١ - باب: فضائل أصحاب النبي ﷺ ورضي الله عنهم.
ومن صحب النبي ﷺ، أو رآه من
المسلمين، فهو من أصحابه.
٣٤٤٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ رضي الله عنهما يقول: حدثنا أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يأتي على
الناس زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقولون: فيكم من صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟
فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل
فيكم من صاحب أصحاب رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس
زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله ﷺ؟
فيقولون: نعم، فيفتح لهم).
[ر: ٢٧٤٠]
(فئام) جماعة من الناس، لا واحد له من لفظه.
٣٤٥٠ - حدثنا إسحاق: حدثنا النضر: أخبرنا
شعبة، عن أبي جمرة: سمعت زهدم بن مضرب: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله
عنهما يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(خير أمتي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه
قرنين أو ثلاثا - ثم إن بعدكم قوما يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ،
وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن).
[ر: ٢٥٠٨]
٣٤٥١ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان،
عن مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ
قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ
يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ
شَهَادَتَهُ).
قَالَ إبراهيم: وكانوا يضربوننا على
الشهادة والعهد ونحن صغار.
[ر: ٢٥٠٩]
٢ - باب: مناقب المهاجرين وفضلهم.
منهم أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة
التيمي رضي الله عنه.
وقول الله تعالى: ﴿للفقراء المهاجرين
الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله
أولئك هم الصادقون﴾ /الحشر: ٨/. وقال: ﴿إلا تنصروه فقد نصره الله - إلى قوله - إن
الله معنا﴾ /التوبة: ٤٠/. قالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله عنهم:
وكان أبو بكر مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي
الغار.
[ر: ٣٦٩٢]
(أخرجوا) أخرجهم كفار قريش من مكة. (يبتغون
فضلا) يطلبون بهجرتهم فضل الله وغفرانه. (وينصرون الله) وينصرون دين الله تعالى
وشرع نبيه ﷺ. (إلا تنصروه) أي إلا تنصروا محمدا ﷺ بقتالكم معه ودفاعكم عنه وعن
شريعته. (نصره الله) تولى نصره وحفظه. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿إذ أخرجه الذين كفروا
ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن﴾. (أخرجه الذين كفروا) يوم
الهجرة. (ثاني اثنين) أحد الاثنين، وهما الرسول ﷺ وأبو بكر رضي الله عنه.
(الغار)
نقب في أعلى جبل ثور القريب من مكة. (لا تحزن) لا تخف. (معنا) بنصرته وعونه وحفظه.
٣٤٥٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:
اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب
رحلا بثلاثة عشر درهما، فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمل إلي رحلي، فقال
عازب: لا، حتى تحدثنا: كيف صنعت أنت ورسول الله ﷺ حين خرجتما
من مكة، والمشركون يطلبونكم؟ قال:
ارتحلنا من مكة، فأحيينا، أو: سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة،
فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا صخرة، أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته،
ثم فرشت للنبي ﷺ فيه، ثم قلت له: اضطجع يا نبي الله، فاضطجع النبي ﷺ، ثم انطلقت
أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة،
يريد منها الذي أردنا، فسألته فقلت له: لمن أنت يا غلام، قال: لرجل من قريش، سماه
فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قال: نعم، قلت: فهل أنت
حالب لبنا لنا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ،
ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ
يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، ضرب إحدى كفيه بالأخرى، فحلب لي كُثْبَةً
مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِدَاوَةً
⦗١٣٣٧⦘
عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ
عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فانطلقت بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
فوافقته قد استيقظ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رضيت،
ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله؟ قال: (بلى). فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم
يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن خعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا
يا رسول الله، فقال: (لا تحزن إن الله معنا).
[ر: ٢٣٠٧]
٣٤٥٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ:
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثابت، عن أنس، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ:
قلت للنبي ﷺ وأنا في الغار: لو أن
أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما).
[٣٧٠٧،
٤٣٨٦]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم: ٢٣٨١. (أحدهم) أحد المشركين. (ما ظنك)
ما تقديرك لحالهما. (ثالثهما) بالمعونة والنصرة.
٣ - باب: قول النبي ﷺ: (سدوا الأبواب، إلا باب أبي
بكر).
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٤٥٥]
٣٤٥٤ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حدثنا فليح قال: حدثني سالم أبو النضر، عَنْ
بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قال:
خطب رسول الله ﷺ الناس وقال: (إِنَّ
اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ ما عنده، فاختار ذلك العبد ما
عند الله). قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه: أن يخبر رسول الله ﷺ عن عبد خير،
فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: (إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير
ربي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ،
لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إلا باب أبي بكر).
[ر: ٤٥٤]
٤ - باب: فضل أبي بكر بعد النَّبِيِّ ﷺ.
٣٤٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سليمان، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
كُنَّا نخير بين الناس فِي زَمَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم.
[٣٤٩٤]
(نخير بين الناس) نقول فلان خير من فلان.
٥ - باب: قول النبي ﷺ: (لو كنت متخذا خليلا).
قاله أبو سعيد. [ر: ٤٥٤]
٣٤٥٦ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي
الله عنهما:
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لو كنت
متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي).
٣٤٥٧ - حدثنا معلى بن أسد وموسى قالا: حدثنا
وهيب، عن أيوب،
وقال: (لو كنت متخذا خليلا لتخذته
خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل).
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ مثله.
[ر: ٤٥٥]
٣٤٥٨ - حدثنا سليمان بن حرب: أخبرنا حماد بن
زيد، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قال:
كتب أهل الكوفة إلى ابن الزبير في
الجد، فقال: أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا
مِنْ هَذِهِ الأمة خليلا لاتخذته). أنزله أبا، يعني أبا بكر.
(في الجد) في مسألة الجد وميراثه. (أما الذي
..) أي قال في حقه رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذَا القول. (أنزله أبا) أي جعل الجد كالأب
في استحقاق الميراث وحده دون الأخوة.
٣٤٥٩ - حدثنا الحميدي ومحمد بن عبد الله
قالا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قال:
أتت امرأة النبي ﷺ، فأمرها أن ترجع
إليه، قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ كأنها تقول: الموت، قال ﷺ: (إن لم تجديني فأتي
أبا بكر).
[٦٧٩٤،
٦٩٢٧]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم: ٢٣٨٦. (تقول الموت) تعرض بالموت
وتعنيه، أي كأنها تقول: لعلك مت قبل أن أرجع؟ ولم تصرح بذلك أدبا.
٣٤٦٠ - حدثني أحمد بن أبي الطيب: حدثنا
إسماعيل بن مجالد: حدثنا بيان بن بشر، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن همام قال: سمعت
عمارا يَقُولُ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وما معه
إلا خمسة أعبد وامرأتان، وأبو بكر.
[٣٦٤٤]
(وما معه) من يؤمن به ويعتنق الإسلام.
٣٤٦١ - حدثني هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ:
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ: حدثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن
عائذ الله أبي إدريس، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ:
كنت جالسا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ
أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه، حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي ﷺ: (أما صاحبكم فقد
غامر). فسلم وقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته
أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك، فقال: (يغفر الله لك يا أبا بكر). ثلاثا، ثم إن
عمر ندم فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثم أبو بكر، فقالوا: لا، فأتى إلى النبي ﷺ
فسلم، فجعل وجه النبي ﷺ يتمعر، حت أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول
الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين، فقال النبي ﷺ: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت،
وقال أبو بكر صدق. وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي). مرتين، فما
أوذي بعدها.
[٤٣٦٤]
(أبدى) أظهر. (صاحبكم) يعني أبا بكر رضي الله
عنه. (غامر)
رمى بنفسه في الأمور الخطرة. (فأسرعت إليه) بالكلام الغليظ. (يتمعر) يتغير لونه من
الضجر. (واساني) من المواساة، وهي التسلية والسعي في إزالة الهم وتفريج الكرب.
٣٤٦٢ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن المختار قال: خالد؟؟ الحذاء حدثنا، عن أبي عثمان
قال: حدثني عمرو بن العاص رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ بعثه على جيش ذات
السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة). فقلت: من الرجال؟ فقال:
(أبوها). قلت: ثم من؟ قال: (عمر بن الخطاب). فعد رجالا.
[٤١٠٠]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم: ٢٣٨٤. (ذات السلاسل) أي الغزوة
المسماة بذلك، وهو اسم مكان، وكانت الغزوة سنة سبع للهجرة، وقيل: سميت كذلك لأن
المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض، وقيل: لأن الأرض التي كانوا فيها ذات رمل ينعقد
بعضه على بعض كالسلسلة. (فعد رجالا) أي ذكر عددا من الرجال الذين يحبهم، منهم أبو
عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
٣٤٦٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف: أن أبا
هريرة رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول:
⦗١٣٤٠⦘
(بينما
راع في غنمه، عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال:
من لها يوم السبع، يوم ليس لها راع غيري؟ وبينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها،
فالتفتت إليه فكلمته، فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني خلقت للحرث). قال الناس:
سبحان اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فإني أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب).
رضي الله عنهما.
[ر: ٢١٩٩]
٣٤٦٤ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عن الزهري قال: أخبرني ابن الْمُسَيِّبِ: سَمِعَ
أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
سمعت النبي ﷺ يقول: (بينا أنا نائم،
رأيتني على قليب عليها دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أخذها
ابن أبي قحافة، فنزع بها ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ،
وَاللَّهُ يغفر له ضعفه، ثم استحالت غربا، فأخذها ابن الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ
عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن).
[٦٦١٨،
٦٦١٩، ٧٠٣٧، وانظر: ٣٤٣٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم: ٢٣٩٢. (قليب) هي البئر المحفورة قبل أن تبنى
جدرانها. (ابن أبي قحافة) هو أبو بكر رضي الله عنه.
٣٤٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: (مَنْ جَرَّ
ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إليه يوم القيامة). فقال أبو بكر: إن
أحد شقي ثوبي يَسْتَرْخِي، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنك لن تصنع ذلك خيلاء). قال موسى: فقلت لسالم: أذكر عبد
الله: من جر إزاره؟ قال: لم أسمعه ذكر إلا ثوبه.
[٥٤٤٦،
٥٤٤٧، ٥٤٥٥، ٥٧١٥]
(جر ثوبه خيلاء) أطال ثوبه حتى جره على الأرض
كبرا. (يسترخي) يميل على الأرض، وقيل: سبب استرخائه نحالة جسمه. (أتعاهد ..) أنتبه
إليه وأرفعه.
٣٤٦٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ:
حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أخبرني حميد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
(من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دعي من أبواب - يعني: الْجَنَّةِ
- يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ،
⦗١٣٤١⦘
فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ
دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ
بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصدقة دعي من باب الصدقة، وَمَنْ
كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ باب الصيام، وباب الريان). فقال أبو
بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، وقال: هل يدعى منها كلها أحد
يا رسول الله؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر).
[ر: ١٧٩٨]
٣٤٦٧ - حدثنا إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عن هشام ابن عروة، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مات وأبو
بكر بالسنح - قال إسماعيل: يعني بالعالية - فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله
ﷺ، قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله، فليقطعن
أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر فكشف عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقبله، قال: بأبي
أنت وأمي، طبت حيا ميتا، والذي نفسي بيده لا يذيقنك الله الموتتين أبدا، ثم خرج
فقال: أيها الحالف على رسلك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى
عليه، وقال: ألا من كان يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ محمدا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ
كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ الله حي لا يموت. وقال: ﴿أنك ميت وإنهم ميتون﴾.
وقال: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين﴾. فنشج الناس
يبكون، قال: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا
أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب
عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت
كلاما قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر
⦗١٣٤٢⦘
فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه:
نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر: لا والله لا نفعل، منا أمير،
ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء، وأنتم الوزارء، هم أوسط العرب دارا،
وأعربهم أحسابا، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال عمر: بل نبايعك أنت،
فأنت سيدنا، وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله ﷺ، فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس،
فقال قائل: قتلتم سعدا، فقال عمر: قتله الله.
وقال عبد الله بن سالم، عن الزبيدي:
قال عبد الرحمن بن القاسم: أخبرني القاسم: أن عائشة رضي الله عنها قالت: شخص بصر
النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ قَالَ: (في الرفيق الأعلى). ثلاثا، وقص الحديث. قالت: فما كانت
من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقا، فردهم
الله بذلك. ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم، وخرجوا به
يتلون: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل - إلى - الشاكرين﴾.
[ر: ١١٨٤]
(الحالف) أراد عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه. (عَلَى
رسلك) اتئد ولا تعجل. (وقال) أي قرأ. (إنك) أي يا محمد ﷺ. (ميت) ستموت كما أنهم
سيموتون. /الزمر: ٣٠/. (خلت) مضت وماتت. (انقلبتم على أعقابكم) رجعتم عن عقيدتم
وإسلامكم. /آل عمران: ١٤٤/. (فنشج) بكى، والنشيج بكاء معه صوت، ونشج الباكي إذا غص
البكاء في حلقه. (منا) أي من الأنصار. (منكم) أي من المهاجرين، وقالوا ذلك بناء
على عادة العرب، إذ لا يسود القبيلة إلا رجل منها، فلما علموا أن حكم الإسلام ليس
كذلك أذعنوا له وبايعوا. (الوزراء) المستشارون في الأمور والمعينون عليها. (هم) أي
قريش. (أوسط العرب دارا) أشرفهم مسكنا، وهو مكة. (أعربهم أحسابا) أكثر العرب
أصالة، وأشبههم بشمائل العرب وأفعالهم. (قائل) من الأنصار. (قتلتم سعدا) أي ابن
عبادة رضي الله عنه، أي: خذلتموه وأعرضتم عنه. (خطبتهما) أي خطبة أبي بكر وعمر رضي
الله عنهما.
٣٤٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ:
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا جامع بن أبي راشد: حدثنا أبو يعلى، عن محمد ابن
الحنفية قال:
قلت لأبي: أي الناس خير بَعْدَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان،
قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
(وخشيت أن يقول عثمان) أي لو قلت: ثم من.
ولعله كان يظن أن عليا رضي الله عنه خير منه.
٣٤٦٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ
الْجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رسول الله ﷺ على الْتِمَاسِهِ،
وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وليس معهم ماء، فأتى الناس
أبا بكر، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا
⦗١٣٤٣⦘
صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ برسول
الله ﷺ وبالناس معه، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ فَجَاءَ
أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ،
فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء،
قالت: فعاتبني، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي
بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ على فخذي، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ
مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ
بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، فقالت:
عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته.
[ر: ٣٢٧]
٣٤٧٠ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي
إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن الأعمش قال: سمعت ذكوان يحدث، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال:
قال النبي ﷺ: (لا تسبوا أصحابي، فلو
أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).
تابعه جرير، وعبد الله بن داود، وأبو
معاوية، ومحاضر، عن الأعمش.
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، رقم: ٢٥٤٠. (ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) المراد:
أن القليل الذي أنفقه أحدهم أكثر ثوابا من الكثير الذي ينفقه غيرهم، وسبب ذلك: أن
إنفاقهم كان مع الحاجة إليه، لضيق حالهم، ولأنه كان في نصرته ﷺ وحمايته غالبا،
ومثل إنفاقهم في مزيد الفضل وكثير الأجر باقي أعمالهم من جهاد وغيره، لأنهم الرعيل
الأول الذي شق طريق الحق والهداية والخير، فكان لهم فضل السبق الذي لا يداينه فضل،
إلى جانب شرف صحبتهم رسول الله ﷺ، وبذلهم نفوسهم وأرواحهم رخيصة دفاعا عن رسول
الله ﷺ، ونصره لدينه. والنصيف: هو النصف.
٣٤٧١ - حدثنا محمد بن مسكين أبو الحسن:
حدثنا يحيى بن حسان: حدثنا سليمان، عن شريك بن أبي نمر، عن سعيد بن المسيب قال:
أخبرني أبو موسى الأشعري: أنه توضأ
في بيته ثم خرج، فقلت: لألزمن رسول الله ﷺ، ولأكونن معه يومي هذا، قال: فجاء
المسجد، فسأل عن النبي ﷺ، فقالوا: خرج ووجه ها هنا، فخرجت على إثره، أسأل عنه، حتى
دخل بئر أريس، فجلست عند الباب، وبابها من جريد، حتى قَضَى رَسُولُ
⦗١٣٤٤⦘
اللَّهِ ﷺ حاجته فتوضأ، فقمت إليه،
فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت
عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْيَوْمَ،
فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك، ثم ذهبت،
فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن؟ فقال: (ائذن له وبشره بالجنة). فأقبلت
حتى قلت لأبي بكر: ادخل، ورسول الله ﷺ يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين
رسول الله ﷺ معه في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي ﷺ، وكشف عن ساقيه، ثم
رجعت فجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا - يريد
أخاه - يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت
على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ فسلمت عليه، فقلت: هذا عمر ابن الخطاب يستأذن؟
فقال: (ائذن له وبشره بالجنة). فجئت فقلت: ادخل، وبشرك رسول الله ﷺ بالجنة، فدخل
فجلس مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في القف عن يساره، ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت
فجلست، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به، فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من
هذا؟ فقال: عثمان بن عفان، فقلت على رسلك، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
فأخبرته، فقال: (ائذن له وبشره بالجنة،
على بلوى تصيبه). فجئته فقلت له:
ادخل، وبشرك رسول الله ﷺ بالجنة، على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ، فجلس
وجاهه
من الشق الآخر. قال شريك: قال سعيد
بن المسيب: فأولتها قبورهم.
[٣٤٩٠،
٣٤٩٢، ٥٨٦٢، ٦٦٨٤، ٦٨٣٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عثمان رضي الله عنه، رقم: ٢٤٠٣. (إثره) عقبه. (أريس) هو بستان في المدينة
قريب من قباء. (قفها) حافتها. (قفها) أي حافتها. (على رسلك) تمهل ولا تعجل. (أخي)
كان لأبي موسى رضي الله عنه أخوان هما: أبو رهم، وأبو بردة، رضي الله عنهما.
(بلوى)
بلية، وهي التي صار بها شهيد الدار، عندما داهمه الثوار الآثمون. (فأولتها قبورهم)
أي فسرت جلستهم على تلك الهيئة بما كان من تجاوز قبورهم بعد موتهم، وكون قبر عثمان
رضي الله عنه بعيدا عنهم في البقيع.
٣٤٧٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي
الله عنه حَدَّثَهُمْ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ صعد أحدا، وأبو
بكر وعمر وعثمان، فرجف
⦗١٣٤٥⦘
بهم، فقال: (اثبت أحد، فإنما عليك
نبي وصديق، وشهيدان).
[٣٤٨٣،
٣٤٩٦]
(فرجف) اضطرب، وذلك معجزة. (صديق) صيغة
مبالغة من الصدق، والمراد به أبو بكر رضي الله عنه. (شهيدان) هما عمر وعثمان رضي الله عنهما، وقد
ماتا شهيدين.
٣٤٧٣ - حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله:
حدثنا وهب بن جرير: حدثنا صخر، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي
الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: (بينما أنا على بئر
أنزع منها، جاءني أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ،
فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، والله يغفر له، ثم
أخذها ابن الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ
غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يفري فريه، فنزع حتى ضرب الناس
بعطن).
قال وهب: العطن مبرك الإبل، يقول:
حتى رويت الإبل فأناخت.
[ر: ٣٤٣٤]
(يقول حتى رويت الإبل) أي هذا معنى قوله: حتى
ضرب الناس بعطن.
٣٤٧٤ - حدثني الوليد بن صالح: حدثنا عيسى بن
يونس: حدثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي، عن ابن أبي ملكية، عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال:
إني لواقف في قوم، فدعوا لعمر بن
الخطاب، وقد وضع على سريره، إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول: رحمك
الله، إني كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك، لأني كثيرا مما كنت أسمع رسول الله
ﷺ يقول: (كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر). فإن
كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما، فالتفت، فإذا هو علي بن أبي طالب.
[٣٤٨٢]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم: ٢٣٨٩. (وضع على سريره) وضع على ما يوضع عليه
الميت قبل أن يدفن ليغسل، ويسمى النعش. (لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك) كنت أتوقع
أن تدفن مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر رضي الله عنه.
٣٤٧٥ - حدثني محمد بن يزيد الكوفي: حدثنا
الوليد، عن الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن
إبراهيم، عن عروة بن الزبير قال:
سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع
المشركون بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: رأيت عقبة بن أبي معيط، جَاءَ إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا، فجاء أبو بكر حتى
دفعه
⦗١٣٤٦⦘
عنه، فقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي
الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم.
[٣٦٤٣،
٤٥٣٧]
(أن يقول ربي الله) لأنه يقول ذلك ويدعوكم
إليه. (الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة على صدقه. (ربكم) خالقكم ورازقكم، وهو
الله سبحانه وتعالى.
٦ - باب: مناقب عمر بن الخطاب، أبي حفص، القرشي،
العدوي، رضي الله عنه.
٣٤٧٦ - حدثنا حجاج بن منهال: حدثنا عبد
العزيز بن الماجشون: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (رأيتني دخلت
الجنة، فإذا أنا بالرميصاء، امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا
بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر، فأردت أن أدخله
فأنظر إليه، فذكرت غيرتك). فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله، أعليك أغار.
[٤٩٢٨،
٦٦٢١]
(رأيتني) رأيت نفسي في المنام. (الرميصاء) هي
أم سليم بنت ملحان، أم أنس بن مالك، رضي الله عنهم، لقبت بذلك لرمص كان بعينها.
والرمص: وسخ أبيض جامد يجتمع في موق العين. (خشفة) حسا حركة. (بفنائه) ما امتد
خارجه من جوانبه، وقد يقال للقصر نفسه فناء. (جارية) هي الشابة والفتية من النساء.
(غيرتك) مصدر غار الرجل على المرأة: إذا ثارت نفسه لإبدائها زينتها ومحاسنها
لغيره، أو: لانصرافها عنه إلى آخر، وهي غارت: إذا ثارت نفسها لمثل ذلك منه.
٣٤٧٧ - حدثنا سعيد بن أبي مريم: أخبرنا
الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هريرة رضي الله عنه قال:
بينا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ إذ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا
امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لمن هذا القصر، قالوا:
لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا). فَبَكَى عُمَرُ وقال:
أعليك أغار يا رسول الله.
[ر: ٣٠٧٠]
٣٤٧٨ - حدثني محمد بن الصلت أبو جعفر
الكوفي: حدثنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري قال: أخبرني حمزة، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (بينا
أنا نائم، شربت - يعني - اللبن حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري، أو في أظفاري، ثم
ناولت عمر). فقالوا: يا رسول الله، فما أولته؟ قال: (العلم).
[ر: ٨٢]
٣٤٧٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حدثنا محمد بن بشر: حدثنا عبيد الله قال: حدثني أبو بكر بن
سالم، عَنْ سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ قال: (أريت في المنام أني
أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا، والله
يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا، فلم أر عبقريا يفري فريه، حتى روي
الناس وضربوا بعطن).
قال ابن جبير: العبقري عتاق الزرابي.
وقال يحيى: الزرابي الطنافس لها خمل رقيق. ﴿مبثوثة﴾ كثيرة.
[ر: ٣٤٣٤]
(بكرة) بتسكين الكاف، هي الشابة من الإبل، أي
أنزع بدلو يستقى بها، وقيل (بكرة) بتحريك الكاف، وهي الخشبة المستديرة التي تعلق
فيها الدلو. (قليب) هي البئر بعدما حفرت وقبل أن تبنى جدرانها. (عتاق) حسان، جمع
عتيق، وهو الرائع الجيد من كل شيء. (الطنافس) جمع طنفسة، وهي البساط الذي له خمل،
والخمل الأهداب، وهو يفسر اللفظ الوارد في قوله تعالى: ﴿وزرابي مبثوثة﴾ /الغاشية:
١٦/: أي منشورة ومفرقة.
٣٤٨٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
صَالِحٍ، عن ابن شهاب: أخبرني عبد الحميد: أن محمد بن سعد أخبره: أن أباه قال.
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن سعد، عن صالح، عن أبي شِهَابٍ، عَنْ
عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن زيد، عن محمد بن سعد ابن أبي وقاص،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
على رسول الله ﷺ، وعنده نسوة من قريش يكلمنه وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً
أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عمر بن الخطاب قمن فبادرن
الحجاب، فأذن لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فدخل عمر ورسول الله ﷺ يضحك، فقال عمر: أضحك
الله سنك يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (عجبت من هؤلاء اللاتي كن
عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب). فقال عمر: فأنت أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قال عمر: يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تَهَبْنَ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ؟ فقلن: نعم أنت أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إيها يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا
لقيك الشيطان سالكا
⦗١٣٤٨⦘
فجا قط إلا سلك فجا غير فجك).
[ر: ٣١٢٠]
(أفظ وأغلظ) أشد وأخشن عند إنكار المنكر مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لأنه كان رضي الله عنه يبالغ في الزهد عن المكروهات وطلب
المندوبات. (إيها) اسم بمعنى زد، والمراد: إظهار رضاه عن قول عمر رضي الله عنه وفعله،
الذي يدل على توقيره ﷺ وتعظيم جانبه، واستزادة منه لهذا التصرف، ليزداد عمر رضي
الله عنه منزلة ورفعة عند الله عز وجل.
٣٤٨١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إسماعيل: حدثنا قيس قال: قال عبد الله:
ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
[٣٦٥٠]
(ما زلنا أعزة) أي أصبحنا نستطيع أن نظهر ولا
نخاف إيذاء المشركين.
٣٤٨٢ - حدثنا عبدان: أخبرنا عبد الله: حدثنا
عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أنه سمع ابن عباس يقول:
وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس
يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن
أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك،
وايم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت: إني كنت كثيرا أسمع النبي
ﷺ يقول: (ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر
وعمر).
[ر: ٣٤٧٤]
(فتكنفه) أحاطوا به من جميع النواحي. (فلم
يراعني) يخوفني ويفاجئني. (وايم الله) يمين الله تعالى. (لأظن) لأرجو ذلك وأتوقعه.
(وحسبت إني ..) كان في حسابي هذا، لأجل سماعي .. .
٣٤٨٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سعيد بن أبي عروبة. وقال لي خليفة: حدثنا محمد
بن سواء، وكهمس بن المنهال قالا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مالك رضي الله عنه قَالَ:
صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ أحدا، ومعه أبو
بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله وقال: (اثبت أحد، فما عليك إلا نبي، أو
صديق، أو شهيدان).
[ر: ٣٤٧٢]
٣٤٨٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: حدثني عمر، وهو ابن محمد: أن زيد بن أسلم حدثه،
عن أبيه قال:
سألني ابن عمر عن بعض شأنه - يعني
عمر - فأخبرته، فقال: ما رأيت أحدا قط، بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ من حين قبض، كان
أجد وأجود، حتى انتهى، من عمر بن الخطاب.
(أجد) في الأمور. (أجود) في الأموال. (حتى
انتهى) أي إلى آخر عمره.
٣٤٨٥ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ
عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: (وماذا أعددت لها). قال: لا شيء، إلا أني أحب
اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﷺ، فَقَالَ: (أنت مع من أحببت). قال أنس: فما فرحنا بشيء
فرحنا بقول النبي ﷺ: (أنت مع من أحببت). قال أنس: فأنا أحب النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا
بَكْرٍ وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.
[٥٨١٥،
٥٨١٩، ٦٧٣٤]
(رجلا) قيل: هو ذو الخويصرة اليماني. (متى
الساعة) وقت قيام القيامة. (أعددت لها) هيأت من الأعمال الصالحة التي هي أحق
بالسؤال عنها والاهتمام بها.
٣٤٨٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد، عن أبيه، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (لقد كان فيما كان
قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر).
زاد زكرياء بن أبي زائدة، عن سعد،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَقَدْ
كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال، يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن
من أمتي منهم أحد فعمر).
[ر: ٣٢٨٢]
٣٤٨٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حدثنا عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن قالا: سمعنا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَمَا
راع في غنمه عدا الذئب فأخذ منها شاة، فطلبها حتى استنقذها، فالتفت إليه الذئب،
فقال له: من لها يوم السبع، ليس لها راع غيري). فقال الناس: سبحان الله، فقال
النبي ﷺ: (فإني أؤمن به وأبو بكر وعمر). وما ثم أبو بكر وعمر.
[ر: ٢١٩٩]
٣٤٨٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي
أَبُو أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي
الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ،
فَمِنْهَا مَا
⦗١٣٥٠⦘
يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا
يَبْلُغُ دون ذلك، وعرض علي عمر وعليه قميص اجتره). قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الدين).
[ر: ٢٣]
(اجتره) سحبه على الأرض لطوله.
٣٤٨٩ - حدثنا الصلت بن محمد: حدثنا إسماعيل
بن إبراهيم: حدثنا أيوب، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مخرمة قال:
لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن
عباس، وكأنه يجزعه: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته
وهو عنك راض، ثم صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون،
قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ﷺ ورضاه، فإنما ذاك من من الله تعالى من به
علي، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه، فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به
علي، وأما ما ترى من جزعي، فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض
ذهبا، لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه.
قال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن ابن
أبي مليكة، عن ابن عباس: دخلت على عمر: بهذا.
(طعن) ضرب بالخنجر، ضربه أبو لؤلؤة المجوسي
في خاصرته وهو في صلاة الصبح. (يجزعه) يزيل جزعه. (ذاك) أي ما أصابك من الطعن
والجزع، فلا يكون ما تخاف منه. (صحبتهم) صحبت المسلمين. (من) عطاء. (من أجلك) أي
جزعي من أجلك وأجل أصحابك، قيل: قال ذلك لما توقعه من فتن تكون بعده، لأن قتله
يشعر بذلك. (طلاع الأرض) ما يملأ الأرض حتى يطلع ويسيل. (بهذا) أي بهذا الحديث.
٣٤٩٠ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قال: حدثني عثمان بن غياث: حدثنا أبو عثمان النهدي،
عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في حائط من
حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (افْتَحْ له وبشره
بالجنة). ففتحت له، فإذا هو أبو بكر، فبشرته بِمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، فَحَمِدَ
اللَّهَ، ثم جاء رجل فاستفتح، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (افْتَحْ له وبشره بالجنة).
ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بِمَا قَالَ النَّبِيُّ
⦗١٣٥١⦘
ﷺ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثم استفتح رجل،
فقال لي: (افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ). فإذا
عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله ﷺ فحمد الله، ثم قال: الله المستعان.
[ر: ٣٤٧١]
(حائط) بستان فيه نخيل. (المستعان) على دفع
تلك البلوى أو الصبر عليها.
٣٤٩١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ هِشَامٍ قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ
آخِذٌ بيد عمر بن الخطاب.
[٥٩٠٩،
٦٢٥٧]
٧ - باب: مناقب عثمان بن عفان، أبي عمرو، القرشي رضي
الله عنه.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ يحفر
بئر رومة فله الجنة). فحفرها
عثمان، وقال: (من جهز جيش العسرة فله
الجنة). فجهزه عثمان.
[ر: ٢٦٢٦]
٣٤٩٢ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن
أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ دخل حائطا وأمرني بحفظ
باب الحائط، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: (ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ
بالجنة). فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: (ائْذَنْ لَهُ
وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَإِذَا عمر، ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة ثم قال:
(ائذن له وبشره بالجنة، على بلوى ستصيبه). فإذا عثمان بن عفان.
قال حماد: وحدثنا عاصم الأحول، وعلي
بن الحكم، سمعا أبا عثمان يحدث، عن أبي موسى بنحوه، وزاد فيه عاصم: أن النبي ﷺ كان
قاعدا في مكان فيه ماء، قد انكشف عن ركبتيه، أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها.
[ر: ٣٤٧١]
(هنيهة) زمنا قليلا، أصلها من الهنة، كناية
عن الشيء من زمان أو غيره.
٣٤٩٣ - حدثني أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ
سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، عن يونس: قال ابن شهاب: أخبرني عروة: أن عبيد الله
بن عدي بن الخيار أخبره: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ
بْنَ الأسود بن عبد يغوث قالا:
ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه
الوليد، فقد أكثر الناس فيه، فقصدت لعثمان حين خرج إلى الصلاة، قلت: إن لي إليك
حاجة، وهي نصيحة
⦗١٣٥٢⦘
لك، قال: يا أيها المرء منك - قال
معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك - فانصرفت، فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته،
فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله سبحانه بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بِالْحَقِّ، وأنزل
عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله ﷺ، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، وَرَأَيْتُ هديه، وقد أكثر الناس في شأن الوليد. قال: أدركت رسول الله
ﷺ؟ قلت: لا، ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها، قال: أما بعد،
فإن اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما
بعث به، وهاجرت الهجرتين كما قلت، وصحبت رسول الله ﷺ وبايعته، فوالله ما عصيته ولا
غششته حتى توفاه الله عز وجل، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله، ثم استخلفت، أفليس لي
من الحق مثل الذي لهم؟ قلت: بلى، قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أما ما
ذكرت من شأن الوليد، فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله. ثم دعا عليا، فأمره أن يجلده،
فجلده ثمانين.
[٣٦٥٩،
٣٧١٢]
(لأخيه الوليد) لأجله، وهو الوليد بن عقبة
أخو عثمان رضي الله عنه لأمه، وكان عثمان ولاه الكوفة. (أكثر الناس فيه) أكثروا
الكلام في حقه وسوء سيرته، فعزله عن ولايته. (قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك)
هذه الرواية المعلقة قد وصلها المصنف في هجرة الحبشة، ولفظها هناك: يا أيها المرء،
أعوذ بالله منك.
(خلص)
وصل وبلغ. (ما يخلص إلى العذراء) هي البكر، وأراد بهذا: أن علم النَّبِيَّ ﷺ لَمْ
يَكُنْ مكتوما ولا خاصا بأحد، بل كان شائعا، حتى وصل إلى العذراء المخدرة في
بيتها، التي قلما يصل إليها شيء، فإذا وصل إليها فمن باب أولى أن يصل إليه مع حرصه
عليه. (فجلده ثمانين) لأنه ثبت عنه أنه صلى بأهل الكوفة وهو سكران. قال الحافظ في
الفتح: في رواية معمر: فجلد الوليد أربعين جلدة، وهذه الرواية أصح من رواية يونس،
والوهم فيه من الراوي عنه شبيب بن سعيد. [وانظر صحيح مسلم: الحدود، حد الخمر، رقم:
١٧٠٦]].
٣٤٩٤ - حدثني محمد بن حاتم بن بزيغ: حدثنا
شاذان: حدثنا عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال:
كنا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ لا نعدل
بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي ﷺ لا نفاضل بينهم. تابعه
عبد الله، عن عبد العزيز.
[ر: ٣٤٥٥]
٣٤٩٥ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حدثنا عثمان، هو ابن موهب، قال:
جاء رجل من أهل مصر وحج البيت، فرأى
قوما جلوسا، فقال: من هؤلاء القوم؟ فقالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ فيهم؟
قالوا: عبد الله بن عمر، قال يا ابن
⦗١٣٥٣⦘
عمر، إني سائلك عن شيء فحدثني، هل
تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم. فقال: تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟ قال:
نعم. قال: تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: الله أكبر.
قال ابن عمر: تعال أبين لك، أما فراره يوم أحد، فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له،
وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله ﷺ وكانت مريضة، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إن لك أجر رجل ممن شهد بدر وسهمه). وأما تغيبه عن بيعة
الرضوان، فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فَبَعَثَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مَكَّةَ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بيده اليمنى: (هذه يد عثمان). فضرب بها على يده، فقال: (هذه
لعثمان). فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك.
[ر: ٢٩٦٢]
(رجل) قيل: يزيد بن بشر السكسكي، وقيل:
العلاء بن عرار. (عفا عنه) أي في جملة من عفا عنهم من المسلمين بقوله تعالى: ﴿إن
الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا
الله عنهم إن الله غفور حليم﴾ /آل عمران: ١٥٥/. (تولوا) هربوا. (الجمعان) النبي ﷺ
وأصحابه، وقريش ومن معها، والمراد اللقاء يوم أحد. (استزلهم) وسوس لهم حتى أوقعهم
في الخطيئة. (ببعض ما كسبوا) بسبب ما ارتكبوه من ذنوب سابقة، كتركهم أماكنهم.
(أعز) أكثر عشيرة ومنعة. (ببطن مكة) في مكة. (اذهب بها الآن معك) أي اقرن هذا
الجواب بما كان عندك، وحدث من شئت بذلك.
٣٤٩٦ - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن سعيد، عن
قتادة: أن أنسا رضي الله عنه حدثهم قَالَ:
صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ أحدا، ومعه أبو
بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: (اسكن أحد - أظنه: ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي،
وصديق، وشهيدان).
[ر: ٣٤٧٢]
٨ - باب: قصة البيعة، والاتفاق عَلَى عُثْمَانَ بْنِ
عَفَّانَ رضي الله عنه.
٣٤٩٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال:
رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل
أن يصاب بأيام المدينة، وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما،
أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرا هي له مطيقة، ما
فيها كبير فضل. قال: انظر أن تكونا
⦗١٣٥٤⦘
حملتما الأرض ما لا تطيق، قال: قالا:
لا، فقال عمر: لئن سلمني الله، لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي
أبدا، قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب، قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا
عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذ مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير
فيهم خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى
حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني - أو أكلني - الكلب، حين
طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه، حتى
طعن ثلاثة عشر رجلا، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا،
فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن
يلي عمر فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا
صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة،
فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني، فجال ساعة ثم جاء، فقال: غلام
المغيرة، قال: الصنع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله
الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج
بالمدينة - وكان العباس أكثرهم رقيقا - فقال: إن شئت فعلت، أي: إن شئت قتلنا؟ قال:
كذبت، بعد ما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم. فاحتمل إلى بيته،
فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل
يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه، فخرج من
جرحه، فعلموا أنه ميت، فدخلنا عليه، وجاء الناس، فجعلوا يثنون عليه، وجاء رجل شاب
فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لك، من صحبة رسول
الله ﷺ، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة. قال: وددت أن ذلك
كفاف
⦗١٣٥٥⦘
لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره
يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى
لربك. يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا
أو نحوه، قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب،
فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال. انطلق
إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني
لست اليوم للمؤمنين أميرا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن،
ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر ابن الخطاب السلام، ويستأذن أن
يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل،
قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟
قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت، قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهم إلي من
ذلك، فإذا أنا قضيت فاحملوني، ثم سلم، فقل: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فادخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم
المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فبكت عنده ساعة،
واستأذن الرجال، فولجت داخلا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير
المؤمنين استخلف، قال: ما أجد أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ
النَّفَرِ، أو الرهط، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو عنهم راض، فسمى
عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس
له من الأمر شيء - كهيئة
⦗١٣٥٦⦘
التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعدا
فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة.
وقال: أوصي الخليفة من بعدي،
بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا،
الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم،
وأوصيه بأهل الأمصار خيرا، فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا
يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم. وأوصيه بالأعراب خيرا، فإنهم أصل العرب، ومادة
الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويرد على فقرائهم، وأصيه بذمة الله تعالى،
وَذِمَّةِ رَسُولِهِ ﷺ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ
وَرَائِهِمْ، ولا يكلفوا إلا طاقتهم.
فلما قبض خرجنا به، فانطلقنا نمشي،
فسلم عبد الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأدخل، فوضع هنالك
مع صاحبيه، فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم
إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى
عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف. فقال عبد الرحمن: أيكما
تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه؟
فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلى الله علي أن لا آلو عن أفضلكم؟
قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة مِنْ
⦗١٣٥٧⦘
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ والقدم في الإسلام
ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا
بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع
له علي، وولج أهل الدار فبايعوه.
[ر: ١٣٢٨]
(كيف فعلتما) في أرض سواد العراق. (أتخافان)
هل تخافان. (حملتما الأرض) فرضتما على أهلها، وكان قد بعثهما ليضربا الخراج
والجزية على أهلها. (ما فيها كبير فضل) ليس فيها زيادة كثيرة. (أرامل) جمع أرملة،
وهي من مات زوجها. (غداة ..) صبيحة طعنه. (الكلب) أراد به المجوسي الذي طعنه.
(العلج) هو الرجل من كفار العجم. (برنسا) كساء يجعله الرجل في رأسه. (يليه) يقرب
منه ويأتي في الصف خلفه. (الصنع) الصانع، وكان نجارا، وقيل: نحاتا للأحجار.
(رقيقا) مملوكا. (كذبت) أخطأت في قولك. (بنبيذ) نقيع التمر والزبيب، قبل أن يشتد
ويصبح مسكرا. (جوفه) أي من جرحه مكان الطعنة تحت السرة. (قدم) فضل، وفي رواية
(قدم) أي سبق في الإسلام. (كفاف) هو الذي يكون بقدر الحاجة ولا يفضل عنه شيء. (ابن
أخي) يا ابن أخي في الإسلام. فرضي الله عنك، ولله درك، يا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ! فإنك لم يشغلك ما أنت فيه من سكرات الموت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والنصح للمسلمين. (أنقى لثوبك) أي أطهر، وفي رواية الكشميهني: وأبقى، أي فإنه
لطوله يبلى بوقت قصير. (أتقى لربك) فإنه أبعد عن الخيلاء عندما يكون قصيرا، وأبعد
أيضا عن التلوث بالنجاسات. (قضيت) خرجت روحي ومت. (فولجت) دخلت. (داخلا لهم) مدخلا
لأهلها. (ليس له من الأمر شيء) أي لا يكون هو الخليفة. (كهيئة التعزية له) قيل:
هذا من كلام الراوي وليس من كلام عمر رضي الله عنه. (أصابت الإمرة سعدا) اختير هو للإمارة،
والمراد سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه. (فهو ذاك) أي فهو أهل لها، وجدير بها، وقد
صادفت محلها. (الأمصار) البلدان الإسلامية التي فتحت، جمع مصر. (ردء الإسلام) عونه
الذي يدفع عنه، ويمده بالقوة. (جباة المال) هم الذين يجمعون الأموال منهم
ويقدمونها للدولة الإسلامية. (غيظ العدو) يغيظون الأعداء بكثرتهم وشوكتهم. (فضلهم)
ما فضل عن حاجتهم. (مادة الإسلام) أي الذين يعينون المسلمين ويكثرون جيوشهم،
ويتقوى بزكاة أموالهم، وكل ما أعنت به قوما في حرب أو غيره فهو مادة لهم. (حواشي
أموالهم) الوسط التي ليست خيرها وليست أسوأها. (من ورائهم) يدافع عنهم. (تبرأ من
هذا الأمر) أعلن أنه لا يرغب أن يكون هو الخليفة. (فنجعله إليه) نكل أمر اختيار
الخليفة إليه. (والله عليه والإسلام) الله رقيب عليه يحاسبه على فعله، والإسلام
حاكم عليه بأحكامه. (لينظرن أفضلهم في نفسه) ليفكر في نفسه، وليختر الذي يراه
الأفضل من غيره. (الشيخان) علي وعثمان رضي الله عنهما. (لا آلو) لا أقصر في اختيار أفضلكم. (أحدهما)
هو علي رضي الله تعالى عنه. (خلا بالآخر) انفرد به، وهو عثمان رضي الله عنه.
(الميثاق)
العهد، والظاهر أنه أخذ العهد من الجميع. (ولج أهل الدار) دخل أهل المدينة، بعد
مبايعة أهل الشورى.
٩ - باب: مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبي
الحسن رضي الله عنه.
وقال النبي ﷺ لعلي: (أنت مني وأنا
منك).
[ر: ٤٠٠٥]
وقال عمر: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ وهو عنه راض.
[ر: ٣٤٩٧]
(أنت ..) المعنى: أنا وأنت متصلان من جهة
العلم والدين والنسب.
٣٤٩٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي
الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (لأعطين الراية
غدا رجلا يفتح الله على يديه). قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما
أصبح الناس غدوا على رسول الله ﷺ، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: (أين علي بن أبي
طالب). فقالوا: يشتكي من عينيه يا رسول الله، قال: (فأرسلوا إليه فأتوني به). فلما
جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي:
يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم،
ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي
الله بك رجلا واحدا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم).
[ر: ٢٧٨٣]
(يدوكون ليلتهم) يخوضون ويتحدثون طوال
ليلتهم، من الدوكة، وهي الخوض والاختلاط.
٣٤٩٩ - حدثنا قتيبة: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قال:
كان علي قد تَخَلَّفَ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ فِي خيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
فخرج علي فلحق بالنبي ﷺ، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها، قال
رسول الله ﷺ: (لأعطين الراية - أو ليأخذن الراية - غدا رجلا يحبه الله ورسوله، أو
قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه). فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا
علي، فأعطاه
⦗١٣٥٨⦘
رسول الله ﷺ الراية، ففتح الله عليه.
[ر: ٢٨١٢]
٣٥٠٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بن أبي حازم، عن أبيه:
أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال:
هذا فلان، لأمير المدينة، يدعو عليا عند المنبر، قال: فيقول: ماذا؟ قال: يقول له:
أبو تراب، فضحك. قال: والله ما سماه إلا النبي ﷺ، وما كان والله له اسم أحب
إليه منه، فاستطعمت الحديث سهلا،
وقلت: يا أبا عباس، كيف ذلك؟ قال: دخل علي على فاطمة ثم خرج، فاضطجع في المسجد،
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (أين ابن عمك). قالت: في المسجد، فخرج إليه، فوجد
رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره، فيقول:
(اجلس يا أبا تراب). مرتين.
[ر: ٤٣٠]
(فاستطعمت الحديث سهلا) طلبت من سهل أن
يحدثني الحديث، وإتمام القصة، (خلص) وصل.
٣٥٠١ - حدثنا محمد بن رافع: حدثنا حسين، عن
زائدة، عن أبي حصين، عن سعد بن عبيدة قال:
جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله عن
عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: لعل ذاك يسؤوك؟ قال: نعم، قال: فأرغم الله بأنفك،
ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله، قال: هو ذاك في بيته، أوسط بيوت النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ:
لعل ذاك يسؤوك؟ قال: أجل، قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد علي جهدك.
(رجل) لعله الذي ذكر في الحديث [٣٤٩٥].
(فأرغم الله بأنفك) ألصقه بالرغام، وهو التراب، وهو كناية عن الذل والإهانة. (أوسط
بيوت) في وسطها، أو المراد: أحسنها، يشير بذلك إلى منزلته عند النبي ﷺ. (انطلق)
اذهب من عندي. (فاجهد علي جهدك) ابلغ غايتك واعمل في حقي ما تستطيعه وتقدر عليه،
فإني لا أبالي بعد قولي بالحق].
٣٥٠٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن الحكم: سمعت ابن أبي ليلى قال:
حدثنا علي:
أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى
من أثر الرحى، فأتى النبي ﷺ سبي، فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء
النبي ﷺ أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي ﷺ إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت
لأقوم، فقال: (على مكانكما). فقعد بَيْنَنَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ
عَلَى صَدْرِي، وقال: (ألا أعلمكما خيرا مما سألتماني، إذا أخذتما مضاجعكما،
تكبران أربعا وثلاثين، وتسبحان ثلاثا وثلاثين،
⦗١٣٥٩⦘
وتحمدان ثلاثا وثلاثين، فهو خير لكما
من خادم).
[ر: ٢٩٤٥]
٣٥٠٣ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن
أبيه قال:
قال النبي ﷺ لعلي: (أما ترضى أن تكون
مني بمنزلة هارون من موسى).
[٤١٥٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل علي رضي الله عنه، رقم: ٢٤٠٤. (أبيه) أي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي
الله عنه. (بمنزلة
هارون) نازلا مني منزلة هارون من موسى عليهما السلام في أخوة الدين والنسب، وقيل:
إنه ﷺ قاله له حين خرج إلى تبوك، وخلفه على أهله وعياله، وأمره أن يقيم فيهم، فكان
كهارون حين خلفه موسى، عليهما السلام، على بني إسرائيل لما ذهب لميقات ربه.
٣٥٠٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه قال:
اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره
الاختلاف، حتى يكون للناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي.
فكان ابن سيرين يرى: أن عامة ما يروى
عن علي الكذب.
(اقضوا كما كنتم تقضون) قال هذا لأهل العراق،
حين أفتى باسترقاق أمهات الأولاد، وقد كان يرى أن يعتقن كما كان يرى عمر رضي الله
عنه. (أكره
الاختلاف) أي مخالفة الأئمة من قبلي: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
(حتى
يكون للناس جماعة) حتى تبقى كلمة الأمة مجتمعة. (أو أموت) إلى أن أموت. (كما مات
أصحابي) أي على الحق والهداية، والمراد من سبقه من الخلفاء الراشدين. (عامة ما
يروى) أكثر ما يروى عنه وينسب إليه مما فيه رائحة المخالفة ونحو ذلك، مما لا يليق
به رضي الله عنه. (الكذب)
أي هو اختلاق عليه.
١٠ - باب: مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي
رضي الله عنه.
وقال النبي ﷺ: (أشبهت خلقي وخلقي).
[ر: ٤٠٠٥]
٣٥٠٥ - حدثنا أحمد بن أبي بكر: حدثنا محمد
بن إبراهيم بن دينار، أبو عبد الله الجهني، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن الناس كانوا يقولون: أكثر أبو
هريرة، وإني كنت أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بشبع بَطْنِي، حِينَ لَا آكُلُ
⦗١٣٦٠⦘
الْخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الحبير،
ولا يخدمني فلان ولا فلانة، وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ
الرجل الآية، هي معي، كي ينقلب بي فيطعمني، وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي
طالب، كان يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حتى إن كان
ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء، فنشقها فنعلق ما فيها.
[٥١١٦]
(أكثر) أي في روايته للحديث. (بشبع بطني) أي
رضيت بشبع بطني، ولم أطلب زيادة على ذلك، فتهيأ لي من سماع حديثه ما لم يتهيأ
لغيري. (الخمير) الخبز الذي خمر وجعل في عجينه الخميرة، ويروى (الخبيز) وهو الخبز
المأدوم. (الحبير) الجديد والحسن، أو ما كان موشى ومخططا من الثياب. (فلان وفلانة)
ليس لي خادم من ذكر أو أنثى، وإنما أخدم نفسي. (بالحصباء) بالأرض، لتنكسر شدة
الجوع. (لأستقرى الرجل الآية) أقول له: أريد أن أقرأ آية كذا. (هي معي) أحفظها.
(ينقلب) يرجع. (العكة) وعاء من جلد يجعل فيه السمن وغيره.
٣٥٠٦ - حدثني عمرو بن علي: حدثنا يزيد بن
هارون: أخبرنا إسماعيل ابن أبي خالد، عن الشعبي:
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما:
كَانَ إذا سلم على ابن جعفر قال:
السلام عليك يا ابن ذي الجناحين.
[٤٠١٦]
(ذي الجناحين) سمي بذلك لما أخبر به ﷺ: إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى أبدله عن يديه اللتين قطعتا في غزوة مؤتة جناحين يطير بهما في
الجنة.
١١ - باب: ذكر الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه.
٣٥٠٧ - حدثنا الحسن بن محمد: حدثنا محمد بن
عبد الله الأنصاري: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ
ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أنس رضي الله عنه:
أن عمر بن الخطاب: كَانَ إِذَا
قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ
إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بنبينا ﷺ فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ
إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قال: فيسقون.
[ر: ٩٦٤]
(استسقى) طلب السقيا ونزول المطر. (نتوسل)
نجعله وسيلتنا إليك، لما له من حرمة عندك تعطفك علينا.
١٢ - باب: مناقب قرابة رسول الله ﷺ،
ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي ﷺ.
وقال النبي ﷺ: (فاطمة سيدة نساء أهل
الجنة).
[ر: ٣٤٢٦]
٣٥٠٨ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قال: حدثني عروة ابن الزبير، عن عائشة:
أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي
بكر: تسأله ميراثها من النبي ﷺ،
⦗١٣٦١⦘
مما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ،
تطلب صدقة النبي ﷺ التي بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بَكْرٍ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا فهو صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ
آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يزيدوا على المأكل).
وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي ﷺ التي كانت عليها فِي عَهْدِ النَّبِيِّ
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأعملن
فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فتشهد علي ثم قال: إنا قد عرفنا يا
أبكر فضيلتك، وذكر قرابتهم مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وحقهم، فتكلم أبو بكر فقال:
والذي نفسي بيده، لقرابة رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحَبُّ إلي أن أصل من قرابتي.
[ر: ٢٩٢٦]
٣٥٠٩ - أخبرني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ: حدثنا شعبة، عن واقد قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي
يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن أبي بكر رضي الله عنهم قال:
ارقبوا محمدا ﷺ في أهل بيته.
[٣٥٤١]
(ارقبوا محمدا) احفظوه. (في أهل بيته) فلا
تسبوهم ولا تؤذوهم، وهم فاطمة وأولادها، رضي الله عنها وعنهم. أو هم أزواجه، ﷺ،
ورضي الله عنهم وعنهن.
٣٥١٠ - حدثنا أبو الوليد: حدثنا ابن عيينة،
عن عمرو بن دينار، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مخرمة:
أن رسول الله ﷺ قال: (فاطمة بضعة
مني، فمن أغضبها أغضبني).
[ر: ٨٨٤]
(بضعة) قطعة.
٣٥١١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد، عن أبيه، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها قالت:
دعا النبي ﷺ فاطمة ابنته في شكواه
الذي قبض فيها، فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها فضحكت، قالت: فسألتها عن ذلك،
فقالت: سارني النبي ﷺ فأخبرني: أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت، ثم سارني
فأخبرني: أني أول أهل بيته أتبعه، فضحكت.
[ر: ٣٤٢٦]
١٣ - باب: مناقب الزبير بن العوام رضي
الله عنه.
وقال ابن عباس: هو حواري النبي ﷺ.
[ر: ٤٣٨٨] وسمي الحواريون لبياض ثيابهم.
(حواري) هو الناصر الخالص والخليل الصافي،
وأصل الحور عند العرب البياض. (الحواريون) أي أصحاب عيسى عليه السلام.
٣٥١٢ - حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا عل بْنُ
مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه قال: أخبرني مروان بن الحكم قال:
أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة
الرعاف، حتى حبسه عن الحج، وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش قال: استخلف، قال:
وقالوه؟ قال: نعم، قال: ومن؟ فسكت، فدخل عليه رجل آخر - أحسبه الحارث - فقال:
استخلف، فقال عثمان: وقالوا؟ فقال: نعم، قال: ومن هو؟ فسكت، قال: فلعلهم قالوا
الزبير، قال: نعم، قال: أما والذي نفسي بيده، إنه لخيرهم ما علمت، وإن كان لأحبهم
إلى رسول الله ﷺ.
(سنة الرعاف) السنة التي أصاب الناس فيها
رعاف كثير، والرعاف: خروج الدم من الأنف، وكان ذلك سنة إحدى وثلاثين للهجرة.
(حبسه) منعه. (أوصى) كتب وصيته عملا بالسنة. (استخلف) اعهد بالخلافة لرجل من بعدك.
(وقالوه) أي وقال الناس هذا. (وقالوه) أي وقال الناس هذا. (الحارث) بن الحكم أخو
مروان. (ما علمت) في علمي.
٣٥١٣ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هشام: أخبرني أبي: سمعت مروان:
كنت عند عثمان، أتاه رجل فقال:
استخلف، قال: وقيل ذاك؟ قال: نعم، الزبير، قال: أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم،
ثلاثا.
(ثلاثا) أي قال هذه الجملة ثلاث مرات.
٣٥١٤ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، هو ابن أبي سلمة، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إن لكل نبي
حواريا، وإن حواري الزبير بن العوام).
[ر: ٢٦٩١]
٣٥١٥ - حدثنا أحمد بن محمد: أَخْبَرَنَا
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله بن الزبير قال:
كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن
أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين
أو ثلاثا، فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف؟ قال: أو هل رأيتني يا بني؟ قلت:
نعم، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قال: (من
⦗١٣٦٣⦘
يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم).
فانطلقت، فلما رجعت جمع لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبويه فقال: (فداك أبي وأمي).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما، رقم: ٢٤١٦. (في النساء) بين النساء.
(يختلف) يذهب ويجيء. (فداك أبي وأمي) أي أفديك بهما.
٣٥١٦ - حدثنا علي بن حفص: حدثنا ابن
الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ:
أن أصحاب النبي ﷺ قالوا للزبير يوم
اليرموك: ألا تشد فنشد معك، فحمل عليهم، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة
ضربها يوم بدر، قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير.
[٣٧٥٥،
٣٧٥٦]
(تشد) تحمل على الكفار وتهجم عليهم. (عاتقه)
اسم لما بين العنق والمنكب.
١٤ - باب: ذكر مناقب طلحة بن عبيد الله رضي
الله عنه.
وقال عمر: توفي النبي ﷺ وهو عنه راض.
[ر: ٣٤٩٧]
٣٥١٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ: حَدَّثَنَا معتمر، عن أبيه، عن أبي عثمان قال:
لم يبق مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فِي بعض
تلك الأيام التي قاتل فيهن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، غَيْرُ طلحة وسعد. عن حديثهما.
[٣٨٣٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما، رقم: ٢٤١٤. (بعض الأيام) أراد بها يوم أحد.
(عن حديثهما) أي هما حدثاه بذلك.
٣٥١٨ - حدثنا مسدد: حدثنا خالد: حدثنا ابْنِ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال:
رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي ﷺ
قد شلت.
[٣٨٣٦]
(وقى بها ..) حماه بها لما أراد أحد المشركين
أن يضربه. (شلت) استرخت وبطل عملها.
١٥ - باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، الزهري،
وبنو زهرة أخوال
النبي ﷺ، وهو سعد بن مالك رضي الله
عنه.
٣٥١٩ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سمعت يحيى قال: سمعت سعيد بن المسيب قال:
سمعت سعدا يقول: جمع لي النبي ﷺ
أبويه يوم أحد.
[٣٨٢٩
- ٣٨٣١]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضل سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، رقم: ٢٤١٢. (جمع لي ..) قال له:
فداك أبي وأمي.
٣٥٢٠ - حدثنا مكي بن إبراهيم: حدثنا هاشم بن
هاشم، عن عامر ابن سعد، عن أبيه قال:
لقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام.
(ثلث الإسلام) ثالث من أسلم أولا من الرجال
الأحرار.
٣٥٢١ - حدثني إبراهيم بن موسى: أخبرنا ابن
زائدة: حدثنا هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول:
سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: ما أسلم
أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثلث الإسلام. تابعه
أبوأسامة: حدثنا هاشم.
[٣٦٤٥]
٣٥٢٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عبد الله، عن إسماعيل، عن قيس قال:
سمعت سعدا رضي الله عنه يَقُولُ:
إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي ﷺ
وما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشَّاةُ، مَا
لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أسد تعزرني على الإسلام؟ لقد خبت إذا وضل
عملي. وكانوا وشوا بي إلى عمر، قالوا: لا يحسن يصلي.
[٥٠٩٦،
٦٠٨٨، وانظر: ٧٢٢]
(رمى بسهم) في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد
المطلب رضي الله عنه، وكانت أول سرية بعثها رسول الله ﷺ لملاقاة عير قريش، وكانت
في السنة الأولى من الهجرة. (ليضع) يخرج من دبره عن قضاء حاجته. (كما يضع ..) يخرج
منه مثل البعر، ليبسه وعدم الغذاء المألوف. (ما له خلط) لا يختلط بعضه ببعضه
لجفافه. (تعزرني) تؤذيني، إذ تعلمني الصلاة، وتعيرني بأني لا أحسنها. (لقد خبت) إن
كنت محتاجا لتعليمهم. (ضل عملي) فيما مضى لنقصه على زعمهم.
١٦ - باب: ذكر أصهار النبي ﷺ، منهم أبو
العاص ابن الربيع رضي الله عنه.
٣٥٢٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قال: حدثني علي ابن حسين: أن المسور بن مخرمة قال:
إن عليا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك
فاطمة، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي
ناكح بنت أبي جهل. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فسمعته حين تشهد يقول: (أما بعد،
أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني اكره أن
يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله ﷺ وبنت عدو الله عند رجل واحد). فترك علي
الخطبة.
⦗١٣٦٥⦘
وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عن مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
ﷺ وَذَكَرَ صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فَأَحْسَنَ،
قَالَ: (حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي).
[ر: ٨٨٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل فاطمة بنت النبي ﷺ، رقم: ٢٤٤٩.
١٧ - باب: مناقب زيد بن حارثة، مولى النبي
ﷺ.
وقال الْبَرَاءُ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
(أنت أخونا ومولانا).
[ر: ٢٥٥٢]
٣٥٢٤ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حدثني عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ بعثا، وأمر
عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي ﷺ: (إن تَطْعَنُوا فِي
إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إمارة أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ
اللَّهِ إِنْ كَانَ لخليقا للإمارة، وإن وكان لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ،
وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أحب الناس إلي بعده).
[٤٠٠٤،
٤١٩٨، ٤١٩٩، ٦٢٥٢، ٦٧٦٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل زيد بن حارثة وأسامة ابن زيد رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٢٦. (بعثا) سرية، وهي
القطعة من الجيش. (فطعن) قدح وتكلم فيها. (بعض الناس) وكان أشدهم في هذا عياش ابن
أبي ربيعة المخزومي رضي الله عنه. (إمارة
أبيه) زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة. (وايم الله) يمين الله. (لخليقا)
جديرا لائقا بها.
٣٥٢٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل علي قائف، والنبي ﷺ شاهد، وأسامة
بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ
بَعْضٍ، قال: فسر بذلك النبي ﷺ وأعجبه، فأخبر به عائشة.
[ر: ٣٣٦٢]
(دخل علي قائف) هو الذي يلحق الفروع بالأصول
بالشبه والعلامات، والمراد به هنا مجزز المدلجي رضي الله عنه، وكان هذا قبل أن
يفرض الحجاب، أو بعده وكانت عائشة رضي الله عنها من وراء حجاب. (شاهد) حاضر.
(مضطجعان) نائمان وأقدامهما ظاهرة. (فأخبر به عائشة) أي أخبرها بما قاله القائف، لسروره
الشديد به ﷺ، تأكيدا لما قد سمعته إذ كانت حاضرة، أو ظنا منه أنها لم تسمع ذلك،
وخاصة إذا كانت من وراء حجاب، بل إن هذا يؤكد أنها كانت من وراء حجاب، مما جعل
النبي ﷺ يظن أنها لم تسمعه. أو المعنى: سر بذلك ﷺ فأخبرها بسروره، والله أعلم.
١٨ - باب: ذكر أسامة بن زيد، رضي الله عنه.
٣٥٢٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن قريشا أهمهم شأن المرأة
المخزومية، فقالوا: من يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حُبَّ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وحدثنا علي: حدثنا سفيان قال: ذهبت
أسأل الزهري عن حديث المرأة المخزومية، فصاح بي، قلت لسفيان: فلم تحتمله عن أحد؟
قال: وجدته في كتاب كان كتبه أيوب بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله
عنها:
أن امرأة من بني مخزوم سرقت، فقالوا:
من يكلم فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فلم يجترئ أحد أن يكلمه، فكلمه أسامة بن زيد،
فقال: (إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف
قطعوه، لو كانت فاطمة لقطعت يدها).
[ر: ٢٥٠٥]
٣٥٢٧ - حدثني الحسن بن محمد: حدثنا أبو
عباد، يحيى بن عباد: حدثنا الماجشون: أخبرنا عبد الله بن دينار قال:
نظر ابن عمر يوما، وهو في المسجد،
إلى رجل يسحب ثيابه في ناحية من المسجد، فقال: انظر من هذا؟ ليت هذا عندي، قال له
إنسان: أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن؟ هذا محمد بن أسامة، قال: فطأطأ ابن عمر
رأسه، ونقر بيديه في الأرض، ثم قال: لو رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأحبه.
(ليت هذا عندي) قريبا مني حتى أنصحه وأعظه.
(محمد بن أسامة) ابن زيد رضي الله عنهم. (فطأطأ
..) خفضه. (لأحبه) لمحبته لأبيه وجده.
٣٥٢٨ - حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا معتمر
قال: سمعت أبي: حدثنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما:
حدث عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ كان
يأخذه والحسن، فيقول: (اللهم أحبهما، فإني أحبهما).
[٣٥٣٧،
٥٦٥٧]
٣٥٢٩ - وقال نعيم، عن ابن المبارك: أخبرنا
معمر، عن الزهري: أخبرني مولى لأسامة بن زيد:
أن الحجاج بن أيمن بن أم أيمن، وكان
أيمن بن أم أيمن أخا أسامة بن زيد لأمه، وهو رجل من الأنصار، فرآه ابن عمر لم يتم
ركوعه ولا سجوده، فقال: أعد.
⦗١٣٦٧⦘
قال أبو عبد الله: وحدثني سليمان بن
عبد الرحمن: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا عبد الرحمن بن نمر، عن الزهري: حدثني
حرملة مولى أسامة بن زيد: أنه بينما هو مع عبد الله بن عمر، إذ دخل الحجاج بن أيمن
بن أم أيمن فلم يتم ركوعه ولا سجوده، فقال: أعد، فلما ولى، قال لي ابن عمر: من
هذا؟ قلت الحجاج بن أيمن بن أم أيمن، فقال ابن عمر: لو رأى هَذَا رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ لأحبه. فذكر حبه وما ولدته أم أيمن.
قال وحدثني بعض أصحابي، عن سليمان:
وكانت حاضنة النبي ﷺ.
(حبه وما ولدته أم أيمن) ميله لها ولأولادها،
ذكورا وإناثا. (حاضنته) هي الداية التي تقوم على تربية الصغير، والمرأة التي تقوم
مقام الأم في تربية الولد بعد وفاتها. والداية: تطلق على المرضع الأجنبية والحاضنة
والقابلة.
١٩ - باب: مناقب عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما.
٣٥٣٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ،
عَنْ ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ
النَّبِيِّ ﷺ إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا على النبي ﷺ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى
رؤيا أقصها على النبي ﷺ، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عزبا، وكنت أنام في المسجد
عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، فرأيت في المنام: كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي
فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ،
وَإِذَا لَهَا قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ
أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النار، أعوذ بالله من النار، فَلَقِيَهُمَا
مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ،
فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: (نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ
اللَّهِ، لَوْ كَانَ يصلي بالليل). قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا
قليلا.
٣٥٣١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عن يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عمر، عن أخته حفصة:
أن النبي ﷺ قال لها: (إن عبد الله
رجل صالح).
[ر: ٤٢٩].
٢٠ - باب: مناقب عمار وحذيفة رضي الله
عنهما.
٣٥٣٢ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ المغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة قال:
قدمت الشأم فصليت ركعتين، ثم قلت:
اللهم يسر لي جليسا صالحا، فأتيت قوما فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى
جنبي، قلت: من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء، فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا
صالحا، فيسرك لي، قال: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أو ليس عندكم ابن أم
عبد، صاحب النعلين والوساد والمطهرة، وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان - يعني
عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ أو ليس فيكم صاحب سر النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي لَا يعلمه
أحد غيره، ثم قال: كيف يقرأ عبد الله: ﴿والليل إذا يغشى﴾. فقرأت عليه: ﴿والليل إذا
يغشى. والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى﴾. قال: والله لقد أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ من فيه إلى في.
(ابن أم عبد) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ رضي الله عنه. (صاحب
النعلين) الذي كان يحمل نعلي رسول الله ﷺ ويتعاهدهما. (الوساد) الوسادة والمخدة.
(المطهرة) الإناء الذي يوضع فيه الماء ليطهر به، وكان ابن مسعود رضي الله عنه هو
الذي يتولى هذه الأمور وتهيئتها لرسول الله ﷺ. (صاحب السر) أراد به حذيفة رضي الله
عنه، وكان أعلمه رسول الله ﷺ بالمنافقين وأحوالهم، وأطلعه على بعض ما يجري لهذه
الأمة بعده، وجعل ذلك سرا بينه وبينه. (يغشى) يغطي كل شيء بظلمته. (تجلى) بان وظهر
بزوال الظلمة. (والذكر والأنثى) أي بدون: ﴿وما خلق﴾. وهذا خلاف القراءة المتواترة،
والمشهور والمتواتر هو المتعمد. /الليل ١ - ٣/. (من فيه إلى في) أي مشافهة بدون
واسطة، ويقصد أنه قرأها هكذا.
٣٥٣٣ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن
مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشأم، فلما
دخل المسجد قال: اللهم يسر لي جليسا صالحا، فجلس إلى أبي الدرداء، فقال أبو
الدرداء: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أليس فيكم، أو
منكم، صاحب السر الذي لا يعلمه غيره، يعني حذيفة، قال: قلت: بلى، قال: أليس فيكم،
أو منكم، الذي أجاره اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ، يعني من الشيطان، يعني
عمارا، قلت: بلى، قال: أليس فيكم، أو منكم، صاحب السواك، أو السرار؟ قال: بلى، قال:
⦗١٣٦٩⦘
كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ
يَقْرَأُ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يغشى. والنهار إذا تجلى﴾. قلت: ﴿والذكر والأنثى﴾.
قال: ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستنزلونني عن شيء سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣١١٣]
(صاحب السرار) من السر، والمراد عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يحجبه إذا جاء
ولا يخفي عنه سره. (قال) أي أبو الدرداء رضي الله عنه. (هؤلاء) الظاهر أنه يقصد أصحابه، أو من خالفه
في القراءة. (يستنزلونني) يجعلونني أتركه وأتنازل عنه. (عن شيء سمعته) وهو قوله:
﴿والذكر والأنثى﴾ بدون قوله: ﴿وما خلق﴾. والظاهر أنها نزلت أولا هكذا، ثم نزل ﴿وما
خلق﴾ ولم يسمعها أبو الدرداء وابن مسعود رضي الله عنهما، كما قيل.
٢١ - باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي
الله عنه.
٣٥٣٤ - حدثنا عمرو بن علي: حدثنا عبد
الأعلى: حدثنا خالد، عن أبي قلابة قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
أَنّ رَسُولَ الله ﷺ قال: (إن لكل
أمة أمينا، وإن أميننا، أيتها الأمة، أبو عبيدة بن الجراح).
[٤١٢١،
٦٨٢٨]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، رقم: ٢٤١٩. (أمينا) ثقة مرضيا. (أيتها
الأمة) هذه الأمة مخصوصة من بين الأمم.
٣٥٣٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبي إسحاق، عن صلة، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي
الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأهل نجران:
(لأبعثن - يعني - عليكم أمينا، حق أمين). فأشرف أصحابه، فبعث أبا عبيدة رضي الله
عنه.
[٤١١٩،
٤١٢٠، ٦٨٢٧]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، رقم: ٢٤٢٠. (فأشرف أصحابه) تطلعوا إلى
الولاية ورغبوا فيها، حرصا على أن يكون أحدهم الأمين الموعود به، لا حرصا على
الولاية من حيث هي.
٢٢ - باب: مناقب الحسن والحسين رضي الله
عنهما.
قال نافع بن جبير، عن أبي هريرة:
عانق النبي ﷺ الحسن.
[ر: ٢٠١٦]
يوجد في الأصل قبل هذا الباب: باب
ذكر مصعب بن عمير، هكذا بدون أحاديث.
٣٥٣٦ - حدثنا صدقة: حدثنا ابن عيينة: حدثنا
أبو موسى، عن الحسن: سمع أبا بَكْرَةَ:
سَمِعْتُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى
الْمِنْبَرِ، والحسن إلى جنبه، ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة، ويقول: (ابْنِي
هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ به
بين فئتين من المسلمين).
[ر: ٢٥٥٧]
٣٥٣٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قال: حدثنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ
بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أنه كان يأخذه
والحسن ويقول: (اللهم
⦗١٣٧٠⦘
إني أحبهما، فأحبهما). أو كما قال.
[ر: ٣٥٢٨]
٣٥٣٨ - حدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم
قال: حدثني حسين بن محمد: حدثنا جرير، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي
الله عنه:
أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين
بن علي عليه السلام، فجعل في طست، فجعل ينكث، وقال في حسنه شيئا، فقال أنس: كان
أشبههم برسول الله ﷺ، وكان مخصوبا بالوسمة.
(ينكث) يضرب بقضيب على الأرض وينبش التراب
به، وقيل: يجعل القضيب في عيني الرأس وأنفه، فقال له زيد بن أرقم رضي الله عنه:
ارفع قضيبك، فقد رأيت فم رسول الله ﷺ
في موضعه. (وقال في حسنه شيئا) روي أنه قال: ما رأيت مثل هذا حسنا. (أشبههم) أي
أشبه أهل بيته به. (وكان) الحسين رضي الله عنه. (مخضوبا) مصبوغا. (بالوسمة) نبت يميل إلى
سواد يصبغ به.
٣٥٣٩ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ
الْمِنْهَالِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أخبرني عدي قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي
الله عنه قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، والحسن بن
علي على عاتقه، يقول: (اللهم إني أحبه فأحبه).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٢٢. (عاتقه) ما بين منكبه وعنقه،
والمنكب مجتمع العضد مع الكتف.
٣٥٤٠ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عمر بن سعيد بن أبي حسين، عَنْ ابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحارث قال:
رأيت أبا بكر رضي الله عنه وحمل
الحسن وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي، ليس شبيه بعلي. وعلي يضحك.
[ر: ٣٣٤٩]
(ليس شبيه) ليس هنا بمعنى لا العاطفة،
والتقدير: لا شبيه بعلي. وروي: شبيها، على أنه خبر ليس.
٣٥٤١ - حدثنا يحيى بن معين وصدقة قالا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ وَاقِدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر:
ارقبوا محمدا ﷺ في أهل بيته.
[ر: ٣٥٠٩]
٣٥٤٢ - حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى:
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن أنس.
وقال عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي
أنس قال:
لم يكن أحد أشبه بالنبي ﷺ من الحسن
بن علي.
٣٥٤٣ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن محمد بن أبي يعقوب: سمعت ابن أبي
نعم: سمعت عبد الله بن عمر:
وسأله عن المحرم - قال شعبة: أحسبه -
يقتل الذباب؟ فقال: أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله
صلى الله عليه
وسلم، وقال النبي ﷺ: (هما ريحانتاي
من الدنيا).
[٥٦٤٨]
(ريحانتاي) مثنى ريحانة، وجه التشبيه أن
الولد يشم ويقبل، كما تشم الرياحين.
٢٣ - باب: مناقب بلال بن رباح، مولى أبي
بكر، رضي الله عنهما.
وقال النبي ﷺ: (سَمِعْتُ دَفَّ
نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ). [ر: ١٠٩٨]
٣٥٤٤ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا عبد العزيز بن
أبي سلمة، عن محمد بن المنكدر: أخبرنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
كان عمر يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق
سيدنا. يعني بلالا.
(أعتق سيدنا) فقد كان بلال رضي الله عنه عبدا
فاشتراه وأعتقه، وهذا دليل فضيلة بلال وتواضع عمر، رضي الله عنهما.
٣٥٤٥ - حدثنا ابن نمير، عن محمد بن عبيد:
حدثنا إسماعيل، عن قيس:
أن بلالا قال لأبي بكر: إن كنت إنما
اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما أشتريتني لله، فدعني وعملي لله.
(اشتريتني) أي وأعتقتني، لأنه أعتقه حين
اشتراه، رضي الله عنهما. (لنفسك)
أي من أجلك، قال له ذلك أيام خلافته، حين منعه من الهجرة من المدينة، وكان قد كره
أن يقيم فيها بعد وفاة رسول الله ﷺ.
٢٤ - باب: ذكر ابن عباس رضي الله عنهما.
٣٥٤٦ - حدثنا مسدد: حدثنا عَبْدُ
الْوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال:
ضمني النبي ﷺ إلى صدره وقال: (اللهم
علمه الحكمة).
حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث:
وقال: (علمه الكتاب).
حدثنا موسى: حدثنا وهيب، عن خالد:
مثله.
والحكمة: الإصابة في غير النبوة.
[ر: ٧٥]
(علمه الحكمة) وتطلق على العلم، وعلى إتقان
الأمور ووضع الشيء في محله.
٢٥ - مناقب خالد بن الوليد رضي الله عنه.
٣٥٤٧ - حدثنا أحمد بن واقد: حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد ابن هلال، عن أنس رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ نعى زيدا وجعفرا وابن
رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ،
ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فأصيب، ثم أخذ بن رواحة فأصيب). وعيناه تذرفان: (حتى
أخذها سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم).
[ر: ١١٨٩]
٢٦ - باب: مناقب سالم، مولى أبي حذيفة رضي
الله عنه.
٣٥٤٨ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن
عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن مسروق قال:
ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمرو
فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه، بعد مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (استقرئوا
القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود - فبدأ به - وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي
ابن كعب، ومعاذ بن جبل). قال: لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ.
[٣٥٩٥،
٣٥٩٧، ٤٧١٣، وانظر: ٣٥٤٩]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٦٤. (استقرئوا ..) قراءة
وتعلما.
٢٧ - باب: مناقب عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
٣٥٤٩ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن
سليمان قال: سمعت أبا وائل قال: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ: قَالَ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لم يكن
فاحشا ولا متفحشا، وقال: (إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا).
وقال: (استقرئوا القرآن من أربعة: من
عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل).
[ر: ٣٣٦٦، ٣٥٤٨]
(فاحشا) متكلما بالقبيح. (متفحشا) متكلفا
للتكلم به.
٣٥٥٠ - حدثنا موسى، عن أبي عوانة، عن مغيرة،
عن إبراهيم، عن علقمة:
دخلت الشأم فصليت ركعتين، فقلت:
اللهم يسر لي جليسا صالحا، فرأيت شيخا مقبلا، فلما
⦗١٣٧٣⦘
دنا قلت: أرجو أن يكون استجاب، قال:
من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد
والمطهرة، أو لم يكن فيكم الذي أجير من الشيطان، أو لم يكن فيكم صاحب السر الذي لا
يعلمه غيره، كيف قرأ ابن أم عبد: ﴿والليل إذا يغشى﴾. فقرأت: ﴿والليل إذا يغشى.
والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى﴾. قال أقرأنيها النبي ﷺ، فاه إلى في، فما زال
هؤلاء حتى كادوا يردونني.
[ر: ٣١١٣]
٣٥٥١ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قال:
سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت
والهدي من النبي ﷺ حتى نأخذ عنه، فقال: ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي
ﷺ من ابن أم عبد.
[٥٧٤٦]
(السمت) الهيئة الحسنة. (الهدي) الطريقة
والمذهب. (نأخذ عنه) العلم والحديث. (دلا) شكلا وشمائل، مأخوذ مما يدل ظاهر حاله
على حسن فعاله. (ابن أم عبد) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
٣٥٥٢ - حدثني محمد بن العلاء: حدثنا إبراهيم
بن يوسف بن أبي إسحاق قال: حدثني أبي، عن أبي إسحاق قال: حدثني الأسود بن يزيد
قال: سمعت أبا موسى الأشعري رضي الله عنه يقول:
قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا
حينا، ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي ﷺ، لما نرى من دخوله
ودخول أمه على النبي ﷺ.
[٤١٢٣]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٦٠. (ما نرى) ما نظن.
٢٨ - باب: ذكر معاوية رضي الله عنه.
٣٥٥٣ - حدثنا الحسن بن بشر: حدثنا المعافى،
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي مليكة قال:
أوتر معاوية بعد العشاء بركعة، وعنده
مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس، فقال: دعه فإنه صحب رسول الله ﷺ.
(أوتر) صلى الوتر ركعة واحدة. (مولى) هو كريب
رحمه الله تعالى. (فأتى) أي كريب. (دعه) اترك القول فيه والإنكار عليه. (صحب رسول
الله) أي فهو عالم بدين الله تعالى وعارف بالفقه.
٣٥٥٤ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ:
حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عمر: حدثني ابن أبي مليكة: قيل
⦗١٣٧٤⦘
لابن عباس:
هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه
ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: أصاب، إنه فقيه.
(أصاب) وافق السنة. (فقيه) عالم في شرع الله عز
وجل، ويعرف الفقه في الدين.
٣٥٥٥ - حدثني عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ
قَالَ:
سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، عن
معاوية رضي الله عنه قال: إنكم لتصلون صلاة، لقد صحبنا النبي ﷺ فَمَا رَأَيْنَاهُ
يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا. يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ
الْعَصْرِ.
[ر: ٥٦٢]
٢٩ - باب: مناقب فاطمة عليها السلام.
وقال النبي ﷺ: (فاطمة سيدة نساء أهل
الجنة).
[ر: ٣٤٢٦]
٣٥٥٦ - حدثنا أبو الوليد: حدثنا ابن عيينة،
عن عمرو بن دينار، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مخرمة رضي
الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (فاطمة بضعة
مني، فمن أغضبها أغضبني).
[ر: ٨٨٤]
٣٠ - باب: فضل عائشة رضي الله عنها.
٣٥٥٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ/ عَنْ يونس، عن ابن شهاب: قال أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ
عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا:
(يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام). فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى
ما لا أرى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣٠٤٥]
(عائش) منادى مرخم، ويجوز فتح الشين وضمها.
(يقرئك السلام) يسلم عليك.
٣٥٥٨ - حدثنا آدم: حدثنا شعبة قال. وحدثنا
عمرو: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي
الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (كَمَلَ مِنَ
الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا: مَرْيَمُ بِنْتُ
عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ
كَفَضْلِ الثَّرِيدِ على سائر الطعام).
[ر: ٣٢٣٠]
٣٥٥٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جعفر، عن عبد الله بن عبد
الرحمن: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
(فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سائر الطعام).
[٥١٠٣،
٥١١٢]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
في فضل عائشة رضي الله عنها، رقم: ٢٤٤٦. (الثريد) طعام يكون فيه لحم مطبوخ وخبز
مكسور. (سائر) باقي.
٣٥٦٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بن عبد المجيد: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ:
أن عائشة اشتكت، فجاء ابن عباس فقال:
يا أم المؤمنين، تقدمين على فرط صدق، على رسول الله ﷺ، وعلى أبي بكر.
[٤٤٧٦]
(اشتكت) ضعفت ومرضت. (فرط صدق) صادق وحسن،
والفرط المتقدم من كل شيء والسابق إلى المنزل، والمعنى: قد سبقك رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
وَأَبُو بكر رضي الله عنه، وقد هيأ لك المنزل في الجنة، فأنت تلحقين بهما، فلا
تحزني، بل افرحي بذلك.
٣٥٦١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم: سمعت أبا وائل قال:
لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة
ليستنفرهم، خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكن الله
ابتلاكم لتتبعوه أو إياها.
[٦٦٨٧
- ٦٦٩٠]
(ليستنفرهم) ليستنجدهم لنصرته فيما كان بينه
وبين عائشة رضي الله عنهما يوم الجمل. (أنها) أي عائشة رضي الله عنها.
(ابتلاكم)
اختبركم. (لتتبعوه) أي عليا رضي الله عنه، وقيل: لتتبعوا الله تعالى باتباع حكمه
الشرعي في طاعة الإمام الحق وعدم الخروج عليه. والذي ندين الله تعالى به: أن كلا
من الفريقين كان مأجورا، لأن اقتتالهما كان عن تأويل واجتهاد وبقصد الإصلاح.
٣٥٦٢ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ
أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَاسًا مِنْ
أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ
وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ
التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا،
فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ
مخرجا، وجعل للمسلمين فيه بركة.
[ر: ٣٢٧]
٣٥٦٣ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هشام، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ رَسُولَ
⦗١٣٧٦⦘
اللَّهِ ﷺ لما كان في مرضه، جعل يدور
في نسائه، ويقول: (أين أنا غدا، أين أنا غدا). حرصا على بيت عائشة. قالت عائشة:
فلما كان يومي سكن.
[ر: ٨٥٠]
(مرضه) الذي مات فيه. (حرصا) لأجل حرصه على
بيتها. (سكن) مات، وقيل: سكت عن هذا القول.
٣٥٦٤ - حدثنا عبد اله بن عبد الوهاب: حدثنا
حماد: حدثنا هشام، عن أبيه قال:
كان الناس يتحرون بهداياهم يوم
عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس
يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله ﷺ أن
يأمر الناس: أن يهدوا إليه حيثما كان، أو حيثما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة
للنبي ﷺ، قالت: فأعرض عني، فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في
الثالثة ذكرت له فقال: (يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي
الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها).
[ر: ٢٤٣٥]
٣١ - باب: مناقب الأنصار.
﴿والذين
تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما
أوتوا﴾ /الحشر: ٩/.
(تبوؤوا) اتخذوا والتزموا، والتبوؤ في الأصل:
التمكن والاستقرار. (الدار) دار الهجرة وهي المدينة، حيث سكنها الأنصار قبل مجيء
المهاجرين إليها، وبنوا فيها المساجد قبل قدوم النبي ﷺ. (والإيمان) أي وآثروا
الإيمان وألفوه. (هاجر إليهم) من المسلمين. (حاجة) حسدا. (مما أوتوا) مما أعطي
المهاجرون من أموال الغنيمة وغيرها.
٣٥٦٥ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ ميمون: حدثنا غيلان ابن جرير قال: قلت
لأنس:
أرأيت اسم الأنصار، كنتم تسمون به،
أم سماكم الله؟ قال: بل سمانا الله.
كنا ندخل على أنس، فيحدثنا مناقب
الأنصار ومشاهدهم، ويقبل علي، أو على رجل من الأزد، فيقول: فعل قومك يوم كذا وكذا،
كذا وكذا.
[٣٦٣١]
(سمانا الله) تعالى به، في مثل قوله:
﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار﴾. /التوبة: ١٠٠/. (مناقب) ما كان لهم من
مآثر. (مشاهدهم) ما حضروه من المواقف في سبيل الإسلام. (رجل) يحتمل أنه غيلان،
ويحتمل غيره. (الأزد) الأنصار، لأن أزد اسم أبيهم.
٣٥٦٦ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله
ﷺ، فقدم رسول الله ﷺ وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا، فقدمه الله لرسوله ﷺ
في دخولهم في الإسلام.
[٣٦٣٣،
٣٧١٥]
(يوم بعاث) هو يوم تقاتل فيه الأوس والخزرج
في الجاهلية، وبعاث مكان قريب من المدينة. (قدمه الله لرسوله) أي حتى تهيأ هؤلاء
لقبول الإسلام والإقبال عليه، وشعروا بمزيد الحاجة إليه. (ملؤهم) جماعتهم.
(سرواتهم) خيارهم وأشرافهم، جمع سراة، وهو جمع سري: وهو السيد الشريف الكريم،
والسري أيضا النفيس.
٣٥٦٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التياح قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
قالت الأنصار يوم فتح مكة، وأعطى
قريشا: والله إن هذا لهو العجب، إن سيوفنا تقطر من دماء قريش، وغنائمنا ترد عليهم،
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فدعا الأنصار، قال: فقال: (ما الذي بلغني عنكم).
وكانوا لا يكذبون، فقالوا: هو الذي بلغك، قال: (أو لا ترضون أن يرجع الناس
بالغنائم إلى بيوتهم، وترجعون برسول الله ﷺ إلى بيوتكم؟ لو سلكت الْأَنْصَارُ
وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أو شعبهم).
[ر: ٢٩٧٧]
(شعبا) هو الطريق في الجبل.
٣٢ - باب: قول النبي ﷺ: (لولا الهجرة لكنت
امرأ من الأنصار).
قال عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٤٠٩٥]
(لولا ..) المعنى: لولا أن الهجرة أمر ديني،
وعبادة مأمور بها، ولها أجر وفضل، لانتسبت إليكم وعددت نفسي واحدا منكم.
٣٥٦٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ، أَوْ: قَالَ أَبُو
الْقَاسِمِ ﷺ: (لو أن الأنصار سلكوا واديا، أو شعبا، لسلكت في وادي الأنصار، ولولا
الهجرة لكنت امرأ من الأنصار). فقال أبو هريرة: ما ظلم، بأبي وأمي، لآووه ونصروه،
أو كلمة أخرى.
[٦٨١٧]
(امرءا من الأنصار) واحدا منهم. (ما ظلم) أي
رسول الله ﷺ في هذا القول. (بأبي وأمي) هو مفدى بهما. (آووه) ضموه إليهم وأحاطوا
به واتخذوا له منزلا. (كلمة أخرى) أي بمعنى ما سبق.
٣٣ - باب: إخاء النبي ﷺ بين المهاجرين
والأنصار.
٣٥٦٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
قال:
لما قدموا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ بَيْنَ عبد الرحمن ابن عوف وسعد بن الربيع، قال لعبد الرحمن: إني أكثر
الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي
أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجتها. قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ
وَمَالِكَ، أين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع، فلما انقلب إلا ومعه فضل من أقط
وسمن، ثم تابع الغدو، ثم جاء يوما وبه أثر صفرة، فقال النَّبِيُّ ﷺ: (مَهْيَمْ).
قَالَ: تزوجت، قال: (كم سُقْتَ إِلَيْهَا). قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وزن
نواة من ذهب. شك إبراهيم.
[ر: ١٩٤٣]
(انقلب) رجع. (الغدو) الذهاب صبيحة كل يوم.
(مهيم) ما حالك وشأنك وما خبرك.
٣٥٧٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عَوْفٍ، وآخى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بن الربيع، وكان
كثير المال، فقال سعد: قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالا، سأقسم مالي بيني وبينك
شطرين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فأطلقها، حتى إذا حلت تزوجتها، فقال عبد
الرحمن: بارك الله لك في أهلك، فلم يرجع يومئذ حتى أفضل شيئا من سمن وأقط، فلم
يلبث إلا يسيرا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وعليه وضر من صفرة، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مهيم). قال: تزوجت امرأة من الأنصار، فقال: (ما سقت إليها).
قال: وزن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فقال: (أولم ولو بشاة).
[ر: ١٩٤٤]
(شطرين) نصفين. (حلت) انتهت عدتها.
٣٥٧١ - حدثنا الصلت بن محمد أبو همام قال:
سمعت المغيرة بن عبد الرحمن: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ:
قَالَتْ الْأَنْصَارُ: اقسم بيننا
وبينهم النخل، قال: (لا. قال: تكفوننا المؤونة وتشركونا في التمر). قالوا: سمعنا
وأطعنا.
[ر: ٢٢٠٠]
٣٤ - باب: حب الأنصار من الإيمان.
٣٥٧٢ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أخبرني عدي بن ثابت قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي
الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، أَوْ قَالَ:
قَالَ النبي ﷺ: (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه
الله، ومن أبغضهم أبغضه الله).
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل
على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان، رقم: ٧٥
٣٥٧٣ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عبد الرحمن بن عبد الله بن جبر، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (آيَةُ الْإِيمَانِ
حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنصار).
[ر: ١٧]
٣٥ - باب: قول النبي ﷺ للأنصار: (أنتم أحب
الناس إلي).
٣٥٧٤ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي
الله عنه قَالَ:
رَأَى النَّبِيُّ ﷺ النساء والصبيان
مقبلين - قال: حسبت أنه قال - من عرس، فقام النبي ﷺ ممثلا فَقَالَ: (اللَّهُمَّ
أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ). قالها ثلاث مرار.
[٤٨٨٥]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥٠٨. (ممثلا) منتصبا وقائما. (مرار) مرات.
٣٥٧٥ - حدثنا عقوب بن إبراهيم بن كثير:
حدثنا بهز بن أسد: حدثنا شعبة قال: أخبرني هشام بن زيد قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ
بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ
إِلَى رسول الله ﷺ ومعها
صبي لها، فكلمها رسول الله ﷺ فقال:
(والذي نفسي بيده، إنكم أحب الناس إلي). مرتين.
[٤٩٣٦،
٦٢٦٩]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥٠٩.
٣٦ - باب: أتباع الأنصار.
٣٥٧٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حدثنا شعبة، عن عمرو: سمعت أبا حمزة، عن زيد بن أرقم:
قالت الأنصار: يا رسول الله، لكل نبي
أتباع، وإنا قد اتبعناك، فادع الله أن يجعل أتباعنا منا، فدعا به. فنميت ذلك إلى
ابن أبي ليلى،
⦗١٣٨٠⦘
قال: قد زعم ذلك زيد.
(أتباعنا منا) حلفاءنا وموالينا متصلين بنا،
يقال لهم الأنصار، حتى يكون لهم ما كان لنا من العز والشرف، وتنالهم الوصية
بالأنصار والإحسان إليهم. (فنميت) رفعت ونقلت، وقائل هذا عمرو بن مرة أحد الرواة.
(زعم) أي قال، ويطلق الزعم على القول أحيانا.
٣٥٧٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مرة قال: سمعت أبا حمزة، رجلا من الأنصار:
قالت الأنصار: إن لكل قوم أتباعا،
وإنا قد اتبعناك، فادع الله أن يجعل أتباعنا منا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اللَّهُمَّ
اجعل أتباعنا منهم). قال عمرو: فذكرته لابن أبي ليلى، قال: قد زعم ذاك زيد. قال
شعبة: أظنه زيد ابن أرقم.
٣٧ - باب: فضل دور الأنصار.
٣٥٧٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (خَيْرُ دور
الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة،
وفي كل دور الأنصار خير). فقال سعد: ما أرى النبي ﷺ إلا قد فضل علينا؟ فقيل: قد
فضلكم على كثير.
وقال عبد الصمد: حدثنا شعبة: حدثنا
قتادة: سمعت أنسا: قال أبو أسيد، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا. وقال: سعد بن عبادة.
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
في خير دور الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥١١. (دور) أي قبائل. (سعد) بن عبادة رضي
الله عنه، وهو من بني ساعدة.
٣٥٧٩ - حدثنا سعد بن حفص الطلحي: حدثنا
شيبان، عن يحيى: قال أبو سلمة: أخبرني أبو أسيد:
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يقول:
(خير الأنصار، أو قال: خير دور الأنصار بنو النجار، وبنو عبد الأشهل، وبنو الحارث،
وبنو ساعدة).
[٣٥٩٦،
٥٧٠٦، وانظر: ٤٩٩٤]
٣٥٨٠ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ
بْنِ سهل، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (إن خير دور
الأنصار دار بني النجار، ثم بني عبد الأشهل، ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ، ثُمَّ
بَنِي سَاعِدَةَ، وفي كل دور الأنصار خير). فلحقنا سعد بن عبادة، فقال أبو أسيد:
ألم تر أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ خير الأنصار، فجعلنا أخيرا؟
⦗١٣٨١⦘
فأدرك سعد النبي ﷺ فقال: يا رسول
الله، خير دور الأنصار فجعلنا آخرا، فقال: (أو ليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار).
[ر: ١٤١١]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب، في
معجزات النبي ﷺ، رقم: ١٣٩٢. (خير) فضل بعض الأنصار على بعض. (بحسبكم) كافيكم.
٣٨ - باب: قول النبي ﷺ للأنصار: (اصبروا
حتى تلقوني على الحوض).
قاله عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٤٠٧٥]
٣٥٨١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مالك، عن أسيد بن حضير رضي الله عنهم:
أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول
الله، ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ قال: (ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى
تلقوني على الحوض).
[٦٦٤٨]
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الأمر
بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم، رقم: ١٨٤٥. (تستعملني) تجعلني عاملا على
الصدقة، أو متوليا على بلد. (أثرة) يفضل عليكم غيركم في الأموال. (الحوض) حوض
النبي ﷺ في الجنة.
٣٥٨٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ
بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ للأنصار: (إنكم
ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني، وموعدكم الحوض).
[ر: ٢٩٧٧]
٣٥٨٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن يحيى بن سعيد: سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي
الله عنه حين خرج معه إلى الوليد، قَالَ:
دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الأنصار إلى أن
يقطع لهم البحرين، فقالوا: لا، إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها، قال:
(إما لا، فاصبروا حتى تلقوني، فإنه ستصيبكم بعدي أثرة).
[ر: ٢٢٤٢]
٣٩ - بَاب: دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: (أصلح
الأنصار والمهاجرة).
٣٥٨٤ - حدثنا آدم: حدثنا شعبة: حدثنا أبو
إياس معاوية بن قرة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ:
(لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ
... فَأَصْلِحْ الْأَنْصَارَ والمهاجرة).
وعن قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ: مثله. وقال: (فاغفر للأنصار).
٣٥٨٥ - حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
كانت الأنصار يوم الخندق تقول:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا
مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حيينا أبدا
فأجابهم: (اللهم لا عيش إلا عيش
الآخره. فأكرم الأنصار والمهاجره).
[ر: ٢٦٧٩]
٣٥٨٦ - حدثني محمد بن عبيد الله: حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سهل قَالَ:
جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ونحن
نحفر الخندق، وننقل التراب على أكتادنا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اللَّهُمَّ
لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَاغْفِرْ للمهاجرين والأنصار).
[٣٨٧٢،
٦٠٥١]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب:
غزوة الأحزاب وهي الخندق، رقم: ١٨٠٤. (أكتادنا) جمع كتد، وهو ما بين الكاهل إلى
الظهر، والكاهل: ما بين الكتف إلى موصل العنق في الصلب، وفي رواية (أكبادنا) جمع
كبد، أي على جنوبنا مما يلي الكبد.
٤٠ - باب: قول الله: ﴿ويؤثرون على أنفسهم
ولو كان بهم خصاصة﴾. /الحشر: ٩/.
٣٥٨٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عن فضيل بن غزوان، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ،
فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (من يضم أو
يضيف هذا). فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول
الله ﷺ، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي
صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت
كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح
غدا إلى رسول الله ﷺ فقال: (ضحك الله الليلة، أو عجب، من فعالكما). فأنزل الله:
﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يرق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾.
[٤٦٠٧]
أخرجه مسلم في الأشربة، باب: إكرام
الضيف وفضل إيثاره، رقم: ٢٠٥٤. (رجل) هو أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله
عنه. (أصبحي)
أوقدي ونوري. (يريانه) من الإراءة، أي يتظاهران بذلك. (ضحك) أي رضي. (يؤثرون)
يختارون ويفضلون. (خصاصة) حاجة. (يوق شح نفسه) يخالف هواها ويغلبها على ما أمرته،
بتوفيق الله وعونه، من الوقاية وهي الحفظ، والشح: البخل والحرص. /الحشر: ٩/.
٤١ - باب: قول النبي ﷺ: (اقبلوا من محسنهم
وتجاوزوا عن مسيئهم).
٣٥٨٨ - حدثني محمد بن يحيى أبو علي: حدثنا
شاذان، أخو عبدان: حدثنا أبي: أخبرنا شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ زَيْدٍ قال: سمعت أنس ابن مالك يقول:
مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس
من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي ﷺ منا،
فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي ﷺ وقد عصب على رأسه
حاشية برد، قال: فصعد المنبر، ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم
قال: (أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم،
فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم).
[٣٥٩٠]
(مجلس النبي ﷺ منا) أي جلوسا معه، وكان ذلك
في مرضه ﷺ، فخافوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه، فبكوا حزنا على ذلك. (حاشية
برد) طرفه، والبرد كساء مربع. (كرشي وعيبتي) الكرش للحيوان المجتر بمنزلة المعدة
للإنسان، والعيبة مستودع الثياب، والمعنى: إنهم بطانتي وخاصتي، وموضع سري وأمانتي.
(قضوا الذي عليهم) أدوا ما عاهدوا عليه من النصرة وغيرها. (بقي الذي لهم) وهو دخول
الجنة.
٣٥٨٩ - حدثنا أحمد بن يعقوب: حدثنا ابن
الغسيل: سمعت عكرمة يقول: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وعليه
ملحفة متعطفا بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء، حتى جلس عَلَى الْمِنْبَرِ،
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أما بعد أيها الناس، فإن
الناس يكثرون، وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر
فيه أحدا أو ينفعه، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم).
[ر: ٨٨٥]
٣٥٩٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (الأنصار
كرشي وعيبتي، والناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم).
[ر: ٣٥٨٨]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥١٠. (يقلون) أي يقل الأنصار، بينما يكثر
غيرهم.
٤٢ - باب: مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه.
٣٥٩١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:
⦗١٣٨٤⦘
سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يقول:
أهديت للنبي ﷺ حلة حرير، فجعل أصحابه
يمسونها ويعجبون من لينها، فقال: (أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ خير
منها وألين).
رواه قتادة والزهري: سَمِعَا
أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٠٧٧]
أخرجه مسلم ف فضائل الصحابة، باب: من
فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه، رقم: ٢٤٦٨. (حلة) ثوبان من نوع واحد. (المناديل)
جمع منديل، وهو ما يحمل في اليد ويتمسح به.
٣٥٩٢ - حدثني محمد بن المثنى: حدثنا فضل بن
مساور، ختن أبي عوانة: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
سفيان، عن جابر رضي الله عنه:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (اهتز
العرش لموت سعد بن معاذ).
وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح، عَنْ
جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مثله. فقال رجل لجابر: فإن البراء يقول: (اهتز
السرير). فقال: إنه كان بين هذين الحيين ضغائن، سمعت النبي ﷺ يقول: (اهتز عرش
الرحمن لموت سعد بن معاذ).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه، رقم: ٢٤٦٦. (العرش) هو في اللغة السرير، فإن
كان المراد السرير الذي وضع عليه فالمراد: أنه تحرك واضطرب لما له من فضيلة، وإن
كان المراد عرش الرحمن فالمراد: اهتزاز حملته سرورا واستبشارا بقدومه. (الحيين)
الأوس والخزرج. (ضغائن) جمع ضغينة وهي الحقد، أي ولهذا لا يقر أحدهم بالفضل للآخر،
ورد هذا المعنى: بأن نسب البراء ينتهي إلى الأوس، فلا ينسب قوله (السرير) إلى غرض
نفسي، وإنما حمله على لفظ يحتمله، ولا يقدح هذا في عدالة جابر رضي الله عنه، لأنه
قد فهم أيضا هذا من حيث الظاهر، لما ثبت عنده وسمعه من نسبة العرش إلى الرحمن سبحانه
وتعالى.
٣٥٩٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي
أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله
عنه:
أن أناسا نزلوا على حكم سعد بن معاذ،
فأرسل إليه فجاء على حمار، فلما بلغ قريبا من المسجد، قال النَّبِيُّ ﷺ: (قُومُوا
إِلَى خيركم، أو سيدكم). فقال: (يا سعد إن هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ).
قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فيهم أن تقاتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال: (حكمت بحكم
الله، أو: بحكم الملك).
[ر: ٢٨٧٨]
٤٣ - باب: منقبة أسيد بن حضير، وعباد بن
بشر رضي الله عنهما.
٣٥٩٤ - حدثنا علي بن مسلم: حدثنا حبان بن
هلال: حدثنا همام: أخبرنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه:
أن رجلين خَرَجَا مِنْ عِنْدِ
النَّبِيِّ ﷺ في ليلة مظلمة، وإذا نور بين
⦗١٣٨٥⦘
أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور
معهما.
وقال معمر، عن ثابت، عن أنس: إن أسيد
بن خضير، ورجلا من الأنصار. وقال حماد: أخبرنا ثابت، عن أنس: كان أسيد بن حضير
وعباد ابن بشر عند النبي ﷺ.
[ر: ٤٥٣]
٤٤ - باب: مناقب معاذ بن جبل رضي الله عنه.
٣٥٩٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن عمرو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول:
(استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي، ومعاذ بن
جبل).
٤٥ - باب: منقبة سعد بن عبادة رضي الله
عنه.
وقالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلا
صالحا.
[ر: ٤٤٧٣]
(وكان قبل ذلك) أي لم تبدر منه زلة يؤاخذ
عليها قبل أن يقول ما قال في حديث الإفك.
٣٥٩٦ - حدثنا إسحاق: حدثنا عبد الصمد: حدثنا
شعبة: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه:
قال أبو أسيد:
قال رسول الله: (خير دور الأنصار بنو
النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور
الأنصار خير). فقال سعد بن عبادة، وكان ذا قدم في الإسلام: أُرَى رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ قد فضل علينا، فقيل له: قد فضلكم على ناس كثير.
[ر: ٣٥٧٨]
٤٦ - باب: مناقب أبي بن كعب رضي الله عنه.
٣٥٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ إبراهيم، عن مسروق قال:
ذكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله
بن عمرو فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه، سمعت النبي ﷺ يقول: (خذوا القرآن من أربعة:
من عبد الله بن مسعود - فبدأ به - وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن
كعب).
[ر: ٣٥٤٨]
٣٥٩٨ - حدثني محمد بن بشار: حدثنا غندر قال:
سمعت شعبة: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ
⦗١٣٨٦⦘
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأبي: (إن الله
يأمرني أن أقرأ عليك: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب﴾). قال: وسماني؟ قال:
(نعم). فبكى.
[٤٦٧٦،
٤٦٧٧]
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين
وقصرها، باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه. وفي فضائل الصحابة،
باب: من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٧٩٩. (لم يكن
الذين كفروا) أي السورة التي تبدأ بهذه الجملة، وهي سورة البينة. (وسماني) هل نص
علي باسمي. (فبكى) من شدة الفرح والسرور، وقيل: خوفا من تقصيره في شكر هذه النعمة.
٤٧ - باب: مناقب زيد بن ثابت رضي الله عنه.
٣٥٩٩ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله
عنه:
جمع القرآن عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ
ﷺ أربعة، كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت. قلت لأنس:
من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي.
[٤٧١٧،
٤٧١٨]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٤٦٥. (جمع القرآن)
حفظه غيبا. (أبو زيد) قبل هو قيس بن السكن رضي الله عنه.
٤٨ - باب: مناقب أبي طلحة رضي الله عنه.
٣٦٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي
الله عنه قال:
لما كان يوم أحد انهزم الناس عن
النبي ﷺ، وأبو طلحة بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ مجوب به عليه بحجفة له، وكان أبو
طلحة رجلا راميا شديد القد، يكسر يؤمئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرجل يمر معه الجعبة
من النبل، فيقول: (انثرها لأبي طلحة). فأشرف النبي ﷺ ينظر إلى القوم، فيقول أبو
طلحة: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون
نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما،
تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيآن
فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة،
⦗١٣٨٧⦘
إما مرتين وإما ثلاثا.
[ر: ٢٧٢٤]
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب:
غزوة النساء مع الرجال، رقم: ١٨١١. (بين يدي) قدام. (مجوب به عليه) مترس عليه
بنفسه، يقيه من ضربات المشركين ونبالهم. (بحجفة) ترس من الجلد ليس فيها خشب. لا
(شديد القد) هو السير من جلد مدبوغ، والمعنى: أن وتر قوسه شديد في النزع والمد.
(الجعبة) الكنانة المملوءة بالنبل. (نحري دون نحرك) أقف بين يديك بحيث إذا جاء
السهم يصيب نحري ولا يصيب نحرك، والنحر: الصدر وأسفل العنق.
٤٩ - باب: مناقب عبد الله بن سلام رضي
الله عنه.
٣٦٠١ - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: سمعت
مالكا يحدث، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله، عن عامر بن
سعد بن وقاص، عن أبيه قال:
ما سمعت النبي ﷺ يَقُولُ لِأَحَدٍ
يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلَّا لِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. قال: وفيه نزلت هذه الآية: ﴿وشهد شاهد من بني إسرائيل على
مثله﴾. الآية، قال: لا أدري، قال مالك الآية، أو في الحديث.
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، رقم: ٢٤٨٣. (شاهد) هو عبد الله بن سلام رضي
الله عنه. (الآية)
وتمامها: ﴿على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ /الأحقاف:
١٠/. (مثله) مثل ما في القرآن في المعنى، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة
للقرآن في التوحيد والأخلاق وأسس التشريع، والمعنى: شهد شاهد من بني إسرائيل عالم
بالتوراة، على كون هذا القرآن من عند الله تعالى. (قال: لا أدري) القائل عبد الله
بن يوسف الراوي عن مالك، رحمهم الله تعالى.
٣٦٠٢ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السمان، عن ابن عون، عن محمد، عن قيس بن عباد قال:
كنت جالسا في مسجد المدينة، فدخل رجل
على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم
خرج، وتبعته فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة، قال: والله
لا ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لم ذاك: رأيت رؤيا عَلَى عَهْدِ
النَّبِيِّ ﷺ فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة - ذكر من سعتها وخضرتها - وسطها
عمود من حديد، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في اعلاه عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي:
ارْقَهْ، قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فأتاني منصف، فرفع ثيابي من خلفي، فرقيت حتى
كنت في أعلاها، فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك. فاستيقظت وإنها لفي يدي،
فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: (تلك الروضة الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ
⦗١٣٨٨⦘
الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ،
وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت). وذلك الرجل عبد
الله بن سلام.
وقال لي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا
مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: حدثنا قيس بن عباد، عن ابن
سلام قال: وصيف مكان منصف.
[٦٦٠٨،
٦٦١٢]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، رقم: ٢٤٨٤. (تجوز فيهما) خففهما. (ما
ينبغي ..) قال ذلك تواضعا، أو: كراهة الثناء على أحد بالقطع له بالجنة. (لم ذلك)
أي لماذا قالوا ذلك القول. (عروة) ما يستمسك به كالحلقة. (ارقه) ارتفع واعل،
والهاء للسكت. (منصف) هو الخادم. (وإنها لفي يدي) أي العروة، أي استيقظ قبل أن
يتركها في المنام، وهذا أفاد أنه أخذ الإسلام ولن يتركه. (عروة الوثقى) الإيمان
والإسلام.
٣٦٠٣ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن
سعيد بن أبي بردة، عن أبيه:
أتيت المدينة، فلقيت عبد الله بن
سلام رضي الله عنه، فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقا وتمرا وتدخل في بيت، ثم قال: إنك
بأرض الربا بها فاش، إذا كان لك على رجل حق، فأهدى إليك حمل تبن، أو حمل شعير، أو
حمل قت، فلا تأخذه فإنه ربا.
ولم يذكر النضر وأبو داود ووهب، عن
شعبة: البيت.
[٦٩١٠]
(سويقا) طعاما يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير،
سمي بذلك لانسياقه في الحلق. (بيت) عظيم مشرف بدخول رسول الله ﷺ فيه. (بأرض) هي
أرض العراق. (فاش) ظاهر وشائع، يكثر التعامل به. (قت) نوع من علف الدواب. (فإنه
ربا) أي فإن قبول هدية المستقرض جار مجرى الربا، من حيث إنه زائد على ما أخذه.
٥٠ - باب: تزويج النبي ﷺ خديجة، وفضلها رضي
الله عنها.
٣٦٠٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا
عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ جعفر قال: سمعت عليا رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ يقول.
حَدَّثَنِي صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا
عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (خير نسائها
مريم، وخير نسائها خديجة).
[ر: ٣٢٤٩]
٣٦٠٥ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: كتب إلي هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما غرت على امرأة للنبي ﷺ ما غرت على
خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من
قصب، وإن كان
⦗١٣٨٩⦘
ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها
ما يسعهن.
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣٥. (ما غرت على خديجة) مثل الغيرة
التي غرتها منها شدة وقوة، والغيرة: الحمية والأنفة. (هلكت) ماتت. (قصب) لؤلؤ مجوف
واسع، كالقصر المنيف، وقيل: أنابيب من جوهر. (خلائلها) صديقاتها، جنع خليلة. أي
وهذا يشعر باستمرار حبه لها، فهو مما يزيدها غيرة عليها. (ما يسعهن) ما يشبعهن
ويسد حاجتهن.
٣٦٠٦ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حميد بن
عبد الرحمن، عن هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غرت
على خديجة، من كثرة ذكر رسول الله ﷺ إياها، قالت: وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمره
ربه عز وجل، أو جبريل عليه السلام، أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ
مِنْ قَصَبٍ.
٣٦٠٧ - حدثني عمر بن محمد بن حسن: حدثني
أبي: حدثنا حفص، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
ما غرت على أحد من نساء النبي ﷺ ما
غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكْثِرُ ذكرها، وربما ذبح
الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في
الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: (إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد).
[٤٩٣١،
٥٦٥٨، ٧٠٤٦]
(صدائق) جمع صديقة. (كانت وكانت) أي يذكر
صفاتها وفضائلها.
٣٦٠٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قلت لعبد اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله
عنهما:
بشر النبي ﷺ خديجة؟ قال: نعم،
بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.
[ر: ١٥٢٣]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل خديجة رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣٣.
٣٦٠٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ
أَبِي هريرة رضي الله عنه قال:
أتى جبريل النبي ﷺ فقال: يا رسول
الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها
السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ
وَلَا نَصَبَ.
[٧٠٥٨]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل خديجة رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣٢. (صخب) هو الصوت المختلط المرتفع. (نصب) هو
المشقة والتعب.
٣٦١٠ - وقال إسماعيل بن خليل: أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،
⦗١٣٩٠⦘
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة،
على رسول الله ﷺ، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: (اللهم هالة). قالت:
فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد
أبدلك الله خيرا منها.
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل خديجة رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣٧. (فعرف استئذان خديجة) تذكره، لشبه صوتها
بصوتها رضي الله عنهما. (فارتاع
لذلك) تغير واهتز سرورا بذلك. وأصل ارتاع من الروع وهو الفزع، وليس مرادا هنا، وقد
يكون المعنى: تغير حزنا لتذكره فراقها. (اللهم هالة) أي اجعلها يا الله هالة، أو:
هي هالة. (حمراء الشدقين) الشدق جانب الفم، أرادت أنها عجوز كبيرة جدا، قد سقطت
أسنانها من الكبر ولم يبق في فمها بياض من الأسنان، وإنما حمرة اللثاث. (هلكت في
الدهر) ماتت وذهبت في غابر الأيام، ولم يبق لها وجود.
٥١ - باب: ذكر جرير بن عبد الله البجلي رضي
الله عنه.
٣٦١١ - حدثنا إسحاق الواسطي: حدثنا خالد، عن
بيان، عن قيس قال: سمعته يقول: قال جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
ما حجبني رسول الله ﷺ مُنْذُ
أَسْلَمْتُ، وَلَا رآني إلا ضحك.
وعن قَيْسٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كان في الجاهلية بيت يقال له ذو الخلصة، وكان يقال له
الكعبة اليمانية، أو: الكعبة الشأمية، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هل أنت
مريحي من ذي الخلصة). قال: فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس، قال: فكسرنا،
وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيناه فأخبرناه، فدعا لنا ولأحمس.
[ر: ٢٨٥٧]
٥٢ - باب: ذكر حذيفة بن اليمان العبسي رضي
الله عنه.
٣٦١٢ - حدثني إسماعيل بن خليل: أخبرنا سلمة
بن رجاء، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ
الْمُشْرِكُونَ هزيمة بينة، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ،
فَرَجَعَتْ أولاهم على أخراهم فاجتلدت أخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه، فنادى:
أي عباد الله أبي أبي، فقالت: فوالله ما احتجزوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ
حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قال أبي: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي
حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خير حتى لقي الله عز وجل.
[ر: ٣١١٦]
٥٣ - باب: ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضي
الله عنها.
٣٦١٣ - وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ:
⦗١٣٩١⦘
أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ،
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ما كان على ظهر الأرض من أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ
إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أهل خبائك، ثم أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ
الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ،
وقال: (وأيضا، والذي نفسي بِيَدِهِ). قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا
سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي
لَهُ عِيَالَنَا؟ قَالَ: (لَا أراه إلا بالمعروف).
[ر: ٢٠٩٧]
أخرجه مسلم في الأقضية، باب: قضية
هند، رقم: ١٧١٤. (خباء) الخيمة من الوبر أو الصوف على عمودين أو ثلاثة، ويعبر به
عن مسكن الرجل وداره. (لا أراه إلا بالمعروف) لا أرى ذلك جائزا لك إلا بقدر الحاجة
والضرورة دون زيادة.
٥٤ - باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل.
٣٦١٤ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ:
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عقبة: حدثنا
سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَر رضي الله عنهما:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَ زَيْدَ
بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بلدح، قبل أن ينزل على النبي ﷺ الوحي،
فقدمت إلى النبي ﷺ سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون
على أنصابكم، ولاآكل إلا ما ذكر اسم الله عليه. وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش
ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من
الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله. إنكارا لذلك وإعظاما له.
(بلدح) واد في طريق التنعيم إلى مكة. (سفرة)
طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير، ولذلك أصبح يطلق لفظ سفرة على
ما يوضع فيه الطعام أو عليه. (أنصابكم) جمع نصب، وهو كل ما نصب وعظم من دون الله عز
وجل، وقيل: هي حجارة كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام. (إنكارا لها) أي منكرا
عليهم فعل ذلك. (إعظاما له) أي لله تعالى خالقها.
٣٦١٥ - قال موسى: حدثني سالم بن عبد الله،
ولا أعلمه إلا تحدث به عن ابن عمر:
أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى
الشأم، يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني
لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب
الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنى
أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون
⦗١٣٩٢⦘
حنيفا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال:
دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله. فخرج زيد فلقي عالما
من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله،
قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئا أبدا،
وأنى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال: وما
الحنيف؟ قال: دين
إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا،
ولا يعبد إلا الله. فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج، فلما برز رفع
يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم.
[٥١٨٠]
(يتبعه) من الاتباع، أي ويعمل بما يعلمه منه،
ويروى: (ويبتغيه) من الابتغاء وهو الطلب. (غضب الله) وصول العذاب إليك. (أنى) كيف.
(حنيفا) مسلما معتزلا لعبادة الأوثان، صحيح الميل إلى الإسلام، ثابتا عليه. (لعنة
الله) الطرد والإبعاد عن رحمته. (برز) ظهر خارجا عن أرضهم.
٣٦١٦ - وقال الليث: كتب إلي هِشَامٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قالت:
رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما،
مسندا ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معاشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري.
وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيكها
مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك
مؤونتها.
(يحيي الموءودة) يستنقذها من الوأد، وهو
دفنها في التراب وهي حية. (ترعرت) نشأت وشبت.
٥٥ - باب: بنيان الكعبة.
٣٦١٧ - حدثني محمود: حدثنا عبد الرزاق قال:
أخبرني ابن جريح قال: أخبرني عمرو بن دينار: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي
الله عنهما قَالَ:
لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ، ذَهَبَ
النَّبِيُّ ﷺ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ، فقال عباس لِلنَّبِيِّ ﷺ:
(اجْعَلْ إِزَارَكَ على رقبتك يقيك من الحجارة، فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ،
وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثم أفاق فقال: (إزاري إزاري). فشد عليه
إزاره.
[ر: ٣٥٧]
(يقيك) يحفظك. (طمحت) ارتفعت. (إزاري إزاري)
أعطوني إياه.
٣٦١٨ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عن عمرو بن دينار، وعبيد الله بن أبي يزيد قالا:
لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ
ﷺ حول البيت حائط، كانوا يصلون حول
⦗١٣٩٣⦘
البيت، حتى كان عمر، فبنى حوله
حائطا. قال عبيد الله: جدره قصير، فبناه ابن الزبير.
(البيت) الكعبة. (جدره) جداره. (فبناه) أي
مرتفعا طويلا. (ابن الزبير) أي عبد الله رضي الله عنهما.
٥٦ - باب: أيام الجاهلية.
٣٦١٩ - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى: قال
هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
كان عاشوراء يوما تصومه قريش في
الجاهلية، وكان النبي ﷺ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المدينة صامه وأمر بصيامه،
فلما نزل رمضان كان من شاء صامه، ومن شاء لا يصومه.
[ر: ١٥١٥]
٣٦٢٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا
وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ
فِي أشهر الحج من الفجور في الأرض، وكانوا
يسمون الْمُحَرَّمَ صَفَرًا،
وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأثر، حلت العمرة لمن اعتمر. قال:
فقدم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ رابعة مهلين بالحج، وأمرهم النبي ﷺ أن
يجعلوها عمرة، قالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: (الحل كله).
[ر: ١٤٨٩]
٣٦٢١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: كان عمرو يقول: حدثنا سعيد بن المسيب، عن
أبيه، عن جده قال:
جاء سيل في الجاهلية، فكسا ما بين
الجبلين. قال سفيان: ويقول: إن هذا الحديث له شأن.
(فكسا بين الجبلين) غطى ما بين جبلي مكة
المشرفين عليها. (شأن) قصة طويلة في مجيء السيل وطوفان مكة.
٣٦٢٢ - حدثنا أبو النعمام: حدثنا أبو عوانة،
عن بيان أبي بشر، عن قيس ابن أبي حازم قال:
دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال
لها زينب، فرآها لا تكلم، فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة، قال لها:
تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من
المهاجرين، قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنك
لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد
الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت
⦗١٣٩٤⦘
بكم أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال:
أما كان لقومك رؤوس وأشراف، يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على
الناس.
(أحمس) اسم قبيلة. (مصمتة) صامتة ساكنة.
(هذا) ترك الكلام. (لسؤول) كثيرة السؤال. (الأمر الصالح) الإسلام وما فيه من العدل
ومكارم الأخلاق.
٣٦٢٣ - حدثني فَرْوَةُ بْنُ أَبِي
الْمَغْرَاءِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان
لها حفش في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب رَبِّنَا ...
أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي.
فلما أكثرت، قالت لها عائشة: وما يوم
الوشاح؟ قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم، فسقط منها، فانحطت عليه
الحديا وهي تحسبه لحما، فأخذته، فاتهموني به فعذبوني، حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا
في قبلي، فبينا هم حولي وأنا في كربي، إذ أقبلت الحديا حتى وازت برؤوسنا، ثم
ألقته، فأخذوه، فقلت لهم: هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه برئية.
[ر: ٤٢٨]
٣٦٢٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (ألا من كان
حالفا فلا يحلف إلا بالله). فكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: (لا تحلفوا بآبائكم).
[ر: ٢٥٣٣]
٣٦٢٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو: أَنَّ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حدثه:
أن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة
ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها، ويقولون إذا
رأوها: كنت في أهلك ما أنت. مرتين.
(بين يدي) أمام. (ولا يقوم لها) إذا مرت
وكانت قاعدا. (ما أنت) أي رتبتك معلومة في الشرف والمكانة، وقيل: كنت فيما أنت فيه
الآن من خير أو شر، حسب ادعائهم أن روح الإنسان تصير طائرا مثله.
٣٦٢٦ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قال:
قال عمر رضي الله عنه:
إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع
حتى تشرق الشمس على ثبير، فخالفهم النبي ﷺ فأفاض قبل أن تطلع الشمس.
[ر: ١٦٠٠]
٣٦٢٧ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أسامة: حدثكم يحيى بن المهلب: حدثنا حصين، عن
عكرمة:
﴿وكأسا
دهاقا﴾. قال: ملأى متتابعة. قال: وقال ابن عباس: سمعت أبي يقول في الجاهلية: اسقنا
كأسا دهاقا.
(وكأسا ..) /النبأ: ٣٤/. (في الجاهلية) أي
قبل أن يسلم العباس رضي الله عنه.
٣٦٢٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الملك، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَصْدَقُ
كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا
اللَّهَ بَاطِلُ، وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يسلم).
[٥٧٩٥،
٦١٢٤]
(لبيد) بن ربيعة رضي الله عنه.
(أن
يسلم) أي قارب الإسلام في شعره المشعر بإيمانه، ولإيمانه بالبعث في الجاهلية،
ولكنه لم يسلم.
٣٦٢٩ - حدثنا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي
أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عن يحيى ابن سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها قالت:
كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج،
وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام:
تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن
الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر
يده، فقاء كل شيء في بطنه.
(غلام) عبد. (يخرج له خراج) يأتي له بما
يكسبه من الخراج، وهو ما كان يقرره السيد على عبده من مال يدفعه من كسبه.
(الكهانة) هي الإخبار عما سيكون من غير دليل شرعي.
٣٦٣٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله
عنهما قال:
كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم
الجزور إلى حبل الحبلة. قال: وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل
التي نتجت، فنهاهم النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ.
[ر: ٢٠٣٦]
٣٦٣١ - حدثنا أبو النعمان: حدثنا مهدي: قال
غيلان بن جرير:
كنا نأتي أنس بن مالك، فيحدثنا عن
الأنصار، وكان يقول لي: فعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا، وفعل قومك كذا وكذا يوم
كذا وكذا.
[ر: ٣٥٦٥]
(القسامة في الجاهلية)
٣٦٣٢ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا قطن أبو الهيثم: حدثنا أبو يزيد المدني،
عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا
بني هاشم، كان رجل من بني هاشم، استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى، فانطلق معه في
إبله، فمر رجل به من بني هاشم، قد انقطعت عروة جوالقه، فقال: أغثني بعقال أشد به
عروة جوالقي، لا تنقر الإبل، فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه، فلما نزلوا عقلت
الإبل إلا بعيرا واحدا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير
لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له
عقال، قال: فأين عقاله؟ قال: فحذفه بعصا كان فيها أجله، فمر به رجل من أهل اليمن،
فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد، وربما شهدته، قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة
من الدهر؟ قال: نعم، قال: فكنت إذا أنت شهدت الموسم فناد: يا آل قريش، فإذا أجابوك
فناد: يا آل بني هاشم، فإن أجابوك، فسل عن أبي طالب فأخبره: أن فلانا قتلني في
عقال، ومات المستأجر، فلما قدم الذي استأجره، أتاه أبو طالب، فقال: ما فعل صاحبنا؟
قال: مرض، فأحسنت القيام عليه، فوليت دفنه، قال: قد كان أهل ذاك منك، فمكث حينا،
ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم، فقال: يا آل قريش، قالوا:
هذه قريش، قال: يا آل بني هاشم؟ قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا:
هذا أبو طالب، قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة، أن فلانا قتله في عقال. فأتاه أبو
طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت
صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، فإن أبيت قتلناك به، فأتى قومه
فقالوا: نحلف، فأتته امرأة من بني هاشم، كانت تحت رجل منهم، قد ولدت له، فقالت: يا
أبا طالب، أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تصبر
⦗١٣٩٧⦘
يمينه حيث تصبر الأيمان، ففعل، فأتاه
رجل منهم فقال: يا أبا طالب أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب
كل رجل بعيران، هذان بعيران، فاقبلهما عني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان،
فقبلهما، وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا، قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، ما حال
الحول، ومن الثمانية والأربعين عين تطرف.
(القسامة) هي عند الحنفية: أيمان المتهمين
بالقتل على نفي القتل عنهم. وعند الشافعية: أيمان أولياء المقتول، مقسومة عليهم
بحسب استحقاقهم في الإرث. (رجل من بني هاشم) هو عمرو بن علقمة بن المطلب. (عروة
جوالقه) هو وعاء من جلود وثياب وغيرها، وهو فارسي معرب، وأصله: كواله. (أغثني)
أعني. (بعقال) بحبل. (فحذفه) رماه، والحذف رمي الشيء بالأصابع. (الموسم) موسم
الحج. (تجيز ابني) تأذن له في ترك اليمين. (تصبر) تحبس، وصبر اليمين أن يلزم
المأمور بها ويكره عليها. (حيث تصبر الأيمان) في المكان الذي يحبس الناس فيه
ليحلفوا، وكانوا يحلفون بين الركن أي الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام.
(عين
تطرف) تتحرك، وهو كناية عن الحياة، أي لم يبق أحد منهم وماتوا جميعا.
٣٦٣٣ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله
ﷺ، فقدم رسول الله ﷺ وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا، قدمه الله لرسوله ﷺ
في دخولهم في الإسلام.
[ر: ٣٥٦٦]
٣٦٣٤ - وقال ابن وهب: أخبرنا عمرو، عن بكير
بن الأشج: أن كريبا مولى ابن عباس حدثه: أَنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
لَيْسَ السعي ببطن الوادي بين الصفا
والمروة سنة، إنما كان أهل الجاهلية يسعونها، ويقولون: لا نجيز البطحاء إلا شدا.
(السعي) الإسراع في المشي والهرولة. (ببطن
الوادي) وسطه، وهي المسافة بين المصابيح الخضر الآن. (لا نجيز) لا نقطع. (البطحاء)
المكان المتسع يمر به السيل فيترك فيه الرمل والحصى الصغار، وقد تطلق عليهما.
(شدا) بقوة وعدو شديد.
٣٦٣٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا سفيان: أخبرنا مطرف: سمعت أبا السفر يقول:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
يا أيها الناس، اسمعوا مني ما أقول
لكم، وأسمعوني ما تقولون، ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس، قال ابن عباس، من طاف
بالبيت، فليطف من وراء الحجر، ولا تقولوا الحطيم، فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف،
فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه.
(الحجر) المكان المحوط بجدار قصير من جهة
الميزاب. (الحطيم) سماه بذلك أهل الجاهلية لأنه يحطم أمتعتهم، وكانوا إذا تحالفوا
ألقوا الأشياء المذكورة في الحجر علامة لعقد حلفهم.
٣٦٣٦ - حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا هشيم، عن
حصين، عن عمرو بن ميمون قال:
⦗١٣٩٨⦘
رأيت في الجاهلية قردة اجتمع قردة،
قد زنت، فرجموها، فرجمتها معهم.
(زنت) واقعها أحد القردة. (فرجموها) رموها
بالحجارة حتى ماتت، وخلاصة ما قاله الشراح في هذا: أن المراد: أنه شاهد ما صورته
زنا ورجم، فقد ذكروا أنها كانت نائمة إلى جانب قرد، فجاء آخر فغمزها، فذهبت معه
حتى واقعها، ثم رجعت توهم أنها ما زالت إلى جنبه، وهذا ربما يحصل بدافع الغريزة،
وإلا فالحيوان ليس مكلفا، ولا يسمى فعله بما يسمى به فعل المكلفين من بني آدم.
٣٦٣٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عبيد الله: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما قال:
خلال من خلال الجاهلية: الطعن في
الأنساب، والنياحة، ونسي الثالثة، قال سفيان: ويقولون: إنها الاستسقاء بالأنواء.
(خلال) خصال وأعمال. (النياحة) رفع الصوت
بالبكاء على الميت مع التكلم أو الفعل بما يدل على الجزع. (بالأنواء) جمع نوء، وهو
منزل القمر، وكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، وسقينا بنوء كذا.
٥٧ - باب: مبعث النبي ﷺ.
محمد، بن عبد الله بن عبد المطلب بن
هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن
النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
٣٦٣٨ - حدثنا أحمد بن أبي رجاء: حدثنا
النضر، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أمر بالهجرة، فهاجر إلى المدينة،
فمكث بها عشر سنين، ثم توفي ﷺ.
[٣٦٨٩،
٣٦٩٠]
٥٨ - باب: ما لقي النبي ﷺ وأصحابه من
المشركين بمكة.
٣٦٣٩ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا
بيان وإسماعيل قالا: سمعنا قيسا يقول: سمعت خبابا يَقُولُ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ متوسد
بردة وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت: يا رسول الله، ألا تدعو
الله، فقعد وهو محمر وجهه، فقال: (لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد، ما دون
عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه، فيشق
باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الركاب من صنعاء إلى
حضرموت ما يخاف إلا الله).
زاد بيان:
⦗١٣٩٩⦘
(والذئب على غنمه).
[ر: ٣٤١٦]
٣٦٤٠ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ النجم فسجد، فما
بقي أحد إلا سجد، إلا رجل رأيته أخذ كفا من حصا فرفعه فسجد عليه، وقال: هذا
يكفيني، فلقد رأيته بعد قتل كافرا بالله.
[ر: ١٠١٧]
٣٦٤١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ ميمون، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
بينا النبي ﷺ ساجد، وحوله ناس من
قريش، جاء عقبة ابن أبي معيط بسلى جزور، فقذفه على ظهر النبي ﷺ، فلم يرفع رأسه،
فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(اللَّهُمَّ عليك الملأ من قريش، أبا جهل بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ
رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ ربيعة، وأمية بن خلف، أو أبي بن خلف). - شعبة الشاك -
فرأيتهم قتلوا يوم بدر، فألقوا في بئر غير أمية أو أبي، تقطعت أوصاله، فلم يلق في
البئر.
[ر: ٢٣٧]
٣٦٤٢ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن منصور: حدثني سعيد بن جبير، أو قال: حدثني
الحكم، عن سعيد بن جبير قال:
أمرني عبد الرحمن بن أبزى قال: سل
ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما: ﴿ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا
بالحق﴾. ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا﴾. فسألت ابن عباس فقال: لما أنزلت التي في
الفرقان، قال مشركوا أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلها
آخر، وقد أتينا الفواحش، فأنزل الله: ﴿إلا من تاب وآمن﴾. فهذه لأولئك، وأما التي
في النساء: الرجل إذا
⦗١٤٠٠⦘
عرف الإسلام وشرائعه، ثم قتل فجزاؤه
جهنم. فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم.
[٤٣١٤،
٤٤٨٤ - ٤٤٨٨]
(التي في الفرقان) وهي: لا تقتلوا ...،
واللفظ هكذا في الرواية، والآية
في التلاوة بتمامها والتي بعدها:
﴿والذين يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي
حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ
أَثَامًا. يُضَاعَفْ له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا﴾ /الفرقان: ٦٨، ٦٩/.
(أثاما) عقوبة على فعله. (يخلد) يبقى باستمرار، أو إلى أمد طويل، حسب جريمته
واعتقاده. (مهانا) ذليلا. (قال مشركو مكة ..) أي فلا يقبل منا توبة. (الآية)
وتتمتها: ﴿وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾.
/الفرقان: ٧٠/. (لأولئك) أي نزلت في حق المشركين وجوابا لهم، وبيانا أن الإسلام
يسقط ما قبله من ذنب. (التي في النساء) وهي بتمامها: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا
فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما﴾ /النساء: ٩٣/.
(متعمدا) قاصدا قتله بغير حق. (خالدا فيها) لا يخرج منها إن استحل قتله، ويبقى
فيها طويلا إن اعتقد حرمته. (لعنه) أبعده من رحمته ودخول جنته. (عرف الإسلام) أي
أسلم وعرف حرمة قتل النفس في الإسلام. (من ندم) أي فلا يخلد في النار إن عذب فيها.
٣٦٤٣ - حدثنا عياش بن الوليد: حدثنا الوليد
بن مسلم: حدثني الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إبراهيم التيمي قال: حدثني عروة ابن الزبير قال:
سألت ابن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد
شيء صنعه المشركون بالنبي ﷺ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يصلي في حجر الكعبة، إذ
أقبل عقبة بن ابي معيط، فوضع ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر حتى
أخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ﴿أتقتلون رجلا يقول ربي
الله﴾. الآية.
تابعه ابن إسحاق: حدثني يحيى بن
عروة، عن عروة: قلت لعبد الله بن عمرو. وقال عبدة، عن هشام، عن أبيه: قيل لعمرو بن
العاص. وقال محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة: حدثني عمرو بن العاص.
[ر: ٣٤٧٥]
(حجر الكعبة) وهو ما يسمى بحجر إسماعيل عليه
السلام. (الآية)
وتتمتها: ﴿وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم
بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾. /غافر: ٢٨/.
٥٩ - باب: إسلام أبي بكر الصديق رضي الله
عنه.
٣٦٤٤ - حدثني عبد الله بن حماد الآملي قال:
حدثني يحيى بن معين: حدثنا إسماعيل بن مجالد، عن بيان، عن وبرة، عن همام بن الحارث
قال: قال عمار بن ياسر:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وما معه
إلا خمسة أعبد وامرأتان، وأبو بكر.
[ر: ٣٤٦٠]
٦٠ - باب: إسلام سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ رضي الله عنه.
٣٦٤٥ - حدثني إسحاق: أخبرنا أبو أسامة:
حدثنا هاشم قال: سمعت سعيد ابن المسيب قال: سمعت أبا إسحاق سعد بن أبي وقاص يقول:
ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت
فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثلث الإسلام.
[ر: ٣٥٢٠].
٦١ - باب: ذكر الجن.
وقول الله تعالى: ﴿قل أوحي إلي أنه
استمع نفر من الجن﴾ /الجن: ١/.
(أوحي إلي) أخبرت بالوحي من الله تعالى.
(نفر) جماعة منهم.
٣٦٤٦ - حدثني عبيد بن سعيد: حدثنا أبو
أسامة: حدثنا مسعر، عن معن ابن عبد الرحمن قال: سمعت أبي قال:
سألت مسروقا: من آذن النبي ﷺ بالجن
ليلة استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك، يعني عبد الله: أنه آذنت بهم شجرة.
أخرجه مسلم في الصلاة، باب: الجهر
بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، رقم: ٤٥٠. (آذن) أعلم.
٣٦٤٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يحيى بن سعيد قال: أخبرني جدي، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّهُ كان يحمل مع النبي ﷺ إداوة
لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها، فقال: (من هذا). فقال: أنا أبو هريرة، فقال:
(ابغني أحجارا أستنفض بها، ولا تأتيني بعظم ولا بروثة). فأتيته بأحجار أحملها في
طرف ثوبي، حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت، فقلت: ما بال العظم
والروثة؟ قال: (هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين، ونعم الجن، فسألوني
الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما).
[ر: ١٥٤]
(ما بال العظم والروثة) أي نهيتني عن الإتيان
بها للاستنجاء. (وجدوا عليها طعاما) حقيقة، بخلق الله تعالى، أو أنها هي تكون
طعاما، أو العظم طعام لهم، والروث علف لدوابهم، كما ورد، والله تعالى ورسوله أعلم.
٦٢ - باب: إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله
عنه.
٣٦٤٨ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مهدي: حدثنا المثنى، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
لما بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوداي فاعلم لِي عِلْمَ هَذَا
الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نبي، يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم
ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه، وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته
يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاما ما هو بالشعر، فقال: ما شفيتني مما أردت، فتزود وحمل
شنة له فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد فالتمس النبي ﷺ
⦗١٤٠٢⦘
ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى
أدركه بعض الليل، فرآه علي فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما
صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يراه
النبي ﷺ حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال: أما نال للرجل أن يعلم منزله؟
فأقامه فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان اليوم الثالث،
فعاد علي مثل ذلك، فأقام معه ثم قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك، قال: إن أعطيتني
عهدا وميثاقا لترشدني فعلت، ففعل فأخبره، قال: فإنه حق، وهو رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
فَإِذَا أصبحت فاتبعني، فإني رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت
فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل، فانطلق يقفوه حتى دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ ودخل
معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (ارجع إلى قومك
فأخبرهم حتى يأتيك أمري). قال: والذي نفسي بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج
حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،
وَأَنَّ محمدا رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكب عليه،
قال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجاركم إلى الشأم، فأنقذه منهم، ثم
عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكب العباس عليه.
[ر: ٣٣٢٨]
(شنة) قربة صغيرة بالية، من جلد أو غيره،
يكون الماء فيها أبرد من غيرها. (يقفوه) يتبعه. (أضجعوه) رموه على الأرض.
٦٣ - باب: إسلام سعيد بن زيد رضي الله عنه.
٣٦٤٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إسماعيل، عن قيس قال: سمعت سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ في مسجد الكوفة يقول:
والله لقد رأيتني، وإن عمر لموثقي
على الإسلام، قبل أن يسلم عمر، ولو أن أحدا ارفض للذي صنعتم بعثمان لكان.
[٣٦٥٤،
٦٥٤٣]
(لموثقي) من الوثاق، وهو ما يشد به ويربط، أي
ضيق علي وأهانني. (ارفض) أي زال عن مكانه وتفرق، وفي رواية: (انقض) وفي أخرى:
(انفض) وكلها متقاربة المعنى. (للذي صنعتم) لأجل صنعكم المنكر به. (لكان) أي حقيقا
بالارفضاض، وفي نسخة زيادة: (محقوقا أن يرفض).
٦٤ - باب: إسلام عمر بن الخطاب رضي الله
عنه.
٣٦٥٠ - حدثني محمد بن كثير: أخبرنا
سُفْيَانُ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس بن أبي حازم، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:
ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
[ر: ٣٤٨١]
٣٦٥١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: حدثني عمر ابن محمد قال: فأخبرني جدي زَيْدِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أبيه قال:
بينما هو في الدار خائفا، إذ جاءه
العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم،
وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن
أسلمت، قال: لا سبيل إليك، بعد أن قالها أمنت، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم
الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ، قال: لا سبيل
إليه، فكر الناس.
(هو) أي عمر رضي الله عنه.
(حلة
حبرة) برد مخططة بالوشي، وهو النقش. (مكفوف) مخطط بحرير. (لا سبيل إليك) لا يستطيع
أحد أن يصل إليك بمكروه. (أمنت) زال خوفي. (سال بهم الوادي) أي ملؤوا الوادي
بكثرتهم. (صبأ) مال وخرج عن دين آبائه.
٣٦٥٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال عمرو بن دينار: سمعته قَالَ: قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:
لما أسلم عمر، اجتمع الناس عند داره،
وقالوا: صبأ عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد
صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار، قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه، فلت: من هذا؟ قالوا:
العاص بن وائل.
(قباء) ثوب يلبس فوق الثياب. (ديباج) نوع من
الثياب لحمته وسداه حرير، أي نسجه من الحرير الخالص. (فما ذاك) أي فلا بأس ولا
اعتراض عليه. (جار) أحفظه وأحميه من أن يظلمه أحد. (تصدعوا عنه) تفرقوا.
٣٦٥٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: حدثني عمر: أن سالما حدثه، عن عبد الله بن عمر
قال:
ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه
كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس، إذ مر به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني، أو
إن هذا
⦗١٤٠٤⦘
على دينه في الجاهلية، أو: لقد كان
كاهنهم، علي الرجل، فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل
مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما
أعجب ما جاءتك به جنيتك، قال: بينما أنا يوما في السوق، جاءتني فيها الفزع، فقالت:
ألن تر الجن وإبلاسها، ويأسها من بعد إنكاسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها. قال عمر:
صدق، بينما أنا عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخا قط
أشد صوتا منه يقول: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا أنت، فوثب القوم،
قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول:
لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي.
(كاهنهم) كاهن قومه، يتنبأ لهم بالأمور
المستقبلة بدون دليل. (علي الرجل) أحضروه إلي وقربوه مني، والرجل هو سواد بن قارب.
(أعزم عليك) أقسم عليك. (جنيتك) أنثى الجن. (إبلاسها) تحيرها، وقيل: صيرورتها مثل
إبليس حائرا. (إنكاسها) انتكاسها، وهو الانقلاب على الرأس. (بالقلاص) جمع قلوص،
وهي الناقة الشابة. (أحلاسها) جمع حلس، وهو كساء رقيق يوضع تحت ما يجلس عليه
الراكب على ظهر الدابة. (صارخ) يسمع صوته ولا ترى صورته. (جليح) اسم رجل، ناداه
به، ومعناه: الوقح الكاشف بالعداوة. (نجيح) من النجاح، وهو الظفر بالحوائج. (فصيح)
من الفصاحة، وهي: البيان، وسلامة الألفاظ من الإبهام وسوء التأليف. (ما نشبنا) ما
مكثنا وتعلقنا بشيء. (أن قيل) إذ ظهر القول بين الناس بخروج النبي ﷺ.
٣٦٥٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا إسماعيل: حدثنا قيس قال: سمعت سعيد
بن زيد يقول للقوم:
لو رأيتني موثقي عمر على الإسلام،
أنا وأخته، وما أسلم، ولو أن أحدا انقض لما صنعتم بعثمان، لكان محقوقا أن ينقض.
[ر: ٣٦٤٩]
٦٥ - باب: انشقاق القمر.
٣٦٥٥ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا بشر بن المفضل: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي
عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن أهل مكة سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهما.
[ر: ٣٤٣٨]
٣٦٥٦ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي
حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن إبراهيم، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ رضي الله عنه قال:
انشق القمر وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ
ﷺ بمنى، فقال: (اشهدوا).
⦗١٤٠٥⦘
وذهبت فرقة نحو الجبل.
وقال أبو الضحى، عن مسروق، عن عبد
الله: انشق بمكة، وتابعه محمد بن مسلم، عن ابن نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ
أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الله.
[ر: ٣٤٣٧]
٣٦٥٧ - حدثنا عثمان بن صالح: حدثنا بكر بن
مضر قال: حدثني جعفر ابن ربيعة، عن عراك بن مالك، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما:
أن القمر انشق على زَمَانِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣٤٣٩]
٣٦٥٨ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ:
حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الأعمش: حدثنا إبراهيم، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
انشق القمر.
[ر: ٣٤٣٧]
٦٦ - باب: هجرة الحبشة.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: (أريت دار هجرتكم، ذات نخل بين لابتين). فهاجر من هاجر قبل المدينة،
ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة.
[ر: ٣٦٩٢]
فيه، عن أبي موسى، وأسماء، عن النبي
ﷺ.
[ر: ٣٦٦٣، ٣٩٩٠]
(أريت) في المنام، أو اطلعت عليها في اليقظة.
(لابتين) مثنى لابة،
وهي الأرض ذات الحجارة السوداء التي
قد لبستها لكثرتها. (أسماء) بنت عميس رضي الله عنها.
٣٦٥٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا هشام: أخبرنا معمر، عن الزهري: حدثنا عروة بن
الزبير: أن عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ
وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأسود بن عبد يغوث قالا له:
ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه
الوليد بن عقبة، وكان أكثر الناس فيما فعل به، قال عبيد الله: فانتصبت لعثمان حين
خرج إلى الصلاة، فقلت له: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة، فقال: أيها المرء، أعوذ
بالله منك، فانصرفت، فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وإلى ابن عبد يغوث،
فحدثتهما بالذي قلت لعثمان وقال لي، فقالا: قد قضيت الذي كان عليك، فبينما أنا
جالس معهما، إذ جاءني رسول عثمان، فقالا لي: قد ابتلاك الله، فانطلقت حتى دخلت
عليه، فقال: ما نصيحتك التي ذكرت آنفا؟ قال: فتشهدت، ثم قلت: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ
مُحَمَّدًا ﷺ وأنزل عليه الكتاب،
⦗١٤٠٦⦘
وكنت ممن استجاب لله ورسوله ﷺ وآمنت
به، وهاجرت الهجرتين الأوليين، وصحبت رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَرَأَيْتُ هديه، وقد أكثر
الناس في شأن الوليد بن عقبة، فحق عليك أن تقيم عليه الحد، فقال لي: يا ابن أختي،
آدركت رسول الله ﷺ؟ قال: قلت: لا، ولكن قد خلص إلي من علمه إلى العذراء في سترها،
قال: فتشهد عثمان فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بالحق، وأنزل عليه
الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ورسوله ﷺ، وآمنت بما بعث به محمد ﷺ، وهاجرت الهجرتين
الأوليين، كما قلت، وصحبت رسول الله ﷺ وبايعته، والله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه
الله، ثم استخلف الله أبا بكر، فوالله ما عصيته ولا غششته، ثم استخلف عمر، فوالله
ما عصيته ولا غششته، ثم استخلفت، أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم علي؟ قال: بلى،
قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ فأما ما ذكرت من شأن الوليد بن عقبة،
فسنأخذ فيه إن شاء الله بالحق، قال: فجلد الوليد أربعين جلدة، وأمر عليا أن يجلده،
وكان هو يجلده.
وقال يونس، وابن أخي الزهري، عن
الزهري: أفليس لي عليكم من الحق مثل الذي كان لهم.
[ر: ٣٤٩٣]
قال أبو عبد الله: ﴿بلاء من ربكم﴾
/البقرة: ٤٩/ و/الأعراف: ١٤١/: ما ابتليتم به من شدة. وفي موضع: البلاء الابتلاء
والتمحيص، من بلوته ومحصته، أي استخرجت ما عنده، يبلو، يختبر. ﴿مبتليكم﴾ /البقرة:
٢٤٩/: مختبركم. وأما قوله: بلاء عظيم: النعم، وهي من أبليته، وتلك من ابتليته.
(ابتلاك الله) من الابتلاء، وهو الاختبار
بنزول المصيبة، ولعلهما ظنا أن عثمان رضي الله عنه سيضر به لنصحه، وحاشاه رضي الله
عنه وأرضاه. (آنفا) قريبا وقبل قليل من الوقت. (فتشهدت) قلت كلمتي الشهادة. (الحد)
أي حد شرب الخمر. (أربعين جلدة) مر في الحديث [٣٤٩٣] أنه جلده ثمانين جلدة، وأجيب:
أن التخصيص بالعدد لا ينفي الزائد. (من أبليته ..) في المصباح: أبلاه وابتلاه
بمعنى امتحنه. وفي القاموس المحيط: والبلاء يكون منحة ويكون محنة].
٣٦٦٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ
سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ،
فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كان فيه مالرجل
الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فيه تيك الصور،
أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة).
[ر: ٤١٧]
٣٦٦١ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا
إسحاق بن سعيد السعيدي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ قالت:
قدمت من أرض الحبشة وأنا جويرية،
فكساني رسول الله ﷺ خميصة لها أعلام، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يمسح الأعلام
بيده ويقول: (سناه سناه).
قال الحميدي: يعني حسن حسن.
[ر: ٢٩٠٦]
(جويرية) تصغير جارية، وهي البنت الصغيرة.
(خميصة) ثوب من خز أو صوف. (أعلام) خطوط.
٣٦٦٢ - حدثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ
وَهُوَ يصلي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ
سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، إنا كنا نسلم عليك فترد علينا؟
قال: (إن في الصلاة شغلا). فقلت لإبراهيم: كيف تصنع أنت؟ قال: أرد في نفسي.
[ر: ١١٤١]
(أرد في نفسي) أي في الذهن، بدون تحريك لسان
أو إخراج حروف.
٣٦٦٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عن أبي موسى رضي الله عنه:
بلغنا مخرج النبي ﷺ ونحن باليمن
فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب،
فأقمنا معه حتى قدمنا، فوافقنا النبي ﷺ حين افتتح خيبر، فقال النبي ﷺ: (لكم أنتم
يا أهل السفينة هجرتان).
[ر: ٢٩٦٧]
٦٧ - باب: موت النجاشي.
٣٦٦٤ - حدثنا أبو الربيع: حدثنا ابن عيينة،
عن ابن جريح، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ حين مات النجاشي:
(مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا عل أخيكم أصحمة).
٣٦٦٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ
حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ: أَنَّ عطاء حدثهم، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما:
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ صلى على
النجاشي، فصفنا وراءه، فكنت في الصف الثاني أو الثالث.
٣٦٦٦ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله
عنهما:
أن النبي ﷺ صلى على أصحمة النجاشي،
فكبر عليه أربعا.
تابعه عبد الصمد.
[ر: ١٢٥٤]
٣٦٦٧ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وابن
الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أخبرهما:
أن رسول الله ﷺ نعى لهم النجاشي،
صاحب الحبشة، في اليوم الذي مات فيه، وقال: (استغفروا لأخيكم).
(صاحب الحبشة) حاكمها وصاحب السلطان فيها.
٣٦٦٨ - وعن صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وسعيد بن المسيب: أن
أبا هريرة رضي الله عنه أخبرهم:
أن رسول الله ﷺ صف بهم في المصلى،
فصلى عليه، وكبر أربعا.
[ر: ١١٨٨]
٦٨ - باب: تقاسم المشركين عَلَى
النَّبِيِّ ﷺ.
٣٦٦٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ حين أراد حنينا:
(مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حيث تقاسموا
على الكفر).
[ر: ١٥١٢]
٦٩ - باب: قصة أبي طالب.
٣٦٧٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا عبد الملك: حدثنا عبد الله بن الحارث: حدثنا
الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه:
قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ما أغنيت عن
عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: (هو في ضحضاح من نار، ولولا أَنَا لَكَانَ فِي
الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
[٥٨٥٥،
٦٢٠٣]
أخرجه مسلم في الإيمان، بَاب:
شَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ لأبي طالب، رقم: ٢٠٩. (ما أغنيت) ماذا نفعته، وأي شيء
دفعته عنه. (عمك) أبي طالب. (يحوطك) يصونك ويدافع عنك. (ضحضاح) هو الموضع القريب
القعر، والمعنى: أنه خفف عنه شيء من العذاب. (الدرك) طبق من أطباق جهنم، وأسفل كل
شيء ذي عمق، ويقال لما انخفض درك، كما يقال لما ارتفع درج.
٣٦٧١ - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ
الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ:
أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل
عليه النبي ﷺ وعنده أبو جهل، فقال: (أي عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،
كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ
اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا
يكلمانه، حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنه). فنزلت: ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن
يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾.
ونزلت: ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾.
[ر: ١٢٩٤]
(تبين لهم) ظهر لهم وثبت بموتهم على الكفر.
(أصحاب الجحيم) المستحقون لدخول النار والخلود فيها. /التوبة: ١١٣/. (لا تهدي من
أحببت) ليس في قدرتك أن تدخل في الإسلام كل من رغبت في هدايته. /القصص: ٥٦/.
٣٦٧٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حدثنا ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
خَبَّابٍ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله:
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، وذكر
عنده عمه، فَقَالَ: (لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي منه دماغه).
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حازم والدراوردي، عن يزيد: بهذا. وقال: (تغلي
منه أم دماغه).
[٦١٩٦]
أخرجه مسلم في الإيمان، بَاب:
شَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ لأبي طالب ..، رقم: ٢١٠. (في ضحضاح ..) أي ليس في أسافل
جهنم، وانظر: ٣٦٧٠. (أم دماغه) أصل دماغه.
٧٠ - باب: حديث الإسراء.
وقول الله تعالى: ﴿سبحان الذي أسرى
بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ /الإسراء: ١/.
(سبحان) من التسبيح، وهو التنزيه عن النقائص
والعيوب. (أسرى) من السرى، وهو سير الليل.
٣٦٧٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب: حدثني
⦗١٤١٠⦘
أبو سلمة بن عبد الرحمن: سَمِعْتُ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يقول: (لما كذبني قريش، قمت في الحجر، فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن
آياته وأنا أنظر إليه).
[٤٤٣٣]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: ذكر
المسيح بن مريم والمسيح الدجال، رقم: ١٧٠. (الحجر) ما تحت ميزاب الرحمة، المحاط
بجدار قصير. (فجلا) كشف الحجب بيني وبينه. (فطفقت) أخذت وشرعت. (آياته) علاماته
وأوضاعه وأحواله.
٧١ - باب: المعراج.
٣٦٧٤ - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ:
حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يحيى: حدثنا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
مَالِكِ بن صعصعة رضي الله عنهما:
أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حدثهم عن
ليلة أسري به: (بينما أنا في الحطيم، وربما قال في الحجر، مضطجعا، إذ أتاني آت فقد
- قال: وسمعته يقول: فشق - ما بين هذه إلى هذه - فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما
يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته، وسمعته يقول: من قصه إلى شعرته - فاستخرج
قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم حشي ثم أعيد، ثم أتيت
بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض - فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال
أنس: نعم - يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء
الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد
أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت فإذا فيها
آدم، فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن
الصالح والنبي الصالح، ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟
قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا
به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، قال: هذا
يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح،
ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟
قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح،
فلما خلصت إذا
⦗١٤١١⦘
يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه،
فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى
السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل:
أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إلى
إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح
والنبي الصالح، ثم صعد بي، حتى إذا أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال:
جبريل، قيل: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ ﷺ، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم،
قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه،
فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى إذا
أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: محمد،
قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا
موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح،
والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي
يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة
فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث
إليه، قال: نعم، قال: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا إبراهيم، قال: هذا
أبوك فسلم عليه، قال: فسلمت عليه فرد السلام، قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي
الصالح، ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان
الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران،
فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل
والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك. ثم أتيت بإناء من
خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن فقال: هي الفطرة أنت عليها وأمتك، ثم
فرضت علي
⦗١٤١٢⦘
الصلوات خمسين صلاة كل يوم، فرجعت
فمررت على موسى، فقال: بم أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: أمتك لا
تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد
المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى
موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني
عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت فقال مثله،
فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بما أمرت؟ قلت: أمرت بخمس
صلوات كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك
وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت
ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، قال: فلما جاوزت نادى مناد: أمضيت فريضتي،
وخففت عن عبادي).
[ر: ٣٠٣٥]
(الحطيم) هو الحجر. (ثغرة نحره) الفجوة التي
بين الترقوتين أعلى الصدر وأسفل العنق. (شعرته) شعر العانة. (الفطرة) أصل الخلقة
التي يكون عليها كل مولود، إذ يكون اللبن أول ما يدخل جوفه ويشق أمعاءه.
٣٦٧٥ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس رضي الله
عنهما:
في قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا
الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً للناس﴾. قَالَ: هِيَ رُؤْيَا
عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ
الْمَقْدِسِ. قَالَ: ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القرآن﴾. قال: هي شجرة الزقوم.
[٤٤٣٩،
٦٢٣٩]
(فتنة) بلاءا واختبارا لإيمان الناس
وتصديقهم. (الملعونة) وصفت بذلك لأنها طعام الملعونين، أو لأن العرب تقول لكل طعام
ضار ملعون. (في القرآن) المذكورة في القرآن بالوصف المنفر، وجاء ذلك في قوله
تعالى: ﴿أذلك خير أم شجرة الزقوم. إنا جعلناهال فتنة للظالمين. إنها شجرة تخرج في
أصل الجحيم. طلعها كأنه رؤوس الشياطين﴾ /الصافات: ٦٢ - ٦٥/. (نزلا) رزقا وضيافة.
(فتنة) عذابا. (للظالمين) الكافرين والفاسقين. (تخرج) تنبت. (أصل الجحيم) قعر
جهنم. (طلعها) ثمرها. (كأنه ..) من حيث الكراهية وقبح المنظر. (الزقوم) من الزقم،
وهو اللقم الشديد والشرب المفرط. /الإسراء: ٦٠/.
٧٢ - باب: وفود الْأَنْصَارِ إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ بمكة، وبيعة العقبة.
٣٦٧٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب. وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ
⦗١٤١٣⦘
بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ
مَالِكٍ:
أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ،
وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يحدث
حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي غزوة تبوك، بطوله. قال ابن بكير في حديثه:
ولقد شهدت مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةً العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب
أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها.
[ر: ٢٦٠٦]
(بطوله) أي الحديث كاملا بطوله. (شهدت) حضرت.
(تواثقنا) تعاهدنا وتبايعنا. (بها) بدلها وفي مقابلتها. (مشهد بدر) حضور غزوة بدر.
(أذكر) أكثر شهرة وذكرا بين الناس.
٣٦٧٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: كان عمرو يقول: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ رضي الله عنهما يقول:
شهد بي خالاي العقبة. قَالَ أَبُو
عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أحدهما البراء
ابن معرور.
(أحدهما) والآخر اسمه عمرو، رضي الله عنهم،
أحد البكائين، وهم
الذين جاؤوا إلى رسول الله ﷺ في غزوة
تبوك، وطلبوا منه أن يعطيهم ما يستطيعون به الخروج إلى الجهاد، فقال: (لا أجد ما
أحملكم عليه) فرجعوا وهم يبكون، حتى جهزهم بعض الصحابة رضوان الله عليهم، وفيهم
نزل قوله تعالى: ﴿ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه
تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون﴾ /التوبة: ٩٢/: أي لا إثم
عليهم في عدم خروجهم للجهاد، لعدم تيسر النفقة لديهم، مع عزمهم على الخروج وصدق
نيتهم فيه.
٣٦٧٨ - حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى:
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ: أَنَّ ابْنَ جريح أخبرهم: قال عطاء: قال جابر: أنا وأبي
وخالاي من أصحاب العقبة.
(أصحاب العقبة) الذين بايعوا النبي ﷺ على
الإسلام ليلة العقبة.
٣٦٧٩ - حدثني إسحاق بن منصور: أَخْبَرَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابن شهاب، عن عمه قال:
أخبرني أبو إدريس عائذ الله: أن عبادة بن الصامت، من الذين شهدوا بَدْرًا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ومن أصحابه ليلة العقبة أخبره:
أن رسول الله ﷺ قال، وحوله عصابة من
أصحابه: (تعالوا بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا
تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا
بِبُهْتَانٍ، تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي
فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ
مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ به في الدنيا فهو له كفارة، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ
ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ
عَاقَبَهُ، وَإِنْ شاء عفا عنه). قال فبايعته على ذلك.
٣٦٨٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حبيب، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ
الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بن الصامت رضي الله عنه أنه قَالَ:
إِنِّي مِنْ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ
بَايَعُوا رَسُولَ الله ﷺ، وقال: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ
شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ التي حرم الله
إلا بالحق، وَلَا نَنْتَهِبَ، وَلَا نَعْصِيَ، بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا
ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كَانَ قضاء ذلك إلى الله.
[ر: ١٨]
(النفس التي حرم الله) النفس الإنسانية التي
حرم الله إراقة دمها. (إلا بالحق) بسبب قتل أو كفر أو نحوه. (لا ننتهب) لا نأخذ
مال أحد بغير حق. (بالجنة) بمقابلة أن تكون لنا الجنة جزاء حال الامتثال. (غشينا)
أصبنا معصية وخالفنا العهد. (قضاء ذلك) الحكم فيه مفوض إليه سبحانه وتعالى.
٧٣ - باب: تزويج النبي ﷺ عائشة، وقدومها
المدينة، وبنائه بها.
(بنائه بها) كناية عن الدخول بها، لأنهم
كانوا يبنون قبة للمرأة إذا دخلوا بها، فأطلق البناء على الدخول.
٣٦٨١ - حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي
الْمَغْرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ ﷺ وأنا بنت
ست سنين، فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى
جميمة، فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها،
لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض
نفسي، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدَّارَ، فَإِذَا
نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ
وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فَلَمْ
يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين.
[٤٨٤٠،
٤٨٤١، ٤٨٦١، ٤٨٦٣، ٤٨٦٥]
أخرجه مسلم في النكاح، باب: تزويج
الأب البكر الصغيرة، رقم: ١٤٢٢. (تزوجني) عقد علي عقد الزواج، وكان ذلك قبل الهجرة
بثلاث سنين. (فوعكت) أصابني الوعك، وهو الحمى. (فتمزق) تقطع، وفي رواية: فتمزق، أي
انتتف. (فوفى) كثر. (جميمة) مصغر الجمة، وهي ما سقط على المنكبين من شعر الرأس.
(أم رومان) كنية أم عائشة رضي الله عنها، واسمها زينب بنت عامر بن عويمر، رضي الله
عنها. (لأنهج)
أتنفس تنفسا عاليا، ويغلبني التنفس من الإعياء، والنهج تتابع التنفس من شدة الحركة
أو فعل متعب. (خير طائر) قدمت على خير، وقيل: على خير حظ ونصيب. (فأصلحن من شأني)
أي مشطنها وزينها. (فلم يرعني) لم يفاجئني، ويقال هذا في الشيء الذي لا يتوقع،
فيأتي فجأة في غير زمانه ومكانه. (ضحى) ظهرا، ويروى (قد ضحى) أي ظهر.
٣٦٨٢ - حدثنا معلى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة رضي الله عنها:
أن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهَا: (أريتك
في المنام مرتين، أى أنك في سرقة من حرير، ويقال: هذا امرأتك، فاكشف عنها، فَإِذَا
هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا من عند الله يمضه).
[٤٧٩٠،
٤٨٣٢، ٦٦٠٩، ٦٦١٠]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
في فضل عائشة رضي الله عنها، رقم: ٢٤٣٨. (سرقة) قطعة حرير جيد. (يمضه) ينفذه ويأمر
به.
٣٦٨٣ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هشام، عن أبيه قال:
توفيت خديجة قبل مخرج النَّبِيُّ ﷺ
إِلَى الْمَدِينَةِ بثلاث سنين، فلبث سنتين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة، وهي بنت
ست سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين.
(نكح) عقد عقد زواجه عليها. (بنى بها) دخل
بها.
٧٤ - بَاب: هِجْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ وأصحابه
إلى المدينة.
وقال عبد الله بن زيد، وأبو
هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ
امْرَأً مِنْ الأنصار).
[ر: ٣٥٦٨، ٤٠٧٥]
وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ: (رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى
أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ، أَوْ هَجَرٌ،
فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يثرب).
[ر: ٣٤٢٥]
(وهلي) وهمي. (اليمامة) مدينة في اليمن.
(هجر) قرية قريبة من المدينة.
٣٦٨٤ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: سمعت أبا وائل يقول:
عُدْنَا خَبَّابًا، فَقَالَ:
هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى
اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يأخذ من أجره شيئا، منهم مصعب ابن عمير، قتل
يوم أحد، وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا
غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رأسه، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن نُغَطِّيَ
رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ إذخر، وَمِنَّا مَنْ
أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
[ر: ١٢١٧]
(نمرة) كساء ملون مخطط. (يهدبها) يجنيها
ويقطفها، أي يتمتع بفوائد هجرته في دنياه قبل آخرته.
٣٦٨٥ - حدثنا مسدد: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ،
هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ وقاص قال: سمعت عمر رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول:
(الأعمال بالنية، فمن كان هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجر إليه، ومن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله ورسوله).
[ر: ١]
٣٦٨٦ - حدثني إسحاق بن يزيد الدمشقي: حدثنا
يحيى بن حمزة قال: حدثني أبو عمرو الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن مجاهد بن
جبر المكي: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول:
لا هجرة بعد الفتح.
[٤٠٥٦،
٤٠٥٧]
(لا هجرة بعد الفتح) أي أصبحت الهجرة غير
واجبة بعد فتح مكة، لأن مكة أصبحت دار إيمان، وقد عز الإسلام وظهر، وكانت قبل ذلك
واجبة، ليتخلص المسلمون من الأذى، ولتجتمع قواهم في المدينة، مقر دولة العدالة
والحق.
٣٦٨٧ - قال يحيى بن حمزة: زحدثني الأوزاعي،
عن عطاء بن أبي رباح قال:
زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثي،
فسألناها عن الهجرة فقالت: لا هجرة بعد اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى
الله تعالى وإلى رسوله ﷺ، مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام،
والمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية.
[ر: ٢٩١٤]
(يفتن عليه) يعذب حتى يرجع عن دينه. (جهاد
ونية) أي يجاهد، أو ينوي الجهاد، فيحصل له الأجر والثواب إذا لم يجاهد فعلا.
٣٦٨٨ - حدثني زكرياء بن يحيى: حدثنا ابن
نمير: قال هشام: فأخبرني أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَنَّ سعدا قال: اللهم إنك تعلم: أنه
ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك، من قوم كذبوا رسولك ﷺ وأخرجوه، اللهم فإني أظن
أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم.
وقال أبان بن يزيد: حدثنا هشام، عن
أبيه: أخبرتني عائشة: من قوم كذبوا نبيك وأخرجوه، من قريش.
[ر: ٤٥١]
(سعدا) هو ابن معاذ رضي الله عنه.
(أظن)
أقدر وأتوقع. (وضعت الحرب) أنهيتها.
٣٦٨٩ - حدثنا مطر بن الفضل: حدثنا روح بن
عبادة: حدثنا هِشَامٍ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأربعين
سنة، فمكث
⦗١٤١٧⦘
بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم
أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين.
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كم أقام
انبي ﷺ بمكة والمدينة، رقم: ٢٣٥١.
٣٦٩٠ - حدثني مطر بن الفضل: حدثنا روح بن
عبادة: حدثنا زكرياء ابن إسحاق: حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال:
مكث رسول الله ﷺ بمكة ثلاث عشرة،
وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
[ر: ٣٦٣٨]
٣٦٩١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مالك، عن أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله، عن عبيد،
يعني ابن حنين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ جلس على المنبر فقال:
(إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما
عنده). فبكى أبو بكر وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فعجبنا له، وقال الناس:
انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله ﷺ عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة
الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إن من أمن
الناس علي في صحبته وماله أبا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ
أُمَّتِي لتخذت أبا بكر، إلا خلة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي
بكر).
[ر: ٤٥٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل أبي بكر رضي الله عنه، رقم: ٢٣٨٢. (زهرة الدنيا) نعيمها وأعراضها. (خوخة)
هي الباب الصغير بين البيتين ونحوه.
٣٦٩٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ،
قَالَتْ:
لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ
إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا
يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً،
فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة، حتى إذا
بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ،
فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن
أسيح في الأرض وأعبد ربي. قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج،
إنك تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي
الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحق، فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك.
فرجع وارتحل معه ابن الدغنة،
⦗١٤١٨⦘
فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف
قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا
يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ،
وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، ويعين على نوائب الحق. فلم تكذب قريش
بجوار ابن الدغنة، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ
ربه في داره، فليصل فيها وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا
يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر،
فلبث بذلك يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ فِي غَيْرِ دَارِهِ،
ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فابتنى مسجدا بفناء داره، وكان يصلي فيه، ويقرأ
القرآن، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يَعْجَبُونَ مِنْهُ
وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ
عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القرآن، وأفزع ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابن الدغنة فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا
أبا بكر بجوارك، على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره،
فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه،
فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ،
وَإِنْ أَبَى إِلَّا أن يعلن بذلك، فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا قد كَرِهْنَا أَنْ
نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن
الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ
تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وإما أن ترجع إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ
أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. فقال أبو
بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَوْمَئِذٍ
بِمَكَّةَ، فقال النبي ﷺ للمسلمين: (إني أريت دار هجرتكم، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ
لَابَتَيْنِ). وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة
من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لي). فقال
أبو بكر: وهل تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: (نَعَمْ). فَحَبَسَ أَبُو
بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ
كَانَتَا عنده ورق السمر، وهو الخبط، أربعة أشهر.
قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة:
فبينما نحن يوما جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظهيرة، قال قَائِلٌ
لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ
يَأْتِينَا
⦗١٤١٩⦘
فِيهَا، فقال أبو بكر: فداء له أبي
وأمي، والله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أمر. قالت: فَجَاءَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاستأذن، فأذن له فدخل، فقال النبي ﷺ لأبي بكر: (أخرج من عندك).
فقال أبو بكر: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَالَ: (فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخروج). فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (نعم). قال أبو بكر: فَخُذْ -
بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِحْدَى راحلتي هاتين، قال رسول الله ﷺ:
(بالثمن). قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لَهُمَا سُفْرَةً فِي
جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بكر قطعة
من نطاقها، فربطت به على فم الجراب،
فبذلك سميت ذات النطاقين، قالت ثم لحق رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بكر بغار في جبل
ثور، فكمنا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بن أبي
بكر، وهو غلام شاب، ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ
بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أمرا يكتادان بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى
يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، وَيَرْعَى
عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ،
فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فيبيتان في
رسل، وهو لبن منحتهما ورضيفهما، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ
بِغَلَسٍ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ وأبو بكر رجلا من بني الديل، وهو مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ،
هَادِيًا خِرِّيتًا، والخريت الماهر بالهداية، قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل
السهمي، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ
رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ ليال، فأتاهما براحلتيهما
صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة، والدليل، فأخذ بهم طريق السواحل.
(الدغنة) ذكر في الفتح أنها هكذا عند الرواة،
وعند أهل اللغة: الدغنة. (فينقذف عليه) يتدافعون ويزدحمون. (عامة) معظم. (الخبط)
ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر. (نحر الظهيرة) أول الزوال عند شدة الحر.
(متقنعا) مغطيا رأسه. (أهلك) أي لا يوجد أحد يشك فيه، إنما هي زوجتك عائشة وأختها
أسماء رضي الله عنهما. (الصحابة)
أريد مصاحبتك. (أحث) من الحث، وهو الإسراع. (الجهاز) ما يحتاج إليه في السفر.
(سفرة) الزاد الذي يصنع للمسافر. (جراب) وعاء يحفظ فيه الزاد ونحوه. (فكمنا)
فمكثنا مختفيين. (ثقف) حاذق فطن. (لقن) سريع الفهم، حسن التلقي لما يسمعه ويعلمه.
(فيدلج) يخرج وقت السحر منصرفا إلى مكة. (يكتادان به) يدبر بشأنهما، ويمكر به لهما
ويسبب لهما الشر والأذى. (وعاه) حفظه. (منحة) الناقة أو الشاة يعطى لبنها، ثم جعلت
كل عطية منحة، وكذلك تطلق على كل شاة. (فيريحها) من الرواح، وهو السير في العشي.
(رسل) اللبن الطري. (رضيفهما) هو اللبن الذي جعل فيه الرضفة، وهي الحجارة المحماة،
لتذهب وخامته وثفله، وقيل: الرضيف الناقة المحلوبة. (ينعق) يصبح بغنمه. (بغلس) هو
ظلام آخر الليل.
٣٦٩٣ - قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن
مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن خعشم: أن أباه أخبره: أنه سمع سراقة
بن خعشم يقول:
جاءنا رسل كفار قريش، يجعلون فِي
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر، دية كل واحد منهما، لمن قتله أو أسره، فبينما أنا
جالس في مجلس من مجالس بني مدلج، أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال يا
سراقة: إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت
أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا، انطلقوا بأعيينا، ثم
لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة،
فتحبسها علي، وأخذت رمحي، فخرجت به من ظهر البيت، فحططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه،
حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت
عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها: أضرهم أم
لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام، تقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله
ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا
الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة،
إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي
أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما
لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقلت له: إن قومك قد
جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضوا عليهم الزاد والمتاع،
فلم يرزآني ولم يسألاني، إلا أن قال: (أخف
⦗١٤٢١⦘
عنا). فسألته أن يكتب لي كتاب أمن،
فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله ﷺ.
(أسودة) أشخاصا. (أكمة) رابية مرتفعة عن
الأرض. (من ظهر) من خلف. (فحططت بزجه) نكست أسفله، وفي نسخة (فخططت) خفضت أعلاه
وجررت زجه على الأرض، فخططتها به من غير قصد. (بزجه) الزج: الحديدة التي تكون في
أسفل الرمح. (فرفعتها) أسرعت بها السير. (تقرب بي) من التقريب، وهو نوع من السير،
دون العدو وفوق العادة، وقيل: هو أن ترفع يديها معا وتضعهما معا. (الأزلام) سهام
لا ريش لها ولا نصل، مكتوب عليها: لا، نعم، فكانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمرا
ضربوا بها، فإن خرج [لا] تركوا، وإن خرج [نعم] فعلوا. (فاستقسمت بها) من
الاستقسام، وهو طلب معرفة ما قسم. (الذي أكره) أي لا تضرهم ولا تقدر عليهم. (عثان)
الدخان من غير نار، وفي نسخة (غبار). (ساطع) منتشر. (لم يرزآني) لم يأخذا مني
شيئا، ولم ينقصا مالي. (كتاب أمن) كتاب موادعة. (أديم) هو الجلد المدبوغ].
٣٦٩٤ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:
أن رسول اله ﷺ لقي الزبير في ركب من
المسلمين، كانوا تجارا قافلين من الشأم، فكسا الزبير رسول الله ﷺ وأبا بكر ثياب
بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى
الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم،
فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم، لأمر ينظر إليه، فبصر
برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى
صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا
رسول الله بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك
يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتا، فطفق
من جاء من الأنصار - ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ، فَأَقْبَلَ أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف النَّاسُ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذلك، فلبث رسول الله ﷺ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس
المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثم ركب راحلته، فسار
يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول ﷺ بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من
المسلمين، وكان مربدا للتمر، لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين بركت به راحلته: (هذا إن شاء الله المنزل). ثم
دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: لا، بل نهبه
لك يا رسول الله، فأبى رسول الله
⦗١٤٢٢⦘
أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه
منهما، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول الله ﷺ ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول، وهو
ينقل اللبن: (هذا الحمال لا حمال خيبر، هذا أبر ربنا وأطهر. ويقول: اللهم إن الأجر
أجر الآخره، فارحم الأنصار والمهاجره). فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي.
قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في
الأحاديث: أن رسول الله ﷺ تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.
[ر: ٤٦٤]
(أطم) حصن، وقيل: بناء من حجر كالقصر.
(مبيضين) عليهم ثياب بيض. (تزول بهم السراب) هو ما يرى في شدة الحر من بعد كأنه
ماء، والمعنى: يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له، أو يظهرون فيه تارة ويخفون
أخرى. (جدكم) حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعون مجيئه. (الذي أسس على التقوى) بني من
أجل عبادة الله عز وجل الخالصة، وهو مسجد قباء. (عند مسجد رسول الله) أي في المكان
الذي بني عليه فيما بعد مسجد الرسول ﷺ. (مربدا) هو الموضع الذي يجفف فيه التمر.
(فساومهما) طلب منهما أن يبيعاه المربد ويذكرا ثمنا له. (لا حمال خيبر) لا ما يحمل
من خيبر من التمر ونحوه. (فتمثل) ضربه مثلا.
٣٦٩٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أبو أسامة: حدثنا هشام، عن أبيه، وفاطمة، عن أسماء رضي
الله عنها:
صنعت سفرة لِلنَّبِيِّ ﷺ وأَبِي
بَكْرٍ، حين أرادا المدينة، فقلت لأبي: ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي، قال: فشقيه،
ففعلت، فسميت ذات النطاقين.
قال ابن عباس: أسماء ذات النطاق.
[ر: ٢٨١٧]
(فاطمة) هي بنت المنذر بن الزبير، زوجة هشام
بن عروة بن الزبير، وأسماء جدتهما، رضي الله تعالى عن الجميع.
٣٦٩٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ
الْبَرَاءَ رضي الله عنه قال:
لما أقبل النَّبِيُّ ﷺ إِلَى
الْمَدِينَةِ تبعه سراقة بن مالك بن جعشم، فدعا عليه النبي ﷺ فساخت به فرسه، قال:
ادع الله لي ولا أضرك، فدعا له، قال: فعطش رسول الله ﷺ فمر براع، قال أبو بكر:
فأخذت قدحا فحلبت فيه كثبة من لبن، فأتيته فشرب حتى رضيت.
[ر: ٢٣٠٧]
أخرجه مسلم في الأشربة، باب: جواز
شرب اللبن، رقم: ٢٠٠٩. (فساخت به فرسه) غاصت يداها في الرمال. (كثبة) شيئا قليلا.
٣٦٩٧ - حدثني زكرياء بن يحيى، عن أبي
أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن أسماء رضي الله عنها:
أنها حملت بعبد الله بن الزبير،
قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بقباء،
فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي ﷺ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا
بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ
جَوْفَهُ رِيقُ رسول الله ﷺ، ثم حنكه
⦗١٤٢٣⦘
بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان
أول مولود في الإسلام.
تابعه خالد بن مخلد، عن عَلِيُّ بْنُ
مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أسماء رضي الله عنها:
أنها هاجرت إلى النبي ﷺ وهي حبلى.
[٥١٥٢]
أخرجه مسلم في الآداب، باب: استحباب
تحنيك المولود عند ولادته ..، رقم: ٢١٤٦. (متم) أتممت مدة الحمل الغالب وهي تسعة
أشهر. (حجره) حضنه. (حنكه) مضغ تمرة أو نحوها ثم دلكها بحنكه. (برك عليه) دعا له
بالبركة، وهي الزيادة في الخير. (ولد في الإسلام) أي بعد الهجرة إلى المدينة.
٣٦٩٨ - حدثنا قتيبة، عن أبي أُسَامَةَ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أول مولود ولد في الإسلام عبد الله
بن الزبير، أتوا به النبي ﷺ، فأخذ النبي ﷺ تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأول ما
دخل في بطنه ريق النبي ﷺ.
(فلاكها) أدارها في فمه ومضغها قليلا.
٣٦٩٩ - حدثنا محمد: حدثنا عبد الصمد: حدثنا
أبي: حدثنا عبد العزيز بن صهيب: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
أقبل نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَى
المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف، ونبي الله شاب لا يعرف، قال: فيلقى
الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك، فيقول: هذا الرجل
يهديني السبيل. قال: فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير.
فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا.
فالتفت نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: (اللهم اصرعه). فصرعه الفرس، ثم قامت تحمحم،
فقال: يا نبي الله، مرني بما شئت، قال: (فقف مكانك، لا تتركن أحدا يلحق بنا). قال:
فكان أول النهار جاهدا على نبي الله ﷺ، وكان آخر النهار مسلحة له، فنزل رسول الله
ﷺ جانب الحرة، ثم بعث إلى الأنصار فجاؤوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وأبي بكر فسلموا
عليهما، وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وأبو بكر، وحفوا
دونهما بالسلاح، فقيل في المدينة: جاء نبي الله،
⦗١٤٢٤⦘
جاء نبي الله ﷺ، فأشرفوا ينظرون
ويقولون: جاء نبي الله، جاء نبي الله، فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب، فإنه
ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام، وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع
الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ رَجَعَ إلى
أهله. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: (أي بيوت أهلنا أقرب). فقال أبو أيوب: أنا يا
نبي الله، هذه داري وهذا بابي، قال: (فانطلق فهيئ لنا مقيلا). قال: قوما على بركة
الله، فلما جاء نبي الله ﷺ جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك
جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم
فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في
ما ليس في. فأرسل نبي الله ﷺ فأقبلوا فدخلوا عليه، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ: (يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون
أني رسول الله حقا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا). قالوا: ما نعلمه، قالوا للنبي ﷺ،
قالها ثلاث مرار، قال: (فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام). قالوا: ذاك سيدنا وابن
سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان
ليسلم، قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (أفرأيتم إن
أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (يا ابن سلام اخرج عليهم). فخرج فقال:
يا معشر اليهود اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله،
وأنه جاء بحق. فقالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله ﷺ.
[ر: ٣١٥١]
(مردف أبا بكر) مركبه خلفه على نفس الراحلة
أو على راحلة غيرها. (شيخ يعرف) أي قد شاب شعر رأسه، وكان يعرفه أهل المدينة
لمروره
عليهم في سفر التجارة. (شاب) أي من
حيث عدم انتشار الشيب في رأسه، وإلا فهو ﷺ أسن من أبي بكر رضي الله عنه.
(لا
يعرف) لم يعرفه الناس لعدم خروجه من مكة غالبا، وعدم التقائه بهم. (بفارس) هو
سراقة بن مالك رضي الله عنه. (اصرعه)
اطرحه على الأرض واكفنا شره. (تحمحم) من الحمحمة، وهي صوت الفرس. (مسلحة له)
مراقبا يدفع عنه الأذى ويحول عنه العيون. (الحرة) أرض ذات حجارة سوداء. (حفوا)
أحدقوا وأحاطوا. (فأشرفوا) اطلعوا من فوق السطوح ونحوها. (ليحدث أهله) لعل المراد
بعض من حوله من أقاربه. (يخترف لهم) يجتني من الثمار. (أهلنا) قرابتنا، لأن جدته ﷺ
من بني النجار. (مقيلا) مكانا يقيل فيه، من القيلولة وهي النوم وسط النهار.
(ويلكم) وقع بكم الشر والعذاب.
٣٧٠٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ عمر، عن نافع - يعني - عن ابن عمر، عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال:
كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة
آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين، فلم
نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه،
⦗١٤٢٥⦘
يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه.
(فرض) عين من مال بيت المال. (في أربعة)
مقسطة في أربعة فصول، وقيل غير ذلك. (يقول) أي يعني أنه لم يتحمل من العناء مثل من
هاجر بنفسه.
٣٧٠١ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان،
عن الأعمش، عن أبي وائل، عن خباب قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وحدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن الأعمش
قال: سمعت شفيق بن مسلمة قال: حدثنا خباب قَالَ:
هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
نبتغي وجه الله، ووجب أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ
مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ،
فلم نجد شيئا نكفنه فيه إلا نمرة، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، فإذا غطينا
رجليه خرج رأسه، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أن نغطي رأسه بها، ونجعل على رجليه
من إذخر، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
[ر: ١٢١٧]
(مع رسول الله) أي بإذنه. (وجب أجرنا) ثبت
واستحق بفضل الله تعالى.
٣٧٠٢ - حدثنا يحيى بن بشر: حدثنا روح: حدثنا
عوف، عن معاوية بن قرة قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى
الأشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر:
هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: قلت:
لا، قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى، هل يسرك إسلامنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ، وهجرتنا معه، وجهادنا معه، وعملنا كله معه، برد لنا، وأن كل عمل عملناه بعده
نجونا منه كفافا رأسا برأس؟ فقال أبي: لا والله، قد جاهدنا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ، وصلينا، وصمنا، وعملنا خيرا كثيرا، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجو ذلك.
فقال أبي: لكني أنا، والذي نفس عمر بيده، لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه
بعد نجونا منه كفافا رأسا برأس. فقلت: إن أباك والله خير من أبي.
(برد لنا) ثبت وسلم. (كفافا) سواء بسواء، لا
لنا ولا علينا. (لنرجو ذلك) أي ثواب ما عملناه. (خير من أبي) أي أفقه منه وأعلم،
كما ورد في رواية.
٣٧٠٣ - حدثني محمد بن صباح: أو بلغني عنه:
حدثنا إسماعيل، عن عاصم، عن أبي عثمان قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله
عنهما: إذا قيل
له:
هاجر قبل أبيه يغضب. قال: وقدمت أنا
وعمر على رسول الله ﷺ، فوجدناه قائلا، فرجعنا إلى المنزل، فأرسلني
⦗١٤٢٦⦘
عمر وقال: اذهب فانظر هل استيقظ،
فأتيته فدخلت عليه فبايعته، ثم انطلقت إلى عمر فأخبرته أنه استيقظ، فانطلقنا إليه
نهرول هرولة، حتى دخل عليه فبايعه، ثم بايعته.
(قائلا) نائما في النهار. (نهرول) نمشي وسطا
بين العدو والمشي على مهل.
٣٧٠٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ:
حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إسحاق قال: سمعت البراء يحدث قال:
ابتاع أبو بكر من عازب رحلا، فحملته
معه، قال: فسأله عازب عن مسير رسول الله ﷺ، قال: أخذ علينا بالرصد، فخرجنا ليلا،
فأحثثنا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة، ثم رفعت لنا صخرة، فأتيناها ولها شيء
من ظل، قال: ففرشت لرسول الله ﷺ فروة معي، ثم اضطجع عليها النبي ﷺ، فانطلقت أنفض
ما حوله، فإذا أنا براع قد أقبل في غنيمة يريد من الصخرة مثل الذي أردنا، فسألته:
لمن أمن يا غلام؟ فقال: أنا لفلان، فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت له:
هل أنت حالب؟ قال: نعم، فأخذ شاة من غنمه، فقلت له: انفض الضرع، قال: فحلب كثبة من
لبن، ومعي إداوة من ماء عليها خرقة، قد روأتها لرسول الله ﷺ، فصببت على اللبن حتى
برد أسفله، ثم أتيت به النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يا رسول الله، فَشَرِبَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى رضيت، ثم ارتحلنا والطلب في إثرنا. قال البراء: فدخلت مع
أبي بكر على أهله، فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها يقبل خدها
وقال: كيف أنت يا بنية.
[ر: ٢٣٠٧]
(أخذ علينا بالرصد) هو الترقب، أو جمع راصد،
وهو الرقيب. (فأحثثنا) من الحث، أي أعجلنا إعجالا متصلا، وفي رواية (فأحيينا) من
الإحياء وهو عدم النوم. (غنيمة) قطيع من الغنم. (روأتها) تأنيت بها حتى صلحت،
وقيل: شددتها بالخرقة وربطتها عليها. (الطلب) جمع طالب. (إثرنا) خلفنا يتتبع
آثارنا.
٣٧٠٥ - حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا
محمد بن حمير: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة: أن عقبة بن وساج حدثه عن أنس خادم رسول
الله ﷺ قال:
قدم النبي ﷺ وليس في أصحابه أشمط غير
أبي بكر، فغلفها بالحناء والكتم.
⦗١٤٢٧⦘
وقال دحيم: حدثنا الوليد: حدثنا
الأوزاعي: حدثني أبو عبيد، عن عقبة بن وساج: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي
الله عنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المدينة، فكان أسن أصحابه أبو بكر، فغلفها
بالحناء والكتم حتى قنأ لونها.
(أشمط) من الشمط، وهو بياض شعر الرأس أو
اللحية يخالطه سواد. (فغلفها) صبغها، أي لحيته. (الكتم) نبت يصبغ به، وصبغه أصفر.
(قنأ لونها) اشتدت حمرتها حتى قاربت السواد.
٣٧٠٦ - حدثنا أصبغ: حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ
عَائِشَةَ:
أن أبا بكر رضي الله عنه تزوج امرأة
من كلب يقال لها أم بكر، فلما هاجر أبو بكر طلقها، فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر،
الذي قال هذه القصيدة، رثى كفار قريش:
وماذا بالقليب قليب بدر ... من
الشيزى تزين بالسنام
وماذا بالقليب قليب بدر ... من
القينات والشرب الكرام
تحيي بالسلامة أم بكر ... وهل لي بعد
قومي من سلام
يحدثنا الرسول بأن سنحيا ... وكيف
حياة أصداء، وهام
(كلب) اسم قبيلة. (الشاعر) هو أبو بكر شداد
بن الأسود. (رثى) بكاهم وعدد محاسنهم ونظم فيهم شعرا قبل إسلامه. (القليب) هي
البئر التي حفرت ولم تبن جدارنها. (الشيزى) شجر تتخذ منه أواني الخشب. (القينات)
جمع قينة، وهي المغنية. (الشرب) جمع شارب، وهم الذين يجتمعون للشراب. (أصداء) جمع
صدى، وهو ذكر البوم، وقيل: المراد ما كان يزعمه أهل الجاهلية من أن روح الإنسان
تصير طائرا يقال له الصدى. (هام) جمع هامة، وهي جمجمة الرأس، وقيل: المراد ما
كانوا يزعمونه من أن القتيل إذا لم يؤخذ بثأره صارت روحه هامة في قبره أي طائرا
تقول: اسقوني اسقوني، فإذا أخذ بثأره طارت.
٣٧٠٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثابت، عن أنس، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي
الله عنه قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في الغار،
فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره
رآنا، قال: (اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما).
[ر: ٣٤٥٣]
(طأطأ بصره) أماله إلى تحت.
٣٧٠٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بن مسلم: حدثنا الأوزاعي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قال: حدثني عطاء
ابن يزيد الليثي قال: حدثني أبو سعيد رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ
ﷺ فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: (وَيْحَكَ إن الهجرة شأنها شديد، فهل
مِنْ إِبِلٍ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا).
⦗١٤٢٨⦘
قال: نعم، قال: (فهل تمنح منها).
قال: نعم، قال: (فتحلبها يوم ورودها). قال: نعم، قال: (فاعمل من وراء البحاء،
فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا).
[ر: ١٣٨٤]
(تمنح منها) تعطي بعضها لغيرك يحلب منها
وينتفع بها. (يوم ورودها) على الماء لتشرب، حيث يحضر الفقراء والمساكين لينالوا
خيرا.
٧٥ - باب: مقدم النبي ﷺ وأصحابه المدينة.
٣٧٠٩ - حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة قال:
أنبأنا أبو إسحاق، سمع البراء رضي الله عنه قال:
أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن
مكتوم، ثم قدم علينا عمار بن ياسر وبلال رضي الله عنهم.
٣٧١٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ
الْبَرَاءَ بن عازب رضي الله عنهما قال:
أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن
أم مكتوم، وكانا يقرئان الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن
الخطاب في عشرين مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، ثم قَدَمُ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَا رأيت
أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى جعل الإماء يقلن:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فما قدم حتى قرأت: ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾. في سور من
المفصل.
[٤٦٥٧،
٤٧٠٩]
(الإماء جمع الأمة، وهي المرأة
المملوكة. (فما قدم حتى قرأت ..) أي كان قدومه بعد فترة من انتشار الإسلام في
المدينة، تمكن فيها البراء رضي الله عنه من قراءة هذه السور وحفظها. (في سور) من
سور أخرى. (المفصل) هو السبع الأخير من القرآن، وأوله سورة (ق) وهو الصحيح، وقيل:
الحجرات.
٣٧١١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
الْمَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا،
فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ، وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ، قَالَتْ:
فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي
أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ.
وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ
عَنْهُ يرفع عقيرته ويقول:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ
أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ
مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
⦗١٤٢٩⦘
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ
كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا
وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجحفة).
[ر: ١٧٩٠]
(إذا أقلع عنه) أي الوعك.
٣٧١٢ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ: أخبرنا معمر، عن الزهري: حدثني عروة بن الزبير: أن
عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره: دخلت على عثمان. وقال بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حدثني عروة بن الزبير: أن عبيد الله بن عدي
بن الخيار أخبره قال:
دخلت على عثمان، فتشهد ثم قال: أما
بعد، فإن اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بالحق، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمن
بما بعث به محمد ﷺ، ثم هاجرت هجرتين، نلت صهر رسول الله ﷺ، وبايعته، فوالله ما
عصيته ولا غششته حتى توفاه الله.
تابعه إسحاق الكلبي: حدثني الزهري:
مثله.
[ر: ٣٤٩٣]
(نلت صهر ..) أي كان لي شرف المصاهرة له
واتصالي به من جهة القرابة النسبية، وهو زواجي ببنتيه، رضي الله عن الجميع، وفي
نسخة (كنت صهر ..).
٣٧١٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ: حدثنا مالك، وأخبرني يُونُسُ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بن عباس أخبره:
أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى أهله
وهو بمنى، في آخر حجة حجها عمر، فوجدني، فقال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين،
إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإني أرى أن تمهل حَتَّى تَقْدَمَ
الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ والسلامة، وتخلص لأهل
الفقه وأشراف الناس وذوي رأيهم. قال عمر: لأقومن في أول مقام أقومه بالمدينة.
[ر: ٢٣٣٠]
(الموسم) أي موسم الحج، وهو مجتمع الناس.
(رعاع) السفلة والسفهاء ومن لا شأن لهم. (تمهل) تؤخر ما تريد أن تفعل. (تخلص) تصل.
(لأقومن) لأقفن متكلما.
٣٧١٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد: أخبرنا ابن شهاب، عن خَارِجَةُ
بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ أُمَّ العلاء، امرأة من نسائهم بَايَعَتِ
النَّبِيَّ ﷺ، أَخْبَرَتْهُ:
أَنَّ عثمان بن مظعون طار لهم في
السكنى، حين قترعت الأنصار على سكنى المهاجرين،
⦗١٤٣٠⦘
قالت أم العلاء: فاشتكى عثمان عندنا
فمرضته، حتى توفي وجعلناه في أثوابه، فدخل علينا النبي ﷺ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ
اللَّهِ عليك أبا السائب، شهادتي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: (وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أكرمه). قالت: قلت: لَا أَدْرِي،
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله، فمن؟ قال: (أما هو فقد جاءه والله
اليقين، والله إني لأرجو له الخير، وما أدري والله وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا
يُفْعَلُ بِي). قَالَتْ: فوالله لا أزكي أحدا بعده. قالت: فأحزنني ذلك، فنمت،
فأريت لعثمان ابن مظعون عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فأخبرته،
فقال: (ذلك عمله).
[ر: ١١٨٦]
(من نسائهم) من نساء الأنصار. (طار لهم) خرج
لهم في القرعة. (أبا السائب) كنية عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
(فمن)
أي فمن الذي يكرمه الله تعالى إذن، إذا لم يكن هو من المكرمين عنده؟.
٣٧١٥ - حدثنا عبيد الله بن سعيد: حدثنا
أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
كان يوم بعاث يوما قدمه الله عز وجل لرسوله
ﷺ، فقدم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وقد افترق ملؤهم، وقتلت سراتهم، في
دخولهم في الإسلام.
[ر: ٣٥٦٦]
٣٧١٦ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ أبا بكر دخل عليها، والنبي ﷺ
عندها، يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال
أبو بكر: مزمار الشيطان؟ مرتين، فقال النبي ﷺ: (دعهما يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ
لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإن عيدنا اليوم).
[ر: ٤٤٣]
٣٧١٧ - حدثنا مسدد: حدثنا عبد الوارث.
وحدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: سمعت أبي
يحدث: حدثنا أبو التياح يزيد بن حميد الضبعي قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ
مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
المدينة، نزل في علو الْمَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بن
عوف، قال: فأقام فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ملأ
بني النجار، قال: فجاؤوا متلقدي سيوفهم، قال: وكأني أنظر إلى رسول الله ﷺ عَلَى
رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ،
حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، قال: فكان يُصَلِّيَ حَيْثُ
أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغنم، قال: ثم أمر ببناء
المسجد، فأرسل إلى
⦗١٤٣١⦘
ملأ بني النجار فجاؤوا، فقال: (يا
بني النجار، ثامنوني حائطم هذا). فقالوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ
إِلَّا إِلَى الله. قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه
خرب، وكان فيه نخل، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب
فسويت، وبالنخل فقطع، قال: فصفوا النخل قبلة المسجد، قال: وجعلوا عضاديته حجارة،
قال: جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله ﷺ معهم، يقولون: (اللهم إنه
لا خير إلا خير الآخره، فانصر الأنصار والمهاجره).
[ر: ٤١٨]
٧٦ - باب: إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء
نسكه.
٣٧١٨ - حدثني إبراهيم بن حمزة: حدثنا حاتم،
عن عبد الرحمن بن حميد الزهري قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يسألب السائب ابن أخت
النمر: ما سمعت في سكنى مكة؟ قال: سمعت العلاء بن الحضرمي قال:
قال رسول الله ﷺ: (ثلاث للمهاجر بعد
الصدر).
أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز
الإقامة بمكة للمهاجر ..، رقم: ١٣٥٢. (ثلاث للمهاجر بعد الصدر) يرخص للمهاجر أن
يقيم في مكة ثلاث ليال، بعد أن يعود من منى ويطوف بالبيت طواف الركن، وهو المراد
بالصدر، وكانت الإقامة في مكة قبل فتحها حراما على المهاجرين.
٧٧ - باب: التاريخ، من أين أرخوا التاريخ.
٣٧١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز، عن أبيه، عن سهل ابن سعد قال:
ما عدوا من مبعث النبي ﷺ، ولا من
وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة.
(ما عدوا إلا من مقدمه المدينة) أي ما عدوا
التاريخ من مبعث النبي ﷺ ولا من وفاته، وإنما عدوه من وقت المدينة مهاجرا إليها،
واعتبروا السنة لا الشهر واليوم.
٣٧٢٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي ﷺ
ففرضت أربعا، وتركت صلاة السفر على الأول.
تابعه عبد الرزاق، عن معمر.
[ر: ٣٤٣]
٧٨ - باب: قول النبي ﷺ: (اللهم أمض
لأصحابي هجرتهم).
ومرثتيه لمن مات بمكة.
٣٧٢١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ الزهري، عن عامر ابن سعد بن
⦗١٤٣٢⦘
مالك، عن أبيه قال:
عادني النبي ﷺ عَامَ حَجَّةِ
الْوَدَاعِ من مرض أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
الله، بلغ بي من الوجع مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا
ابْنَةٌ واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: (لا). قال: فأتصدق بشطره؟ قال: (لا). قال:
(الثلث يا سعد، والثلث كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ،
خَيْرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس).
قال أحمد بن يونس، عن إبراهيم: (أن
تذر ورثتك، ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها، حتى اللقمة
تجعلها في امرأتك). قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟
قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ
اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ به دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفَ حَتَّى
يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ
لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ على أعقابهم، ولكن الْبَائِسُ
سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ). يَرْثِي لَهُ رَسُولُ الله ﷺ أن توفي بمكة.
وقال أحمد بن يونس وموسى، عن
إبراهيم: (أن تذر ورثتك).
[ر: ٥٦]
(أشفيت منه) أشرفت من الوجع منه. (ذو مال)
صاحب مال كثير. (ورثتك) وفي رواية: (ذريتك). (أخلف بعد أصحابي) أبقى خلفهم في مكة،
أو المراد: أعيش بعدهم في الدنيا. (أمض لأصحابي هجرتهم) تممها لهم ولا تنقصها
عليهم، حتى يحوزوا أجرها كامى موفورا. (البائس) المسكين وشديد الحاجة. (يرثي له
..) مدرج من كلام الرواي، وسعد هذا: قيل: أسلم ولم يهاجر من مكة، فكان بؤسه من عدم
هجرته. وقيل: هاجر وشهد بدرا، ثم انصرف إلى مكة ومات فيها، فيكون بؤسه لسقوط
هجرته، لأنه رجع إلى مكة مختارا. وقيل هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بدرا
وغيرها، وتوفي في مكة في حجة الوداع، وسبب بؤسه على هذا موته في مكة، وفوات الأجر
الكامل له في الهجرة والغربة عن وطنه.
٧٩ - باب: كيف آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ
أصحابه.
وقال عبد الرحمن بن عوف: آخَى
النَّبِيُّ ﷺ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بن الربيع لما قدمنا المدينة.
[ر: ١٩٤٣]
وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: آخَى
النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سلمان وأبي الدرداء. [ر: ١٨٦٧]
٣٧٢٢ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن
حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَوْفٍ الْمَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سعد بن الربيع
⦗١٤٣٣⦘
الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله
وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق، فربح شيئا
من أقط وسمن، فرآه النبي ﷺ بعد أيام وعليه وضر من صفرة، فقال النبي ﷺ: (مهيم يا
عبد الرحمن). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأنصار،
قال: (فما سقت فيها). فقال: وزن نواة مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(أَوْلِمْ وَلَوْ بشاة).
[ر: ١٩٤٤]
٣٧٢٣ - حدثني حامد بن عمر، عن بشر بن
المفضل: حدثنا حميد: حدثنا أنس:
أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي
ﷺ المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما
أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو
إلى أمه؟ قال: (أخبرني به جبريل آنفا). قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة،
قال: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام
يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع
الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد). قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وأنك رسول الله، قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت، فاسألهم
عني قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي ﷺ: (أي رجل عبد الله بن سلام
فيكم). قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا. فقال النبي ﷺ: (أرأيتم إن
أسلم عبد الله بن سلام). قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك،
فخرج إليهم عبد الله فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمدا
رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقصوه، قال: هذا كنت أخاف يا رسول الله.
[ر: ٣١٥١]
(ينزع) يذهب إليه أو إليها بشبهه.
٣٧٢٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو: سمع أبا المنهال عبد الرحمن بن مطعم قال:
باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة،
فقلت: سبحان الله، أيصلح هذا؟ فقال: سبحان الله، والله لقد بعتها في السوق، فما
عابها علي أحد، فسألت البراء بن عازب فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المدينة ونحن
نتبايع هذا البيع، فقال: (ما كان يد بيد
⦗١٤٣٤⦘
فليس به بأس، وما كان نسيئة فلا
يصلح). والق زيد بن أرقم فاسأله، فإنه كان أعظمنا تجارة، فسألت زيد بن أرقم فقال
مثله.
وقال سفيان مرة: فقال: قدم علينا
النبي ﷺ المدينة ونحن نتبايع، وقال: نسيئة إلى الموسم، أو الحج.
[ر: ١٩٥٥]
(نسيئة) أي مع تأخير أحد البدلين.
٨٠ - باب: إتيان اليهود النبي ﷺ حين قدم
المدينة.
﴿هادوا﴾
/البقرة: ٦٢/: صاروا يهودا. وأما قوله: ﴿هدنا﴾ /الأعراف: ١٥٦/: تبنا، هائد تائب.
٣٧٢٥ - حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا قرة،
عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لو آمن بي عشرة
من اليهود لآمن بي اليهود).
أخرجه مسلم في صفات المنافقين
وأحكامهم، باب: نزل أهل الجنة، رقم: ٢٧٩٣. (عشرة من اليهود) من أحبارهم وزعمائهم.
(لآمن بي اليهود) اتباعا لهم.
٣٧٢٦ - حدثني أحمد، أو محمد بن عبيد الله
الغداني: حدثنا حماد بن أسامة: أخبرنا أبو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ،
عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المدينة، وإذا
أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه، فقال النبي ﷺ: (نحن أحق بصومه). فأمر
بصومه.
[ر: ١٩٠١]
٣٧٢٧ - حدثنا زياد بن أيوب: حدثنا هشيم:
حدثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله
عنهما قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ
الْمَدِينَةَ، وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي
أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، ونحن نصومه تعظيما لَهُ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (نحن أولى بموسى منكم). ثم أمر بصومه.
[ر: ١٩٠٠]
٣٧٢٨ - حدثنا عبدان: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ،
عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ كان يسدل شعره، وكان
المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم،
⦗١٤٣٥⦘
وكان النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ
مُوَافَقَةَ أهل المتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق النبي ﷺ رأسه.
[ر: ٣٣٦٥]
٣٧٢٩ - حدثني زياد بن أيوب: حَدَّثَنَا
هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال:
هم أهل الكتاب، جزؤوه أجزاء، فآمنوا
ببعضه وكفروا ببعضه. يعني: قول الله تعالى: ﴿الذين جعلوا القرآن عضين﴾.
[٤٤٢٨،
٤٤٢٩]
(هم أهل الكتاب) أي المقصودين في الآية
الآتية. (جزؤوه) أي القرآن، وفرقوا بين أجزاءه. (يعني ...) أي يفسر. (عضين) أجزاء،
جمع عضة، وهي القطعة والفرقة. /الحجر: ٩١/.
٨١ - باب: إسلام سلمان الفارسي رضي الله
عنه.
٣٧٣٠ - حدثني الحسن بن عمر بن شقيق: حدثنا
معتمر: قال أبي. وحدثنا أبو عثمان، عن سلمان الفارسي:
أنه تداوله بضعة عشر، من رب إلى رب.
(تداوله) انتقل من واحد إلى آخر، وأخذه هذا
مرة وهذا مرة. (بضعة عشر) ما بين ثلاثة عشر إلى تسعة عشر. (من رب إلى رب) من سيد
إلى سيد، ومن مالك إلى مالك.
٣٧٣١ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن
عوف، عن أبي عثمان قال:
سمعت سلمان رضي الله عنه يقول: أنا
من رام هرمز.
(رام هرمز) بلدة من بلاد فارس قريبة من
العراق.
٣٧٣٢ - حدثني الحسن بن مدرك: حدثنا يَحْيَى
بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن
سلمان قال:
فترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما
وسلم ستمائة سنة.
(فترة) هي المدة التي لا يبعث فيها رسول من
الله تعالى.