١ - باب التحريض على النكاح
٢٠٤٦
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، قال:
إني لأمشي مَعَ عبد الله بنِ مسعود
بمنى إذ لَقِيَه عثمان فاستخلاهُ، فلما رأى عبدُ الله أن ليست له حاجة قال لي:
تعالَ يا علقمة، فجئتُ.
فقال له عثمانُ: ألا نُزَوِّجُكَ يا
أبا عبدَ الرحمن جاريةً بكرًا، لعلَّهُ يَرجع إليك مِن نَفْسِكَ ما كنتَ تعهدُ؟
فقال عبدُ الله: لَئِنْ قلت ذاك، لقد سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ: «مَنِ
اسْتَطَاعَ منكم الباءَةَ، فليتزوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ لِلفرجِ، ومن لم
يستطِعْ منكم، فعليه بالصَّومِ، فإنه له وِجَاءٌ» (١).
(١) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن
قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة:
هو ابن قيس النخعي.
وأخرجه البخاري (١٩٠٥) و(٥٠٦٥)،
ومسلم (١٤٠٠)، وابن ماجه (١٨٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٢٥٦٠) و(٢٥٦١) و(٥٢٩٧)
و(٥٢٩٨) و(٥٢٩٩) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقرن في رواية النسائي (٥٢٩٨) مع
علقمة الأسود بن يزيد.
وأخرجه النسائي (٢٥٦٣) و(٥٢٩٦) من
طريق أبي معشر زياد بن كليب، عن إبراهيم النخعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٥٩٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٢٦).
وأخرجه البخاري (٥٠٦٦)، ومسلم
(١٤٠٠)، والترمذي (١١٠٥) و(١١٠٦)، والنسائي في «الكبرى» (٢٥٥٩) و(٢٥٦٢) و(٥٣٠٠)
و(٥٣٠١) من طرق عن الأعمش، عن عمارة بن عمير التيمي، عن عبد الرحمن بن يزيد
النخعي، عن عبد الله بن مسعود، به. =
٢ - باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين
٢٠٤٧
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -
يعني ابن سعيد - حدَثني عُبيدُ الله، حدَثني سعيدُ بنُ أبي سعيد، عن أبيه
عن أبي هريرة، عن النبيَّ ﷺ قال:
«تُنكحُ النساءُ لأربعٍ: لِمالِها، ولحسبها، ولجمالِها، ولدينها، فاظْفَز بذاتِ
الذينِ تَرِبَتْ يداك» (١).
= وهو في «مسند أحمد» (٤٠٢٣).
قال ابن حبان بعد أن أورد الخبر:
الأمر بالتزويج في هذا الخبر، وسببه استطاعة الباءة، وعلته غض البصر، وتحصين
الفرج، والأمر الثاني: هو الصوم عند عدم السبب وهو الباءة، والعلة الأخرى هو قطع
الشهوة.
وقال البغوي في «شرح السنة» ٩/ ٤:
والباءة كناية عن النكاح، ويقال للجماع أيضًا: الباءة، وأصلها المكان الذي يأوي
إليه الإنسان، ومنه اشتق مباءة الغنم وهي الموضع التي تأوي إليه بالليل، سمي
النكاح بها، لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا.
والوِجاء: رضُّ الأنثيين، والخصاء:
نزعهما، ومعناه أنه يقطع النكاح، فإن الموجوء لا يضرب.
وقال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١١٠: وقد
قسم العلماء الرجل في التزويج إلى أقسام: الأول التائق إليه، القادر على مؤنه،
الخائف على نفسه، فهذا يندب له النكاح عند الجميع، وزاد الحنابلة في رواية
(المغني«٩/ ٣٤١): أنه يجب، وبذلك قال أبو عوانة الإسفراييني من الشافعية، وصرح به
في»صحيحه«، ونقله المصيصي في»شرح مختصر الجويني" وجهًا، وهو قول داود الظاهري
وأتباعه ...
وقال المازري: الذي نطق به مذهب مالك
أنه مندوب، وقد يجب عندنا في حق من لا ينكف عن الزنى إلا به.
وقال القرطبي: المستطيع الذي يخاف
الضرر على نفسه ودينه من العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج لا يختلف في
وجوب التزويج عليه.
(١)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبيد الله: هو ابن عمر العدوي، وسعيد
بن أبي سيد: هو المقبري. =
٣ - باب في تزويج الأبكار
٢٠٤٨
- حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا أبو
معاويةَ، أخبرنا الأعمشُ، عن سالم بنِ أبي الجَعد
عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال لي
رسولُ الله ﷺ: «أتزوجْتَ؟» قلتُ: نعم، قال: «أبِكرًا أم ثيِّباَ؟» (١) فقلتُ:
ثيبًا، قال: «أفلا بِكْرًا تُلاعِبُها وتُلاعِبُك؟» (٢).
= وأخرجه البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم
(١٤٦٦)، وابن ماجه (١٨٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣١٨) من طرق عن يحيى بن سعيد
القطان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٢١)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٣٦).
قال الخطابي: فيه من الفقه مراعاة
الكفاءة في المناكح، وأن الدين أولى ما اعتبر فيها، وقوله: «تربت يداك»: كلمة
معناها الحث والتحريض، وأصل ذلك في الدعاء على الإنسان، يقال: تَرِبَ الرجل، أي:
افتقر، وأترب: إذا أثرى وأيسر، والعرب تُطلق ذلك في كلامها، ولا يقصد بها وقوع
الأمر.
وقال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٣٢: وقد
جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك ونقل عن ابن عمر وابن مسعود ومن التابعين
عن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز، واعتبر الكفاءة في النسب الجمهور ... وقال
الثوري: إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح، وبه قال أحمد في رواية، وتوسط
الشافعي، فقال: ليس نكاح غير الأكفاء حرامًا، فَأَرُدَّ به النكاح، وإنما هو تقصير
بالمرأة والأولياء، فإذا رضوا صح، ويكون حقًا لهم تركوه، فلو رضوا إلا واحدًا فله
فسخه، وذكر أن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تضيع المرأة نفسها في غير
كفءٍ.
(١)
جاء في (أ) و(ب) و(ج): «بكرٌ أم ثيّبٌ» بالرفع، والمثبت من (هـ)، وهو الموافق لما
في «مسند أحمد».
(٢)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والاعمش: هو سليمان بن مهران.
=
٢٠٤٩ - قال أبو داود: كَتَبَ إليَّ حُسينُ
بنُ حريث المروزيُّ، حدَّثنا الفضلُ ابنُ موسى، عن الحسين بنِ واقد، عن عُمارةَ
بنِ أبي حفصة، عن عِكْرِمَة
= وأخرجه مختصرًا ومطولًا البخاري
(٢٠٩٧)، ومسلم بإثر (١٤٦٦) من طريق وهب بن كيسان، والبخاري (٢٣٠٩)، ومسلم بإثر
(١٤٦٦)، وابن ماجه (١٨٦٠)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٠٩) و(٥٣١٧) من طريق عطاء بن
أبي رباح، والبخاري (٢٩٦٧) و(٥٠٧٩) و(٥٢٤٥) و(٥٢٤٧)، ومسلم بإثر (١٤٦٦) من طريق
الشعبي عامر بن شراحيل، والبخاري (٤٠٥٢) و(٥٣٦٧) و(٦٣٨٧)، ومسلم بإثر (١٤٦٦)،
والترمذي (١١٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٠٨) و(٨٨٨٨) من طريق عمرو بن دينار،
والبخاري (٥٠٨٠)، ومسلم بإثر (١٤٦٦) من طريق محارب بن دثار السدوسي، ومسلم بإثر
(١٤٦٦) من طريق أبي نضرة، ستتهم عن جابر بن عبد الله، به.
وفي رواية البخاري ومسلم زيادة: قال
جابر: فقلت له: إن عبد الله هلك وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت
امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال: «بارك الله لك، أو: خيرًا».
وهو في «مسند أحمد» (١٤١٣٢)،
و(١٤٢٣٧)، و«صحيح ابن حبان» (٢٧١٧) و(٦٥١٧).
وفي الحديث الحث على نكاح البكر، وفي
«سنن ابن ماجه» (١٨٦١): «عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواهًا، وأنتق أرحامًا،
وأرضى باليسير» وفيه فضيلة لجابر لشفقته على أخواته، وإيثاره مصلحتهن على حظ نفسه،
ويؤخذ منه أنه إذا تزاحمت مصلحتان قدم أهمهما، لأن النبي ﷺ صوب فعل جابر ودعا له
لأجل ذلك.
ويؤخذ منه الدعاء لمن فعل خيرًا وإن
لم يتعلق بالداعي.
وفيه سؤال الإمام أصحابه عن أمورهم،
وتفقد أحوالهم، وإرشاده إلى مصالحهم، وتنبيههم على وجه المصلحة ولو كان في باب
النكاح وفيما يُستحيا من ذكره.
وفيه مشروعية خدمة المرأة زوجها ومن
كان منه بسبيل من ولد وأخ وعائلة، وأنه لا حرج على الرجل في قصده ذلك من امرأته
وإن كان ذلك لا يجب عيها، لكن يؤخذ
منه أن العادة جارية بذلك، فلذلك لم
ينكره النبي ﷺ. «فتح الباري» ٩/ ١٢٣.
عن ابنِ عباسٍ قال: جاء رَجُل إلى
النبيَّ ﷺ فقال: إن امرأتي لا تَمْنَعُ يَدَ لا مسٍ، قال: «غَرِّبْها» قال: أخافُ
أن تَتْبَعَها نفسِي، قال: «فاستمْتِع بها» (١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الحسين
بن واقد، فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٦٢٩)
من طريق الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٣٢٠)
و(٥٣٢١) و(٥٦٣٠) من طريق عبد الله ابن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، به. وقال:
«طلقها» بدلًا من «غربها»، وقال: «فأمسكها» بدلًا من «فاستمتع بها».
رجاله ثقات، لكن تفرد به بهذا
الإسناد الحسين بن واقد، وعنه الفضل بن موسى، فيما قاله الدارقطني، حكاه عنه ابن
طاهر المقدسي في «أطراف الغرائب» ٣/ ٣٤٨ (٢٥٦٠)، قلنا: ولا يحتمل تفرد مثله بهذا
الإسناد. لكن رواه أيضًا عبد الله ابن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، إلا أنه اختلف
عنه، فقد رواه عنه ابنُ جريج، مرسلًا، دون ذكر ابن عباس. ورواه عنه أيضًا هارون بن
رئاب، واختلف عنه كذلك، فقد رواه النضر بن شميل وأبو داود الطيالسي عن حماد بن
سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس. وخالفهما
يزيد بن هارون وعفان بن مسلم، فروياه عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد
الله بن عُبيد بن عُمير، مرسلًا، وكذلك رواه حماد بن زيد وسفيان بن عيينة، ومعمر
بن راشد، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير مرسلًا، ورواه عبد
الكريم بن أبي المخارق عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، موصولًا. وعبد
الكريم ضعيف لا تقوم به حجة.
قلنا: فالأكثرون إذًا قد رووه عن عبد
الله بن عُبيد بن عمير مرسلًا. ولهذا صحح يحيي بن سعيد القطان والنسائي وغيرهما
القولَ بإرساله. ووافق ابن كثير في «تفسيره» النسائيَّ على القول بإرساله من طريق
عبد الله بن عُبيد بن عمير.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى ردَّ هذا
الحديث جملة، فقد نقل ابن كثير عن
الإمام أحمد قوله: هو حديث منكر،
وقال أبو بكر بن العربي فيما نقله عنه مرعي بن يوسف الكرمي في «أقاويل الثقات» ص
١٨٩: هذا حديث لم يثبت، وذكره ابن الجوزي =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . .
= في «الموضوعات»، وقال ابن تيمية في
«مجموع الفتاوى» ٣٢/ ١١٦: ضعفه أحمد
وغيره، فلا تقوم به حجة في معارضة
الكتاب والسنة.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم في
«الناسخ والمنسوخ» (١٩٠): ليس يثبت عن النبي ﷺ إنما يحدثه هارون بن رئاب عن عبد
الله بن عُبيد (وتحرف في المطبوع إلى: عتبة) ويحدثه عبد الكريم الجزري، عن أبي
الزبير، كلاهما يرسله.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٦٢٩)
عن الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٥٣٢٠) و(٥٦٣٠) من
طريق النضر بن شميل، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (١٤٥)، والخطيب البغدادي
في«الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (١٩٠٣) من طريق أبي داود الطالسي، كلاهما
عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، عن ابن عباس.
وأخرجه النسائي (٥٣٢١) من طريق يزيد
بن هارون، والرامهرمزي (١٤٥)، والخطيب في«الجامع» (١٩٠٣) من طريق عفان بن مسلم،
كلاهما عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، مرسلًا.
وأخرجه الشافعي في «الأم» ٥/ ١٢ عن
سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق (١٢٣٦٥) عن معمر بن راشد، كلاهما عن هارون بن رئاب،
عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، مرسلًا. قال يحيى القطان فيما نقله عنه الخطيب في
«الجامع» (١٩٠٣): وقال حماد ابن زيد: عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد،
مرسل.
وأخرجه الخطيب (١٩٠٣) من طريق يحيى
بن سعيد القطان، قال: حدثني ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عبيد مرسلًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ١٨٣ - ١٨٤،
والنسائي في «الكبرى» (٥٣٢١) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن عبد
الكريم بن أبي المخارق، عن عبد الله ابن عُبيد بن عمير، عن ابن عباس. وعبد الكريم
بن أبي المخارق ضعيف الحديث.
وقد روي من طريق آخر عن أبي الزبير،
واختلف عنه، فرواه بعضهم عنه عن جابر، وبعضهم يرويه عنه عن هشام مولى رسول الله،
وفي كل ذلك لم يُصرِّح أبو الزبير بسماعه، وهو مُدلِّس، انظر بيان طرقه في«التلخيص
الحبير» ٣/ ٢٢٥.
وعلى فرض صحة الحديث فليس المعنى على
ظاهره، فقد قال الحافظ في «التلخيص» ٣/ ٢٢٦: قيل: والظاهر أنها لا تمتنع ممن يمد
يدَه ليتلذذ بلمسها، ولو =
٢٠٥٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا
يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا مستلمُ بنُ
سعيد ابن أُخت منصور بنِ زاذان، عن
منصورٍ - يعني ابن زاذان - عن معاوية بنِ قرَّةَ
عن مَعْقِلِ بنِ يسارٍ، قال: جاء رجل
إلى النبيٌ ﷺ فقال: إني أصبتُ امرأةً ذاتَ حَسَبٍ وجَمَالٍ، وأنها لا تَلِدُ،
أفاتزوجُها؟ قال: «لا» ثم أتاهُ الثانيةَ فنهاه، ثم أتاه الثالثةَ، فقال: «تزوجوا
الوَدُودَ الوَلُودَ فإني مكاثِرٌ بِكُمُ الأمم» (١).
= كان كنى به عن الجماع، لعد قاذفًا،
أو أن زوجها فهم من حالها أنها لا تمتنع ممن أراد منها الفاحشة لا أن ذلك وقع منها.
وقال محمد بن اسماعيل الصنعاني في
«سبل السلام»: الأقرب المراد أنها سهلة الأخلاق ليس فيها نفور وحشمة عن الأجانب،
لا أنها تأتي الفاحشة، وكثير من النساء والرجال بهذه المثابة مع البعد عن الفاحشة،
ولو أراد أنها لا تمنع نفسها من الوقاع من الأجانب، لكان قاذفًا لها.
وقال ابن كثير: وقيل: المراد أن
سجيتها لا ترد يد لامس، لا أن المراد أن هذا وقع منها، وأنها تفعل الفاحشة، فإن
رسول الله ﷺ لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها، فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثًا،
وقد تقدم الوعيد على ذلك، ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة
لمن أرادها لو خلا بها أحد أمره رسول الله ﷺ بفراقها، فلما ذكر أنه يحبها، أباح له
البقاء معها، لأن محبتها له محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم، فلا يُصار إلى الضرر
العاجل لتوهم الآجل.
وقوله: غربها: معناه: أبعدها، يريد
الطلاق، وأصل الغرب: البعد.
(١)
إسناده قوي. مستلم بن سعيد صدوق لا بأس به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٣٢٣)
من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٠٦٥)
و(٤٠٥٧).
وفي الباب عن أنس بن مالك عند أحمد
في «مسنده» (١٢٦١٣)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٠٢٨)، قال: كان رسول الله ﷺ يقول:
«تزوجوا الوَدودَ الوَلُود، إني مُكاثرٌ الأنبياءَ يوم القيامة». وإسناده قوي
أيضًا.
٤ - باب في قوله: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا
زَانِيَةً﴾ [النور: ٣]
٢٠٥١
- حدَّثنا إبراهيمُ بنُ محمد التيمي،
حدَّثنا يحيي، عن عُبيدالله بن الأخنسِ، عن عمرو بنِ شعيب، عن أبيه
عن جده، ان مَرْثَدَ بن أبي مرثَدٍ
الغَنَويَّ كان يحمِلُ الأسارى بمكة، وكان بمكة بغيٌّ يقالُ لها عَنَاقُ، وكانت
صديقَته، قال: جئتُ النبيَّ ﷺ، فقلتُ: يا رسولَ الله أنْكِحُ عَنَاقَ؟ قال: فسكتَ
عني، فَنزلَتْ ﴿وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾
فدعاني فقرأها علىَّ وقال: «لا تنكحها» (١).
٢٠٥٢
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ؟ وأبو معَمرٍ،
قالا: حدَّثنا عبدُ الوارث، عن حبيبٍ، حدثني عمرو بنُ شعيب، عن سعيدٍ المقبريِّ
عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ: «لا يَنْكِحُ الزَّاني المجلودُ إلا مِثلَه» (٢).
(١) إسناده حسن. يحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه الترمذي (٣٤٥١)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣١٩) من طريق عبيد الله ابن الأخنس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث
حسن غريب.
وهو في «شرح مشكل الآثار» للطحاوي
(٤٥٥٢).
ومرثد بفتح الميم وسكون الراء، وفتح
الثاء، والغنوي، بفتح الغين وبعدها نون مفتوحة نسبة إلى غني بفتح الغين وكسر
النون، وهو غني بن يعصر، ويقال: أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر. قاله النذرى.
(٢)
إسناده صحيح. عمرو بن شعيب ثقة، وما عيب عليه فهو ممن دونه من الضعفاء. مسدَّدٌ:
هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معمر: هو عبد الله بن عمرو التميمي، وعبد الوارث: هو
ابن سعيد، وحبيب: هو ابن أبي قريبة المعلم، وسعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري.
=
وقال أبو مَعْمَرِ: قال: حدَّثنا
حبيبٌ المعلمُ، عن عمرو بنِ شعيب.
٥
- باب في
الرجل يُعتِق أَمته ثم يتزوجها
٢٠٥٣
- حدَّثنا هنَّاد بنُ السَّري، حدَّثنا
عَبثَر، عن مُطرِّفٍ، عن عامرٍ، عن أبي بُردة
عن أبي موسى، قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ: «مَنْ أعتق جاريتَه وتزوَجها كان له أجْرَان» (١).
٢٠٥٤
- حدَّثنا عمرو بنُ عونٍ، أخبرنا أبو
عَوانة، عن قَتادة وعبدِ العزيز بن صهيب
= وأخرجه أحمد في «مسنده» (٨٣٠٠)،
والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٥٤٨) و(٤٥٤٩)، وابن عدي في «الكامل» ٢/ ٨١٧،
والحاكم في «المستدرك» ١٦٦/ ٢، من طرق عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وصححه
الحاكم، وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه الطحاوي (٤٥٥٠)، والحاكم ٢/
١٩٣ من طريق يزيد بن زريع، عن حبيب المعلم، قال: قلت لعمرو بن شعيب: إن فلانًا
يقول: إن الزاني لا ينكح إلا زانية مثله، قال: وما يُعَجِّبُك من ذلك؟ حدثني سعيد
بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ، قال: «الزاني لا ينكح إلا زانية مثله،
والمجلود لا ينكح إلا مجلودة مثله». واللفظ للطحاوي، ورواية الحاكم مثلها دون
قوله: «الزاني لا ينكح إلا زانية مثله».
(١)
إسناده صحيح. عَبثَرٌ: هو ابن القاسم الزبيدي، ومطرِّف: هو ابن طريف الحارثي،
وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله الأشعري.
وأخرجه تامًا ومطولًا البخاري (٩٧)
و(٢٥٤٤)، ومسلم (١٥٤)، وبإثر (١٤٢٧) رقم (٨٦)، وابن ماجه (١٩٥٦)، والترمذي (١١٤٣)
و(١١٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٧٦) و(٥٤٧٧) من طريق عامر الشعبي، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥٦٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٢٧) و(٤٠٥٣).
عن أنس: أن النبيَّ ﷺ أعتق صَفِيَّةَ
وجَعَلَ عِتْقَها صَدَاقَهَا (١).
٦
- باب
يَحرُم مِن الرضاعة ما يحرم من النسب
٢٠٥٥
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن
مالكٍ، عن عبدِ الله بن دينارٍ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، عن عُروة
عن عائشة زَوْجِ النبي ﷺ أن النبيَّ
ﷺ قال: «يَحرُمُ مِن الرَّضاعةِ ما يَحرُمُ مِن الوِلادَةِ» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد
الله اليشكري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه مسلم بإثر (١٤٢٧) رقم (٨٥)،
والترمذي (١١٤٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٧٤) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وأخرجه تامًا ومطولًا البخاري (٣٧١)
و(٩٤٧) و(٤٢٠١)، ومسلم بإثر (١٤٢٧) (٨٤) و(٨٥)، وابن ماجه (١٩٥٧) من طرق عن عبد
العزيز بن صُهيب، والبخاري (٩٤٧) و(٤٢٠٠) و(٥٠٨٦)، ومسلم بإثر (١٤٢٧) رقم (٨٥)،
وابن ماجه (١٩٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٧٤) من طريق ثابت بن أسلم البناني،
والبخاري (٥٠٨٦) و(٥١٦٩)، ومسلم بإثر (١٤٢٧) (٨٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٧٤)
و(٥٤٧٥) و(٦٥٦٥) من طريق شعيب بن الحَبحَاب، ثلاثتهم عن أنس بن مالك.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٥٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٦٣) و(٤٠٩١).
(٢)
إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٦٠٧،
ومن طريقه أخرجه الترمذي (١١٨٠)،
والنسائي في «الكبرى» (٥٤١٣). وقال
الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه مسلم (١٤٤٥)، وابن ماجه
(١٩٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤١٤) و(٥٤٢١) من طريقين عن عروة، به. ورواية
النسائي (٥٤١٤) موقوفة على عائشة.
وأخرجه مطولًا البخاري (٢٦٤٦)
و(٣١٠٥) و(٥٠٩٩)، ومسلم (١٤٤٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤١١)، و(٥٤١٢) و(٥٤٤٦) من
طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٧٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٢٣).
وانظر ما سيأتي برقم (٢٠٥٧).
٢٠٥٦ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، عن هشام بن عُروة، عن عُروة، عن زينب بنتِ أُم سلمة
عن أم سلمة، أن أُم حَبيبةَ قالت: يا
رسول الله؟ هل لك في أُختي؟ قال: «فأفعل ماذا؟» قالت: فَتَنْكِحُها، قال: «أُختك؟»
قالت: نعم، قال: «أو تُحبِّين ذاك؟» قالت: لستُ بمُخْليةٍ بِك، وأحَبُّ مَنْ
شَرَكَنِي في خيرٍ أُختي، قال: «فإنها لا تَحِلُّ لي» قالت: فواللهِ لقد أُخبِرْتُ
أنك تَخْطُبُ دُرَّة - أو ذرَّة -[شك زهير]، بنتَ أبي سَلَمَةَ، قال: «بنتُ أُم
سلمة؟» قالت: نعم، قال: «أما واللهِ لو لم تكن ربيبتي في حِجْري ما حلَّتْ لي،
أنها ابنةُ أخي من الرَّضَاعَة، أرضعتني وأباها ثُويَبْةُ، فلا تَعْرِضْنَ عليَّ
بناتِكُنَّ، ولا أخواتِكُنَّ» (١).
(١) صحيح من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان -
أو بنت أم سفيان - قال الحافظ ابن حجر في «أطراف المسند» ٩/ ٤٤٠، بعد أن أورده من
حديث أم سلمة: هذا مما أخطأ فيه هشام بن عروة بالعراق، وحديث ابن إسحاق والليث عنه
- كما هو عند أحمد في «مسنده» (٢٦٤٩٤ - ٢٦٤٩٥) - وهو بالمدينة هو الأصحُّ،
والموافق لحديث الزهري.
زهير: هو ابن معاوية الجعفي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٣٩٥)
من طريق عبدة بن سليمان، عن هشام ابن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه تامًا ومختصرًا البخاري
(٥١٠٦)، ومسلم (١٤٤٩)، وابن ماجه (١٩٣٩ م) من طرق عن هشام بن عروة، والبخاري
(٥١٠١) و(٥١٠٧) و(٥٣٧٢)، ومسلم (١٤٤٩)، وابن ماجه (١٩٣٩)، والنسائي في «الكبرى»
(٥٣٩٢) و(٥٣٩٤) من طريق ابن شهاب الزهري، كلاهما عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت
أبي سلمة، عن أم حبيبة، به.
وأخرج بنحوه مختصرًا البخاري (٥١٢٣)،
والنسائي في «الكبرى» (٥٣٩٣) من طريق عراك بن مالك، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم
حبيبة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٩٣ - ٢٦٤٩٥)
و(٢٧٤٢٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤١١٠) و(٤١١١).
٧ - باب في لبن الفحل
٢٠٥٧
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ العَبديُّ،
أخبرنا سفيان، عن هشام بنِ عُروة، عن عُروة
عن عائشة، قالت: دَخَلَ عليَّ أفلحُ
بن أبي القُعيْسِ، فاستترتُ منه، قال: تَسْتِتِرينَ مِنِّي وأنا عمُّك؟ قالت: قلت:
مِنْ أينَ؟ قال: أرضعتْكِ امرأةُ أخي، قالت: إنما أرضعتْني المرأةُ ولم يُرضعني
الرجلُ، فدخل عليَّ رسولُ الله ﷺ فحدثتُه فقال: «إنَه عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عليكِ»
(١).
٨
- باب في
رضاعة الكبير
٢٠٥٨
- حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ
(ح)
وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، عن أشعث بنِ سليم، عن أبيه، عن مسروقٍ
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه البخاري (٢٦٤٤) و(٤٧٩٦)
و(٥١٠٣) و(٥٢٣٩) و(٦١٥٦)، ومسلم (١٤٤٥)، وابن ماجه (١٩٤٨) و(١٩٤٩)، والترمذي
(١١٨١)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٤٤) و(٥٤٤٥) و(٥٤٤٧) و(٥٤٤٨) و(٥٤٤٩) من طرق عن
عروة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٥٤)
و(٢٤١٠٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢١٩) و(٥٧٩٩).
وانظر ما سلف برقم (٢٠٥٥).
وفي الحديث أن لبن الفحل يحرم حتى
تثبت الحرمة من جهة صاحب اللبن، كما ثبت في جانب المرضعة، وأن زوج المرضعة بمنزلة
الوالد للرضيع، وأخاه بمنزلة العم، فإنه ﷺ أثبت عمومة الرضاع، وألحقها بالنسب، لأن
سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معًا، فوجب أن يكون الرضاع منهما، وهذا مذهب
الأئمة الأربعة كجمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار. أفاده الزرقانى في «شرح
الموطأ» ٣/ ٢٤٠ - ٢٤١.
عن عائشة - المعنى واحد -: أن رسولَ
الله ﷺ دخَلَ عليها وعندها
رَجُلٌ - قال حفص: فشقَّ ذلك عليه،
وتغيَّرَ وجهه، ثم اتفقا: - قالت: يا رسولَ الله إنه أخي مِن الرَّضاعة فقال:
«انْظُرنَ مَنْ إخوانُكُنَّ، فإنما الرَّضاعَةِ مِنَ المَجَاعَةِ» (١).
(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج
الأزدي، ومحمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأشعث: هو ابن أبي
الشعثاء سُلَيم بن أسود المحاربي، ومسروق: هو ابن الأجدع الوادعي.
وأخرجه البخاري (٢٦٤٧)، ومسلم
(١٤٥٥)، وابن ماجه (١٩٤٥)، من طرق، عن سفيان الثوري، ومسلم (١٤٥٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٤٤٠) من طريق أبي الأحوص، والبخاري (٥١٠٢) من طريق شعبة، ومسلم (١٤٥٥)
من طريق زائدة بن قدامة، أربعتهم عن أشعث، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٣٢).
قوله: «فإن الرضاعة من المجاعة» قال
الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٤٨: فيه تعليل الباعث على إمعان النظر والفكر، لأن الرضاعة
تُثبت النسب، تجعل الرضيع محرمًا، وقوله: «من المجاعة» أي: الرضاعة التي تثبت بها
الحرمة، وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلًا لسد اللبن جوعته، لأن معدته
ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع
أولادها فكأنه قال: لا رضاعه معتبرة إلا المغنية عن المجاعة، أو المطعمة من
المجاعة.
وقد اختلف العلماء في تحديد مدة
الرضاع، فقالت طائفة منهم: إنه حولان وإليه ذهب سفيان الثوري والأوزاعي والشافعي
وأحمد وإسحاق، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قالوا: فدل على أن مدة الحولين إذا
انقضت، فقد انقطع حكمها، ولا عبرة لما زاد بعد تمام المدة، وقال أبو حنيفة: حولان
وستة أشهر، وخالفه صاحباه، وقال زفر بن الهذيل: ثلاث سنين، ويحكى عن مالك أنه جعل
حكم الزيادة على الحولين إذا كانت يسيرًا حكم الحولي ن. قاله الخطابي.
=
٢٠٥٩ - حدَّثنا عبدُ السلام بنُ مُطهَّر، أن
سليمانَ بنَ المغيرةِ حدثهم، عن أبي موسى، عن أبيه، عن ابنٍ لعبد الله بن مسعود
عن ابن مسعودٍ قال: لا رَضاع إلا ما
شَدَّ العظمَ، وأنبَت اللحمَ، فقال أبو موسى. لا تسألونا وهذا الحَبْرُ فيكم (١).
٢٠٦٠
- حدَّثنا محمد بن سليمان الأنباريُّ،
حدَّثنا وكيع، عن سليمان بن المغيرة، عن أبي موسى الهلالي، عن أبيه
عن ابنِ مسعود، عن النبيَّ ﷺ،
بمعناه، وقال: أنْشَزَ العَظْمَ (٢).
= وقال الخطابي: معناه: أن الرضاعة
التي تقع بها الحرمة ما كان في الصغر، والرضيع طفل يقوته اللبن ويسد جوعه، وأما ما
كان منه بعد ذلك في الحال التي لا يسد جوعه اللبن، ولا يشبعه إلا الخبز واللحم وما
في معناهما من الثفل فلا حرمة له.
(١)
حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي موسى الهلالي، وأبيه.
وأخرجه الدارقطني في «السنن» ٤/ ١٧٣،
والبيهقي في «السنن» ٧/ ٤٦٠ و٤٦١ من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. ورواية
الدارقطني مرفوعة.
وانظر ما بعده.
وله شاهد من حديث أم سلمة عند
الترمذي (١١٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٤١)، وابن حبان (٤٢٢٤) بلفظ: «لا يحرم من
الرَّضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام» وقال الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم أن الرضاعة
لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئًا.
وآخر من حديث عبد الله بن الزبير،
أخرجه ابن ماجه (١٩٤٦).
وثالث من حديث أبي هريرة عند البزار
(١٤٤٤ - كشف الأستار)، والبيهقي ٧/ ٤٥٥.
(٢)
حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف للانقطاع بين والد أبي موسى الهلالي وعبد الله
بن مسعود، ولجهالة أبي موسى الهلالي، وأبيه. وقد وصله المصنف قبله.
=
٩ - باب من حرَّم به
٢٠٦١
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
عَنبسَةُ، حدثني يُونس، عن ابنِ شهاب، حدثني عُروةُ بنُ الزبير
عن عائشة زوج النبيَّ ﷺ وأُمِّ سلمة:
أن أبا حُذيفة بنَ عُتْبةَ بنِ ربيعة بنِ عبد شمسٍ كان تبنَّى سالمًا وأنكحه ابنةَ
أخيه هندَ بنتَ الوليد ابنِ عُتبة بن رَبيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصارِ، كما
تبنَّى رسولُ الله ﷺ زيدًا - وكان من تبنى رجلًا في الجاهلية دعاه الناسُ إليه
ووُرِّث ميراثَه، حتى أنزلَ الله عز وجل في ذلك ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ إلي
قوله: ﴿فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] فَرُدُّوا إلى آبائهم، فمن لم يُعلَم
له أبٌ كان مولًى وأخًا في الدين - فجاءت سهلةُ بنتُ سهيل بنِ عمرو القُرشيّ ثم
العامِريّ، وهي امرأةُ أبي حُذيفة، فقالت: يا رسولَ اللهَ، إنا كُنا نرى سالمًا
ولدًا، وكان يأوي معي ومَعَ أبي حذيفة في بيتٍ واحدٍ، ويراني فُضُلًا، وقد أنزلَ
الله فيهم ما قد عَلِمتَ، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبيُّ ﷺ: «أرضعِيه» فأرضعته
خمسَ رضعاتٍ، فكان بمنزلة وَلَدِها مِن الرَّضاعة.
= وأخرجه أحمد في «مسنده» (٤١١٤)،
والدارقطني في «السنن» ٤/ ١٧٢ - ١٧٣، والبيهقي ٧/ ٤٦١ من طريق سليمان بن المغيرة،
بهذا الإسناد.
وانظر تتمة تخريجه في «مسند أحمد»
(٤١١٤).
وانظر ما قبله.
وقوله: أنشر العَظم، أي: رفعَه
وأعلاه وأكبر حجمه، وهو من النَّشَز: المرتفع من الأرض.
فبذلك كانتْ عائشةُ تأمُرُ بناتِ
أخواتِها وبناتِ إخوتها أن يُرْضِعْنَ مَنْ أحَبَّتْ عائشةُ أن يراها ويدخُلَ
عليها، وإن كان كبيرًا، خمسَ رضعاتٍ، ثم يدخل عليها.
وأبت أُمُّ سلمةَ وسائرُ أزواجِ
النبيِّ ﷺ أن يُدْخِلْنَ عليهن بتلك الرَّضاعةِ أحدًا من الناس حتى يُرْضَعَ في
المهدِ، وقُلن لِعائشة: والله ما نَدْرِي لعلَّها كانَتْ رُخصةً مِن النبيَّ ﷺ
لِسالمٍ دونَ الناسِ (١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات
والشواهد. عنبسة - وهو ابن خالد الأموي - ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد.
يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (٤٠٠٠) و(٥٠٨٨)،
والنسائي في «الكبرى» (٥٤٥٣) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. ولم يذكر البخاري
في روايته مسألة الرضاعة، وإنما اقتصر على أول الحديث، واقتصر النسائي على آخر
الحديث في امتناع أزواج النبي ﷺ إدخال أحد بتلك الرضاعة.
وأخرجه بنحوه مختصرًا مسلم (١٤٥٣)،
وابن ماجه (١٩٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٥٠ - ٥٤٥٢) و(٥٤٥٦) و(٥٤٥٧) من طريق
القاسم بن محمد، ومسلم (١٤٥٣)، والنسائى في «الكبرى» (٥٤٥٥) من طريق زينب بنت أبي
سلمة، كلاهما عن عائشة، به.
وأخرج بنحوه مختصرًا أيضًا مسلم
(١٤٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٥٤) من طريق زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٣٣٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢١٤) و(٤٢١٥).
وقولها: فضلًا. قال في «النهاية» أي:
متبذلة في ثياب مهنتي، يقال: تفضلتِ المرأة: إذا لبست ثياب مهنتها، أو كانت في ثوب
واحد، فهي فُضُل، والرجل فضل أيضًا، قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٣/ ٤٥٦: فمعنى
هذا عندي أنه كان يدخل عليها وهي متكشفة بعضها مثل الشعر واليد والوجه، يدخل عليها
وهي كيف أمكنها. =
١٠ - باب هل يُحرِّم ما دون خمسِ رضعات
٢٠٦٢
- حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ
القعنبيُّ، عن مالك، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزمٍ، عن عَمرَةَ
بنت عبدِ الرحمن
= قلنا: وتخصيص هذا الحكم - وهو أن
رضاع الكبير يُحرِّمُ - بسالم مولى أبي حذيفة هو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر
وأبي هريرة وسائر أمهات المؤمنين غير عائشة، وجمهور التابعين، وجماعة فقهاء
الأمصار، فهم الثوري ومالك وأصحابه، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأبي حنيفة
وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد والطبري.
وحملت عائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها حديث سالم مولى أبي حذيفة على العموم، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي
بكر، وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال وصنعت ذلك بسالم بن
عبد الله بن عمر وأمرت أم كلثوم فأرضعته، وذهب إلى قولها عطاء والليث بن سعد
لحديثها هذا وفتواها وعملها به، قال أبو بكر بن العربي: ولعمر الله إنه لقوي، ولو
كان خاصًا بسالم، لقال لها: ولا يكون لأحد بعدك، كما قال لأبي بردة في الجذعة.
قال صاحب «الزاد» ٥/ ٥٩٣ بتحقيقنا
بعد أن أورد حجج من قال بعموم هذا الحديث وخصوصه: حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا
بمخصوص، ولا عام في حق كل أحد، وإنما هو رخصة للحاجة لمن لا يستغني عن دخوله على
المرأة، ويشقُّ احتجابُها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا
أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا مسلك شيخ
الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير إما مطلقة
فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال، فتخصص هذه الحال من عمومها وهذا أولى من
النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين
وقواعد الشرع تشهد له، والله الموفق، ونقل ابن مفلح في «الفروع» ٥/ ٥٧٠ عن شيخ
الإسلام ابن تيمية أن رضاع الكبير مُحَرِّمٌ لحاجة، وانظر «مجموع فتاوى شيخ
الإسلام» ٣٤/ ٦٠.
عن عائشة أنها قالت: كان فيما
أنْزَلَ اللهُ عز وجل مِن القرآن: (عشرُ رَضَعاتٍ يُحرِّمْنَ) ثم نُسخن بـ: (خمسٌ
معلوماتٌ يُحرِّمنَ) فتوفي، النبي ﷺ وهُن مما يقرَأُ مِن القُرآنِ (١)
(١) إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٦٠٨/ ٢،
ومن طريقه أخرجه مسلم (١٤٥٢)، والترمذي (١١٨٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٢٥).
ولفظه: (عشر رضعات معلومات يُحرِّمن) وصححه ابن حبان (٤٢٢١).
وأخرجه مسلم (١٤٥٢)، وابن ماجه
(١٩٤٢) من طريقين عن عمرة بنت عبد الرحمن، به. ورواية مسلم: ثم نزل أيضًا: (خمسٌ
معلومات).
وأخرج ابن ماجه (١٩٤٤) من طريق
القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: لقد نزلت آيةُ الرَّجمِ، ورَضاعةُ الكبيرِ
عَشرًا، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلمَّا مات رسول الله ﷺ وتشاغَلنا بمَوته،
دخلَ داجنٌ فأكلها. وهذا حديث لا يصح، تفرد به محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وفي
متنه نكارة.
وهو في «المسند» (٢٦٣١٦).
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٩/
١٤٦ - ١٤٧ تعليقًا على قول الإمام البخاري: «وما يحرم من قليل الرضاع وكثيره»: هذا
مصير من البخاري إلى التمسك بالعموم الواردة في الأخبار مثل حديث الباب وغيره،
وهذا قول مالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث، وهو المشهور عند أحمد. وذهب
آخرون إلى أن الذي يحرم ما زاد على الرضعة الواحدة. ثم اختلفوا فجاء عن عائشة عشر
رضعات أخرجه مالك في «الموطأ»، وعن حفصة كذلك، وجاء عن عائشة أيضًا سبع رضعات
أخرجه ابن أبي خيثمة بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير عنها، وعبد الرزاق من طريق
عروة: «كانت عائشة تقول: لا يحرم دون سبع رضعات أو خمس رضعات» وجاء عن عائشة أيضًا
خمس رضعات، فعند مسلم عنها: «كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات، ثم نسخت
بخمس رضعات معلومات فتوفي رسول الله ﷺ وهن مما يقرأ» وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح
عنها قالت: لا يحرم دون خمس رضعات معلومات، وإلى هذا ذهب الشافعي، =
٢٠٦٣ - حدَّثنا مُسَددُ بنُ مُسرهَدٍ،
حدَّثنا اسماعيلُ، عن أيوبَ، عن ابن أبي مليكةَ، عن عبدِ الله بن الزبير
= وهي رواية عن أحمد، وقال به ابن حزم،
وذهب أحمد في رواية وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وداود وأتباعه - إلا
ابن حزم - إلى أن الذي يحرم ثلاث رضعات لقوله ﷺ: «لا تحرم الرضعة والرضعتان»فإن
مفهومه أن الثلاث تحرم، وأغرب القرطبي.
فقال: لم يقل به إلا داود. ويخرج مما
أخرجه البيهقي عند زيد بن ثابت بإسناد صحيح أنه يقول: لا تحرم الرضعة والرضعتان
والثلاث، وأن الأربع هي التي تحرم. والثابت من الأحاديث حديث عائشة في الخمس، وأما
حديث: «لا تحرم الرضعة والرضعتان» فلعله مثال لما دون الخمس، وإلا فالتحريم
بالثلاث فما فوقها إنما يؤخذ من الحديث بالمفهوم، وقد عارضه مفهوم الحديث الآخر
المخرج عند مسلم وهو الخمس، فمفهوم: «لا تحرم المصة ولا المصتان» أن الثلاث تحرم،
ومفهوم خمس رضعات أن الذي دون الأربع لا يحرم فتعارضا، فيرجع إلى الترجيح بين
المفهومين، وحديث الخمس جاء من طرق صحيحه، وحديث المصتان جاء أيضًا من طرق صحيحة،
لكن قد قال بعضهم: إنه مضطرب لأنه اختلف فيه هل هو عن عائشة أو عن الزبير أو عن
ابن الزبير أو عن أم الفضل، لكن لم يقدح الاضطراب عند مسلم فأخرجه من حديث أم
الفضل زوج العباس: «أن رجلًا من بني عامر قال: يا رسول الله ﷺ هل تحرم الرضعة
الواحدة؟ قال: لا» وفي رواية له عنها: «لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا المصة ولا
المصتان» قال القرطبي: هو أنص ما في الباب، إلا أنه يمكن حمله على ما إذا لم يتحقق
وصوله إلى جوف الرضيع، وقوى مذهب الجمهور بأن الأخبار اختلفت في العدد، وعائشة
التي روت ذلك قد اختلف عليها فيما يعتبر من ذلك فوجب الرجوع إلى أقل ما ينطلق عليه
الاسم، ويعضده من حيث النظر أنه معنى طارئ يقتضي تأييد التحريم فلا يشترط فيه
العدد كالصهر، أو يقال مائع يلج الباطن فيحرم فلا يشترط فيه العدد كالمني، والله
أعلم. وأيضا فقول عائشة: «عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات، فمات النبي ﷺ
وهن مما يقرأ» لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قولي الأصوليين، لأن القرآن لا يثبت
إلا بالتواتر، والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر فلم يثبت كونه قرآنًا ولا ذكر
الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه، والله أعلم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال
رسولُ الله ﷺ: «لا تُحرِّمُ المصَّةُ، ولا المصَّتانِ» (¬١).
١١
- باب في
الرَّضخ عندَ الفِصَالِ
٢٠٦٤
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ (ح)
وحدَّثنا ابنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ
إدريس، عن هشام بنِ عروة، عن أبيه، عن حَجَّاج بنِ حَجَّاجٍ عن أبيه، قالَ: قلتُ:
يا رسولَ اللهِ، ما يُذْهِبُ عَنِّي مَذِمَّة الرَّضَاع؟ قال: «الغُرَّة: العَبدُ
أو الأمَةُ» (٢).
(١) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم
الأسدي المعروف بابن عُلَيّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي
مُليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله التيمي.
وأخرجه مسلم (١٤٥٠)، وابن ماجه
(١٩٤١)، والترمذي (١١٨٣)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٢٨) من طرق عن أيوب، بهذا
الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه النسائي (٥٤٢٧) من طريق شعبة،
عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. فأسقط من إسناده عبد الله بن الزبير وابن
أبي مليكة قد سمع من عائشة أيضًا، فلعله رواه على الوجهين.
وأخرج النسائي في «الكبرى» (٥٤٣٩) من
طريق أبي الشعثاء المحاربي، عن
عائشة، أن نبي الله ﷺ كان يقول: «لا
تحرم الخطفة والخطفتان».
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٠٢٦)
و(٢٥٨١٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢٢٨).
(٢)
إسناده محتمل للتحسين. حجاج بن حجاج: هو ابن مالك الأسلمي لم يروِ
عنه غير عروة بن الزبير، وقد ترجم له
البخاري في «التاريخ الكبير» ١٢/ ٣٧١، وأبو
حاتم في «الجرح والتعديل» ٣/ ١٥٧،
ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ووثقه العجلي
وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال
الحافظ الذهبي في «الميزان»: صدوق، وقال
الحافظ ابن حجر في «التقريب»: مقبول.
=
قال النُّفيليُّ: حجاجُ بنُ حجاج
الأسلميُّ، وهذا لفظه.
١٢
- باب ما
يُكره أن يُجمَعَ بينهن من النساء
٢٠٦٥
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا داود بنُ أبي هِندٍ، عن عامرٍ
عن أبي هُريرة، قال: قالَ رسولُ الله
ﷺ: «لا تُنْكَحُ المرأةُ على عَمَّتِهَا، ولا العَمَّةُ على بنتِ أخيها، ولا
المرأةُ على خالتِها، ولا الخالةُ على بنتِ أختها، ولا تُنكحُ الكُبرى على
الصُّغرى، ولا الصُّغرى على الكبرى» (١).
= ابن العلاء: هو محمد بن العلاء
الهمداني، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وابن إدريس: هو عبد الله الأودي.
وأخرجه الترمذي (١١٨٧)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٤٥٨) و(٥٤٥٩) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا
حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٣٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٣٠) و(٤٢٣١).
وقوله: «مذمة الرضاع» قال
في«النهاية»: المذمة بالفتح مَفْعَلَةٌ من الذم، وبالكسر: من الذمة والذّمام،
وقيل: هي بالكسر والفتح الحق والحرمة التي يذم مضيعها والمراد بمذمة الرضاع: الحق
اللازم بسبب الرضناع، فكأنه سأل ما يُسقِطُ عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملًا،
وكانوا يستحبون أن يُعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئًا سوى أجرتها.
(١)
إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي.
وأخرجه الترمذي (١١٥٥) من طريق يزيد
بن هارون، عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وقال: أدرك
الشعبي أبا هريرة وروى عنه، وسألت محمدًا (يعني البخاري) عن هذا، فقال: صحيح.
=
٢٠٦٦ - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا
عنبسةُ، أخبرني يونس، عن ابنِ شهاب، أخبرني قَبيصةُ بنُ ذُؤيبٍ
أنه سَمِعَ أبا هريرة يقول: نهى رسول
الله ﷺ أن يُجْمَعَ بين المرأةِ وخالتِها، وبين المرأةِ وعَمَّتِها (١).
= وأخرجه مختصرًا مسلم (١٤٠٨) (٣٥) من
طريق قبيصة بن ذؤيب، و(١٤٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٩٦) و(٥٤٠١) من طريق أبي
سلمة، ومسلم (١٤٠٨)، وابن ماجه (١٩٢٩)، والترمذي (١١٥٤)، والنسائي في «الكبرى»
(٥٤٠٢) من طريق محمد بن سيرين، ومسلم (١٤٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٩٩) و(٥٤٠٠)
من طريق عراك بن مالك، والبخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٠٨)، والنسائي (٥٣٩٧) و(٥٣٩٩) من
طريق عبد الرحمن الأعرج، خمستهم عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩٥٠٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١١٧) و(٤١١٨).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: يشبه أن يكون المعنى في
ذلك ما يخاف من وقوع العداوة بينهن، لأن المشاركة في الحظ من الزوج تدفع المنافسة
بينهن، فيكون منها قطيعة الرحم.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن بالمتابعات والشواهد. عنبسة: وهو ابن خالد الأموي، ضعيف
يعتبر به في المتابعات، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. يونس: هو ابن يزيد الأيلي،
وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (٥١١٠)، ومسلم (١٤٠٨)
(٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٩٨) من طرق عن يونس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٩٢٠٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١١٣) و(٤١١٥).
وقال الترمذي بعد تخريجه: والعمل على
هذا عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافًا أنه لا يحل للرجل أن يجمع بين
المرأة وعمتها أو خالتها، ولا أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها.
وقال ابن المنذر: لست أعلم في منع
ذلك اختلافًا اليوم، وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج، وإذا ثبت الحكم بالسنة،
واتفق أهل العلم على القول به، لم يضره خلاف من خالفه، وكذا نقل الإجماع ابن عبد
البر وابن حزم والقرطبي والنووي. =
٢٠٦٧ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا خطّابُ بنُ القاسم، عن خُصَيفٍ، عن عِكرمة
عن ابنِ عباس، عن النبي ﷺ: أنه
كَرِهَ أن يجمع بين العمّةِ والخالَةِ، وبين الخالتين والعمَّتينِ (١).
٢٠٦٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح
المصريُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابنِ شهاب، أخبرني عروةُ بنُ الزبير
أنه سأل عائشةَ زوجَ النبيِّ ﷺ عن
قولِ الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا
مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]،
قالت: يا ابن أُختي، هي اليتيمةُ تكونُ في حِجْر وَليها، فَتُشَارِكُه في ماله،
فَيُعْجِبُه مالُها وجمالُها، فيريدُ [وليُّها] أن يتزوجَها بغيرِ أن يُقسِطُ في
صَدَاقِها
= وقد ذكر الحنفية والحنابلة والمالكية
في قضية الجمع بين المرأتين قاعدة كلية: هي أن كل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج
الآخر، لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى لأجل القرابة، لا يجوز الجمع بينهما
لتأدية ذلك إلى قطيعة الرحم القريبة، لما في الطباع من التنافس والغيرة بين
الضرائر، ولا يجوز الجمع بين المرأة وأمها في العقد لما ذكرنا، ولأن الأم إلى
ابنتها أقرب من الأختين، فإذا لم يجمع بين الأختين، فالمرأة وبنتها أولى. انظر
«المغني» ٩/ ٥٢٣ - ٥٢٤: و«بداية المجتهد» ٦/ ٤٥٢ - ٤٥٣ و«رد المحتار» ٤/ ١١٦،
وانظر «روضة الطالبين» ٧/ ١١٨ للإمام النووي.
وانظر ما قبله.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ خُصَيف - وهو ابن عبد الرحمن - ولكنه متابع.
عكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه الترمذي (١١٥٣) من طريق أبي
حَرِيز، عن عكرمة، به. وأبو حريز حديئه حَسَن في المتابعات، وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١١٧٨) و(٣٥٣٠)،
و«صحيح ابن حبان» (٤١١٦).
ويشهد له حديث أبي هريرة الذي قبله.
فَيُعطِيَها مثلَ ما يُعطيها غيرُه،
فنهُوا أن يَنْكِحُوهُنَّ، إلا أن يُقسِطُوا لهن، ويبلُغوا بهن أعلى سُنَّتهنَّ
مِن الصَّداقِ، وأُمِرُوا اْنْ يَنْكِحُوا ما طَابَ لهم مِن النساء سواهُنَّ. قال
عُروةُ: قالت عائشة: ثم إنَّ الناسَ استفتَوا رسولَ الله ﷺ بَعْدَ هذه الآية فيهن،
فأنزلَ اللهُ عز وجل: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ
فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ
لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٢٧] قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم
في الكتاب الآية الأولى التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] قالت عائشة: وقولُ الله عز وجل في
الآية الآخرة: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ هي رغبةُ أحدِكم عن يتيمته
التي تكونُ في حِجْرِه حين تكون قليلةَ المال والجمالِ، فنُهوا أن ينكحوا ما
رَغِبُوا في مالها وجمالها من يتامى النِّساءِ إلا بالقسطِ، من أجلِ رغبتهم
عنهنِّ، قال يونس: وقال ربيعة في قولِ الله عز وجل ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ قال: يقول: اتركوهن إن خفتم فقد أحللتُ لكم أربعًا
(١).
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن
وهب المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه مختصرًا وتامًا البخاري
(٢٤٩٤) و(٢٧٦٣) و(٤٥٧٤) و(٥٠٦٤) و(٥٠٩٢) و(٥١٤٠) و(٦٩٦٥)، ومسلم (٣٠١٨)، والنسائي
في «الكبرى» (٥٤٨٨) و(١١٠٢٤) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وزاد البخاري
(٤٥٧٤)، ومسلم (٣٠١٨) (٦)، والنسائي في «الكبرى» (١١٠٢٤): من أجل رغبتهم عنهُنَّ
إذا كُنَّ قليلات المالِ والجمال. =
٢٠٦٩ - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا
يعقوبُ بنُ إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن أبي الوليد بن كثير، حدثني محمد بن عمرو
بن حَلحَلة الدُّؤلي، أن ابن شهابٍ حدَّثه
أن علي بنَ الحسين حدثه: أنهم حين
قدموا المدينة من عند يزيد ابن معاوية - مَقْتَلَ الحسين بن علي رضي الله عنه لقيه
المِسْورُ بن مخْرمة، فقال له: هل لك إليَّ من حاجة تأمرُني بها؟ قال: فقلتُ له:
لا، قال: هل أنت مُعطِيَّ سيفَ رسول الله ﷺ، فإنِّي أخافُ أن يَغْلِبَكَ القومُ
عليه؟ وايمُ اللهِ لَئِن أعطيتَنِيه لا يُخْلَصُ إليه أبدًا حتى يُبْلَغَ إلى
نفسي، إن علي بنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه خطبَ بنتَ أبي جهل على فاطمة رضي الله
عنها، فسمعتُ رسولَ الله ﷺ وهو يَخْطُبُ الناسَ في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ
محتلِمٌ، فقال: «إن فاطمة مِنِّي وأنا أتخوَّفُ أن تُفْتَنَ في دِينها» قال: ثم
ذكر صِهْرًَا له من بني عبدِ شمس، فأثنى عليه في مُصاهرته إياه فأحسن، قال:
«حدَّثني فَصَدَقني، ووعَدَني فَوفَى لي، وإني لستُ أُحرِّم حلالًا ولا أُحِلُّ
حرامًا، ولكن والله لا تجتمعُ بنتُ رسول الله وبنتُ عدوِّ الله مكانًا واحدًا
أبدًا» (١).
= وأخرجه مختصرًا البخاري (٤٥٧٣)
و(٤٦٠٠) و(٥٠٩٨) و(٥١٢٨) و(٥١٣١)،
ومسلم (٣٠١٨)، والنسائي في «الكبرى»
(١١٠٥٩) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٠٧٣).
(١)
إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه بتمامه ومختصرًا البخاري
(٣١١٠)، ومسلم (٢٤٤٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٣١٤) و(٨٤٦٩) من طريق يعقوب بن
إبراهيم، بهذا الإسناد. =
٢٠٧٠ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارس،
حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، وعن أيوب
عن ابن أبي مليكة، بهذا الخبر، قال:
فسكت عليٌّ عن ذلك النكاح (١).
= وأخرجه بتمامه ومختصرًا أيضأ البخاري
(٣٧٢٩)، ومسلم (٢٤٤٩)، وابن ماجه (١٩٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٤٦٨) من طريق
شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (٢٤٤٩) من طريق النعمان بن راشد، كلاهما عن الزهري، به.
زادوا في آخره: فترك عليٌّ الخطبة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩١١)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٩٥٦).
وانظر لاحقيه.
قال ابن القيم في «تهذيب السنن» ٣/
١٧: وفي هذا الحديث تحريم أذى النبي ﷺ بكل وجه من الوجوه وإن كان بفعل مباح، فإن
تأذى به رسول الله ﷺ لم يجز فعله لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا
رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٥٣] وفيه غيرة الرجل وغضبه لابنته وحرمته.
وفيه بقاء عار الآباء في الأعقاب
لقوله: «بنت عدو الله» فدل على أن لهذا الوصف
تأثيرًا في المنع، وإلا لم يذكره مع
كونها مسلمة، وعليه بقاء أثر صلاح الآباء في الأعقاب.
وفيه أوضح دليل على فضل فاطمة، وأنها
سيدة نساء هذه الأمة، لكونها بضعة من النبي ﷺ.
وفيه ثناء الرجل على زوج ابنته بجميل
أوصافه ومحاسن أفعاله.
وفيه أن أذى أهل بيته ﷺ وإرابتهم أذى
له.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد مرسل. ولمعمر في هذا الحديث طريقان، الأول عن الزهري،
والثاني عن أيوب، عن ابن أبى مليكة. أما ابنُ أبي مليكة - واسمه عَبد الله بن
عُبيد الله - فيرويه عن المسور بن مخرمة كما يتضح من إسناد الرواية التالية عند
المصنف، وأما الزهري فالذي أثبتناه من أصولنا الخطية أنه عن الزهري عن عروة. قلنا:
وعروة - وهو ابن الزبير - قد روى عن المسور بن مخرمة عند الستة، لكن جاء في «تحفة
الأشراف» للمزي (١١٢٧٨) أنه من رواية الزهري، عن علي بن الحسين، =
٢٠٧١ - حدَّثنا أحمد بنُ يونس وقتيبةُ بن
سعيد - المعنى، قال أحمد: حدَّثنا الليثُ، حدثني عبدُ الله بن عُبيد الله بن أبي
مليكة القرشي التيمي
أن المسورَ بن مخرمة حدَّثه، أنه سمع
رسول الله ﷺ على المنبر يقول: «إن بني هشام بن المغيرة استأذَنُوني أن يُنكحوا
ابنتهم من علي بن أبي طالب، فلا آذَنُ، ثم لا آذَنُ [ثم لا آذَنُ] إلا أن يريد
ابنُ أبي طالب أن يطلِّقَ ابنتي ويَنكِحَ ابنتَهم، فإنما ابنتي بَضْعة مني،
يُرِيبُني ما أرابَها، ويُؤذيني ما
آذاها». والإخبار في حديثِ أحمدٌ (١).
= عن المسور، يعني كالرواية السالفة
عند المصنِّف قبله، وقد رواه عن الزهري من هذا الوجه جماعة، وجاء في «مصنف عبد
الرزاق» (١٣٢٦٩) عن معمر، عن الزهري، وعن أيوب، عن ابن أبي مليكة: أن علي بن أبي
طالب خطب، وهذا يؤيد ما جاء في «تحفة الأشراف». لكن روى هذا الحديث أحمدُ في
«فضائل الصحابة» (١٣٣٠) عن عبد الرزاق، فقال: عن معمر، عن الزهري، عن عروة، وعن
أيوب، عن ابن أبي مليكة: أن علي بن أبي طالب. فوافق ما جاء في أصولنا الخطية.
فالظاهر أن عبد الرزاق قد اضطرب في
إسناده. فمرة يرويه عن معمر، عن الزهري
وعن معمر، عن أيوب، عن ابن أبي
مليكة، وتارة يرويه بزيادة عُروة في طريق الزهري. بقي أن ينبه هنا على أن المزي
جعل هذا الإسناد بطريقيه موصولًا، وإنما حمله على ذلك أنه نظر إلى الإسناد الذي
قبله والإسناد الذي بعده عند المصنِّف، فحمل هذا الإسناد على الوصل، لكن صنيع
المصنِّف يشير إلى أنه عن الزهري - أو عن الزهري عن عروة - وعن ابن أبي مليكة
مرسلًا. ويؤيده ما جاء في «مصنف عبد الرزاق» و«فضائل الصحابة» لأحمد بن حنبل،
مبينًا فيه الإرسال كما سلف.
وانظر ما قبله وما بعده.
(١)
إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد
وأخرجه بتمامه ومختصرًا البخاري
(٣٧١٤) و(٣٧٦٧) و(٥٢٣٠) و(٥٢٧٨)، ومسلم (٢٤٤٩)، وابن ماجه (١٩٩٨)، والترمذي
(٤٢٠٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٣١٢) و(٨٣١٣) و(٨٤٦٥ - ٨٤٦٧) من طريقين عن عبد
الله ابن أبي مليكة، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. =
١٣ - باب في نكاح المتعة (١)
٢٠٧٢
- حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرهَدٍ،
حدَّثنا عبدُ الوارث، عن إسماعيلَ بنِ أُميةَ، عن الزهريِّ، قال:
كنا عندَ عمر بنِ عبد العزيز،
فتذاكرنا مُتْعَةَ النساء فقال له رَجُلٌ يقال له: ربيعُ بنُ سَبْرَةَ: أشهد على
أبي أنه حَدَّث: أن رسولَ الله ﷺ نهى عنها في حَجَّة الوَداع (٢).
= وأخرجه الترمذي (٤٢٠٧) من طريق أيوب
السختيانى، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير. فجعله من مسند عبد الله بن
الزبير.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
هكذا قال أيوب: عن ابن أبي مليكة، عن ابن الزبير. وقال غير واحدٍ: عن ابن أبي
مليكة، عن المسور بن مخرمة، ويحتمل أن يكون ابن أبي مليكة روى عنهما جميعًا.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٤٦٨)
من طريق علي بن حسين، عن المسور ابن مخرمة.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٢٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٩٥٥).
وانظر سابقيه.
(١)
نكاح المتعة: هو تزويج المرأة إلى أجل، فإذا انقضى وقعت الفرقة.
(٢)
إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٤٠٦) من طرق عن
الزهري، بهذا الإسناد. وجاء في روايتين عند مسلم أن النهي عن المتعة كان يوم
الفتح. ولم يَرِد في بقية الروايات زمنُ ذلك.
وأخرجه بنحوه أيضًا مسلم (١٤٠٦)،
وابن ماجه (١٩٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٥١٦ - ٥٥٢٠) و(٥٥٢٥) من طرق عن الربيع
بن سبرة، به. وقال النسائي: حديث صحيح، وجاء في رواية مسلم أن ذلك كان عام الفتح،
ولم يرد عند النسائي في غير الموضع الأول زمنُ ذلك. =
٢٠٧٣ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارسٍ،
حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَغمَرٌ، عن الزهري، عن ربيع بنِ سَبرةَ
عن أبيه: أن رسول الله ﷺ حَرَّمَ
مُتْعَةَ النِّسَاء (١).
= وهو في «مسند أحمد»، و«صحيح ابن
حبان» (٤١٤٦).
وانظر ما بعده.
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٧٠: وأما
حجة الوداع، فهو اختلاف على الربيع بن سبرة، والرواية عنه أنها في الفتح أصحُّ
وأشهر.
وقال في «التلخيص» بعد أن روى هذا
الحديث من طريق الربيع بن سبرة، قال: أشهد على أبي أنه حدث أن رسولَ الله ﷺ نهى
عنها في حجة الوداع: ويجاب عنه
بجوابين: أحدهما: أن المراد بذكر ذلك
في حجة الوداع إشاعة النهي والتحريم لكثرة من حضرها من الخلائق، والثاني: احتمال
أن يكون انتقل ذهن أحد رواته من فتح مكة إلى حجة الوداع، لأن أكثر الرواة عن سبرة
أن ذلك كان في الفتح.
تنبيه: قال الإمام ابن القيم في «زاد
المعاد» ٥/ ١١١: وأما نكاحُ المتعة، فثبت عنه ﷺ أنه أحلها عامَ الفتح، وثبت عنه
أنه نهى عنها عامَ الفتح، كما في «صحيح مسلم» (١٤٠٦) (٢٢)، واختلف: هل نهى عنها
يومَ خيبر على قولين، والصحيح أن النهي إنما كان عام الفتح وأن النهي يومَ خيبر
إنما كان عن الحمر الأهلية، وإنما قال عليٌّ لابن عباس: إن رسول الله ﷺ نهى يوم
خيبر عن متعة النساء، ونهى عن الحمر الأهلية محتجًا عليه في المسألتين، فظن بعض
الرواة أن التقييد بيوم خيبر راجع إلى الفصلين، فرواه بالمعنى، ثم أفرد بعضهم أحد
الفصلين، وقيده بيوم خيبر.
وقد تقدم بيان المسألة في غزاة الفتح
في الجزء الثالث من «زاد المعاد» بتحقيقنا ٣/ ٤٥٩ - ٤٦٤ فارجع إليه.
(١)
إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٤٠٦)، والنسائي
في «الكبرى» (٥٥٢١) من طريقين عن معمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٣٤٤).
وانظر ما قبله. =
١٤ - باب في الشِّغار
٢٠٧٤
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ (ح)
وحدَّثنا مُسَدَدُ بن مُسَرْهَدٍ،
حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، كلاهما عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله ﷺ نهى
عن الشِّغار. زاد مُسَدَّدٌ في حديثه: قلتُ لنافع: ما الشِّغَارُ؟ قال: يَنْكِحُ
ابنَةَ الرَّجُلِ ويُنْكِحُه ابنَته، بغيرِ صَدَاقٍ، ويَنكِحُ أختَ الرجلِ
ويُنْكِحُه أختَه بغيرِ صَدَاقٍ (١).
= قال الخطابي: تحريم نكاح المتعة،
كالإجماع بين المسلمين، وقد كان ذلك مباحًا في صدر الإسلام ثم حرمه في حجة الوداع
(الصواب في غزاة الفتح) وذلك في آخر أيام رسول الله ﷺ، فلم يبق اليوم فيه خلاف بين
الأئمة إلا شيئًا ذهب إليه بعض الروافض. وكان ابن عباس يتأول في إباحته للمضطر
إليه بطول العُزبة وقلة اليسار والجِدة، ثم توقف عنه، وأمسك عن الفتوى به ... قال
الخطابي: وإنما سلك ابن عباس فيه مذهب القياس وشبهه بالمضطر إلى الطعام، وهو قياس
غير صحيح، لأن الضرورة في هذا الباب لا تتحقق كهي في باب الطعام الذي به قوام
الأنفس، وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة، وقد
تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما فلى حكم الضرورة كالآخر.
(١)
إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد
الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٥٣٥،
ومن طريقه أخرجه البخاري (٥١١٢)، ومسلم (١٤١٥)، وابن ماجه (١٨٨٣)، والترمذي
(١١٥٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٧٣). وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٩٦٠)، ومسلم
(١٤١٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٧٠) من طرق عن نافع، به. ولفظ إحدى روايات مسلم:
«لا شغار في الإسلام».
وهو في «مسند أحمد» (٤٥٢٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١٥٢).
قال النووي: الشغار بكسر الشين
وبالغين أصله في اللغة الرفع، يقال: شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول كأنه قال: لا
ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك، وقيل: =
٢٠٧٥ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس،
حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبي، عن ابنِ إسحاقَ، حدَثني عبدُ الرحمن بن
هُزمز الأعرجُ أن العباسَ ابنَ عبدِ الله بن العباس، أنكح عبدَ الرحمن بنَ الحكم
ابنَته، وأنكحه عبدُ الرحمن ابنته، وكانا جَعلا صَدَاقًا.
فكتَبُ معاويةُ إلى مروانَ يأمره
بالتفريقِ بينَهما، وقال في كتابه: هذا الشِّغَار الذي نهى عنه رسولُ الله ﷺ (١).
= هو من شغر البلد: إذا خلا لخلوه من
الصداق، وكان الشغار من نكاح الجاهلية وأجمع العلماء على أنه منهي عنه، لكن
اختلفوا هل هو نهي يقتضي إبطال النكاح أم لا، فعند الشافعي يقتضي إبطاله، وحكاه
الخطابي عن أحمد وإسحاق وأبي عبيد، وقال مالك: يفسخ قبل الدخول وبعده، وفي رواية
عنه: قبله لا بعده، وقال جماعة: يصح بمهر المثل، وهو مذهب أبي حنيفة وحكي عن عطاء
والزهري والليث وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وبه قال أبو ثور وابن جرير، وأجمعوا على
أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ والعمات وبنات الأعمام كالبنات.
وصورته: زوجتك بنتي على أن تزوجني
بنتك، وبضع كل واحدة صداق للأخرى، فيقول: قبلت.
(١)
مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق المطلبي مولاهم
- قد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٦٨٥٦)،
وأبو يعلى في «مسنده» (٧٣٧٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٤١٥٣)، والطبراني في «الكبير»
١٩/ (٨٠٣)، والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ٢٠٠ من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وقرن أحمد في روايته مع يعقوب سعد بن إبراهيم. ولم يذكر الطبراني في روايته القصة.
ويشهد للنهي عن الشغار ما سلف قبله
من حديث عبد الله بن عمر.
وآخر من حديث أبي هريرة عند مسلم
(١٤١٦).
وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند
مسلم أيضًا (١٤١٧).
ورابع من حديث أنس بن مالك عند أحمد
في«مسنده» (١٢٦٥٨).
وخامس من حديث عمران بن حصين عند
الترمذي (١١٥١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٤١٥).
١٥ - باب في التحليل
٢٠٧٦
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا
زهير، حدثني إسماعيلُ، عن عامرٍ، عن الحارثِ عن علي - قال إسماعيل: وأُراه قد
رفعَه إلى النبيَّ ﷺ أن النبيَّ ﷺ قال: «لُعِنَ المُحِلُّ والمُحَلَّلُ لَه» (١).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناده ضعيف، لضعف
الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور - زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وإسماعيل: هو ابن
أبي خالد البجلي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٣٥)، والترمذي
(١١٤٧) من طريقين عن الشعبي، بهذا الإسناد. وقرن الترمذي مع علي جابر بن عبد الله،
وقال: حديث علي وجابر حديثٌ معلول.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٣٣٥)
من طريق ابن عون، عن الشعبي، عن الحارث مرسلًا.
وأخرجه أيضًا النسائي في «الكبرى»
(٩٣٣٦) من طريق عطاء بن السائب، عن الشعبي قال: لعن ... مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٦٣٥) و(٩٨٠).
وانظر ما بعده.
وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود
عند أحمد في «مسنده» (٤٢٨٣) و(٤٢٨٤) و(٤٤٠٣)، والترمذي (١١٤٨). وإسناده صحيح.
وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد
(٨٢٨٧) وغيره، وإسناده حسن.
قال في «المغني» ٤٩/ ١٠: إن نكاح
المحلل حرام باطل في قول عامة أهل العلم، منهم الحسن والنخعي وقتادة ومالك والليث
والثوري وابن المبارك والشافعي، وسواه قال: زوجتكها أن تطأها، أو شرط أنه إذا
أحلها، فلا نكاح بينهما، أو أنه إذا أحلها للأول طلقها، وحكي عن أبي حنيفة أنه يصح
النكاح ويبطل الشرط، وقال الشافعي في الصورتين الأوليين: لا يصح، وفي الثالثة على
قولين. =
٢٠٧٧ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ،
عن حُصَين، عن عامرٍ، عن الحارثِ الأعورِ
عن رجل مِن أصحابِ النبي ﷺ، قال:
فرأينا أنه عليٌّ، عن النبيَّ ﷺ، بمعناه (¬١).
١٦
- باب في
نكاح العبد بغير إذن سيده
٢٠٧٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل وعثمانُ بنُ
أبي شيبة - وهذا لفظُ إسناده - وكلاهما، عن وكيع، حدَّثنا الحسنُ بنُ صالح، عن
عبدِ الله بنِ محمد بن عقيل
عن جابر قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:
«أيما عَبدٍ تزوَّجَ بغير إذن مَواليه فَهُوَ عاهِرٌ» (٢).
= قال ابن الهمام من الحنفية: وعلى
المختار للفتوى لو زوجت المطلقة ثلاثًا نفسها بغير كفء، ودخل بها لا تحل للأول،
قالوا: ينبغي أن تحفظ هذه المسألة، فإن المحلل في الغالب أن يكون غير كفء.
وقال القاضي فيما نقله عنه القاري في
«المرقاة» ٣/ ٤٨٧: المحلل الذي تزوج مطلقة الغير ثلاثًا على قصد أن يطلقها بعد
الوطء، ليحل للمطلق نكاحها، وكأنه يحللها على الزوج الأول بالنكاح والوطء، والمحلل
له هو الزوج، وإنما لعنهما لما في ذلك من هتك المروءة، وقِلَّة الحميَّه والدلالة
على خِسة النفس وسقوطها، أما بالنسبة إلى المحلل له فظاهر، وأما بالنسبة إلى
المحلل، فلأنه يعير نفسه بالوطء لغرض الغير، فإنما يطؤها ليعرضها لوطء المحلل له،
ولذلك مثله ﷺ بالتيس المستعار.
(١)
صحيح لغيره كسابقه. خالد: هو ابن عبد الله الطحّان.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٠).
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده ضعيف. عبد الله بن محمد بن عقيل تفرد به عن جابر، ولم يتابعه عليه أحد،
ومثله لا يُقبَل عند التفرد. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. =
٢٠٧٩ - حدَّثنا عقبةُ بنُ مُكرَمٍ، حدَّثنا
أبو قتيبةَ، عن عبدِ الله بنِ عمر، عن نافع
عن ابنِ عمر، عن النبيَّ ﷺ قال: «إذا
نكحَ العبدُ بغيرِ إذن مولاه، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ» (١).
قال أبو داود: هذا الحديث ضعيف، وهو
موقوف، وهو قولُ ابن عُمر.
١٧
- باب في
كراهيةِ أن يخطُب الرجل على خِطبة أخيه
٢٠٨٠
- حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمرو بنِ
السَّرْح، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيد بنِ المسيب
= وأخرجه الترمذي (١١٣٧) و(١١٣٨) من
طريقين عن عبد الله بن محمد، به.
وقال في الموضع الأول: حديث حسن، وفي
الموضع الثانى: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢١٢).
وانظر ما بعده.
(١)
إسناده ضعيف. لضعف عبد الله بن عمر - وهو ابن حفص العمري -. أبو
قتيبة: هو سَلْم بن قتيبة
الشَّعِيري، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٦٠) من طريق موسى
بن عقبة، عن نافع، به. بلفظ: «فهو زانٍ». وفى سنده مندل بن علي وهو ضعيف، وقال
أحمد: هذا حديث منكر، وصوب الدارقطني وقفه في «العلل» كما صنع المصنف هنا.
وأخرجه موقوفًا عبد الرزاق (١٢٩٨١)،
وابن أبي شيبة ٤/ ٢٦١ - ٢٦٢، عن ابن عمر أنه وجد عبدًا له تزوج بغير إذنه، ففرق
بينهما، وأبطل صداقه، وضَرَبَه حدًّا.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٥٩) من طريق عبد
الوارث بن سعيد، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن
عمر. بلفظ: «كان عاهرًا». قال الترمذي في «العلل الكبير» ١/ ٤٣٤: سألت محمد بن
إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر أصح.
وانظر ما قبله.
عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا يَخْطُبُ الرَّجُلُ على خِطبةِ أخيه» (١).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة
الهلالي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب.
وأخرجه البخاري (٢١٤٠) و(٢٧٢٣)،
ومسلم (١٤١٣)، وابن ماجه (١٨٦٧)، والترمذي (١١٦٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٣٦)
و(٥٣٣٧) و(٦٠٤٩) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وزاد النسائي (٥٣٣٧): «حتى يَنكح أو يَترُك».
وأخرجه البخاري (٥١٤٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٣٥) من طريق الأعرج عبد الرحمن بن هرمز، ومسلم (١٤٠٨)، والنسائى
(٥٣٣٩) من طريق محمد بن سيرين، ومسلم (١٤١٣) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب و(١٤١٣)
من طريق أبي صالح السمان. عن أبي هريرة، به. زاد البخاري: «حتى يَنْكح أو يَترُك».
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٤٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٤٦) و(٤٠٤٨) و(٤٠٥٠).
الخطبة بكسر الخاء: التماس النكاح،
واما الخطبة في الجمعة والعيد والحج وبين يدي عقد النكاح فبضم الحاء.
وذهب الجمهور إلى أن النهي في الحديث
للتحريم كما حكى ذلك الحافظ في «الفتح» وقال الخطابي: إن النهي هاهنا للتأديب،
وليس بنهي تحريم يُبطِلُ العقدَ عند أكثر الفقهاء، قال الحافظ: ولا ملازمة بين
كونه للتحريم وبين البطلان عند الجمهور، بل هو عندهم للتحريم ولا يبطِل العقدَ،
وحكى النووي أن النهي فيه للتحريم بالإجماع، ولكنهم اختلفوا في شروطه، فقالت
الشافعية والحنابلة: محل التحريم إذا صَرَّحَت المخطوبة بالإجابة أو وليها الذي
أذنت له، فلو وقع التصريح بالرد، فلا تحريم، وليس في الأحاديث ما يدل على اعتبار
الإجابة، وأما ما احتج به الخطابي من قول فاطمة بنت قيس للنبي ﷺ: إن معاوية وأبا
جهم خطباها، فلم ينكر النبي ﷺ عليهما، بل خطبها لأسامة، فليس فيه حجة كما قال
النووي لاحتمال أن يكونا خطباها معًا، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول، والنبي ﷺ
أشار بأسامة ولم يخطب.
٢٠٨١ - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا
عَبْدُ الله بنُ نُمير، عن عُبيد الله، عن نافع
عن ابنِ عمر، قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا يَخطُب أحَدُكُم على خِطبةِ أخيه، ولا يَبِعْ على بيعِ أخيه، إلا بإذنِهِ»
(¬١).
١٨
- باب
الرجل ينظُر إلى المرأةِ وهو يريد تزويجها
٢٠٨٢
- حدَّثنا مُسَددٌ، حدَّثنا عبدُ
الواحدِ بنُ زيادٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ،
عن داود بنِ حُصينٍ، عن واقدِ بنِ
عبدِ الرحمن - يعني ابنَ سعد بن معاذٍ -
عن جابر بنِ عبد الله، قال: قالَ
رسولُ الله ﷺ: «إذا خَطَبَ أحَدُكُم المرأةَ، فإن استطاعَ أن يَنْظُرَ إلى ما
يَدْعُوهُ إلى نِكَاحها فَلْيفعَل». فخطبتُ جاريةً فكنت أتخبَّأ لها، حتى رأيتُ
منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوَّجْتُها (٢).
(١) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر
العمري، ونافع: هو مولى ابن عمر.
وأخرجه البخاري (٢١٣٩) و(٢١٦٥)
و(٥١٤٢)، ومسلم (١٤١٢)، وبإثر (١٥١٤)، وابن ماجه (١٨٦٨) و(٢١٧١)، والترمذي (١٣٣٨)،
والنسائي في «الكبرى» (٥٣٣٤) و(٥٣٤٠) و(٦٠٥٠) و(٦٠٥١) من طرق عن نافع، به. وزاد
النسائي في «الكبري» (٥٣٤٠): «حتى يترك الخاطبُ قبلَه أو يأذن له الخاطب»، و(٦٠٥١)
في البيع: «حتى يَبتَاعَ أو يَذَرَ». واقتصر بعضهم على ذكر البيع على البيع.
وهو في «مسند أحمد» (٤٧٢٢) و(٦٢٧٦)،
و«صحيح ابن حبان» (٤٠٤٧) و(٤٩٦٦).
وانظر ما سيأتي برقم (٣٤٣٦).
(٢)
مرفوعه صحيح، وهذا حديث حسن، وقد اختُلف على محمد بن إسحاق في تسمية الراوي عن
جابر، والصحيح أنه واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، وليس واقد بن عبد الرحمن، كما في
رواية إبراهيم بن سعد الزهري، وأحمد بن خالد الوهبي =
١٩ - باب في الولي
٢٠٨٣
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، أخبرنا ابنُ جريج، عن سليمانَ بنِ موسى، عن الزَّهري، عن عُروة
عن عائشة قالت: قال رسولُ الله ﷺ:
«أيُّما امرأةٍ نكَحَتْ بغيرِ إذن مَوَاليها فنِكاحُهَا بَاطِلٌ - ثلاثَ مرات -
فإن دَخَلَ بها فالمهرُ لها
= وغيرهما، وواقد بن عمرو ثقة. وابن
إسحاق صرح بسماعه من داود بن حصين عند أحمد (١٤٨٦٩). وانظر تمام الكلام عليه
في»مسند أحمد«(١٤٥٨٦). مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في»مصنفه«٤/ ٣٥٥
- ٣٥٦، وأحمد في»مسنده«(١٤٥٨٦) من طريق عبد الواحد بن زياد، والبزار - كما
في»الوهم والإيهام «٤/ ٤٢٨ - ٤٢٩، عن عمر بن علي المقدَّمي، كلاهما عن محمد بن
إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في»مسنده«(١٤٨٦٩) من
طريق إبراهيم بن سعد، والطحاوي في»شرح معاني الآثار«٣/ ١٤، والبيهقي في»الكبرى«٧/
٨٤ من طريق أحمد بن خالد الوَهبي، والحاكم في»المستدرك«٢/ ١٦٥ من طريق عمر بن علي
المقدَّمي، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن
معاذ، عن جابر بن عبد الله، به. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي.
ولمرفوعه شاهد من حديث أنس بن مالك
عند ابن ماجه (١٨٦٥). وصححه ابنُ حبان (٤٠٤٣)، والحاكم ٢/ ١٦٥، ووافقه الذهبي.
وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد
في»مسنده" (٧٨٤٢)، ومسلم (١٤٢٤).
وثالث من حديث المغيرة بن شعبة عند
أحمد (١٨١٣٧). وهو صحيح.
ورابع من حديث أبي حميد الساعدى عند
أحمد أيضًا (٢٣٦٠٢). وإسناده صحيح.
قال الشوكانى: وقد وقع الخلاف في
الموضع الذي يجوز النظر إليه من المخطوبة، فذهب الأكثر إلى أنه يجوز إلى الوجه
والكفين فقط، وقال داود: يجوز النظر إلى جميع البدن، وقال الأوزاعي: ينظر إلى
مواضع اللحم، وظاهر الأحاديث أنه يجوز له النظر إليها سواء كان ذلك بإذنها أم لا،
وروي عن مالك اعتبار الإذن.
بما أصابَ منها، فإن تَشَاجَرُوا
فالسُلطَانُ وَليُّ مَن لا وليَّ له» (١).
(١) حديث صحيح، وصححه ابن معين، وأبو عوانة،
وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وقد صرّح ابن جريج - وهو عبد الملك بن
عبد العزيز - بسماعه من سليمان بن موسى عند عبد الرزاق في. «مصنفه» (١٠٤٧٢)، وفي
رواية أبي عاصم الضحاك عند الحاكم ٢/ ١٦٨. وكذا جاء عندهما تصريح سليمان بن موسى
بسماعه من الزهري، وسليمان ثقة حافظ، فما جاء في رواية إسماعيل ابن عليّة من أن
ابن جريج لقي الزهري فسأله عن هذا الحديث فلم يعرفه، فيه وقفة، فقد تكلم ابن معين
في سماع ابن عُلية من ابن جريج. وقد فصلنا القول في هذا الحديث في «مسند أحمد» (٢٤٢٠٥)،
فانظر تمام تخريجه والكلام عليه عنده.
سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والزهري:
هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٧٩)، والنرمذي
(١١٢٧)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٧٣) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال
الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٨٠) من طريق حجاج
بن أرطاة، عن الزهري، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٢٠٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٧٤).
وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد
في «مسنده» (٢٢٦٠)، وابن ماجه (١٨٨٠).
وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن حبان
(٤٠٧٦).
وثالث من حديث أبي موسى الأشعري
سيأتي عند المصنف بعده.
ورابع من حديث ابن مسعود عند
الدارقطني ٣/ ٢٢٥.
وخامس من حديث علي عند البيهقي ٧/
١١١.
وسادس من حديث ابن عمر عند الدارقطني
٣/ ٢٢٥.
وهذه الأحاديث لا يخلو واحد منها من
ضعف، لكن الحديث يتقوى بمجموع هذه الشواهد. وانظر ما بعده.
٢٠٨٤ - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا ابنُ
لهيعةَ، عن جعفرٍ - يعني ابنَ ربيعةَ -
عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة، عن عائشة،
عن النبي ﷺ، بمعناه (١).
قال أبو داود: جعفرٌ لم يَسمَع مِن
الزهري، كتب إليه.
٢٠٨٥
- حدَّثنا محمدُ بنُ قدامةَ بن أعين،
حدَّثنا أبو عبيدةَ الحدادُ، عن يونسَ. وإسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي بردةَ
عن أبي موسى، أن النبي ﷺ قال: «لا
نِكَاحَ إلا بِوَليٍّ» (٢). قال أبو داود: هو يونس، عن أبي بُردةَ، وإسرائيلَ عن
أبي إسحاقَ عن أبي بُردة (٣).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن لهيعة -
وهو عبد الله - سماع القعنبيُّ - وهو عبد الله بن مسلمة - منه قبل سوء حفظه، ولهذا
قبل العلماءُ رواية ابن لهيعة من طريقه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٧٢).
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. وقد اختُلف في وصله وإرساله، ووصله أصح كما بيناه في «مسند أحمد»
(١٩٥١٨). أبو عُبيدة الحداد: هو عبد الواحد بن واصل، ويونس: هو ابن أبي إسحاق
السبيعي، وإسرائيل: هوْ ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله
السبيعي، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله الأشعري.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٨١)، والترمذي
(١١٢٦) من طرق عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه الترمذي (١١٢٨) من طريق سفيان
الثوري، وشعبة، عن أبي إسحاق، به. مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٥١٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٧٧) و(٤٠٧٨) و(٤٠٨٣) و(٤٠٩٠).
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في
«المسند».
(٣)
أراد المصنف هنا أن ينبه على أن رواية أبي عبيدة الحداد عن يونس إنما هي عن أبي
بردة مباشرة دون ذكر أبي إسحاق السبيعي، وبذلك يشترك مع أبي إسحاق في
=
٢٠٨٦ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس،
حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن معمر، عن الزهريِّ، عن عُروة بن الزبير
عن أُمِّ حبيبة أنها كانت عندَ ابنِ
جحْش فهلَكَ عنها، وكان فيمن هاجَرَ إلى أرضِ الحبشةِ، فزوَّجَهَا النّجاشيُّ
رَسُولَ الله ﷺ وهي عِنْدَهُم (١).
= رواية هذا الحديث موصولًا ابنه
يونُس. ولهذا فقد نقل ابن القيم في «تهذيب السنن» ٣/ ٣٠ - ٣١ عن قبيصة بن عقبة أنه
قال: جاءني علي بن المديني فسألني عن هذا الحديث، فحدثته به عن يونس بن أبي إسحاق،
عن أبي بردة، عن أبي موسى. لم يذكر فيه أبا إسحاق، فقال: استرحنا من خلاف أبي
إسحاق. قلنا: على أن يونس قد رواه أيضًا بواسطة أبيه كما جاء عند الترمذي (١١٢٦).
فلعله رواه على الوجهين، والله أعلم.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف في وصله وإرساله، كما بيناه في «مسند أحمد» (٢٧٤٠٨)،
وقد تابع معمرًا على وصل هذا الحديث عبد الرحمن بن خالد بن مسافر وهو ثقة، إلا أنه
جعله عن عروة، عن عائشة، وهذا اختلاف في ذكر الصحابي، ومثله لا يضر بصحة الحديث.
عبد الرزاق: هو إبن همام الصنعانى،
ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب.
وأخرجه بنحوه النسائي في «الكبرى»
(٥٤٨٦) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر بن راشد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أيضًا ابن حبان في
«صحيحه» (٦٠٢٧) من طريق عبد الرحمن ابن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٤٠٨)، وفي
«شرح مشكل الآثار» للطحاوي (٥٠٦١). وانظر ما سيأتي برقم (٢١٠٧) و(٢١٠٨).
قال الإمام ابن القيم في «تهذيب
السنن»: هذا هو المعروف المعلوم عند أهل العلم أن الذي زوج أم حبيبة للنبي ﷺ هو
النجاشي في أرض الحبشة، وأمهرها من عنده، وزوجها الأول التي كانت معه في الحبشة هو
عُبيد الله بن جحش بن رئاب أخو =
٢٠ - باب في العَضل
٢٠٨٧
- حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدثني أبو
عامرٍ، حدَّثنا عبادُ بن راشدٍ، عن الحسن
حدَّثني مَعْقِل بن يَسَارٍ، قال:
كانت لي أُخْتٌ تُخطَبُ إليَّ، فأتاني ابنُ عَمٍّ لي، فأنكحتُها إياه، ثم طَلّقَها
طلاقًا له رجعةٌ، ثم تركها، حتى انقضتْ عِدَّتُها، فلما خُطبت إليَّ أتاني
يَخْطُبُها، فقلت: والله لا أنكَحتكَها أبدًا، قال: ففيَّ نزلت هذه الآيةُ:
﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ
أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢] الآية، قال: فكفَّرتُ عن يميني فأنكحتُها إياه
(١).
= زينب بنت جحش زوج رسول الله ﷺ تنصر
بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيًا، فتزوج امرأته رسول الله ﷺ، وفي اسمها قولان،
أحدهما: رملة وهو الأشهر، والثاني: هند، وتزويج النجاشي لها حقيقة، فإنه كان
مسلمًا، وهو أمير البلد وسلطانه.
وقد تأوله بعض المتكلفين على أنه ساق
المهر من عنده، فأضيف التزويج إليه، وتأوله بعضهم على أنه كان هذا الخاطب والذي
ولي العقد عثمان بن عفان، وقيل: عمرو بن أمية الضمري، والصحيح أن عمرو بن أمية كان
وكيل رسول الله ﷺ في ذلك، بعث به النجاشي يزوجه إياها، وقيل: الذي ولي العقد عليها
خالد بن سعيد بن العاص ابن عم أبيها.
وانظر أخبار أم حبيبة رضي الله عنها في«طبقات
ابن سعد» ٨/ ٩٦ - ١٠٠.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. عبَّاد بن راشد ضعيف يعتبر به،
وقد توبع. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار
البصري.
وأخرجه البخاري (٤٥٢٩) و(٥١٣٠)
و(٥٣٣٠) مختصرًا، و(٥٣٣١)، والترمذي (٣٢٢٣)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٩٧٤)
و(١٠٩٧٥) من طرق عن الحسن البصري، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
=
٢١ - باب إذا أنكح الوليان
٢٠٨٨
- حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا
هشامُ (ح)
وحدثنا محمدُ بنُ كثير، خَبَّرنا
همام، (ح)
وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حماد - المعنى - عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سَمُرَةَ، عن النبيّ ﷺ، قال: «أيُّما
امرأةٍ زَوَّجَهَا وليّانِ فهي للأولِ منهما، وأيُّما رجُلٍ باعَ بيعًا مِن
رجلينِ، فهو للأولِ منهما» (١).
= وهو في «صحيح ابن حبان» (٤٠٧١).
العضل: منع الولى مُولِّيَتَهُ مِن
التزويج.
وبهذا الحديث احتج من قال باشتراط
الولي في النكاح، وهم الجمهور، وقالوا لا تزوج المرأة نفسها: أصلًا، واحتجوا بذلك
بجملة أحاديث، قال الحافظ ومن أقواها هذا السبب المذكور في نزول الآية المذكورة،
وهي أصرح دليل على اعتبار الولي، وإلا لما كان لعضله معنى، ولأنها لو كانت لها أن
تزوج نفسها لم تحتج إلى أخيها، ومن كان أمره إليه لا يقال: إن غيره منعه منه، وذكر
ابن المنذر أنه لا يعرف أحد عن الصحابة خلاف ذلك، وعن مالك رواية أنها إن كانت غير
شريفة زوجت نفسها، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط الولي أصلًا، ويجوز أن تزوج نفسها
ولو بغير إذن وليها إذا تزوجت كفئًا.
(١)
رجاله ثقات، وفي سماع الحسن من سمرة خلاف مشهور. ومع ذلك فقد صححه أبو حاتم وأبو
زرعة - كما في «التلخيص الحبير» للحافظ ابن حجر ٣/ ١٦٥ - والحاكم، وحسنه الترمذي،
وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم: لا نعلم بينهم في ذلك اختلافًا. هشام: هو ابن
أبي عبد الله الدستوائي، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي، وهمام: هو ابن يحيي العوذي،
وحمّاد: هو ابن سلمة البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدُوسي.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٩١) و(٢٣٤٤)،
والترمذي (١١٣٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٧٦) و(٥٣٧٧) و(٦٢٣٤) و(١١٦٣) من طرق عن
قتادة، بهذا الإسناد.=
٢٢ - باب قوله تعالى:
﴿لَا
يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾
٢٠٨٩
- حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدَّثنا
أسباطُ بنُ محمد، حدَّثنا الشيبانيُّ، عن عكرمةَ
عن ابنِ عباس - قال الشيباني: وذكره
عطاءٌ أبو الحسن السُّوائي، ولا أظنه إلا عن ابنِ عباس - في هذه الأية: ﴿لَا
يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩]، قال: كان الرجلُ إذا ماتَ، كان أولياؤُه
أحق بامرأتِه مِنْ وليِّ نفسِها: إن شاء بعضهُم زوَّجها أو زَوَّجُوهَا، وإن شاؤوا
لم يُزوجوها، فنزلت هذه الآيةُ في ذلك (١).
= وقال الترمذي: حديث حسن، وأقتصر ابن
ماجه في روايته على ذكر البيع، واقتصر النسائي (٥٣٧٧) على ذكر إنكاح الوليين.
وأخرجه ابن ماجه (٢١٩٠)، والنسائي
(٦٢٣٥) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر أو سمرة
بن جندب، على الشك، وقرن بينهما النسائي. واقتصر ابن ماجه على ذكر البيع.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٨٥).
(١)
إسناده صحيح. الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وعكرمة هو مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (٤٥٧٩) و(٦٩٤٨)،
والنسائي في «الكبرى» (١١٠٢٨) من طرق عن أسباط، بهذا الإسناد. بلفظ: «إن شاء بعضهم
تزوجها وإن شاؤوا زوَّجُوها وإن شاؤوا لم يزوجوها». وانظر تالييه.
قال ابن الجوزي في «زاد المسير» ٢/
١٩: وفي معنى قوله تعالى: ﴿أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ [النساء: ١٩] قولان: أحدهما: أن ترثوا نكاح النساء.
=
٢٠٩٠ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن ثابت
المَروزيُ، حدثني عليُّ بنُ حسين ابنِ واقد، عن أبيه، عن يزيد النحويِّ، عن عِكرمة
عن ابنِ عباسٍ، قال: ﴿لَا يَحِلُّ
لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا
بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾،
وذلك أن الرجلَ كان يَرِثُ امرأةَ ذي قَرابته، فَيَعضُلُها حتى تموتَ أو تَرُدَّ
إليه صَدَاقَها، فأحْكَمَ الله عن ذلك، أي: نهى عن ذلك (١).
= والثاني: أن ترثوا أموالهن كرهًا،
روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية، ألقى عليها
حميمُه ثوبه، فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى
تموت فيرثها. رواه الطبري (٨٨١٢).
وقوله: ولا تعضلوهن. فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الخطاب للأزواج، وفي معنى
العضل المنهي عنه أقوال، أحدها: أن الرجل كان يكره صحبة امرأته، ولها عليه مهر،
فيحبسها ويَضُرُّ بها لتفتدي. قاله ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي.
والثاني: أن الرجل كان ينكح المرأة
الشريفة فلعلها لا توافقه، فيفارقها على أن لا تتزوج
إلا بإذنه ويشهد على ذلك، فإذا خطبت،
فأرضتة، أذن لها وإلا عضلها. قاله ابن زيد.
والثالث: أنهم كانوا بعد الطلاق
يعضلون، كما كانت الجاهلية تفعل، فنهوا عن ذلك، روي عن ابن زيد أيضًا، وقد ذكرنا
في «البقرة»: أن الرجل كان يطلق المرأة ثم يراجعها، ثم يطلقها كذلك أبدًا إلى غير
غاية يقصد إضرارها حتى نزلت: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩].
والثافى: أنه خطاب للأولياء.
والثالث: أنه خطاب لورثة أزواج
النساء الذين قيل لهم: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها. واختار ابن جرير في
تفسيره ٨/ ١١٣ القول الأول ...
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. على بن الحسين بن واقد حسن الحديث. يزيد
النَّخوِي: هو ابن أبي سعيد المروزي.
وانظر ما قبله، وما بعده.
٢٠٩١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد ابن شَبُّويه
أبو الحسن المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عثمانَ، عن عيسى بنِ عُبيدٍ، عن عُبيد
الله مولى عمر
عن الضحاك، بمعناه، قال: فَوَعَظَ
اللهُ عن ذلك (١).
٢٣
- باب في
الاستئمار
٢٠٩٢
- حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا
أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن أبي سلمة
عن أبي هُريرة، أنَّ النبيَّ ﷺ، قال:
«لا تُنْكَحُ الثيبُ حتى تُستَأْمَرَ،
ولا البِكْرُ إلا بإذنها» قالوا: يا
رسولَ الله، وما إذنُها؟ قال: «أن تَسكُتَ» (٢).
(١) رجاله ثقات غير عُبيد الله مولى عمر بن
مسلم الباهلي، فهو في عداد المجهولين. وهذا من قول الضحّاك.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ٤/ ٣٠٨ من
طريق عُبيد بن سليمان الباهلي، عن
الضحاك. وفي الإسناد إليه ضعف.
(٢)
إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العَطَّار، ويحيى: هو ابن أبي كثير البصري، وأبو
سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وأخرجه البخاري (٥١٣٦) و(٦٩٦٨)
و(٦٩٧٠)، ومسلم (١٤١٩)، وابن ماجه (١٨٧١)، والترمذي (١١٣٣)، والنسائى في «الكبرى»
(٥٣٥٧) و(٥٣٥٨) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٤٠٤).
وانظر تالييه.
قال الخطابي: ظاهر الحديث يدل على أن
البكر إذا أنكحت قبل أن تُستأذن فَتَصمِت - أن النكاح باطل كما يبطل نكاح الثيب
قبل أن تستأمر، فتأذن بالقول، وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري، وهو قول أصحاب
الرأي.
وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى
والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: إنكاح الأب البكر البالغ جائز وإن لم
تستأذن، ومعنى استئذانها عندهم إنما هو على استطابة النفس دون الوجوب، كلما جاء
الحديث باستئمار أمهاتهن، وليس ذلك بشرط في صحة العقد.
٢٠٩٣ - حدَّثنا أبو كامِلٍ، حدَّثنا يزيدُ -
يعني ابنَ زريع - (ح)
وحدثنا موسى بنُ اسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ - المعنى - حدثني محمدُ بنُ عمرو، حدَّثنا أبو سَلَمَةَ
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ اللهِ
ﷺ: «تُسْتَأْمَرُ اليتيمةُ في نَفْسِها، فإن سَكَتَتْ فهو إذنُها، وإن أبَتْ فلا
جَوازَ عليها». والإخبار في حديث يزيد (١).
قال أبو داود: وكذلك رواه أبو خالد
سليمانُ بنُ حيّان ومعاذُ بن معاذ، عن محمد بن عمرو. ورواه أبو عمرو ذكوانُ، عن
عائشة، قالت: يا رسولَ الله، إن البكر تستحيي أن تَتكَلَّمَ، قال: «سُكاتُها
إقرارُها».
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. محمد بن
عمرو - وهو ابن علقمة بن وقَّاص الليثي - صدوق حسن الحديث. أبو كامل: هو فُضيل بن
حسين الجَحدري، وحمّاد: هو ابن سلمة البصري.
وأخرجه الترمذي (١١٣٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٦٠) من طريقين عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٢٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٧٩) و(٤٠٨٦).
وانظر ما قبله وما بعده.
وفي الباب عن ابن عباس سيأتى عند
المصنف برقم (٢١٠٠).
وعن أبي موسي الأشعري عند أحمد
(١٩٥١٦)، وابن حبان (٤٠٨٥).
قال الخطابي: وقد اختلف أهل العلم في
جواز إنكاح غير الأب الصغيرة، فقال الشافعي: لا يزوجها غير الأب والجد، ولا يزوجها
الأخ ولا العم ولا الوصي.
وقال الثوري: لا يزوجها الوصي، وقال
حماد بن أبي سليمان ومالك بن أنس: للوصي أن يزوج اليتيمة قبل البلوغ، وروي ذلك عن
شريح.
وقال أصحاب الرأي: لا يزوجها الوصي
حتى يكون وليًا لها، وللولي أن يزوجها وإن لم يكن وصيًا إلا أن لها الخيار إذا
بلغت.
٢٠٩٤ - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا
ابنُ إدريس، عن محمد بنِ عمرو، بهذا الحديثِ بإسناده، زاد فيه:
قال: «فإن بكَتْ أو سَكَتَت» زاد:
«بكت» (١).
قال أبو داود: وليس «بَكَت» بمحفوظٍ،
وهو وهَمٌ في الحديث، الوهَم من ابنِ إدريسَ، أو من محمد بن العلاء.
٢٠٩٥
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة،
حدَّثنا معاويةُ بنُ هشام، عن سفيانَ، عن إسماعيلَ بنِ أُمية، حَدَّثني الثقةُ
عن ابنِ عمر قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«آمِرُوا النسَاءَ في بناتِهن» (٢).
(١) صحيح لغيره كسابقه. ابن ادريس: هو عبد
الله الأودي.
وانظر سابقيه.
وقول أبي داود: ورواه أبو عمرو ذكوان
عن عائشة قالت: أخرجه البخاري (٥١٣٧) و(٦٩٤٦) و(٦٩٧١)، ومسلم (١٤٢٠)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٥٦)
من طريق ابن أبي مُليكة، عن ذكوان،
به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٨٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٨٠).
(٢)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن فيه رجلًا مبهمًا حدث عنه
إسماعيل بن أمية ووثقه، ومعاوية بن هشام - وهو القصّار - صدوق حسن الحديث. ولهذه
القصة طرق أخرى تشدها وتحسنها، وتبين أن لها أصلًا ذكرناها في الكلام على الحديث
في «مسند أحمد». سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٠٣١١)، وأحمد في «مسنده» (٤٩٠٥)، والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ١١٥، وفي «المعرفة»
(١٣٥٧٦) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
قال الخطابي: مؤامرة الأمهات في بضع
البنات ليس من أجل أنهن يملكن من عقدة النكاح شيئًا، ولكن من جهة استطابة أنفسهن
وحسن العشرة معهن، ولأن ذلك أدعى الى الألفة بين البنات وأزواجهن، إذا كان مبدأ
العقد برضاء من الأمهات ورغبة =
٢٤ - باب في البكر يزوجها أبوها ولا
يستأمرها
٢٠٩٦
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة،
حدَّثنا حسينُ بنُ محمد، حدَّثنا جريرُ ابنُ حازم، عن أيوبَ، عن عِكرمة
عن ابنِ عباس: أن جاريةً بكرًا أتَتِ
النبيَّ ﷺ، فَذَكَرَتْ أن أباها زوَّجها وهي كارِهَةٌ، فخيَّرها النبي ﷺ (١).
= منهن، وإذا كان بخلاف ذلك لم يؤمن
تضريتهن ووقوع الفساد من قبلهن، والبنات إلى الأمهات أميَل، ولقولهن أقبل
...
وقد يحتمل أن يكون ذلك لعلة أخرى غير
ما ذكرناه، وذلك أن المرأة ربما علمت من خاصّ أمر ابنتها ومن سر حديثها أمرًا لا
يستصلح لها معه عقد النكاح، وذلك مثل العلة تكون بها والآفة تمنع من إيفاء حقوق
النكاح.
(١)
إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٧٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٦٦) من طريقين عن الحسين بن محمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٧٥ م)، والنسائى
في «الكبرى» (٥٣٦٨) من طريق زيد بن حبّان، عن أيوب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٩).
قال شمس الحق في «عون المعبود» ٦/
٨٤: في الحديث دلالة على تحريم الإجبار للأب لابنته البكر على النكاح، وغيره من
الأولياء بالأولى، وإلى عدم جواز إجبار الأب ذهبت الحنفية لهذا الحديث ولحديث
«والبكر يستأمرها أبوها» وذهب أحمد وإسحاق والشافعي إلى أن للأب إجبار ابنته البكر
البالغة على النكاح عملًا بمفهوم حديث «الثيب أحق بنفسها من وليها»، فإنه دل على
أن البكر بخلافها وأن الولي أحق بها، ويرد بأنه مفهوم لا يقاوم المنطوق، وبأنه لو
أخذ بعمومه لزم في حق غير الأب من الأولياء، وأن لا يخص بجواز الإجبار.
=
٢٠٩٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ عبيدٍ، حدَّثنا
حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن عِكرمة عن النبي ﷺ، بهذا الحديث (١).
= وقال صاحب «الجوهر النقي» ٧/ ١١٤:
وقوله ﷺ: «لا تنكح البكر حتى تستأذن» دليل على أن البكر البالغ لا يجبرها أبوها
ولا غيره، قال شارح «العمدة»: وهو مذهب أبي حنيفة، وتمسكه بالحديث قوي، لأنه أقرب
إلى العموم في لفظ البكر، وربما يزاد على ذلك بأن يقال: الاستئذان إنما يكون في حق
من له إذن، ولا إذن للصغيرة، فلا تكون داخلة تحت الإرادة، ويختص الحديث بالبالغين،
فيكون أقرب إلى التناول.
وقال ابن المنذر: وهو قول عام - أي
الحديث المذكور - وكل من عقد على خلاف ما شرع رسول الله ﷺ فهو باطل. وقوله عليه
السلام في حديث ابن عباس:
«والبكر يستأذنها أبوها» صريح في أن
الأب لا يجبر البكر البالغ.
وفي «التمهيد» ١٩/ ١٠٠: قال أبو
حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والحسن بن حي وأبو ثور وأبو عبيد: لا يجوز للأب
أن يزوج بنته البالغة بكرًا أو ثيبًا إلا بإذنها، والأيم التي لا بعل لها بكرًا أو
ثيبًا، فحديث «الأيم أحق بنفسها» وحديث: «لا تنكح البكر حتى تستأمر» على عمومهما،
وخص منهما الصغيرة بقصة عائشة.
(١)
رجاله ثقات، لكنه مرسل، وبه أعلَّ الرواية السالفة المتصلة المصنف هنا وأبو حاتم
والدارقطني والبيهقي، وقد صحح الموصول وهو الصواب غير واحد من الأئمة، قال ابن
القطان في «الوهم والإيهام» ٢/ ٢٥٠ عن حديث ابن عباس: هو صحيح، ولا يضره أن يرسله
بنص رواته، إذا أسنده من هو ثقة، وقد يُظَنُّ أن جرير بن حازم منفرد عن أيوب بوصله
بزيادة ابن عباس فيه، وليس كذلك بل قد رواه عن أيوب كذلك زيد بن حبان ورواه أيضًا
عن الثوري عن أيوب بذلك.
وقال ابن التركماني «الجوهر النقي»
٧/ ١١٧: جرير بن حازم ثقة جليل وقد زاد الرفع، فلا يضره إرسال من أرسله، كيف وقد
تابعه الثوري وزيد بن حبان، فروياه عن أيوب كذلك مرفوعًا.
وقال ابن القيم في «تهذيب السنن» ٣/
٤٠: وعلى طريقة البيهقي وأكثر الفقهاء وجميع أهل الأصول هذا حديث صحيح، لأن جرير
بن حازم ثقة ثبت وقد وصله، وهم يقولون: زيادة الثقة مقبولة، فما بالها تقبل في
موضع، بل في أكثر المواضع التي توافق مذهب المقلد وترد في موضع يخالف مذهبه؟! وقد
قبلوا زيادة الثقة في أكثر من مئتين =
قال أبو داود: لم يَذْكُرِ ابنَ
عباس، وهكذا رواه الناسُ مرسلًا معروف.
٢٥
- باب في
الثيب
٢٠٩٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس وعبدُ الله
بن مسلمة، قالا: حدَّثنا مالك، عن عبد الله بنِ الفَضل، عن نافعِ بنِ جُبير
عن ابنِ عباسٍ قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها مِن ولِيها، والبِكْرُ تُستأمَر في نفسِها، وإذنُها
صُماتُها» وهذا لفظُ القعنبيُّ (١).
= من الأحاديث رفعا ووصلًا وزيادة
لحفظه ونحوه. هذا لو انفرد جرير، فكيف وقد تابعه على رفعه عن أيوب زيد بن حبان،
ذكره ابن ماجه في «سننه».
وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ٩/
١٩٦: الطعن في الحديث لا معنى له، فإن طرقه يقوي بعضها بعضًا.
وقال العيني في «عمدة القاري»: رواه
أبو داود بإسناده على شرط الصحيحين.
ونقل عن ابن حزم قوله (وهو في
«المحلى» ٨/ ٣٣٥): صحيح في غاية الصحة، ولا معارض له.
قلنا: وذكره ابن دقيق العيد في قسم
الأحاديث الصحيحة من «الاقتراح».
محمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري.
وأخرجه البيهقى ٧/ ١١٧ من طريق أبي
داود بهذا الإسناد، مرسلًا.
وهو عند النسائي في الكبرى (٥٣٦٧) من
طريق زيد بن حبان، عن أيوب السختياني عن يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة به مرسلًا.
(١)
إسناده صحيح.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٥٢٤ -
٥٢٥، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٤٢١) وابن ماجه (١٨٧٠)، والترمذي (١١٣٤)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٥١) و(٥٣٥٢).
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٨٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٨٤) و(٤٠٨٧).
وانظر تالييه.
٢٠٩٩ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا
سفيانُ، عن زياد بنِ سعد، عن عبد الله ابن الفضل، بإسناده ومعناه قال:
«الثَّيِّبُ أحق بنفسها مِن
وَلِيِّها، والبِكرُ يستأمِرهَا أبوها» (١).
قال أبو داود: «أبوها» ليس بمحفوظٍ.
٢١٠٠
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن صالح بنِ كَيسان، عن نافع بن جُبير بن مُطعِم
عن ابنِ عباسٍ أن رسولَ الله ﷺ قال:
«ليس لِلولي مَعَ الثيّبِ أمرٌ، واليتيمة تُستأمَرُ، وصَمتُها إقرارُها» (٢).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه مسلم (١٤٢١)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٥٥) من طريق سفيان، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٨٨).
وانظر ما قبله وما بعده.
(٢)
حديث صحيح، رجاله ثقات، إلا أن صالح بن كيسان قال الدارقطني في «سننه» ٣/ ٢٣٩: لم
يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، اتفق على ذلك ابن
إسحاق وسعيد بن سلمة، عن صالح، سمعت النيسابوريّ يقول: الذي عندي أن معمرًا أخطأ
فيه.
قلنا: لا يَبْعُد أن يكون صالح بن
كيسان قد سمعه من عبد الله بن الفضل ثم سمعه مرةً أخرى من نافع بن جبير، فحدَّث به
على الوجهين، فسماعه من نافع بن جبير محتمل، فقد قيل: إنه رأى ابن الزبير وابن
عمر. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعَاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٠٢٩٩)، ومن طريقه أخرجه أحمد في «مسنده» (٣٠٨٧)، والنسائى في «الكبرى» (٥٣٥٤)
و(٥٣٧٠)، والدارقطني ٣/ ٢٣٩، والبيهقي ٧/ ١١٨. =
٢١٠١ - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
عبدِ الرحمن بنِ القاسم، عن أبيه، عن عبدِ الرحمن ومُجمِّع ابني يزيد الأنصاريَّين
عن خنساء بنت خِذام الأنصارية: أن
أباها زوَّجها وهي ثَيِّب فَكَرِهَتْ ذلك، فجاءت رسول الله ﷺ، فذكرتْ ذلك له،
فَرَدَّ نكاحَها (١).
٢٦
- باب في
الأكفاء
٢١٠٢
- حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ غياث،
حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو، عن أبي سَلَمَة
عن أبي هُريرة: أن أبا هِنْدٍ حَجَم
النبي ﷺ في اليافُوخ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا بني بياضَةَ، أنْكحُوا أبا هِنْدٍ،
وانْكِحُوا إليه» وقال: «إن كان
= وأخرجه الطحاوي ٤/ ٣٦٦، وابن حبان
(٤٠٨٩)، والدارقطني ٣/ ٢٣٩، والبيهقي ٧/ ١١٨ من طريق عبد الله بن المبارك، عن
معمر، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في»مصنفه«٤/
١٣٦، وأحمد في»مسنده«(٢٣٦٥)، والنسائي في»الكبرى«(٥٣٥٣) و(٥٣٧١)، والدارقطني ٣/
٢٣٨ - ٢٣٩ من طريق
محمد بن إسحاق، والدارقطني ٣/ ٢٣٩ من
طريق سعيد بن سلمة، كلاهما عن صالح ابن كيسان، عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن
ربيعة، عن نافع بن جُبَير بن مُطعمٍ، عن عبد الله بن عباس.
وانظر سابقيه.
(١)
إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، والقاسم: هو
ابن محمد التيمي.
وهو عند مالك في»الموطأ«٢/ ٥٣٥، ومن
طريقه أخرجه البخاري (٥١٣٨) و(٦٩٤٥)، والنسائي في»الكبرى«(٥٣٦٢).
وأخرجه البخاري (٥١٣٩) و(٦٩٦٩) من
طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، عن القاسم، عن عبد الرحمن ومجمِّع ابني يزيد حدَّثنا:
أن رجلًا يدعى خذامًا.
وهو في»مسند أحمد" (٢٦٧٨٦).
في شيءٍ ممَّا تُدَاوَونَ به خَيْرٌ
فالحِجَامَة» (١)
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، من أجل محمد
بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو سلمة: هو عبد
الله بن عبد الرحمن الزهري.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٥٩١١)،
وابن حبان في «صحيحه» (٦٠٧٨)، والحاكم في «المستدرك» ٣/ ٤١٠ من طريقين عن حمّاد بن
سلمة، بهذا الإسناد.
وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم
ولم يخرجاه! وروايته دون ذكر إنكاح أبي هند.
وأخرج الحديث الأول وحده ابن حبان في
«صحيحه» (٤٠٦٧)، والطبراني في «الكبير» ٢٢/ ٨٠٨، والدارقطني في «سننه» (٣٧٩٤)،
والحاكم ٢/ ١٦٤ من طرق عن حمّاد بن سلمة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه!
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير»
١/ ٢٦٨ من طريق محمد بن يعلى، عن محمد بن عمرو، به. مقتصرًا على إنكاح أبي هند.
وأخرج الحديث الثاني وحده أحمد في
«مسنده» (٨٥١٣) و(٩٤٥٢)، وابن ماجه (٣٤٧٦) من طرق عن حمّاد بن سلمة، به.
وسيأتي الحديث الثاني عند المصنف
برقم (٣٨٥٧).
وللحديث الأول شاهد من حديث عائشة
عند الطبراني في «الأوسط» (٦٥٤٤)، والدارقطني في «سننه» (٣٧٩٣) و(٣٧٩٥). وإسناده
حسن.
وللحديث الثاني شاهد من حديث أنس بن
مالك عند البخاري (٥٦٩٦)، ومسلم (١٥٧٧).
وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند
البخاري (٥٦٨٣)، ومسلم (٢٢٠٥) (٧١).
وثالث من حديث عقبة بن عامر عند أحمد
(١٧٣١٥).
ورابع من حديث معاوية بن حُدَيج عند
أحمد أيضًا (٢٧٢٥٦).
قال الخطابي: في هذا الحديث حجة
لمالك ولمن ذهب مذهبه في أن الكفاءة بالدين وحده دون غيره، وأبو هند مولى بني
بياضة ليس من أنفسهم، والكفاءة معتبرة في قول أكثر العلماء بأربعة أشياء: بالدين
والحرية والنسب والصناعة، ومنهم من اعتبر فيها السلامة من العيوب واليسار، فيكون
جماعها ست خصال.
٢٧ - باب في تزويج من لم يولد
٢١٠٣
- حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ومحمدُ بنُ
المثنى - المعنى - قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا عبدُ الله بن يزيد بن
مِقسَمٍ الثقفيُّ - من أهل الطائفِ - حدَّثتني سارَةُ بنتُ مِقَسمٍ أنها
سَمِعَتْ ميمونةَ بنت كردَم، ْ قالت:
خرجتُ مع أبي في حجةِ
رسولِ الله ﷺ، فرأيتُ رسولَ الله ﷺ،
فدنا إليه أبي وهو على ناقةٍ له ومعه دِرةٌ كَدِرَّة الكُتَّاب، فسمعتُ الأعرابَ
والناسَ وهم يقولونَ: الطَّبْطَبِيَّه الطَّبْطَبِيَّة الطبْطَبِيَّة، فَدَنَا
إليه أبي، فأخذ بقدَمِه، فأقرَّ له، ووقَفَ عليه، واستمَع من، فقال: إني حضرت جيش
عِثْرَانَ، - قال ابنُ المثنى: جيش غِثران - فقال طارقُ بنُ المرقع: مَنْ يعطيني
رمحًا بثوابه؟ قلتُ: وما ثوابُه؟ قال: أُزوِّجه أوَّلَ بنتٍ تكون لي، فأعطيتُه
رمحي، ثم غِبتُ عنه، حتى علمتُ أنه قد ولد له جاريةٌ وبَلَغتْ، ثم جئتُه فقلتُ له:
أهلي جَهِّزهُنَّ إلي، فَحَلَفَ أن لا يَفْعَلَ احتى أُصدِقَه صَداقًا جديدًا غيرَ
الذي كان بيني وبينه، وحلفتُ أن لا أُصْدِقَ غير الذي أعطيتُه، فقال رسولُ الله ﷺ:
«وَبِقَرْنِ أيِّ النساءِ هي اليوم؟» قال: قد رأتِ القَتيرَ، قال: «أرى أن
تَتْرُكَها» قال: فَرَاعَنِي ذلك، ونظرتُ إلى رسول الله ﷺ، فلما رأى ذلك مِني قال:
«لا تأثمُ، ولا يأثمُ صاحبُك» (١).
(١) إسناده ضعيف لجهالة حال سارة بنت مِقسَم،
فقد انفرد بالرواية عنها ابن أخيها عبد الله بن يزيد بن مقسم الضبي.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ٣٠٤،
وأحمد في «مسنده» (٢٧٠٦٤) و(٢٧٠٦٥)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٥٩٢)،
وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٣٩٤، والطبراني في «المعجم الكبير» ١٩/ (٤٢٨)،
والبيهقي ١٠/ ٨٣ =
قال أبو داود: القَتيرُ: الشيبُ.
٢١٠٤
- حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني إبراهيمُ بنُ مَيسَرَةَ، أن خالته أخبرته
عن امرأةٍ قالت: هي مُصَدَّقةٌ،
امرأة صدْقٍ - قالت: بينا أبي في غَزَاةٍ في الجاهلية إذ رَمِضُوا فقال رجل: مَن
يُعطيني نعليه وأنكِحُه أوَّلَ بنتٍ تُولَدُ لي؟ فخلع أبي نعليه فألقاهما إليه،
فوُلدت له جاريةٌ، فبلغت، ذكر نحوه، لم يذكر قصة القتير (١).
= من طرق عن عبد الله بن يزيد، به.
وجميعهم خلا ابن أبي عاصم والطبراني زادوا فيه قصة الوفاء بالنذر.
وقصة النذر ستأتي عند المصنف برقم
(٣٣١٤).
وانظر ما بعده.
قولها: يقولون: الطبطبية، قال
الخطابي: يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون أرادت بها حكاية وقع الأقدام، أي: يقولون
بأرجلهم على الأرض: طَب طَب.
والوجه الآخر: أن يكون كناية عن
الدرة، يريد صوتها إذا خفقت.
وقوله: «وبقرن أي النساء» يريد سن أي
النساء هي، والقرن: بنو سِنٍّ واحد، والقتير: الشيب.
(١)
إسناده ضعيف، لجهالة خالة. إبراهيم بن ميسرة. أحمد بن صالح: هو المِصْريُّ، وعبد
الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٠٤١٨)، ومن طريقه أخرجه إسحاق بن راهويه ٥/ (٤)، والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٤٥ -
١٤٦.
وانظر ما قبله.
وقد صح عن عبد الله بن مسعود عند
سعيد بن منصور (٦٣٦ - ٦٣٨) أنه أمضى مثل هذا النكاح وأوجبه، وقال: لها صداق مثلها،
لا وكس ولا شطط.
٢٨ - باب الصَّداق
٢١٠٥
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد
النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، حدَّثنا يزيدُ بنُ الهادِ، عن محمد بن
إبراهيم، عن أبي سلمة، قال:
سألتُ عائشةَ عن صَدَاقِ رسول الله ﷺ
فقالت: ثنتا عشرةَ أُوقيةً ونَشٌّ، فقلتُ: وما نشٌّ؟ قالت: نِصْفُ أُوقيةٍ (١).
٢١٠٦
- حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا
حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوب، عن محمد عن أبي العَجفَاء السُّلَمي، قال:
خطبنا عُمَرُ فقال: ألا لا تُغَالوا
بصدُقُ النِّسَاءِ، فإنها لو كانت مَكرُمَةً في الدنيا أو تقوى عندَ اللهِ، لكان
أولاكم بها النبي ﷺ، ما أصْدَقَ رسولُ الله ﷺ امرأةً مِن نِسائه ولا أُصْدِقَت
امرأةٌ مِن بناته أكثرَ مِن ثنتي عَشَرَة أُوقِيةً (٢).
(١) إسناده صحيح. عبد العزيز بن محمد: هو
الدَّراوردي، ويزيد بن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة الليثي، ومحمد بن
إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي، وأبو سلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن الزهري.
وأخرجه مسلم (١٤٢٦)، وابن ماجه
(١٨٨٦)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٨٧) من طرق عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٦٢٦).
وفي الباب عن عمر بن الخطاب سيأتي
بعده.
والاثنا عشر أوقية ونصف، تساوي
بالغرامات (٥،١٤٨٧) غرامًا، بحساب أن الأوقية تساوي أربعين درهمًا، والدرهم بساوي
(٩٧٥، ٢) غرامًا، وفق ما اعتمده مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
(٢)
إسناده قوي. أبو العَجفَاء السُّلَمي - وهو هَرِم بن نُسيب - صدوق لا بأس به.
محمد بن عبيد: هو ابن حِسَاب
الغُبَري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد: هو ابن سيرين.
=
٢١٠٧ - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوب
الثقفيُّ، حدَّثنا مُعَلَّى بنُ منصورٍ، حدَّثنا ابنُ المبارك، حدَّثنا مَعمَر، عن
الزهريِّ، عن عُروةَ
عن أُمِّ حبيبة: أنها كانت تحتَ
عُبيدِ الله بن جحش، فماتَ بأرض الحبشةِ، فزوَّجها النجاشيُّ النبيَّ ﷺ، وأمهرها
عنه أربعةَ آلافٍ، وبعث بها إلى رسول الله ﷺ مع شُرَحْبيلَ ابنِ حَسَنةَ.
قال أبو داود: حسنةُ هي أُمُّه (١).
= وأخرجه الترمذي (١١٤١)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٤٨٥) من طريق أيوب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٨٧)، والنسائى في
«الكبرى» (٥٤٨٥) من طرق عن محمد بن سيرين، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٨٥) و(٣٤٠)،
و«صحيح ابن حبان» (٤٦٢٠).
وله شاهد من حديث عائشة سلف قبله.
(١)
إسناده صحيح، وقد اختلف فيه على الزهري في وصله وإرساله كما هو مبين في تعليقنا
على «المسند» (٢٧٤٠٨). ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، ومعمر:
هو ابن راشد الأزدي، والزهري: هو
محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير الأسدي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٤٨٦)
من طريق ابن المبارك، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٤٠٨).
وانظر ما بعده، وما سلف برقم (٢٠٨٦).
ويشهد للموصول طريق آخر صحيح عند ابن
حبان (٦٠٢٧) من طريق محمد بن
يحيى الذهلي، حدَّثنا سعيد بن كثير
بن عفير، قال: حدَّثنا الليث، عن ابن مسافر، عن
ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت:
هاجر عُبيدُ الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان وهي امرأته إلى أرض الحبشة، فلما
قدم أرض الحبشة، مرض، فلما حضرته الوفاة، أوصى إلى رسول الله ﷺ، فتزوج رسول الله ﷺ
أم حبيبة، وبعث معها النجاشي شرحبيل ابن حسنة. =
٢١٠٨ - حدَّثنا محمدُ بن حاتِم بن بَزِيعٍ،
حدَّثنا علي بنُ الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، عن يونَس
عن الزهريِّ: أن النجاشي زوَّج أُمَّ
حبيبة بنتَ أبي سفيان من رسول الله ﷺ على صدَاقِ أربعةِ آلاف دِرهم، وكتب بذلك إلى
رسولِ الله ﷺ فقبِل (١).
٢٩
- باب قِلة
المهر
٢١٠٩
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، عن ثابتٍ البُنانىِّ وحُميدٍ
= وانظر «سنن البيهقي» ٧/ ٢٣٤، و«طبقات
ابن سعد» ٨/ ٩٩، والطبراني
٢٣/
(٤٩٩).
واسم النجاشي: أصحمة بن أبجر ملك
الحبشة، أسلم على عهد النبي ﷺ ولم يهاجر إليه، وكان ردءًا للمسلمين نافعًا، وقصته
مشهورة في المغازي في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام وهي
في «المسند» برقم (١٧٤٠) بتحقيقنا وسندها صحيح.
وشرحبيل ابن حسنة، وهي أمه، واسم
أبيه عبد الله بن المطاع حليف بني زهرة أبو عبد الله من كندة، هاجر هو وأمه إلى
الحبشة، وكان أحد الأمراء الأربعة الذين أمَّرهم أبو بكر الصديق، وكان واليًا على
الشام لعمر بن الخطاب على رُبع من أرباعها، توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وله
سبع وستون سنة، طعن هو وأبو عبيدة ابن الجراح وأبو مالك الأشعري في يوم واحد.
(١)
رجاله ثقات، لكنه مرسل. وقد صح وصله كما في الطريق الذي قبله.
وأخرجه ابن سعد في «طبقاته» ٨/ ٩٩،
والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٢٢ من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز، والطبراني في
«الكبير» ٢٣/ (٤٠٣)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٢٠ من طريق عبيد الله بن أبي زياد،
كلاهما عن الزهري بنحوه مرسلًا.
وانظر ما قبله وما سلف برقم (٢٠٨٦).
عن أنس: أن رسولَ الله ﷺ رأى عبدَ
الرحمن بنَ عوفٍ وعليه رَدْعُ زعفران فقال النبي ﷺ: «مَهْيَمْ»، قال: يا رسولَ
الله تزوَّجتُ امرأةً، قال: «ما أصدَقْتَها»؟ قال: وَزْنَ نواةٍ من ذهبٍ، قال:
«أوْلِم ولو بِشاةٍ» (١).
(١) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري،
وثابت: هو ابن أسلم البناني، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري
(٢٠٤٩) من طريق زهير بن معاوية، و(٥١٤٨) من طريق عبد العزيز بن صهيب، ومسلم (١٤٢٧)
من طريق قتادة، و(١٤٢٧) من طريق أبي حمزة، والبخاري (٣٧٨١) و(٣٩٣٧) و(٥٠٧٢)
و(٥١٥٣) و(٥١٦٧) و(٦٠٨٢)، ومسلم (١٤٢٧)، والترمذي (٢٠٤٦)، والنسائي في «الكبرى»
(٥٤٨٢) و(٥٥٣٣) و(٥٥٣٥) و(٦٥٦٠) و(١٠٠١٩) من طريق حُميد، والبخاري (٥١٥٥) و(٦٣٨٦)،
ومسلم (١٤٢٧)، وابن ماجه (١٩٠٧) و(١٩٠٨)، والترمذي (١١١٩)، والنسائي في «الكبرى»
(٥٥٣٣) و(٥٥٣٤) و(١٠٠١٨) من طريق ثابت، ستتهم عن أنس بن مالك.
وأخرجه مسلم (١٤٢٧)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٤٨١) من طريق عبد العزيز ابن صهيب، عن أنس بن مالك، عن عبد الرحمن بن
عوف.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٦٨٥)
و(١٣٨٦٣)، و«صحيح ابن حبان» (٤٠٦٠) و(٤٠٩٦).
قال الخطابي: ردع الزعفران: أثر لونه
وخضابه، وقوله: «مهيم»: كلمة يمانية معناه: مالك وما شأنك؟ ويشبه أن تكون المسألة
إنما عرضت من حاله من أجل الصفرة التي رآها عليه من ردع الزعفران، وقد نهى النبي ﷺ
أن يتزعفر الرجل - فأنكرها، ويشبه أن يكون ذلك شيئا يسيرًا، فرخص له فيه لقلته.
ووزن نواة من ذهب فسروها: خمسة دراهم من ذهب، وهو اسم معروف لمقدار معلوم. وقوله:
أولم ولو بشاة من الوليمة وهو طعام الإملاك.
وقد نظم بعضهم أنواع الولائم وهي أحد
عشر، فقال: =
٢١١٠ - حدَّثنا إسحاقُ بنُ جبريلَ
البغداديُ، أخبرنا يزيدُ، أخبرنا موسى ابنُ مسلم بنِ رومان، عن أبي الزبير
عن جابر بنِ عبدِ الله، أن النبيَّ ﷺ
قال: «مَنْ أعْطَى في صَدَاقِ امرأةٍ مِلءَ كَفَّيْهِ سَويقًا أو تمرًا فقد
استَحَلَّ» (١).
= إن الولائم عشرة مع واحدٍ ... مَنْ
عدّها قد عزَّ في أقرانه
فالخرسُ عند نِفاسها وعقيقةٌ ...
للطِفلِ والإعذار عند خِتانه
ولحفظ قرآن وآداب لقدْ ... قالوا
الحُذَاقُ لِحذقه وبيانه
ثُم المِلاكُ لِعقده ووليمةٍ ... في
عُرسه فاحرِص على إعلانهِ
وكذاك مأدبة بلا سبب يرى ... ووكيرة
لِبنائه لِمكانِهِ
ونقيعةٌ لقدومه ووضيمة لمصيبة ...
وتكون من جيرانه
ولأول الشهر الأصمِّ عَتيرَةٌ ...
بذبيحة جاءت لرفعة شانِهِ
(١)
إسناده ضعيف. موسى بن مسلم بن رومان خطأٌ صوابُه صالح بن مسلم بن رومان، ضعفه يحيى
بن معين وأبو حاتم. وقال أبو عُبيد الآجري: سمعت أبا داود وذكر صالح بن مسلم بن
رومان، فقال: أخطأ يزيد - وهو ابن هارون - فقال: موسى بن مسلم. قلنا: وقد جاء على
الصواب في رواية أحمد والدارقطني والبيهقي، وفي رواية عبد الرحمن بن مهدى وأبي
عاصم عند المصنف.
أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس
الأسدي.
وأخرجه الدارقطني في «سننه» (٣٥٩٥)،
والبيهقي في «الكبري» ٧/ ٢٣٨، والخطيب البغدادي في «تاريخه» ٦/ ٣٦٤ - ٣٦٥ من طريق
يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٤٨٢٤)،
والدارقطني في «سننه» (٣٥٩٣)،
والبيهقي ٧/ ٢٣٨ من طريق يونس بن
محمد المؤدب، عن صالح بن مسلم بن رومان،
عن أبي الزبير، به. ولفظه: «طعامًا»،
بدل قوله: «سَويقًا وتمرًا».
وأخرجه الدارقطني (٣٥٩١) من طريق عبد
الله بن واقد أبي قتادة، عن عبد الله ابن المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:
إنْ كُنَّا لنَنكحُ المرأة على الحَفنة والحفنتين من الدَّقيق". وعبد الله بن
واقد متروك، وعبد الله بن المؤمل ضعيف. =
قال أبو داود: رواه عبدُ الرحمن بنُ
مَهديٍّ، عن صالح بنِ رُومان، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ موقوفًا.
ورواه أبو عاصمٍ، عن صالح بنِ
رُومان، عن أبي الزبيرِ، عن جابر قال: كنا على عهدِ رسولِ الله ﷺ نستمتِعُ
بالقُبضة من الطَّعَامِ على معنى المُتْعَةِ.
قال أبو داود: رواه ابنُ جريج، عن
أبي الزبير، عن جابر، على معنى أبي عاصم.
= وقول أبي داود: رواه ابن جريج، عن
أبي الزبير، عن جابر: أخرجه مسلم (١٤٠٥) والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ٢٣٧ من طريق عبد
الرزاق، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول:
كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله ﷺ.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٢٣٨/ ٧
من طريق يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن جابر. وقال: يعقوب بن عطاء غير محتج به.
وانظر «مسند أحمد» (١٤١٨٢).
وقوله: على معنى المتعة، قال صاحب
«بذل المجهود»١٠/ ١٣٣: أي: متعة النكاح، فالمراد بقوله: نستمتع، أى: الاستمتاع
بالنساء على وجه المتعة لا النكاح، والغرض بهذا التعليق تأييد حديث عبد الرحمن بن
مهدي في تسمية صالح بن رومان، فإن أبا عاصم أيضًا سماه صالح بن رومان، قال أبو
داود: رواه ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر على معنى أبي عاصم، أي: موافقًا في
المعنى لحديث أبي عاصم، والغرض بذكر حديث ابن جريج تقوية حديث أبي عاصم أن هذا
الحديث وقع في قصة المتعة لا في النكاح، فعلى هذا معنى الحديث: من أعطى امرأة ملء
كفيه سويقًا أو تمرًا بطريق الصداق في المتعة، فقد استحل وقد علمت أن المتعة
منسوخة، وثبتت حرمتها إلى يوم القيامة بحديث سبرة بن معبد الجهني السالف برقم
(٢٠٧٢) و٢٠٧٣ وهو في «صحيح مسلم» (١٤٠٦) (٢١).
وانظر تعليقنا على حديث جابر بن عبد
الله في «المسند» (١٤١٨٢).
٣٠ - باب في التزويج على العمل يُعمل
٢١١١
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي
حازم بنِ دينار
عن سهل بن سعدٍ الساعديِّ: أن رسول
الله ﷺ جاءته امرأةٌ، فقالت: يا رسولَ الله، إني قد وهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فقامت
قيامًا طويلًا، فقام رجل، فقال: يا رسولَ الله، زوِّجْنيها إن لم يَكُنْ لَكَ بها
حاجةٌ، فقال رسولُ الله ﷺ: «هلْ عِنْدَكَ مِن شيء تُصدِقُها إياه؟»، فقال: ما
عِندي إلا إزاري هذا، فقال رسولُ الله ﷺ: «إنك إن أعطيتَها إزارَك جلستَ لا إزارَ
لك، فالتمس شيئًا»، قال: لا أجد شيئًا، قال: «فالتمِسْ ولو خاتمًا من حديد»،
فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال له رسولُ الله ﷺ: «هل مَعَك مِن القُرآن شيء؟ قال:
نَعَمْ سورةُ كذا وسورةُ كذا، لِسور سماها، فقال له رسولُ الله ﷺ:»قد زوجتكهَا بما
مَعَكَ مِن القُرآنِ«(١).
(١) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن
مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وأبو حازم بن دينار: هو سلمة.
وهو عند مالك في»الموطأ«٢/ ٥٢٦، ومن
طريقه أخرجه البخاري (٢٣١٠) و(٥١٣٥) و(٧٤١٧)، والترمذي (١١٤٠)، والنسائي
في»الكبرى«(٥٤٩٩). وهو عند بعضهم مختصر.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري
(٥٠٢٩) و(٥٠٣٠) و(٥٠٨٧) و(٥١٢١) و(٥١٢٦) و(٥١٣٢) و(٥١٤١) و(٥١٤٩) (في النكاح: باب
التزويج على القرآن وبغير صداق، وقد توسع الحافظ في شرحه هنا) و(٥١٥٠) و(٥٨٧١)،
ومسلم (١٤٢٥)، وابن ماجه (١٨٨٩)، والنسائي في»الكبرى«(٥٢٨٩) و(٥٥٠٠) و(٥٥٠١)
و(٨٠٠٧) من طرق عن أبي حازم، به.
وهو في»مسند أحمد«(٢٢٧٩٨) و(٢٢٨٥٠)،
و»صحيح ابن حبان" (٤٠٩٣). =
٢١١٢ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حفص بنِ عبدِ
الله، حدثني أبي حفصُ بنُ عبدِ الله، حدثني إبراهيمُ بنُ طهمان، عن الحجاج بنِ
الحجاج الباهليِّ، عن عِسلٍ، عن عطاء بنِ أبي رباح عن أبي هُريرة، نحو هذه القصة،
لم يذكر الإزارَ والخاتِمَ، فقال: «ما تحفظ مِنَ القرآن؟» قال: سورة البقرة أو
التي تليها، قال: «فقم فعلِّمها عشرين آية، وهي امرأتُك» (١).
٢١١٣
- حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي
الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمدُ
ابنُ راشد، عن مكحولٍ، نحو خبر سهل،
قال:
وكان مكحول يقول: ليسَ ذلك لأحدٍ
بعدَ رسولِ الله ﷺ (٢).
٣١
- باب فيمن
تزوَّج ولم يُسَمَّ صَدَاقًا حتى مات
٢١١٤
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة،
حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، عن سفيانَ، عن فراسٍ، عن الشعبيِّ، عن مسروقٍ
= قال الخطابي: وقد اختلف الناس في
جواز النكاح على تعليم القرآن، فقال الشافعي بجوازه على ظاهر الحديث، وقال مالك:
لا يجوز، وهو قول أصحاب الرأي، وقال أحمد ابن حنبل: أكرهه، وكان مكحول يقول: ليس
لأحد بعد رسول الله ﷺ أن يفعله.
(١)
إسناده ضعيف لضعف عِسل - وهو ابن سفيان التيمي -، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله،
فقد رواه شعبة عند البيهقي ٧/ ٢٤٢ عن عِسل، عن عطاء، مرسلًا.
وهو عند ابن طهمان في «مشيخته» (٥٠)،
ومن طريقه أخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٤٨٠).
وانظر ما قبله.
(٢)
رجاله ثقات وهو مرسل.
وأخرجه ابن الجوزي في «التحقيق في
أحاديث الخلاف» (١٦٧٨) من طريق أبي
داود، به.
وانظر سابقيه.
عن عبد الله، في رَجُلٍ تزوَّج
امرأةً فمات عنها ولم يَدخُلْ بها ولم يَفرِضْ لها الصداقَ، فقال: لها الصَّداقُ
كاملًا، وعليها العِدَّة، ولها الميراثُ، فقال مَعقِل بن سِنان: سمعتُ رسولَ الله
ﷺ قضى به في بَرْوَعَ بنتِ واشِقٍ (١).
٢١١٥
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون وابنُ مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة،
عن عبد الله وساق عثمانُ مثلَه (٢).
(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري،
وفراس: هو ابن يحيى الهَمداني، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل، ومسروق: هو ابن
الأجدع.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٩١)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٤٩٢) من طريق عبد الرحمن ابن مهدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٤٩٥)
من طريق عبد الله بن عون، عن معقل ابن سنان الأشجعي، عن ابن مسعود.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٤٩٦)
و(٥٤٩٧) و(٥٤٩٨) من طرق عن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود مرسلًا. دون ذكر الواسطة
بين الشعبي وعبد الله بن مسعود.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠٩٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٩٨).
وانظر لاحقيه.
وفي الحديث دليل على أن المرأة تستحق
كمال المهر بالموت، وإن لم يسم لها الزوج، ولا دخل بها.
(٢)
إسناده صحيح. ابن مهدي: هو. عبد الرحمن، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو
ابن المعتمر السُّلمي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٩١م)، والترمذي
(١١٧٧) و(١١٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٨٩) و(٥٤٩٠) و(٥٤٩١) و(٥٤٩٣) و(٥٦٨٨) من
طريق منصور، =
٢١١٦ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ عمر،
حدَّثنا يزيد بنُ زريع، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، عن قتادة، عن خِلَاس وأبي
حسان، عن عبدِ الله بن عتبة بنِ مسعود أن عبدَ الله بنَ مسعودٍ أُتِيَ في رَجُلٍ،
بهذا الخبرِ، قال: فاختلفوا إليه شهرًا، أو قال: مراتٍ، قال: فإني أقولُ فيها: إن
لها صداقًا كصداقِ نسائِها، لا وَكس ولا شَطَطَ، وإن لها الميراثَ، وعليها
العِدّةَ، فإن يك صوابًا فمن اللهِ، وإن يكن خطأً فمنِّي ومِن الشيطان، والله
ورسوله بريئان، فقام ناسٌ مِن أشجعَ، فيهم الجرَّاحُ وأبو سنان، فقالوا: يا ابنَ
مسعودٍ، نحن نَشْهَدُ أن رسولَ الله
ﷺ قضاها فينا في بَرْوعَ بنتِ واشِقٍ، وإن زوجَها هلالُ بنُ مُرَّة الأشجعي، كما
قَضَيْتَ. قال: ففرح عبدُ الله بنُ مسعود فرحًا شديدًا، حين وافَقَ قضاؤه قضاءَ
رسولِ الله ﷺ (١).
= بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث
حسن صحيح، وقرن النسائي في الموضع الأول بعلقمة الأسود بن يزيد النخعي.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (٥٤٩٤)
من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٩٤٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٩٩) و(٤١٠٠).
وانظر ما قبله وما بعده.
(١)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وخِلَاس: هو ابن عمرو الهَجَري، وأبو
حسَّان: هو مسلم بن عبد الله البصري.
وهو في «مسند أحمد» (٤٠٩٩) و(٤١٠٠)
و(٤٢٧٦).
وانظر سابقيه.
وقوله: «لا وكس ولا شطط»: قال
الخطابي: الوكس: النقصان، والشطط:
العدوان، وهو الزيادة على قدر الحق،
يقال: أشطَّ الرجل في الحكم: إذا تعدى الحقَّ
وجاوزه.
وفيه من الفقه جوازُ الاجتهاد في
الحوادث من الأحكام فيما لم يوجد فيه نص مع إمكان أن يكون فيها نص وتوقيف.
=
٢١١٧ - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارس
الذُّهليُّ ومحمدُ بنُ المثنَّى (١) وعُمر ابن الخطاب - قال محمد بن يحيي: أخبرنا،
وقال عمر: حدَّثني أبو الأصبغ الجزريُّ عبدُ العزيز بن يحيي، أخبرنا محمدُ بنُ
سَلَمَةَ، عن أبي عبد الرحيم خالد بنِ أبي يزيدَ، عن زيد بن أبي أنيسةَ، عن يزيدَ
بن أبي حبيبٍ، عن مَرثَدِ بنِ عبد الله
= وقوله: «فإن يك صوابًا فمن الله» أي:
من توفيق الله، وإن يك خطأ، فمني ومن تسويل الشيطان وتلبيسه على وجه الحق.
وقوله: «والله ورسوله بريئان» يريد
أن الله تعالى ورسوله ﷺ لم يتركا شيئًا لم يبيناه في الكتاب أو في السنة، ولم
يرشدا إلى صواب الحق فيه إما نصًا وإما دلالة.
وقال الترمذي: والعمل على هذا (أي
هذا الحديث الذي فيه أن المرأة تستحق بموت زوجها بعد العقد قبل فرض الصداق جميع
المهر، وإن لم يقع منه دخول ولا خلوة) عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم،
وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق (وهو قول أبي حنيفة وأصحابه) وقال بعض أهل العلم من
أصحاب النبي ﷺ، منهم علي بن أي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر: إذا تزوج
الرجل المرأة، ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقًا حتى مات، قالوا: لها الميراث،
ولا صداق لها وعليها العدة، وهو قول الشافعي، وقال: لو ثبت حديث بروع بنت واشق
لكانت الحجة فيما رُوي عن النبي ﷺ، وروي عن الشافعي أنه رجع بمصر عن هذا القول
وقال بحديث بروع بنت واشق.
قلنا: وجاء في «الأم»: إن كان ثبت عن
رسول الله ﷺ، فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ وإن كثروا،
ولا في قياس، فلا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له.
وروى الحاكم في «المستدرك» ٢/ ٥٣٥ عن
حرملة بن يحيي أنه قال: سمعت الشافعي يقول: إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به، قال
الحاكم: قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لو حضرت الشافعي، لقلتُ على
رؤوس الناس، وقلت له: قد صح الحديث.
(١)
ذكر المزي في «تحفة الأشراف» ٧/ ٣٢١ أن حديث محمد بن المثنى في رواية أبي الحسن بن
العبد.
عن عُقبة بنِ عامر، أن النبيَّ ﷺ
قال: لرجل: «أترضى أن أُزوِّجَكَ فلانة؟» قال: نَعَم، وقال للمرأةِ: «أتَرْضَينَ
أن أزوّجكِ فلانًا؟» قالت: نَعَم، فزوَّج أحَدهما صاحِبَه، فدخل بها الرجلُ، ولم
يفرِضْ لها صَدَاقًا، ولم يُعطِها شيئًا، وكان ممن شهد الحُديبيةَ، وكان مَن شهد
الحديبيةَ له سهم بخيبرَ، فلما حضرته الوفاةُ، قال: إن رسولَ الله ﷺ زوَّجني
فلانةَ، ولم أفرض لها صداقًا ولم أُعطها شيئًا، وإني أُشْهِدُكُم أني أعطيتُها مِن
صَداقها سَهْمي بخيبر، فأَخَذَت سهمًا، فباعَته بمئةِ ألفٍ (١).
قال أبو داود: وزاد عُمَرُ في أول
الحديث: قال رسولُ الله ﷺ:
«خَيرُ النكاحِ أيسَرُهُ» وقال: قال
رسولُ الله ﷺ لرجل ثم ساقَ معناه.
قال أبو داود: يُخافُ أن يكونَ هذا
الحديث ملزقًا، لأن الأمر على غيرِ هذا (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. أبو الأصبغ
الجزري عبد العزيز بن يحى صدوق لا بأس به. عمر بن الخطاب: هو السجستاني القُشيري.
وأخرجه البيهقي ٧/ ٢٣٢ من طريق أبي
داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٤٠٧٢)
من طريق هاشم بن القاسم الحراني، والحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٨١ - ١٨٢، والبيهقي ٧/
٢٣٢ من طريق أبي الأصبغ عبد العزيز بن يحيى، كلاهما عن محمد بن سلمة، به. وقال
الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٧٢٣)
و(٧٢٤) من طريق أحمد بن القاسم، عن أبي الأصبغ، عن محمد بن سلمة، عن محمد بن
إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، به. واقتصر في الموضع الأول على سؤال النبي ﷺ،
والموضع الثاني عنده بلفظ:
«خير النكاح أيسره».
وانظر فقه الحديث فيما سيأتي برقم
(٢١٢٥).
(٢)
قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك الى أنه في رواية أبي عيسى
الرملي.
٣٢ - باب في خُطبة النكاح
٢١١٨
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا
سفيانُ، عن أبي اسحاقَ، عن أبي عُبيدة
عن عبدِ الله بنِ مسعود في خطبة
الحاجةِ في النكاح وغيرهِ. وحدَثنا محمدُ ابنُ سليمان الأنباري - المعنى - حدَّثنا
وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحوص وأبي عُبيدة عن عبدِ الله، قال:
علَّمنا رسولُ الله ﷺ خُطبة الحاجةِ:»إن الحمد لله، نستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذ به
مِن شرورِ أنفسنا، مَنْ يهدهِ الله، فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ، فلا هَادِيَ
له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًاعبدُه ورسولُه، يا أيها الذين
آمنوا ﴿اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (١) [النساء: ١]،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١] لم يقل محمد بن سليمان: «إن» (٢).
(١) قوله: ﴿تَسَاءَلُونَ﴾ قرأها عاصم وحمزة
والكسائي بتخفيف السين، وقرأها الباقون بالتشديد، وهي مضبوطة بالتشديد في (أ).
(٢)
إسناده صحيح من جهة أبي الأحوص - وهو عوف بن مالك بن نَضلة الجُشَمي - ضعيف من جهة
أبي عُبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لأنه لم يسمع من أبيه. محمد بن كثير، هو
العَبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي،
ووكيع: هو ابن الجراح، وإسرائيل: هو ابن يونُس السَّبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (١٨٩٢)، والترمذي
(١١٣١)، والنسائي في «الكبرى» (٥٥٠٢) و(١٠٢٤٩) و(١٠٢٥٠) و(١٠٢٥٤) من طرق عن أبى
إسحاق، عن أبي =
٢١١٩ - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا
أبو عاصم، حدَّثنا عِمران، عن قتادةَ، عن عبدِ ربه، عن أبي عياض
عن ابنِ مسعود: أن رسولَ الله ﷺ كان
إذا تشهدَ، ذكر نحوه، قال بعد قوله: «ورسوله»: «أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين
يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رَشَدَ، ومن يعصهما فإنه لا يَضُرُّ إلا
نفسَه، ولا يَضُرُّ الله شيئًا» (١).
٢١٢٠
- حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا
بَدَلُ بنُ المُحبَّر، حدَّثنا شُعبةُ، عن العلاء ابنِ أخي شُعيب الرازي، عن
إسماعيل بن إبراهيم
عن رجل من بني سُليم، قال: خَطَبتُ
إلى النبي ﷺ أُمامةَ بنت عبدِ المطلب، فأنكحني مِن غَيرِ أن يتشَهَّدَ (٢).
= الأحوص، والنسائي في «الكبرى» (١٧٢١)
و(٥٥٠٣) و(١٠٢٥٢) و(١٠٢٥٣) و(١٠٢٥٤) من طرق عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، كلاهما عن
عبد الله بن مسعود. وقال الترمذي: حديث حسن، وزاد ابن ماجه بعد قوله: «ونعوذ به من
شرور أنفسنا»: «ومن سيئات أعمالنا». وهي عند أبي يعلى (٧٢٢١).
وأخرجه النسائى في «الكبرى» (١٠٢٥١)
من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود
موقوفًا.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧٢٠) و(٤١١٥)
و(٤١١٦).
وانظر ما بعده.
وما سلف برقم (١٠٩٧).
(١)
صحيح دون قوله: «أرسله بالحق بشيرًا ونذيرً ...» إلى آخر الحديث، وهذا إسناد ضعيف
لجهالة أبي عياض. لكن صح من غير طريقه كما سلف قبله.
وهو مكرر الحديث السالف برقم (١٠٩٧).
(٢)
إسناده ضعيف. العلاء بن أخي شعيب الرازي مجهول، تفرد شعبة بالرواية عنه، وقال
الذهبي: لا يعرف، وشيخه إسماعيل بن إبراهيم مجهول أيضًا، ثم إن فيه اضطرابًا كما
بينه البخاري في «تاريخه الكبير» ١/ ٣٤٣ - ٣٤٥.
٣٣ - باب في تزويج الصِّغار
٢١٢١
- حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب وأبو كامل،
قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد عن هشام بنِ عروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: تزوَّجَنِي رَسُولُ
الله ﷺ وأنا بنت سبعٍ - قال سليمان: أو ست -، ودخل بي وأنا بنتُ تِسعٍ (١).
= وأخرجه البخاري في «تاريخه الكبير»
تعليقًا ١/ ٣٤٣ - ٣٤٤، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثانى» (١٤٢٨)، والبيهقى في
«الكبرى» ٧/ ١٤٧، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٦/ ٣٩٦ من طريق بَدَل بن المحبَّر،
عن شعبة، عن العلاء، عن رجل، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن رجل. فزاد في الإسناد
رجلًا مبهمًا.
وأخرجه البخاري في «تاريخه» ١/ ٣٤٤
من طريق محمد بن عقبة السدوسي، عن حفص بن عمر بن عامر، عن إبراهيم بن إسماعيل بن
عباد بن شيبان، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة»
١/ ٣٤٠ - ٣٤١ من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة، عن حفص بن عمر بن عامر، عن يحس بن
العلاء، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عباد بن شيبان، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه البخاري في «تاريخه» ١/ ٣٤٥
من طريق محمد بن عياض المدنى، عن إسماعيل بن إبراهيم بن علي السلمي، عن أبيه، عن
جده أن النبي ﷺ قال له: «ألا أنكحك أمامة بنت ربيعة بن الحارث؟» قال: بلى يا رسول
الله، قال: «قد أنكحتكها».
(١)
إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري.
وأخرجه تامًا ومطولًا البخاري (٣٨٩٤)
و(٣٨٩٦) و(٥١٣٣) و(٥١٣٤) و(٥١٥٨)، ومسلم (١٤٢٢)، وابن ماجه (١٨٧٦)، والنسائى في
«الكبرى» (٥٣٤٦) و(٥٣٤٧) و(٥٥٤٣) و(٥٥٤٤) من طرق عن هشام بن عروة، به. وفيه أنه
تزوجها وهي بنت ست سنين، وفي رواية النسائي في «الكبرى» (٥٣٤٧) أنه تزوجها وهي بنت
سبع سنين، وفي رواية النسائي أيضًا (٥٥٤٤) على الشك كرواية المصنف.
وأخرجه مسلم (١٤٢٢)، والنسائى في
«الكبرى» (٥٥٤٤) من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير، به. وفي رواية مسلم أنه
تزوجها وهي بنت سبع سنين، أما النسائي على الشك كرواية المصنف.
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
= وأخرجه مسلم (١٤٢٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٣٤٨) من طريق الأسود بن بزيد، والنسائى في «الكبرى» (٥٣٤٥) من طريق ابن
أبي مليكة، و(٥٣٤٩) من طريق أبي عبيدة، ثلاثتهم عن عائشة، به. وفي رواية مسلم
والنسائى (٥٣٤٥) أنه تزوجها وهي بنت ست سنين، ورواية النسائى (٥٣٤٨) و(٥٣٤٩) أنه
تزوجها وهي بنت تسع سنين.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤١٥٢) و(٢٤٨٦٧)
و(٢٦٣٩٧)، و«صحيح ابن حبان» (٧٠٩٧).
وانظر ما سياتي (٤٩٣٣ - ٤٩٣٧).
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٩٠: قال
المهلب: أجمعوا على أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر ولو كانت لا توطأ
مثلها الا أن الطحاوي حكى عن ابن شبرمة منعه في من لا توطأ، وحكى ابن حزم عن ابن
شبرمة مطلقًا أن الأب لا يزوج بنته البكر الصغيرة حتى تبلغ وتأذن، وزعم أن تزويج
النبي ﷺ عائشة وهي بنت ست سنين كان من خصائصه.
وقال النووي في «شرح مسلم» ٩/ ١٧٦:
وأجمع المسلمون على تزويجه بنته البكر الصغيرة لهذا الحديث، وإذا بلغت فلا خيار
لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز، وقال أهل العراق: لها الخيار
إذا بلغت، أما غير الأب والجد من الأولياء، فلا يجوز أن يزوجها عند الشافعي
والثوري ومالك وابن أبي ليلى وأحمد وأبي ثور وأبي عبيد والجمهور، قالوا: فإن زوجها
لم يصح، وقال الأوزاعي وأبو حنيفة وآخرون من السلف:
يجوز لجميع الأولياء ويصح، ولها
الخيار إذا بلغت إلا أبا يوسف، فقال: لا خيار لها.
واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا:
يستحب أن لا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج
وهي كارهة، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل
البلوغ إذا لم تكن مصلحةٌ ظاهرة يُخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة فيستحب تحصيل
ذلك الزوج، لأن الأب مأمورٌ بمصلحة ولده فلا يفوتها. والله أعلم.
وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة
والدخول بها فإن اتفق الزوج والولي على شىءٍ لا ضرر فيه على الصغيرة عُمل به، وإن
اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها، وقال مالك
والشافعي وأبو حنيفة حدُّ ذلك أن تطيق الجماع ويخلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسن،
وهذا هو الصحيح.
٣٤ - باب في المُقام عند البكر
٢١٢٢
- حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا
يحيي، عن سُفيانَ، حدثني محمد ابن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه
عن أُم سلمة: أن رسول الله ﷺ لما
تزوَّج أُم سلمة أقام عندها ثلاثًا ثم قال: «ليس بكِ على أهلكِ هوانٌ، إن شِئتِ
سبّعتُ لكِ، وإن سَبَّعْتُ لكِ سبَّعْتُ لِنسائي» (١).
(١) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان،
وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الملك بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم.
وأخرجه مسلم (١٤٦٠)، وابن ماجه
(١٩١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٦) من طريق يحيي بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
قال الدارقطني في «العلل» ٥/ ورقة ١٧٠: حديث الثوري عن محمد بن أبي بكر صحيح.
وأخرجه مالك في «موطئه» ٢/ ٥٢٩، ومن
طريقه مسلم (١٤٦٠) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك
بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه مرسلًا: أن رسول الله ﷺ حين تزوج أم سلمة،
وأصبحت عنده قال لها: «ليس بكِ على أهلك هوانٌ، إن شئتِ سَبَّعْتُ عِندَك، وإن
شئتِ ثَلَّثتُ ثم درتُ»، قالت: ثَلَّثْ. وسقط من إسناد المطبوع من صحيح مسلم: أبو
بكر بن محمد، واستدركناه من «التحفة» ١٣/ ٣٨.
وأخرجه مسلم (١٤٦٠) من طريق عبد
الرحمن بن حميد، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلًا: أن
رسول الله ﷺ حين تزوج أم سلمة فدَخَل عليها، فأراد أن يَخرُجَ أخذت بثوبه، فقال
رسول الله ﷺ: «إن شِئتِ زدتُكِ وحاسَبتُكِ به، للبِكرِ سَبعٌ وللثيّبِ ثلاثٌ».
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» ١٧/
٢٤٣: هذا حديث ظاهره الانقطاع، وهو متصل مسند صحيح، قد سمعه أبو بكر من أم سلمة.
وأخرجه مسلم (١٤٦٠) من طريق عبد
الواحد بن أيمن، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٧) من طريق عبد الحميد بن عبد الله بن
أبي عمرو والقاسم بن محمد، ثلاثتهم عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٥٠٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٩٤٩).
٢١٢٣ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية وعثمانُ بنُ
أبي شيبة، عن هُشيم، عن حُميد
عن أنس بنِ مالك، قال: لما أخَذَ
رسولُ الله ﷺ صفيَّة أقامَ عندها ثلاثًا، زاد عثمانُ: وكانت ثيِّبًا، وقال: حدثني
هُشيم، أخبرنا حميد، حدَّثنا أنس (١).
٢١٢٤
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا هشيمٌ وإسماعيلُ ابنُ عُلَيَّه، عن خالدٍ الحذاءِ، عن أبي قِلابة
عن أنس بن مالكٍ، قال: إذا تَزَوَّج
البِكْرَ على الثَّيَّبِ، أقامَ عندَها سَبْعًا، وإذا تزوَّج الثيبَ أقامَ عندها
ثلاثًا، ولو قلتُ: إنه رفعه، لصدقْتُ، ولكنه قال: السُّنةُ كذلك (٢).
(١) إسناده صحيح. هُشَيم - وهو ابن بشير
السُّلمي - صرح بالتحديث من طريق عثمان بن أبي شيبة، فانتفت شبهة تدليسه. حُمَيد:
هو ابن أبي حميد الخزاعى.
وأخرجه البخاري (٤٢١٢) و(٤٢١٣)
و(٥٠٨٥) و(٥١٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٥٥٥٠) و(٥٥١٠) و(٦٥٦٣) و(٦٥٩٠) من طرق عن
حميد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٥٢).
(٢)
إسناده صحيح. عثمان بن أبي شيبة: هو عثمان بن محمد العبسي، وهشيم: هو ابن بشير
السُّلمي، وخالد الحذاء: هو ابن مهران البصري، وأبو قِلابة: هو عبد الله ابن زيد
الجَرمي.
وأخرجه البخاري (٥٢١٣) و(٥٢١٤)،
ومسلم (١٤٦١)، والترمذي (١١٧١) من طرق عن خالد الحذاء، والبخاري (٥٢١٤)، ومسلم
(١٤٦١) من طريق سفيان الثوري، عن أيوب السختياني، كلاهما عن أبي قلابة، به.
وأخرجه ابن ماجه (١٩١٦) من طريق محمد
بن إسحاق، وابن حبان في «صحيحه» (٤٢٠٨) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أيوب
السختياني، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ فذْكره. فجعله من
قول رسول الله ﷺ. =
٣٥ - باب في الرجل يدخل بامرأته قبلَ أن
ينقُدَها شيئًا
٢١٢٥
- حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل
الطالقاني، حدَّثنا عَبْدَةُ، حدَّثنا سعيد،
عن أيوبَ، عن عِكرمةَ
عن ابنِ عباس، قال: لما تزوَّج عليٌّ
فاطمةَ قال له رسولُ الله ﷺ:
«أعطِها شيئًا» قال: ما عِندي شيءٌ،
قال: «أين درْعُكَ الحُطَمِيةُ؟» (١).
= وأخرجه ابن حبان «صحيحه» (٤٢٠٩) من
طريق سفيان، حفظناه عن حميد، عن أنس عن النبي ﷺ مثله. يعني جعله من قول رسول الله
ﷺ أيضًا.
وانظر «مسند أحمد» (١١٩٥٢).
وانظر ما قبله.
قال ابن دقيق العيد في «إحكام
الأحكام» ٤/ ٤١: الذي قاله أكثر الأصوليين من أن قول الراوي: «من السنة كذا» في
حكم المرفوع، لأن الظاهر أنه ينصرف إلى سنة النبي ﷺ، وإن كان يحتمل أن يكون ذلك
قاله بناءً على اجتهاد رآه، ولكن الأظهر خلافه، وقول أبي قِلابة: «لو شئت لقلت: إن
أنسًا رفعه» يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون ظن ذلك مرفوعًا لفظًا من أنس، فتحرَّز
عن ذلك تورعًا، والثاني: أن يكون رأى أن قول أنس: «من السنة كذا» في حكم المرفوع،
فلو شاء، لعبَّر عنه بأنه مرفوع بحسب ما اعتقده من أنه في حكم المرفوع، والأول
أقرب، لأن قولَه: «من السنة» يقتضي أن يكون مرفوعًا بطريق اجتهادي محتمل، وقوله:
«إنه رفعه»: نصٌّ في رفعه، وليس للراوي أن ينقل ما هو ظاهر محتمل إلى ما هو نصٌّ
غير محتمل.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، لكنه اختلف في وصله وإرساله عن عكرمة، كما
سيأتي بيانه، عبدة - وهو ابن سليمان الكلابي - سمع من سعيد - هو ابن أبي عروبة
اليشكري - قبل اختلاطه. أيوب: هو السختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٥٥٤٢)
من طريق عبدة، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٩٤٥).
وخالف عبدةَ بن سليمان عبدُ الوهاب
بن عطاء الخَفَّاف عند ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ٢٢، فرواه عن سعيد بن أبي عروبة،
عن أيوب، عن عكرمة مرسلًا. وعبد الوهاب الخفاف سمع من ابن أبي عروبة قبل اختلاطه
أيضًا. =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن سعد أيضًا ٨/ ٢٠ من طريق
جرير بن حازم، و٨/ ٢١ من طريق حمّاد بن زيد، وابن أبي شيبة ٤/ ١٩٩ عن إسماعيل ابن
علية، ثلاثتهم عن أيوب، عن عكرمة مرسلًا.
وأخرجه موصولًا النسائي (٥٥٤١) من
طريق حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي. فجعله من مسند علي.
وأخرجه موصولًا كذلك البيهقي ٧/ ٢٣٤
من طريق ابن جريج أخبره عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس. بلفظ: «ما استحل
عليٌّ فاطمة رضى الله عنها إلا بِبُدنٍ من حديد». وبُدن الحديد: هو الدرع نفسه.
وخالف ابنَ جريج محمدُ بن مسلم
الطائفي عند ابن سعد ٨/ ٢٠، وسفيانُ بن عيينة عنده كذلك ٨/ ٢٤ فروياه عن عمرو بن
دينار، عن عكرمة مرسلًا.
وأخرجه موصولًا أيضًا الطبراني في
«الكبير» (١٢٠٠٠)، وفي «الأوسط» (٢٨٧٠) و(٧٩٨١) من طريق معمر، عن يحيي بن أبي
كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس. بلفظ المصنف. لكن خالف معمرًا علي بن المبارك عند
ابن سعد ٨/ ٢٠ فرواه عن يحيي بن أبي كثير، عن عكرمة مرسلًا.
وسيأتي موصولًا عند المصنف برقم
(٢١٢٧) من طريق غيلان بن أنس، عن عكرمة، عن ابن عباس.
فالحديث صحيح موصولًا بمجموع هذه
الطرق.
وله شاهد من حديث علي عند أحمد في
«مسنده» (٦٠٣).
قال الخطابي: الحُطَميَّه: منسوبة
الى حُطَمَة بطنٍ من عبد القيس، كانوا يعملون في الدروع، ويقال: انها الدروع
السابغة التي تحطم السلاح.
قال في «المغني» ١٠/ ١٤٧ - ١٤٨:
ويجوز الدخول بالمرأة قبل إعطائها شيئًا سواء كانت مفوضة أو مسمى لها، وبهذا قال
سعيد بن المسيب والحسن والنخعي والثوري والشافعي، وروي عن ابن عباس وابن عمر
والزهري وقتادة ومالك: لا يدخل بها حتى يعطيها شيئًا، قال الزهري: مضت السنة أن لا
يدخل بها حتى يعطيها شيئًا، قال ابن عباس: يخلع إحدى نعليه ويلقيها إليها (رواه
سعيد بن منصور ١/ ١٩٩) (وهو قول أبي حنيفة كما في «البدائع» ٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩).
=
٢١٢٦ - حدَّثنا كثيرُ بنُ عُبيدٍ الحمصي،
حدَّثنا أبو حيوة، عن شُعيب - يعني ابنَ أبي حمزة - حدثني غيلانُ بنُ أنس، حدثني
محمدُ بنُ عبدِ الرحمن بن ثوبان
عن رَجُلٍ مِن أصحابِ النبيِّ ﷺ: أن
عليًا لما تزوَّجَ فاطمةَ بنتَ رسولِ الله ﷺ أراد أن يَدْخُلَ بها، فمنعه رسولُ
اللهِ ﷺ حتى يُعْطِيَها شيئًا، فقال: يا رسولَ الله، ليس لي شيءٌ، فقال له النبيُّ
ﷺ: «أعْطِهَا درعَكَ» فأعطاها درْعَهُ، ثم دَخَلَ بها (١).
٢١٢٧
- حدَّثنا كثيرٌ - يعني ابنَ عُبيدٍ -
حدَّثنا أبو حَيوَةَ، عن شعيبٍ، عن غيلانَ، عن عِكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، مثلَه (٢).
= وذكر حديث أبي داود هذا ثم قال: ولنا
حديث عقبة بن عامر في الذي زوجه النبي ﷺ، ودخل بها ولم يُعطها شيئًا. (وهو عند
المصنف برقم (٢١١٧» وروت عائشة (وهو الحديث الآتي عند أبي داود برقم (٢١٢٨» قالت:
أمرني رسول الله ﷺ أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطها شيئًا. ولأنه عوض في عقد
معاوضة، فلم يقف جواز تسليم المعوض على قبض شيء منه كالثمن في المبيع، والأجرة في
الإجارة، وأما الأخبار (كحديث ابن عباس وغيره) فمحمولة على الاستحباب، فإنه يستحب
أن يعطيها قبل الدخول شيئًا موافقة للأخبار، ولعادة الناس فيما بينهم، ولتخرج
المفوضة عن شبه الموهوبة، وليكون ذلك أقطع للخصومة، ويمكن حمل قول ابن عباس ومن
وافقه على الاستحباب، فلا يكون بين القولين فرق.
(١)
صحيح لغيره وهذا إسناد اختلف فيه على غيلان بن أنس وهو صدوق حسن الحديث، فرواه مرة
عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ كما هو عند المصنف هنا،
ورواه مرة أخرى عن عكرمة، عن ابن عباس كما سيأتي بعده. أبو حيوة: هو شريح بن يزيد
المؤذن.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ٢٥٢
من طريق أبي داود.
وانظر ما قبله.
(٢)
صحيح لغيره.
وانظر سابقيه.
٢١٢٨ - حدَّثنا محمدُ بنُ الصبَّاح البزازُ،
حدَّثنا شريكٌ، عن منصورٍ، عن طلحةَ، عن خَيثَمَةَ
عن عائشة قالت: أمرني رسولُ الله ﷺ
أن أُدْخِلَ امْرَأةً على زَوجِها قَبلَ أن يُعطِيَها شيئًا (١).
قال أبو داود: خيثمةُ لم يسمع مِن
عائشة.
٢١٢٩
- حدَّثنا محمد بنُ معمر، حدَّثنا محمد
بنُ بكرٍ البُرسانيُّ، أخبرنا ابنُ جُرِيجٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه
عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «أيّما
امرَأةٍ نكحَتْ على صَدَاقٍ أو حِباءٍ أو عِدَةٍ قَبلَ عصمةِ النكاح، فهو لها، وما
كان بَعْدَ عِصمة النكاح، فهو لمن أُعطِيَه، وأحق ما أُكرِم عديه الرجل: ابنتُه أو
أختُه» (٢).
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه. خيثمة - وهو ابن
عبد الرحمن بن أبي سَبرة - لم يسمع من عائشة فيما قاله المصنف، وشريك - هو ابن عبد
الله النخعي - ضعيف سيئ الحفظ. منصور: هو ابن المعتمر السلمي، وطلحة: هو ابن
مُصَرِّف اليامي.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٩٢) من طريق
الهيثم بن جميل، عن شريك، بهذا الإسناد.
ويغني عنه في هذا الباب حديث عقبة بن
عامر سلف برقم (٢١١٧).
وانظر فقه الحديث فيما سلف برقم
(٢١٢٥).
(٢)
إسناده حسن. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - قد صرّح بالتحديث عند
النسائي في «الكبرى» (٥٤٨٣) فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٥٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٤٨٣) و(٥٥٠٧) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٧٠٩).
الحِباء: ما يعطيه الزوجُ سوى
الصَّداق بطريق الهبة، والعدة: ما يعد الزوج أنه يعطها. قال الشوكاني: فيه دليل
على أن المرأة تستحق جميع ما يذكر قبل العقد من صداق أو حباء وهو العطاء أو عدة
بوعد، ولو كان ذلك الشيء مذكورًا لغيرها، وما =
٣٦ - باب ما يقالُ للمتزوّج
٢١٣٠
- حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
عبدُ العزيز - يعني ابنَ محمد - عن سهيل، عن أبيه
عن أبي هريرة: أن النبيَّ ﷺ كان إذا
رفَّأ الإنسانَ إذا تزَوَّج قال: «باركَ الله لَكَ، وبَارَكَ عليكَ، وجَمَعَ
بينكما في خيرٍ» (١).
= يذكر بعد عقد النكاح، فهو لمن جُعل
له، سواء كان وليًا أو غير وليّ أو المرأة نفسها، وقد ذهب إلى هذا عمر بن عبد
العزيز والثوري وأبر عبيد ومالك، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الشرط لازم لمن
ذكره من أخ أو أب. وانظر «الاستذكار» ١٦/ ١٠٩ - ١١٣، و«المغني» ١٠/ ١١٨ - ١٢٠.
وفي الحديث دليل على مشروعية صلة
أقارب الزوجة وإكرامهم والإحسان إليهم، وأن ذلك حلال لهم، وليس من قبيل الرسوم
المحرمة إلا أن يمتنعوا من التزويج إلا به.
(١)
إسناده قوي، عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - صدوق قوي الحديث. سهيل: هو ابن
أبي صالح السمان.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٠٥)، والترمذي
(١١١٦)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠١٧) من طرق عن عبد العزيز، بهذا الإسناد. وقال
الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٥٦) و(٨٩٥٧)،
و«صحيح ابن حبان» (٤٠٥٢).
قال الخطابي: رفأ الإنسان. يريد هنأه
ودعا له، وكان من عادتهم أن يقولوا: بالرفاء والبنين، وأصله من الرفأ وهو على
معنيين: أحدهما: التسكين، يقال: رفوت الرجل: إذا سكنتَ ما به من روع، والآخر: أن
يكون بمعنى الموافقة والملاءمة، ومنه: رفوت الثوب، وفيه لغتان، يقال: رفَوْت الثوب
ورفأته.
وفي «المسند» (١٧٣٨) و(١٧٣٩) من طريق
عبد الله بن عقل أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه تزوج امرأة من بنى جُشَم، فخرج
علينا فقلنا: بالرِّفاء والبنين، فقال: مَة لا تقولوا ذلك، فإن النبي ﷺ قد نهانا
عن ذلك وقال: قولوا: «بارك الله فيك، وبارك لك فيها».
وأخرج أحمد (٨٩٥٦) وغيره بسند قوي،
عن أبي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ إذا رفأ إنسانًا قال: «بارك الله لكَ، وباركَ
عليكَ، وجمع بينكما على خير» وصححه ابن حبان (٤٠٥٢).
٣٧ - باب في الرجل يتزوَّجُ المرأةَ
فيجِدُها حُبلى
٢١٣١
- حدَّثنا مَخَلدُ بنَ خالد والحسنُ
بنُ علي ومحمد بن أبي السَّريَّ - المعنى - قالوا: حَدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا
ابنُ جُرَيجٍ، عن صفوان بنِ سُليم، عن سعيد بنِ المسيب
عن رجل مِن الأنصارِ - قال ابنُ أبي
السري: من أصحابِ النبي ﷺ، ولم يقل: مِن الأنصار، ثم اتفقوا - يقال له بَصْرَةُ،
قال: تزوجتُ امرأةً بِكرًا في سِترها، فدخلتُ عليها، فإذا هي حُبْلَى، فقال النبي
ﷺ: «لها الصداقُ بما استحللتَ مِن فرجها، والولدُ عبدٌ لك، فإذا وَلَدَت» قال
الحسن: «فاجلدوها» وقال ابنُ أبي السري: «فاجلِدُوهَا» أو قال: «فَحُدُّوهَا» (١).
(١) إسناده ضعيف لعلتين، الأولى: أن ابن جريج
لم يسمعه من صفوان بن سُلَيم كما توضحه رواية «المصنَّف» (١٠٧٠٥) حين قال عبد
الرزاق: عن ابن جُريج، قال: حُدِّثت عن صفوان بن سُلَيم، قال البيهقي في «السنن»
٧/ ١٥٧، وابن القيم في «تهذيب السنن»: هذا الحديث إنما أخذه ابن جريج، عن إبراهيم
بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُلَيم. وإبراهيم مختلفٌ في عدالته. قلنا: بل هو متروك
الحديث كما قال ابن القيم، ويؤكد كلام البيهقي وابن القيم أن عبد الرزاق وغيره قد
أخرجوا هذا الحديث عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُليم، عن سعيد بن
المسيب، عن رجل من الأنصار يقال له: بصرة، فتبين أن وصل الحديث خطأ من إبراهيم بن
محمد بن أبي يحيى.
والعلة الثانية: أن جماعة رَوَوه عن
سعيد بن المسيب مرسلًا كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث.
عبد الرزاق: هو الصنعاني، وابن جريج:
هر عبد الملك بن عبد العزيز.
وهو عند عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٠٧٠٥)، ومن طريقه أخرجه ابن أبى عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٢١٢)، والطبراني
في«الكبير» (١٢٤٣)، والدارقطني في «سننه» (٣٦١٦)، والحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٨٣،
و٣/ ٥٩٣، والبيهقي في =
قال أبو داود: روى هذا الحديث
قتادةُ، عن سعيد بنِ يزيدَ، عن ابنِ المسيب. ورواه يحيي بنُ أبي كثير، عن يزيد بنِ
نعيم، عن سعيد ابنِ المسيب، وعطاء الخراساني عن سعيد بنِ المسيب، أرسلوه، وفي
حديثِ يحيى بنِ أبي كثير أن بصرةَ بنَ أكثمَ نكَحَ امرأة، وكُلُّهم قال في
حَدِيثه: جعل الولد عبدًا له.
٢١٣٢
- حدَّثنا محمدُ بن المثتى، حدَّثنا
عثمانُ بنُ عمر، حدَّثنا علي - يعني ابنَ المبارك - عن يحيى، عن يزيد بنِ نعيم
عن سعيد بنِ المسيب: أن رجلًا يقال
له: بصْرَةُ بن أكثَم، نكحَ امرأةً، فذكر معناه، زاد: وفرَّق بينهما، وحديثُ ابن
جريج أتم (١).
= «الكبرى» ٧/ ١٥٧، وابن الجوزي في
«التحقيق في أحاديث الخلاف» (١٧٤٤).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد
ولم يخرجاه!
وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه»
(١٠٧٠٤)، وأبو الفتح في «المخزون في علم الحديث» (٢٢)، والبيهقي في «الكبرى» ٧/
١٥٧ من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان بن سُليم، به.
وأخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة»
(١٢٠٩) من طريق إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن صفوان بن سُليم، مرسلًا. وهذا أولى
لأنه يوافق رواية الجماعة عن سعيد بن المسيب.
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: هذا الحديث لا أعلم
أحدًا من الفقهاء قال به. وهو مرسل، ولا أعلم أحدًا من العلماء اختلف في أن ولد
الزنى حرٌّ إذا كان من حرة، فكيف يستعبده.
ويشبه أن يكون معناه إن ثبت الخبر
أنه أوصاه به خيرًا أو أمره باصطناعه وتربيته واقتنائه لينتفع بخدمته إذا بلغ
فيكون كالعبد له في الطاعة مكافأة له على إحسانه وجزاءً لمعروفه
...
(١)
رجاله ثقات لكنه مرسل، وهو أصح من إسناد الموصول السالف قبله.
يحيى: هو ابن أبي كثير.
=
٣٨ - باب في القَسم بين النساء
٢١٣٣
- حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي،
حدَّثنا هَمّام، حدَّثنا قتادةُ، عن النضر ابنِ أنس، عن بَشِير بنِ نَهيك
عن أبي هُريرة، عن النبيَّ ﷺ قال:
«مَن كانت له امرأتانِ، فمال إلى إحداهما جاء يَومَ القيامَةِ وشِقُّه مَائِلٌ»
(١).
٢١٣٤
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حَمَّاد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابة، عن عبدِ الله بنِ يزيد الخطميِّ
= وأخرجه سعيد بن منصور في «سننه»
(٦٩٣)، والبيهقي في «الكبرى» ٥٧/ ١٧ من طريق عبد الله بن المبارك، عن علي بن
المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٨٣
عن علي بن حَمشاذ العدل، عن الحسين بن محمد بن زياد، عن محمد بن المثنى، عن عثمان
بن عمر، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نعيم، عن سعيد بن
المسيب، عن بَصرة ابن أكثم فوصله. وهذا مخالف لرواية المصنف هنا فلعل الوهم في
وصله من الحسين ابن محمد بن زياد أو ممن دونه.
وانظر ما قبله.
(١)
إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى الأزدي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٦٩)، والترمدي
(١١٧٣)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٣٩) من طريق همام، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٩٣٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٠٧).
قال الخطابي: في هذا دلالة على توكيد
وجوب القسم بين الضرائر والحرائر، وإنما المكروه من الميل هو ميل العِشرة الذي
يكون معه بخس الحق دون ميل القلوب، فإن القلوب لا تملك، فكان رسول الله ﷺ يسوي في
القسم بين نسائه ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك"
وفى هذا نزل قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ
وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا
كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ [النساء: ١٢٩].
عن عائشة قالت: كان رسولُ الله ﷺ
يقْسم فيعدل، ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلُمني فيما تَملِكُ ولا
أملِكُ» قال أبو داود: يعني القلبَ (١).
٢١٣٥
- حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا
عبدُ الرحمن - يعني ابنَ أبي الزناد - عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه، قال:
قالت عائشةُ: يا ابنَ أُختي، كان
رسولُ اللهِ ﷺ لا يُفضِّلُ بعضنا
على بعضٍ في القَسمِ، من مُكثه
عِندنا، وكان قلَّ يومٌ إلا وهو يَطُوفُ
علينا جميعًا، فيدنو مِنْ كُلِّ
امرأة مِن غير مَسِيسٍ حئى يَبْلُغَ إلى التي
هو يَوْمُها فيبيتُ عندها، ولقد قالت
سودَةُ بنتُ زمْعَةَ حين أسنَّتْ
وَفرِقَتْ أن يُفَارِقَها رسولُ الله
ﷺ: يا رسولَ الله، يومي لِعائشة، فَقَبِلَ
(١) إسناده صحيح، كما قال ابن كثير في
«التفسير» ٢/ ٣٨٢، إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، ورجح الإرسالَ غير واحد من
الأئمة، وقد روي من وجهٍ آخر عن عائشة بإسناد حسن سيأتي بعده. حمّاد: هو ابن سلمة
البصري، وأيوب: هو السختياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٧١)، والترمذي
(١١٧٢)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٤٠) من طريق حمّاد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥١١١)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٠٥).
وقول عائشة رضي الله عنها:
كان رسول الله ﷺ يقسم بين نسائه
فيعدل، صحيح معناه من حديث عائشة عند أحمد (٢٤٨٥٩).
وانظر ما بعده.
وقد توسع في شرح هذا الحديث الإمام
الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» ١/ ٢١٤ - ٢١٧ فارجع إليه.
ذلك رسولُ الله ﷺ منها، قالت: نقولُ
في ذلك أنزلَ اللهُ تعالى وفي أشباهها، أراه قال: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ
بَعْلِهَا نُشُوزًا﴾ [النساء: ١٢٨] (١).
٢١٣٦
- حدَّثنا يحيي بنُ مَعين ومحمدُ بنُ
عيسى - المعنى - قالا: حدَّثنا عبادُ بنُ عباد، عن عاصمٍ، عن مُعاذة
عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله ﷺ
يستأذنّا إذا كان في يومِ المرأةِ منَّا بعدما نزلت ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ
مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قالت معاذةُ: فقلتُ لها: ما كنتِ
تقولينَ لِرسولِ الله ﷺ؟ قالت: أقول: إن كانَ ذلك إليَّ لم أُوثر أحدًا على نفسِي
(٢).
(١) إسناده حسن. عبد الرحمن بن أبي الزناد
حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد (٢٤٧٦٥)، والطبراني في
«الكبير» ٢٤/ (٨١)، وأبو بكر الجصاص في «أحكام القرآن» ٣/ ٣٦٨، والحاكم في
«المستدرك» ٢/ ١٨٦، والبيهقي ٧/ ٧٤ - ٧٥ و٣٠٠ من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد،
بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي.
وأخرج الترمذي (٣٢٨٩) من حديث ابن
عباس، قال: خَشيتْ سَودة أن يُطَلِّقَها رسول الله ﷺ فقالت: لا تطلقني وأمسِكني،
وأجعَلُ يَومي لعائشة، فَفَعل، فنزلت: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا
بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨]. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وحسّنه
الحافظ ابن حجر في «الإصابة» ٧/ ٧٢٠.
وانظر ما سيأتى برقم (٢١٣٨).
(٢)
إسناده صحيح. عبّاد بن عبّاد: هو العتكي الأزدي، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول،
ومعاذة: هي العدوية.
وأخرجه مسلم (١٤٧٦)، والنسائي في
«الكبرى» (٨٨٨٧) من طريق عبّاد بن عبّاد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٤٧٨٩)، ومسلم (١٤٧٦)
من طريق عبد الله بن المبارك، عن عاصم، به. =
٢١٣٧ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا مرحوم
بنُ عبد العزيز العطارُ، حدثني أبو عِمران الجَونيُّ، عن يزيدَ بنِ بابَنُوس
عن عائشة: أن رسولَ الله ﷺ بعثَ إلى
النساء - تعني في مرضه - فاجتمعْنَ، فقال: «إني لا أستطِيعُ أن أدورَ بينكن، فإن
رأيتُن أن تأذنَّ لي فأكونَ عندَ عائشة فعلتُنَّ» فأذِنَّ له (١).
٢١٣٨
- حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح،
حدَّثنا ابنُ وهب، عن يونَس، عن ابنِ شهاب، أن عُروةَ بنَ الزبير حدَّثه
= وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٧٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٢٠٦).
قال ابن الجوزي في «زاد المسير» ٦/
٤٠٧: وفي معنى الآية أربعة أقوال:
أحدها: تطلِّق من تشاء من نسائك،
وتُمسِكُ من تشاء من نسائك. قاله ابن عباس.
والثاني: تترك نكاح من تشاء، وتنكح
من نساء أمتك من تشاء، قاله الحسن.
والثالث: تعزل من شئتَ من أزواجك،
فلا تأتيها بغير طلاق، وتأتي من تشاء فلا تعزلها. قاله مجاهد.
والرابع: تقبل من تشاء من المؤمنات
اللواتي يَهَبْنَ أنفسهن، وتترك من تشاء، قاله الشعبي وعكرمة. وأكثر أهل العلم على
أن هذه الآية نزلت مبيحة لرسول الله ﷺ مصاحبة نسائه كيف شاء من غير إيجاب القسمة
عليه والتسوية بيهن غير أنه كان يُسوي بينهن. وانظر «تفسير ابن كثير» ٦/ ٤٣٧.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن يزيد بن بَابَنُوس حسن الحديث، وقد توبع. مسدَّدٌ: هو
ابن مُسَرهَد الأسدي.
وأخرجه بأطول مما هنا البخارى (١٩٨)
و(٦٦٥) و(٢٥٨٨) و(٣٠٩٩) و(٤٤٤٢) و(٥٧١٤)، ومسلم (٤١٨)، وابن ماجه (١٦١٨)، والنسائي
في «الكبرى» (٧٠٤٦) و(٧٠٥١) و(٨٨٨٦) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة،
والبخارى (٤٤٥٠) و(٥٢١٧) من طريق عروة بن الزبير، كلاهما عن عائشة.
وانظر «مسند أحمد» (٢٤٠٦١) و(٢٤١٠٣)
و(٢٤٨٥٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٥٨٨).
أن عائشةَ زوجَ النبي ﷺ قالت: كان
رسولُ الله ﷺ إذا أراد سَفَرًا أقرَعَ بين نسائه، فأيتُهُنَّ خرج سهمُها، خرجَ بها
معه، وكان يَقسِمُ لِكل امرأةٍ منهن يَومَهَا ولَيلَتَها، غَيْرَ أن سودة بنتَ
زمعةَ وهَبَت يَوْمَها لعائشة (١).
(١) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله
المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري
(٢٥٩٣) و(٢٦٦١) و(٢٦٨٨) و(٢٨٧٩) و(٤١٤١) و(٤٧٥٠)، ومسلم (٢٧٧٠)، وابن ماجه (١٩٧٠)
و(٢٣٤٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٤) و(٨٨٨٠) (٨٨٨٢) و(١١٢٩٦) من طرق عن الزهري،
بهذا الإسناد.
وقرن البخاري (٢٦٦١) و(٢٨٧٩) و(٤١٤١)
و(٤٧٥٠)، ومسلم (٢٧٧٠) والنسائي (٨٨٨٢) و(١١٢٩٦) بعروة بن الزبير: سعيد بن المسيب
وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
وأخرجه البخاري (٥٢١٢)، ومسلم
(١٤٦٣)، وابن ماجه (١٩٧٢)، والنسائي (٨٨٨٥) من طريق هشام، عن عروة، عن عائشة: أن
سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي ﷺ يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة. هذا
لفظ البخاري.
وأخرجه البخارى (٥٢١١)، ومسلم
(٢٤٤٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٨٣) من طريق القاسم بن محمد، والنسائى في
«الكبرى» (٨٨٨١) من طريق محمد بن علي ابن شافع، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، كلاهما
عن عائشة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٣٩٥) و(٢٤٨٣٤)
و(٢٤٨٥٩)، و«صحيح ابن حبان» (٤٢١١) و(٤٢١٢) و(٧٠٩٩).
قال الخطابي: فيه إثبات القرعة، وفيه
أن القسم قد يكون بالنهار كما يكون بالليل، وفيه أن الهبة قد تجري في حقوق عشرة
الزوجية كما تجري في حقوق الأموال.
واتفق أكثر أهل العلم على أن المرأة
التي يخرج بها في السفر لا يحسب عليها بتلك المدة للبواقي، ولا تقاس بما فاتهن في
أيام الغيبة إذا كان خروجها بقرعة. =
٣٩ - باب في الرجل يشترط لها دارها
٢١٣٩
- حدَّثنا عيسى بنُ حماد، أخبرنا
الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير
عن عُقبة بنِ عامر، عن رسولِ الله ﷺ،
أنه قال: «إن أحَقَّ الشُروطِ أن تُوفوا به ما استحللتم به الفُرُوجَ» (١).
= وزعم بعض أهل العلم أن عليه أن يوفي
للبواقي ما فاتهن أيام غيبته حتى يساوينها في الحظ، والقول الأول أولى لاجتماع
عامة أهل العلم عليه، ولأنها إنما ارتفقت بزيادة الحظ بما يلحقها من مشقة السفر
وتعب السير، والقواعد خليات من ذلك، فلو سوى بينها وبينهن لكان في ذلك العدول عن
الإنصاف، والله أعلم.
(١)
إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.
وأخرجه البخاري (٢٧٢١) و(٥١٥١)،
ومسلم (١٤١٨)، وابن ماجه (١٩٥٤)، والترمذي (١١٥٦) و(١١٥٧)، والنسائى في «الكبرى»
(٥٥٠٦) و(٥٥٠٨) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٣٠٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٠٩٢).
قال الخطابي: كان أحمد بن حنبل
وإسحاق بن راهويه يريان أن من تزوج امرأة على أن لا يخرجها من دارها، أو لا يخرج
بها إلى البلد أو ما أشبه ذلك أن عليه الوفاء بذلك وهو قول الأوزاعي، وقد روي
معناه عن عمر رضي الله عنه.
وقال سفيان وأصحاب الرأي: إن شاء أن
ينقلها عن دارها، كان له، وكذلك قال الشافعي ومالك، وقال النخعي: كل شرط في نكاح،
فالنكاح يهدمه إلا الطلاق، وهو مذهب عطاء والشعبي والزهري وقتادة وابن المسيب
والحسن وابن سيرين.
وتأويل الحديث على مذهب هؤلاء أن
يكون ما يشترطه من ذلك خاصًا في المهر والحقوق الواجبة التي هي مقتضى العقد دون
غيرها مما لا يقتضيه. وانظر لزامًا «المغني» ٩/ ٤٨٣ - ٤٨٩.
٤٠ - باب في حق الزوج على المرأة
٢١٤٠
- حدَّثنا عمرو بنُ عون، أخبرنا اسحاق
بنُ يوسفَ، عن شريكٍ، عن حُصينٍ، عن الشعبيِّ
عن قيسِ بنِ سعد، قال: أتيتُ
الحِيرةَ فرأيتُهم يسجدون لِمرْزُبانٍ لهم، فقلتُ: رسولُ الله أحقُّ أن يُسجدَ له،
قال: فأتيتُ النبي ﷺ فقلت: إني أتيتُ الحِيرَةَ فرأيتُهم يَسجُدُونَ لمرزبانٍ
لَهُمْ، فأنت يا رسولَ الله أحقُّ أن نسجُدَ لك، قال: «أرأيتَ لو مررتَ بقبري
أكنتَ تَسجُدُ له؟» قال: قلت: لا، قال: «فلا تَفْعَلُوا، لو كنتُ آمرًا أحدًا أن
يَسجُدَ لأحدٍ لأمرتُ النِّساءَ أن يسجُدْنَ لأزواجِهِنَّ، لِمَا جَعَل الله لهم
عليهنَّ من الحق» (١).
(١) صحيح لغيره دون ذكر السجود للمرزبان
والسجود للقبر، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. شريك - وهو ابن عبد الله
النخعي - صدوق حسن الحديث في المتابعات والشواهد. إسحاق بن يوسف: هو الأزرق،
وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه الدارمي في «سننه» (١٤٦٣)،
وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثانى» (٢٠٢٣)، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (٨٩٥)،
والحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٨٧ من طريق شريك، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه
الذهبي.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ٢٩١
من طريق أبي بكر النخعي، عن حصين، به. ولقوله: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد
...» شاهد من حديث أبي هريرة عند الترمذي (١١٩٣) وإسناده حسن، وصححه ابن حبان
(٤١٦٢).
وآخر من حديث ابن عباس عند الطبراني
في «الكبير» (١٢٠٠٣) وإسناده قوي.
وثالث من حديث معاذ بن جبل عند أحمد
(٢١٩٨٦) ورجاله ثقات.
ورابع من حديث أنس بن مالك عند أحمد
أيضًا (١٢٦١٤) ورجاله ثقات.
وخامس من حديث ابن أبي أوفى عند ابن
ماجه (١٨٥٣)، وصححه ابن حبان (٤١٧١). =
٢١٤١ - حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو الرازيُّ،
حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن أبي حازمٍ
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ قال:
«إذا دَعَا الرجلُ امرأتَه إلى فِراشه فلم تأتِهِ، فباتَ غَضْبَانَ عليها لَعَنتها
الملائكةُ حتى تُصْبِحَ» (١).
٤١
- باب في
حق المرأة على زوجها
٢١٤٢
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حماد، أخبرنا أبو قزَعَةَ الباهليُّ، عن حكيم بن معاوية القُشيريِّ
عن أبيه، قال: قلت: يا رسولَ الله،
ما حق زوجة أحدِنا عليه؟ قال: «أن تُطعمَها إذا طَعِمتَ، وتكسُوَها إذا اكتَسَيْتَ
- أو اكتسبْتَ - ولا تضربَ الوجهَ، ولا تُقبِّحَ، ولا تَهْجُرَ إلا في البيت» (٢).
= الحِيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال
من الكوفة، وهي قاعدة الملوك اللخميين فتحها المسلمون بقيادة سيف الله خالد بن
الوليد سنة ١٢هـ.
والمرزبان: هو بفتح الميم وضم الزاي:
الفارس الشجاع المقدم على القوم دون
الملك وهو معرب. كذا في «النهاية».
(١)
إسناده صحيح. جرير: هر ابن عبد الحميد الضبّي، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وأبو
حازم: هو سلمان الأشجعي.
وأخرجه البخاري (٣٢٣٧) و(٥١٩٣)،
ومسلم (١٤٣٦) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٤٣٦) (١٢١) من طريق
يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، به.
وأخرجه البخاري (٥١٩٤)، ومسلم (١٤٣٦)
(١٢٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٢١) من طريق زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة قال: قال
النبي ﷺ: «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتي ترجع».
وهو في «مسند أحمد» (٩٦٧١)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١٧٢) و(٤١٧٣).
(٢)
إسناده حسن من أجل حكيم بن معاوية - وهو ابن حَيدة القُشَيرِي - فهو صدوق حسن
الحديث. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو قزعة الباهلي: هو سويد بن حُجَير.
=
قال أبو داود: «ولا تقبَّح» أن تقول:
قَبَّحكِ الله.
٢١٤٣
- حدَّثنا ابنُ بشار، حدَّثنا يحيى،
حدَّثنا بَهزُ بن حكيم، حدثني أبي
عن جدِّي قال: قلت: يا رسول الله،
نساؤنا ما نأتي منهنَّ وما نَذَرُ؟ قال: «ائتِ حَرْثَكَ أنَّى شِئْتَ، وأَطْعِمْها
إذا طَعِمْتَ، واكْسُها إذا اكتَسَيْتَ، ولا تُقَبِّحِ الوَجهَ، ولا تَضْرِب» (١).
= وأخرجه ابن ماجه (١٨٥٠)، والنسائي في
«الكبرى» (٩١٢٦) و(٩١٣٦) و(١١٠٣٨) (١١٣٦٧) من طريق أبي قزعة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠١١)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١٧٥).
وانظر لاحقيه.
وفي باب حق الزوجة عن جابر عن النبي
ﷺ قال: «ولهنَّ عليكم رِزقُهُنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف».
أخرجه مسلم (١٢١٨).
وفي باب النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه
بوجه عام دون حصره بالنساء عن أبي هريرة عند أحمد (٧٤٢٠) ولفظه: «إذا ضرب أحدكم
فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح اللهُ وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله تعالى خلق
آدم على صورته».
قال الخطابي: في الحديث إيجاب النفقة
والكسوة لها، وليس في ذلك حد معلوم، وإنما هو على المعروف، وعلى قدر وسع الزوج
وجدته، وإذا جعله النبي ﷺ حقًا لها فهو لازم للزوج حضر أو غاب، وإن لم يجده في
وقته، كان دينًا عليه إلى أن يؤديه إليها كسائر الحقوق الواجبة، وسواء فرض لها
القاضي عليه أيام غيبته، أم لم يفرض وقوله: ولا تهجر إلا في البيت، أي: لا تهجرها
إلا في المضجع، ولا تتحول عنها، أو تحولها إلى دار أخرى.
(١)
إسناده حسن كسابقه. ابن بشار: هو محمد بن بشار العبدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩١١٥)
عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وزاد: «وأطعمهما إذا طعمت واكسُها إذا اكتَسَيت،
ولا تهجُرها إلا في بيتها، كيف وقد أفضَى بعضُكُم إلى بعض، إلا بما حَلَّ عليها».
=
قال أبو داود: روى شعبة «تُطْعِمُها
إذا طَعِمتَ، وتكسُوها إذا اكتسيتَ».
٢١٤٤
- أخبرني أحمدُ بنُ يوسف المهلبي
النيسابوري، حدَّثنا عمر بنُ عبد الله ابن رَزينٍ، حدَّثنا سفيانُ بنُ حسينٍ، عن
داود الوراق، عن سعيد بن حكيم، عن أبيه
عن جدِّه معاوية القشيري قال: أتيتُ
رسولَ الله ﷺ قال: فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: «أطْعِمُوهنَّ مما تأكلون،
واكسوهُنَّ مما يكتَسُون، ولا تَضْربوهنَّ، ولا تُقبَّحوهُن» (١).
= وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٣٠).
وانظر ما قبله، وما بعده.
وقوله: «أنى شئت»، أي: كيف شئت من
قيام أو قعود واضطجاع وإقبال وإدبار بأن يأتيها في قبلها من جهة الخلف، ففي «صحيح
مسلم» وابن أبي حاتم والطحاوي في«مشكل الآثار» (٣١٢٦) من حديث جابر بن عبد الله،
قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الوليد أحول،
فأنزل الله: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] فقال رسول الله ﷺ: «مقبلة ومدبرة إذا
كان ذلك في الفرج» فهذا بيان في المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾
صادر ممن أنزل الله إليه الذكر ليبين للناس ما نزل إليهم، ولا يسع المؤمن الذي
ارتضى الله ربًا، والإسلام دينا، ومحمدًا رسولًا إلا أن يقبل به، وينتهي إليه،
ويلغي فهمه ويطرح هواه.
وقد ثبت عن رسول الله ﷺ جملة أحاديث
فيها نهي للزوج أن يأتي امرأته في دبرها ذكرتها في التعليق على «زاد المسير» لابن
الجوزي ١/ ٢٥٣، وانظر عند المصنف حديث أبي هريرة الآتي برقم (٢١٦٢).
(١)
إسناده حسن، وداود الوراق متابع.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩١٠٦)
من طريق سفيان بن حسين، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠١١) من طريق
آخر عن حكيم بن معاوية، عن أبيه.
وانظر سابقيه.
تنبيه: هذا الحديث والحديث الذي قبله
جاء في هامش (هـ) مكتوبًا بجانبه: صح لابن الأعرابي واللؤلؤي.
٤٢ - باب في ضرب النساء
٢١٤٥
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، عن علي بن زيدٍ، عن أبي حُرَّة الرَّقاشيِّ عن عمِّه، أن النبي ﷺ قال: «فإن
خِفْتُمْ نُشُوزَهنَّ فاهْجُروهُنَّ في المضاجع». قال حمادٌ: يعني النكاح (١).
٢١٤٦
- حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي خلفٍ وأحمدُ
بنُ عمرو بن السَّرح، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن عبدِ الله بن عبد الله
- قال ابن السرح: عبيدُ الله ابن عبد الله - عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب،
قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لا تَضرِبُوا إماءَ الله» فجاء عُمَرُ إلى رسولِ الله ﷺ
فقال: ذَئِرنَ النِّساء على أزواجِهِنَّ، فرخَّص في ضربهِنَّ، فأطافَ بآل رسول
الله ﷺ نساءٌ كثير يشكونَ أزواجَهُنَّ، فقال النبي ﷺ: «لَقَد طَافَ بآل محمدِ
نساءٌ كثير يشكونَ أزواجَهُنَّ، لَيسَ أولئك بخيارِكُم» (٢).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن
زيد - وهو ابن جدعان التيمي -. حماد: هو ابن سلمة البصري.
وأخرجه البيهقي في «الكبرى» ٧/ ٣٠٣
من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولًا أحمد في «مسنده»
(٢٠٦٩٥) من طريق حماد بن سلمة، به.
وقد اختصر المصنف رحمه الله هذا
الحديث فلم يذكر موضع الشاهد فيه الذي بَوَّب من أجله، وهو الضرب، وقد جاء بتمامه
عند أحمد في «مسنده» كما ذكرنا.
وللنهي عن ضرب النساء ضربًا غير
مبرِّح شاهد من حديث جابر بن عبد الله سلف برقم (١٩٠٥)، وهو صحيح.
وآخر من حديث عمرو بن الأحوص عند ابن
ماجه (١٨٥١)، والترمذي (١١٩٧) و(٣٣٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٢٤)، وسنده حسن.
(٢)
إسناده صحيح. إياس بن عبد الله بن أبي ذُباب قال البخاري في «تايخه»
=
٢١٤٧ - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا
عبدُ الرحمن بن مهديٍّ، حدَّثنا أبو عَوانة، عن داود بن عبد الله الأودي، عن عبد
الرحمن المُسلىِّ، عن الأشعث ابن قيس
عن عمر بن الخطاب، عن النبيِّ ﷺ قال:
«لا يُسْألُ الرَّجُلُ فيما ضَرَبَ امرأتَه» (١).
= ١/ ٤٤٠:
لا تعرف له صحبة، وخالفه أبو حاتم
وأبوزرعة، فأثبتا صحته كما في «الجرح والتعديل» ٢/ ٢٨٠، ورجح الحافظ صحبته في
«تهذيب التهذيب»، وصحح إسناد حديثه هذا في «الإصابة».
سفيان: هو ابن عيينة الهلالي،
والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعبد الله ابن عبد الله: هو ابن عبد الله بن
عمر، وله أخ اسمُه عُبيد الله، وكلاهما ثقة من رجال الشيخين.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٨٥)، والنسائي في
«الكبرى» (٩١٢٢) من طريق سفيان، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤١٨٩).
وقوله: ذئرن: معناه سوء الخلق
والجرأة على الأزواج، والذائر: المغتاظ على خصمه، المستعد للشر، يقال: أذأرتُ
الرجل بالشر: إذا أغريته به، فيكون معناه على هذا: أنهن أغرين بأزواجهن واستخففن
بحقوقهم.
وفيه بيان أن الصبر على سوء أخلاقهن
والتجافي عما يكون فيهن أفضل.
قلنا: وإنما عبّر هنا بقوله: ذئرن
النساء، على لغة أكلوني البراغيث، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى
الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [الأنبياء: ٣] وقوله ﷺ: «يتعاقبون فيكم ملائكة
...».
(١)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن المُسلي. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٨٦) و(١٩٨٧)،
والنسائي في «الكبرى» (٩١٢٣) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٢).
٤٣ - باب ما يؤمر به من غضِّ البصر
٢١٤٨
- حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا
سفيانُ، حدثني يونسُ بن عُبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة
عن جرير، قال: سألت رسولَ الله ﷺ عن
نظرةِ الفَجْأة، فقال: «اصْرِف بَصَرَكَ» (١).
٢١٤٩
- حدَّثنا إسماعيلُ بنُ موسى
الفَزاريُّ، أخبرنا شريك، عن أبي ربيعة الإياديِّ، عن ابن بُريدة
عن أبيه، قال: قال رسولُ الله ﷺ
لعليٍّ: «يا عليُّ، لا تُتْبِعِ النظرةَ النظرةَ، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة»
(٢).
(١) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي،
وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير البجلي.
وأخرجه مسلم (٢١٥٩)، والترمذي
(٢٩٨١)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٨٩) من طرق عن يونس بن عُبيد، بهذا الإسناد. وقال
الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٩١٦٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٥٧١).
(٢)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو ربيعة - واسمه عمر بن ربيعة الإيادي - قال أبو
حاتم: منكر الحديث، وذكره الذهبي في «المغني في الضعفاء». وشريك - وهو ابن عبد
الله النخعي - سيئ الحفظ. ابن بريدة: هو عبد الله الأسلمي.
وأخرجه الترمذي (٢٩٨٢) من طريق شريك،
بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٩٧٤) وانظر
تمام كلامنا عليه فيه.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب في
«مسند أحمد» (١٣٦٩) وغيره، وهو حسن.
وفي الباب عن جرير بن عبد الله سلف
قبله.
قال الخطابي: النظرة الأولى إنما
تكون له لا عليه إذا كانت فجاة من غير قصد أو تعمد، وليس له أن يكرر النظرة ثانية،
ولا له أن يتعمده بدءًا كان أو عودًا.
٢١٥٠ - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو
عوانةَ، عن الأعمش، عن أبي وائل
عن ابن مسعود، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «لا تُبَاشِرُ المرأةُ المرأةَ لتَنْعتَها لزوجِها، كأنما يَنظُرُ إليها» (١).
٢١٥١
- حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا
هشامٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابر: أن النبي ﷺ رأى امرأةً
فدَخَلَ على زينبَ بنتِ جحشٍ،
فقضى حاجتَه منها، ثم خَرَجَ إلى
أصحابه، فقال لهم: «إن المرأة تُقبِلُ في صورةِ شَيطان، فمن وَجَدَ مِن ذلك فليأتِ
أهلَه، فإنه يُضْمِرُ ما في نفسِه» (٢).
(١) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد
الأسدي، وأبو عوانَة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري، والأعمش: هو سليمان بن
مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.
وأخرجه البخاري (٥٢٤١)، والترمذي
(٣٠٠٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩١٨٧) من طريق الأعمش، والبخاري (٥٢٤٠)، والنسائي
في «الكبرى» (٩١٨٦) و(٩١٨٧) من طريق منصور بن المعتمر السُّلمي، كلاهما عن أبي
وائل، به. زاد النسائى (٩١٨٦): «في الثوب الواحد».
وأخرجه بنحوه موقوفًا النسائي في
«الكبرى» (٩١٨٨) من طريق مسروق، عن عبد الله بن مسعود.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٠٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١٦٠) و(٤١٦١).
قال القابسي: هذا أصل لمالك في سدِّ
الذرائع، فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يعجبَ الزوجَ الوصفُ المذكور، فيفضي ذلك
إلى تطليق الواصفة، أو الافتتان بالموصوفة. نقله عنه الحافظ في «الفتح».
وقال الخطابي: فيه دلالة على أن
الحيوان قد يضبط بالصفة ضبط حصر وإحاطة، واستدلوا به على جواز السلم في الحيوان.
(٢)
إسناده صحيح، أبو الزبير - هو محمد بن مسلم بن تدرس - صرح بالتحديث عند أحمد
(١٤٧٤٤). هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستُوائي. =
٢١٥٢ - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا
ابنُ ثور، عن معمرٍ، أخبرنا ابنُ طاووس، عن أبيه
عن ابنِ عباس، قال: ما رأيتُ شيئًا
أشبَه باللَّمَمِ مما قال أبو هريرة عن النبيِّ ﷺ: «إن اللهَ كَتَبَ على ابنِ
آدَمَ حَظه من الزِّنى، أدرَكَ ذلك لا مَحالَةَ، فزنى العينينِ النَّظَرُ، وزنى
اللسانِ المَنطقُ، والنفسُ تَمنَّى وتَشْتَهي، والفرجُ يُصَدِّقُ ذلك ويُكذِّبه»
(١).
= وأخرجه مسلم (١٤٠٣)، والترمذي
(١١٩٢)، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٧٢) من طريق هشام الدستوائى، ومسلم (١٤٠٣) من
طريق حَرب بن أبي العالية، ومسلم (١٤٠٣) من طريق مَعْقِل بن عبيد الله الجزري،
ثلاثتهم عن أبي الزبير، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
وأخرجه النسائي (٩٠٧٣) من طريق حرب
بن أبي العالية، عن أبي الزبير، مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٥٣٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٥٧٢) و(٥٥٧٣).
وله شاهد من حديث أبي كبشة عند أحمد
(١٨٠٢٨) وإسناده حسن.
وآخر من حديث ابن مسعود عند الدارمي
(٢٢١٥)، والبخاري في «التاريخ» ٥/ ٦٩، والبيهقي في «الشعب» (٥٤٣٦) وروي مرفوعًا
وموقوفًا. وقوله: «فإنه يضمر ما في نفسه». قال في «النهاية»: أي يُضعفه ويقلله من
الضُّمور وهو الهزال والضعف. وما في نفسه من الميل إلى النساء والتلذذ بالنظر
إليهن.
(١)
إسناده صحيح. محمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري، وابن ثور: هو محمد الصنعاني،
ومعمر: هو ابن راشد ألأزدي، وابن طاووس: هو عبد الله اليماني.
وأخرجه البخاري (٦٢٤٣) من طريق سفيان
بن عيينة، والبخاري (٦٦١٢)، ومسلم (٢٦٥٧)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٨٠) من طريق
معمر، كلاهما عن ابن طاووس، به.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧١٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٤٢٠) و(٤٤٢١).
وانظر لاحقيه. =
٢١٥٣ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا
حمادٌ، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه
عن أبي هريرة، أن النبيَّ ﷺ قال:
«لكل ابنِ آدم حظُّه من الزِّنى»، بهذه القصة، قال: «واليَدَانِ تَزْنيان،
فزِنَاهُما البَطْشُ، والرِّجلان تزنيان، فزناهما المشيُ، والفمُ يزني، فزِناة
القُبَلُ» (١).
٢١٥٤
- حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا
الليثُ، عن ابن عجلان، عن القعقاع ابن حكيم، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، عن النبيِّ ﷺ بهذه
القصة، قال: «والأذنُ زِناها الاستماعُ» (٢).
= وقوله: أشبه باللمم. قال الخطابي:
يريد بذلك ما عفا الله عنه من صغائر الذنوب،
وهو معنى قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: ٣٢]، وهو ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب
التي لا يكاد يسلم منها إلا من عصمه الله وحفظه، وإنما سمي النظر والقول زنى،
لأنهما مقدمتان للزنى، فإن البصر رائد، واللسان خاطب، والفرج مصدق للزنى، ومحقق له
بالفعل.
وقال ابن بطال: تفضل الله على عباده
بغفران اللمم إذا لم يكن للفرج تصديق بها، فإذا صدقها الفرج كان ذلك كبيرة.
(١)
إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه مسلم (٢٦٥٧) من طريق وهيب بن
خالد، عن سهيل بن أبي صالح، به. وقال: «واللسانُ زناه الكلام» بدلًا من: «والفم
يزني، فزناه القُبَل».
وهو في «مسند أحمد» (٨٥٢٦) و(١٠٩٢٠).
وانظر ما قبله وما بعده.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - وهو محمد القرشي -. الليث: هو ابن
سعد.
وأخرجه مسلم (٢٦٥٧) من طريق سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٣٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٤٢٣).
وانظر سابقيه.
٤٤ - باب في وطء السَّبايا
٢١٥٥
- حدَّثنا عُبيد الله بن عمر بن
مَيْسَرَةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن صالح أبي
الخليل، عن أبي علقمةَ الهاشِميِّ
عن أبي سعيدِ الخدري: أن رسولَ الله
ﷺ بَعَثَ يومَ حُنَيْنٍ بَعْثًا إلى أوطاسٍ، فلقُوا عَدُوَّهم، فقاتلوهم، فظَهروا
عليهم، وأصابُوا لهم سبايا، فكأن أُناسًا مِنْ أصحابِ رسولِ الله ﷺ تحرَّجُوا مِن
غشيانهنَّ، من أجلِ أزواجهِنَّ مِن المشركين، فأنزل الله تعالى في ذلك:
﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] أي: فَهُن لهم حلالٌ إذا انْقَضَتْ
عِدَّتُهُن (١).
٢١٥٦
- حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا مسكين،
حدَّثنا شعبةُ، عن يزيدَ بن خُمير، عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير، عن أبيه
(١) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة،
وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي، وصالح أبي الخليل: هو صالح بن أبي مَريم
الضُّبَعي.
وأخرجه مسلم (١٤٥٦)، والترمذي (١١٦٣)
و(٣٢٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٦٨) و(١١٠٣٠) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٤٥٦) من طريق قتادة،
والترمذي (١١٦٢) و(٣٢٦٥)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٦٧) و(١١٠٣١) من طريق عثمان
البَتِّىِّ، كلاهما عن أبي الخليل، عن أبي سعيد. دون ذكر أبي علقمة في إسناده.
قال النووي في «شرح مسلم»١٠/ ٣٤:
هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ... ووقع في نسخة ابن الحذاء بإثبات أبي علقمة،
وصَوَّب الدارقطني في «العلل» ٤/ ورقة ٨، والمزي في «تحفة الأشراف» (٤٠٧٧)،
وغيرهما إثبات أبي علقمة في إسناده.
وهو في «مسند أحمد» (١١٦٩١)
و(١١٧٩٧). وانظر تمام الكلام عليه عنده وفي «شرح مسلم» للنووي.
وانظر ما سيأتي برقم (٢١٥٧).
عن أبي الدَّرداء: أن رسولَ الله ﷺ
كان في غزوةٍ فرأى امرأةً مجِحًّا فقال: «لعل صاحبَها ألمَّ بها» قالوا: نَعم،
فقال: «لقد هَمَمْتُ أن ألعنَه لعنةً تَدْخُلُ مَعهُ في قبرِه، كيف يُوَرِّثُه وهو
لا يَحِلُّ له؟ وكيفَ يستخدِمُه وهو لا يَحِلُّ له؟» (١).
٢١٥٧
- حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا شريكٌ،
عن قيس بن وهب، عن أبي الودَّاك عن أبي سعيدٍ الخدري - ورفعَه - أنَه قال في
سَبايا أوطاس: «لا تَوطَأ حَامِلٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَملٍ حتَّى تحيضَ
حَيْضةً» (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد. مسكين - وهو
ابن بكير الحذّاء - صدوق، وقد توبع. النفيلى: هو عبد الله بن محمد القضاعي، وشعبة:
هو ابن الحجاج.
وأخرجه مسلم (١٤٤١) من طرق عن شعبة،
بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٧٠٣).
المُجِحُّ: الحامل المُقربُ التي دنا
ولادها، ومعنى: ألمَّ بها، أي: وطئها، وكانت حاملًا مسبية لا يحل جماعها حتى تضع.
وقوله: وكيف يورثه وهو لا يحل له، أم
كيف يستخدمه وهو لا يحل له. يريد أن ذلك الحمل قد يكون من زوجها المشرك، فلا يحل
له استلحاقه ولا توريثه، وقد يكون منه إذا وطئها أن ينغشَّ ما كان في الظاهر
حملًا، وتعلق من وطئه، فلا يجوز نفيه واستخدامه.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك - وهو ابن عبد الله النخعي -. أبو
الوَدَّاك: هو جَبر بن نَوف الهَمداني.
وأخرجه الدارمي في «سننه» (٢٢٩٥)،
والحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٩٥، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٧/ ٤٤٩، وفي «معرفة
السنن والآثار» (١٥٣٩٧)، والبغوي في «شرح السنة» (٢٣٩٤) من طريق عمرو بن عون، بهذا
الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. =
٢١٥٨ - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ
بنُ سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ، عن أبي مرزوقٍ، عن حَنَشٍ
الصنعانيِّ
عن رُوَيفع بن ثابت الأنصاري، قال:
قام فينا خطيبًا، قال: أما إنِّي لا أقولُ لَكُم إلا ما سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقولُ
يومَ حُنَينٍ، قال: «لا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخرِ أن يَسْقِيَ
ماءَه زَرع غيرِه - يعني إتيانَ الحَبالَى - ولا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤمِنُ بالله
واليوم الآخر أن يقع على امرأةٍ من السَّبيِ حتى يستبرئها، ولا يَحِل لامرئٍ
يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخرِ أن يَبيعَ مغنمًا حتى يُقسَمَ» (١).
وأخرجه أحمد في «مسنده» (١١٢٢٨)
و(١١٥٩٦) و(١١٨٢٣)، والطحاوي في
«شرح مشكل الآثار» (٣٠٤٨) و(٣٠٤٩)،
والبيهقي في «الكبرى» ٩/ ١٢٤، وفي
«معرفة السنن والآثار» (١٨٣٠٠) من طرق
عن شريك، به. وبعضهم قرن مع قيس بن
وهب أبا إسحاق، وبعضهم قرنَ معه
مجالدًا.
وانظر ما قبله.
وله شاهد من حديث رُوَيفع بن ثابت
الأنصاري الآتي بعده. وإسناده حسن.
وآخر من حديث ابن عباس عند الدارقطني
٣/ ٢٥٧. وإسناده ضعيف.
وثالث من حديث علي عند ابن أبي شيبة
في «مصنفه» ٤/ ٣٧٠. وإسناده ضعيف.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة
تدليسه. النُّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل، وأبو مرزوق: هو حبيب بن
الشهيد مولى تُجِيب، وحَنَش الصنعاني: هو ابن عبد الله.
وأخرجه مختصرًا الترمذي (١١٦١) من
طريق بُسر بن عبيد الله، عن رُويفع.
وقال: حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٩٩٧) و«صحيح
ابن حبان» (٤٨٥٠).
وانظر شواهده في «مسند أحمد» (١٦٩٩٠).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: شبه ﷺ الولد إذا علق
بالرحم بالزرع إذا نبت ورسخ في الأرض، وفيه كراهة وطء الحبلى إذا كان الحبل من غير
الواطئ على الوجوه كلها.
٢١٥٩ - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا
أبو معاويةَ
عن ابن إسحاق، بهذا الحديث قال: «حتى
يَستَبْرِئها بحَيضَةٍ» [زاد
فيه: «بحيضةٍ»، وهو وهم من أبي
معاوية، وهو صحيح في حديث أبي سعيدٍ] (١) «ومَنْ كان يُؤْمِنُ بالله واليومِ
الآخرِ فلا يَرْكَبْ دابةً مِن فَيءِ المسلمينَ حتَى إذا أعْجَفَها رَدَّها فيه،
ومَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخرِ، فلا يَلْبَسْ ثوبًا مِن فيء المسلمينَ
حتَى إذا أخْلَقَه رَدَّهُ فيه» (٢).
قال أبو داود: الحيضة ليست بمحفوظة
(٣).
٤٥
- باب في
جامع النكاح
٢١٦٠
- حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وعبدُ
الله بن سعيد، قالا: حدَّثنا أبو خالد - يعني سليمان بن حيان - عن ابن عجلان، عن
عمرو بن شعيب، عن أبيه
عن جدِّه، عن النبيَّ ﷺ قال: «إذا
تزوج أحدُكُم امرأةً أو اشْتَرى خادمًا، فلْيَقُلْ: اللهم إني أسالُك خَيْرَها،
وخَيْرَ ما جَبَلْتَها عليه، وأعوذُ بِكَ من شَرِّها، وشَرِّ ما جبلتَها عليه،
وإذا اشْتَرَى بعيرًا فليأخُذْ بِذُرْوةَ سَنامِهِ، وليقل مِثْلَ ذلك» (٤).
(١) ما بين معقوفين زيادة من (هـ) وهي برواية
ابن داسه.
(٢)
صحيح لغيره كسابقه. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وانظر ما قبله.
(٣)
مقالة أبي داود هذه مقيّدة بما قاله هو نفسه في أثناء الحديث، بأنها غير محفوظة في
حديث رويفع.
(٤)
إسناده حسن. شعيب والد عمرو: هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن
عجلان: هو محمد. =
قال أبو داود: زاد أبو سعيد: «ثم
ليأخُذْ بنَاصِيتِها، وليَدْعُ بالبَرَكَةِ» في المرأةِ والخادِمِ.
٢١٦١
- حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا
جريرٌ، عن منصورٍ، عن سالمِ بن أبي الجَعدِ، عن كُريبٍ
عن ابنِ عباسٍ، قال: قال النبيُّ ﷺ:
«لو أنَّ أحدكم، إذا أراد إن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشَّيطانَ،
وجنِّبِ الشَّيطانَ ما رَزَقْتَنا، ثم قُدِّر أن يكونَ بينهما ولدٌ في ذلك لم
يَضُرَّه شيطانٌ أبدًا» (١).
٢١٦٢
- حدَّثنا هنّاد، عن وكيعٍ، عن سفيان،
عن سهيل بن أبي صالح، عن الحارث بن مُخلَّد
= وأخرجه ابن ماجه (١٩١٨) و(٢٢٥٢)،
والنسائي في «الكبرى» (٩٩٩٨) و(١٠٠٢١) من طرق عن ابن عجلان، به.
«جبلتها»: خلقتها وطبعتها عليه من
الأخلاق، وذروة كل شيءٍ بفتح الذال أو كسرها أو ضمها: أعلاه: والسنام بزنه سحاب:
أعلى موضع بظهر البعير، والناصية: مقدم شعر الرأس.
(١)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المُعتمر السُّلَمي،
وكُريب: هو مولى ابن عباس.
وأخرجه البخاري (١٤١)، ومسلم (١٤٣٤)،
وابن ماجه (١٩١٩)، والترمذي (١١١٧)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٨١) و(١٠٠٢٤)
و(١٠٠٢٨) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٦٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٩٨٣).
وفي الحديث استحباب التسمية والدعاء
والمحافظة على ذلك حتى في حالة الملاذ كالوقاع. وفيه الاعتصام بذكر الله ودعائه من
الشيطان، والتبرك باسمه، والاستعاذة به من جميع الأسواء.
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله
ﷺ: «مَلْعُون مَنْ أتَى امرأتَه
في دُبُرِها» (١).
(١) إسناده حسن، الحارث بن مُخَلَّد روى عنه
ثقتان، وشهد سعيد بن سمعان الزُّرقي وصية أبي هريرة له، وذكره ابن حبان في
«الثقات» وقد جوَّد إسناده ابن عبد الهادي في «تنقح التحقيق» (٢٧٦٩). هنّاد: هو
ابن السريّ، ووكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٩٦٦)
من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (١٩٢٣)، والنسائي
(٨٩٦٣) و(٨٩٦٤) و(٨٩٦٥) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. بلفظ: «لا ينظر الله إلى
رجل جامع امرأته في دبرها».
وأخرجه النسائي (٨٩٦٢) عن قتيبة بن
سعد، عن الليث بن سعد، عن يزيد ابن الهاد، عن الحارث بن مخلّد، به. والظاهر أن بين
ابن الهاد والحارث فيه سهيل بن أبي صالح، فقد رواه إبراهيم بن سعد عند النسائى
(٨٩٦٣) عن يزيد ابن الهاد، عن سهيل، عن الحارث، وكذا رواه عمرو بن خالد الحراني،
فيما قاله المزي في «التحفة» (١٢٢٣٧) عن الليث بن سعد عن يزيد بن الهاد، عن سهيل،
عن الحارث.
وهو في «مسند أحمد» (٩٧٣٣).
وسيأتي عن أبي هريرة برقم (٣٩٠٤)
بلفظ: «من أتى كاهنًا أو أتى امرأته في دبرها، فقد برئ مما أنزل على محمد».
ويشهد له بلفظ المصنف حديث عقبة بن
عامر عند العقيلي في «الضعفاء» ٣/ ٨٤، والطبراني في «الأوسط» كما في «مجمع
البحرين» (٢٣٠٩)، وابن عدي في «الكامل» ٤/ ١٤٦٦. وإسناده حسن.
ويشهد للنهي عن إتيان النساء في
أدبارهن عدة أحاديث منها:
حديث ابن عباس عند الترمذي (١٢٠٠)،
والنسائي في «الكبرى» (٨٩٥٢). وإسناده حسن.
وآخر من حديث علي بن طلق الحنفي عند
الترمذي (١١٩٩)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٧٤). وإسناده ضعيف.
وثالث من حديث خزيمة بن ثابت عند ابن
ماجه (١٩٢٤). وإسناده حسن. =
٢١٦٣ - حدَّثنا ابنُ بشَّار، حدَّثنا عبدُ
الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن محمد ابن المنكَدر، قال:
سمعتُ جابرًا يقول: إنَّ اليهودَ
يقولون: إذا جَامَعَ الرَجُلُ أهلَه في فَرجِهَا مِن وَرائِها كان وَلَدُه
أَحوَلَ، فأنزلَ الله سبحانه وتعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ
حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] (١).
= ورابع من حديث عمر بن الخطاب عند
النسائي في «الكبرى» (٨٩٥٩) و(٨٩٦٠). وخامس عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد
في «مسنده» (٦٧٠٦)، والصحيح وقفه.
وسادس عن أم سلمة عند أحمد (٢٦٦٠١).
وإسناده حسن.
قال الحافظ الذهبي في «سير أعلام
النبلاء» ٤/ ١٢٨: قد تيقَّنَّا بطرقٍ لا محيد عنها نهيَ النبي ﷺ عن أدبار النساء،
وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مُصنَّف كبير.
(١)
إسناده صحيح. ابن بشار: هو محمد العبدي، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو
الثوري.
وأخرجه البخاري (٤٥٢٨)، ومسلم
(١٤٣٥)، وابن ماجه (١٩٢٥)، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٢٤ - ٨٩٢٧) و(١٠٩٧١) و(١٠٩٧٢)
من طرق عن محمد بن المنكدر، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٤١٦٦)
و(٤١٩٧).
وقوله: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ
فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾.
قال ابن الجوزي في «زاد المسير»١/
٢٥١: وفي قوله: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾ قولان:
أحدهما: أن المعنى: كيف شئتم مقبلة
أو مدبرة، وعلى كل حال إذا كان الإتيان في الفرج، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعطية
والسدي وابن قتية في آخرين.
وقال سعيد بن المسيب: نزلت في العزل،
أي: إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا تعزلوا.
والقول الثاني: أنه بمعنى إن شئتم
ومتى شئتم، وهو قول ابن الحنفية والضحاك وروي عن ابن عباس أيضًا.
=
٢١٦٤ - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيي أبو
الأصبغ، حدثني محمدٌ - يعني ابنَ سلمة - عن محمد بن إسحاق، عن أبانَ بن صالح، عن
مجاهدٍ
عن ابن عباس قال: إن ابنَ عمر -
واللهُ يغفِرُ له - أوْهَمَ إنما كانَ هذا الحيُّ من الأنصار - وهم أهلُ وَثَنٍ -
مع هذا الحيِّ من يهود - وهم أهل كتابٍ - وكانوا يرون لهم فضلًا عليهم في العلم،
فكانوا يَقتدُونَ بكثير من فعلهم، وكانَ من أمْرِ أهلِ الكتاب أن لا ياتوا
النِّساءَ
= والثالث: أنه بمعنى: حيث شئتم، وهذا
محكي عن ابن عمر ومالك بن أنس، وهو فاسد من وجوه:
أحدها: أن سالم بن عبد الله لما بلغه
أن نافعًا تحدث بذلك عن ابن عمر، قال: كذب العبد إنما قال عبد الله: يؤتون في
فروجهن من أدبارهن.
وأما أصحاب مالك، فينكرون صحته عن
مالك، والثاني: أن أبا هريرة روى عن النبي ﷺ أنه قال: «ملعون من أتى النساء في
أدبارهن»، فدل على أن الآية لا يراد بها هذا.
والثالث: أن الآية نبهت على أن محل
الولد بقوله: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ﴾ وموضع الزرع: هو مكان الولد.
قال ابن الأنباري: لما نص الله على
ذكر الحرث، والحرث به يكون النبات، والولد مُشبَّه بالنبات لم يجز أن يقع الوطء في
محل لا يكون منه ولد.
قلنا: وسبب النزول الثابت عنه ﷺ
المخرج في «الصحيحين» و«سنن أبي داود»
وابن أبي حاتم وغيرهم من حديث جابر
بن عبد الله قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان
الوليد أحول، فنزلت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
شِئْتُمْ﴾ فقال رسول الله ﷺ: «مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج» فهذا بيان في
المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾ صادر مما أنزل الله إليه الذكر
ليبين للناس ما نزل إليهم، ولا يسع المؤمن الذي ارتضى الله ربًا، والإسلام دينا،
ومحمدًا رسولًا إلا أن يقبل به، وينتهي إليه ويلغي فهمه ويطرح هواه.
وانظر لزامًا «تفسير المنار» ٢/ ٣٦١
- ٣٦٣.
إلا على حَرْفٍ، وذلك أستَرُ ما
تكونُ المرأة، فكان هذا الحي مِنَ الأنصارِ قد أخَذُوا بذلك مِنْ فِعلِهنم، وكان
هذا الحي من قُريشٍ يَشْرَحُون النِّساء شرحًا منكرًا، ويتلذذُونَ منهنَ مُقبلاتٍ،
ومُدْبِرَاتٍ، ومستلقيات، فلما قَدِمَ المهاجرونَ المدينةَ تزوَّجَ رجلٌ منهم
امرأةً من الأنصار، فذهب يَصْنَعُ بها ذلك، فأنكَرَتْه عليه، وقالت: إنما كُنا
نُؤتى على حَرْفٍ، فاصنعْ ذلك وإلا فاجْتَنِبْني، حتى شَرِيَ اْمرُهُما، فبَلَغَ
ذلك رسولَ الله ﷺ فأنزل الله عز وجل: ﴿نِسَاؤُكُمْ
حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ أي: مُقبلاتٍ ومُدبراتٍ
ومُستلقياتٍ، يعني بذلك مَوضِعَ الوَلَد (١).
(١) حديث صحيح، وهذا سند حسن. وقد صرح محمد
بن إسحاق بسماعه عند الحاكم.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» ٢/ ٣٩٥ -
٣٩٦ و٣٩٦، والحاكم في «المستدرك» ٢/ ١٩٥ و٢٧٩، والبيهقي في «الكبرى» ٧/ ١٩٥ من
طريق عبد العزيز بن يحيى، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم
ولم يخرجاه.
وأخرج أحمد في «مسنده» (٢٧٠٣)،
والترمذى (٣٢٢٢)، وقال: حسن غريب، والنسائي في «الكبرى» (٨٩٢٨) و(١٠٩٧٣) من طريق
سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء عمرُ إلى رسول الله ﷺ. فقال: يا رسول الله
هلكت! قال: «وما أهلَكَك؟ قال: حَوَّلْتُ رَحلِي الليلة، قال: فلم يَرُد عليه رسول
الله ﷺ شيئًا، قال: فأُوحي إلى رسول الله ﷺ هذه الآية: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ
فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]»أقبِل وأدبر، واتق الدُّبُر والحِيضة".
وإسناده حسن.
وأخرج أحمد (٢٦٦٠١) وغيره عن أم سلمة
قالت: إن الأنصار كانوا لا يجبُّون (وهو وطء المرأة وهي مُنكبّة على وجهها)
النساء، وكانت اليهود تقول: إنه من جَبّى امرأته كان ولده أحول، فلما قدم
المهاجرون المدينة، نكحوا في نساء الأنصار، فجبُّوهن، فأبتِ امرأة أن تطيع زوجَها،
فقالت لزوجها: لن تفعل ذلك حتى آتي رسولَ الله ﷺ، فدخلت على أم سلمة فذكرت ذلك
لها، فقالت: اجلسي حتى يأتي رسولُ الله ﷺ، =
٤٦ - باب في إتيانِ الحائض ومباشرتها
٢١٦٥
- حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
حماد، أخبرنا ثابت البناني
عن أنس بن مالكٍ، أن اليهود كانتْ
إذا حاضَت منهم امرأةٌ أخرجُوها من البيتِ، ولم يُؤاكِلُوها، ولم يُشَارِبُوها،
ولم يُجامِعُوهَا في البيت، فسُئل رسولُ الله ﷺ عن ذلك، فأنزل الله عز وجل:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] إلى آخر الآية، فقال رسولُ الله ﷺ:
«جَامِعوهُنَّ في البيوت، واصنعوا كلَّ شيء غيرَ النكاح» فقالت اليهود: ما يريدُ
هذا الرجلُ أن يَدَعَ شيئًا من أمْرنا إلا خالفَنَا فيه، فجاء أسيْدُ بنُ حُضيرٍ
وعبَّاد بن بشر إلى رسولِ الله ﷺ فقالا: يا رسولَ الله، إن اليهودَ تقول كذا وكذا،
أفلا
= فلما جاء رسول الله ﷺ استحيت
الأنصارية أن تسأله، فخرجت، فحدَّثت أمُّ سلمة رسولَ الله ﷺ، فقال «ادعي
الأنصارية» فدُعيت، فتلا عيها هذه الآية: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا
حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ صمامًا واحدًا. وسنده قوي.
قال الخطابي: قوله: أوهم ابن عمر -
هكذا وقع في الرواية، والصواب: وهم بغير ألف، يقال: وَهِمَ الرجل: إذا غلط في
الشيء، ووهَم مفتوحة الهاء: إذا ذهب وهمه إلى الشيء، وأوهم بالألف: إذا أسقط من
قراءته أوكلامه شيئًا. ويشبه أن يكون قد بلغ ابن عباس عن ابن عمر في تأويل الآية
شيء خلاف ما كان يذهب إليه ابن عباس.
وقوله: يشرحون النساء. أصل الشرح في
اللغة: البسط، ومنه: انشراح الصدر بالأمر: وهو انفتاحه، ومن هذا قولهم: شرحت
المسألة: إذا فتحت المنغلق منها، وبينت المشكل من معناها.
وقوله: حتى شري أمرهما، أي: ارتفع
وعظم، وأصله من قولك: شري البرق، إذا لج في اللمعان، واستشرى الرجل: إذا لج في
الأمر.
وفيه بيان تحريم إتيان النساء في
أدبارهن مع ما جاء في النهي من ذلك في سائر الأخبار.
نَنْكِحُهنَّ في المحيض؟ فتمعَّر
وجهُ رسولِ الله ﷺ حتى ظننَّا أن قد وَجَدَ عليهما، فَخَرجا، فاستقبلتهما هَديَّة
من لَبَنٍ إلى رسولِ الله ﷺ، فبَعَث في آثارهما، فظننَّا أنه لم يجد عليهما (١).
٢١٦٦
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن
جابر بن صُبْح، قال: سمعت خلاسًا الهَجَري
سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كنتُ
أنا ورسول الله ﷺ نبيتُ في الشِّعار الواحد، وأنا حائض طامِثٌ، فإن أصابه مِنِّي
شيءٌ، غَسلَ مكانَه، لم يَعْدُهُ وإن أصاب - تعني ثوبه - منه شيء غسل مكانه، ولم
يَعْدُهُ، وصلَّى فيه (٢).
٢١٦٧
- حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء ومُسدَّدٌ،
قالا: حدَّثنا حفص، عن الشيبانيِّ، عن عبدِ الله بن شداد
عن خالَتِه ميمونَة بنت الحارث: أن
رسولَ الله ﷺ كان إذا أرادَ أن يُباشِرَ امرأةً مِن نسائه وهي حائض أمَرَها أن
تتَزِرَ ثم يباشِرُها (٣).
(١) إسناده صحيح.
وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٥٨).
وقوله في رواية أحمد والترمذي: حولت
رحلي البارحة، قال ابن الأثير: كنى برحله عن زوجته، أراد بها غشيانها في قبلها من
جهة ظهرها، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلى رجهها، فحيث ركبها من جهة
ظهرها كنى عنه بتحويل رحله.
(٢)
إسناده صحيح.
وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٦٩).
(٣)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحفص: هو ابن غياث النخعي، والشيباني:
هو أبو اسحاق سليمان بن أبي سليمان.
وأخرجه البخاري (٣٠٣)، رمسلم (٢٩٤)
من طريقين عن الشيباني، بهذا الإسناد. =
٤٧ - باب في كفارة من أتى حائضًا
٢١٦٨
- حدَّثنا مُسدَدٌ، حدَّثنا يحيي، عن
شعبة [غيره، عن سعيد] حدثني الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسمٍ
عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ ﷺ في الذي
يأتي امرأته وهي حائضٌ، قال: «يتصدَّقُ بدينارٍ، أو بنصفِ دينار» (١).
= وأخرجه مسلم (٢٩٥) من طريق كريب مولى
ابن عباس، عن ميمونة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٥٤) و(٢٦٨٥٥).
وانظر ما سلف برقم (٢٦٧).
قال الخطابي: في هذا دليل على أن ما
تحت الإزار من الحيض حِمى لا يقرب، وإليه ذهب مالك بن أنس وأبو حنيفة، وهو قول
سعيد بن المسيب وشريح وعطاء وطاووس وقتادة.
ورخص بعضهم في إتيانها دون الفرج،
وهو قول عكرمة، وإلى نحو من هذا أشار الشافعي، وقال إسحاق: إن جامعها دون الفرج،
لم يكن به بأس، وقول أبي يوسف ومحمد قريب من ذلك.
قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٤٠٤: ذهب
كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج
فقط، وبه قال محمد بن الحسن عن الحنفية ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من
المالكية، وأحد القولين أو الوجهين للشافعية، واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو
الأرجح دليلًا لحديث أنس عند مسلم (٣٠٢) اصنعوا كل شيءٍ إلا الجماع وحملوا هذا
الحديث وشبهه على الاستحباب جمعًا بين الأدلة.
(١)
رجاله ثقات، وهو مكرر الحديث السالف بر قم (٢٦٤). وقد انتهينا إلى أنه روي مرفوعًا
وموقوفًا وأن الموقوف أصح. وقوله: غيره عن سعيد، يعي أن غير يحيي - وهو ابن سعيد
القطان - يرويه عن سعيد بن أبي عروبة، يعني عن قتادة، عن عبد الحميد ... وهذه
الرواية عند النسائي في «الكبرى» (٩٠٥٥).
وقد رواه عن شعبة غير يحيى بن سعيد،
انظر «سنن النسائي الكبرى» (٩٠٥٠) و(٩٠٥١).
٢١٦٩ - حدَّثنا عبدُ السَّلام بن مُطَهَّر،
حدَّثنا جعفرٌ - يعني ابنَ سليمان - عن علي بن الحكم البُنانيِّ، عن أبي الحسن
الجزَري، عن مقسَمٍ عن ابنِ عباسٍ قال: إذا أصابَها في الدَّمِ فدِينارٌ، وإذا
أصابَها في انقطاعِ الدَّمِ فنصفُ دينار (١).
٤٨
- باب ما
جاء في العزل
٢١٧٠
- حدَّثنا إسحاقُ بن اسماعيل
الطَّالقانيُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي نجيح، عن مُجاهِدٍ، عن قزَعَةَ
عن أبي سعيدٍ، ذُكِرَ ذلك عند النبي
ﷺ يعني العزلَ - قال: «فلِمَ يَفْعَلُ أحَدُكُم؟ - ولم يقُل: فَلا يَفْعَل
أحَدُكُم - فإنَه لَيسَتْ مِنْ نَفسٍ مخلوقةٍ إلا اللهُ خَالِقُها» (٢).
قال أبو داود: قزعة مولي زياد.
(١) إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن الجزري،
وهو مكرر الحديث السالف برقم (٢٦٥).
(٢)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نَجيح،
مجاهد: هو ابن جَبْر، وقزَعة: هو ابن يحيى البصري.
وأخرجه مسلم (١٤٣٨)، والترمذي
(١١٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٤٢) من طرق عن سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد.
وعَلَّقه البخاري بصيغة الجزم عن قزعة بإثر (٧٤٠٩). وانظر تالييه.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» ٣/
١٤٨: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها، لأن الجماع من
حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف التام إلا ما لا يلحقه عزل، ووافقه
في نقل هذا الإجماع ابن هُبَيرةَ. قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ٣٠٨: وتُعُقِّبَ بأن
المعروف عند الشافعية أنه لا حق للمرأة في الجماع، فيجوز عندهم العزل عن الحرة
بغير إذنها على مقتضى قولهم: إنه لا حق لها في الوطء، وأما الأمة، فإن كانت زوجة،
فحكمها حكم الحرة.
٢١٧١ - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا
أيانُ، حدَّثنا يحيى، أن محمَّدَ ابنَ عبد الرحمن بن ثوبان حدَّثه، أن رِفَاعةَ
حدَّثه
عن أبي سعيدِ الخدريِّ: أن رجلًا
قال: يا رسولَ الله، إن لي جاريةً وأنا أعزِلُ عنها، وأنا أكرَهُ أن تَحمِلَ، وأنا
أريدُ ما يريدُ الرجالُ، وإن اليهود تحدث أن العزلَ مَوْءُودَةُ الصُّغرى، قال:
«كذَبَت يهود، لو أرادَ الله أن يَخْلُقَه ما استطعتَ أن تَصرِفَه» (١).
٢١٧٢
- حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان
عن ابن مُحيريزٍ، قال: دخلتُ
المسجدَ، فرأيت أبا سعيدٍ الخدري، فجلستُ إليه، فسألتُه عن العزلِ، فقال أبو سعيد:
خرجنا مَعَ رسولِ الله ﷺ في غزوة بني المُصطَلق، فأصبنا سبيًا مِن سبي العَرَبِ،
فاشتهينا النساء واشتَدَّتْ علينا العُزبةُ، وأحببنا الفِداء، فأردنا أن نَعْزِلَ،
ثم قلنا: نَعزِلُ ورسولُ الله ﷺ بينَ أظهرُنا قبل أن نسألَه عن ذلك؟ فسألناهُ
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال
رفاعة - ويقال: أبو مطيع ابن رفاعة، ويقال: أبو رفاعة - فقد ذكره صاحب«التهذيب»
ولم يذكر جرحًا ولا تعديلًا، ولم يروِ عنه غير محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ولم
يذكره ابن حبان في «الثقات» ومع ذلك فقد صحح إسناده ابن القيم في «زاد المعاد» ٥/
١٤٤، بل قال: حسبك بهذا الإسناد صحة!! أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن
أبي كثير.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩٠٣١ -
٩٠٣٤) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٨٨) وقد
ذكرنا له هناك طريقين آخرين غير الطريق الذي قبله والذي بعده هنا عند المصنف.
عن ذلك، فقال: «ما عَليكم أن لا
تَفعَلُوا، ما مِنْ نَسْمَةٍ كائنةٍ إلى يومِ القيامَةِ إلا وهي كائنَةٌ» (١).
(١) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن
مسلمة، وابن مُحيريز: هو عبد الله الجُمَحي.
وهو عند مالك في «الموطأ» ٢/ ٥٩٤،
ومن طريقه أخرجه البخاري (٢٥٤٢).
وأخرجه البخاري (٤١٣٨)، ومسلم
(١٤٣٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٠٢٦) و(٥٠٢٧) من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن،
والبخاري (٧٤٠٩) من طريق موسى ابن عقبة، والنسائي (٩٠٤١) من طريق الضحاك بن عثمان،
ثلاثتهم عن محمد بن يحى بن حبّان، به.
وأخرجه البخاري (٢٢٢٩) و(٥٢١٠)
و(٦٦٠٣)، ومسلم (١٤٣٨) والنسائي في
«الكبرى» (٥٠٢٤) و(٥٠٢٥) و(٥٠٢٨)
و(٩٠٣٩) و(٩٠٤٠) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عبد الله بن محيريز، به.
وأخرجه مسلم (١٤٣٨)، والنسائي في
«الكبرى» (٥٠٢٩) من طريق معبد بن سيرين، ومسلم (١٤٣٨)، والنسائي في «الكبرى»
(٥٠٣٠) و(٥٤٦٢) و(٩٠٤٦) من طريق عبد الرحمن بن بشر بن مسعود، ومسلم (١٤٣٨) من طريق
أبي الوَدَّاك، وابن ماجه (١٩٢٦)، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٣٧) من طريق عُبيد الله
بن عَبد الله، والنسائي في «الكبرى» (٩٠٣٨) من طريق عطاء بن يزيد، خمستهم عن أبي
سعيد الخدري.
وانظر «سنن النسائي الكبرى» (٥٠٣٠)
و(٩٠٤٦).
وهو في «مسند أحمد» (١١٦٤٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٤١٩٣).
قال النووي في «شرح مسلم»: في هذا
الحديث دلالة لمذهب جماهير العلماء أن العرب يجري عليهم الرق، كما يجري على العجم،
وأنهم إذا كانوا مشركين، وسُبوا جاز استرقاقهم، وبهذا قال مالك والشافعي في قوله
الصحيح الجديد وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة والشافعي في قوله القديم: لا يجري
عليهم الرق.
قلنا: وفى «الهداية» من كتب الحنفية
أن استرقاق الرجال من العرب غير جائز عندهم، وأما استرقاق نسائهم وصبيانهم، فجائز.
قوله: أحببنا الفداء، وعند مسلم:
ورغبنا في الفداء، والمراد بالفداء القيمة، أي: خفنا أننا إذا وطئناهن فيحملن، فلا
يمكن بيعهن، ورغبنا في أن تحصل لنا القيمة. =
٢١٧٣ - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ،
حدَّثنا الفَضْلُ بنُ دُكين، حدَّثنا زهيرٌ، عن أبي الزُّبير
عن جابرٍ، قال: جاء رجلٌ من الأنصارِ
إلى رسولِ الله ﷺ، فقال: إن لي جاريةً أطوفُ عليها، وأنا أكره أن تحمِلَ، فقال:
«اعزِلْ عنها إن شئتَ، فأنه سيأتيها ما قُدِّرَ لها» قال: فَلَبثَ الرجل، ثم أتاه،
فقال: إنَّ الجاريَةَ قد حَمَلَتْ، قال: «قد أخبرتُكَ أنه سيأتيها ما قُدِّرَ لها»
(١).
٤٩
- باب ما
يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهلَه
٢١٧٤
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ،
حدَّثنا الجُريريُّ (ح)
وحدثنا مُؤمَّلٌ، حدَّثنا إسماعيل
(ح)
وحدَّثنا موسى، حدَّثنا حمادٌ كلُهم
عن الجُريري، عن أبي نضْرةَ، حدَّثني شيخٌ من طُفَاوةَ، قال: تَثَويتُ أبا هُريرة
بالمدينة، فلم أرَ رجلًا مِنْ
= وقوله: «ما عليكم أن لا تفعلوا» قال
النووي في «شرح مسلم»: معناه: ما عليكم ضرر في ترك العزل، لأن كل نفسٍ قدَّر الله
تعالى خلفها لا بد أن يخلقها، سواء عزلتم أم لا، وما لم يقدّر خلقها لا يقع، سواء
عزلتم أم لا، فلا فائدة في عزلكم.
قال ابن عبد البر في«التمهيد» ٣/
١٤٨: لا خلاف بين العلماء في أن الحرة لا يُعزل عنها إلا بإذنها، لأن الجماع من
حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف التامّ إلا أن لا يلحقه العزل.
قال الحافظ في «الفتح» ٩/ ٣٠٨:
ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هُبيرة.
(١)
إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس، ون لم يصرح بالسماع -
متابع. زهير: هو ابن معاوية الجعفي.
وأخرجه مسلم (١٤٣٩) من طريق زهير بن
معاوية، به.
وأخرجه مسلم (١٤٣٩) والنسائي في
«الكبرى» (٩٠٤٨) من طريق عُروة بن عياض، وابن ماجه (٨٩) من طريق سالم بن أبي
الجَعد، كلاهما عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣١٨)
و(١٥١٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٤١٩٤).
أصحابِ النبيَّ ﷺ أشدَّ تشميرًا، ولا
أقومَ على ضيفٍ منه، فبينما أنا عِنْده يومًا وهو على سَرِيرٍ له، ومعه كِيْسٌ فيه
حصى، أو نوى، وأسفل منه جاريةٌ له سَوْدَاءُ وهو يُسبِّح بها، حتى إذا أنفَدَ ما
في الكِيس، ألقاه إليها فجمعتْه فأعادتْه في الكِيس، فدفعته إليه، فقال: ألا
أحَدِّثُك عنِّي وعن رسول الله ﷺ؟ قال: قلت: بلى، قال: بينا أنا أوعَكُ في المسجد،
إذ جاء رسولُ الله ﷺ حتَى دَخَلَ المسجدَ، فقال: «مَنْ أحسَّ الفَتَى
الدَّوْسيَّ؟» ثلاثَ مرَّات، فقال رجل: يا رسول الله هو ذا يوعَكُ في جانِب
المَسجِد، فأقبل يمشي حتَّى انتهى إليَّ، فوَضَعَ يدَه علي، فقال لي معروفًا،
فنَهَضْتُ، فانطلقَ يمشي حتَّى أتى مقامَه الذي يُصلي فيه، فأقبل عليهم ومعه
صَفَّان مِن رجالٍ وصَفٌّ مِن نساءٍ أو صفَّان مِن نساء وصَفٌ مِن رجال، فقال: «إن
نسَّاني الشيطانُ شيئًا مِن صلاتي، فليسبحِ القومُ وليُصفِّق النساء» قال: فصلى
رسولُ الله ﷺ ولم يُنَسَّ مِن صلاته شيئًا، فقال: «مَجالِسَكم مَجالِسَكم» - زاد
موسى ها هنا: ثم حَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد» ثم اتفقوا - ثم
أقبل على الرِّجال، فقال: «هَلْ منكم الرجلُ إذا أتى أهله، فأغلَقَ عليه بابَه،
وألقى عليه سِتْرَه، واستتر بستر الله؟» قالوا: نعم، قال: «ثم يجلسُ بعد ذلك
فيقول: فعلتُ كذا، فعلتُ كذا» قال: فسكتوا، قال: فأقبلَ على النساء فقال: «هلْ
مِنكن مَنْ تُحدِّث؟» فسَكَتْنَ فجثت فتاة - قال مؤمل في حديثه: فتاة كَعَابٌ -
على إحدى رُكبتيها، وتطاولَت لرسول الله ﷺ ليراها ويَسمَعَ كَلامَها، فقالت: يا
رسول الله، إنهم لَيتحَدَّثون، وإنهُنَّ ليتحدَّثْنَه، فقال: «هل تدرون ما مثل
ذلك؟» فقال: "إنما مَثَلُ ذلك مَثَلُ شيطانةٍ لَقِيتْ شيطانًا في السِّكةِ،
فقَضَى منها حاجَتَه والناسُ ينظرون
إليه، ألا وإن طِيبَ الرِّجال ما
ظَهَرَ رِيحُه، ولم يَظهر لَونُه، ألا وإنَّ طِيبَ النساءِ ما ظَهَرَ لَونُه ولم
يَظهَر ريحُه».
قال أبو داود: ومن ها هنا حفظتُه عن
مُؤمَّل وموسى «ألا لا يُفضينَّ رَجلٌ إلى رَجلٍ، ولا امرأةٌ إلى امرأةٍ، إلا إلى
ولدٍ أو والدٍ» وذكر ثالثةً فنُسِّيُتها، وهو في حديث مُسدَّدٌ، ولكني لم أتقنه
كما أحبّ، قال موسى: حدَّثنا حماد، عن الجُريري، عن أبي نضرة، عن الطُّفاوي (١).
آخر كتاب النكاح
(١) إسناده ضعيف لجهالة الطفاوي، وباقى رجاله
ثقات، ولبعض فقرات هذا الحديث طرق وشواهد تقويه ذكرناها في «المسند» (١٠٩٧٧)
فانظرها فيه.
مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وبشر:
هو ابن المفضل الرقاشي، والجُرَيري: هو سعيد بن أبي إياس، ومؤمل: هو ابن هَشام،
وإسماعيل: هو ابن إبراهيم الأسدي، وموسي: هو ابن إسماعيل التبوذكي، وحمّاد: هو ابن
سلمة، وأبو نضرة: هو المنذر ابن مالك العوقي.
وأخرجه مختصرًا بقصة الطيب الترمذي
(٢٩٩٤) و(٢٩٩٥) - وحسَّنه -، والنسائي في «الكبرى» (٩٣٤٨) و(٩٣٤٩) من طريق
الجُريري، بهذا الإسناد.
ولذكر التسبيح للرجال والتصفيق
للنساء انظر ما سلف برقم (٩٣٩).
ولقصة الطيب شاهد من حديث عمران بن
حصين في «المسند» (١٩٩٧٨) وعند أبي داود سيأتي برقم (٤٠٤٨).
وآخر من حديث أنس عند البزار (٢٩٨٩)،
وإسناده قوي.
قال السندى: «فتاة كعاب»، هو بالفتح:
المرأة حين يبدو ثديها للنهوض، وهي الكاعب أيضًا، وجمعها كواعب.
وقوله: «لا يُفِضِيَنَّ»، قال: من
الإفضاء بمعنى الوصول، قالوا: هو نهيُ تحريم إذا لم يكن بينهما حائل بأن يكونا
متجردين، وإن كان بينهما حائل فتنزيه.
وقوله: «ألا إن طيب الرجال ....»،
قال: أي: ينبغي للرجال الاحتراز عن الزينة، وينبغي للنساء الاحتراز عن الرائحة
لئلا تثير شهوة الرجال، لكن هذا مخصوص بما إذا كانت خارجة من البيت، وإلا فعند
الزوج لها أن تستعمل ما شاءت