recent
آخر المقالات

كتاب صفة القيامة والجنة والنار

 

١٨ - (٢٧٨٥) حدثني أبو بكر بن إسحاق. حدثنا يحيى بن بكير. حدثني الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيَّ) عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قال «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة. اقرؤوا: ﴿فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا﴾» [١٨ /الكهف /١٠٥].



(لا يزن عند الله جناح بعوضة) أي لا يعدله في القدر والمنزلة، أي لا قدر له.

١٩ - (٢٧٨٦) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حدثنا فضيل (يعني ابن عياض) عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيد الله السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:
جاء حبر إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يا محمد! أو يا أبا القاسم! إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع. والأرضين على إصبع. والجبال والشجر على إصبع. والماء والثرى على إصبع. وسائر الخلق على إصبع. ثم يهزهن فيقول: أنا الملك. أنا الملك. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تعجبا مما قال الحبر. تصديقا له. ثم قرأ: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ [٣٩ /الزمر /٦٧].


(الحبر) بفتح الحاء وكسرها، الفتح أفصح، وهو العالم.

٢٠ - (٢٧٨٦) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. كلاهما عن جرير، عن منصور، بهذا الإسناد، قال:
جاء حبر من الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. بمثل حديث فضيل. ولم يذكر: ثم يهزهن. وقال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضحك حتى بدت نواجذه تعجبا لما قال. تصديقا له. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «وما قدروا الله حق قدره» وتلا الآية.

٢١ - (٢٧٨٦) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا الأعمش قال: سمعت إبراهيم يقول: سمعت علقمة يقول: قال عبد الله:
جاء رجل من أهل الكتاب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السماوات على إصبع. والأرضين على إصبع. والشجر والثرى على إصبع. والخلائق على إصبع. ثم يقول: أنا الملك. أنا الملك. قال فرأيت النبي ﷺ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نواجذه. ثم قرأ: وما قدروا الله حق قدره.

٢٢ - (٢٧٨٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم. قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا جرير. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّ في حديثهم جميعا: والشجر على إصبع. والثرى على إصبع. وليس في حديث جرير: والخلائق على إصبع. ولكن في حديثه: والجبال على إصبع. وزاد في حديث جرير: تصديقا له تعجبا لما قال.

٢٣ - (٢٧٨٧) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ المسيب؛ أن أبا هريرة كان يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة. ويطوي السماء بيمينه. ثم يقول: أنا الملك. أين ملوك الأرض؟».

٢٤ - (٢٧٨٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سالم بن عبد الله. أخبرني عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة. ثم يأخذهن بيده اليمنى. ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله. ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟».

٢٥ - (٢٧٨٨) حدثنا سعيد بن منصور. حدثنا يعقوب (يعني ابن عبد الرحمن). حدثني أبو حازم عن عبيد الله بن مقسم؛
أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله ﷺ قال «يأخذ

٢١٤٩
الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه. فيقول: أنا الله. (ويقبض أصابعه ويبسطها) أنا الملك» حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه. حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله ﷺ؟


(يقبض أصابعه ويبسطها) هو النبي ﷺ. قال القاضي: في هذا الحديث ثلاثة ألفاظ: يقبض ويطوي ويأخذ. كله بمعنى الجمع. لأن السموات مبسوطة والأرضين مدحوة وممدودة، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة وتبديل الأرض غير الأرض والسموات. فعاد كله إلى ضم بعضها إلى بعض، ورفعها وتبديلها بغيرها. قال: وقبض النبي ﷺ أصابعه وبسطها تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها بعد بسطها، وحكاية للمبسوط والمقبوض وهو السموات والأرضون، لا إشارة إلى القبض والبسط، الذي هو صفة القابض والباسط، سبحانه وتعالى. (يتحرك من أسفل شيء منه) أي من أسفله إلى أعلاه. لأن، بحركة الأسفل، يتحرك الأعلى، ويحتمل أن تحركه بحركة النبي ﷺ، بهذه الإشارة. ثم قال القاضي: والله أعلم بمراد نبيه ﷺ فيما ورد في هذه الأحاديث من مشكل. ونحن نؤمن بالله تعالى وصفاته ولا نشبه شيئا به ولا نشبهه بشيء. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وما قاله رسول الله ﷺ وثبت عنه فهو حق وصدق. فما أدركنا علمه فبفضل الله تعالى. وما خفي علينا آمنا به ووكلنا علمه إليه، سبحانه وتعالى، وحملنا لفظه على ما احتمل في لسان العرب الذي خوطبنا به. ولم نقطع على أحد معنييه، بعد تنزيهه سبحانه وتعالى عن ظاهره الذي لا يليق به سبحانه وتعالى. وبالله التوفيق.

٢٦ - (٢٧٨٨) حدثنا سعيد بن منصور. حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم. حدثني أبي عن عبيد الله بن مقسم، عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ، وهو يقول «يأخذ الجبار، عز وجل، سماواته وأرضيه بيديه» ثم ذكر نحو حديث يعقوب.

١ - باب ابتداء الخلق، وخلق آدم عليه السلام
٢٧ - (٢٧٨٩) حدثني سريج بن يونس وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن محمد. قال: قال ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سلمة، عن أبي هريرة،
قَالَ: أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي فقال «خلق الله، عز وجل، التربة يوم السبت. وخلق فيها الجبال يوم الأحد. وخلق الشجر يوم الاثنين. وخلق المكروه يوم الثلاثاء. وخلق

٢١٥٠
النور يوم الأربعاء. وبث فيها الدواب يوم الخميس. وخلق آدم، عليه السلام، بعد العصر من يوم الجمعة. في آخر الخلق. في آخر ساعة من ساعات الجمعة. فيما بين العصر إلى الليل».


(الأربعاء) بفتح الهمزة وكسر الباء وفتحها وضمها ثلاث لغات حكاهن صاحب المحكم. وجمعه أربعاوات. وحكى أيضا أرابيع.
قال إبراهيم: حدثنا البسطامي (وهو الحسين بن عيسى)، وسهل بن عمار، وإبراهيم بن بنت حفص، وغيرهم، عن حجاج، بهذا الحديث.

٢ - باب في البعث والنشور، وصفة الأرض يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٨ - (٢٧٩٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة. حدثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بن أبي كثير. حدثني أبو حازم بن دينار عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. قال:
قال رسول الله ﷺ «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، عفراء، كقرصة النقي، ليس فيها علم لأحد».


(عفراء) بيضاء إلى حمرة. (النقي) هو الدقيق الحواري، وهو الدرمك، وهو الأرض الجيدة. قال القاضي: كأن النار غيرت بياض وجه هذه الأرض إلى الحمرة. (ليس فيها علم لأحد) أي ليس بها علامة سكنى أو بناء ولا أثر.

٢٩ - (٢٧٩١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَت:
سألت رسول الله ﷺ عن قوله عز وجل: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات﴾ [١٤ /إبراهيم /٤٨] فأين يكون الناس يومئذ؟ يا رسول الله! فقال «على الصراط».

٣ - باب نزل أهل الجنة
٣٠ - (٢٧٩٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن أبي سعيد الخدري،
عن رسول الله ﷺ قال «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة. يكفؤها الجبار بيده. كما يكفؤ أحدكم خبزته في السفر. نزلا لأهل الجنة». قال فأتى رجل من اليهود. فقال: بارك الرحمن عليك، أبا القاسم! ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال «بلى» قال: تكون الأرض خبزة واحدة (كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قال فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثم ضحك حتى بدت نواجذه. قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال «بلى» قال: إدامهم بالام ونون. قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون. يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا.


(خبزة واحدة) في القاموس: الخبزة الطلمة. وقال الشارح: الطلمة هي عجين يوضع في الملة، أي الرماد الحار، حتى ينضج. (يكفؤها الجبار بيده) أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي، لأنها ليست منبسطة كالرقاقة ونحوها. ومعنى هذا الحديث أن الله تعالى يجعل الأرض كالطلمة والرغيف العظيم، ويكون ذلك طعاما نزلا لأهل الجنة. (نزلا) هو ما يعد للضيف عند نزوله. (بالام) في معناها أقوال مضطربة. الصحيح منها الذي اختاره القاضي وغيره من المحققين، أنها لفظة عبرانية معناها بالعبرانية ثور. ولو كانت عربية لعرفتها الصحابة رضي الله عنهم، ولم يحتاجوا إلى سؤاله عنها. (ونون) هو الحوت، باتفاق العلماء. (زائدة كبدهما) زائدة الكبد هي القطعة المنفردة المعلقة في الكبد، وهي أطيبها.

٣١ - (٢٧٩٣) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد بن الحارث. حدثنا قرة. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لو تابعني عشرة من اليهود، لم يبق على ظهرها يهودي إلا أسلم».


(عشرة من اليهود) قال صاحب التحرير: المراد عشرة من أحبارهم.

٤ - باب سؤال اليهود النبي ﷺ عن الروح، وقوله تعالى: ﴿يسألونك عن الروح﴾، الآية
٣٢ - (٢٧٩٤) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا الأعمش. حدثني إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله، قال:
بينما أنا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حرث، وهو متكئ على عسيب، إذ مر بنفر من اليهود. فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. فقالوا: ما رابكم إليه؟ لا يستقبلكم بشيء تكرهونه. فقالوا: سلوه. فقام إليه بعضهم فسأله عن الروح. قال فأسكت النبي ﷺ. فلم يرد عليه شيئا. فعلمت أنه يوحى إليه. قال فقمت مكاني. فلما نزل الوحي قال: ﴿ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾ [١٧ /الإسراء /٨٥].


(في حرث) هو موضع الزرع. (عسيب) هو جريدة النخل. (ما رابكم إليه) هكذا في جميع النسخ: ما رابكم إليه، أي ما دعاكم إلى سؤاله. أو ما شكككم فيه حتى احتجتم إلى سؤاله. أو ما دعاكم إلى سؤال تخشون سوء عقباه. (فأسكت النبي ﷺ أي سكت وقيل: أطرق. وقيل: أعرض عنه. (فلما نزل الوحي قال: ويسئلونك عن الروح) وكذا ذكره البخاري في أكثر أبوابه. قال القاضي: وهو وهم. وصوابه ما سبق في رواية ابن ماهان: فلما انجلى عنه. وكذا رواه البخاري في موضع. وفي موضع: فلما صعد الوحي. وقال: وهذا وجه الكلام. لأنه قد ذكر قبل نزول الوحي عليه. قلت: وكل الروايات صحيحة. ومعنى راوية مسلم أنه لما نزل الوحي وتم، نزل قوله تعالى: ﴿قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾. هكذا هو في بعض النسخ: أوتيتم. على وفق القراءة المشهورة. وفي أكثر نسخ البخاري ومسلم: وما أوتوا من العلم إلا قليلا. وفي الروح لغتان: التذكير والتأنيث.

٣٣ - (٢٧٩٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حرث بالمدينة. بنحو

٢١٥٣
حديث حفص. غير أن في حديث وكيع: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا. وفي حديث عيسى بن يونس: وما أوتوا، من رواية ابن خشرم.

٣٤ - (٢٧٩٤) حدثنا أبو سعيد الأشج. قال: سمعت عبد الله بن إدريس يقول: سمعت الأعمش يرويه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عن عبد الله. قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ في نخل يتوكأ على عسيب. ثم ذكر نحو حديثهم عن الأعمش. وقال في روايته: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.

٣٥ - (٢٧٩٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الله بن سعيد الأشج (واللفظ لعبد الله). قالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى، عن مسروق عن خباب قال:
كان لي على العاص بن وائل دين. فأتيته أتقاضاه. فقال لي: لن أقضيك حتى تكفر بمحمد. قال فقلت له: إني لن أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث. قال: وإني لمبعوث من بعد الموت؟ فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد.
قال وكيع: كذا قال الأعمش. قال فنزلت هذه الآية: ﴿أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا﴾ [١٩ /مريم /٧٧] إلى قوله: ﴿ويأتينا فردا﴾.

٣٦ - (٢٧٩٥) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، بهذا الإسناد، نحو حديث وكيع. وفي حديث جرير: قال: كنت قينا في الجاهلية. فعملت للعاص بن وائل عملا. فأتيته أتقاضاه.


(قينا) أي حدادا.

٥ - باب في قوله تعالى: ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾، الآية
٣٧ - (٢٧٩٦) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا شعبة عن عبد الحميد الزيادي؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:
قَالَ أبو جهل: اللهم! إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فنزلت: ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون* وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام﴾ [٨ /الأنفال /٣٣ و-٣٤] إلى آخر الآية.

٦ - باب قوله: إن الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى
٣٨ - (٢٧٩٧) حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأعلى القيسي. قالا: حدثنا المعتمر عن أبيه. حدثني نعيم بن أبي هند عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال فقيل: نعم. فقال: واللات والعزى! لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته. أو لأعفرن وجهه في التراب. قال فأتى رسول الله ﷺ وهو يصلي. زعم ليطأ على رقبته. قال فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه. قال فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة.
فقال رسول الله ﷺ «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا».
قال فأنزل الله عز وجل لا ندري في حديث أبي هريرة، أو شيء بلغه -: ﴿كلا إن الإنسان ليطغى*

٢١٥٥
أن رآه استغنى* إن إلى ربك الرجعى* أرأيت الذي ينهى* عبدا إذا صلى* أرأيت إن كان على الهدى* أو أمر بالتقوى* أرأيت إن كذب وتولى (يعني أبا جهل) * ألم يعلم بأن الله يرى* كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية* ناصية كاذبة خاطئة* فليدع ناديه* سندع الزبانية* كلا لا تطعه﴾ [٩٦ /العلق /٦ - ١٩].
زاد عبيد الله في حديثه قال: وأمره بما أمره به.
وزاد ابن عبد الأعلى: فليدع ناديه. يعني قومه.


(هل يعفر محمد وجهه) أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر، وهو التراب. (فجئهم) بكسر الجيم، ويقال أيضا فجأهم، بفتحها. لغتان. أي بغتهم. (ينكص على عقبيه) أي رجع يمشي ورائه. قال ابن فارس: النكوص الإحجام عن الشيء. (أن رآه استغنى) أي رأى نفسه. واستغنى مفعوله الثاني. لأنه بمعنى علم. (إن إلى ربك الرجعى) أي المرجع. أي إن المرجع إلى الله وحده، دون غيره. (أرأيت) كلمة أرأيت صارت تستعمل في معنى أخبرني. على أنها لا يقصد بها في مثل هذه الآية الاستخبار الحقيقي ولكن يقصد بها إنكار الحالة المستخبر عنها وتقبيحها. (كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية) كلمة كلا صدع بالزجر جديد. أي لا يستمر به غروره وجهله وطغيانه، فإن أقسم لئن لم ينته عن هذا الطغيان، وإن لم يكف عن نهي المصلي عن صلاته، لنسفعا بناصيته أي لنأخذن بها. والناصية شعر الجبهة، أو الجبهة نفسها. قال المبرد: السفع الجذب بشدة. والأخذ بالناصية، هنا، مثل في القهر والإذلال والتعذيب والنكال. (ناصية كاذبة خاطئة) أعاد الناصية على طريق البدل، مع وصفها بالوصفين التابعين لها، لزيادة التشنيع بها. (فليدع ناديه) النادي المجلس الذي يجتمع فيه القوم، ويطلق على القوم أنفسهم. أي فليجمع أمثاله ممن ينتدي معهم ليمنع المصلين المخلصين، ويؤذي أهل الحق الصادقين. فإن فعل تعرض لقهرنا وتنكيلنا. (سندع الزبانية) الزبانية، في أصل اللغة، الشرط وأعوان الولاة. قيل إنه جمع لا واحد له. وقال أبو عبيدة: واحده زبنية، كعفرية. أي سندعو له من جنودنا القوي المتين، الذي لا قبل له بمغالبته، فيهلكه في الدنيا أو يرديه في النار في الآخرة، وهو صاغر.

٧ - باب الدخان
٣٩ - (٢٧٩٨) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير عن منصور، عن أبي الضحى، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ جلوسا. وهو مضطجع بيننا. فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن قاصا عند أبواب كندة يقص ويزعم؛ أن آية الدخان تجئ فتأخذ بأنفاس الكفار. ويأخذ

٢١٥٦
المؤمنين منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله، وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس! اتقوا الله. من علم منكم شيئا، فليقل بما يعلم. ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم. فإنه أعلم لأحدكم أن يقول، لما لا يعلم: الله أعلم. فإن الله عز وجل قال لنبيه ﷺ: ﴿قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾ [٣٨ /ص/٨٦]. إن رسول الله ﷺ لما رأى من الناس إدبارا. فقال «اللهم! سبع كسبع يوسف» قال فأخذتهم سنة حصت كل شئ. حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع. وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان. فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم. وإن قومك قد هلكوا. فادع الله لهم. قال الله عز وجل: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين* يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾ [٤٤ /الدخان /١٠ و-١١] إلى قوله: ﴿إنكم عائدون﴾. قال: أفيكشف عذاب الآخرة؟ ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾ [٤٤ /الدخان /١٦]. فالبطشة يوم بدر. وقد مضت آية الدخان، والبطشة، واللزام، وآية الروم.


(عند أبواب كندة) هو باب الكوفة. (حصت) أي استأصلته. (أفيكشف عذاب الآخرة) هذا استفهام إنكار على من يقول: إن الدخان يكون يوم القيامة، كما صرح به في الرواية الثانية. فقال ابن مسعود: هذا قول باطل. لأن الله تعالى قال: إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون. ومعلوم أن كشف العذاب، ثم عودهم لا يكون في الآخرة. وإنما هو في الدنيا. (واللزام) المراد به قوله سبحانه وتعالى: فسوف يكون لزاما. أي يكون عذابهم لازما. قالوا وهو ما جرى عليهم يوم بدر من القتل والأسر، وهي البطشة الكبرى. (وآية الروم) المراد به قوله تعالى: ﴿غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون﴾. وقد مضت غلبة الروم على فارس، يوم الحديبية.

٤٠ - (٢٧٩٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية ووكيع. ح وحدثني أبو سعيد الأشج. أخبرنا وكيع. ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. كلهم عَنِ الأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَي وأبو كريب (واللفظ ليحيى). قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق. قال:
جاء إلى عبد الله رجل فقال: تركت في المسجد رجلا يفسر القرآن برأيه.

٢١٥٧
يفسر هذه الآية: ﴿يوم تأتي السماء بدخان مبين﴾. قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفاسهم. حتى يأخذهم منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به. ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم. فإن من فقه الرجل أن يقول، لما لا علم له به: الله أعلم. إنما كان هذا؛ أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ، دعا عليهم بسنين كسني يوسف. فأصابهم قحط وجهد. حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد. وحتى أكلوا العظام. فأتى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رسول الله! استغفر الله لمضر فإنهم قد هلكوا. فقال «لمضر؟ إنك لجرئ» قال فدعا الله لهم. فأنزل الله عز وجل: ﴿إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون﴾ [٤٤ /الدخان /١٥] قال فمطروا. فلما أصابتهم الرفاهية، قال، عادوا إلى ما كانوا عليه. قال فأنزل الله عز وجل: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين* يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾ [٤٤ /الدخان /١٠ و-١٢] ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾ [٤٤ /الدخان /١٦] قال: يعني يوم بدر.


(وجهد) أي مشقة شديدة. (استغفر الله لمضر) هكذا وقع في جميع نسخ مسلم: استغفر الله لمضر. وفي البخاري: استسق الله لمضر. قال القاضي: قال بعضهم: استسق هو الصواب اللائق بالحال، لأنهم كفار لا يدعى لهم بالمغفرة. قلت: كلاهما صحيح. فمعنى استسق: اطلب لهم المطر والسقيا. ومعنى استغفر: ادع الله لهم بالهداية التي يترتب عليها الاستغفار. (لمضر؟ إنك لجرئ) قال الأبي: هو على وجه التقرير والتعريف بكفرهم واستعظام ما سأل لهم. أي فكيف يستغفر أو يستسقي لهم وهم عدو الدين. ويصح هذا، عندي، على ما ذكر مسلم من لفظ استغفر. لأن الإنكار إنما هو للاستغفار الذي سأل لهم. بدليل أنه عدل عنه إلى الدعاء لهم بالسقي. ولو كان استعظامه إنما هو لطلب السقيا، لم يستسقي لهم.

٤١ - (٢٧٩٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عبد الله قال:
خمس قد مضين: الدخان، واللزام، والروم، والبطشة، والقمر.

٤١ - م - (٢٧٩٨) حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٤٢ - (٢٧٩٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا

٢١٥٨
شعبة. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (واللفظ له). حدثنا غندر عن شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزار، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أبي بن كعب،
في قوله عز وجل: ﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر﴾ [٣٢ /السجدة /٢١] قال: مصائب الدنيا، والروم، والبطشة، أو الدخان (شعبة الشاك في البطشة أو الدخان).


(العذاب الأدنى) فسره في الحديث فقال: مصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان. (العذاب الأكبر) عذاب الآخرة.

٨ - باب انشقاق القمر


(انشقاق القمر) قال القاضي رحمه الله: انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا ﷺ. وقد رواها عدة من الصحابة رضي الله عنهم، مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها. قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين المخالفي الملة. وذلك لما أعمى الله قلبه. ولا إنكار للعقل فيها. لأن القمر مخلوق الله تعالى يفعل فيه ما يشاء. كما يفنيه ويكوره في آخر أمره.

٤٣ - (٢٨٠٠) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله قال:
انشق القمر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بشقتين. فقال رسول الله ﷺ «اشهدوا».

٤٤ - (٢٨٠٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وَإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أبي. كلاهما عن الأعمش. ح وحدثنا منجاب بن حارث التَّمِيمِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن عبد الله بن مسعود. قال:
بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بمنى، إذا انفلق القمر فلقتين. فكانت فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اشهدوا».

٤٥ - (٢٨٠٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا شعبة عن الأعمش، عن إبراهيم،

٢١٥٩
عن أبي معمر، عن عبد الله بن مسعود قال:
انشق القمر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فلقتين. فستر الجبل فلقة. وكانت فلقة فوق الجبل. فقال رسول الله ﷺ «اللهم! اشهد».

٤٥ - (٢٨٠١) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة عنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. مِثْلَ ذلك.

٤٥ - م - (٢٨٠١) وحدثنيه بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عدي. كلاهما عن شعبة. بإسناد ابن معاذ عن شعبة. نحو حديثه. غير أن في حديث ابن أبي عدي: فقال «اشهدوا. اشهدوا».

٤٦ - (٢٨٠٢) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد. قال: حدثنا يونس بن محمد. حدثنا شيبان. حدثنا قتادة عن أنس؛
أن أهل مكة سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أن يريهم آية. فأراهم انشقاق القمر، مرتين.

٤٦ - م - (٢٨٠٢) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخبرنا معمر عن قتادة، عن أنس. بمعنى حديث شيبان.

٤٧ - (٢٨٠٢) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن جعفر وأبو داود. ح وحدثنا ابن بشار. حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وأبو داود. كلهم عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: انشق القمر فرقتين.
وفي حديث أبي داود: انشق القمر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٤٨ - (٢٨٠٣) حدثنا مُوسَى بْنُ قُرَيْشٍ التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ بكر بن مضر. حدثني أبي. حدثنا جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إن القمر انشق على زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٩ - باب لا أحد أصبر على أذى، من الله عز وجل
٤٩ - (٢٨٠٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة. حدثنا أبو معاوية وأبو أسامة عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل. إنه يشرك به، ويجعل له الولد، ثم هو يعافيهم ويرزقهم».


(لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله) قال العلماء: معناه أن الله تعالى واسع الحلم حتى على الكافر الذي ينسب إليه الولد والند. قال المازري: حقيقة الصبر منع النفس من الانتقال أو غيره. فالصبر نتيجة الامتناع. فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى. لذلك قال القاضي: والصبور من أسماء الله تعالى. وهو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام. وهو بمعنى الحليم في أسمائه سبحانه وتعالى. والحليم هو الصفوح مع القدرة على الانتقام.

٤٩ - م - (٢٨٠٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وأبو سعيد الأشج. قالا: حدثنا وكيع. حدثنا الأعمش. حدثنا سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله. إلا قوله «ويجعل له الولد» فإنه لم يذكره.

٥٠ - (٢٨٠٤) وحدثني عبيد الله بن سعيد. حدثنا أبو أسامة عن الأعمش. حدثنا سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي. قال: قال عبد الله بن قيس:
قال رسول الله ﷺ «ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله تعالى. إنهم يجعلون له ندا، ويجعلون له ولدا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم».

١٠ - باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا
٥١ - (٢٨٠٥) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا شعبة عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
قال «يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذابا: لو كانت

٢١٦١
لك الدنيا وما فيها، أكنت مفتديا بها؟ فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم: أن لا تشرك (أحسبه قال) ولا أدخلك النار. فأبيت إلا الشرك».

٥١ - م - (٢٨٠٥) حدثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جعفر). حدثنا شعبة عن أبي عمران. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. إِلَّا قوله «ولا أدخلك النار» فإنه لم يذكره.

٥٢ - (٢٨٠٥) حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) معاذ بن هشام. حدثنا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قال «يقال للكافر يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا، أكنت تفتدي به؟ فيقول نعم. فيقال له: قد سئلت أيسر من ذلك».

٥٣ - (٢٨٠٥) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. ح وحدثني عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ (يَعْنِي ابن عطاء). كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس، عن النبي ﷺ بمثله. غير أنه قال «فيقال له: كذبت. قد سئلت ما هو أيسر من ذلك».

١١ - باب يحشر الكافر على وجهه
٥٤ - (٢٨٠٦) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد (واللفظ لزهير). قالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قتادة. حدثنا أنس بن مالك؛ أن رجلا قال:
يا رسول الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال «أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا، قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟».
قال قتادة: بلى. وعزة ربنا!

١٢ - باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار، وصبغ أشدهم بؤسا في الجنة
٥٥ - (٢٨٠٧) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يؤتى بأنعم أهل الدنيا، من أهل النار، يوم القيامة. فيصبغ في النار صبغة. ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا. والله! يا رب! ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا، من أهل الجنة. فيصبغ صبغة في الجنة. فيقال له: يا ابن آدم! هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا. والله! يا رب! ما مر بي بؤس قط. ولا رأيت شدة قط».


(فيصبغ في النار صبغة) أي يغمس غمسة. (بؤسا) البؤس هو الشدة.

١٣ - باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا
٥٦ - (٢٨٠٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بن حرب (واللفظ لزهير). قالا: حدثنا يزيد بن هارون. أخبرنا همام بن يحيى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة. يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا. حتى إذا أفضى إلى الآخرة. لم يكن له حسنة يجزى بها».


(إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة) معناه لا يترك مجازاته بشيء من حسناته. والظلم يطلق بمعنى النقص. (أفضى إلى الآخرة) أي صار إليها.

٥٧ - (٢٨٠٨) حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك؛
أنه حدث عن رسول الله ﷺ «إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا. وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقا في الدنيا، على طاعته».

٥٧ - م - (٢٨٠٨) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمعنى حديثهما.

١٤ - باب مثل المؤمن كالزرع، ومثل الكافر كشجر الأرز
٥٨ - (٢٨٠٩) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كمثل الزرع. لا تزال الريح تميله. ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء. ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد».


(الأرز) قال العلايلي في معجمه: الأرز جنس شجر حرحي من فصيلة الصنوبريات. واحدته أرزة. وليس هو الشربين ولا الصنوبر، كما وقع في الأصول القديمة، وعند من جاراها. والأرز من أثمن الأشجار وأعظمها. يعلو قرابة (٧٠ - ٨٠) قدما. وأغصانه طويلة غليظة تمتد أفقيا من الجذع. وكثيرا ما يبلغ محيط جذع الشجرة عشرين قدما أو يزيد. يفوح من قشره وأغصانه عبير هو أزكى من المسك. (تستحصد) أي لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة كالزرع الذي انتهى يبسه.

٥٨ - م - (٢٨٠٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد عن عبد الرزاق. حدثنا معمر عن الزهري، بهذا الإسناد. غير أن في حديث عبد الرزاق - مكان قوله تميله - «تفيئه».


(تفيئه) أي تميله.

٥٩ - (٢٨١٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. قالا: حدثنا زكرياء بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم. حدثني ابن كعب بن مالك عن أبيه، كَعْبٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع. تفيئها الريح. تصرعها مرة وتعدلها أخرى. حتى تهيج. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على أصلها. لا يفيئها شئ. حتى يكون انجعافها مرة واحدة».


(الخامة) الطاقة الغضة اللينة من الزرع، وألفها منقلبة عن واو. (المجذية) الثابتة المنتصبة.

٦٠ - (٢٨١٠) حدثني زهير بن حرب. حدثنا بشر بن السري وعبد الرحمن بن مهدي. قالا: حدثنا سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن كعب بن مالك، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع. تفيئها الرياح. تصرعها مرة وتعدلها. حتى يأتيه أجله. ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية. التي لا يصيبها شئ. حتى يكون انجعافها مرة واحدة».


(انجعافها) الانجعاف الانقلاع. قال العلماء: معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله. وذلك مكفر لسيئاته ورافع لدرجاته. وأما الكافر فقليلها. وإن وقع به شئ، لم يكفر شيئا من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة.

٦١ - (٢٨١٠) وحدثنيه محمد بن حاتم ومحمود بن غيلان. قالا: حدثنا بشر بن السري. حدثنا سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن كعب بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. غير أن محمودا قال في روايته عن بشر «ومثل الكافر كمثل الأرزة». وأما ابن حاتم فقال «مثل المنافق» كما قال زهير.

٦٢ - (٢٨١٠) وحدثناه محمد بن بشار وعبد الله بن هاشم. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَي (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ سُفْيَانَ، عن سعد بن إبراهيم (قال ابن هاشم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عن أبيه. وقال ابن بشار: عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ) عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِنَحْوِ حديثهم. وقالا جميعا في حديثهما عن يحيى «ومثل الكافر مثل الأرزة».

١٥ - باب مثل المؤمن مثل النخلة
٦٣ - (٢٨١١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وعلي بن حجر السعدي (واللفظ ليحيى) قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ). أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ:

٢١٦٥
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها. وإنها مثل المسلم. فحدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البوادي.
قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة. فاستحييت. ثم قالوا: حدثنا ما هي؟ يا رسول الله! قال فقال «هي النخلة». قال فذكرت ذلك لعمر. قال: لأن تكون قلت: هي النخلة، أحب إلي من كذا وكذا.


(مثل المسلم) قال العلماء: شبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجوده على الدوام. فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى يبس. وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة، ومن خشبها وورقها وأغصانها، فيستعمل جذوعا وحطبا وعصيا ومخاصر وحصرا وحبالا وأواني، وغير ذلك. ثم آخر شيء منها نواها. وينتفع به علفا للإبل. ثم جمال نباتها وحسن هيئة ثمرها. فهي منافع كلها وخير وجمال. كما أن المؤمن خير كله. من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه. (فوقع الناس في شجر البوادي) أي ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي. وكان كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي. وذهلوا عن النخلة.

٦٤ - (٢٨١١) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد. حدثنا أيوب عن أبي الخليل الضبعي، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا لأصحابه «أخبروني عن شجرة، مثلها مثل المؤمن». فجعل القوم يذكرون شجرا من شجر البوادي.
قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو روعي؛ أنها النخلة. فجعلت أريد أن أقولها. فإذا أسنان القوم، فأهاب أن أتكلم. فلما سكتوا، قال رسول الله ﷺ «هي النخلة».


(روعي) الروع، هنا، هو النفس والقلب والخلد. (أسنان القوم) يعني كبارهم وشيوخهم.

٦٤ - م - (٢٨١١) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أبي عمر. قالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد، قال:
صحبت ابن عمر إلى المدينة. فما سمعته يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلا حديثا واحدا. قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ. فأتي بجمار. فذكر بنحو حديثهما.


(بجمار) هو الذي يؤكل من قلب النخل، يكون لينا.

٦٤ - م ٢ - (٢٨١١) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سَيْفٌ. قال: سَمِعْتُ مجاهدا يقول: سمعت ابن عمر يقول: أتي رسول الله ﷺ بجمار. فذكر نحو حديثهم.

٦٤ - م ٣ - (٢٨١١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال «أخبروني بشجرة شبه، أو كالرجل المسلم. لا يتحات ورقها».
قال إبراهيم: لعل مسلما قال: وتؤتي أكلها. وكذا وجدت عند غيري أيضا. ولا تؤتي أكلها كل حين.
قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة. ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان. فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا. فقال عمر: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا.


(لا يتحات ورقها) أي لا يتناثر ويتساقط. (قال إبراهيم) معنى هذا أنه وقع في رواية إبراهيم بن سفيان، صاحب مسلم، ورواية غيره أيضا عن مسلم: لا يتحات ورقها ولا تؤتي أكلها كل حين. واستشكل إبراهيم بن سفيان هذا، لقوله: ولا تؤتي أكلها. خلاف باقي الروايات. فقال: لعل مسلما رواه وتؤتي. بإسقاط لا. وأكون أنا وغيري غلطنا في إثبات لا. قال القاضي وغيره من الأئمة: وليس هو بغلط كما توهمه إبراهيم. بل الذي في مسلم صحيح، بإثبات لا. وكذا رواه البخاري بإثبات لا. ووجهه أن لفظة لا ليست متعلقة بتؤتي. بل متعلقة بمحذوف تقديره لا يتحات ورقها. ولا مكرر. أي لا يصيبها كذا وكذا. لكن لم يذكر الراوي تلك الأشياء المعطوفة. ثم ابتدأ فقال: تؤتي أكلها كل حين.

١٦ - باب تحريش الشيطان، وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينا
٦٥ - (٢٨١٢) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب. ولكن في التحريش بينهم».


(ولكن في التحريش بينهم) أي ولكنه يسعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.

٦٥ - م - (٢٨١٢) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو معاوية. كلاهما عن الأعمش، بهذا الإسناد.

٦٦ - (٢٨١٣) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول «إن عرش إبليس على البحر. فيبعث سراياه فيفتنون الناس. فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة».


(إن عرش إبليس على البحر) العرش هو سرير الملك. ومعناه أن مركزه البحر، ومنه يبعث سراياه في نواحي الأرض.

٦٧ - (٢٨١٣) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَإِسْحَاق بن إبراهيم (واللفظ لأبي كريب). قالا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إن إبليس يضع عرشه على الماء. ثم يبعث سراياه. فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجئ أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال فيدنيه منه ويقول: نعم أنت».
قال الأعمش: أراه قال «فيلتزمه».


(فيلتزمه) أي يضمه إلى نفسه ويعانقه.

٦٨ - (٢٨١٣) حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر؛
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يقول «يبعث الشيطان سراياه فيفتنون الناس. فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة».

٦٩ - (٢٨١٤) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجعد، عن أبيه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن». قالوا: وإياك؟

٢١٦٨
يا رسول الله! قال «وإياي. إلا أن الله أعانني عليه فأسلم. فلا يأمرني إلا بخير».


(فأسلم) برفع الميم وفتحها. وهما روايتان مشهورتان. فمن رفع قال: معناه أسلم أنا من شره وفتنته. ومن فتح قال: إن القرين أسلم، من الإسلام، وصار مؤمنا لا يأمرني إلا بخير. واختلفوا في الأرجح منهما. فقال الخطابي: الصحيح المختار الرفع. ورجح القاضي عياض الفتح، وهو المختار، لقوله ﷺ: فلا يأمرني إلا بخير. واختلفوا على رواية الفتح. قيل: أسلم بمعنى استسلم وانقاد. وقد جاء هكذا في غير صحيح مسلم: فاستسلم. وقيل: معناه صار مسلما مؤمنا. وهذا هو الظاهر.
قال القاضي: واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي ﷺ من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه. وفي هذا الحديث إشارة إلى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه. فأعلمنا بأنه معنا، لنحترز منه بحسب الإمكان.

٦٩ - م - (٢٨١٤) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (يعنيان ابن مهدي) عن سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة. حدثنا يحيى بن آدم عن عمار بن زريق. كلاهما عن منصور. بإسناد جرير. مثل حديثه. غير أن في حديث سفيان «وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة».

٧٠ - (٢٨١٥) حدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. أخبرني أبو صخر عن ابن قسيط. حدثه؛ أن عروة حدثه؛ أن عائشة، زوج النبي ﷺ حدثته؛
أن رسول الله ﷺ خرج من عندها ليلا. قالت فغرت عليه. فجاء فرأى ما أصنع. فقال «مالك؟ يا عائشة! أغرت؟» فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله ﷺ «أقد جاءك شيطانك؟» قالت: يا رسول الله! أو معي شيطان؟ قال «نعم» قلت: ومع كل إنسان؟ قال «نعم» قلت: ومعك؟ يا رسول الله! قال «نعم. ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم».

١٧ - باب لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة اللَّهِ تَعَالَى
٧١ - (٢٨١٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن رسول الله ﷺ أنه قال «لن ينجي أحد منكم عمله» قال رجل: ولا إياك؟ يا رسول الله! قال «ولا إياي. إلا أن يتغمدني الله منه برحمة. ولكن سددوا».


(لن ينجي أحدا منكم عمله) اعلم أن مذهب أهل السنة؛ أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب ولا إيجاب ولا تحريم ولا غيرهما من أنواع التكليف. ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها، إلا بالشرع. ومذهب أهل السنة أيضا أن الله تعالى لا يجب عليه شئ. تعالى الله. بل العالم ملكه. والدنيا والآخرة في سلطانه، يفعل فيهما ما يشاء. فلو عذب المطيعين والصالحين أجمعين وأدخلهم النار كان عدلا منه. وإذا أكرمهم ونعمهم وأدخلهم الجنة فهو فضل منه. ولو نعم الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك. ولكنه أخبر، وخبره صدق، أنه لا يفعل هذا، بل يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته. ويعذب الكافرين ويخلدهم في النار، عدلا منه. وفي ظاهر هذه الأحاديث دلالة لأهل الحق أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته. وأما قوله تعالى: ﴿ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون﴾، ونحوها من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة. فلا يعارض هذه الأحاديث. بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال. ثم التوفيق للأعمال، والهداية للإخلاص فيها وقبولها، برحمة الله تعالى وفضله. فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل. وهو مراد الأحاديث. ويصح أنه دخل بالأعمال. أي بسببها، وهي من الرحمة. (يتغمدني الله منه برحمة) أي يلبسنيها ويغمدني بها. ومنه: أغمدت السيف وغمدته، إذا جعلته في غمده وسترته به. (سددوا) اطلبوا السداد واعملوا به. والسداد الصواب. وهو ما بين الإفراط والتفريط، فلا تغلوا ولا تقصروا.

٧١ - م - (٢٨١٦) وحدثنيه يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عن بكير بن الأشج، بهذا الإسناد. غير أنه قال «برحمة منه وفضل». ولم يذكر «ولكن سددوا».

٧٢ - (٢٨١٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زيد) عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن النبي ﷺ قال «ما من أحد يدخله عمله الجنة» فقيل: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال «ولا أنا. إلا أن يتغمدني ربي برحمة».

٧٣ - (٢٨١٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «ليس أحد منكم بنجيه عمله» قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال «ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة».
وقال ابن عون بيده هكذا. وأشار على رأسه «ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة».

٧٤ - (٢٨١٦) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «ليس أحد ينجيه عمله» قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال «ولا أنا. إلا أن يتداركني الله منه برحمة».

٧٥ - (٢٨١٦) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا أبو عباد، يحيى بن عباد. حدثنا إبراهيم بن سعد. حدثنا ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال:
قال رسول الله ﷺ «لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة» قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال «ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة».

٧٦ - (٢٨١٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ «قاربوا وسددوا. واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله» قالوا: يا رسول الله! ولا أنت؟ قال «ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل».


(قاربوا) أي إن عجزتم عن طلب السداد فقاربوه، أي اقربوا منه.

(٢٨١٧) - وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مثله.

٧٦ - م - (٢٨١٧) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. حدثنا جرير عن الأعمش. بالإسنادين جميعا. كرواية ابن نمير.

(٢٨١٦) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. وَزَادَ «وأبشروا».

٧٧ - (٢٨١٧) حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول «لا يدخل أحد منكم عمله الجنة. ولا يجيره من النار. ولا أنا. إلا برحمة من الله».

٧٨ - (٢٨١٨) وحدثنا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمد. أخبرنا موسى بن عقبة. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عقبة قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف يحدث عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنها كانت تَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «سددوا وقاربوا. وأبشروا. فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله» قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال «ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله منه برحمة. واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل».

٧٨ - م - (٢٨١٨) وحدثناه حسن الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ مُوسَى بْنِ عقبة، بهذا الإسناد. ولم يذكر «وأبشروا».

١٨ - باب إكثار الأعمال، والاجتهاد في العبادة
٧٩ - (٢٨١٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة؛
إن النبي ﷺ صلى حتى انتفخت قدماه. فقيل له: أتكلف هذا؟ وقد غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وما تأخر. فقال «أفلا أكون عبدا شكورا».

٨٠ - (٢٨١٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نمير. قالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ.

٢١٧٢
سَمِعَ المغيرة بن شعبة يَقُولُ:
قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حتى ورمت قدماه. قالوا قَدْ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنبك وما تأخر. قال «أفلا أكون عبدا شكورا».

٨١ - (٢٨٢٠) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيلي. قالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ ابن قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
كان رسول الله ﷺ، إذا صلى، قام حتى تفطر رجلاه. قالت عائشة: يا رسول الله! أتصنع هذا، وقد غفر لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فقال «يا عائشة! أفلا أكون عبدا شكورا».


(تفطر) أصلها تتفطر. حذفت إحدى التاءين. أي تتشقق. قالوا: ومنه فطر الصائم وإفطاره، لأنه خرق صومه وشقه. (شكورا) قال القاضي: الشكر معرفة إحسان المحسن والتحدث به. وسميت المجازاة على فعل الجميل شكرا لأنها تتضمن الثناء عليه. وشكر العبد لله سبحانه وتعالى اعترافه بنعمه وثناؤه عليه وتمام مواظبته على طاعته. وأما شكر الله تعالى أفعال عباده فمجازاته إياهم عليها وتضعيف ثوابها، وثناؤه بما أنعم به عليهم. فهو المعطي والمثني سبحانه. والشكور، من أسمائه سبحانه وتعالى، بهذا المعنى.

١٩ - باب الاقتصاد في الموعظة
٨٢ - (٢٨٢١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع وأبو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ:
كنا جلوسا عند باب عبد الله ننتظره. فمر بنا يزيد بن معاوية النخعي. فقلنا: أعلمه بمكاننا. فدخل عليه فلم يلبث أن خرج علينا عبد الله. فقال: إني أخبر بمكانكم. فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أملكم. إن رسول الله ﷺ كان يتخولنا بالموعظة في الأيام. مخافة السآمة علينا.


(أملكم) أي أوقعكم في الملل. (يتخولنا) أي يتعاهدنا. هذا هو المشهور في تفسيرها. قال القاضي: وقيل يصلحنا. وقال ابن الأعرابي: معناه يتخذنا خولا. وقيل: يفاجئنا بها. وقال أبو عبيدة: يذللنا. وقيل: يحبسنا كما يحبس الإنسان خوله. (السآمة) الملل.

٨٢ - م - (٢٨٢١) حدثنا أبو سعيد الأشج. حدثنا ابن إدريس. ح وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي. حدثنا ابْنُ مُسْهِرٍ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عن الأعمش، بهذا الإسناد، نحوه. وزاد منجاب في روايته عن ابن مسهر: قَالَ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ شقيق، عن عبد الله، مثله.

٨٣ - (٢٨٢١) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ منصور. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حدثنا فضيل بن عياض عن منصور، عن شقيق، أبي وائل، قال:
كان عبد الله يذكرنا كل يوم خميس. فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن! إنا نحب حديثك ونشتهيه. ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم. فقال: ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم. إن رسول الله ﷺ كان يتخولنا بالموعظة في الأيام. كراهية السآمة علينا.

 


google-playkhamsatmostaqltradent