recent
آخر المقالات

سورة الكوثر

 

وفيها قولان: أحدهما: أنها مكية، قاله ابن عباس، والجمهور. والثاني: مدنيّة، قاله الحسن، وعكرمة، وقتادة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


[سورة الكوثر (١٠٨): الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)

وفي «الكوثر» ستة أقوال: أحدها: أنه نهر في الجنة.

(١٥٧٢) روى البخاري في أفراده من حديث أنس بن مالك عن النبيّ ﷺ أنه قال: بينا أنا أسير في الجنة إذا بنهر حافتاه قباب الدُّرِّ المجوَّف. قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربّك عز وجل: فإذا طينه، أو طينته مسك أذفر.

(١٥٧٣) وروى مسلم أيضًا في أفراده من حديث أنس أيضًا قال: أغفى رسول الله ﷺ إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسّما فقلنا له: لم ضحكت؟ فقال: «إنه أنزلت عليّ آنفًا سورة» فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ حتى ختمها. وقال: «هل تدرون ما الكوثر؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هو نهر أعطانيه الله ربّي عز وجل في الجنة عليه خير كثير تَرِدُ عليه أمّتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم كواكب السماء، يختلج العبد منهم، فأقول: يا رب إنه من أمتي، فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» .

والثاني: أن الكوثر: الخير الكثير الذي أعطي نبيّنا ﷺ، قاله ابن عباس. والثالث: العلم والقرآن، قاله الحسن. والرابع: النبوة، قاله عكرمة. والخامس: أنه حوض رسول الله ﷺ الذي يكثر الناس

صحيح. أخرجه البخاري ٦٥٨٠ وأحمد ٣/ ١٩١ و٢٨٩ وأبو يعلى ٢٨٧٦ والطبري ٣٨١٧٣ والطيالسي ٢٨١٣ من طرق عن همام عن قتادة عن أنس بن مالك به. وأخرجه أحمد ٣/ ١٠٣ وابن المبارك في «الزهد» ١٦١٢ والطبري ٣٨١٧٢ من طريق ابن أبي عدي عن حميد به. وأخرجه النسائي في «التفسير» ٧٢٦ وأحمد ٣/ ١١٥ و٢٦٣ والآجري في «الشريعة» ٩٤٩ و٩٥٠ وابن أبي شيبة ١١/ ٤٣٧ وابن حبان ٦٤٧٢ وأبو نعيم في «صفة الجنة» ٣٢٧ من طرق عن حميد به.

وأخرجه البخاري ٤٩٦٤ وأبو داود ٤٧٤٨ والترمذي ٣٣٥٦ و٣٣٥٧ وأحمد ٣/ ١٦٤ و٢٠٧ وابن ماجة ٤٣٠٥ والطبري ٣٨١٧٠ و٣٨١٧١ من طرق عن قتادة به.

صحيح. أخرجه مسلم ٤٠٠ والبغوي في «التفسير» ٢٤٠٣ عن أبي بكر بن أبي شيبة به عن أنس.

- وأخرجه النسائي ٢/ ١٣٣- ١٣٤ وأبو عوانة ٢/ ١٢١ من طريق علي بن مسهر به.

عليه، قاله عطاء. والسادس: أنه كثرة أتباعه، وأمته، قاله أبو بكر بن عياش.

قوله عز وجل: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وفي هذه الصلاة ثلاثة أقوال: أحدها: أنها صلاة العيد. وقال قتادة: صلاة الأضحى. والثاني: أنها صلاة الصبح بالمزدلفة، قاله مجاهد. والثالث: الصلوات الخمس، قاله مقاتل.

وفي قوله عز وجل: وَانْحَرْ خمسة أقوال «١»: أحدها: اذبح يوم النحر، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عطاء ومجاهد والجمهور. والثاني: وضع اليمنى على اليسرى عند النحر في الصلاة رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس وهو قول عليّ رضي الله عنه، قال ابن جرير: فيكون المعنى ضع اليمنى على اليسرى عند النحر في الصلاة. والثالث: أنه رفع اليدين بالتكبير إلى النحر، قاله أبو جعفر محمد بن علي. والرابع: أن المعنى: صل لله، وانحر لله، فإن ناسًا يصلون لغيره، وينحرون لغيره، قاله القرظي. والخامس: أنه استقبال القبلة بالنحر، حكاه الفراء.

قوله عز وجل: إِنَّ شانِئَكَ اختلفوا فيمن عنى بذلك على خمسة أقوال «٢»:

أحدها: أنه العاص بن وائل السهمي.

(١٥٧٤) قاله ابن عباس: نزلت في العاص بن وائل، لقي رسول الله ﷺ على باب المسجد فوقف يحدثه حتى دخل العاص المسجد، وفيه أُناس من صناديد قريش، فقالوا له: مَن الذي كنتَ تُحَدِّث؟ قال: ذلك الأبتر، يعني النبيّ ﷺ، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله ﷺ، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنزل الله عز وجل هذه السورة. وممن ذهب إلى أنها نزلت في العاص سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة.

والثاني: أنه أبو جهل، روي عن ابن عباس أيضًا. والثالث: أبو لهب، قاله عطاء. والرابع:

عقبة بن أبي معيط، قاله شمر بن عطية. والخامس: أنه عنى به جماعة من قريش، قاله عكرمة.

والشّانئ: المبغض، والْأَبْتَرُ: المنقطع عن الخير.

لم أره مسندا، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨٧٢ عن ابن عباس بدون إسناد.

وورد بنحوه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، ذكره الشوكاني في «فتح القدير» ٦١٧٤ وهذا إسناد ساقط. وكون الآية نزلت في العاص بدون هذه القصة. أخرجه الطبري ٢٨٢١٦. من مرسل سعيد بن جبير، ٣٨٢١٧ من مرسل مجاهد و٣٨٢١٨ من مرسل قتادة. وهو الراجح.

_________

(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ١٢/ ٧٢٤: وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك:

فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة وكذلك نحرك، اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له.

وحظك به من إعطائه إياك الكوثر، قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٦٧٤: وهذا الذي قاله أبو جعفر الطبري، في غاية الحسن وقد سبقه إلى هذا المعنى محمد بن كعب القرظي، وعطاء.

(٢) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٦٧٤: يعني عدوك، وهذا يعم جميع من أنصف بذلك ممن ذكر وغيرهم. وقال الطبري رحمه الله ١٢/ ٧٢٦: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبره أن مبغض رسول الله ﷺ هو الأقل الأذل المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص معين.

google-playkhamsatmostaqltradent