١ - بَابُ الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ
٣٩٢٧
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عز وجل»
(١).
(١) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن
خازم الضرير، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه مسلم (٢١) (٣٥)، وأبو داود
(٢٦٤٠)، والترمذي (٢٧٨٩)، والنسائي ٧/ ٧٩ من طريق الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٩٠٤).
وانظر تتمة تخريجه عند الحديث السالف
برقم (٧١).
والمراد بقوله: «أمرت أن أقاتل
الناس» مشركو العرب وأهل الأوثان دون أهل الكتاب. قال ابن قدامة في «المغني» ١٣/
٣١: ولا تقبل الجزية من عبدة الأوثان ومَن عَبَدَ ما استحسن، ولا يقبل منهم سوى
الإسلام، هذا ظاهر المذهب، وهو مذهب الشافعي، وروي عن أحمد: أن الجزية تقبل من
جميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب، وهو مذهب أبي خيفة، لأنهم يقرون على دينهم
بالاسترقاق، فيقرون ببذل الجزية كالمجوس، وحكي عن مالك: أنها تقبل من جميع الكفار
إلا كفار قريش لحديث بريدة عند مسلم (١٧٣١) وفيه «إذا لقيت عدوك من المشركين
فادعهم إلى ثلاث خصال ...» وهو عام.
٣٩٢٨ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - عَصَمُوا مِنِّي
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عز
وجل» (١).
٣٩٢٩
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا
حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ عَمْرَو
بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ
أَنَّ أَبَاهُ أَوْسًا أَخْبَرَهُ
قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْنَا
وَيُذَكِّرُنَا، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ. فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، دَعَاهُ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ:»هَلْ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ:
نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ
أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا
فَعَلُوا ذَلِكَ، حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ» (٢).
(١) حديث صحيح، سويد بن سعيد -وإن كان فيه
ضعفٌ- قد توبع، ومن فوقه ثقات. الأعمش: اسمه سليمان بن مِهران، وأبو سفيان: اسمه
طلحة بن نافع.
وأخرجه مسلم (٢١) (٣٥) عن أبي بكر بن
أبي شيبة عن حفص بن غياث، والنسائي ٧/ ٧٩ عن إسحاق بن إبراهيم عن يعلى بن عبيد،
كلاهما عن الأعمش، به.
وأخرجه مسلم (٢١) (٣٥)، والترمذي
(٣٦٣٥) من طريق سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٢٠٩).
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي ٧/ ٨١ عن هارون بن
عبد الله، عن عبد الله بن بكر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٦٣).
٣٩٣٠ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ السُّمَيْطِ بْنِ
السَّمِيرِ
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ،
قَالَ: أَتَى نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: هَلَكْتَ يَا
عِمْرَانُ، قَالَ: مَا هَلَكْتُ. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: مَا الَّذِي أَهْلَكَنِي؟
قَالُوا: قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩] قَالَ: قَدْ قَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى
نَفَيْنَاهُمْ، فَكَانَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وإِنْ شِئْتُمْ حَدَّثْتُكُمْ
حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالُوا: وَأَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وبَعَثَ جَيْشًا
مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا لَقُوهُمْ قَاتَلُوهُمْ
قِتَالًا شَدِيدًا، فَمَنَحُوهُمْ أَكْتَافَهُمْ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ لُحْمَتِي
عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالرُّمْحِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ قَالَ: أَشْهَدُ
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنِّي مُسْلِمٌ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَتَى
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ. قَالَ: وَمَا الَّذِي
صَنَعْتَ؟ «مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ بَطْنِهِ فَعَلِمْتَ مَا فِي
قَلْبِهِ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ شَقَقْتُ بَطْنَهُ (١) أكُنْتُ
أَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ؟» قَالَ: «فَلَا أَنْتَ قَبِلْتَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ،
وَلَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ».
قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ، فَدَفَنَّاهُ،
فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، فَقَالُوا: لَعَلَّ عَدُوًّا نَبَشَهُ،
(١) في أصولنا الخطية: قلبه. والمثبت من
المطبوع وهو أصح.
فَدَفَنَّاهُ، ثُمَّ أَمَرْنَا
غِلْمَانَنَا يَحْرُسُونَهُ، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، فَقُلْنَا:
لَعَلَّ الْغِلْمَانَ نَعَسُوا، فَدَفَنَّاهُ ثُمَّ حَرَسْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا،
فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ
(١).
٣٩٣٠م
-حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأَبلِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ
غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ السُّمَيْطِ
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ،
قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَزَادَ
فِيهِ: فَنَبَذَتْهُ الْأَرْضُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ: «إِنَّ الْأَرْضَ
لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ (٢) مِنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ
يُرِيَكُمْ تَعْظِيمَ حُرْمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (٣).
٢
- بَابُ
حُرْمَةِ دَمِ الْمُؤْمِنِ وَمَالِهِ
٣٩٣١
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
(١) إسناده ضعيف لإعضاله، فإن بين السُيمط
وعمران اثنين -كما سيأتي في التخريج- أحدهما رجل مبهم. عاصم: هو ابن سليمان الأحول.
وأخرجه الطحاوي في»شرح مشكل
الآثار«(٣٢٣٤) و(٣٢٣٥)، والطبراني في»الكبير«١٨/ (٥٦٢) من طريق عاصم الأحول، به.
وأخرجه أحمد في»المسند"
(١٩٩٣٧)، والطبراني ١٨/ (٦٠٩) من طريق معتمر ابن سليمان التيمي، عن أبيه، عن
السميط، عن أبي العلاء بن الشخير قال: حدثني رجل من الحي، عن عمران بن الحصين.
وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن عمران.
(٢)
في (س) و(م): أشرّ.
(٣)
إسناده ضعيف كسابقه.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الْأَيَّامِ
يَوْمُكُمْ هَذَا، ألا وإن أحرم المشهور شهركم هذا، ألا وإن أحرم البلد بلدكم هذا،
أَلَا وَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ
يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ
بَلَّغْتُ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» (١).
٣٩٣٢
- حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ
أَبِي ضَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ النَّصْرِيُّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ:
«مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ!
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ
اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا»
(٢).
٣٩٣٣
- حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَحْيَى،
جَمِيعًا عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هشام
بن عمار، وقد توبع، ومن فوقه ثقات. أبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه أحمد في «المسند» (١١٧٦٢) عن
علي بن بحر، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف نصر بن محمَّد شيخ المصنف.
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين»
(١٥٦٨) عن خطاب بن سعد الدمشقي، عن نصر بن محمَّد، بهذا الإسناد.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ
وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» (١).
٣٩٣٤
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي
هَانِئٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ
أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ
حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا
وَالذُّنُوبَ» (٢).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، أبو سعيد
مولى عبد الله بن عامر روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه مسلم (٢٥٦٤) من طريق داود بن
قيس وأسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن أبي سعيد مولى ابن كريز، به. وليس لأبي سعيد
هذا في «صحيح مسلم» سوى هذا الحديث الواحد. وهو في «مسند أحمد» (٧٧٢٧).
وأخرجه أبو داود (٤٨٨٢)، والترمذي
(٢٠٤٠) من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وهذا سند
حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد. وحسَّنه الترمذي.
(٢)
إسناده صحيح. أبو هانئ: هو حميد بن هانئ الخَولاني.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد»
(٨٢٦)، وأحمد في «المسند» (٢٣٩٥٨)، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» ص ٢٧٧، ويعقوب بن
سفيان في «المعرفة والتاريخ» ١/ ٣٤١ - ٣٤٢، والبزار في «مسنده» (٣٧٥٢)، والمروزي
في «تعظيم قدر الصلاة» (٦٤٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٨٦٢)، والطبراني في «الكبير»
١٨/ (٧٩٦)، وابن منده في «الإيمان» (٣١٥)، والحاكم في «المستدرك» ١/ ١٠ - ١١،
والبيهقي في «شعب الإيمان» (١١١٢٣)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٣١) من طريق أبي
هانئ الخولاني، به - وبعضهم يزيد فيه على بعض.
٣ - بَابُ النَّهْيِ عَنْ النُّهْبَةِ
٣٩٣٥
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً مَشْهُورَةً، فَلَيْسَ
مِنَّا» (١).
٣٩٣٦
- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ،
أَخبَرنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ،
وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا
(١) حديث صحيح. وابن جريج قد صرَّح بالسماع
عند غير واحد ممن خرجه ثم هو متابع، وانظر تفصيل القول في هذا الحديث في»مسند
أحمد«(١٥٠٧٠).
أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل،
وابن جريج: اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وأبو الزبير: هو محمَّد بن مسلم
بن تَدرُس.
وأخرجه أبو داود (٤٣٩١) من طريق
محمَّد بن بكر، عن ابن جريج، به.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٤٤٥٦).
ويشهد له حديث أنس بن مالك عند
الترمذي (١٦٩٣)، وسنده صحيح. وهو في»مسند أحمد«(١٣٠٣٢).
وحديث عمران بن الحصين الآتي عند
المصنف برقم (٣٩٣٧).
وحديث عبد الرحمن بن سَمُرة عند أحمد
(٢٠٦١٩) وغيره، وسنده حسن.
»مشهورة«أي: ظاهرة غير مخفية.
وقال السندي في حاشيته على»مسند
أحمد": النُّهبة، بضم فسكون: المال المنهوب، وبالفتح: مصدرٌ، قيل: هذا النهي
في أخذ مال المسلم قهرًا، وأخذ الأموال المشترَكة.
يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ
وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ
أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ» (١).
٣٩٣٧
- حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ
مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً، فَلَيْسَ مِنَّا» (٢).
٣٩٣٨
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ
الْحَكَمِ، قَالَ: أَصَبْنَا غَنَمًا لِلْعَدُوِّ، فَانْتَهَبْنَاهَا،
(١) إسناده صحيح. عقيل: هو ابن خالد.
وأخرجه البخاري (٢٤٧٥)، ومسلم (٥٧)
(١٠٠ - ١٠١)، والنسائي في «المجتبى» ٨/ ٣١٣ وفي «الكبرى» (٥١٤٩) من طريق ابن شهاب
الزهري، به.
وأخرجه مسلم (٥٧) (١٠٢ - ١٠٣)،
والنسائي في «الكبرى» (٥١٥٠) و(٧٣١٤) و(٧٠٨٨ - ٧٠٩٢) من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٨٢٠٢)، و«صحيح
ابن حبان» (١٨٦) و(٥١٧٣) و(٥٩٧٩).
وروي عن أبي هريرة دون ذِكر النهبة
فيه، انظر «مسند أحمد» (٨٨٩٥).
قوله: «يرفع الناس إليه أبصارهم»،
وفي بعض الروايات: «ذات شرف» أي: ذات قدر حيث يشرف الناس لها ناظرين إليها.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمران بن
الحمين. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه الترمذي (١١٥١)، والنسائي ٦/
١١١ و٢٢٧ - ٢٢٨ من طريق حميد، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٩٢٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٦٧) و(٥١٧٠).
فَنَصَبْنَا قُدُورَنَا، فَمَرَّ
النَّبِيُّ ﷺ بِالْقُدُورِ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ
النُّهْبَةَ لَا تَحِلُّ» (١).
٤
- بَابٌ:
سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ
٣٩٣٩
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (٢).
(١) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. أبو
الأحوص: سلام بن سُلَيم.
وأخرجه الطيالسي (١١٩٥)، وعبد الرزاق
(١٨٨٤١)، وأحمد في «المسند» (٢٣١١٦)، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ١٧٣، وابن
أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٩٣٥)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ٣/ ٤٩، وفي
«شرح مشكل الآثار» (١٣١٨)، وابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ١٢٠ و١٢١، وابن حبان
(٥١٦٩)، والطبراني في «الكبير» (١٣٧١ - ١٣٧٩)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (١٣٥٤
- ١٣٥٦)، والحاكم ٢/ ١٣٤ من طريق سماك بن حرب، به.
قال الإمام البغوي في «شرح السنة» ٨/
٢٢٨: وتتأول النهبة في الحديث على الجماعة ينتهبون الغنيمة، فلا يُدخلون في القسم،
والقوم يقدم إليهم الطعام فينتهبونه، فكل يأخذ بقدر قوته ونحو ذلك، وإلا فنهب
أموال المسلمين محرم لا يُشكل على أحد، ومن فعله يستحق العقوبة والزجر.
(٢)
إسناده صحيح. وقد سلف برقم (٦٩).
وقوله: «سباب المسلم فسوق» السباب:
الشتم الوجيع، وأن يقول الرجل ما فيه وما ليس فيه يريد بذلك عيبه، والفسوق في
اللغة: الخروج، وفي الشرع: الخروج عن طاعة الله ورسوله، وهو في عرف الشرع أشد من
العصيان، قال الله تعالى: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ
وَالْعِصْيَانَ﴾ [الحجرات:
٧] ففي هذا
الحديث تعظيم حق المسلم، والحكم على من سبه بغير حق بالفسق. وقوله: «وقتاله كفر»
أي: مقاتلته كفر، =
٣٩٤٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
هِلَالٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (١).
= قال الحافظ في «الفتح» ١/ ١١٢: ولم
يرد حقيقة الكفر التي هي خروج عن الملة، بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير من
ذلك، لينزجر السامع عن الإقدام عليه، معتمدًا على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك
لا يخرج عن الملة، مثل حديث الشفاعة، ومثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] أو أطلق عليه الكفر لشبهه به، لأن
قتال المؤمن من شأن الكافر.
وجاء في ترجمة الإمام أبي الحسن
الأشعري من «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٨٨ للإمام الذهبي ما نصه: رأيت للأشعري كلمة
أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي: سمعت أبا حازم العبدَوي، سمعت زاهر بن أحمد
السرخسي يقول: لما قَرُبَ حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني
فأتيته، فقال: اشهدْ عليَّ أني لا أكفر أحدًا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى
معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات.
قال الذهبي: وبنحو هذا أدينُ، وكذا
كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحدًا من الأمة، ويقول: قال
النبي ﷺ:«لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» فمن لازم الصلوات بوضوء، فهو مسلم.
(١)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف، محمَّد بن الحسن وأبو هلال -وهو محمَّد بن سليم
الراسبي- فيهما لِينٌ. وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» ص ١٥٩ (القسم الذي نشره
العمروي).
وأخرجه أبو يعلى (٦٠٥٢)، والعقيلي في
«الضعفاء» ٤/ ٥٠، والطبراني في «الأوسط» (٥٧٢٣) من طريق محمَّد بن الحسن الأسدي،
به.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» ٨/ ٣٥٩،
والخطيب في «تاريخ بغداد» ٣/ ٣٩٧ من طريق منخل بن حكيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين،
عن أبي هريرة. وهذا سند ضعيف.
٣٩٤١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سَعْدٍ
عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (١).
٥
- بَاب لَا
تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ
٣٩٤٢
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعْبَدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ،
قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:
«اسْتَنْصِتْ النَّاسَ» فَقَالَ: «لَا
تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» (٢).
(١) حديث صحيح، شريك: هو ابن عبد الله
النخعي، وهو وإن كان سيئ الحفظ متابع، وباقي رجاله ثقات. أبو إسحاق: هو عمرو بن
عبد الله بن عبيد السبيعي، وسعد: هو الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص.
وأخرجه أحمد في «المسند» (١٥٣٧)،
والبخاري في «الأدب المفرد» (٤٢٩) من طريق زكريا بن أبي زائدة، والطبراني في
«الكبير» (٣٢٥) من طريق روح بن مسافر، كلاهما عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه النسائي ٧/ ١٢١ من طريق معمر،
عن أبي إسحاق، عن عمر بن سعد، عن أببه سعد.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (١٢١)، ومسلم (٦٥)،
والنسائي ٧/ ١٢٧ - ١٢٨ من طريق شعبة، بهذا الإسناد. =
٣٩٤٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «وَيْحَكُمْ - أَوْ وَيْلَكُمْ - لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي
كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» (١).
٣٩٤٤
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ
= وأخرجه النسائي ٧/ ١٢٨ من طريق
إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: بلغني أن جرير بن عبد الله قال ...
فذكره.
والحديث في «مسند أحمد» (١٩١٦٧)،
و«صحيح ابن حبان» (٥٩٤٠).
قال ابن حبان بإثر هذا الحديث في
تفسير قوله: «لا ترجعوا بعدي كفارًا»: لم يرد به الكفر الذي يخرج عن الملة، ولكن
معنى هذا الخبر: أن الشيء إذا كان له أجزاء يطلق اسم الكل على بعض تلك الأجزاء،
فكما أن الإسلام له شُعب، ويطلق اسم الإسلام على مرتكب شُعبة منها لا بالكلية،
كذلك يُطلق اسم الكفر على تارك شعبة من شعب الإسلام، لا الكفر كله، وللإسلام
والكفر مقدمتان لا تقبل أجزاء الإسلام إلا ممن أتى بمقدمته، ولا يخرج من حكم
الإسلام من أتى بجزء من أجزاء الكفر إلا من أتى بمقدمة الكفر، وهو الإقرار
والمعرفة والإنكار والجحد.
وقال البغوي في «شرح السنة» ١٥/ ٢٢٢:
هو عند أهل العلم بمعنى الزجر، أي: لا تتشبهوا بالكفار في قتل بعضكم بعضًا.
وكذا قال الحافظ في «الفتح» ١/ ٢١٧.
(١)
إسناده صحيح. محمَّد والد عمر: هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وأخرجه البخاري (٤٤٠٣) و(٦١٦٦)،
ومسلم (٦٦)، وأبو داود (٤٦٨٦)، والنسائي ٧/ ١٢٦ من طريق محمَّد بن زيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٥٥٧٨)، و«صحيح
ابن حبان» (١٨٧).
عَنْ الصُّنَابِحِ (١)
الْأَحْمَسِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى
الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ، فَلَا تَقَتتِّلُنَّ بَعْدِي»
(٢).
٦
- بَابٌ:
الْمُسْلِمُونَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عز وجل
٣٩٤٥
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ
الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَابِسٍ الْيَمَانِيِّ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ
اللَّهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي عَهْدِهِ، فَمَنْ قَتَلَهُ طَلَبَهُ
اللَّهُ حَتَّى يَكُبَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ» (٣).
(١) في أصولنا الخطية: الصنابحي، بالياء في
آخره، والصواب الذي ذهب إليه غير واحد من أهل العلم أنه الصُّنابح بلا ياء، وقد
ذكر البخاري في «تاريخه» ٤/ ٣٢٧ أن ابن نمير سماه في روايته الصُّنابح بلا ياء على
ما أثبتنا.
(٢)
إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيل: هو ابن أبي حازم.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٤٣٨ - ٤٣٩
و١٥/ ٢٩، والحميدي (٧٨٠)، وأحمد في «المسند» (١٩٠٦٩)، والبخاري في «التاريخ
الصغير» ١/ ١٦٨، وابن أبي عاصم في «السنة» (٧٣٩)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة
والتاريخ» ٢/ ٢٢٠، وابن قانع في «معجم الصحابة» ٢/ ٢٣، وابن حبان في «صحيحه»
(٥٩٨٥) و(٦٤٤٦)، والطبراني في «الكبير» (٧٤١٦) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به.
قوله: «إني فَرَطكم» بفتحتين، أي:
متقدمكم الذي يهيئ لكم ما تحتاجون إليه.
(٣)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن سعد بن إبراهيم لم يدرك حابسًا اليماني
فيما قاله الحافظ المزي، وحابس اليماني أدرك النبي ﷺ، وصحب أبا بكر، وحدَّث عنه
وأسند، وقضى في خلافة عمر، وقتل بصفين مع معاوية سنة ٣٧. =
٣٩٤٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عز وجل»
(١).
٣٩٤٧
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُهَزِّمِ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قال:
= وأخرجه الضياء المقدسي في «الأحاديث
المختارة» (٦٤) من طريق المصنف، وقال: إسناده منقطع.
وله شاهد من حديث جندب بن عبد الله
عند مسلم (٦٥٧).
وآخر من حديث ابن عمر عند أحمد
(٥٨٩٨)، وفي سنده ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ.
ويشهد لشطره الأول حديث سمرة بن
جندب، وهو التالي عند المصنف.
وحديث أبي هريرة عند الترمذي (٢٣٠٣)،
وسنده ضعيف. وانظر تتمة شواهده في التعليق على حديث ابن عمر عند أحمد (٥٨٩٨).
قال السندي: قوله: «فهو في ذمة الله»
أي: أمانه وعهده، أو أنه تعالى أوجب له الأمان.
«فلا تُخفِروا الله» من أَخفَره: إذا
نقض عهده.
«حتى يكبَّه» من كبَّه: قَلَبه وصرعه،
من باب نصر.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من
سَمُرة، وقد قيل: إنه لم يسمع منه إلا حديثين، وليس هذا منهما. أشعث: هو ابن عبد
الملك الحُمراني.
وأخرجه أحمد في «المسند» (٢٠١١٣)،
والطبراني في «الكبير» (٦٩١٧) من طريق الحسن البصري، به.
وانظر ما قبله.
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عز وجل مِنْ بَعْضِ
مَلَائِكَتِهِ» (١).
٧
- بَابُ
الْعَصَبِيَّةِ
٣٩٤٨
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ
الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ،
عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يَدْعُو إِلَى
عَصَبِيَّةٍ، أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ، فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» (٢).
٣٩٤٩
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْيُحْمِدِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ
كَثِيرٍ الشَّامِيِّ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا: فُسَيْلَةُ، قَالَتْ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَأَلْتُ
النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنَ
(١) إسناده ضعيف جدًا، أبو المهزم يزيد بن
سفيان متروك.
وأخرجه بنحوه الطبراني في «المعجم
الأوسط» (٦٦٣٤) من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
(٢)
إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّخْتِياني.
وأخرجه مسلم (١٨٤٨)، والنسائي ٧/ ١٢٣
من طريق غيلان بن جرير، به.
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٦١)، و«صحيح
ابن حبان» (٤٥٨٠).
قوله: «تحت راية عمية» هي بضم العين
وكسرها، لغتان مشهورتان، وهي الأمر الأعمى لا يستبين وجهُه أحقٌ هو أو باطل،
والمعنى: يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك، لا لنصرة الدين والحق، بل لمحض التعصب
لقومه وهواه، كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.
وقوله: «فقِتلته جاهلية» أي: كصفَةِ
قِتلة أهلِ الجاهلية مِن الضلال وليس المرادُ الكفرَ.
الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ
الرَّجُلُ قَوْمَهُ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ
الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ» (١).
٨
- بَابُ
السَّوَادِ الْأَعْظَمِ
٣٩٥٠
- حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا
مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى
أنه سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي لَن (٢) تَجْتَمِعُ
عَلَى ضَلَالَةٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ الاخْتِلَاف (٣) فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ
الْأَعْظَمِ» (٤).
٩
- بَابُ
مَا يَكُونُ مِنْ الْفِتَنِ
٣٩٥١
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ
(١) حديث محتمل لتحسين بمجموع طرقه كلما هو
مبين في التعليق على «مسند أحمد» (١٦٩٨٩). وهذا إسناد ضعيف لضعف عباد بن كثير
الشامي، وقد تابعه سلمة ابن بشر عند أبي داود (٥١١٩)، وسلمة هذا قال الحافظ في
«التقريب»: مقبول.
(٢)
في (ذ): لا.
(٣)
في (ذ): اختلافًا.
(٤)
إسناده ضعيف جدًا لضعف معان بن رفاعة السلامي، وشيخه أبو خلف الأعمى متروك ورماه
ابن معين بالكذب.
وأخرجه عبد بن حميد (١٢٢٠)، وابن عدي
في ترجمة معان من «الكامل»، واللالكائي في «اعتقاد أهل السنة» (١٥٣)، وأبو نعيم في
«الحلية» ٩/ ٢٣٨ من طريق معان بن رفاعة، به.
وقوله: «إن أُمتي لا تجتمع على
ضلالة» صحيح بمجموع شواهده، فانظرها عند حديث ابن عمر في «جامع الترمذي» (٢٣٠٥)
بتحققنا.
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا صَلَاةً، فَأَطَالَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ
قُلْنَا - أَوْ قَالُوا -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطَلْتَ الْيَوْمَ الصَّلَاةَ!
قَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل لِأُمَّتِي
ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَرَدَّ عَلَيَّ وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ
لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيهَا،
وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ غَرَقًا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ
لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ» (١).
٣٩٥٢
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ
عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ
(١) إسناده ضعيف لجهالة رجاء الأنصاري.
وأخرجه أحمد في «المسند» (٢٢٠٨٢)،
وابن خزيمة (١٢١٨)، والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٣٠٦) و(٣٠٧) من طريق الأعمش، به.
ْوأخرجه أحمد (٢٢١٥٨) و(٢٢١٢٥)،
والطبراني ٢٠/ (٢٧٩) من طريق عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن
معاذ بن جبل- ورجاله ثقات إلا أنه منقطع، فإن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ. وقد
ذكر في الحديث مكان الغرق سؤالَه ﷺ لله عز وجل أن لا يهلك أُمته بالسَّنَة - أي:
القَحْط، وهذا هو المحفوظ في حديث غير واحد من الصحابة، فالحديث بذكر السَّنة صحيح
له غير ما شاهد انظر تخريجها عند حديث أنس بن مالك في «مسند أحمد» (١٢٤٨٦).
وأما لفظ الغرق فقد جاء في حديث سعد
بن أبي وقاص عند مسلم (٢٨٩٠)، وأحمد (١٥١٦) وغيرهما، ففيه: «سألت ربي عز وجل ثلاثًا:
سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أُمتي بالسَّنة
فاعطانيها، وسالته أن لا يجعل باسهم بينهم فمنعنيها»، فذكر الغرق والسَّنة والبأس،
وأسقط سؤاله أن لا يسلَّط عليهم عدو من غيرهم فيستبيحهم، وهذا لفظ غريب لم يرو إلا
في حديث سعد هذا.
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، عنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ حَتَّى
رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَصْفَرَ -
أَوْ الْأَحْمَرَ - وَالْأَبْيَضَ- يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ-، وَقِيلَ:
إِنَّ مُلْكَكَ إِلَى حَيْثُ زُوِيَ لَكَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل ثَلَاثًا:
أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ عَامَّةً، وَأَنْ
لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، وَإِنَّهُ قِيلَ
لِي: إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا مَرَدَّ لَهُ، وَإِنِّي لَنْ أُسَلِّطَ عَلَى
أُمَّتِكَ جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ، وَلَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنَ
أَقْطَارِهَا حَتَّى يُفْنِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي
أُمَّتِي فَلَنْ يُرْفَعَ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ مِمَّا
أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةً مُضِلِّينَ، وَسَتَعْبُدُ قَبَائِلُ مِنْ
أُمَّتِي الْأَوْثَانَ، وَسَتَلْحَقُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ،
وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ، قَرِيبًا مِنْ
ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ
أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى
يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل» (١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعيد بن
بشر، وقد توبع. أبو أسماء الرَّحبي: اسمه عمرو بن مَرْثَد الدمشقي.
وأخرجه مسلم مقطعًا (١٩٢٠) و(٢٨٨٩)،
وأبو داود (٤٢٥٢)، والترمذي مقطعا (٢٣١٧) و(٢٣٤٨) و(٢٣٦٦) و(٢٣٧٩) من طريق أبي
قلابة، به، وهو عند مسلم دون قوله: «وإذا وضع السيف ...» إلى قوله: «كلهم يزعم أنه
نبي».
والحديث بتمامه في «مسند أحمد»
(٢٢٣٩٥)، و«صحيح ابن حبان» (٧٢٣٨). =
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (١): لَمَّا
فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: مَا أَهْوَلَهُ!
٣٩٥٣
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّ
حَبِيبَةَ
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ،
أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (٢) وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ،
وَهُوَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ
اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ (٣)» وَعَقَدَ
بِيَدَهِ عَشَرَةً.
= وسلف من الحديث عند المصنف برقم (١٠)
قوله: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ...».
قوله: «زُويت لي الأرض» أي: جُمعت
وضُمَّت. قال السندي: والمراد من الأرض ما سيبلغها مُلْك الأمة لا كلها، يدل عليه
ما بعده.
«عامة» أي: حال كون الجوع سَنَة عامة،
أي: شاملة لكل الأُمة. قال الخطابي في «معالم السُّنن» ٤/ ٣٤٠: وإنما جرت الدعوة
بأن لا تعمهم السَّنة (أي: القحط) كافة فيهلكوا عن آخرهم، فأما أن يُجدِبَ قوم
ويُخصِبَ آخرون، فإنه خارج عما جرت به الدعوة.
«يلبسهم»: يخلطهم.
«شِيَعًا»: فِرَقًا.
«أقطارها» أي: نواحي الأرض.
(١)
أبو الحسن هذا: هو القطان، راوى «السُّنن» عن ابن ماجه، وأبو عبد الله: هو المصنف،
ابنُ ماجه. وقول أبي الحسن هذا لم يرد في (ذ) و(م)، وهو في نسخة أُشيرَ إليها في
حاشية (س).
(٢)
زاد في المطبوع: من نومه.
(٣)
زاد في (س): مثل هذه.
قَالَتْ زَيْنَبُ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «إِذَا كَثُرَ
الْخَبَثُ» (١).
٣٩٥٤
- حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ
الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ الْوَلِيدِ ابْنِ
سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الْقَاسِمِ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(١) إسناده صحيح. حبيبة: هي بنت أم حبيبة زوج
النبي ﷺ، وكانت ربية في بيت النبي ﷺ.
وأخرجه مسلم (٢٨٨٠)، والترمذي
(٢٣٣٢)، والنسائي في «الكبرى» (١١٢٤٩) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
ونقل الترمذي عن الحميدي عن سفيان أنه قال: حفظت من الزهري في هذا الحديث أربع
نسوة: زينب بنت أبي سلمة عن حبية وهما ربيبتا النبي ﷺ، عن أم حبيبة عن زينب بنت
جحش زوجَي النبي ﷺ.
قلنا: وقد روى بعض أصحاب ابن عيينة
الحديث بإسقاط حبيبة من إسناده، هكذا أخرجه البخاري (٧٠٥٩) عن مالك بن إسماعيل،
ومسلم (٢٨٨٠) (١) عن عمرو الناقد، كلاهما عن ابن عيينة، به. وقال الدارقطني- فيما
نقله الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١٣/ ١٢ -: أظنُّ سفيان كان تارة يذكرها، وتارة
يُسقطها.
وأخرجه البخاري (٣٣٤٦) و(٣٥٩٨)
و(٧١٣٥)، ومسلم (٢٨٨٠) (٢)، والنسائي (١١٢٧٠) من طرق عن الزهري، به - دون ذِكر
حبيبة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٧٤١٣)، و«صحيح
ابن حبان، (٣٢٧) و(٦٨٣١).
قال الحافظ ابن حجر في»الفتح«١٣/
١٠٧: قوله:»ويل للعرب من شر قد اقترب«خص العرب بذلك، لأنهم كانوا حينئذ معظم من
أسلم، والمراد بالشر ما وقع بعده من قتل عثمان، ثم توالت الفتن ... والمراد
بالردم: السد الذي بناه ذو القرنين.
وعَقْد العشرة: أن يجعل طرف السبابة
اليمنى في باطن طيِّ عقدة الإبهام العليا.
وقوله:»إذا كثر الخبث" فسَّروه
بالزنى وبأولاد الزنى وبالفسوق والفجور.
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا
وَيُمْسِي كَافِرًا، إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ» (١).
٣٩٥٥
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي، عَنْ الْأَعْمَشِ،
عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا
جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
فِي الْفِتْنَةِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: إِنَّكَ لَجَرِيءٌ،
قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ
وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ،
وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ». فَقَالَ عُمَرُ:
لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ.
فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ
وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ: فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ؟ قَالَ:
لَا، بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ.
(١) إسناده ضعيف جدًا، علي بن يزيد -وهو
الألهاني- متفق على ضعفه منكر الحديث.
وأخرجه الدارمي (٣٣٨)، والروياني في
«مسنده» (١٢٠٢) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه
رفعه: «بادروا بالأعمال فتنًا كقِطَع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمنًا ويمسي
كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» أخرجه مسلم
(١١٨)، والترمذي (٢٣٤١) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وعن أبي موسى الأشعري وسيرد عند
المصنف برقم (٣٩٦١).
وفي الحديث الحث على المبادرة إلى
الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة
المتراكمة كتراكم الليل المظلم لا المقمر.
قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ
عُمَرُ يَعْلَمُ مَنْ الْبَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ
اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ
نَسْأَلَهُ مَنْ الْبَابُ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ. فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:
عُمَرُ (١).
٣٩٥٦
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ وَوَكِيعٌ،
عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ
رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ:
انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ
مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ،
وَمِنَّا
(١) إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه البخاري (٥٢٥) و(١٨٩٥)، ومسلم
بإثر الحديث (٢٨٩٢) / (٢٦) و(٢٧)، والترمذي (٢٤٠٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٢٤) من
طريق شقيق بن سلمة، به.
وأخرجه بنحوه مسلم (١٤٤) من طريق
رِبعي بن حِراش، عن حذيفة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٤١٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٦٦).
وقوله: «في الفتنة» قال الحافظ: فيه
دليل على جواز إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص، إذ تبين أنه لم يسأل إلا عن فتنة
مخصوصة، ومعنى الفتنة في الأصل: الاختبار والامتحان، ثم استعملت في كل أمر يكشفه
الامتحان عن سوء، وتطلق على الكفر والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية
والعذاب والقتال، والتحوّل من الحسن إلى القبيح، والميل إلى الشيء والإعجاب به،
وتكون في الخير والشر.
وقال الزين بن المنير: الفتنةُ
بالأهلِ تقعُ بالميل إليهِنَّ أو عليهِنَّ في القسمة والإيثار حتى في أولادهن، ومن
جهة التفريطِ في الحقوقِ الواجبة لهُن، وبالمال يقع بالاشتغالِ به عن العبادة أو
بحبسه عن إخراجِ حق الله، والفتنةُ بالأولاد تقع بالميلِ الطبيعي إلى الولد،
وإيثارِه على كُل أحد، والفتنةُ بالجار تقع بالحسدِ والمفاخرة والمزاحمة في الحقوق
وإهمالِ التعاهد.
مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ
فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِيهِ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. فَاجْتَمَعْنَا،
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَطَبَنَا، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ
قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا
يَعْلَمُهُ خَيْرًا لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُهُ شَرًّا لَهُمْ، وَإِنَّ
أُمَّتَكُمْ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَإِنَّ آخِرَهُمْ يُصِيبُهُمْ
بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تنْكِرُونَهَا، ثُمَّ تَجِيءُ فِتَنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا
بَعْضًا، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، ثُمَّ
تَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ،
فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ،
فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ،
وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ، وَمَنْ
بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ،
فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا عُنُقَ
الْآخَرِ».
قَالَ: فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي مِنْ
بَيْنِ النَّاسِ، فَقُلْت ُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أُذُنَيْهِ، فَقَالَ:
سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي (١).
(١) إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمَّد بن
العلاء، وأبو معاوية: هو محمَّد ابن خازم.
وأخرجه مسلم (١٨٤٤) (٤٦)، وأبو داود
(٤٢٤٨)، والنسائي ٧/ ١٥٢ - ١٥٤ من طريق الأعمش، بهذا الإسناد - واقتصر أبو داود
على قوله: «من بايع إمامًا ... رقبة الآخر».
وأخرجه مسلم (١٨٤٤) (٤٧) من طريق
عامر الشعبي، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٠٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٦١). =
١٠ - بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْفِتْنَةِ
٣٩٥٧
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي
حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ يُوشِكُ أَنْ
يَأْتِيَ، يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ
النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، فَاخْتَلَفُوا وَكَانُوا هَكَذَا؟»
وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ- قَالُوا: كَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا
كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَأْخُذُونَ بِمَا تَعْرِفُونَ، وَتَدَعُونَ مَا
تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَوَامِّكُمْ»
(١).
= الخِباء: بنت من صوف أو وبر.
ينتضل: من انتَضَلَ القومُ: إذا رموا
سهامهم للسَّبق.
في جَشَره، أي: في إخراجه الدوابَّ
إلى الرعي.
وقوله: «يرقق بعضها بعضًا» قال
السندي: أي: يزين بعضُها بعضًا، أو يجعل بعضها بعضًا رقيقًا، والحاصل أن المتأخرةَ
مِن الفتنةِ أعظمُ مِن المتقدمة، فتصيرُ المتقدمة عندها رقيقة.
«فأعطاه صفقة يمينه» أي: عهده وميثاقه.
«وثمرة قلبه» أي: خالص عهده.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (٤٣٤٢) من طريق عبد
العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، به.
وأخرجه أبو داود (٤٣٤٣)، والنسائي في
«الكبرى» (٩٩٦٢) من طريق عكرمة مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عمرو.
وأخرج البخاري بعضًا منه برقم (٤٧٨ -
٤٨٠) من طريق واقد بن محمَّد بن زيد، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول
الله ﷺ: «يا عبد الله بن عمرو، كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس ...»، ولم يسقه
بتمامه.
والحديث في «مسند أحمد» (٧٠٦٣).
=
٣٩٥٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ
الْمُشَعَّثِ بْنِ َطرِيفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ
وَمَوْت يُصِيبُ النَّاسَ، حَتَّى
يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ؟» -يَعْنِي الْقَبْرَ- قُلْتُ: مَا خَارَ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ:
«تَصَبَّرْ» قَالَ:«كَيْفَ أَنْتَ وَجُوع يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ
فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ، وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ
مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ؟» قَالَ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ -
أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ» ثُمَّ
قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ وَقَتْل يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تًغْرَقَ حِجَارَةُ
الزَّيْتِ بِالدَّمِ؟» قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: «الْحَقْ
بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا آخُذُ
بِسَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «شَارَكْتَ الْقَوْمَ
إِذًا، وَلَكِنْ ادْخُلْ بَيْتَكَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ دُخِلَ
بَيْتِي؟ قَالَ: «إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ
طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ، فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، فَيَكُونَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّارِ» (١).
= قال السندي: قوله: «يُغربَل الناس
فيه» أي: يذهب خيارُهم، ويبقى شِرارُهُم
وأراذلهم.
«حثالةٌ» الرديء من كل شيء، والمراد:
أراذلهم.
«قد مَرِجت» أي: اختلفت وفسدت.
«على خاصتكم» أي: على من يختص بكم من
الأهل والخدم، أو على إصلاح الأحوال المختصة بأنفسكم.
(١)
إسناد الحديث من هذا الوجه ضعيف لجهالة المشعث بن طريف، فقد تفرد به حماد بن زيد،
فروايته عن أبي عمران الجوني، عن المشعث بن طريف، =
٣٩٥٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ الْحَسَنِ،
حَدَّثَنَا أَسِيدُ بْنُ الْمُتَشَمِّسِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا» قَالَ: قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ، الْقَتْلُ» فَقَالَ
بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ
الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى
يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا
= عن عبد الله بن الصامت -وقد خالفه
غير واحد كشعبة وحماد بن سلمة ومعمر- على ما هو مبيَّن في التعليق على الحديث
في»مسند أحمد«برقم (٢١٣٢٥) - فرووه عن أبي عمران الجَوْني عن عبد الله بن الصامت،
بإسقاط المشعث من بينهما، وهو من هذا الوجه صحيح، والله تعالى أعلم.
وأخرجه من طريق حماد بن زيدِ أبو
داود (٤٢٦١) عن مسدد، عنه، بهذا الإسناد.
وانظر»مسند أحمد«(٢١٣٢٥)، و»صحيح ابن
حبان«(٥٩٦٠).
الوصيف: العبد، والبيت: قيل: المراد
به القبر، وهو بيان لكثرة الموت حتى تصير القبور غالية لكثرة الحاجة إليها وقلة
الحفارين. وقيل: المراد بالبيت المتعارَف، والمعنى أن البيوت تصير رخيصة لكثرة
الموت وقلة من يسكنها فيُباع البيت بعبدٍ مع أن البيت عادة يكون أكثر قيمةً.
»حجارة الزيت«، قال السندي: موضع
بالمدينة في الحَرَّة، سُمي بها لسواد الحجارة كأنها طُليَت بالزيت، أي: الدم يعلو
حجارةَ الزيت ويسترها لكثرة القتلى.
»الحق بمن أنت منه«أي: بأهلك وعشيرتك
التي خرجت من عندهم، أي: ارجع إليهم.
وقوله:»فيبوء بإثمك وإثمه«قال
في»النهاية": أي: كان عليه عقوبة ذنبه وعقوبة قتل صاحبه، فأضاف الإثم إلى
صاحبه، لأن قتله سبب لإثمه.
قَرَابَتِهِ» فَقَالَ بَعْضُ
الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ،
وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ».
ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: وَايْمُ
اللَّهِ، إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا لِي
وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا
ﷺ، إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ منها كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا (١).
٣٩٦٠
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عُبَيْدٍ
مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ جرْدَانَ (٢) قَالَ: حَدَّثَتْنِي عُدَيْسَةُ بِنْتُ
أُهْبَانَ، قَالَتْ:
لَمَّا جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ هَاهُنَا، الْبَصْرَةَ، دَخَلَ عَلَى أَبِي، فَقَالَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ،
أَلَا تُعِينُنِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَدَعَا
جَارِيَةً لَهُ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، أَخْرِجِي سَيْفِي. قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ،
(١) إسناده صحيح. عوف: هو ابن أبي جمبلة
الأعرابي، والحسن: هو البصري.
وأخرجه ابن المبارك في «مسنده»
(٢٦٥)، وابن أبي شيبة ١٥/ ١٠٥ - ١٠٦، وأحمد في «المسند» (١٩٦٣٦)، والبخاري في
«التاريخ الكبير» ٢/ ١٢، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (١٧)، وأبو نعيم
في «تاريخ أصبهان» ١/ ٢٢٦ من طرق عن الحسن، به- وانظر تتمة تخريجه والتعليق عليه
في «مسند أحمد».
قوله: «هَباء» أي: ناس بمنزلة
الغبار. قاله السندي.
(٢)
كذا في أصولنا الخطية، وعلى حاشية (م): صوابه حرادان. وفي ترجمته من «الجرح
والتعديل» ٥/ ١٠٢: إمام مسجد المسارج ويقال: مسجد جرادان. قال المعلمي اليماني في
حاشيته: وفي (م): حرادان، وكذا جاء في «تعجيل المنفعة». وفي «تهذيب الكمال» ترجمة
(٣٤٠٨): مؤذن مسجد المسارج وهو مسجد عتبة بن غزوان ويعرف بمسجد جرادار، ويقال:
شرادار المسارج.
فَسَلَّ مِنْهُ قَدْرَ شِبْرٍ،
فَإِذَا هُوَ خَشَبٌ، فَقَالَ: إِنَّ خَلِيلِي وَابْنَ عَمِّكَ ﷺ عَهِدَ إِلَيَّ
«إِذَا كَانَتْ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَاتَّخِذُ سَيْفًا مِنْ
خَشَبٍ» فَإِنْ شِئْتَ خَرَجْتُ مَعَكَ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ، وَلَا فِي
سَيْفِكَ (١).
٣٩٦١
- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى
اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ
شُرَحْبِيلَ
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا
كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي
كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ
مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا
خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ،
وَاضْرِبُوا بِسُيُوفِكُمْ الْحِجَارَةَ، فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدِكُمْ،
فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ» (٢).
(١) إسناده حسن.
وأخرجه الترمذي (٢٣٤٩) من طريق
إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، عن عبد الله ابن عبيد، به. وحسّنه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦٧٠).
(٢)
إسناده حسن.
وأخرجه أبو داود (٤٢٥٩) عن مسدَّد،
عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا الترمذي (٢٣٥٠) من
طريق همام بن يحيى، عن محمَّد بن جحادة، به - واقتصر على قوله: «كسِّروا فيها
قسيَّكم ...» إلخ. وحسَّنه.
وأخرجه بنحوه أبو داود (٤٢٦٢) بطوله
من طريق عاصم الأحول، عن أبي كبشة، عن أبي موسى. وأبو كبشة مجهول.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٧٣٠)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٦٢).
وله شواهد مخرجة في «مسند أحمد» عند
الحديثين (١٩٦٦٢) و(١٩٦٦٣). =
٣٩٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ ابْنِ سَلَمَةَ، عَنْ
ثَابِتٍ - أَوْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ، شَكَّ أَبُو بَكْرٍ - عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ
مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ
وَفُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا،
فَاضْرِبْهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ، ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ
يَدٌ خَاطِئَةٌ، أَوْ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ».
فَقَدْ وَقَعَتْ، وَفَعَلْتُ مَا
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (١).
١١
- بَاب
إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا
٣٩٦٣
- حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ صُهَيْبٍ
= قوله: «فليكن كخير ابنَي آدم» أي:
فليستسلم حتى يكون قتيلًا كهابيل ولا يكون قاتلًا كقابيل. قاله العظيم آبادي في
«عون المعبود شرح سنن أبي داود».
(١)
حسن بمجموع طرقه كما هو مبيَّن في التعليق على «مسند أحمد» (١٦٠٢٩) و(١٧٩٧٩). وهذا
إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان فالحديث محفوظ عنه، وذِكرُ ثابت -وهو
البناني- فيه خطأ من أبي بكر بن أبي شبة، فقد رواه أحمد في «مسنده» (١٦٠٢٩) عن
يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، ولم يشك، ورواه أيضًا (١٦٠٣٠) عن
مؤمل بن إسماعيل، و(١٦٠٣١) عن عفان بن مسلم، والطبراني في «الكبير» ١٩/ ٥١٧ من
طريق حجاج ابن منهال، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، دون شك.
وقوله: «يد خاطئة» اسم فاعل من
خَطِئ: إذا تعمد الذنب والإثم، وأطلق اليد وأراد صاحبها كما في قوله تعالى:
﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ [العلق: ١٦] أي: ناصية صاحبها كاذب خاطئ.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا بِأَسْيَافِهِمَا، إِلَّا
كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» (١).
٣٩٦٤
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ،
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ
أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ؛ عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ
وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ،
فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ» (٢).
٣٩٦٥
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ
(١) إسناده ضعيف جدًا، مبارك بن سحيم متروك،
وسويد بن سعيد ضعيف، لكن تابعه علي بن الحسين الدرهمي عند العقيلي في «الضعفاء» ٤/
٢٢٣.
قلنا: ويغني عن هذا الحديث ما بعده
من الأحاديث.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا الحديث من رواية يزيد بن هارون عن سليمان التيمي عن الحسن
البصري، ومن روايته -أي: يزيد- عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن، وانظر
«تحفة الأشراف» للحافظ المزي (٨٩٨٤)، وهذا الإسناد على ثقة رجاله منقطع، فإن الحسن
البصري لم يسمع من أبي موسى الأشعري.
وأخرجه النسائي ٧/ ١٢٤ عن محمَّد بن
إسماعيل بن إبراهيم، عن يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن الحسن، به.
وأخرجه أيضًا ٧/ ١٢٤ - ١٢٥ عن محمَّد
بن إسماعيل، عن يزيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، به.
وأخرجه ٧/ ١٢٥ - ١٢٦ عن مجاهد بن
موسى، عن إسماعيل ابن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٩٦٧٦).
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ
السِّلَاحَ، فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا
صَاحِبَهُ، دَخَلَا جَمِيعًا» (١).
(١) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه مسلم (٢٨٨٨) (١٦)، والنسائي
٧/ ١٢٤ من طريق منصور، به.
وأخرجه البخاري (٣١)، ومسلم (٢٨٨٨)،
وأبو داود (٤٢٦٨)، والنسائي ٧/ ١٢٥ من طريق الحسن البصري، عن الأحنف بن قيس، عن
أبي بكرة، ولفظه: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قلت:
يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال:»إنه كان حريصًا على قتل صاحبه«.
وهو في»مسند أحمد«(٢٠٤٢٤)، و»صحيح
ابن حبان«(٥٩٤٥).
قال الخطابي رحمه الله:
هذا الوعيد لمن قاتل على عداوة
دنيوية أو طلب ملكٍ مثلًا، فأما من قاتل أهل البغي أو دفع الصائل فقُتِلَ فلا يدخل
في هذا الوعيد، لأنه ماذون له في القتال شرعًا.
قال الحافظ في»الفتح«١٣/ ٣٤: وقد
أخرج البزار في حديث القاتل والمقتول في النار زيادة تبين المراد، وهي:»إذا
اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار«. ويؤيده ما أخرجه مسلم (٢٩٠٨)
(٥٦):»لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان، لا يدري القاتل فيمَ قَتَلَ، ولا
المقتول فيمَ قُتِلَ«فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال:»الهرج، القاتل والمقتول في
النار«قال القرطبي: فبين هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب الدنيا أو
اتباع هوى فهو الذي أُريد بقوله:»القاتل والمقتول في النار«.
وقوله:»كان حريصًا على قتل صاحبه«قال
المناوي: معناه جازمًا بذلك مصممًا عليه حال المقاتلة، فلم يقدر على تنفيذه كما
قدر صاحبه القاتل، فكان كالقاتل، لأنه في الباطن قاتل، فكل منهما ظالم معتد، ولا
يلزم من كونهما في النار كونهما في رتبة واحدة، فالقاتل يُعذَّب على القتال
والقتل، والمقتول يُعذب على القتال فقط. وأفاد قوله:»حريصًا«أن العازم على المعصية
يأثم، وأن قَصْدَ كل منهما كان قتل الآخر لا الدفع عن نفسه، حتى لو كان قصد أحدهما
الدفع، ولم يجد منه بُدًَّا إلا بقتله فقتله لم يؤاخذ به، لكونه مأذونًا فيه شرعًا.
وانظر»فيض الباري" للشيخ أنور
الكشميري ١/ ١٢١.
٣٩٦٦ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ السُّدُوسِيِّ،
حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، عَبْدٌ أَذْهَبَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ» (١).
١٢
- بَابُ
كَفِّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ
٣٩٦٧
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ
طَاوُسٍ، عَنْ زِيَادِ سَيْمِينْ كُوشْ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ،
قَتْلَاهَا فِي النَّارِ، اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ» (٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وعبد
الحكم السدوسي -وهو ابن ذكوان- يعتبر به عند المتابعة، ولم يتابَع، وسويد بن سعيد
قد توبع. ثم هو مضطرب الإسناد:
فقد أخرجه الطبراني في «الكبير»
(٧٥٥٩) من طرق عن مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.
وخالف يوسف بن عدي عند القضاعي في
«مسند الشهاب» (١١٢٥) فرواه عن مروان بن معاوية بهذا الإسناد لكن جعله من حديث أبي
هريرة.
ورواه كذلك أبو داود الطيالسي في
«مسنده» (٢٣٩٨)، ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٦٥، والبيهقي في «شعب الإيمان»
(٦٩٣٨) عن عبد الحكم، عن شهر، عن أبي هريرة.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف ليث -وهو ابن أبي سليم- وجهالة زياد سِيمين كوش.
وأخرجه أبو داود (٤٢٦٥)، والترمذي
(٢٣١٩) من طريق ليث بن أبي سليم، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٦٩٨٠).
قوله: «تستنظف العرب» أي: تستوعبهم
هلاكًا.
٣٩٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ
الْبَيْلَمَانِيِّ (١)، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالْفِتَنَ، فَإِنَّ اللِّسَانَ فِيهَا مِثْلُ
وَقْعِ السَّيْفِ» (٢).
٣٩٦٩
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو،
حَدَّثَنِي أَبِي
عَنْ أَبِيهِ عَلْقَمَةَ بْنِ
وَقَّاصٍ، قَالَ: مَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَهُ شَرَفٌ، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ: إِنَّ
لَكَ رَحِمًا، وَإِنَّ لَكَ حَقًّا، وَإِنِّي رَأَيْتُكَ تَدْخُلُ عَلَى هَؤُلَاءِ
الْأُمَرَاءِ، وَتَتَكَلَّمُ عِنْدَهُمْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَتَكَلَّمَ
بِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ، صَاحِبَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ
بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ،
فَيَكْتُبُ اللَّهُ عز وجل لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ، مَا يَظُنُّ
أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ بِهَا سُخْطَهُ
إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» (٣).
(١) في المطبوع: محمَّد بن عبد الرحمن بن
البيلماني.
(٢)
إسناده ضعيف جدًا، محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني متفق على تركه، ومحمد بن
الحارث -وهو ابن زياد بن الربيع الحارثي -وهو ضعيف.
وأخرجه ابن عدي. في ترجمة محمَّد بن
الحارث من «الكامل»٦/ ٢١٨٦ من طريق محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد.
(٣)
صحيح لغيره، عمرو والد محمَّد -وهو عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي- لم يرو عنه غير
ابنه محمَّد، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وباقي رجال الإسناد ثقات غير
محمَّد بن عمرو فإنه صدوق حسن الحديث. =
قَالَ عَلْقَمَةُ: فَانْظُرْ
وَيْحَكَ مَاذَا تَقُولُ، وَمَاذَا تَكَلَّمُ بِهِ، فَرُبَّ كَلَامٍ قَدْ
مَنَعَنِي أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ.
٣٩٧٠
- حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ
الصَّيْدَلَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْطِ
اللَّهِ، لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا، فَيَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ
خَرِيفًا» (١).
= وأخرجه الترمذي (٢٤٧٢) من طريق عبدة
بن سليمان، عن محمَّد بن عمرو، به. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٨٥٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٨٠) و(٢٨١).
وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة
عند البخاري (٦٤٧٨)، وهو في «مسند أحمد» برقم (٨٤١١)، فانظر تمام تخريجه والكلام
عليه هناك. وانظر الحديث التالي عند المصنف.
قوله: «بالكلمة من رضوان الله» أي:
من الكلمات التي تكون سببًا لرضوان الله تعالى. قاله السندي.
وقال ابن عبد البر: الكلمة التي يهوي
بها صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند السلطان الجائر، وزاد ابن بطال:
بالبغي أو بالسعي على المسلم فتكون سببًا لهلاكه، وان لم يرد القائل ذلك، لكن ربما
أدت إلى ذلك، فيكتب على القائل إثمها.
والكلمة التي ترفع الدرجات، ويكتب
بها الرضوان: هي التي يدفع بها عن المسلم مَظلِمة، أو يفرج بها عنه كربة، أو ينصر
بها مظلومًا.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن إسحاق، وهو -وإن كان مدلسًا- قد صرَّح
بسماعه عند غير المصنف. وقد اختلف عليه في إسناده، فرواه عنه محمَّد بن سلمة
الحراني على هذا الوجه عند المصنف من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة.
=
٣٩٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ،
فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ» (١).
٣٩٧٢
- حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ
مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ،
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاعِزٍ
الْعَامِرِيِّ
= وخالفه محمَّد بن أبي عدي عند أحمد
(٧٢١٥)، والترمذي (٢٤٦٧)، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن حبان (٥٧٠٦)، ويزيد
بن هارون عند الحاكم ٤/ ٥٩٧، فرووه عن ابن إسحاق، عن محمَّد بن إبراهيم -وهو ابن
الحارث التيمي- عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة. وهو المحفوظ.
فقد رواه هكذا أيضًا يزيد بن الهاد
-وهو ثقة من رجال الشيخين- عن محمَّد ابن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة.
أخرجه من هذا الوجه البخاري (٦٤٧٧)، ومسلم (٢٩٨٨)، ولفظه حديثه: «يهوي بها في
النار أبعدَ ما بين المشرق والمغرب».
وأخرجه بنحوه البخاري (٦٤٧٨) من طريق
عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
(١)
إسناده صحيح. أبو بكر: هو ابن أبي شيبة، وأبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي،
وأبو حَصين: هو عمان بن عاصم الأسدي، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.
وأخرجه البخاري (٦٠١٨)، ومسلم (٤٧)
(٧٥) و(٧٦) من طريق أبي صالح، وأخرجه البخاري (٦١٣٨) و(٦٤٧٥)، ومسلم (٤٧) (٧٤)،
وأبو داود (٥١٥٤)، والترمذي (٢٦٦٨)، والنسائي في «الكبرى» (١١٧٨٢) من طريق أبي
سلمة، والنسائي (١١٧٨٣) من طريق سعيد المقبري، كلاهما عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٩٩٦٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٠٦).
أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
الثَّقَفِيَّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ
بِهِ. قَالَ: «قُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَقِمْ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، مَا أَكْثَرُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلِسَانِ
نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا» (١).
٣٩٧٣
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ مَعْمَرٍ،
عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النُّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ
وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ
يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ. قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيمًا،
وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا
تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ
رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ» ثُمَّ قال: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ
الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا
يُطْفِئُ النَّارَ الْمَاءُ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ من جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ
قَرَأَ:
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن
عبد الرحمن بن ماعز -وقد اختلف في اسمه- روى عنه جمع وذكره ابن حيان في «الثقات»،
وهو متابَع.
وأخرجه الترمذي (٢٥٧٤)، والنسائي في
«الكبرى» (١١٧٧٦ - ١١٧٧٨) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه النسائي أيضًا (١١٤٢٥)
و(١١٤٢٦) من طريق يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن سفيان الثقفي، عن أبيه.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤١٧)
و(١٥٤١٨)، و«صحيح ابن حبان» (٥٧٠٠).
وأخرج الشطر الأول منه دون قصة
اللسان: مسلم (٣٨) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن سفيان بن عبد الله الثقفي-
بلفظ: «قل: آمنت بالله، ثم استقم». قوله: «ثم استقم» أي: على التوحيد ومقتضى
الإيمان بالله عز وجل.
﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ﴾
حَتَّى بَلَغَ ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٦ - ١٧]، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا
أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ الْجِهَادُ»،
ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» قُلْتُ: بَلَى.
فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: «تَكُفُّ (١) عَلَيْكَ هَذَا» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ
اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ
أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ
إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!» (٢).
(١) في (ذ) و(م): فكُفَّ.
(٢)
حديث صحيح بطرقه وشواهده على ما هو مفصَّل في التعليق على الحديث في «مسند أحمد»
برقم (٢٢٠١٦). وهذا الإسناد منقطع، فإن أبا وائل -وهو شقيق ابن سلمة- لم يسمع من
معاذ بن جبل، وعاصم بن أبي النجود صدوق حسن الحديث.
وأخرجه الترمذي (٢٨٠٤)، والنسائي في
«الكبرى» (١١٣٣٥) من طريق معمر، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٠١٦).
قال السندي: قوله: «الصوم جُنة» أي:
ستر من النار والمعاصي المؤدية إليها. «وذروة سنامه» السَّنام- بالفتح- ما ارتفع
من ظَهر الجمل، وذروته- بالضم والكسر-: أعلاه، أي: هو للدين بمنزلة ذروة السنام
للجمل في العلوِّ والارتفاع، وقد جاء بيان هذا بأن رأسَ الأمر الإسلامُ، أي:
الإتيان بالشهادتين، وعمودُه الصلاة، وذروة سَنامه الجهاد، لكن في رواية المصنف
وقع الاختصار.
«بمِلاك ذلك» المِلاك: بكسر الميم،
وفتحُها لغة، والرواية الكسر، أي: به يملك الإنسانُ ذلك كُلَّه بحيث يسهل عليه
جميعُ ما ذُكر.
«تكف» أي: تحمي وتحفظ.
«ثَكِلتك» بكسر الكاف، أي: فَقَدَتك،
وهو دعاء عليه بالموت ظاهرًا، والمقصود التعجب من الغفلة عن مثل هذا الأمر.
٣٩٧٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِّيُّ، سَمِعْتُ سَعِيدَ
بْنَ حَسَّانَ الْمَخْزُومِيَّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ صَالِحٍ، عَنْ صَفِيَّةَ
ابِنْة شَيْبَةَ
عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ
النَّبِيِّ ﷺ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَلَامُ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ،
إِلَّا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَذِكْرَ اللَّهِ عز
وجل» (١).
٣٩٧٥
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي
الشَّعْثَاءِ، قَالَ:
قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا
نَدْخُلُ عَلَى أُمَرَائِنَا فَنَقُولُ الْقَوْلَ، فَإِذَا خَرَجْنَا قُلْنَا
غَيْرَهُ! قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
النِّفَاقَ (٢).
٣٩٧٦
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ،
عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوَيلَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ
(١) إسناده ضعيف لجهالة أم صالح.
وأخرجه الترمذي (٢٥٧٧) عن محمَّد بن
بشار وغيره، عن محمَّد بن يزيد بن خنيس، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب.
(٢)
إسناده صحيح. يعلى: هو ابن عبيد الطَّنافسي، والأعمش: اسمه سليمان ابن مِهران،
وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وأبو الشعثاء: هو سُليم بن أسود المحاربي.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٨٧٠٦)
من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٥٨٢٩) عن يعلى
بن عبيد، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (٧١٧٨) من طريق
عاصم بن محمَّد بن زيد بن عبد الله ابن عمر، عن أبيه: قال أناس لابن عمر ... فذكره.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»
(١).
١٣
- بَابُ
الْعُزْلَةِ
٣٩٧٧
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي
أَبِي، عَنْ بَعَجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ
بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ
هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ، يَبْتَغِي الْمَوْتَ والْقَتْلَ مَظَانَّهُ،
وَرَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَافِ، أَوْ بَطْنِ
وَادٍ مِنْ هَذِهِ
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف قرة بن
عبد الرحمن بن حيوئيل.
وأخرجه الترمذي (٢٤٧٠) من طريق
إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وصححه ابن حبان (٢٢٩).
وقد خولف قرةُ على الزهري، فقد رواه
مالك في»الموطأ«٣/ ٩٦ ومن طريقه أخرجه الترمذي (٢٤٧١)، عن الزهري، عن علي بن
الحسين، عن النبي ﷺ مرسلًا.
ورواه أحمد (١٧٣٧) عن عبد الله بن
عمر العمري، عن ابن شهاب الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي رضي
الله عنه، عن النبي ﷺ، موصولًا. والعمري ضعيف.
وفي الباب عن زيد بن ثابت عند
الطبراني في»الصغير«(٨٨٤)، والقضاعي في»مسند الشهاب«(١٩١)، وعن علي بن أبي طالب
عند الحاكم في»تاريخ نيسابور«، وعن الحارث بن هشام المخزومي عند ابن عساكر
في»تاريخ دمشق«، ذكرهما السيوطي في»الجامع الصغير«. فالحديث حسن بمجموع هذه الشواهد.
وانظر»مسند أحمد" (١٧٣٢).
الْأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلَاةَ،
وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ، لَيْسَ
مِنْ النَّاسِ إِلَّا فِي خَيْرٍ» (١).
٣٩٧٨
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الزَّبِيدِيُّ، حَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:
«رَجُلٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ امْرُؤٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ، يَعْبُدُ اللَّهَ عز وجل،
وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ» (٢).
(١) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار.
وأخرجه مسلم (١٨٨٩)، والنسائي في
«الكبرى» (٨٧٧٩) و(١١٢١٣) من طريق بعجة بن عبد الله، به.
وهو في «مسند أحمد» (٩٧٢٣).
قال السندي: قوله: «خير معايش الناس
لهم» المعال«: جمع مَعِيشة، بمعنى الحياة، والمراد أن الحياة التي هي خيرٌ للناس
هي هذا الرجل»ممسك بعِنان فرسه«أي: ملازم له كثير الركوب عليه للحرب والجهاد، وليس
المراد الدوام على ظهر الفرس إذ لا بدَّ من النزول.
»يطير«أي: يجري.
»متنه«أي: ظهره.
»هيعة«أي: صوتًا يفزع منه.
»شَعَفة": رأس الجبل.
(٢)
حديث صحيح، هشام بن عمار قد توبع ومن فوقه ثقات. الزُبيدي: هو محمَّد بن الوليد.
وأخرجه البخاري (٢٧٨٦)، ومسلم
(١٨٨٨)، وأبو داود (٢٤٨٥)، والترمذي (١٧٥٥)، والنسائي ٦/ ١١ من طريق الزهري، به.
٣٩٧٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ
يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو
إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ
إنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ
الْيَمَانِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ
جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ:»هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، يَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَتِنَا«قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟
قَالَ:»فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ«. قلت: فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ! قال: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ
كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ
وَأَنْتَ كَذَلِكَ» (١).
٣٩٨٠
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بن عبد الرحمن الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ
مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ
الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ» (٢).
= وهو في «مسند أحمد» (١١١٢٥)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٠٦) و(٤٥٩٩).
الشَّعب: الطريق في الجبل.
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٦٠٦) و(٧٠٨٤)،
ومسلم (١٨٤٧) (٥١) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وانظر «مسند أحمد» (٢٣٢٨٢).
(٢)
إسناده صحيح على قلبِ في اسم أحد رواته، وهو عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري،
والصواب: عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري، وقد أشار إلى هذا =
٣٩٨١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ
بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدِّمِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
قُرْطٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَكُونُ فِتَنٌ، عَلَى أَبْوَابِهَا دُعَاةٌ
إِلَى النَّارِ، فَأَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ، خَيْرٌ
لَكَ مِنْ أَنْ تَتْبَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ» (١).
٣٩٨٢
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ،
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ
مَرَّتَيْنِ» (٢).
= الصواب الإمام أحمد في «مسنده» بإثر
الحديث (١١٠٣١)، والحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (٤١٠٣)، والحافظ ابن حجر في
«أطراف المسند» ٦/ ٢٦٤.
وأخرجه البخاري (١٩)، وأبو داود
(٤٢٦٧)، والنسائي ٨/ ١٢٣ - ١٢٤ من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة
الأنصاري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري.
وهو في «مسند أحمد» (١١٠٣٢)
و(١١٢٥٤)، و«صحيح ابن حبان» (٥٩٥٥).
قوله: «شَعَف الجبال» أي: رؤوسها.
(١)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن قُرْط، وقد توبع. أبو عامر
الخزاز: هو صالح بن رستم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٩٧٩)
عن أحمد بن حرب، عن سعيد بن عامر، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أبو داود (٤٣٤٦)،
والنسائي (٧٩٧٨) من طريق نصر بن عاصم الليثي، عن خالد بن خالد اليشكري، عن حذيفة.
قوله: «جذل شجرة» أي: أصل شجرة.
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن الحارث المصري شيخ المصنف صدوق حسن الحديث،
وقد توبع، ومن فوقه ثقات. عُقيل: هو ابن خالد. =
٣٩٨٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ
بْنُ صَالِحٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» (١).
١٤
- بَابُ
الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ
٣٩٨٤
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي
زَائِدَةَ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ
يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَهْوَى بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ،
= وأخرجه البخاري (٦١٣٣)، ومسلم
(٢٩٩٨)، وأبو داود (٤٨٦٢) عن قتية ابن سعيد، عن ليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (٢٩٩٨) من طريق ابن أخي
ابن شهاب، عن عمه، به.
وهو في»مسند أحمد«(٨٩٢٨)، و»صحيح ابن
حبان«(٦٦٣).
قوله:»لا يُلدغ«قال الحافظ ابن حجر
في»الفتح«١٥/ ٥٣٠: قال الخطابي: هذا لفظه خبرٌ، ومعناه أمرٌ، أي: ليكن المؤمن
حازمًا حذرًا، لا يُؤتى من ناحية الغفلة فيُخدَع مرة بعد أخرى، وقد يكون ذلك في
أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاهما بالحذر.
(١)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف زمعة بن صالح، سالم: هو ابن عبد الله بن عمر.
وأخرجه الطيالسي (١٨١٣)، وأحمد
في»المسند«(٥٩٦٤)، وعبد بن حميد (٧٣٥)، وابن عدي في»الكامل«٣/ ١٠٨٥ و١٤/ ٣٨٣،
والطبراني في»الكبير" (١٣١٣٨) من طريق زمعة بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي أيضًا من طريق صالح
بن أبي الأخضر، عن الزهري، به - وصالح ضعيف.
وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا
يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ
لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ،
كَالرَّاعِي (١) حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ
لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا، وَإِنَّ
فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا
فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (٢).
٣٩٨٥
- حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ
مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ الْمُعَلَّى ابْنِ
زِيَادٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ، كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» (٣).
١٥
- بَابٌ:
بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا
٣٩٨٦
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
قَالُوا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
(١) زاد في المطبوع: يرعى.
(٢)
إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل.
وأخرجه البخاري (٢٠٥١)، ومسلم
(١٥٩٩)، وأبو داود (٣٣٢٩) و(٣٣٣٠)، والترمذي (١٢٤٥) و(١٢٤٦)، والنسائي ٧/ ٢٤١ و٨/
٣٢٧ من طرق عن الشعبي، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٣٤٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٧٢١).
(٣)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٩٤٨)، والترمذي (٢٣٤٧)
من طريق المعلى بن زياد، به. وقال الترمذي: حديث صحيح غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٢٩٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٥٧).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا،
فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» (١).
٣٩٨٧
- حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخبَرنَا عَمْرُو ابْنُ الْحَارِثِ،
وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ
غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ«(٢).
٣٩٨٨
- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ،
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
أَبِي الْأَحْوَصِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا،
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يزيد
بن كيسان، وهو متابع.
وأخرجه مسلم (١٤٥) من طريق مروان بن
معاوية الفَزاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٩٠٥٤)، والطحاوي في
«شرح مشكل الآثار» (٦٩١) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقة، عن أبي
هريرة. وإسناده صحيح عند الطحاوي.
قال ابن الأثير في «النهاية»: كان
الإسلام في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل عنده، لقلة المسلمين يومئذِ،
وسيعود غريبا كما كان، أي: يقل المسلمون في آخر الزمان، فيصيرون كالغرباء، فطوبى
للغرباء، أي: الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أول الإسلام، ويكونون في آخره،
وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولًا وآخرًا، ولزومهم دين الإسلام.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. سنان بن سعد -ويقال: سعد بن سنان- ضعيف
يعتبر به في المتابعات والشواهد.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار»
(٦٩٠)، والطبراني في «الأوسط» (١٩٢٥) من طريق يزيد بن أبي حبيب، به.
وَسَيَعُودُ غَرِيبًا، فَطُوبَى
لِلْغُرَبَاءِ». قَالَ: قِيلَ: وَمَنْ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: النُّزَّاعُ مِنْ
الْقَبَائِلِ (١).
١٦
- بَابُ
مَنْ تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ مِنْ الْفِتَنِ
٣٩٨٩
- حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عِيسَى
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ:
أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ
جَبَلٍ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟
قَالَ: يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَإِنَّ مَنْ عَادَى
لِلَّهِ وَلِيًّا، فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ، إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ، الَّذِينَ إِذَا غَابُوا
لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا،
قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ»
(٢).
(١) حديث صحيح. سفيان بن وكيع -وهو ابن
الجراح- متابع. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله
السبيعي، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه الترمذي (٢٨١٧) عن أبي كريب
محمَّد بن العلاء، عن حفص، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧٨٤).
وقوله: النزاع من القبائل -قال ابن
الأثير: جمع منازع ونزيع: وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته، أي: بعد وغاب،
وقيل: لأنه ينزع إلى وطنه، أي: ينجذب إليه ويميل، والمراد الأول، أي: طوبى
للمهاجرين الذين هجروا أوطانهم في الله تعالى.
(٢)
إسناده ضعيف جدًا. عيسى بن عبد الرحمن -وهو ابن فروة الزُّرَقي- متروك الحديث.
=
٣٩٩٠ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا
زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «النَّاسُ كَإِبِلِ مِئَةٍ، لَا تَكَادُ تَجِدُ
فِيهَا رَاحِلَةً» (١).
= وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الأولياء»
(٦)، وفي «التواضع والخمول» (٨)، والطحاوي في «شرح مثسكل الآثار» (١٧٩٨)،
والطبراني في «الكبير» ٢٠/ (٣٢١)، والحاكم ٤/ ٣٢٨، وتمام الرازي في «فوائده»
(١٦٧٣)، وأبو نعيم في «الحلية» ١/ ٥، والبيهقي في «الشُعب» (٦٨١٢) من طريق نافع بن
يزيد، عن عياش بن عباس القِتباني، عن عيسى بن عبد الرحمن، به.
وأخرجه الطحاوي في «شرح المشكل»
(١٧٩٩)، والطبراني ٢٠/ (٣٢٢)، والحاكم ١/ ٤، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٤٩٩
- ٥٠٠ من طريق الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن زيد بن أسلم، به. ولم يذكر في
إسناده عيسى بن عبد الرحمن. وعياش بن عباس لا يُعرف بتدليس، وزيد بن أسلم مات بعده
بثلاث سنين. والليث أثبت من نافع بن يزيد، فإن ثبت سماع عياش لهذا الحديث من زيد،
فالإسناد صحيح.
(١)
حديث صحيح. هشام بن عمار متابع.
وهو في «مسند أحمد» (٦٢٣٧) عن عبد
الرحمن بن مهدي، عن زهير بن محمَّد، عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه البخاري (٦٤٩٨)، ومسلم
(٢٥٤٧)، والترمذي (٣٠٨٨) و(٣٠٨٩) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وقال
الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٤٥١٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٧٩٧).
قال الحافظ في «الفتح» ١١/ ٣٣٥:
المعنى: لا تجد في مئة إبلٍ راحلة تصلح للركوب، لأن الذي يصلح ينبغي أن يكون
وطيئًا، سهل الانقياد، وكذا لا تجِدُ في مئة من الناس مَنْ يصلُحُ للصحبة، بأن
يُعاون رفيقَه، ويُلين جانبه. والرواية بإثبات: «لا تكاد» أولى، لما فيها من زيادة
المعنى ومطابقة الواقع، وإن كان معنى الأول =
١٧ - بَابُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ
٣٩٩١
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحْمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ
أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» (١).
٣٩٩٢
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ
يُوسُفَ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ
فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَافْتَرَقَتْ
النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي
النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،
لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي
= يرجع إلى ذلك، ويُحمل النفيُ المطلقُ
على المبالغة، وعلى أن النادر لا حُكم له ... وقال القرطبي: الذي يناسب التمثيل أن
الرجلَ الجواد الذي يحملُ أثقال الناس والحَمالات عنهم، ويكشف كربهم عزيز الوجرد،
كالراحلة في الإبل الكثيرة، وقال ابن بطال: معى الحديث أن الناس كثير، والمُرضي
منهم قليل، وإلى هذا المعنى أومأ البخاري بإدخاله في باب رفع الأمانة، لأن مَن»أنت
هذه صفتَه، فالاختيارُ عدمُ معاشرته.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- فهو
صدوق حسن الحديث. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه أبو داود (٤٥٩٦)، والترمذي
(٢٨٣١) من طريق محمَّد بن عمرو، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣٩٦)، وابن
حبان (٦٢٤٧) و(٦٧٣١).
وانظر شواهده عند الحديث الذي يليه.
عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً،
فوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ» قِيلَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْجَمَاعَةُ» (١).
(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد إنفرد به عباد بن
يوسف -وهو الكِنْدي الحمصي- قال ابن عدي: روى عن صفوان بن عمرو وغيره أحاديث ينفرد
بها.
وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة»
(٦٣)، والطبراني في «الكبير» ١٨/ (١٢٩)، وفي «الشاميين» (٩٨٨) من طرق عن عباد بن
يوسف، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٨/
(٩١) من طريق جبير بن نفير، عن عوف ابن مالك: وفيه مجاهيل وضعفاء.
وفي الباب عن أنس بن مالك سيأتي
بعده، وهو حديث صحيح.
وعن معاوية بن أبي سفيان عند أحمد
(١٦٩٣٧)، وأبي داود (٤٥٩٧) وإسناده حسن.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند
الترمذي (٢٨٣٢)، وقال: حديث حسن غريب مفسَّر.
وعن أبي أمامة عند ابن أبي شيبة ١٥/
٣٠٧ - ٣٠٨، والحارث بن أبي أسامة (٧٠٦ - زوائده)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٦٨)،
ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (٥٥)، والطبراني في «الكبير» (٨٥٣٥) و(٨٠٥١ -
٨٠٥٤)، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (١٥١) و(١٥٢)، والبيهقي ٨/ ١٨٨. وإسناده
حسن في الشواهد.
وقد اختلَفَ أهلُ العلم في قوله ﷺ في
الحديث: «فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة» بين مصحح ومضعف. فصححه الحاكم
في «المستدرك»، وكذلك ابن تيمية في «الفتاوى» ٣/ ٣٤٥ فقال: حديث صحيح مشهور، وقال
ابن كثير في «تفسيره» عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود: ١١٨]: حديث مروي في المسانيد والسنن من طرق
يشدُّ بعضها بعضًا.
وصححه كذلك العراقي في «تخريج أحاديث
الإحياء» ٤/ ١٨٧٩ فقال: أسانيدها جياد، وقال أبو إسحاق الشاطبي في «الاعتصام» ٢/
٢٢٠ وقد عين هذه الفرق وعدَّدها: وهذا التعديد بحسب ما أعطته المُنَّة في تكلف
المطابقة للحديث الصحيح. وصححه كذلك محمَّد بن إسماعيل الصنعاني في رسالته «افتراق
الأمة» ص ٩٤ - ٩٥. =
٣٩٩٣ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى
وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ
وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ»
(١).
٣٩٩٤
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ
= وضعف الإمام محمَّد بن إبراهيم
الوزير في «العواصم والقواصم» ١/ ١٨٦ زيادة كلها في النار إلا واحدة فقال: «إياك
والاغترار بـ»كلها هالكة، إلا واحدة«فإنها زيادة فاسدة، غير صحيحة القاعدة لا
يُؤمن أن تكون من دسيس الملاحدة. ونقل بعد ذلك ٣/ ١٧٢ عن ابن حزم أنه حكم على هذه
الزيادة بالوضع. قلت: لم أجد ذلك في كتبه، لكن جاء في»الفصل في الملل والأهواء
والنحل«٣/ ١٣٨ قوله: ذكروا حديثًا عن رسول الله ﷺ أن القدرية والمرجئة مجوس هذه
الأمة، وحديثا آخر:»تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، كلها في النار حاش
واحدة، فهي في الجنة«، فقال: هذان حديثان لا يصحان من طريق الإسناد.
وضعف هذه الزيادة أيضًا تبعًا لهما
الشوكاني في»فتح القدير«٢/ ٣٧٥، فقال: زيادة لا تصح لا مرفوعة ولا موقوفة.
(١)
حديث صحيح. هشام بن عمار متابع.
وأخرجه ابن أبي عاصم في»السنة«(٦٤)
ومن طريقه الضياء المقدسي في»المختارة" (٢٥٠٠) عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه الضياء المقدسي (٢٤٩٩) من
طريق أبي عامر موسى بن عامر بن خريم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهذا إسناد
حسن.
وأخرجه أحمد (١٢٢٠٨) من طريق زياد بن
عبد الله النميري، عن أنس. والنميري ضعيف.
وانظر تمام تخريجه وبيان طرقه عند
أحمد.
ويشهد له حديث عوف بن مالك السالف
قبله، وانظر تمام شواهده عنده.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:»لَتَتَّبِعُنَّ سُنَّة مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، بَاعًا بِبَاعٍ،
وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، وَشِبْرًا بِشِبْرٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ
لَدَخَلْتُمْ فِيهِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟
قَالَ: «فَمَنْ إِذًا؟» (١).
١٨
- بَابُ
فِتْنَةِ الْمَالِ
٣٩٩٥
- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ
الْمِصْرِيُّ، أَخبَرنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: «لَا،
وَاللَّهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ- إِلَّا مَا يُخْرِجُ
اللَّهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَاعَةً،
ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: قُلْتُ: وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ
بِالشَّرِّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا
بِخَيْرٍ، أَوَ خَيْرٌ هُوَ؟ إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ
حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا
امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ
اجْتَرَّتْ، فَعَادَتْ فَأَكَلَتْ، فَمَنْ يَأْخُذُ
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد
بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي-.
وهو في»مسند أحمد«(٩٨١٩) عن يزيد بن
هارون.
وأخرجه البخاري (٧٣١٩) من طريق سعيد
المقبري، عن أبي هريرة.
»السُنة": هي الطريق، قال
النووي: والمراد بالشبر والذراع وجُحْر الضب التمثيل بشدة الموافقة في المعاصي
والمخالفات لا في الكفر.
مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكُ لَهُ،
وَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ
وَلَا يَشْبَعُ» (١).
٣٩٩٦
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ
الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخبَرنَا عَمْرُو بْنُ
الْحَارِثِ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رَبَاحٍ
حَدَّثَهُ
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٠٥٢) من طريقين عن
الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٢٢٦).
وأخرجه البخاري (٦٤٢٧) من طريق عطاء
بن يسار، عن أبي سعيد الخدري.
قوله: يقتل حبطًا. قال الأصمعي:
الحبط: هو أن تأكل الدابة فتكثر حتى تنتفخ بطنها وتمرض، يقال: حَبَطَت تَحْبَط
حبطًا، قال أبو عُبيد: قوله: أو تُلِمُ: يعني يقرب من ذلك.
قال الأزهري: فيه مثلان ضرب أحدهما
للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها.
فأما قوله: «وإن مما ينبت الربيع ما
يقتل حبطًا» فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيع ينبت أحرار
العشب، فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما قد جاوزت حق الاحتمال، فتنشق
أمعاؤها فتهلِك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حِلِّها، ويمنع ذا الحق حقه يَهلِكُ
في الآخرة بدخول النار.
وأما مَثَلُ المقتصد، فقوله ﷺ: «إلا
آكلة الخضر» وذلك أن الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع، فتستكثر منها
الماشية، ولكنها من كلأ الصيف التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول شيئًا فشيئًا من
غير استكثار، فضرب مثلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير
حقها، فهو ينجو من وبالها. وقوله: «استقبلت الشمس ...» أراد أنها إذا شبعت بركت
مستقبلة الشمس تجتر وتستمرئ بذلك ما أكلت، فإذا ثلطت زال عنها الحَبَطُ وإنما تحبط
الماشية إذا كانت لا تثلط ولا تبول. قال الخطابي: وجعل ما يكون من ثلطِها وبولها
مثلًا لإخراج ما يكسبه من المال في الحقوق.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ
خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ، أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟» قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عَوْفٍ: نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«أَوَغَيْرَ ذَلِكَ، تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ
ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ
الْمُهَاجِرِينَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ» (١).
٣٩٩٧
- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ
مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ
عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ
حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى
الْبَحْرَيْنِ، يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ
الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ
أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ
أبي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا
عُبَيْدَةَ
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٩٦٢) عن عمرو بن
سوَّاد، بهذا الإسناد.
وهو في»صحيح ابن حبان«(٦٦٨٨).
قال النووي في»شرح مسلم" ١٨/
٧٦: قال العلماء: التنافس إلى الشيء: المسابقة إليه، وكراهة أخذ غيرك إياه، وهو
أول درجات الحسد، وأما الحسد، فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها، والتدابر: التقاطع
وقد بقي مع التدابر شيء من المودة، أو لا يكون مودة وبُغض، وأما التباغض فهو بعد
هذا، ولهذا رتبت في الحديث.
قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنْ
الْبَحْرَيْنِ؟» قَالُوا: أَجَلْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَبْشِرُوا
وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ،
وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا
بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا،
فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» (١).
١٩
- بَابُ
فِتْنَةِ النِّسَاءِ
٣٩٩٨
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ
الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ (ح)
وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ،
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَدَعُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ
مِنْ النِّسَاءِ» (٢).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣١٥٨) و(٤٠١٥)
و(٦٤٢٥)، ومسلم (٢٩٦١)، والترمذي (٢٦٣٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٧١٣) و(٨٧١٤) من
طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٢٣٤).
وقوله: فتنافسوها«بفتح التاء والأصل
فتتنافسوها، فحذفت إحدى التائين، والتنافس من المنافسة، وهي هنا الرغبة في الشيء،
ومحبة الانفراد به والمغالبة عليه.
قال ابن بطال: فيه أن زهرة الدنيا
ينبغي لمن فُتِحَتْ عليه أن يحذر من سوء عاقبتها وشر فتنتها، فلا يطمئن إلى
زخرفها، ولا ينافس غيره فيها.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٥٠٩٦)، ومسلم
(٢٧٤٠)، والترمذي (٢٩٨٥)، والنسائي في»الكبرى" (٩١٠٨) و(٩٢٢٥) من طرق عن
سليمان التيمي، بهذا الإسناد. =
٣٩٩٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ خَارِجَةَ
بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ: وَيْلٌ
لِلرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ، وَوَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ» (١).
= وهو في «مسند أحمد» (٢١٧٤٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٥٩٦٧).
قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله
تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [آل عمران: ١٤]: يخبر تعالى عما زين للناس في هذه
الحياة من أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أسيد كما
ثبت في الصحيح أنه عليه السلام قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء»
فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب فيه، مندوب إليه،
كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والإكثار منه و«إن خير هذه الأمة كان
أكثرها نساء» وقوله عليه السلام: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة، إن نظر
إليها سرته، وان أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله» وقوله:
«حُبِّبَ إلي النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة».
وقال الحافظ في «الفتح» ٩/ ١٣٨: وفي
الحديث أن الفتنة بالنساء أشدُّ من الفتنة بغيرهن، ويشهد له قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ
لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾ فجعلهن من حب الشهوات، وبدأ بهن
قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك ... وغير الصالحة منهن تحمل الرجل
على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين كشغله عن طلب أمور الدين، وحمله على التهالك
على طلب الدنيا، وذلك أشد الفساد.
وقال علي القاري في «شرح المشكاة» ٣/
٤٠٤ تعليقًا على قوله: «أضر على الرجال من النساء»: لأن الطباع كثيرًا تميل إليهن،
وتقع في الحرام لأجلهن، وتسعى للقتال والعداوة بسببهن، وأقل ذلك أن تُرَغِّبه في
الدنيا وتطلب منه الانهماك فيها، والتماس الرزق من غير حله، وأيُّ فساد أضرُّ من
هذا؟.
(١)
إسناده شديد الضعف. خارجة بن مصعب قال الحافظ في «التقريب»: متروك وكان يُدلس عن
الكذابين. =
٤٠٠٠ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى
اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ
بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَامَ خَطِيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ
حُلْوَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَنَاظِرٌ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ، أَلَا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ» (١).
٤٠٠١
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ
مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ
بْنِ الزُّبَيْرِ
= وأخرجه عبد بن حميد (٩٦٣)، والحاكم
٢/ ١٥٩ و٤/ ٥٥٩ من طريق خارجة ابن مصعب بهذا الإسناد، وقد ضعفه الذهبي في مختصره
في الموضعين.
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، وهو متابع. أبو نضرة: هو
المنذر بن مالك بن قطعة العبدي.
وأخرجه مسلم (٢٧٤٢) والنسائي في
«الكبرى» (٩٢٢٤) من طريق أبي مسلم (هو سعيد بن يزيد الأزدي) عن أبي نضرة، به.
وهو في «مسند أحمد» (١١١٦٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٣٢٢١).
وقوله:«خَضِرَة» هو بفتح الخاء وكسر
الضاد، أي: طيبة ومُزَينَة في عيونكم وقلوبكم، قال القاري في «شرح المشكاة» ٣/ ٤٠٤
وإنما وصفها بالخضِرَة، لأن العرب تسمي الشيء الناعم خضرًا أو لتشبهها بالخضراوات
في سرعة زوالها، وقد زين الله لكم الدنيا ابتلاء: هل تتصرفون فيها كما يحب ويرضى،
أو تسخطونه وتتصرفون فيها بغير ما يحب ويرضى.
وقوله: «فاتقوا الدنيا» أي: احذروا
من الاغترار بما فيها من الجاه والمال، فإنها في وشك الزوال، واقنعوا فيها بما
يعينكم على حسن المآل.
وقوله: «واتقوا النساء» أي: احذروهن
بأن تميلوا إلى المنهيات بسببهن، وتقعوا في فتنة الدين لأجل الافتنان بهن.
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَيْنَمَا
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْ
مُزَيْنَةَ تَرْفُلُ فِي زِينَةٍ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ
فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ
نِسَاؤُهُمْ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرْنَ فِي الْمَسَاجِدِ» (١).
٤٠٠٢
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مَوْلَى
أَبِي رُهْمٍ، اسْمُهُ عُبَيْدٌ
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَقِيَ
امْرَأَةً مُتَطَيِّبَةً تُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ،
أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ قَالَتْ: الْمَسْجِدَ، قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ:
نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ
تَطَيَّبَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ
حَتَّى تَغْتَسِلَ» (٢).
(١) إسناده ضعيف. موس بن عُبيدة -وهو الربذي-
ضعيف، وشيخه داود ابن مدرك مجهول.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (١٠٦٦)
من طريق زيد بن الحباب، عن داود ابن مُدرك، بهذا الإسناد.
(٢)
إسناده ضعيف، عاصم بن عبيد الله ضعيف، ومولى أبي رهم لم يوثقه غير ابن حبان
والعجلي.
وأخرجه أحمد (٧٣٥٦)، ومن طريقه المزي
في «تهذيب الكمال» ١٩/ ٢٢٠ - ٢٢١، عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي (٩٧١) من طريق سفيان
بن عيينة، وعبد بن حميد (١٤٦١) وأبو يعلى (٦٤٧٩) من طريق شريك، كلاهما عن عاصم، به.
وأخرجه أبو يعلى (٦٣٨٥)، وابن خزيمة
(١٦٨٢)، والبيهقي ٣/ ١٣٣من طرق عن الأوزاعي، عن موس بن يسار، عن أبي هريرة، وهو
منقطع، موسى بن =
٤٠٠٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ،
أَخبَرنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
دِينَارٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ
وَأَكْثِرْنَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ
النَّارِ»، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ
الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ
مِنْكُنَّ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟
قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانِ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ
رَجُلٍ، فَهَذَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ. وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي،
وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانِ الدِّينِ» (١).
= يسار الأردني وهو شيخ مستقيم الحديث
روايته عن أبي هريرة مرسلة فيما قاله أبو حاتم كما في «الجرح والتعديل» ٨/ ١٦٨.
وأخرجه النسائي ٨/ ١٥٣ - ١٥٤ عن
محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن سليمان بن داود الهاشمي، عن إبراهيم بن سعد،
سمعت صفوان بن سليم، ولم أسمع من صفوان غيره يحدث عن رجل ثقة، عن أبي هريرة رفعه
«إذا خرجت المرأة إلى المسجد، فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة» وهذا إسناد
صحيح لولا الرجل المبهم الذي رواه عن أبي هريرة، والذي وصفه صفوان بن سليم بأنه
ثقة.
وأخرج ابن أبي شيبة ٩/ ٢٦ بإسناد حسن
عن أبي موسى موقوفًا عليه قال: أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها
لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة.
وأخرج مسلم (٤٤٣) من حديث زينب امرأة
عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا رسول الله ﷺ: «إذا شهِدَت إحداكن المسجد، فلا تمس
طيبًا».
(١)
إسناده صحيح. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي.
=
٢٠ - بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ
٤٠٠٤
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ سَعْدٍ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «اؤمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنْ
الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابَ لَكُمْ» (١).
٤٠٠٥
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
= وأخرجه مسلم (٨٩)، وأبو داود (٤٦٧٩)
من طريق ابن الهاد، به. ورواية أبي داود مختصرة بلفظ: «ما رأيتُ من ناقصات عقل ولا
دين ...» إلى آخر الحديث.
وهو في «مسند أحمد» (٥٣٤٣).
«الجزلة من النساء»: التامة الخلق،
ويجوز أن تكون ذات كلام جزل، أي: قوي شديد. أفاده ابن الأثير في «النهاية».
وكفران العشير: العشير: الزوج،
وكفرانه: إنكار إحسانه.
وأغلب لذي لب منكنَّ، أي: لذي عقل
خالص.
وانظر ما يستفاد من الأحكام من هذا
الحديث في «عمدة القاري» ٣/ ٢٧٢ - ٢٧٣.
(١)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عاصم بن عمر بن عثمان لم يؤثر توثيقه عن غير ابن
حبان، وعمرو بن عثمان -وهو ابن هانئ- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات».
وأخرجه إسحاق بن راهويه (٨٦٤)،
والبزار (٣٣٥٤) و(٣٣٠٥)، وأحمد (٢٥٢٥٥)، وابن حبان (٢٩٠)، والطبراني في «الأوسط»
(٦٦٦١) من طريق عمرو ابن عثمان، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث حذيفة عند أحمد
(٢٣٣٠١).
وآخر من حديث أبي هريرة عند البزار
(٣٣٠٧) يتقوى بهما إن شاء الله.
قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤونَ
هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا
يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥]، وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ:«إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ
أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ» (١).
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ مَرَّةً
أُخْرَى: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ.
٤٠٠٦
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ
عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمْ النَّقْصُ،
كَانَ الرَّجُلُ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ، فَيَنْهَاهُ عَنْهُ، فَإِذَا
كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ
وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ، فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَنَزَلَ
فِيهِمْ الْقُرْآنُ فَقَالَ: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿وَلَوْ كَانُوا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ
(١) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن
أسامة.
وأخرجه أبو داود (٤٣٣٨)، والترمذي
(٢٣٠٧) و(٣٣٠٩) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث
حسن صحيح.
وهو في»مسند أحمد«(١) و(١٩) و(٢٩)،
و»صحيح ابن حبان«(٣٠٤).
وانظر لزامًا تفسير الآية عند الطبري
١١/ ١٣٨ - ١٥٣.
ويرى ابن الجوزي في»نواسخ
القرآن" ص ٣١٦ أنه ليس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الآية مدخل،
لأن الله سبحانه لما عابهم في تقليد آبائهم في الآية المتقدمة، أعلمهم بهذه الآية
أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه، وأنه لا يضره ضلال غيره إذا كان المُنكِرُ مهتديًا
حتى يعلموا أنه لا يلزمهم من خلال آبائهم شيء من الذم أو العذاب والعقاب.
مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ
وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٧٨ - ٨١]»
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ وَقَالَ: «لَا، حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ،
فَتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا» (١).
٤٠٠٦م
-حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، أَمْلَاهُ
عَلَيَّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
بِمِثْلِهِ (٢).
٤٠٠٧
- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى،
حدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ،
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ خَطِيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ: «أَلَا لَا
يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ».
قَالَ: فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ،
وَقَالَ: قَدْ -وَاللَّهِ- رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا (٣).
(١) إسناده ضعيف لإرساله. أبو عبيدة: هو ابن
عبد الله بن مسعود.
وأخرجه الترمذي (٣٢٩٨) عن محمَّد بن
بشار، بهذا الإسناد.
(٢)
إسناده ضعيف لانقطاعه أبو عُبيدة لم يسمع من أبيه.
وأخرجه الترمذي (٣٢٩٧) و(٣٢٩٩) من
طريقين عن علي بن بذيمة، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه أبو داود (٤٣٣٦) و(٤٣٣٧) من
طريقين عن أبي عُبيدة، عن ابن مسعود.
وهو في «مسند أحمد» (٣٧١٣).
(٣)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
وأخرجه بإسناد صحيح من طرق عن أبي
نضرة، بهذا الإسناد: أحمد (١١٠١٧) و(١١٤٠٣) و(١١٤٢٨) و(١١٨٣١) و(١١٨٦٩)، والطيالسي
(٢١٥١) و(٢١٥٨)، وعبد بن حميد (٨٦٩)، وأبو يعلى (١٢١٢)، وابن حبان (٢٧٨)، والبيهقي
١٠/ ٩٠.
قال السندي: قوله: «أن يقول بحق».
أي: يتكلم فيه، ولا يسكت عنه.
٤٠٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَرَى أَمْرًا، لِلَّهِ
عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ، ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ:
خَشْيَةُ النَّاسِ، فَيَقُولُ: فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى» (١).
٤٠٠٩
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، هُمْ أَعَزُّ
مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ، لَا يُغَيِّرُونَ، إِلَّا عَمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ» (٢).
(١) رجاله ثقات إلا أن أبا البختري -واسمه
سعيد بن فيروز- لم يسمع من أبي سعيد بينهما راو هو رجل مبهم عند أحمد (١١٨٦٨)،
والطيالسي (٢٢٠٦) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة عن أبي البختري، عن رجل، عن أبي
سعيد الخدري.
وطريق المصنف هو عند أحمد (١١٢٥٥)،
وعبد بن حميد (٩٧١)، والبيهقي في «السُّنن» ١٠/ ٩٠ - ٩١، وأبي نعيم في «الحلية» ٤/
٣٨٤ من طريق الأعمش سليمان بن مهران، به.
(٢)
حديث حسن. عبيد الله بن جرير روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في «الثقات» وباقي
رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد (١٩٢٣٠)، والطيالسي
(٦٦٣)، والطحاوي في شرح «مشكل الآثار» (١١٧٤)، والبيهقي ١٠/ ٩١ من طريق شعبة، عن
أبي إسحاق، بهذا الإسناد. =
٤٠١٠ - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ
خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا
رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ، قَالَ: «أَلَا
تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟» قَالَ فِتْيَةٌ
مِنْهُمْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ
مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ،
فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ
دَفَعَهَا، فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا
ارْتَفَعَتْ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا
وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ،
وَتَكَلَّمَتْ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ
تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا. قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ
لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟» (١).
= وأخرجه أبو داود (٤٣٣٩)، وابن حبان
(٣٠٠) و(٣٠٢)، والطبراني (٢٣٨٢) و(٢٣٨٤) و(٢٣٨٥) من طرق عن أبي إسحاق به، غير أن
أبا داود قال: عن ابن جرير ولم يُسمه.
وفي الباب حديث أبي بكر الصديق وقد
سلف برقم (٤٠٠٤).
(١)
حديث صحيح لغيره، سويد بن سعيد متابع، وكذا يحيى بن سليم، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو يعلى (٢٠٠٣) عن إسحاق بن
أبي إسرائيل، عن يحيى بن سليم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (٥٠٥٨) من طريق ابن
وهب، عن مسلم بن خالد عن ابن خيثم، به. وهذا سند حسن في المتابعات.
وأخرجه ابن حبان (٥٠٥٩) من طريق علي
ابن المديني، حدثنا الفضل بن العلاء، حدثنا ابن خيثم، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
سمعت رسول الله ﷺ =
٤٠١١ - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ
زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصْعَبٍ (ح)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيلُ، أَخبَرنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ
سُلْطَانٍ جَائِرٍ» (١).
٤٠١٢
- حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ
الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ
= يقول: «كيف تُقدس أمة لا يؤخذ من
شديدهم لضعيفهم» وهذا سند رجاله ثقات رجاله رجال الصحيح غير الفضل بن العلاء، فقد
روى له البخاري مقرونًا بغيره، وقال علي ابن المديني: ثقة، وقال ابن معين: لا بأس
به.
وفي الباب عن بريدة، وابن عباس، وأبي
سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعائشة، وأبي سعيد الخدري، وابن مسعود، وعن قابوس
بن مخارق عن أبيه، وعن معاوية، وعبد الله بن عمرو، وهي مخرَّجة في تعليقنا على
الحديث في «صحيح ابن حبان» (٥٠٥٨).
(١)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناده ضعيف، لضعف عطية العوفي.
وأخرجه أبو داود (٤٣٤٤)، والترمذي
(٢٣١٥) من طريقين عن إسرائيل بن يونس السبيعي، بهذا الإسناد.
وهو في «المسند» (١١١٤٢) وقال
الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
ويشهد له حديث أبي أمامة الآتي، وهو
حسن.
وحديث طارق بن شهاب عند أحمد
(١٨٨٢٨)، والنسائي (٧٧٨٦)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٨٢) وإسناده صحيح، وصحح
إسناده المنذري والنووي.
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: عَرَضَ
لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ، فَلَمَّا رَأَى الْجَمْرَةَ
الثَّانِيَةَ سَأَلَهُ، فَسَكَتَ عَنْهُ، فَلَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ
ووَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ لِيَرْكَبَ، قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» قَالَ:
أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:«كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ جَائِرٍ»
(١).
٤٠١٣
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ
رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْ قَيْسِ بْنِ
مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ
قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا مَرْوَانُ، خَالَفْتَ السُّنَّةَ،
أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ، وَبَدَأْتَ
بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا. فَقَالَ أَبُو
سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ،
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» (٢).
(١) إسناده حسن. أبو غالب اختلف في اسمه،
فقيل: حَزَوَّر، وقيل: سعيد ابن الحزور، وقيل: نافع. قال ابن معين: صالح الحديث،
وقال الدارقطني: ثقة، وحسن الترمذي بعض أحاديثه، وقال في بعضها: حسن صحيح، وقال
ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال ابن سعد: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس
بالقوي، وضعفه النسائي وباقي رجاله ثقات، ويشهد له ما قبله.
(٢)
إسناده صحيح.
وهو في «صحيح مسلم» (٤٩)، وقد سلف
برقم (١٢٧٥).
٢١ - بَابُ قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾
٤٠١٤
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ،
حَدَّثَنِي عَمِّي عَمْرِو بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ،
قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ
الْخُشَنِيَّ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؟ قَالَ:
أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ
لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قَالَ: سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا،
سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ،
وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى
مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ،
وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا يَدَانِ لَكَ بِهِ، فَعَلَيْكَ خُوَيْصَّةَ نَفْسِكَ، ودع
أمر العوام؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، صَبْرٌ (١) فِيهِنَّ
عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ
خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ» (٢).
(١) في المطبوع: الصبر.
(٢)
عمرو بن جارية روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في «الثقات»، وحسن الترمذي حديثه هذا،
وهشام بن عمار متابع، وأبو أمية الشيباني روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات»،
ووثقه الذهبي في «الكاشف».
وأخرجه أبو داود (٤٣٤١)، والترمذي
(٣٣١٠) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٣٨٥).
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو
بن العاص عند أحمد (٦٩٨٧) و(٧٠٦٣)، وابن أبي شيبة ١٥/ ٩، وأبي داود (٤٣٤٣) بإسناد
صحيح، بلفظ «بينما نحن حول رسول الله ﷺ إذ ذكروا الفتنة أو ذكرت عنده، فقال:»إذا
رأيت الناس قد مَرِجَتْ عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا" وشبك بين
أصابعه، قال: فقمت إليه،=
٤٠١٥ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ
الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ
حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ الرُّعَيْنِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى نَتْرُكُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ
عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: «إِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ مَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ
قَبْلَكُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَنَا؟
قَالَ: «الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُمْ، وَالْفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُمْ، وَالْعِلْمُ
فِي رُذَالَتِكُمْ» (١).
= فقلت له: كيف أفعل عند ذلك جعلني
الله فداك؟ قال: «الزم بيتك، وأملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك
بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة».
وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن حبان
(٥٩٥٠) و(٥٩٥١).
ولقوله: «فإن من ورائكم أيام الصبر
...» شاهد من حديث عتبة بن غزوان أخي مازن به صعصعة، وكان من الصحابة، أن رسول
الله ﷺ قال: «إن من ورائكم أيامَ الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجرُ
خمسين منكم» قالوا: يا نبي الله، أو منهم؟ قال: «بل منكم» أخرجه ابن نصر في
«السنة» (٣٢)، والطبراني في «الكبير» ١٧/ ١١٧ (٢٨٩) ورجاله ثقات إلا أنه منقطع.
ومن حديث عبد الله بن مسعود عند
البزار (٣٣٧٠)، والطبراني (١٠٣٩٤) وسنده ضعيف.
(١)
إسناده قوي. أبو مُعَيد -واسمه حفص بن غيلان صدوق لا بأس به، وباقي رجاله ثقات،
وقد ثبت أبو مسهر والبخاري سماع مكحول من أنس.
وأخرجه أحمد (١٢٩٤٣) عن زيد بن يحيى
بن عبيد الدمشقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار»
(٣٣٥٠)، وأبو نعيم في «الحلية» ٥/ ١٨٥، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٥٥) من طريق
الهيثم بن حميد، عن أبي معيد، به.
قَالَ زَيْدٌ: تَفْسِيرُ مَعْنَى
قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ»: إِذَا كَانَ الْعِلْمُ فِي
الْفُسَّاقِ.
٤٠١٦
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ جُنْدُبٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» قَالُوا:
وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ لِمَا لَا
يُطِيقُهُ«(١).
٤٠١٧
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو طُوَالَةَ، حَدَّثَنَا نَهَارٌ
الْعَبْدِيُّ
(١) حديث حسن بشاهده، وهذا إسناد ضعيف، لضعف
علي بن زيد -وهو ابن جدعان.
وأخرجه الترمذي (٢٤٠٤) من طريق عمرو
بن عاصم، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد«(٢٣٤٤٤).
وله شاهد من حديث ابن عمر عند البزار
(٣٣٢٣)، وأبي الشيخ في»الأمثال«(١٥٢) والطبراني في»الكبير«(١٣٥٠٧)،
وفي»الأوسط«(٥٣٥٣) وهو في»مجمع البحرين«(٤٤٠٣) من طريق زكريا بن يحيى الضرير، عن
شبابة بن سوار، عن ورقاء بن عمر، عن عبد الكريم (بن مالك الجزري)، عن مجاهد، عن
ابن عمر مرفوعًا.
وزكريا بن يحيى الضرير مترجم
في»تاريخ بغداد«٨/ ٤٥٧، وقد روى عن زياد البهائي وشبابة بن سوار، وسليمان بن سفيان
الجهني، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وروى عنه محمَّد بن علي المعروف بمعدان،
ومحمد بن غالب التمتام، وعبد الله بن إسحاق المدائني ويحيى بن صاعد، والقاضي
المحاملي، ومن فوقه ثقات، وجود إسناده الحافظ العراقي في»تخريج الاحياء" ١/
١٥٢.
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ
لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَقُولَ: مَا مَنَعَكَ إِذْ
رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ أَنْ تُنْكِرَهُ؟ فَإِذَا لَقَّنَ اللَّهُ عَبْدًا حُجَّتَهُ،
قَالَ: يَا رَبِّ رَجَوْتُكَ وَفَرِقْتُ النَّاسِ» (١).
٢٢
- بَابُ
الْعُقُوبَاتِ
٤٠١٨
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ
يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى
وَهِيَ ظَالِمَةٌ إن أخذه أليم شديد﴾ [هود: ١٠٢] (٢).
٤٠١٩
- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ
الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوبَ،
عَنْ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ
(١) إسناده حسن. نهار العبدي: هو نهار بن عبد
الله العبدي المدني حسن الحديث وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحميدي (٧٣٩)، وعبد بن حميد
(٩٧٤)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٧٥) من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن
الأنصاري، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٢١٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٧٣٦٨).
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٦٨٦)، ومسلم
(٢٥٨٣)، والترمذي (٣٣٦٩)، والنسائي في «الكبرى» (١١١٨١) من طرق عن أبي معاوية،
بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٥١٧٥).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،
قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ
الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ
تُدْرِكُوهُنَّ:
لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي
قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ
وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا.
وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ
وَشِدَّةِ الْمَؤونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.
وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ
أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا
الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا.
وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ
وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ،
فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.
وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ
بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ
اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» (١).
(١) حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف، لضعف ابن أبي
مالك واسمه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الهمداني الدمشقي.
وأخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء»
٣/ ٢٢٠ و٨/ ٣٣٣ - ٣٣٤ من طريق خالد ابن يزيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه باختصار الطبراني (١٣٦١٩) من
طريق خالد بن يزيد ...
وله طريق آخر يتقوى به عند الحاكم ٤/
٥٤٠، والطبراني في «مسند الشاميين» (١٥٥٨)، وفي «الأوسط» (٤٦٧١) من طريقين عن
الهيثم بن حميد، عن أبي مُعَيدِ حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع
عبد الله بن عمر ...
وهذا إسناد حسن رجاله ثقات إلا أن
حفص بن غيلان ينزل عن رتبة الصحيح.
٤٠٢٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ
حَاتِمِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ،
يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُؤوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ
وَالْمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ
الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ» (١).
٤٠٢١
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ
الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ
اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة:
١٥٩] قَالَ:
«دَوَابُّ الْأَرْضِ» (٢).
(١) إسناده ضعيف، مالك بن أبي مريم لم يرو
عنه غير حاتم بن حريث ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال ابن حرَّم: لا يُدرى
مَن هو، وقال الذهبي: لا يُعرف.
وأخرجه بتمامه البخاري في «تاريخه»
١/ ٣٠٥، وابن حبان (٦٧٥٨)، والطبراني في «الكبير» (٣٤١٩)، وفي «مسند الشاميين»
(٢٠٦١)، والبيهقي ٨/ ٢٩٥ و١٠/ ٢٢١، وفي «الشعب» (٥١١٤) من طريقين عن معاوية بن
صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا بقصة الخمر أحمد
(٢٢٩٥٠) وعنه أبو داود (٣٦٨٨) عن زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، به. ولفظه:
«ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها».
وهذا القدر منه له شواهد يصح بها من
حديث عائشة عند الحاكم ٤/ ١٤٧، والبيهقي ٨/ ٢٩٤ - ٢٩٥، وعن عبادة بن الصامت عند
أحمد (٢٢٧٥٩) وسلف عند ابن ماجه برقم (٣٣٨٥)، وعن أبي أمامة وقد سلف برقم (٣٣٨٤).
(٢)
إسناده ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سُليم. =
٤٠٢٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ
الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ
يُصِيبُهُ» (١).
٢٣
- بَابُ
الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ
٤٠٢٣
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ
الْمَعْنِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،
عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟
قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ
عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ،
وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ
الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَمَا
عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ» (٢).
= المنهال: هو ابن عمرو الكوفي،
وزاذان: هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر الكندي الضرير البزاز.
وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره»
(١٤٤٤) عن الحسن بن عرفة، عن عمار ابن محمَّد، بهذا الإسناد.
(١)
حسن لغيره دون قوله: «إن الرجل ليُحرم الرزقَ بالذنب يُصيبه» وقد سلف الكلام عليه
وتخريجه برقم (٩٠).
(٢)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود- فهو صدوق حسن
الحديث. وقد تابعه العلاء بن المسيب عند الحاكم ١/ ٤٠ وإسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٢٥٦١) من طريق عاصم
بن أبي النجُود، به. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٤٨١)، و«صحيح
ابن حبان» (٢٩٠٠).
٤٠٢٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قال: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ،
فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ! قَالَ: «إِنَّا كَذَلِكَ، يُضَعَّفُ لَنَا
الْبَلَاءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الْأَجْرُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ
النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ الصَّالِحُونَ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى
بِالْفَقْرِ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يُجوِّبهَا،
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ
بِالرَّخَاءِ» (١).
(١) إسناده ضعيف لضعف هشام بن سعد، وخالفه
معمر بن راشد الثقة فرواه عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري. فلعل
هشامًا سلك الجادة فأخطأ. وإسناد معمر ضعيف أيضًا لإبهام الراوي عن أبي سعيد
الخدري.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد»
(٥١٠)، وأبو يعلى (١٠٤٥)، والطبري في «تهذيب الآثار» -قسم مسند علي- (٤٢١)،
والطحاوي مختصرًا في «شرح مشكل الآثار» (٢٢١٠)، وأبو بكر بن عبد الله بن محمَّد
القرشي في «المرض والكفارات» (١)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (٩٠٤٧)، والحاكم
١/ ٤٠ و٤/ ٣٠٧، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» ٣/ ٣٧٢، وفي «شعب الإيمان» (٩٧٧٤) من
طريق هشام بن سعد، به.
وأخرجه عبد الرزاق (٢٠٦٢٦)، وعنه
أحمد في (مسنده، (١١٨٩٣)، وفي «الزهد» ص ٥٩ - ٦٠، وعبد بن حميد (٩٦٠) عن معمر بن
راشد، عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري.
ويشهد لأول الحديث إلى قوله: «ثم
الصالحون» حديث سعد بن أبي وقاص السالف قبله.
وحديث عبد الله بن مسعود عند البخاري
(٥٦٤٨)، ومسلم (٢٥٧١) بلفظ «إني أُوعَكُ كما يُوعَك رجلان منكم». قال ابن مسعود:
قلت: ذلك أن لك أجرين؟ =
٤٠٢٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ
الْأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ
وَيَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» (١).
٤٠٢٦
- حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى،
وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
= قال: أجل، ذلك كذلك، ما من مسلم
يصيبه أذى، شوكة فما فوقها، إلا كفَّر الله بها سيئاته، كما تحطُّ الشجرةُ ورقها«.
قوله:»يجوبها«أي: يقطع وسطها ويدخل
رأسه فيه. وفي بعض النسخ المطبوعة يحويها، بالمهملة والياء المثناة، وفي بعضها:
يحوبها بالباء الموحدة، وكلاهما تصحيف.
(١)
إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود الهُذَلي، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل،
والأعمش: هو سليمان بن مهران الكاهلي، ووكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.
وأخرجه البخاري (٣٤٧٧)، ومسلم (١٧٩٢)
من طريق سليمان الأعمش، به.
وهو في»مسند أحمد«(٣٦١١).
وأخرج ابن حبان في»صحيحه«(٩٧٣) من
حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله ﷺ:»اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون«وقال
بإثره: قال أبو حاتم: يعني هذا الدعاء أنه قال يوم أحد لما شج وجهه، قال:»اللهم
اغفر لقومي«ذنبهم بي من الشج لوجهي، لا أنه دعاء للكفار بالمغفرة، ولو دعا لهم
بالمغفرة لأسلموا في ذلك الوقت لا محالة. وعلق عليه الحافظ بقوله: كذا قال، وكأنه
بناه على أنه لا يجوز أن يتخلف بعض دعائه على بعض أو عن بعض، وفيه نظر
لثبوت»أعطاني اثنتين ومنعني واحدة«أخرجه مسلم (٢٨٩٠) من حديث سعد رضي الله عنه،
وتمامه:»سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة، فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي
بالغرق، فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ:
﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى
وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠] وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي
إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ،
لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» (١).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣٣٧٢)، ومسلم (١٥١)
وبإثر (٢٣٧٠) / (١٥٢) من طريق يونس بن يزيد، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٨٣٢٨) و(٨٣٢٩)،
و«صحيح ابن حبان» (٦٢٠٨).
وأخرجه مسلم (١٥١) وبإثر (٢٣٧٠)،
والنسائي في «الكبرى» (١٠٩٨٤) و(١١١٨٩) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي
عبيد مولى ابن أزهر، والبخاري (٣٣٧٥)، ومسلم بإثر (٢٣٧٠) من طريق الأعرج، ثلاثتهم
عن أبي هريرة. واقتصر الأعرج على قصة لوط.
قال ابن حبان في «صحيحه» تعليقًا على
قوله ﷺ: «نحن أحق بالشك من إبراهيم» لم يُرد به إحياء الموتى، إنما أراد به في
استجابة الدعاء له، وذلك أن إبراهيم ﷺ قال: رب أرني كيف تحي الموتى، ولم يتيقن أنه
يستجاب له فيه، يريد: في دعائه وسؤاله ربه عما سأل، فقال ﷺ «:»نحن أحق بالشك من
إبراهيم«به في الدعاء، لأنّا إذا دعونا، ربما يستجاب لنا، وربما لا يستجاب، ومحصول
هذا الكلام أنه لفظة إخبار مرادها التعليم للمخاطب له. اهـ.
وقد نقل الإمام البغوي في»شرح
السنة«١/ ١١٥ بتحقيقنا، والبيهقي في»الأسماء والصفات«ص ٥٠٧ - ٥٠٨ نحوًا من هذا عن
الإمام المزني تلميذ الإمام الشافعي، ونص كلامه: لم يشك النبي ولا إبراهيم صلوات
الله عليهما في أن الله قادر على أن يحيي الموتى، وإنما شَكّا أن يجيبهما إلى ما
سالاه.
وقال الخطابي في»شرح البخاري«٣/ ١٥٤٥
- ١٥٤٦: ليس في قوله:»نحن أحق بالشك من إبراهيم" اعتراف بالشك على نفسه ولا
على إبراهيم، لكن فيه نفي الشك عنهما، يقول: إذا لم أشك أنا ولم أَرْتَب في قدرة
الله تعالى على إحياء =
٤٠٢٧ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَشُجَّ،
فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ
وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ،
وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ؟» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:
﴿لَيْسَ
لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] (١).
= الموتى، فإبراهيم أولى بأن لا يشك
ولا يرتاب، وفيه الإعلام أن المسألة من قِبل إبراهيم لم تعرض من جهة الشك، لكن من
قِبل طلب زيادة العلم، واستفادة معرفة كيفية الإحياء، والنفس تجد من الطمأنينة
بعلم الكيفية ما لا تجده في العلم النظري البرهاني، والعلم في الوجهين حاصل، والشك
مرفوع.
وقد قيل: إنما طلب الإيمان بذلك
حِسًّا وعيانًا؛ لأنه فوق ما كان عليه من الاستدلال، والمستدل لا يزول عنه الوساوس
والخواطر، وقد قال رسول الله ﷺ: «ليس الخبر كالمعاينة».
وما قاله في يوسف عليه السلام إنما
هو على سبيل التواضع، لا أنه كان في الأمر منه مبادرة وعجلة لو كان مكان يوسف،
والتواضع لا يصغر كبيرًا، ولا يضع رفيعًا، ولا يبطل لذي حق حقًا، ولكنه يوجب
لصاحبه فضلًا، ويكسبه جلالًا وقدرًا.
وترحَّم النبي ﷺ على لوط عليه السلام
لسهوه في الوقت الذي ضاق صدره، واشتد جزعه بما دهمه من قومه حتى قال: ﴿قَالَ لَوْ
أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠] وقد كان يأوي إلى أشد الأركان من
الله تعالى.
(١)
إسناده صحيح. حميد -وهو ابن أبي حميد الطويل- سمع من أنس شيئًا كثيرًا، وفي «صحيح
البخاري» من ذلك جملة أحاديث صرَّح فيها بالسماع منه، وما لم يصرّح فيه بالسماع
منه فمحمول على الاتصال، لأنه سمعه من ثابت بن أسلم البُناني، أو ثبّته فيه كما
قال شعبة، وثابت ثقة حجة. =
٤٠٢٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ
ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ، قَدْ خُضِّبَ
بِالدِّمَاءِ، قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فقَالَ:
«فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ وَفَعَلُوا» قَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ:
«أَرِنِي (١)» فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي، قَالَ: ادْعُ
تِلْكَ الشَّجَرَةَ. فَدَعَاهَا، فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ
يَدَيْهِ، قَالَ: قُلْ لَهَا فَلْتَرْجِعْ، فَقَالَ لَهَا، فَرَجَعَتْ حَتَّى
عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «حَسْبِي» (٢).
= وأخرجه الترمذي (٣٢٤٧) و(٣٢٤٨)،
والنسائي في «الكبرى» (١١٠١١) من طرق عن حميد الطويل، عن أنس.
وأخرجه مسلم (١٧٩١) من طريق ثابت
البُناني، عن أنس.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٥٦)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٥٧٤) و(٦٥٧٥) وعلقه البخاري بصيغة الجزم عن حميد وثابت بإثر الحديث
(٤٠٦٨).
وفي معنى قوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ
مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] قال ابن الجوزي في «زاد المسير» ١/ ٤٥٧ قولان:
أحدهما: ليس لك من استصلاحهم أو
عذابهم شيء.
والثاني: ليس لك من النصر والهزيمة
شيء. وقيل: إن «لك» بمعنى «إليك».
(١)
في المطبوع ونسخة على هامش (س): نعم أَرِني.
(٢)
إسناده قوي. أبو سفيان -واسمه طلحة بن نافع- صدوق ليس به بأس.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٤٧٨ - ٤٧٩،
والدارمي (٢٣)، وأبو يعلى (٣٦٨٥) و(٣٦٨٦)، والفاكهي في «أخبار مكة» (٢٤٣٧)،
والبيهقي في «دلائل النبوة» ٢/ ١٥٤ من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٢١١٢).
٤٠٢٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَحْصُوا لِي كُلَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ» قُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِئة
إِلَى السَّبْعِ مئة؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ،
لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلُوا» (١).
قَالَ: فَابْتُلِينَا، حَتَّى جَعَلَ
الرَّجُلُ مِنَّا مَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا.
٤٠٣٠
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً،
فَقَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ؟» قَالَ: هَذِهِ رِيحُ
قَبْرِ الْمَاشِطَةِ وَابْنَيْهَا وَزَوْجِهَا، قَالَ: وَكَانَ بَدْءُ ذَلِكَ
أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مَمَرُّهُ
بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ، فَيُعَلِّمُهُ
الْإِسْلَامَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَضِرُ، زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً،
فَعَلَّمَهَا الْخَضِرُ، وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَهُ أَحَدًا، وَكَانَ
لَا يَقْرَبُ النِّسَاءَ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أُخْرَى،
فَعَلَّمَهَا وَأَخَذَ عَلَيْهَا
(١) إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل
مشهور بكنيته، والأعمش: هو سليمان بن مهران الكاهلي، وأبو معاوية: هو محمَّد بن
خازم الضرير.
وأخرجه البخاري (٣٠٦٠)، ومسلم (١٤٩)،
والنسائي في «الكبرى» (٨٨٢٤) من طريق الأعمش، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٥٩)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٢٧٣).
أَنْ لَا تُعْلِمَهُ أَحَدًا،
فَكَتَمَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْشَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى. فَانْطَلَقَ هَارِبًا،
حَتَّى أَتَى جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ، فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ يَحْتَطِبَانِ
فَرَأَيَاهُ، فَكَتَمَ أَحَدُهُمَا وَأَفْشَى الْآخَرُ، وَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ
الْخَضِرَ، فَقِيلَ: وَمَنْ رَآهُ مَعَكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، فَسُئِلَ فَكَتَمَ،
وَكَانَ فِي دِينِهِمْ أَنَّ مَنْ كَذَبَ قُتِلَ، قَالَ: فَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ
الْكَاتِمَةَ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ، إِذْ سَقَطَ
الْمُشْطُ، فَقَالَتْ: تَعِسَ فِرْعَوْنُ. فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا، وَكَانَ
لِلْمَرْأَةِ ابْنَانِ وَزَوْجٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ
وَزَوْجَهَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ دِينِهِمَا فَأَبَيَا، فَقَالَ: إِنِّي
قَاتِلُكُمَا، فَقَالَا: إِحْسَانًا مِنْكَ إِلَيْنَا، إِنْ قَتَلْتَنَا أَنْ
تَجْعَلَنَا فِي بَيْتٍ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَجَدَ
رِيحًا، طَيِّبَةً، فَسَأَلَ جِبْرِيلَ، فَأَخْبَرَهُ» (١).
٤٠٣١
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ،
أَخبَرنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ
بْنِ سِنَانٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ،
وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ
الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» (٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير.
وأخرجه ابن عدي في ترجمة سعيد بن
بشير من «الكامل» ٣/ ١٢٠٨ من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وقصة ماشطة ابنة فرعون قد جاءت
بإسناد جيد عن ابن عباس بغير هذا السياق، انظر «مسند أحمد» (٢٨٢١)، و"صحيح
ابن حبان (٢٩٠٣).
(٢)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعد بن سنان. =
٤٠٣٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ
الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ يُوسُفَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى
أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ
وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» (١).
٤٠٣٣
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ
جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ -
وَقَالَ بُنْدَارٌ: حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ-:»مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ، لَا
يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ
مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ
أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ«(٢).
= وأخرجه الترمذي (٢٥٥٩) عن قتيبة بن
سعيد، عن الليث، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وفي الباب عن محمود بن لبيد الأنصاري
عند أحمد (٢٣٦٢٣) وإسناده جيد.
(١)
حديث صحيح. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الواحد بن صالح، وهو متابع.
وأخرجه الترمذي (٢٦٧٥) من طريق شعبة
بن الحجاج، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن شيخ من أصحاب النبي ﷺ أُراه عن النبي
ﷺ. وقال بإثره: كان شعبة يَرى أنه ابن عمر.
وهو في»مسند أحمد" (٥٠٢٢) وجاء
في روايته: قال حجاج: قال شعبة: قال سُليمان: وهو ابن عمر. بالجزم. وحجاج هو ابن
محمَّد الأعور، وسليمان هو الأعمش.
(٢)
إسناده صحيح. =
٤٠٣٤ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ (ح)
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ؛ قَالَا:
حَدَّثَنَا رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ،
عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ أَنْ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنْ قُطِّعْتَ
وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَنْ تَرَكَهَا
مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ
فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ» (١).
= وأخرجه البخاري (٢١) و(٦٠٤١)، ومسلم
(٤٣)، والنسائي ٨/ ٩٦ من طريق شُعبة، به.
وأخرجه البخاري (١٦) و(٦٩٤١)، ومسلم
(٤٣)، والترمذي (٢٨١٢)، والنسائي ٨/ ٩٤ و٩٧ من طرق عن أنس بن مالك. وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٠٠٢)
و(١٢٧٦٥)، و«صحيح ابن حبان» (٢٣٧) و(٢٣٨).
(١)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب.
وقد سلف تخريجه عند الحديث (٣٣٧١).
وفي الباب عن معاذ بن جبل عند أحمد
(٢٢٠٧٥) ورجاله ثقات لكنه منقطع.
وعن عبادة بن الصامت عند محمَّد بن
نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (٩٢٠). قال المنذري في «الترغيب» ١/ ٣٧٩: لا بأس
بإسناده.
وعن أميمة مولاة النبي ﷺ عند محمَّد
بن نصر (٩١٢) وفي إسناده ضعف.
وعن مكحول عن أم أيمن رضي الله عنها عند
عبد بن حميد (١٥٩٤)، والبيهقي ٧/ ٣٠٤ ورجاله ثقات لكنه منقطع.
ولقطعة النهي عن شرب الخمر شاهد من
حديث ابنِ عباس عند الحاكم ٤/ ١٤٥، وعنه البيهقي في «الشعب» (٥٥٨٨) وسنده حسن،
وصححه الحاكم.
٢٤ - بَابُ شِدَّةِ الزَّمَانِ
٤٠٣٥
- حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ جَعْفَرٍ
الرَّحَبِيُّ، حدثنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ ابْنَ جَابِرٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ رَبّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا بَلَاءٌ
وَفِتْنَةٌ» (١).
٤٠٣٦
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ
الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ
فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا
الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»
قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ
الْعَامَّةِ» (٢).
(١) إسناده حسن. أبو عبد ربه -ويقال: أبو عبد
رب، الدمشقي الزاهد- روى عنه جمع وذكره ابن حبان في «الثقات». ابن جابر: هو عبد
الرحمن بن يزيد بن جابر.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد»
(٥٩٦)، وابن أبي عاصم في «الزهد» (١٤٦)، والطبراني في «الكبير» ١٩/ (٨٦٦)، وفي
«مسند الشاميين» (٦٠٧)، وأبو نعيم في «الحلية» ٥/ ١٦٢، والقضاعي في «مسند الشهاب»
(١١٧٥) من طريق عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨٥٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٩٠) و(٢٨٩٩).
(٢)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الملك بن قدامة الجُمحي، وجهالة إسحاق بن أبي
الفرات، وقد رُوي الحديثُ من طريق آخر بسند حسن. المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد
المقبري.
وأخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق»
ص٣٠ من طريق عبد الملك بن قدامة، به. =
٤٠٣٧ - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ [أَبِي] (١) إِسْمَاعِيلَ
الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى
يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ، وَيَقُولَ: يَا
لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلَّا
الْبَلَاءُ» (٢).
= وأخرجه الحاكم ٤/ ٤٦٥ - ٤٦٦ من طريق
يزيد بن هارون، و٤/ ٥١٢ من طريق حجاج بن محمَّد، كلاهما عن عبد الملك بن قدامة، عن
إسحاق بن بكر بن أبي الفرات، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. فزاد في
إسناده أبا سعيد المقبري.
وهو في «مسند أحمد» (٧٩١٢) عن يزيد
بن هارون.
وأخرجه أحمد (٨٤٥٩) من طريق فُليح بن
سليمان، عن سعيد بن عُبيد بن السباق، عن أبي هريرة. وهذا سند حسن.
قال في «النهاية»: الرويبضة: تصغير
الرابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، وزيادة التاء
للمبالغة، والتافه: الخسيس الحقير.
(١)
لفظة «أبي» ليست في أصولنا الخطية، ولا يصح الإسناد إلا بها، وهي على الصواب في
«صحيح مسلم».
(٢)
إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمان الأشجَعي، وأبو إسماعيل الأسلمي: هو بَشير بن
سلْمان الكِندي.
وأخرجه مسلم بإثر الحديث (٢٩٠٧) /
(٥٤) من طريق محمَّد بن فضيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٧١١٥) و(٧١٢١)،
ومسلم بإثر (٢٩٠٧) من طريق عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رفعه: «لا تقوم الساعة
حتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيقول: يا ليتني كنتُ مكانَك».
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٢٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٠٧). =
٤٠٣٨ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ- يَعْنِي مَوْلَى مُسَافِعٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَتُنْتَقَوُنَّ كَمَا يُنْتَقَى التَّمْرُ مِنْ أَغْفَالِهِ،
فَلْيَذْهَبَنَّ خِيَارُكُمْ، وَلَيَبْقَيَنَّ شِرَارُكُمْ، فَمُوتُوا إِنْ
اسْتَطَعْتُمْ» (١).
= وقوله: «ليس به الدين إلا البلاء»
أي: أن الحامل له على التمني ليس الدين، بل البلاء وكثرة المِحَنِ والفتن وسائر
الضراء. وليس بين هذا الخبر وبين حديث النهي عن تمني الموت معارضة، لأن النهي
صريح، وهذا إنما فيه إخبار عن شدة ستحصل ينشأ عنها هذا التمني، وليس فيه تعرض
لحكمه، وإنما سِيقَ للإخبار عما يقع، قال الحافظ في «الفتح»١٣/ ٧٥: ويُمكن أخذُ
الحكم من الإشارة في قوله: «وليس به الدين إنما هو البلاء» فإنه سِيق مساق الذم
والإنكار، وفيه إيماء إلى أنه لو فعل ذلك بسبب الدين، لكان محمودًا، ويؤيده ثبوت
تمني الموت عند فساد أمر الدين عن جماعة من السلف. قال النووي: لا كراهة في ذلك،
بل فعله خلائق من السلف، منهم عمر بن الخطاب، وعيسى الغفاري، وعمر بن عبد العزيز
وغيرهم.
(١)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي حميد مولى مسافع. وقد روى هذا الحديث
الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، لكن في الطريق إلى
الأوزاعي كلام كما سيأتي بيانه. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٣١٦ و٤٣٤ من طريق
يونس بن يزيد الأيلي، بهذا الإسناد. وصححه ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (٦٨٥١)،
والطبراني في «الأوسط» (٤٦٧٦) من طريق عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، وأبو
عمرو الداني في «السُّنن الواردة في الفتن» (٢٥٨) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما
عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. أما عبد الحميد ففيه
كلام يتعذر معه قبول أفراده فضلًا عن مخالفة يونس بن يزيد الأيلي الثقة، وأما طريق
الوليد =
٤٠٣٩ - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا
الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ
السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ» (١).
= ففيها إليه محمَّد بن خليفة القرطبي
المؤدب قال عنه الذهبي في «تاريخ الإسلام» (وفيات ٣٨١ - ٤٠٠) كان ضعيفًا مُغفلًا.
وذكر البخاري في «تاريخه الكبير» ٩/
٢٥ رواية عن ابن أبي العشرين وقف فيها الحديث ولم يرفعه.
وفي الباب عن النواس بن سمعان عند
مسلم (٢٩٣٧) في حديث الدجال الطويل، ولفظه: «فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا
طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس،
يتهارجون فيها تهارُج الحمر، فعليهم تقوم الساعة». وهو في «مسند أحمد» (١٧٦٢٩)
وسيأتي عند المصنف برقم (٤٠٧٦).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند
مسلم (٢٩٤٠) في حديث الدجال أيضًا، ولفظه: «ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام،
فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو
أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه، فيبقى شرار الناس في خفة الطير
وأحلام السباع، لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا».
وعن مرداس الأسلمي عند البخاري
(٤١٥٦) ولفظه: «يُقبض الصالحون الأولُ فالأولُ، وتبقى حُفالة كحُفالة التمر
والشعير، لا يعبأ الله بهم شيئًا».
(١)
صحيح لغيره، دون قوله: «ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم» فمنكرة، وهذا إسناد ضعيف
لضعف محمَّد بن خالد الجندي، والحسن -وهو البصري- مدلس وقد عنعن. وقد حكم الذهبي
في «الميزان» في ترجمة محمَّد بن خالد على قوله: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم»
بالنكارة، ثم علل هذه الزيادة أيضًا بأن صامت =
..........................
= ابن معاذ رواها عن رجل من الجَنَد
(بلد محمَّد بن خالد)، عن محمَّد بن خالد الجَنَدي، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن
البصري، عن النبي ﷺ. قال الذهبي: فانكشف ووهى. قلنا: لأن أبان بن أبي عياش متروك
الحديث، وهذه الرواية أخرجها البيهقي في «بيان خطأ من أخطأ على الشافعي» ص ٣٠٠،
وليس في «البعث والنشور» كما توهمه بعض المعاصرين.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٤٤١، وأبو نعيم في
«حلية الأولياء» ٩/ ١٦١، وأبو عمرو الداني في «السُّنن الواردة في الفتن» (٢١٧)
و(٤٠٩) و(٥٨٩)، وأبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» (١٠٨)، والقضاعي في «مسند الشهاب»
(٨٩٨) و(٨٩٩)، والخطب في «تاريخ بغداد» ٤/ ٢٢٠ - ٢٢١، والمزي في ترجمة محمَّد بن
خالد الجَنَدي في «تهذيب الكمال» من طريق يونس بن عبد الأعلى، وابن عند البر في
«جامع بيان العلم وفضله» ١/ ١٥٥ من طريق إسماعيل بن يحيى المزني، كلاهما عن محمَّد
بن إدريس الشافعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه القضاعي في «مسند الشهاب»
(٩٠٠)، والبيهقي في «بيان خطأ من أخطأ على الشافعي» ص ٢٩٩ - ٣٠٠ من طريق صامت بن
معاذ، عن يحيى بن السكن (وتحرف في «مسند الشهاب» إلى: زيد بن السكن) عن محمَّد بن
خالد الجندي، بهذا الإسناد.
ويشهدُ له خلا قوله: «ولا المهدي إلا
عيسى ابن مريم» حديث أبي أمامة الباهلي عند أبي يعلى الموصلي في «مسنده» كما في
«مصباح الزجاجة» ورقة ٢٥٤، والطبراني في «الكبير» (٧٧٥٧) و(٧٨٩٤)، وابن عدي في
«الكامل» في ترجمة معاوية بن صالح، والحاكم ٤/ ٤٤٠، والقضاعي في «مسند الشهاب»
(٩٠١)، والبيهقي في «بيان خطأ من أخطأ على الشافعي» ص ٣٠٢. ورجال أبي يعلى وابن
عدي ثقات عن آخرهم.
وحديث معاوية عند الطبراني في
«الكبير» ١٩/ (٨٣٥)، والبيهقي في «بيان خطأ من أخطأ على الشافعي» ص ٣٠١. ورجاله
ثقات.
وحديث عمران بن حصين عند أبي نُعيم
في «الحلية» ٧/ ٢٦٢، ورجاله ثقات. =
٢٥ - بَابُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ
٤٠٤٠
- حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ
السَّرِيِّ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» وَجَمَعَ بَيْنَ
إِصْبَعَيْهِ (١).
٤٠٤١
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ
أَبِي الطُّفَيْلِ
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ،
قَالَ: اطَّلَعَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ مِنْ غُرْفَةٍ، وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ
السَّاعَةَ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ:
الدَّجَّالُ، وَالدُّخَانُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (٢).
= ويشهد له كذلك حديث أنس بن مالك عند
البخاري (٧٠٦٨) ولفظه: «اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شرٌّ منه،
حتى تلقَوا ربكم».
ولقوله: «لا تقوم الساعة إلا على
شرار الناس» شواهد ذكرناها عند الحديث السالف قبله.
ولزيادة الشُّح انظر حديث أبي هريرة
الآتي برقم (٤٠٥٢).
وبهذه الشواهد يصح الحديث دون قوله:
«ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم»، والله تعالى أعلم.
(١)
إسناده صحيح من طريق هناد بن السري. أبو حَصين: هو عثمان بن عاصم.
وأخرجه البخاري (٦٥٠٥) من طريق أبي
بكر بن عياش، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٦٤١).
(٢)
إسناده صحيح. أبو الطُفيل: هو عامر بن واثلة، وفُرات القزاز: هو ابن أبي عبد
الرحمن. وستأتي تمام الآيات العشر عند الرواية (٤٠٥٥). =
٤٠٤٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو
إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ
حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ
الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ،
وَهُوَ فِي خِبَاءٍ مِنْ أَدَمٍ، فَجَلَسْتُ بِفِنَاءِ الْخِبَاءِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ادْخُلْ يَا عَوْفُ» فَقُلْتُ: بِكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: «بِكُلِّكَ» ثُمَّ قَالَ: «يَا عَوْفُ، احْفَظْ خِلَالًا سِتًّا بَيْنَ
يَدَيْ السَّاعَةِ: إِحْدَاهُنَّ مَوْتِي» قَالَ: فَوَجَمْتُ عِنْدَهَا وَجْمَةً
شَدِيدَةً، فَقَالَ: «قُلْ: إِحْدَى، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ
دَاءٌ يَظْهَرُ فِيكُمْ يَسْتَشْهِدُ اللَّهُ بِهِ ذَرَارِيَّكُمْ وَأَنْفُسَكُمْ،
وَيُزَكِّي بِهِ أَمَوالَكُمْ، ثُمَّ تَكُونُ الْأَمْوَالُ فِيكُمْ، حَتَّى
يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلَّ سَاخِطًا، وَفِتْنَةٌ تَكُونُ
بَيْنَكُمْ لَا يَبْقَى بَيْتُ مُسْلِمٍ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ تَكُونُ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ هُدْنَةٌ، فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ،
فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةٍ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا
عَشَرَ أَلْفًا» (١).
= وأخرجه مسلم (٢٩٠١)، وأبو داود
(٤٣١١)، والترمذي (٢٣٢٤ - ٢٣٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (١١٣١٦) و(١١٤١٨) من طرق عن
فُرات القزاز به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٦١٤١)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٩١) و(٦٨٤٣) وسيأتي برقم (٤٠٥٥).
(١)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٣١٧٦)، وأبو داود
(٥٠٠٠) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. لكن رواية أبي داود مختصرة جدًا
بقصة دخول عوف على رسول الله ﷺ -وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٦٧٥).
=
٤٠٤٣ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، مَوْلَى
الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتُلُوا
إِمَامَكُمْ، وَتَجْتَلِدُوا بِأَسْيَافِكُمْ، وَيَرِثُ دُنْيَاكُمْ شِرَارُكُمْ»
(١).
٤٠٤٤
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ
أَبِي زُرْعَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ فَقَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ
مِنْ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا، إِذَا وَلَدَتْ
الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. وَإِذَا كَانَتْ الْحُفَاةُ
الْعُرَاةُ رُؤوسَ النَّاسِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ
رِعَاءُ الْغَنَمِ فِي الْبُنْيَانِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا،
= وأخرجه أحمد (٢٣٩٧١) و(٢٣٩٧٩)
و(٢٣٩٨٥) و(٢٣٩٩٦) من طرق عن عوف بن مالك. وانظر تمام تخريجها عنده.
وسيأتي برقم (٤٠٩٥) مختصرًا بقصة غدر
بني الأصفر - وهم الروم.
وقوله: «في ثمانين غاية» الغاية:
الراية، سميت بذلك، لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف.
(١)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، وقال الإمام الذهبي في
ترجمته من «الميزان» (٤٤٢٠): له حديث منكر، ويغلب على الظن أنه يعني به هذا الحديث.
وأخرجه الترمذي (٢٣١١) من طريق عبد
العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن!
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٣٠٢).
فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا
اللَّهُ» فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ
وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ الْآيَةَ [لقمان: ٣٤] (١).
٤٠٤٥
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لَا
يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُهُ مِنْهُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ
السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَى،
وتُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ وَيَبْقَى النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ
لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ» (٢).
(١) إسناده صحيح. وقد سلف تخريجه برقم (٦٤).
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٨١) و(٥٢٣١) و(٥٥٧٧)
و(٦٨٠٨)، ومسلم (٢٦٧١) والترمذي (٢٣٥١) والنسائي في «الكبرى» (٥٨٧٥) من طريق
قتادة، به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١١٩٤٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٦٨).
وأخرجه البخاري (٨٠)، ومسلم (٢٦٧١)،
والنسائي (٥٨٧٤) من طريق أبي التياح يزيد بن حميد الضبعي، عن أنس. دون ذكر ذهاب
الرجال.
وهو في «مسند أحمد» (١٢٥٢٧).
القيم: هو الذي يقوم بأمرهن، قال
العيني في «عمدته» ٢/ ٨٥: وكأن هذه الأشياء الخمسة المذكورة خصت بالذكر، لكونها
مشعرة باختلال الضرورات الخمس الواجب رعايتها في جميع الأديان التي بحفظها صلاح
المعاش والمعاد، ونظام أحوال الدارين، وهي الدين والعقل والنفس والنسب والمال،
فرفع العلم مخلٌّ بحفظ الدين، وشربُ الخمر بالعقل وبالمال أيضًا، وقلة الرجال سبب
الفتن بالنفس وظهور الزنى بالنسب، وكذا بالمال.
٤٠٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسُرَ الْفُرَاتُ عَنْ
جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ
عَشَرَةٍ تِسْعَةٌ» (١).
٤٠٤٧
- حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ
الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَفِيضَ الْمَالُ،
وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ» قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ، الْقَتْلُ، الْقَتْلُ» ثَلَاثًا (٢).
(١) حديث صحيح دون قوله: «فيُقتَل من كل عشرة
تسعةٌ» فهو شاذ، كما نبه عليه الحافظ في «الفتح» ١٣/ ٨١.
وهو في «مسند أحمد» (٧٥٥٤)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٦٩٢).
وأخرجه مسلم (٢٨٩٤) من طريقين عن
سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وقال فيه: «فيُقتل من كل مئة تسعة
وتسعون».
وهو في «مسند أحمد» (٨٠٦٢) من طريق
معمر، عن سهيل. لكن قال: «فيُقتل من كل مئة تسعون» أو قال: «تسعة وتسعون» على الشك!!
وهو في «مسند أحمد» (٨٣٨٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٦٩١) من طريق زهير بن معاوية، عن سهيل. كرواية مسلم.
وأخرجه البخاري (٧١١٩)، ومسلم
(٢٨٩٤)، وأبو داود (٤٣١٣)، والترمذي (٢٧٤٨) من طريق حفص بن عاصم، والبخاري (٧١١٩)
ومسلم (٢٨٩٤)، وأبو داود (٤٣١٤)، والترمذي (٢٧٤٩) من طريق عبد الرحمن الأعرج،
كلاهما عن أبي هريرة، رفعه: «يوشك الفرات أن يَحسِر عن كنز من ذهب، فمن حضره، فلا
يأخذ منه شيئًا» وقال الأعرج: «عن جبل من ذهب».
(٢)
إسناده صحيح. =
٢٦ - بَابُ ذَهَابِ الْقُرْآنِ
وَالْعِلْمِ
٤٠٤٨
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي
الْجَعْدِ
عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ:
ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ شَيْئًا، فَقَالَ: «ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ»
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ
الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ
لَأُرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ
وَالنَّصَارَى يَقْرَؤونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ
مِمَّا فِيهِمَا؟!» (١).
= وأخرجه مسلم بإثر الحديث (٢٦٧٢) من
طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به. وهو في «مسند أحمد» (٩٨٩٧).
وأخرجه البخاري (٨٥) و(١٠٣٦) و(١٤١٢)
و(٦٠٣٧)، ومسلم بإثر (٢٦٧٢)، وأبو داود (٤٢٥٥) من طرق عن أبي هريرة. زاد بعضهم
زيادات ليست في رواية ابن ماجه هذه.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٨٦).
وسيأتي برقم (٤٠٥٢) من طريق سعيد بن
المسيب، عن أبي هريرة.
(١)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعًا قال البخاري في
«التاريخ الكبير» في ترجمة زياد بن لبيد: لا أراه سمع من زياد. وجزم الحافظ في
«الإصابة» ٢/ ٥٨٧ بأنه لم يلقه. قلنا: لكن رواه جبير بن نفير، عن عوف بن مالك
بإسناد صحيح كما سيأتي.
وأخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في
«العلم» (٥٢)، وابن أبي شيبة ١٠/ ٥٣٦ - ٥٣٧، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٣/ ٣٤٤،
وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١٩٩٩)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٠٥)
والطبراني في «الكبير» (٥٢٩٠) و(٥٢٩١)، والحاكم ٣/ ٥٩٠ من طريق الأعمش، به.
=
٤٠٤٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ
بْنِ حِرَاشٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ
الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا
صَدَقَةٌ. وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبقَى
فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ، الشَّيْخُ
الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ
الْكَلِمَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا». فَقَالَ لَهُ
صِلَةُ (١): مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا
يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ
عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ
عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: يَا
صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ، ثَلَاثًا (٢).
= وهو في «مسند أحمد» (١٧٤٧٣).
وفي الباب عن عوف بن مالك عند
النسائي في «الكبرى» (٥٨٧٨). وإسناده صحيح، وهو عند أحمد (٢٣٩٩٠)، وابن حبان
(٤٥٧٢).
(١)
هو صلة بن زُفَر العبسي صاحب حذيفة.
(٢)
إسناده صحيح. أبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق بن أشيَمَ، وأبو معاوية: هو محمَّد
بن خازم الضرير، وعلي بن محمَّد: هو الطَّنافسي. وقد صحح إسناده البوصيري في
«مصباح الزجاجة» ورقة ٢٥٤، وكذلك الحاكم، ووافقه الذهبي، وقوى إسناده الحافظ في
«الفتح» ١٣/ ١٦.
وأخرجه البزار مختصرًا (٢٨٣٨)،
والحاكم ٤/ ٤٧٣، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢٥٢٨) من طريق أبي كريب محمَّد بن
العلاء، والحاكم ٤/ ٥٤٥ من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، كلاهما عن أبي
معاوية، بهذا الإسناد. وتحرف اسم أحمد في «مستدرك الحاكم» إلى: محمَّد، وصوبناه من
«إتحاف المهرة» للحافظ ابن حجر. =
٤٠٥٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَوَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ
شَقِيقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامٌ، يُرْفَعُ فِيهَا
الْعِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ»،
وَالْهَرْجُ: الْقَتْلُ (١).
٤٠٥١
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، يَنْزِلُ فِيهَا
الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ» قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ» (٢).
= وأخرجه مسدَّد في «مسنده» كما في
«مصباح الزجاجة» للبوصيري ورقة ٢٥٤ عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن
أبي مالك الأشجعي، به.
وأخرجه موقوفًا من قول حذيفة نعيم بن
حماد في «الفتن» (١٦٦٥) عن أبي معاوية، به.
وأخرجه موقوفًا كذلك محمَّد بن فضيل
في «الدعاء» (١٥)، وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٤٠٠/ ١ من طريق خلف بن خليفة،
كلاهما (محمَّد بن فضيل وخلف بن خليفة) عن أبي مالك الأشجعي، به.
(١)
إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، والأعمش: هو
سليمان بن مهران.
وأخرجه البخاري (٧٠٦٢)، ومسلم (٢٦٧٢)
من طريق سليمان الأعمش، به.
وأخرجه البخاري (٧٠٦٦) من طريق واصل
بن حيان، عن أبي وائل، به.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٩٥) و(٤١٨٣).
(٢)
إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، والأعمش: هو سليمان ابن مهران وأبو
معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير. =
٤٠٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ
قَالَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ،
وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا
الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ» (١).
٢٧
- بَابُ
ذَهَابِ الْأَمَانَةِ
٤٠٥٣
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيثَيْنِ: قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ
الْآخَرَ، حَدَّثَنَا: «أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ
الرِّجَالِ» - قَالَ الطَّنَافِسِيُّ: يَعْنِي وَسْطَ قُلُوبِ الرِّجَالِ - وَنَزَلَ
الْقُرْآنُ، فَعَلِمْنَا مِنْ الْقُرْآنِ وَعَلِمْنَا مِنْ السُّنَّةِ،
= وأخرجه البخاري (٧٠٦٢ - ٧٠٦٥)، ومسلم
(٢٦٧٢)، والترمذي (٢٣٤٦) من طريق الأعمش، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٣٦٩٥) و(١٩٤٩٢)
و(١٩٤٩٧).
(١)
إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي.
وأخرجه البخاري (٧٠٦١)، ومسلم بإثر
الحديث (٢٦٧٢) من طريق عبد الأعلى السامي، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٧١٨٦).
وهكذا صحح البخاري حديثَ الزهري، عن
سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، كما صحيح حديثَ الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن
أبي هريرة (٦٠٣٧)، وكذلك صنع مسلم بإثر (٢٦٧٢)، لكن الدارقطني في «العلل» ٩/ ١٨١
قال: المحفوظ حديث حميد.
ثُمَّ حَدَّثَنَا، عَنْ رَفْعِهَا،
فَقَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُرْفَعُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ،
فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كَأَثَرِ الْوَكْتِ، ثم يَنَامُ النَّوْمَةَ، فَتُنْزَعُ
الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كَأَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ
دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ
شَيْءٌ». ثُمَّ أَخَذَ حُذَيْفَةُ كَفًّا مِنْ حَصًى، فَدَحْرَجَهُ عَلَى سَاقِهِ.
قَالَ: فَيُصْبِحُ النَّاسُ
يَتَبَايَعُونَ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، حَتَّى يُقَالَ:
إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا
أَعْقَلَهُ! وَأَجْلَدَهُ! وَأَظْرَفَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ
إِيمَانٍ«.
وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ
وَلَسْتُ أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّ
عَلَيَّ إِسْلَامُهُ، وَلَئِنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَيَرُدَّنَّ
عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ إِلَّا فُلَانًا
وَفُلَانًا (١).
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٤٩٧)، ومسلم (١٤٣)،
والترمذي (٢٣٢٠) من طريق الأعمش، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في»مسند أحمد«(٢٣٢٥٥)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٧٦٢).
قوله:»الوكت«: هو النقطة في الشىء من
غير لونه.
و»المَجْل«: غِلَظ الجلد من أثر
العمل.
و»مُنتبرًا«: منتفخًا وليس فيه شيء،
وكل شيء رفع شيئًا فقد نَبرَهُ، ومنه اشتُق المنبر.
و»ساعيه«، الساعي واحد السُّعاة، وهم
الولاة على القوم، يعني أن المسلمين كانوا مهتمين بالإسلام، فيحتفظون بالصدق
والأمانة، والملوك ذوو عَدلِ، فما كنت أبالي أن أعامِل، إن كان مسلمًا ردَّه إلي
بالخروج عن الحق عمله بمقتضى الإسلام، وإن كان غير مسلم أنصفنى منه عامِلُه. قاله
ابن الأثير في»جامع الأصول" ١/ ٣٢١.
٤٠٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ
أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِي شَجَرَةَ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ
ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا نَزَعَ
مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نُزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءُ، لَمْ تُلْفِهِ إِلَّا
مَقِيتًا مُمَقَّتًا، فَإِذَا لَمْ تُلفِه إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، نُزِعَتْ
مِنْهُ الْأَمَانَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ، لَمْ تُلفِه إِلَّا
خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تُلفِه إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، نُزِعَتْ
مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، لَمْ تُلفِه إِلَّا
رَجِيمًا مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تُلفِه إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، نُزِعَتْ
مِنْهُ رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ» (١).
٢٨
- بَابُ
الْآيَاتِ
٤٠٥٥
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ
عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَبِي
سَرِيحَةَ، قَالَ: اطَّلَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غُرْفَةٍ، وَنَحْنُ
نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ
آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَالدُّخَانُ،
وَالدَّابَّةُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَخُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه
السلام، وَثَلَاثُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ،
وَخَسْفٌ
(١) إسناده ضعيف جدًا. سعيد بن سنان -وهو
الحنفي الحمصي- متروك الحديث. واتهمه بعضهم بالوضع.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند
حميد بن زنجويه في»الأدب«كما في»جامع العلوم والحكم«لابن رجب ١/ ٤٩٨، ومن طريقه
البيهقي في»الشعب" (٧٧٢٤). وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، وهو سيىء الحفظ.
بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ
تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنِ أَبْيَنَ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ،
تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا» (١).
٤٠٥٦
- حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو ابْنُ الْحَارِثِ،
وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ
مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَالدَّجَّالَ،
وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ» (٢).
٤٠٥٧
- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الْمُثَنَّى بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أبيه، عن
جَدِّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْآيَاتُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ» (٣).
(١) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (٤٠٤١) فانظر
تخريجه هناك.
(٢)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. سنان بن سعد وثقه بعضهم وضعفه
آخرون، وحديثه حسن في المتابعات.
وأخرجه ابن الأعرابي في «معجمه»
(٢١٦٠) و(٢١٦٥)، ومن طريقه أبو عمرو الداني في «السُّنن الواردة في الفتن» (٥٢٤)
و(٥٣٧) من طريق الربيع بن صَبيح، عن الحسن البصري ويزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك.
والربيع بن صبيح ضعيف يعتبر به.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم
(٢٩٤٧)، وهو في «مسند أحمد» (٨٣٠٣).
(٣)
إسناده ضعيف لضعف عون بن عمارة. وقد حكم على هذا الحديث بالوضع غير واحد من أهل
العلم كابن الجوزي في «الموضوعات»، وابن القيم في =
٤٠٥٨ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَعْقِلٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ، فَأَرْبَعُونَ سَنَةٍ
أَهْلُ بِرٍّ وَتَقْوَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى
=»المنار المنيف«، وقال الذهبي: أحسبه
موضوعًا. وقال البخاري: فقد مضى مئتان ولم يكن من الآيات شيء. وقال الدارقطني
في»العلل«٦/ ١٦٥: ليس ذلك شيء صحيح. قلنا: لكن صححه الحاكم ٤/ ٤٢٨ فلم يُصِب!
وقال ابن كثير في»النهاية«١/ ١١: لا
يصح، ولو صح فمحمول على ما وقع من الفتنة بسبب القول بخلق القرآن والمحنة للإمام
أحمد بن حنبل وأصحابه من أهل الحديث.
وقد وهم عونٌ في إسناده كذلك كما
أشار المزي في»تهذيب الكمال«في ترجمة المثنى بن ثمامة، فقال: هكذا وقع عند ابن
ماجه نسب عبد الله بن المثنى في هذا الحديث، وذلك وهم، ليس في نسبه ثمامة، إنما
ثمامة عمه، وهو معروف مشهور، وقد تقدم في موضعه على الصواب. قال: وفيه وهم آخر،
وهو قوله: عن أبيه عن جده، وإنما يروي عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن عبد
الله بن أنس وغيره كما تقدم في ترجمته، ولا نعرف له رواية عن أبيه ولا لغيره لا في
هذا الحديث ولا في غيره، والله أعلم.
وأخرجه العقيلي في»الضعفاء«٣/ ٣٢٩،
ومن طريقه ابن الجوزي في»العلل المتناهية«(١٤٢٩) من طريق عون بن عمارة، بهذا
الإسناد.
وأخرجه ابن الجوزي
في»الموضوعات" ٣/ ١٩٧ - ١٩٨ من طريق عون بن عمارة، عن عبد الله بن المثنى، عن
أبيه، عن جده أنس، عن أبي قتادة. وفي إسناده محمَّد بن يونس الكُديمي أيضًا وهو
الذي اتهمه ابن الجوزي بوضع هذا الحديث. قلنا: لكنه لم ينفرد به عن عون بل تابعه غيره.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٤٢٨، والمزي في
ترجمة المثنى بن ثمامة من طريق عون، عن ثمامة، عن أنس، عن أبي قتادة.
عِشْرِينَ وَمِئة سَنَةٍ أَهْلُ
تَرَاحُمٍ وَتَوَاصُلٍ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى سِتِّينَ وَمِئةٍ
أَهْلُ تَدَابُرٍ وَتَقَاطُعٍ، ثُمَّ الْهَرْجُ الْهَرْجُ، النَّجَاء النَّجَاء»
(١).
٤٠٥٨م
- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا خَازِمٌ أَبُو مُحَمَّدٍ
الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْمِسْوَرُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ: كُلُّ طَبَقَةٍ
أَرْبَعُونَ عَامًا، فَأَمَّا طَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي فَأَهْلُ عِلْمٍ
وَإِيمَانٍ، وَأَمَّا الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ، مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إِلَى
الثَّمَانِينَ، فَأَهْلُ بِرٍّ وَتَقْوَى». ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ (٢).
(١) إسناده ضعيف لضعف يزيد الرقاشي -وهو ابن
أبان-، وجهالة عبد الله بن معقل، ومتنه باطل كما قال أبو حاتم فيما نقله المزي في
ترجمة خازم العنزي من «تهذيب الكمال»، وقال الذهبي: خبر منكر، نقله عنه ابن حجر في
ترجمة المسور بن الحسن من «تهذيب التهذيب»، وذكر ابنُ الجوزي الحديثَ في
«الموضوعات». وأخرجه بنحوه ابن حبان في «المجروحين» ٢/ ١٧١، وابن الجوزي في
«الموضوعات» ٣/ ١٩٦ - ١٩٧ من طريق عباد بن عبد الصمد، عن أنس. قال العقيلي عن عباد
هذا: يروي عن أنس نسخة عامتها مناكير، وقال ابن حبان: له نسخة كتبناها عنه بهذا
الإسناد أكثرها موضوعة.
وانظر ما بعده.
وفي الباب عن أبي موسى وابن عباس عند
ابن الجوزي في «الموضوعات» ٣/ ١٩٦ - ١٩٧، وفي إسناد أبي موسى مجاهيل، وفي إسناد
ابن عباس يحيى بن عنبسة وهو كذاب.
وعن دارم التميمي عند الحسن بن سفيان
في «مسنده» وعنه الإسماعيلي في «الصحابة» كما في «الإصابة» لابن حجر ٢/ ٣٨٣. قال
الحافظ في إسناده ضعف.
(٢)
إسناده ضعيف لجهالة أبي معن والمسور بن الحسن وخازم العنزي، ومتنه منكر كسابقه.
٢٩ - بَابُ الْخُسُوفِ
٤٠٥٩
- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ ابْنُ سَلْمَانُ،
عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ طَارِقٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ» (١).
٤٠٦٠
- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَازِمِ
بْنِ دِينَارٍ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ
سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ
وَقَذْفٌ» (٢).
(١) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، غير
سيار، فاختُلف في تعيينه، فذهب البخاري في «تاريخه» إلى أنه أبو الحكم الواسطي
العزي الثقة، وتبعه على ذلك مسلم في «الكنى» والنسائي والدولابي وابن حبان، لكن
أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين وأبا داود والدارقطني قالوا: هو سيار أبو حمزة، وأن
بشيرًا كان يقول: أبا الحكم، وأن هذا ليس بشيء. قلنا: وهذا الثاني مقبول عند
المتابعة ولم يتابع. أبو أحمد: هو محمَّد بن عبد الله الزبيري.
وأخرجه البزار في «مسنده» (١٤٥٧)،
وأبو نعيم في «الحلية» ٧/ ١٢١ من طريق بشير بن سلمان، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن سهل بن سعد وابن عمر
وابن عمرو ستأتي أحاديثهم عند المصنف بعده على التوالي.
وعن أبي هريرة عند ابن حبان (٦٧٥٩)
وإسناده حسن.
(٢)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. أبو مصعب: هو أحمد بن
أبي بكر الزهري صاحب مالك.=
٤٠٦١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا
حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ
أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ
فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُقْرِأ عليكَ السَّلَامَ، قَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي
أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ، فَلَا تُقْرِئْهُ مِنِّي
السَّلَامَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي
- أَوْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ - مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ، فِي أَهْلِ الْقَدَرِ»
(١).
٤٠٦٢
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ
عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ»
(٢).
= وأخرجه عبد بن حميد (٤٥٢)، والروياني
في «مسنده» (١٠٤٣)، والطبراني في «الكبير» (٥٨١٠)، والخطبب في «تاريخ بغداد» ١٠/
٢٧٢ من طريق عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، به.
وانظر شواهده عند الحديث السالف.
(١)
المرفوع منه -وهو قوله: «يكون في أمتي أو في هذه الأمة مسخ وخسف وقذف» حسن لغيره،
وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي صخر: واسمه حميد بن زياد.
وأخرجه أبو داود (٤٦١٣)، والترمذي
(٢٢٩٣) من طريق أبي صخر، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب«! وانظر ما قبله.
(٢)
حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير -وهو محمَّد بن مسلم بن تدرس
المكي- لم يسمع من عبد الله بن عمرو. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وأبو
كُريب: هو محمَّد بن العلاء الهمداني.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ٤٢، والبزار
في»مسنده«(٢٣٧٦)، والحاكم ٤/ ٤٤٥، وابن عدي في»الكامل«٦/ ٢١٣٥ من طريق الحسن بن
عمرو، به.
وهو في»مسند أحمد" (٦٥٢١).
٣٠ - بَابُ جَيْشِ الْبَيْدَاءِ
٤٠٦٣
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ يَقُولُ:
أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ، أَنَّهَا
سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ
يَغْزُونَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، خُسِفَ
بِأَوْسَطِهِمْ، وَيَتَنَادَى أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ، فَلَا يَبْقَى
مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ».
فَلَمَّا جَاءَ جَيْشُ الْحَجَّاجِ،
ظَنَنَّا أَنَّهُمْ هُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَشْهَدُ عَلَيْكَ أَنَّكَ لَمْ
تَكْذِبْ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَنَّ حَفْصَةَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ (١).
٤٠٦٤
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْمُرْهِبِيِّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ
صَفْوَانَ
عَنْ صَفِيَّةَ، قَالَتْ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَنْتَهِي النَّاسُ عَنْ غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ، حَتَّى
يَغْزُوَ جَيْشٌ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ -أَوْ ببَيْدَاءَ
(١) حديث صحيح. هشام بن عمار متابع.
وأخرجه مسلم (٢٨٨٣)، والنسائي ٧/ ٢٠٥
من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في»مسند أحمد" (٢٦٤٤٤).
وأخرجه مسلم (٢٨٨٣) من طريق يوسف بن
ماهك، عن عبد الله بن صفوان، عن أم المؤمنين- ولم يُسمَّها.
وأخرجه النسائي ٥/ ٢٠٧ من طريق سالم
بن أبي الجعد، عن أخيه، عن ابن أبي ربيعة، عن حفصة، نحوه.
مِنْ الْأَرْضِ - خُسِفَ
بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ» قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ
فِيهِمْ مَنْ يُكْرَهُ؟ قَالَ:«يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ»
(١).
٤٠٦٥
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الصَّبَّاحِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ،
قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ،
سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:
ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْجَيْشَ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ، فَقَالَتْ أُمُّ
سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَعَلَّ فِيهِمُ الْمُكْرَهَ؟! قَالَ: «إِنَّهُمْ
يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» (٢).
(١) حديث صحيح دون قوله: «لا ينتهي الناسُ عن
غزو هذا البيت». وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسلم بن صفوان.
وأخرجه الترمذي (٢٣٢٩) من طريق أبي
نُعيم الفضل بن كين، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٨٥٨).
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (٢٣١٢) عن نصر بن علي
وحده، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٧٥).
وأخرجه بأتم منه البخاريُّ (٢١١٨) من
طريق إسماعيل بن زكريا، عن محمَّد ابن سُوقة، عن نافع بن جبير، عن عائشة. فجعله من
مسند عائشة، ولا يضر الاختلاف في اسم الصحابي.
وأخرجه مسلم (٢٨٨٢)، وأبو داود
(٤٢٨٩) من طريق عُبيد الله بن القبطية، عن أم سلمة.
وهو في «مسند أحمد» (٢٦٤٨٧)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٥٦).
٣١ - بَابُ دَابَّةِ الْأَرْضِ
٤٠٦٦
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ
بْنِ دَاوُدَ، وَعَصَا مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، عليهما السلام، فَتَجْلُو وَجْهَ
الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا، وَتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتِمِ، حَتَّى إنَّ
أَهْلَ الْخوَان (١) لَيَجْتَمِعُونَ، فَيَقُولُ هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَيَقُولُ
هَذَا: يَا كَافِرُ» (٢).
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ:
حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نصر (٣)، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ .. فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَقَالَ فِيهِ مَرَّةً:
«فَيَقُولُ هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَهَذَا: يَا كَافِرُ».
(١) هكذا في (م) وبعض النسخ الأخرى، وفي
بعضها الآخر: الحِوَاء. والخِوان: ما يوضع عليه الطعام، والحِواء: اسم المكان الذي
يحوي الشيء، أي: يضمه ويجمعه.
(٢)
إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- وجهالة شيخه أوس بن خالد.
وأخرجه الترمذي (٣٤٦٤) من طريق حماد
بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن!
وهو في «مسند أحمد» (٧٩٣٧).
قوله: «تجلو وجه المؤمن» أي: تنوِّره.
وتَخطِم: تضرب، أو تَسِمُ أنفه، أي:
تكويه.
(٣)
تحرف في المطبوع إلى: إبراهيم بن يحيى. والتصويب من أصولنا الخطية، وإبراهيم بن
نصر هذا هو أبو إسحاق الرازي الحافظ، وقد سلف في غير ما موضع رواية القطان عنه،
وله ترجمة في «الإرشاد» للخليلي (٣٩٣)، و«سير أعلام النبلاء» ١٣/ ٣٥٥.
٤٠٦٧ - حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ
بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ
عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَهَبَ بِي
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ، قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، فَإِذَا
أَرْضٌ يَابِسَةٌ حَوْلَهَا رَمْلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَخْرُجُ
الدَّابَّةُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ». فَإِذَا فِتْرٌ فِي شِبْرٍ.
قَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: فَحَجَجْتُ
بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ، فَأَرَانَا عَصًا لَهُ، فَإِذَا هُوَ بِعَصَايَ هَذِهِ،
كَذَا وَكَذَا (١).
٣٢
- بَابُ
طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
٤٠٦٨
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ ابْنِ
الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ، آمَنَ مَنْ
عَلَيْهَا، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا (٢)» (٣).
(١) إسناده ضعيف جدًا. خالد بن عُبيد -وهو
العتكي المروزي- متروك الحديث. أبو تُميلة: هو يحيى بن واضح.
وأخرجه البخاري تعليقًا في «التاريخ
الكبير» ٣/ ١٦٢، وابن عدي في «الكامل» ٣/ ٨٩٦ - ٨٩٧ و٨٩٧ من طرق عن أبي تُميلة
يحيى بن واضح، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٠٢٣).
(٢)
زاد في المطبوع: لم تكن آمنت من قبل. وهذه الزيادة ليست في شيء من أصولنا الخطية.
(٣)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٤٦٣٥)، ومسلم (١٥٧)،
وأبو داود (٤٣١٢)، والنسائي في «الكبرى» (١١١١٢) و(١١١١٣) من طريق عمارة بن
القعقاع، به. =
٤٠٦٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي
زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَّلُ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ
مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى».
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَيّهُمَا
مَا خَرَجَتْ قَبْلَ الْأُخْرَى، فَالْأُخْرَى مِنْهَا قَرِيبٌ. قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ: وَلَا أَظُنُّهَا إِلَّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا (١).
٤٠٧٠
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ بَابًا
مَفْتُوحًا، عَرْضُهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحًا
لِلتَّوْبَةِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ، فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ
نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ،
أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا» (٢).
= وهو في «مسند أحمد» (٧١٦١).
وأخرجه البخاري (٤٦٣٦)، ومسلم (١٥٧)
من طرق عن أبي هريرة.
وهو في «مسند أحمد» (٨١٣٨)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٨٣٨).
(١)
إسناده صحيح. علي: هو ابن محمَّد الطَّنافسي، وأبو حيان: هو يحيى بن سعيد ابن
حيان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ووكيع: هو ابن الجراح.
وأخرجه مسلم (٢٩٤١)، وأبو داود
(٤٣١٠) من طريق أبي حيان يحيى بن سعيد، به.
وهو في «مسند أحمد» (٦٥٣١).
(٢)
إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود- فهو حسن الحديث. زر: هو ابن
حُبَيش، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. =
٣٣ - بَابُ فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَخُرُوجِ
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
٤٠٧١
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الدَّجَّالُ أَعْوَرُ عَيْن الْيُسْرَى، جُفَالُ الشَّعَرِ،
مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ» (١).
٤٠٧٢
- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالُوا:
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ
أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ
= وأخرج الترمذي (٣٨٤٥) و(٣٨٤٦)،
والنسائي في «الكبرى» (١١١١٤) من طريق عاصم بن أبي النجود، به. وقال الترمذي: حديث
حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٨٠٨٩)
و(١٨٠٩٣)، و«صحيح ابن حبان» (١٣٢١).
(١)
إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، والأعمش: هو سليمان ابن مِهران، وأبو
معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير.
وأخرجه مسلم (٢٩٣٤) من طريق أبي
معاوية الضرير، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٥٠).
وأخرجه بنحوه البخاريُّ (٣٤٥٠)
و(٧١٣٠)، ومسلم (٢٩٣٤) من طريق ربعي ابن حراش، عن حذيفة عن النبي ﷺ ولم يذكر
البخاريُّ ولا مسلم في بعض طرقه صفةَ عين الدجال وشعره.
وهو في «مسند أحمد» (٢٣٢٧٩).
وأخرجه أبو داود بنحو لفظ البخاريُّ
ومسلم (٤٣١٥) من طريق ربعي لكن جعله من قول حذيفة موقوفًا، وفيه أن أبا مسعود
البدري قال موافقًا له: هكذا سمعتُ من رسول الله ﷺ يقول.
قوله: «جُفال الشعر» أي: كثيره.
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ
بِالْمَشْرِقِ، يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ
وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ» (١).
٤٠٧٣
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا
سَأَلْتُهُ -وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: أَشَدَّ سُؤَالًا مِنِّي- فَقَالَ لِي: مَا
(١) حديث حسن كما قال الترمذي رحمه الله،
المغيرة بن سبيع روى عنه ثلاثة من الثقات وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال العجلي:
تابعي ثقة، ووثقه الحافظ في «التقريب» فتعقبناه في «التحرير» فقلنا: أحسن أحواله
أن يكون حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وقوله في هذا الحديث: «أن الدجال يخرج من
أرض بالمشرق يقال لها: خراسان» يعارضه حديث النواس بن سِمعان الطويل عند مسلم
(٢٩٣٧) وفيه: «إنه خارجٌ خَلَّةَ بين الشام والعراق». وخلَّة بفتح الخاء وتشديد
اللام، قال ابن الأثير: طريقًا بين الشام والعراق.
تنبيه: قد سلف منا أن صحَّحنا هذا
الحديث في غير ما موضع من تخريجاتنا فليُستدرك من هنا، والله الموفق.
وأخرجه الترمذي (٢٣٨٧) من طريق رَوح،
بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب، وقد رواه عبد الله بن شوذَب، عن أبي التياح، ولا
نعرفه إلا من حديث أبي التياح. قلنا: أخرجه من طريق ابن شوذب: البزار (٤٦) و(٤٧)،
وأبو بكر المروزي في «مسند أبي بكر» (٥٨) و(٥٩)، وغيرهما.
وهو في «مسند أحمد» (١٢) عن روح بن
عُبادة.
قوله: «المجان المُطرقة» أي: التراس
التي أُلبِست العَقَب شيئًا فوق شيء، أراد أنهم عِراض الوجوه غلاظها. قاله في
«اللسان».
تَسْأَلُ عَنْهُ؟» قُلْتُ: إِنَّهُمْ
يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، قَالَ: «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى
اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» (١).
٤٠٧٤
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي
خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ،
قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَكَانَ
لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَاشْتَدَّ
ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَمِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَجَالِسٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ
بِيَدِهِ أَنْ اقْعُدُوا: «فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا قُمْتُ مَقَامِي [هَذَا]
لِأَمْرٍ يَنْقُصُكُمْ (٢) لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنَّ تَمِيمًا
الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي الْقَيْلُولَةَ، مِنْ
الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ عَلَيْكُمْ فَرَحَ
نَبِيِّكُمْ، أَلَا إِنَّ
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٧١٢٢)، ومسلم (٢١٥٢)
و(٢٩٣٩) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به.
وهو في»مسند أحمد«(١٨١٥٥)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٧٨٢).
قال ابن كثير في»النهاية«١/ ١٤٧: وقد
تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء كابن حزم والطحاوي وغيرهما في أن الدجال
مُمخرِق مُموِّه، لا حقيقة لما يُبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه، بل
كلها خيالات عند هؤلاء.
وقال الشيخ علي القاري في»شرح
المشكاة«تعليقًا على قوله:»هو أهون على الله من ذلك«: أي: هو أحقر من أن الله
تعالى يحقق له ذلك، وإنما هو تخييل وتمويه للابتلاء.
وقال الشيخ أنور الكشميري في»فيض
الباري" ٤/ ١٩: واعلم أنه لا يكون مع الدجال إلا تخيلات ليس لها حقائق فلا
يكون لها ثبات، وإنما يراه الناس في أعينهم فقط.
(٢)
هكذا في أصولنا الخطية، وفي المطبوع: ينفعكم.
ابْنَ عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ
أَخْبَرَنِي أَنَّ الرِّيحَ أَلْجَأَتْهُمْ إِلَى جَزِيرَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا،
فَقَعَدُوا فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ، فَخَرَجُوا فِيهَا، فَإِذَا هُمْ بِشَيْءٍ
أَهْدَبَ، أَسْوَدَ كثير الشعر، قَالُوا لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا
الْجَسَّاسَةُ. قَالُوا: أَخْبِرِينَا، قَالَتْ: مَا أَنَا بِمُخْبِرَتِكُمْ
شَيْئًا، وَلَا سَائِلَتِكُمْ، وَلَكِنْ هَذَا الدَّيْرُ قَدْ رَمَقْتُمُوهُ،
فَأْتُوهُ، فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا بِالْأَشْوَاقِ إِلَى أَنْ تُخْبِرُوهُ
وَيُخْبِرَكُمْ.
فَأَتَوْهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ،
فَإِذَا هُمْ بِشَيْخٍ مُوثَقٍ، شَدِيدِ الْوَثَاقِ، يُظْهِرُ الْحُزْنَ، شَدِيدِ
التَّشَكِّي، فَقَالَ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالُوا: مِنْ الشَّامِ، قَالَ: مَا
فَعَلَتْ الْعَرَبُ؟ قَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ، عَمَّ تَسْأَلُ؟
قَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا،
نَاوَأَ قَوْمًا، فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأَمْرُهُمْ الْيَوْمَ
جَمِيعٌ: إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، قَالَ: مَا فَعَلَتْ عَيْنُ
زُغَرَ؟ قَالُوا: خَيْرًا، يَسْقُونَ مِنْهَا زُرُوعَهُمْ، وَيَسْتَقُونَ مِنْهَا
لِسَقْيِهِمْ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وبيسانَ؟ قَالُوا:
يُطْعِمُ ثَمَرَهُ كُلَّ عَامٍ. قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ؟
قَالُوا: تَدَفَّقُ جَنَبَاتُهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ. قَالَ: فَزَفَرَ ثَلَاثَ
زَفَرَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ انْفَلَتُّ مِنْ وَثَاقِي هَذَا، لَمْ
أَدَعْ أَرْضًا إِلَّا وَطِئْتُهَا بِرِجْلَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا طَيْبَةَ، لَيْسَ
لِي عَلَيْهَا سَبِيلٌ». قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِلَى هَذَا انْتَهِى فَرَحِي،
هَذِهِ طَيْبَةُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا فِيهَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ وَلَا
وَاسِعٌ، وَلَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ، إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (١).
(١) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف مُجالد
-وهو ابن سعيد الهمداني- وهو متابع. الشعبي: هو عامر بن شراحيل.
=
٤٠٧٥ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ يَزِيدَ
بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ،
حَدَّثَنِي أَبِي
أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ
سِمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الدَّجَّالَ
الْغَدَاةَ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ
النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ:
«مَا شَأْنُكُمْ؟» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ
الْغَدَاةَ، فَخَفَّضْتَ فِيهِ ثُمَّ رَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي
طَائِفَةِ النَّخْلِ. قَالَ: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ: إِنْ
يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ
فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ،
إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ قَائِمَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ
الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ رَآهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ
سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الْعِرَاقِ والشَّامِ،
فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّهِ، اثْبُتُوا» قُلْنَا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ يَوْمًا،
يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ،
= وأخرجه أبو داود (٤٣٢٧) من طريق
إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد. ولم يسُق لفظه.
وأخرجه بنحوه مسلم (٢٩٤٢)، وأبو داود
(٤٣٢٦) من طريق عبد الله بن بُريدة، والترمذي (٢٤٠٣) من طريق قتادة بن دعامة،
كلاهما عن عامر الشعبي، عن فاطمة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من حديث
قتادة، عن الشعبي.
وقد رواه غير واحدِ عن الشعبي، عن
فاطمة بنت قيس.
وهو في»مسند أحمد«(٢٧١٠١)، و»صحيح
ابن حبان«(٦٧٨٧).
قوله:»أهدَب«: أي: طويل أشفار العين
النابت كثيرُها. قاله في»اللسان«.
و»عين زُغَر«، بضم أوله وفتح ثانيه
بعدها راء مهملة: اختلف فيها، فقيل: هي بالشام. زغر امرأة نُسبت إليسا هذه العين.
قاله البكري في»معجم ما استعجم".
وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ
أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ
الَّذِي كَسَنَةٍ، أتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «فَاقْدُرُوا لَهُ
قَدْرًا». قَالَ: قُلْنَا: فَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: كَالْغَيْثِ
اسْتَدْبَرَتْهُ (١) الرِّيحُ".
قَالَ: فَيَأْتِي الْقَوْمَ
فَيَدْعُوهُمْ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ
أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ،
وَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَشبَعهُ ضُرُوعًا،
وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ
عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ، مَا
بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يَمُرَّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي
كُنُوزَكِ، فَيَنْطَلِقُ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ
يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً،
فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ، رَمْيَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ
يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ.
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ
اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ مَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ،
شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ
مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَ يَتحَدِرُ مِنْهُ
جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، وَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ أن يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا
مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرَفُهُ، فَيَنْطَلِقُ حَتَّى
يُدْرِكَهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتِي نَبِيُّ اللَّهِ
عِيسَى عليه السلام قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ، فَيَمْسَحُ وُجُوهَهُمْ
وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ
أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا عِيسَى، إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا
يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فأَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ.
(١) في (ذ) و(م): اشتدَّ به.
وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ
وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: ﴿مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦]، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ
الطَّبَرِيَّةِ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، ثُمَّ يَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ:
لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا مَاءٌ مَرَّةً.
وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عيسى
وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ
مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى
وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي
رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَيَهْبِطُ
نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَجِدُونَ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا
قَدْ مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ، فَيَرْغَبُونَ إِلَى
اللَّهِ سبحانه، فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ،
فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مَطَرًا لَا يُكِنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُهُ
حَتَّى يَتْرُكَهُ كَالزَّلَقَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ،
وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ
فَتُشْبِعُهُمْ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارِكُ اللَّهُ فِي الرِّسْلِ
حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ تَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ،
وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ (١) تَكْفِي الْقَبِيلَةَ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ
الْغَنَمِ تَكْفِي الْفَخِذَ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ
كُلَّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى سَائِرُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ كَمَا تَتَهَارَجُ
الْحُمُرُ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ» (٢).
(١) في (ذ) و(م): من العَنْز، وهو تحريف.
(٢)
حديث صحيح. وهذا إسناد سقط منه يحيى بن جابر الطائي بين عبد الرحمن ابن يزيد بن
جابر، وبين عبد الرحمن بن جُبير، وقد رواه ابن منده في «الإيمان» (١٠٢٧) من طريق
هشام بن عمار فذكر يحيى بن جابر! =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه مسلم (٢٩٣٧)، وأبو داود
(٤٣٢١)، والترمذي (٢٣٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٧٩٧٠) و(١٠٧١٧) من طريق الوليد بن
مسلم الدمشقي، ومسلم (٢٩٣٧)، والترمذي (٢٣٩٠)، والنسائي (٧٩٧٠) و(١٠٧١٧) من طريق
عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،
عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الله بن جبير بن نُفَير، عن أبيه، عن النواس.
فزادا في الإسناد يحيى بن جابر الطائي. وقال الترمذي: غريب حسن صحيح.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٦٢٩).
قاله السندي: قوله: «فخفض فيه ورفع»
المشهور تخفيف الفاء في «خفض ورفع»، وروي تشديدُها، واستعمل فيه كل فن من خفض
ورفعِ، حتى ظنناه لغاية المبالغة في تقريبه أنه في طائفة من نخل المدينة. وقيل:
أي: حقر أمره لأنه أعور، وأهون على الله، وأنه يضمحلُّ أمره وعِظمُه بجعل الخوارق
بيده، أو خفض صوته بعد تعبه لكثرة التكلم فيه، ثم رفعه بعد الاستراحة ليبلغ كاملًا.
«وإن يخرج» كلمة (إن) شرطية، قاله قبل
أن يوحَى إليه بوقته، ثم علم بوقته وأن عيسى يقتلُه، ويحتمل أنه أراد إعلام الناس
بقرب خروجه.
«قطط» بفتحتين، أي: شديد جُعودة الشعر.
«قائمة» قال ابن منظور: هي العين التي
ذهب بصرها، وحدقها صحيحة.
«فعاث» قال السندي: من العَيث، وهو
أشد الفساد.
«يا عباد الله، اثبتوا» قال ابن
العربي: هذا من كلام النبي ﷺ تثبيتًا للخلق، قال القرطبي: اثبتوا، أي: على
الإسلام، يحذرهم من فتنته.
كما لبثُه«بفتح اللام وضمها، أي: ما
مقدار لُبثه.
»سارحتُهم«ماشتهم.
»ذرأ«بضم الذال المعجمة، جمع ذُروة،
وهي أعلى سنام البعير.
»فيردُّون«من الردُّ، أي: يكذبونه.
»كيعاسيب النحل " جمع يعسُوب،
وهو أمير النحل، أي: تظهر له وتجتمع له كما تجتمع النحل على يعاسبيها.
=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
«جَزلتَين»، أي: قطعتَين.
«رمية الغَرض» بفتح غين معجمة وراء،
وهو الهدف، قال في «النهاية»: أراد أن بُعدَ ما بين القطعتين يكون بقدر رمية السهم
إلى الهدف، وقيل: معناه وصفُ الضربة، أي: تصيبه إصابة رمية الغرض.
«يتهلل وجهه» يضحك ويظهر عليه أمارات
السرور.
«بين مَهرودتَين» أي: بين حُلَّتين
شبيهتين بالمصبوع بالهُرد، والهُرد بالضم عِرق معروف، وقيل: الثوب المهرود، الذي
يُصبغ بالورس ثم بالزعفران.
«لُد»: بضم اللام وتشديد الدال: مدينة
تقع على مسافة عشرة أميال جنوبي شرق ياقا.
«لا يدان» أي: لا قوة ولا قُدرة.
﴿مِنْ
كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ بفتحتين، أي: مرتفع من الأرض.
﴿يَنْسِلُونَ﴾
أي: يُسرعون.
«النغف» بفتحتين وغين معجمة آخره فاء:
دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدُه نَغَفَة.
«فرسى» كقتلى لفظًا ومعنى، جمع فَريس.
«زهمهم» أي: دَسَمُهم.
«لا يكنُّ» أي: لا يمنع من نزول الماء.
«كالزلَقة» روي بالفاء والقاف، قيل:
هي المرآة، وقيل: مصانع الماء.
«بقِحفها» بالكسر، أي: بقشرها، وأصله
ما فوق الدماغ مع الرأس.
«الرِّسل» بكسر الراء وسكون السين
المهملة: اللبن.
«اللقحة» بفتح اللام وكسرها: الناقة
القريبة العهد بالنتاج.
«الفئام» بالهمزة ككتاب، الجماعة
الكثيرة.
«الفخد» هو دون البطن، والبطن دون
القبيلة.
«يتهارجون» أي: يتسافَدون.
٤٠٧٦ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
جَابِرٍ الطَّائِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ،
عَنْ أَبِيهِ
أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ
سِمعان يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَيُوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ، سَبْعَ سِنِينَ» (١).
٤٠٧٧
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ
أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ،
قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا
حَدَّثَنَاهُ عَنْ الدَّجَّالِ، وَحَذَّرَنَاهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ
قَالَ: "إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ
ذُرِّيَّةَ آدَمَ، أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ
يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، وَأَنَا آخِرُ
الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ، وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا
مَحَالَةَ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ فَأَنَا حَجِيجٌ
لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلُّ امْرِئٍ حَجِيجُ
نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ
خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَيَعِيثُ يَمِينًا وَيَعِيثُ شِمَالًا،
يَا عِبَادَ اللَّهِ أيها الناس، فَاثْبُتُوا، فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً
لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي.
(١) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع.
وأخرجه الترمذي ضمن الحديث الطويل
السالف قبله (٢٣٩٠) من طريق الوليد ابن مسلم وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. وإسناده صحيح. وقال الترمذي:
حديث غريب حسن صحيح.
إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ: أَنَا
نَبِيٌّ؛ وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ؛
وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ
رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ،
يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ أَوْ غَيْرِ كَاتِبٍ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ
أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَمَنْ
ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَلْيَقْرَأْ فَوَاتِحَ الْكَهْفِ،
فَتَكُونَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، كَمَا كَانَتْ النَّارُ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ.
وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ
يَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ،
أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ
فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ
رَبُّكَ. وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ،
فَيَقْتُلَهَا، وَيَنْشُرَهَا بِالْمِنْشَارِ، حَتَّى يُلْقَى شِقَّتَيْنِ، ثُمَّ
يَقُولَ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا، فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الْآنَ، ثُمَّ
يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ، وَيَقُولُ لَهُ
الْخَبِيثُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَأَنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ،
أَنْتَ الدَّجَّالُ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ بَعْدُ أَشَدَّ بَصِيرَةً بِكَ مِنِّي
الْيَوْمَ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ
الطَّنَافِسِيُّ: فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ
ابْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ذَلِكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي
الْجَنَّةِ».
قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ:
وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،
حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.
قَالَ الْمُحَارِبِيُّ: ثُمَّ
رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: "وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ
أَنْ يَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ
تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ،
وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ
يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ، فَلَا تَبْقَى لَهُمْ سَائِمَةٌ إِلَّا
هَلَكَتْ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُصَدِّقُونَهُ،
فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ
فَتُنْبِتَ، حَتَّى تَرُوحَ مَوَاشِيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ مَا
كَانَتْ وَأَعْظَمَهُ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُرُوعًا، وَإِنَّهُ لَا
يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَّا وَطِئَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ، إِلَّا مَكَّةَ
وَالْمَدِينَةَ، لَا يَأْتِيهِمَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهِمَا إِلَّا
لَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلْتَةً، حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ
الظُّرَيْبِ الْأَحْمَرِ، عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبَخَةِ، فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ
بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إِلَّا
خَرَجَ إِلَيْهِ، فَتَنْفِي الْخَبَثَ مِنْهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ
الْحَدِيدِ، وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلَاصِ».
فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ
أَبِي الْعُكَرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:
"هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَإِمَامُهُمْ
رَجُلٌ صَالِحٌ، فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمْ
الصُّبْحَ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام الصُّبْحَ،
فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَي، لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى عليه
السلام يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَيَضَعُ عِيسَى عليه السلام يَدَهُ بَيْنَ
كَتِفَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ،
فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ، فَإِذَا انْصَرَفَ، قَالَ عِيسَى عليه السلام:
افْتَحُوا الْبَابَ، فَيُفْتَحُ،
وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ، كُلُّهُمْ ذُو
سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ ذَابَ كَمَا
يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، وَيَنْطَلِقُ هَارِبًا، وَيَقُولُ عِيسَى عليه
السلام: إِنَّ
لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ اللُّدِّ
الشَّرْقِيِّ فَيَقْتُلُهُ،
فَيَهْزِمُ اللَّهُ الْيَهُودَ، فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ
يَتَوَارَى بِهِ يَهُودِيٌّ إِلَّا أَنْطَقَ اللَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، لَا حَجَرَ
وَلَا شَجَرَ وَلَا حَائِطَ وَلَا دَابَّةَ- إِلَّا الْغَرْقَدَةَ، فَإِنَّهَا
مِنْ شَجَرِهِمْ، لَا تَنْطِقُ- إِلَّا قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ الْمُسْلِمَ،
هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ اقْتُلْهُ».
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَإِنَّ
أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ، وَالسَّنَةُ
كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ،
يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، فَلَا يَبْلُغُ بَابَهَا الْآخَرَ
حَتَّى يُمْسِيَ» فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ
الْأَيَّامِ الْقِصَارِ؟ قَالَ: «تَقْدُرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ، كَمَا
تَقْدُرُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، ثُمَّ صَلُّوا» قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «فَيَكُونُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فِي أُمَّتِي حَكَمًا
عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا، يَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ،
وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ، فَلَا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ وَلَا
بَعِيرٍ، وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ، وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ،
حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الْحَيَّةِ فَلَا تَضُرَّهُ، وَتُفِرَّ
الْوَلِيدَةُ الْأَسَدَ فَلَا يَضُرُّهَا، وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ
كَأَنَّهُ كَلْبُهَا، وَتُمْلَأُ الْأَرْضُ مِنْ السِّلْمِ كَمَا يُمْلَأُ
الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ، وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً، فَلَا يُعْبَدُ
إِلَّا اللَّهُ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَتُسْلَبُ قُرَيْشٌ مُلْكَهَا،
وَتَكُونُ الْأَرْضُ كَفَاثُورِ الْفِضَّةِ، تُنْبِتُ نَبَاتَهَا بِعَهْدِ آدَمَ،
حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الْقِطْفِ مِنْ الْعِنَبِ فَيُشْبِعَهُمْ،
وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعَهُمْ، وَيَكُونَ الثَّوْرُ
بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ، وَتَكُونَ الْفَرَسُ بِالدُّرَيْهِمَاتِ» قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُرْخِصُ الْفَرَسَ؟ قَالَ: "لَا تُرْكَبُ لِحَرْبٍ
أَبَدًا. قِيلَ لَهُ: فَمَا يُغْلِي
الثَّوْرَ؟ قَالَ: تُحْرَثُ الْأَرْضُ كُلُّهَا، وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ
الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ، يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ،
يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ السَّنَةِ الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا،
وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ
فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ
ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ
الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ، فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً، وَيَأْمُرُ
الْأَرْضَ، فَتَحْبِسُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ، فَلَا
تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ إِلَّا هَلَكَتْ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ عز وجل».
قِيلَ: فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي
ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: «التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ
وَالتَّحْمِيدُ، وَيُجْزي ذَلِكَ عَنهِمْ مجْزأة الطَّعَامِ» (١).
(١) إسناده ضعيف لانقطاعه فإن السَّيباني لم
يسمع من أبي أمامة، بينهما في الإسناد عمرو بن عبد الله السَّيباني الحضرمي كلما
رواه ضمرة بن ربيعة وعطاء الخراساني كلما سيأتي، وهو الذي صوبَه المزي في
«التهذيب» في ترجمة زرعة السيباني، وابن حجر في «النكت الظراف» ٤/ ١٧٥. وإسماعيل
بن رافع ضعيف الحديث، ولعل الوهم منه. وقال ابن كثير في «تفسيره» ٢/ ٤١٣: هذا حديث
غريب جدًا من هذا الوجه، ولبعضه شواهد من أحاديث أُخر.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني كلما في
«النكت الظراف» لابن حجر ٤/ ١٧٥ عن أبي الشيخ الأصبهاني، عن عبد الرحمن بن مسلم،
عن سهل بن عثمان، عن عبد الرحمن ابن محمَّد المحاربي، عن أبي رافع إسماعيل بن
رافع، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله، عن أبي
أمامة. على الصواب.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو داود
(٤٣٢٢)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٤٢٩)، وفي «الآحاد والمثاني» (١٢٤٩)، ونعيم بن
حماد في «الفتن» مقطعًا (١٤٤٦) و(١٤٩١) و(١٥١٦) و(١٥٥٤) و(١٥٦٢) و(١٥٧٢) و(١٥٨٩)،
والروياني في «مسنده» (١٢٣٩)، وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٢١، والطبراني في
«الكبير» (٧٦٤٥) من =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= طريق ضمرة بن ربيعة، والطبراني في
«الكبير» (٧٦٤٤)، وفي «الشاميين» (٨٦١) من طريق عطاء الخُراساني، وابن أبي حاتم
كما في «شرح أصول الاعتقاد» (٨٥٠) و(٨٥١) من طريق محمَّد بن شعيب بن شابور. ثلاثهم
عن أبي زرعة يحيى بن عمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي، عن أبي أمامة.
وهذا إسناد ضعيف أيضًا لجهالة عمرو بن عبد الله الحضرمي.
ولقوله: «إن الله لم يبعث نبيًا إلا
حذر أمته الدجال» شاهد من حديث ابن عمر عند البخاري (٣٠٥٧) و(٦١٧٥)، ومسلم (٢٩٣١).
وقوله: «وإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم
فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكل امرىء حجيج نفسه، والله خليفتي على كل
مسلم ... إلى قوله: وإن ربكم ليس بأعورا» له شاهد من حديث النواس بن سمعان السالف
برقم (٤٠٧٥)، وهو في «صحيح مسلم» (٢٩٣٧).
وقوله: «مكتوب بين عينيه: كافر،
يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب» له شاهد من حديث أنس بن مالك عند البخاري (٧١٣١)،
ومسلم (٢٩٣٣).
وآخر من حديث رجل من أصحاب رسول الله
ﷺ عند مسلم بإثر الحديث (٢٩٣١).
وقوله: «وإن من فتنته أن معه جنة
ونارًا ... إلى قوله: على إبراهيم» له شاهد من حديث حذيفة بن اليمان وأبي مسعود
البدري عند البخاري (٣٤٥٠) و(٧١٣٠)، ومسلم (٢٩٣٤) و(٢٩٣٥).
وآخر من حديث أبي هريرة عند مسلم
(٢٩٣٦).
ولقراءة فواتح سورة الكهف انظر حديث
النواس بن سمعان السالف برقم (٤٠٧٥) وهو في «مسلم» (٢٩٣٧).
وقصة قتله الرجل وشقه شقين ثم بعثه
لها شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (١٨٨٢)، ومسلم (٢٩٣٨).
وقوله: «ذلك أرفع أمتي درجة في
الجنة» روي من طريق أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (٢٩٣٨) بلفظ: «هذا
أعظم الناس شهادة عند رب العالمين».
ولأمره السماء أن تُمطر والأرض أن
تُنبت إلى قوله: «وأدرَّه ضروعًا» له شاهد من حديث النواس بن سمعان السالف برقم
(٤٠٧٥)، وهو في «صحيح مسلم» (٢٩٣٧). =
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . .
= ولحراسة مكة والمدينة منه له شاهد من
حديث فاطمة بنت قيس عند مسلم (٢٩٤٢).
وآخر من حديث أنس عند البخاري
(١٨٨١)، ومسلم (٢٩٤٣).
وشواهد أخرى من أحاديث أبي هريرة
وأبي بكرة، وأبي سعيد الخدري عند البخاري (١٨٧٩) و(١٨٨٠) و(١٨٨٢)، ومسلم (١٣٧٩)
و(٢٩٣٨).
وسؤال أم شريك ورد من حديث جابر عند
مسلم (٢٩٤٥).
ولاقتداء عيسى بالإمام الذي هو من
أمة محمَّد شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (٣٤٤٩)، ومسلم (١٥٥) (٢٤٤).
ولذكر عَدد أتباع الدجال من اليهود،
شاهد من حديث أنس عند مسلم (٢٩٤٤).
ولهرب الدجال من عيسى ولحاق عيسى له
وقتله، شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (٢٨٩٧).
ولقتل الدجال عند باب اللُّد، شاهد
من حديث النواس بن سمعان السالف برقم (٤٠٧٥)، وهو في «صحيح مسلم» (٢٩٣٧).
وآخر من حديث مجمع بن جارية عند
الترمذي (٢٣٩٤)، وقال: حديث صحيح.
ولقوله: «فيهزم الله اليهود ... إلى
قوله: فتعال فاقتله» شاهد من حديث عبد الله ابن عمر عند البخاري (٢٩٢٥)، ومسلم
(٢٩٢١).
وآخر من حديث أبي هريرة عند البخاري
(٢٩٢٦)، ومسلم (٢٩٢٢).
وأما أيامُ مكث الدجال، فقد وقع فيها
في هذه الرواية تخليط، وأصح منه ما جاء في حديث النواس بن سمعان السالف عند المصنف
برقم (٤٠٧٥) ولفظه: لا أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر
أيامه كأيامكم«، قالوا: فذاك اليوم الذي كسنة، تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال:»فاقدروا
له قدره«.
ولقوله:»فيكون عيسى ابن مريم في أمتي
حكمًا ... إلى قوله: وتضع الحرب أوزارها" شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري
(٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥)، وأبي داود (٤٣٢٤)، وأحمد (٩٢٧٠)، وابن حبان (٦٨١٤) و(٦٨٢١)،
وسيأتي عند المصنف بعده.=
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . .
= ولأكل النفر من الرمانة الواحدة
تكفيهم، شاهد من حديث النواس السالف برقم (٤٠٧٥)، وهو في «صحيح مسلم» (٢٩٣٧).
وقد سلف شرح بعض غريب هذا الحديث عند
حديث النواس بن سمعان السالف عند المصنف برقم (٤٠٧٥).
قوله: «الظُّرَيب الأحمر» الظريب
تصغير ظَرِب، ويجمع على ظِراب، وهي الجبال الصغار، فالظُّريب الجبل الصغير قاله في
«النهاية».
و«الكير»: جهاز من جلد أو نحوه،
يستخدمه الحداد وغيره لنفخ في النار لإشعالها. قاله في «الوسيط».
و«القهقرى»: هو المشي إلى خلف من غير
أن يُعيد وجهه إلى جهة مشيه. قاله في «النهاية».
و«ساج»: هو الطَّيلسان الأخضر، قاله
في «النهاية»، وقال في «الوسيط»: الطالِسَان ضرب من الأوشحة يُلبَس على الكتف، أو
يُحيط بالبدَن، خالٍ عن التفصيل والخياطة، أو هو ما يُعرف في العامية المصرية
بالشال، فارسي معرب.
قوله: «يذوب كما يذوب الملح في
الماء» قال ابن العربي: إما أن تكون صفة قتله أضيفت إلى عيسى، لأنها عند لقائه،
وإما أن يدركه في تلك الحال فيقتله هناك قتلًا، يعني عند باب اللد. نقله عنه
المناوي في «فيض القدير».
وقوله: «لن تسبقني بها» أي:
تَفُوتني، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا
إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾ [الأنفال: ٥٩].
و«يضع الجزية» قال النووي: الصواب في
معناه: أنه لا يقبلُها، ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل منهم الجزية لم
يكف عنه بها، بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل. وعزاه للخطابي وغيره.
قوله: «حُمة» بالتخفيف: السُّمُ، وقد
يُشدَّد، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة، لأن السُّم منها يخرج. قاله في «النهاية».
و«فاثور الفضة» الفاثور: الخِوان،
وقيل: هو طستٌ أو جامٌ من فضة. قاله في «النهاية».
[قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ]: سَمِعْتُ
أَبَا الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
الْمُحَارِبِيَّ يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى
الْمُؤَدِّبِ، حَتَّى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ فِي الْكُتَّابِ.
٤٠٧٨
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا، وَإِمَامًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ
الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ
حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» (١).
٤٠٧٩
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي
عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ
كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦] فَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ، وَيَنْحَازُ
مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى تَصِيرَ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي
مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ، حَتَّى
إنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حَتَّى مَا يَذَرُونَ فِيهِ
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥)،
والترمذي (٢٣٨٣) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه مسلم (١٥٥) من طريق عطاء بن
ميناء، وأبو داود (٤٣٢٤) من طريق عبد الرحمن بن آدم، كلاهما عن أبي هريرة.
وهو في»مسند أحمد«(٧٢٦٩)، و»صحيح ابن
حبان" (٦٨١٤) و(٦٨١٨).
شَيْئًا، فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ عَلَى
أَثَرِهِمْ، فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: لَقَدْ كَانَ بِهَذَا الْمَكَانِ مَرَّةً
مَاءٌ. وَيَظْهَرُونَ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ
الْأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ، وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ، حَتَّى
إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً
بِالدَّمِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَبَيْنَمَا هُمْ
كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ دَوَابَّ كَنَغَفِ الْجَرَادِ، فَتَأْخُذُ
بِأَعْنَاقِهِمْ فَيَمُوتُونَ مَوْتَ الْجَرَادِ، يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا،
فَيُصْبِحُ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسْمَعُونَ لَهُمْ حِسًّا، فَيَقُولُونَ: مَنْ
رَجُلٌ يَشْرِي نَفْسَهُ، وَيَنْظُرُ مَا فَعَلُوا؟ فَيَنْزِلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ
قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى،
فَيُنَادِيهِمْ: أَلَا أَبْشِرُوا فَقَدْ هَلَكَ عَدُوُّكُمْ، فَيَخْرُجُ النَّاسُ
وَيَخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ، فَمَا يَكُونُ لَهُمْ رَعْيٌ إِلَّا
لُحُومُهُمْ، فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكِرَتْ مِنْ نَبَاتٍ
أَصَابَتْهُ قَطُّ» (١).
(١) إسناده حسن من أجل محمَّد بن إسحاق. وقد
صرَّح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه أبو يعلى (١١٤٤) و(١٣٥١)،
والطبري في «تفسيره» ١٦/ ٢١ و١٧/ ٩٠، والحاكم ٢/ ٢٤٥، و٤/ ٤٨٩ - ٤٩٠ من طريق
محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١١٧٣١)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٨٣٠).
قوله: «كَنغَفِ الجراد» النغف: دود
يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدها نَغَفة.
قوله: «حسَّا» الحِسُّ والحَسِيس:
الصوت الخفي. قاله في «اللسان».
و«وطن نفسَه» قال ابن منظور: وطن
نفسه على الشيء وله فتوطنَتْ، حملها عليه فتحمّلت وذلت له.
«فتَشْكَر» قال ابن قتيبة: أي تمتلِئ
منه قيل: شَكِرَتْ الشاةُ تَشْكَر شَكَرًا: إذا امتلأ ضَرعُها لبنًا، وشاةٌ شَكرى.
٤٠٨٠ - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ كُلَّ يَوْمٍ،
حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ:
ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ أَشَدَّ مَا كَانَ، حَتَّى
إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ،
حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ: ارْجِعُوا،
فَسَتَحْفِرُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (١)، وَاسْتَثْنَوْا، فَيَعُودُونَ
إِلَيْهِ، وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ
عَلَى النَّاسِ، فَيُنْشِفُونَ الْمَاءَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي
حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ عَلَيْهَا
الدَّمُ الَّذِي اجْفَظ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ، وَعَلَوْنَا
أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ
بِهَا».
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكَرُ شَكَرًا مِنْ
لُحُومِهِمْ» (٢).
(١) زاد في المطبوع: قال الذي عليهم: ارجعوا،
فستحفرونه غدًا إن شاء الله تعالى.
(٢)
إسناده إلى أبي هريرة صحيح، وفي رفعه نكارة كما أفاده الحافظ ابن كثير في «تفسيره»
٥/ ١٩٤ فقال: إسناد جيد قوي، ولكن في رفعه نكارة، لأن ظاهر الآية أي قوله تعالى:
﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ [الكهف: ٩٧] يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه
ولا من نَقْبه، لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار: أنهم
قبل خروجهم ياتونه فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون كذلك، ويصبحون
وهو كما كان فيلحسونه ويقولون: =
٤٠٨١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ،
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ،
حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ مُؤْثِرِ بْنِ عَفَازَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،
قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَى وَعِيسَى، فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ، فَبَدَءوا بِإِبْرَاهِيمَ
فَسَأَلُوهُ عَنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ، ثُمَّ سَأَلُوا
مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ، فَرُدَّ الْحَدِيثُ إِلَى عِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ، فَقَالَ: قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا، فَأَمَّا
وَجْبَتُهَا فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ، فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ،
قَالَ: فَأَنْزِلُ فَأَقْتُلُهُ فَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ،
فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ،
فَلَا يَمُرُّونَ بِمَاءٍ إِلَّا شَرِبُوهُ، وَلَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَفْسَدُوهُ،
فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ، فَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُمْ، فَتَنْتُنُ
الْأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ، فَأَدْعُو اللَّهَ،
فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ بِالْمَاءِ، فَيَحْمِلُهُمْ فَيُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ،
ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ وَتُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ، فَعُهِدَ إِلَيَّ:
مَتَى كَانَ ذَلِكَ، كَانَتْ السَّاعَةُ مِنْ النَّاسِ كَالْحَامِلِ الَّتِي لَا
يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادَتِهَا (١).
= غدًا نفتحه، ويُلهَمون أن يقولوا: إن
شاء الله، فيصبحون وهو كما فارقوه، فيقحونه. وهذا متجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من
كعب، فإنه كثيرًا ما كان يجالسه ويحدثه، فيحدث به أبو هريرة عنه فيتوهم بعض الرواة
عنه أنه مرفوع، فيرفعه، والله أعلم.
سعيد: هو ابن أبي عروبة، وعبد
الأعلى: هو ابن عبد الأعلى.
وأخرجه الترمذي (٣٤١٩) من طريق أبي
عوانة الوضاح اليشكري، عن قتادة، به. وقال: حديث حسن غريب.
وهو في «مسند أحمد» (١٠٦٣٢)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٨٢٩).
(١)
إسناده ضعيف لجهالة مُؤثر بن عَفَازة، ومع ذلك فقد صحيح البوصيري إسناده في «مصباح
الزجاجة» ورقة ٢٥٦. =
قَالَ الْعَوَّامُ: وَوُجِدَ
تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ
وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦].
٣٤
- بَابُ
خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ
٤٠٨٢
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ
صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي
هَاشِمٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ النَّبِيُّ ﷺ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ
لَوْنُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ،
فَقَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى
الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَتَشْرِيدًا
وَتَطْرِيدًا، حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ
سُودٌ، فَيَسْأَلُونَ الْخَيْرَ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ
فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا، فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى
يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا
= وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ١٥٧ - ١٥٨،
وأبو يعلى (٥٢٩٤)، والهيثم بن كليب الشاشي (٨٤٥) و(٨٤٧) و(٨٤٨)، والحاكم ٤/ ٤٨٨ -
٤٨٩ و٥٤٥ - ٥٤٦، وأبو عمرو الداني في»الفتن«(٥٢٩) من طريق يزيد بن هارون، بهذا
الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!
وأخرجه الطبري في»تفسيره«١٧/ ٩١
والشاشي (٨٤٦) من طريق هشيم بن بشير، والطبري كذلك من طريق أصبغ بن زيد، كلاهما عن
العوام بن حوشب، به مرفوعًا.
قوله:»وجبتُها«من وجَبَ يجِبُ وجبة:
سَقَطَ. والوجبة: السَّقطة مع الهَدَّة. قاله في»القاموس".
قِسْطًا، كَمَا مَلَؤوهَا جَوْرًا،
فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ»
(١).
(١) حديث منكر، ويشبه أن يكون موضوعا. قال
الإمام أحمد فيما نقله العقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٣٨١: حديث ليس بشئ ورواه كذلك عن
شيخ أحمد وكيع بن الجراح، وقال الذهبي في «تلخيص المستدرك» ٤/ ٤٦٤: هذا موضوع،
وروى العقيلي أيضًا عن أبي أسامة حماد بن أسامة قال في حديث عبد الله بن مسعود في
الرايات السود: لو حلف يزيد بن أبي زياد عندي خمسين يمينًا قسامة ما صدقتُه، أهذا
مذهب إبراهيم! أهذا مذهب علقمة! أهذا مذهب عبد الله! قلنا: ويزيد بن أبي زياد سيئ
الحفظ وكان يتلقن، وقد يكون تلقنه من بعض الوضاعين.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦،
وابن أبي عاصم في «السنة» (١٤٩٩)، والبزار في «مسنده» (١٥٥٦) و(١٥٥٧)، وأبو يعلى
في «مسنده» (٥٠٨٤)، والعقيلي في «الضعفاء» ٤/ ٣٨١، والهيثم الشاشي في «مسنده»
(٣٢٩)، والطبراني في «الأوسط» (٥٦٩٩)، وابن عدي في «الكامل» ٥/ ١٧٨٣، وأبو عمرو
الداني في «الفتن» (٥٤٦) و(٥٤٧)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» ٢/ ١٢ من طريق يزيد
بن أبي زياد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٤٦٤ من طريق حبان
بن سُدير، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم النخعي، عن
علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود. وصححه على شرط الشيخين، لكن
تعقبه الذهبي بقوله: هذا موضوع. قلنا: حبان بن سُدير فيه قال عنه الدارقطني وابن
ماكولا: من شيوخ الشيعة.
وأخرجه البزار في «مسنده» (١٤٩١)،
وابن عدي في «الكامل» ٤/ ١٥٤٣ من طريق عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي، عن أبيه،
عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم النخعي، عن
علقمة بن قيس -وقرن به ابنُ عدي الأسودَ النخعى- عن عبد الله بن مسعود. وابن أبي
ليلى سيئ الحفظ، وعبد الله بن داهر قال عنه ابن معين وأحمد: ليس بشئ، وقال ابن
عدي: عامة من يرويه في فضائل علي، وهو فيه متهم.
٤٠٨٣ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا
عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي صِدِّيقٍ
النَّاجِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ، إِنْ قَصُرَ
فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ، فَتَنْعَمُ فِيهِ أُمَّتِي نِعْمَةً لَمْ يَنْعَمُوا
مِثْلَهَا قَطُّ، تُؤْتَى أُكُلَهَا، وَلَا تَدَّخِرُ مِنْهُمْ شَيْئًا،
وَالْمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوسٌ، فَيَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ
أَعْطِنِي، فَيَقُولُ: خُذْ» (١).
٤٠٨٤
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،
وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي
أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمْ ابْنُ
خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ
(١) إسناده ضعيف زيد العَمِّي -وهو ابن
الحواري- ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود والنسائي وابن سعد وعلي ابن
المديني، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه ومن يروي عنهم ضعفاء، هم وهو، وقال ابن
حبان: لا يجوز الاحتجاج بخبره ولا كتابة حديثه إلا للاعتبار، وقال ابن عبد البر:
ليس بالقوي عندهم.
وأخرجه الترمذي (٢٣٨٢) من طريق شعبة،
عن زيد العمي، به. وقال: هذا حديث حسن. وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد، عن النبي
ﷺ.
وهو في»مسند أحمد«(١١١٦٣).
وأخرجه بنحوه الحاكم ٤/ ٤٦٥ من طريق
معاوية بن قرة، و٤/ ٥٥٧ - ٥٥٨ من طريق سليمان بن عُبيد، كلاهما عن أبي الصديق
الناجي. أما الإسناد الأول فقال عنه الذهبي في»تلخيص المستدرك«: سنده مظلم. وأما
الإسناد الثاني ففيه سعيد ابن مسعود المروزي، ترجمة ابن أبي حاتم وقال عنه: صدوق،
وهذا اللفظ لا يعني التوثيق كما هو معروف عنده، ثم إنه وقعت له أخطاء في غير ما
حديث، ويغلب على الظن أنه وقع له مثل ذلك في هذا الحديث. انظر تحقيق ذلك فيما
علقناه على الحديث (١٠٥٧٦) و(١٠٥٧٨) من»مسند أحمد".
السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ،
فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ». ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا
أَحْفَظُهُ، فَقَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى
الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ، الْمَهْدِيُّ» (١).
(١) إسناده ضعيف. أبو قلابة -واسمه عبد الله
بن زيد الجرمي- مدلس وقد عنعن، قال الذهبي في «الميزان»: إمام شهير من علماء
التابعين، ثقة في نفسه، إلا أنه مدلس عمن لحقهم وعمن لم يلحقهم، وذكره ابن حجر في
«طبقات المدلسين» وقال: وصفه بذلك الذهبي والعلائي.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٤٦٣ - ٤٦٤ من طريق
سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. رفعه.
وخالف الثوري في إسناده عبدُ
الوهَّاب بن عطاء الخفاف، فأخرجه الحاكم ٤/ ٥٠٢ وعنه البيهقي في «الدلائل» ٦/ ٥١٦
من طريق يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهَّاب بن عطاء، عن خالد الحذاء، عن أبي
قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان موقوفًا.
وأخرجه أحمد (٢٢٣٨٧)، ومن طريقه ابن
الجوزي في «العلل المتناهية» (١٤٤٥) عن وكيع، عن شريك النخعي، عن علي بن زيد بن
جدعان، عن أبي قلابة، عن ثوبان. شريك النخعي سيئ الحفظ، وعلي بن زيد ضعيف، وكان
يغلو في التشيع. وأبو قلابة لم يسمع من ثوبان، بينهما أبو أسماء الرحبي كما في
رواية المصنف.
وأخرجه البيهقي في «الدلائل» ٦/ ٥١٦
من طريق كثير بن يحيى، عن شريك النخعي، عن علي بن زيد، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء
الرجي، عن ثوبان. وأورده الذهبي في «الميزان» ٣/ ١٢٨ وعدّه من منكرات علي بن زيد
بن جدعان، فقال: أُراه نكرًا.
وقوله في الحديث: «فإنه خليفة الله»
فهي على ضعفها فيها نكارة، بينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال في
«فتاويه» ٣٥/ ٤٤: وقد ظن بعض القائلين الغالطين أن الخليفة هو الخليفة عن الله،
مثل: نائب الله ... والله لا يجوز له خليفة، ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة
الله، قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله ﷺ. حسبي ذلك [كما في «المسند»
(٥٩)]. =
٤٠٨٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَاسِينُ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا، أَهْلَ الْبَيْتِ، يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي
لَيْلَةٍ» (١).
= بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال
النبي ﷺ: «اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا،
واخلُفنا في أهلنا، وذلك لأن الله حي شهيد مُهيمن قيوم رقيب حفيظ، غني عن
العالمين، ليس له شريك ولا ظهير ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون
عند عدم المستخلِف بموت أو
غيبةٍ، ويكون لحاجة المستخلِف إلى
الاستخلاف، وسُمي خليفة، لأنه خَلَفَ عن الغزو، وهو قائم خلفهُ، وكل هذه المعاني
منتفية في حق الله تعالى، وهو منزه عنها، فإنه حيٌّ قيوم شهيد لا يموت ولا يغيب،
وهو غني يَرزُق ولا يُرزَق، يَرزُق عباده وينصرهم، ويهديهم ويعافيهم بما خلقه من
الأسباب التي هي من خلقه، والتي هي مُفتقِرة إليه كافتقار المُسببات إلى أسبابها
... ولا يجوز أن يكون أحدٌ خَلَفا منه، ولا يقومَ مقامه، لأنه لا سمي له ولا كُفء
له، فمن جعل له خليفة فقد جانب الصواب.
(١)
إسناده ضعيف. قال البخاري في»تاريخه«١/ ٣١٧ في ترجمة إبراهيم بن محمَّد ابن
الحنفية: في إسناده نظر، قلنا: إبراهيم بن محمَّد ابن الحنفية لم يوثقه غير العجلي
وابن حبان، وياسين العجلي أسند العقيلي في»الضعفاء«٤/ ٤٦٥ عن البخاري قوله: في
حديثه نظر، ونقله عنه الذهبي في»الميزان«.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ١٩٧، وأحمد
(٦٤٥)، والبزار (٦٤٤)، وأبو يعلى (٤٦٥)، والعقيلي في»الضعفاء«٤/ ٤٦٥، وأبو نعيم
في»الحلية«٣/ ١٧٧، وفي»أخبار أصبهان«١/ ١٧٠، وابن الجوزي في»العلل
المتناهية«(١٤٣٢) من طريق ياسين العجلي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في»أخبار
أصبهان" من طريق محمَّد بن فضيل عن سالم بن أبي حفصة، عن إبراهيم بن محمَّد
ابن الحنفية، به. ومحمد بن فضيل، قال عنه أبو داود: كان شيعيًا محترقًا، وسالم بن
أبي حفصة ضعفه غيرُ واحد من الأئمة، ثم هو =
٤٠٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو
الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ بَيَانٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ،
فَتَذَاكَرْنَا الْمَهْدِيَّ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ» (١).
٤٠٨٧
- حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الْيَمَامِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «نَحْنُ، وَلَدَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنَا وَحَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَالْحَسَنُ
وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ» (٢).
=من الغالين في التشيع. وكان يحيى بن
سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه.
وأخطأ الشيخ الألباني، فأدرج هذا
الحديث في «صحيحته» (٢٣٧١).
(١)
إسناده ضعيف لضعف زياد بن بيان. قال البخاري في «تاريخه» ٣/ ٣٤٦: في إسناده نظر،
وكذلك قال العقيلي في «الضعفاء» ٢/ ٧٥، وقال الذهبي في ترجمة زياد بن بيان في
«الميزان»: لم يصح حديثه، وعدَّ ابن عدي في ترجمته هذا الحديث من منكراته.
وأخرجه أبو داود (٤٢٨٤)، والعقيلي في
«الضعفاء» في ترجمة زياد بن بيان، ثم أعاده في ترجمة علي بن نُفيل، والطبراني في
«الكبير» ٢٣/ (٥٦٦)، وابن عدي في ترجمة زياد بن بيان من «الكامل»، والحاكم ٤/ ٥٥٧،
وأبو عمرو الداني في «الفتن» (٥٦٥) و(٥٧٥) و(٥٨١)، وابن الجوزي في «العلل
المتناهية» (١٤٤٦)، والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة زياد بن بيان، من طريق زياد
بن بيان، بهذا الإسناد.
(٢)
حديث منكر كما قال الحافظ ابن كثير في «النهاية» ١/ ٥٧، وقال الحافظ الذهبي في
«تلخيص المستدرك» ٣/ ٢١١: ذا موضوع. قلنا: وقد وقع اسم علي بن
=
٤٠٨٨ - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى
الْمِصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ
لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ
بْنَ جَزْءٍ الزَّبِيدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ
الْمَشْرِقِ، فَيُوَطِّئُونَ لِلْمَهْدِيِّ» (١) يَعْنِي سُلْطَانَهُ.
٣٥
- بَابُ
الْمَلَاحِمِ
٤٠٨٩
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ
بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا إِلَى خَالِدِ
ابْنِ مَعْدَانَ، وَمِلْتُ مَعَهُمَا، فَحَدَّثَنَا
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ:
قَالَ لِي جُبَيْرٌ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْمَرٍ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَسَأَلَهُ عَنْ
= زياد اليمامي هنا هكذا في رواية ابن
ماجه عن شيخه هدية بن عبد الوهَّاب، والصواب في اسمه: عبد الله بن زياد اليمامي
كما سماه أبو جعفر محمَّد بن هارون الرازي ومحمد ابن خلف الحدادي وغيرهما، عن سعد
بن عبد الحميد وكذلك سماه أبو بكر محمَّد ابن صالح القناد، عن محمَّد بن الحجاج
قال: عن عبد الله بن زياد. وعبد الله بن زياد هذا ذكره الإمام البخاري في «تاريخه
الكبير» ٥/ ٩٥ وقال عنه: منكر الحديث.
وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في
«طبقات المحدثين بأصبهان» ٢/ ٢٩٠، والحاكم ٣/ ٢١١ من طريقين عن سعد بن عبد الحميد،
بهذا الإسناد. وصححه الحاكم!! ورده الذهبي عليه بقوله: ذا موضوع.
(١)
إسناده ضعيف جدًا. أبو زرعة عمرو بن جابر الحضرمي من غلاة الشيعة ضعيف في حديثه،
وكان يزعم أن عليًا أمير المؤمنين في السحاب، وابنُ لهيعة -واسمه عبد الله- سيئ
الحفظ.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٣٧٨٤) عن
إبراهيم بن سعيد الجوهري، بهذا الإسناد.
الْهُدْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «سَتُصَالِحُكُمْ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا، ثُمَّ تَغْزُونَ
أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا، فَتَنْصِرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ
تَنْصَرِفُونَ، حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الصَّلِيبِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ
مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ
الرُّومُ، وَيَجْمعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ» (١).
٤٠٨٩م
-حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ،
حَدَّثَنَاالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ
عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ،
بِإِسْنَادِهِ، نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: «فَيَجْمعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ
فَيَأْتُونَ حِينَئِذٍ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةٍ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا
عَشَرَ أَلْفًا» (٢).
٤٠٩٠
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
الْعَاتِكَةِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ
(١) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل عيسى
بن يونس -وهو ابن سحاق السبيعي- وهو متابع.
وأخرجه أبو داود (٢٧٦٧) و(٤٢٩٢) من
طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.
وهو في «مسند أحمد» (١٦٨٢٥).
وانظر ما بعده.
وقوله: «مرج ذي تُلُول» تلول، بضم
التاء: جمع تل، بفتحها، وهو مرتفع.
(٢)
إسناده صحيح. وقد صرَّح الوليد بسماعه عند ابن حبان (٦٧٠٩) فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه أبو داود (٤٢٩٣) من طريق
الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وهو في «صحيح ابن حبان» (٦٧٠٨)
و(٦٧٠٩).
وانظر ما قبله.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا وَقَعَتْ الْمَلَاحِمُ، بَعَثَ اللَّهُ بَعْثًا مِنْ
الْمَوَالِي، هُمْ أَكْرَمُ الْعَرَبِ فَرَسًا وَأَجْوَدُهُ سِلَاحًا، يُؤَيِّدُ
اللَّهُ بِهِمْ الدِّينَ» (١).
٤٠٩١
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ
عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «تُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ
فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ، فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ،
ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ، فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ» (٢). قَالَ جَابِرٌ:
فَمَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ.
٤٠٩٢
- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ سُفْيَانَ
بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ السَّكُونِيِّ - وَقَالَ
الْوَلِيدُ: يَزِيدُ بْنُ قُطْبَةَ -، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ
(١) إسناده ضعيف لضعف عثمان بن أبي العاتكة.
وأخرجه نعيم بن حماد في «الفتن»
(١٣٣٤) و(١٤٠٣)، والطبراني في «مسند الشاميين» (١٦٠٧)، والحاكم ٤/ ٥٤٨، وابن عساكر
في «تاريخ دمشق» ١/ ٢٧٠ و٢٧٠ - ٢٧١ و٢٧١ و٢٧١ - ٢٧٢ و٢٧٢ من طرق عن الوليد بن
مسلم، بهذا الإسناد.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٢٩٠٠) من طريق جرير بن
عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، به.
وهو في «مسند أحمد» (١٥٤٠) و(١٨٩٧٢)،
و«صحيح ابن حبان» (٦٦٧٢).
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ» (١).
٤٠٩٣
- حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ،
حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِد بْنِ أَبِي بِلَالٍ
(٢)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ
سِتُّ سِنِينَ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ» (٣).
(١) إسناده ضعيف لضعف هشام بن عمار وأبي بكر
بن أبي مريم -وهو ابن عبد الله بن أبي مريم- والوليد بن سفيان بن أبي مريم،
ولجهالة يزيد بن قطيب. أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس السَّكوني. قال الحافظ ابن
كثير في «النهاية» ١/ ٩٧: هذا مشكل مع حديث عبد الله بن بسر -يعني الآتي بعده.
وأخرجه أبو داود (٤٢٩٥)، والترمذي
(٢٣٨٨) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن، لا
نعرفه إلا من هذا الوجه.
وهو في «مسند أحمد» (٢٢٥٤٥).
(٢)
كذا وقع في رواية ابن ماجه: بحير بن سعد عن خالد بن أبي بلال، قال المزي في «تحفة
الأشراف» ٤/ ٢٩٤: وهو وهم، والصواب الأول -يعني رواية أبي داود: بحير بن سعد، عن
خالد بن معدان، عن ابن أبي بلال، قلنا: ابن أبي بلال: اسمه عبد الله، وجاء تصويبه
أيضًا في هامش نسخة (ذ).
(٣)
إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وسويد بن سيد. ولجهالة ابن أبي
بلال- والصواب في اسمه عبد الله-. وقال الحافظ ابن كثير في «النهاية» ١/ ٩٧: هذا
مشكل مع الذي قبله -يعني حديث معاذ السابق.
وأخرجه أبو داود (٤٢٩٦) عن حيوة بن
شريح الحمصي، عن بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن ابن أبي بلال، عن عبد الله
بن بسر- فزاد في إسناده خالد بن معدان، ولم يسم ابنَ أبي بلال، وهو الصواب كما
بينه المزي في «تحفة الأشراف» ٤/ ٢٩٤.
وهو في «مسند أحمد» (١٧٦٩١) عن حيوة
بن شريح.
٤٠٩٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ
الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ
الْمُسْلِمِينَ بِبَوْلَاءَ». ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ، يَا
عَلِيُّ» قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي! قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ
وَيُقَاتِلُهُمْ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ، حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ
الْإِسْلَامِ، أَهْلُ الْحِجَازِ، الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ
لَائِمٍ، فَيَفْتَتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ،
فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا، حَتَّى يَقْتَسِمُوا
بِالْأَتْرِسَةِ، وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي
بِلَادِكُمْ، أَلَا وَهِيَ كِذْبَةٌ، فَالْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ»
(١).
٤٠٩٥
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو
إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، قال:
(١) إسناده ضعيف. كثير بن عبد الله بن عمرو
بن عوف ضعفه الجمهور، إلا أن البخاري كان حسن الرأي فيه، وكذلك تلميذه الترمذي،
واتهمه بعضهم. قال الحافظ في «التقريب»: أفرط من نسبه إلى الكذب. وأبو يعقوب
الحنيني -واسمه إسحاق بن إبراهيم- وإن كان ضعيف الحديث متابع.
وأخرجه البزار في «مسنده» (٣٣٩٠)،
وابن عدي في «الكامل» في ترجمة كثير ابن عبد الله، من طريق محمَّد بن خالد بن
عثمة، والطبراني في «الكبير» ١٧/ (١٩)، وابن عدي، والحاكم ٤/ ٤٨٣ من طريق إسماعيل
بن أبي أويس، والطبراني ١٧/ (٩)، والحاكم ٤/ ٤٨٣ من طريق عبد الله بن مسلمة
القعنبي، والطبراني ١٧/ (٢٨) من طريق عبد الله بن نافع، أربعتهم عن كثير بن عبد
الله، به. وزادوا جميعًا فتح رومية بالتسبيح والتكبير أيضًا، وعندهم زيادة أخرى في
إرسال طليعة لاستطلاع الخبر.
قوله: «روقة الإسلام» أي: خيار
المسلمين وسراتهم، جمع رائق، من راق الشيء إذا صفا وخلص. قاله السندي.
حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ
الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ
بَنِي الْأَصْفَرِ هُدْنَةٌ، فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ، فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي
ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا» (١).
٣٦
- بَابُ
التُّرْكِ
٤٠٩٦
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ
بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا
نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا
صِغَارَ الْأَعْيُنِ» (٢).
(١) إسناده صحيح. وقد سلف ضمن الحديث رقم
(٤٠٤٢) فانظر تخريجه هناك.
(٢)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٢٩٢٩)، ومسلم
(٢٩١٢)، وأبو داود (٤٣٠٤)، والترمذي (٢٣٦٢) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
ولفظه عندهم: «تقوم الساعة حتى
تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا كأن وجوههم المجان
المطرقة».
وهو في «مسند أحمد» (٧٢٦٣)، و«صحيح
ابن حبان» (٦٧٤٤).
وأخرجه البخاري (٣٥٩١)، ومسلم (٢٩١٢)
من طريق قيس بن أبي حازم، والبخاري (٣٥٩٠) من طريق همام بن منبه، ومسلم (٢٩١٢)،
وأبو داود (٤٣٠٣)، والنسائي ٦/ ٤٤ - ٤٥ من طريق أبي صالح السمان، ثلاثتهم عن أبي
هريرة.
ولفظ قيس كاللفظ السابق لكنه زاد عند
مسلم: «حمر الوجوه، صغار الأعين» وكذلك قال همام وزاد: «لا تقوم الساعة حتى
تقاتلوا خوزًا وكَرمان من الأعاجم، حمر الوجوه، فطس الأنوف» ولفظ أبي صالح كاللفظ
السابق أيضًا لكنه زاد: «يقاتل المسلمون الترك» فسماهم الترك.
وسيأتي بعده من طريق عبد الرحمن
الأعرج، عن أبي هريرة.
٤٠٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ
الْأَعْيُنِ، ذُلْفَ الآنُفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ،
وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ» (١).
٤٠٩٨
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ ابْنُ حَازِمٍ،
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ
تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ
الْمُطْرَقَةُ، وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ
الشَّعَرَ» (٢).
(١) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن
هرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان.
وأخرجه البخاري (٢٩٢٨) و(٢٩٢٩)
و(٣٥٨٧)، ومسلم (٢٩١٢) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة. قال
البخاري في روايتيه الأولى والثالثة: «وحتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر
الوجوه، ذلف الأنوف، كان وجوههم المجان المطرقة».
وهو في «مسند أحمد» (٩١٧٠).
وانظر ما قبله.
قوله: «ذُلف الآنُف» الذَّلَف
بالتحريك، قِصَر الأنف وانبطاحه، وذُلف جمع أذْلَف. والآنُف: جمع أنف، ورواية
البخاري وغيره: الأنوف.
و«كان وجوههم المجان المطرقة» هي
التراس التي أُلبست العَقَب شيئًا فوق شيء، قاله في «النهاية».
(٢)
إسناده صحيح. =
٤٠٩٩ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ،
حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا
قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ، عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ
الْجَرَادِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، يَنْتَعِلُونَ
الشَّعَرَ وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَقَ، يَرْبُطُونَ خيولَهُمْ بِالنَّخْلِ» (١).
* * *
= وأخرجه البخاري (٢٩٢٧) و(٣٥٩٢) من
طريق جرير بن حازم، به.
وهو في «مسند أحمد» (٢٠٦٧٤).
(١)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عمار بن محمَّد -وهو ابن أخت سفيان الثوري- وهو
متابع. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سليمان بن مِهران.
وأخرجه أحمد (١١٢٦١) من طريق عمار بن
محمَّد، وابن حبان (٦٧٤٧) من طريق أبي عبيدة عبد الملك بن معن المسعودي، كلاهما عن
الأعمش، به.