(مَجِيئُهُ
إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ
النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ:
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْشِي
بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِهِ: أَحَدُهُمَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ،
وَرَجُلٌ آخَرُ، عَاصِبًا رَأْسَهُ، تَخُطُّ قَدَمَاهُ، حَتَّى دَخَلَ بَيْتِي.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَحَدَّثْتُ
هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَنْ
الرَّجُلُ الْآخَرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
(شِدَّةُ
الْمَرَضِ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ):
ثُمَّ غُمِرَ [١] رَسُولُ اللَّهِ ﷺ،
وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، فَقَالَ هَريقُوا عَلَيَّ سَبْعَ قِرَبٍ مِنْ آبَارٍ
شَتَّى، حَتَّى أَخْرُجَ إلَى النَّاسِ فَأَعْهَدُ إلَيْهِمْ. قَالَتْ:
فَأَقْعَدْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ [٢] لِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، ثُمَّ صَبَبْنَا
عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى طَفِقَ يَقُولُ: حَسْبُكُمْ حَسْبُكُمْ.
(كَلِمَةٌ
لِلنَّبِيِّ وَاخْتِصَاصُهُ أَبَا بَكْرٍ بِالذِّكْرِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ
الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ بَشِيرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ
عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ مَا
تَكَلَّمَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ،
فَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ
اللَّهِ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ
مَا عِنْدَ اللَّهِ. قَالَ: فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعَرَفَ أَنَّ نَفْسَهُ
يُرِيدُ، فَبَكَى وَقَالَ: بَلْ نَحْنُ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا،
فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: اُنْظُرُوا هَذِهِ
الْأَبْوَابَ اللَّافِظَةَ [٣] فِي الْمَسْجِدِ، فَسُدُّوهَا إلَّا بَيْتَ أَبِي
بَكْرٍ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَفْضَلَ فِي الصُّحْبَةِ عِنْدِي
يَدًا مِنْهُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى: إلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ.
[١] غمر: أَصَابَته غمرة الْمَرَض، وَهِي
شدته.
[٢]
المخضب: إِنَاء يغْتَسل فِيهِ.
[٣]
اللافظة فِي الْمَسْجِد: النافذة إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَعْضِ آلِ أَبِي سَعِيدِ ابْن
الْمُعَلَّى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ يَوْمئِذٍ فِي كَلَامِهِ هَذَا:
فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ الْعِبَادِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْتُ أَبَا
بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ صُحْبَةٌ وَإِخَاءُ إيمَانٍ حَتَّى يَجْمَعَ اللَّهُ
بَيْنَنَا عِنْدَهُ.
(أَمْرُ
الرَّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ):
وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَبْطَأَ
النَّاسَ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ ابْن زَيْدٍ، وَهُوَ فِي وَجَعِهِ، فَخَرَجَ عَاصِبًا
رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ قَالُوا فِي
إمْرَةِ أُسَامَةَ: أَمَّرَ غُلَامًا حَدَثًا عَلَى جِلَّةِ الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ.
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ
بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنْفِذُوا بَعْثَ
أُسَامَةَ، فَلِعَمْرِي لَئِنْ قُلْتُمْ فِي إمَارَتِهِ لَقَدْ قُلْتُمْ فِي
إمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ
أَبُوهُ لَخَلِيقًا لَهَا. قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَانْكَمَشَ
[١] النَّاسُ فِي جَهَازِهِمْ، واستعزّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَجَعُهُ، فَخَرَجَ
أُسَامَةُ، وَخَرَجَ جَيْشُهُ مَعَهُ حَتَّى نَزَلُوا الْجُرْفَ، مِنْ
الْمَدِينَةِ عَلَى فَرْسَخٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرَهُ، وَتَتَامَّ إلَيْهِ
النَّاسُ، وَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَقَامَ أُسَامَةُ وَالنَّاسُ،
لِيَنْظُرُوا مَا اللَّهُ قَاضٍ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(وَصِيَّةُ
الرَّسُولِ بِالْأَنْصَارِ):
وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ
الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يَوْمَ صَلَّى وَاسْتَغْفَرَ لِأَصْحَابِ أُحُدٍ،
وَذَكَرَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا ذَكَرَ مَعَ مَقَالَتِهِ يَوْمئِذٍ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ،
اسْتَوْصُوا بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّ النَّاسَ يَزِيدُونَ، وَإِنَّ
الْأَنْصَارَ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا تَزِيدُ، وَإِنَّهُمْ كَانُوا عَيْبَتِي [٢]
الَّتِي أَوَيْتُ إلَيْهَا، فَأَحْسِنُوا إلَى مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ
مُسِيئِهِمْ.
[١] انكمش النَّاس: أَسْرعُوا.
[٢]
عيبتي: مَوضِع ثقتي وسرى. والعيبة فِي الأَصْل: مَا يَجْعَل فِيهِ الثِّيَاب.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ نَزَلَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَدَخَلَ بَيْتَهُ، وَتَتَامَّ بِهِ وَجَعُهُ، حَتَّى غُمِرَ.
(شَأْنُ
اللُّدُودِ):
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاجْتَمَعَ
إلَيْهِ نِسَاءٌ مِنْ نِسَائِهِ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَمَيْمُونَةُ، وَنِسَاءٌ مِنْ
نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْهُنَّ أَسَمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَعِنْدَهُ
الْعَبَّاسُ عَمُّهُ، فَأَجْمَعُوا أَنْ يَلُدُّوهُ [١]، وَقَالَ الْعَبَّاسُ:
لَأَلُدَّنَّهُ. قَالَ: فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ:
مَنْ صَنَعَ هَذَا بِي؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَمُّكَ، قَالَ:
هَذَا دَوَاءٌ أَتَى بِهِ نِسَاءٌ
جِئْنَ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَأَشَارَ نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، قَالَ:
وَلِمَ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ
عَمُّهُ الْعَبَّاسُ: خَشِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ
الْجَنْبِ، فَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ عز وجل لِيَقْذِفَنِي
بِهِ، لَا يَبْقَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إلَّا لُدَّ إلَّا عَمِّي، فَلَقَدْ
لُدَّتْ مَيْمُونَةُ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ، لِقَسَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
عُقُوبَةً لَهُمْ بِمَا صَنَعُوا بِهِ.
(دُعَاءُ
الرَّسُولِ لِأُسَامَةَ بِالْإِشَارَةِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ
أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَبَطْتُ
وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي إلَى الْمَدِينَةِ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
وَقَدْ أُصْمِتَ فَلَا يَتَكَلَّمُ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إلَى السَّمَاءِ
ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَيَّ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ابْنُ
شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَثِيرًا مَا أَسْمَعُهُ
يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيًّا حَتَّى يُخَيِّرْهُ. قَالَتْ:
فَلَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا وَهُوَ
يَقُولُ: بَلْ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى [٢] مِنْ الْجَنَّةِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ:
[١] أَن يلدوه: أَي يجْعَلُوا الدَّوَاء فِي
شقّ فَمه.
[٢]
يُشِير إِلَى قَوْله تَعَالَى: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله
عَلَيْهِمْ من النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ
وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا ٤: ٦٩.
إِذا وَاَللَّهِ لَا يَخْتَارُنَا،
وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الَّذِي كَانَ يَقُولُ لَنَا: إنَّ نَبِيًّا لَمْ يُقْبَضْ
حَتَّى يُخَيَّرَ.
(صَلَاةُ
أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ):
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي
حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا
اُسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ
بِالنَّاسِ. قَالَتْ: قُلْتُ:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّ أَبَا
بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، ضَعِيفُ الصَّوْتِ، كَثِيرُ الْبُكَاءِ إذَا قَرَأَ
الْقُرْآنَ.
قَالَ: مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ
بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَعُدْتُ بِمِثْلِ قَوْلِي، فَقَالَ: إنَّكُنَّ صَوَاحِبُ
يُوسُفَ، فَمُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، قَالَت: فو الله مَا أَقُولُ ذَلِكَ
إلَّا أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَرَفْتُ
أَنَّ النَّاسَ لَا يُحِبُّونَ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَأَنَّ النَّاسَ
سَيَتَشَاءَمُونَ بِهِ فِي كُلِّ حَدَثٍ كَانَ، فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ
ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ابْنُ
شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
ابْن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمَعَةَ
بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: لَمَّا اُسْتُعِزَّ
بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ:
دَعَاهُ بَلَالٌ إلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
قَالَ:
فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِي
النَّاسِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ فَصَلِّ
بِالنَّاسِ قَالَ: فَقَامَ، فَلَمَّا كَبَّرَ، سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَوْتَهُ،
وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مِجْهَرًا [١]، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللَّهُ
ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ. قَالَ: فَبُعِثَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ
صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ زَمَعَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ: وَيْحَكَ، مَاذَا صَنَعْتُ بِي يَا بْنَ
زَمَعَةَ، وَاَللَّهِ مَا ظَنَنْتُ حِينَ أَمَرْتنِي إلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ أَمَرَكَ بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ. قَالَ: قُلْتُ
وَاَللَّهِ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ، وَلَكِنِّي حِينَ لَمْ أَرَ
أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُكَ أَحَقَّ مَنْ حَضَرَ بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ.
(الْيَوْمُ الَّذِي قَبَضَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ
[١] مجهر: عالى الصَّوْت.
الِاثْنَيْنِ الَّذِي قَبَضَ اللَّهُ
فِيهِ رَسُولَهُ ﷺ، خَرَجَ إلَى النَّاسِ، وَهُمْ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ، فَرَفَعَ
السِّتْرَ، وَفَتَحَ الْبَابَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَامَ عَلَى بَابِ
عَائِشَةَ، فَكَادَ الْمُسْلِمُونَ يُفْتَتَنُونَ فِي صَلَاتِهِمْ بِرَسُولِ
اللَّهِ ﷺ حِينَ رَأَوْهُ فَرَحًا بِهِ، وَتَفَرَّجُوا، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ
اُثْبُتُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ، قَالَ:
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
سُرُورًا لَمَّا رَأَى مِنْ هَيْئَتِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ أَحَسَنَ هَيْئَةً مِنْهُ تِلْكَ السَّاعَةَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ
وَانْصَرَفَ النَّاسُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَفْرَقَ [١]
مِنْ وَجَعِهِ، فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ [٢]
.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ حِينَ
سَمِعَ تَكْبِيرَ عُمَرَ فِي الصَّلَاةِ: أَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟
يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ
وَالْمُسْلِمُونَ. فَلَوْلَا مَقَالَةٌ قَالَهَا عُمَرُ عِنْدَ وَفَاتِهِ، لَمْ
يَشُكَّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ،
وَلَكِنَّهُ قَالَ عِنْدَ وَفَاتِهِ: إنْ أَسْتَخْلَفَ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ
هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَإِنْ أَتَرَكَهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ
مِنِّي. فَعَرَفَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا،
وَكَانَ عُمَرُ غَيْرَ مَتَّهُمْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ
يَوْمُ الِاثْنَيْنِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَاصِبًا رَأْسَهُ إلَى الصُّبْحِ،
وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَفَرَّجَ
النَّاسُ، فَعَرَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَصْنَعُوا ذَلِكَ إلَّا
لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَكَصَ عَنْ مُصَلَّاهُ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي
ظَهْرِهِ، وَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى جَنْبِهِ،
فَصَلَّى قَاعِدًا عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ
أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَكَلَّمَهُمْ رَافِعًا صَوْتَهُ، حَتَّى خَرَجَ
صَوْتُهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، سُعِّرَتْ
النَّارُ، وَأَقْبَلَتْ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ
[١] أفرق: بَرِيء.
[٢]
السنح (بِوَزْن قفل): مَوضِع كَانَ فِيهِ مَال لأبى بكر، وَكَانَ ينزله بأَهْله.
الْمُظْلِمِ، وَإِنِّي وَاَللَّهِ
مَا تَمَسَّكُونِ عَلَيَّ بِشَيْءِ، إنِّي لَمْ أُحِلَّ إلَّا مَا أَحَلَّ
الْقُرْآنُ، وَلَمْ أُحَرِّمْ إلَّا مَا حَرَّمَ الْقُرْآنُ.
قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ مِنْ كَلَامِهِ، قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنِّي أَرَاكَ
قَدْ أَصْبَحْتَ بِنِعْمَةِ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ كَمَا نُحِبُّ، وَالْيَوْمُ
يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ، أَفَآتِيهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ.
(شَأْنُ
الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ
الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ يَوْمئِذٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّاسِ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟
قَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ
بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، أَنْتَ وَاَللَّهِ عَبْدُ الْعَصَا بَعْدَ
ثَلَاثٍ، أَحْلِفُ باللَّه لَقَدْ عَرَفْتُ الْمَوْتَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ، كَمَا كُنْتُ أَعْرِفُهُ فِي وُجُوهِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَانْطَلِقْ
بِنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِينَا عَرَفْنَاهُ،
وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا، أَمَرْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا النَّاسَ. قَالَ:
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:
إنِّي وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ،
وَاَللَّهِ لَئِنْ مُنِعْنَاهُ لَا يُؤْتِينَاهُ أَحَدٌ بَعْدَهُ. فَتُوُفِّيَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
(سِوَاكُ
الرَّسُولِ قُبَيْلَ الْوَفَاةِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَ: قَالَتْ: رَجَعَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ
دَخَلَ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَاضْطَجَعَ فِي حِجْرِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ
آلِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخَضَرَ. قَالَتْ: فَنَظَرَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ إلَيْهِ فِي يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، قَالَتْ:
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا السِّوَاكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ:
فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ لَهُ حَتَّى لَيَّنْتُهُ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ إيَّاهُ،
قَالَتْ: فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأَيْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ قَطُّ،
ثُمَّ وَضَعَهُ، وَوَجَدْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
يَثْقُلُ فِي حِجْرِي، فَذَهَبْتُ
أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، فَإِذَا بَصَرُهُ قَدْ شَخَصَ، وَهُوَ يَقُولُ:
بَلْ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى مِنْ
الْجَنَّةِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ
بِالْحَقِّ.
قَالَتْ: وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ:
مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي [١] وَفِي دَوْلَتِي، لَمْ
أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا، فَمِنْ سَفَهِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ قُبِضَ وَهُوَ فِي حِجْرِي، ثُمَّ وَضَعْتُ رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقُمْتُ
ألْتَدِمُ [٢] مَعَ النِّسَاءِ، وَأَضْرِبُ وَجْهِي.
(مَقَالَةُ
عُمَرَ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ
الزُّهْرِيُّ، وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ عُمْرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
فَقَالَ: إنَّ رِجَالًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
قَدْ تُوُفِّيَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا مَاتَ، وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إلَى
رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، فَقَدْ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ قِيلَ قد مَاتَ، وو
الله لَيَرْجِعَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا رَجَعَ مُوسَى، فَلَيَقْطَعَنَّ
أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ زَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَاتُ.
(مَوْقِفُ
أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ
): قَالَ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ
حَتَّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، وَعُمَرُ
يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى شَيْءٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُسَجًّى [٣] فِي نَاحِيَةِ
الْبَيْتِ، عَلَيْهِ بُرْدٌ حِبَرَةٌ [٤]، فَأَقْبَلَ حَتَّى كَشَفَ عَنْ وَجْهِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ
[١] السحر: الرئة وَمَا يتَّصل بهَا إِلَى
الْحُلْقُوم. والنحر: أَعلَى الصَّدْر.
[٢]
ألتدم: أضْرب صَدْرِي.
[٣]
مسجى: مغطى.
[٤]
الْحبرَة: ضرب من ثِيَاب الْيمن.
عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكَ
فَقَدْ ذُقْتهَا، ثُمَّ لَنْ تُصِيبَكَ بَعْدَهَا مَوْتَةٌ أَبَدًا. قَالَ: ثُمَّ
رَدَّ الْبُرْدَ عَلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ
النَّاسَ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا عُمَرُ، أَنْصِتْ، فَأَبَى إلَّا أَنْ
يَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ لَا يَنْصِتُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ،
فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ كَلَامَهُ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ،
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ مَنْ
كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ
اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. قَالَ: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ
ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ، وَمن يَنْقَلِبْ عَلى
عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ٣:
١٤٤.
قَالَ: فو الله لَكَأَنَّ النَّاسُ
لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ
يَوْمئِذٍ، قَالَ: وَأَخَذَهَا النَّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّمَا هِيَ فِي
أَفْوَاهِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
قَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا هُوَ
إلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا، فَعَقِرْتُ [١] حَتَّى وَقَعْتُ إلَى
الْأَرْضِ مَا تَحْمِلُنِي رِجْلَايَ، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ
مَاتَ.