١ - باب ما جاء في إيجاب الأضاحي (١)
٢٧٨٨
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ
(ح)
وحدَثنا حميدُ بن مَسْعَدةَ، حدَّثنا
بشرٌ، عن عَبدِ الله بن عَونٍ، عن عامر أبي رَمْلَةَ أنبأنا مِخْنَفُ بن سُليم،
قال: ونحنُ وقوفٌ مع رسولِ الله ﷺ بعرفاتٍ، قال: قال: «يا أيُّها الناسُ، إن على
كل أهلِ بيتٍ في كلِّ عام أُضحيةً وعَتِيرَةً، أتَدْرُونَ مَا العَتيِرَة؟ هذه
التي يقولُ الناسُ: الرجَبيّة» (٢).
(١) كذا بوّب في رواية اللؤلؤي، وفي (هـ) وهي
برواية أبي بكر ابن داسه قال: استحباب الضحية!
(٢)
حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي رملة واسمه عامر، وقد تابعه حبيب ابن مخنف، وقواه
الحافظ في «الفتح» ١٠/ ٤، وحسنه الترمذي. بشر: هو ابن المفضل، ويزيد: هو ابن
هارون، ومُسدد: هو ابن مسرهد.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٢٥)، والترمذي
(١٥٩٦) من طريق عبد الله بن عون، به. وهو في «مسند أحمد» (١٧٨٨٩).
وأخرجه عبد الرزاق (٨٠٠١) و(٨١٥٩)،
وعنه أحمد (٢٠٧٣٠) عن ابن جريج، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن حبيب بن مخنف،
عن أبيه قال: انتهيت إلى النبي. وعند أحمد: عن حبيب بن مخنف قال: انتهيت. فجعله من
مسند حبيب وليس من مسند أبيه، فكأنه هو الصحابي، وقد كان عبد الرزاق يفعل هذا
تارة، وهذا تارة، ولهذا اختلفت الروايات عنه كما نقل ابن الأثير في «أسد الغابة»
١/ ٤٤٨. عن أبي نعيم الأصبهانى في «معرفة الصحابة» أنه قال ذلك. وصوب أبو نعيم
روايته عن أبيه، ومال إليه أبو زرعة العراقي في «ذيل الكاشف» ووافقه ابن حجر في
«التعجيل» و«الإصابة» و«أطراف المسند».=
قال أبو داودَ: العتيرةُ منسوخهٌ (١).
٢٧٨٩
- حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله،
حدَّثنا عبدُ الله بن يزيدَ، حدثني سعيدُ ابن أبي أيوبَ، حدثني عَيَّاش بن عبَّاس
القِتْبانىُّ، عن عيسى بنِ هِلالي الصّدَفي
عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص، أن
النبيَّ ﷺ قال: «أُمِرتُ بيومِ الأضحى عيدًا، جعلَه اللهُ عز وجل لهذهِ الأمةِ»،
قال الرجلُ: أرأيتَ
= قال الخطابي: «العتيرة» تفسيرها في
الحديث: أنها شاة تذبح في رجب. وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث، ويليق بحكم التدين،
فأما العتيرة التي كان يَعتِرُها أهل الجاهلية: فهي الذبيحة تذبح للصنم، فيصبُّ
دمها على رأسه، والعتر: بمعنى الذبح.
وقول أبي داود في آخر الحديث:
العتيرة منسوخة. هذا خبر منسوخ فيه نظر، فصلنا القول فيه في تعليقنا على «شرح
السنة» ٤/ ٣٥١ - ٣٥٣. وانتهينا إلى أن العتيرة مستحبة وليست بمنسوخة إذا كان الذبح
لله سبحانه. والحديث يدل على وجوب الأضحية على الموسر، وهو قول أبي حنيفة والليث
بن سعد وربيعة الرأي والأوزاعي وبعض المالكية. ومن الأدلة على وجوبها حديث أبي
هريرة عند أحمد (٨٢٧٣)، وابن ماجه (٣١٢٣) أن رسول الله ﷺ قال: «من وجد سعة ولم
يضح، فلا يقربن مصلانا» وهو حسن في الشواهد وصححه الحاكم ٢/ ٣٤٩ و٤/ ٢٣١، ووجه
الاستدلال: أنه لما نهى من كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضح، دل على أنه قد
ترك واجبًا، فكأنه لا فائدة من التقرب مع ترك هذا الواجب.
وحديث جندب بن عبد الله البجلي قال:
شهدت النبي ﷺ يوم النحر قال: «من ذبح قبل أن يصلي فليُعد مكانها أخرى». أخرجه
البخاري (٩٨٥)، ومسلم (١٩٦٢)، والأمر ظاهر في الوجوب، ولم يأت من قال بعدم الوجوب
بما يصلح للصرف، اللهم إلا ما رواه أحمد في «المسند» (٢٠٥٠) وغيره: أن رسول الله ﷺ
قال: "ثلاث هن علي فرائض، وهن لكم تطوع، الوتر والنحر وصلاة الضحى، وهو حديث
ضعيف، في سنده أبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، قال يحيى القطان: لا أستحل أن
أروي عنه، وقال النسائي والدارقطني: ضعيف، وقال الفلاس متروك، وله طرق أخرى كلها
ضعيفة لا تصح.
(١)
مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ).
إن لم أجد إلا مَنيِحة ابني (١)
أفأضحِّي بها؟ قال:، لا، ولكن تأخُذُ من شعرِك وأظفارِك، وتقُصُّ شاربَك، وتحلِقُ
عانَتَك، فتلك تمامُ أُضحيَّتِك عند الله عز وجل» (¬٢).
٢
- باب
الأُضحية عن الميت
٢٧٩٠
- حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ،
حدَّثنا شَريك، عن أبي الحَسناء عن الحَكَم، عن حَنَش، قال:
رأيت عليًا يضحِّي بكبشَين، فقلتُ
له: ما هذا؟ فقال: إن رسولَ اللهِ ﷺ أوصاني أن أُضحِّي عنه، فأنا أُضحِّي عنه (٣).
(١) كذا جاء في (أ) و(ج) و(هـ): ابني، وهي
كذلك عند أحمد والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ١٥٩، والفريابي في «أحكام
العيدين» (٢)، والمزي في «تهذيب الكمال» ٢٣/ ٣٣، وكذلك ضبطه الدمياطي كما في هامش
(أ)، وفي (ب): أنثى، وهى كذلك عند النسائي وابن حبان، وعند الدارقطني (٤٧٤٩): فإن
أجد إلا منيحة أبي، أو شاة ابني وأهلي ومنيحتهم.
(٢)
إسناده قوي من أجل عيسى بن هلال الصدفي، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في
«الثقات»، وذكره يعقوب بن سفيان في «تاريخه» في ثقات التابعين من أهل مصر.
وأخرجه النسائي (٤٣٦٥) من طريق سعيد
بن أبي أيوب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٧٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩١٤).
وإنما منعه، لأنه لم يكن عنده شيء
سواها ينتفع بها.
(٣)
إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسناء، وسوء حفظ شريك -وهو النَّخَعي-، وحنش -وهو ابن
المعتمر الكوفي- تكلم فيه غير واحد.
وأخرجه الترمذي (١٥٦٩) من طريق شريك
النخعي، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك.
وهو في «مسند أحمد» (٨٤٣).
=
٣ - باب الرجل يأخُذُ من شعره في العشرِ وهو يُريد أن
يُضحِّي
٢٧٩١
- حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذ،
حدَّثنا أبي، حدَّثنا مُحمد بن عَمرو،
حدَّثنا عَمرو بن مُسلم اللَّيثيُّ،
قال: سمعتُ سعيدَ بنَ المُسيّب يقول: سمعت أُم سَلمةَ تقولُ: قال رسولُ الله ﷺ:
«مَن كان لهُ ذِبْحٌ يذْبَحُهُ، فإذا أهلَّ هِلالُ ذي الحِجّة فَلا يأخُذَنَّ من
شَعرهِ ولا مِن أظفارِه شيئًا حتى يُضَحيَ» (١).
= قال الترمذي: قد رخص بعض أهل العلم
أن يضحي عن الميت، ولم ير بعضهم أن يُضحي عنه، وقال عبد الله بن المبارك: أحبّ إلي
أن يتصدق عنه ولا يُضحى، وإن ضحى عنه، فلا يأكل منها شيئًا، ويتصدق بها كلها.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة اليثي- وهو متابع.
وأخرجه مسلم (١٩٧٧) عن عُبيد الله بن
معاذ، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٩٧٧)، والترمذي
(١٦٠٢)، والنسائي (٤٣٦١) و(٤٣٦٢) من طريق عَمرو بن مسلم -وقيل: عُمر بن مسلم،
وكلاهما وارد في اسمه-، به.
وأخرجه مسلم (١٩٧٧)، والنسائي (٤٣٦٤)
من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، به.
قال الخطابي: «الذِّبح» بكسر الذال:
الضحية التي يذبحها المضحي.
واختلف العلماء في القول بظاهر هذا
الخبر.
فكان سعيد بن المسيب يقول به. ويمنع
المضحيَ من أحد أظفاره وشعره أيام العشر من ذي الحجة.
وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن،
وإليه ذهب أحمد وإسحاق.
وكان مالك والشافعي يريان ذلك على
الندب والاستحباب.
ورخص أصحاب الرأي في ذلك.
قال: وأجمعوا أنه لا يحرم عليه
اللباسُ والطيب، كما يحرمان على المحرم.
فدل ذلك على سبيل الندب والاستحباب،
دون الحتم والإيجاب.
قال أبو داود: اختلفوا على مالك وعلى
محمد بن عمرو، في عمرو بن مسلم، قال بعضهم: عمر، وأكثرهم قال: عمرو.
قال أبو داود: وهو عمرو بن مسلم بن
أكيمة الليثي الجندعيُّ (١).
٤
- باب ما
يُستحَبُّ من الضحايا
٢٧٩٢
- حدَّثنا أحمد بن صَالحٍ، حدَّثنا
عبدُ الله بن وهْبٍ، أخبرني حَيْوةُ، حدثني أبو صخرٍ، عن ابن قُسَيطٍ، عن عُروةَ
بن الزبيرِ
عن عائشةَ: أن رسولَ اللهِ ﷺ أمر
بكبشٍ أقرَنَ يَطَأُ في سَوادٍ، ويَنْظُرُ في سواد، ويَبرُكُ في سَوادٍ، فأتيَ به
فَضَحَّى به، فقال:»يا عائشةُ، هلُمِّي المُدْية، ثم قالَ: «اشْحذيِها بحجَرٍ»
ففعلتْ، فأخذها وأخذ الكبشَ فأضْجَعه وذبَحه، وقال: «باسمِ الله، اللهمَّ تقبَّل
من محمدٍ وآلِ محمدٍ، ومِن أُمَّةِ محمدٍ» ثم ضَحَّى به ﷺ (٢).
(١) مقالتا أبي داود هاتان زيادة أثبتناها من
هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من
رواية ابن الأعرابي.
(٢)
إسناد حسن. أبو صخر - واسمه حميد بن زياد المدني - صدوق حسن الحديث. حيوة: هو ابن
شُريح، وابن قُسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قُسيط.
وأخرجه مسلم (١٩٦٧) من طريق عبد الله
بن وهب، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٤٤٩١)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩١٥).
قوله: «يطأ في سواد» قال الخطابي:
يريد أن أظلافه ومواضع البروك منه، وما أحاط بملاحظ عينيه من وجهه: أسود، وسائر
بدنه أبيض.
وقوله: «اشحذيها» قال ابن الأثير:
يقال: شحذت السيف والسكين، إذا حدَّدته بالمِسَنِّ وغيره مما يُخرج حدَّه.
قال الخطابي: وفي قوله: «تقبل من
محمد وآل محمد، ومن أمة محمد» دليل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهله، وإن
كثروا. =
٢٧٩٣ - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
وُهَيْب، عن أيوبَ، عن أبي قِلابة
عن أنسٍ: أن النبيَّ ﷺ نَحرَ سبع
بَدنَاتٍ بيدهِ قيامًا، وضَحَّى بالمدينةِ بكبشَين أقرَنَينِ أَملَحَينِ (١).
٢٧٩٤
- حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا
هشام، عن قتادةَ
عن أنسٍ: أن النبي ﷺ ضحَّى بكبشَين
أقْرنَين أَملَحَين، يذبَحُ ويُكبِّر ويُسمِّي، ويضَعُ رجلَه على صَفْحتِهما (٢).
= وروي عن أبي هريرة وابن عمر: أنهما
كانا يفعلان ذلك.
وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي
وأحمد.
وكره ذلك الثوري وأبو حنيفة.
(١)
إسناده صحيح. وُهَيب: هو ابن خالد.
وأخرجه البخاري (١٥٥١) و(١٧١٢)
و(١٧١٤) و(٥٥٥٤) من طريق أيوب السختاني، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٣٨٣١).
وأخرجه بنحوه البخاري (٥٥٥٣) من طريق
عبد العزيز بن صهيب، والنسائي (٤٣٨٨) من طريق محمد بن سيرين، و(٤٣٨٦) من طريق ثابت
البناني، ثلاثتهم عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٨٤)
و(١٢١٢٠) و(١٢٨٣٠).
وانظر ما بعده.
وقد ذهل الحافظ المنذري في «اختصار
السنن» فقال: أخرج البخاري قصة الكبشين فقط بنحوه مع أنه أخرج الحديث بتمامه في
المواضع الثلاثة المشار إليها.
قال الخطابي: «الأملح» من الكباش: هو
الذي في خلال صوفه الأبيض طاقات سود.
(٢)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله
الدَّستُوائي. =
٢٧٩٥ - حدَّثنا إبراهيمُ بن مُوسى الرازيُّ،
حدَّثنا عِيسى، حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن أبي عيّاش
عن جابرِ بن عبد الله، قال: ذبحَ
النبيُّ ﷺ يومَ الذبحِ كبشَين أقرنَين أملحَين مُوجَئَيْنِ، فلمّا وجَّههما قال:
«إني وجهتُ وجهيَ للذي فَطَر السماواتِ والأرضَ، على ملة إبراهيمَ حَنيفًا، وما
أنا من المُشركينَ، إن صلاتي ونُسكي، ومَحيايَ ومماتي لله ربِّ العالَمينَ، لا
شريكَ له، وبذلك أُمِرتُ وأنا مِن المُسلمين، اللهمَّ مِنكَ ولَكَ، عَن مُحمدٍ
وأُمتِه، باسم الله والله أكبر» ثم ذبح (١).
= وأخرجه البخاري (٥٥٥٨) و(٥٥٦٤)
و(٥٥٦٥)، ومسلم (١٩٦٦)، وابنُ ماجه (٣١٢٠)، والترمذي (١٥٦٨)، والنسائي (٤٣٨٧)
و(٤٤١٥ - ٤٤١٨) من طرق عن قتادة، به. وبعضهم لا يذكر التكبير، وبعضهم يزيد في
التسمة.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٦٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٠٠).
وانظر ما قبله.
قوله: «صفحتهما» أي: جانب العُنُق.
(١)
إسناده حسن، أبو عياش - وهو ابن النعمان المعافري المصري - روى عنه ثلاثة، وقال
الذهبي: شيخ، وصحح حديثه ابن خزيمة والحاكم ووافقه الذهبى، وقد رواه إبراهيم بن
سعد الزهري ويونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، فزادا في الإسناد: خالد بن أبي عمران
التّجيبى، بين يزيد بن أبي حبيب وأبي عياش، وخالد ثقة، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع
في رواية إبراهيم بن سعد، فانتفت شبهة تدليسه.
عيسى: هو ابن يونُس السَّبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٢١) من طريق
إسماعيل بن عياش، والدارمي (١٩٤٦)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ١٧٧،
والبيهقي ٩/ ٢٨٧ من طريق أحمد بن خالد الوهبي، والبيهقي ٩/ ٢٨٧من طريق عيسى بن
يونس السَّبيعي، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٣٢٤) من طريق يزيد بن زريع، أربعتهم
عن محمد بن إسحاق، به. =
٢٧٩٦ - حدَّثنا يحيى بنُ مَعينِ، حدَّثنا
حَفص، عن جَعفر، عن أبيهِ
عن أبي سعيدٍ، قال: كانَ رسولُ الله
ﷺ يُضحِّي بكبْشِ أَقرنَ فَحِيلٍ، ينظُر في سَوادٍ، ويأكُلُ في سَوادٍ، ويَمشي في
سَوادٍ (١).
٥
- باب ما
يجُوز من السِّنِّ في الضحايا
٢٧٩٧
- حدَّثنا أحمدُ بن أبي شُعيبِ
الحَرَّانىُّ، حدَّثنا زُهيرُ بن مُعاويةَ، حدَّثنا أبو الزبيرِ
= وأخرجه ابن خزيمة (٢٨٩٩)، والحاكم ١/
٤٦٧ من طريق إبراهيم بن سعد، والحاكم ١/ ٤٦٧ من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد
بن إسحاق، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي عياش، عن جابر بن
عبد الله.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٠٢٢) من طريق
إبراهيم بن سعد.
قوله: مُوجَئين، وفي الرواية التي
شرح عليها الخطابي: مُوجَيين: يريد مَنزوعَي الأنثيين، والوِجاء: الخصاء، يقال:
وجأت الدابة فهي موجوءة: إذا خصيتها.
قال الخطابي: وفي هذا دليل على أن
الخصيَّ في الضحايا غير مكروه.
وقد كرهه بعض أهل العلم لنقص العضو،
وهذا نقص ليس بعيب، لأن الخصاء يفيد اللحم طيبًا، وينفي منه الزهومة وسوء الرائحة.
(١)
إسناده صحيح. جعفر: هو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف
بالصادق، وحفص: هو ابن غياث.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٢٨)، والترمذي
(١٥٧٠)، والنسائى (٤٣٩٠) من طريق حفص بن غياث، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٥٩٠٢).
قال الخطابي: «الفحيل» الكريم
المختار للفُحلة، فأما الفحل، فهو عام في الذكور
منها. وقالوا في ذكورة النخل: فُحال،
فرقًا بينه وبين سائر الفحول من الحيوان.
وسلف كلام الخطابي في تفسير السواد
برقم (٢٧٩٢).
و«يأكل في سواد» قال السندي في
حاشيته على «النسائي»: أي: في بطنه سواد.
عن جابرٍ، قال: قالَ رسولُ الله ﷺ:
«لا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّةً، إلا أن يَعسُرَ عليكم فتذبَحوا جَذَعةً من الضَّأن»
(١).
(١) إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات، إلا أن
أبا الزبير - وهو محمد بن
مسلم بن تدرُس المكي - مدلس، وقد
عنعنه، ومع ذلك فقد صححه عبد الحق الإشبيلى
في «أحكامه الوسطى» ٤/ ١٢٩، والحافظ
في «الفتح» ١٠/ ١٥، بينما ضعفه ابن حزم
في «المحلى» ٧/ ٣٦٤، وابن القطان في
«بيان الوهم والإيهام» ٤/ ٢٩٨ و٣٠١ ردًا
على سكوت عبد الحق الإشبيلى مصححًا
له.
وأخرجه مسلم (١٩٦٣)، وابن ماجه
(٣١٤١)، والنسائي (٤٣٧٨) من طريق زهير بن معاوية، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٣٤٨).
وفي الباب عن مجاشع بن مسعود
السُّلمي سيأتي برقم (٢٧٩٩).
وعن عقبة بن عامر عند البخاري
(٢٣٠٠)، ومسلم (١٩٦٥)، وابن ماجه (٣١٣٨)، والترمذي (١٥٧٦) و(١٥٧٧)، والنسائي
(٤٣٧٩) و(٤٣٨٠) و(٤٣٨١)، ولفظه عند أكثرهم: أن رسول الله ﷺ أعطاه غنما يقسمها على
صحابته، فبقى عتود - وعند بعضهم: جذعة - فذكره للنبي ﷺ فقال: «ضح به أنت». وسيأتي
عند المصنف بعده من حديث زيد بن خالد الجهني.
وأخرج أحمد (١٤٩٢٧)، وابن حبان
(٥٩٠٩) وغيرهما من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رجلًا ذبح قبل
أن يصلي النبي ﷺ عتودًا جذعًا، فقال رسول الله ﷺ: «لا تجزئ من أحدٍ بعدك» ونهى أن
يذبحوا حتى يصلوا. وفيه عنعنعة أبي الزبير أيضًا.
لكن يشهد له حديث البراء بن عازب عند
البخارى (٥٥٤٥)، ومسلم (١٩٦١): أن خاله أبا بردة بن نيار ذبح قبل الصلاة، فلما سمع
النبي ﷺ ينهى عن ذلك، قال: يا رسول الله، إن عندي جذعة خير من مسنة! قال: «اجعلها
مكانها، ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك».
قال النووي في «شرح صحيح مسلم» عند
الحديث (١٩٦٣): الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه، وابن عمر
والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من
الاستحباب، والله أعلم. ونحو هذا قال ابن الملقن في «البدر المنير» ٩/ ٣٠٦.=
٢٧٩٨ - حدَّثنا محمد بنُ صُدرَانَ، حدَّثنا
عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى، حدَّثنا محمدُ بن إسحاق، حدثني عُمارةُ بن عبدِ الله
بن طُعمةَ، عن سعيدِ بن المُسيب
عن زيدِ بن خالدٍ الجُهَنيِّ، قال:
قَسَمَ رسولُ الله ﷺ في أصحابِه ضحايا، فأعطاني عَتُودا جَذَعًا، قال: فرجعتُ به
إليه، فقلتُ: إنَّه جَذَع، قال: «ضحِّ بِهِ» فضحَّيتُ به (١).
= والجذع من الضأن اختلف في سنه، فقال
الحنفية والحنابلة: ما له ستة أشهر ودخل في السابع، والأصح عند الشافعية: ما أكمل
السنة ودخل في الثانية، وهو الأشهر عند أهل اللغة. قاله الحافظ في «الفتح» ١٠/ ١٦.
و«المُسنة» قال العلماء: هي الثنية
من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها قال النووي في «شرح مسلم»، وقال ابن
الأثير في «النهاية»: والثنية من الغنم ما دخل في السنة الثالثة، ومن البقر كذلك،
ومن الإبل في السادسة، والذكر ثني.
(١)
صحيح من حديث عقبة بن عامر الجهني، وهذا إسناد قد خالف فيه ابنُ إسحاق أو شيخُه -
وهما دون الثقة - من هو أوثق منهما، فقد رواه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني
وبعجة بن عبد الله الجهني عن عقبة بن عامر، فجعلا القصة قصتة. قال ابن القيم في
«تهذيب سنن أبي داود»: وأما حديث زيد بن خالد الجهني، فهو - والله أعلم - حديث
عقبة بن عامر الجهني بعينه. واشتبه على ابن إسحاق أو من حدثه اسمّه، وأن قصة
العتود وقسمة الضحايا إنما كانت مع عقبة بن عامر الجهني، وهى التي رواها أصحاب
الصحيح.
وأخرجه أحمد (٢١٦٩٠)، والبزار في
«مسنده» (٣٧٧٦)، وابن حبان (٥٨٩٩)، والطبراني في «الكبير» (٥٢١٧) و(٥٢١٨) و(٥٢١٩)
و(٥٢٢٠)، وفي «الأوسط» (٢١٠)، والبيهقي ٩/ ٢٧٠ من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا
الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٣٠٠)، ومسلم
(١٩٦٥)، وابن ماجه (٣١٣٨)، والترمذي (١٥٧٦)، والنسائي (٤٣٧٩) من طريق أبي الخير
مرثد بن عبد الله اليزني، والبخاري (٥٥٤٧)، ومسلم (١٩٦٥)، والترمذي (١٥٧٧)،
والنسائي (٤٣٨٠) و(٤٣٨١) من طريق بعجة بن عبد الله الجهني، كلاهما عن عقبة بن عامر.
=
٢٧٩٩ - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا الثوريُّ، عن عاصمِ بن كُلَيبٍ، عن أبيهِ، قال:
كنا مع رجلِ من أصحابِ النبي ﷺ يقال
له: مُجَاشعٌ من بني
سُليمِ، فَعَزَّت الغنمُ، فأمر
مُناديًا فنادى: إن رسولَ الله ﷺ يقولُ:
«إن الجَذَعَ يُوَفِّي مما يُوفِّي
منه الثّنِيُّ» (١).
= وقد روى حديث عقبة بن عامر هذا
البيهقي ٩/ ٢٧٠ من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن
أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر فزاد يحيى في روايته: «ضح بها أنت»، ولا
أرخصه لأحد فيها بعدُ«فانفرد بقوله:»ولا أرخصه ... «ولم يذكرها عمرو بن خالد
الحراني ولا قتيبة بن سعيد ولا محمد بن رمح عند البخاري ومسلم عن الليث، ولهذا قال
ابن القيم في»تهذيب سنن أبى داود«: هذه الزيادة غير محفوظة في حديثه، ولا ذكرها
أحد من أصحاب»الصحيحين«، ولو كانت محفوظة لذكروها، ولم يحذفوها، فإنه لا يجوز
اختصار مثلها، وكثر الرواة لا يذكرون هذه اللفظة.
وأخرج النسائي (٤٣٨٢) من طريق معاذ
بن عبد الله بن خُبيب، عن عقبة بن عامر قال: ضحينا مع رسول الله ﷺ بجذع من الضأن.
وإسناده حسن.
وانظر كلام النووي السالف ذكرُه عند
الحديث السابق.
(١)
إسناده قوي. عاصم بن كليب - وهو ابن شهاب - وأبوه صدوقان لا بأس بهما، وباقي رجاله
ثقات. الثوري: هو سفيان بن سعيد.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٤٠) من طريق
سفيان الثوري، والنسائي (٤٣٨٣) من طريق أبي الأحوص سلام بن سُليم، و(٤٣٨٤) من طريق
شعبة بن الحجاج، ثلاثتهم عن عاصم، به إلا أن أبا الأحوص قال في روايته: عن رجل من
مزينة، بدل رجل من بني سُليم.
وهو في»مسند أحمد" (٢٣١٢٣) من
طريق شعبة وقال: رجل من مزينة أو جهينة. وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه إذا
اختلف سفيان الثوري وشعبة، فالقول ما قال سفيان.
وانظر تفسير الجذع والثني عند الحديث
السالف برقم (٢٧٩٧).
٢٨٠٠ - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا أبو
الأخوصِ، حدَّثنا مَنصورٌ، عن الشَّعبي
عن البراء، قال: خطبَنا رسولُ الله ﷺ
يومَ النحرِ بعد الصلاة فقال: «مَن صلَّى صلاتَنا ونَسَك نُسُكَنا فقد أَصاب
النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصلاةِ فتلْكَ شاةُ لحمٍ» فقام أبو بُرْدةَ بنُ
نِيارٍ فقال: يا رسول الله، واللهِ لقد نَسَكْتُ قبلَ أن أخرجَ إلى الصلاةِ،
وعرفتُ أن اليومَ يومُ أكلٍ وشُربٍ، فتعجَّلْتُ فأكلتُ وأطعمتُ أهلي وجيراني،
فقالَ رسولُ الله ﷺ: «تِلْكَ شاةُ لحمٍ» فقال: إن عندي عَنَاقًا جَذَعةً، وهي
خَيْرٌ من شاتَيْ لحمٍ فهل تُجزئُ عني؟ قال: «نعمْ، ولَن تُجزئ عن أحدٍ بعدك» (١).
٢٨٠١
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا خالد، عن
مُطَرف، عن عامر
(١) إسناده صحيح. الشَّعبي: هو عامر بن
شَراحيل، ومنصور: هو ابن المعتمر وأبو الأحوص: هو سلام بن سُلَيم، ومُسَدد: هو ابن
مُسَرهَد.
وأخرجه البخاري (٩٥٥) و(٩٨٣)، ومسلم
(١٩٦١)، والنسائي (١٥٨١) و(٤٣٩٥) من طريق منصور بن المعتمر، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٩٦٥) و(٩٦٨)
و(٩٧٦) و(٥٥٤٥) و(٥٥٦٠)، ومسلم (١٩٦١)، والنسائي (١٥٦٣) من طريق زبيد اليامى،
والبخاري (٥٥٦٣)، ومسلم (١٩٦١)، من طريق فراس بن يحيى، ومسلم (١٩٦١) من طريق داود
بن أبي هند، و(١٩٦١) من طريق عاصم الأحول، أربعتهم عن عامر الشعبي، به.
وأخرجه بنحوه كذلك البخاري (٥٥٥٧)،
ومسلم (١٩٦١) من طريق أبي جُحيفة، عن البراء.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٤٨١)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٠٦) و(٥٩١١).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: العَناق، بفح العين:
الأنثى من الماعز لا تتم لها سنة.
عن البَراء، بن عازبِ، قال: ضَحَّى
خالٌ لي - يقال له: أبو بُردةَ - قبلَ الصلاةِ فقال له رسولُ اللهِ ﷺ: «شاتُكَ
شاةُ لحمٍ» فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إن عندي داجِنًا جَذَعةَ من المَعْزِ، فقال:
«اذبَحْها ولا تَصْلُحُ لِغَيرك» (١).
٦
- باب ما
يُكرَه من الضحايا
٢٨٠٢
- حدَّثنا حفصُ بن عُمر النَّمَري،
حدَّثنا شعبةُ، عن سليمانَ بنِ عبدِ الرحمن، عن عُبيدِ بن فيروزَ، قال:
سألتُ البراءَ بنَ عازب: ما لا يجوزُ
في الأضاحي؟ فقالَ: قامَ فينا رسولُ اللهِ ﷺ وأصابِعي أقصرُ من أصابِعه وأنامِلي
أقصرُ من أناملِه، فقال: «أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحِي: العَوراءُ بيِّن عَوَرُها،
والمريضةُ بيِّن مَرَضُها، والعَرجاءُ بين ظَلْعُها، والكَسِيرُ التي لا تُنْقِي»
قالَ: قلتُ: فإني أكرَه أن يكونَ في السِّنِّ نقص، قال: ما كرهتَ فَدَعْه، ولا
تُحرِّمْه على أحد (٢).
(١) إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل
الشَّعبي، ومُطرِّف: هو ابن طريف الحارثي، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي،
ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد.
وأخرجه البخاري (٥٥٥٦)، ومسلم (١٩٦١)
من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح. سليمان بن عبد الرحمن: هو ابن عيسى المصري، وشعبة: هو ابن الحجاج،
وحفص بن عمر النمري: هو ابن الحارث بن سخبرة الحوضي. قال أحمد بن حنبل: ما أحسن
حديث سليمان عن البراء في الضحايا.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٤٤)، والترمذي
(١٥٧١) و(١٥٧٢)، والنسائي (٤٣٦٩) و(٤٣٧٠) و(٤٣٧١) من طريق سليمان بن عبد الرحمن،
به. وقال الترمذي: حديث=
قال أبو داود: تُنْقِي: ليس لها
مُخٌّ.
٢٨٠٣
- حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ،
أخبرنا ح
وحدَثنا عليُّ بن بَحْرٍ، حدَّثنا
عيسى - المعنى - عن ثَورٍ، حدثني أبو حُميدٍ الرُّعَينيُّ، أخبرني يزيدُ ذو مِصرَ،
قال:
أتيتُ عُتبةَ بنَ عبدٍ السُّلَميَّ.
فقلت: يا أبا الوليد، إنى خرجتُ ألتمِسُ الضحايا فلم أجد شيئًا يُعجِبُني غيرَ
ثَرْماء، فكرهتُها، فما تقولُ؟ قال: أفلا جِئتَني بها، قلتُ: سبحان الله! تجوزُ
عنكَ ولا تجوزُ عني؟ قال: نعم، إنك تَشكُّ ولا أشكُّ، إنما نهى رسولُ الله ﷺ عن
المُصفَّرةِ والمُستأصَلةِ والبَخْقَاء والمُشَيّعةِ والكَسْراء.
والمُصفَّرة: التي تُستأصَلُ أُذنها
حتى يبدُوَ سِماخُها، والمُسْتأصَلةُ: التي استُؤْصِل قرنُها من أصلِه،
والبَخْقاءُ: التي تُبْخَق عَينُها، والمشيّعة: التي لا تتبع الغنم، عَجَفًا
وضَعفًا، والكسراء: الكَسِيرُ (١).
= حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث
عُبَيد بن فيروز عن البراء، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٥١٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩١٩).
قال الخطابي: قوله: «لا تُنقى» أي:
لا نقِي لها، وهو المخُّ.
وفيه دليل على أن العيب الخفيف في
الضحايا معفو عنه.
ألا تراه يقول: «بيّنٌ عَورُها، وبين
مرضُها، وبيّن ظَلعها» فالقليل منه غير بيِّن، فكان معفوًا عنه.
(١)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو حميد الرعيني ويزيد ذو مِصر مجهولان. عيسى: هو
ابن يونس السبيعي، وثور: هو ابن يزيد.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير»
٨/ ٣٣٠، وأحمد (١٧٦٥٢)، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (٣١٤)، والحاكم ٤/ ٢٢٥،
والبيهقي ٩/ ٢٧٥، والمزي في ترجمة يزيد من «تهذيب الكمال» ٣٢/ ٢٩٢ - ٢٩٣ من طريق
عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. -
٢٨٠٤ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد
النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن شُريحِ بن النعمانِ - وكان
رجلَ صِدق -
عن عليٍّ، قال: أمرنا رسولُ اللهِ ﷺ
أن نَسْتَشْرِفَ العينَ والأُذنَ، ولا نضحِّي بعَوراءَ، ولا مُقابَلَةٍ، ولا
مُدَابَرَةٍ، ولا خَرقاءَ، ولا شَرْقاءَ، قال زهيرٌ: فقلت لأبى إسحاقَ: أذَكَرَ
عَضْباء؟ قال: لا، قلت: فما المقابلةُ؟ قال: يقطَعُ طرفُ الأذن، قلتُ: فما
المُدابَرة؟ قال: يقطَعُ من مُؤخِرِ الأذُن، قلت: فما الشَّرقاءُ؟ قال: تُشَقُّ
الأذُنُ، قلت: فما الخَرقاءُ؟ قال: تَخْرِقُ أُذنَها السِّمة (١).
= وأخرجه الحاكم ١/ ٤٦٩ من طريق صدقة
بن عبد الله، عن ثور، عن أبي حميد قال: كنا جلوسًا إلى عتبة بن عبد، فأقبل يزيد ذو
مصر ... وإسناده ضعيف.
ويشهد له حديث البراء السالف قبله.
وحديث على بن أبي طالب الآتي بعده.
قال الخطابي: إنما سميت الشاةُ التي
استُؤصِلَت أُذنُها مُصَفَّرَة: لأن الأذن إذا زالت صَفِر مكانُها، أي: خلا،
والمشيَّعة: هي التي لا تلحق الغنم لضعفها وهُزالها. فهي تشيعها من ورائها. وبَخق
العين: فقؤها.
و«الثرماء» قال في «اللسان»: الثرَم،
بالتحريك: انكسار السنِّ من أصلها، وقيل: هو انكسار سن من الأسنان المقدمة مثل
الثنايا والرباعيات، وقيل: انكسار الثنية خاصة.
وقال ابن الأثير في «النهاية»:
المشيعة: هي التى لا تزال تتبع الغنم عَجَفًا: أي:
التى لا تلحقُها، فهي أبدا
تشيِّعُها، أي: تمشي وراءها، هذا إن كسرت الياء، وإن فتحتها فلأنها تحتاج إلى من
يشيِّعُها: أي: يسوقُها لتأخرها عن الغنم.
(١)
حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي -
لم يسمع هذا الحديث من شريح بن النعمان، بينهما سعيد بن عمرو بن أشوع، كما جاء في
رواية قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عند أبي الشيخ في «الأضاحي» كما في «شرح
الترمذي» للعراقي ٦/ ورقة ١٢، والحاكم ٤/ ٢٢٤ إذ قال قيس: قلت لأبي إسحاق: سمعته
من شُريح؟ قال: حدثني ابن أشوع عنه. وقد أورد ذلك أيضًا =
٢٨٠٥ - حدَّثنا مُسلِمُ بن إبراهيمَ،
حدَّثنا هشام، عن قتادةَ، عن جُرَيّ بن كُلَيبٍ
= الدارقطني في «العلل» ٣/ ٢٣٩، وذكر
أن الجراح بن الضحاك قد رواه عن أبي إسحاق، عن سعيد ابن أشوع، عن شريح بن النعمان،
عن علي مرفوعًا. قلنا: وسعيد بن عمرو بن أشوع ثقة، وقيس بن الربيع كان شعبة وسفيان
يوثقانه، وتكلم فيه الأكثرون، ولكن الجراح ابن الضحاك صدوق حسن الحديث، فباجتماع
روايتيهما يحسن الحديث، وذكر العراقى أن أبا الشيخ رواه في «الأضاحي» بسند جيد إلى
زهير بن معاوية وأبي بكر بن عياش، وصرح فيه أبو إسحاق بسماعه لهذا الحديث من شريح
بن النعمان، فالله تعالى أعلم.
وقد رواه الثوري، عن ابن أشوع، عن
شريح، عن علي موقوفًا. قال الدارقطني:
ويشبه أن يكون القول قول الثوري.
وأورده كذلك البخاري في «تاريخه
الكبير» ٤/ ٢٣٠ من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن شريح بن النعمان، به مرفوعًا،
وقال: لم يثبت رفعُه. ثم ساقه من طريق أبي نعيم ووكيع عن سفيان الثوري، عن سعيد بن
أشوع، قال: سمعت شريح بن النعمان يقول: لا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء. سليمة
العين والأذن.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٤٢)، والترمذي
(١٥٧٣) و(١٥٧٤)، والنسائي (٤٣٧٢ -
٤٣٧٥)
من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٠٩)، وصححه
الترمذي، وانتقاه ابن الجارود (٩٠٦)، وصححه الحاكم ٤/ ٢٢٤ ووافقه الذهبي، وصححه
كذلك الضياء في «المختارة» (٤٨٧) و(٤٨٨).
وانظر ما بعده.
قال ابن قدامة في «المغني» ١٣/ ٣٧٣:
وهذا نهي تنزيه، ويحصل الإجزاء بها، لا نعلم فيه خلافًا.
وقال الخطابي: «العضب» كسر القرن،
وكبش أعضب، ونعجة عضباء.
وقوله: نستشرف العين والأذن، معناه:
الصحة والعِظَم، ويقال: أذن شراقية.
قال أبو عبيد: قال الأصمعي: الشرقاء
من الغنم المشقوقة الأذنين.
والخرقاء: أن يكون في الأذن ثقب
مستدير.
والمقابلة: أن يقطع من مقدم أذنها
شيء، ثم يترك معلقًا، كأنه زنمة.
والمدابرة: أن يفعل ذلك بمؤخر الأذن
من الشاة.
عن عليٍّ: أن النبيَّ ﷺ نهى أن
يُضَحَّى بعضْباءِ الأذنِ والقَرْنِ (١).
قال أبو داود: جُرَيٌّ بَصريٌّ
سَدوسِيّ لم يُحدِّث عنه إلا قتادةُ.
٢٨٠٦
- حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى،
حدَّثنا هشام، عن قتادةَ، قال: قلتُ لسعيدِ بن المُسيّب: ما الأعْضَبُ؟ قال:
النِّصْفُ فما فَوقه (٢).
٧
- باب في
البقرة والجَزُورِ، عن كم تُجزىء؟
٢٨٠٧
- حدَّثنا أحمد بنُ حَنْبلٍ، حدَّثنا
هُشيم، حدَّثنا عبدُ الملك، عن عطاءٍ
(١) إسناده حسن. جُريّ بن كُليب: هو السدوسى،
صاحب قتادة، روى عنه قتادة وكان يثنى عليه خيرًا، وقال الترمذي عن حديثه هذا: حسن
صحيح، وصححه الحاكم ٤/ ٢٢٤ ووافقه الذهبي، وذكره العجلى وابن حبان في «الثقات»،
وقال أبو حاتم: شيخ لا يحتج بحديثه.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٤٥)، والترمذي
(١٥٨١) من طريق قتادة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٣٣) و(٧٩١).
وأخرجه أحمد (٨٦٤) من طريق جابر
الجعفي، عن عبد الله بن نُجيّ، عن علي.
وإسناده ضعيف ومنقطع. ابن نجي لم
يسمع من علي، وهو وجابر الجعفي ضعيفان.
وانظر ما قبله وما بعده.
وانظر تفسير العضباء عند الحديث
السابق.
(٢)
إسناده صحيح. هشام: هو الدستوائي، ويحيى: هو ابنُ سعيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن
مُسرهَد.
وأخرجه الترمذي (١٥٨١) ضمن حديث علي
بن أبي طالب السالف قبله من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.
عن جابر بن عبد الله، قال: كنا
نتمتَّع في عَهْدِ رسولِ اللهِ ﷺ نَذبح البقرةَ عن سبعةٍ نشتركُ فيها (١).
٢٨٠٨
- حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن قيسٍ، عن عطاءٍ عن جابر بن عبد الله، أن النبي ﷺ قال: «البقرَةُ عن
سَبْعةٍ، والجَزورُ عن سَبْعةٍ» (٢).
٢٨٠٩
- حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن
أبي الزبير المَكِّي
عن جابرِ بن عبد الله أنه قال:
نَحْرنا مع رسولِ الله ﷺ بالحديبيةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ، والبقرةَ عن سَبْعةٍ
(٣).
(١) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح،
وعبد الملك: هو ابن أبي سليمان، وهُشيم: هو ابن بشير.
وأخرجه مسلم (١٣١٨) والنسائى في
«الكبرى» (٤١٠٦) من طريق هشيم بن بَشير، والنسائي في «الكبرى» (٤١٠٦) و(٤٤٦٧) من
طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن عبد الملك بن أبي سليمان، به.
وهو في «سند أحمد» (١٤٢٦٥) عن هشيم،
و(١٤٤٢٢) عن يحيى بن سعيد القطان.
وانظر تالييه.
(٢)
إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وقيس: هو ابن سعد المكي، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٤١٠٧)
من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به.
وانظر ما قبله، وما بعده.
(٣)
إسناده صحيح. أبو الزبير المكي - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس - قد صرح بسماعه عند
مسلم وابن خزيمة (٢٩٠٠) وغيرهما، فانتفت شبهة تدليسه. مالك: هو ابن أنس الإمام،
والقعنبي: هو عبد الله بن مَسلمة بن قَعنَب. وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٤٨٦.
=
٨ - باب في الشاةِ يُضحَّى بها عن جماعةٍ
٢٨١٠
- حدَّثنا قتيبةُ بن سَعيد، حدَّثنا
يعقوبُ - يعني الإسكندرانيَّ - عن عَمرو، عن المُطَّلبِ
عن جابرِ بن عبد الله، قال: شهدتُ مع
رسولِ اللهِ ﷺ الأضحى بالمُصلَّى، فلما قضى خطبتَه نزلَ من مِنبَرِه وأُتي بكبشٍ
فذبَحه رسولُ الله ﷺ بيده، وقال: «باسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، هذا عني وعمَّنْ لم
يُضَحِّ من أُمتي» (١).
= وأخرجه مسلم (١٣١٨)، وابن ماجه
(٣١٣٢)، والترمذي (٩٢٠) و(١٥٧٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤١٠٨) من طرق عن أبي
الزبيرِ المكي، عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤١١٦)
و(١٤١٢٧)، و«صحيح ابن حبان» (٣٩١٩) و(٤٠٠٤).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٢٨٠٧).
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن صح سماع المطلب - وهو ابن عبد الله ابن حنطب - من
جابر، فقد نص غير واحد من أهل العلم أنه لم يسمع منه، لكن أبا حاتم قال مرة كما في
«الجرح والتعديل»: يشبه أن يكون أدرك جابرًا، وقد جاء تصريحه بالسماع عند الطحاوي
٤/ ١٧٧ والحاكم ٤/ ٢٢٩، فالله تعالى أعلم. وقد روي من وجهين آخرين عن جابر كما
سيأتي. يعقوب: هو ابن عبد الرحمن بن محمد القاريّ، وعمرو: هو ابن أبي عمرو مولى
المطلب.
وأخرجه الترمذي (١٥٩٩) عن قتيبة بن
سعيد، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، والمطلب بن عبد الله بن
حنطب يقال: إنه لم يسمع من جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨٣٧).
وأخرج عبد بن حميد (١١٤٦)، وأبو يعلى
(١٧٩٢)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٤/ ١٧٧، والبيهقي ٩/ ٢٦٨ من طريق حماد بن
سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن جابر، قال: حدثني أبي: أن
رسول الله ﷺ أُتي =
٩ - باب الإمامِ يَذبحُ بالمصلى
٢٨١١
- حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، أن
أبا أُسامةَ حدثهم، عن أسامةَ، عن نافعٍ
عن ابن عُمر: أن النبيَّ ﷺ كان يذبح
أُضحيتَه بالمُصلى، وكانَ ابنُ عُمر يفعلُه (١).
= بكبشين أملحين أقرنين، عظيمين،
موجوءين، فأضجع أحدهما، وقال: «باسم الله، والله أكبر، عن محمد وأمته، من شهد لك
بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ». وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد.
وسلف برقم (٢٧٩٥) من طريق أبي عياش
بن النعمان المعافري عن جابر بن عبد الله بنحو رواية عبد الرحمن بن جابر السالفة
الذكر، وإسناده حسن.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند
أحمد (١١٠٥١)، والطحاوي ٤/ ١٧٨، والحاكم ٤/ ٢٢٨ وغيرهما.
وعن عائشة عند مسلم (١٩٦٧)، وسلف عند
المصنف برقم (٢٧٩٢).
قال الخطابي: فيه دليل على أن الشاة
الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهله وإن كثروا، وروي عن أبي هريرة وعن ابن عمر رضي
الله عنهم أنهما كانا يفعلان ذلك، وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق،
وكره ذلك أبو حنيفة والثوري رحمهما الله.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة - وهو ابن زيد الليثي
-
فهو صدوق حسن الحديث، ولكنه متابع.
أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٦١) من طريق
أسامة بن زيد، به. دون ذكر فعل ابن عمر.
وأخرجه البخاري (٩٨٢) و(٥٥٥٢)،
والنسائي (١٥٨٩) و(٤٣٦٦) من طريق كثير بن فرقد، و(٤٣٦٧) من طريق عبد الله بن
سليمان، كلاهما عن نافع، به. دون ذكر ابن عمر.
وهو في «مسند أحمد» (٥٨٧٦).
وأخرج الموقوف من فعل ابن عمر:
البخاريُّ (١٧١٠) و(٥٥٥١) من طريق عُبيد الله ابن عمر و(١٧١١) من طريق موسى بن
عقبة، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر.
١٠ - باب في حَبس لُحوم الأضاحي
٢٨١٢
- حدَّثنا القَعنَبىُّ، عن مالكٍ، عن
عبدِ الله بن أبي بكْرٍ، عن عَمرةَ بنتِ عبدِ الرحمن، قالت:
سمعت عائشة تقول: دَفَّ ناس من أهلِ
الباديةِ - حَضْرَةَ الأضحى -
في زمانِ رسولِ الله ﷺ، فقال رسولُ
الله ﷺ: «ادَّخِرُوا لِثَلاثٍ وتَصَدَّقُوا بما بقي» قالت: فلما كانَ بعدَ ذلك،
قيل لِرسول الله ﷺ:
يا رسولَ الله، لقد كانَ الناسُ
ينتفِعُون من ضحاياهم ويَجْمُلون منها
الوَدَكَ، ويتخِذُون منها الأسقيةَ،
فقال رسولُ الله ﷺ: «وما ذاك؟» أو
كما قال، قالوا: يا رسول الله
نَهَيْتَ عن إمساكِ لُحوم الضحايا بعد
ثَلاثٍ، فقالَ رسولُ الله ﷺ: «إنما
نَهيتكم من أجل الدَّافَّةِ التي دَفَّتْ
عليكم، فكُلُوا وتصدَقُوا
وادَّخِرُوا» (١).
(١) إسناده صحيح. عبد الله بن أبي بكر: هو
ابن محمد بن عمرو بن حَزم، ومالك: هو ابن أنس، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن
قعنب.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٤٨٤، ومن
طريقه أخرجه مسلم (١٩٧١)، والنسائي (٤٤٣١).
هو في «مسند أحمد» (٢٤٢٤٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٢٧).
قال الخطابي: «دفَّ ناس» معناه:
أقبلوا من البادية. والدف: سير سريع، يقارب فيه الخطو، يقال: دفَّ الرجلُ دفيفًا.
وهم دافَّة، أي: جماعة يدفون. وإنما أراد قومًا أقحمتهم السَّنة، وأقدمتهم المجاعة.
يقول: إنما حرّمت عليكم الادّخار فوق
ثلاث لتواسوهم، وتتصدقوا عليهم، فأما وقد جاء الله بالسعة، فادخروا ما بدا لكم.
وقوله: «يجملون الودك» معناه:
يذيبونه. قال لبيد:
واشتوى ليلة ريح واجتمل.
=
٢٨١٣ - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يزيدُ بن
زُريعٍ، حدَّثنا خالد الحذَّاءُ، عن أبي المَليح
عن نُبيْشةَ، قال: قال رسولُ الله ﷺ:
«إنَّا كنَّا نَهَيْناكُم عن لُحُومها
أن تأكُلُوها فوق ثَلاثٍ، لكي
تَسَعَكُم. جاء الله بالسَّعهِ، فكُلوا وادَّخِرُوا واتّجِرُوا، ألاوإنَّ هذِهِ
الأيامَ أيَّامُ أكلٍ وشُرْبٍ وذِكرٍ للهِ عز وجل» (١).
= ومن هذا قيل: فلان جميل الوجه،
يريدون به الحسن والنضارة، كأنه دهين صقيل.
قال في «النهاية»: «الودك»: دسم
اللحم ودهنه الذي يستخرج منه.
(١)
إسناده صحيح. أبو المليح: هو ابن أسامة بن عُمير الهُذَلي، وخالد الحذاء: هو ابن
مِهران، ومُسدد: هو ابن مُسَرهَد.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٦٠)، والنسائي
(٤٢٣٠) من طريق خالد الحذاء، به. ورواية ابن ماجه مختصرة، وعند النسائي قال خالد
الحذاء: عن أبي قلابة، عن أبي المليح، وأحسبني قد سمعته من أبي المليح. فيكون بذلك
قد سمعه خالد على الوجهين كليهما.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٢٣).
وأخرج القطعة الأخيرة من الحديث وهي
أن هذه الأيام أيامُ أكل وشرب وذكر الله تعالى: مسلم (١١٤١) من طريق خالد الحذاء،
عن أبي المليح، و(١١٤١) من طريق خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المليح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٢٢).
قال الخطابي: وقوله: «واتجروا» أصله:
ايتجروا على وزن افتعِلو، يريد الصدقة التي يبتغي أجرها وثوابها، ثم قيل: اتجروا،
كلما قيل: اتخذت الشيء. وأصله: ايتخذته.
وهو من الأخذ، فهو من الأجر. وليس من
باب التجارة. لأن البيع في الضحايا فاسد. إنما تؤكل ويتصدق منها.
وقوله: «هذه الأيام أيام أكل وشرب»
فيه دليل على أن صوم أيام التشريق غير جائز.
لأنه قد وسمَها بالأكل والشرب، كما
وسم يوم العيد بالفطر، ثم لم يجز صيامه. فكذلك أيام التشريق، وسواء كان ذلك تطوعًا من
الصائم أو نذرًا، أو صامها الحاج عن التمتع.
١١ - باب في المسافر يُضحِّي
٢٨١٤
- حدَّثنا عبدُ الله بن محمد
النُّفَيليُّ، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ الخَيَّاطُ، حدَّثنا معاويةُ بن صالحِ، عن
أبي الزاهريةِ، عن جُبير بن نُفَيرٍ
عن ثوبانَ، قال: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ
ثم قال: «يا ثوبانُ، أصْلحْ لنا لَحْم هذ الشاة»قال: فما زلتُ أُطعِمُه منها حتى
قدم المدينةَ (¬١).
١٢
- باب في
الرفقِ بالذبيحةِ
٢٨١٥
- حدَّثنا مسلُم بن إبراهيمَ، حدَّثنا
شعبةُ، عن خالدِ الحذَّاء عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعثِ
عن شدَّاد بن أوسِ، قال: خَصْلتان
سمعتُهما من رسولِ الله ﷺ «إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا
قتلتُم فأحْسِنوا» - غيرُ مُسلمٍ يقولُ: «فأحسِنُوا القِتْلَةَ - وإذا ذَبحتُم
فأحسِنُوا الذَّبْحَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَه، وليُرِح ذَبيحَتَه» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو الزاهرية: هو حُدير بن
كُريب الحضرمي.
وأخرجه مسلم (١٩٧٥)، والنسائى في
«الكبرى» (٤١٤٢) من طريق معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٩٧٥) من طريق عبد
الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٣٩١)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٣٢).
تنبيه: هذا الحديث جاء في (أ) و(ب)
و(ج) بعد الحديث الآتي برقم (٢٨١٦).
ونحن تركناه على الترتيب الذي في
(هـ) إبقاء على الترقيم المتسلسل.
(٢)
إسناده صحيح. أبو الأشعث: هو شَراحيل بن آده الصنعاني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن
زيد الجَرمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران، وشعبة: هو ابن الحجاج.
وأخر جه مسلم (١٩٥٥)، وابن ماجه
(٣١٧٠)، والترمذي (١٤٦٧)، والنسائي (٤٤٠٥) و(٤٤١٢) و(٤٤١٣) و(٤٤١٤) من طريق أبي
قلابة الجَرمي، به. =
٢٨١٦ - حدَّثنا أبو الوليدِ الطَّيالِسي،
حدَّثنا شعبةُ، عن هشامِ بن زَيد، قال:
دخلتُ مع أنسِ بن مالك على الحكمِ بن
أيوبَ فرأى فتيانًا، أو
غلمانًا، قد نَصَبُوا دَجاجةً
يرمونَها، فقال أنس: نهى رسولُ الله ﷺ أن
تُصْبَرَ البهائمُ
(¬١).
١٣
- باب في
ذبائح أهلِ الكتاب
٢٨١٧
- حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن ثابت
المَروزيُّ، حدثني علي بن حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النَّحويِّ، عن عِكرِمةَ
عن ابن عبّاس، قال: ﴿فَكُلُوا مِمَّا
ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾، ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ
اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ (الأنعام: ١١٨ و١٢١)، فنَسَخَ، واستثنَى من ذلك، فقال:
﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ
لَهُمْ﴾ [المائدة:
٥] (٢).
= وهو في «مسند أحمد» (١٧١١٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٨٨٣).
وأخرجه النسائي (٤٤١١) من طريق خالد
الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس. فزاد
في الإسناد أبا أسماء الرحبي.
قال أبو عوانة وقد أخرج الحديث
(٧٧٤٤): وهو خطأ.
(١)
إسناده صحيح. هشام بن زيد: هو ابن أنس بن مالك، وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبو الوليد
الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه البخاري (٥٥١٣)، ومسلم
(١٩٥٦)، وابن ماجه (٣١٨٦)، والنسائي (٤٤٣٩) من طريق شعبة بن الحجاج، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١٦١).
وقوله: أن تُصبَر، بصيغة المجهول،
أي: تحبس لتُرمى حتى تموت.
وقال الخطابي: أصل الصبر: الحبس.
ومنه قيل: قتل فلان صبرًا، أي: قهرًا، أو حبسًا على الموت.
وإنما نهي عن ذلك لما فيه من
تعذيبها، وأمر بإزهاق نفسها بأوحى الذكاة وأخفّها.
(٢)
إسناده حسن من أجل علي بن الحسين - وهو ابن واقد المروزي - فهو صدوق حسن الحديث.
=
٢٨١٨ - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا
إسرائيلُ، حدَّثنا سِماكٌ، عن عِكرِمةَ
عن ابن عباسِ في قوله: ﴿وَإِنَّ
الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢١] يقولون: ما ذَبَح اللهُ فلا
تأكُلُوه، وما ذبحتُم أنتُم فكُلُوهُ، فأنزلَ اللهُ عز وجل: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ
اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ (١).
= وأخرج الطبري في «تفسيره» ٨/ ٢١ عن
محمد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن
عكرمة والحسن قولهما. ومحمد بن حميد متروك.
وإلى القول بالنسخ ذهب أيضًا مكحول
فيما أسنده عنه ابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير»عند آية الأنعام.
وقد ذهب الطبري إلى القول بإحكام
آيتى الأنعام، فقال: الصواب من القول في ذلك عندنا أن هذه الآية محكمة فيما أنزلت
لم ينسخ منها شيء، وأن طعام أهل الكتاب حلال، وذبائحهم ذكية، وذلك مما حرم الله
على المؤمنين أكله بقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ
عَلَيْهِ﴾ [الأنعام:
١٢١] بمعزل،
لأن الله إنما حرم علينا بهذه الآية الميتة، وما أُهل به للطواغيت، وذبائح أهل
الكتاب ذكية سموا عليها أو لم يسمُّوا، لأنهم أهل توحيد وأصحاب كتب لله يدينون
بأحكامها، يذبحون الذبائح بأديانهم، كما ذبح المسلم بدينه، سمى الله على ذبيحته أو
لم يُسمه، إلا أن يكون ترك من ذكر تسمية الله على ذبيحته على الدينونة بالتعطيل،
أو بعبادة شيء سوى الله، فيحرم حينئذ أكل ذبيحته سمى الله عليها أو لم يُسمِّ.
ونسبَ القولَ بإحكامها إلى عامة أهل
العلم.
وإلى القول بإحكامها أيضًا ذهب ابنُ
الجوزي في «نواسخ القرآن» ص٣٣٠، ومكي بن أبي طالب في «الإيضاح» ص ٢٦٢
..
(١)
حديث صحيح. سماك - وهو ابن حرب، وإن كان في روايته عن عكرمة اضطراب - متابع.
إسرائيل: هو ابن يُونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، ومحمد بن كثير: هو العبْدي وقد صحح
إسناد حديث سماك الحاكم ٤/ ١١٣ و٢٣١، ووافقه الذهبي، وصححه كذلك ابن كثير في
«تفسيره» ٣/ ٣٢١، وابن حجر في «الفتح» ٩/ ٦٢٤. =
٢٨١٩ - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ،
حدَّثنا عِمرانُ بن عُيينةَ، عن عطاء بن
السائبِ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ
عن ابن عباسِ، قال: جاءتِ اليهودُ
إلى النبيَّ ﷺ، فقالوا: نأكُلُ ممَّا قتَلْنا ولا نأكُلُ ممَّا قتلَ اللهُ؟ فأنزل
اللهُ ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ إلى آخر
الآية (١).
= وأخرجه ابن ماجه (٣١٧٣)، والطبري في
«تفسيره» ٨/ ١٦ و١٧ و١٨، وابن أبي حاتم في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» ٣/
٣٢١، والحاكم ٤/ ١١٣ و٢٣١، والبيهقى ٩/ ٢٤١ من طريق سماك بن حرب، به.
وأخرجه بنحوه النسائي في «الكبرى»
(٤٥١١) و(١١١٠٦)، والطبري ٨/ ١٧، والحاكم ٤/ ٢٣٣، وابن عبد البر في «التمهيد» ٢٢/
٣٠١ من طريق عنترَة بن عبد الرحمن الكوفي، والطبري ٨/ ١٦، والطبراني (١١٦١٤) من
طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة، والطبري ٨/ ١٧ من طريق عطية العوفي، و٨/ ١٧ من طريق
علي بن أبي طلحة، كلهم عن ابن عباس.
وسيأتي بعده عند المصنف من طريق سعيد
بن جبير، عن ابن عباس.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عمران بن عيينة - وهو أخو سفيان -
فهو ضعيف يعتبر به في المتابعات، وقد توبع، إلا أنه أخطأ في ذكر اليهود في
الرواية، لأن المحفوظ هو المشركون لا اليهود، كما نبه عليه ابن كثير في «تفسيره»
عند تفسير هذه الآية المذكورة.
وأخرجه البزار في «مسنده» كما في
«تفسير ابن كثير» ٣/ ٣٢٠، والطبري ٨/ ١٨ - ١٩، والطبراني (١٢٢٩٥)، والبيهقي ٩/
٢٤٠، وابن عبد البر في «التمهيد» ٢٢/ ٣٠٠ - ٣٠١، والضياء المقدسي في «المختارة»
١٠/ (٢٧١) من طريق عمران بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٣٣٢٣) من طريق زياد
بن عبد الله البكائي، والطبري ٨/ ١٨ من طريق جرير بن عبد الحميد، والضياء١٠/ (٢٧٠)
من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب، ثلاثتهم عن عطاء بن السائب، به. وقال الترمذي:
حديث حسن غريب، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن عباس أيضًا.
١٤ - باب ما جاء في أكلِ مُعاقَرةِ
الأعرابِ
٢٨٢٠
- حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا
حماد بن مَسعدةَ، عن عَوفٍ، عن أبي رَيحانة
عن ابن عباسٍ، قال نهى رسولُ الله ﷺ
عن مُعَاقَرَةِ الأعرابِ (١).
= وانظر ما قبله.
قال الخطابي: في هذا دلالة على أن
معنى ذكر اسم الله على الذبيحة في هذه الآية ليس باللسان، وإنما معناه: تحريم ما
ليس بالمذكَّى من الحيوان، فإذا كان الذابح ممن يعتقد الاسم، وإن لم يذكره بلسانه،
فقد سمى، وإلى هذا ذهب ابن عباس في تأويل الآية.
(١)
إسناده حسن من أجل أبي ريحانة عبد الله بن مطر، فهو صدوق حسن الحديث، ومع أنه تغير
بأخرة، قال ابن عدي: لا أعرف له حديثًا منكرًا فأذكره، فالظاهر أنه لم يحدث بعدما
تغير بشيء.
وأخرج أبو بكر بن أبى شيبة في
«تفسيره» كما في «اقتضاء الصراط المستقيم» لشيخ الإسلام ابن تيمية ص ٢٦٠ عن وكيع،
عن أصحابه، عن عوف الأعرابي، عن أبي ريحانة، قال: سئل ابن عباس عن معاقرة الأعراب
فقال: إني أخاف أن تكون مما أهل لغير الله به. هكذا جعله موقوفًا.
وفي الباب عن علي بن طالب موقوفًا
عند أبى إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن دُحيم في «تفسيره» كما في «اقتضاء الصراط
المستقيم» ص٢٦٠ قال: حدَّثنا أبي، حدَّثنا سعيد بن منصور، عن ربعي [بن عبد الله بن
الجارود]، عن عبدالله بن الجارود، قال: سمعت الجارود هو ابن أبي سبْرة، قال: كان
من بني رباح رجل يقال له: ابن وثيل شاعرًا، نافر أبا الفرزدق غالبًا الشاعر، بماء
بظهر الكونة، على أن يعقر هذا مئة من إبله، وهذا مئة من إبله، إذا وردت الماء،
فلما وردت الإبل الماء قاما إليها بأسيافهما، فجعلا ينسفان عراقيبها. فخرج الناس
على الحمر والبغال، يريدون اللحم.
وعليٌّ رضي الله عنه بالكوفة، فخرج
على بغلة رسول الله ﷺ البيضاء، وهو ينادي: يا أيها الناس لا تأكلوا من لحومها،
فإنها أُهل بها لغير الله. =
قال أبو داودَ: اسمُ أبي رَيحانة
عبدُ الله بن مَطَرٍ، وغُندَر أوقَفَه على ابن عباسٍ.
١٥
- باب في
الذبيحةِ بالمَروةِ
٢٨٢١
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو
الأحْوصِ، حدَّثنا سعيدُ بن مسروقٍ، عن عَبايةَ بن رِفاعةَ، عن أبيه
عن جده رافعِ بن خَديجٍ، قال: أتيتُ
رسولَ الله ﷺ، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنا نَلْقَى العدوَّ غدًا وليس معنا مُدًى،
فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «أرِنْ - أو اعْجَل - ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ اللهِ
عليه فكلُوا، ما لم يكن سِنًّا أو ظُفرًا، وسأحَدثكم عن ذلك: أما السِّنُّ فعَظْمٌ
وأما الظُّفر فمُدَى الحبَشةِ» وتقدَّم سَرعانُ الناسِ فتعجَّلُوا فأصابُوا من
الغنائِمِ، ورسولُ اللهِ ﷺ في آخِرِ الناسِ، فنَصَبُوا قُدورًا، فمرَّ رسولُ الله
ﷺ بالقُدور فأمَر بها فأكفِئتْ، وقَسم بينهم فَعَدَلَ بعيرًا بعشرِ شِياهٍ، ونَدَّ
بعيرٌ من إبل القومِ، ولم يكن معهم خيلٌ فرماه رجلٌ بسهم فحبَسه اللهُ، فقال
النبيُّ ﷺ: «إن لهذه البهائمِ أوَابِدَ كأوابدِ الوَحْشِ، ما فَعلَ منها هذا
فافعَلُوا به مثلَ هذا» (١).
= قال الخطابي في تفسير معاقرة
الأعراب: هو أن يتبارى الرجلان كل واحد يجاود
صاحبه، فيعقر هذا عددا من إبله،
فأيهما كان أكثر عقرًا غلب صاحبه ونفره. كره أكل
لحومها لئلا تكون مما أُهِلَّ به
لغير الله.
(١)
إسناده صحيح. سعيد بن مسروق: هو والد سفيان الثوري، وأبو الأحوص: هو سلّام بن
سُلَيم، ومُسدد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه بطوله ومختصرًا البخاري
(٥٥٤٣)، والترمذي (١٥٦٣) و(١٥٦٥)
و(١٦٩١)، والنسائي في «المجتبى»
(٤٤٠٤) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد.=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
= وأخرجه بطوله ومختصرًا البخاري
(٢٤٨٨) و(٣٠٧٥) و(٥٤٩٨) من طريق أبي
عوانة اليشكري، والبخاري (٢٥٠٧)
و(٥٥٠٦) و(٥٥٠٩)، ومسلم (١٩٦٨)، وابن ماجه (٣١٣٧)، والترمذي (١٥٦٤) و(١٦٩٢)
والنسائي (٤٣٩١) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (٥٥٠٣)، ومسلم (١٩٦٨)، والنسائي
(٤٣٩١) و(٤٤٠٩) من طريق شعبة بن الحجاج، والبخاري (٥٥٤٤)، وابن ماجه (٣١٧٨)
و(٣١٨٣) من طريق عمر بن عُبيد الطنافسي، ومسلم (١٩٦٨) والنسائي (٤٤٠٣) من طريق
عُمر بن سعيد بن مسروق، ومسلم (١٩٦٨) من طريق إسماعيل بن مسلم العبدي، ومسلم
(١٩٦٨)، والنسائي (٤٢٩٧) من طريق زائدة بن قدامة، كلهم عن سعيد بن مسروق الثوري،
عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، عن جده. دون ذكر رفاعة بن رافع وهو في «مسند
أحمد» (١٥٨٠٦)، و«صحيح ابن حبان» (٤٨٢١) و(٥٨٨٦).
وقد صحح البخاري كلا الروايتين، إذ
أخرجهما في «الصحيح»، وأما الترمذي فصحح الرواية الثانية التي ليس فيها ذكر رفاعة،
وكذلك أبو حاتم في «العلل» لابنه ٢/ ٤٥.
قلنا: لم ينفرد أبو الأحوص بذكر
رفاعة في الإسناد فقد تابعه حسان بن إبراهيم الكرماني عند الطبراني في «الكبير»
(٤٣٨٩)، والبيهقي ٩/ ٢٤٧.
قال الخطابي: قوله: «أرن» صوابه:
إئرن بهمزة، ومعناه: خِفَّ وأعجَل، لئلا تخنقها فإن الذبح إذا كان بغير الحديد
احتاج صاحبه إلى خفة يده، وسرعته في إمرار الآلة على المريء والحلقوم والأوداج
كلها، والإتيان عليها قطعًا، قبل هلاك الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط قبل قطع
مذابحها. وفُسّر به في غريب الحديث.
وفيه دلالة على أن العظم كذلك، لأنه
لما علَّل النهي عن الذبح بالسن، قال: لأنه عظم، فكل عظم من العظام يجب أن تكون
الزكاة به محرمة غير جائزة.
وقال أصحاب الرأي: إذا كان العظم
والسن بائنين من الأسنان فوقع بهما الزكاة، حلّ وإن ذبحها بسنّه أو ظفره، وهما غير
منزوعين من مكانهما من بدنه، فهو محرم. وقال مالك: إن ذَكَّّى بالعظم فمَرى مريًا
أجزأه.=
٢٨٢٢ - حدَّثنا مُسَدَّد، أن عبدَ الواحد
بنَ زيادٍ وحمادًا حدثاهم - المعنى واحد - عن عاصمٍ، عن الشعيىِّ
عن محمدِ بن صفوانَ أو صفوانَ بن
محمدٍ، قال: اصَّدْتُ أرنبَين
فذبحتُهما بمَروةِ، فسألتُ رسولَ
الله ﷺ عنهما، فأمرني بأكْلِهما (١).
= وقال بعض أصحاب الشافعي: إن العظم
إذا كان من مأكول اللحم وقعت به الذكاة.
وكافة أصحابه على خلاف ذلك، وسواء
عندهم كان الظفر والسن منفصلين من الإنسان أو لا.
قلت (القائل الخطابي): وهذا خاص في
المقدور على ذكاته. فإن الذكاة في المقدور عليه ربما وقعت بسن الكلب المعلَّم،
وبأسنان سائر الجوارح المعلمة، وبأظفارها ومخالبها.
و«سرعان الناس» هم الذين تقدموا في
السير بين أيدي الأصحاب.
ويشبه أن يكون إكفاء القدور، لأن
الذي فيها لم يكن دارت عليه سهام القسمة بعدُ.
وقوله: «أوابد كأوابد الوحش»
فالأوابد: هي التي قد توحشت ونفرت، يقال:
أبد الرجل وبود: إذا توحش وتخلَّى،
ويقال: هذه آبدة من الأوابد. إذا كانت نادرة في بابها لا نظيرَ لها في حسنها.
وفيه بيان أن المقدور عليه من الدواب
الإنسية إذا توحش فامتنع صار حكمه في الذكاة حكم الوحشي غير المقدور عليه.
(١)
إسنادة صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وحماد: هو
ابن زيد، ومُسدَّد: هو ابنُ مُسرهَد.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٧٥)، والنسائي
(٤٣١٣) من طريق عاصم الأحول، وابن ماجه (٣٢٤٤)، والنسائي (٤٣١٣) و(٤٣٩٩) من طريق
داود بن أبي هند، كلاهما عن الشعبي، به. وقد وقع اسم الصحابي عند ابن ماجه: محمد
بن صيفي، والصحيح محمد بن صفوان كما قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في «العلل
الكبير» (٢٥٦)، والدارقطني في «العلل» هـ/ ورقة هـ.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٨٧٠).
٢٨٢٣ - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا
يعقوبُ، عن زيدِ بن أسلَم، عن عطاء بن يَسارٍ
عن رجلٍ من بني حارثةَ أنه كانَ
يَرعَى لِقْحَةً بِشِعْبٍ من شِعاب أُحُد، فأخذها الموت، فلم يجد شيئا ينحرُها به،
فأخذَ وَتداَ فوجَأ به في لَبَّتها حتى أُهرِيق دمُها. ثم جاء إلى النبيِّ ﷺ،
فأخبره بذلك، فأمرَه بأكلِها (١).
٢٨٢٤
- حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
حماد، عن سماكِ بن حَرْبٍ، عن مُرَيِّ بن قَطَرِيِّ
= وأخرجه الترمذي (١٥٤٠) من طريق
قتادة، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله ونقل عن البخاري قوله: حديث الشعبي عن جابر
غير محفوظ، زاد في «العلل الكبير» (٢٥٦) عنه: وحديث محمد بن صفوان أصح لكن الترمذي
قال: وروى جابر الجعفي، عن الشعبى، عن جابر بن عبد الله نحو حديث قتادة عن الشعبي،
ويحتمل أن يكون الشعبي روى عنهما جميعًا.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٤٨٦).
اصدت: أصلها: اصطدتُ، قلبت الطاء
صادًا وأدغمت مثل اصبر في اصطبر، والطاء بدل من طاء افتعل.
قال الخطابي: و«المروة» حجارة بيض،
قال الأصمعي: وهي التي يقدح منها النار. وإنما تجزي الذكاة من الحجر بما كان له
حدٌّ يقطع.
(١)
إسناده صحيح. يعقوب. هو ابن عبد الرحمن الإسكندراني.
وأخرجه البيهقي ٩/ ٢٥٠ و٢٨١ من طريق
قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٢٣٦٤٧) من طريق سفيان
الثوري، عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ٣٩١، وعبد
الرزاق (٨٦٢٦) و(٨٦٢٧) عن سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أن
غلاما من بنى حارثة فذكره مرسلًا.
وأخرجه النسائي (٤٤٠٢)، وابن عدي في
«الكامل» ٢/ ٥٥٢ من طريق جرير بن حازم، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي
سعيد الخدري قال: كانت لرجل من الأنصار ناقة ... فجعله من مسند أبي سعيد الخدري.
عن عَديّ بن حاتم، قال: قلتُ: يا
رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ أحدُنا أصابَ صيدًا وليس معه سِكِّين، أيذْبَحُ
بالمَروَةِ وشِقةِ العصا؟ فقال: «أمْرِرِ الدمَ بما شئتَ، واذكُرِ اسمَ اللهِ عز
وجل» (¬١).
١٦
- باب ما
جاء في ذبيحة المُتردِّية
٢٨٢٥
- حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا
حمادُ بن سلمةَ، عن أبي العُشَراءِ
عن أبيه، أنه قال: يا رسولَ اللهِ،
أمَا تكونُ الذكاةُ إلا مِنَ اللبَّةِ أو الحَلْقِ؟ قال: فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «لو
طَعَنتَ في فَخِذِها لأجْزَأ عَنْكَ» (٢).
(١) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب، فهو صدوق
حسن الحديث، ومُرَيّ بن قطري وثقه ابن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي، فهو
ثقة. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٧٧) من طريق
سفيان الثوري، والنسائي (٤٤٠١) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن سماك بن حرب، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٢٥٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٣٢).
قال الخطابي: قوله: «أمرِ الدم» أي:
أسِله وأجْرِهِ، يقال: مريت الدمع من عيني، أَمريه مَرْيًا، ومريت الناقة: إذا
حلبتها وهي مَرِيَّه، والمريُّ: الناقة ذات الدَّرِّ. وهى إذا وضعت أخذوا حُوارها
فأكلوه، ثم راموها على جلده، بعد أن يحشوه بتبنٍ أو مُشاقة، ونحوها، فيبقى لبنها
وتَدِرُّ عليه زمانا طويلًا.
وأصحاب الحديث يروونه «أمرَّ الدم»
مشددة الراء، وهو خطأ. والصواب ساكنة الميم خفيفة الراء.
(٢)
إسناده ضعيف لجهالة أبي العشراء وأبيه، قال الذهبي في «الميزان»: لا يُدرى مَن هو
ولا مَن أبوه، وقال البخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ٢٢: في حديثه واسمه وسماعه من
أبيه نظر، وقال أحمد بن حنبل: هو عندي خطأ، ولا يعجبني، ولا أذهب إليه إلا في موضع
الضرورة.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٨٤)، والترمذي
(١٥٥١)، والنسائي (٤٤٠٨) من طريق حماد بن سلمة، به. =
قال أبو داود: وهذا لا يَصلُح إلا في
المُتردِّية والمُتوحِّش.
١٧
- باب
المبالغةِ في الذبح
٢٨٢٦
- حدَّثنا هنَّادُ بن السَّرِيِّ
والحسنُ بن عيسى مولى ابن المبارَك، عن ابنِ المبارَك، عن معمرٍ، عن عَمرو بن عبد
الله، عن عِكرِمةَ
عن ابن عباس - زاد ابنُ عيسى: وأبي
هريرةَ، قالا: - نَهى رسولُ الله ﷺ، عن شَريطة الشيطانِ - زادُ ابنُ عيسى في
حديثه: وهي التي تُذبَح فيُقْطَعُ الجلدُ ولا تُفْرَى الأوداجُ، ثم تُترَكُ حتى
تموتَ (١).
= وهو في «مسند أحمد» (١٨٩٤٧).
قال الخطابي: هذا في ذكاة غير
المقدور عليه، فأما المقدور عليه فلا يذكيه إلا قطع المذابح، لا أعلم فيه خلافًا
بين أهل العلم، وضعفوا هذا الحديث، لأن راويه مجهول، وأبو العشراء الدارمي لا
يُدرى مَن أبوه؟ ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة.
واختلفوا فيما توحش من الأوانس:
فقال أكثر العلماء: إذا جرجته الرمية
فسال الدم، فهو ذكيٌّ، وإن لم يُصب مذابحه.
وقال مالك: لا يكون هذا ذكاة حتى
تقطع المذابح، قال: وحكم الأنعام لا يتحول بالتوحش.
(١)
إسناده ضعيف لضعف عمرو بن عبد الله - وهو ابن الأسوار اليماني.
وأخرجه أحمد (٢٦١٨)، وابنُ حبان
(٥٨٨٨)، والحاكم ٤/ ١١٣، والبيهقي ٩/ ٢٧٨ من طريق عبد الله بن المبارك، وصححه
الحاكم ووافقه الذهبي.
قال الخطابي: إنما سمي هذا شريطة
الشيطان من أجل أن الشيطان هو الذي يحملهم على ذلك، ويُحسِّن هذا الفعل عندهم،
وأخذت الشريطة من الشرط، وهو شق الجلد بالمِبضَع ونحوه، وكأنه قد اقتصر على شرطه
بالحديد دون ذبحه والإتيان بالقطع على حلقه.
وقوله: «تُفري الأوداج» قال الجوهري:
أفريتُ الأوداج إذا قطعتها، وهي ما أحاط بالحلق من العروق.
١٨ - باب ما جاءَ في ذكاةِ الجنين
٢٨٢٧
- حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا ابنُ
المبارَك (ح)
وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا هُشيمٌ،
عن مُجالد، عن أبي الوَدَّاك
عن أبي سعيدٍ، قال: سألتُ رسولَ الله
ﷺ عن الجنين، فقال: «كُلُوهُ إن شئتمُ»، وقال مُسدَّد: قال: قلنا: يا رسولَ اللهِ،
ننحرُ الناقةَ ونَذبَحُ البقرةَ أو الشاةَ، في بطنِها الجنينَ، أنُلقِيه أم
نأكلُه؟ فقال: «كلُوه إن شئتُم، فإن ذكاتَه ذكاة أمّه» (١).
(١) حديث صحيح بطرقه وشواهده. وهذا إسناد
ضعيف لضعف مجالد - وهو ابن سيد الهمداني، وهو متابع أبو الودّاك. هو جَبر بن نَوف
البكالي.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٩٩)، والترمذي
(١٥٤٤) من طريق مجالد بن سعيد، به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢٦٠).
وأخرجه أحمد (١١٣٤٣) من طريق يونس بن
أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي الوداك، به. وهذا إسناد حسن.
وأخرجه أحمد (١١٤١٤) من طريق عطية
العوفي، عن أبي سعيد الخدري.
وإسناده ضعيف لضعف عطية العوفي.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله سيأتي
بعده.
وعن عبد الله بن عمر عند الحاكم ٤/
١١٤، والدارقطني (٤٧٣١)، والطبراني في «الصغير» (٢٠) و(١٠٦٧)، والبيهقي في
«السنن»٩/ ٣٣٥، وفيه ضعف والصحيح وقفه.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل
العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك والشافعي وأحمد
وإسحاق.
وقال الخطابي: وذهب أكثر العلماء إلى
أن ذكاة الشاة ذكاة لجنينها، إلا أن بعضهم اشترط فيها الإشعار.
=
٢٨٢٨ - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ،
حدَّثني إسحاقُ بن إبراهيمَ،
حدَّثنا عتَّابُ بن بَشير، حدَّثنا
عُبيد الله بن أبي زيادٍ القَدّاحُ المكيُّ، عن أبي الزبير
عن جابرِ بن عبد الله، عن رسولِ الله
ﷺ قال: «ذَكاةُ الجنين ذَكاةُ
أمِّه» (¬١).
١٩
- باب ما
جاءَ في أكلِ اللحمِ لا يُدرَىأَذُكر اسمُ الله عليه أم لا
٢٨٢٩
- حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ (ح)
وحدَثنا القَعنَبي، حدَّثنا أبي (ح)
= وقال أبو حنيفة: لا يحل أكل الأجنة
إلا ما خرج من بطون الأمهات حية فذُبحت. قال ابن المنذر: لم يرو عن أحد من الصحابة
والتابعين وسائر علماء الأمصار أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه، غير ما
روي عن أبي حنيفة. قال: ولا أحسب أصحابه وافقوه عليه.
قلنا: نصَّ محمد بن الحسن الشيباني
في روايته «لموطأ مالك» (٦٥٢) أنه يذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور. ونقل ابن عبد
البر في «التمهيد» ٢٣/ ٧٧ أن الليث بن سعد والأوزاعي وأبا يوسف ذهبوا إلى ما ذهب
إليه الجمهور، وأن زفر بن الهذيل ذهب إلى قول أبي حنيفة، وأنه قول إبراهيم النخعي.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عُبيد الله بن أبي زياد القداح، وتدليس أبي
الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي - وعُبيد الله متابع، فتبقى عنعنة أبي
الزبير. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه.
وأخرجه الدارمي (١٩٧٩)، وأبو يعلى
(١٨٠٨)، والطبراني في «الأوسط» (٨٠٩٩)، والدارقطني (٤٧٣٤)، وأبو نعيم في «الحلية»
٧/ ٩٢ و٩/ ٢٣٦، وفي «أخبار أصبهان» ١/ ٩٢، وأبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» (١١٣)،
والحاكم ٤/ ١١٤، والبيهقي ٩/ ٣٣٤ - ٣٣٥ من طرق عن أبي الزبير، عن جابر، وصححه
الحاكم ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري قبله.
وحدَثنا القَعنَبيُّ (١)، عن مالك
(ح)
وحدَثنا يوسفُ بن موسى، حدَّثنا
سليمانُ بن حَيّانَ ومُحاضِرٌ - المعنى - عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيهِ
عن عائشة - ولم يذكُرا عن حمادٍ
ومالكٍ: عن عائشةَ - أنهم قالوا: يا رسولَ اللهِ، إن قومًا حديثُو عهدٍ بالجاهلية
يأتُون بلُحْمَانٍ لا نَدري أذكَروا اسمَ اللهِ عليها أم لم يذكروا، أفنأكُلُ
منها؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «سَمُّوا وكلُوا» (٢).
(١) طريق القعنبيُّ عن أبيه أثبتناه من (هـ)،
ولم يرد في سائر أصولنا الخطية.
(٢)
صحيح من طريق يوسف بن موسى - وهو القطان - مرسل من طريقي موسى
ابن إسماعيل والقعنبي - وهو عبد الله
بن مسلمة بن قعنب -.
وهو في «موطأ مالك» ٢/ ٤٨٨، وقال ابن
عبد البر في «التمهيد» ٢٢/ ٢٩٨: لم
يختلف عن مالك فيما علمتُ في إرسال
هذا الحديث.
وأخرجه البخاري (٧٣٩٨) عن يوسف بن
موسى القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٠٥٧) من طريق محمد
بن عبد الرحمن الطفاوي، و(٥٥٠٧) من طريق أسامة بن حفص المدني، وابن ماجه (٣١٧٤) من
طريق عبد الرحيم بن سليمان، والنسائي (٤٤٣٦) من طريق النضر بن شميل، أربعتهم عن
هشام بن عروة، به.
ونقل الحافظ في «النكت الظراف» ١٢/
١٥٧ عن الدارقطني قوله: المحفوظ عن مالك مرسلًا، وكذا قال الحمادان وابن عيينة
والقطان، قال: وهو أشبه بالصواب.
قال الخطابي: فيه دليل على أن
التسمية غير واجبة عند الذبح، لأن البهيمة أصلها على
التحريم، حتى يُتَيقَّن وقوع الزكاة.
فهي لا تُستباح بالأمر المشكوك فيه، فلو كانت التسمية
من شرط الزكاة لم يُجز أن يُحمل
الأمر فيها على حسن الظن بهم، فيُستباح أكلها كما لو
عرض الشك في نفس الذبح. فلم يعلم: هل
وقعت الذكاة أم لا؟ لم يجُز أن تؤكل.
واختلفوا فيمن ترك التسمية على الذبح
عامدًا أو ساهيًا.
فقال الشافعي: التسيمة استحباب، وليس
بواجب. وسواء تركها عامدًا أو ساهيًا.=
٢٠ - باب في الْعَتِيرة
٢٨٣٠
- حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا (ح)
وحدَّثنا نَضرُ بن علي، عن بِشر بن
المُفضَّلِ - المعنى - حدَّثنا خالد الحذّاءُ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي المَليحِ،
قال: قال نُبيشةُ: نادى رجلٌ رسولَ اللهِ ﷺ: إنا كنا نَعْتِرُ عَتيرةً في
الجاهليةِ في رجَبٍ، فما تأمرُنا؟ ْ قال: «اذبحُوا للهِ في أي شهرٍ كانَ، وبَرُّوا
اللهَ عز وجل، وأطعِمُوا» قال: إنا كنا نُفْرعُ فَرَعًا في الجاهلية، فما تأمرُنا؟
قال: «في كلِّ سائمةٍ فَرَعٌ تغذُوه ماشِيتُك حتى إذا اسْتَحْمَلَ» قال نَصرٌ:
«استحملَ لِلحَجيجِ، ذبحتَه فتصدقتَ بلحمِه» قال خالد: أحسَبه قال: «على ابن
السبيلِ، فإنَّ ذلك خير» قال خالد: قلتُ لأبي قِلابةَ: كم السائمةُ؟ قال: مئة (١).
= وهو قول مالك وأحمد.
وقال الثوري وأهل الرأي وإسحاق: إن
تركها ساهيًا، حلَّت. وإن تركها عامدًا لم تحل.
وقال أبو ثور وداود: كل من ترك
التسمية عامدًا كان أو ساهيًا فذبيحته لا تحل.
ومثله عن ابن سيرين والشعبي.
(١)
إسناده صحيح. أبو المَليح: هو ابن أسامة بن عُمير الهُذَلي، وأبو قلابة: هو عبد
الله بن زيد الجَزمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهْران، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٦٧)، والنسائي
(٤٢٢٨ - ٤٢٣٢) من طريق أبي المَليح
الهذلي، به. وبعض روايات النسائي
مختصرة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٧٢٣).
قال الخطابي: «العتيرة» النسيكة التي
تُعتر، أي: تُذبح. وكانوا يذبحونها في شهر رجب، ويسمونها الرجبية.
=
٢٨٣١ - حدَّثنا أحمدُ بن عبدةَ، أخبرنا
سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ عن أبي هريرةَ أن النبيَّ ﷺ قالَ: «لا فَرَعَ ولا
عَتِيرةَ» (١).
٢٨٣٢
- حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، قال:
الفَرَعُ أولُ النِّتاجِ، كان
يُنْتَجُ لهم فيذبحونَه (٢).
= والفرع: أول ما تلد الناقة. وكانوا
يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية. وهو الفرع -مفتوحة الراء- ثم نهى رسول الله ﷺ عن
ذلك.
(١)
إسناده صحيح - سعيد: هو ابن المسيّب، وسفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه البخاري (٥٤٧٣)، ومسلم
(١٩٧٦)، وابن ماجه (٣١٦٨)، والترمذي (١٥١٢)، والنسائي (٤٢٢٢) و(٤٢٢٣) من طريق ابن
شهاب الزهري، به. وزادوا في رواياتهم تفسير سعيد بن المسيب للفرع، وهو الآتي عند
المصنف بعده.
وهو في «مسند أحمد» (٧٧٥١)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٨٩٠).
وقوله: لا فَرَع ولا عتيرة: معناه:
ليس واجبين جمعًا بين الأحاديث، قال الشيخ أنور الكشميري في «فيض الباري» ٤/ ٣٤٧:
كان الفرع تأكدًا في أول الإسلام، ثم وسع فيها بعده، وكان أهل الجاهلية يذبحونها
لأصنامهم، وأما أهل الإسلام، فما كانوا ليفعلوه إلا لله تعالى، فلما فرضت الأضحية،
نُسِخَ الفَرَعُ وغيره، فمن شاء ذبح ومن شاء لم يذبح. قلنا: وردت أحاديث يؤخذ منها
بقاء مشروعية الفرع - وهو ذبح أول ما تلده الناقة، والعتيرة وهي التي كانوا
يذبحونها في شهر رجب ويسمونها الرجبية، منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده،
وسيأتي عند المصنف برقم (٢٩٤٢)، وحديث نبيشة الهذلي السالف عند المصنف (٢٨٣٠)،
وحديث الحارث بن عمرو عند أحمد (١٥٩٧٢) وسنده حسن، ولفظه: قال رجل: يا رسول الله
الفرائع والعتائر؟ قال: «من شاء فرَّع ومن شاء لم يفرع، ومن شاء عتر ومن شاء لم
يعتر، في الغنم أضحية».
(٢)
إسناده صحيح. سعيد: هو ابن المسيب، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام
الصنعاني.
وانظر ما قبله.
٢٨٣٣ - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا
حمادٌ، عن عبد الله بن عثمانَ ابن خُثَيم، عن يوسفَ بن ماهَكَ، عن حفصةَ بنتِ عبد
الرحمن
عن عائشة، قالت: أمرَنا رسولُ الله ﷺ
من كل خمسينَ شاةً شاةٌ (١).
قال أبو داود: قال بعضُهم: الفَرَعُ
أوّل ما تُنْتَجُ الإبلُ، كانوا يذبحونَه لطواغيتِهم، ثم يأكُلُه (٢)، ويُلقَى
جلدُه على الشجرِ، والعَتيرةُ: في العشرِ الأُوَل من رجبٍ.
٢١
- باب في
العقيقة
٢٨٣٤
- حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا سفيانُ، عن
عَمرو بن دينارٍ، عن عَطاءٍ، عن حَبيبةَ بنتِ مَيسرةَ
عن أم كُرْز الكعْبيةِ، قالت: سمعتُ
رسولَ الله ﷺ يقول: «عن الغُلامِ شاتانِ مُكافِئتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ» (٣).
(١) إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن
خثيم، فهو صدوق لا بأس به.
حماد: هو ابنُ سَلَمة.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (١٥٣٦)،
والبيهقي ٩/ ٣١٢ من طريق عبد الله ابن عثمان بن خُثيم، بهذا الإسناد. قال البيهقي
في روايته: أمر رسول الله ﷺ بالفرعة من كل خمسين واحدة.
(٢)
أي: الذابح، قاله العظيم آبادي.
(٣)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حبيبة بنت ميسرة، لكن تابعها سباع بن ثابت في
الحديث الآتي بعده، وسنذكر حالَه ثَمَّ. عطاء: هو ابن أبي رباح، وسفيان: هو ابن
عيينة، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد.
وأخرجه النسائي (٤٢١٦) من طريق سفيان
بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي أيضًا (٤٢١٥) من طريق
قيس بن سعد، عن عطاء وطاووس ومجاهد، عن أم كُرز، وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٤٢)
و«صحيح ابن حبان» (٥٣١٣). =
قال أبو داود: سمعت أحمد قال:
مُكافِئتان: مستويتان أو مُقاربتان.
٢٨٣٥
- حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ،
عن عُبيد الله بن أبي يزيدَ، عن أبيهِ، عن سِباعِ بن ثابتٍ
= وانظر ما بعده.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن
العاص سيأتي حديثه عند المصنف برقم (٢٨٤٢).
وعن عائشة عند أحمد (٢٤٠٢٨)، وابن
ماجه (٣١٦٣)، والترمذي (١٥٩٠).
وإسناده حسن.
وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد
(٢٧٥٨٢). وإسناده حسن إن شاء الله.
قال الخطابي: وفسره أبو عُبيد قريبًا
من هذا (يعني كما فسّر الإمام أحمد «مكافئتان» فيما نقله عنه أبو داود في آخر
الحديث لأن حقيقة ذلك التكافؤ في السن، يُريد شاتين مسنتين، تجوزان في الضحايا،
بأن لا تكون إحداهما مسنة، والأخرى غير مُسنة.
قال: والعقيقة: سنة في المولود. لا
يجوز تركُها، وهو قولُ أكثرهم، إلا أنهم اختلفوا في التسوية بين الغلام والجارية
فيها.
فقال أحمد بن حنبل والشافعى وإسحاق
بظاهر ما جاء في الحديث، من أن في الغلام شاتين، وفي الجارية شاة.
وكان الحسن وقتادة لا يريان عن
الجارية عقيقة.
وقال مالك: الغلام والجارية شاة
واحدة سواء.
وقال أصحاب الرأي: إن شاء عق، وإن
شاء لم يعُقّ.
وقال اللكنوي في «التعليق الممجد»
بتحقيقنا: العقيقة: هي الذبيحة عن المولود يوم السابع وقد اختلف فيه: فعند مالك
والشافعي: هو سنة مشروعة، وقال أبو حنيفة: هي مباحة ولا أقول: إنها مستحبة، وعن
أحمد روايتان: أشهرهما أنها سنة، والثانية: أنها واجبة، واختارها بعض أصحابه.
عن أم كرز، قالت: سمعتُ النبي ﷺ
يقول: «أقِرُّوا الطيرَ على مَكِناتِها». قالت وسمعتُه يقولُ: «عن الغلامِ شاتانِ،
وعن الجاريةِ شاةٌ، لا يضرُّكم أذُكرَانًا كنَّ أم إنَاثا» (١).
(١) صحيح لغيره كسابقه، دون قوله: «أقروا
الطير على مَكِناتها»، وهذا إسناد وهم فيه سفيان بن عيينة، حيث زاد بين عُبيد الله
بن أبي يزيد وبين سباع بن ثابت أبا يزيد والد عُبيد الله، نبه على ذلك الإمام أحمد
بإثر الحديث (٢٧١٤٢)، وكذلك المصنف بإثر الحديث (٢٨٣٦)، وكذلك الدارقطني في «علله»
٥/ ورقة ٢١٨، لكن لابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» ٤/ ٥٨٩ رأي آخر، وهو
احتمال أن يكون سمعه من أبيه ومن سباع. وسِباع بن ثابت، مختلف في صحبته، فعدّه
البغوي وابن قانع في الصحابة اعتمادًا على ما أخرجاه عنه أنه قال: سمعتُ أهل الجاهلية
يطوفون وهم يقولون:
اليومَ قرنا عَينا ... بقَرْع
الْمَرْوَتَينا
وهذه الرواية عند أحمد (٢٧١٤٠) -
وتبعهما الحافظ ابنُ حجر في «الإصابة» و «تهذيب التهذيب»وكذلك الذهبي من قبله في
«التجريد»، لكنه قال في «الميزان»: لا يكاد يُعرف! والمروي بهذا الإسناد حديثان
كما ترى:
فأما الحديث الثاني، وهو حديث الباب
فأخرجه ابنُ ماجه (٣١٦٢) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٣٩).
وأخرجه النسائي (٤٢١٧) عن قتيبة بن
سعيد، عن سفيان بن عيينة، به. ولم يذكر أبا يزيد في إسناده، فأتى به على الصواب.
وأخرجه النسائي (٤٢١٨) من طريق يحيي
القطان، عن ابن جريج، حدثني عُبيد الله ابن أبي يزيد، عن سباع، عن أم كرز، فأتى به
على الصواب، كرواية حماد بن زيد عن عُبيد الله الآتية عند المصنف بعده.
وأخرجه أحمد (٢٧٣٧٣)، والترمذي
(١٥٩١) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرنا عُبيد الله بن أبي يزيد، عن
سباع بن ثابت، أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره، أن أم كرز أخبرته ... الحديث، فزاد
في الإسناد محمد بن ثابت، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. ونقل الدارقطني في «علله»
٥/ ورقة ٢١٨ عن أبي بكر =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= النيسابوري قوله: الذي عندي في هذا
الحديث أن عبد الرزاق أخطأ فيه، لأنه ليس فيه محمد بن ثابت، إنما هو: سباع بن ثابت
ابن عم محمد بن ثابت.
وكذلك قال ابن القطان الفاسي في
«بيان الوهم والإيهام» ٤/ ٥٨٨ - ٥٨٩.
وبذلك جزم الذهبي في «الميزان» في
ترجمة سباع، بأن الصحيح عن ابن جريج بحذف محمد بن ثابت.
وكذلك قال المزي في «تحفة الأشراف»
١٣/ ١٠١: المحفوظ عن سباع، عن أم كرز. وانظر ما قبله وما بعده.
وأما الحديث الأول فأخرجه الشافعي في
«سننه» (٤١٠)، والحميدي (٣٤٧) وابن أبي شيبة ٩/ ٤٢، وإسحاق بن راهويه ج ٤ و٥/ ص
١٥٨، وأحمد (٢٧١٣٩)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٣٢٨٤)، وابن حبان
(٦١٢٦)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ص ٢٥٨ - ٢٥٩، وأبو نعيم في «الحلية» ٩/
٩٤، والحاكم ٤/ ٢٣٧، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٩/ ٣١١، وفي «الصغرى» (١٨٤٥)،
وابن عبد البر في «التمهيد» ٤/ ٣١٥، والبغوي في «شرح السنة» (٢٨١٨) من طريق سفيان
ابن عِيينة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطيالسي (١٦٣٤)، والطبراني
في «الكبير» ٢٥/ (٤٠٧)، وأبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٩٥، والبيهقي في «السنن الكبرى»
٩/ ٣١١ من طريق سفيان بن عيينة، به. دون ذكر والد عُبيد الله في إسناده، فأتوا به
على الصواب.
قال الخطابي: قوله: «مكناتها» قال
أبو الزناد الكلابي: لا نعرف للطير مكنات، وإنما هي وُكُنات، وهي موضع عُشّ الطائر.
وقال أبو عبيد: وتفسير «المكنات» على
غير هذا التفسير. يقال: لا تزجروا الطير ولا تلتفتوا إليها، أقروها على مواضعها
التي جعلها الله لها من أنها لا تضر ولا تنفع.
وكلاهما له وجه.
وقال الشافعي: كانت العرب تولع
بالعيافة وزجر الطير. فكان العربي إذا خرج من بيته غاديًا في بعض حاجته نظر: هل
يرى طيرًا يطير فيزجر سُنوحه أو بروحه؟ فإذا لم ير ذلك عمد إلى الطير الواقع على
الشجر فحركه ليطير، ثم ينظر أيَّ جهة يأخذ فيزجره، فقال لهم النبي ﷺ: أقروا الطير
على أمكنتها، لا تطيروها ولا تزجروها.
وقيل: قوله: «أقرُّوا الطير على
مكناتها» فيه كالدلالة على كراهة صيد الطير بالليل.
٢٨٣٦ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بن
زيدٍ، عن عُبيد الله بن أبي يزيدَ، عن سباعِ بن ثابتٍ
عن أم كرز، قالت: قال رسول الله ﷺ:
«عن الغلامِ شاتانِ مِثْلانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ» (١).
قال أبو داود: هذا هو الحديثُ، وحديث
سفيانَ وَهَمٌ.
٢٨٣٧
- حدَّثنا حفصُ بن عُمر النَّمَري،
حدَّثنا هَمامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ عن سمرةَ، عن رسولِ الله ﷺ قال: «كل
غُلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِه: تُذبَحُ عنه يومَ السابعِ، ويُحلَقُ رأسُه ويُدمَّى»
فكان قتادةُ إذا سُئِل عن الدمِ كيفت يُصنع به؟ قال: إذا ذبحتَ العقيقةَ أخذتَ
منها صُوفةَ واستقبلتَ بها أوداجَها، ثم تُوضَع على يافوخِ الصبىّ حتى يسيلَ على
رأسه مثل الخيط، ثم يُغسَل رأسُه بعدُ ويُحلَقُ (٢).
(١) صحيح لغيره كسابقيه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧١٤٣) وانظر
تمام تخريجه فيه.
وانظر سابقيه.
(٢)
إسناده صحيح، وقد صرح الحسن -وهو البصري- بسماعه لهذا الحديث من سمرة، فقد روى
البخاري في «صحيحه» بإثر الحديث (٥٤٧٢) وغيره، عن قريش ابن أنس، عن حبيب بن الشهيد
قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته فقال: من سمرة
بن جندب.
قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام:
هو ابن يحيى العَوذي.
قلنا، قوله: «ويُدمى» لم يرد إلا في
رواية همام بن يحيى كما بينه المصنف بإثر هذا الحديث، وبإثر الحديث، الآتى بعده.
ولكنه لا يُسلَّم له أنه وهمٌ من همام، لأن قتادة شيخ همام في هذا الحديث لما سئل
عن التدمية، وصفَها، قال ابن القيم في «تهذيب سنن أبي داود»: وهذا يدل على أن
همامًا لم يَهِم في هذه اللفظة، فإنه رواها عن قتادة، وهذا مذهبه، فهو -والله
أعلم- بريء من عهدتها. =
قال أبو داود: وهذا وهَم من همام:
«ويُدَمَّى».
= وقال ابن القيم أيضًا في «زاد
المعاد» ٢/ ٣٢٧: فإن كان لفظ التدمية هنا وهمًا، فهو من قتادة، أو من الحسن.
وقال الخطابي في «معالم السنن»:
اختلف في تدميته بدم العقيقة، فكان قتادة يقول به. ويفسره ... وقال الحسن: يُطلى
بدم العقيقة رأسُهُ.
قلنا: فهذا يدل على أن التدمية مذهب
الحسن وقتادة كما ذكره الخطابي وابن عبد البر في «التمهيد» ٤/ ٣١٨، والبغوي في
«شرح السنة» ١١/ ٢٦٩، وابن القيم في «تهذيب السنن»، و«زاد المعاد» ٢/ ٣٢٧. وعليه
فلا يكون همامٌ واهمًا، ولعل هذا ما دعا الحافظ ابن كثير لأن يقول عند تفسير قوله
تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ ...﴾ الآية [آل عمران: ٣٥] ويروى: «ويدمَّي»، وهو أثبت وأحفظ.
ونقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن
عمر وعطاء أيضًا.
قال الخطابي: وكره أكثر أهل العلم
لطخ رأسه بدم العقيقة. وقالوا: إنه كان من عمل الجاهلية. كرهه الزهري ومالك وأحمد
وإسحاق. قلنا: زاد ابن القيم في «زاد المعاد»: الشافعي.
قال الخطابي: واستحب غير واحد من
العلماء أن لا يسمى الصبي قبل سابعه.
وكان الحسن ومالك يستحبان ذلك.
وأخرجه الترمذي (١٦٠٠) من طريق
إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، به. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٨٣)، وانظر
تمام الكلام عليه هناك. وانظر ما بعده.
وقوله: كل غلام رهينة بعقيقته. قال
في «النهاية»: الرهينة: الرهن، والهاء للمبالغة كالشتيمة والشّتم، ثم استعملا
بمعنى المرهون، فقيل: هو رهنٌ بكذا ورهينة بكذا، ومعنى رهينة بعقيقته أن العقيقة
لازمة لا بد منها، فشبهه في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.
وهذا التفسير يقوي قول من قال بوجوب
العقيقة.
قال الخطابي: تكلم الناس في هذا،
وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم
يُعق له، فمات طفلًا لم يشفع في والديه.
[قال أبو داود: خولف همام في هذا
الكلام، هو وهم من همام، وإنما قالوا: «يُسَمَّى» فقال همام «يُدَمَّى».
قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا] (١).
٢٨٣٨
- حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا
ابنُ أبي عَديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سمرةَ بن جُندب، أن رسولَ
الله ﷺ قال: «كلُّ غلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِه: تُذبَح عنه يومَ سابعِه، ويُحلَقُ،
ويُسمَّى» (٢).
قال أبو داود: «ويُسمى» أصحُّ، كذا
قال سلَّام بن أبي مُطيع عن قتادةَ، وإياسُ بن دَغْفَلٍ وأشعثُ عن الحسنِ.
٢٨٣٩
- حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا
عبدُ الرزاق، حدَّثنا هشامُ بن حسانَ، عن حفصةَ بنتِ سيرين، عن الرَّبابِ عن سلمان
بن عامر الضبىّ،. قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مع الغلام عقيقتُه، فأهَريقُوا عنه
دمًا، وأميطوا عنه الأذى» (٣).
(١) ما بين معقوفين زيادة أثبتناها من هامش
(هـ) وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي.
(٢)
إسناده صحيح كسابقه. سيد: هو ابن أبي عروبة، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن
أبي عَدي، وابن المثنى: هو محمد بن المثنى.
وأخرجه ابن ماجه (٣١٦٥)، والترمذي
(١٦٠١)، والنسائي (٤٢٢٠) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٠٨٣).
وانظر ما قبله.
(٣)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرباب -وهي بنت صُلَيع- لكن روي الحديث من وجه
آخر عن سلمان بن عامر كما سيأتي. =
٢٨٤٠ - حدَّثنا يحيي بن خَلَفٍ، حدَّثنا
عبدُ الأعلى، حدَّثنا هشامٌ عن الحسنِ أنه كان يقول: إماطةُ الأذى حَلْقُ الرأسِ
(١).
= وهو في «مصنف عبد الرزاق» (٧٩٥٨)،
ومن طريقه أخرجه أحمد (١٦٢٣٢)، والترمذي (١٥٩٢)، وأخرجه البيهقي ٩/ ٣٠٣ من طريق
حفص بن غياث، كلاهما (عبد الرزاق وحفص) عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٢٣٦، وأحمد
(١٦٢٢٩)، وابن ماجه (٣١٦٤) من طريق عبد الله بن نمير، وأحمد (١٦٢٢٩) عن محمد بن
جعفر ويزيد بن هارون و(١٦٢٣٤) عن يحيى بن سعيد القطان، والدارمي (١٩٦٧) عن سعيد بن
عامر، خمستهم عن هشام، عن
حفصة بنت سيرين، عن سلمان بن عامر.
فأسقطوا من إسناده الرباب بنت صليع.
وأخرجه عبد الرزاق (٧٩٥٩) عن معمر،
عن أيوب، وأحمد (١٦٢٢٦)، والترمذي (١٥٩٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤٥٢٦) عن عاصم بن
سليمان الأحول، كلاهما (أيوب وعاصم) عن حفصة بنت سيرين، عن الرباب، عن سلمان. وقد
علقه البخاري بإثر الحديث (٥٤٧١) بصيغة الجزم، وقال الترمذي: حديث صحيح.
وأخرجه أحمد (١٦٢٣٠) و(١٦٢٣٦)
و(١٦٢٣٨ - ١٦٢٤١)، والبخاري تعليقًا بصيغة الجزم (٥٤٧١) و(٥٤٧٢)، والنسائي في
«الكبرى» (٤٥٢٥) من طرق عن محمد بن سيرين، عن سلمان.
وأخرجه أحمد (١٦٢٣٨)، والبخاري
(٥٤٧١) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب عن محمد بن سيرين، عن سلمان موقوفًا. قال
الحافظ في «الفتح» ٩/ ٥٩٢: الحديث مرفوع لا يضر رواية من وقفه.
وسيأتي عند المصنف بعده تفسير قوله:
«أميطوا عنه الأذى» عن الحسن البصري. قال الخطابي: وإذا أمر بإماطة ما خف من الأذى
-وهو الشعر الذي على رأسه- فكيف يجوز أن يأمرهم بلطخه وتدميته، مع غلظ الأذى في
الدم، وتنجيس الرأس به، وهذا يدلك على أن من رواه و«يسمى» أصح وأولى.
(١)
إسناده إلى الحسن -وهو البصرى- صحيح. هشام: هو ابن حسان القُردُوسي، وعبد الأعلى:
هو ابن عبد الأعلى السامي.
وأخرجه البيهقي ٩/ ٢٩٩ من طريق أبي
داود، بهذا الإسناد.
٢٨٤١ - حدَّثنا أبو معمرٍ عبدُ الله بن
عَمرو، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمةَ
عن ابن عباسٍ: أن رسولَ الله ﷺ عقَّ
عن الحسنِ والحسينِ كبشًا كبشًا (١).
(١) إسناده صحيح. وقد انتقَاه ابنُ الجارُود
(٩١١)، وصححه ابن حزم في «المحلى» ٧/ ٥٣٠، وعبدُ الحق الإشبيلي في «أحكامه الوسطى»
٤/ ١٤١ وأقره ابن القطان الفاسي، وصححه كذلك ابنُ دقيق العيد في «الاقتراح» ص ٤٥٨،
وابن كثير في «تخريج أحاديث التنبيه» ١/ ٣٥٨، وقد أُعل بالإرسال، وليس بشيء.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «العيال»
(٤٦)، وابن الجارود (٩١١) و(٩١٢)، والدولابي في «الذرية الطاهرة» (١٠٥)، والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (١٠٣٩)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١١٨٥٦)، وأبو نعيم في
«أخبار أصبهان» ٢/ ١٥١، وابن حزم في «المحلى» ٧/ ٥٣٠، والبيهقي ٩/ ٢٩٩ و٣٠٢، وابن
عبد البر في «التمهيد» ٤/ ٣١٤ من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (٧٩٦٢) عن معمر
وسفيان الثوري، عن أيوب، عن عكرمة: أن رسول الله ﷺ عق عن حَسن وحسين كبشين. هكذا
روياه مرسلًا.
وأخرجه النسائي (٤٢١٩) من طريق
إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: عق
رسول الله ﷺ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين. وصحح إسناده أيضًا ابن
كثير في «تخريج أحاديث التنبيه»١/ ٣٥٨.
ورواية ابن طهمان هذه تحتمل أن يكون
عق عن كل واحدٍ بكبشين، ولذلك كرر، ويحتمل أن التكرير فيها للتأكيد، والكبشان عن
الاثنين، على أن كل واحد عق عنه بكبشٍ. أفاده السندي في حاشيته على النسائي.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند البزار
(١٢٣٥ - كشف الأستار)، وأبى يعلى (٢٩٤٥)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٠٣٨)،
وابن حبان (٥٣٠٩)، والطبراني في «الأوسط» (١٨٧٨)، وابن عدي في «الكامل» في ترجمة
جرير بن=
٢٨٤٢ - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا داودُ
بن قيس، عن عَمرو بن شعيبٍ، أن النبي ﷺ (ح)
وحدَّثنا محمدُ بن سليمانَ
الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الملك -يعني ابن عَمرو- عن داودَ، عن عَمرو بن شُعيب، عن
أبيه
أُراه، عن جده، قال: سُئلْ رسولُ
الله ﷺ عن العقيقةِ، فقال: «لا يحبُّ اللهُ العقوقَ»كأنه كرِهَ الاسمَ، وقال:
«مَنْ ولد له وَلَدٌ فأحبَّ
= حازم، وابن حزم في»المحلى«٧/ ٥٣٠،
والبيهقي ٩/ ٢٩٩، وصححه ابنُ حزم، وعبد الحق الإشبيلي في»أحكامه الوسطى«٤/ ١٤٢،
وأقره ابن القطان الفاسي.
وعن علي بن أبي طالب عند الترمذي
(١٥٩٧)، وقال: حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل.
وعن جابر بن عبد الله عند أبي نعيم
في»الحلية«٣/ ١٩١، وقال: غريب من حديث أبي جعفر، عزيز من حديث بسام الصيرفي، وهو
أحد من يجمع حديثه من مقلي أهل الكوفة، تفرد به عنه سنان.
قال ابن القيم في»تهذيب سنن أبي
داود«: احتج بهذا من يقول: الذكر والأنثى في العقيقة سواء، لا يفضل أحدهما على
الآخر، وأنها كبش كبش، كقول مالك وغيره.
واحتج الأكثرون بحديث أم كرز
المتقدم، واحتجوا بحديث عائشة: أن رسول الله ﷺ أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان،
وعن الجارية شاة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أحمد بهذا اللفظ.
واحتجوا أيضًا بما رواه أبو داود
[وهو الحديث الآتي بعده]، عن عمرو بن شعيب عن أبيه -أُراه عن جده- وفيه:»ومن ولد
له فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة".
قالوا: وأما قصة عقه عن الحسن
والحسين فذلك يدل على الجواز، وما ذكرناه من الأحاديث صريح في الاستحباب.
أن يَنْسُك عنه فليَنْسُك: عن
الغلامِ شاتان مكافِئتان، وعن الجارية شاةٌ» وسُئِلَ عن الفَرَعِ قال: «والفَرَعُ
حقٌّ، وأن تتركوه حتى يكون بَكْرًا شُغْزُبًّا ابنَ مخاضٍ أو ابنَ لبونٍ فتعطيَه
أرملةً أو تَحملَ عليه في سبيل الله خيرٌ من أن تذبَحه فيلزِقَ لحمُه بِوبَرِه،
وتُكفِئ إناءك، وتُوَلِّهَ نَاقَتَك» (١).
٢٨٤٣
- حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن ثابت،
حدَّثنا علي بن الحسينُ، حدثني أبي، حدَّثنا عبدُ الله بن بُريدةَ، قال:
(١) إسناده حسن من جهة محمد بن سليمان
الأنباري، مرسل من جهة القعبني - وهو عبد الله بن مسلمة، وما ورد في طريق الأنباري
من الشك مطروح بما جاء من غير طريقه من غير شك بسماع شعيب هذا الخبر من جده عبد
الله بن عمرو بن العاص.
وأخرجه النسائي (٤٢١٢) من طريق أبى
نعيم الفضل بن دكين، عن داود بن قيس، به ولم يشك.
وهو في «مسند أحمد» (٦٧١٣).
قال الخطابي: قوله: «لا يحب الله
العقوق» ليس فيه توهين لأمر العقيقة، ولا إسقاط لوجوبها، وإنما استبشع الاسم، وأحب
أن يسميه بأحسن منه. فليسمِّها النسيكة أو الذبيحة.
قال: وقوله: «حتى يكون بكرا شُغزبًا»
هكذا رواه أبو داود، وهو غلط، والصواب: «حتى يكون بكرا زُخزبا» وهو الغليظ، كذا
رواه أبو عُبيد وغيره. ويشبه أن يكون حرف الزاي قد أبدل بالسين لقرب مخارجهما،
وأبدل الخاء غينا لقرب مخرجهما، فصار سغزبًّا، فصحفه بعض الرواة فقال: شُغزبًا.
وقوله: «وتكفأ إناءك» يريد بالإناء
المِحْلَب الذي تحلب فيه الناقة، يقول: إذا ذبحتَ حُوارها انقطع مادة اللبن، فتترك
الإناء مكفأ، لا يحلب فيه.
وقوله: «توله ناقتك» أي: تفجعها
بولدها، وأصله من الوَلَه، وهو ذهاب العقل، من فقدان إلف.
سمعت أبي -بُرَيْدَةَ- يقول: كنا في
الجاهلية إذا وُلِد لأحدِنا غلامٌ ذَبحَ شاةً ولَطَخَ رأسَه بدمها، فلما جاء الله
بالإسلامُ كنا نذبحُ شاةَ ونَحلِقُ رأسَه ونلطَخُهُ بزعفران (١).
آخر كتاب الأضاحي
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي
بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث. وقد صححه ابن الملقن في
«البدر المنير» ٩/ ٣٤٢.
وأخرجه البيهقي ٩/ ٣٠٢، وابن عبد
البر في «التمهيد» ٤/ ٣١٩ من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عائشة عند البزار (١٢٣٩
- كشف الأستار)، وأبى يعلى (٤٥٢١)، وابن حبان (٥٣٠٨)، والبيهقي ٩/ ٣٠٣ وإسناده
صحيح.