recent
آخر المقالات

٦٨ - كتاب التفسير.

 

٤٤٧٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: حدثني ابن أبي مليكة قال:
استأذن ابن عباس، قبل موتها، على عائشة، وهي مغلوبة، قالت: أخشى أن يثني علي، فقيل: ابْنِ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ وجوه المسلمين؟ قالت: ائذنوا له، فقال كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت، قال: فأنت بخير إن شاء الله، زوجة رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ ينكح بكرا غيرك، ونزل عذرك من السماء. ودخل ابن الزبير خلافه، فقالت: دخل ابن عباس، فأثنى علي، ووددت أني كنت نسيا منسيا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بن عبد المجيد: حدثنا ابن عون، عن القاسم: أن ابن عباس رضي الله عنه استأذن على عائشة نحوه، ولم يذكر: نسيا منسيا.
[ر: ٣٥٦٠]


(استأذن) أن يدخل إلى حجرتها، وهي من وراء حجاب. (مغلوبة) من كرب الموت. (فقيل) القائل هو ابن أخيها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكر رضي الله عنهم. (عذرك) أنزل عذرك وبراءتك، يشير إلى حادثة الإفك. (خلافه) بعده. (نسيا منسيا) لم أوجد ولم أكن شيئا يذكر.

٢٤٨ - باب: ﴿يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا﴾ /١٧/.


(يعظكم) ينهاكم ويحذركم ويخوفكم.

٤٤٧٧ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عائشة رضي الله عنها قالت:
جاء حسان بن ثابت يستأذن عليها، قلت: أتأذنين لهذا؟ قالت: أو ليس قد أصابه عذاب عظيم، قال سفيان: تعني ذهاب بصره، فقال:
حصان رزان ما تزن بربية ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قالت: لكن أنت.
[ر: ٣٩١٥]

٢٤٩ - باب: قوله: ﴿ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم﴾ /١٨/.


(ويبين الله لكم الآيات) يفصل لكم الآيات الدالة على أحكام شرعه، وحكمته في تشريعه، والتي تعلمكم الآداب الجميلة والسلوك القويم.

٤٤٧٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ: أنبأنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قال:
دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال:

١٧٨٠
حصان رزان ما تزن بربية ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قالت: لست كذاك. قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك، وقد أنزل الله: ﴿والذي تولى كبره منهم﴾. فقالت: وأي عذاب أشد من العمى. وقالت: وقد كان يرد عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣٩١٥]

٢٥٠ - باب: قوله: ﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم﴾ /١٩، ٢٠/.
﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾ /٢٢/.


(تشيع الفاحشة) تظهر وتفشو ويذيع خبرها، والفاحشة الزنا. (يأتل) يحلف، وقيل: يقصر. (أولو الفضل) أصحاب الغنى، أو المكانة العالية في الدين والتقوى.

٤٤٧٩ - وقال أبو أسامة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عن عائشة قالت:
لما ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في خطيبا، فتشهد، فحمد الله وأثنى عليه بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ: أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي، وأيم الله ما علمت على أهلي من سوء، وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط، ولا يدخل بيتي قط إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي). فقام سعد بن معاذ فقال: ائذن لي يا رسول الله أن نضرب ذلك الرجل، فقال: كذبت، أما والله أن لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم. حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج شر في المسجد، وما علمت. فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطح، فعثرت وقالت: تعس مسطح، فقلت: أي أم تسبين ابنك، وسكتت ثم عثرت الثانية فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: تسبين ابنك، ثم عثرت الثالثة فقالت: تعس مسطح، فانتهزتها، فقالت: والله ما أسبه إلا فيك، فقلت: في أي شأني؟ قالت: فبقرت لي الحديث، فقلت: وقد

١٧٨١
كان هذا؟ قالت: نعم والله، فرجعت إلى بيتي، كأن الذي خرجت له لا أجد منه قليلا ولا كثيرا. ووعكت، فقلت لرسول الله ﷺ: أرسلني إلى بيت أبي، فأرسل معي الغلام، فدخلت الدار فوجدت أم رومان في السفل وأبا بكر فوق البيت يقرأ، فقالت أمي: ما جاء بك يا بنية؟ فأخبرتها وذكرت لها الحديث، وإذا هو لم يبلغ منها مثل ما بلغ مني، فقالت: يابنية، خفضي عليك الشأن، فإنه - والله - لقلما كانت امرأة حسناء، عند رجل يحبها، لها ضرائر إلا حسدنها، وقيل فيها، وإذا هو لم يبلغ منها ما بلغ مني، قلت: وقد علم به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسول الله ﷺ؟ قالت: نعم ورسول الله ﷺ، فاستعبرت وبكيت، فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل، فقال لأمي: ما شأنها؟ قالت: بلغها الذي ذكر من شأنها، ففاضت عيناه، قال: أقسمت عليك أي بنية إلا رجعت إلى بيتك، فرجعت. ولقد جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بيتي فسأل عني خادمتي فقالت: لا والله ما علمت عليها عيبا، إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل خميرها، أو عجينها، وانتهرها بعض أصحابه فقال: اصدقي رسول الله ﷺ، حتى أسقطوا لها به، فقالت: سبحان الله، والله ماعلمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر، وبلغ الأمر إلى ذلك الرجل الذي قيل له، فقال: سبحان الله، والله ما كشفت كنف أنثى قط. قالت عائشة: فقتل شهيدا في سبيل الله. قالت: وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وقد صلى العصر، ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وعن شمالي، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بعد، يا عائشة إن كنت قارفت سوءا، أو ظلمت، فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة من عباده). قالت: وقد جاءت امرأة من الأنصار، فهي جالسة بالباب، فقلت: ألا تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئا، فوعظ رسول الله ﷺ فالتفت إلى أبي، فقلت: أجبه، قال: فماذا أقول، فالتفت إلى أمي، فقلت: أجيبيه، فقالت: أقول ماذا، فلما لم يجيباه، تشهدت،

١٧٨٢
فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله، ثم قلت: أما بعد، فو الله لئن قلت لكم إني لم أفعل، والله عز وجل يشهد إني لصادقة، ما ذاك بنافعي عندكم، لقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم، وإن قلت: إني فعلت، والله يعلم أني لم أفعل، لتقولن قد باءت به على نفسها، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا، والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه، إلا أبا يوسف حين قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تصفون﴾. وأنزل على رسول الله ﷺ من ساعته، فسكتنا، فرفع عنه وإني لأتبين السرور في وجهه، وهو يمسح جبينه ويقول: (أبشري يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك). قالت: وكنت أشد ما كنت غضبا، فقال لي أبواي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه ولا
أحمده ولا أحمدكما، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه.
وكانت عائشة تقول: أما زينب بنت جحش فعصمها الله بدينها، فلم تقل إلا خيرا، وأما أختها حمنة فهلكت فيمن هلك، وكان الذي يتكلم فيه مسطح، وحسان بن ثابت، والمنافق عبد الله بن أبي، وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه، وهو الذي تولى كبره منهم هو وحمنة، قالت: فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا، فأنزل الله عز وجل: ﴿ولا يأتل أولو الفضل منكم - إلى آخر الآية، يعني أبا بكر - والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين - يعني مسطحا، إلى قوله - ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾. حتى قال أبو بكر: بلا والله ياربنا،
إنا لنحب أن تغفر لنا، وعاد له بما كان يصنع.
[ر: ٢٤٥٣]


(شأني) حالي وأمري، وهو افتراء الزنا عليها. (أبنوا) اتهموا بفعلة سوء. (فبقرت) فتحت وكشفت. (كأني الذي خرجت له ..) معنى الجملة: إني دهشت بحيث أصبحت لا أعرف لأي أمر خرجت من البيت. (وعكت) مرضت بحمى. (الغلام) عبد مملوك صغير. (لم يبلغ منها) الاهتمام، ولم تتأثر به. (استعبرت) جرت دمعتي من عيني. (انتهرها) بالغ في زجرها. (بعض أصحابه) الحاضرين. (أسقطوا لها به) صرحوا لها بالأمر. (تبر الذهب) القطعة الخالصة منه. (قارفت) فعلت وارتبكت. (باءت به) أقرت به.

٢٥١ - باب: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾ /٣١/.

٤٤٨٠ - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ: قال ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾. شققن مروطهن فاختمرن بها.


(وليضربن بخمرهن على جيوبهن) يسترن الرؤوس والأعناق والصدور. والخمر جمع خمار وهو غطاء الرأس. والجيوب جمع جيب وهو شق الثوب من ناحية الرأس، والمراد ما يظهر منه الصدر /النور: ٣١/. (مرطوهن) جمع مرط وهو الإزار، والإزار هو الملاءة. (الحواشي)
من جهة أطرافها. (فاختمرن بها) غطين وجوههن بالمروط.

٤٤٨١ - حدثنا أبو نعيم: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مسلم، عن صفية بنت شيبة: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَقُولُ:
لما نزلت هذه الآية: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾. أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمرن بها.

٢٥٢ - باب: تفسير سورة الفرقان
وقال ابن عباس: ﴿هباء منثورا﴾ /٢٣/: ما تسفي به الريح. ﴿مد الظل﴾ /٤٥/: مابين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. ﴿ساكنا﴾ /٤٥/: دائما. ﴿عليه دليلا﴾ /٤٥/: طلوع الشمس. ﴿خلفة﴾ /٦٢/: من فاته من الليل عمل أدركه بالنهار، أو فاته بالنهار أدركه بالليل.
وقال الحسن: ﴿هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين﴾ /٧٤/: في طاعة الله، وما شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة الله.
وقال ابن عباس: ﴿ثبورا﴾ /١٣/: ويلا.
وقال غيره: السعير مذكر، والتسعر والاضطرام التوقد الشديد. ﴿تملى عليه﴾ /٥/: تقرأ عليه، من أمليت وأمللت. ﴿الرس﴾ /٣٨/: المعدن، جمعه رساس. ﴿ما يعبأ﴾ /٧٧/: يقال: ما عبأت به شيئا، أي لم تعتد به. ﴿غراما﴾ /٦٥/: هلاكا.
وقال مجاهد: ﴿وعتوا﴾ /٢١/: طغوا.
وقال ابن عيينة: ﴿عاتية﴾ /الحاقة: ٦/: عتت عن الخزان.


(هباء منثورا) باطلا لا نفع فيه كالهباء المنثور، والهباء ما يرى كالغبار في شعاع الشمس الداخل من نافذة، وقيل غير ذلك. ومنثورا: متفرقا. (تسفي) تذري وترمي. (عليه) على الظل. (طلوع الشمس) أي هو الدليل على حصول الظل، ولولا الشمس ما عرف الظل. (خلفة) عوضا وخلفا، يخلف أحدهما الآخر ويعقبه. (قرة أعين) هو كناية عن السرور وما تطمئن إليه النفس، وأصل القرة البرد، وقيل هذا لأن العين تستريح بالبرد وتتأذى بالحر. (ويلا) هلاكا. (غيره) هو أبو عبيدة رحمه الله تعالى. (السعير) يشير إلى قوله تعالى: ﴿بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا﴾ /الفرقان: ١١/: أي نارا متأججة، وهي جهنم. (مذكر) أي معناه مذكر لأنه ماتسعر به النار. (الرس) بئر كانت لثمود، والبئر غير المطوية أي غير مبنية الجوانب، والرس أيضا المعدن. (ما عبأت به) لم أعده، فوجوده وعدمه سواء. وأصله تهيئة الشيء، يقال: عبأت الجيش إذا هيأته. (عاتية) شديدة العصف. (عتت على الخزان) جمع خازن، وأريد به خزان الريح الذين لا يرسلون شيئا من الريح إلا بإذن الله بمقدار معلوم، وعتت عليهم أي خرجت بلا كيل ولا تقدير.

٢٥٣ - باب: قوله:
﴿الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا﴾ /٣٤/.


(يحشرون) يساقون. (على وجوههم) يسحبون مقلوبين. (مكانا) منزلا. (أضل سبيلا) أخطأ طريقا.

٤٤٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن رجلا قال: يانبي الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قَالَ: (أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ قَتَادَةُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا.
[٦١٥٨]


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: يحشر الكافر على وجهه، رقم: ٢٨٠٦.

٢٥٤ - باب: قوله: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثاما﴾ /٦٨/: العقوبة.


(يدعون) يعبدون ويطيعون. (حرم الله) قتلها. (بالحق) قصاصا أوحدا.

٤٤٨٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورُ وَسُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أبي ميسرة، عن عبد الله. قال: وحدثني واصل، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:
سألت، أو سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أي الذنب عند الله أكبر؟ قَالَ: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ) قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ ولدك خشية أن يطعم معك). قلت: ثم أي؟ قال: (أن تزاني بحليلة جارك). قال: ونزلت هذه الآية تصديقا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ:
﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالحق ولا يزنون﴾.
[ر: ٤٢٠٧]

٤٤٨٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي القاسم بن أبي بزة:
أنه سأل سعيد بن جبير: هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ فقرأت عليه: ﴿وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالحق﴾. فقال سعيد: قرأتها على ابن عباس كما قرأتها علي، فقال: هذه مكية، نسختها آية مدنية، التي في سورة النساء.

٤٤٨٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن المغيرة ابن النعمان، عن سعيد بن جبير قال:
اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيه إلى ابن عباس،



١٧٨٥
فقال: نزلت في آخر ما نزل، ولم ينسخها شيء.

٤٤٨٦ - حدثنا آدم: حدثنا شعبة: حدثنا منصور، عن سعيد بن جبير قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن قوله تعالى: ﴿فجزاؤه جهنم﴾. قال: لا توبة له. وعن قوله جل ذكره: ﴿لا يدعون مع الله إلها آخر﴾. قال: كانت هذه في الجاهلية.
[ر: ٣٦٤٢]

٢٥٥ - باب: ﴿يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا﴾ /٦٩/.


(يضاعف له العذاب) أي إن المشرك إذا ارتكب المعاصي عذب عليها بالإضافة إلى عذابه على شركه. (مهانا) ذليلا.

٤٤٨٧ - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ منصور، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ أبزى:
سئل ابن عباس عن قوله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾. وقوله: ﴿وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالحق - حتى بلغ - إلا من تاب﴾. فسألته فقال: لما نزلت قال أهل مكة: فقد عدلنا بالله وقتلنا النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأتينا الفواحش، فأنزل الله: ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا - إلى قوله - غفورا رحيما﴾.
[ر: ٣٦٤٢]


أخرجه مسلم في التفسير، رقم: ٣٠٢٣
(عدلنا بالله) أشركنا به وجعلنا له مثيلا.

٢٥٦ - باب: ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾ /٧٠/.


(سيئاتهم) التي ارتكبوها في الدنيا. (حسنات) في الآخرة.

٤٤٨٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ منصور، عن سعيد ابن جبير قال:
أمرني عبد الرحمن بن أبزى: أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا﴾. فسألته فقال: لم ينسخها شيء، وعن: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾. قال: نزلت في أهل الشرك.
[ر: ٣٦٤٢]

٢٥٧ - باب: ﴿فسوف يكون لزاما﴾ /٧٧/: هلكة.


المعنى: سيلازمكم العذاب في الآخرة بالإضافة إلى ما أصابكم في الدنيا.

٤٤٨٩ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا

١٧٨٦
مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ قال: قال عبد الله:
خمس قد مضين: الدخان، والقمر، والروم، والبطشة، واللزام. ﴿فسوف يكون لزاما﴾.
[ر: ٩٦٢]

٢٥٨ - باب: تفسير سورة الشعراء.
وقال مجاهد: ﴿تعبثون﴾ /١٢٨/: تبنون. ﴿هضيم﴾ /١٤٨/: يتفتت إذا مس. مسحرين: المسحورين. ﴿ليكة﴾ /١٧٦/: والأيكة جمع أيكة، وهي جمع الشجر. ﴿يوم الظلة﴾ /١٨٩/: إظلال العذاب إياهم. ﴿موزون﴾ /الحجر: ١٩/: معلوم. ﴿كالطود﴾ /٦٣/: الجبل. وقال غيره: ﴿لشرذمة﴾ /٥٤/: طائفة قليلة. ﴿في الساجدين﴾ /٢١٩/: المصلين.
قال ابن عباس: ﴿لعلكم تخلدون﴾ /١٢٩/: كأنكم. الريع: الأيفاع من الأرض، وجمعه ريعة وأرياع، واحده ريعة. ﴿مصانع﴾ /١٢٩/: كل بناء فهو مصنعة. ﴿فرهين﴾ /١٤٩/: مرحين، ﴿فارهين﴾ بمعناه، ويقال: ﴿فارهين﴾ حاذقين. ﴿تعثوا﴾ /١٨٣/: هو أشد الفساد، وعاث يعيث عيثا. ﴿الجبلة﴾ /١٨٤/: الخلق، جبل خلق، ومنه جبلا وجبلا وجبلا يعني الخلق، قاله ابن عباس.


(تعبثون ..) تبنون ما تلعبون فيه وتلهون. (هضيم) يانع نضيج لين. (مسحرين) اللفظ من قوله تعالى: ﴿قالوا إنما أنت من المسحرين﴾ /الشعراء: ١٥٣/. (ليكة) اسم البلد، وهذه قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر، وقرأ الباقون: ﴿الأيكة﴾ أي الغيضة الملتفة من الشجر، أو التي تنبت ناعم الشجر. (جمع أيكة) قال العيني: كذا في النسخ، وهو غير صحيح، والصواب أن يقال: الليكة والأيكة مفرد أيك، أو يقال: جمعها أيك. (الظلة) السحاب الذي أظلهم وكان فيه عذابهم. (الريع) يشير إلى قوله تعالى: ﴿أتبنون بكل ريع آية تعبثون﴾ /الشعراء: ١٢٨/: أي تبنون بكل أرض مرتفعة بناء يكون علامة لكم على الطريق، وتتخذونه مكانا للهو واللعب. (الأيفاع) جمع يفاع، وهو المكان المرتفع من الأرض، والمرتفع من كل شيء. (واحده ريعة) أي يكون لفظ ريع - أيضا - جمعا، واحده: ريعة. (مصانع) أبنية وقصورا وحصونا منيعة، وقيل: حياض المياه ومآخذها. ومصانع: جمع مصنعة ومصنع. (فرهين) قراءة شامي وكوفي. (فرهين) قراءة غيرهما. (مرحين) من المرح وهو شدة الفرح والنشاط، وقيل: أشرين بطرين معجبين بصنعكم. (تعثوا) من عثا يعثو، ومثله: عاث يعيث، ومعناه: أفسد أشد الفساد. (جبلا ..) يشير إلى قوله تعالى: ﴿ولقد أضل منكم جبلا كثيرا﴾ /يس: ٦٢/. وهذه قراءة نافع وعاصم، أي بكسرتين وتشديد اللام، وقرأ أبو عمرو وابن عامر: ﴿جبلا﴾ بضم الجيم وإسكان الباء مع تخفيف اللام، وقرأ الباقون: ﴿جبلا﴾ بضمتين وتخفيف اللام، وقرئ شاذا بغيرهذا.

٢٥٩ - باب: ﴿ولا تخزني يوم يبعثون﴾ /٨٧/.


(تخزني) بإدخال أبي النار، أو ظهوره في أهل النار، والله أعلم. (يبعثون) أي يبعث الناس من قبورهم.

٤٤٩٠ - وقال إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد ابن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يرى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة). الغبرة هي القترة.


(القترة) سواد كالدخان، قال العيني: ولا يرى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه.

٤٤٩١ - حدثنا إسماعيل: حدثنا أَخِي، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(يلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا رب، إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين).
[ر: ٣١٧٢]

٢٦٠ - باب: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين. واخفض جناحك﴾ /٢١٤، ٢١٥/: ألن جانبك.

٤٤٩٢ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أبي: حدثنا الأعمش قال:
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباسرضي الله عنهما قال:
لما نزلت: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾. صعد النبي ﷺ على الصفا، فجعل يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، لبطون قريش، حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي). قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا، فنزلت: ﴿تبت يدا أبي لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب﴾.
[ر: ١٣٣٠]


(رسولا) من يستطلع له الخبر. (أرأيتكم) أخبروني. (خيلا) عليها فرسان يركبونها. (تغير) تهجم وتوقع بكم. (بين يدي) قدام.

٤٤٩٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قَالَ:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين أنزل الله: ﴿وأنذر

١٧٨٨
عشيرتك الأقربين﴾. قَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عنكم من الله شيئا، يا عباس ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ﷺ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شهاب.
[ر: ٢٦٠٢]

٢٦١ - باب: تفسير سورة النمل.
و﴿الخبء﴾ /٢٥/: ما خبأت. ﴿لا قبل﴾ /٣٧/: لا طاقة. ﴿الصرح﴾ /٤٤/: كل ملاط اتخذ من القوارير، والصرح: القصر، وجماعته صروح.
وقال ابن عباس: ﴿ولها عرش عظيم﴾ /٢٣/: سرير كريم، حسن الصنعة وغلاء الثمن. ﴿مسلمين﴾ /٣٨/: طائعين. ﴿ردف﴾ /٧٢/: اقترب. ﴿جامدة﴾ /٨٨/: قائمة. ﴿أوزعني﴾ /١٩/: اجعلني.
وقال مجاهد: ﴿نكروا﴾ /٤١/: غيروا. ﴿وأوتينا العلم﴾ /٤٢/: يقوله سليمان. الصرح بركة ماء، ضرب عليها سليمان قوارير، ألبسها إياها.


(الخبء) ما خفي من خيرات السماء والأرض. (ملاط) بناء عال منفرد. (القوارير) زجاج. (حسن ..) أي له حسن. وعند ابن أبي حاتم: حسن الصنعة غالي الثمن. (قائمة) واقفة. (يقوله سليمان) أي هذا من قول سليمان عليه السلام، قال العيني: قلت: السياق والسباق يدلان على أنه من قول بلقيس، وأنه من قول قالته مقرة بصحة نبوة سليمان. قال في الفتح: والأول هو المعتمد. وسياق الكلام: تتابعه وأسلوبه الذي يجري عليه، وسباقه: ما تقدمه من كلام. (ضرب عليها) بنى عليها. (ألبسها إياها) أي ألبس القوارير بركة الماء وغطاها بها.

٢٦٢ - باب: تفسير سورة القصص.
﴿كل شيء هالك إلا وجهه﴾ /٨٨/: إلا ملكه، ويقال: إلا ما أريد به وجه الله. وقال مجاهد: ﴿الأنباء﴾ /٦٦/: الحجج.

٢٦٣ - باب: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يهدي من يشاء﴾ /٥٦/.

٤٤٩٤ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد ابن الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أبا جهل وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فقال: (أي عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا

١٧٨٩
عِنْدَ اللَّهِ). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وعبد الله بن أبي أمية: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عليه، ويعيدانه بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ ما كلمهم: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إله إلا اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ). فأنزل الله: ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين﴾. وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله ﷺ: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يهدي من يشاء﴾.
[ر: ١٢٩٤]
قال ابن عباس: ﴿أولي القوة﴾ /٧٦/: لا يرفعها العصبة من الرجال. ﴿لتنوء﴾ /٧٦/: لتثقل. ﴿فارغا﴾ /١٠/: إلا من ذكر موسى. ﴿الفرحين﴾ /٧٦/: المرحين. ﴿قصيه﴾ /١١/: اتبعي أثره، وقد يكون: أن يقص الكلام. ﴿نحن نقص عليك﴾ /يوسف: ٣/. ﴿عن جنب﴾ /١١/: عن بعد، عن جنابة واحد، وعن اجتناب أيضا. ﴿يبطش﴾ /١٩/: ويبطش. ﴿يأتمرون﴾ /٢٠/: يتشاورون. العدوان والعداء والتعدي واحد. ﴿آنس﴾ /٢٩/: أبصر. الجذوة قطعة غليظة من الخشب ليس فيها لهب، والشهاب فيه لهب. ﴿كأنها جان﴾ /٣١/: وهي في آية أخرى: كأنها ﴿حية تسعى﴾ /طه: ٢٠/. والحيات أجناس: الجان، والأفاعي،

١٧٩٠
والأساود. ﴿ردأ﴾ /٣٤/: معينا، قال ابن
عباس: لكي ﴿يصدقني﴾.
وقال غيره: ﴿سنشد﴾ /٣٥/: سنعينك، كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا. مقبوحين: مهلكين. ﴿وصلنا﴾ /٥١/: بيناه وأتممناه. ﴿يجبى﴾ /٥٧/: يجلب. ﴿بطرت﴾ /٥٨/: أشرت. ﴿في أمها رسولا﴾ /٥٩/: أم القرى مكة وما حولها. ﴿تكن﴾ /٦٩/: تخفي، أكننت الشيء أخفيته، وكننته أخفيته وأظهرته. ﴿ويكأن الله﴾ /٨٢/: مثل: ألم تر أن الله يبسط الزق لمن يشاء ويقدر: يوسع عليه، ويضيق عليه.


(أولي القوة) أصحاب القوة. (العصبة) مابين العشرة إلى الخمسة عشر، وقيل غير ذلك. (المرحين) الأشرين البطرين المتكبرين. (يقص الكلام) يخبر به. (نقص عليك) نخبرك. (يبطش) يضرب بعنف وشدة. (العدوان) يشير إلى قوله تعالى: ﴿قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل﴾ /٢٨/. (قال) موسى عليه السلام. (ذلك) أي العاقد. (الأجلين) اللذين ذكرهما شعيب عليه السلام بقوله: ﴿أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك﴾ /القصص: ٢٧/. تأجرني: تعمل أجيرا عندي. (حجج) سنين. (عدوان) تجاوز للحق بطلب الزيادة عليه. (الجذوة) يشير إلى قوله تعالى: ﴿لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون﴾ /القصص: ٢٩/: تستدفئون. وجذوة بضم الجيم وفتحها وكسرها، وقرئ بها. (الشهاب) يشير إلى قوله تعالى: ﴿سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون﴾ /النمل: ٧/. قبس: قطعة من نار مقتبسة برأس عود أو فتيل. (كأنها جان) أي في سرعة حركتها، وإن كان جسمها كبيرا، والجان أصغر الحيات. (آية أخرى) ولفظها: ﴿فإذا هي حية تسعى) تمشي، والحية هي الأفعى، وهي أكبر من الجان وأصغر من الثعبان، وقد جاء في آية ثالثة أنها ثعبان، قال تعالى: ﴿فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين﴾ /الأعراف: ١٠٧/ والشعراء: ٣٢/: أي ظاهر وواضح، والثعبان هو أكبر ما يكون من الحيات. ووجه الجمع بين الآيات الثلاث: أن الحية اسم جامع للكبير والصغير والذكر والأنثى، وأنها كانت في عظم الثعبان وحركة الجان. وقيل كانت في ابتداء حالها جانا على قدر العصا، ثم أخذت تتورم وتنتفخ حتى صارت ثعبانا في انتهاء حالها. وقيل: كانت حية ليلة مخاطبة الله تعالى لموسى عليه السلام، وكانت ثعبانا حين ألقاها أمام فرعون. (الأساود) جمع أسود، وهو الثعبان. (يصدقني) قرأ عاصم وحمزة بضم القاف على الرفع صفة لردأ، وقرأ غيرهما بسكونها على الجزم جوابا لقوله: ﴿فأرسله﴾. والمراد بتصديقه: إعانته بالمجادلة وبيان الحجج وتقرير البراهين لفصاحته. (سنشد ..) شد العضد كناية عن التقوية. (عززت) قويت. (مقبوحين) من قوله تعالى: ﴿ويوم القيامة هم من المقبوحين﴾ /القصص: ٤٢/: أي المبعدين من كل خير، أو الذين تسوء صورتهم بحيث يشمئز منهم من يراهم ويسخر منهم. (يجبى) وقرأ نافع: ﴿تجبى﴾ بالتاء. (أشرت) قابلت النعمة بالنكران والمعصية. (أمها) أكبرها وأعظمها التي يرتبط بها ما حولها. (أخفيته وأظهرته) أي فهو من الأضداد، أي من الألفاظ التي تستعمل لمعنى وضده. (ويكأن) وي كلمة تنبيه على الخطأ، وكأن حرف مشبه بالفعل. (مثل ..) أي ويكأن مثل ألم تر أي تعلم بما تشاهده من دلائل على ذلك. (ألم تر ..) اللفظ القرآني: ﴿أولم يروا أن الله يبسط ..﴾ /الروم: ٣٧/.

٢٦٤ - باب: ﴿إن الذي فرض عليك القرآن﴾. الآية /٨٥/.


(فرض ..) أنزل، وقيل: أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه. (الآية) وتتمتها: ﴿لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين﴾. (معاد) بعد الموت أي يوم القيامة، وقيل: معاد الرجل بلده، لأنه ينصرف منه ثم يعود إليه، ولذلك فسره ابن عباس رضي الله عنهما بمكة.

٤٤٩٥ - حدثنا محمد بن مقاتل: أخبرنا يعلى: حدثنا سفيان العصفري، عن عكرمة، عن ابن عباس:
﴿لرادك إلى معاد﴾. قال: إلى مكة.

٢٦٥ - باب: تفسير سورة العنكبوت.
قال مجاهد: ﴿وكانوا مستبصرين﴾ /٣٨/: ضللة.

١٧٩١
وقال غيره: ﴿الحيوان﴾ /٦٤/: والحي واحد. ﴿وليعلمن الله﴾ /١١/: علم الله ذلك، إنما هي بمنزلة فليميز الله، كقوله: ﴿ليميز الله الخبيث من الطيب﴾ /الأنفال: ٣٧/. ﴿أثقالا مع أثقالهم﴾ /١٣/: أوزارا مع أوزارهم.


(مستبصرين) عقلاء ذوي بصائر، ولكنهم لم يعملوها في تمييز الحق من الباطل فضلوا بهذا. وقيل: كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها. (ضللة) جمع ضال. (الحيوان) الدار الباقية التي لا زوال لها ولا موت فيها. (إنما هي بمنزلة ..) أي ليظهر الله تعالى ذلك للناس. (أوزارا ..) بسبب الذين أضلوهم وصدوهم عن الحق، وأوزار جمع وزر والمراد به هنا الإثم وما يترتب عليه من الجزاء.

٢٦٦ - باب: تفسير سورة آلم غلبت الروم.
قال مجاهد: ﴿يحبرون﴾ /١٥/: ينعمون. ﴿فلا يربو عند الله﴾ /٣٩/: من أعطى عطية يبتغي أفضل منه فلا أجر له فيها. ﴿يمهدون﴾ /٤٤/: يسوون المضاجع. ﴿الودق﴾ /٤٨/: المطر.
قال ابن عباس: ﴿هل لكم مما ملكت أيمانكم﴾ /٢٨/: في الآلهة، وفيه ﴿تخافونهم﴾ /٢٨/: أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا. ﴿يصدعون﴾ /٤٣/: يتفرقون. ﴿فاصدع﴾ /الحجر: ٩٤/.
وقال غيره: ﴿ضعف﴾ /٥٤/: وضعف لغتان.
وقال مجاهد: ﴿السوأى﴾ /١٠/: الإساءة جزاء المسيئين.


(يربو) يزكو ويبارك فيه. (يسوون ..) أي يهيئون لأنفسهم مضاجعهم المريحة في القبور أو في الجنة بأعمالهم الصالحة. (في الآلهة ..) أي نزلت في الأصنام التي يجعلونها شركاء لله تعالى، وفي حقه سبحانه. والآية بتمامها: ﴿ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون﴾ والمعنى: هل ترضون لأنفسكم أن يشارككم بعض عبيدكم فيما تملكون وتستووا معهم في ملكيته من غير تفرقة بينكم وبينهم، وتخافون أن يرث بعضهم بعضكم، أو أن يستبدوا بالتصرف دونكم، كما
يكون ذلك بين الأحرار؟ فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم، وأنتم عبيد مخلوقون لله تعالى أنتم وما تملكون، فكيف ترضون أن تجعلوا لله تعالى شركاء، وهو الخالق وحده وهو رب الأرباب؟ (فاصدع) اجهر بالحق وفرق وافصل بينه وبين الباطل، وأصل الصدع الشق في الشيء الصلب. (ضعف) قرأ الجمهور بضم الضاد، وقرأ شعبة وحمزة بفتحها، وقرأ حفص بالضم والفتح. (السوأى) الأذى البالغ نهايته، مؤنث الأسوأ وهو البالغ في القبح.

٤٤٩٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي

١٧٩٢
الضُّحَى، عن مسروق قال:
بينما رجل يحدث في كندة فقال: يجيء دخان يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ففزعنا، فأتيت ابن مسعود، وكان متكئا، فغضب، فجلس فقال: من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم، فإن الله قال لنبيه ﷺ: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. وإن قريشا أبطؤوا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ فقال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ والعظام، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تأمرنا بصلة الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ. فَقَرَأَ: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - إلى قوله - عائدون﴾. أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى﴾. يوم بدر، ﴿ولزاما﴾ يوم بدر، ﴿آلم غلبت الروم - إلى - سيغلبون﴾. والروم قد مضى.
[ر: ٩٦٢]


(كندة) موضع في الكوفة، ويحتمل أنه كان يحدث في جماعة من قبيلة كندة. (كهيئة الزكام) مثل الزكام، وهو التهاب حاد بغشاء الأنف يتميز غالبا بالعطاس وسيلان الأنف ونحوه. (المتكلفين) الذين يقومون بالعمل تصنعا ورياء وبغير رغبة /ص: ٨٦/. وغرض ابن عباس رضي الله عنهما: أن القول فيما لا يعلم نوع من التكلف المنهي عنه، وفيه تعريض بالرجل القائل: يجيء دخان .. الخ.

٢٦٧ - باب: ﴿لا تبديل لخلق الله﴾ /٣٠/: لدين الله.
خلق الأولين: دين الأولين، والفطرة الإسلام.


(خلق الأولين) يشير إلى قوله تعالى: ﴿إن هذا إلا خلق الأولين﴾ /الشعراء ٣٧) /. وفي قراءة متواترة أيضا: ﴿خلق الأولين﴾ بفتح الخاء وتسكين اللام، أي اختلاقهم وكذبهم. (الفطرة ..) أشار بهذا إلى قوله تعالى: ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾ /الروم: ٣٠/.

٤٤٩٧ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
(مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم﴾).
[ر: ١٢٩٢]

١٧٩٣
سورة لقمان

٢٦٨ - باب: ﴿لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ /١٣/.

٤٤٩٨ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بظلم﴾. شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنه ليس بذاك، ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه: ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾).
[ر: ٣٢]

٢٦٩ - باب: ﴿إنه الله عنده علم الساعة﴾ /٣٤/.

٤٤٩٩ - حدثني إسحاق، عن جرير، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ كان يوما بارزا للناس، إذ أتاه رجل يمشي، فقال: يا رسول الله مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: (الْإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وملائكته ورسله ولقائه، وتؤمن بالبعث الآخر). قال: يا رسول الله مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: (الْإِسْلَامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ المفروضة، وتصوم رمضان). قال: يا رسول الله ما الإحسان؟ قال: (الإحسان: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تكن تراه فإنه يراك). قال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها: إذا ولدت المرأة ربتها، فذاك من أشرطها، وإذا كان الحفاة العراة رؤوس الناس، فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا الله: ﴿إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما
في الأرحام﴾). ثم انصرف الرجل، فقال: (ردوا علي). فأخذوا ليردوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: (هَذَا جِبْرِيلُ، جَاءَ ليعلم الناس دينهم).
[ر: ٥٠]


(رؤوس الناس) رؤساءهم وأمراءهم ومن بيدهم زمام أمورهم.

٤٥٠٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: حدثني عمر ابن مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر: أن أباه حدثه: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(مفاتيح الغيب خمس، ثم قرأ: ﴿إن الله عنده علم الساعة﴾).
[ر: ٩٩٢]

٢٧٠ - باب تفسير سورة تنزيل [السجدة].
وقال مجاهد: ﴿مهين﴾ /٨/: ضعيف: نطفة الرجل. ﴿ضللنا﴾ /١٠/ هلكنا.
وقال ابن عباس: ﴿الجرز﴾ /٢٧/: التي لا تمطر إلا مطرا لا يغني عنها شيئا. ﴿يهد﴾ /٢٦/: يبين.


(مهين) ضعيف حقير. (نطفة ..) أي الماء المهين نطفة الرجل. (ضللنا) دفنا واختلطنا في ذرات التراب. (الجرز) الأرض اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها، أو التي جرز نباتها، أي قطع، ولا يقال للتي لاتنبت - كالسباخ - جرز.

٢٧١ - باب: قوله: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ /١٧/.

٤٥٠١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ: مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بشر). قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾. وحدثنا سفيان: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال الله، مثله، قيل لسفيان: رواية؟ قال: فأي شيء. قال أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: قرأ أبو هريرة: قرات أعين.


(مثله) أي مثل ما في الحديث. (رواية) تروي هذا رواية عن النبي ﷺ، أم تقوله عن اجتهاد منك. (فأي شيء) كان لولا الرواية. (قرات) جمع قرة، وهي ما تقر به العين أي تسر برؤيته النفس. وهي قراءة غير متواترة.

٤٥٠٢ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عن الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ:
(يقول الله تعالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ: مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بشر، ذخرا، بله ما أطلعتم عليه). ثم قرأ: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون﴾.
[ر: ٣٠٧٢]


(ذخرا) جعلت ذلك مذخورا لهم، أي مدخرا. (بله ما أطلعتم عليه) أي دعوا ما أطلعتم عليه من نعيم الجنة وعرفتموه من لذاتها، فإنه سهل يسير في جانب ما ادخرته لكم.

٢٧٢ - باب: تفسير سورة الأحزاب.
وقال مجاهد: ﴿صياصيهم﴾ /٢٦/: قصورهم.


(صياصيهم) حصونهم ومعاقلهم، جمع صيصية وهي ما يحصن به.

٢٧٣ - باب: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ /٦/.

٤٥٠٣ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ: حدثنا أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾. فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا، أو ضياعا فليأتني وأنا مولاه).
[ر: ٢١٧٦]

٢٧٤ - باب: ﴿ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله﴾ /٥/.

٤٥٠٤ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن المختار: حدثنا موسى ابن عقبة قال: حدثني سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن زيد بن حارثة، مولى رسول الله ﷺ، ما كنا ندعوه إلا زيد ابن محمد، حتى نزل القرآن: ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله﴾.


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل زيد بن حارثة وأسامة ابن زيد رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٢٥.
(مولى) أي كان مملوكا ثم أعتقه. (ادعوهم لآبائهم) انسبوهم للذين ولدوهم. (أقسط) أعدل /الأحزاب: ٥/.

٢٧٥ - باب: ﴿فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾ /٢٣/.
نحبه: عهده. ﴿أقطارها﴾ /١٤/: جوانبها. ﴿الفتنة لآتوها﴾ /١٤/: لأعطوها.


(قضى نحبه) وفى بعهده وقتل على الوفاء به. (ينتظر) الشهادة. (أقطارها) جمع قطر وهو الناحية والجانب. (الفتنة) الشرك.

٤٥٠٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثمامة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾.
[ر: ٢٦٥١]

٤٥٠٦ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ زيد بن ثابت قال:
لما نسخنا الصحف في المصاحف، فقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري،

١٧٩٦
الذي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شهادته شهادة رجلين: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾.
[ر: ٢٦٥٢]

٢٧٦ - باب: قوله: ﴿يا أيها النبي قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا﴾ /٢٨/.
وقال معمر: التبرج: أن تخرج محاسنها. ﴿سنة الله﴾ /٦٢/: استنها جعلها.


(الحياة الدنيا) التوسع فيها. (زينتها) كثرة الأموال والحلي ونحو ذلك. (أمتعكن) أعطيكن شيئا من متاعها وهو المال ونحوه. (أسرحكن) أطلقكن. (جميلا) طلاقا لا إضرار فيه. (التبرج) يفسر ما ورد في قوله تعالى: ﴿ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى﴾ /الأحزاب: ٣٣/. وكانت المرأة قبل الإسلام تظهر زينتها ومحاسنها أمام الرجال الأجانب، فنهي المسلمات عن ذلك، وخاصة زوجات الرسول ﷺ. (سنة الله) عادته في خلقه وطريقة معاملته لهم.

٤٥٠٧ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ:
أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ جاءها حين أمر الله أن يخير أزواجه، فبدأ بي رسول الله ﷺ فقال: (إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك). وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: (إن الله قال: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك﴾): إلى تمام الآيتين، فقلت له: ففي أي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ والدار الآخرة.
[ر: ٤٥٠٨]


أخرجه مسلم في الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية، رقم: ١٤٧٥.
(فلا عليك) لا بأس عليك. (تستأمري) تستشيري. (تمام الآيتين) الأحزاب: ٢٨، ٢٩. وانظر البابين: ٢٧٦، ٢٧٧].

٢٧٧ - باب: ﴿وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما﴾ /٢٩/.
وقال قتادة: ﴿واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة﴾ /٣٤/: القرآن والسنة.


(الدار الآخرة) أي الجنة وما فيها من نعيم.

٤٥٠٨ - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قالت:
لما أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: (إني ذاكرا لك أمرا، فلا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ). قالت:

١٧٩٧
وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: ﴿يا أيها النبي قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وزينتها - إلى - أجرا عظيما﴾). قالت: فقلت: ففي أي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى اله عليه وسلم مثل ما فعلت.
تابعه موسى بن أعين، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة. وقال عبد الرزاق وأبو سفيان المعمري، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
[ر: ٤٥٠٧]

٢٧٨ - باب: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى الناس والله أحق أن تخشاه﴾ /٣٧/.


(وتخفي في نفسك ما الله مبديه) تضمر وتسر في نفسك ما سيظهره الله عز وجل، وهو أن تتزوج زينب رضي الله عنها إن طلقها زيد رضي الله عنه. (تخشى الناس) أن يقولوا تزوج زوجة متبناه. (أن تخشاه) وحده دون أن تلتفت إلى غيره.

٤٥٠٩ - حدثنا محمد بن عبد الرحيم: حدثنا معلى بن منصور، عن حماد ابن زيد: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن هذه الآية: ﴿وتخفي في نفسك ما الله مبديه﴾. نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثه.
[٦٩٨٤، ٦٩٨٥، وانظر: ٤٥١٣]

٢٧٩ - باب: قوله: ﴿ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك﴾ /٥١/.
قال ابن عباس: ﴿ترجئ﴾ تؤخر، ﴿أرجئه﴾ /الأعراف: ١١١/ و/الشعراء: ٣٦/: أخره.

٤٥١٠ - حدثنا زكرياء بن يحيى: حدثنا أبو أسامة قال: هشام حدثنا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله ﷺ، وأقول أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: ﴿ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء

١٧٩٨
ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك﴾. قلت: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.
[٤٨٢٣]


أخرجه مسلم في الرضاع، باب: جواز هبتها نوبتها لضرتها، رقم: ١٤٦٤.
(أغار) المراد هنا أعيب، وقد ورد بلفظ (كانت تعير). (وهبن أنفسهن) عرضن أنفسهن على النبي ﷺ أن يتزوجهن إذا رغب بدون مهر يطلبنه. وقيل من هؤلاء الواهبات: خولة بنت حكيم، وأم شريك، وفاطمة بنت شريح، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث، وليلى بنت الحطيم، رضي الله عنهن. (ترجئ) قرأ مدني وحمزة وعلي وخلف وحفص ﴿ترجي﴾ بلا همز، وقرأ غيرهم بالهمز، والمعنى واحد. (تؤوي) تضم. (ابتغيت) طلبت وأردت إصابتها فجامعتها. (ممن عزلت) أي ممن لم تقسم لهن. (فلا جناح عليك) فلا إثم عليك في إصابتها، وقد أباح الله تعالى لك ترك القسم لهن. (يسارع في هواك) يحقق لك مرادك بلا تأخير.

٤٥١١ - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا عاصم الأحول، عن معاذة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ كان يستأذن في يوم المرأة منا، بعد أن أنزلت هذه الآية: ﴿ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك﴾. فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن كان ذاك إلي، فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحدا. تابعه عباد بن عباد: سمع عاصما.


أخرجه مسلم في الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية، رقم: ١٤٧٦.
(إن كان ذاك إلي) أي إن كان الاستئذان عائدا إلي أمره. (لا أوثر) عليك بإقامتك عندي. (أحدا) من النساء.

٢٨٠ - باب: قوله: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما﴾ /٥٣/.
يقال: إناه: إدراكه، أنى يأني أناة فهو آن.
﴿لعل الساعة تكون قريبا﴾ /٦٣/: إذا وصفت صفة المؤنث، قلت: قريبة، وإذا جعلته ظرفا وبدلا، ولم ترد الصفة، نزعت الهاء من المؤنث، وكذلك لفظها في الواحد والاثنين والجميع، للذكر والأنثى.


(ناظرين إناه) منتظرين نضجه. (طعمتم) أكلتم الطعام. (فانتشروا) فاخرجوا وتفرقوا. (مستأنسين) طالبين الأنس. (ذلكم) انتظاركم واستئناسكم وإطالتكم الجلوس. (فيستحيي منكم) أن يقول لكم قوموا. (لا يستحيي من الحق) فلا يترك تأديبكم وتعليمكم. (سألتموهن) أي سألتم نساء النبي ﷺ. (متاعا) حاجة ما. (حجاب) ستر. (أطهر) من الخواطر المريبة.

٤٥١٢ - حدثنا مسدد، عن يحيى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب.
[ر: ٣٩٣]

٤٥١٣ - حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يقول: حدثنا أبو مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ دَعَا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي ﷺ لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فانطلقت فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي﴾. الآية.


أخرجه مسلم في النكاح، باب: زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب ....، رقم: ١٤٢٨.
(فطعموا) أكلوا. (نفر) هو هنا الفرد من الرجال، ويقال لجماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة. (فألقى الحجاب) حجبني عن زوجاته ومنعني من الدخول عليهن.

٤٥١٤ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد، عنأيوب، عن أبي قلابة: قال أنس بن مالك:
أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب، لما أهديت زينب بنت جحش رضي الله عنها إلى رسول الله ﷺ كانت معه في البيت، صنع طعاما ودعا القوم، فقعدوا يتحدثون، فجعل النبي ﷺ يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون، فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إناه - إلى قوله - من وراء الحجاب﴾. فضرب الحجاب وقام القوم.


(أهديت) زينب، ومشطت، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٤٥١٥ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قال:
بني على النبي ﷺ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت

١٨٠٠
حتى ما أجد أحدا أدعوا، فقلت: يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه، قال: (ارفعوا طعامكم) وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، فخرج النبي ﷺ فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال:
(السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله). فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك، بارك الله لك. فتقرى حجر نسائه كلهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ، فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون، وكان النبي ﷺ شديد الحياء، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري: آخبرته أو أخبر أن القوم خرجوا، فرجع، حتى إذا وضع رجله في أسفكة الباب داخلة وأخرى خارجة، أرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب.


(بني) من البناء وهو الدخول في الزوجة. (رهط) مثل كلمة نفر، تقال للفرد من الرجال، ولجماعتهم دون العشرة. (فتقرى) تتبعها واحدة واحدة. (أسفكة) العتبة التي يوطأ عليها.

٤٥١٦ - حدثنا إسحق بن منصور: أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
أولم رسول الله ﷺ حين بنى بزينب بنت جحش، فأشبع الناس خبزا ولحما، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين، كما كان يصنع صبيحة بنائه، فيسلم عليهن ويسلمن عليه، ويدعو لهن ويدعون له، فلما رجع إلى بيته رأى رجلين جرى بهما الحديث، فلما رآهما رجع عن بيته، فلما رأى الرجلان نبي الله ﷺ رجع عن بيته
وثبا مسرعين، فما أدري أنا أخبرته بخروجهما أم أخبر، فرجع حتى دخل البيت، وأرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب.
وقال ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[٤٨٥٩، ٤٨٦٨، ٤٨٧١، ٤٨٧٣، ٤٨٧٥، ٤٨٧٦، ٥١٤٩، ٥٨٨٤، ٥٨٨٥، ٥٩١٦، وانظر: ٤٥٠٩]


(جرى بهما الحديث) استمر.

٤٥١٧ - حدثني زكرياء بن يحيى: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة

١٨٠١
جسيمة، لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: ياسودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين. قالت: فانكفأت راجعة، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِي، وإنه ليتعشى وفي يده عرق، فدخلت، فقالت: يا رسول الله، إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: (إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن).
[ر: ١٤٦]


أخرجه مسلم في السلام، باب: إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان، رقم: ٢١٧٠.
(ضرب) فرض. (فانكفأت) ملت ورجعت. (عرق) هو العظم الذي أخذ عنه أكثر اللحم.

٢٨١ - باب: قوله: ﴿إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما. لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخواتهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا﴾ /٥٤، ٥٥/.


(تبدوا) تظهروا على ألسنتكم. (شيئا) من رغبتكم في نكاح أزواج النبي ﷺ بعده. (تخفوه) في نفوسكم، فالله تعالى يعلمه ويحاسبكم عليه. (لا جناح عليهن) لا إثم ولا حرج أن يكلم أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم هؤلاء المذكورون ويروهن بدون حجاب. (نسائهن) النساء المسلمات. (ما ملكت أيمانهن) من الإماء والعبيد.

٤٥١٨ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
استأذن علي أفلح، أخو أبي القعيس، بعد ما أنزل الحجاب، فقلت: لا آذن له حتى أستأذن فيه النبي ﷺ، فإن أخاه أبا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أبي القعيس، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فقلت له: يا رسول الله، إن أفلح أخا القعيس استأذن، فأبيت أن آذن له حتى استأذنك، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وَمَا منعك أن تأذني، عمك). قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فقال: (ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ)
قَالَ عروة: فلذلك كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تحرمون من النسب.
[ر: ٢٥٠١]


أخرجه مسلم في الرضاع، باب: تحريم الرضاعة من ماء الفحل، رقم: ١٤٤٥.
(تربت يمينك) كلمة تقولها العرب وتريد بها الدعاء، لا حقيقة معناها. وأصل معناها: لصقت يدك بالتراب، أي افتقرت.

٢٨٢ - باب:
﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ /٥٦/.
قال أبو العالية: صلاة الله عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء.
وقال ابن عباس: يصلون: يبركون. ﴿لنغرينك﴾ /٦٠/: لنسلطنك.


(يبركون) يدعون بالبركة.

٤٥١٩ - حدثني سعيد بن يحيى: حدثنا أبي: حدثنا مسعر، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعب بن عجرة رضي الله عنه: قيل:
يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: (قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صليت على إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهيم، إنك حميد مجيد).
[ر: ٣١٩٠]

٤٥٢٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
قُلْنَا: يا رسول الله، هذا التسليم فكيف نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: (قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمد عبدك ورسولك، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهيم).
قال أبو صالح، عن الليث: (عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ على آل إبراهيم).
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حازم، والدراوردي عن يزيد، وقال: (كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ).
[٥٩٩٧]

٢٨٣ - باب: قوله: ﴿لا تكونوا كالذين آذوا مويى﴾ /٦٩/.

٤٥٢١ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عبادة: حدثنا عوف، عن الحسن ومحمد وخلاس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله ﷺ:
(إن موسى كان رجلا حييا، وذلك قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها﴾).
[ر: ٢٧٤]

٢٨٤ - باب: تفسير سورة سبأ.
يقال: ﴿معاجزين﴾ /٥، ٣٨/: مسابقين. ﴿بمعجزين﴾ /الأنعام: ١٣٤/: بفائتين. ﴿سبقوا﴾ /الأنفال: ٥٩/: فاتوا. ﴿لا يعجزون﴾ /الأنفال: ٥٩/: لا يفوتون. ﴿يسبقونا﴾ /العنكبوت: ٤/: يعجزونا، ومعنى ﴿معاجزين﴾ مغالبين، يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه. ﴿معاشر﴾ /٤٥/: عشر. الأكل: الثمر. ﴿باعد﴾ /١٩/: وبعد واحد.
وقال مجاهد: ﴿لا يعزب﴾ /٣/: لا يغيب. ﴿العرم﴾ /١٦/: السد، ماء أحمر، أرسله الله في السد، فشقه وهدمه، وحفر الوادي، فارتفعت على الجنتين، وغاب عنهما الماء فيبستا، ولم يكن الماء الأحمر من السد، ولكن كان عذابا أرسله الله عليهم من حيث شاء.
وقال عمرو بن شرحبيل: ﴿العرم﴾ المسناة بلحن أهل اليمن.
وقال غيره: العرم الوادي. السابغات: الدروع.
وقال مجاهد: ﴿يجازى﴾ /١٧/: يعاقب. ﴿أعظكم بواحدة﴾ /٤٦/: بطاعة الله. ﴿مثنى وفرادى﴾ /٤٦/: واحد واثنين. ﴿التناوش﴾ /٥٢/: الرد من الآخرة إلى الدنيا. ﴿وبين ما يشتهون﴾ /٥٤/: من مال أو ولد أو زهرة. ﴿بأشياعهم﴾ /٥٤/: بأمثالهم.
وقال ابن عباس: ﴿كالجواب﴾ /١٣/: كالجوبة من الأرض. الخمط: الأرك.

١٨٠٤
والأثل: الطرفاء. ﴿العرم﴾: الشديد.


(معاجزين) ظانين التعجيز، وهذه قراءة الأكثرين، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: ﴿معجزين﴾ بدون مد بعد العين وبتشديد الجيم، ومعناها واحد. (الأكل) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل﴾ /سبأ: ١٦/. (جنتين) بستانين. (أكل) هو الثمر، وكل ما يؤكل، وقرأ نافع ومكي بتسكين الكاف. (خمط) كل نبت ذي طعم مر، وقيل: شجر الشوك. (أثل) شجر طويل مستقيم يعمر، جيد الخشب كثير الأغصان دقيق الورق. (سدر) نوع من الشجر ينتفع بورقه في الغسل. (العرم) السيل الشديد الذي لا يطاق، أو السد يعترض دون الوادي، أو اسم واد بعينه. (فارتفعت) المياه. (المسناة) ما يبنى في عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الأرض. (بلحن) بلغة. (غيره) وهو قول عطاء. (السابغات) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وألنا له الحديد. أن اعمل سابغات﴾ /سبأ: ١٠، ١١/: جمع سابغة، وهي الدرع التي تغطي المقاتل غطاء وافيا، والدرع القميص من حديد أو غيره. (يجازي) بالياء، وفي قراءة (نجازي) بالنون. (أعظكم بواحدة) آمركم بخصلة واحدة. (زهرة) زينة الحياة الدنيا ونضارتها وحسنها. (كالجواب) جمع جابية وهي الحوض الكبير الذي يجمع فيه الماء. (كالجوبة) الحفرة المستديرة الواسعة. (الأراك) الشجر الذي تستعمل عيدانه مساويك، جمع مسواك، وهو ما يدلك بطرفه الأسنان بعد دقه وتليينه. (الطرفاء) نوع من الشجر له صفات الأثل السابقة.

٢٨٥ - باب ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ /٢٣/.:

٤٥٢٢ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ على صفوان، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا: يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء).
[ر: ٤٤٢٤]

٢٨٦ - باب: قوله: ﴿إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد﴾ /٤٦/.


(إن هو ..) ما محمد ﷺ إلا منذر ومحذر ومخوف، قدام عذاب شديد سيكون يوم القيامة.

٤٥٢٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن حازم: حدثنا الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الصفا ذات يوم، فقال: (يا صباحاه). فاجتمعت إليه قريش، قالوا: ما لك؟ قال: (أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم، أما كنتم تصدقونني). قالوا: بلى، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) فقال أبو لهب: تبا لك، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾.
[ر: ١٣٣٠]


(يا صباحاه) كلمة تقال للإشعار بإغارة العدو، لأن الغالب في الإغارة أن تكون وقت الصباح، كما يقولها من أصابه شيء مكروه للاستغاثة.

٢٨٧ - باب: تفسير سورة الملائكة. [فاطر]
قال مجاهد: القطمير: لفافة النواة. ﴿مثقلة﴾ /١٨/: مثقلة.
وقال غيره: ﴿الحرور﴾ /٢١/: بالنهار مع الشمس، وقال ابن عباس: الحرور: بالليل، والسموم بالنهار. ﴿وغرابيب﴾ /٢٧/: أشد سواد، الغربيب: الشديد السواد.


(لفافة ..) أي القشرة الرقيقة الملتفة على النواة، والقطمير: يضرب مثلا للتافه القليل القيمة، وهو يشير إلى قوله تعالى: ﴿والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير﴾ /فاطر: ١٣/: أي إن الأصنام التي تعبدونها من دون الله تعالى لا تملك شيئا من هذا الكون، فكيف تدعونها وتتوجهون إليها؟ (مثقلة) أي نفس مثقلة بالذنوب كثيرة الآثام. (بالنهار) أي الحرور هي الريح الحارة في النهار مع الشمس، وفسرها ابن عباس رضي الله عنهما بالريح الحارة في الليل، كما فسر السموم بالريح الحارة في النهار، وسميت السموم بذلك لأنها تنفذ في مسام الجسم، أو لأنها تؤثر فيه تأثير السم، ولفظ السموم وارد في قوله تعالى: ﴿والجان خلقناه من قبل من نار السموم﴾ /الحجر: ٢٧/. وفي قوله تعالى: ﴿فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم﴾ /الطور: ٢٧/. وفي قوله تعالى: ﴿سموم وحميم﴾ /الواقعة: ٤٢/. والمراد بها في الآيتين الأخيرتين جهنم، والحميم: هو الماء الشديد الحرارة. (غرابيب) جمع غربيب، يقال ذلك لشديد السواد، تشبيها له بالغراب، وهو الطائر الأسود.

٢٨٨ - باب: تفسير سورة يس.
وقال مجاهد: ﴿فعززنا﴾ /١٤/: شددنا. ﴿يا حسرة على العباد﴾ /٣٠/: كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل. ﴿أن تدرك القمر﴾ /٤٠/: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك. ﴿سابق النهار﴾ /٤٠/: يتطالبان حثيثين. ﴿نسلخ﴾ /٣٧/: نخرج أحدهما من الآخر، ويجري كل واحد منهما. ﴿من مثله﴾ /٤٢/: من الأنعام. ﴿فكهون﴾ /٥٥/: معجبون. ﴿جند محضرون﴾ /٧٥/: عند الحساب.

١٨٠٦
ويذكر عن عكرمة: ﴿المشحون﴾ /٤١/: الموقر. وقال ابن عباس: ﴿طائركم﴾ /١٩/: مصائبكم. ﴿ينسلون﴾ /٥١/: يخرجون. ﴿مرقدنا﴾ /٥٢/: مخرجنا. ﴿أحصيناه﴾ /١٢/: حفظناه. ﴿مكانتهم﴾ /٦٧/: ومكانهم واحد.


(فعززنا) من التعزيز، قوينا، وقرأ أبو بكر: ﴿فعززنا﴾ أي فغلبنا وقهرنا، من عزه يعزه إذا غلبه وقهره. (يا حسرة ..) الحسرة شدة الندم، والمعنى: أنهم يستحقون أن يتحسر عليهم، لما أصابهم بسبب كفرهم. (أن تدرك ..) أي لا يجتمع ضوؤهما في وقت واحد بحيث يداخل أحدهما الآخر ويطمس نوره، بل نور الشمس يسطع في النهار، ونور القمر سلطانه في الليل. أو المعنى: لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه، ولا الليل على النهار. (يتطالبان ..) يتعاقبان بانتظام وبحساب معلوم، وبدأب واستمرار، إلى يوم القيامة. (نسلخ) ننزع عنه ضياء النهار نزع القميص الأبيض عن البدن الأسود. (مثله) أي مثل الفلك المذكور في قوله تعالى: ﴿وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون﴾ أي لهم برهان ودليل على قدرة الخالق سبحانه ووحدانيته في تسيير السفن في البحار، تنقلهم من مكان إلى مكان، هم وأولادهم ومن يهتمون بأمرهم وهي ممتلئة بأمتعتهم وبضائعهم، تطفو على وجه الماء وتتوجه بتأثير الرياح. (الأنعام) المراد بها هنا الإبل، فإنها سفن البر. (فكهون) هذه قراءة يزيد، والقراءة المشهورة ﴿فاكهون﴾ كما جاء في روايات أخرى للبخاري رحمه الله تعالى، جمع فكه أو فاكه، والمعنى واحد، أي متنعمون متلذذون معجبون بما هم فيه. (جند ..) أي إن الأصنام تكون مهيأة ومعدة يوم القيامة كالجند، ليعذب بها من عبدها في الدنيا، والجميع حاضرون عند الحساب، لا يستطيع أن يدفع أحد منهم عن أحد. أو المراد: أن الكفار يقومون على خدمة الأصنام في الدنيا والدفاع عنها، وهي لا تستطيع أن تدفع عنهم شيئا يوم القيامة. (الموقر) المملوء بالبضائع والأمتعة ونحوها. (طائركم) شؤمكم وسببه، وهو معصيتكم وتكذيبكم. (مرقدنا) مضجعنا. (أحصيناه) علمناه وعددناه وثبتناه. (مكانتهم) منازلهم ومساكنهم التي عصوا الله تعالى فيها.

٢٨٩ - باب: ﴿والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم﴾ /٣٨/.

٤٥٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في المسجد عند غروب الشمس، فقال: (يا أبا ذر، أتدري أين تغرب الشمس). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: ﴿والشمس تجري لمستقر لها ذلك لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم﴾)

٤٥٢٥ - حدثنا الحميدي: حدثنا وكيع: حدثنا الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عن قوله تعالى: ﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾. قال: (مستقرها تحت العرش).
[ر: ٣٠٢٧]

٢٩٠ - باب: تفسير سورة الصافات.
وقال مجاهد: ﴿ويقذفون بالغيب من مكان بعيد﴾ /سبأ: ٥٣/: من كل مكان. ﴿ويقذفون من كل جانب﴾ /٨/: يرمون. ﴿واصب﴾ /٩/: دائم. ﴿لازب﴾ /١١/: لازم. ﴿تأتوننا

١٨٠٧
عن اليمين﴾ /٢٨/: يعني الحق، الكفار تقوله للشيطان. ﴿غول﴾ /٤٧/: وجع بطن. ﴿ينزفون﴾ /٤٧/: لا تذهب عقولهم. ﴿قرين﴾ /٥١/: شيطان. ﴿يهرعون﴾ /٧٠/: كهيئة الهرولة. ﴿يزفون﴾ /٩٤/: النسلان في المشي. ﴿وبين الجنة نسبا﴾ /١٥٨/: قال كفار قريش: الملائكة بنات الله، وأمهاتهم بنات سروات الجن. وقال الله تعالى: ﴿ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون﴾ /١٥٨/: ستحضر للحساب.
وقال ابن عباس: ﴿لنحن الصافون﴾ /١٦٥/: الملائكة. ﴿صراط الجحيم﴾ /٢٣/: ﴿سواء الجحيم﴾ /٥٥/: ووسط الجحيم. ﴿لشوبا﴾ /٦٧/: يخلط طعامهم، ويساط بالحميم. ﴿مدحورا﴾ /الأعراف: ١٨/: مطرودا. ﴿بيض مكنون﴾ /٤٩/: اللؤلؤ المكنون. ﴿وتركنا عليه في الآخرين﴾ /٧٨، ١٠٨، ١٢٩/: يذكر بخير. ﴿يستسخرون﴾ /١٤/: يسخرون. ﴿بعلا﴾ /١٢٥/: ربا.


(ويقذفون ..) يتكلمون عما لا يعلمونه وما غاب عنهم غير مستندين إلى دليل، والقذف الرمي، ويستعمل في الأمور المادية والمعنوية. (لازم) أي
يلزم اليد ونحوها ويلصق بها. (تأتوننا ...) فسر اليمين بالحق، والمعنى: أن الكفار تقول للشياطين يوم القيامة: إنكم كنتم تأتوننا من جهة الحق فتلبسونه علينا وتخلطونه لنا بالباطل. (غول) هو ما في خمر الدنيا مما يسبب فسادا في العقل والجسم، ويترتب عليه العقاب والإثم، من غاله يغوله غولا، إذا أهلكه وأفسده. (ينزفون) بكسر الزاي أنزف الرجل إذا ذهب عقله من السكر. وهذه قراءة حمزة والكسائي. وقرأ غيرهما ﴿ينزفون﴾ بضم أوله وفتح الزاي من نزف الرجل بمعنى سكر وذهب عقله. وقيل معناها: لا ينفد شرابهم. (قرين) ملازم لي ومصاحب. (يهرعون) يسرعون، والمراد هنا: بيان شدة تمسكهم بما كان عليه آباؤهم من الضلال. (النسلان) الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وقيل: يزفون يسعون ويسرعون، من الزفيف وهو الإسراع. (الجنة) أي الملائكة، وسموهم جنة لاجتنانهم أي خفائهم عن الأبصار. (سروات) خواص، جمع سراة، وسراة جمع سري وهو السيد الشريف والرئيس. (نسبا) صلة وقرابة. (إنهم) أي إن الكفار الذين أشركوا وقالوا هذا القول. (لمحضرون) في العذاب. (الصافون) نصف أقدامنا لعبادة الله تعالى، أو نصف حول العرش ندعو للمؤمنين. (صراط الجحيم) طريق النار. (يساط) يخلط بعضه ببعض. (الحميم) الماء الحار. (مدحورا) من دحره يدحره دحرا ودحورا، إذا طرده ودفعه وأبعده، واللفظ وارد أيضا في الإسراء: ١٨، ٣٩. والوارد في هذه السورة لفظ المصدر في قوله تعالى: ﴿دحورا ولهم عذاب واصب﴾ /٩/: وهو في معنى اسم المفعول أي مدحورين. (بيض ..) هو تشبيه لهن من حيث الصفاء واللين والصيانة، مكنون: مستور أو مصون، وكل شيء أضمرته أو أخفيته فقد أكننته. وقيل: المراد التشبيه ببيض النعام، والعرب تشبه المرأة به، لأن النعامة تكنه - أي تستره - بريشها، فيكون لونه أبيض مشوبا بصفرة، وهو لون محبب في النساء. (بعلا) اسم لصنم كان يعبده قوم إلياس عليه السلام، وقيل، البعل الرب بلغة أهل اليمن.

٢٩١ - باب: ﴿وإن يونس لمن المرسلين﴾ /١٣٩/.

٤٥٢٦ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
(ما ينبغي لأحد أن يكون خيرا من يونس بن متى).
[ر: ٣٢٣١]

٤٥٢٧ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)
[ر: ٣٢٣٤]


(فقد كذب) أخبر بخلاف الحقيقة، والمراد أن الأنبياء عليهم السلام، من حيث كونهم أنبياء، فهم في منزلة واحدة من الخيرية.

٢٩٢ - باب: تفسير سورة ص.

٤٥٢٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة، عن العوام قال:
سألت مجاهدا عن السجدة في ص، قال: سئل ابن عباس فقال: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾. وكان ابن عباس يسجد فيها.

٤٥٢٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبيد الطنافسي، عن العوام قال:
سألت مجاهدا عن سجدة ص، فقال: سألت ابن عباس: من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ: ﴿ومن ذريته داود وسليمان﴾. ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾. فكان داود ممن أمر نبيكم ﷺ أن يقتدي به، فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله ﷺ.
[ر: ٣٢٤٠]
﴿عجاب﴾ /٥/: عجيب. القط: الصحيفة، هو ها هنا صحيفة الحسنات.

١٨٠٩
وقال مجاهد: ﴿في عزة﴾ /٢/: معازين. ﴿الملة الآخرة﴾ /٧/: ملة قريش. الاختلاق: الكذب. ﴿الأسباب﴾ /١٠/: طرق السماء في أبوابها. ﴿جند ما هنالك مهزوم﴾ /١١/: يعني قريشا. ﴿أولئك الأحزاب﴾ /١٣/: القرون الماضية. ﴿فواق﴾ /١٥/: رجوع. ﴿قطنا﴾ /١٦/: عذابنا. ﴿اتخذناهم سخريا﴾ /٦٣/: أحطنا بهم. ﴿أتراب﴾ /٥٢/: أمثال.
وقال ابن عباس: ﴿الأيد﴾ /١٧/: القوة في العبادة. ﴿الأبصار﴾ /٤٥/: البصر في أمرالله. ﴿حب الغير عن ذكر ربي﴾ /٣٢/: من ذكر. ﴿طفق مسحا﴾ /٣٣/: يمسح أعراف الخيل وعراقيبها. ﴿الأصفاد﴾ /٣٨/: الوثاق.


(القط) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب﴾ /ص: ١٦/. (وقالوا) أي المشركون. (قطنا) قيل: حظنا من الجنة، ويكون قولهم هذا استهزاء، وقيل: نصيبنا من العذاب، ويكون قولهم هذا عنادا. وقيل: القط الكتاب، ويطلق على الصحيفة لأنها جزء منه، وقالوا هذا الكلام استهزاء لما نزل قوله تعالى: ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه﴾ /الحاقة: ١٩/ و﴿وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ /الحاقة: ٢٥/. أي عجل لنا كتابنا في الدنيا. وأصل القط القسط من الشيء لأنه قطعة منه، مأخوذ من القط وهو القطع. (الحسنات) في رواية (الحساب). (عزة) حمية وجاهلية وتكبر عن الحق. (معازين) مغالبين. (الملة) الدين، وقيل: المراد النصرانية لأنها آخر الملل قبل بعثة محمد ﷺ. (الاختلاق) يشير إلى قوله تعالى على لسان المشركين: ﴿إن هذا إلا اختلاق﴾ /ص: ٧/. (جند ..) أي إن الذين كفروا وعاندوا من جند الباطل، كقريش وغيرها، سيهزمون في المعارك الفاصلة بين الكفر والإيمان. (الأحزاب) الذين تحزبوا واجتمعوا على قتال الأنبياء ورد دعواتهم وإيذاء أتباعهم. (القرون) الأجيال والأمم. (رجوع) أي إلى الدنيا. (اتخذناهم) قرأ بهمزة الوصل عراقي غير عاصم. وقرأ غيرهم بهمزة القطع على الاستفهام. (أحطنا بهم) نهزأ بهم ونسخر منهم. (أتراب) متماثلات في السن، جمع ترب. (حب الخير ..) شغلني حب المال والنظر إليه - ومنه الخيل - عن الصلاة في أول وقتها. (طفق ..) شرع يقطع أعناق الخيل وسوقها ويذبحها تقربا إلى الله عز وجل، وأعراف جمع عرف وهو شعر عنق الفرس، وعراقيب جمع عرقوب، وهو عصب يكون خلف الكعبين، والمراد به هنا الساق. (الأصفاد) جمع صفد وهو القيد، ومثله الوثاق وهو ما يشد به من حبل وغيره.

٢٩٣ - باب: قوله: ﴿هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدي إنك أنت الوهاب﴾ /٣٥/.

٤٥٣٠ - حدثنا إسحاق بن إبراهيم: حدثنا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي ﷺ قال:
(إن عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ منه، وأردت أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أخي سليمان: ﴿رب اغفر لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾). قال روح: فرده خاسئا.
[ر: ٤٤٩]

٢٩٤ - باب: قوله: ﴿وما أنا من المتكلفين﴾ /٧٦/.


(المتكلفين) المتقولين للقرآن من تلقاء نفسي، أو الذين يتصنعون وينتحلون ما ليس فيهم.

٤٥٣١ - حدثنا قتيبة: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عَنْ مَسْرُوقٍ

١٨١٠
قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: يا أيها الناس، من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم، قال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. وسأحدثكم عن الدخان، أن رسول الله ﷺ دعا قريشا إلى الإسلام فأبطؤوا عليه فقال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأخذتهم سنة فحصت كل شيء، حتى أكلوا الميتة والجلود، حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع. قال الله عز وجل: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾. قال: فدعوا: ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.
أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين. ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون. إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون﴾. أفيكشف العذاب يوم القيامة؟ قال: فكشف، ثم عادوا في كفرهم، فأخذهم الله يوم بدر، قال الله تعالى: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾.
[ر: ٩٦٢]


(يغشى الناس) يغيظهم ويعمهم. (أنى لهم الذكرى) من أين لهم أن ينفعهم الإيمان عند نزول العذاب. (مبين) بين الرسالة والدعوة، يحذرهم من العذاب /الدخان: ١٠، ١٦/.

٢٩٥ - باب: تفسير سورة الزمر.
وقال مجاهد: ﴿أفمن يتقي بوجهه﴾ /٢٤/: يجر على وجهه في النار، وهو قوله تعالى: ﴿أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي يوم القيامة﴾ /فصلت: ٤٠/. ﴿ذي عوج﴾ /٢٨/: لبس. ﴿ورجلا سلما لرجل﴾ /٢٩/: مثل لآلهتهم الباطل والإله الحق. ﴿ويخوفونك بالذين

١٨١١
من دونه﴾ /٣٦/: بالأوثان. خولنا: أعطينا. ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ﴾ الْقُرْآنُ ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ /٣٣/: الْمُؤْمِنُ يجيء يوم القيامة يقول: هذا الذي أعطيتني، عملت بما فيه. ﴿متشاكسون﴾ /٢٩/: الشكس: العسر لا يرضى بالإنصاف. ﴿ورجلا سلما﴾ /٢٩/: ويقال: سالما: صالحا. ﴿اشمأزت﴾ /٤٥/: نفرت. ﴿بمفازتهم﴾ /٦١/: من الفوز. ﴿حافين﴾ /٧٥/: أطافوا به، مطيفين بحفافيه: بجوانبه. ﴿متشابها﴾ /٢٣/: ليس من الاشتباه، ولكن يشبه بعضه بعضا في التصديق.


(يتقي بوجهه) يجعل وجهه وقاية للعذاب وحاجزا عنه. (وهو قوله) أي مثل قوله تعالى .. (سلما) وقرئ ﴿سلما﴾ و﴿سالما﴾. (مثل ..) أي مثل ضربه الله تعالى: للكافر الذي يعبد آلهة شتى، فهو مشتت تتقاذفه جهات متعددة يسعى لكسب رضاها وهي مختلفة الأهواء، والمؤمن الذي لا يعبد إلا الله عز وجل، فهو مستقيم الوجهة، يسعى لهدف واحد، مطمئن النفس مرتاح البال. ولقد عبر القرآن عن هذا أروع تعبير إذ قال: ﴿ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا﴾ [رجلا: مملوكا. متشاكسون: مختلفون متشاحون سيئة أخلاقهم. سلما: خالصا] فكما أن العبد المملوك لهذا العديد من النوع من المالكين يكون قلقا متعبا، فكذلك الكافر والمشرك الذي يعبد غير الله تعالى، وكما أن العبد الخاص بمالك واحد يكون مرتاحا ناعم البال، فكذلك المؤمن الذي يخلص وجهه لله عز وجل. (ويخوفونك ..) يخوفك المشركون أن تصيبك أصنامهم بسوء إذا لم تكف عن عيبها وذمها، وهذا عنوان ضلالتهم وجهلهم، إذ لم يدركوا أنها لا تملك ضرا ولا نفعا، بل الله تعالى هو القاهر فوق عباده، وهو يحميك من كل أذى وسوء (خولنا) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فإذا مس الإنسان الضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم﴾ /الزمر: ٤٩/: أي إن من خلق هذا الإنسان أن يضرع إلى الله تعالى عند الشدائد، ويتوجه إليه دون سواه، فإذا كشفنا عنه المصيبة وأجبنا دعاءه، وبدلنا النقمة عليه نعمة، إذا به ينكر فضل الله تبارك وتعالى، ويدعي أن ما هو فيه من نعمة حصله بجهده، وناله باستحقاق، لأنه أهل له. (مطيفين) من الإطافة وهي الدوران. (الاشتباه) الالتباس والاختلاط. (في التصديق) أي في تفسير بعضه بعضا].

٢٩٦ - باب: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم﴾ /٥٣/.

٤٥٣٢ - حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أن ابن جريج أخبرهم: قال
يعلى: إن سعيد بن جبير أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أن أناسا من أهل الشرك، كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا ﷺ فقالوا: إن الذين تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالحق ولا يزنون﴾. ونزل: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا

١٨١٢
على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾.


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: كون الإسلام يهدم ما قبله. رقم: ١٢٢.
(لما عملنا) في الجاهلية من آثام. (كفارة) ما يمحوه ويغطيه. (يدعون) يعبدون. (إلها) معبودا يجعلونه كالإله في التقدير والتعظيم /الفرقان: ٦٨ - ٧٠/. وتتمتها: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾. (أثاما) عقوبة جزاء إثمه، أي ذنبه. (مهانا) ذليلا. (يبدل الله ..) يوفقهم للعمل الصالح، فتنقلب أعمالهم من سوء إلى حسن، ويمحو الله تعالى ما سبق من زلاتهم بسبب استقامتهم. (أسرفوا على أنفسهم) جنوا عليها بتجاوزهم الحد وارتكابهم المعاصي والإفراط فيها. (لا تقنطوا) لا تيأسوا /الزمر: ٥٣/.

٢٩٧ - باب: ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ /٦٧/.

٤٥٣٣ - حدثنا آدم: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:
جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إنا نجد: أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بدت
نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون﴾.
[٦٩٧٨، ٦٩٧٩، ٧٠١٣، ٧٠٧٥]


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، رقم: ٢٧٨٦.
(حبر) عالم من علماء اليهود. (نجد) في التوراة. (إصبع) الله تعالى أعلم بها وبذلك الجعل. (الثرى) التراب المندى. (نواجذه) الأسنان التي تظهر عند الضحك وهي الأنياب. (تصديقا) موافقة. (ما قدروا الله حق قدره) ما عرفوه حق معرفته، وما عظموه التعظيم اللائق به، من التزام أمره واجتناب نهيه وعبادته وحده دون أن يشركوا به. (قبضته) مقبوضة له، في ملكه وتحت تصرفه لا ينازعه فيها أحد. (مطويات) مجموعات. (بيمينه) بقدرته تعالى، أو هي يمين له تعالى هو أعلم بها. (سبحانه) تنزيها له وتقديسا. (تعالى) ترفع وتعاظم /الزمر: ٦٧/.

٢٩٨ - باب: قوله: ﴿والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه﴾ /٦٧/.


لمعرفة معاني الآية وحديث الباب انظر الحديث السابق.

٤٥٣٤ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حدثني عبد الرحمن ابن خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبي سلمة: أن أبا هريرة قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول: (يقبض الله الأرض، ويطوي السماوات بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأرض).
[٦١٥٤، ٦٩٤٧]


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، رقم: ٢٧٨٧.

٢٩٩ - باب: ﴿ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون﴾ /٦٨/.


(الصور) البوق. (فصعق) فمات. (من شاء الله) تعالى أن لا يموتوا بهذه النفخة، وفي بيان هؤلاء الذين استثناهم الله تعالى أقوال، والله تعالى أعلم بمن استثنى. (هم) جميع المخلوقات الذين ماتوا. (قيام) من قبورهم.

٤٥٣٥ - حدثني الحسن: حدثنا إسماعيل بن خليل: أخبرنا عبد الرحيم، عن زكرياء ابن أبي زائدة، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النَّبِيُّ ﷺ قَالَ:
(إِنِّي أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة، فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش، فلا أدري أكذلك كان، أم بعد النفخة).
[ر: ٢٢٨٠]


(أكذلك كان) أي إنه لم يمت عند النفخة الأولى. (أم بعد النفخة) حيي قبلي بعد النفخة الثانية وتعلق بالعرش.

٤٥٣٦ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال:
(بين النفختين أربعون). قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يوما؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. (ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه، فيه يركب الخلق).
[٤٦٥١]


أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ما بين النفختين، رقم: ٢٩٥٥.
(أبيت) أمتنع من تعيين ذلك بالأيام والسنين والشهور، لأنه لم يكن عنده علم بذلك. (يبلى) يفنى. (عجب ذنبه) أصل الذنب، وهو عظم لطيف في أصل الصلب، وهو رأس العصعص. (يركب الخلق) يجعله الله تعالى سببا ظاهرا لإنشاء الخلق مرة أخرى، والله تعالى أعلم بحكمة ذلك.

٣٠٠ - باب: تفسير سورة المؤمن (غافر).
قال مجاهد: ﴿حم﴾ /١/: مجازها مجاز أوائل السور، ويقال: بل هو اسم، لقول شريح بن أبي أوفى العبسي:

١٨١٤
يذكرني حاميم والرمح شاجر ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم
﴿الطول﴾ /٣/: التفضل. ﴿داخرين﴾ /٨٧/: خاضعين.
وقال مجاهد: ﴿إلى النجاة﴾ /٤١/: الإيمان. ﴿ليس له دعوة﴾ /٤٣/: يعني الوثن. ﴿يسجرون﴾ /٧٢/: توقد بهم النار. ﴿تمرحون﴾ /٧٥/: تبطرون.
وكان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس، والله عز وجل يقول: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ /الزمر: ٥٣/. ويقول: ﴿وأن المسرفين هم أصحاب النار﴾ /٤٣/؟ ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدا ﷺ مبشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرا بالنار من عصاه.


(مجازها ..) أي طريق تفسيرها هو طريق تفسير غيرها من الحروف المقطعة أوائل السور، وهو: أنها للتنبيه على أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف، فمن ادعى أنه من قول البشر فليأت بسورة من مثله. (لقول شريح ..) هو ابن أوفى العبسي، وكان شعار أصحاب علي رضي الله عنه يومئذ: حم، وقد طعن شريح يومها محمد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقال بعد ما طعنه: حم، فقال شريح هذا البيت ... أي ما قال الشعار إلا بعد ما اختلط الرمح واشتبك بلحمه، فلو قال هذا قبل أن يتقدم لمقاتلتي أو لحرب علي رضي الله عنه. والشاهد في البيت: أن لفظ (حم) وقع منصوبا على المفعولية في موضعين، فدل على أنه اسم، والذين قالوا باسميته اختلفوا بمسماه، والله تعالى أعلم. (النجاة) السلامة من النار بسبب الإيمان. (ليس له دعوة) إن الأصنام التي تعبدونها لم تدعكم إلى عبادتها، ومن حق المعبود بحق أن يدعو الخلق إلى عبادته وطاعته. وكذلك هذه الأصنام لا تستجيب دعاء من دعاها وعبدها، ومن حق المعبود بحق أن يجيب دعاء من دعاه. (الوثن) الصنم. (تبطرون) تتكبرون عن الحق، ويأخذكم العجب والخيلاء. (يذكر النار) أي يذكر ما فيها من ألوان العذاب، وما يوصل إليها من سوء الأعمال. (تقنط الناس) توقعهم في اليأس الشديد من رحمة الله تعالى بسبب ما تذكر من الترهيب. (والله عز وجل يقول ..) أي والله عز وجل بين: أن باب المغفرة والرحمة مفتوح لمن آمن وعمل صالحا ثم اهتدى، وأن من أصر على كفره ومعصيته مآله إلى النار. أي: فأنا أبلغ الناس ما جاء عن الله عز وجل، والله تعالى أعلم. (أسرفوا ..) أفرطوا في المعاصي فجنوا على أنفسهم وأرهقوها بالأوزار، وكذلك معنى المسرفين، وقد يراد بهم المشركون والكافرون.

٤٥٣٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم التيمي قال: حدثني عروة بن الزبير قال:
قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله ﷺ ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه

١٨١٥
ودفع عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وقال:
﴿أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم﴾.
[ر: ٣٤٧٥]


(بفناء الكعبة) الساحة المتسعة إلى جانبها. (لوى ثوبه) فتله وثناه.
(بالبينات) المعجزات الظاهرات والدلائل الواضحات /المؤمن: ٢٨/. وأبو بكر رضي الله عنه يتمثل بقوله ما ذكره القرآن عن لسان مؤمن آل فرعون.

٣٠١ - باب: تفسير سورة حم السجدة (فصلت)
وقال طاوس، عن ابن عباس: ﴿ائتيا طوعا﴾ /١١/: اعطيا. ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ /١١/: أعطينا.


(ائتيا ..) جيئا بما خلقت فيكما من المنافع وأخرجاها لخلقي، طائعات ممتثلات. وهو مجاز عن تسخير الله تعالى السماء والأرض لمنافع الخلق.

٤٥٣٧ - (م) وقال المنهال، عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس:
إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي؟
قال: ﴿فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون﴾ /المؤمنون: ١٠١/. ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون﴾ /الصافات: ٢٧/. ﴿ولا يكتمون الله حديثا﴾ /النساء: ٤٢/. ﴿والله ربنا ما كنا مشركين﴾ /الأنعام: ٢٣/: فقد كتموا هذه الآية؟
وقال: ﴿أم السماء بناها - إلى قوله - دحاها﴾ /النازعات: ٢٧ - ٣٠/: فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: ﴿أئنكم لتفكرون بالذي خلق الأرض في يومين - إلى قوله - طائعين﴾ /٩ - ١١/: فذكر في هذه خلق الأرض قبل السماء؟

١٨١٦
وقال: ﴿وكان الله غفورا رحيما﴾ /النساء: ٩٦/. ﴿عزيزا حكيما﴾ /النساء: ٥٦/.
﴿سميعا بصيرا﴾ /النساء: ٥٨/: فكأنه كان ثم مضى؟
فقال: ﴿فلا أنساب بينهم﴾ في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور: ﴿فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله﴾ /الزمر: ٦٨/: فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتسائلون، ثم في النفخة الآخرة: ﴿أقبل بعضهم على بعض يتسائلون﴾.
وأما قوله: ﴿ما كنا مشركين﴾. ﴿ولا يكتمون الله حديثا﴾: فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، فقال المشركون: تعالوا نقول لم نكن مشركين، فختم على أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثا، وعنده: ﴿يود الذين كفروا﴾ الآية /النساء: ٤٢/.
وخلق الأرض في يومين ثم خلق السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم دحا الأرض، ودحوها: أن أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله: ﴿دحاها﴾. وقوله: ﴿خلق الأرض في يومين﴾. فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخلقت السماوات في يومين.
﴿وكان الله غفورا رحيما﴾ سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي لم يزل كذلك، فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله.
قال أبو عبد الله: حدثنيه يوسف بن عدي: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن

١٨١٧
أبي أنيسة، عن المنهال، بهذا.
وقال مجاهد: ﴿لهم أجر غير ممنون﴾ /٨/: محسوب. ﴿أقواتها﴾ /١٠/: أرزاقها. ﴿في كل سماء أمرها﴾ /١٢/: مما أمر به. ﴿نحسات﴾ /١٦/: مشائيم. ﴿وقيضنا لهم قرناء﴾ /٢٥/: قرناهم بهم. ﴿تتنزل عليهم الملائكة﴾ /٣٠/: عند الموت. ﴿اهتزت﴾ بالنبات ﴿وربت﴾ /٣٩/: ارتفعت.
وقال غيره: ﴿من أكمامها﴾ /٤٧/: حين تطلع. ﴿ليقولن هذا لي﴾ /٥٠/: أي بعملي أنا محقوق بهذا. ﴿سواء للسائلين﴾ /١٠/: قدرها سواء. ﴿فهديناهم﴾ /١٧/: دللناهم على الخير والشر،
كقوله: ﴿وهديناه النجدين﴾ /البلد: ١٠/. وكقوله: ﴿هديناه السبيل﴾ /الإنسان: ٣/: والهدى الذي هو الإرشاد بمنزلة أصعدناه، من ذلك قوله: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾ /الأنعام: ٩٠/. ﴿يوزعون﴾ /١٩/: يكفون. ﴿من أكمامها﴾ /٤٧/: قشر الكفرى هي الكم. وقال غيره: ويقال للعنب إذا خرج أيضا كافور وكفرى. ﴿ولي حميم﴾ /٣٤/: قريب. ﴿من محيص﴾ /٤٨/: حاص حاد. ﴿مرية﴾ /٥٤/: ومرية واحد، أي امتراء.
وقال مجاهد: ﴿اعلموا ما شئتم﴾ /٤٠/: هي وعيد.

١٨١٨
وقال ابن عباس: ﴿ادفع بالتي هي أحسن﴾ /٣٤/: الصبر عند الغضب والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوه عصمهم الله، وخضع لهم عدوهم: ﴿كأنه ولي حميم﴾.


(رجل) قيل: هو نافع بن الأزرق، الذي صار بعد ذلك رأس الأزارقة - وهي فرقة من الخوارج - وقد كان يجالس ابن عباس رضي الله عنهما في قلة ويعارضه. (تختلف ..) تشكل، وتظهر كأنها متعارضة. (فقد كتموا ..) أي أنهم كانوا مشركين.
(إلى قوله) وتتمتها: رفع ﴿سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها﴾ (رفع ..) جعل سقفها بعيدا عن الأرض، أو المسافة بينها وبين الأرض بعيدة مديدة. (دحاها) بسطها ومدها، وجعلها صالحة للسكنى والعيش عليها والتقلب في أقطارها. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين﴾. (أندادا) شركاء، جمع ند وهو المثل أو النظير. (رواسي) جبالا ثوابت، جمع راسية، من رسا الشيء إذا ثبت أصله ورسخ. (بارك فيها) بما يخرج منها من زرع وثمر، وما يعيش عليها من حيوان وما يحتاج إليه. (قدر ..) قسم أرزاق أهلها ومصالحهم ومعايشهم، وجعل في كل قسم منها ما ليس في الآخر، ليكون التبادل وتقوم التجارة. (سواء ..) مستوية ومتعادلة لا زيادة فيها ولا نقصان، جوابا لمن سأل: في كم خلقت الأرض والأقوات، وقيل: على قدر حاجة السائلين، وهم جميع البشر. (استوى إلى السماء) توجهت إرادته إلى خلقها. (وهي دخان) قيل: المراد بخار الماء وما هو على صورته. (كرها) ملجآت مقهورات، وانظر أول الباب. (فكأنه ..) أي فكأن الله تعالى كان متصفا بهذه الصفات في الزمن الماضي ثم تغير عن ذلك. (فقال) أي ابن عباس رضي الله عنهما، مجيبا للسائل المبتدع، ومفندا له ما التبس عليه، أو ما تتبعه من متشابه القرآن ابتغاء الفتنة. (فصعق) مات،
وانظر الباب (٢٩٩). (في النفخة ..) أجابه عن المسألة الأولى مبينا أن التساؤل بعد النفخة الثانية، ولكن ليوم القيامة أحوال ومواطن، قبل أن يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ففي موطن يشغل كل بنفسه ويبرأ من غيره، فلا تساؤل، وفي موطن يتلاوم أهل الباطل، ويتهم بعضهم بعضا بالإفساد والتضليل، فيكون التساؤل، وهكذا. (الآية) وتتمتها: ﴿وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا﴾ أي لا يقدرون على كتمان شيء، لأن جوارحهم تشهد عليهم. (تسوى بهم الأرض) يدفنون ويصيرون فيها فتسوى بهم كما تسوى بالموتى، أو: يتمنون أن لو لم يبعثوا. (الآكام) جمع أكمة، وهي الموضع المرتفع من الأرض كالتل والرابية.
(ممنون) مقطوع أو معدود. (مشائيم) لما فيها من العذاب لهم، جمع مشومة، من الشؤم وهو الشر. (قيضنا) هيأنا وأعددنا. (قرناء) شياطين ملازمين لهم.
(عليهم) على المؤمنين، تبشرهم بما سيلقون من جزاء عند الله تعالى بعد الموت. (اهتزت) تحركت تحريكا شديدا. (أكمامها) جمع كم، وهو الغلاف الذي يغطي الثمر والحب في الشجر والنخل والزرع. (محقوق) مستحق له. (النجدين) مثنى نجد، وهو ما ارتفع من الأرض من تل أو نحوه، ويقال النجد للطريق الواضح، وفسرا بطريقي الخير والشر، لوضوحهما واستبانة أمرهما. (والهدى ..) يشير إلى أن الهدى: يكون بمعنى الدلالة مطلقا كما في الآيات السابقة، ويكون بمعنى الدلالة الموصلة. (أولئك) إشارة إلى الأنبياء الذين سبق ذكرهم في الآيات قبلها. (فبهداهم) ما جاؤوا به من أصول الدين التي لا اختلاف فيها بين الأنبياء، وما سلكوه واتصفوا به من مكارم الأخلاق الفاضلة. (يكفون) أي يحبس أولهم ليلحق آخرهم، وقيل: معنى (يوزعون) يساقون ويدفعون. (الكفرى) هي الكم، وقد سبق بيانه، والكم بكسر الكاف، وقيل بضمها. (كافور) هو زهر النخيل. (حميم) هو القريب المشفق، لأن له في الإشفاق على قريبه حرارة وحدة. (محيص) محيد ومهرب من عذاب الله عز وجل. (واحد) أي من حيث المعنى وهو الامتراء، أي الشك. وقرأ الجمهور بالكسر، وقرأ الحسن البصري
بالضم. (هي ..) أي قوله: اعملوا أمر تهديد ووعيد، وليس أمر تخيير وتكريم. (عصمهم) حفظهم وحماهم.

٣٠٢ - باب: قوله: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ الله لا يعلم كثيرا مما تعملون﴾ /٢٢/.


(تستترون) تستخفون، وقيل: تظنون، وقيل: تتقون وتحذرون.

٤٥٣٨ - حدثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عن روح بن القاسم، عن مَنْصُورٌ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ ابن مسعود:
﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ﴾. الآية: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف، أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش، في بيت، فقال بعضهم لبعض: أترون أن الله يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كله، فأنزلت: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبصاركم﴾.
الآية. [٤٥٣٩ - ٤٥٤٠ - ٧٠٨٣]


أخرجه مسلم في أوائل صفات المنافقين وأحكامهم، رقم: ٢٧٧٥.
(ختن) كل من كان من قبل المرأة كأبيها وأخيها فهو ختن، ويطلق أيضا على زوج البنت والأخت. (ثقيف) إحدى قبائل العرب، وكانت تسكن الطائف.

٣٠٣ - باب: قوله: ﴿وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين﴾ /٢٣/.


(أرادكم) أهلككم وكان سبب طرحكم في جهنم، لأنكم تجرأتم على المعصية والكفر بعد ظنكم هذا.

٤٥٣٩ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الْآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ الله عز وجل: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبصاركم ولا جلودكم﴾. الآية.
وكان سفيان يحدثنا بهذا فيقول: حدثنا منصور، أو ابن أبي نجيح، أو حميد، أحدهم

١٨١٩
أو اثنان منهم، ثم ثبت على منصور، وترك ذلك مرارا غير واحدة.
قوله: ﴿فإن يصبروا فالنار مثوى لهم﴾. الآية.


(فإن يصبروا) على العذاب وما ينالهم في النار. (مثوى) مسكن ومنزل إقامة. (الآية) فصلت: ٥٤. وتتمتها: ﴿وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين﴾ (يستعتبوا) يطلبوا العتبى وهي الرضا. (المعتبين) المرضين الذين قبل عتابهم وأجيبوا إلى ما طلبوا.

٤٥٤٠ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ علي: حدثنا يحيى: حدثنا سفيان الثوري قال: حدثني مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بنحوه.
[ر: ٤٥٣٨]

٣٠٤ - باب: تفسير سورة حم عسق (الشورى).
ويذكر عن ابن عباس: ﴿عقيما﴾ /٥٠/: لا تلد. ﴿روحا من أمرنا﴾ /٥٢/: القرآن.
وقال مجاهد: ﴿يذرؤكم فيه﴾ /١١/: نسل بعد نسل. ﴿لا حجة بيننا وبينكم﴾ /١٥/: لا خصومة بيننا وبينكم. ﴿من طرف خفي﴾ /٤٥/: ذليل.
وقال غيره: ﴿فيظللن رواكد على ظهره﴾ /٣٣/: يتحركن ولا يجرين في البحر. ﴿شرعوا﴾ /٢١/: ابتدعوا.


(عقيما) العقم اليبس، فكأن التي لاتلد قد يبست رحمها فوصفت به. (روحا) الروح: ما به حياة الأجسام، ويطلق على كل أمر خفي لطيف، كما يطلق على الوحي - أي ما يوحى به - والنبوة لما فيها من حياة النفوس وهداها، وهو المراد هنا، ويطلق على جبريل عليه السلام أيضا. (يذرؤكم) يخلقكم ويبثكم ويكثركم. (فيه) في جعلكم أزواجا من ذكر وأنثى. (لا حجة ..) لا خصومة ولا منازعة، لأن الحق قد ظهر وصرتم محجوجين به. (من طرف ..) الطرف هو تحريك الجفون، ويطلق على العين وعلى النظر، وخفي: ضعيف، أي يسارقون النظر إلى النار بذل وضعف وخوف. (فيظللن ..) أي تبقى السفن ثوابت وقوفا على ظهر الماء، بتسخير الله عز وجل.

٣٠٥ - باب: قوله: ﴿إلا المودة في القربى﴾ /٢٣/.

٤٥٤١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قال: سمعت طاوسا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ سئل عن قوله: ﴿إلا المودة في القربى﴾. فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد ﷺ، فقال ابن عباس: عجلت، أن النبي ﷺ لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة. فقال: (إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة).
[ر: ٣٣٠٦]


(عجلت ..) مراد ابن عباس رضي الله عنهما أن المقصود بالقربى في الآية جميع قريش،
لا بنو هاشم وبنو المطلب، كما يتبادر إلى الذهن، وهم الذين عناهم سعيد ابن جبير رحمه الله تعالى بقوله: قربى آل محمد ﷺ.

٣٠٦ - باب: تفسير سورة حم الزخرف.
وقال مجاهد: ﴿على أمة﴾ /٢٢، ٢٣/: على إمام. ﴿وقيله يا رب﴾ /٨٨/: تفسيره: أيحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، ولا نسمع قيلهم.
وقال ابن عباس: ﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة﴾ /٣٣/: لولا أن يجعل الناس كلهم كفارا، لجعلت لبيوت الكفار ﴿سقفا من فضة ومعارج﴾ من فضة، وهي درج، وسرر فضة. ﴿مقرنين﴾ /١٣/: مطيقين. ﴿آسفونا﴾ /٥٥/: أسخطونا. ﴿يعش﴾ /٣٦/: يعمى.
وقال مجاهد: ﴿أفنضرب عنكم الذكر﴾ /٥/: أي تكذبون بالقرآن، ثم لا تعاقبون عليه؟ ﴿ومضى مثل الأولين﴾ /٨/: سنة الأولين. ﴿وما كنا له مقرنين﴾ /١٣/: يعني الإبل والخيل والبغال والحمير. ﴿ينشأ في الحلية﴾ /١٨/: الجواري، يقول: جعلتموهن للرحمن ولدا،

١٨٢١
فكيف تحكمون؟ ﴿لو شاء الرحمن ما عبدناهم﴾ /٢٠/: يعنون الأوثان، يقول الله تعالى: ﴿ما لهم بذلك من علم﴾ أي الأوثان، إنهم لا يعلمون. ﴿في عقبه﴾ /٢٨/: ولده. ﴿مقترنين﴾ /٥٣/: يمشون معا. ﴿سلفا﴾ /٥٦/: قوم فرعون سابقا لكفار أمة محمد ﷺ. ﴿ومثلا﴾ عبرة. ﴿يصدون﴾ /٥٧/: يضجون. ﴿مبرمون﴾ /٧٩/: مجمعون. ﴿أول العابدين﴾ /٨١/: أول المؤمنين.
وقال غيره: ﴿إنني براء مما تعبدون﴾ /٢٦/: العرب تقول: نحن منك البراء والخلاء، والواحد والاثنان والجميع، من المذكر والمؤنث، يقال فيه: براء، لأنه مصدر، ولو قال: بريء، لقيل في الاثنين: بريئان، وفي الجميع: بريئون، وقرأ عبد الله: ﴿إنني بريء﴾ بالياء. والزخرف: الذهب. ﴿ملائكة يخلفون﴾ /٦٠/: يخلف بعضهم بعضا.


(أمة) طريقة تؤم وتقصد، من الأم وهو القصد، أي دين وملة متمسكين بها فقلدناهم فيها. (وقيله) أي وقول النبي ﷺ شاكيا إلى
ربه عز وجل، والقيل والقول والقال والمقال واحد في المعنى. وتفسيره بما ذكر ظاهره عود الضمير على الكافرين المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون﴾ /الزخرف: ٨٠/. [نجواهم: ما يتكلمون به فيما بينهم. رسلنا: ملائكتنا الحفظة. لديهم: عندهم ملازمون لهم. يكتبون: يحصون عليهم أعمالهم ويسجلونها في صحفهم]. قال العيني: وبعضهم أنكر هذا التفسير فقال: إنما يصح لو كانت التلاوة: وقيلهم، وإنما الضمير فيه يرجع إلى النبي ﷺ. وقرأ عاصم وحمزة: ﴿قيله﴾ بكسر اللام، عطفا على لفظ الساعة في قوله تعالى: ﴿وعنده علم الساعة﴾ /الزخرف: ٨٥/. أي وعنده علم الساعة وعلم قيله. وقرأ الباقون: ﴿قيله﴾ بفتح اللام عطفا على محل الساعة، أي ويعلم قيله. (ولولا أن يكون ..) أي ولولا أن يصير الناس كلهم كفارا، فيجمعون على طريقة واحدة في الكفر ويرغبوا فيه، إذا رأوا الكفار في غاية من الترفه ومتع الدنيا وسعة العيش، لأعطينا الكفار من الدنيا ما ذكر وأكثر منه، لحقارة الدنيا عندنا، ولأنها عرض زائل وآيلة إلى الفناء، ولأنهم ليس لهم في الحياة الآخرة الباقية حظ ولا نصيب. (معارج) جمع معراج، وهو المصعد والسلم والدرج. (سرر) جمع سرير، واللفظ وارد في الآية نفسها. (يعش) يغفل ويعرض، وأصله من العشا وهو ضعف البصر. (أفنضرب ..) نمسك عن إنزال القرآن لأنكم لا تؤمنون به، أو نترككم على كفركم ولا نعاقبكم؟ (سنة ..) طريقة الأمم السابقة المكذبة في إنزال العقوبة فيهم. (يعني ..) أي الضمير في (له) يعود إلى الأنعام المذكورة في قوله تعالى: ﴿والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون﴾ /الزخرف: ١٢/. (الأزواج) الأصناف. (الفلك) السفن. وقيل: يعود الضمير إلى (ما) من قوله: ما تركبون. (ينشأ في الحلية ..) يتربى في الزينة، والمراد الإناث، أي وكيف جعلتم الملائكة إناثا، ونسبتموهن إلى الله عز وجل على أنهن بنات له، وأنتم تعتقدون النقص في الإناث، وأنهن من شأنهن الزينة والتنعم، وهما علامة الضعف والنقص؟ .. (لو شاء الرحمن ما عبدناهم) ظاهر السياق القرآني أن الضمير يعود على الملائكة في قوله تعالى: ﴿وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا﴾ /الزخرف: ١٩/. وحاصل قولهم هذا: أن الله تعالى لم يعجل لهم العقوبة على عبادتهم، فجعلوا هذا عنوان رضاه سبحانه وتعالى بذلك، ونزلوا الرضا منزلة المشيئة فقالوا .. (ما لهم بذلك ..) ليس لهم علم في قولهم هذا ولا حجة لديهم ولا برهان، فهم مفترون كاذبون على الله عز وجل. (مقترنين) مجتمعين مصطحبين. (سلفا) سابقين في الهلاك ليعتبر بهم من يجيء بعدهم. (عبد الله) أي ابن مسعود رضي الله عنه. (الزخرف) قيل: هو الزينة من كل شيء. (ملائكة ..) قيل: يخلفون بني آدم في الأرض بدلا عنهم].

٣٠٧ - باب: قوله: ﴿ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون﴾ /٧٧/.


(نادوا) أي الكفار. (مالك) هو خازن النار. (ليقض ...) ليمتنا حتى نستريح من عذاب جهنم. (ماكثون) مقيمون ومستمرون في العذاب.

٤٥٤٢ - حدثنا حجاج بن منهال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ على المنبر: ﴿ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك﴾.
[ر: ٣٠٥٨]
وقال قتادة: ﴿مثلا للآخرين﴾ /٥٦/: عظة لمن بعدهم.
وقال غيره: ﴿مقرنين﴾ /١٣/: ضابطين، يقال: فلان مقرن لفلان ضابط له.
والأكواب: الأباريق التي لا خراطيم لها.

١٨٢٢
﴿أول العابدين﴾ /٨١/: أي ما كان، فأنا أول الآنفين، وهما لغتان: رجل عابد وعبد.
وقرأ عبد الله: وقال الرسول يا رب.
ويقال: ﴿أول العابدين﴾ الجاحدين، من عبد يعبد.
وقال قتادة: ﴿في أم الكتاب﴾ /٤/: جملة الكتاب، أصل الكتاب. ﴿أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين﴾ /٥/: مشركين، والله لو أن هذا القرآن رفع حيث رده أوائل هذه الأمة لهلكوا. ﴿فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين﴾ /٨/: عقوبة الأولين. ﴿جزءا﴾ /١٥/: عدلا.


(الأكواب ..) يشير إلى قوله تعالى: ﴿يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب﴾ /الزخرف: ٧١/. (بصحاف) جمع صحفة، وهي القصعة الواسعة. (أكواب) جمع كوب وهو إناء مستدير بلا عروة، وهي ما يمسك منها. (الأباريق) جمع أبريق، وهو إناء له خرطوم وقد تكون له عروة، والخرطوم هو مخرج للشراب يشبه الأنف. (ما كان) أي ما كان لله تعالى ولد، وهو تفسير لقوله تعالى: ﴿قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين﴾. (الآنفين) الرافضين والمنكرين لما قلتم، وعليه: والعابدين مشتق من عبد إذا أنف واشتدت أنفته. (عابد وعبد) فالأول بمعنى المؤمن، والثاني بمعنى الآنف. (وقرأ عبد الله) أي ابن مسعود رضي الله عنه. (وقال الرسول) أي بدل: ﴿وقيله﴾ وهي قراءة شاذة. (أم الكتاب) اللوح المحفوظ، وتأتي كلمة أم
بمعنى أصل، وفسرها قتادة رحمه الله تعالى أيضا بالجملة، وهي الجماعة من كل شيء. (صفحا) إعراضا وإهمالا لكم. (أن كنتم) لأجل أن كنتم. (بطشا) قوة. (عدلا) نظيرا ومثيلا.

٣٠٨ - باب: تفسير سورة حم (الدخان)
وقال مجاهد: ﴿رهوا) /٢٤/: طريقا يابسا، ويقال: ﴿رهوا﴾ ساكنا. ﴿على علم على العالمين﴾ /٣٢/: على من بين ظهريه. ﴿فاعتلوه﴾ /٤٧/: ادفعوه. ﴿وزوجناهم بحور عين﴾ /٥٤/: أنكحناهم حورا عينا يحار فيها الطرف. ﴿ترجمون﴾ /٢٠/: القتل.
وقال ابن عباس: ﴿كالمهل﴾ /٤٥/: أسود كمهل الزيت.
وقال غيره: ﴿تبع﴾ /٣٧/: ملوك اليمن، كل واحد منهم يسمى تبعا، لأنه يتبع

١٨٢٣
صاحبه، والظل يسمى تبعا، لأنه يتبع الشمس.


(من بين ظهريه) أهل عصره الذين كان بينهم. (فاعتلوه) سوقوه بعنف وغلظة. قرأ مكي ونافع وشامي وسهل ويعقوب: ﴿فاعتلوه﴾. (بحور) جمع حوراء، وهي شديدة البياض وصفاء اللون، وقيل: شديدة بياض العين وشديدة سوادها. (عين) جمع عيناء، وهي واسعة العين. (الطرف) تحريك الجفن والعين والنظر. (ترجمون) تقتلوني بالرجم، وهو الرمي بالحجارة،
وقيل: تشتمون. (كمهل الزيت) دردي الزيت، أي ما يرسب أسفله.

٣٠٩ - باب: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين﴾ /١٠/.
قال قتادة: فارتقب: فانتظر.


(فارتقب) فانتظر، ويقال هذا في المكروه، أي انتظر يا محمد ﷺ يوم يأتي العذاب هؤلاء، من القحط والجوع، حتى ينظر أحدهم إلى السماء فيراها وكأنها دخان ظاهر من شدة جوعه. وقيل: هو دخان يأتي من السماء قبل يوم القيامة، يدخل في أسماع الكفرة ويأخذ بأنفسهم، ويصيب المؤمن منه كالزكام.

٤٥٤٣ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن مسلم، عن مسرق، عن عبد الله قال:
مضى خمس: الخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللزام.
[ر: ٩٦٢]

٣١٠ - باب: ﴿يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾ /١١/.


(يغشى ..) يشملهم ويحيط بهم كالغطاء.

٤٥٤٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله:
إنما كان هذا، لأن قريشا لما استعصوا على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾. قال: فأتى رسول الله ﷺ فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضر، فإنها قد هلكت. قال: (لمضر؟ إنك لجريء). فاستسقى فسقوا. فنزلت: ﴿إنكم عائدون﴾. فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾. قال: يعني يوم بدر.
[ر: ٩٦٢]


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: الدخان، رقم: ٢٧٩٨.
(لمضر ..) أتأمرني أن استسقي لهم، مع ماهم عليه من المعصية لله تعالى والشرك به، وعدم الاستجابة لنبيه؟. (إنك لجريء) ذو جرأة، حيث إنك تشرك بالله تعالى وتطلب الرحمة منه لك ولمن على شاكلتك. (الرفاهية) التوسع والراحة.

٣١١ - باب: ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون﴾ /١٢/.


(اكشف ..) ارفعه وأزله. (مؤمنون) أي سنؤمن ونكون مؤمنين.

٤٥٤٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ

١٨٢٤
قال:
دخلت على عبد الله فقال: إن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم، إن الله قال لنبيه ﷺ: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. إن قريشا لما غلبوا النبي ﷺ واستعصوا عليه، قال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد، حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع قالوا: ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون﴾. فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا، فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر، فذلك قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - إِلَى قَوْلِهِ جل ذكره - إنا منتقمون﴾.
[ر: ٩٦٢]

٣١٢ - باب: ﴿أنا لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين﴾ /١٣/.
الذكر والذكرى واحد.


(أنى لهم ..) كيف يتذكرون ويتعظون بعد نزول البلاء وحلول العذاب، وقد سبق لهم ما هو أدعى لحملهم على الطاعة، وهو رسول الله ﷺ، وما أيده به الله تعالى من المعجزات الظاهرة والآيات الباهرة الدالة على صدقه، ومع ذلك كذبوا وأعرضوا واتهموا؟.

٤٥٤٦ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا جرير بن حازم، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قال: دخلت على عبد الله، ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لما دعا قريشا كذبوه واستعصوا عليه، فقال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأصابتهم سنة حصت - يعني - كل شيء، حتى كانوا يأكلوا الميتة، فكان يقوم أحدهم، فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجهد والجوع، ثم قرأ:
﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم - حتى بلغ - إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون﴾. قال عبد الله: أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ قال: والبطشة الكبرى يوم بدر.
[ر: ٩٦٢]

٣١٣ - باب: ﴿ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون﴾ /١٤/.


(تولوا) أعرضوا. (معلم) يعلمه القرآن بشر. (مجنون) بادعائه النبوة.

٤٥٤٧ - حدثنا بشر بن خالد: أخبرنا محمد، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضحى، عن مسروق قال: قال عبد الله:
إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ وقال: ﴿قل

١٨٢٥
ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لما رأى قريشا استعصوا عليه قال: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف). فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء، حتى أكلوا العظام والجلود، فقال أحدهم: حتى أكلوا الجلود والميتة، وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان، فأتاه أبو سفيان، فقال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله أن يكشف عنهم، فدعا، ثم قال: (تعودون بعد هذا). في حديث منصور: ثم قرأ: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - إِلَى - عائدون﴾. أيكشف عذاب الآخرة؟ فقد مضى: الدخان، والبطشة، واللزام. وقال أحدهم: القمر. وقال الآخر: الروم.
[ر: ٩٦٢]

٣١٤ - باب: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون﴾ /١٦/.

٤٥٤٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عبد الله قال:
خمس قد مضين: اللزام، والروم، والبطشة، والقمر، والدخان.
[ر: ٩٦٢]

٣١٥ - باب: تفسير سورة حم (الجاثية).
﴿جاثية﴾ /٢٨/: مستوفزين على الركب.
وقال مجاهد: ﴿نستنسخ﴾ /٢٩/: نكتب. ﴿ننساكم﴾ /٣٤/: نترككم.


(مستوفزين) من استوفز في قعدته إذا قعد منتصبا غير مطمئن. (ننساكم) نترككم في العذاب ونبعدكم عن رحمتنا.

٣١٦ - باب: ﴿وما يهلكنا إلا الدهر﴾ /٢٤/. الآية.


(الآية) وهي بتمامها: ﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون﴾. (وقالوا) أي قال منكرو البعث. (ما هي) أي الحياة بكاملها. (حياتنا الدنيا) التي نحن فيها. (نموت ونحيا) أي نحيا ثم نموت، أو يموت الآباء ويحيا الأبناء، وهكذا. (يهلكنا) يفنينا ويبلينا. (الدهر) مرور الأيام والليالي وطول الزمان.
والدهر في الأصل اسم لمدة العالم، ويعبر به عن كل مدة طويلة. (وما لهم ..) لم يقولوا ما قالوه عن علم حصل لديهم أو حجة أثبتوها، وإنما يقولون هذا حدسا وتخمينا، وجهلا وعنادا وتكذيبا.

٤٥٤٩ - حدثنا الحميدي: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب،

١٨٢٦
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
(قال الله عز وجل: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار).
[٥٨٢٧ - ٥٨٢٩ - ٧٠٥٣]


أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: النهي عن سب الدهر، رقم: ٢٢٤٦.
(يؤذيني) ينسب إلي ما من شأنه أن يؤذي ويسيء. (يسب الدهر) بسبب ما يصيبه فيه من أمور، وأنا المدبر لكل ما يحصل لكم وتنسبونه إلى الدهر، فإذا سببتم الدهر لما يجري فيه كان السب في الحقيقة لي، لأني أنا المدبر المتصرف، والأمر كله بيدي، أي بإرادتي وقدرتي. (أقلب ..) أصرفهما وما يجري فيهما، والله تعالى أعلم.

٣١٧ - باب: تفسير سورة حم (الأحقاف)
وقال مجاهد: ﴿تفيضون﴾ /٨/: تقولون.
وقال بعضهم: أثرة وأثرة و: ﴿أثارة﴾ /٤/: بقية.
وقال ابن عباس: ﴿بدعا من الرسل﴾ /٩/: لست بأول الرسل.
وقال غيره: ﴿أرأيتم﴾ /٤/: هذه الألف إنما هي توعد، إن صح ما تدعون لا يستحق أن يعبد، وليس قوله: ﴿أرأيتم﴾ برؤية العين، إنما هو: أتعلمون، أبلغكم أن ما تدعون من دون الله خلقوا شيئا؟


(الأحقاف) جمع حقف، وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء واعوجاج كهيئة الجبل، من احقوقف الشيء إذا اعوج. وقيل غير ذلك. (تفيضون)
تقولون باندفاع، من القدح والطعن والخوض في التكذيب والافتراء. (لست
بأول الرسل) أي حتى تنكروا رسالتي. (أرأيتم) أخبروني ماذا تقولون.
(توعد) لكفار مكة بالعذاب على عنادهم، حيث ادعوا صحة ما عبدوه من دون الله تعالى. (إن صح ..) أي على فرض صحة دعواكم فلا يستحق ما تدعون أن يعبد لأنه ليس بخالق، بل هو مخلوق، والذي يستحق أن يعبد هو الخالق سبحانه.

٣١٨ - باب: ﴿والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين﴾ /١٧/.


(والذي قال لوالديه) هو كل كافر عاق لوالديه يقع منه مثل هذا القول إذا دعاه أبواه إلى الدين الصحيح. (أف) كلمة كراهية يقصد بها إظهار السخط وقبح الرد. (أخرج) من قبري وأحيا بعد فنائي وبلائي. (خلت ..) مضت الأجيال ولم يبعث منها أحد. (يستغيثان الله) يستجيران به من قوله ويستصرخان عليه. (ويلك ..) قائلين له: لك الهلاك إن لم تؤمن، وهو تحريض له على الإيمان. (أساطير الأولين) ما كتبه الأوائل وخطوه بأيديهم من تخيلات وأوهام، وأساطير: جمع أسطار، وهو جمع سطر، والسطر الخط والكتابة. أو جمع أسطورة وإسطاره، وهي الأحدوثة الباطلة.

٤٥٥٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قال:
كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: ﴿والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني﴾. فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري.


(على الحجاز) أميرا على المدينة. (استعمله) جعله عاملا له، أي أميرا من قبله. (يذكر يزيد ..) يثني عليه ويبين حسن اختيار معاوية رضي الله
عنه له. (شيئا) يسيئه ويقدح فيما يدعو إليه، وقيل: إنه قال له: سنة هرقل وقيصر، أي اتبعتم طريقتهما في إسناد الملك لأولاد المالكين، وخالفتم سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأصحابه من بعده، إذ إنهم لم يفعلوا ذلك. (فلم يقدروا) على إخراجه من بيتها وامتنعوا من دخوله إعظاما لشأنها. (فينا) آل أبي بكر وبنيه رضي الله عنهم. (عذري) أي براءتي مما اتهمني به أهل الإفك، وتعني ما نزل بشأنها من آيات في سورة النور، من قوله تعالى: ﴿إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم﴾ .. إلى قوله تعالى: ﴿أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم﴾ /النور: ١١ - ٢٦/.

٣١٩ - باب: قوله: ﴿فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم﴾ /٢٤/.
قال ابن عباس: عارض: السحاب.


(رأوه) أي العذاب. (عارضا) سحابا عرض في أفق السماء، سمي السحاب بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.

٤٥٥١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو: أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ، قَالَتْ:
مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يبتسم. قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه، قالت: يا رسول الله، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا، رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال: (يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: هذا عارض ممطرنا).


(لهواته) جمع لهاة، وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك، وترى عند الضحك الشديد. (عرف في وجهه) أي تغير وجهه وبدت عليه الكراهية والخوف.

٣٢٠ - باب: تفسير سورة محمد ﷺ.
﴿أوزارها﴾ /٤/: آثامها، حتى لا يبقى مسلم. ﴿عرفها﴾ /٦/: بينها.
وقال مجاهد: ﴿مولى الذين آمنوا﴾ /١١/: وليهم. ﴿عزم الأمر﴾ /٢١/: جد الأمر. ﴿فلا تهنوا﴾ /٣٥/: لا تضعفوا.
وقال ابن عباس: ﴿أضغانهم﴾ /٢٩/: حسدهم. ﴿آسن﴾ /١٥/: متغير.


(أوزارها) اللفظ من قوله تعالى: ﴿حتى تضع الحرب أوزارها﴾ أي تنتهي، بأن يضع أهل الحرب أسلحتهم ويمسكوا عن القتال، وأوزارها: جمع وزر وهو الحمل الثقيل أو ما يحمله الإنسان، وأطلق هذا على السلاح لأنه يحمل وفيه ثقل، وعبر عن انقضاء الحرب بقولهم: وضعت الحرب أوزارها، لأن المتحاربين يضعون أسلحتهم عند ذلك. وقيل في تفسيرها
ما ذكره البخاري رحمه الله تعالى، والمعنى: يترك الكفار أهل الحرب آثامهم - أي كفرهم - بأن يسلموا، فيكف عن قتالهم وتنتهي الحرب. (أضغانهم) جمع ضغن وهو الحقد والحسد. (آسن) يقال: أسن الماء إذا تغير لونه وريحه وطعمه وأنتن.

٣٢١ - باب: ﴿وتقطعوا أرحامكم﴾ /٢٢/.

٤٥٥٢ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حدثني مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال له: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ القطيعة، قال: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فذاك). قال أبو هريرة: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم﴾.
حدثنا إبراهيم بن حمزة: حدثنا حاتم، عن معاوية قال: حدثني عمي أبو الحباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة بهذا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اقرؤوا إن شئتم: ﴿فهل

١٨٢٩
عسيتم﴾).
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا معاوية بن أبي المزرد بهذا، قال رسول الله ﷺ: (واقرؤوا إن شئتم: ﴿فهل عسيتم﴾).
[٥٦٤١ - ٥٦٤٢ - ٧٠٦٣]


أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطعها، رقم: ٢٥٥٤.
(الرحم) القرابة، مشتقة من الرحمة، قال العيني: وهي عرض جعلت في جسم، فلذلك قامت وتكلمت. (بحقو) الحقو هو الخصر وموضع شد الإزار، وهو الموضع الذي جرت عادة العرب بالاستجارة به، لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدافع. (فقال له مه) أي فقال الرحمن جل وعلا للرحم: اكفف وانزجر عما تفعل. (العائذ) المعتصم والمستجير. (توليتم) من الولاية، أي وليتم الحكم وأمر الناس. وقيل: من الإعراض، أي إن أعرضتم عن قبول الحق. (تفسدوا في الأرض) بالظلم والبغي وسفك الدماء. (تقطعوا أرحامكم) تقاتلوا أقرباءكم وتقتلوهم.

٣٢٢ - باب: تفسير سورة الفتح.
وقال مجاهد: ﴿سيماهم في وجوههم﴾ /٢٩/: السحنة، وقال منصور، عن مجاهد: التواضع. ﴿شطأه﴾ /٢٩/: فراخه. ﴿فاستغلظ﴾ /٢٩/: غلظ. ﴿سوقه﴾ /٢٩/: الساق حاملة الشجرة.
ويقال: ﴿دائرة السوء﴾ /٦/: كقولك: رجل السوء، ودائرة السوء: العذاب. ﴿تعزروه﴾ /٩/: تنصروه. ﴿شطأه﴾ شطء السنبل، تنبت الحبة عشرا، أو ثمانيا، وسبعا، فيقوى بعضه ببعض، فذاك قوله تعالى: ﴿فآزره﴾ /٢٩/: قواه، ولو كانت واحدة لم تقم على ساق، وهو مثل ضربه الله للنبي صلى الله
عليه وسلم إذ خرج وحده، ثم قواه بأصحابه، كما قوى الحبة بما ينبت منها.


(الفتح) سميت بذلك لقوله تعالى في أولها: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾ أي ظاهرا. ونزلت بعد الحديبية، والمراد بالفتح فتح مكة، وعد الله تعالى به نبيه ﷺ قبل حصوله، وعبر عنه بصيغة الماضي لأنه متحقق الوقوع. وقيل: المراد به صلح الحديبية نفسه، لأنه كان سبب استقرار المسلمين وأمن الناس، فانتشر الإسلام، وأقبلت وفود القبائل
على المدينة تعلن ولاءها لرسول الله ﷺ واعتناقها لدين الله عز وجل. (بورا) جمع بائر، أي فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم، لا خير فيكم ولا تصلحون لشيء، هالكين عند الله عز وجل مستحقين لسخطه وعقابه. (سيماهم) علامتهم. (السحنة) بشرة الوجه وهيأته وحاله. (شطأه) ما خرج منه وتفرع، وهو المراد بفراخه، وقبل تفرعه يقال له نبت.
(السوء) قرأ الجمهور بفتح السين، وقرأ أبو عمرو وابن كثير: ﴿السوء﴾ بضمها.

٣٢٣ - باب: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾ /١/.

٤٥٥٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن زيد بن أسلم، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يسير في بعض أسفاره، وعمر ابن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله ﷺ، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلت أم عمر، نزرت رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثٌ مرات، كل ذلك

١٨٣٠
لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فسلمت عليه، فقال: (لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. ثم قرأ: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾).
[ر: ٣٩٤٣]

٤٥٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾. قال: الحديبة
[ر: ٣٩٣٩]

٤٥٥٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مغفل قَالَ:
قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ يوم فتح مكة سورة الفتح، فرجع فيها. قال معاوية: لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي ﷺ لفعلت.
[ر: ٤٠٣١]

٣٢٤ - باب: قوله: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما﴾ /٢/.


(ما تقدم من ذنبك) المراد بذنبه ﷺ ما وقع منه خلاف الأولى وخطأ في تقدير الأمر قبل نزول الوحي، كاختياره فداء الأسرة وعبوسه في وجه ابن مكتوم رضي الله عنه، ونحو ذلك، من باب: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وحاصله: إعلاء منزلته صلى
الله عليه وسلم فوق كل منزلة. (ويتم نعمته عليك) بإعلاء دينك ونصرتك والتمكين لك ولأتباعك. (يهديك ..) يثبتك على الحق والدين المرضي.

٤٥٥٦ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حدثنا زياد، هو ابن علاقة: أنه المغيرة يَقُولُ:
قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفر الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قال: (أفلا أكون عبدا شكورا).
[ر: ١٠٧٨]

٤٥٥٧ - حدثنا الحسن بن عبد العزيز: حدثنا عبد الله بن يحيى: أخبرنا حيوة، عن أبي الأسود: سمع عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قال: (أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا). فلما كثر لحمه صلى

١٨٣١
جالسا، فإذا أراد أن يركع، قام فقرأ ثم ركع.


(تتفطر) تتشقق. (كثر لحمه) قال العيني: وأنكر الداودي هذه اللفظة، والحديث: (فلما بدن) أي كبر، فكأن الراوي تأوله على كثرة اللحم، وقال ابن الجوزي: لم يصفه أحد بالسمن، ولقد مات وما شبع من خبز الخمير في يوم مرتين، وأحسب بعض الرواة لما رأى (بدن) ظن كثر لحمه، وليس كذلك، وإنما هو: بدن تبدينا أي اسن. هذا كلام العيني، ولعل كلمة [الخمير] مصفحة عن كلمة الشعير، لأن هذا هو المشهور. وخبز الخمير هو الخبز الذي خمر عجينه، أي غطي وترك ليصير خبزه جيدا].

٣٢٥ - باب: ﴿إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾ /٨/.

٤٥٥٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بن أبي سلمة، عن هلال بن أبي هلال، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
أن هذه الآية التي فِي الْقُرْآنِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾. قال في التوراة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فيفتح
بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.
[ر: ٢٠١٨]

٣٢٦ - باب: ﴿هو الذي أنزل الكينة في قلوب المؤمنين﴾ /٤/.


(السكينة) الطمأنينة والثبات.

٤٥٥٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال:
بينما رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يقرأ، وفرس له مربوط في الدار، فجعل ينفر، فخرج الرجل فنظر فلم ير شيئا، وجعل ينفر، فلما أصبح ذكر ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (السكينة تنزلت بالقرآن)
[ر: ٣٤١٨]

٣٢٧ - باب: ﴿إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ /١٨/.


(إذ يبايعونك ..) وكان هذا في الحديبية، وسميت بيعة، وانظر الحديث: ٣٣٨٣.

٤٥٦٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عمرو، عن جابر قال:
كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة.
[ر: ٣٣٨٣]

٤٥٦١ - حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بن صهبان، عن عبد الله بن مغفل المزني:
إني ممن شهد الشجرة، نهى النبي ﷺ عن

١٨٣٢
الخذف.
وعن عقبة بن صهبان قال: سمعت عبد الله بن المغفل المزني: في البول في المغتسل.
[٥١٦٢، ٥٨٦٦]


(شهد الشجرة) حضر البيعة تحت الشجرة في الحديبية.
(الخذف) رمي الحصاة أو النواة من بين الأصبعين أو نحو ذلك. (في البول في المغتسل) أي سمعته يروي حديثا فيه النهي عن البول في المغتسل، أي أن يبول في المكان الذي يغتسل فيه، إذا لم يكن له مسلك يجري منه الماء.

٤٥٦٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضحاك رضي الله عنه، وكان من أصحاب الشجرة.
[ر: ٣٩٣٨]

٤٥٦٣ - حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي: حدثنا يعلى: حدثنا عبد العزيز ابن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت قال:
أتيت أبا وائل أسأله. فقال: كنا بصفين، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله، فقال علي: نعم، فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني الصلح الذي كان بين النبي ﷺ والمشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل، أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: (بلى). قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع، ولما يحكم الله بيننا؟ فقال: (يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدا). فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل، قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله ﷺ ولن يضيعه الله أبدا، فنزلت سورة الفتح.
[ر: ٣٠١٠]

٣٢٨ - باب: تفسير سورة الحجرات.
وقال مجاهد: ﴿لا تقدموا﴾ /١/: لا تفتاتوا على رسول الله ﷺ حتى يقضي الله على لسانه. ﴿امتحن﴾ /٣/: أخلص. ﴿تنابزوا﴾ /١١/: يدعى بالكفر بعد الإسلام. ﴿يلتكم﴾

١٨٣٣
/١٤/: ينقصكم. ألتنا: نقصنا.


(لا تفتاتوا ..) من الافتيات، وهو السبق إلى الشيء والاستبداد به دون أن يستشير من له الرأي فيه، والمعنى: لا تسبقوا رسول الله ﷺ في قول أو فعل، ولا تحكموا في أمر، قبل أن يأمركم هو به أو يحكم فيه. (تنابزوا) يدعو بعضكم بعضا بلقب سوء يكرهه، ومنها أن يقال للمسلم: يا كافر. (ألتنا) يشير إلى قوله تعالى: ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين﴾ /الطور: ٢١/. (اتبعتهم ذريتهم ..) حكمنا بإسلام الأولاد وإيمانهم تبعا لإسلام وإيمان الآباء. (ألحقنا بهم ..) في الأجر ودخول الجنة. (وما ألتناهم ..) ما أنقصنا الآباء شيئا من ثواب أعمالهم. (رهين) مرتهن ومحتبس في عمله.

٣٢٩ - باب: ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ الآية /٢/.
﴿تشعرون﴾ تعلمون، ومنه الشاعر.


(لا ترفعوا ..) لا تجعلوا كلامكم عاليا أكثر من كلامه، بل ينبغي أن
يكون أخفض منه. (الآية) وتتمتها: ﴿ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون﴾. (ولا تجهروا ..) لا تنادوه بصوت مرتفع كما ينادي بعضكم بعضا. (أن تحبط ..) خشية أن تبطل أعمالكم ويذهب ثوابها. (ومنه الشاعر) أي من اشتقاق يشعرون، يقال: شعرت بالشيء أي فطنت له وعلمته، وسمي قائل الشعر شاعرا لفطنته وعلمه.

٤٥٦٤ - حدثنا يسرة بن صفوان بن جميا اللخمي: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ملكية قَالَ:
كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وعمر رضي الله عنهما، رفعا أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال: أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم﴾. الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، يَعْنِي أَبَا بكر.
[ر: ٤١٠٩]


(نافع بن عمر) الجمحي. (الخيران) الفاعلان للخير الكثير. (يسمع) أي إذا حدثه يخفض صوته، حتى إنه ﷺ لا يكاد يسمعه. (يستفهمه) يستوضح منه ماذا قال. (ولم يذكر ذلك) أي رفع الصوت وخفضه عند الحديث مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (أبيه)
جده أبي أمه أسماء رضي الله عنها.

٤٥٦٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بن سعد: أخبرنا ابن عون قال: أنبأني موسى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته، منكسا رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ، فقد حبط

١٨٣٤
عمله، وهو من أهل النار. فأتى الرجل النبي ﷺ فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: (اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك
من أهل الجنة).
[ر: ٣٤١٧]

٣٣٠ - باب: ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون﴾ /٤/.


(من وراء الحجرات) من خارج غرفة ﷺ، نادوه: يا محمد أخرج إلينا. (لا يعقلون) لديهم سفه ونقص في عقولهم.

٤٥٦٦ - حدثنا الحسن بن محمد: حدثنا حجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ملكية: أن عبد الله بن الزبير أخبرهم:
أنه قدم ركب من بني تميم عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلى - أو: إلا - خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله﴾. حتى انقضت الآية.
[ر: ٤١٠٩]


(فتماريا) تجادلا وتخاصما. (انقضت الآية) الظاهر من طرق الحديث أنها نزلت والتي بعدها للسبب المذكور في الحديث.

٣٣١ - باب: قوله: ﴿ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم﴾ /٥/.


(صبروا) حبسوا أنفسهم وانتظروا. (خيرا لهم) لما يحصلون من أجر بحسن أدبهم مع رسول الله ﷺ. وهذه الترجمة بغير حديث في جميع الروايات، قال العيني: والظاهر أنه أخلى موضع الحديث: فإما لم يظفر بشيء على شرطه، أو أدركه الموت.

٣٣٢ - باب: تفسير سورة ق
﴿رجع بعيد﴾ /٣/: رد. ﴿فروج﴾ /٦/: فتوق، واحدها فرج. ﴿من حبل الوريد﴾ /١٦/: وريداه في حلقه، والحبل: حبل العاتق.
وقال مجاهد: ﴿ما تنقص الأرض﴾ /٤/: من عظامهم. ﴿تبصرة﴾ /٨/: بصيرة. ﴿حب الحصيد﴾ /٩/: الحنطة. ﴿باسقات﴾ /١٠/: الطوال. ﴿أفعيينا﴾ /١٥/: أفأعيا علينا،

١٨٣٥
حين أنشأكم وأنشأ خلقكم. ﴿وقال قرينه﴾ /٢٣/: الشيطان الذي قيض له. ﴿فنقبوا﴾ /٣٦/: ضربوا. ﴿أو ألقى السمع﴾ /٣٧/:
لا يحدث نفسه بغيره. ﴿رقيب عتيد﴾ /١٨/: رصد. ﴿سائق وشهيد﴾ /٢١/: الملكان: كاتب وشهيد. ﴿شهيد﴾ /٣٧/: شاهد بالقلب. ﴿لغوب﴾ /٣٨/: نصب.
وقال غيره: ﴿نضيد﴾ /١٠/: الكفرى ما دام في أكمامه، ومعناه: منضود بعضه على بعض، فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد. ﴿وإدبار النجوم﴾ /الطور: ٤٩/. ﴿وأدبار السجود﴾ /٤٠/: كان عاصم يفتح التي في (ق) ويكسر التي في (الطور)، ويكسران جميعا وينصبان.
وقال ابن عباس: ﴿يوم الخروج﴾ /٤٢/: يوم يخرجون من القبور.


(حبل الوريد) المراد بالحبل العرق، وحبل الوريد: هو العرق الذي يجري فيه الدم ويصل إلى كل جزء من أجزاء البدن. (العاتق) المراد العنق، أي الرقبة، ويطلق العاتق على ما بين الرقبة والمنكب. (ما تنقض ..) ما تأكل من لحومهم وعظامهم وغير ذلك من أجزاء أبدانهم. (تبصرة) بيانا وتعليما وتوضيحا. (الحصيد) ما يحصد، كالشعير والحنطة ونحوهما. (أفعيينا) أفعجزنا وتعذر علينا. (حين ..) هذه الجملة وقعت في الأصل متأخرة عن هذا الموضع، وحقها أن تذكر هنا كما ذكر الشراح، وهي تفسير لقوله تعالى: ﴿أفعيينا بالخلق الأول﴾. (بغيره) بغير القرآن حين يتلى عليه. (رقيب) حافظ. (عتيد) حاضر. (رصد) هو الذي يرصد، أي يراقب
وينظر. (سائق) يسوقها. (شهيد) يشهد عليها. (شاهد ..) حاضر يقظ. (الكفر) الطلع، وهو غلاف يشبه الكوز، ينفتح عن حب منضود، أي مضموم بعضه إلى بعض بالتساق. (عاصم) أحد القراء السبعة. (يفتح .. ويكسر) أي الهمزة، فيقرأ: ﴿إدبار النجوم﴾ و﴿أدبار السجود﴾. (يكسران) تكسر الهمزة في الموضعين. (ينصبان) أي يفتحان في الموضعين.
والإدبار - بالكسر - مصدر أدبر يدبر، والأدبار - بالفتح - جميع دبر وهو الآخر والعقب من كل شيء، والمعنيان هنا متقاربان. والمراد التسبيح عقب الصلوات، وفي وقت الصباح بعدما تغيب النجوم، وقيل: ركعتا سنة الفجر وركعتا سنة المغرب، وقيل غير ذلك.

٣٣٣ - باب: قوله: ﴿وتقول هل من مزيد﴾ /٣٠/.


(تقول) الله تعالى أعلم بحقيقة قولها. (مزيد) زيادة.

٤٥٦٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا حرمي بن عمارة: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
(يلقى في النار وتقول: هل من مزيد، حتى يضع قدمه، فتقول: قط قط).
[٦٢٨٤ - ٦٩٤٩]


(يضع قدمه) الله تعالى أعلم بحقيقة ذلك، وقيل: المعنى: يذللها تذليل من يوضع تحت الرجل، والعرب تضرب الأمثال بالأعضاء ولا تريد أعيانها، كقولهم للنادم: يعض أصبعه، ولو لم يفعل ذلك. (قط قط) حسبي وكفاني.

٤٥٦٨ - حدثنا محمد بن موسى القطان: حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد

١٨٣٦
بن يحيى بن مهدي: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رفعه، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان:
(يقال لجهنم: هل امتلأت، وتقول: هل من مزيد، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها، فتقول: قط قط).

٤٥٦٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة: فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا).
[٧٠١١]


أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون ..، رقم: ٢٨٤٦.
(تحاجت) تخاصمت، والله تعالى أعلم بذلك التخاصم. (أوثرت) اختصصت. (المتجبرين) جمع متجبر، وهو المتعاظم بما ليس فيه، والذي لا يكترث بأمره. (سقطهم) الساقطون من أعين الناس والمحتقرون لديهم، لفقرهم وضعفهم وقلة منزلتهم. (من أشاء) ممن استحق العقوبة واكتسب أسبابها.

٣٣٤ - باب: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغروب﴾ /٣٩/.

٤٥٧٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إسماعيل، عن قيس ابن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال:
كنا جلوسا ليلة مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَظَرَ إِلَى القمر ليلة أربع عشرة، فَقَالَ:
(إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾).
[ر: ٥٢٩]

٤٥٧١ - حدثنا آدم: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: قال ابن عباس:
أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها، يعني قوله: ﴿وأدبار السجود﴾.


(أدبار السجود) انظر الكلام عنها عند شرح الألفاظ في الباب [٣٣٢].]

٣٣٥ - باب: تفسير سورة: ﴿والذاريات﴾ /١/.
قال علي عليه السلام: الذاريات الرياح.
وقال غيره: ﴿تذروه﴾ /الكهف: ٤٥/: تفرقه. ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾ /٢١/: تأكل وتشرب في مدخل واحد، ويخرج من موضعين. ﴿فراغ﴾ /٢٦/: فرجع. ﴿فصكت﴾ /٢٩/: فجمعت أصابعها، فضربت جبهتها. والرميم: نبات الأرض إذا يبس وديس. ﴿لموسعون﴾ /٤٧/: أي
لذوو سعة، وكذلك ﴿على الموسع قدره﴾ /البقرة: ٢٣٦/: يعني القوي. ﴿خلقنا زوجين﴾ /٤٩/: الذكر والأنثى، واختلاف الألوان: حلو وحامض، فهما زوجان. ﴿ففروا إلى الله﴾ /٥٠/: معناه: من الله إليه. ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ /٥٦/: ما خلقت أهل السعادة من أهل الفريقين إلا ليوحدون، وقال بعضهم: خلقهم ليفعلوا، ففعل بعض وترك بعض، وليس فيه حجة لأهل القدر. والذنوب: الدلو العظيم.
وقال مجاهد: ﴿صرة﴾ /٢٩/: صيحة. ﴿ذنوبا﴾ /٥٩: سبيلا. ﴿العقيم﴾: التي لا تلد.

١٨٣٨
وقال ابن عباس: والحبك: استواؤها وحسنها. ﴿في غمرة﴾ /١١/: في ضلالتهم يتمادون.
وقال غيره: ﴿تواصوا﴾ /٥٣/: تواطؤوا. وقال: ﴿مسومة﴾ /٣٤/: معلمة، من السيما.
﴿قتل الخراصون﴾ /١٠/: لعنوا.


(الذاريات) فسرت بالرياح، لأنها تذر التراب وغيره، أي تنثره وتفرقه عند هبوبها. (وفي أنفسكم) أي دلائل على الصانع جل وعلا ووحدانيته وقدرته، ومن ذلك: أنها تأكل وتشرب ... وهذا أمر عظيم وبديع. (تبصرون ..) بعين الاعتبار. (فراغ) عدل ومال. (الرميم) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم. ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم﴾ /الذاريات: ٤١، ٤٢/. (العقيم) التي لا خير فيها من إنزال مطر أو إلقاح شجر، بل هي ريح هلاك. (تذر) تترك. (وكذلك) أي وحاصل معنى هذا الأشتقاق السعة والقدرة. (الموسع) الموسر. (قدره) ما يتناسب مع قدرته من النفقة. (زوجين) صنفين ونوعين. (من الله إليه) من معصيته إلى طاعته، ومن عذابه إلى رحمته وثوابه. (الفريقين) الجن
والإنس. (خلقهم ليفعلوا) أي خلقهم ولديهم استعداد أن يوحدوا الله تعالى ويخصوه بالعبادة والطاعة، وكلفهم بذلك. (وليس فيه ..) أي المعتزلة الذين قالوا: إن إرادة الله تعالى لا تتعلق إلا بالخير، وأما الشر فليس مرادا له، واحتجوا بهذه الآية. وقولهم هذا مردود، لأن تعليل الأمر بشيء لا يلزم منه أن يكون هو أو غيره مرادا. (الذنوب) يشير إلى قوله تعالى: ﴿فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون﴾. (للذين ظلموا) للذين كفروا من أهل مكة. (ذنوبا) هي في اللغة الدلو الكبير المملوء ماء، وفسر في الآية بالحظ والنصيب من العذاب، وبالسبيل، أي طريقا في الكفر والضلال. (أصحابهم) من سبقهم من الأمم التي أهلكها الله عز وجل وأوقع فيها العذاب. (العقيم) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وقالت عجوز عقيم﴾ /الذاريات: ٢٩/. (الحبك) يشير إلى قوله تعالى: ﴿والسماء ذات الحبك﴾ /الذاريات: ٧/. جمع حبيكة: وهي الطريقة التي تخلفها الرياح الهادئة في الرمال أو المياه، أو هي المحبوكة، أي المتقنة، من قولهم ثوب حبيك ومحبوك أي محكم النسيج، وفسرت الآية بكلا المعنيين: أي ذات الطرائق الحسنة ولكنها لا ترى من البعد، أو ذات الخلق الحسن السوي. «غمرة) غفلة وجهالة، وشبهة وعمى وضلالة. (يتمادون) يتطاولون ويبلغون الغاية في الضلالة. «تواصوا ..) أوصى بعضهم بعضا بالتكذيب واتفقوا عليه. (السيما) من السومة وهي العلامة. (الخراصون) الكذابون، وقيل:
المرتابون، وقيل: الكهنة الذين يقدرون ما لا يصح. من الخرص، وهو القول عن ظن وتخمين دون علم ويقين.

٣٣٦ - باب: تفسير سورة: ﴿والطور﴾ /١/.
وقال قتادة: ﴿مسطور﴾ /٢/: مكتوب.
وقال مجاهد: الطور: الجبل بالسرياينية. ﴿رق منشور﴾ /٣/: صحيفة. ﴿والسقف المرفوع﴾ /٥/: سماء. ﴿المسجور﴾ /٦/: الموقد، وقال الحسن: تسجر حتى يذهب ماؤها فلا يبقى فيها قطرة.
وقال مجاهد: ﴿ألتناهم﴾ /٢١/: نقصناهم.
وقال غيره: ﴿تمور﴾ /٩/: تدور. ﴿أحلامهم﴾ /٣٢/: العقول.
وقال ابن عباس: ﴿البر﴾ /٢٨/: اللطيف. ﴿كسفا﴾ /٤٤/: قطعا. ﴿المنون﴾ /٣٠/: الموت.
وقال غيره: ﴿يتنازعون﴾ /٢٣/: يتعاطون.


(والطور) اسم للجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام، وقيل: الطور الجبل مطلقا، وغلب على طور سيناء. (رق) هو الجلد الذي يكتب عليه، وقيل: المراد اللوح المحفوظ، وقيل غير ذلك. (منشور) مبسوط مفتوح لائح للأنظار. (السقف ..) السماء، سميت بذلك لأنها للأرض كالسقف للبيت. (المسجور) المملوء، من سجر النهر إذا ملأه، أو الموقد من سجرت التنور إذا أوقدتها وملأتها وقودا، وعليه تفسير الحسن البصري رحمه الله تعالى. (ألتناهم) انظر الباب (٣١٧). (تمور) تموج وتضطرب. (البر) المحسن الذي عم إحسانه جميع خلقه. (قطعا) جزءا.

٤٥٧٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: (طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ). فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصلي إلى جنب البيت، يقرأ بالطور وكتاب مسطور.
[ر: ٤٥٢]

٤٥٧٣ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان قال: حدثوني عن الزهري، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أبيه رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: ﴿أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون. أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون﴾. كاد قلبي أن يطير.
قال سفيان: فأما أنا، فإنما سمعت الزهري يحدث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أبيه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ في المغرب بالطور. لم أسمعه زاد الذي قالوا لي.
[ر: ٧٣١]


(لا يوقنون) لا يصدقون، وإنما يكابرون ويعاندون. (عندهم خزائن ربك) يملكون خزائن الله تعالى، من الرزق والنبوة وغيرهما، فيخصون من شاؤوا بما شاؤوا. (المسيطرون) الجبارون المتسلطون /الطور: ٣٦، ٣٧/. (كاد قلبي أن يطير) قارب قلبي الطيران، لما سمع هذه الآية، مما تضمنته من بليغ الحجة. والقائل هو جبير بن مطعم رضي الله عنه، وكان سماعه لهذه الآية من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام.

٣٣٧ - باب: تفسير سورة ﴿والنجم﴾ /١/.
وقال مجاهد: ﴿ذو مرة﴾ /٦/: ذو قوة. ﴿قاب قوسين﴾ /٩/: حيث الوتر من القوس. ﴿ضيزى﴾ /٢٢/: عوجاء. ﴿وأكدى﴾ /٣٤/: قطع عطاءه. ﴿رب الشعرى﴾ /٤٩/: هو مرزم الجوزاء. ﴿الذي وفى﴾ /٣٧/: وفى ما فرض عليه. ﴿أزفت الآزفة﴾ /٥٧/: اقتربت الساعة. ﴿سامدون﴾ /٦١/: البرطمة، وقال عكرمة: يتغنون، بالحميرية.
وقال إبراهيم: ﴿أفتمارونه﴾ /١٢/: أفتجادلونه، ومن قرأ: ﴿أفتمرونه﴾ يعني أفتجحدونه.

١٨٤٠
﴿ما زاغ البصر﴾ /١٧/: بصر محمد ﷺ. ﴿وما طغى﴾ ولا جاوز ما رأى. ﴿فتماروا﴾ /القمر: ٣٦/: كذبوا.
وقال الحسن: ﴿إذ هوى﴾ /١/: غاب.
وقال ابن عباس: ﴿أغنى وأقنى﴾ /٤٨/: أعطى فأرضى.


(قاب ..) قدر قرب الوتر من القوس. (ضيزى) غير عادلة. (أكدى) أصله من الكدية وهي حجر يظهر في البئر فيمنع من الحفر ويوئس من الماء. (مرزم ..) الكوكب الذي يطلع وراء الجوزاء. (الآزفة) الموصوفة بالقرب. (سامدون) لاهون لاعبون غافلون. (البرطمة) وفي نسخة (البراطمة) ومعناها الإعراض مع الغضب، قال ابن عيينة: البرطمة هكذا، ووضع ذقنه في صدره. [عيني]. (بالحميرية) لغة تخالف اللغة العربية في كثير من ألفاظها. (أفتمرونه) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف ويعقوب. (ما زاغ) ما مال وما عدل عما أمر برؤيته من العجائب ومكن منه. (ما طغى) ما زاد وما تجاوز الحد. (هوى) سقط للغروب. (أقنى) أعطى القنية، وهي أصول الأموال وما يدخر بعد الكفاية، وقيل غير ذلك].

٤٥٧٤ - حدثنا يحيى: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن مسروق قال:
قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد ﷺ ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث، من حدثكهن فقد كذب: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت: ﴿لا تركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾. ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب﴾. ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: ﴿يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾. الآية، ولكنه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين.
[ر: ٣٠٦٢]


(قف شعري) قام من الفزع والخوف من هيبة الله عز وجل. (أين أنت) أين فهمك. (من ثلاث) من استحضار ثلاثة أشياء ينبغي أن لا تغيب عنك. (لا تدركه) لا تحيط به، وفهمت عائشة رضي الله عنها من هذا نفي الرؤية /الأنعام: ١٠٣/. (وحيا) بأن يلقي في روعه - نفسه - أو رؤيا في المنام، ورؤيا الأنبياء حق. (من وراء حجاب) أي يكلمه من غير واسطة بحيث يسمع كلامه ولا يراه /الشورى: ٥١/. (تكسب غدا) ما يقع منها ولها في اليوم الذي يلي يومها، أو في مستقبل الزمان /لقمان: ٣٤/

٣٣٨ - باب: ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى﴾ /٩/. حيث الوتر من القوس.

٤٥٧٥ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ زرا عن عبد الله:
﴿فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾. قال: حدثنا ابن مسعود: أنه رأى جبريل له ستمائة جناح.
[ر: ٣٠٦٠]

٣٣٩ - باب: قوله: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ /١٠/.

٤٥٧٦ - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ الشيباني قال:
سألت زرا؟؟ عن قوله تعالى: ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾. قال: أخبرنا عبد الله: أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى جبريل له ستمائة جناح.
[ر: ٣٠٦٠]

٣٤٠ - باب: ﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾ /١٨/.

٤٥٧٧ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾. قال: رأى رفرفا أخضر قد سد الأفق.
[ر: ٣٠٦١]

٣٤١ - باب: ﴿أفرأيتم اللات والعزى﴾ /١٩/.

٤٥٧٨ - حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا أبو الأشهب: حدثنا أبو الجوزاء، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
فِي قوله: ﴿اللات والعزى﴾ كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.


(العزى) شجرة لغطفان كانوا يعبدونها /النجم: ١٩/. (رجلا) أي كان نصبا أقيم في الأصل إحياء لذكرى ذاك الرجل، ثم عبد كباقي الأصنام. (يلت ..) يخلطه بالعسل ونحوه. (سويق) هو دقيق الحنطة أو الشعير.

٤٥٧٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد: أخبرنا هشام بن يوسف: أخبرنا معمر، عن الزهري، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(مَنْ حَلَفَ فقال في حلفه: واللات وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق).
[٥٧٥٦، ٥٩٤٢، ٦٢٧٤]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: من حلف باللات والعزى ...، رقم: ١٦٤٧.
(حلفه) يمينه. (فليقل) فليتدارك نفسه وليقل كلمة التوحيد، بعد أن بدر منه ما ظاهره الشرك.
(أقامرك) ألعب معك القمار، وهو: أن يتغالب اثنان فأكثر، في قول أو فعل، على أن يكون للغالب جعل معين من مال ونحوه، وهو حرام بالإجماع. (فليتصدق) ليكفر ذنب ما تكلم به من المعصية، فضلا عن الفعل.

٣٤٢ - باب: ﴿ومناة الثالثة الأخرى﴾ /٢٠/.

٤٥٨٠ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا الزهري: سمعت عروة: قلت

١٨٤٢
لعائشة رضي الله عنها، فقالت:
إنما كان من أهل بمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصفا والمروة من شعائر الله﴾. فطاف رسول الله ﷺ والمسلمون.
قال سفيان: مناة بالمشلل من قديد.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شهاب. قال عروة: قالت عائشة: نزلت في الأنصار، كانوا هم وغسان قبل أن يسلموا يهلون لمناة، مثله.
وقال مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة، ومناة صنم بين مكة والمدينة، قالوا يا نبي الله، كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة، نحوه.
[ر: ١٥٦١]

٣٤٣ - باب: ﴿فاسجدوا لله واعبدوا﴾ /٦٢/.

٤٥٨١ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
سجد النبي ﷺ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ.
تابعه ابن طهمان، عن أيوب، ولم يذكر ابن علية ابن عباس.
[ر: ١٠٢١]


(سجد ...) عند الانتهاء من قراءتها. (المشركون) سجدوا معارضة للمسلمين إذ إنهم سجدوا لمعبودهم، أو أنهم سجدوا بلا قصد، أو خافوا من مخالفة المسلمين في ذاك المجلس. (الجن والإنس) أي لم يكن السجود خاصا بالإنس بلا قصد.

٤٥٨٢ - حدثنا نصر بن علي: أخبرني أبو أحمد: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
أول سورة أنزلت فيها سجدة ﴿والنجم﴾ قال: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وسجد من خلفه إلا رجلا، رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف.
[ر: ١٠١٧]

٣٤٤ - باب: تفسير سورة (القمر): ﴿اقتربت الساعة﴾ /١/.
قال مجاهد: ﴿مستمر﴾ /٢/: ذاهب. ﴿مزدجر﴾ /٤/: متناه. ﴿وازدجر﴾ /٩/:

١٨٤٣
فاستطير جنونا. ﴿دسر﴾ /١٣/: أضلاع السفينة. ﴿لمن كان كفر﴾ /١٤/: يقول: كفر له جزاء من الله. ﴿محتضر﴾ /٢٨/: يحضرون الماء.
وقال ابن جبير: ﴿مهطعين﴾ /٨/: النسلان: الخبب السراع.
وقال غيره: ﴿فتعاطى﴾ /٢٩/: فعاطها بيده فعقرها. ﴿المحتظر﴾ /٣١/: كحظار من الشجر محترق. ﴿ازدجر﴾ /٩/: افتعل من زجرت. ﴿كفر﴾ /١٤/: فعلنا به وبهم ما فعلنا جزاء لما صنع بنوح وأصحابه. ﴿مستقر﴾ /٣/: عذاب حق. يقال: الأشر المرح والتجبر.


(مستمر) دائم عام مطرد، ومحكم قوي. (متناه) غاية في الزجر. (ازدجر) زجروه عن دعوته بالشتم وهددوه بالقتل. (فاستطير ..) صرع. (دسر) قيل: جمع دسار وهو المسمار، وقيل: الدسر صدر السفينة، وقيل غير ذلك. (كفر له ...) حاصل المعنى: أن الله تعالى أغرق من أغرق جزاء لهم لكفرهم بنوح عليه السلام، ونجى نوحا عليه السلام ومن معه جزاء على صبرهم وتحملهم. (محتضر) يحضر القوم يوم شربهم. (مهطعين) مسرعين، من الإهطاع، وفسره بالنسلان، وفسر النسلان بالخبب وهو نوع من العدو، ووصفه بالسراع من المسارعة.
(فعاطها) فتناولها. (فعقرها) قطع إحدى قوائمها لتسقط على الأرض ويتمكن من ذبحها. (كحظار) هو ما يحظر للغنم ونحوه، كالحظيرة. (الأشر) يشير إلى قوله تعالى: ﴿أألقي عليه الذكر من بيننا بل هو كذاب أشر﴾ /القمر: ٢٥/. (الذكر) الوحي وما نزل به. (أشر بطر متكبر يريد أن يتعاظم علينا. (المرح) العجب والاختيال.

٣٤٥ - باب: ﴿وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا﴾ /١، ٢/.


(آية) معجزة وأمرا خارقا للعادة، تأييد لرسول الله ﷺ فيما يدعو إليه.

٤٥٨٣ - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن شعبة، وسفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال:
انشق القمر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اشهدوا).

٤٥٨٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: أخبرنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله قال:
انشق القمر وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فصار فرقتين، فقال لنا: (اشهدوا اشهدوا).
[ر: ٣٤٣٧]

٤٥٨٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ، عن جعفر، عن عراك بن مالك، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
انشق

١٨٤٤
القمر فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٤٣٩]

٤٥٨٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن محمد: حدثنا شيبان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
سأل أهل مكة أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر.

٤٥٨٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قتادة، عن أنس قال:
انشق القمر فرقتين.
[ر: ٣٤٣٨]

٣٤٦ - باب: ﴿تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر. ولقد تركناها آية فهل من مدكر﴾ /١٤، ١٥/.
قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الامة.


(بأعيننا) بحفظنا وأمرنا وعلى مرأى منا. (آية) عبرة وعظة. (مدكر) متعظ معتبر.

٤٥٨٨ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يقرأ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]


أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: ما يتعلق بالقراءات، رقم: ٨٢٣.

٣٤٧ - باب: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ /١٧، ٢٢، ٣٢، ٤٠/.
قال مجاهد: يسرنا: هونا قراءته.


(للذكر) للحفظ، والتفكر فيه والاعتبار به.

٤٥٨٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّهُ كَانَ يقرأ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]

٣٤٨ - باب: ﴿أعجاز نخل منقعر. فكيف كان عذابي ونذر﴾ /٢٠، ٢١/.


(أعجاز ..) جمع عجز وهو مؤخر الشيء، وأعجاز النخل: أصولها، ومنقعر: منقلع عن مغارسه، وهو تشبيه لأجسادهم التي انقطعت رؤوسها وتمددت على الأرض جثثا هامدة. (نذر) إنذاري بالعذاب.

٤٥٩٠ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق:
أنه سمع رجلا سأل الأسود: ﴿فهل من مدكر﴾ أو ﴿مذكر﴾؟ فقال: سمعت عبد الله يقرؤها: ﴿فهل من مدكر﴾. قال: وسمعت النبي ﷺ يقرؤها: ﴿فهل من مدكر﴾. دالا.
[ر: ٣١٦٣]

٣٤٩ - باب: ﴿فكانوا كهشيم المحتظر. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ /٣١، ٣٢/.


(كهشيم ...) الشجر اليابس المنكسر والمتخلف مما جمعه صاحب الحظيرة، أي المحتظر وهو صانع الحظيرة، وهي البناء المتخذ من الشجر، لتقي الإبل والدواب البرد والريح.

٤٥٩١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الأسود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النبي ﷺ قرأ:
﴿فهل من مدكر﴾. الآية.
[ر: ٣١٦٣]

٣٥٠ - باب: ﴿ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر. فذوقوا عذابي ونذر﴾ إلى: ﴿فهل من مدكر﴾ /٣٨ - ٤٠/.


(صبحهم بكرة) جاءهم وقت الصبح أول النهار. (مستقر) عام ودائم، يستقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة. (إلى) وتتمتها: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر﴾.

٤٥٩٢ - حدثنا محمد: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن الأسود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قرأ:
﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]

٣٥١ - باب: ﴿ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر﴾ /٥١/.


(أشياعكم) أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم السالفة.

٤٥٩٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بن يزيد، عن عبد الله قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿فهل من مذكر﴾. فقال النبي ﷺ: ﴿فهل من مدكر﴾.
[ر: ٣١٦٣]

٣٥٢ - باب: قوله: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾ /٤٥/.


(الجمع) كفار مكة الذين ادعوا أنهم جماعة أمرها مجتمع فلا تهزم. (يولون الدبر) يعطون ظهورهم وهم منهزمون.

٤٥٩٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابن عباس. وحدثني محمد: حدثنا عفان بن مسلم، عن وهيب: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال وهو في قبة يوم بدر:
(اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم). فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك، وهو يثب في الدرع، فخرج وهو يقول: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾.
[ر: ٢٧٥٨]

٣٥٣ - باب: ﴿بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر﴾ /٤٦/.
يعني من المرارة.

٤٥٩٥ - حدثنا إبراهيم بن موسى: حدثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قال: أخبرني يوسف بن ماهك قال:
إني عند عائشة أم المؤمنين، قالت: لقد أنزل على محمد ﷺ بمكة، وإني لجارية ألعب: ﴿بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرا﴾.
[٤٧٠٧]


(لجارية) حديثة السن. (الساعة) يوم القيامة. (موعدهم) موعد عذابهم. (والساعة) أي عذابها. (أدهى) أشد وأفظع. (أمر) أعظم بلية وأشد مرارة من الهزيمة والقتل والأسر في الدنيا. /القمر: ٤٦/.

٤٥٩٦ - حدثني إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن النبي ﷺ قال، وهو في قبة له يوم بدر:
(أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا). فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك، وهو في الدرع، فخرج وهو يقول: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر﴾.
[ر: ٢٧٥٨]


(خالد عن خالد) الأول هو ابن الطحان، والثاني هو ابن مهران الحذاء.

٣٥٤ - باب: تفسير سورة الرحمن.
وقال مجاهد: ﴿بحسبان﴾ /٥/: كحسبان الرحى.
وقال غيره: ﴿وأقيموا الوزن﴾ /٩/: يريد لسان الميزان. والعصف: بقل الزرع إذا قطع منه شيء قبل أن يدرك فذلك العصف، والريحان: رزقه والحب الذي يؤكل منه، والريحان: في كلام العرب الرزق. وقال بعضهم: والعصف يريد: المأكول من الحب، والريحان: النضيج الذي لم يؤكل. وقال غيره: العصف ورق الحنطة. وقال الضحاك: العصف التبن. وقال أبو مالك: العصف أول ما ينبت، تسميه النبط: هبورا. وقال مجاهد:

١٨٤٧
العصف ورق الحنطة، والريحان الرزق، والمارج: اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت.
وقال بعضهم عن مجاهد: ﴿رب المشرقين﴾ /١٧/: للشمس: في الشتاء مشرق، ومشرق في الصيف ﴿ورب المغربين﴾ مغربها في الشتاء والصيف. ﴿لا يبغيان﴾ /٢٠/: لا يختلطان. ﴿المنشآت﴾ /٢٤/: ما رفع قلعه من السفن، فأما ما لم يرفع قلعه فليس بمنشأة.
وقال مجاهد: ﴿كالفخار﴾ /١٤/: كما يصنع الفخار. الشواظ: لهب من نار. ﴿ونحاس﴾ /٣٥/: الصفر يصب على رؤوسهم، فيعذبون به. ﴿خاف مقام ربه﴾ /٤٦/: يهم بالمعصية فيذكر الله عز وجل فيتركها. ﴿مدهامتان﴾ /٦٤/: سوداوان من الري. ﴿صلصال﴾ /١٤/: طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار، ويقال: منتن، يريدون به: صل، يقال: صلصال، كما يقال: صر الباب عند الإغلاق وصرصر، مثل: كبكبته يعني كببته. ﴿فاكهة ونخل ورمان﴾ /٦٨/: وقال بعضهم: ليس الرمان والنخل بالفاكهة، وأما العرب فإنها تعدها فاكهة، كقوله عز وجل: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ /البقرة: ٢٣٨/: فأمرهم بالمحافظة على كل الصلوات، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كما أعيد النخل والرمان، ومثلها: ﴿ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض﴾ /الحج: ١٨/: ثم قال: ﴿وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب﴾ /الحج: ١٨/: وقد ذكرهم الله عز وجل في أول قوله: ﴿من في السماوات ومن في الأرض﴾.
وقال غيره: ﴿أفنان﴾ /٤٨/: أغصان. ﴿وجنى الجنتين دان﴾ /٥٤/: ما يجتنى قريب.

١٨٤٨
وقال الحسن: ﴿فبأي آلاء﴾ /١٣/: نعمه.
وقال قتادة: ﴿ربكما﴾ /١٣/: يعني الجن والإنس.
وقال أبو الدرداء: ﴿كل يوم هو في شأن﴾ /٢٩/: يغفر ذنبا، ويكشف كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين.
وقال ابن عباس: ﴿برزخ﴾ /٢٠/: حاجز. الأنام: الخلق. ﴿نضاختان﴾ /٦٦/: فياضتان. ﴿ذو الجلال﴾ /٧٨/: ذو العظمة.
وقال غيره: ﴿مارج﴾ /١٥/: خالص من النار، يقال: مرج الأمير رعيته إذا خلاهم يعدو بعضهم على بعض، من مرجت دابتك تركتها، ويقال: مرج أمر الناس: ﴿مريج﴾ /ق: ٥/: ملتبس. ﴿مرج﴾ /١٩/: اختلط البحران. ﴿سنفرغ لكم﴾ /٣١/: سنحاسبكم، لا يشغله شيء عن شيء، وهو معروف في كلام العرب، يقال: لأتفرغن لك، وما به شغل، يقول: لآخذنك على غرتك.


(بحسبان) بحساب معلوم وتقدير سوي، يجريان في بروجهما ومنازلهما، وفي ذلك من تحقيق المنافع للناس ما فيه. (كحسبان الرحى) هو ما يدور حجر الرحى - أي الطاحونة - بدورانه، أي يدوران بحركة مقدرة ومنتظمة. (أقيموا ...) ليكن وزنكم عادلا وتاما. (العصف .. الريحان .. الحب) هذه الألفاظ واردة في قوله تعالى: ﴿والحب ذو العصف والريحان﴾ /الرحمن: ١٢/. (رزقه) تقول العرب: خرجنا نطلب ريحان الله، أي رزقه. وفي نسخة (ورقه). (النضيج) الذي أدرك وبلغ الغاية في النضج. (التبن) ما تهشم من سيقان القمح والشعير بعد درسه، تعلفه الماشية، ويستعمل في الطين. (أبو مالك) قيل: اسمه غزوان، وهو كوفي تابعي ثقة. (النبط) هم أهل الفلاحة من الأعاجم. (هبورا) معناه بالنبطية: دقاق الزرع. (المارج) تفسير لقوله تعالى: ﴿وخلق الجان من مارج من نار﴾ /الرحمن: ١٥/. (قلعه) شراعه. (الفخار) الطين المطبوخ بالنار. (الشواظ) يفسر قوله تعالى: ﴿يرسل عليكما شواظ من نار﴾ /الرحمن: ٣٥/.
(من الري) السقي، فتشتد خضرته، والخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد. (صلصل) أخرج صوتا إذا ضرب أو مسته الرياح. (صل) يقال: صل اللحم يصل صلولا إذا أنتن، مطبوخا كان أم نيئا. (يقال صلصال ..) أي يضاعف صل فيقال صلصل، كما يضاعف صر فيقال صرصر،
وكب فيقال كبكب. (صر) صوت. (كببته) ألقيته لوجهه. (كقوله ...) حاصله: أن عطف النخل والرمان على فاكهة من باب عطف الخاص على العام، كما عطفت الصلاة الوسطى على الصلوات، وكثير من الناس على من في الأرض. (ما يجتنى) ما يؤخذ من ثمارها.
(يعني الجن ..) هو تفسير للضمير في ربكما. (الأنام) يفسر قوله تعالى: ﴿والأرض وضعها للأنام﴾ /الرحمن: ١٠/. (نضاختان) أصل النضخ الرش، أي ممتلئتان تفيضان بالماء لا تنقطعان. (ذو الجلال) قرأ شامي بالرفع على أنه صفة لاسم، وقرأ غيره: ﴿ذي الجلال﴾ بالجر على أنه صفة لرب. (خلاهم) تركهم. (يعدو) يستطيل ويظلم. (من مرجت ...) هذه الجملة متأخرة في الأصل عن هذا الموضع، والأولى وضعها هنا، كما ذكر الشراح. (مرج) اختلط واضطرب. (لا يشغله ...) هو بيان أن المقصود: سنفرغ لكم سنحاسبكم لأنه تعالى لا يشغله شيء، وقيل: هو تهديد ووعيد من الله عز وجل، كقول القائل: لأتفرغن ... (غرتك) على غفلة منك.

٣٥٥ - باب: قوله: ﴿ومن دونهما جنتان﴾ /٦٢/.

٤٥٩٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي: حدثنا أبو عمران الجوني، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قيس، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ، عَلَى وَجْهِهِ في جنة عدن).
[ر: ٣٠٧١]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، رقم: ١٨٠.
(آنيتهما) أوعيتهما. (وما فيهما) من الأشياء التي يرتفق بها. (القوم) المسلمون الذين دخلوا الجنة. (رداء الكبر على وجهه) الله تعالى أعلم بهذا، أو كناية عن عظمة ذاته سبحانه. (جنة عدن) إقامة واستقرار واطمئنان.

٣٥٦ - باب: ﴿حور مقصورات في الخيام﴾ /٧٢/.
وقال ابن عباس: حور: سود الحدق. وقال مجاهد: مقصورات: محبوسات، قصر طرفهن وأنفسهن على أزواجهن. ﴿قاصرات﴾ /٥٦/: لا يبغين غير أزواجهن.


(الحدق) جمع حدقة، أي حدقة العين. (قاصرات) الطرف، نساء قصرت أبصارهن على أزواجهن، فلا ينظرون إلى غيرهم.

٤٥٩٨ - حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الصمد: حدثنا أبو عمران الجوني، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قيس، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال:
(إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلا، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون، وجنتان مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كذا، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ على وجهه في جنة عدن).
[ر: ٣٠٧١]

٣٥٧ - باب: تفسير سورة الواقعة.
وقال مجاهد: ﴿رجت﴾ /٤/: زلزلت. ﴿بست﴾ /٥/: فتت ولتت كما يلت السويق. المخضود: الموقر حملا، ويقال أيضا: لا شوك له. ﴿منضود﴾ /٢٩/: الموز. والعرب: المحببات إلى أزواجهن. ﴿ثلة﴾ /١٢، ٣٩، ٤٠/: أمة. ﴿يحموم﴾ /٤٣/: دخان أسود. ﴿يصرون﴾ /٤٦/: يديمون. ﴿الهيم﴾ /٥٥/: الإبل الظماء. ﴿لمغرمون﴾ /٦٦/: لملزمون. ﴿فروح﴾

١٨٥٠
/٨٩/: جنة ورخاء. ﴿وريحان﴾ /٨٩/: الرزق. ﴿وننشئكم فيما لا تعلمون﴾ /٦١/: في أي خلق نشاء.
وقال غيره: ﴿تفكهون﴾ /٦٥/: تعجبون. ﴿عربا﴾ /٣٧/: مثقلة، واحدها عروب، مثل صبور وصبر، يسميها أهل مكة العربة، وأهل المدينة الغنجة، وأهل العراق الشكلة.
وقال في: ﴿خافضة﴾ /٣/: لقوم إلى النار. ﴿رافعة﴾ /٣/: إلى الجنة. ﴿موضونة﴾ /١٥/: منسوجة، ومنه: وضين الناقة. والكوب: لا آذان له ولا عروة. والأباريق: ذوات الآذان والعرى. ﴿مسكوب﴾ /٣١/: جار. ﴿وفرش مرفوعة﴾ /٣٤/: بعضها فوق بعض. ﴿مترفين﴾ /٤٥/: متنعمين.
﴿ما تمنون﴾ /٥٨/: هي النطفة في أرحام النساء. ﴿للمقوين﴾ /٧٣/: للمسافرين، والقي القفز. ﴿بمواقع النجوم﴾ /٧٥/: بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النجوم إذا سقطن، ومواقع وموقع واحد. ﴿مدهنون﴾ /٨١/: مكذبون، مثل: ﴿لو تدهن فيدهنون﴾ /القلم: ٩/. ﴿فسلام لك﴾ /٩١/: أي مسلم لك: إنك من أصحاب اليمين، وألغيت إن وهو معناها، كما تقول: أنت مصدق، مسافر عن قليل، إذا كان قد قال: إني مسافر عن قليل، وقد يكون كالدعاء له، كقولك: فسقيا من الرجال، إن رفعت السلام، فهو من الدعاء.

١٨٥١
﴿تورون﴾ /٧١/: تستخرجون، أوريت: أوقدت. ﴿لغوا﴾ /٢٥/: باطلا. ﴿تأثيما﴾ /٢٥/: كذبا.


(رجت) حركت تحريكا شديدا واهتزت واضطربت، وأصل الرج التحريك. (بست ..) صارت كالدقيق المبسوس وهو المبلول. وقيل: سيقت، من بس الغنم إذا ساقها. (المخضود) يشير إلى قوله تعالى: ﴿في سدر مخضود﴾ /الواقعة: ٢٨/: أي شجر لا شوك فيه، من الخضد وهو القطع، فكأنه قطع شوكه فقيل له: مخضود، وفسر بالموقر حملا: أي الممتلئ ثمرا. (منضود) قد نض بالحمل المتراكم من أسفله إلى أعلاه بحيث لا يظهر له ساق، وقوله (الموز) تفسير للطلح في قوله تعالى: ﴿وطلح منضود﴾. وقيل: الطلح شجر له ظل بارد ورائحته طيبة. (العرب) من قوله تعالى: ﴿عربا أترابا﴾ /الواقعة: ٣٧/: جمع عروب وعروبة، وأترابا: جمع ترب، وهن المستويات في السن. (ثلة) فرقة وجماعة. (لمغرمون) قيل: من الغرام وهو العذاب. (فروح) فراحة، وفسر بالجنة لأن فيها الراحة للمؤمنين. (ريحان) مستراح، وفسر بالرزق لأن العرب تقول: خرجنا نطلب ريحان الله أي رزقه. (لا تعلمون) من الصور والصفات والأخلاق. (تعجبون) مما نزل بكم في زرعكم، وقيل: (تفكهون) تندمون وتحزنون على ما فاتكم، وتفكه من الأضداد، يقال: تفكه تنعم، وتفكه حزن. (عربا مثقلة) أي مضمومة الراء وليست مخففة بتسكينها. وعرب جمع عروب، وهي المتحببة لزوجها المبينة له عن ذلك أو العاشقة له. (خافضة) أي يوم القيامة، من الخفض وهو الحط من العلو. (موضونة) منسوجة بالذهب، ومشبكة بالدر والياقوت، وقيل: مصفوفة. (وضين الناقة) هو بطان منسوج بعضه على بعض،
يشد به الرحل على البعير كالحزام للسرج. (الكوب ... والأباريق) يشير إلى قوله تعالى: ﴿بأكواب وأباريق وكأس من معين﴾ /الواقعة: ١٨/: خمر تجري من عيون لا تنقطع، والآذان هي الحلق التي تمسك منها، وكذلك العرى. (مسكوب) مصبوب، يجري دائما دون انقطاع. (القفر) الأرض الخالية، البعيدة من العمران والأهلين. (مواقع النجوم) منازلها، وفسر بمحكم القرآن، وهو ما ثبت منه واستقر ولم ينسخ، لأنه نزل منجما، أي مفرقا. (تدهن) تلين فيما تدعو إليه وتتساهل، أو تظهر خلاف ما تبطن مصانعة لهم وتقربا. (وهو معناها) أي معناها مراد وإن حذفت. (قليل) قريب. (له) أي لمن خاطبه من أصحاب اليمين. (إن رفعت ..) وهو مرفوع، ولم يقرأ منصوبا، وذكره لبيان أن السلام يكون دعاء بالرفع، بخلاف سقيا فإنه يكون
دعاء بالنصب. (تستخرجون) من الزناد، وهو نوع من الشجر إذا ضرب ببعضه أخرج شررا توقد النار.

٣٥٨ - باب: قوله: ﴿وظل ممدود﴾ /٣٠/.


(ممدود) ممتد منبسط دائم لا تنسخه شمس.

٤٥٩٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
(إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شجرة، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لَا يقطعها، واقرؤا إن شئتم: ﴿وظل ممدود﴾).
[ر: ٣٠٨٠]

٣٥٩ - باب: تفسير سورة الحديد.
قال مجاهد: ﴿جعلكم مستخلفين﴾ /٧/: معمرين فيه. ﴿من الظلمات إلى النور﴾ /٩/: من الضلالة إلى الهدى. ﴿فيه بأس شديد ومنافع للناس﴾ /٢٥/: جنة وسلاح. ﴿مولاكم﴾ /١٥/: أولى بكم. ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب﴾ /٢٩/: ليعلم أهل الكتاب، يقال: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كل شيء علما. ﴿أنظرونا﴾ /١٣/: انتظرونا.


(مستخلفين) فيه من الأموال، التي هي في الحقيقة أموال الله تعالى، لأنه منشئها والخالق لها، وأنتم خلفاء عنه في التصرف بها. (معمرين) مملكين. (بأس) قوة. (منافع ...) مما يستعملونه في مصالحهم ومعايشهم، إذ هو آلة لكل صنعة. (جنة) ستر ووقاية أثناء الحروب، إذ تصنع منه الدروع. (يقال الظاهر ...) يفسر قوله تعالى: ﴿هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم﴾ /الحديد: ٣/. (أنظرونا) قرأ حمزة والأعمش ويحيى بن وثاب بقطع الألف وكسر الظاء، وقرأ غيرهم بالوصل وضم الظاء.

٣٦٠ - باب: تفسير سورة المجادلة.
وقال مجاهد: ﴿يحادون﴾ /٢٠/: يشاقون الله. ﴿كبتوا﴾ /٥/: أخزوا، من الخزي. ﴿استحوذ﴾ /١٩/: غلب.


(المجادلة) أي التي تذكر فيها قصة المرأة التي جادلت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَيُّ حاورته في شأنها، وهي خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنهما، وكان قد ظاهر منها، أي قال لها: أنت كظهر أمي، وكان هذا يعد طلاقا، فنزل فيها قوله تعالى: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ...﴾. (يشاقون الله) يعادونه بمخالفة أمره. (الخزي) وهو الذل والإهانة. (استحوذ) استولى.

٣٦١ - باب: تفسير سورة الحشر.
﴿الجلاء﴾ /٣/: الإخراج من أرض إلى أرض.

٤٦٠٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن سليمان: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قال:
قلت لابن عباس: سورة التوبة، قال: التوبة هي الفاضحة، ما زلت تنزل، ومنهم ومنهم، حتى ظنوا أنها لن تبقي أحدا منهم إلا ذكر فيها، قال: قلت: سورة الأنفال، قال: نزلت في بدر، قال: قلت: سورة الحشر، قال: نزلت في بني النضير.


أخرجه مسلم في التفسير، باب: في سورة براءة والأنفال والحشر، رقم: ٣٠٣١.
(الفاضحة) سميت بذلك لأنها فضحت المنافقين وكشفت معايبهم.

٤٦٠١ - حدثنا الحسن بن مدرك: حدثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد قال:
قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الحشر، قال: قل: سورة النضير.
[ر: ٣٨٠٥]


(قل سورة النضير) قال العيني: كأنه كره تسميتها بالحشر، لكي لا يظن أن المراد بالحشر يوم القيامة. إذ المراد هنا إخراج بني النضير.

٣٦٢ - باب: ﴿ما قطعتم من لينة﴾ /٥/.
نخلة، ما لم تكن عجوة أو برنية.


(ما لم تكن ...) أي جميع ألوان النخل تسمى لينة إلا العجوة والبرنية، وهما نوعان من التمر.

٤٦٠٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ، فأنزل الله تعالى: ﴿ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين﴾.
[ر: ٢٢٠١]

٣٦٣ - باب: قوله: ﴿ما أفاء الله على رسوله﴾ /٦، ٧/.


(ما أفاء ...) ما رد الله تعالى عليه ورجع إليه، والفيء: كل ما يغنمه المسلمون من أموال الكفار بدون نشوب قتال ولا قيام معركة.

٤٦٠٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، غير مرة، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي الله عنه قال:
كانت أموال بني النضير مما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول

١٨٥٣
الله ﷺ خاصة، ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عدة في سبيل الله.
[ر: ٢٧٤٨]

٣٦٤ - باب: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه﴾ /٧/.


(وما آتاكم ...) ما أمركم به الرسول ﷺ فافعلوه، وما شرعه لكم فالتزموه.

٤٦٠٤ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال:
(لعن الله الواشمات والمتوشمات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله).
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت، فقال: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا﴾. قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئا، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتنا.


أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ...، رقم: ٢١٢٥.
(الواشمات) جمع واشمة اسم فاعلة من الوشم، وهو غرز إبرة أو نحوها في الجلد حتى يسيل منه الدم، ثم يحشى الموضع بكحل أو نحوه، فيتلون الجلد ولا يزول بعد ذلك أبدا. (الموتشمات) جمع موتشمة وهي التي يفعل فيها الوشم. (المتنمصات) جمع متنمصة وهي التي تطلب إزالة شعر وجهها ونتفه، والتي تزيله وتنتفه تسمى نامصة. (المتفلجات) جمع متفلجة، وهي التي تبرد أسنانها لتفترق عن بعضها. (للحسن) لأجل الجمال. (المغيرات خلق الله) بما سبق ذكره، لأنه تغيير وتزوير. (كيت وكيت) كناية عن كلام قيل. (ما بين اللوحين) أي القرآن المكتوب ما بين دفتي المصحف. (آتاكم) أمركم به. /الحشر: ٧/. (فلم تر من حاجتها) لم تشاهد أم يعقوب من الذي ظنته في زوج ابن مسعود رضي الله عنهما شيئا. (ما جامعتنا) ما صاحبتنا بل كنا نطلقها ونفارقها، وفي نسخة (ما جامعتها) والمعنى واحد.

٤٦٠٥ - حدثنا علي: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان قال: ذكرت لعبد الرحمن بن عباس حَدِيثَ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الواصلة. فقال: سمعته من امرأة يقال لها أُمِّ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَ حَدِيثِ منصور.
[٥٥٨٧، ٥٥٩٥، ٥٥٩٩، ٥٦٠٤]

٣٦٥ - باب: ﴿والذين تبوؤوا الدار والإيمان﴾ /٩/.


(تبوؤوا ..) استوطنوا المدينة وسكنوها، واتخذوها دار هجرة وإيمان، وهم الأنصار.

٤٦٠٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، يعني: ابن عياش، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر رضي الله عنه:
أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين: أن يعرف لهم حقهم، وأوصي الخليفة بالأنصار، الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النبي ﷺ: أن يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم.
[ر: ١٣٢٨]

٣٦٦ - باب: ﴿ويؤثرون على أنفسهم﴾. الآية /٩/.
الخصاصة: الفاقة. ﴿المفلحون﴾: الفائزون بالخلود، الفلاح: البقاء، حي على الفلاح: عجل. وقال الحسن: ﴿حاجة﴾ /٩/: حسدا.


(يؤثرون ..) من الإيثار، وهو تفضيل المرء غيره على نفسه. (الآية) وتتمتها: ﴿ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾. (يوق شح نفسه) يحفظ ويطهر من البخل والحرص الذي تميل إليه النفس.

٤٦٠٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم بن كثير: حدثنا أبو أسامة: حدثنا فضيل بن غزوان: حدثنا أبو حازم الأشجعي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال: يا رسول الله، أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألا رجل يضيفه هذه الليلة، يرحمه الله). فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رسول الله ﷺ، لا تدخريه شيئا، قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي، فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت، ثم غدا الرجل على رسول الله ﷺ، فقال: (لقد عجب الله عز وجل، أو: ضحك من فلان وفلانة). فأنزل الله عز وجل: ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾.
[ر: ٣٥٨٧]


(الجهد) المشقة من الجوع. (لاتدخريه) لا تمسكي عنه.

٣٦٧ - باب: تفسير سورة الممتحنة.
وقال مجاهد: ﴿لا تجعلنا فتنة﴾ /٥/: لا تعذبنا بأيديهم، فيقولون: لو كان هؤلاء على

١٨٥٥
الحق ما أصابهم هذا. ﴿بعصم الكوافر﴾ /١٠/: أمر أصحاب النبي ﷺ بفراق نسائهم، كن كوافر بمكة.


(الممتحنة) سميت بذلك لأن فيها بيان امتحان - أي اختبار - من هاجر ضمن المؤمنات. (لا تجعلنا فتنة) للذين كفروا، أي لا تسلطهم علينا فيفتوننا بعذاب لا طاقة لنا به، ولاتعذبنا .... (بعصم) جمع عصمة وهي ما يتمسك به، والمراد عقود زواجهما. (الكوافر) جمع كافرة.

٣٦٨ - باب: ﴿لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾ /١/.

٤٦٠٨ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دينار قال: حدثني الحسن بن محمد بن علي: أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنا والزبير والمقداد، فَقَالَ: (انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها). فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي ﷺ فإذا فيه: من حاطب ابن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة، يخبرهم ببعض أمر النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (ما هذا يا حاطب). قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ من قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم، أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا، ولا ارتدادا عن ديني. فقال النَّبِيِّ ﷺ: (إِنَّهُ قَدْ صدقكم). فقال عمر: دعني يا رسول الله فأضرب عنقه، فقال: (إنه شهد بدرا، وما يدريك؟ لعل الله عز وجل اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتم فقد غفرت لكم). قال عمرو: ونزلت فيه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾. قال: لا أدري الآية في الحديث، أو قول عمرو.
حدثنا علي: قيل لسفيان في هذا، فنزلت: ﴿لا تتخذوا عدوي﴾. قال سفيان: هذا في حديث الناس، حفظته من عمرو، ما تركت منه حرفا، وما أرى أحدا حفظه غيري.
[ر: ٢٨٤٥]


(عقاصها) جمع عقيصة وهي الشعر الذي يلوى ويدخل أطرافه في أصوله، والعقاص أيضا: خيط يجمع به أطراف الذوائب وتشد، والذوائب: جمع ذؤابة وهي الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة، فإن كانت ملتوية فهي عقيصة.

٣٦٩ - باب: ﴿إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات﴾ /١٠/.


(مهاجرات) من مكة إلى المدينة، نزلت بعد صلح الحديبية تستثني النساء من شرط رد من جاء من قريش إلى المسلمين.

٤٦٠٩ - حدثنا إسحاق: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ:
أن رسول الله ﷺ كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك - إلى قوله - غفور رحيم﴾. قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرأ بهذا الشرط من المؤمنات، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قد بايعتك). كلاما، ولا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: (قد بايعتك على ذلك). تابعه يونس ومعمر وعبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري. وقال إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن عروة، وعمرة.
[٤٩٨٣، ٦٧٨٨]


(يمتحن) يختبر، واختبارهن كان: أن يستحلفن ما خرجن من بغض زوج ونحوه، وما خرجن إلا حبا لله تعالى ورسوله ﷺ، ورغبة في دين الله عز وجل. (يبايعنك) يعاهدنك ويعاقدنك على الإسلام. /الممتحنة: ١٢/. وتتمتها: ﴿على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا
يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم﴾. (ببهتان يفترينه) بولد ينسبنه إلى الزوج وهو ليس منه. (بين أيديهن وأرجلهن) وصف لحال الولد عندما يولد، أو هو كناية عن البطن الذي تحمله فيه وهو بين يديها، والفرج الذي تلده به وهو بين رجليها. (معروف) هو كل ما وافق طاعة الله تعالى وشرعه. (الشرط) وهو ما ذكر في الآية. (كلاما) أي يبايعها بالكلام، ولا يصافحها باليد كما كان يبايع الرجال.

٣٧٠ - باب: ﴿إذا جاءك المؤمنات يبايعنك﴾ /١٢/.

٤٦١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أيوب، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قالت:
بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَرَأَ عَلَيْنَا: ﴿أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾. ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي ﷺ شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها.
[ر: ١٢٤٤]


(امرأة) قيل: هي أم عطية نفسها رضي الله عنها. (أسعدتني) قامت معي في نياحة لي.

٤٦١١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الزبير، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ولا يعصينك في معروف﴾. قال:
إنما هو شرط شرطه الله للنساء.


(للنساء) أي نزل في شأنهن، ولا يعني أن الرجال غير مطالبين بذلك.

٤٦١٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قال الزهري: حدثناه، قال: حدثني أبو إدريس: سمع عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فقال: (أتبايعونني عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تزنوا، ولا تسرقوا - وقرأ آية النساء، وأكثر لفظ سليمان: قرأ الآية - فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا من ذلك فستره الله فهو إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غفر له).
تابعه عبد الرزاق عن معمر في الآية.
[ر: ١٨]


(آية النساء) أي الآية التي فيها بيعة النساء. انظر: ٤٦٠٩. (أصاب منها) أي من الأشياء التي توجب الحد.

٤٦١٣ - حدثنا محمد بن عبد الرحيم: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا عبد الله بن وهب قال: وأخبرني ابن جريج: أن الحسن بن مسلم أخبره،
عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
شهدت الصلاة يوم الفطر مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة، ثم يخطب بعد، فنزل نبي الله ﷺ، فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال، فقال: ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن﴾. حتى فرغ من الآية كلها، ثم قال حين فرغ: (أنتن على ذلك). وقالت امرأة واحدة، لم يجبه غيرها: نعم يا رسول الله. لا يدري الحسن من هي. قال: (فتصدقن). وبسط بلال ثوبه، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ.
[ر: ٩٨]


انظر في شرح الآية: ٤٦٠٩.

٣٧١ - باب: تفسير سورة الصف.
وقال مجاهد: ﴿من أنصاري إلى الله﴾ /١٤/: من يتبعني إلى الله.
وقال ابن عباس: ﴿مرصوص﴾ /٤/: ملصق بعضه ببعض، وقال غيره: بالرصاص.


(أنصاري ...) يكون معي جنديا في التوجه إلى نصرة الله تعالى بنصرة دينه.

٣٧٢ - باب: قوله تعالى: ﴿من بعدي اسمه أحمد﴾ /٦/.

٤٦١٤ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
(إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب).
[ر: ٣٣٣٩]
سورة الجمعة

٣٧٣ - باب: قوله: ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾ /٣/.
وقرأ عمر: فامضوا إلى ذكر الله.


(آخرين) يؤمنون. (منهم) من الأميين، الذين بعث فيهم. (لما يلحقوا بهم) لم يركوا الذين آمنوا به حين بعث.

٤٦١٥ - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حدثني سليمان بن بلال، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فأنزلت عليه سورة الجمعة: ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾. قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ على سلمان، ثم قال: (لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال، أو رجل، من هؤلاء).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا عبد العزيز: أخبرني ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي ﷺ: (لناله رجال من هؤلاء).


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل فارس، رقم: ٢٥٤٦.
(سورة الجمعة) أي وفيها هذه الآية ﴿وآخرين منهم﴾ فلما قرأها قلت: من هم؟. (لما يلحقوا بهم) في الفضل /الجمعة: ٣/. (فلم يراجعه) لم يجبه على سؤاله. (الثريا) مجموعة من النجوم مشهورة. (لناله) لسعى إليه وحصله. (من هؤلاء) أي الفرس، بدلالة وضع يده على سلمان رضي الله عنه.

٣٧٤ - باب: ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا﴾ /١١/.

٤٦١٦ - حدثني حفص بن عمر: حدثنا خالد بن عبد الله: حدثنا حصين، عن سالم بن أبي الجعد، وعن أبي سفيان، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال:
أقبلت عير يوم الجمعة، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فثار الناس إلا اثني عشر رجلا، فأنزل الله: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وتركوك قائما﴾.
[ر: ٨٩٤]
سورة المنافقين.


(فثار الناس) تفرقوا.

٣٧٥ - باب: قوله: ﴿إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله﴾. الآية /١/.


(الآية) وتتمتها: ﴿والله يشهد إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون﴾. أي يخالفون بقولهم ما في قلوبهم، ولا يعتقدون في قلوبهم ما يقولونه بألسنتهم.

٤٦١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم قال:
كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي أو لعمر، فذكره للنبي ﷺ، فدعاني فحدثته، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله ﷺ وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله ﷺ ومقتك؟ فأنزل الله تعالى: ﴿إذا جاءك المنافقون﴾. فَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فقرأ فقال: (إن الله قد صدقك يا زيد).
[٤٦١٨ - ٤٦٢١]


أخرجه مسلم في أول كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، رقم: ٢٧٧٢.
(ينفضوا) يتفرقوا عنه. (الأعز) الأكثر عزة ومنعة، وعنوا به أنفسهم. (الأذل) الأقل عزة ومنعة، وعنوا به رسول الله ﷺ وأصحابه. (لعمي) قيل: هو عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، لأنه كان زوج أمه، وعمه الحقيقي ثابت بن قيس رضي الله عنه. (ما أردت إلى أن كذبك) ما حملك على قولك حتى جرى لك ما جرى. (مقتك) أبغضك. وانظر الأبواب: ٣٧٥ - ٣٨٢.

٣٧٦ - باب: ﴿اتخذوا أيمانهم جنة﴾ /٢/: يجتنون بها.


(جنة) سترة. (يجتنون بها) يحمون بها أموالهم وأنفسهم من القتل والأسر والسبي.

٤٦١٨ - حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن

١٨٦٠
أرقم رضي الله عنه قال: كنت مع عمي، فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول:
لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. وقال أيضا: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكر عمي لرسول الله ﷺ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدقهم رسول الله ﷺ وكذبني، فأصابني هم لم يصبني مثله، فجلست في بيتي، فأنزل الله عز وجل: ﴿إذا جاءك المنافقون - إلى قوله - هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله - إلى قوله - ليخرجن الأعز منها الأذل﴾. فأرسل إلى رسول الله ﷺ فقرأها علي، ثم قال: (إن الله قد صدقك).
[ر: ٤٦١٧]

٣٧٧ - باب: ﴿ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون﴾ /٣/.


(فطبع) ختم حتى لا يدخلها خير. (لا يفقهون) لا يفهمون معنى الإيمان، ولا ما يتلى عليهم من القرآن.

٤٦١٩ - حدثنا آدم: حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت محمد بن كعب القرظي قال: سمعت زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:
لما قال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال أيضا: لئن رجعنا إلى المدينة، أخبرت به النبي ﷺ فلامني الأنصار، وحلف عبد الله بن أبي ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت، فدعاني رسول الله ﷺ فأتيته، فقال: (إن الله قد صدقك). ونزل: ﴿هم الذين يقولون لا تنفقوا﴾. الآية. وقال ابن أبي زائدة، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي ليلى، عَنْ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٤٦١٧]

٣٧٨ - باب: ﴿وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾ /٤/.


(خشب مسندة) أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا عقول، لا فائدة منهم، كما لا يستفاد من الخشب المسندة إلى الجدران دون انتفاع بها. (العدو) الكامل العداوة. (قاتلهم الله) أخزاهم وطردهم من رحمته. (أنى يؤفكون) كيف يصرفون عن الحق ويبتعدون عنه.

٤٦٢٠ - حدثنا عمرو بن خالد: حدثنا زهير بن معاوية: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت زيد بن أرقم قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله. وقال: لئن

١٨٦١
رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته، فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل، قالوا: كذب زيد رسول الله ﷺ، فوقع في نفسي مما قالوا شدة، حتى أنزل الله عز وجل تصديقي في: ﴿إذا جاءك المنافقون﴾. فدعاهم النبي ﷺ ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم. وقوله: ﴿خشب مسندة﴾. قال: كانوا رجالا أجمل شيء.
[ر: ٤٦١٧]


(فاجتهد يمينه) بالغ بيمينه وبذل وسعه فيها. (ما فعل) ما قال ما ذكر عنه. (فلووا) حركوا. (أجمل شيء) من أجمل الناس وأحسنهم أجساما.

٣٧٩ - باب: قوله: ﴿وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون﴾ /٥/.
حركوا، استهزؤوا بالنبي ﷺ، ويقرأ بالتخفيف من: لويت.


(يصدون) يعرضون عما دعوا إليه. (مستكبرون) عن الاعتذار والاستغفار. (بالتخفيف) أي: ﴿لووا﴾ بفتح الواو الأولى دون تشديد، وهي قراءة نافع.

٤٦٢١ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: عَنْ إِسْرَائِيلَ، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم قال: كنت مع عمي، فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول:
لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكر عمي للنبي ﷺ، فدعاني فحدثته، فأرسل إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، وكذبني النبي ﷺ وصدقهم، فأصابني غم لم يصبني مثله قط، فجلست في بيتي، وقال عمي: ما أردت إلى أن كذبك النبي ﷺ ومقتك؟ فأنزل الله تعالى: ﴿إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله﴾. فأرسل إلي النبي ﷺ فقرأها وقال: (إن الله قد صدقك).
[ر: ٤٦١٧]

٣٨٠ - باب: قوله: ﴿سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ /٦/.


(سواء ..) استغفارك وعدمه في حقهم سواء. (لن يغفر ...) ما داموا على النفاق.

٤٦٢٢ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عبد الله رضي الله عنهما قال:
كنا في غزاة - قال سفيان مرة: في جيش - فكسع رجل من المهاجرين رجلا

١٨٦٢
من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذاك رسول الله ﷺ فقال: (ما بال دعوى جاهلية). قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: (دعوها فإنها منتنة). فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبي ﷺ، فقام عمر فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي ﷺ: (دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه). وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة، ثم إن المهاجرين كثروا بعد.
قال سفيان: فحفظته من عمرو: قال عمرو: سمعت جابرا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٣٣٠]

٣٨١ - باب: قوله: ﴿هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون﴾ /٧/.


(ينفضوا) يتفرقوا عنه. (لله خزائن ...) بيده مفاتيح الرزق، يعطي منها من يشاء ويقسم ما يشاء، ولا يعطى أحد إلا بأمره، ولا يمنع إلا بمشيئته. وخزائن جمع خزانة، وهي ما يحرز فيه الشيء ويحفظ، وخصت بما يخزن فيه نفائس الأموال. وخزائن الله تعالى: مقدوراته التي لا يظهرها لسواه، ولا يصل إليها علم الناس. (لا يفقهون) لا يفهمون الحقائق، ولا يدركون حكمة الله عز وجل وقدرته.

٤٦٢٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بن عقبة قال: حدثني عبد الله بن الفضل: أنه سمع أنس ابن مالك يقول:
حزنت على من أصيب بالحرة، فكتب إلي زيد بن أرقم، وبلغه شدة حزني، يذكر: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار). وشك ابن الفضل في: (أبناء أبناء الأنصار). فسأل أنسا بعض من كان عنده، فقال: هو الذي يقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَذَا الذي أوفى الله له بإذنه).


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥٠٦ (بالحرة) بالوقعة التي وقعت فيها بين جند يزيد بن معاوية وأهل المدينة. والحرة أرض ذات حجارة سوداء خارج المدينة. (فسأل أنسا) أي سألوه عن يزيد بن أرقم رضي الله عنه من هو. (يقول رسول الله) في حقه. (أوفى الله له بأذنه) أظهر صدقه فيما سمعه وأخبر به.

٣٨٢ - باب: قوله: ﴿يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون﴾ /٨/.


انظر الحديث: ٤٦١٧ وأطرافه.

٤٦٢٤ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان قال: حفظناه من عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:
كُنَّا في غزاة، فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمعها الله رسوله ﷺ، قال: (ما هذا). فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي ﷺ: (دعوها فإنها منتنة). قال جابر: وكانت الأنصار حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ أكثر، ثم كثر المهاجرون بعد. فقال عبد الله بن أبي: أو قد فعلوا، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، قال النبي ﷺ (دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه).
[ر: ٣٣٣٠]

٣٨٣ - باب: تفسير سورة التغابن.
﴿التغابن﴾ /٩/: غبن أهل الجنة أهل النار. وقال علقمة، عن عبد الله: ﴿ومن يؤمن بالله يهدي قلبه﴾ /١١/: هو الذي إذا أصابته مصيبة رضي وعرف أنها من الله.


(غبن ..) أي يأخذ المؤمنون منازل الكافرين في الجنة لو آمنوا، فشبهوا بالمتبايعين يغبن أحدهما الآخر في بيعه، من الغبن وهو فوت الحظ والنصيب. (يؤمن بالله) يصدق أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله تعالى له. (يهدي قلبه) يوفقه لليقين، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وللقول الحسن، فلا يقول إلا ما يرضي الله عز وجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويسلم لقضاء الله تعالى وقدره.

٣٨٤ - باب: تفسير سورة الطلاق
وقال مجاهد: ﴿إن ارتبتم﴾ /٤/: إن لم تعلموا: أتحيض أم لا تحيض، فاللائي قعدن

١٨٦٤
عن المحيض واللائي لم يحضن بعد: فعدتهن ثلاثة أشهر. ﴿وبال أمرها﴾ /٩/: جزاء أمرها.


(ارتبتم) أشكل عليكم حكمهن وشككتم فيه، ولم تدروا ما عدتهن. (قعدن ..) انقطع حيضهن لكبر سنهن، وهو تفسير لقوله تعالى: ﴿واللائي
يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن﴾ /الطلاق: ٤/: أي لصغرهن، أو لعلة أخرى. (أمرها) كفرها وعصيانها.

٤٦٢٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:
أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عمر لرسول الله ﷺ، فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه ثم قال: (ليراجعها، ثم يمسكها حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمره الله).
[٤٩٥٣، ٤٩٥٤، ٤٩٥٨، ٥٠٢٢، ٥٠٢٣، ٦٧٤١]


(فتغيظ فيه) غضب لفعله. (يمسها) يجامعها. (كما أمره الله) بقوله: ﴿فطلقوهن لعدتهن﴾ أي لأول عدتهن. /الطلاق: ١/.

٣٨٥ - بَاب: ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا﴾ /٤/.
وأولات الأحمال: واحدها: ذات حمل.


(أجلهن) وقت انقضاء عدتهن.

٤٦٢٦ - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يحيى قال: أخبرني أبو سلمة قال:
جاء رجل إلى ابن عباس، وأبو هريرة جالس عنده، فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة؟ فقال ابن عباس: آخر الأجلين، قلت أنا: ﴿وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن﴾. قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي، يعني أبا سلمة، فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها، فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخطبت، فأنكحها رسول الله ﷺ، وكان أبو السنابل فيمن خطبها.
[٥٠١٢]


أخرجه مسلم في الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل، رقم: ١٤٨٥.
(آخر الأجلين) أي أقصاهما، من أربعة أشهر وعشرة أيام أو وضع الحمل. (فأنكحها) أي فأذن لها أن تتزوج.

٤٦٢٦ - (م) وقال سليمان بن حرب وأبو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن محمد قال:
كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابه يعظمونه،

١٨٦٥
فذكر آخر الأجلين، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة، قال فضمز لي بعض أصحابه، قال محمد: ففطنت له، فقلت: إني إذا لجريء إن كذبت على عبد الله بن عتبة وهو في ناحية الكوفة، فاستحيا وقال: لكن عمه لم يقل ذاك. فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته، فذهب يحدثني حديث سبيعة، فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا؟ فقال: كنا عند عبد الله، فقال: أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى: ﴿وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن﴾.
[ر: ٤٢٥٨]


(فذكر آخر الأجلين) أي أفتى بذلك. (فضمز) عض على شفته مشيرا أن اسكت. (فاستحيا) مما وقع منه. (لكن عمه) أي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه. (التغليظ) طول العدة بالحمل إذا زادت مدته على مدة الأشهر، وقد يمتد أكثر من تسعة أشهر. (الرخصة) التسهيل فيما إذا وضعت لأقل من أربعة أشهر وعشرة أيام. (القصرى) سورة الطلاق، وفيها:
﴿وأولات الأحمال﴾. (الطولى) سورة البقرة التي هي أطول سور القرآن، وفيها: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾. /البقرة: ٢٣٤/. أي: ونزولها بعدها يدل على أنها محكمة، وأنها مخصصة للعدة بالأشهر لمن توفي عنها زوجها بالتي ليست ذات حمل.
سورة التحريم.

٣٨٦ - باب: ﴿يا أيها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم﴾ /١/.


(تحرم ما أحل الله لك) من شرب العسل، وقيل: إتيان أمته مارية القبطية رضي الله عنها. (تبتغي) تطلب بذلك. (مرضاة أزواجك) رضاهن.

٤٦٢٧ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يحيى، عن ابن حكيم، هو يعلى بن حكيم الثقفي، عن سعيد بن جبير: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ في الحرام:
يكفر. وقال ابن عباس: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة﴾.
[٤٩٦٥]


أخرجه مسلم في الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته
ولم ينو الطلاق، رقم: ١٤٧٣.
(في الحرام) أي إذا حرم على نفسه ما يحل له، كما إذا قال: حرام علي أكل اللحم، أو قال لزوجته: أنت علي حرام. (يكفر) كفارة يمين، وهذا إذا لم ينو الطلاق، فإن نوى الطلاق وقع كما نوى. (أسوة) قدوة. /الأحزاب: ٢١/. وقرأها عاصم بضم الهمزة حيث كانت، وقرأ الجمهور بكسرها.

٤٦٢٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يوسف، عن ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ

١٨٦٦
عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
كَانَ رسول الله ﷺ يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها، فواطيت أنا وحفصة على: أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغافير، قال: (لا، ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا).
[٤٩٦٦، ٦٣١٣، وانظر: ٤٩١٨]


(فواطيت) اتفقت، وأصله (فواطأت) وهو كذلك في بعض النسخ، وفي بعض النسخ: (فتواطأت). (مغافير) جمع مغفور، وهو صمغ حلو له رائحة كريهة، ينضجه شجر يسمى العرفط. (وقد حلفت) على أن لا أعود لشرب العسل عندها.

٣٨٧ - باب: ﴿تبتغي مرضاة أزواجك﴾ /١/.
﴿قد فرض لله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الحكيم﴾ /٢/.


(فرض) بين. (تحلة أيمانكم) ما تحللون به أيمانكم، وهو الكفارة المذكورة بقوله تعالى: ﴿فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام﴾. /المائدة: ٨٩/. (تحرير رقبة) عتق عبد أو أمة.

٤٦٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بن حنين: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يحدث أنه قال:
مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا فخرجت معه، فلما رجعت وكنا ببعض الطريق، عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين، من اللتان تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أزواجه، فقال: تلك حفصة وعائشة، قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به، قال: ثم قال عمر: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم، قال: فبينا أنا في أمر أتأمره إذ قالت

١٨٦٧
امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، قال: فقلت لها: ما لك ولما ها هنا، فيما تكلفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب، ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله ﷺ حتى يظل يومه غضبان، فقام عمر، فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها: يا بنية إنك لتراجعين رسول الله ﷺ حتى يظل يومه غضبان؟ فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله ﷺ، يا بنية لا تغرنك هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِيَّاهَا، يُرِيدُ عَائِشَةَ، قال: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، فقالت أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب، دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأزواجه، فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها. وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب، فقال: افتح افتح، فقلت: جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله ﷺ أزواجه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة، فأخذت ثوبي فأخرج حتى جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في مشربة له، يرقى عليها بعجلة، وَغُلَامٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أسود على رأس الدرجة، فقلت له: قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَذِنَ لِي، قال عمر: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَنَّهُ لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مصبوبا، وعند رأسه أهب معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت، فقال: (ما يبكيك). فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول

١٨٦٨
الله، فقال: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة).
[ر: ٨٩]


أخرجه مسلم في الطلاق، باب: في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، رقم: ١٤٧٩.
(عدل إلى الأراك) مال عن الطريق حتى انتهى إلى شجرة الأراك، وهي التي يتخذ منها عود السواك. (تظاهرتا) تعاونتا عليه في الإفراط في الغيرة وإفشاء سره حتى استاء من ذلك. (أمرا) شأنا. (أنزل الله فيهن ما أنزل) من القرآن الذي يأمر بالإحسان إليهن. (ما قسم) من الحظ في الميراث، والحق في النفقة ونحو ذلك. (أتأمره) أتفكر فيه. (فيما تكلفك) أي شيء حملك على التدخل فيما ليس من شأنك (فأخذ رداءه مكانه) أي ارتدى رداءه فور سماعه لكلامها، وذهب إلى بنته. (فأخذتني) بكلامها. (كسرتني) صرفتني. (أجد) من الموجدة وهي الغضب. (امتلأت صدورنا منه) كنا في خوف شديد من مجيئه. (رغم أنف) لصق بالرغام وهو التراب، أي ذلت وصغرت. (يرقى عليها بعجلة) يصعد عليها بسرعة. (قرظا) ورق شجر يدبغ به. (مصبوبا) مسكوبا، ويروى (مصبورا) أي مجموعا كالصبرة وهي الكومة. (أهب) جمع إهاب وهو الجلد الذي لم يدبغ. (فيما هو فيه) من الرفاهية وأنواع النعيم الدنيوي.

٣٨٨ - باب: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير﴾ /٣/.
فِيهِ عَائِشَةُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٤٦٢٨]


(أسر) حدثها بكلام وقال لا تفشيه. (بعض أزواجه) حفصة رضي الله عنها. (حديثا) هو تحريم مارية رضي الله عنها. (نبأت به) أخبرت عائشة رضي الله عنها. (أظهره الله عليه) أطلعه على إخبارها. (عرف بعضه) أخبر حفصة ببعض ما قالته لعائشة رضي الله عنهما. (أعرض عن بعض) ولم يخبرها بكل ما قالت تكرما منه.

٤٦٣٠ - حدثنا علي: حدثنا سفيان: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سمعت عبيد بن حنين قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يقول:
أردت أن أسأل عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله ﷺ؟ فما أتممت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة.
[ر: ٨٩]

٣٨٩ - باب: قوله: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ /٤/.
صغوت وأصغيت: ملت. ﴿لتصغى﴾ /الأنعام: ١١٣/: لتميل.
﴿وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ /٤/: عون، تظاهرا: تعاونا.
وقال مجاهد: ﴿قوا أنفسكم وأهليكم﴾ /٦/: أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدبوهم.


(صغت) مالت إلى تحريم مارية وسركما ذلك، وهذا يستوجب التوبة. (مولاه) ناصره وحافظه. (صالح المؤمنين) المؤمنون المخلصون الصادقون. (ظهير) أعوان ونصراء. (بتقوى الله) بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ليكون ذلك حاجزا بينكم وبين النار يوم القيامة. (أدبوهم) ربوهم ونشئوهم على ذلك.

٤٦٣١ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سمعت عبيد بن حنين يقول: سمعت ابن عباس يقول:
أردت أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا على رسول الله ﷺ، فمكثت سنة فلم أجد له موضعا، حتى خرجت معه حاجا، فلما كنا بظهران، ذهب عمر لحاجته فقال: أدركني بالوضوء، فأدركته بالإداوة، فجعلت أسكب عليه الماء، ورأيت موضعا، فقلت يا أمير المؤمنين: من المرأتان اللتان تظاهرتا؟

١٨٦٩
قال ابن عباس: فما أتممت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة.
[ر: ٨٩]

٣٩٠ - باب: قوله: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا﴾ /٥/.


(يبدله) وفي قراءة ﴿يبدله﴾. (قانتات) مطيعات، لأن القنوت هو القيام بطاعة الله تعالى، وطاعة الله تعالى في طاعة رسول الله ﷺ. (تائبات) تاركات للذنوب ومنها المخالفة وعدم الطاعة، كثيرات الرجوع إلى الله تعالى وأمر رسوله ﷺ. (عابدات) كثيرات العبادة. (سائحات) صائمات، وقيل للصائم سائح لأنه يمسك عن الطعام والشراب حتى يجيء وقت فطره، كالسائح لا زاد معه، فلا يزال ممسكا إلى أن يجده. وقيل: معناها: مهاجرات. (ثيبات) جمع ثيب وهي التي سبق لها زواج. (أبكارا) جمع بكر وهي التي لم يسبق لها زواج.

٤٦٣٢ - حدثنا عمرو بن عون: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قال عمر رضي الله عنه:
اجتمع نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، فَنَزَلَتْ هذه الآية.
[ر: ٣٩٣]

٣٩١ - باب: تفسير سورة الملك: ﴿تبارك الذي بيده الملك﴾ /١/.
التفاوت: الآختلاف، والتفاوت والتفوت واحد. ﴿تميز﴾ /٨/: تقطع. ﴿مناكبها﴾ /١٥/: جوانبها. ﴿تدعون﴾ /٢٧/: وتدعون واحد، مثل تذكرون وتذكرون. ﴿ويقبضن﴾ /١٩/: يضربن بأجنحتهن.
وقال مجاهد: ﴿صافات﴾ /١٩/: بسط أجنحتهن. ﴿ونفور﴾ /٢١/: الكفور.


(تبارك) تعالى وتعاظم عن صفات المخلوقين. (بيده) بتدبيره وتصريفه. (الملك) الأمر والنهي والسلطان. (التفاوت) يشير إلى قوله تعالى: ﴿ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت﴾ /الملك: ٣/: أي اضطراب وعدم تناسق وتناسب. وقرأ حمزة وعلي: ﴿تفوت﴾. (تدعون) من الدعوى، أي تنكرون وقوعه بعد الموت والبعث. وقرأ يعقوب ﴿تدعون﴾ من الدعاء أي تطلبون وتتمنون أن يعجل لكم، أي العذاب. (يقبضن) يضممن أجنحتهن إذا ضربن بهن جنوبهن أثناء الطيران. (صافات) باسطات أجنحتهن في
الجو أثناء الطيران. (نفور) تباعد عن الحق وشرود عن الهدى.

٣٩٢ - باب: تفسير سورة: ﴿ن والقلم﴾ /١/.
١٨٧٠
وقال قتادة: ﴿حرد﴾ /٢٥/: جد في أنفسهم.
وقال ابن عباس: ﴿يتخافتون﴾ /٢٣/: ينتجون السرار والكلام الخفي. ﴿لضالون﴾ /٢٦/: أضللنا مكان جنتنا.
وقال غيره: ﴿كالصريم﴾ /٢٠/: كالصبح انصرم من الليل، والليل انصرم من النهار، وهو أيضا: كل رملة انصرمت من معظم الرمل، والصريم أيضا المصروم، مثل: قتيل ومقتول.


(والقلم) أقسم سبحانه بجنس القلم الذي يكتب به تنبيها لما في ذلك من الفوائد والمنافع التي لا تحصى، والله تعالى أعلم بمراده، وله سبحانه أن يقسم بما شاء، لأنه خالق الأشياء، بخلاف العباد، فليس لهم أن يقسموا إلا به سبحانه أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، لأن القسم منهم تعظيم وتقديس، ولا ينبغي لهم أن يقدسوا أو يعظموا سوى خالقهم جل وعلا. (جد ..) قصد وتصميم. (ينتجون) يكلم بعضهم بعضا. (السرار) جمع سر وهو ما تكتمه وتخفيه من الأمور التي عزمت عليها. (أضللنا) أخطأنا. (جنتنا) بستاننا وحديقتنا ذات النخل والشجر. (كالصريم) الشجر الذي قطع ثمره وجمع، وقيل: اسودت واحترقت، فصارت كالليل المظلم الذي انصرم من النهار، أي انقطع، أو صارت أرضا بيضاء بلا شجر، كالصبح انصرم
من الليل. (وهو) أي الصريم. (انصرمت) انعزلت. (الصريم ...) أي فعيل بمعنى مفعول.

٣٩٣ - باب: ﴿عتل بعد ذلك زنيم﴾ /١٣/.

٤٦٣٣ - حدثنا محمود: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عن أبي حصين، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
﴿عتل بعد ذلك زنيم﴾. قال: رجل من قريش، له زنمة مثل زنمة الشاة.


(عتل) غليظ جاف شديد الفتك، وقيل: الأكول الشروب القوي الشديد. (بعد ذلك) مع ذلك. (زنيم) دعي ملحق النسب، ملصق بالقوم وليس منهم، والزنيم أيضا: اللئيم المعروف بلؤمه وشره. /ن: ١٣/. (رجل) هو الوليد ابن المغيرة، وقيل غيره. (زنمة) قطعة جلد أو لحم زائدة. (زنمة الشاة) هي ما يقطع من أذنها ويترك معلقا.

٤٦٣٤ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وهب الخزاعي قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول:
(ألا أخبركم بأهل الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عتل، جواظ، مستكبر).
[٥٧٢٣، ٦٢٨١]


أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون، رقم: ٢٨٥٣.
(متضعف) بكسر العين، متواضع لين هين، وروي بفتح العين، أي يستضعفه الناس ويحتقرونه. (أقسم) حلف يمينا طمعا في كرم الله تعالى. (لأبره) لحقق له ما أقسم عليه، ولأجاب طلبه ودعاءه. (جواظ) شديد الصوت في الشر، متكبر مختال في مشيته.

٣٩٤ - باب: ﴿يوم يكشف عن ساق﴾ /٤٢/.


(يوم ..) هذا الكلام عبارة عن شدة الأمر يوم القيامة، للحساب والجزاء، والعرب تقول لمن وقع في أمر يحتاج إلى اجتهاد ومعاناة: شمر عن ساقه، وتقول للحرب إذا اشتدت: كشفت عن ساقها.

٤٦٣٥ - حدثنا آدم: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سعيد رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول:
(يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا).
[ر: ٤٣٠٥]


(ساقه) الله تعالى أعلم بهذا، مع اعتقادنا بتنزيه الله تعالى عما يشابه المخلوقات، وللعلماء المحققين تأويلات لمثل هذه المتشابهات، لا تخرج عن قواعد الشريعة وأصول الدين، منها: ما ذكر في شرح الآية السابقة، ومنها: أن المراد بالساق نور عظيم يكشف عنه سبحانه يوم القيامة، وغير ذلك. (رياء) مراءاة للناس، أي ليروه ويثنوا عليه. (سمعة) يسمع به الناس ويذيعوا صيته. (طبقا واحدا) كالصحيفة الواحدة، فلا ينثني للسجود ولا يقدر عليه.

٣٩٥ - باب: تفسير سورة الحاقة.
قال ابن جبير: ﴿حسوما﴾ /٧/: متتابعة. ﴿عيشة راضية﴾ /٢١/: يريد: فيها الرضا. ﴿القاضية﴾ /٢٧/: الموتة الأولى التي متها لم أحي بعدها. ﴿من أحد عنه حاجزين﴾ /٤٧/: أحد يكون للجمع وللواحد.
وقال ابن عباس: ﴿الوتين﴾ /٤٦/: نياط القلب.
قال ابن عباس: ﴿طغى﴾ /١١/: كثر، ويقال: ﴿بالطاغية﴾ /٥/: بطغيانهم، ويقال: طغت على الخزان كما طغى الماء على قوم نوح. و: ﴿غسلين﴾ /٣٦/: ما يسيل من صديد

١٨٧٢
أهل النار. وقال غيره: ﴿من غسلين﴾ كل شيء غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، فعلين من الغسل، من الجرح والدبر. ﴿أعجاز نخل﴾ /٧/: أصولها. ﴿باقية﴾ /٨/: بقية.


(حسوما) تتابعت عليهم فحسمتهم، أي استأصلتهم بالعذاب، من الحسم وهو القطع. (راضية) ذات رضا، أو: مرضية. (القاضية) القاطعة للحياة والقاضية عما بعدها. (فما منكم ...) فما يستطيع أحد منكم أن يحجزنا ويمنعنا عن عقوبة محمد ﷺ لوتقول علينا شيئا، وهو يعلم ذلك، ولذا يستحيل أن يقدم عليه. (نياط القلب) عرق يتصل بالقلب إذا قطع مات الإنسان. (بطغيانهم) بسبب طغيانهم، والطاغية مصدر مثل طغيان، وقيل: الطاغية: الصيحة الشديدة المجاوزة للحد في القوة حتى صرعتهم وأهلكتهم. (الخزان) بصيغة المفرد وبصيغة الجمع، والمراد الملائكة الموكلون بإرسال الريح بمقادير معينة. (غسلين) قيل: هو شجر يأكله أهل النار، وفسره الفراء بما ذكره البخاري رحمه الله تعالى. (صديد) القيح الذي يفسد به الجرح. (غيره) أي الفراء. [عيني]. (الدبر) جمع دبرة، وهي قرحة الدابة].

٣٩٦ - باب: تفسير سورة المعارج ﴿سأل سائل﴾ /١/.
الفصيلة: أصغر آبائه القربى، إليه ينتمي من انتمى. ﴿للشوى﴾ /١٦/: اليدان والرجلان والأطراف، وجلدة الرأس يقال لها شواة، وما كان غير مقتل فهو شوى. والعزون: الحلق والجماعات، وواحدها عزة. ﴿يوفضون﴾ /٤٣/: الإيفاض الإسراع.


(الفصيلة) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وفضيلته التي تؤويه﴾ /المعارج: ١٣/: أي عشيرته الأدنون الذين فصل عنهم، والذين ينضم إليهم ويستنصر بهم. (ينتمي) ينتسب، ويروى (ينتهي) من الانتهاء، أي إليه ينتهي نسب من انتسب. (العزون) يفسر قوله تعالى: ﴿فمال الذين كفروا قبلك مهطعين. عن اليمين وعن الشمال عزين﴾ /المعارج: ٣٦، ٣٧/. (قبلك) نحوك وباتجاهك. (مهطعين) مسرعين، مادي أعناقهم مديمي النظر إليك.

٣٩٧ - باب: تفسير سورة نوح: ﴿إنا أرسلنا﴾ /١/.
﴿أطوارا﴾ /١٤/: طورا كذا وطورا كذا، يقال: عدا طوره أي قدره. والكبار أشد من الكبار، وكذلك جمال وجميل لأنها أشد مبالغة، وكبار الكبير، وكبارا أيضا بالتخفيف، والعرب تقول: رجل حسان وجمال، وحسان، مخفف، وجمال، مخفف. ﴿ديارا﴾ /٢٦/: من دور، ولكنه فيعال من الدوران، كما قرأ عمر: الحي القيام. /البقرة: ٢٥٥/: وهي من قمت، وقال غيره: ﴿ديارا﴾ أحدا. ﴿تبارا﴾ /٢٨/: هلاكا.
وقال ابن عباس: ﴿مدرارا﴾ /١١/: يتبع بعضه بعضا. ﴿وقارا﴾ /١٣/: عظمة.


(طورا كذا ..) أي نطفة ثم علقة .. وهكذا، حتى يكتمل الخلق ثم يولد، فيكون طفلا ثم شابا ثم كهلا ... وهكذا حتى يدركه الموت. والطور يكون بمعنى تارة كما هو هنا، ويكون بمعنى القدر كما ذكر. (عدا) جاوز. (الكبار) يشير إلى قوله تعالى: ﴿ومكروا مكرا كبارا﴾ /نوح: ٢٢/: أي احتالوا أو دبروا لأذاه تدبيرا كبيرا. (أشد) أي أبلغ في معناها. (الكبار) بمعنى الكبير، وهو أبلغ منه. (ديارا) أحدا يدور في الأرض، مشتق من دار يدور دورا. (فيعال) أي أصله ديوار، فأبدلت الواو ياءا وأدغمت بالتي قبلها. (القيام) القراءة المشهورة ﴿القيوم﴾ والمعنى واحد. (غيره) لم يعرف من مراده بالقائل الأول ولا من هو غيره. (مدرارا) كثير الدر، والمراد الكثرة والتتابع، وأصل الدر حلب الشاة حالا بعد حال.

٣٩٨ - باب: ﴿ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق﴾ /٢٣/.

٤٦٣٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود: كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: كانت لهذيل، وأما يغوث: فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق: فكانت لهمدان، وأما نسر: فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا
يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتنسخ العلم عبدت.


(بدومة الجندل) مدينة بين المدينة والعراق وبلاد الشام. (هذيل) قبيلة من قبائل العرب، وكذلك مراد، وغطيف وهمدان وحمير وذو الكلاع. (بالجوف) اسم واد في اليمن، والجوف كل منخفض من الأرض. (أنصابا) جمع نصب وهو حجر أو صنم ينصب تخليدا لذكرى رجل أو غيره. (هلك أولئك) مات الذين نصبوا الأنصاب، وكانوا يعلمون لماذا نصبت. (تنسخ العلم) زالت معرفة الناس بأصل نصبها.

٣٩٩ - باب: تفسير سورة (الجن): ﴿قل أوحي إلي﴾ /١/.
قال ابن عباس: ﴿لبدا﴾ /١٩/: أعوانا.


(لبدا) يركب بعضهم بعضا من الازدحام عليه، حرصا على استماع القرآن. وقيل: تظاهروا وكانوا أعوانا على إبطاله.

٤٦٣٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس قال:
انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قال: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا ما حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هذا الأمر الذي حدث. فانطلقوا، فضربوا مشارق الأرض ومغاربها، ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء، قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله ﷺ بنخلة، وهو عامد إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له، فقالوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فهنالك

١٨٧٤
رجعوا إلى قومهم، فقالوا: ﴿يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أحدا﴾. وأنزل الله عز وجل عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ: ﴿قُلْ أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن﴾. وإنما إليه قول الجن.
[ر: ٧٣٩]

٤٠٠ - باب: تفسير سورة المزمل.
وقال مجاهد: ﴿وتبتل﴾ /٨/: أخلص.
وقال الحسن: ﴿أنكالا﴾ /١٢/: قيودا. ﴿منفطر به﴾ /١٨/: مثقلة به.
وقال ابن عباس: ﴿كثيبا مهيلا﴾ /١٤/: الرمل السائل. ﴿وبيلا﴾ /١٦/: شديدا.


(تبتل) أخلص له في الدعاء والعبادة وتفرغ عمن سواه. (أنكالا) قيودا ثقالا لا تنفك أبدا، جمع نكل ونكل. (منفطر به) متشققة من شدته وثقله. (السائل) الذي إذا أخذت منه شيئا انهال ما بعده.

٤٠١ - باب: تفسير سورة المدثر.
قال ابن عباس: ﴿عسير﴾ /٩/: شديد. ﴿قسورة﴾ /٥١/: ركز الناس وأصواتهم، وقال أبو هريرة: الأسد، وكل شديد قسورة وقسور. ﴿مستنفرة﴾ /٥١/: نافرة مذعورة.


(المدثر) المتلفف بثيابه، من الدثار وهو كل ما كان من الثياب فوق الشعار، والشعار الثوب الذي يلي الجسد. (ركز الناس) حسهم، والركز الصوت الخفي. (قسورة وقسور) من القسر، وهو الغلبة والقهر.

٤٦٣٨ - حدثنا يحيى: حدثنا وكيع، عن عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير:
سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن، عن أول ما نزل من القرآن، قال: ﴿يا أيها المدثر﴾. قلت: يقولون: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾. فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن ذلك، وقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قال: (جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت، فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا، ونظرت أمامي فلم أر شيئا، ونظرت خلفي فلم أر شيئا، فرفعت رأسي فرأيت شيئا، فأتيت خديجة فقلت: دثروني، وصبوا علي ماء باردا، قال: فدثروني وصبوا علي ماء باردا، قال: فنزلت: ﴿يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر﴾).
[ر: ٤]


(جاورت) اعتكفت. (قضيت جواري) انتهيت من اعتكافي. (هبطت) نزلت من الغار لأذهب إلى بيتي.

٤٠٢ - باب: ﴿قم فأنذر﴾ /٢/.

٤٦٣٩ - حدثني محمد بن بشار: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره قالا: حدثنا حرب بن شداد، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلمة، عن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال:
(جاورت بحراء). مثل حديث عثمان بن عمر، عن علي بن المبارك.
[ر: ٤]

٤٠٣ - باب: ﴿وربك فكبر﴾ /٣/.

٤٦٤٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا حَرْبٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قال:
سألت أبا سلمة: أي القرآن أنزل أول؟ فقال: ﴿يا أيها المدثر﴾. فقلت: أنبئت أنه: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾. فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن أنزل أول؟ فقال: ﴿يا أيها المدثر﴾. فقلت: أنبئت أنه: ﴿اقرأ باسم ربك﴾. فقال: لا أخبرك إلا بما قال رسول الله ﷺ، قال رسول الله ﷺ: (جاورت في حراء، فلما قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض، فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردا، وأنزل علي: ﴿يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر﴾).
[ر: ٤]


(استبطنت الوادي) وصلت إلى بطنه، وهو أخفض مكان فيه. (هو) أي الملك الذي جاءني في حراء، كما صرحت به الرواية التالية، وهذا ظاهر أن ما حصل في حراء قبل هذا. (عرش) وفي نسخة (كرسي) والمعنى متقارب.

٤٠٤ - باب: ﴿وثيابك فطهر﴾ /٤/.

٤٦٤١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب. وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أخبرنا معمر، عن الزهري: فأخبرني أبو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله رضي الله عنهما قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، فَقَالَ فِي حديثه: (فبينا أَنَا أَمْشِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فرفعت رأسي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، جَالِسٌ عَلَى كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه رعبا، فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فدثروني، فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيها المدثر. إلى: والرجز فاهجر﴾. قبل أن تفرض الصلاة، وهي الأوثان).
[ر: ٤]

٤٠٥ - باب: قوله: ﴿والرجز فاهجر﴾ /٥/.
يقال: الرجز والرجس العذاب.


(الرجز) قرأ يعقوب وسهل وحفص بضم الراء، وقرأ غيرهم بكسرها. وقيل هما بمعنى واحد، وقيل: بالضم معناها الصنم، وبالكسر معناها النجاسة والمعصية.

٤٦٤٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عن عقيل: قال ابن شهاب: سمعت أبا سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يحدث عن فترة الْوَحْيُ: (فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السماء، فرفعت بصري قبل السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، قَاعِدٌ على كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه، حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني، فزملوني، فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيها المدثر. قم فأنذر - إلى قوله - فاهجر﴾. قال أبو سلمة: والرجز الأوثان - ثم حمي الوحي وتتابع).
[ر: ٤]

٤٠٦ - باب: تفسير سورة القيامة.
وقوله: ﴿لاتحرك به لسانك لتعجل به﴾ /١٦/:
وقال ابن عباس: ﴿سدى﴾ /٣٦/: هملا. ﴿ليفجر أمامه﴾ /٥/: سوف أتوب، سوف أعمل. ﴿لاوزر﴾ /١١/: لا حصن.


(سدى) مهملا دون أن يكلف ويسأل عن أعماله. (ليفجر ..) يمني نفسه بالتوبة والعمل الصالح، سوف ... وسوف ... وهو في القيقة يريد أن يستمر على عصيانه في مستقبل الأيام. وقيل: أن يكذب يوم القيامة. (حصن) ملجأ يحمي من عقاب الله تعالى.

٤٦٤٣ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أبي عائشة، وكان ثقة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا نزل عليه الوحي حرك به لسانه - ووصف سفيان - يريد أن يحفظه، فأنزل الله: ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾.
[ر: ٥]


(ووصف سفيان) كيفية تحريكه.

٤٠٧ - باب: ﴿إن علينا جمعه وقرآنه﴾ /١٧/.

٤٦٤٤ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عن موسى بن أبي عائشة:
أنه

١٨٧٧
سأل سعيد بن جبير عن قوله تعالى: ﴿لا تحرك به لسانك﴾. قال: وقال ابن عباس: كان يحرك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: ﴿لاتحرك به لسانك﴾. يخشى أن ينفلت منه، ﴿إن علينا جمعه وقرآنه﴾ أن نجمعه في صدرك، ﴿وقرآنه﴾ أن تقرأه، ﴿فإذا قرأناه﴾ يقول: أنزل عليه ﴿فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه﴾ أن نبينه على لسانك.
[ر: ٥]


(ينفلت) يضيع ويفوت.

٤٠٨ - باب: قوله: ﴿فأذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ /١٨/.
قال ابن عباس: قرأناه: بيناه، فاتبع: اعمل به.

٤٦٤٥ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس، في قوله:
﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه، وكان يعرف منه، فأنزل الله الآية التي في: ﴿لا أقسم بيوم القيامة﴾، ﴿لاتحرك بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وقرآنه﴾. قال: علينا أن نجمعه في صدرك، ﴿وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ فإذا أنزلناه فاستمع، ﴿ثم إن علينا بيانه﴾ علينا أن نبينه بلسانك. قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعد الله.
[ر: ٥]
﴿أولى لك فأولى﴾ /٣٤/: توعد.


أخرجه مسلم في الصلاة، باب: الاستماع للقراءة، رقم: ٤٤٨.
(وكان يعرف منه) أي الاشتداد حال نزول الوحي عليه. (لا أقسم) أي في السورة التي تبدأ بقوله تعالى: ﴿لا أقسم بيوم القيامة﴾. (أطرق) سكت، وأرخى عينيه ينظر إلى الأرض منصتا متفهما. (توعد) أي لأبي جهل الذي نزلت الآيات في حقه، ومعناه: الله تعالى تولى أن ينزل بك ما تكره.

٤٠٩ - باب: تفسير سورة (الإنسان، الدهر): ﴿هل أتى على الإنسان﴾ /١/.
يقال معناه: أتى على الإنسان، وهل: تكون جحدا، وتكون خبرا، وهذا من الخبر، يقول: كان شيئا، فلم يكن مذكورا، وذلك من حين خلقه من طين إلى أن ينفخ فيه الروح. ﴿أمشاج﴾ /٢/: الأخلاط، ماء المرأة وماء الرجل، الدم والعلقة، ويقال إذا خلط:

١٨٧٨
مشيج كقولك: خليط، وممشوج مثل: مخلوط. ويقرأ: ﴿سلاسلا وأغلالا﴾ /٤/: ولم يجر بعضهم. ﴿مستطيرا﴾ /٧/: ممتدا البلاء.
والقمطرير: الشديد، يقال: يوم قمطرير ويوم قماطر، والعبوس والقمطرير والقماطر والعصيب: أشد ما يكون من الأيام في البلاء.
وقال الحسن: النضرة في الوجه والسرور في القلب.
وقال ابن عباس: ﴿الأرائك﴾ /١٣/: السرر.
وقال البراء: ﴿وذللت قطوفها﴾ /١٤/: يقطفون كيف شاؤوا.
وقال معمر: ﴿أسرهم﴾ /٢٨/: شدة الخلق، وكل شيء شددته من قتب وغبيط فهو مأسور.


(جحدا) نفيا. (يقول: كان ..) يفسر قوله تعالى: ﴿هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا﴾ /الإنسان: ١/: أي قد أتى على الإنسان مدة من الزمن وهو شيء لا يذكر ولا يعرف، ولا يدري ما اسمه ولا ما يراد به؟. (الدم ..) أي ثم يصبح دما ثم علقة .. وهكذا. (إذا خلط ..) أي شيء بشيء. (سلاسلا) قرأ نافع والكسائي وأبو بكر بن عاصم: (سلاسلا) بالتنوين، وقرأ حمزة وخلف وحفص وابن كثير وأبو عمرو (سلاسل) بالفتح بلا تنوين. وسلاسل جمع سلسلة. (أغلالا) جمع غل وهو القيد. (ولم يجر) من الإجراء، أي لم يصرف سلاسل، والصرف التنوين. (القمطرير .. العبوس) يفسر قوله تعالى: ﴿إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا﴾ /الإنسان: ١٠/: أي يجعل الإنسان عابسا شديد العبوس منقبض الوجه من هول ما فيه وشدته. (العصيب) اللفظ وارد في قوله تعالى: ﴿وقال هذا يوم عصيب﴾ /هود: ٧٧/. (النضرة ..) يفسر قوله تعالى: ﴿ولقاهم نضرة وسرورا﴾ /الإنسان: ١١/. (ذللت) سخرت وقربت. (قطوفها) ثمارها. (معمر) بن المثنى أبو عبيدة. (قتب) رحل صغير على قدر سنام البعير. (غبيط) رحل النساء الذي يشد عليه الهودج.

٤١٠ - باب: تفسير سورة: ﴿والمرسلات﴾.
وقال مجاهد: ﴿جمالات﴾ /٣٣/: حبال. ﴿اركعوا﴾ صلوا ﴿لا يركعون﴾ /٤٨/: لا يصلون.
وسئل ابن عباس: ﴿لا ينطقون﴾ /٣٥/. ﴿والله ربنا ما كنا مشركين﴾ / الأنعام: ٢٣/. ﴿اليوم نختم على أفواههم﴾ /يس: ٦٥/. فقال: إنه ذو ألوان، مرة ينطقون، ومرة يختم عليهم.


(المرسلات) الرياح المرسلة بشدة وتتابع، وقيل: الملائكة المرسلة بأوامره سبحانه وتعالى. (جمالات) قيل: هي الحبال، وقيل: جمع جمالة وهي جمع جمل، وهو ذكر الإبل، وانظر شرح الحديث: ٤٦٤٩. (سئل ..) أي عن التوفيق بين هذه الآيات التي ظاهرها التعارض. (إنه) أي يوم القيامة. (ألوان) أحوال وأطوار، وانظر الحديث: ٤٥٣٧ م.

٤٦٤٦ - حدثني محمود: حدثنا عبيد الله، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وأنزلت عليه: ﴿والمرسلات﴾. وإنا لنتلقاها من فيه، فخرجت حية، فابتدرناها، فسبقتنا فدخلت جحرها. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وقيت شركم، كما وقيتم شرها).
حدثنا عبدة بن عبد الله: أخبرنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن منصور: بهذا. وعن إسرائيل، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد الله: مثله.
وتابعه أسود بن عامر، عن إسرائيل. وقال حفص وأبو معاوية وسليمان بن قرم، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود.
قال يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.
وقال ابن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عن عبد الله.


أخرجه مسلم في السلام، باب: قتل الحيات وغيرها، رقم: ٢٢٣٤.

٤٦٤٧ - حدثنا قتيبة: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود قال: قال عبد الله:
بينا نحن مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غار، إذ نزلت عليه: ﴿والمرسلات﴾. فتلقيناها مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ خرجت حية، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (عليكم اقتلوها). قال: فابتدرناها فسبقتنا، قال: فقال: (وقيت شركم، كما وقيتم شرها).
[ر: ١٧٣٣]

٤١١ - باب: قوله: ﴿إنها ترمي بشرر كالقصر﴾ /٣٢/.

٤٦٤٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس:
﴿إنها ترمي بشرر كالقصر﴾. قال: كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل، فنرفعه للشتاء، فنسميه القصر.
[٤٦٤٩]


(إنها) أي جهنم. (بشرر) ما يتطاير من النار إذا التهبت، واحدها شررة. (كالقصر) كالبناء الشامخ في عظمه وارتفاعه. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما بفتح الصاد، ومعناه كما فسره. /المرسلات: ٣٢/. (بقصر) بقدر وارتفاع. (للشتاء) لأجل الاستسخان به في الشتاء.

٤١٢ - باب: قوله: ﴿كأنه جمالات صفر﴾ /٣٣/.

٤٦٤٩ - حدثنا عمرو بن علي: حدثنا يحيى: أخبرنا سفيان: حدثني عبد الرحمن ابن عَابِسٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
﴿ترمي بشرر﴾. كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع أو فوق ذلك، فنرفعه للشتاء، فنسميه القصر. ﴿كأنه جمالات صفر﴾ حبال السفن تجمع حتى تكون كأوساط الرجال.
[ر: ٤٦٤٨]


(حبال السفن) تفسير (جمالات) بالحبال إذا ضمت الجيم، وأما بكسرها فهي جمع جمالة، وجمالة جمع جمل، وهو ذكر الإبل. (صفر) في هيئتها ولونها جمع أصفر، والعرب تسمي سود الإبل صفرا، لشوب سوادها بصفرة. /المرسلات: ٣٣/.

٤١٣ - باب: قوله: ﴿هذا يوم لا ينطقون﴾ /٣٥/.


(لا ينطقون) لا يستطيعون النطق، أو لا ينطقون بحجة تنفعهم.

٤٦٥٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عن عبد الله قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غار، إذ نزلت عليه: ﴿والمرسلات﴾. فإنه لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اقْتُلُوهَا). فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (وقيت شركم، كما وقيتم شرها).
قال عمر: حفظته من أبي: في غار بمنى.
[ر: ١٧٣٣]

٤١٤ - باب: تفسير سورة النبأ: ﴿عم يتساءلون﴾ /١/.
قال مجاهد: ﴿لا يرجون حسابا﴾ /٢٧/: لا يخافونه. ﴿لا يملكون منه خطابا﴾ /٣٧/: لا يملكونه إلا أن يأذن لهم. ﴿صوابا﴾ /٣٨/: حقا في الدنيا وعمل به. وقال ابن عباس: ﴿وهاجا﴾ /١٣/: مضيئا. ﴿ثجاجا﴾ /١٤/: منصبا. ﴿ألفافا﴾ /١٦/: ملتفة.
وقال غيره: ﴿غساقا﴾ /٢٥/: غسقت عينه، ويغسق الجرح: يسيل، كأن الغساق والغسيق واحد. ﴿عطاء حسابا﴾ /٣٦/: جزاء كافيا، أعطاني ما أحسبني، أي كفاني.


(غساقا) صديدا يسيل من أبدانهم، وقرأ الكسائي بتشديد السين المفتوحة، وقرأ أبو عمرو بتخفيفها. (غسقت عينه) أي سالت أو سال دمعها.

٤١٥ - باب: ﴿يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا﴾ /١٨/: زمرا.


(الصور) البوق الذي ينفخ فيه يوم القيامة. (زمرا) جماعات.

٤٦٥١ - حدثني مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(مَا بَيْنَ النفختين أربعون). قال: أربعون يوما؟ قال: أبيت، قال: أربعون شهرا؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت. قال: (ثم ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة).
[ر: ٤٥٣٦]

٤١٦ - باب: تفسير سورة: ﴿والنازعات﴾.
﴿زجرة﴾ /١٣/: صيحة.
وقال مجاهد: ﴿ترجف الراجفة﴾ /٦/: هي الزلزلة. ﴿الآية الكبرى﴾ /٢٠/: عصاه ويده. ﴿سمكها﴾ /٢٨/: بناها بغير عمد. ﴿طغى﴾ /١٧/: عصى.
يقال: الناخرة والنخرة سواء، مثل الطامع والطمع، والباخل والبخل. وقال بعضهم: النخرة البالية، والناخرة: العظم المجوف الذي تمر فيه الريح فينخر.
وقال ابن عباس: ﴿الحافرة﴾ /١٠/: إلى أمرنا الأول، إلى الحياة.
وقال غيره: ﴿أيان مرساها﴾ /٤٢/: متى منتهاها، ومرسى السفينة حيث تنتهي.
﴿الراجفة﴾ /٦/: النفخة الأولى. ﴿الرادفة﴾ /٧/: النفخة الثانية.


(النازعات) الملائكة تنزع أرواح بني آدم. (ترجف الراجفة) تنفخ النفخة الأولى التي تحرك كل شيء تحريكا شديدا. (الآية الكبرى) المعجزة العظيمة الدالة على أنه رسول الله تعالى. (النخرة) يشير إلى قوله تعالى: ﴿ء إذا كنا عظاما نخرة﴾ /النازعات: ١١/: بالية. (سواء) أصل المعنى واحد. (فينخر) ظهورها وقيامها. (منتهاها) منتهى الحياة الدنيا الذي يكون عنده قيام الساعة.

٤٦٥٢ - حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ:

١٨٨٢
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال بإصبعيه هكذا، بالوسطى والتي تلي الإبهام: (بعثت أنا والساعة كهاتين).
[٤٩٩٥، ٦١٣٨]
قال ابن عباس: ﴿أغطش﴾ /٢٩/: أظلم. ﴿الطامة﴾ /٣٤/: تطم كل شيء.


أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة، رقم: ٢٩٥٠.
(قال بإصبعه) أشار. (والساعة) قيام القيامة. (كهاتين) أي مقترنين كاقترانهما، أو الفارق بين بعثتي وقيام الساعة كالفرق بين الأصبعين في الطول، والمراد بيان قرب وقت قيام الساعة. (تطم) تعلو عليه وتغلب، والمراد بالطامة يوم القيامة.

٤١٧ - باب: تفسير سورة: ﴿عبس﴾.
﴿عبس وتولى﴾ /١/: كلح وأعرض. وقال غيره: ﴿مطهرة﴾ /١٤/: لا يمسها إلا المطهرون، وهم الملائكة، وهذا مثل قوله: ﴿فالمدبرات أمرا﴾ /النازعات: ٥/: جعل الملائكة والصحف مطهرة، لأن الصحف يقع عليها التطهير، فجعل التطهير لمن حملها أيضا.
وقال مجاهد: الغلب: الملتفة، والأب: ما يأكل الأنعام. ﴿سفرة﴾ /١٥/: الملائكة، واحدهم سافر، سفرت: أصلحت بينهم، وجعلت الملائكة - إذا نزلت بوحي الله وتأديبه - كالسفير الذي يصلح بين القوم. وقال غيره: ﴿تصدى﴾ /٦/: تغافل عنه. وقال مجاهد: ﴿لما يقض﴾ /٢٣/: لا يقضي أحد ما أمر به. وقال ابن عباس: ﴿ترهقها﴾ /٤١/: تغشاها شدة. ﴿مسفرة﴾ /٣٨/: مشرقة. ﴿بأيدي سفرة﴾ /١٥/: وقال ابن عباس: كتبة أسفارا، كتبا. ﴿تلهى﴾ /١٠/: تشاغل. يقال: واحد الأسفار سفر. ﴿فأقبره﴾ /٢١/: يقال أقبرت الرجل جعلت له قبرا، قبرته دفنته.


(كلح) قطب وجهه. (غيره) غير مجاهد، وهذا يعني أن الكلام قبله لمجاهد رحمه الله تعالى [عيني] (وهذا مثل ..) أي وصفت الخيول بالمدبرات مع أن التدبير لمحمولها وهم الغزاة. (الأب .. الغلب) يشير إلى
قوله تعالى: ﴿وحدائق غلبا وفاكهة وأبا﴾ /عبس: ٣٠، ٣١/. (غلبا) ملتفة الأشجار. (أبا) الكلأ والمرعى الذي تأكله الدواب ولا يزرعه الناس. (تغافل) قال العيني: أكثر النسخ: تصدى تغافل عنه، والذي في غيرها: تصدى أقبل عليه، وكأنه الصواب وعليه أكثر المفسرين. (سفر) وهو الكتاب]

٤٦٥٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سمعت زرارة بن أوفى يحدث، عن سعد بن هشام، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال:
(مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ

١٨٨٣
له، مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران).


أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع به، رقم: ٧٩٨.
(حافظ له) أي للقرآن عن ظهر قلب.
(يتعاهده) يضبطه ويتفقده ويكرر قراءته حتى لا ينساه. (أجران) لتلاوته ولتحمل المشقة فيها.

٤١٨ - باب: تفسير سورة: ﴿إذا الشمس كورت﴾. (التكوير)
﴿انكدرت﴾ /٢/: انتثرت.
وقال الحسن: ﴿سجرت﴾ /٦/: ذهب ماؤها فلا تبقى قطرة، وقال مجاهد: ﴿المسجور﴾ /الطور: ٦/: المملوء، وقال غيره: ﴿سجرت﴾ أفضى بعضها إلى بعض، فصارت بحرا واحدا.
والخنس: تخنس في مجراها: ترجع، وتكنس: تستتر كما تكنس الظباء. ﴿تنفس﴾ /١٨/: ارتفع النهار. والظنين المتهم، والضنين يضن به.
وقال عمر: ﴿النفوس زوجت﴾ /٧/: يزوج نظيره من أهل الجنة والنار، ثم قرأ: ﴿احشروا الذين ظلموا وأزواجهم﴾ /الصافات: ٢٢/. ﴿عسعس﴾ /١٧/: أدبر.


(كورت) أظلمت وتلاشى ضوؤها، من التكوير، وهو جمع الشيء بعضه إلى بعض، فكأن الشمس عند قيام الساعة تجمع بعضها إلى بعض وتلف، فيلف ضوؤها ويذهب انتشاره في الآفاق. (انكدرت) تساقطت وتناثرت، من انكدر الطائر إذا سقط عن عشه. (سجرت) بتشديد الجيم وتخفيفها. (غيره) أي غير الحسن. (الخنس ..) يفسر قوله: ﴿فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس﴾ /التكوير: ١٥، ١٦/: أي النجوم السيارة التي تغيب وترجع فتظهر. (تكنس الظباء) تدخل كناسها، وهو الموضع الذي تأوي إليه، والظباء: جمع ظبي وهو الغزال. (تنفس) أي الصبح: امتد ضوؤه وأقبل بالروح والنسيم. (الظنين ..) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وما هو على الغيب بظنين﴾ /التكوير: ٢٤/. قرأ عاصم وحمزة وأهل المدينة والشام بالضاد، أي ببخيل، والمعنى: لا يبخل بتبليغ ما يوحى به إليه وتعليمه للناس. وقرأ غيرهم بالظاء، أي: وما هو بمتهم فيما يخبر به عن الله عز وجل. (نظيره) المؤمن مع المؤمنة، والفاجر مع الفاجرة. (عسعس) أقبل بظلامه، أو أدبر، فهو من الأضداد.

٤١٩ - باب: تفسير سورة: ﴿إذا السماء انفطرت﴾. (الانفطار)
انفطارها: انشقاقها.
ويذكر عن ابن عباس: ﴿بعثرت﴾ /٤/: يخرج من فيها من الأموات.
وقال الربيع بن خثيم: ﴿فجرت﴾ /٣/: فاضت.
وقرأ الأعمش وعاصم: ﴿فعدلك﴾ /٧/: بالتخفيف، وقرأه أهل الحجاز بالتشديد،

١٨٨٤
وأراد: معتدل الخلق، ومن خفف يعني: ﴿في أي صورة﴾ /٨/: شاء: إما حسن، وإما قبيح، وطويل أو قصير.


(بالتخفيف) أي بفتح الدال: ﴿فعدلك﴾ وبه قرأ الحسن وحمزة والكسائي.
(بالتشديد) أي بتشديد الدال المفتوحة ﴿فعدلك﴾.
(ومن خفف) أي أراد نفس المعنى. (في أي صورة ..) خلقك على الصورة والشبه الذي يريده سبحانه.

٤٢٠ - باب: تفسير سورة: ﴿ويل للمطففين﴾. (المطففين)
وقال مجاهد: ﴿ران﴾ /١٤/: ثبت الخطايا. ﴿ثوب﴾ /٣٦/: جوزي.
وقال غيره: المطفف لا يوفي غيره. الرحيق: الخمر. ﴿ختامه مسك﴾ /٢٦/: طينته.
التسنيم: يعلو شراب أهل الجنة. ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ /٦/.


(ران) من الرين، وهو الغلبة، أي غلبت الخطايا على قلوبهم وأحاطت بها حتى غمرتها وغطتها. (ثبت الخطايا) سجل الخطايا وصحيفة الذنوب. (لا يوفي غيره) أي لا يعطيه حقه كاملا، بل إذا دفع له أنقص، وإذا أخذ لنفسه زاد، ويكون هذا في الكيل والوزن وغيرهما من سائر الحقوق. (الرحيق) يفسر قوله تعالى: ﴿يسقون من رحيق مختوم﴾ /المطففين: ٢٥/: أي ختم على ذلك الشراب ومنع من أن تمسه الأيدي حتى يفك ختمه الأبرار. (طينته) المادة التي ختم بها. (التسنيم) يفسر قوله تعالى: ﴿ومزاجه من تسنيم﴾ /المطففين: ٢٧/: أي يخلط ويمزج بالتسنيم، وهو أرفع شراب في الجنة، وهو معنى قوله: يعلو شراب أهل الجنة، والتسنيم العلو والارتفاع، ومنه سنام البعير.

٤٦٥٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ قال:
(﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾. حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه).
[٦١٦٦]


أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في صفة يوم القيامة، رقم: ٢٨٦٢.
(يوم يقوم الناس) من قبورهم وهو يوم القيامة. (لرب العالمين) خاضعين للمعبود الحق الذي خلقهم. /المطففين: ٦/. (يغيب) يغرق. (رشحه) عرقه.

٤٢١ - باب: تفسير سورة: ﴿إذا السماء انشقت﴾. (الانشقاق)
قال مجاهد: ﴿كتابه بشماله﴾ /الحاقة: ٢٥/: يأخذ كتابه من وراء ظهره. ﴿أذنت﴾ /٢، ٥/: سمعت وأطاعت ﴿لربها﴾. ﴿وألقت ما فيها﴾ من الموتى ﴿وتخلت﴾ /٤/: عنهم. ﴿وسق﴾ /١٧/: جمع من دابة. ﴿ظن أن لن يحور﴾ /١٤/: لا يرجع إلينا.


(كتابه ..) يبين أنه لا تنافي بين قوله تعالى: ﴿وأما من أوتي كتابه وراء ظهره﴾ /الانشقاق: ١٠/: وقوله تعالى: ﴿وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ بل الصورة واحدة، وذلك أنه يعطى كتاب أعماله بشماله من وراء ظهره. (وسق) جمع وصم ما كان منتشرا في النهار، أو: ما جمع من النجوم وما ساق من الظلمة.

٤٢٢ - باب: ﴿فسوف يحاسب حسابا يسيرا﴾ /٨/.

٤٦٥٥ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عثمان بن الأسود قال: سمعت ابن أبي مليكة: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
حَدَّثَنَا مسدد، عن يحيى، عن أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(ليس أحد يحاسب إلا هلك). قالت: قلت: يا رسول الله، جعلني الله فداءك، أليس يقول الله عز وجل: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حسابا يسيرا﴾. قال: (ذاك العرض يعرضون، ومن نوقش الحساب هلك)
[ر: ١٠٣]

٤٢٣ - باب: ﴿لتركبن طبقا عن طبق﴾ /١٩/.

٤٦٥٦ - حدثنا سعيد بن النضر: أخبرنا هشيم: أخبرنا أبو بشر جعفر بن إياس، عن مجاهد قال: قال ابن عباس:
﴿لتركبن طبقا عن طبق﴾. حالا بعد حال، قال هذا نبيكم ﷺ.


(حالا بعد حال) حال مطابقة للشيء الذي كان قبلهما في الشدة. وقيل: الطبق جمع طبقة وهي المرتبة، أي طبقات بعضها أشد من بعض في الأهوال، وقيل في معناها غير ذلك. /الانشقاق: ١٩/.

٤٢٤ - باب: تفسير سورة البروج.
وقال مجاهد: ﴿الأخدود﴾ /٤/: شق في الأرض. ﴿فتنوا﴾ /١٠/: عذبوا.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿الودود﴾ /١٤/: الحبيب. ﴿المجيد﴾ /١٥/: الكريم.


(البروج) منازل الشمس والقمر والنجوم، وقيل: الكواكب الكبيرة، سميت بذلك لظهورها. (الأخدود) الحفرة المستطيلة والشق المستطيل في الأرض.

٤٢٥ - باب: تفسير سورة الطارق.
هو النجم، وما أتاك ليلا فهو طارق. ﴿النجم الثاقب﴾ /٣/: المضيء، وقال مجاهد:

١٨٨٦
﴿الثاقب﴾ الذي يتوهج.
وقال مجاهد: ﴿ذات الرجع﴾ /١١/: سحاب يرجع بالمطر. ﴿ذات الصدع﴾ /١٢/: تتصدع بالنبات.
وقال ابن عباس: ﴿لقول فصل﴾ /١٣/: لحق. ﴿لما عليها حافظ﴾ /٤/: إلا عليها حافظ.


(فهو طارق) من الطرق وهو الدق، سمي بذلك لحاجته إلى دق الباب أكثر من غيره.
(تتصدع) تتشقق. (فصل) يفصل بين الحق والباطل. (حافظ) من ربها، يحصي عليها ما تكسبه من خير أو شر.

٤٢٦ - باب: تفسير سورة: ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾. (الأعلى)
وقال مجاهد: ﴿قدر فهدى﴾ /٣/: قدر الإنسان الشقاء والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها. وقال ابن عباس: ﴿غثاء أحوى﴾ /٥/: هشيما متغيرا.


(قدر ..) قدر لكل مخلوق ما يحتاج إليه، ويسر له السبل لاكتسابه. وقيل غير هذا. (الأنعام) المراد الحيوانات. (لمرتعها) جمع مرتعة، وهو الموضع الذي ترعى فيه. (غثاء) كالغثاء الذي يكون فوق السيل. (أوحى) أسود، لأن العشب إذا يبس اسود. (هشيما) يابسا متكسرا.

٤٦٥٧ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال:
أول من قدم علينا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأت: ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾. في سور مثلها.
[ر: ٣٧٠٩]


(الولائد) جمع وليدة، وهي الصبية والأمة.

٤٢٧ - باب: تفسير سورة: ﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾. (الغاشية)
وقال ابن عباس: ﴿عاملة ناصبة﴾ /٣/: النصارى.
وقال مجاهد: ﴿عين آنية﴾ /٥/: بلغ إناها وحان شربها. ﴿حميم آن﴾ /الرحمن: ٤٤/:

١٨٨٧
بلغ إناه. ﴿لاتسمع فيها لاغية﴾ /١١/: شتما.
ويقال: الضريع: نبت يقال له الشبرق، يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس، وهو سم. ﴿بمسيطر﴾ /٢٢/: بمسلط، ويقرأ بالصاد والسين.
وقال ابن عباس: ﴿إيابهم﴾ /٢٥/: مرجعهم.


(النصارى) أي فسر أصحاب الوجوه الخاشعة الذليلة يوم القيامة بالنصارى، الذين أتبعوا أنفسهم في الدنيا في أعمال ظنوها تنفعهم، وإذا بها سبب عنائهم وتعبهم الدائم في نار جهنم يوم القيامة. وقيل غير ذلك. (آنية) تناهى حرها. (بلغ إناها) بلغ حرها نهايته. (حان شربها) جاء وقت شربها لمن هيئت لهم من الكفار. (حميم) ماء حار، وأتى بهذه الآية ليبين أنها من نفس المعنى. (لاتسمع فيها لاغية) قرأ الجمهور ﴿تسمع﴾ بالتاء المفتوحة ونصب ﴿لاغية﴾ وقرأ أبو عمرو: ﴿تسمع﴾ بضم التاء ورفع ﴿لاغية﴾ وقرأ نافع ﴿يسمع﴾ بالياء المضمومة ورفع ﴿لاغية﴾ ولاغية مثل اللغو، وهو الباطل من القول ونحوه. (ويقال) القائل هو الفراء. (الضريع ..) يفسر قوله تعالى: ﴿ليس لهم طعام إلا من ضريع﴾ /الغاشية: ٦/. (لهم) أي للكفرة وأهل النار. (ويقرأ ...) قرأ عاصم بالسين، وحمزة عن خلاد: بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد.

٤٢٨ - باب: تفسير سورة: ﴿والفجر﴾. (الفجر)
وقال مجاهد: ﴿الوتر﴾ /٣/: الله. ﴿إرم ذات العماد﴾ /٧/: يعني القديمة، والعماد أهل عمود لا يقيمون. ﴿سوط عذاب﴾ /١٣/: الذي عذبوا به. ﴿أكلا لما﴾ /١٩/: السف. و﴿جما﴾ /٢٠/: الكثير.
وقال مجاهد: كل شيء خلقه فهو شفع، السماء شفع، والوتر: الله تبارك وتعالى.
وقال غيره: ﴿سوط عذاب﴾ /١٣/: كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب يدخل فيه السوط. ﴿لبالمرصاد﴾ /١٤/: إليه المصير. ﴿تحاضون﴾ /١٨/: تحافظون، و﴿تحضون﴾ تأمرون بإطعامه. ﴿المطمئنة﴾ /٢٧/: المصدقة بالثواب.
وقال الحسن: ﴿يا أيتها النفس المطمئنة﴾: إذا أراد الله عز وجل قبضها اطمأنت إلى الله واطمأن الله إليها، ورضيت عن الله ورضي الله عنها، فأمر بقبض روحها، وأدخلها الله الجنة،

١٨٨٨
وجعله من عباده الصالحين.
وقال غيره: ﴿جابوا﴾ /٩/: نقبوا، من جيب القميص: قطع له جيب، يجوب الفلاة يقطعها. ﴿لما﴾ /١٩/: لممته أجمع: أتيت على آخره.


(الوتر) هو في اللغة: الفرد، ومن العدد: ما ليس بشفع - أي زوج - ومنه صلاة الوتر، وهو من أسماء الله تعالى، وهو الفذ الفرد ﷻ. ويطلق على يوم عرفة. وقرأ حمزة وعلي بكسر الواو وقرأ غيرهما بفتحها. (ذات العماد) الطول والقوة والشدة، وهو تشبيه لهم بالأعمدة. (القديمة) وهي عاد الأولى. (أهل عمود) هو كناية عن أهل الخيام التي تنصب على الأعمدة. (سوط عذاب) عذابا شديدا، والسوط: ما يضرب به من جلد مضفورا كان أم لم يكن. (السف) فسر اللم بالسف وهو يدل على المبالغة والشدة في الأكل. (لبالمرصاد) مفعال من رصده، أي يسمع ويرى ما يفعله العباد، ويجازيهم عليه في الوقت المناسب وبالجزاء الوافي. (تحاضون .. تحضون) قراءتان متواترتان. (جيب) القميص شقه من جهة العنق، وأصل الجيب القطع.

٤٢٩ - باب: تفسير سورة: ﴿لا أقسم﴾. (البلد)
وقال مجاهد: ﴿وأنت حل بهذا البلد﴾ /٢/: مكة، ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم. ﴿ووالد﴾ آدم ﴿وما ولد﴾ /٣/. ﴿لبدا﴾ /٦/: كثيرا. و﴿النجدين﴾ /١٠/: الخير والشر. ﴿مسغبة﴾ /١٤/: مجاعة. ﴿متربة﴾ /١٦/: الساقط في التراب، يقال: ﴿فلا اقتحم العقبة﴾ /١١/: فلم يقتحم العقبة في الدنيا، ثم فسر العقبة فقال: ﴿وما أدراك ما العقبة. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مسغبة﴾ /١٢ - ١٤/.


(حل ...) تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر. (متربة) فقر، فكأن الفقير قد لصق بالتراب لقلة ذات يده. (فلا اقتحم ..) دخل وجاوز بشدة ومشقة، والعقبة: في الأصل المرتفع من الأرض والمراد الخصلة الصعبة، أي ما فعل في الدنيا ما فيه مشقة شديدة على النفس من الأعمال الصالحة. (فك رقبة) عتق مملوك وتخليصه من العبودية والرق، ابتغاء مرضات الله تعالى.

٤٣٠ - باب: تفسير سورة: ﴿والشمس وضحاها﴾. (الشمس)
وقال مجاهد: ضحاها: ضوؤها. ﴿إذا تلاها﴾ /٢/: تبعها. و﴿طحاها﴾ /٦/: دحاها. ﴿دساها﴾ /١٠/: أغواها. ﴿فألهمها﴾ /٨/: عرفها الشقاء والسعادة. ﴿بطغواها﴾ /١١/: بمعاصيها. ﴿ولا يخاف عقباها﴾ /١٥/: عقبى أحد.


(دحاها) بسطها وجعلها للسكنى والعيش عليها. (عرفها الشقاء ..) بين لها أسبابهما. (بطغواها) أي طغيانها حملها على التكذيب. (عقبى أحد) أي لا يخاف الله تعالى تبعة من أحد في إهلاكهم.

٤٦٥٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا هشام، عن أبيه: أنه أخبره عبد الله بن زمعة: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يخطب، وذكر الناقة والذي عقر، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(﴿إذا انبعث أشقاها﴾: انبعث لها رجل عزيز عارم، منيع في رهطه، مثل أبي زمعة). وذكر النساء فقال: (يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد، فلعله يضاجعها من آخر يومه).

١٨٨٩
ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة، وقال: (لم يضحك أحدكم مما يفعل).
وقال أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله بن زمعة: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَثَلُ أبي زمعة عم الزبير بن العوام).
[ر: ٣١٩٧]


أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون، رقم: ٢٨٥٥.
(عارم) جبار صعب، ومفسد خبيث، وجاهل شرس شديد. (رهطه) قومه. (يضاجعها) يطؤها.

٤٣١ - باب: تفسير سورة: ﴿والليل إذا يغشى﴾. (الليل)
وقال ابن عباس: ﴿وكذب بالحسنى﴾ /٩/: بالخلف.
وقال مجاهد: ﴿تردى﴾ /١١/: مات. و﴿تلظى﴾ /١٤/: توهج، وقرأ عبيد بن عمير: ﴿تتلظى﴾.


(يغشى) يغطي بظلمته النهار. (تجلى) انكشف بضوئه.

٤٣٢ - باب: ﴿والنهار إذا تجلى﴾ /٢/.

٤٦٥٩ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال:
دخلت في نفر من أصحاب عبد الله الشأم، فسمع بنا أبو الدرداء فأتانا، فقال: أفيكم من يقرأ؟ فقلنا نعم. قال: فأيكم أقرأ؟ فأشاروا إلي، فقال: اقرأ، فقرأت: ﴿والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى﴾. قال: أنت سمعتها من في صاحبك؟ قلت: نعم، قال: وأنا سمعتها من في النبي صلى
الله عليه وسلم، وهؤلاء يأبون علينا.
[٤٦٦٠]


(والذكر والأنثى) القراءة المتواترة ﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾. /الليل: ٣/. (صاحبك) أي عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه. (هؤلاء) أهل الشام. (يأبون علينا) يمنعون هذه القراءة التي فيها لفظ ﴿وما خلق﴾.

٤٣٣ - باب: ﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾ /٣/.

٤٦٦٠ - حدثنا عمر: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم قال:
قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء، فطلبهم فوجدهم، فقال: أيكم يقرأ على قراءة عبد الله؟ قال: كلنا، قال: فأيكم أحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة، قال: كيف سمعته يقرأ: ﴿والليل إذا يغشى﴾. قال علقمة: ﴿والذكر والأنثى﴾. قال: أشهد أني سمعت النبي ﷺ يقرأ هكذا، وهؤلاء يريدونني على أن أقرأ: ﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾. والله لا أتابعهم.
[ر: ٤٦٥٩]

٤٣٤ - باب: قوله: ﴿فأما من أعطى واتقى﴾ /٥/.

٤٦٦١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بقيع الغرقد في جنازة، فقال: (ما منكم من أحد، إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار). فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل؟ فقال: (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى. وصدق بالحسنى - إلى قوله - للعسرى﴾).
[ر: ١٢٩٦]


(صدق بالحسنى) أيقن أن الله تعالى سيخلف عليه في الدنيا والآخرة.
وتتمة الآيات: ﴿فسنيسره لليسرى﴾ وهي العمل الذي يرضاه الله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى﴾ أي والذي أمسك عن الإنفاق واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، ولم يصدق
بجزيل الأجر والعطاء عند الله عز وجل، فإننا نمهد له الطريق الموصل إلى الشقاوة حسبما اختار لنفسه. /الليل/: ٥ - ١٠/.

٤٣٥ - باب: قوله: ﴿وصدق بالحسنى﴾ /٦/.

٤٦٦٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كنا قعودا عند النبي ﷺ، فذكر الحديث.
[ر: ١٢٩٦]

٤٣٦ - باب: ﴿فسنيسره لليسرى﴾ /٧/.

٤٦٦٣ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حدثنا شعبة، عن سليمان، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّهُ كان في جنازة، فأخذ عودا يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أحد إلا وقد كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ). قالوا: يا رسول الله، أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ. فَأَمَّا من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى﴾). الآية.
قال شعبة: وحدثني به منصور، فلم أنكره من حديث سليمان.
[ر: ١٢٩٦]

٤٣٧ - باب: ﴿وأما من بخل واستغنى﴾ /٨/.

٤٦٦٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، عن علي عليه السلام قَالَ:
كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فقال: (مامنكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار). فقلنا يا رسول، أفلا نتكل؟

١٨٩١
قَالَ: (لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى - إلى قوله - فسنيسره للعسرى﴾).
[ر: ١٢٩٦]

٤٣٨ - باب: قوله: ﴿وكذب بالحسنى﴾ /٩/.

٤٦٦٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتنا رسول الله ﷺ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قال: (ما منكم من أحد، وما مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة). قال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟ قَالَ: (أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء. ثم قرأ: ﴿فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى﴾). الآية.
[ر: ١٢٩٦]

٤٣٩ - باب: ﴿فسنيسره للعسرى﴾ /١٠/.

٤٦٦٦ - حدثنا آدم: حدثنا شعبة، عن الأعمش قال: سمعت سعد بن عبيدة يحدث، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ في جنازة، فأخذ شيئا فجعل ينكت به الْأَرْضِ، فَقَالَ: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة). قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وندع العمل؟ قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشَّقَاوَةِ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وصدق بالحسنى﴾). الآية.
[ر: ١٢٩٦]

٤٤٠ - باب: تفسير سورة: ﴿والضحى﴾. (الضحى)
وقال مجاهد: ﴿إذا سجى﴾ /٣/: استوى، وقال غيره: أظلم وسكن. ﴿عائلا﴾ /٨/:

١٨٩٢
ذو عيال.


(سكن) أي سكن الناس فيه وهدأت الأصوات. (عائلا) فقيرا.

٤٦٦٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا الأسود بن قيس قال: سمعت جندب بن سفيان رضي الله عنه قال:
اشتكى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثا. فأنزل الله عز وجل: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قلى﴾.
[ر: ١٠٧٢]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: مالقي النبي ﷺ من أذى المشركين والمنافقين، رقم: ١٧٩٧.
(الضحى) وقت ارتفاع الشمس واعتدال حرارة النهار من الحر والبرد. (ودعك) من التوديع، وهو المبالغة في الترك. (قلى) أبغضك.

٤٤١ - باب: قوله: ﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾ /٣/.
تقرأ بالتشديد والتخفيف، بمعنى واحد، ما تركك ربك، وقال ابن عباس: ما تركك وما أبغضك.


(بالتشديد ..) هي قراءة الجمهور المتواترة، والتخفيف قراءة شاذة قرأ بها ابن أبي عبلة.

٤٦٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر غندر: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ:
سمعت جندبا البجلي: قالت امرأة: يا رسول الله، ما أرى صاحبك إلا أبطأك، فنزلت: ﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾.
[ر: ١٠٧٢]


(أبطأك) جعلك بطيئا في القرآن حيث لم يأتك، وروي: (أبطأ عنك) أي تأخر.

٤٤٢ - باب: تفسير سورة: ﴿ألم نشرح﴾. (الشرح)
وقال مجاهد: ﴿ووزرك﴾ /٢/: في الجاهلية. ﴿أنقض﴾ /٣/: أثقل. ﴿مع العسر يسرا﴾ /٥، ٦/: قال ابن عيينة: أي مع ذلك العسر يسرا آخر، كقوله: ﴿هل تربصون بنا إلا

١٨٩٣
إحدى الحسنين﴾ /التوبة: ٥٢/: ولن يغلب عسر يسرين.
وقال مجاهد: ﴿فانصب﴾ /٧/: في حاجتك إلى ربك. ويذكر عن ابن عباس: ﴿ألم نشرح لك صدرك﴾ /١/: شرح الله صدره للإسلام.


(وزرك) الوزر الحمل الثقيل، أي خفننا عنك الكثير من الأعباء التي أثقلتك وأهمتك. (في الجاهلية) لعل المراد ما وقع منه مما لا يليق به، كهمه أن يحضر اللهو، ونزعه إزاره عن عورته، ونحو ذلك، مما لا يعد ذنبا ولا يترتب عليه إثم. (أنقض) أثقله وأوهنه حتى صار وكأنه له نقيض. أي صوت خفي كالذي يسمع من الرحل فوق البعير. (مع ذلك ..) أي إن كلمة اليسر كررت نكرة مرتين، فالثانية غير الأولى، وكلمة العسر كررت معرفة، فالثانية عين الأولى، فتحصل وجود يسرين مقابل عسر واحد. (الحسنين) الظفر أو الشهادة، ووجه التشبيه: أنه كما ثبت للمؤمنين تعدد الحسنى كذلك ثبت لهم تعدد اليسر. (لن يغلب ..) لفظ حديث في سنده ضعف، وكذلك جاء أثرا عن عمر رضي الله عنه، رواه في الموطأ، لكنه منقطع. (فانصب) فاجتهد في الدعاء وطلب حاجتك من ربك، وقيل: أتعب نفسك في عبادة ربك، وقيل: غير ذلك.

٤٤٣ - باب: تفسير سورة: ﴿والتين﴾. (التين)
وقال مجاهد: هو التين والزيتون الذي يأكل الناس. يقال: ﴿فما يكذبك﴾ /٧/: فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم؟ كأنه قال: ومن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب؟


(يدانون) يجازون يوم القيامة.

٤٦٦٩ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أخبرني عدي قال: سمعت الْبَرَاءِ رضي الله عنه:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَقَرَأَ فِي العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون. ﴿تقويم﴾: الخلق.
[ر: ٧٣٣]


(تقويم) تفسير لقوله تعالى: ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ /التين: ٤/: أعدل قامة وأحسن صورة.

٤٤٤ - باب: تفسير سورة: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾. (العلق)
وقال قتيبة: حدثنا حماد، عن يحيى بن عتيق، عن الحسن قال: اكتب في المصحف في أول الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، واجعل بين السورتين خطا. وقال مجاهد: ﴿ناديه﴾ /١٧/: عشيرته. ﴿الزبانية﴾ /١٨/: الملائكة. وقال: ﴿الرجعى﴾ /٨/: المرجع. ﴿لنسفعن﴾ /١٥/: قال: لنأخذن، ولنسفعن بالنون، وهي الخفيفة، سفعت بيده: أخذت.


(الإمام) الفاتحة في أول القرآن. (ناديه) أصحاب مجلسه الذين يجلسون معه. (الملائكة) أي ملائكة العذاب، والزبانية في اللغة العربية الشرط كالشرطة، وسمي ملائكة العذاب بذلك لدفعهم أهل النار إليها. (الخفيفة) أي نون التوكيد الخفيفة. (سفعت) أخذت وجذبت جذابا شديدا، وسفعت أيضا ضربت بإذلال وإهانة.

٤٦٧٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابن شهاب.
حدثني سعيد بن مروان: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة: أخبرنا أبو صالح سلموية قال: حدثني عبد اللع، عن يونس بن يزيد قال: أخبرني ابن شهاب: أن عروة ابن الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قالت:
كان أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخلاء، فكان يلحق بغار حراء، فيتحنث فيه - قال: والتحنث التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خديجة، فيتزود بمثلها، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فقال: اقرأ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ). قَالَ: (فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم﴾. الآيات إلى قوله: ﴿علم الإنسان ما لم يعلم﴾). فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي). فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. قال لخديجة: (أي خديجة، ما لي، لقد خشيت على نفسي). فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فوالله إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نوفل، وهو ابن عم خديجة أخي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كبيرا قد عمي، فقالت خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخيك، قال وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أنزل على موسى، ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا، ذكر حرفا، قال رسول الله ﷺ: (أو مخرجي هم). قال

١٨٩٥
ورقة: نعم، لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي، وإن يدركني يومك حيا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رسول الله ﷺ.
[ر: ٣]


(فجئه) أتاه بغتة. (يكتب الكتاب العربي) مر في الحديث رقم (٣) أنه كان يكتب الكتاب العبراني، ولعل هذه الرواية أصح، فانظر شرحها هناك. (جذعا) خبر لأكون المحذوفة. (وذكر حرفا) أي وذكر ورقة بعد ذلك كلمة أخرى، وهي ما جاء في الروايات الأخرى من قوله: إذ يخرجك قومك.

٤٦٧١ - قال محمد بن شهاب: فأخبرني أبو سلمة: أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ، وهو يحدث عن فترة الوحي، قال في حديثه:
(بينا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بين السماء والأرض، ففرقت منه، فرجعت، فقلت: زملوني زملوني، فدثروه، فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر﴾. - قال أبو سلمة: وهي الأوثان التي كان أهل الجاهلية يعبدون - قال: ثم تتابع الوحي).
[ر: ٤]


(ففرقت منه) خفت وفزعت. (زملوني) لفوني وغطوني.

٤٤٥ - باب: قوله: ﴿خلق الإنسان من علق﴾ /٢/.

٤٦٧٢ - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عن ابن شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرؤيا الصالحة، فجاءه الملك، فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم﴾.
[ر: ٣]

٤٤٦ - باب: قوله: ﴿اقرأ وربك الأكرم﴾ /٣/.

٤٦٧٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أخبرنا معمر، عن الزهري (ح) وقال الليث: حدثني عقيل: قال محمد: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرؤيا الصادقة، جاءه الملك فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم﴾.
[ر: ٣]

٤٤٧ - باب: ﴿الذي علم بالقلم﴾ /٤/.

٤٦٧٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ عروة: قالت عائشة رضي الله عنها:
فرجع النبي ﷺ إلى خديجة، فقال: (زملوني

١٨٩٦
زملوني). فذكر الحديث.
[ر: ٣]

٤٤٨ - باب: ﴿كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة﴾ /١٥، ١٦/.


(لنسفعن) لنجرنه من ناصيته - وهي مقدمة رأسه - إلى النار. (كاذبة خاطئة) أي صاحبها كاذب خاطئ.

٤٦٧٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة: قال ابن عباس: قال أبو جهل:
لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطان على عنقه. فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: (لو فعله لأخذته الملائكة).
تابعه عمرو بن خالد، عن عبيد الله، عن عبد الكريم.


(لأطأن) لأدوسن.

٤٤٩ - باب: تفسير سورة: ﴿إنا أنزلناه﴾. (القدر)
يقال: المطلع: هو الطلوع، والمطلع: الموضع الذي يطلع منه. ﴿أنزلناه﴾ الهاء كناية عن القرآن، ﴿أنزلناه﴾ مخرج الجميع، والمنزل هو الله، والعرب تؤكد فعل الواحد فتجعله بلفظ الجميع، ليكون أثبت وأوكد.


(المطلع ...) يشير إلأى قوله تعالى: ﴿سلام هي حتى مطلع الفجر﴾ /القدر: ٥/: أي ليلة القدر سلامة واطمئنان لعباد الله تعالى الصالحين مستمر إلى أن يطلع الفجر من مكان طلوعه. قرأ الكسائي وخلف ﴿مطلع﴾ بكسر اللام، وقرأ الجمهور ﴿مطلع﴾ بفتحها. (مخرج الجميع) أي خرج مخرج الجميع، مع أن المنزل واحد، على سبيل التعظيم.

٤٥٠ - باب: تفسير سورة: ﴿لم يكن﴾. (البينة)
﴿منفكين﴾ /١/: زائلين. ﴿قيمة﴾ /٣/: القائمة. ﴿دين القيمة﴾ /٥/: أضاف الدين إلى المؤنث.


(منفكين) منتهين عن كفرهم ومنفصلين عنه، وأصل الفك الفتح. (قيمة) مستقيمة ناطقة بالحق والعدل، أو: قائمة مستقلة بالحجة. (دين القيمة) دين الملة المستقيمة والشريعة المتبوعة. (المؤنث) وهو الملة.

٤٦٧٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأبي:
(إن الله أمرني أن أقرأ عليك: ﴿لم يكن الذين كفروا﴾). قال: وسماني؟ قال: (نعم). فبكى.
حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ

١٨٩٧
النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن). قال أبي: آلله سماني لك؟ قال: (الله سماك لي). فجعل أبي يبكي. قال قتادة: فأنبئت أنه قرأ عليه: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب﴾.

٤٦٧٧ - حدثنا أحمد بن أبي داود أبو جعفر المنادي: حدثنا روح: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قال لأبي بن كعب:
(إن الله أمرني أن أقرئك القرآن). قال: آلله سماني لك؟ قال: (نعم). قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال: (نعم). فذرفت عيناه.
[ر: ٣٥٩٨]

٤٥١ - باب: تفسير سورة: ﴿إذا زلزلت الأرض زلزالها﴾. (الزلزلة)
قوله: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره﴾ /٧/. يقال: ﴿أوحى لها﴾ /٥/: أوحى إليها، ووحى لها ووحى إليها واحد.


(زلزلت) تحركت تحريكا شديدا واضطربت. (زلزالها) الذي ليس بعده زلزال، وذلك عند قيام الساعة. (مثقال) مقدار، أو: وزن. (ذرة) قيل: هي أصغر النمل، ولا يبعد أن يحمل معناها على الجزء الذي لا يتجزأ من الأشياء، وعلى كل: فالمراد المبالغة في القلة والصغر. (يره) يجد جزاءه وعاقبته. (أوحى لها) أقدرها على الكلام وأذن لها فيه وأمرها به.

٤٦٧٨ - حدثنا إسماعيل بن عبد الله: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قَالَ: (الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طيلها ذلك في المرج والروضة، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلُهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وأوراثها حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذلك حسنات له، فهي لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا ونواء، فهي على ذلك وزر). فسئل رسول الله ﷺ عن الْحُمُرِ، قَالَ: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرة شرا يره﴾).
[ر: ٢٢٤٢]

٤٥٢ - باب: ﴿ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ /٨/.

٤٦٧٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: أخبرني مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
سئل النبي ﷺ عن الحمر، فقال: (لم ينزل عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾).
[ر: ٢٢٤٢]

٤٥٣ - باب: تفسير سورة: ﴿والعاديات﴾.
وقال مجاهد: الكنود: الكفور. يقال: ﴿فأثرن به نقعا﴾ /٤/: رفعن به غبارا. ﴿لحب الخير﴾ من أجل حب الخير ﴿لشديد﴾ /٨/: لبخيل، ويقال للبخيل شديد. ﴿حصل﴾ /١٠/: ميز.


(العاديات) هي الخيل التي تعدو في سبيل الله تعالى. (الكنود) يشير إلى قوله تعالى: ﴿إن الإنسان لربه لكنود﴾ /العاديات: ٦/: جحود لنعمه سبحانه وتعالى غير قائم بشكرها. (فأثرن) هيجن. (به) بسيرها وعدوها. (الخير) المال. (حصل) أخرج وأبرز.

٤٥٤ - باب: تفسير سورة: ﴿القارعة﴾.
﴿كالفراش المبثوث﴾ /٤/: كغوغاء الجراد، يركب بعضه بعضا، كذلك الناس يجول بعضهم في بعض. ﴿كالعهن﴾ /٨/: كألوان العهن، وقرأ عبد الله: كالصوف.


(القارعة) القيامة، سميت بذلك لأنها تقرع القلوب بالفزع والشدائد، وأصل القرع الصوت الشديد. (الفراش) حشرات طائرة تتهافت في النار، شبه حال الناس يوم القيامة بها لأنها إذا ثارت لم تتجه لجهة واحدة، بل كل واحدة منها تذهب إلى جهة الأخرى. (المبثوث) المتفرق المنتشر. (كغوغاء الجراد) أي كحالة الجراد حين يخف للطيران، والغوغاء الصوت والجلبة. (كالعهن) هو الصوف كما قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقراءته غير مشهورة، بل هي شاذة، فتعتبر تفسيرا لا قرآنا.

٤٥٥ - باب: تفسير سورة: ﴿ألهاكم﴾. (التكاثر)
وقال ابن عباس: ﴿التكاثر﴾ /١/: من الأموال والأولاد.


(ألهاكم التكاثر) شغلكم التباهي والمفاخرة بكثرة الأموال والأولاد ونحوها عن طاعة الله عز وجل والعمل لما ينجيكم من سخطه يوم القيامة.

٤٥٦ - باب: تفسير سورة: ﴿والعصر﴾. (العصر)
وقال يحيى: العصر: الدهر، أقسم به.


(يحيى) بن زياد الفراء رحمه الله تعالى، وفسر العصر بالدهر أي الزمن، وقيل في تفسيره غير.

٤٥٧ - باب: تفسير سورة: ﴿ويل لكل همزة﴾. (الهمزة)
﴿الحطمة﴾ /٤/: اسم النار، مثل: ﴿سقر﴾ /القمر: ٤٨/ و/المدثر: ٢٦، ٢٧، ٤٢/.
و: ﴿لظى﴾ /المعارج: ١٥/.


(ويل) عذاب وهلاك. (همزة) هو الذي يعيب الناس وينتقصهم بإشارة يده أو عينه، وقيل: من خلفهم وفي غيابهم، وقيل غير ذلك. (سقر) من سقرته الشمس: لوحته وآلمت دماغه بحرها.
(لظى) هو في اللغة: اللهب الشديد.

٤٥٨ - باب: تفسير سورة: ﴿ألم تر﴾ /الفيل: ١/: ألم تعلم.
قال مجاهد: ﴿أبابيل﴾ /٣/: متتابعة مجتمعة.
وقال ابن عباس: ﴿من سجيل﴾ /٤/: هي سنك وكل.


(أبابيل) قيل: طيرا كثيرة متفرقة يتبع بعضها بعضا. (سجيل) طين متحجر أو مطبوخ كالآجر. (سنك وكل) وهي بالفارسية، ومعناها: حجر وطين. وفي تفسير الطبري: أصلها: سنج وكيل، ويقال: سنك وكيل.

٤٥٩ - باب: تفسير سورة: ﴿لإيلاف قريش﴾. (قريش)
وقال مجاهد: ﴿لإيلاف﴾ /١/: ألفوا ذلك، فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف. ﴿وآمنهم﴾ /٤/: من كل عدوهم في حرمهم.
قال ابن عيينة: لإيلاف: لنعمتي على قريش.


(لإيلاف) من ألفت الشيء آلفه إلفا وإيلافا: أنست به وأحببته، وقيل: من ألفت الشيء أي لزمته. وقرأ الجمهور: ﴿لإيلاف﴾ بإثبات الياء، وقرأ ابن عامر: ﴿لإلاف﴾ بحذفها.

٤٦٠ - باب: تفسير سورة: ﴿أرأيت﴾. (الماعون)
وقال مجاهد: ﴿يدع﴾ /٢/: يدفع عن حقه، يقال: هو من دععت. ﴿يدعون﴾ /الطور: ١٣/: يدفعون. ﴿ساهون﴾ /٥/: لاهون. ﴿والماعون﴾ /٧/: المعروف كله، وقال بعض العرب: الماعون: الماء، وقال عكرمة: أعلاها الزكاة المفروضة، وأدناها عارية المتاع.


(يدع) اليتيم، يتركه ويقصر في حقه، ويقهره ويزجره. (لاهون) فلا يبالون صلوا أم لم يصلوا. (الماعون) ما يتعاطاه الناس ويتعاورونه فيما بينهم عادة كالدلو والفأس ونحو ذلك. وقيل: ما لا يحل منعه كالماء والماح والنار. (المتاع) متاع البيت كالمنخل والغربال ونحو ذلك.

٤٦١ - باب: تفسير سورة: ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾. (الكوثر)
وقال ابن عباس: ﴿شانئك﴾ /٣/: عدوك.


(الكوثر) الكثير من كل خير، وفي مقدمة ذلك النهر الذي في الجنة. (شانئك) مبغضك وعدوك.

٤٦٨٠ - حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
لما عرج بالنبي ﷺ إلى السماء، قال: (أتيت على نهر، حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفا، فقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ).
[٦٢١٠]


(حافتاه قباب اللؤلؤ) أي على حافتيه. (مجوفا) أي القبة كلها من لؤلؤة مجوفة، واللؤلؤ جوهر نفيس معروف. (الكوثر) نهر في الجنة، والكوثر كل كثير من الخير.

٤٦٨١ - حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة رضي الله عنها، قال:
سألتها عن قوله تعالى: ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾. قالت: نهر أعطيه نبيكم ﷺ، شاطئاه عليه در مجوف، آنيته كعدد النجوم.
رواه زكرياء، وأبو الأحوص، ومطرف، عن أبي إسحق.


(شاطئاه) جانباه. (آنيته) أوعيته، جمع إناء.

٤٦٨٢ - حدثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا هشيم: حدثنا أبو بشر، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر:
هو الخير الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قلت لسعيد بن جبير: فإن الناس يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أعطاه الله إياه.
[٦٢٠٧]

٤٦٢ - باب: تفسير سورة: ﴿قل يا أيها الكافرون﴾. (الكافرون)
يقال: ﴿لكم دينكم﴾ الكفر ﴿ولي دين﴾ /٦/: الإسلام، ولم يقل ديني، لأن الآيات بالنون، فحذفت الياء، كما قال: ﴿يهدين﴾ /الشعراء: ٧٨/: و﴿يشفين﴾ /الشعراء: ٨٠/.
وقال غيره: ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ /٢/: الآن، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري. ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ /٣، ٥/: وهم الذين قال: ﴿وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا﴾ /المائدة: ٦٤، ٦٨/.


(لأن ..) أي حذفت الياء رعاية للفواصل وهي أواخر الآيات. (غيره) قيل المراد غير الفراء الذي قال ما قبله. (الذين قال) الله تعالى في حقهم.

٤٦٣ - باب: تفسير سورة: ﴿إذا جاء نصر الله﴾. (النصر)

٤٦٨٣ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةَ

١٩٠١
بعد أن نزلت عليه: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾. إلا يقول فيها: (سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي).

٤٦٨٤ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللهم اغفر لي). يتأول القرآن.
[ر: ٧٦١]

٤٦٤ - باب: قوله: ﴿ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا﴾ /٢/.


(أفواجا) فوجا بعد فوج، وزمرة بعد زمرة، فقد كانت تدخل القبيلة بأسرها، والقوم بأجمعهم، من غير حرب ولا قتال.

٤٦٨٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس:
أن عمر رضي الله عنه سألهم عن قوله تعالى: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾. قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: ما تقول يا ابن عباس؟ قال: أجل، أو مثل ضرب لمحمد ﷺ، نعيت له نفسه.
[ر: ٣٤٢٨]

٤٦٥ - باب: قوله: ﴿فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا﴾ /٣/.
تواب على العباد، والتواب من الناس التائب من الذنب.

٤٦٨٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس قال:
كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، فما رئيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم، قال: ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾. فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله ﷺ أعلمه له، قال: ﴿فإذا جاء نصر الله والفتح﴾. وذلك علامة أجلك. ﴿فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا﴾. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول.
[ر: ٣٤٢٨]


(وجد في نفسه) حزن وغضب، أو: عتب.

٤٦٦ - باب: تفسير سورة: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾. (المسد)
﴿وتب﴾ /١/: خسر. ﴿تباب﴾ /غافر: ٣٧/: خسران. ﴿تتبيب﴾ /هود: ١٠١/: تدمير.

٤٦٨٧ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حدثنا الأعمش: حدثنا عمرو ابن مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال:
لما نزلت: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾. ورهطك منهم المخلصين، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى صعد الصفا، فهتف: (يا صباحاه). فقالوا: من هذا، فاجتمعوا إليه، فقال: (أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي). قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). قال أبو لهب: تبا لك، ما جمعتنا إلا لهذا، ثم قام. فنزلت: ﴿تبت يدا أبي لهب وتب﴾. وقد تب. هكذا قرأها الأعمش يومئذ.
[ر: ١٣٣٠]


(ورهطك مهم المخلصين) تفسير لقوله: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ أو: هي قراءة شاذة، وقيل: كانت قراءة ثم نسخت. (هكذا قرأها) أي زاد: وقد تب.

٤٦٧ - باب: قوله: ﴿وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب﴾ /٢، ٣/.


(كسب) من مال وولد، وغير ذلك.

٤٦٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حدثنا الأعمش، عن عمرو ابن مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس:
إن النبي ﷺ خرج إلى البطحاء، فصعد إلى الجبل فنادى: (يا صباحاه). فاجتمعت إليه قريش، فقال: (أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم، أكنتم تصدقونني). قالوا: نعم، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا تبا لك، فأنزل الله عز وجل: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾.
[ر: ١٣٣٠]


(البطحاء) هي مسيل الوادي، والمراد بطحاء مكة.

٤٦٨ - باب: قوله: ﴿سيصلى نارا ذات لهب﴾ /٣/.


(سيصلى) سيدخل.

٤٦٨٩ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال أبو لهب:
تبا لك، ألهذا جمعتنا،

١٩٠٣
فنزلت: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾.
[ر: ١٣٣٠]

٤٦٩ - باب: ﴿وامرأته حمالة الحطب﴾ /٤/.
وقال مجاهد: ﴿حمالة حطب﴾ /٤/: تمشي بالنميمة. ﴿في جيدها حبل من مسد﴾ /٥/: يقال: من مسد: ليف المقل، وهي السلسلة التي في النار.


(حمالة) قرأ عاصم بالنصب على تقدير فعل أدم، وغيره بالرفع، أي سيصلى هو وامرأته. (تمشي بالنميمة) تنم وتحرش على المسلمين، أو: أنها كانت تضع الشوك في طريق النبي ﷺ وطريق المسلمين. (جيدها) عنقها. (ليف المقل) تضعها في عنقها في الدنيا لتحمل الحطب، وفي الآخرة يكون سلسلة من النار، والمقل: حمل شجر يسمى الدوم، يشبه النخل.

٤٧٠ - باب: تفسير قوله: ﴿قل هو الله أحد﴾. (الإخلاص)
يقال: لا ينون ﴿أحد﴾ أي واحد.


(لا ينون) أي يحذف منه التنوين حال الوصل.

٤٦٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قَالَ:
(قَالَ اللَّهُ: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفأ أحد).
[ر: ٣٠٢١]

٤٧١ - باب: قوله: ﴿الله الصمد﴾ /٢/.
والعرب تسمي أشرافها الصمد، قال أبو وائل: هو السيد الذي انتهى سودده.


(انتهى سودده) بلغ مجده وسؤدده أوجه ونهايته. وقيل: الصمد هو السيد المقصود في الحوائج.

٤٦٩١ - حدثنا إسحاق بن منصور قال: وحدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، أما تكذيبه إياي أن يقول: إني لن أعيده كما بدأته، وأما شتمه إياي أن يقول: اتخذ الله ولدا، وأنا الصمد الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفؤا أحد. ﴿لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد﴾).
كفؤا وكفيئا وكفاء واحد.
[ر: ٣٠٢١]


(كفؤا) و(كفوا) مثلا ونظيرا ومشابها.

٤٧٢ - باب: تفسير سورة: ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾. (الفلق)
وقال مجاهد: ﴿غاسق﴾ الليل ﴿إذا وقب﴾ /٣/: غروب الشمس. يقال: أبين من فرق وفلق الصبح. ﴿وقب﴾ إذا دخل في كل شيء وأظلم.

٤٦٩٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عاصم وعبدة، عن زر ابن حبيش قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال: (قيل لي فقلت). فنحن نقول كما قال رسول الله ﷺ.
[٤٦٩٣]


(المعوذتين) أي سورتي الفلق والناس. (قيل لي) أي قال لي جبريل: ﴿قل أعوذ ..﴾ أي وأقرأني السورتين. (فقلت) فقرأتهما على أصحابي. (فنحن) من كلام أبي رضي الله عنه.

٤٧٣ - باب: تفسير سورة: ﴿قل أعوذ برب الناس﴾. (الناس)
ويذكر عن ابن عباس: ﴿الوسواس﴾ /٤/: إذا ولد خنسه الشيطان، فإذا ذكر الله عز وجل ذهب، وإذا لم يذكر الله ثبت على قلبه.


(خنسه) خنس المولود أي نخسه وطعنه في خاصرته، والوسواس: هو الشيطان، سمي به لكثرة ملابسته الإنسان ووسوسته له، والخناس: لأنه يخنس، أي يتقهقر ويتأخر عند ذكر الله تعالى.

٤٦٩٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حدثنا عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش. وحدثنا عاصم، عن زر قال:
سألت أبي بن كعب: قلت: يا أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا؟ فقال أبي: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال لي: (قيل لي فقلت). قال: فنحن نقول كما قال رسول الله ﷺ.
[ر: ٤٦٩٢]


(أخاك) أي في الدين. (كذا وكذا) أي إن المعوذتين ليستا من القرآن، يعني أنه لم يثبت عند ابن مسعود رضي الله عنه القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك.

 


google-playkhamsatmostaqltradent