَبُو الْمُوَجِّهِ، أنبأ عَبْدَانُ، أنبأ عَبْدُ اللهِ، أنبأ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ أَبُو طَلْحَةَ تَتَرَّسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ
أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ، وَكَانَ إِذَا رَمَى أَشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ
فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ
بَابُ فَضْلِ الْمَشْيِ فِي سَبِيلِ
اللهِ
١٨٥١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ،
ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ
التَّنُوخِيُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، ح وأنبأ أَبُو
عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
أَبِي زِيَادٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ الْخَطَّابِيُّ،
وَكَانَ يَسْكُنُ حَرَّانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، ثنا
يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنِي
عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْسٍ رضي الله عنه أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللهِ
فَتَمَسَّهَا النَّارُ أَبَدًا» لَفْظُهُمَا وَاحِدٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ
١٨٥١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
ثنا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي الْمُصَبِّحِ
الْحِمْصِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَسِيرُ فِي صَائِفَةٍ وَعَلَى النَّاسِ مَالِكُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيُّ، فَأَتَى عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله
عنه وَهُوَ يَمْشِي يَقُودُ بَغْلًا لَهُ فَقَالَ: أَلَا تَرْكَبُ وَقَدْ حَمَلَكَ
اللهُ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ:
«مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ حَرَّمَهُمَا اللهُ عَلَى النَّارِ»
أَصْلِحْ لِي دَابَّتِي وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، فَوَثَبَ النَّاسُ عَنْ
دَوَابِّهِمْ، فَمَا رَأَيْتُ نَازِلًا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَئِذٍ
بَابُ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي
سَبِيلِ اللهِ عز وجل
١٨٥١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، ح وأنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَا أَجِدُ
أَحَدًا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَتَمَنَّى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، وَإِنَّ لَهُ
مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدَ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ
يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مِرَارٍ لِمَا رَأَى مِنَ الْكَرَامَةِ». لَفْظُ
حَدِيثِ الْعَقَدِيِّ فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: «مَا مِنْ عَبْدٍ لَهُ
عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا إِلَّا الشَّهِيدُ
فَإِنَّهُ يَوَدُّ لَوْ أَنَّهُ رَجَعَ فَقُتِلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى
مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ
١٨٥١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو مُوسَى، أنبا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا
الْأَعْمَشُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
أنبا جَرِيرٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ
سُئِلَ عَنْ أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ، قَالَ: قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ،
أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ فِي الْعَرْشِ،
تَسْرَحُ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلِهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ
عَلَى ذَلِكَ إِذِ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً فَيَقُولُ: مَا
تَشْتَهُونَ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا نَشْتَهِي وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ
حَيْثُ شِئْنَا، فَإِذَا رَأَوْا أَنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا، قَالُوا:
تُرَدُّ أَرْوَاحُنَا فِي أَجْسَادِنَا فَنُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَنُقْتَلُ
مَرَّةً أُخْرَى، فَإِذَا رَأَى أَنْ لَا يَسْأَلُوهُ ⦗٢٧٥⦘ شَيْئًا تَرَكَهُمْ. لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ
أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ﴾ [آل عمران: ١٧٠] قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا
عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
١٨٥١٩
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، ثنا
يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْهَرَوِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
نُمَيْرٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَقَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ رضي
الله عنه عَنْ هَذِهِ الْآيَةَ فَذَكَرَهَا، وَقَالَ: أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ
طَيْرٍ خُضْرٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ نُمَيْرٍ
١٨٥٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ
طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي
إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا
طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ
إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ؛ لِئَلَّا
يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ؟ قَالَ اللهُ عز وجل:
أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ.
قَالَ: وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿وَلَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ [آل عمران: ١٦٩] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ»
١٨٥٢١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا عَوْفٌ،
حَدَّثَتْنَا حَسْنَاءُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ، قَالَتْ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «النَّبِيُّ فِي
الْجَنَّةِ وَالشَّهِيدُ وَالْمَوْلُودُ وَالْوَئِيدُ»
١٨٥٢٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ
حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ
أَوَّلَ مَا يُهَرَاقُ مِنْ دَمِ الشَّهِيدِ تُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ
"
١٨٥٢٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ،
ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ⦗٢٧٦⦘ السَّكْسَكِيُّ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْأَمْلُوكِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه وَكَانَتْ لَهُ
صُحْبَةٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «الْقَتْلَى ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ
خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ،
فَذَلِكَ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللهِ تَحْتَ عَرْشِهِ لَا يَفْضُلُهُ
النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ فَرِقَ عَلَى
نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا لَقِيَ الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ حَتَّى
يُقْتَلَ، فَتِلْكَ مَصْمَصَةٌ تَحُتُّ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ
مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا، وَقِيلَ لَهُ ادْخُلْ مِنْ أِيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ
الثَّمَانِيَةِ شِئْتَ، فَإِنَّهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ
أَبْوَابٍ، بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ - يَعْنِي أَبْوَابَ الْجَنَّةِ -
وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ،
فَذَاكَ فِي النَّارِ، إِنَّ السَّيْفَ لَا يَمْحُو النِّفَاقَ»
١٨٥٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «عَجِبَ
رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ
حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا
عِنْدِي، وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَانْهَزَمَ فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي
الِانْهِزَامِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ،
فَيَقُولُ اللهُ عز وجل لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً
فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ». وَرُوِيَ فِي
مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا
١٨٥٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا
عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدَّارَابَجِرْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ
الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدٌ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ
بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الشَّهِيدُ لَا يَجِدُ أَلَمَ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا
يَجِدُ أَحَدُكُمْ أَلَمَ الْقَرْصَةِ»
١٨٥٢٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
الرَّزَّازُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ
جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ
الْأَزْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُبْشِيٍّ رضي
الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ: أِيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:
«إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَجِهَادٌ لَا غُلُولَ فِيهِ، وَحَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ».
قِيلَ: أِيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ». قِيلَ: فَأِيُّ
الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ». قِيلَ: فَأِيُّ الْهِجْرَةِ
أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ». قِيلَ: فَأِيُّ الْجِهَادِ
أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ». قِيلَ:
فَأِيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ؟ قَالَ: «مَنْ أُهَرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ»
بَابُ الشَّهِيدِ يُشَفَّعُ
١٨٥٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ
الذِّمَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي نِمْرَانُ بْنُ عُتْبَةَ الذِّمَارِيُّ
قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ أَيْتَامٌ فَقَالَتْ:
أَبْشِرُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
صَوَابُهُ رَبَاحُ بْنُ الْوَلِيدِ
بَابُ فَضْلِ مَنْ يُجْرَحُ فِي
سَبِيلِ اللهِ
١٨٥٢٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ
الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ
الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي
سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا،
اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنِ النَّاقِدِ وَزُهَيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
١٨٥٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ
بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
وقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللهِ
يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذَا طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا،
فَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا
١٨٥٣٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّغَانِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ قَالَا: أنبأ
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، قَالَا: ثنا أَبُو
إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَجْتَمِعَانِ
فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا ⦗٢٧٨⦘ يَضُرُّ أَحَدَهُمَا». قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ». لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ
١٨٥٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
نَصْرٍ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ
الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ
بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَقْتُلُ
أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ
١٨٥٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَا: أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَضْحَكُ اللهُ مِنْ
رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ».
قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: يُقْتَلُ هَذَا فَيَلِجُ
الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عز وجل عَلَى الْآخَرِ فَيَهْدِيهِ إِلَى
الْإِسْلَامِ، ثُمَّ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُسْتَشْهَدُ". رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ
١٨٥٣٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ
أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ
أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي
سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُقَاتِلُ
فَيُسْتَشْهَدُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ
بَابُ فَضْلِ مَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ
اللهِ
١٨٥٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْإِمَامُ،، ح، وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ
الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ
جَعْفَرٍ الْعَطَّارُ الْحِيرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْفَارِسِيُّ قَالُوا: أنبأ ⦗٢٧٩⦘ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي
طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ
يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ
حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ
يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَت: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا
رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي
سَبِيلِ اللهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ»،
أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ، يَشُكُّ أَيُّهُمَا. قَالَ: قَالَتْ:
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَدَعَا
لَهَا، ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَأْسَهُ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ
يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَاسٌ
مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ»، كَمَا قَالَ فِي
الْأُولَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي
مِنْهُمْ. قَالَ: «أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ». فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ
مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ
خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ،
عَنْ مَالِكٍ
١٨٥٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ،
ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا، ح،
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثنا
خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي
الله عنه قَالَ: حَدَّثَتْنِي أَمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ رضي الله عنها أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي بَيْتِهَا يَوْمًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: «عُرِضَ عَلَيَّ قَوْمٌ مِنْ
أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ».
قُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ
قَامَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ،
قَالَ: «أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ». فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ،
فَغَزَا بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَلَمَّا رَجَعُوا قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ
لِتَرْكَبَهَا، فَصَرَعَتْهَا فَدُقَّتْ عُنُقُهَا فَمَاتَتْ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادٍ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ
١٨٥٣٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأُمَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَتِيكٍ أَخِي بَنِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
يَقُولُ: «مَنْ ⦗٢٨٠⦘ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ»، قَالَ: ثُمَّ ضَمَّ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، «وَأَيْنَ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَخَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ
فَمَاتَ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَإِنْ لَدَغَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ
فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ»، قَالَ:
وَإِنَّهَا لَكَلِمَةٌ مَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوَّلَ مِنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَعْنِي بِحَتْفِ أَنْفِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، «فَقَدْ وَقَعَ
أَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ قُتِلَ قَعْصًا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الْجَنَّةَ»
١٨٥٣٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا عُتْبَةُ، عَنِ ابْنِ
ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، يَرُدُّهُ إِلَى مَكْحُولٍ إِلَى ابْنِ غَنْمٍ
الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ عز وجل قَالَ: مَنِ انْتَدَبَ خَارِجًا فِي
سَبِيلِ اللهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ، وَتَصْدِيقَ وَعْدِهِ، وَإِيمَانًا
بِرِسَالِاتِهِ عَلَى اللهِ ضَامِنٌ، فَإِمَّا يَتَوَفَّاهُ اللهُ فِي الْجَيْشِ
بِأِيِّ حَتْفٍ شَاءَ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، وَإِمَّا يَسِيحُ فِي ضَمَانِ
اللهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَى أَهْلِهِ سَالِمًا مَعَ
مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ». قَالَ: «وَمَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ
فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ»، يَعْنِي «فَهُوَ شَهِيدٌ،» أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ، أَوْ
بَعِيرُهُ، أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَةٌ، أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ بِأِيِّ حَتْفٍ
شَاءَ اللهُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ وَلَهُ الْجَنَّةُ "
١٨٥٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّارُ،
ثنا سِمَاكُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثنا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ
مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي
الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ
ضَامِنٌ عَلَى اللهِ عز وجل: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ،
فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ
يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى
الْمَسْجِدِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ
الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ
دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ»
١٨٥٣٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ
الْبَزَّارُ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ رَافِعٍ الْقَيْسِيِّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما،
أَنَّهُ مَرَّ بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى بَابِهِ
يُشِيرُ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: مَا
شَأْنُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ؟ قَالَ: وَمَا لِي
يُرِيدُ عَدُوُّ اللهِ أَنْ يُلْهِيَنِي عَنْ كَلَامٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ. قَالَ: مُكَابِدٌ دَهْرَكَ الْآنَ فِي بَيْتِكَ أَلَا تَخْرُجُ إِلَى
الْمَجْلِسِ فَتَحَدَّثُ، وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ
جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ، وَمَنْ جَلَسَ فِي
بَيْتِهِ لَا يَغْتَابُ أَحَدًا بِسُوءٍ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ، وَمَنْ عَادَ
مَرِيضًا كَانَ ⦗٢٨١⦘ ضَامِنًا عَلَى اللهِ، وَمَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى إِمَامٍ يُعَزِّرُهُ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ»، فَيُرِيدُ عَدُوُّ اللهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ بَيْتِي إِلَى الْمَجْلِسِ
بَابُ مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ
فَقَتَلَهُ
١٨٥٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
الشَّافِعِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي
الله عنه، أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ
بِنْتُ سُرَاقَةَ، أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَلَا
تُخْبِرُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ
غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ
اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ الْبُكَاءَ. قَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ
فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى». قَالَ
قَتَادَةُ: الْفِرْدَوْسُ: رَبْوَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ
حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ
بَابُ مَنْ يُسْلِمُ فَيُقْتَلُ
مَكَانَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ
١٨٥٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ النِّيسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ، أنبأ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أنبأ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا
زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: «عَمِلَ هَذَا يَسِيرًا، وَأُجِرَ كَثِيرًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَنَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ
١٨٥٤٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ رَجَاءٍ، أنبأ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله
عنه قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: «لَا بَلْ أَسْلِمْ ثُمَّ
قَاتِلْ». فَأَسْلَمَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ، فَقَالَ: «هَذَا عَمِلَ قَلِيلًا،
وَأُجِرَ كَثِيرًا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِالرَّحِيمِ، عَنْ شَبَابَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ
١٨٥٤٣ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٢٨٢⦘ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ عَمْرَو بْنَ
أُقَيْشٍ كَانَ لَهُ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى
يَأْخُذَهُ، فَجَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي؟ فَقَالُوا:
بِأُحُدٍ، فَقَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ، قَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ؟
قَالُوا: بِأُحُدٍ، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ وَرَكِبَ فَرَسَهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ
قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا يَا عَمْرُو.
فَقَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ. فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ
جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ حَمِيَّةً
لِقَوْمِكَ أَمْ غَضَبًا لَهُمْ أَمْ غَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ؟ فَقَالَ: بَلْ
غَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى لِلَّهِ
صَلَاةً
بَابُ بَيَانِ النِّيَّةِ الَّتِي
يُقَاتِلُ عَلَيْهَا لِيَكُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل
١٨٥٤٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، قَالَا: ثنا
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ،
وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُعْرَفَ، فَمَنْ فِي
سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا
فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ
عَنْ شُعْبَةَ
١٨٥٤٥ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ
الْمُخَرِّمِيُّ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ،
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ
حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِئَاءً، فَأِيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ
فِي سَبِيلِ اللهِ»
١٨٥٤٦
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ،
ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، ثنا ابْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا
الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
١٨٥٤٧ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ، ثنا بَقِيَّةُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ ⦗٢٨٣⦘ بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِمَرْو، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي، ثنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ
أَنَّهُ قَالَ: «الْغَزْوُ غَزْوَانِ: فَأَمَّا مَنِ ابْتَغَى وَجْهَ اللهِ عز وجل،
وَأَطَاعَ الْإِمَامَ، وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ، وَبَاشَرَ الشَّرِيكَ،
وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلَّهُ، وَأَمَّا
مَنْ غَزَا فَخْرًا، وَرِئَاءً، وَسُمْعَةً، وَعَصَى الْإِمَامَ، وَأَفْسَدَ فِي
الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَرْجِعَ بِكَفَافٍ». لَفْظُ حَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ،
وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ
اللهِ بْنِ قَيْسٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «وَعَصَى الْإِمَامَ وَلَمْ يُنْفِقِ
الْكَرِيمَةَ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ»
١٨٥٤٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاعِ، عَنِ الْعَلَاءِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ حَنَانَ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنِ
الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ، فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، إِنْ قَاتَلْتَ
صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَعَثَكَ اللهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، وَإِنْ قَاتَلْتَ
مُرَائِيًا مُكَاثِرًا بَعَثَكَ اللهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا، يَا عَبْدَ اللهِ
بْنَ عَمْرٍو عَلَى أِيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ أَوْ قُتِلْتَ بَعَثَكَ اللهُ عَلَى
تِلْكَ الْحَالِ»
١٨٥٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِيَادِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلَّادٍ النَّصِيبِيُّ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنبأ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ
يُوسُفَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ نَابِلٌ أَخُو أَهْلِ الشَّامِ: يَا أَبَا
هُرَيْرَةَ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ أَتَى بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا
فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِكَ حَتَّى
اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيءٌ
فَقَدْ قِيلَ فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ،
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَتَى بِهِ فَعَرَّفَهُ
نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ
الْعِلْمَ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ وَعَلَّمْتُهُ فِيكَ، قَالَ: كَذَبْتَ إِنَّمَا
أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ عَالِمٌ وَفُلَانٌ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ
بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مِنْ
أَنْوَاعِ الْمَالِ فَأَتَى بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا
عَمِلْتَ فِيهَا؟ فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهِ
إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهِ لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ:
فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى
أُلْقِيَ فِي النَّارِ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
١٨٥٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءَ،
قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ قَالَ: وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا
لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ هَذِهِ، قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَمَاتَ فُلَانٌ
شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ دَفَّتَيْ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا أَوْ
وَرِقًا يَبْتَغِي الدُّنْيَا، أَوْ قَالَ التِّجَارَةَ، فَلَا تَقُولُوا
ذَلِكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ
اللهِ أَوْ مَاتَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ»
١٨٥٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ السَّيَّارِيُّ،
ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيٍّ الْغَزَّالُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
شَقِيقٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَبُو
تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي
ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ ابْنِ مِكْرَزٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وفِي
رِوَايَةِ ابْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مِكْرَزٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي
سَبِيلِ اللهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ: «لَا أَجْرَ لَهُ»، فَسَأَلَهُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا أَجْرَ لَهُ» لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ شَقِيقٍ، قَالَ
الشَّيْخُ: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَمَا أَشْبَهَهَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ
فِيمَنْ لَا يَنْوِي بِغَزْوِهِ إِلَّا الدُّنْيَا، وَمَا يَرْجِعُ إِلَى
أَسْبَابِهَا، فَأَمَّا مَنْ يَبْتَغِي الْأَجْرَ وَيَرْجُو أَنْ يُصِيبَ
غَنِيمَةً فَقَدْ
١٨٥٥٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّ ضَمْرَةَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ
زُغْبٍ الْإِيَادِيِّ، قَالَ: نَزَلَ بِي عَبْدُ اللهِ بْنُ حَوَالَةَ صَاحِبُ
النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ فِي الْمِائَتَيْنِ، فَأَبَى
إِلَّا مِائَةً، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَحَقٌّ مَا بَلَغَنَا أَنَّهُ فَرَضَ لَكَ
فِي مِائَتَيْنِ، فَأَبَيْتَ إِلَّا مِائَةً؟ وَاللهِ مَا مَنَعَهُ وَهُوَ نَازِلٌ
عَلَيَّ أَنْ يَقُولَ: لَا أُمَّ لَكَ أَوَلَا يَكْفِي ابْنَ حَوَالَةَ مِائَةٌ
كُلَّ عَامٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَنَا عَلَى أَقْدَامِنَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ لِنَغْنَمَ،
فَقَدِمْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ ﷺ الَّذِي
بِنَا مِنَ الْجَهْدِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:»اللهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِلِيَّ
فَأَضْعُفَ عَنْهُمْ، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَهُونُوا عَلَيْهِمْ
وَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا
عَنْهَا، وَلَكِنْ تَوَحَّدْ بِأَرْزَاقِهِمْ«. ثُمَّ قَالَ: لَيُفْتَحَنَّ لَكُمُ
الشَّامُ ثُمَّ لَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَلَيَكُونَنَّ
لِأَحَدِكُمْ مِنَ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُعْطَى
مِائَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطُهَا». ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ⦗٢٨٥⦘ فَقَالَ: «يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ أَتَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ
أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّرِيَّةِ
تُخْفِقُ، وَهُوَ أَنْ تَغْزُوَ فَلَا تَغْنَمَ شَيْئًا
١٨٥٥٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التَّرْقُفِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ، عَنْ
أَبِي هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ وَابْنُ
لَهِيعَةَ قَالَا: ثنا أَبُو هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحُبُلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ
فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةً إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ
وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ
أَجْرُهُمْ». لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ يُوسُفَ «مِنَ الْآخِرَةِ»، رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْمُقْرِئِ، عَنْ
حَيْوَةَ
بَابُ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ
وَمَسْأَلَتِهَا
١٨٥٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْمُزَنِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ،
أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ،
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا
تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ
عَلَيْهِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ أُحْيَا،
ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ
١٨٥٥٥ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ
بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ ⦗٢٨٦⦘ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ،
وأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ
١٨٥٥٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا مَالِكُ
بْنُ يَخَامِرَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ
سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ رَجُلٍ
مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ سَأَلَ اللهَ
الْقَتْلَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَلَهُ أَجْرُ
شَهِيدٍ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً
فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ، لَوْنُهَا
كَالزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا كَالْمِسْكِ، وَمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللهِ
فَعَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ».
١٨٥٥٧
- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ،
أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، ثنا مَالِكُ بْنُ يَخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ
بْنِ جَبَلٍ، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحٌ
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
١٨٥٥٨ - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
بْنُ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ
الْخَزَّازُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ الْأَنْطَاكِيُّ،
ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، عَنْ
أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ
فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ
اللهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ
مِسْكٍ»
١٨٥٥٩ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ
الْمَوْصِلِيُّ، ثنا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي
الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ
فُوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَهُ نَحْوَ
حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
بَابُ الشَّجَاعَةِ وَالْجُبْنِ
١٨٥٦٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ،
ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا حَمَّادٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ،
قَالَ: وَثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنبأ
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَأَبُو الرَّبِيعِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ
عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، قَالُوا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَحْسَنَ
النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، قَالَ: وَفَزِعَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَانْطَلَقُوا قِبَلَ الصَّوْتِ قَالَ:
فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا
عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالسَّيْفُ فِي عُنُقِهِ قَالَ: «لَنْ تُرَاعُوا»، فَإِذَا هُوَ
قَدِ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ وَسَبَقَهُمْ، وَقَالَ: وَجَدْنَاهُ بَحْرًا، أَوْ
قَالَ: إِنَّهُ لَبَحْرٌ، قَالَ: وَكَانَ فَرَسًا ثَبِطًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى
بْنِ يَحْيَى وَأَبِي الرَّبِيعِ وَرُوِّينَا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ
الْجُبْنِ
١٨٥٦١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو
الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْبَزَّازُ بِبَغْدَادَ
قَالَا: أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
الْفَاكِهِيُّ، بِمَكَّةَ، ثنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، ثنا
الْمُقْرِئُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي
يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «شَرُّ
مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ»
١٨٥٦٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ، ثنا أَبُو عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، ثنا
عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أنبأ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ
فَائِدٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «الشَّجَاعَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ
فِي النَّاسِ، تَلْقَى الرَّجُلَ يُقَاتِلُ عَمَّنْ لَا يَعْرِفُ، وَتَلْقَى
الرَّجُلَ يَفِرُّ عَنْ أَبِيهِ، وَالْحَسَبُ الْمَالُ، وَالْكَرَمُ التَّقْوَى،
لَسْتَ بِأَخْيَرَ مِنْ فَارِسِيٍّ وَلَا عَجَمِيٍّ إِلَّا بِالتَّقْوَى»
بَابُ فَضْلِ الْإِنْفَاقِ فِي
سَبِيلِ اللهِ عز وجل
١٨٥٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّد بْنُ عِيسَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ
زَوْجَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ
الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ، وَلِلْجَنَّةِ أَبْوَابٌ، فَمَنْ كَانَ
مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ
دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ
بَابِ الصِّيَامِ بَابِ الرَّيَّانِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى
مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ
يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ
مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي
الْيَمَانِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ
١٨٥٦٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْمُنَادِي، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ
السَّهْمِيُّ، ثنا هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ صَعْصَعَةَ
بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه يَقُودُ جَمَلًا لَهُ،
أَوْ يَسُوقُهُ فِي عُنُقِهِ قِرْبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا لَكَ؟
قَالَ: لِي عَمَلِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا لَكَ؟ قَالَ: لِي عَمَلِي،
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: قُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثُنِي شَيْئًا سَمِعْتَهُ مِنْ
رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ
مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةٌ»، يَعْنِي مِنَ الْوَلَدِ، «لَمْ
يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ
إِيَّاهُمْ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ
اللهِ إِلَّا ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ».
١٨٥٦٥
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَاسِطِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثنا هُشَيْمٌ،
عَنْ مَنْصُورٍ، وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ، زَادَ: «إِلَّا
اسْتَقْبَلَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ كُلُّهُمْ يَدْعُوهُ إِلَى مَا قِبَلَهُ».
قُلْتُ: كَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: "إِنْ كَانَ رِجَالًا فَرَجُلَيْنِ، وَإِنْ
كَانَتْ إِبِلًا فَبَعِيرَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا فَشَاتَيْنِ
١٨٥٦٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ
بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ بَشَّارِ بْنِ
أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ
الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللهِ فَاضِلَةً
فَسَبْعَمِائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ قَالَ: عَلَى أَهْلِهِ،
أَوْ عَادَ مَرِيضًا، أَوْ أَمَاطَ أَذًى فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا،
وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلَاهُ اللهُ بِبَلَاءٍ فِي
جَسَدِهِ فَلَهُ حِطَّةٌ»
١٨٥٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثنا بَشَّارُ
بْنُ أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ
غُطَيْفٍ. قَالَ يَزِيدُ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ وَاصِلٍ
مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ
بْنِ غُطَيْفٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فِي
مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَعِنْدَهُ امْرَأَتُهُ تَحِيفُهُ، وَوَجْهُهُ
مِمَّا يَلِي الْحَائِطَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟ فَقَالَتْ:
بَاتَ بِأَجْرٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا بِتُّ بِأَجْرٍ، فَسَاءَنَا
ذَلِكَ وَسَكَتْنَا، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونَ عَمَّا قُلْتُ؟ فَقُلْنَا: مَا
سَرَّنَا ذَلِكَ فَنَسْأَلَكَ عَنْهُ. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللهِ فَسَبْعُمِائَةِ
ضِعْفٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ أَمَاطَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ،
أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَحَسَنَةٌ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ
مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلَاهُ اللهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ
لَهُ حِطَّةٌ».
١٨٥٦٨
- وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَسْمَاءٍ، أنبأ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، ثنا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ،
عَنِ ابْنِ أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَجُلٌ مِنْ
فُقَهَاءِ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا
يُوسُفُ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَا: ثنا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ بَشَّارِ بْنِ
أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ
غُطَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَرَوَاهُ سُلَيْمُ بْنُ
عَامِرٍ، أَنَّ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ
قَالَ: الْوَصَبُ يُكَفَّرُ بِهِ مِنَ الْخَطَايَا. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
الصَّحِيحُ غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الشَّامِيُّ
١٨٥٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ
بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِنَاقَةٍ
مَخْطُومَةٍ فَقَالَ: هِيَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ،
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةٍ
كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ
١٨٥٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو
بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ:
«مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي
أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ مَنْصُورٍ وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَخْرَجَاهُ كَمَا مَضَى
١٨٥٧١ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ
أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله إِمْلَاءً،
ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ، أنبأ أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَا: أنبأ اللَّيْثُ، عَنِ
ابْنِ الْهَادِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
سُرَاقَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ
أَجْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ، وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ
اسْمُ اللهِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ».
١٨٥٧٢
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي
إِسْحَاقَ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ الشَّاذْيَاخِيُّ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي
عَمْرٍو قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، فَذَكَرُوا
الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ، وَزَادُوا قَالَ: وَقَالَ الْوَلِيدُ: فَذَكَرْتُ هَذَا
الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي هَذَا الْحَدِيثُ
عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ،
وَلِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَكِلَاهُمَا قَدْ قَالَ: بَلَغَنِي هَذَا عَنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ
١٨٥٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْوَرَّاقُ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا
عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ
أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ،
إِنَّ مِنْ إِخْوَانِكُمْ قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ وَلَا عَشِيرَةٌ،
فَلْيَضُمَّ أَحَدُكُمْ إِلَيْهِ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَةَ، فَمَا لِأَحَدِنَا
مِنْ ظَهْرِ جَمَلٍ إِلَّا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ أَحَدِهِمْ». قَالَ: فَضَمَمْتُ
إِلِيَّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لِي عُقْبَةٌ إِلَّا كَعُقْبَةِ أَحَدِهِمْ
بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ فِي سَبِيلِ
اللهِ عز وجل
١٨٥٧٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الِحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانَ
بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: قَالَ ⦗٢٩١⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالذِّكْرَ تُضَاعَفُ عَلَى النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ»
١٨٥٧٥ - وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ،
أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانَ بْنِ
فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ كَتَبَهُ اللهُ
مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ
بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ
اللهِ
١٨٥٧٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ،
وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّهُمَا سَمِعَا
النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ
يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ
خَرِيفًا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ،
عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ
بَابُ تَشْيِيعِ الْغَازِي
وَتَوْدِيعِهِ
١٨٥٧٧ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ
أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله إِمْلَاءً،
ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ
التَّنُوخِيُّ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا الْمُطْعِمُ بْنُ
الْمِقْدَامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْغَزْوِ فَشَيَّعَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَلَمَّا أَرَادَ فِرَاقَنَا قَالَ:
إِنَّهُ لَيْسَ مَعِي مَا أُعْطِيكُمَاهُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ
يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ» وَأَنَا أَسْتَوْدِعُ
اللهَ دِينَكُمَا وَأَمَانَاتِكُمَا وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمَا
١٨٥٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ
أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَأَنْ أُشَيِّعَ مُجَاهِدًا فِي
سَبِيلِ اللهِ فَأُكْنِفَهُ عَلَى رَحْلِهِ غَدْوَةً أَوْ رَوْحَةً أَحَبُّ
إِلِيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
١٨٥٧٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، أنبأ ⦗٢٩٢⦘ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا أَبُو الْفَيْضِ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جَابِرٍ الرُّعَيْنِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه شَيَّعَ جَيْشًا
فَمَشَى مَعَهُمْ فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اغْبَرَّتْ أَقْدَامُنَا
فِي سَبِيلِ اللهِ». فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ اغْبَرَّتْ وَإِنَّمَا
شَيَّعْنَاهُمْ؟ فَقَالَ: «إِنَّا جَهَّزْنَاهُمْ وَشَيَّعْنَاهُمْ وَدَعَوْنَا
لَهُمْ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي حُرْمَةِ
نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ
١٨٥٨٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَعْنَبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ،
عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «حُرْمَةُ
نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا
مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا فِي أَهْلِهِ إِلَّا نُصِبَ لَهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيلَ: هَذَا خَلَفُكَ فِي أَهْلِكَ فَخُذْ مِنْ
حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ». فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «مَا
ظَنُّكُمْ؟».
١٨٥٨١
- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا
الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا قَعْنَبٌ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً
خِيَارًا فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: «يَا
فُلَانُ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ خَانَكَ فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ
حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَمِسْعَرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ
بَابُ الِاسْتِئْذَانِ فِي
الْقُفُولِ بَعْدَ النَّهْيِ
١٨٥٨٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما قَالَ: ﴿عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ
فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ [التوبة: ٤٤]، نَسَخَتْهَا الَّتِي فِي النُّورِ:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا
مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ
الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ
فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٦٢]. وَكَذَلِكَ ⦗٢٩٣⦘ رَوَاهُ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِمَعْنَاهُ قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ: رَخَّصَ لَهُ هَهُنَا بَعْدَمَا قَالَ لَهُ: ﴿عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٣]
بَابُ الْإِذْنِ بِالْقُفُولِ
وَكَرَاهِيَةِ الطَّرْقِ
قَدْ مَضَى فِي ذَلِكَ حَدِيثُ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا فِي آخِرِ كِتَابِ
الْحَجِّ.
١٨٥٨٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي
قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ قَالَ: «لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ»
وَأَرْسَلَ مَنْ يُؤْذِنُ النَّاسَ أَنَّهُ قَادِمٌ الْغَدَ
بَابُ الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ
١٨٥٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَلَا تُرِيحُنِي
مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ». وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ قَالَ:
فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكُنْتُ لَا
أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَضَرَبَ
بِيَدِهِ فِي صَدْرِي حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ أَصَابِعِهِ فِي
صَدْرِي فَقَالَ: «اللهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا». قَالَ:
فَانْطَلَقَ فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ حُصَيْنَ بْنَ
رَبِيعَةَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُبَشِّرُهُ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ
مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا مِثْلَ الْجَمَلِ الْأَجْرَبِ. فَبَارَكَ رَسُولُ
اللهِ ﷺ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ
أَوْجُهٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ
١٨٥٨٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السِّقَاءِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِيُّ قَالَا:
أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ
سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي
الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَلَّفَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَأُسَامَةَ
بْنَ زَيْدٍ عَلَى رُقَيَّةَ ابْنَةِ ⦗٢٩٤⦘ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَيَّامَ بَدْرٍ، فَجَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ رضي الله عنه عَلَى الْعَضْبَاءِ
نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالْبِشَارَةِ، قَالَ أُسَامَةُ: فَسَمِعْتُ الْهَيْعَةَ
فَخَرَجْتُ، فَإِذَا زَيْدٌ قَدْ جَاءَ بِالْبِشَارَةِ، فَوَاللهِ مَا صَدَّقْتُ
حَتَّى رَأَيْنَا الْأُسَارَى، فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه
بِسَهْمِهِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي إِعْطَاءِ
الْبُشَرَاءِ
١٨٥٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنبأ عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَاحِدِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ،
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ مِنْ بَنِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ
عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي
تَوْبَتِهِ وَإِيذَانِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى
صَاحِبَيْهِ قَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ: يَا
كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ
قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي
نَزَعْتُ ثَوْبِيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبُشْرَاهُ، وَوَاللهِ مَا أَمْلِكُ
غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا وَانْطَلَقْتُ
إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ
بَابُ اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ
١٨٥٨٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ
زِيَادٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ
السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ
تَبُوكَ خَرَجَ النَّاسُ يَتَلَقَّوْنَهُ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، فَخَرَجْتُ
مَعَ النَّاسِ وَأَنَا غُلَامٌ فَتَلَقَّيْنَاهُ
١٨٥٨٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ
الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ ﷺ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ مَقْدَمَهُ
مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: أَذْكُرُ مَقْدَمَ النَّبِيِّ
ﷺ لَمَّا قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ
بْنِ عَبْدِ اللهِ
بَابُ الصَّلَاةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ
سَفَرٍ
١٨٥٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا
أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ
دِثَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ
مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لِي:
«ادْخُلِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ وَقَدْ مَضَى سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي
آدَابِ السَّفَرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ
فِي الْإِعْدَادِ لِلْجِهَادِ فِي كِتَابِ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ، وَبِاللهِ
التَّوْفِيقُ
بَابُ قِتَالِ الْيَهُودِ
١٨٥٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً، أنبأ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، ثنا إِسْحَاقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ،
ثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ ﷺ قَالَ: «تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِئَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ
الْحَجَرِ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ الْمُسْلِمَ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي
فَاقْتُلْهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قِتَالِ
الرُّومِ وَقِتَالِ الْيَهُودِ
١٨٥٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَّامٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ فَرَجِ بْنِ
فَضَالَةَ، عَنْ عَبْدِ الْخَبِيرِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُقَالُ لَهَا أُمُّ
خَلَّادٍ وَهِيَ مُتَنَقِّبَةٌ تَسْأَلُ عَنِ ابْنٍ لَهَا وَهُوَ مَقْتُولٌ،
فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: جِئْتِ تَسْأَلِينَ عَنِ ابْنِكِ
وَأَنْتِ مُنْتَقِبَةٌ؟ فَقَالَتْ: إِنْ أُرْزَأِ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ
حَيَائِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ابْنُكِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ». قَالَتْ:
وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي قِتَالِ
الَّذِينَ يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ وَقِتَالِ التُّرْكِ
١٨٥٩٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ
ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا أَقْوَامًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ»
١٨٥٩٣ - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أنبأ
أَبُو سَعِيدٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى
تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى
تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ ذُلْفَ الْأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ
الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُمَا مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي
حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فَقَالَ: حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ
الْأَعْيُنِ حُمْرَ الْوُجُوهِ.
١٨٥٩٤
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا الْمَنِيعِيُّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ، قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللهِ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادٍ: بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ
بَابِكَ كَانَتْ نِعَالُهُمُ الشَّعْرَ
١٨٥٩٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله، أنبأ أَبُو
الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ
هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا
خُوزَ وَكِرْمَانَ، قَوْمًا مِنَ الْأَعَاجِمِ حُمْرَ الْوُجُوهِ، فُطْسَ
الْأُنُوفِ، صِغَارَ الْأَعْيُنِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ
الْمُطْرَقَةُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ
١٨٥٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرٌ هُوَ
ابْنُ حَازِمٍ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«تُقَاتِلُونَ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ،
وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ
الْمُطْرَقَةُ». ⦗٢٩٧⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَأَبِي النُّعْمَانِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ
بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ
تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالْحَبَشَةِ
١٨٥٩٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عِيسَى
بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي
سَكِينَةَ، رَجُلٌ مِنَ الْمُحَرَّرِينَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ
أَنَّهُ قَالَ: قَالَ: «دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا
التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ»
١٨٥٩٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا الْقَاسِمُ
بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اتْرُكُوا
الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ
إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي قِتَالِ
الْهِنْدِ.
١٨٥٩٩ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا بِشْرُ بْنُ
مُوسَى، ثنا خَلَفٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ أَبِي سَيَّارٍ
الْعَنَزِيِّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
عَلِيٍّ السَّقَّاءِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ
قَالَا: أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ الْقَاضِي، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي
الْحَكَمِ، عَنْ جَبْرِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
«وَعَدَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ غَزْوَةَ الْهِنْدِ فَإِنْ أُدْرِكْهَا أُنْفِقْ
فِيهَا مَالِي وَنَفْسِي، فَإِنِ اسْتُشْهِدْتُ كُنْتُ مِنْ أَفْضَلِ
الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ رَجَعْتُ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةُ الْمُحَرَّرُ»، زَادَ
الْمُقْرِئُ فِي رِوَايَتِهِ ثُمَّ قَالَ مُسَدَّدٌ: سَمِعْتُ ابْنَ دَاوُدَ
يَقُولُ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: وَدِدْتُ أَنِّي شَهِدْتُ مَا
رُبِدَ بِكُلِّ غَزْوَةٍ غَزَوْتُهَا فِي بِلَادِ الرُّومِ
١٨٦٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أنبأ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَاصِمٍ، قَالَا: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ
الْبَهْرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ لُقْمَانَ
بْنِ عَامِرٍ، عَنْ ⦗٢٩٨⦘ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَدِيٍّ الْبَهْرَانِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه مَوْلَى رَسُولِ اللهِ
ﷺ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللهُ
مِنَ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام»
بَابُ إِظْهَارِ دِينِ النَّبِيِّ ﷺ
عَلَى الْأَدْيَانِ
١٨٦٠١
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنْبَأَ الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة:
٣٣]
١٨٦٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى
بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ،
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
١٨٦٠٣
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ،
ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ،
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ
قُتَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، وَرُوِّينَا فِي ذَلِكَ حَدِيثَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي كِسْرَى بِمَعْنَاهُ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي كِسْرَى
وَقَيْصَرَ بِمَعْنَاهُ
١٨٦٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أنبأ
إِسْرَائِيلُ، أنبأ سَعْدٌ الطَّائِيُّ، أنبأ مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ،
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ فِيهِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ
حَيَاةٌ لَتَفْتَحَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كِسْرَى بْنُ
هُرْمُزَ؟ قَالَ: «كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ». قَالَ عَدِيٌّ: وَكُنْتُ مِمَّنِ
افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ. ⦗٢٩٩⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ
١٨٦٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَمَّا أُتِيَ كِسْرَى بِكِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ
مَزَّقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَمَزَّقَ مُلْكُهُ». وَحَفِظْنَا أَنَّ
قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ ﷺ وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ فَقَالَ النَّبِيُّ
ﷺ: «ثُبِّتَ مُلْكُهُ»
١٨٦٠٦ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ مِلْحَانَ،
ثنا يَحْيَى، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْعَبْدِيُّ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى فَأَمَرَهُ أَنْ
يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى
كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى خَرَقَهُ. فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ
الْمُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ
مُمَزَّقٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ
وَغَيْرِهِ
١٨٦٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ
بْنُ نَصْرَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا بِنَيْسَابُورَ،
ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنَبٍ إِمْلَاءً، ثنا أَبُو
إِسْحَاقَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
حَمْزَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَتَبَ
إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ
دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ
بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى قَيْصَرَ،
وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ
إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لَمَّا أَبْلَاهُ اللهُ، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ قَيْصَرَ
كِتَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ حِينَ قَرَأَهُ: الْتَمِسُوا لِي هَهُنَا أَحَدًا
مِنْ قَوْمِهِ أَسْأَلُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ
قُرَيْشٍ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ
فَانْطَلَقَ بِي وَبِأَصْحَابِي حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ فَأُدْخِلْنَا
عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا
حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا. قَالَ: مَا
قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي. قَالَ:
وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي،
فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ مِنِّي، ⦗٣٠٠⦘ ثُمَّ أَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ
يَوْمَئِذٍ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ كَذَبْتُ عَنْهُ حِينَ
سَأَلَنِي عَنْهُ، وَلَكِنِ اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّي
فَصَدَقْتُهُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا
الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ
هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: وَهَلْ
كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَنِ الْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قَالَ:
قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا،
قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ:
بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلْ
يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ
أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَالَ: قُلْتُ:
لَا، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ، قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: وَلَمْ يُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا
أَنْتَقِصُهُ بِهِ لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّي غَيْرُهَا، قَالَ: فَهَلْ
قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتْ
حَرْبُكُمْ وَحَرْبُهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا يُدَالُ
عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَنُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، قَالَ: فَمَاذَا
يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ قَالَ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ
بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا
بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ
الْأَمَانَةِ. قَالَ: فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ: قُلْ
لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ،
وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ هَذَا
الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ
أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ
بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ
بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَعَرَفْتُ
أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ،
وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا،
فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ،
وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَزَعَمْتَ
أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ
يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ
الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً
لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ
الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ،
وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا
يَغْدِرُونَ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنْ
قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ يَكُونُ دُوَلًا، يُدَالُ عَلَيْكُمُ
الْمَرَّةَ، وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ
لَهَا الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ
عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ،
وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَهَذِهِ صِفَةُ
نَبِيٍّ، قَدْ كُنْتُ⦗٣٠١⦘ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ مَا قُلْتَ حَقًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمِيَّ هَاتَيْنِ، وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ،
وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: ثُمَّ
دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَمَرَ بِهِ فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ:
"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ
وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ
الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ
تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ
إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ، وَ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ
سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ
شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ
تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤]. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا
أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ
الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا، وَأَمَرَ بِنَا
فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ
لَهُمْ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِي
الْأَصْفَرِ يَخَافُهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا
مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ قَلْبِي
الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَأَغْزَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه
الشَّامَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ فَتْحِهَا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَفَتَحَ
بَعْضَهَا، وَتَمَّ فَتْحُهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَفَتَحَ عُمَرُ رضي
الله عنه الْعِرَاقَ وَفَارِسَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ
الشَّافِعِيُّ بَيِّنٌ فِي التَّوَارِيخِ، وَسِيَاقُ تِلْكَ الْقَصَصِ مِمَّا
يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: فَقَدْ أَظْهَرَ اللهُ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ دِينَهُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى الْأَدْيَانِ بِأَنْ
أَبَانَ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَمَا خَالَفَهُ مِنَ
الْأَدْيَانِ بَاطِلٌ، وَأَظْهَرَهُ بِأَنَّ جِمَاعَ الشِّرْكِ دِينَانِ، دِينُ أَهْلِ
الْكِتَابِ، وَدِينُ الْأُمِّيِّينَ، فَقَهَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْأُمِّيِّينَ
حَتَّى وَاتَوْهُ بِالْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ وَسَبَى حَتَّى دَانَ بَعْضُهُمُ الْإِسْلَامَ، وَأَعْطَى بَعْضٌ
الْجِزْيَةَ صَاغِرِينَ، وَجَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ ﷺ، وَهَذَا ظُهُورُ الدِّينِ
كُلِّهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَقَدْ يُقَالُ: لَيُظْهِرَنَّ اللهُ
دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ حَتَّى لَا يُدَانُ اللهُ إِلَّا بِهِ، وَذَلِكَ مَتَى
شَاءَ اللهُ عز وجل
١٨٦٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ
بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَتَبَ ⦗٣٠٢⦘ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَأَمَّا قَيْصَرُ فَوَضَعَهُ، وَأَمَّا كِسْرَى فَمَزَّقَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيُمَزَّقُونَ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَسَتَكُونُ لَهُمْ بَقِيَّةٌ» قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَوَعَدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّاسَ
فَتْحَ فَارِسَ وَالشَّامِ
١٨٦٠٩ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانُ، ثنا
عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو
عَلْقَمَةَ، يَرُدُّ الْحَدِيثَ إِلَى جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ حَوَالَةَ رضي الله عنه: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَشَكَوْنَا
إِلَيْهِ الْعُرْيَ وَالْفَقْرَ وَقِلَّةَ الشَّيْءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«أَبْشِرُوا فَوَاللهِ لَأَنَا بِكَثْرَةِ الشَّيْءِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ مِنْ
قِلَّتِهِ، وَاللهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِيكُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ
أَرْضَ فَارِسَ وَأَرْضَ الرُّومِ وَأَرْضَ حِمْيَرَ، وَحَتَّى تَكُونُوا
أَجْنَادًا ثَلَاثَةً، جُنْدًا بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا
بِالْيَمَنِ، وَحَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ الْمِائَةَ فَيَسْخَطَهَا». قَالَ ابْنُ
حَوَالَةَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الشَّامَ وَبِهِ الرُّومُ
ذَوَاتُ الْقُرُونِ؟ قَالَ: «وَاللهِ لَيَفْتَحَنَّهَا اللهُ عَلَيْكُمْ،
وَلَيَسْتَخْلِفَنَّكُمْ فِيهَا، حَتَّى يَظَلَّ الْعِصَابَةُ الْبِيضُ مِنْهُمْ
قُمُصُهُمُ، الْمُلْحَمَةُ أَقْفَاؤُهُمْ، قِيَامًا عَلَى الرُّوَيْجِلِ
الْأَسْوَدِ مِنْكُمُ الْمَحْلُوقِ مَا أَمَرَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَعَلُوهُ، وَإِنَّ
بِهَا رِجَالًا لَأَنْتُمْ أَحْقَرُ فِي أَعْيُنِهِمْ مِنَ الْقِرْدَانِ فِي
أَعْجَازِ الْإِبِلِ». قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ
اخْتَرْ لِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ. قَالَ: «إِنِّي أَخْتَارُ لَكَ الشَّامَ
فَإِنَّهُ صَفْوَةُ اللهِ مِنْ بِلَادِهِ، وَإِلَيْهِ تُجْتَبَى صَفْوَتُهُ مِنْ
عِبَادِهِ، يَا أَهْلَ الْيَمَنِ عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فَإِنَّ مِنْ صَفْوَةِ
اللهِ مِنْ أَرْضِهِ الشَّامَ، أَلَا فَمَنْ أَبَى فَلْيَسْتَبْقِ فِي غُدُرِ
الْيَمَنِ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ». قَالَ أَبُو
عَلْقَمَةَ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: فَعَرَفَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ نَعْتَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي حُرِّ بْنِ سُهَيْلٍ السُّلَمِيِّ،
وَكَانَ عَلَى الْأَعَاجِمِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَكَانَ إِذَا رَاحُوا إِلَى
مَسْجِدٍ نَظَرُوا إِلَيْهِ وَإِلَيْهِمْ قِيَامًا حَوْلَهُ فَعَجِبُوا لِنَعْتِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ فِيهِ وَفِيهِمْ. قَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ: أَقْسَمَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ أَقْسَمَ فِي
حَدِيثٍ مِثْلَهُ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنِ ابْنِ زُغْبٍ
الْإِيَادِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
«لَيُفْتَحَنَّ لَكُمُ الشَّامُ، ثُمَّ لَتَقْسِمُنَّ كُنُوزَ فَارِسَ وَالرُّومِ»
١٨٦١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ
يَسَارٍ، فِي قِصَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْيَمَامَةِ
قَالَ: فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه إِلَى خَالِدِ بْنِ
الْوَلِيدِ وَهُوَ بِالْيَمَامَةِ: مِنْ عَبْدِ اللهِ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ
رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالَّذِينَ مَعَهُ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ
فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا ⦗٣٠٣⦘ هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَأَعَزَّ وَلِيَّهُ وَأَذَلَّ عَدُوَّهُ وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ فَرْدًا، فَإِنَّ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ هُوَ قَالَ: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ﴾ [النور:
٥٥]- وَكَتَبَ
الْآيَةَ كُلَّهَا وَقَرَأَ الْآيَةَ - وَعْدًا مِنْهُ لَا خُلْفَ لَهُ،
وَمَقَالًا لَا رَيْبَ فِيهِ، وَفَرَضَ الْجِهَادَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦]- حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَاتِ -
فَاسْتَتِمُّوا بِوَعْدِ اللهِ إِيَّاكُمْ، وَأَطِيعُوهُ فِيمَا فَرَضَ
عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عَظُمَتْ فِيهِ الْمُؤْنَةُ، وَاسْتَبَدَّتِ الرَّزِيَّةُ،
وَبَعُدَتِ الْمَشَقَّةُ، وَفُجِعْتُمْ فِي ذَلِكَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ فَإِنَّ
ذَلِكَ يَسِيرٌ فِي عَظِيمِ ثَوَابِ اللهِ فَاغْزُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فِي سَبِيلِ
اللهِ ﴿خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ٤١] كَتَبَ الْآيَةَ، أَلَا وَقَدْ
أَمَرْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَا
يَبْرَحْهَا حَتَّى يَأْتِيَهُ أَمْرِي، فَسِيرُوا مَعَهُ وَلَا تَتَثَاقَلُوا
عَنْهُ، فَإِنَّهُ سَبِيلٌ يُعْظِمُ اللهُ فِيهِ الْأَجْرَ لِمَنْ حَسُنَتْ فِيهِ
نِيَّتُهُ وَعَظُمَتْ فِي الْخَيْرِ رَغْبَتُهُ، فَإِذَا وَقَعْتُمُ الْعِرَاقَ
فَكُونُوا بِهَا حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمْرِي، كَفَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ
مُهِمَّاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ
وَبَرَكَاتُهُ قَالَ الشَّيْخُ: ثُمَّ بَيَّنَ فِي التَّوَارِيخِ وُرُودَ
كِتَابِهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْرِ إِلَى الشَّامِ وَإِمْدَادِ مَنْ بِهَا مِنْ
أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ وَمَا كَانَ مِنَ الظَّفَرِ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَ
أَجْنَادِينَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، وَمَا كَانَ
مِنْ خُرُوجِ هِرَقْلَ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الرُّومِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْفُتُوحِ
بِهَا وَبِالْعِرَاقِ وَبِأَرْضِ فَارِسَ وَهَلَاكِ كِسْرَى وَحَمْلِ كُنُوزِهِ
إِلَى الْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
١٨٦١١ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣] قَالَ: خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما
السلام
١٨٦١٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا وَرْقَاءُ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:
﴿حَتَّى
تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ [محمد: ٤] يَعْنِي: حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
فَيُسْلِمَ كُلُّ يَهُودِيٍّ وَكُلُّ نَصْرَانِيٍّ وَكُلُّ صَاحِبِ مِلَّةٍ،
وَتَأْمَنَ الشَّاةُ الذِّئْبَ، وَلَا تَقْرِضَ فَأْرَةٌ جِرَابًا، وَتَذْهَبَ
الْعَدَاوَةُ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ
١٨٦١٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِسْفِرَايِينِيُّ بْنُ السَّقَّاءِ، أنبأ
⦗٣٠٤⦘ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، ثنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] قَالَ: إِذَا نَزَلَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا الْإِسْلَامُ، لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ
١٨٦١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الْأَدِيبُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي مُوسَى هُوَ ابْنُ
الْعَبَّاسِ الْجُوَيْنِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، ثنا
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ
ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ،
وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى
تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». ثُمَّ
يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء: ١٥٩]. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ يَعْقُوبَ
١٨٦١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو صَادِقٍ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا
حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ،
أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى
الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». قَالَ: «وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ
عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ لِتَكْرِمَةِ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ شُجَاعٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَجَّاجٍ
١٨٦١٦ - حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو
الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أنبأ أَبُو
الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ
هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ
مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ
حِينَ: ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ
كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]». ⦗٣٠٥⦘ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
١٨٦١٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ،
أنبأ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارُ،
ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ،
ثنا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ
ثَوْبَانَ رضي الله عنه، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عز وجل زَوَى
لِيَ الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَأَعْطَانِي
الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، فَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا
زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عز وجل أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ
بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ
فَيُهْلِكَهُمْ، وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ
بَعْضٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا أَعْطَيْتُ عَطَاءً فَلَا مَرَدَّ
لَهُ، إِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا يُهْلَكُوا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ،
وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ،
وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ
يُهْلِكُ بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَفْتِنُ بَعْضًا،
وَإِنَّهُ سَيَرْجِعُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي إِلَى الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ
الْأَوْثَانِ، وَإِنَّ مِنْ أَخْوَفِ مَا أَخَافُ الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ،
وَإِنَّهُ إِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِيهِمْ لَمْ يُرْفَعْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ دَجَّالُونَ
قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ، وَإِنِّي خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ لَا نَبِيَّ بَعْدِي،
وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً حَتَّى
يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ
حَرْبٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ
١٨٦١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَامِدِ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرٍ
الْقَاضِي، وَأَبُو صَادِقِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالُوا: ثنا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ،
أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ،
قَالَ: حَدَّثَنِي الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: "لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ
بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ،
إِمَّا بِعِزِّ عَزِيزٍ، وَإِمَّا بِذُلِّ ذَلِيلٍ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللهُ
فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهِ فَيَعِزُّوا بِهِ، وَإِمَّا يُذِلُّهُمْ
فَيَدِينُونَ لَهُ
١٨٦١٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
الْفَقِيهُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا عَبْدُ
الْقُدُّوسِ أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي سُلَيْمُ
بْنُ عَامِرٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، أنبأ عَبْدُ
اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، ثنا
صَفْوَانُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ الْكَلَاعِيِّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي
الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا
الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ
إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ يُعِزُّ بِهِ
الْإِسْلَامَ، أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ»
١٨٦٢٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
سِنَانٍ الْقَزَّازُ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ
بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى
تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ
أَنَّ اللهَ حِينَ أَنْزَلَ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣] أَنَّ ذَلِكَ تَامٌّ. قَالَ: إِنَّهُ
سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً
فَتَوَفَّى مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ،
فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ».
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ خَالدِّ بْنِ الْحَارِثِ وَأَبِي
بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه
الله: وَكَانَتْ
قُرَيْشٌ تَنْتَابُ الشَّامَ انْتِيَابًا كَثِيرًا، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ
مَعَاشِهَا مِنْهُ، وَتَأْتِي الْعِرَاقَ فَيُقَالُ: لَمَّا دَخَلَتْ فِي
الْإِسْلَامِ ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ خَوْفَهَا مِنَ انْقِطَاعِ مَعَاشِهَا
بِالتِّجَارَةِ مِنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ إِذَا فَارَقَتِ الْكُفْرَ وَدَخَلَتْ
فِي الْإِسْلَامِ خِلَافَ مُلْكِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ»، فَلَمْ
يَكُنْ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ كِسْرَى يَثْبُتُ لَهُ أَمْرٌ بَعْدَهُ، وَقَالَ:
«إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ»، فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ
الشَّامِ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَأَجَابَهُمْ عَلَى مَا قَالُوا لَهُ، وَكَانَ كَمَا
قَالَ لَهُمْ ﷺ، وَقَطَعَ اللهُ الْأَكَاسِرَةَ عَنِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ،
وَقَيْصَرَ وَمَنْ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ عَنِ الشَّامِ، وَقَالَ النَّبِيُّ
ﷺ فِي كِسْرَى: «مُزِّقَ مُلْكُهُ»، فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ،
وَقَالَ فِي قَيْصَرَ: ثُبِّتَ مُلْكُهُ "، فَثَبَتَ لَهُ مُلْكٌ بِبِلَادِ
الرُّومِ إِلَى الْيَوْمِ، وَتَنَحَّى مُلْكُهُ عَنِ الشَّامِ، وَكُلُّ هَذَا
مُتَّفِقٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
١٨٦٢١
- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ
الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ وَمَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ.
قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ
تَفْسِيرٌ آخَرُ
١٨٦٢٢ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ
سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣] قَالَ: يُظْهِرُ اللهُ نَبِيَّهُ ﷺ
عَلَى أَمْرِ الدِّينِ كُلِّهِ، فَيُعْطِيهِ إِيَّاهُ وَلَا يُخْفِي عَلَيْهِ
شَيْئًا مِنْهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ