بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاضِ
١ - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،
عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا
عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، فَرَحَّبَ
بِهِمَا وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ
أَنْفَعُكُمَا بِهِ لَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَالَ: بَلَى هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ
اللَّهِ، أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ،
فَأُسْلِفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ
تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَكُمَا، فَقَالَا: وَدِدْنَا ذَلِكَ،
فَفَعَلَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا
الْمَالَ، فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا، فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى
عُمَرَ قَالَ: «أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ، مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا»؟ قَالَا:
لَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ،
فَأَسْلَفَكُمَا، أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ»، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ
فَسَكَتَ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا لَوْ نَقَصَ هَذَا ⦗٦٨٨⦘ الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَدِّيَاهُ، فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ، وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا؟ فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا، فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ "
٢ - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ:
«أَعْطَاهُ مَالًا قِرَاضًا يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا»
بَابُ مَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ
٣
- قَالَ مَالِكٌ: «وَجْهُ الْقِرَاضِ
الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى
أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي
الْمَالِ، فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ،
بِقَدْرِ الْمَالِ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ، إِذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ
ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ،
وَلَا كِسْوَةَ» قَالَ مَالِكٌ: «وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعِينَ الْمُتَقَارِضَانِ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، إِذَا صَحَّ ذَلِكَ
مِنْهُمَا» قَالَ مَالِكٌ: «وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ
مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا يَشْتَرِي مِنَ السِّلَعِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ
صَحِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ» ⦗٦٨٩⦘ قَالَ مَالِكٌ: «فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ، وَإِلَى غُلَامٍ لَهُ مَالًا قِرَاضًا يَعْمَلَانِ فِيهِ جَمِيعًا، إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّ الرِّبْحَ مَالٌ لِغُلَامِهِ، لَا يَكُونُ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ»
بَابُ مَا لَا يَجُوزُ فِي
الْقِرَاضِ
٤ - قَالَ مَالِكٌ: «إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى
رَجُلٍ دَيْنٌ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا، إِنَّ ذَلِكَ
يُكْرَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ، ثُمَّ يُقَارِضُهُ بَعْدُ أَوْ يُمْسِكُ،
وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ بِمَالِهِ، فَهُوَ يُرِيدُ
أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ» قَالَ مَالِكٌ: «فِي رَجُلٍ
دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَهَلَكَ بَعْضُهُ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ
فِيهِ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ
بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي هَلَكَ مِنْهُ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ،
قَالَ مَالِكٌ: «لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ
رِبْحِهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى
شَرْطِهِمَا، مِنَ الْقِرَاضِ» قالَ مَالِكٌ:»لَا يَصْلُحُ الْقِرَاضُ إِلَّا فِي
الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ، وَلَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنَ
الْعُرُوضِ، وَالسِّلَعِ، وَمِنَ الْبُيُوعِ مَا يَجُوزُ إِذَا تَفَاوَتَ
أَمْرُهُ، وَتَفَاحَشَ رَدُّهُ، فَأَمَّا الرِّبَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ
إِلَّا الرَّدُّ أَبَدًا، وَلَا يَجُوزُ مِنْهُ قَلِيلٌ، وَلَا كَثِيرٌ، وَلَا
يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ فِي
كِتَابِهِ ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ، لَا تَظْلِمُونَ،
وَلَا تُظْلَمُونَ﴾
بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ
فِي الْقِرَاضِ
٥ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ
إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَشْتَرِيَ بِمَالِي
إِلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا أَوْ يَنْهَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً
بِاسْمِهَا، قَالَ مَالِكٌ: «مَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لَا
يَشْتَرِيَ حَيَوَانًا أَوْ سِلْعَةً بِاسْمِهَا، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَمَنِ
اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا،
فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ
لَا يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا كَثِيرَةً مَوْجُودَةً لَا تُخْلِفُ فِي شِتَاءٍ وَلَا
صَيْفٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ» قَالَ مَالِكٌ: «فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ
مَالًا قِرَاضًا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا
دُونَ صَاحِبِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا،
إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ، وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ أَوْ
ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِذَا سَمَّى
شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَمَّى مِنْ
ذَلِكَ حَلَالٌ وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: وَلَكِنْ إِنِ اشْتَرَطَ
أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَمَا فَوْقَهُ خَالِصًا لَهُ دُونَ
صَاحِبِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ
لَا يَصْلُحُ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ»
بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ
الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ
٦ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَنْبَغِي
لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا.
دُونَ الْعَامِلِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ
شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا. دُونَ صَاحِبِهِ. وَلَا يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ
بَيْعٌ، وَلَا كِرَاءٌ، وَلَا عَمَلٌ، وَلَا سَلَفٌ، وَلَا مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ
أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ. إِلَّا أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا
صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ. عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ. إِذَا صَحَّ ذَلِكَ
مِنْهُمَا. وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا
عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً، مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا طَعَامٍ، وَلَا
شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ. يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. قَالَ:
فَإِنْ دَخَلَ الْقِرَاضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، صَارَ إِجَارَةً، وَلَا تَصْلُحُ
الْإِجَارَةُ إِلَّا بِشَيْءٍ ثَابِتٍ مَعْلُومٍ، وَلَا يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ
الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ، مَعَ أَخْذِهِ الْمَالَ، أَنْ يُكَافِئَ. وَلَا
يُوَلِّيَ مِنْ سِلْعَتِهِ أَحَدًا، وَلَا يَتَوَلَّى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ،
فَإِذَا وَفَرَ الْمَالُ. وَحَصَلَ عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ اقْتَسَمَا
الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ رِبْحٌ. أَوْ
دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ. لَمْ يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. لَا مِمَّا
أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ. وَلَا مِنَ الْوَضِيعَةِ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ
فِي مَالِهِ، وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ،
وَالْعَامِلُ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ أَقَلَّ
مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ» قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَجُوزُ لِلَّذِي يَأْخُذُ
الْمَالَ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ لَا يُنْزَعُ
مِنْهُ». قَالَ: «وَلَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّكَ لَا
تَرُدُّهُ إِلَيَّ سِنِينَ، لِأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ. لِأَنَّ ⦗٦٩٢⦘ الْقِرَاضَ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ. وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ. وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا، تَرَكَهُ. وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ، وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ، بَعْدَ
أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً. فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ،
وَيَصِيرَ عَيْنًا، فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ، وَهُوَ عَرْضٌ، لَمْ
يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ. حَتَّى يَبِيعَهُ، فَيَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ» قَالَ
مَالِكٌ: «وَلَا يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، أَنْ
يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَاصَّةً، لِأَنَّ
رَبَّ الْمَالِ، إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ، فَقَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ، فَضْلًا
مِنَ الرِّبْحِ ثَابِتًا. فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ. الَّتِي
تُصِيبُهُ مِنْ حِصَّتِهِ. وَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ
قَارَضَهُ، أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا مِنْ فُلَانٍ. لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ.
فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِأَجْرٍ لَيْسَ
بِمَعْرُوفٍ» قَالَ مَالِكٌ: «فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالًا
قِرَاضًا. وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ الضَّمَانَ،
قَالَ: لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي مَالِهِ غَيْرَ مَا
وُضِعَ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ، وَمَا مَضَى مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ،
فَإِنْ نَمَا الْمَالُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ. كَانَ قَدِ ازْدَادَ فِي حَقِّهِ
مِنَ الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَوْضِعِ الضَّمَانِ. وَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِ
الرِّبْحَ عَلَى مَا لَوْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ ضَمَانٍ. وَإِنْ تَلِفَ
الْمَالُ لَمْ أَرَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ ضَمَانًا، لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ
فِي الْقِرَاضِ بَاطِلٌ» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا
قِرَاضًا. وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبْتَاعَ بِهِ إِلَّا نَخْلًا⦗٦٩٣⦘ أَوْ دَوَابَّ. لِأَجْلِ أَنَّهُ يَطْلُبُ ثَمَرَ النَّخْلِ أَوْ نَسْلَ الدَّوَابِّ. وَيَحْبِسُ رِقَابَهَا، قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاضِ. إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ. ثُمَّ يَبِيعَهُ كَمَا يُبَاعُ غَيْرُهُ مِنَ السِّلَعِ» قَالَ مَالِكٌ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلَامًا يُعِينُهُ بِهِ. عَلَى أَنْ يَقُومَ مَعَهُ الْغُلَامُ فِي الْمَالِ. إِذَا لَمْ يَعْدُ أَنْ يُعِينَهُ فِي الْمَالِ. لَا يُعِينُهُ فِي
غَيْرِهِ»
بَابُ الْقِرَاضِ فِي الْعُرُوضِ
٧ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَنْبَغِي
لِأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا إِلَّا فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا تَنْبَغِي
الْمُقَارَضَةُ فِي الْعُرُوضِ، لِأَنَّ الْمُقَارَضَةَ فِي الْعُرُوضِ إِنَّمَا
تَكُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُ الْعَرْضِ،
خُذْ هَذَا الْعَرْضَ فَبِعْهُ. فَمَا خَرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاشْتَرِ بِهِ.
وَبِعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ. فَقَدِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْمَالِ فَضْلًا
لِنَفْسِهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ، وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ مَئُونَتِهَا أَوْ
يَقُولَ: اشْتَرِ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَبِعْ. فَإِذَا فَرَغْتَ فَابْتَعْ لِي
مِثْلَ عَرْضِي الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ. فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنِي
وَبَيْنَكَ. وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْعَرْضِ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى الْعَامِلِ فِي
زَمَنٍ هُوَ فِيهِ نَافِقٌ. كَثِيرُ الثَّمَنِ. ثُمَّ يَرُدَّهُ الْعَامِلُ حِينَ
يَرُدُّهُ وَقَدْ رَخُصَ. فَيَشْتَرِيَهُ بِثُلُثِ ثَمَنِهِ. أَوْ أَقَلَّ مِنْ
ذَلِكَ. فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ
الْعَرْضِ. فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ. أَوْ يَأْخُذَ الْعَرْضَ فِي زَمَانٍ
ثَمَنُهُ فِيهِ قَلِيلٌ. فَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ.
ثُمَّ يَغْلُو ⦗٦٩٤⦘ ذَلِكَ الْعَرْضُ وَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ حِينَ يَرُدُّهُ. فَيَشْتَرِيهِ بِكُلِّ مَا فِي يَدَيْهِ. فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ وَعِلَاجُهُ بَاطِلًا، فَهَذَا غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ. فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ. حَتَّى يَمْضِيَ نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْقِرَاضُ، فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ، وَعِلَاجِهِ فَيُعْطَاهُ. ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا مِنْ يَوْمَ نَضَّ الْمَالُ. وَاجْتَمَعَ عَيْنًا. وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ»
بَابُ الْكِرَاءِ فِي الْقِرَاضِ
٨ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: «فِي رَجُلٍ
دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا. فَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا. فَحَمَلَهُ إِلَى
بَلَدِ التِّجَارَةِ. فَبَارَ عَلَيْهِ. وَخَافَ النُّقْصَانَ إِنْ بَاعَهُ.
فَتَكَارَى عَلَيْهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ. فَبَاعَ بِنُقْصَانٍ، فَاغْتَرَقَ
الْكِرَاءُ أَصْلَ الْمَالِ كُلَّهُ» قَالَ مَالِكٌ: «إِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَ
وَفَاءٌ لِلْكِرَاءِ، فَسَبِيلُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ،
بَعْدَ أَصْلِ الْمَالِ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ. وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ
الْمَالِ مِنْهُ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِنَّمَا
أَمَرَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالِهِ. فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَتْبَعَهُ
بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُتْبَعُ بِهِ رَبُّ
الْمَالِ، لَكَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ. مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي
قَارَضَهُ فِيهِ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ
الْمَالِ»
بَابُ التَّعَدِّي فِي الْقِرَاضِ
٩ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ
إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا. فَعَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ
رِبْحِ الْمَالِ أَوْ مِنْ جُمْلَتِهِ جَارِيَةً. فَوَطِئَهَا. فَحَمَلَتْ مِنْهُ.
ثُمَّ نَقَصَ الْمَالُ، قَالَ مَالِكٌ: «إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، أُخِذَتْ قِيمَةُ
الْجَارِيَةِ مِنْ مَالِهِ. فَيُجْبَرُ بِهِ الْمَالُ. فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ بَعْدَ
وَفَاءِ الْمَالِ. فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ، بِيعَتِ الْجَارِيَةُ حَتَّى يُجْبَرَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِهَا»
قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَتَعَدَّى،
فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً، وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ مَالِكٌ:
«صَاحِبُ الْمَالِ بِالْخِيَارِ. إِنْ بِيعَتِ السِّلْعَةُ بِرِبْحٍ أَوْ
وَضِيعَةٍ، أَوْ لَمْ تُبَعْ. إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ، أَخَذَهَا
وَقَضَاهُ مَا أَسْلَفَهُ فِيهَا. وَإِنْ أَبَى كَانَ الْمُقَارَضُ شَرِيكًا لَهُ
بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ فِي النَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ. بِحِسَابِ مَا زَادَ
الْعَامِلُ فِيهَا مِنْ عِنْدِهِ» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ
مَالًا قِرَاضًا. ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ. فَعَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا
بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ: إِنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ. إِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ
النُّقْصَانُ. وَإِنْ رَبِحَ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ شَرْطُهُ مِنَ الرِّبْحِ. ثُمَّ
يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ، بِمَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ «قَالَ مَالِكٌ:
فِي رَجُلٍ تَعَدَّى فَتَسَلَّفَ مِمَّا بِيَدَيْهِ مِنَ الْقِرَاضِ مَالًا.
فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ، قَالَ مَالِكٌ: «إِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ
عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ، وَإِنْ نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ» ⦗٦٩٦⦘ قَالَ مَالِكٌ:»فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ الْمَالُ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ إِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ شَرِكَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِهَا وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى
بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ النَّفَقَةِ
فِي الْقِرَاضِ
١٠ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَالُ
كَثِيرًا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ، فَإِذَا شَخَصَ فِيهِ الْعَامِلُ، فَإِنَّ لَهُ
أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَيَكْتَسِيَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ قَدْرِ الْمَالِ.
وَيَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ بَعْضَ
مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مَئُونَتِهِ. وَمِنَ الْأَعْمَالِ أَعْمَالٌ لَا
يَعْمَلُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ. وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلُهَا. مِنْ
ذَلِكَ تَقَاضِي الدَّيْنِ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ، وَشَدُّهُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ،
فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ. وَلَيْسَ
لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنَ الْمَالِ. وَلَا يَكْتَسِيَ مِنْهُ. مَا
كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ النَّفَقَةُ إِذَا شَخَصَ فِي
الْمَالِ. وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةَ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَّجِرُ
فِي الْمَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُقِيمٌ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنَ
الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ " قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ
مَالًا قِرَاضًا. فَخَرَجَ بِهِ وَبِمَالِ نَفْسِهِ. قَالَ: «يَجْعَلُ النَّفَقَةَ
مِنَ الْقِرَاضِ، وَمِنْ مَالِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِ الْمَالِ»
بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ
النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ
١١ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي
رَجُلٍ مَعَهُ مَالٌ قِرَاضٌ فَهُوَ يَسْتَنْفِقُ مِنْهُ، وَيَكْتَسِي إِنَّهُ لَا
يَهَبُ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يُعْطِي مِنْهُ سَائِلًا، وَلَا غَيْرَهُ، وَلَا
يُكَافِئُ فِيهِ أَحَدًا، فَأَمَّا إِنِ اجْتَمَعَ هُوَ وَقَوْمٌ فَجَاءُوا
بِطَعَامٍ، وَجَاءَ هُوَ بِطَعَامٍ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا،
إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ،
أَوْ مَا يُشْبِهُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ، فَعَلَيْهِ أَنْ
يَتَحَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ حَلَّلَهُ ذَلِكَ. فَلَا بَأْسَ
بِهِ. وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِ
ذَلِكَ. إِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ "
بَابُ الدَّيْنِ فِي الْقِرَاضِ
١٢ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ:
«الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ
مَالًا قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً. ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدَيْنٍ.
فَرَبِحَ فِي الْمَالِ. ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ. قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ
الْمَالَ». قَالَ: «إِنْ أَرَادَ وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ الْمَالَ،
وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ مِنَ الرِّبْحِ، فَذَلِكَ لَهُمْ. إِذَا كَانُوا
أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ كَرِهُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ، وَخَلَّوْا بَيْنَ
صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ، لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ. وَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِمْ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ. إِذَا أَسْلَمُوهُ إِلَى رَبِّ الْمَالِ. فَإِنِ
اقْتَضَوْهُ. فَلَهُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ وَالنَّفَقَةِ، مِثْلُ مَا كَانَ
لِأَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ، ⦗٦٩٨⦘ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ. فَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمَالَ. فَإِذَا اقْتَضَى جَمِيعَ الْمَالِ. وَجَمِيعَ الرِّبْحِ. كَانُوا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا
قِرَاضًا عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ، فَمَا بَاعَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ
ضَامِنٌ لَهُ، إِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إِنْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَقَدْ ضَمِنَهُ
"
بَابُ الْبِضَاعَةِ فِي الْقِرَاضِ
١٣ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا. وَاسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ
سَلَفًا. أَوِ اسْتَسْلَفَ مِنْهُ صَاحِبُ الْمَالِ سَلَفًا. أَوْ أَبْضَعَ مَعَهُ
صَاحِبُ الْمَالِ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا لَهُ، أَوْ بِدَنَانِيرَ يَشْتَرِي لَهُ
بِهَا سِلْعَةً، قَالَ مَالِكٌ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ إِنَّمَا أَبْضَعَ
مَعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ
سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَلَهُ، لِإِخَاءٍ بَيْنَهُمَا. أَوْ لِيَسَارَةِ
مَئُونَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْزِعْ مَالَهُ
مِنْهُ. أَوْ كَانَ الْعَامِلُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ. أَوْ
حَمَلَ لَهُ بِضَاعَتَهُ. وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ
مَالُهُ فَعَلَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْدُدْ
عَلَيْهِ مَالَهُ. فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَانَ ذَلِكَ
مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي أَصْلِ
الْقِرَاضِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ. وَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ شَرْطٌ. أوْ
خِيفَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْعَامِلُ لِصَاحِبِ الْمَالِ،
لِيُقِرَّ مَالَهُ فِي يَدَيْهِ. أَوْ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ،
لِأَنْ يُمْسِكَ الْعَامِلُ مَالَهُ، وَلَا يَرُدَّهُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ ذَلِكَ
لَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ. وَهُوَ مِمَّا يَنْهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ»
بَابُ السَّلَفِ فِي الْقِرَاضِ
١٤ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي
رَجُلٍ أَسْلَفَ رَجُلًا مَالًا، ثُمَّ سَأَلَهُ الَّذِي تَسَلَّفَ الْمَالَ أَنْ
يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا قَالَ مَالِكٌ: «لَا أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ
مَالَهُ مِنْهُ، ثُمَّ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ قِرَاضًا إِنْ شَاءَ أَوْ يُمْسِكَهُ»
قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا. فَأَخْبَرَهُ
أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ. وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَيْهِ سَلَفًا.
قَالَ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ. حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ مَالَهُ، ثُمَّ يُسَلِّفَهُ
إِيَّاهُ إِنْ شَاءَ، أَوْ يُمْسِكَهُ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ
قَدْ نَقَصَ فِيهِ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ. عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ
فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْهُ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصْلُحُ
"
بَابُ الْمُحَاسَبَةِ فِي الْقِرَاضِ
١٥ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا. فَعَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ. فَأَرَادَ
أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ. وَصَاحِبُ الْمَالِ غَائِبٌ. قَالَ: «لَا
يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ،
وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ، حَتَّى يُحْسَبَ مَعَ الْمَالِ إِذَا
اقْتَسَمَاهُ» قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَجُوزُ لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ
يَتَحَاسَبَا، وَيَتَفَاصَلَا وَالْمَالُ غَائِبٌ عَنْهُمَا، حَتَّى يَحْضُرَ
الْمَالُ فَيَسْتَوْفِي صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ
الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا.
فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً. وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. فَطَلَبَهُ ⦗٧٠٠⦘ غُرَمَاؤُهُ، فَأَدْرَكُوهُ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْ صَاحِبِ الْمَالِ. وَفِي يَدَيْهِ عَرْضٌ مُرَبَّحٌ بَيِّنٌ فَضْلُهُ. فَأَرَادُوا أَنْ يُبَاعَ لَهُمُ الْعَرْضُ فَيَأْخُذُوا حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ، قَالَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ رِبْحِ الْقِرَاضِ شَيْءٌ حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُ الْمَالِ فَيَأْخُذَ مَالَهُ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا
«قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا. فَتَجَرَ فِيهِ
فَرَبِحَ. ثُمَّ عَزَلَ رَأْسَ الْمَالِ، وَقَسَمَ الرِّبْحَ. فَأَخَذَ حِصَّتَهُ،
وَطَرَحَ حِصَّةَ صَاحِبِ الْمَالِ فِي الْمَالِ. بِحَضْرَةِ شُهَدَاءَ
أَشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ إِلَّا
بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ شَيْئًا رَدَّهُ حَتَّى
يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ
بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ
مَالًا قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ، فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ حِصَّتُكَ مِنَ
الرِّبْحِ، وَقَدْ أَخَذْتُ لِنَفْسِي مِثْلَهُ، وَرَأْسُ مَالِكَ وَافِرٌ
عِنْدِي، قَالَ مَالِكٌ: «لَا أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ كُلُّهُ،
فَيُحَاسِبَهُ حَتَّى يَحْصُلَ رَأْسُ الْمَالِ. وَيَعْلَمَ أَنَّهُ وَافِرٌ.
وَيَصِلَ إِلَيْهِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يَرُدُّ
إِلَيْهِ الْمَالَ إِنْ شَاءَ، أَوْ يَحْبِسُهُ. وَإِنَّمَا يَجِبُ حُضُورُ الْمَالِ،
مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ قَدْ نَقَصَ فِيهِ. فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ لَا
يُنْزَعَ مِنْهُ وَأَنْ يُقِرَّهُ فِي يَدِهِ»
بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي
الْقِرَاضِ
١٦ - قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فِي
رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً، فَقَالَ
لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ: بِعْهَا، وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ: لَا أَرَى
وَجْهَ بَيْعٍ، فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، قَالَ: «لَا يُنْظَرُ إِلَى قَوْلِ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ
بِتِلْكَ السِّلْعَةِ، ⦗٧٠١⦘ فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ انْتِظَارٍ انْتُظِرَ بِهَا» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ
صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ، فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ، فَلَمَّا آخَذَهُ
بِهِ، قَالَ: قَدْ هَلَكَ عِنْدِي مِنْهُ كَذَا وَكَذَا لِمَالٍ يُسَمِّيهِ،
وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ لِكَيْ تَتْرُكَهُ عِنْدِي، قَالَ: لَا يَنْتَفِعُ
بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ، وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ
عَلَى نَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ فِي هَلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ
يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ أُخِذَ
بِإِقْرَارِهِ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ «قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا
لَوْ قَالَ: رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ:
أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ، فَقَالَ: مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئًا؟
وَمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلَّا لِأَنْ تُقِرَّهُ فِي يَدِي، فَذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ،
وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ
قَوْلُهُ وَصِدْقُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ
إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَرَبِحَ فِيهِ رِبْحًا، فَقَالَ الْعَامِلُ:
قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لِي الثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ:
قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ الثُّلُثَ، قَالَ مَالِكٌ: «الْقَوْلُ قَوْلُ
الْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، الْيَمِينُ. إِذَا كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ
قِرَاضَ مِثْلِهِ. وَكَانَ ذَلِكَ نَحْوًا مِمَّا يَتَقَارَضُ عَلَيْهِ النَّاسُ.
وَإِنْ جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ، لَيْسَ عَلَى مِثْلِهِ يَتَقَارَضُ النَّاسُ،
لَمْ يُصَدَّقْ وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ» قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ
أَعْطَى رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً. ثُمَّ
ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إِلَى رَبِّ السِّلْعَةِ الْمِائَةَ دِينَارٍ. فَوَجَدَهَا قَدْ
سُرِقَتْ. فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: بِعِ السِّلْعَةَ. فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ
كَانَ لِي، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْكَ. لِأَنَّكَ أَنْتَ
ضَيَّعْتَ. وَقَالَ الْمُقَارَضُ:⦗٧٠٢⦘ بَلْ عَلَيْكَ وَفَاءُ حَقِّ هَذَا، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِكَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، قَالَ مَالِكٌ: «يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إِلَى الْبَائِعِ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْقِرَاضِ: إِنْ شِئْتَ فَأَدِّ الْمِائَةَ
الدِّينَارِ إِلَى الْمُقَارَضِ، وَالسِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا. وَتَكُونُ قِرَاضًا
عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الْأُولَى. وَإِنْ شِئْتَ فَابْرَأْ مِنَ
السِّلْعَةِ، فَإِنْ دَفَعَ الْمِائَةَ دِينَارٍ إِلَى الْعَامِلِ كَانَتْ
قِرَاضًا عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ أَبَى كَانَتِ السِّلْعَةُ
لِلْعَامِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا» قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمُتَقَارِضَيْنِ
إِذَا تَفَاصَلَا فَبَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَعْمَلُ
فِيهِ خَلَقُ الْقِرْبَةِ أَوْ خَلَقُ الثَّوْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. قَالَ
مَالِكٌ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَافِهًا، لَا خَطْبَ لَهُ، فَهُوَ
لِلْعَامِلِ. وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَفْتَى بِرَدِّ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا
يُرَدُّ، مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ ثَمَنٌ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ
اسْمٌ مِثْلُ الدَّابَّةِ أَوِ الْجَمَلِ أَوِ الشَّاذَكُونَةِ. أَوْ أَشْبَاهِ
ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ. فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ
هَذَا. إِلَّا أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ مِنْ ذَلِكَ "