قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَابْتُدِئَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالتَّنْزِيلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل:
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ
فِيهِ الْقُرْآنُ ٢: ١٨٥
[١] هُوَ عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن
أَبى طَالب، وَأمه فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن أُخْت سكينَة، وَاسْمهَا آمِنَة،
وسكينة لقب لَهَا، الَّتِي كَانَت ذَات دعابة ومزح. وَفِي سكينَة وَأمّهَا الربَاب
يَقُول الْحُسَيْن ابْن على:
كَأَن اللَّيْل مَوْصُول بلَيْل ...
إِذا زارت سكينَة والرباب
(أَي
زارت قَومهَا، وهم بَنو عليم بن جناب بن كلب) وَعبد الله بن حسن هُوَ وَالِد
الطالبيين القائمين على بنى الْعَبَّاس، وهم: مُحَمَّد وَيحيى وَإِدْرِيس. مَاتَ
إِدْرِيس فِي إفريقية فَارًّا من الرشيد. (رَاجع الرَّوْض) .
هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ
الْهُدى وَالْفُرْقانِ ٢: ١٨٥. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَما أَدْراكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ
رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٩٧: ١- ٥.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي
لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ
حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ٤٤: ١- ٥. وَقَالَ
تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا
يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ٨: ٤١. وَذَلِكَ مُلْتَقَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ بِبَدْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، صَبِيحَةَ سَبْعَ
عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ تَتَامَّ الْوَحْيُ إلَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَهُوَ مُؤْمِنٌ باللَّه مُصَّدِّقٌ بِمَا جَاءَهُ مِنْهُ،
قَدْ قَبِلَهُ بِقَبُولِهِ، وَتَحَمَّلَ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ عَلَى رِضَا
الْعِبَادِ وَسَخَطِهِمْ، وَالنُّبُوَّةُ أَثْقَالٌ وَمُؤْنَةٌ، لَا يَحْمِلُهَا
وَلَا يَسْتَطِيعُ بِهَا إلَّا أهل القوّة والعرم مِنْ الرُّسُلِ بِعَوْنِ اللَّهِ
تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ، لَمَا يَلْقَوْنَ مِنْ النَّاسِ وَمَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ
مِمَّا جَاءُوا بِهِ عَنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى.
قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، عَلَى مَا يَلْقَى مِنْ قَوْمِهِ مِنْ الْخِلَافِ
وَالْأَذَى.