recent
آخر المقالات

بَيَانُ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ آيِ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ

 

كَتَبَهَا فَضِيلَةُ الْوَالِدِ الشَّيْخِ الْأَمِينِ رحمه الله عَلَى أَبْيَاتٍ لِلسُّيُوطِيِّ فِي الْإِتْقَانِ وَنَقَلْتُهَا عَنْ خَطِّهِ وَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ


نَصُّ الْأَبْيَاتِ مِنَ الْإِتْقَانِ:

قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ الْمَنْسُوخِ مِنْ عَدَدٍ ... وَأَدْخَلُوا فِيهِ أَبَالِيسَ تَنْحَصِرُ

وَهَاكَ تَحْرِيرُ آيٍ لَا مَزِيدَ لَهَا ... عِشْرِينَ حَرَّرَهَا الْحُذَّاقُ وَالْكُبَرُ

(آيُ التَّوَجُّهِ ١) حَيْثُ الْمَرْءُ كَانَ (وَأَنْ ... يُوصَى لِأَهْلِيهِ ٢) عِنْدَ الْمَوْتِ مُخْتَصَرُ

(وَحُرْمَةُ الْأَكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَعْ رَفَثٍ ٣) ... (وَفِدْيَةٌ لِمُطِيقِ ٤) الصَّوْمِ مُشْتَهِرُ

(وَحَقُّ تَقْوَاهُ ٥) فِيمَا صَحَّ مِنْ أَثَرٍ ... (وَفِي الْحَرَامِ قِتَالٌ ٦) لِلْأُولَى كَفَرُوا

(وَالِاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَعَ وَصِيَّتِهَا ٧) ... (وَأَنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَالْفِكَرُ ٨)

(وَالْحِلْفُ ٩) (وَالْحَبْسُ لِلزَّانِي ١٠) (وَتَرْكُ أُولَى ... كُفْرٍ ١١) (وَإِشْهَادُهُمْ ١٢) (وَالصَّبْرُ

١٣)

(وَالنَّفَرُ ١٤) (وَمَنْعُ عَقْدٍ لِزَانٍ أَوْ لِزَانِيَةٍ ١٥) ... (وَمَا عَلَى الْمُصْطَفَى فِي الْعَقْدِ مُحْتَظَرُ ١٦)

(وَدَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ ١٧) (وَآيَةُ نَجْـ ... ـوَاهُ ١٨) (كَذَلِكَ قِيَامُ اللَّيْلِ ١٩) مُسْتَطَر

(وَزَيْدُ آيَةِ الِاسْتِئْذَانِ مَنْ مَلَكَتْ ٢٠) ... (وَآيةُ الْقِسْمَةِ ٢١) الْفُضْلَى لِمَنْ حَضَرُوا

شَرَحَهَا الشَّيْخُ رحمه الله بِقَوْلِهِ:

١ - قَوْلُهُ: «آيُ التَّوَجُّهِ»، يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ مَنْسُوخَةٌ عَلَى رَأْيِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

٢ - وَقَوْلُهُ: «وَأَنْ يُوصَى لِأَهْلِيهِ»: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ آيَةَ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ الْآيَةَ. مَنْسُوخَةٌ، قِيلَ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ، وَقِيلَ بِحَدِيثِ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، وَقِيلَ: بِالْإِجْمَاعِ. حَكَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ.

٣ - وَقَوْلُهُ: «وَحُرْمَةُ الْأَكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَعْ رَفَثٍ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ آيَةَ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ الْمُتَضَمِّنَةَ حُرْمَةَ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ بَعْدَ النَّوْمِ كَمَا فِي صَوْمِ مَنْ قَبْلَنَا مَنْسُوخَةٌ بَآيَةِ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ.

٤ - وَقَوْلُهُ: «وَفِدْيَةٌ لِمُطِيقٍ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ آيَةَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، وَقِيلَ مُحْكَمَةٌ وَ«لَا» مُقَدَّرَةٌ، يَعْنِي: وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ.

٥ - وَقَوْلُهُ: «وَحَقُّ تَقْوَاهُ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَقِيلَ مُحْكَمَةٌ.

٦ - وَقَوْلُهُ: «وَفِي الْحَرَامِ قِتَالٌ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ وَقَوْلِهِ: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ مَنْسُوخَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مَيْسَرَةَ.

٧ - وَقَوْلُهُ: «وَالِاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَعَ وَصِيَّتِهَا» يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ الْآيَةَ، مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.ُ

٨ - قَوْلُهُ: «وَأَنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَالْفِكَرُ»، يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ، مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.

٩ - قَوْلُهُ: «وَالْحِلْفُ» أَيِ الْمُحَالَفَةُ، يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْآيَةَ.

١٠ - وَقَوْلُهُ: «وَالْحَبْسُ لِلزَّانِي» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ.

١١ - قَوْلُهُ: «وَتَرْكُ أُولَى كُفْرٍ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ.

١٢ - وَقَوْلُهُ: «وَإِشْهَادُهُمْ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ.

١٣ - وَقَوْلُهُ: «وَالصَّبْرُ» يُشِيرُ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، الْآيَةَ. مَنْسُوخٌ بِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.

١٤ - قَوْلُهُ «وَالنَّفَرُ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى أَوْ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ الْآيَةَ، أَوْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً الْآيَةَ.

١٥ - قَوْلُهُ: «وَمَنْعُ عَقْدٍ لِزَانٍ أَوْ لِزَانِيَةٍ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ الْآيَةَ، مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ.

١٦ - وَقَوْلُهُ: «وَمَا عَلَى الْمُصْطَفَى فِي الْعَقْدِ مُحْتَظَرُ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ. . . الْآيَةَ. مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الْآيَةَ.

١٧ - قَوْلُهُ: «وَدَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا مَنْسُوخٌ، قِيلَ بِآيَاتِ السَّيْفِ، وَقِيلَ: بِآيَاتِ الْغَنِيمَةِ.

١٨ - وَقَوْلُهُ «وَآيَةُ نَجْوَاهُ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَبِقَوْلِهِ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ.

١٩ - وَقَوْلُهُ: «كَذَلِكَ قِيَامُ اللَّيْلِ» يُشِيرُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.

وَهَذَا النَّاسِخُ أَيْضًا مَنْسُوخٌ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

٢٠ - قَوْلُهُ: «وَزَيْدُ آيَةِ الِاسْتِئْذَانِ مَنْ مَلَكَتْ» . آيَةُ الِاسْتِئْذَانِ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالْأَصَحُّ فِيهَا عَدَمُ النَّسْخِ، لَكِنْ تَسَاهَلَ النَّاسُ بِالْعَمَلِ بِهَا.

٢١ - «وَآيَةُ الْقِسْمَةِ» وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَالصَّحِيحُ فِيهَا أَيْضًا عَدَمُ النَّسْخِ.

وَمِثَالُ نَسْخِ النَّاسِخِ آخِرُ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ، فَإِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

وَقَوْلُهُ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا فَإِنَّهُ نَاسِخٌ لِآيَةِ الْكَفِّ، مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْعُذْرِ.

تَمَّتْ بِحَوْلِ اللَّهِ رِسَالَةُ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الْمُخْتَصَرَةُ فِي بَيَانِ أَبِيَّاتِ السُّيُوطِيِّ الرَّمْزِيَّةِ تَقْرِيبًا فِي هَذَا الْفَنِّ. وَهِيَ عَلَى إِيجَازِهَا وَاخْتِصَارِهَا كَافِيَةٌ شَافِيَةٌ لِلطَّالِبِ الدَّارِسِ أَمَلَاهَا عَلَيَّ فَضِيلَتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ١٣٧٣ هـ.

أَمَّا الْمُدَرِّسُ وَالْبَاحِثُ الْمُدَقِّقُ وَالْمُنَاقِشُ لِلْأَقْوَالِ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُطَوَّلَاتِ لِتَتِمَّةِ الْبَحْثِ لِبَيَانِ إِثْبَاتِ النَّسْخِ عَلَى مُنْكِرِيهِ، وَبَيَانِ حِكْمَةِ النَّسْخِ وَبَيَانِ أَقْسَامِهِ، وَقُوَّةِ النَّاسِخِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَمَرَاتِبِهِ مِنْ شِدَّةٍ إِلَى ضَعْفِ وَالْعَكْسِ. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

..

(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: المحتوى من [صفحة ١٩٩ - ٤٦٨] من هذا الجزء (التاسع) في تلك الطبعة (ط: دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، ١٤١٥هـ - ١٩٩٥م)، هو كتاب «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب»، للمؤلف.. وقد تم حذفه من هذه النسخة الإلكترونية (منعا للتكرار)، لأنه متوفر ككتاب مستقل ضمن كتب هذا البرنامج «المكتبة الشاملة»

google-playkhamsatmostaqltradent