recent
آخر المقالات

أَبْوَابُ الدِّيَاتِ

 

١ - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا
٢٦١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» (١).



(١) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه البخاري (٦٥٣٣) و(٦٨٦٤)، ومسلم (١٦٧٨)، والترمذي (١٤٥٤) و(١٤٥٥)، والنسائي ٧/ ٨٣ من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي ٧/ ٨٣ و٨٤ من طريقين عن الأعمش، به موقوفًا. قال الدارقطني في «العلل» ٥/ ٩١: حديث أبي وائل عن عبد الله صحيح، ويشبه أن يكون الأعمش كان يرفعه مرة، ويقفه أخرى. والله أعلم.
وأخرجه النسائي ٧/ ٨٤ عن أحمد بن حرب، عن أبي معارية، عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن شرحبيل مرسلًا. وأحمد بن حرب صدوق، وقد خالفه محمَّد بن العلاء -وهو ثقة- فرواه عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود موقوفًا.
وأخرجه النسائي ٧/ ٨٣ - ٨٤ من طريق إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله موقوفًا. وإبراهيم هذا ثقة يغرب، وقد أدخل حديثًا في حديث، فهذا المتن يرويه الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود، ثم يروي عن شقيق عن عمرو بن شرحبيل زيادة موقوفة عليه كما في «علل الحديث» لابن أبي حاتم ٢/ ٢٢١. =

٢٦١٦ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» (١).
٢٦١٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْأَزْهَرِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» (٢).
٢٦١٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ


= وهو في «مسند أحمد» (٣٦٧٤)، و«صحيح ابن حبان» (٧٣٤٤).
وانظر ما سيأتي برقم (٢٦١٧).
(١) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع، وباقي رجاله ثقات. مسروق: هو ابن الأجدع.
وأخرجه البخاري (٣٣٣٥)، ومسلم (١٦٧٧)، والترمذي (٢٨٦٦)، والنسائي ٧/ ٨١ - ٨٢ من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وتحرف عبد الله بن مرة في المطبوع من «المجتبى» إلى عبد الرحمن بن مرة، وجاء على الصواب في «السُّنن الكبرى» (٣٤٤٧) و(١١٠٧٧).
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٣٥) و(٤٠٩٢)، و«شرح مشكل الآثار» (١٥٤٣)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٨٣).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل شريك، وهو ابن عبد الله النخعي. عاصم: هو ابن أبي النجود.
وأخرجه النسائي ٧/ ٨٣ من طريق إسحاق بن يوسف، بهذا الإسناد.
وقد سلف بإسناد صحيح عند المصنف برقم (٢٦١٥).

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، لَمْ يَتَنَدَّ بِدَمٍ حَرَامٍ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» (١).
٢٦١٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ الْجُوْزَجَانِيِّ
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» (٢).


(١) إسناده صحيح إن ثبت سماع عبد الرحمن بن عائذ من عقبة بن عامر، وقد جزم البوصيري في «مصباح الزجاجة» بسماعه منه، وذكر البخاري وأبو حاتم أنه يروي عن رجل عن عقبة. قلنا: وسماعه منه محتمل، فإن عبد الرحمن قديم المولد حتى عدَّه بعضهم في الصحابة، وقد روى عن جماعة من الصحابة، وهو شامي، وعقبة بن عامر نزل الشام وتوفي سنة ٥٨ هـ.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٣٥٨، وأحمد (١٧٣٣٩) و(١٧٣٨١)، والطبراني ١٧/ (٩٣٦) و(٩٦٩)، والحاكم ٤/ ٣٥١ - ٣٥٢ من طريق إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد. وزاد أحمد في الموضع الأول: «من أي باب شاء».
وأخرجه الطبراني (٢٢٨٥) من طريق الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني، والحاكم ٤/ ٣٥٢ من طريق القاسم بن الوليد الهمداني، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله مرفوعًا. قال الذهبي في «تلخيص المستدرك»: الأول أصح، يعني حديث عقبة.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني (١١١٩٢)، ولفظه: «من لقي الله لا يشرك به شيئًا ولا يقتل نفسًا، لقي الله وهو خفيف الظهر، وفي إسناده عبد الله ابن لهيعة وهو حسن الحديث في الشواهد.
وفي باب دخول الجنة لمن لقي الله لا يشرك به شيئًا عن جماعة من الصحابة، انظر أحاديثهم في»المسند«عند الحديث (٦٥٨٦).
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد وهم فيه ابن ماجه في قوله:»حدثنا مروان بن جناح«وصوابه:»روح بن جناح«. نبه عليه المزي في ترجمة روح من»تهذيب =

٢٦٢٠ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ ولو (١) بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ عز وجل، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» (٢).


= الكمال«٩/ ٢٣٧ فقال: ولا نعلم أحدًا قال فيه:»عن مروان بن جناح«غيرَ ابنِ ماجه، وذلك مِن أوهامه. والله أعلم. قلنا: وروح بن جناح ضعيف.
وأخرجه ابن أبي عاصم في»الديات«ص ٢٣، ومن طريقه المزي في»تهذيب الكمال«٩/ ٢٣٧. وأخرجه البيهقي في»الشعب«(٥٣٤٣) من طريق عبدان بن محمَّد المروزي، و(٥٣٤٥) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، ثلاثتهم عن هشام بن عمار، عن الوليد، حدثنا روح بن جناح، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي في ترجمة روح من»الكامل«٣/ ١٠٠٤، ومن طريقه البيهقي في»الشعب«(٥٣٤٤)، عن عبدان الأهوازي، عن هشام بن عمار وسليمان ابن أحمد الواسطي، عن الوليد، به.
وأخرجه ابن عدي ٣/ ١٠٠٤ من طريق موسى بن عامر المُري وعبد السلام بن عتيق، عن الوليد بن مسلم، به. وتحرف موسى بن عامر في المطبوع من»الكامل«إلى موسى بن عمار.
وأخرجه ابن عدي ٣/ ١٠٠٣، والبيهقي (٥٣٤٤) من طريقين عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، عن مجاهد، عن البراء. وغلط ابن عدي هذه الرواية.
وله شاهد من حديث بريدة عند النسائي ٧/ ٨٣، وإسناده حسن في الشواهد.
وآخر من حديث عبد الله بن عمرو عند الترمذيُّ (١٤٥٢) و(١٤٥٣)، والنسائي ٧/ ٨٢ و٨٣، وروي مرفوعًا وموقوفًا. ورجح البخاري والترمذي الموقوف.
(١) لفظة»ولو" ليست في (ذ) و(م) ومطبوعة فؤاد عبد الباقي.
(٢) إسناده ضعيف جدًا، يزيد بن زياد -أو ابن أبي زياد الشامي- متروك. =

٢ - بَابُ هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ؟
٢٦٢١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: منْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ: وَيْحَهُ، وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى؟ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ ﷺ يَقُولُ: «يَجِيءُ الْقَاتِلُ، وَالْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرَأْسِ صَاحِبِهِ، يَقُولُ: رَبِّ سَلْ هَذَا لِمَ قَتَلَنِي؟» وَاللَّهِ، لَقَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عز وجل عَلَى نَبِيِّكُمْ، ثُمَّ مَا نَسَخَهَا بَعْدَمَا أَنْزَلَهَا (١).


= وأخرجه ابن أبي عاصم في «الديات» ص ٢٣، والعقيلي في ترجمة يزيد بن زياد من «الضعفاء» ٤/ ٣٨١، وابن عدي في ترجمته من «الكامل» ٧/ ٢٧١٤، والبيهقي ٨/ ٢٢ من طريق مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عمر عند ابن حبان في «المجروحين» ٢/ ٧٥، وأبي نعيم في «الحلية» ٥/ ٧٤. وفي إسناد ابن حبان عمرو بن محمَّد الأعسم اتهمه ابن حبان وغيره، وفي إسناد أبي نعيم حكيم بن نافع، وهو منكر الحديث.
وعن ابن عباس عند الطبراني (١١١٠٢)، وفي إسناده عبد الله بن خراش وهو ضعيف، واتهمه بعضهم.
وعن أبي سعيد الخدري عند الخطيب في «تاريخ بغداد» ٩/ ٣٥٠، وفي إسناده محمَّد بن عثمان بن أبي شيبة، كذبه عبد الله بن أحمد بن حنبل ووثقه غيره، وفيه أيضًا عطية العوفي.
وعن ابن عمر عند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» ١/ ١٥٢ و٢٦٤ و٣١٣، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥٣٤٦)، وأسانيدهم لا تخلو من متروك أو مجهول.
وعن سعيد بن المسيب مرسلًا عند نعيم بن حماد في «الفتن» (٤٨٤) و(٤٩٤)، وفي إسناده الأحوص بن حكيم العنسي الحمصي، وهو ضعيف.
(١) إسناده صحيح. عمار الدهني: هو ابن معاوية.
وأخرجه النسائي ٧/ ٨٥ و٨/ ٦٣ من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. =

٢٦٢٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ


= وأخرجه الترمذيُّ (٣٢٧٨)، والنسائي ٧/ ٨٧ من طريق عمرو بن دينار، عن ابن عباس.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٤١).
وأخرج قول ابن عباس في الآية أنها غير منسوخة دون المرفوع البخاري (٤٥٩٠)، ومسلم (٣٠٢٣)، وأبو داود (٤٢٧٥)، والنسائي ٧/ ٨٥ و٨٦ و٨/ ٦٢ من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
قوله: «لقد أنزلها الله» يعني قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣].
وقوله: «وأنى له الهدى» وفي رواية عمرو بن دينار عن ابن عباس: «وأنى له التوبة»، قال الإمام النووي في «شرح مسلم» ١٨/ ١٥٩: هذا هو المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة له، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠]، وهذه الرواية الثانية هي مذهبُ جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقال الحافظ في «الفتح» ٨/ ٤٩٦: وقد حمل جمهورُ السلف، وجميع أهل السنة ما ورد في ذلك على التغليظ، وصححوا توبة القاتل كغيره، وقالوا معنى قوله: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ أي: إن شاء الله أن يجازيه تمسكا بقوله تعالى في سورة النساء أيضًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] ومن الحجة في ذلك حديث الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، ثم أتى تمام المئة، الذي يأتي بعد هذا عند المصنف.
وقال السندي في حاشيته على «سنن النسائي» ٧/ ٨٥: لكن الناس يرون قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ مقيدًا بالموت بلا توبة، ويقولون بعد ذلك بأن المراد بالخلود طولُ المكث، وبأن هذا بيان ما يستحقه بعمله، كما يشير إليه قوله: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ ثم أمره إليه تعالى إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وبأن هذا في المُستحِل، ولهم في ذلك متمسَّكات من الكتاب والسنة. والله تعالى أعلم.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي: «إِنَّ عَبْدًا قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: بَعْدَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْسًا! قَالَ: فَانْتَضَى سَيْفَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَكْمَلَ بِهِ الْمِئَةَ، ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ اخْرُجْ مِنْ الْقَرْيَةِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي أَنْتَ بِهَا، إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ، قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا، فَاعْبُدْ رَبَّكَ فِيهَا، فَخَرَجَ يُرِيدُ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ، فَعَرَضَ لَهُ أَجَلُهُ فِي الطَّرِيقِ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، قَالَ إِبْلِيسُ: أَنَا أَوْلَى بِهِ، إِنَّهُ لَمْ يَعْصِنِي سَاعَةً قَطُّ. قَالَ: فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: إِنَّهُ خَرَجَ تَائِبًا».
قَالَ هَمَّامٌ: فَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ عز وجل مَلَكًا، فَاخْتَصَمُوا إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعُوا. فَقَالَ: انْظُرُوا أَيَّ الْقَرْيَتَيْنِ كَانَتْ أَقْرَبَ، فَأَلْحِقُوهُ بِأَهْلِهَا.
قَالَ قَتَادَةُ: فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ احْتَفَزَ بِنَفْسِهِ فَقَرُبَ مِنْ الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ، وَبَاعَدَ مِنْهُ الْقَرْيَةَ الْخَبِيثَةَ، فَأَلْحَقُوهُ بِأَهْلِ الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ (١).


(١) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو الصديق الناجي: هو بكر بن عمرو. =

[قال أبو الحسن ابن القطان: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ (١).

٣ - بَابُ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ
٢٦٢٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ (ح)
وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ (٢)، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ؛ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ - وَاسْمُهُ سُفْيَانُ-


= وأخرجه البخاري (٣٤٧٠)، ومسلم (٢٧٦٦) من طريقين عن قتادة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١١٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦١١) و(٦١٥).
قوله: «فبعث الله ملكا ...» مرسل من رواية أبي رافع -وهو نفيع الصائغ-، وقد جاء مرفوعًا عند مسلم من طريق هشام، عن قتادة، به، بلفظ: «فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم».
وقوله: «لما حضره الموت ...» مرسل من رواية الحسن البصري، وقد جاء مرفوعًا عند البخاري ومسلم من طريق شعبة، عن قتادة، به، بنحو هذا اللفظ.
قوله: «فانتضى» أي: أخرجه من غمده.
وقوله: «الخبيثة» أي: التي لا خير فيها في حق هذا الرجل.
وقوله: «احتفز بنفسه» الباء للتعدية، أي: دفع بنفسه إلى القرية الصالحة ليقرب منها بشئ، وهذا دليل على صدقه في عزيمته.
(١) زيادة القطان هذه ليست في أصولنا العتيقة، وهي مثتة في بعض النسخ المتأخرة.
(٢) في (ذ) ومطبوعة فؤاد عبد الباقي: «وحدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة» قالا: حدثنا جرير وعبد الرحيم«والمثبت من (س) و(م)، وهو الموافق لرواية أبي بكر بن أبي شيبة في»المصنف".

عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ -وَالْخَبْلُ: الْجراحُ- فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ، فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ: أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَعْفُوَ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعَادَ، فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» (١).
٢٦٢٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى» (٢).


(١) إسناده ضعيف لضعف سفيان بن أبي العوجاء السلمي، وباقي رجاله ثقات، غير محمَّد بن إسحاق فصدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند الطحاوي ١/ ١٧٥.
وأخرجه أبو داود (٤٤٩٦) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٣٧٥)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٩٠٤) و(٤٩٠٥).
قوله: «أوخَبل» قال ابن الأثير في «النهاية»: الخَبل بسكون الباء: فساد الأعضاء، أي: من أصيب بقتل نفس أو قطع عضو، يقال: بنو فلان يُطالبون بدماء وخبل، أي: بقطع يد أو رجل.
(٢) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (١١٢)، ومسلم (١٣٥٥)، وأبو د اود (٤٥٠٥)، والترمذي (١٤٦٣)، والنسائي ٨/ ٣٨ من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي ٨/ ٣٨ من طريق يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٤٢)، و«صحيح ابن حبان» (٣٧١٥).

٤ - بَابُ مَنْ قتل عَمْدًا فَرضِيَ بِالدِّيَةِ
٢٦٢٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ
حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي، وَكَانَا شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَا: صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الظُّهْرَ، ثُمَّ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ -وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفٍ- يَرُدُّ عَنْ دَمِ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ، وَقَامَ عُيَيْنَةُ ابْنُ حِصْنٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ، وَكَانَ أَشْجَعِيًّا: فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ: تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ؟ فَأَبَوْا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، يُقَالُ لَهُ مُكَيْتِلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا شَبَّهْتُ هَذَا الْقَتِيلَ، فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ، إِلَّا كَغَنَمٍ وردت فرُمِيَت فَنَفَرَ آخِرُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ: ﷺ: «لَكُمْ خَمْسُونَ فِي سَفَرِنَا، وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا» فَقَبِلُوا الدِّيَةَ (١).
٢٦٢٦ - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا، دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، فَإِنْ شَاؤوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاؤوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَذَلِكَ


(١) إسناده ضعيف لجهالة زيد بن ضميرة، فقد تفرد بالرواية عنه محمَّد بن جعفر، واختلف في اسمه، ففي رواية أحمد: زياد بن ضمرة، وفي رواية أبي داود: زياد بن ضميرة، وفي رواية المصنف هنا: زيد بن ضميرة.
وأخرجه أبو داود (٤٥٠٣) من طريقين عن محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٢١٠٨١) و(٢٣٨٧٩).
قوله:»خندِف«اسم قبيلة.
و»غرة الإسلام" أي: أوله، كغرة الشهر لأوله.

ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَذَلِكَ عَقْلُ الْعَمْدِ، ومَا صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَذَلِكَ تَشْدِيدُ الْعَقْلِ» (١).

٥ - بَابُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ مغَلَّظَةً
٢٦٢٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ رَبِيعَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ، قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا (٢) فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» (٣).


(١) إسناده حسن. خالد -وهو ابن يزيد السلمي- وسليمان بن موسى صدوقان حسنا الحديث.
وأخرجه أبو داود (٤٥٠٦)، والترمذي (١٤٤٤) من طريق محمَّد بن راشد، بهذا الإسناد. وقال الترمذيُّ: حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٦٧١٧).
قوله: «حِقة» هي ما دخل في السنة الرابعة من الإبل.
والجذعة: هي ما دخل في السنة الخامسة من الإبل.
والخَلِفة: هي الحامل من النوق.
(٢) زاد في المطبوع بعد قوله: «أربعون منها»: «خَلِفة»، وليست في أصولنا الخطية.
(٣) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه النسائي ٨/ ٤٠ عن محمَّد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي ٨/ ٤٠ - ٤١ من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، و٨/ ٤٢ من طريق حميد الطويل، كلاهما عن القاسم بن ربيعة مرسلًا.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٣٣)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٩٤٦).
وانظر ما بعده.

٢٦٢٧م- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ (١).
٢٦٢٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ جُدْعَانَ سَمِعَهُ مِنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَهُوَ عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الْخَطَأ، قَتِيلَ السَّوْطِ وَالْعَصَا: فِيهِ مِئَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَدَمٍ، تَحْتَ قَدَمَيَّ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (٤٥٤٧) و(٤٥٤٨) و(٤٥٨٨) و(٤٥٨٩)، والنسائي ٨/ ٤١ من طريقين عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي ٨/ ٤١ من طرق عن خالد الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة بن أوس (وفي بعض الروايات: يعقوب بن أوس)، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ. وعقبة بن أوس ويعقوب بن أوس رجل واحد كما قال ابن معين فيما نقله
عنه البيهقي في»السُّنن«٨/ ٦٩، والصحابي المبهم هو عبد الله بن عمرو.
وأخرجه النسائي ٨/ ٤١ من طريق ابن أبي عدي، عن خالد الحذاء، عن القاسم، عن عقبة مرسلًا.
وهو في»مسند أحمد«(١٥٣٨٨)، و»صحيح ابن حبان«(٦٠١١).
وانظر ما قبله.
قال ابن القطان في»بيان الوهم والإيهام" ٥/ ٤١٠: هو حديث صحيح من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، ولا يضره الاختلاف الذي وقع فيه، وعقبة بن أوس بصري تابعي ثقة.

هَاتَيْنِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِدَانَةِ الْبَيْتِ وَسِقَايَةِ الْحَاجِّ، أَلَا إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُهُمَا لِأَهْلِهِمَا كَمَا كَانَا» (١).
٢٦٢٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا (٢).

٦ - باب دية الخطأ
٢٦٣٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عن جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ خَطَأً، فَدِيَتُهُ مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَثَلَاثُونَ بنت لَبُونٍ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَعَشَر


(١) صحيح من حديث عبد الله بن عمرو، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، وقد خالفه أيوب وخالد كما في الحديثين السالفين قبله، فقد روياه عن القاسم بن ربيعة من حديث عبد الله بن عمرو.
وأخرجه أبو داود (٤٥٤٩)، والنسائي ٨/ ٤٢ من طريق علي بن زيد بن جدعان، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٤٥٨٣).
(٢) صحيح مرسلًا، وهذا إسناد فيه محمَّد بن مسلم -وهو الطائفي -وهو صدوق حسن الحديث، إلا أنه يخطى أحيانًا، وقد انفرد بوصله، وخالفه مَن هو أوثق منه فرواه مرسلًا كما سيأتي. وقال أبو حاتم كما في»علل الحديث" لابنه ١/ ٤٦٣: المرسل أصح.
وأخرجه أبو داود (٤٥٤٦)، والترمذي (١٤٤٥)، والنسائي ٨/ ٤٤ من طريق محمَّد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذيّ (١٤٤٦)، والنسائي ٨/ ٤٤ من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة مرسلًا.

بَنِي لَبُونٍ»، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُقَوِّمُهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِئَةِ دِينَارٍ، أَوْ عَدْلَهَا مِنْ الْوَرِقِ، وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَزْمَانِ الْإِبِلِ، إِذَا غَلَتْ رَفَعَ في ثَمَنَهَا، وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا عَلَى نَحْوِ الزَّمَانِ مَا كَانَ، فَبَلَغَ قِيمَتُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِ مِئَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَان مِئَةِ دِينَارٍ، أَوْ عَدْلَهَا مِنْ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ مَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الْبَقَرِ، عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِئَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الشَّاءِ، عَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ (١).
٢٦٣١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قضى (٢) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي دِيَةِ الْخَطَأ عشرين حِقَّةً، وَعِشْرُينَ جَذَعَةً، وَعِشْرين بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرينَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورٌ (٣) (٤).


(١) إسناده حسن.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو داود (٤٥٤١) و(٤٥٦٤)، والنسائي ٨/ ٤٢ - ٤٣ من طريق محمَّد بن راشد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٦٣).
وأخرجه أبو داود (٤٥٤٢) من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، به، مختصرًا بقيمة الدية على عهد رسول الله ﷺ.
(٢) في الأصول: قال، وما أثبتناه من «المسند» وغيره.
(٣) لفظة: «ذكور» سقطت من (ذ) و(م).
(٤) إسناده ضعيف، خشف من مالك لم يرو عنه غير زيد بن جبير، وجهَّله الدارقطني وابن عبد البر والبيهقي والخطابي، ووثقه النسائي وابن حبان. والصحيح وقفه على ابن مسعود. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرجه أبو داود (٤٥٤٥)، والترمذي (١٤٤٢) و(١٤٤٣)، والنسائي ٨/ ٤٣ - ٤٤ من طريق الحجاج بن أرطاة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث ابن مسعود لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفًا. وقال أبو داود: وهو قول عبد الله.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٣٥) و(٤٣٠٣).
وأخرجه موقوفًا عبد الرزاق (١٧٢٣٨)، وابن أبي شيبة ٩/ ١٣٤، والطبراني (٩٧٣٠)، من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله ابن مسعود من قوله. وإبراهيم لا يرسل عن عبد الله إلا ما كان متصلًا عنه من طرق.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ١٣٤ من طريق سفيان الثوري، والبيهقي ٨/ ٧٤ من طريق إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن علقمة، عن ابن مسعود من قوله. وأبو إسحاق قيل: إنه لم يسمع من علقمة.
وأخرجه البيهقي ٨/ ٧٥ من طريق سليمان التيمي، عن أبي مجلز لاحق بن حميد، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه من قوله. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
قال البيهقي ٨/ ٧٥: هذا هو المعروف عن عبد الله بهذه الأسانيد، وقد روى بعض حفاظنا وهو الشيخ أبو الحسن الدارقطني هذه الأسانيد عن عبد الله، وجعل مكان بني المخاض بني اللبون وهو غلط منه، وقد رأيته في كتاب محمَّد بن إسحاق ابن خزيمة وهو إمام في رواية وكيع عن سفيان بإسناديه كذلك بني لبون، وفي رواية سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي مجلز، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود كذلك بني لبون. ورواه من حديث يحيى يعني ابن أبي زائدة، عن أبيه وغيره، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن ابن مسعود بني مخاض، فإن كان ما روياه محفوظًا فهو الذي نميل إليه، وصارت الرواية فيه عن ابن مسعود متعارضة، ومذهب عبد الله مشهور في بني المخاض. قلنا: رواية الدارقطني من طريق أبي مجلز في «سننه» برقم (٣٣٦١) و(٣٣٦٢)، ومن طريق إبراهيم برقم (٣٣٦٥). =

٢٦٣٢ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنْ النَّبِيِّ ﷺ جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة: ٧٤]. قَالَ: بِأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ (١).

٧ - بَاب الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلَةٌ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ
٢٦٣٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نضيلة
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (٢).
٢٦٣٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ


= وأخرج أبو داود (٤٥٥١) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود، قال عبد الله: في شبه العمد خمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون بنات لبون، وخمس وعشرون بنات مخاض. قلنا: وليس هذا بمحفوظ عن ابن مسعود. والله أعلم.
وانظر «نصب الراية» ٤/ ٣٥٦ - ٣٦١.
(١) إسناده ضعيف موصولًا، والصحيح أنه مرسل كما سلف بيانه برقم (٢٦٢٩).
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي وكيع -وهو الجراح بن مليح الرؤاسي، فإنه- وإن كان ضعيفًا- متابع. منصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه مطولًا مسلم (١٦٨٢)، وأبو داود (٤٥٦٨) و(٤٥٦٩)، والنسائي ٤٩/ ٨ و٥٠ و٥١ من طرق عن منصور، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٨١٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠١٦).

عَنْ الْمِقْدَامِ الشَّامِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ» (١).

٨ - بَابُ مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ
٢٦٣٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ابْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاووس
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ قَتَلَ فِي عِمِّيَّةٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ بِحَجَرٍ أَوْ سَوْطٍ أَوْ عَصًا، فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَأ، وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا


(١) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، علي بن أبي طلحة -وإن أخرج له مسلم- فيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، ولكنه متابع، وباقي رجاله ثقات. أبو عامر الهوزني: هو عبد الله بن لُحيّ، والمقدام الشامي: هو ابن معدي كرب الكندي.
وأخرجه أبو داود (٢٨٩٩) و(٢٩٠٠)، والنسائي في»الكبرى«(٦٣٢١) و(٦٣٢٢) من طريقين عن بديل بن ميسرة، بهذا الإسناد. وهو في»مسند أحمد«(١٧١٧٥)، و»صحيح ابن حبان«(٦٠٣٥) و(٦٠٣٦).
وأخرجه أبو عوانة (٥٦٣٦)، وابن حبان (٦٠٣٦)، والطبراني في»الكبير«٢٠/ (٦٢٧) من طريق محمَّد بن الوليد الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن ابن عائذ الثُّمالي، عن المقدام بن معدي كرب. وسواء كان الواسطة الثمالي أو أبو عامر الهوزني، فكلاهما ثقة، وهذا اختلاف لا يضر ما داما ثقتين.
وأخرجه أحمد (١٧١٩٩)، والنسائي (٦٣٢٥) و(٦٣٨٦)، والطحاوي في»شرح مشكل الآثار" (٢٧٥٠) و(٢٧٥١) من طريق معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن المقدام. لم يذكر أبا عامر الهوزني، وصرح راشد بن سعد بسماعه من المقدام عند النسائي في الموضع الثاني والطحاوي، فيكون قد سمعه من أبي عامر عن المقدام، ومن المقدام مباشرة. والله أعلم.
وأخرجه أبو داود (٢٩٠١) من طريق يزيد بن حجر، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه عن جده. وهذا إسناد ضعيف.
وسيأتي برقم (٢٧٣٨).

فَهُوَ قَوَدٌ، وَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» (١).

٩ - بَابُ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ
٢٦٣٦ - حَدَّثَنَا عمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ (٢)، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ دَهْثَمِ بْنِ قُرَّانَ، حَدَّثَنِي نِمْرَانُ بْنُ جَارِيَةَ
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَجُلًا عَلَى سَاعِدِهِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَمَرَ لَهُ بِالدِّيَةِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْقِصَاصَ، فقَالَ: «خُذْ الدِّيَةَ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا»، وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِالْقِصَاصِ (٣).


(١) إسناده صحيح. محمَّد بن كثير: هو العبدي.
وأخرجه النسائي ٨/ ٤٠ من طريق محمَّد بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٤٥٤٠) و(٤٥٩١)، والنسائي ٨/ ٣٩ - ٤٠ من طريق سعيد ابن سليمان الواسطي، عن سليمان بن كير، به. وجاء عندهم: «عِمَّيًا» فعِّيلى من العمى بدل: عِمّية، وهما روايتان في الحديث، والمعنى واحد.
وهو في «شرح مشكل الآثار» (٤٩٠٠).
قوله: «عِّميَّة» قال ابن الأثير في «النهاية» العِمِّيَّة: هو فعِّيلة، من العماء: الضلالة، كالقتال في العصبية والأهواء، وحكى بعضهم فيها ضم العين.
وقوله: «لا يقل منه صرف ولا عدل» قال ابن الأثير: الصرف: التوبة، وقيل: النافلة، والعدل: الفدية، وقيل: الفريضة.
(٢) زاد في المطبوع مع عمار بن خالد الواسطي: محمَّد بن الصباح، وليس في شيء من أصولا الخطية. ولا في «التحفة»، وجاء في (ذ): حدثنا محمَّد بن الصباح، حدثنا عمار بن خالد فجعل عمارًا شيخ محمَّد بن الصباح، لكن ضبب عليها فيها.
(٣) إسناده ضعيف جدًا، دهثم بن قران متروك، ونمران بن جارية مجهول. =

٢٦٣٧ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ ابْنِ صُهْبَانَ
عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا قَوَدَ فِي الْمَأْمُومَةِ وَلَا الْجَائِفَةِ وَلَا الْمُنَقِّلَةِ» (١).


= وأخرجه البزار (٣٧٩٢)، والطبراني (٢٠٨٩) و(٢٠٩٠)، والبيهقي ٨/ ٦٥ من طريقين عن دهثم بن قرآن، بهذا الإسناد.
(١) إسناده ضعيف لضعف رشدين بن سعد، ومعاذ بن محمَّد الأنصاري روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات» ولم يجرحه أحد، وابن صهبان: إن كان عقبة فلم يدرك العباس، وإن كان غيره فمجهول. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء.
وأخرجه أبو يعلى (٦٧٠٠)، ومن طريقه البيهقي ٨/ ٦٥، من طريق أبي كريب، بهذا الإسناد. وقد سقط معاوية بن صالح من إسناد البيهقي المطبوع.
وأخرجه أبو يعلى (٦٧٠٢) من طريق عفيف بن سالم، عن عبد الله بن لهيعة، عن معاذ بن عبد الرحمن، عن ابن صهبان، به. وابن لهيعة ضعيف لاختلاطه.
وأخرجه أبو يعلى (٦٧٠٥) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن معاذ بن محمَّد، عن عمرو بن معدي كرب، عن العباس. وقد ترجم ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٣/ ٢٦٠ لاثنين باسم عمرو بن معدي كرب، ولم يذكر فيهما جرحًا ولا تعديلًا.
وفي الباب عن طلحة عند البيهقي ٨/ ٦٥ ولفظه: «ليس في المأمومة قود»، وإسناده حسن.
قوله: «المأمومة» هي الشجَّة التي بلغت أمَّ الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ.
والجائفة: هي الطعنة التي تَنفُذ إلى الجوف، والمراد بالجوف هنا كل ما له قوة مُحيلة، كالبطن والدماغ.
والمنقلة: هي التي تَخرجُ منها صغارُ العظام، وتنتقل عن أماكنها، وقيل: التي تنقل العظم، أي: تكسره. «النهاية».

١٠ - بَابُ الْجَارِحِ يفْتَدَى بِالْقَوَدِ
٢٦٣٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا، فَلَاجَّهُ رَجُلٌ (١) فِي صَدَقَتِهِ، فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ، فَأَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا: الْقَوَدَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ: «لَكُمْ كَذَا وَكَذَا». فَرَضُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَخَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ هَؤُلَاءِ اللَّيْثِيِّينَ أَتَوْنِي يُرِيدُونَ الْقَوَدَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا، أَرَضِيتُمْ؟» قَالُوا: لَا، فَهَمَّ بِهِمْ الْمُهَاجِرُونَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكُفُّوا، فَكَفُّوا، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَزَادَهُمْ، قَالَ: «أَرَضِيتُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ» قَالُوا: نَعَمْ، فَخَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ قَالَ: «أَرَضِيتُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ (٢).


(١) في (ذ): فلاحى رجلًا، ولاجَّه بالجيم: نازعه وتمادى معه في الخصومة، ومثله: الملاحاة.
(٢) إسناده صحيح. محمَّد بن يحيى: هو الذهلي، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمَّد ابن مسلم، وعروة: هو ابن الزبير.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» (١٨٠٣٢)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (٣٥٣٤)، والنسائي ٨/ ٣٥.
وهو في «مسند أحمد» (٢٥٩٥٨)، و«شرح مشكل الآثار» (٤٥٣٨)، و«صحيح ابن حبان» (٤٤٨٧).

قَالَ ابْنُ مَاجَه: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: تَفَرَّدَ بِهَذَا مَعْمَرٌ، لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرُهُ.

١١ - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ
٢٦٣٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ: أَيعْقِلُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَ؟ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ هَذَا لَيَقُولُ بِقَوْلِ شَاعِرٍ، فِيهِ غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ» (١).


(١) إسناده حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو الليثي- وباقي رجاله ثقات.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٩/ ٢٥٠ إلا أنه جاء اسم شيخه فيه: عبد الرحيم ابن سليمان.
وأخرجه أبو داود (٤٥٧٩) من طريق عيسى بن يونس، والترمذي (١٤٦٩) من طريق ابن أبي زائدة، كلاهما عن محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد. زاد عيسى بن يونس: «أو فرس أو بغل» ووهَّمه الخطابي.
وهو في «مسند أحمد» (٩٦٥٥)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٢٢).
وأخرج قضاء النبي ﷺ في الجنين بغرة: عبدٍ أو أمةٍ، البخاري (٥٧٥٨)، ومسلم (١٦٨١)، وأبو داود (٤٥٧٦)، والنسائي ٨/ ٤٨ من طريق الزهري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
قوله: «غرة» قال ابن الأثير في «النهاية»: الغرة: العبد نفسه أو الأمة، والغرة عند الفقهاء ما بلغ ثمنه نصف عشر الدية من العبيد والإماء.
وقوله: «يُطَلُّ» أي: يُهدَر.

٢٦٤٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ:
اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي ملَاصِ الْمَرْأَةِ (١)، يَعْنِي سِقْطَهَا. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، فَشَهِدَ مَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ (٢).


(١) كذا في أصولنا الخطية، وفي رواية البخاري ومسلم: إملاص، وهو الجادة. قال الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٢٥٠: وقع في بعض الروايات: مِلاص، بغير ألف، كأنه اسم فعل الولد فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، أو اسم لتلك الولادة كالخداج.
(٢) حديث صحيح، وقد وهم وكيع -وهو ابن الجراح- في ذكر المسور بن مخرمة في هذا الإسناد. قال ابن المديني - كما في، النكت الظراف، لابن حجر (١١٥١١): لا أرى وكيعًا إلا واهمًا في قوله: عن المِسور بن مخرمة. وقال الدارقطني في «الإلزامات والتتبع» ص ٢١٩: هذا وهم.
وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ٩/ ٢٥١، وعنه أخرج مسلم (١٦٨٣).
وأخرجه أبو داود (٤٥٧٠) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٩٠٥)، وأبو داود (٤٥٧١) من طريق وهيب، والبخاري (٦٩٠٧) من طريق عبيد الله بن موسى، و(٦٩٠٨) من طريق زائدة، و(٧٣١٧) من طريق أبي معاوية، أربعتهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر أنه استشارهم ... فقال المغيرة ... فذكره. وقال البخاري: تابعه ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن المغيرة. قلنا: أخرج هذه الرواية الطبراني ٢٠/ (٨٨٣).
وانظر «مسند أحمد» (١٨١٣٦) و(١٨٢١٣).
وأخرج مسلم (١٦٨٢)، وأبو داود (٤٥٦٨) و(٤٥٦٩)، والنسائن ٨/ ٤٩ و٥٠ و٥١ من طريق عُبيد بن نُضيلة، عن المغيرة: أن النبي ﷺ قضى بغرة لما في بطن المرأة. =

٢٦٤١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ نَشَدَ النَّاسَ قَضَاءَ النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي فِي الْجَنِينِ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لِي، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا، وَقَتَلَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ (١)، وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا (٢).


= قوله: «في إملاص المرأة» أي: إلقائها جنينها، أي: إذا ضربها أحد حتى ألقت جنينها، فماذا على الضارب؟ قاله السندي في حاشيته على «المسند».
(١) في (ذ) والمطبوع: بغرّةِ عبدِ.
(٢) إسناده صحيح، إلا أن قوله: «وأن تقتل بها» شاذ، فقد تفرد به عمرو بن دينار، ثم شك فيه لما ذُكِرَ له خلافه، والمحفوظ أن النبي ﷺ قضى بديتها وبغرة في جنينها كما سيأتي. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.
وأخرجه أحمد (٣٤٣٩)، وأبو داود (٤٥٧٢)، والنسائي ٨/ ٢١ - ٢٢ من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال ابن جريج في رواية أحمد: فقلت لعمرو: أخبرني ابن طاووس عن أبيه كذا وكذا، فقال: لقد شككتني. قلنا: يعني ما أخرجه عبد الرزاق (١٨٣٤٢) عن ابن جريج، عن ابن طاووس، عن طاووس قال: ذُكِرَ لعمر قضاء رسول الله ﷺ ... فقضى رسول الله ﷺ بديتها وغرة في جنينها.
وأخرجه عبد الرزاق (١٨٣٤٣)، والدارقطني (٣٢٠٩)، والحاكم ٣/ ٥٧٥ من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، عن عمر ... فذكره ولم يذكر قتل المرأة.
وأخرجه أبو داود (٣٥٧٣) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي ٨/ ٤٧ من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن عمر ... لم يذكر ابن عباس في الإسناد، ولم يذكر قتل المرأة أيضًا. =

١٢ - بَابُ الْمِيرَاثِ مِنْ الدِّيَةِ
٢٦٤٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ، وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا، حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَرَّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا (١).
٢٦٤٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْحَاق بْنِ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ


= وأخرج أبو داود (٤٥٧٤)، والنسائي ٨/ ٥١ - ٥٢ من طريق أسباط بن نصر الهمداني، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قصة حمل بن مالك ... فذكر نحوه دون ذكر عمر. وأسباط ضعيف، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب.
وانظر «مسند أحمد» (٣٤٣٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٢١).
(١) حديث صحيح، رواية سعيد بن المسيب عن عمر محمولة على الاتصال، قال أحمد بن حنبل فيما أسنده عنه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٤/ ٦١: سعيد عن عمر عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يُقبَل سعيد عن عمر، فمن يُقبَل؟! وقال أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في «المراسيل» ص ٧١: سعيد بن المسيب عن عمر مرسل، يدخل في المسند على المجاز.
وأخرجه أبو داود (٢٩٢٧)، والترمذي (١٤٧٤) و(٢٢٤٣)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣٢٩ - ٦٣٣٢) من طريقين عن الزهري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٧٤٥).

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى لِحَمَلِ بْنِ مَالِكٍ الْهُذَلِيِّ اللِّحْيَانِيِّ بِمِيرَاثِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ الَّتِي قَتَلَتْهَا امْرَأَتُهُ الْأُخْرَى (١).

١٣ - بَابُ دِيَةِ الْكَافِرِ
٢٦٤٤ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيل، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى (٢).


(١) إسناده ضعيف، الفضيل بن سليمان -وهو النميري- لين الحديث، وإسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة مجهول الحال، وروايته عن جده مرسلة.
وفي باب توريث الرجل من دية زوجته حديث أبي هريرة عند مسلم (١٦٨١) (٣٥).
وحديث أبي الملح الهذلي عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٥٢٧)، وإسناده صحيح.
وحديث جابر الآتي عند المصنف برقم (٢٦٤٨)، وإسناده ضعيف.
(٢) حديث حسن، هشام بن عمار متابع، وعبد الرحمن بن عياش -وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش- صدوق حسن الحديث، وقد توبع أيضًا.
وأخرجه النسائي ٨/ ٤٥ من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد، بلفظ: «عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين، وهم اليهود والنصارى» وهو في «مسند أحمد» (٦٧١٦).
وأخرجه الترمذي (١٤٧٢)، والنسائي ٨/ ٤٥ من طريق أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، به، بلفظ: «عقل الكافر نصف عقل المؤمن»، وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه أبو داود (٤٥٨٣) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، به، بلفظ: «دية المعاهد نصف دية الحر»، وهو في «مسند أحمد» (٦٦٩٢) و(٧٠٢٤) =

١٤ - بَابٌ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ
٢٦٤٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ، أخبرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ إِسْحَاق بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ» (١).
٢٦٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ قَتَلَ ابْنَهُ، فَأَخَذَ مِنْهُ عُمَرُ مِئَةً مِنْ الْإِبِلِ، ثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً، فَقَالَ؛ أيْن أَخِو الْمَقْتُولِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ» (٢).


= بلفظ: «دية الكافر نصف دية المسلم»، وصرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد في الموضع الثاني.
(١) حديث حسن من طريق عبد الله بن عمرو، وهذا إسناد ضعيف جدًا، إسحاق بن أبي فروة متروك. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري.
وأخرجه الترمذي (٢٢٤٢)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣٣٥) من طريق الليث، بهذا الإسناد. وأعلاه بإسحاق بن أبي فروة.
وسيتكرر برقم (٢٧٣٥).
وفي الباب عن عمر، سيأتي بعده.
وعن عبد الله بن عمرو عند أبي داود (٤٥٦٤)، والنسائي في «الكبرى» (٦٣٣٣)، وإسناده حسن.
وعن ابن عباس عند عبد الرزاق (١٨٧٨٧)، والبيهقي ٦/ ٢٢٠، وإسناده ضعيف.
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمرو بن شعيب لم يدرك عمر. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء، وأبو خالد: هو سليمان بن حيان.
وأخرج المرفوع منه النسائي في «الكبرى» (٦٣٣٤) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. =

١٥ - بَابُ عَقْلِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا، وَمِيرَاثِهَا لِوَلَدِهَا
٢٦٤٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَعْقِلَ الْمَرْأَةَ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا، وَلَا يَرِثُوا مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا، وَإِنْ قُتِلَتْ فَعَقْلُهَا بَيْنَ وَرَثَتِهَا، وهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهَا» (١).
٢٦٤٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ. فَقَالَتْ عَاقِلَةُ الْمَقْتُولَةِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِيرَاثُهَا لَنَا، قَالَ: «لَا. مِيرَاثُهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٣٤٧).
وانظر شواهده فيما قبله.
(١) إسناده حسن. محمَّد بن راشد: هو المكحولي الدمشقي، وسليمان بن موسى: هو الأشدق.
وأخرجه مطولًا أبو داود (٤٥٦٤)، والنسائي ٨/ ٤٣ من طريق محمَّد بن راشد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧٠٩٢).
قوله: «يعقل المرأة عصبتها» قال الخطابي في «معالم السُّنن» ٤/ ٣٠: يريد العقل الذي يجب بسبب جنايتها على عاقلتها، يقول: إن العصبة يتحملون عقلها كما يتحملونه عن الرجل، وأنها ليست كالعبد الذي لا تحتمل العاقلة جنايته، وإنما هي في رقبته.
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد، وهو ابن سعيد الهمداني. الشعبي: هو عامر بن شراحيل. =

١٦ - بَابُ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ
٢٦٤٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَسَرَتْ الرُّبَيِّعُ عَمَّةُ أَنَسٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَعَرَض (١) عَلَيْهِمْ الْأَرْشَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» قَالَ: فَرَضِيَ الْقَوْمُ، فَعَفَوْا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» (٢).


= وأخرجه أبو داود (٤٥٧٥) من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.
وفي باب دية المرأة على عاقلتها حديث عبد الله بن عمرو السالف قبل هذا.
وحديث أبي هريرة عند البخاري (٦٩١٠)، ومسلم (١٦٨١).
وحديث المغيرة عند مسلم (١٦٨٢).
وفي باب ميراث دية المرأة لزوجها وولدها حديث عبادة السالف برقم (٢٦٤٣)، وذكرنا تتمة شواهده هناك.
(١) في (ذ): فعَرَضوا.
(٢) إسناده صحيح. ابن أبي عدي: هو محمَّد بن إبراهيم، وحميد: هو الطويل.
وأخرجه البخاري (٢٧٠٣)، وأبو داود (٤٥٩٥)، والنسائي ٨/ ٢٦ و٢٧ من طرق عن حميد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» (١٢٣٠٢).
وأخرج نحو هذه القصة مسلم (١٦٧٥)، والنسائي ٨/ ٢٦ - ٢٧ من طريق حماد ابن سلمة، عن ثابت، عن أنس. إلا أنه جعل أخت الربيع أمَّ حارثة هي الجانية، وجعل أم الربيع هي المُقسِمة أنه لا يقض منها. وهو في «مسند أحمد» (١٤٠٢٨)، و«صحيح ابن حبان» (٦٤٩١). =

١٧ - بَابُ دِيَةِ الْأَسْنَانِ
٢٦٥٠ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ» (١).
٢٦٥١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ


= قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» ٧/ ٦٤٣: وأما ما وقع في مسلم من وجه آخر (يعني طريق حماد) فتلك قصة أخرى إن كان الراوي قد حفظ، وإلا فهو وهم من بعض رواته، ويستفاد إن كان محفوظا أن لوالدة الربيع صحبة.
قوله: «جارية» قال في «الفتح» ١٢/ ٢٤٤: في رواية معتمر عند أبي داود: «امرأة» بدل «جارية»، وهو يوضح أن المراد بالجارية المرأة الشابة لا الأمة الرقيقة.
وقوله: «من لو أقسم على الله لأبره» قال ابن حجر: وجه تعجبه أن أنس بن النضر أقسم على نفي فِعل غيره، مع إصرار ذلك الغير على إيقاع ذلك الفعل، فكأن قضية ذلك في العادة أن يحنث في يمينه، فألهم الله الغيرَ العفوَ فبرَّ قسم أنس. قلنا: وأنس بن النضر هو عم أنس بن مالك، وأخو الرُّبيع.
(١) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه أبو داود (٤٥٥٩) عن عباس العنبري، بهذا الإسناد. وزاد فيه: «الأصابع سواء، هذه وهذه سواء».
وأخرجه أبو داود (٤٥٦٠) من طريق يزيد النحوي، عن عكرمة، به بالزيادة المذكورة. وستأتي الزيادة من هذا الوجه برقم (٢٦٥٢).
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٢١) و(٢٦٢٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠١٤).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَضَى فِي السِّنِّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ (١).

١٨ - بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ
٢٦٥٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ؛ قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي «الخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ» (٢).


(١) صحيح بشواهده، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن إبراهيم البالسي، وباقي رجاله ثقات. أبو حمزة المروزي: هو محمَّد بن ميمون السكري، ويزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد.
وأخرج مالك في «الموطأ» ٢/ ٨٦٢ عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان بن طريف المُري، أنه أخبره: أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله ماذا في الضرس؟ فقال عبد الله بن عباس: فيه خمس من الإبل، قال: فردني مروان إلى عبد الله بن عباس فقال: أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس؟ فقال عبد الله بن عباس: لو لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع، عقلها سواء.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (٤٥٦٣)، والنسائي ٨/ ٥٥، وإسناده حسن.
وآخر من حديث عمرو بن حزم عند النسائي ٨/ ٥٧، وإسناده حسن.
وثالث من طريق طاووس مرسلًا عند عبد الرزاق (١٧٤٩٠)، ورجاله ثقات.
(٢) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وابن أبي عدي: هو محمَّد بن إبراهيم، وشعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه البخاري (٦٨٩٥)، وأبو داود (٤٥٥٨) و(٤٥٥٩)، والترمذي (١٤٤٩)، والنسائي ٨/ ٥٦ و٥٦ - ٥٧ من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. =

٢٦٥٣ - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ كُلُّهُنَّ، فِيهِنَّ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» (١).
٢٦٥٤ - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ» (٢).


= وأخرجه أبو داود (٤٥٦٠) من طريق يزيد النحوي، عن عكرمة، به بلفظ: «الأسنان سواء، والأصابع سواء».
وأخرجه أبو داود (٤٥٦١)، والترمذي (١٤٤٨) من طريق يزيد النحوي أيضًا، به. ولفظ الترمذي: «دية أصابع اليدين والرجلين سواء: عشرة من الإبل لكل إصبع».
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩٩)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠١٥).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل جميل بن الحسن العتكي ومطر الوراق، وقد توبعا. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة.
وأخرجه أبو داود (٤٥٦٢)، والنسائي ٨/ ٥٧ من طريق حسين بن ذكوان المعلم، والنسائي ٨/ ٥٧ من طريق ابن جريج، كلاهما عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٨١).
ويشهد له حديث ابن عباس السالف قبله في لفظ الترمذي، وحديث أبي موسى الآتي بعده، وانظر تتمة شواهده في «المسند».
(٢) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسروق بن أوس، وقد اختلف في إسناده كما هو مبيَّن في «المسند» (١٩٥٥٠). =

١٩ - بَابُ الْمُوضِحَةِ
٢٦٥٥ - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيه
عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» (١).

٢٠ بَاب مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ
٢٦٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ عَمَّيْهِ يَعْلَى وَسَلَمَةَ ابْنَيْ أُمَيَّةَ، قَالَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَمَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَرَجُلٌ آخَرُ


= وأخرجه أبو داود (٤٥٥٦) و(٤٥٥٧)، والنسائي ٨/ ٥٦ من طريق مسروق بن أوس، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديثًا الباب السالفان قبله، والشواهد المذكورة في «المسند» (٦٦٨١).
(١) حديث حسن، جميل بن الحسن ومطر -وهو ابن طهمان الوراق- متابعان.
وأخرجه أبو داود (٤٥٦٦)، والترمذي (١٤٤٧)، والنسائي ٨/ ٥٧ من طريق حسين بن ذكوان المعلم، عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٨١).
قوله: «المواضح» قال السندي: جمع موضحة، وهي الشجة التي توضح العظم، أي: تظهره، والشجة: الجراحة، وإنما تسمى شجة إذا كانت في الوجه والرأس، والمراد: في كل واحدة من الموضحة خمس. قالوا: والتي فيها خمس من الإبل ما كان في الرأس والوجه، وأما في غيرهما فحكومة عدل.

وَنَحْنُ بِالطَّرِيقِ، قَالَ: فَعَضَّ الرَّجُلُ يَدَ صَاحِبِهِ، فَجَذَبَ صَاحِبُهُ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَطَرَحَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَلْتَمِسُ عَقْلَ ثَنِيَّتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ فَيَعَضُّهُ كَعِضَاضِ الْفَحْلِ، ثُمَّ يَأْتِي يَلْتَمِسُ الْعَقْلَ! لَا عَقْلَ لَهَا»، فَأَبْطَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (١).


(١) حديث صحيح. محمَّد بن إسحاق -وهو ابن يسار، وإن صرح بالسماع عند أحمد وغيره- خالف في إسناده أصحابَ عطاء بن أبي رباح، حيث رووه عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه وهو المحفوظ كما قال المزي في ترجمة صفوان ابن عبد الله في «تهذيب الكمال» ١٣/ ٢٠٠.
وأخرجه النسائي ٨/ ٣٠ من طريق محمَّد بن إسحاق، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٩٥٣).
وأخرجه البخاري (١٨٤٨)، ومسلم (١٦٧٤) من طريق همام بن يحيى، والبخاري (٢٢٦٥) و(٢٩٧٣) و(٤٤١٧) و(٦٨٩٣)، ومسلم (١٦٧٤)، وأبو داود (٤٥٨٤)، والنسائي ٨/ ٣٠ من طريق ابن جريج، ومسلم (١٦٧٣)، والنسائي ٨/ ٣٠ من طريق قتادة بن دعامة، ثلاثتهم عن عطاء بن أبي رباح، به. لكن قتادة في روايته قال: عن ابن يعلى فلم يسمّه، وهمام عند مسلم سمى أبا يعلى: مُنية، بدل: أمية.
وأخرجه مسلم (١٦٧٤)، والنسائي ٨/ ٣٠ - ٣١ من طريق قتادة بن دعامة، عن بديل بن ميسرة، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن يعلى: أن أجيرًا ليعلى عض رجلٌ ذراعَه ... فزاد بين قتادةَ وعطاءِ بُديلًا!
وأخرجه النسائي ٨/ ٣٢ من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن محمَّد بن مسلم، عن صفوان بن يعلى: أن أباه ... وابن أبي ليلى سيئ الحفظ.
وأخرجه أبو داود (٤٥٨٥) من طريق حجاج وعبد الملك بن أبي سُليمان، عن عطاء، عن يعلى بن أمية. ولم يذكر في إسناده صفوان! قال المزي في ترجمة عطاء: والصحيح أن بينهما صفوان بن يعلى بن أمية.
وأخرجه النسائي ٨/ ٢٩ - ٣٠ و٣٠ من طريق مجاهد، عن يعلى ابن مُنية.

٢٦٥٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى
عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا عَضَّ رَجُلًا عَلَى ذِرَاعِهِ، فَنَزَعَ يَدَهُ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُاهُ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَبْطَلَهَما، وَقَالَ: «يَقْضَمُ أَحَدُكُمْ كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ» (١).

٢١ - بَاب لَا يُقْتَلُ مؤمنٌ بِكَافِرٍ
٢٦٥٨ - حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا عِنْدَ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَرْزُقَ اللَّهُ رَجُلًا فَهْمًا فِي الْقُرْآنِ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ: فِيهَا الدِّيَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (٢).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٨٩٢)، ومسلم (١٦٧٣)، والترمذي (١٤٧٥)، والنسائي ٨/ ٢٨ - ٢٩ و٢٩ من طريق قتادة، به.
وأخرجه مسلم (١٦٧٣)، والنسائي ٨/ ٢٨ من طريق محمَّد بن سيرين، عن عمران بن حصين.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٨٢٩)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٩٨) من طريق قتادة. وفي «مسند أحمد» (١٩٨٦٢) من طريق ابن سيرين.
(٢) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل علقمة بن عمرو وأبي بكر بن عياش، وقد توبعا. =

٢٦٥٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (١).
٢٦٦٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ


= فقد أخرجه البخاري (٦٩٥٣)، والنسائي ٨/ ٢٣ - ٢٤ من طريق سفيان بن عيينة، عن مطرف، بهذا الإسناد. وقال في روايته: العقْلُ، وفِكاك الأسير، وأن لا يُقتل مسلم بكافر.
وأخرجه البخاري (١١١) و(٣٠٤٧) و(٦٩١٥)، والترمذي (١٤٧٠) من طرق عن مطرف، به. ولفظهم كلفظ ابن عيينة.
وهو في «مسند أحمد» (٥٩٩).
وأخرجه البخاري (٣١٧٢) و(٦٧٥٥)، ومسلم (١٣٧٠) وبإثر (١٥٠٨) / ٢٠، والترمذي (٢٢٦٠)، من طريق يزيد بن شريك التيمي، وأبو داود (٤٥٣٠)، والنسائي ٨/ ١٩ - ٢٠ من طريق قيس بن عباد والأشتر، والنسائي ٨/ ٢٠ و٢٤ من طريق أبي حسان الأعرج، ثلاثتهم عن علي بن أبي طالب. اقتصر يزيد بن شريك على ذكر الديات التي سماها في روايته: الجراحات، واقتصر قيس بن عباد والأشتر والأعرج على: لا يقل مسلم بكافر. قلنا: الأعرج لم يسمع عليا، بينهما فيه الأشتر كما أخرجه النسائي ٨/ ٢٤ ولهذا قال أبو حاتم وأبو زرعة: أبو حسان الأعرج عن علي مرسلٌ.
(١) صحيح لغيره، وعبد الرحمن ابن عياش -وهو عبد الرحمن بن الحارث ابن عبد الله بن عياش، وإن كان ضعيفًا- تابعه يحيى بن سعيد الأنصاري وسليمان ابن موسى وغيرهما، فالإسناد من طريقهم حسن.
وأخرجه أبو داود (٢٧٥١) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن إسحاق المطلبي، و(٤٥٠٦) من طريق سيمان بن موسى الأشدق، والترمذي (١٤٧١) من طريق أسامة بن زيد الليثي، أربعهم عن عمرو بن شعيب، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٦٦٢).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» (١).


(١) إسناده واه. حَنَش -وهو لقب الحسين بن قيس الرحبي- متروك الحديث.
وأخرجه عبد الرزاق (١٧٧٨٧) عن معمر، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس. وهذا الرجل هو عمرو بن برق كما سماه عبد الرزاق نفسه فيما نقله البيهقي في «السُّنن الكبرى» ٦/ ٢٢٠، وهو ضعيف كما قال الحافظ في «التلخيص الحبير» ٣/ ٨٥ عند حديث ابن عباس: «لا يرث القاتل شيئًا». وهو الذي يسمى عمرو بن عبد الله الأسواري كما جزم به المزي في «تهذيب الكمال» وتبعه ابن حجر في «التهذيب» وفي «نزهة الألباب في الألقاب». وما سماه به عبد الرزاق غلط كما قال ابن حجر في «نزهة الألباب» والصحيح: عمرو برق بالإضافة، وكذلك سماه المزي، لأن برقًا لقبٌ له.
وأخرجه عبد الرزاق (١٨٥٠٣) و(١٨٥٠٥) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير وعبد الرزاق (١٨٥٠٣) عن الثوري، عن سماك كلاهما عن عكرمة من قوله. لفظ الأول: عن عكرمة في المسلم يقتل الذمي، قال: فيه الدية، وليس عليه قود. ولفظ الثاني: لا يقاد المسلم بالذمي ولا المملوك، وهذا عن عكرمة من قوله صحيح.
وأخرج أحمد (٩٩٣)، ومن طريقه أبو داود (٤٥٣٠): حدثنا يحيى بن سعيد، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُباد، عن علي رضي الله عنه رفعه: «المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يدٌ على مَن سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهدٍ في عهده، ومن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، ويحيى بن سعيد القطان سماعه من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط، وصححه صاحب «التنقيح» ٣/ ٢٥٤.
وأخرجه أبو داود (٤٥٣١) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحسَّن إسناده الحافظ في «الفتح» ١٢/ ٢٦١.
وأخرجه من حديث عائشة ابن أبي عاصم في «الديات» ص ٥٩، وأبو يعلى (٤٧٥٧)، والبيهقي ٨/ ٩. وإسناده حسن. =

٢٢ - بَاب لَا يُقْتَلُ ْوَالِدُ بِوَلَدِهِ
٢٦٦١ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يُقْتَلُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ» (١).


= وأخرجه من حديث ابن عمر ابن حبان (٥٩٩٦)، وبحشل في «تاريخ واسط» ص ١٦٤، وإسناده حسن.
وقد استدل الحنفية بهذا الحديث على قتل المسلم بالذمي إذا قتله بغير استحقاق. وانظر لزامًا «شرح معاني الآثار» للإمام الطحاوي ٣/ ١٩٢ - ١٩٦، و«فتح الباري» ١٢/ ٢٦١.
(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف سويد بن سعيد وإسماعيل بن مسلم -وهو المكي- لكنهما قد توبعا.
وأخرجه الدارمي (٢٣٥٧)، والترمذي (١٤٥٩)، والطبراني في «الكبير» (١٠٨٤٦)، وابن عدي في «الكامل» ١/ ٢٨١، والدارقطني (٣٢٧٥) و(٣٢٨٠)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٤/ ١٨، والبيهقي ٨/ ٣٩، وابن عبد البر في «التمهيد» ٢٣/ ٤٤٢ من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (٣٢٧٩)، والبيهقي ٨/ ٣٩ من طريق أبي حفص عمر بن عامر التمار، عن عُبيد الله بن الحسن العنبري، والبزار في «مسنده» (٤٨٣٤)، والدارقطني (٣٢٧٩) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة بن دعامة السدوسي، والحاكم ٤/ ٣٦٩ من طريق سعيد بن بشير، ثلاثتهم (عُبيد الله وقتادة وسعيد بن بشير) عن عمرو بن دينار، به. وسكت عنه الحاكم. وهذه متابعات وإن كانت لا تخلو من علة، يتقوى بها الحديث، مع ما له من شاهد سيأتي بعده. قال ابن عبد البر:
استفاض عند أهل العلم قوله ﷺ: «لا يقادُ بالولد الوالدُ» استفاضة هي أقوى من الإسناد، وقال ٢٣/ ٤٣٧: حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والراق مستفيض عندهم، يستغني بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه، حتى يكاد أن يكون الإسناد في مثله لشهرته تكلفًا.

٢٦٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ» (١).

٢٣ - بَاب هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ؟
٢٦٦٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَن
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ» (٢).


(١) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف. حجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن، لكنه متابع.
وأخرجه الترمذي (١٤٥٨) من طريق حجاج بن أرطاة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن الجارود (٧٨٨)، والدارقطني (٣٢٧٤)، والبيهقي ٨/ ٣٨ من طريق محمَّد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به. وقال البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (١٥٧٩٠): إسناده صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٧) و(٣٤٦).
(٢) رجاله ثقات. وقد جاء عند أحمد (٢٠١٠٤) التصريح بعدم سماع الحسن هذا الخبر من سمرة بن جندب. وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في «العلل» ٢/ ٥٨٨: كان علي ابن المديني يقول بهذا الحديث، وأنا أذهب إليه.
وأخرجه أبو داود (٤٥١٥) و(٤٥١٦) و(٤٥١٧)، والترمذي (١٤٧٣)، والنسائي ٨/ ٢٠ - ٢١ و٢١ و٢٦ من طريق قتادة بن دعامة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠١٠٤).

٢٦٦٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ إِسْحَاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَمْدًا مُتَعَمِّدًا، فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِئَةً، وَنَفَاهُ سَنَةً، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (١).

٢٤ - بَاب يُقْتَادُ مِنْ الْقَاتِلِ كَمَا قَتَلَ
٢٦٦٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ


(١) إسناده واهٍ بمرة. إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة -وهو مدني- متروك الحديث. وإسماعيل بن عياش روايته مقبولة عن الشاميين وحدهم. وإبراهيم بن عبد الله بن حُنين لم يسمع عليًا.
وأخرجه أبو يعلى (٥٣١) عن يحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن عياش، بالإسناد الأول.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٣٠٤ ومن طريقه البيهقي ٨/ ٣٦، وأخرجه الحارث ابن أبي أسامة (٥٢٤ - زوائد الحارث) عن عبد الله بن عون، والدارقطني (٣٢٨٣) من طريق عبّاد بن يعقوب، ثلاثتهم (ابن أبي شيبة وابن عون وعباد) عن إسماعيل بن عياش، عن ابن أبي فروة، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب فزاد في الإسناد عبد الله بن حُنين.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٣٠٤، ومن طريقه البيهقي ٨/ ٣٦ عن إسماعيل بن عياش، بالإسناد الثاني.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٣٧، والدارقطني (٣٢٨٢) من طريق محمَّد بن عبد العزيز الرملي، عن إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فذكر في الإسناد الأوزافيَ، بدل ابن أبي فروة. ومحمد بن عبد العزيز ضعيف.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ امْرَأَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَتَلَهَا، فَرَضَخَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ (١).
٢٦٦٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا، فَقَالَ لَهَا: «أَقَتَلَكِ فُلَانٌ؟» فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأسِهَا: أَنْ لَا، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ. فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ حَجَرَيْنِ (٢).


(١) إسناده صحيح. قتادة ة هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه البخاري (٢٤١٣) و(٢٧٤٦) و(٦٨٧٦) و(٦٨٨٤) و(٦٨٨٥)، ومسلم (١٦٧٢)، وأبو داود (٤٥٢٧) و(٤٥٣٥)، والترمذي (١٤٥١)، والنسائي ٨/ ٢٢ من طرق عن قتادة، به.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٦٧٢)، وأبو داود (٤٥٢٨)، والنسائي ٧/ ١٠٠ - ١٠١ و١٠١ من طريق أبي قلابة عبد الله بن زيد الجَرمي، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٧٤١)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٩١) و(٥٩٩٣) من طريق قتادة، وفي «مسند أحمد» (١٢٦٦٧) من طريق أبي قلابة.
وسيأتي بعده من طريق هشام بن زيد، عن أنس.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٢٩٥) و(٦٨٧٧) و(٦٨٧٩)، ومسلم (١٦٧٢)، وأبو داود (٤٥٢٩)، والنسائي ٨/ ٣٥ من طريق شعبة بن الحجاج، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٧٤٨).

٢٥ - بَاب لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ
٢٦٦٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَازِبٍ
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» (١).


(١) إسناده ضعيف جدًا لضعف جابر الجعفي، وجهالة أبي عازب واسمه مسلم ابن عمرو، وقد روي متنُ الحديث بعدة وجوه. وقال البخاري فيما نقله عنه العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ١٥٢: مسلم بن عمرو أبو عازب عن النعمان بن بشير، روى عنه جابر الجعفي، ولا يتابع عليه. وضعفه كذلك البيهقي في «سننه الكبرى» ٨/ ٦٣ بقوله: هذا الحديثُ لم يثبت له إسنادٌ، وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» ٣/ ٢٦٤: هو مختلف في إسناده ولفظه، وضعف الحديث، وسبقه ابن الجوزي في «التحقيق» (١٧٧٥) إلى تضعيفه.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ١٨٤ من طريق أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد والمتن سواء.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٣٢٤٤) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن الثوري، به. ولفظه: «القود بالسيف، ولكل خطأ أرش».
وأخرجه عبد الرزاق (١٧١٨٢)، وابن أبي شيبة ٩/ ٣٤٤، وأحمد (١٨٣٩٥)، وابن أبي عاصم في «الديات» ص٦٠ - ٦١، والطبري في «تفسيره» ٥/ ٢١٦، والدارقطني (٣١٧٦)، والبيهقي ٨/ ٤٢ من طرق عن الثوري، به. ولفظه: «كل شيء خطأ إلا السيف، ولكل خطأ أرش».
وأخرجه الطيالسي (٨٠٢)، ومن طريقه البيهقي ٨/ ٦٢ عن قيس بن الربيع، عن جابر الجعفي، به. ولفظه: «لا قود إلا بحديدة». وقيس ضعيف كذلك.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الديات» ص ٦٠ من طريق حازم بن إبراهيم، عن جابر الجعفي، به. ولفظه: «لا عمد إلا بالسيف». =

٢٦٦٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ، حَدَّثَنَا الْحُرُّ بْنُ مَالِكٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» (١).


= وأخرجه الدارقطني (٣١٧٨) من طريق قيس بن الربيع وزهير بن معاوية، و(٣١٨٠) من طريق ورقاء بن عمر اليشكري، كلاهما عن جابر الجعفي، به. ولفظه: «كل شيء سوى الحديدة فهو خطأ، ...».
وأخرجه الدارقطني (٣١٧٧) من طريق أحمد بن بُديل، عن وكيع، عن الثوري، عن جابر الجعفي، عن عامر، عن النعمان بن بشير. فذكر عامرًا -وهو الشعبي- بدل أبي عازب. وقال الدارقطني: الذي قبله أصح، يعني عن أبي عازب. ولفظه كلفظ المصنف.
وأخرجه الدارقطني (٣١٧٥)، ومن طريقه البيهقي ٨/ ٦٢ - ٦٣ من طريق موسى ابن داود، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن النعمان بن بشير. ولفظه كلفظ المصنف، ومبارك بن فضالة يدلس، وقد عنعن.
وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وعلي بأسانيد واهية، انظرها في «المسند» (١٨٣٩٥). وكذلك يشهد له حديث أبي بكرة الآتي بعده، وإسناده ضعيف كذلك.
ويخالفه حديث أنس السالف قبله وغيرُه.
(١) إسناده ضعيف. مبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن، وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في «العلل»: حديث منكر، وقال البيهقي: هذا الحديث لم يثبت له إسناد. وضعفه كذلك ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (٢٤١١) ردًا على عبد الحق الإشبيلي. وقد روى الحديث أصحاب الحسن البصري الثقات فأرسلوه عنه، وهو الصحيح. قال البزار عقب إخراجه الحديث: لا نعلم أحدًا قال: عن أبي بكرة إلا الحر بن مالك، ولم يكن به بأس، وأحسبه أخطأ في هذا الحديث، لأن الناس يروونه عن الحسن مرسلًا.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٣٦٦٣)، وابن عدي في «الكامل» ٧/ ٢٥٤٣، والدارقطني (٣١٧٤)، والبيهقي ٨/ ٦٣ من طريق مبارك بن فضالة، به. =

٢٦ - بَاب لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ
٢٦٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، لَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ» (١).


= وأخرجه أحمد في «العلل» (٩٧٩)، وابن أبي شيبة ٩/ ٣٥٤، والخطيب في «تاريخ بغداد» ١٤/ ٨٩ من طريق أشعث بن عبد الملك الحمراني، وعبد الرزاق (١٧١٧٩)، وابن أبي شيبة ٩/ ٣٥٤ من طريق عمرو بن دينار، وابن أبي شيبة ٩/ ٣٥٤ من طريق قتادة، وابن حزم في «المحلى» ١٠/ ٤٥١ من طريق يونس بن عُبيد، أربعتهم عن الحسن مرسلًا وهؤلاء كلهم ثقات. ولفظهم جميعًا: «لا قود إلا بحديدة».
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، سليمان بن عمرو بن الأحوص صدوق حسن الحديث، روى عن أبيه، وعن أمه أم جندب، وكلاهما له صجة، وروى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه الترمذي (٣٣٤١)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٨٥) و(١١١٤٩) من طريق شبيب بن غرقدة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٦٤).
ويشهد له حديث طارق المحاربي وحديث الخشخاش العنبري الآتيان بعده.
وانظر تمام شواهده في «المسند».
وسيأتي برقم (٣٠٥٥) ضمن حديث مطوّل.
وقوله: «لا يجني جان إلا على نفسه» قال السندي: معناه لا يتعدى إثمُ جناية أحد إلى غيره، وإن كانت الدية تتحملها العاقلة في الخطأ.

٢٦٧٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ (١)، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ
عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ يَقُولُ: «أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ، أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ» (٢).
٢٦٧١ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ
عَنْ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَمَعِيَ ابْنِي فَقَالَ: «لَا تَجْنِي عَلَيْهِ، وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ» (٣).


(١) في أصولنا الخطية وكذا المطبوع: يزيد بن أبي زياد، وهو خطأ، وجاء على الصواب في «مصنف ابن أبي شيبة» ١٤/ ٣٠٠، وهو شيخ المصنف في هذا الحديث، وجاء أيضًا على الصواب في «التحفة» للمزي (٤٩٩٠). ويزيد بن زياد راوي هذا الحديث: هو ابن أبي الجعد الأشجعي الكوفي.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي ٨/ ٥٥ من طريق الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد، به.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٥٦٢).
(٣) حديث صحيح. وهذا إسناد منقطع بين يونس بن عبيد وحصين، وقد رواه هثيم -وهو ابن بشير- مرة كذلك، ورواه مرة أخرى وزاد بين يونس وبين حُصين: الوليد ابن مسلم العنبري، وهو ثقة.
فأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٧/ ٤٧، والطبراني في «الكبير» (٤١٧٧)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ٢/ ١٣٦ من طريق هثيم، بهذا الإسناد مقطعًا.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٢٢٥ - ٢٢٦ عن قيس بن حفص، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٢٠٤)، وفي «الديات» ص ١٢٠ عن =

٢٦٧٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ الْقَطَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى» (١).


= إسماعيل بن سالم الصائغ، كلاهما، عن هشيم، بهذا الإسناد متصلًا. وقال المزي في ترجمة حصين، وهو الصحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٠٣١) غير أنه مرة رواه منقطعًا، ومرة رواه متصلًا لكنه قال: أخبرني مخبرٌ ولم يُسمَّه.
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. أبو العوام القطان -وهو عمران بن داوَر- حديثه حسن في الشواهد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٤٨٤)، وابن حزم في «حجة الوداع» (١٩١)،
والضياء المقدسي في «المختارة» (١٣٨٩) من طريق عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث طارق المحاربي وحديث الخشخاش العنبري السالفان قبله.
وقوله: «لا تجني نفس على أخرى» قال المناوي: أي: لا يُؤاخذ أحد بجناية أحد ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [فاطر: ١٨] قال القاضي: خبر في معنى النهي وفيه مزيد تأكيد، لأنه كان نهاه، فقصد أن ينتهي فأخبر عنه، وهو الداعي إلى العدول عن صيغة النهي إلى صيغة الخبر، ونظيره إطلاق لفظ الماضي في الدعاء، ولمزيد التأكيد والحث على الانتهاء أضاف الجناية إلى نفسه، والمراد به الجناية على الغير، لأنها لما كانت سببًا للجناية عليه قصاصًا ومجازاة كالجناية على نفسه أبرزها على ذلك، ليكون أدعى إلى الكف، وأمكن في النفي لتضمنه ما يدل على المعنى الموجب للنهي، وقد كانوا في الجاهلية يقودون بالجناية من يجدونه من الجاني وأقاربه الأقرب فالأقرب، وعليه الآن ديدن أهل الجفاء من سكان البوادي والجبال (قلت: ومن أهل المدن أيضًا يأخذون البريء بالجاني إذا كان يَمُت إليه بصلة القرابة والله المستعان).

٢٧ - بَابُ الْجُبَارِ
٢٦٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ» (١).


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٤٩٩) و(٦٩١٢)، ومسلم (١٧١٠)، وأبو داود (٤٥٩٣)، والترمذي (٦٤٧) و(١٤٣١) و(١٤٣٢)، والنسائي ٥/ ٤٥ من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه البخاري (١٤٩٩) و(٢٣٥٥) و(٦٩١٢) و(٦٩١٣)، ومسلم (١٧١٠)، وأبو داود (٤٥٩٣)، والترمذي (٦٤٧) و(١٤٣١) و(١٤٣٢)، والنسائي ٥/ ٤٥ من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٦٠٠٥).
وقوله: «المعجماء جبار» العجماء: البهيمة، قال أبو عبيد في «غريب الحديث» ١/ ٢٨١ - ٢٨٢: وإنما سُميت عجماء، لأنها لا تتكلم، وكذلك كل من لا يقدر على الكلام فهو أعجم، وأما الجبار، فهو الهدر، وإنما جعل جرح العجماء هدرًا إذا كانت منفلتة ليس لها قائد ولا سائق ولا راكب، فإن كان معها واحد من هؤلاء الثلاثة، فهو ضامن، لأن الجناية حينئذ ليس للعجماء، إنما هي جناية صاحبها الذي أوطاها الناس.
وقوله: «البئر جبار»: هي البئر يستأجر عليها صاحبها رجلًا يحفرها في ملكه، فتنهار على الحافر، فليس على صاحبها ضمان، وقيل: هي البئر العادية القديمة التي لا يعلم لها حافر ولا مالك تكون في البوادي فيقع فيها الإنسان أو الدابة، فذلك هدر.
وأما قوله: «والمعدن جبار، فإنها هذه المعادن التي يستخرج منها الذهب والفضة، فيجيء قوم يحفرونها بشيءِ مسمَّى لهم، فربما انهار المعدن عليهم فقتلهم، فيقول: دماؤهم هدر، لأنهم عملوا بأجرة.
وانظر لزامًا»شرح السنة«٦/ ٥٧ - ٥٨ و٨/ ٢٣٦ - ٢٣٩ و»فتح الباري" ١٢/ ٢٥٤ - ٢٥٨.

٢٦٧٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَار» (١).
٢٦٧٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ الْمَعْدِنَ جُبَارٌ، وَالْبِئْرَ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءَ جَرْحُهَا جُبَارٌ (٢).
وَالْعَجْمَاءُ: الْبَهِيمَةُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا، وَالْجُبَارُ: هُوَ الْهَدْرُ الَّذِي لَا يُغَرَّمُ.
٢٦٧٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ


(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف كثير بن عبد الله، فقد ضعفه الأكثرون، وحسن الرأيَ فيه الإمامان البخاريُّ والترمذيُّ، ولضعف خالد بن مخلد -وهو القَطَواني-.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٧/ (٦)، وابن عدي في «الكامل» ٦/ ٢٠٧٩ من طريق كثير بن عبد الله، به.
ويشهد له حديث أبي هريرة السالف قبله.
(٢) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، لأن إسحاق بن يحيى بن الوليد لم يدرك جده عبادة فيما قاله الترمذي، والفُضيل بن سُليمان ليَّن الحديث.
وأخرجه أبو عوانة (٦٣٧٣)، وابن عدي في «الكامل» ١/ ٣٣٣ من طريق فضيل بن سُليمان، بهذا الإسناد.
وهو من زيادات عبد الله بن أحمد على أبيه في «المسند» (٢٢٧٧٨).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «النَّارُ جُبَارٌ» (١).

٢٨ - بَابُ الْقَسَامَةِ
٢٦٧٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ بن حنيف، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ
عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَأُلْقِيَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ بِخَيْبَرَ، فَأَتَى يَهُودَ، فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، فقَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْه - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ -وَهُوَ الَّذِي كَانَ


(١) حديث صحيح. أحمد بن الأزهر متابع. همام: هو ابن منبه.
وأخرجه أبو داود (٤٥٩٤) عن محمَّد بن المتوكل، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٥٧) عن أحمد بن سعيد، كلاهما عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٤٥٩٤) من طريق عبد الملك الصنعاني، عن معمر، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٢٥٢) عن عبد الرزاق.
قال الخطابي في «غريب الحديث» ١/ ٦٠١: وهذا يُتأول على وجوه: أحدها أن يكون معناه إباحة النار واقتباسها من غير إذن موقدها، وأنه إذا أخذ منها جذوة لم يلزمه لها قيمة. وقال بعضهم: تأويله النار تطير بها الريح، فتحرق متاعا لقوم، يريد أنه لا بلزم موقدَها غرامةٌ. ومنهم من فرق بين النار يوقدها رجلٌ ليصطليَ بها، أو يشتوي عليها لحما، وبين أن يوقدها عبثًا لا لأرب، فرأى ما تجني تلك هدرًا، وفيما تجني هذه الغرامة.

بِخَيْبَرَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمُحَيِّصَةَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ» فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟» قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِائَةَ نَاقَةٍ، حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمْ الدَّارَ (١).
فقَالَ سَهْلٌ: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ.
٢٦٧٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٦٦٩) عن إسحاق بن منصور، عن بشر بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٧١٩٢)، وأبو داود (٤٥٢١)، والنسائي ٨/ ٥ - ٧ من طرق عن مالك، به. غير أنهم قالوا: عن سهل بن أبي حَثْمة ورجال من كُبراء قومه.
وأخرجه البخاري (٣١٧٣) و(٦١٤٢) و(٦١٤٣) و(٦٨٩٨)، ومسلم (١٦٦٩)، وأبو داود (١٦٣٨) و(٤٥٢٣)، والنسائي ٨/ ٩ - ١٠ و١١ و١٢ من طريق بشير بن يَسار، عن سهل بن أبي حثمة. وقرن بعضُهم بسهلِ رافعَ بن خَديج، وزاد بعضهم في روايته: «تأتون بالبينة على من قتله».
وهو في «مسند أحمد» (١٦٠٩١) و(١٦٠٩٧).

عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ ابْنَيْ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ سَهْلٍ، خَرَجُوا يَمْتَارُونَ بِخَيْبَرَ، فَعُدِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقُتِلَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ:»تُقْسِمُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟ «فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُقْسِمُ وَلَمْ نَشْهَدْ؟ قَالَ:»فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ؟ «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا تَقْتُلَنَا. قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ» (١).

٢٩ - بَاب مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَهُوَ حُرٌّ
٢٦٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ إِسْحَاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، حجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن، لكن تابعه ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» ٣/ ٣٧٠ - ٣٧١ وصرح بالتحديث، فالإسناد من طريقه حسن.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٥٨٦) من طريق محمَّد بن إسحاق، به.
وأخرجه النسائي ٨/ ١٢ من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلًا على أبواب خيبر، فقال رسول الله ﷺ: «أقم شاهدين على من قتله أدفعه إليكم برُمته»، قال: يا رسول الله، ومن أين أصيب شاهدين؟ وإنما أصبح قتيلًا على أبوابهم، قال: «فتحلفُ خمسين قسامة؟» قال: يا رسول الله، وكيف أحلف على ما لا أعلم، فقال رسول الله ﷺ: «فنستحلف منهم خمسين قسامة». فقال: يا رسول الله، كيف نستحلفهم وهم اليهود، فقسم رسول الله ﷺ ديته عليهم وأعانهم بنصفها.
ويشهد له حديث سهل بن أبي حثمة عن رجال من كبراء قومه السالف قبله.

عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ خْصَى (١) غُلَامًا لَهُ، فَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْمُثْلَةِ (٢).
٢٦٨٠ - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ صَارِخًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: سَيِّدِي رَآنِي أُقَبِّلُ جَارِيَةً لَهُ فَجَبَّ مَذَاكِيرِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَيَّ بِالرَّجُلِ». فَطُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» قَالَ: عَلَى مَنْ نُصْرَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَرَقَّنِي مَوْلَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَوْ مُسْلِمٍ» (٣).


(١) في (ذ) و(م): أخصى.
(٢) إسناده ضعيف جدًا. إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك الحديث.
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في «مسنده» كما في «مصباح الزجاجة» ص ١٧١، والطبراني في «الكبير» (٥٣٠٢)، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة زنباع بن روح الجذامي ٩/ ٣٩٢ - ٣٩٣ من طريق عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد.
ويغني عنه ما بعده.
(٣) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف. أبو حمزة الصيرفي -واسمه سوّار بن داود- ضعيف يعتبر به، وقد توبع.
فأخرجه أبو داود (٤٥١٩) من طريق أبي حمزة الصيرفي سوّار بن داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (١٧٩٣٢)، ومن طريقه الطبراني في «الكبير» (٥٣٠١) عن معمر وابن جريج، عن عمرو بن شعيب، به. وابن جريج مدلس وقد عنعن، لكن الإسناد من طريق معمر حسن. =

٣٠ - بَاب أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ
٢٦٨١ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَعَفًّ (١) النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلَ الْإِيمَانِ» (٢).


= وهو في «مسند أحمد» (٦٧١٠) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب!!
وأخرجه ابن عبد الحكم في «فتوح مصر» ص ١٣٧ من طريق عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، وابن منده فيما ذكره الحافظ في «الإصابة» في ترجمة زنباع من طريق المثنى بن الصباح، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به.
وأخرج البزار (١٣٩٤)، والطبراني في «الكبير» (٦٧٢٦) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، عن عبد الله بن سندر، عن أبيه: أنه كان عند الزنباع بن سلامة الجذامي، فعتب عليه، فخصاه وجدعه، فأتى النبي ﷺ فأخبره، فاغلظ لزنباع القول، وأعتفه منه، فقال؟ أوص بي يا رسول الله، فقال: «أوصي بك كل مسلم». وذكره ابن عبد الحكم في «فتوح مصر» ص ١٣٨ عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وقد بين الحافظ أن عبد الله بن سندر له صحبة أو رؤية ما دام والده خُصِي في زمن النبي ﷺ«. انظر»الإصابة«٢/ ٣٢٢.
وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم (١٦٥٧) وغيره بلفظ:»من ضرب غلاما له حدًا لم يأته، أو لطمه، فإن كفارته أن يُعتقه«.
وعن سويد بن مقرن عند مسلم أيضًا (١٦٥٨) وغيره.
(١) في (ذ): إن من أعف.
(٢) حديث حسن. وقد اختُلف في رفعه روقفه كما بيناه في»المسند«(٣٧٢٨) و(٣٧٢٩)، و»صحيح ابن حبان" (٥٩٩٤). =

٢٦٨٢ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُنَيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ
عن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ» (١).

٣١ - بَاب الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ
٢٦٨٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ


= وأخرجه أبو داود (٢٦٦٦) عن محمَّد بن عيسى وزياد بن أيوب، عن هشيم، عن مغيرة، عن شباك الضبي، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود. فزاد في الإسناد هُنيا بين إبراهيم وعلقمة. وهني هذا روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في «الثقات» ووثقه العجلي، وقال أبو داود: كان من العباد.
وفي الباب عن شداد بن أوس عند مسلم (١٩٥٥) رفعه «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم، فاحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبح، وليحد أحدُكم شفرته وليرح أحدكم ذبيحته».
قوله: «أعف الناس قِتلة أهل الإيمان» قال الإمام المناوي المتوفى سنة (١٠٢٩هـ) في كتابه «فيض القدير» شرح الجامع الصغير ٢/ ٧: هم أرحمُ الناس بخلق الله، وأشدهم تحريًا عن التمثيل والتشويه بالمقتول، وإطالة تعذيبه إجلالًا لخالقهم، وامتثالًا لما صدر عن صدر النبوة من قوله: «فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة» بخلاف أهل الكفر، وبعض أهل الفسوق ممن لم تذق قلوبهم حلاوة الإيمان واكتفوا من مسماه بلقلقة اللسان، وأشربوا القسوة حتى أُبعِدوا عن الرحمن وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، ومن لا يَرحم لا يُرحم.
(١) حديث حسن كسابقه.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُرَدُّ عَلَى أَقْصَاهُمْ» (١).
٢٦٨٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ، عَنْ الْحَسَنِ


(١) إسناده ضعيف جدًا. حَنَش -وهو الحسين بن قيس الرحبي- متروك الحديث.
ويغني عنه حديث علي بن أبي طالب عند أحمد (٩٩٣)، وأبى داود (٤٥٣٠)، والنسائي ٨/ ١٩ وإسناده صحيح.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (٧٠١٢)، وسيأتي برقم (٢٦٨٥).
وحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب عند ابن حبان (٥٩٩٦)، وبحشل في «تاريخ واسط» ص ١٦٤ - ١٦٥. وإسناده حسن.
وحديث عائشة عند ابن أبي عاصم في «الديات» ص ٥٩، وأبي يعلى (٤٧٥٧)، والبيهقي ٨/ ٢٩.
وقوله: «تتكافأ دماؤهم»: يعني أن أحرارَ المسلمين دماؤهم متكافئة في وجوب القصاص والقوَد لبعضهم من بعض لا يفضل منهم شريفٌ على وضيع.
وقوله: «ويرد على أقصاهم» وفي رواية: «ويجير عليهم أقصاهم»، معناه: أن بعض المسلمين وان كان قاصي الدار إذا عقد للكافر عقدًا لم يكن لأحد منهم أن ينقضه وإن كان أقرب دارا من المعقود له. وهذا إذا كان العقد والذمة منه لبعض الكفار دون عامتهم، فإنه لا يجوز له عقد الأمان لجماعتهم وإنما الأمر في بذل الأمان وعقد الذمة للكافة منهم إلى الإمام على سبيل الاجتهاد وتحري المصلحة.
وقوله: «يسعى بذمتهم أدناهم» معناه أن العبد ومن كان في معناه من الطبقة الدنيا كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم إذا أجاروا كافرًا أُمضي جوارهم ولم تُخفَر ذمتُهم. قاله الخطابي في «شرح السُّنن» ٢/ ٣١٣ - ٣١٤.

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» (١).
٢٦٨٥ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيل، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَدُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ (٢)، وَيُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَقْصَاهُمْ» (٣).


(١) إسناده ضعيف جدًا. عبد السلام بن أبي الجنوب متروك الحديث.
وأخرجه الطبراني في «الكبير»٢٠/ (٤٧١)، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٩٦٨ من طريق عبد السلام بن أبي الجنوب، به.
والصحيح أنه عن الحسن البصري مرسلًا، فقد أخرجه عبد الرزاق (١٨٥٠٦) من طريق أبي قزعة سويد بن حُجير، وابن أبي شيبة ٩/ ٤٣٢ عن أبي الأشهب جعفر ابن حيان العطاردي، كلاهما عن الحسن أن النبي ﷺ قال: ... ورجاله ثقات.
ويغي عنه الأحاديث السالفة الذكر عند الحديث السابق.
(٢) زاد في (ذ) و«مصاح الزجاجة» والمطبوع: وأموالهم.
(٣) صحيح لغيره، وعبد الرحمن بن عياش -وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش، وإن كان ضعيفًا- تابعه يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن إسحاق وغيرهما، فالإسناد من طريقهم حسن.
وأخرجه الطيالسي (٢٢٥٨)، وابن أبي شيبة ٩/ ٤٣٢، والبيهقي ٨/ ٢٨ من طريق خليفة بن خياط، وأبو داود (٢٧٥١)، وابن الجارود (٧٧١) و(١٠٧٣)، والبيهقي ٨/ ٢٩ من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، وأحمد (٦٦٩٢)، وأبو داود (٢٧٥١)، وابن الجارود (١٠٥٢)، وابن خزيمة (٢٢٨٠)، والبيهقي ٦/ ٣٣٥ و٨/ ٢٩ و٩/ ٥١ من طريق محمَّد بن إسحاق، ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب، به. وصرح ابن إسحاق بالسماع عند البيهقي.

٣٢ - بَابُ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا
٢٦٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا، لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَتوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» (١).
٢٦٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، أخبرنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فلا يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا» (٢).


(١) إسناده صحيح. الحسن بن عمرو: هو الفُقَيمي، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.
وأخرجه البخاري (٣١٦٦) و(٦٩١٤) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، به.
وأخرجه النسائي ٨/ ٢٥ من طريق مروان بن معاوية، عن الحسن بن عمرو الفُقَيمي، عن مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. فزاد في الإسناد جنادة بن أبي أمية الثفة، ومجاهد لا يعرف بتدليس فيُحمل على أنه سمع من جنادة ثم سمع من عبد الله بن عمرو إذ إن سماعه منه ثابتٌ كما قال الحافظ في «الفتح» ٦/ ٢٧٠.
وهو في «مسند أحمد» (٦٧٤٥) من طريق مروان بن معاوية -يعني بزيادة جنادة في إسناده.
(٢) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف معدي بن سُليمان. وقد روي عن أبي هريرة من وجه آخر صحيح. =

٣٣ - بَاب مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ
٢٦٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ
عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ الفِتْيَانِيِّ، قَالَ: لَوْلَا كَلِمَةٌ سَمِعْتُهَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ، لَمَشَيْتُ فِيمَا بَيْنَ رَأْسِ الْمُخْتَارِ وَجَسَدِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (١).
٢٦٨٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا أَبُو لَيْلَى، عَنْ أَبِي عُكاشَةَ


= وأخرجه الترمذي (١٤٦١)، وأبو يعلى (٦٤٥٢)، والحاكم ٢/ ١٢٧ من طريق معدي بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٦٦٣)، والإسماعيلي في «معجم شيوخه» ٣/ ٧٢٥ (٣٤١)، والسهمي في «تاريخ جرجان» ص ٣٢٣ من طريقين عن عيسى بن يونس، عن عوف الأعرابي، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح.
وانظر ما قبله.
تنبيه: كنا قد صححناه لغيره في الترمذي، وذلك لعدم وقوفنا على طريق الإسماعيلي والسهمي الصحيح، فيُستدرك من هنا.
(١) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٦٨٦ - ٨٦٨٨) من طرق عن عبد الملك بن عُمير، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢١٩٤٦)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٨٢).

عَنْ رِفَاعَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي قَصْرِهِ، فَقَالَ: قَامَ جِبْريل مِنْ عِنْدِيَ السَّاعَةَ، فَمَا مَنَعَنِي مِنْ ضَرْبِ عُنُقِهِ إِلَّا حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَمِنَكَ الرَّجُلُ عَلَى دَمِهِ، فَلَا تَقْتُلْهُ»، فَذَاكَ الَّذِي مَنَعَنِي مِنْهُ (١).

٣٤ - بَاب الْعَفْوِ عَنْ الْقَاتِلِ
٢٦٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَدَفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْوَلِيِّ: «أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ» قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلَهُ. قَالَ: وَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ، فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ، فَسُمِّيَ ذَا النِّسْعَةِ (٢).


(١) إسناده ضعيف لضعف أبي ليلى- واسمه عبد الله بن ميسرة، وجهالة أبي عكاشة -وهو الهمداني- رفاعة: هو ابن شداد البجلي.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٣٢٣، وابن عدي في «الكامل» ٤/ ١٤٨٩ من طرق عن أبي ليلى عبد الله بن ميسرة، به.
وأخرجه ابن عدي ٤/ ١٤٨٩ من طريق عبد الصمد بن النعمان، عن عبد الله ابن ميسرة، عن أبي عكاشة، عن سليمان بن صرد. فلم يذكر في إسناده رفاعة.
ورواه الفُضَيل بن ميسرة -فيما ذكر المزي في «تهذيبه» ٩/ ٢٠٦ في ترجمة رفاعة- عن أبي حَريز، عن سليمان بن مسهر. قال المزي: وكلاهما وهم، أي: رواية عبد الله بن ميسرة والفضيل بن ميسرة.
(٢) إسناده صحيح. =

٢٦٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ النَّحَّاسِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ بِقَاتِلِ وَلِيِّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ له النَّبِيُّ ﷺ: «اعْفُ» فَأَبى، فَقَالَ: «خُذْ أَرْشًا» فَأَبَى، قَالَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ». قَالَ: فَلُحِقَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ قَالَ: «اقْتُلْهُ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ». فَخَلَّى سَبِيلَهُ. قَالَ: فَرُئِيَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ ذَاهِبًا إِلَى أَهْلِهِ. قَالَ: كَأَنَّهُ قَدْ كَانَ أَوْثَقَهُ (١).


= وأخرجه أبو داود (٤٤٩٨)، والترمذي (١٤٦٥)، والنسائي ٨/ ١٣ من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وهو في «شرح مشكل الآثار» (٩٤٤).
وقوله: «أما أنه إن كان صادقًا ثم قتلته دخلت النار» أفاد الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» ٢/ ٤٠٣ أن ذلك لأن البينة قامت على قتل أخيه بفعل ظاهره العمد، والمدعى عليه كان أعلم بنفسه أنه غير عامد، فقوله: «كنت مثله» يعني أنه في الظاهر من أهل النار، فإن كان صادقًا في عدم القصد فقتلته كنت أيضًا من أهل النار.
(١) إسناده صحيح. ابن شوذَب: هو عبد الله. وعيسى بن يونس: هو الفاخوري.
وأخرجه النسائي ٨/ ١٧ عن عيسى بن يُونس، بهذا الإسناد.
وهو في «شرح مشكل الآثار» (٩٤٢).
وفي الباب عن وائل بن حجر عند مسلم (١٦٨٠).
قوله: «إن قتلته فأنت مثله» قيل في تأويله إن قتلته فأنت مثله في أنه لا إثم ولا حرج على واحد منكما، لأنك فعلت في القصاص مالك أن تفعله، والقاتل -إن أراد القتل- كفارةٌ له فيرتفع عنه الإثم والحرج أيضًا. انظر «شرح مشكل الآثار» ٢/ ٤٠٠ - ٤٠٥ وقال ابن قتيبة: ولم يرد أنه مثله في المأثم واستيجاب النار إن قتله، =

قَالَ أَبُو عُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: فَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَقُولَ: «اقْتُلْهُ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ».
قَالَ ابْنُ مَاجَه: هَذَا حَدِيثُ الرَّمْلِيِّينَ، لَيْسَ إِلَّا عِنْدَهُمْ (١).

٣٥ - بَاب الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ
٢٦٩٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ تبْنُ بَكْرٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ - قَالَ:
لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: مَا رُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْءٌ فِيهِ الْقِصَاصُ، إِلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ (٢).
٢٦٩٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ:


= وكيف يريد هذا وقد أباح الله قتله بالقصاص، ولكنه كره له أن يقتص وأراد له العفو، فأوهمه أنه إن قتله كان مثله في الإثم ليعفو عنه، وكان مراده أنه يقتل نفسًا كما قتل الأول نفسًا، فهذا قاتل وهذا قاتل، فقد استويا في قاتل وقاتل، إلا أن الأول ظالم والآخر مقتص. انظر «مختلف الحديث» ص ٢٧٩.
وقال ابن فرحون -وهو مالكي- في «تبصرة الحكام» ٢/ ٢٠١: فمما تجب فيه العقوبة والكفارة والغُرم كقتل العمد إذا عفي فيه على الدية، فإنه يجب على القاتل الدية ويستحب له الكفارة، ويُضرب مئة سوط، ويحبس سنة.
(١) قول ابن ماجه هذا ليس في أصولنا الخطية الثلاثة، وجاء على هامش (ذ)، وهو في بعض النسخ المتأخرة وفي المطبوع.
(٢) إسناده قوي من أجل عبد الله بن بكر المزني، فهو صدوق لا بأس به.
وأخرجه أبو داود (٤٤٩٧)، والنسائي ٨/ ٣٧ و٣٧ - ٣٨ من طريق عبد الله بن بكر المزني، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٢٢٠).

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهِ خَطِيئَةً» (١).
سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي.

٣٦ - بَاب الْحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ
٢٦٩٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ ابْنِ أَنْعُمَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، لأن أبا السفَر -واسمه سعيد ابن يُحمِد- لم يسمع من أبي الدرداء، كما قال البخاري في «العلل الكبير» ٢/ ٩٦٢.
وأخرجه الترمذي (١٤٥٠) من طريق يونس بن أبي إسحاق، به. وقال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا أعرف لأبي السفر سماعًا من أبي الدرداء.
وأخرجه بنحوه سعيد بن منصور (٧٦٢ - قسم التفسير)، وابن أبي عاصم في «الديات» ص ٥٧ - ٥٨، وأبو يعلى (٦٨٦٩)، والطبري في «تفسيره» ٦/ ٢٦٢، وابن مردويه في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» ٣/ ١١٧ من طريق عمران بن ظبيان، عن عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصار. وجاء عند ابن أبي عاصم آخر الحديث: قال: يقولون: إن الرجل هو أبو الدرداء. قلنا: وعمران بن ظبيان يُحسَّن حديثه في الشواهد والمتابعات، وقد توبع.
وفي الباب عن عُبادة بن الصامت عند أحمد (٢٢٧٠١)، والنسائي في «الكبرى» (١١٠٨١)، ورجاله ثقات، وانظر تمام شواهده في «المسند».
ويشهد له أيضًا قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ [المائدة: ٤٥].
وقد ذكر الله عز وجل في معرض مدح المتقين صفةَ العفو بقوله: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، وقال أيضًا: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣].

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْمَرْأَةُ إِذَا قَتَلَتْ عَمْدًا، لَا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، إِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَحَتَّى تكَفِّلَ وَلَدَهَا، وَإِنْ زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، وَحَتَّى تكَفِّلَ وَلَدَهَا» (١).


(١) إسناده ضعيف. ابن أنعُم -وهو عبد الرحمن بن زياد- وابن لهيعة -وهو عبد الله-، وأبو صالح -وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث -ثلاثتهم ضعفاء. وأخرج الطبراني في «الكبير» (٧١٣٨) عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن عبد الله بن صالح أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك ٢٠/ (١٣٥) من طريق رشدين بن سعد، عن ابن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنْم، عن أبي عُبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل. فزاد في الإسناد عتبة بن حميد بين عبادة وابن أنعم، ورشدين ضعيف وكذا عتبة بن حميد -وهو الضبي-.
وقد صح عنه ﷺ أنه قال للغامدية وقد أقرت بالزنى وأنها حُبلى: «حتى تضعي ما في بطنِك» فكفَلَها رجل من الأنصار حتى وضعت، فأتى النبي فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: «إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغرًا ليس له من يُرضعُه»، فقام رجل من الأنصار فقال: إليَّ رضاعه يا نبي الله، فرجمها. أخرجه مسلم (١٦٩٥) (٢٢) من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه.
وروي أيضًا من حديث عمران بن حصين في قصة امرأة من جهينة اعترفت بالزنى، أخرجه كذلك مسلم (١٦٩٦)، وهو في «مسند أحمد» (١٩٩٥٤).
وليس في هذين الحديثين الصحيحين ذكر الانتظار حتى الفطام، بل وقع في حديث سليمان بن بريدة عن أبيه أنه ﷺ دفع الصغير إلى رجل من الأنصار بعد أن وضعته أمه.
وقد جاء ذكر الانتظار حتى الفطام في حديث بشير بن مهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه عند مسلم (١٦٩٥) (٢٣) وغيره، وبشير بن مهاجر ضعيف لا يحتمل تفرده بمثل ذلك، كيف وقد خالف. =

 


google-playkhamsatmostaqltradent