١
- بَاب:
فِي تَرْكِ الْحِيَلِ، وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نوى في الأيمان وغيرها.
(الحيل) جمع حيلة، وهي ما يتوصل به إلى
المقصود بطريق خفي.
٦٥٥٣ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ:
حَدَّثَنَا حمَّاد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وقَّاص قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَخْطُبُ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بالنيَّة، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا
نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجر إليه).
[ر: ١]
٢ - باب: في الصلاة.
٦٥٥٤ - حدثني إسحق بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ همَّام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ
حَتَّى يَتَوَضَّأَ).
[ر: ١٣٥]
٣ - بَاب: فِي الزَّكَاةِ، وَأَنْ لَا يفرَّق بَيْنَ
مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجمع بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
٦٥٥٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا أبي: حدثنا ثمامة بن عبد الله ابن أَنَسٍ:
أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ
فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَلَا يُجمع بَيْنَ
متفرِّق، وَلَا يُفرَّق بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصدقة)
[ر: ١٣٨٠]
٦٥٥٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ:
أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي
مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: (الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ
إِلَّا أَنْ تطوَّع شَيْئًا). فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ
مِنَ الصِّيَامِ؟ قَالَ: (شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تطوَّع شَيْئًا). قَالَ:
أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بشرائع الْإِسْلَامِ. قَالَ:
⦗٢٥٥٢⦘
وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا أتطوَّع
شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عليَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: (أفلح إن صدق، أو: أدخل الجنة إن صدق).
[ر: ٤٦]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي
عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتان، فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أَوْ
وَهَبَهَا، أَوِ احْتَالَ فِيهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، فَلَا شَيْءَ عليه.
(بعض الناس) قيل: الحنفية. (فلا شيء عليه) من
الزكاة ويأثم بفعله.
٦٥٥٧ - حدثني إسحق: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ همَّام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (يَكُونُ كَنْزُ
أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يفرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ،
فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَنْ يَزَالَ
يَطْلُبُهُ، حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ: (إِذَا مَا ربُّ النَّعَم لَمْ يُعْطِ حقَّها تُسلَّط عَلَيْهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، فتخبط وجهه بأخفافها).
[ر: ١٣٣٧ - ١٣٣٨]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي رَجُلٍ
لَهُ إِبِلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ
مِثْلِهَا أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بِبَقَرٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ، فرارًا من الصدقة بيوم
احتيالًا، فلا شيء عَلَيْهِ. وَهُوَ يَقُولُ: إِنْ زكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ
يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسِتَّةٍ جَازَتْ عنه.
(يبسط يده) يمدها، أي صاحب المال. (فيلقمها
فاه) يدخلها في فمه.
(إذا
ما ربُّ النعم) ما زائدة، الرب المالك، والنعم الإبل والبقر والغنم، والظاهر أن
المراد هنا الإبل خاصة. (بعض الناس) يريد أبا حنيفة رحمه الله تعالى، وكذلك فيما
سيأتي. ومراده هنا: بيان أن في قوله تناقضًا، لأنه جازت عنده التزكية قبل الحول
بيوم، فكيف يسقطه في ذلك اليوم. قال العيني: وقال صاحب التلويح: ما ألزم البخاري
أبا حنيفة من التناقض فليس بتناقض، لأنه لا يوجب الزكاة إلا بتمام الحول، ويجعل من
قدمها كمن قدم دينًا مؤجلًا.
٦٥٥٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ
قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اقضه عنها).
[ر: ٢٦١٠]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذَا
بَلَغَتِ الْإِبِلُ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ
الْحَوْلِ
⦗٢٥٥٣⦘
أو باعها فرارًا أو احتيالًا
لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أتلفها فمات، فلا
شيء في ماله.
غرضه من الإتيان بالحديث بيان: أن
النذر لا يسقط بالموت، وكذلك جميع حقوق الله تعالى، وهو يرد بهذا على من يقول
بسقوط الزكاة أو بالاحتيال.
٤ - بَاب: الْحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ.
٦٥٥٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نهى عن
الشِّغار. قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغار؟ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ
وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرجل وينكحه أخته
بغير صداق.
[ر: ٤٨٢٢]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ
احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغار فَهُوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.
وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ: النِّكَاحُ
فَاسِدٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ بعضهم: المتعة والشِّغار جائز، والشرط باطل.
(بغير صداق) أي بغير مهر، وصورة نكاح الشغار:
أن يقول الرجل: إني أزوجك ابنتي أو أختي على أن تزوجني ابنتك أو أختك، فيكون أحد
العقدين عوضًا عن الآخر. فقال الحنفية: العقدان جائزان، ويبطل الشرط، ويثبت لكل
منهما مهر المثل بالدخول. وهذا هو الأصح في مذهب الشافعية، إلا إن ذكر في العقد أن
بضع - أي فرج - كل منهما مهر للأخرى، فهو باطل عندهم. وقال الماليكة والحنابلة
ببطلان هذا العقد مطلقًا، ذكر البضع أم لم يذكر. (المتعة) هي: أن يتزوج المرأة
بشرط أن يتمتع بها أيامًا ثم يخلي سبيلها، ويشترط فيها لفظ التمتع، كمتعيني بنفسك،
أو: أتمتع بك. (قال بعضهم) قيل: أشار إلى ما نقل عن زفر - أحد أصحاب أبي حنيفة
رحمهم الله تعالى - أنه أجاز النكاح المؤقت، أي صححه، وألغى الوقت، لأنه شرط فاسد،
والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة.
٦٥٦٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: حَدَّثَنَا الزُهري، عَنِ الْحَسَنِ
وَعَبْدِ اللَّهِ ابني محمد بن علي، عَنْ أَبِيهِمَا:
أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قِيلَ
لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا، فَقَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لحوم الحمر
الإنسية.
[ر: ٣٩٧٩]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ
احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النِّكَاحُ
جَائِزٌ وَالشَّرْطُ باطل.
٥ - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الِاحْتِيَالِ فِي
الْبُيُوعِ، وَلَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الكلأ.
٦٥٦١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا
مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة:
أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَا
يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلَإِ).
[ر: ٢٢٢٦]
٦ - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ.
٦٥٦٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ،
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ
النَّجْشِ.
[ر: ٣٥ ٢]؟؟؟
٧ - بَاب: مَا يُنْهَى مِنَ الْخِدَاعِ فِي
الْبُيُوعِ.
وَقَالَ أَيُّوبُ: يُخَادِعُونَ
اللَّهَ كَأَنَّمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوْا الْأَمْرَ عِيَانًا
كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ.
(لو أتوا ..) لو أعلنوا بأخذ الزائد على
الثمن معاينة بلا تدليس لكان أسهل.
٦٥٦٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا
مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما:
أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ
أَنَّهُ يُخدع فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: (إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ).
[ر: ٢٠١١]
(خلابة) خديعة، ولا يدخل في الخداع الثناء
على السلعة والإطناب في مدحها، فإنه يتجاوز عنه ولا ينقض به البيع.
٨ - بَاب: مَا يُنْهَى مِنَ الِاحْتِيَالِ
لِلْوَلِيِّ فِي الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لَا يكمِّل لَهَا صَدَاقَهَا.
٦٥٦٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ:
حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُهري قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ:
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: ﴿وإن خفتم
أن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ من النساء﴾.
قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا
وَجَمَالِهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا،
فنُهوا عَنْ نكاحهنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لهنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ،
ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:
﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النساء﴾. فذكر الحديث.
[ر: ٢٣٦٢]
٩ - بَاب: إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا
مَاتَتْ، فَقُضِيَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا
صَاحِبُهَا فَهِيَ لَهُ، وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلَا تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ:
الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ، لِأَخْذِهِ الْقِيمَةَ. وَفِي هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ
اشْتَهَى جَارِيَةَ رَجُلٍ لَا يَبِيعُهَا، فَغَصَبَهَا، وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا
مَاتَتْ، حتى يأخذ ربها قيمتها، فتطيب لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرُهُ. قَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: (أموالكم عليكم حرام).
[ر: ١٦٥٤]
(جارية) امرأة مملوكة. (لأخذه) أي لأخذ صاحب
الجارية قيمتها.
(وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ).
٦٥٦٥ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لِكُلِّ
غَادِرٍ لِوَاءٌ يوم القيامة يعرف به).
[ر: ٣٠١٦]
٦٥٦٦ - حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان، عن
هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ
يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نحو مما
أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ،
فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً من النار).
[ر: ٢٣٢٦]
١٠ - بَاب: فِي النِّكَاحِ.
٦٥٦٧ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن
أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قَالَ: (لَا تُنْكَحُ
الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلَا الثَّيِّب حَتَّى تُسْتَأْمَرَ). فَقِيلَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: (إِذَا سَكَتَتْ).
[ر: ٤٨٤٣]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ لَمْ
تُسْتَأْذَنِ الْبِكْرُ ولم تزوج، فاحتال رجل، فأقام شاهدين زورًا: أَنَّهُ
تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِي نِكَاحَهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ
أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا، وَهُوَ تَزْوِيجٌ
صَحِيحٌ.
٦٥٦٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ:
أَنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ
جَعْفَرٍ، تخوَّفت أَنْ يزوِّجها وليُّها وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى
شَيْخَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ ومجمِّع ابْنَيْ جَارِيَةَ،
قَالَا: فَلَا تَخْشَيْنَ، فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ
⦗٢٥٥٦⦘
أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ
كَارِهَةٌ، فردَّ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَأَمَّا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ خَنْسَاءَ.
[ر: ٤٨٤٥]
٦٥٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (لَا تُنكح الأيِّم
حَتَّى تُستأمر، وَلَا تُنكح الْبِكْرُ حَتَّى تُستأذن). قَالُوا: كَيْفَ
إِذْنُهَا؟ قَالَ: (أن تسكت).
[ر: ٤٨٤٣]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ
احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثيِّب
بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ الْقَاضِي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ
أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلَا بَأْسَ
بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا.
٦٥٧٠ - حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (الْبِكْرُ
تُستأذن). قُلْتُ: إن البكر تستحيي؟ قال: (إذنها صُماتها).
[ر: ٤٨٤٤]
وقال بعض الناس: إن هوي إنسان
جَارِيَةً يَتِيمَةً أَوْ بِكْرًا، فَأَبَتْ، فَاحْتَالَ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْ
زُورٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَدْرَكَتْ، فَرَضِيَتِ اليتيمة، فقبل القاضي
بشهادة الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ، حَلَّ لَهُ الوطء.
(جارية) هي الصغيرة الفتية من النساء.
(يتيمة) لا أب لها. (فأدركت) فبلغت.
١١ - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ احْتِيَالِ
الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالضَّرَائِرِ، وَمَا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي
ذَلِكَ.
٦٥٧١ - حدثنا عبيد الله بن إسماعيل: حدثنا
أبو أسامة، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ
الْحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ الْعَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ أَجَازَ عَلَى
نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا
أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ
لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لنحتالنَّ لَهُ، فذكرتُ ذَلِكَ
لِسَوْدَةَ، وقلت لها: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ،
فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ:
لَا، فَقُولِي
⦗٢٥٥٧⦘
لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ، وَكَانَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يشتد عليه أن توجد مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ:
سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ
الْعُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ، وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ، فَلَمَّا دَخَلَ
عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالَّذِي لَا إله إلا هو، لقد كدت أن
أبادئه بِالَّذِي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ، فَرَقًا مِنْكِ،
فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ
مَغَافِيرَ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَالَ: (سَقَتْنِي
حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ). قُلْتُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، فَلَمَّا
دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ
لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَلَا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: (لَا حَاجَةَ لِي بِهِ). قَالَتْ:
تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ حَرَمْنَاهُ، قَالَتْ: قُلْتُ لها:
اسكتي.
[ر: ٤٩١٨]
(أجاز على نسائه) مر عليهن ومشى بحجرهن، يتمم
بقية يومه.
(أبادئه)
في نسخة. (أبادره). (أكلت مغافير) هو صمغ كالعسل له رائحة كريهة، قال في الفتح:
إنما ساغ لهن أن يقلن: أكلت مغافير، لأنهن أوردنه على طريق الاستفهام، بدليل جوابه
بقوله: (لا). وأردن بذلك التعريض لا صريح الكذب، فهذا وجه الاحتيال في قول عائشة:
لنحتالن له، ولو كان كذبًا محضًا لم يسم حيلة، إذ لا شبهة لصاحبه.
١٢ - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ
الِاحْتِيَالِ فِي الْفِرَارِ من الطاعون.
٦٥٧٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر ابن
رَبِيعَةَ:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه خرج إلى الشأم، فلما جاء سرغ، بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ
بِالشَّأْمِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا
وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ). فَرَجَعَ
عُمَرُ مِنْ سَرْغَ.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انصرف من حديث عبد الرحمن.
[ر: ٥٣٩٧]
٦٥٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ:
حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُهري: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وقَّاص: أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا:
أن رسول الله ﷺ ذَكَرَ الْوَجَعَ
فَقَالَ: (رِجْزٌ، أَوْ عَذَابٌ، عُذِّب بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ، ثُمَّ بَقِيَ
مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ
بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا يقدمنَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وقع بها فلا يخرج
فرارًا منه).
[ر: ٣٢٨٦]
١٣ - بَاب: فِي الْهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ
وَهَبَ هِبَةً، أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنِينَ،
وَاحْتَالَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى
وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَخَالَفَ الرَّسُولَ ﷺ في الهبة، وأسقط الزكاة.
(واحتال في ذلك) أي تواطأ الواهب مع الموهوب
له على أن لا يتصرف في الهبة، ويرجعها إلى الواهب قبل تمام الحول عليها عنده، ثم
يعود فيهبها إليه بعد مرور الحول، هكذا يتبادلان المال بينهما بحيث لا يمضي عليه
حول كامل عند أحدهما، فلا تجب الزكاة. (فخالف الرسول ..) في النهي عن الرجوع
بالهبة. (وأسقط ..) أي أضاعها على الفقير. وذكر الشراح أن البخاري رحمه الله تعالى
أراد بقوله (بعض الناس) أبا حنيفة رحمه الله تعالى، ورد عليه العيني: بأن هذا
الاحتيال لم يقل به أبو حنيفة ولا أصحابه رحمهم الله تعالى، وإن كانوا يقولون
بجواز الرجوع بالهبة، فلذلك قيود وشروط، وأدلة يعتمد عليها، تحمي هذا الإمام
وأصحابه رحمهم الله تعالى، من مخالفة رسول الله ﷺ، أو الاحتيال للفرار من فريضة من
فرائض الإسلام.
٦٥٧٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْعَائِدُ فِي
هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه، ليس لنا مثل السوء).
[ر: ٢٤٤٩]
٦٥٧٥ - حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا هشام
بن يوسف: أخبرنا معمر، عن الزُهري، عن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ:
إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ
الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ،
وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.
[ر: ٢٠٩٩]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ:
الشُّفْعَةُ لِلْجِوَارِ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَا شَدَّدَهُ فَأَبْطَلَهُ،
وَقَالَ: إِنِ اشْتَرَى دَارًا، فَخَافَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارُ بِالشُّفْعَةِ،
فَاشْتَرَى سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَ، وَكَانَ
لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ، وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي بَاقِي
الدَّارِ، وَلَهُ أَنْ يحتال في ذلك.
(بعض الناس) أراد أبا حنيفة رحمه الله تعالى.
(ما شدده ..) ما أثبته من الشفعة للجار. وخلاصة المسألة: أنه إذا أراد أحد أن
يشتري دارًا، اشترى جزءًا منها، فيصير شريكًا لمالكها الأصلي، ثم يشتري باقيها،
فيكون هو أولى بها من الجار لأنه شريك، فلا تثبت شفعة للجار. وأجاب العيني عن هذا
بأنه لا تناقض ولا احتيال، لأن الشفعة للجار يستحقها بعد الشريك، والشريك أولى،
على أن القائل بهذا أبو يوسف، وكرهها محمد، رحمهما الله تعالى.
٦٥٧٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ: سَمِعْتُ
عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ قَالَ:
جَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ
فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدٍ، فَقَالَ
أَبُو رَافِعٍ لِلْمِسْوَرِ: أَلَا تَأْمُرُ هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنِّي بَيْتِي
الَّذِي فِي دَارِي؟ فقال: لا أزيده على أربعمائة، إما مقطَّعة وإما منجَّمة، قال:
أعطيت خمسمائة نَقْدًا فَمَنَعْتُهُ، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ
يَقُولُ: (الْجَارُ أَحَقُّ بصَقَبِه). مَا بِعْتُكَهُ، أَوْ قَالَ: مَا
أَعْطَيْتُكَهُ.
قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ مَعْمَرًا
لَمْ يَقُلْ هَكَذَا، قَالَ: لَكِنَّهُ قَالَ لِي هَكَذَا.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذا أراد
أن يقطع الشُّفْعَةَ فَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، فَيَهَبَ
الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الدَّارَ ويحدُّها، وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، ويعوِّضه
الْمُشْتَرِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ فيها شفعة.
(بصقبه) ويروى. (بسقبه) وهو القرب والملاصقة،
أي أحق ببره ومعونته وعدم إساءته، والمراد به هنا الشفعة. (يحدها) أي يصف حدودها
التي تميزها. ويروى: (ونحوها) أي ونحو الدار، وهو أظهر كما قال الشراح.
٦٥٧٧ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ:
أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا
بأبعمائة مِثْقَالٍ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(الْجَارُ أَحَقُّ بصقبه). لما أعطيتك.
[ر: ٢١٣٩]
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ
اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لِابْنِهِ
الصَّغِيرِ، ولا يكون عليه يمين.
(وهب) أي ما اشتراه. (ولا يكون ..) في تحقق
الهبة وشروطها.
١٤ - بَاب: احْتِيَالِ الْعَامِلِ
لِيُهْدَى لَهُ.
٦٥٧٨ - حدثنا عبيد الله بن إسماعيل: حدثنا
أبو أسامة، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:
اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتبيَّة، فَلَمَّا
جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: (فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ
هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا). ثُمَّ خَطَبَنَا،
⦗٢٥٦٠⦘
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ
عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ
وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ
حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا
بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
فلأعرفنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ
بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ). ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ
بَيَاضُ إِبْطِهِ، يَقُولُ: (اللَّهُمَّ هَلْ بلَّغت). بصر عيني وسمع أذني.
[ر: ٨٨٣]
(فلأعرفن) أي والله لأعرفن. (بصر عيني وسمع
أذني) أبصرت عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ناطقًا ورافعًا يديه وسمعت كلامه. وضبط
بصر وسمع بضم الصاد وكسر الميم على أنهما فعلان ماضيان، وضبطا بسكون الصاد والميم
على أنهما مصدران.
٦٥٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْجَارُ
أَحَقُّ بصَقَبِه).
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ
اشْتَرَى دَارًا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَالَ حَتَّى
يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَيَنْقُدَهُ تِسْعَةَ آلَافِ
دِرْهَمٍ، وتسعمائة دِرْهَمٍ، وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَيَنْقُدَهُ دِينَارًا
بِمَا بَقِيَ من العشرين ألفا. فَإِنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ
أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ، فَإِنِ
اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دفع إليه، وهو
تسعة آلاف درهم وتسعمائة وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ، لِأَنَّ
الْبَيْعَ حِينَ اسْتُحِقَّ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ، فَإِنْ وَجَدَ
بِهَذِهِ الدَّارِ عَيْبًا، وَلَمْ تُسْتَحَقَّ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ
بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: فَأَجَازَ هَذَا الْخِدَاعَ
بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (بَيْعُ الْمُسْلِمِ، لَا دَاءَ
وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلَةَ).
(استحقت) ظهرت مستحقة لغير البائع، أي مملوكة
لغيره.
(الصرف
في الدينار) أي حين أعطاه الدينار بدل ما بقي من العشرين ألفًا. (داء) على شرط أن
لا يكون مرض في المشتري، أو آفة تنقص قيمته. (خبثة) هي أن يكون المبيع من كسب غير
طيب ولا مشروع.
(غائلة)
ما يكون فيه هلاك مال المشتري، من تدليس ونحوه.
٦٥٨٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ:
أَنَّ أَبَا رَافِعٍ سَاوَمَ سَعْدَ
بْنَ مالك بيتًا بأربعمائة مِثْقَالٍ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ
النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (الْجَارُ أَحَقُّ بصَقَبِه). ما أعطيتك.
[ر: ٢١٣٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ.
٩٥ - كتاب التعبير.
١ - بَاب: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ.
٦٥٨١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب، وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ: قَالَ الزُهري:
فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا
يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءٍ
فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ،
وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ
لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ
الْمَلَكُ فِيهِ، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فَقُلْتُ: مَا أَنَا
بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فغطَّني حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ
أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي
فغطَّني الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ:
اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فغطَّني الثَّالِثَةَ حَتَّى
بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ باسم ربك الذي خلق
- حَتَّى بَلَغَ - عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾). فَرَجَعَ بِهَا
تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: (زمِّلوني
زمِّلوني). فزمَّلوه حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ: (يَا خَدِيجَةُ،
مَا لِي). وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، وَقَالَ: (قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي).
فَقَالَتْ لَهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا،
إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكلَّ، وَتَقْرِي
الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ
حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نوفل بن أسد ابن عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ،
وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خديجة أخي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تنصَّر فِي
الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ
بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الْإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ
شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيِ ابْنَ عمِّ،
اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟
فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ
الَّذِي أُنْزِلَ
⦗٢٥٦٢⦘
عَلَى مُوسَى، ياليتني فِيهَا
جَذَعًا، أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(أو مخرجيَّ هُمْ). فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ
مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا
مؤزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ
فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ ﷺ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ
مِرَارًا كي يتردى من رؤوس شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ
جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تبدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا
مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وتقرُّ
نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا
لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تبدَّى لَهُ جِبْرِيلُ
فَقَالَ له مثل ذلك.
[ر: ٣]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿فَالِقُ
الإِصْبَاحِ﴾ /الأنعام: ٩٦/: ضَوْءُ السمش بالنهار، وضوء القمر بالليل.
(جذعًا) شابًا فتيًا، وهو منصوب على أنه خبر
لكان المقدرة.
(فترة
حتى ..) ذكر في الفتح أن الكلام من هنا إلى آخر الحديث من كلام الزُهري. (غدا منه
مرارًا) ذهب بسبب ذلك الحزن عدة مرات. (يتردى) يسقط نفسه. (شواهق الجبال)
مرتفعاتها العالية. (تبدى) ظهر. (جأشه) اضطرابه. (تقر) تطمئن وتهدأ. (فالق) من
الفلق وهو شق الشيء. وقيل: خلق وفطر وفلق بمعنى واحد. (الإصباح) هو في الأصل: مصدر
أصبح إذا دخل في الصبح، وسمي به الصبح. وأتى بهذا التعليق هنا لمناسبة ذكر (فلق
الصبح) في الحديث.
٢ - بَاب: رُؤْيَا الصَّالِحِينَ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ
اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لتدخلنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إن شاء
الله آمنين محلِّقين رؤوسكم ومقصِّرين لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا
فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ /الفتح: ٢٧/.
(محلِّقين) من التحليق، وهو المبالغة
والتكثير في إزالة الشعر وجزه.
(من
دون ذلك) من قبل دخول المسجد الحرام. (فتحًا) هو فتح خيبر الذي كان بعد العود من
الحديبية وقبل عمرة القضاء.
٦٥٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (الرُّؤْيَا
الْحَسَنَةُ، مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ
جُزْءًا من النبوة).
[٦٥٩٣
- وانظر: ٦٥٨٦ - ٦٥٨٧]
(الحسنة) باعتبار حسن ظاهرها أو حسن تأويلها.
(الرجل) أي الإنسان رجلًا أو امرأة. (من النبوة) لأن الأنبياء يخبرون بما سيكون
والرؤيا تدل على ما يكون. وقيل: هذا في حق رؤيا الأنبياء دون غيرهم، وكان الأنبياء
يوحى إليهم في منامهم كما يوحى إليهم في اليقظة.
٣ - بَاب: الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ.
٦٥٨٣ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ:
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ من الله، والحلم من الشيطان).
[ر: ٣١١٨]
٦٥٨٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ خبَّاب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ
يَقُولُ: (إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ
اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وليحدِّث بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ
ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ
شَرِّهَا، وَلَا يَذْكُرْهَا لأحد، فإنها لا تضره).
[٦٦٣٨]
(من الله) الإضافة إلى الله تعالى تشريف. (لا
تضره) لا يصيبه أذى بسببها.
٤ - بَاب: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ
سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.
٦٥٨٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا،
لَقِيتُهُ بِالْيَمَامَةِ، عَنْ أَبِيهِ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ،
وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْهُ،
وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ).
وَعَنْ أَبِيهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ.
[ر: ٣١١٨]
٦٥٨٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (رُؤْيَا
الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة).
[ر: ٦٥٨٢]
أخرجه مسلم في أوائل الرؤيا، رقم:
٢٢٦٤.
٦٥٨٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُهري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (رُؤْيَا
الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ
⦗٢٥٦٤⦘
سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا من
النبوة).
رواه ثابت، وحميد، وإسحق بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، وَشُعَيْبٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبي ﷺ.
[٦٦١٤
- وانظر: ٦٥٨٢]
أخرجه مسلم في أوائل الرؤيا، رقم:
٢٢٦٣.
٦٥٨٨ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ
حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خبَّاب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا
مِنَ النُّبُوَّةِ).
٥ - باب: المبشِّرات.
٦٥٨٩ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزُهري: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المبشِّرات). قَالُوا: وَمَا المبشِّرات؟
قَالَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ).
(لم يبق) أي بعد نبوته ﷺ. (المبشرات) جمع
مبشرة من التبشير، وهو إدخال السرور والفرح على المبشر، والمراد أن الوحي ينقطع
بموته ﷺ، ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا.
٦ - بَاب: رُؤْيَا يُوسُفَ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَ
يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ. قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ
رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ
تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ويتمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا
أتمَّها عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إبراهيم وإسحق إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ﴾. /يوسف: ٤ - ٦/.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَبَتِ
هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ
أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ
بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ
لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ
الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ
⦗٢٥٦٥⦘
فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي
بِالصَّالِحِينَ﴾ /يوسف: ١٠٠ - ١٠١/.
قَالَ أَبُو عبد الله: فاطر والبديع
والمبدئ والبارئ والخالق واحد. قال أبو عبد الله: من البدو: بادئة.
(رأيت) في منامي. (فيكيدوا ..) يحتالوا في
هلاكك ويدبروا ما فيه الخلاص منك. (مبين) ظاهر العداوة. (يجتبيك) يختارك ويصطفيك.
(تأويل
الأحاديث) تفسير الرؤيا وتعبيرها. (آل يعقوب) نسله وذريته.
(أبويك)
جدك وأبي جدك. (حقًا) واقعًا ويقظة. (البدو) البادية. (نزغ) أفسد، وأغوى. (فاطر)
خالق. (وليي) متولي شأني. (توفني) اقبضني إليك. (بادئة) بادية.
٧ - بَاب: رُؤْيَا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا
بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا أَسْلَمَا وتلَّه
لِلْجَبِينِ. وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صدَّقت الرُّؤْيَا
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ /الصافات: ١٠٢ - ١٠٥/.
قَالَ مُجَاهِدٌ: أَسْلَمَا: سلَّما
مَا أمرا به، وتلَّه: وضع وجهه بالأرض.
(بلغ معه السعي) وصل إلى حال يستطيع فيها أن
يسعى مع أبيه في أشغاله وحوائجه. (أني أذبحك) أومر بذبحك. (صدقت الرؤيا) حققت ما
أمرت به في المنام، وحصل المقصود إذ ظهر منك كمال الطاعة والانقياد لأمر الله عز
وجل.
٨ - باب: التواطؤ على الرؤيا.
(التواطؤ) توافق جماعة على شيء واحد في
رؤياهم ولو اختلفت عباراتهم.
٦٥٩٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه:
أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ
الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّ أُنَاسًا أُرُوا أَنَّهَا فِي
الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْتَمِسُوهَا فِي السبع الأواخر).
[ر: ١٩١١]
٩ - بَاب: رُؤْيَا أَهْلِ السُّجُونِ وَالْفَسَادِ
وَالشِّرْكِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَدَخَلَ
مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا
وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ
الطَّيْرُ مِنْهُ نبِّئنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
⦗٢٥٦٦⦘
قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ
تُرْزَقَانِهِ إِلا نبَّأتكما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا
مِمَّا علَّمني رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ ملَّة قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ. واتَّبعت ملَّة آبائي إبراهيم وإسحق
وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ ولكنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَشْكُرُونَ. يا صاحبي السجن أأرباب متفرِّقون - وقال الفضيل لبعض الأتباع: يا عبد
الله: أرباب مُتَفَرِّقُونَ - خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. مَا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سمَّيتموها أَنْتُمْ وآباءكم مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الحكم إلا لله أمر أن لا تَعْبُدُوا
إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القيِّم ولكنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي ربَّه خَمْرًا وَأَمَّا
الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي
فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ. وَقَالَ لِلَّذِي ظنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي
عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ ربِّه فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ
بِضْعَ سِنِينَ. وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ
يأكلهنَّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي
رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تعبرون. قالوا أضغاث أحلام وما نحن يتأويل
الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ. وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وادَّكر بَعْدَ أمَّة
أَنَا أنبِّئكم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ. يُوسُفُ أَيُّهَا الصدِّيق أَفْتِنَا
فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يأكلهنَّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يَابِسَاتٍ
لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ. قَالَ تَزْرَعُونَ
سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ
⦗٢٥٦٧⦘
إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ.
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قدَّمتم لهنَّ
إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ
يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ. وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا
جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ /يوسف: ٣٦ - ٥٠/.
وادَّكر: افْتَعَلَ مِنْ ذَكَرَ،
أمَّة: قَرْنٍ، وَتُقْرَأُ: أَمَهٍ: نِسْيَانٍ.
وَقَالَ ابْنُ عباس: يعصرون: الأعناب
والدهن. تحصنون: تحرسون.
(أراني) أرى نفسي في المنام. (خمرًا) عنبًا
ليصير خمرًا. (نبئنا) أخبرنا. (بتأويله) بتعبيره وتفسيره. (ترزقانه) تطعمانه
وتأكلانه. (ملة) دين وطريقة. (متفرقون) متعددون ومتنوعون. (سميتموها) آلهة
وأربابًا، وهي حجارة جامدة. (ما أنزل ..) لا حجة لكم في عبادتها ولا برهان.
(الحكم)
الأمر والنهي والقضاء. (القيم) المستقيم الثابت بالأدلة والبراهين.
(قضي
..) فرغ من الأمر الذي سألتما عنه، ووجب حكم الله تعالى عليكما بالذي أخبرتكما به.
(ظن) علم وتحقق. (اذكرني) اذكر له أن في السجن غلامًا مظلومًا طال حبسه. (ربك)
سيدك. (ذكر ربه) أن يذكره لسيده أو عنده. (فلبث) مكث. (بضع) ما بين ثلاث إلى تسع.
(عجاف) مهازيل في غاية الهزال، جمع عجفاء. (الملأ) الأشراف من العلماء والحكماء.
(أفتوني)
بينوا لي ما تدل عليه. (تعبرون) تفسرون. (أضغاث أحلام) أخلاط مشتبهة رأيتها في
منامك لا تدل على شيء. (بتأويل) بتفسير.
(ادكر)
تذكر. (أمة) حين من الزمن ومدة طويلة. (أنبئكم ..) أخبركم عمن عنده تفسير ذلك.
(الصديق) البليغ في الصدق. (دأبًا) مواصلين في زراعتكم كعادتكم. (حصدتم) قطعتم
سوقه وأخذتموه. (فذروه) فاتركوه.
(شداد)
على الناس لما فيها من الجدب والقحط. (يأكلن) يفنى فيهن.
(ما
قدمتم لهن) ما ادخرتم لهذه السنين. (تحصنون) تخبئون وتدخرون للبذر ونحوه. (يغاث
الناس) من الغوث وهو الإعانة والنصرة، أو الغيث وهو المطر النافع. (يعصرون) العنب
والزيتون والسمسم ونحوها لكثرة الزروع والثمار. (ربك) سيدك الملك. (أمه) وهذه
قراءة غير متواترة ولا مشهورة، وهي من الشواذ، ونسبت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وغيره.
٦٥٩١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ:
حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُهري: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ
الْمُسَيِّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (لَوْ لَبِثْتُ فِي
السِّجْنِ مَا لبث يوسف، ثم أتاني الداعي لأجبته).
[ر: ٣١٩٢]
١٠ - بَاب: مَنْ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ فِي
الْمَنَامِ.
٦٥٩٢ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُهري: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ
أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:
(مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يتمثَّل
الشَّيْطَانُ بِي).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ
ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رآه في صورته.
أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: قول
النبي ﷺ من رآني في المنام فقد رآني. رقم: ٢٢٦٦. في الحديث: أن رؤية النَّبِيَّ ﷺ
فِي الْمَنَامِ صحيحة لا تنكر، وليست بأضغاث أحلام، ولا من تشبيهات الشيطان. وقيل:
إذا رئي على الصفات الحميدة دل ذلك على الخصب والأمطار الكثيرة، وكثرة الرحمة،
ونصرة المجاهدين، وظهور الدين، وظفر الغزاة والمقاتلين، ودمار الكفار وظفر
المسلمين بهم، وصحة الدين. وإذا رئي على صفات مكروهة، ربما دل ذلك على الحرارة
وظهور الفتن والبدع، وضعف الدين.
(فسيراني
في اليقظة) قيل: المراد أهل عصره، أي من رآه في المنام وفقه الله تعالى للهجرة
إليه والتشرف بلقائه ﷺ. أو: يرى تصديق تلك الرؤيا في الدار الاخرة، أو يراه فيها
رؤية خاصة في القرب منه والشفاعة. (لا يتمثل الشيطان بي) لا يحصل له مثال صورتي
ولا يتشبه بي. (إذا رآه في صورته) أي أن رؤيته للنبي ﷺ لا تعتبر إلا إذا رآه على
صفته التي وصف بها.
٦٥٩٣ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ،
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ رَآنِي
فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يتخيَّل بِي، وَرُؤْيَا
الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا من النبوة).
[ر: ٦٥٨٢]
أخرجه مسلم في أوائل الرؤيا، رقم:
٢٢٦٤.
(فقد
رآني) أي إن رؤياه صحيحة، لا تكون أضغاثًا، ولا من تشبيهات الشيطان. (لا يتخيل بي)
لا يتمثل ولا يتصور.
٦٥٩٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنِي
أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الرُّؤْيَا
الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا
يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وليتعوَّذ مِنَ الشَّيْطَانِ،
فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يتراءى بي).
(لا يتراءى بي) وفي نسخة. (لا يتزايا بي) أي
لا يقصدني لأن يصير مرئيًا بصورتي.
٦٥٩٥ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُهري:
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (من رَآنِي
فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ).
تَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ أخي
الزُهري.
[ر: ٣١١٨]
(رأى الحق) الرؤيا الصحيحة الثابتة، لا أضغاث
أحلام ولا خيالات باطلة.
٦٥٩٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ خبَّاب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (مَنْ
رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يتكوَّنني).
(لا يتكونني) لا يتشكل بشكلي.
١١ - باب: رؤيا الليل.
رواه سمرة.
[ر: ٦٦٤٠]
٦٥٩٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الطُّفَاوِيُّ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أُعْطِيتُ
مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ،
⦗٢٥٦٩⦘
وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَمَا
أَنَا نَائِمٌ الْبَارِحَةَ إِذْ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ حَتَّى
وُضِعَتْ فِي يَدِي).
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأنتم تنتقلونها.
[ر: ٢٨١٥]
(مفاتيح الكلم) هي اللفظ القليل الذي يفيد
معاني كثيرة، وهذا غاية البلاغة. (البارحة) اسم الليلة الماضية. (تنتقلونها)
ينقلها بعضكم إلى بعض، وفي رواية (تنتفلونها) أي تغتنمونها، وفي أخرى (تنتثلونها)
وهي الصواب، أي تستخرجون ما فيها، قال النووي: يعني ما فتح على المسلمين من
الدنيا، وهو يشمل الغنائم.
٦٥٩٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (أُرَانِي
اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ
رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لمَّة كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ
اللِّمم، قَدْ رجَّلها، تَقْطُرُ مَاءً، متَّكئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ عَلَى
عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ:
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أَعْوَرِ
الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟
فَقِيلَ: الْمَسِيحُ الدجال).
[ر: ٣٢٥٦]
٦٥٩٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ
كَثِيرٍ، وَابْنُ أَخِي الزُهري، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُهري، عن
عبيد الله، عن ابن عباس، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ
الزُهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وقال شعيب، وإسحق بْنُ يَحْيَى، عَنِ
الزُهري: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ مَعْمَرٌ
لَا يُسْنِدُهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ.
[٦٦٣٩]
(ساق الحديث) ذكر الحديث الذي سيأتي بتمامه
في موضعه الآخر.
(معمر)
بن راشد. (لا يسنده) أي الحديث المذكور، بل يقول: كان ابن عباس ولا يذكر عبيد الله
بن عبد الله في السند. (حتى كان بعد) حتى أسنده بعد ذلك، عندما جاءه زمعة بكتاب
فيه: عن الزُهري، عن عبيد الله عن ابن عباس. فكان لا يشك فيه بعد. [عيني]].
١٢ - بَاب: الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ
سِيرِينَ: رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ.
٦٦٠٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ:
أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُ
عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِي
رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ:
فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي
عُرِضُوا عليَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ،
مُلُوكًا عَلَى الأسرَّة، أَوْ: مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأسرَّة). شك إسحق،
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي
مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ
اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عليَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ). كَمَا
قَالَ فِي الْأُولَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ
يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: (أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ). فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ
فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حين
خرجت من البحر، فهلكت.
[ر: ٢٦٣٦]
١٣ - بَاب: رُؤْيَا النِّسَاءِ.
٦٦٠١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ:
حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي
خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:
أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ، امْرَأَةً
مِنَ الْأَنْصَارِ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمُ
اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً، قَالَتْ: فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ
مَظْعُونٍ وَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي توفِّي
فِيهِ، فَلَمَّا توفِّي غُسِّل وكُفِّن فِي أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ
لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ
اللَّهَ أَكْرَمَهُ). فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ
يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَمَّا هُوَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ
جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَوَاللَّهِ مَا
أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِي).
فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أزكِّي
بَعْدَهُ أحدًا أبدًا.
٦٦٠٢ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزُهري بِهَذَا،
وَقَالَ: (مَا أَدْرِي
⦗٢٥٧١⦘
مَا يُفْعَلُ بِهِ). قَالَتْ:
وَأَحْزَنَنِي فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَأَخْبَرْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فقال: (ذلك عمله).
[ر: ١١٨٦]
١٤ - باب: الحلم من الشيطان. وإذا حَلَمَ
فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ عز وجل.
٦٦٠٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ
وَفُرْسَانِهِ، قَالَ:
سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ:
(الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ
أَحَدُكُمُ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يساره، وليستعذ بالله منه، فلن
يضره).
[ر: ٣١١٨]
١٥ - باب: اللبن.
٦٦٠٤ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُهري: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى
إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي -
يَعْنِي - عُمَرَ). قَالُوا: فَمَا أوَّلته يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (العلم).
[ر: ٨٢]
١٦ - بَاب: إِذَا جَرَى اللَّبَنُ فِي
أَطْرَافِهِ أَوْ أظافره.
٦٦٠٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ
صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَا
أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى
الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِي، فَأَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ). فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: فَمَا أوَّلت ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: (العلم).
[ر: ٨٢]
١٧ - بَاب: الْقَمِيصِ فِي الْمَنَامِ.
٦٦٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ:
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَمَا
أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ،
مِنْهَا مَا يَبْلُغُ
⦗٢٥٧٢⦘
الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ
دُونَ ذَلِكَ، ومرَّ عليَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يجرُّه).
قَالُوا: مَا أوَّلت يا رسول الله؟ قال: (الدين).
[ر: ٢٣]
١٨ - بَاب: جَرِّ الْقَمِيصِ فِي
الْمَنَامِ.
٦٦٠٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ:
حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي
أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ
قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عليَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ،
فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ
عليَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجْتَرُّهُ). قَالُوا: فَمَا
أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الدين).
[ر: ٢٣]
١٩ - باب: الخضر في المنام، والروضة
الخضراء.
(الخضر) بسكون الضاد، جمع أخضر، وفي رواية
(الخضرة).
٦٦٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا حرميُّ بْنُ عُمَارَةَ: حَدَّثَنَا قرَّة بْنُ
خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ:
كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ
بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَقَالُوا:
هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا
وَكَذَا، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا
مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي
رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فَنُصِبَ فِيهَا، وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ، وَفِي أسفلها
منصف، والمنصف الوصيف، فقيل: ارقه، فرقيت حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ،
فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَمُوتُ
عَبْدُ اللَّهِ وهو آخذ بالعروة الوثقى).
[ر: ٣٦٠٢]
٢٠ - بَاب: كَشْفِ الْمَرْأَةِ فِي
الْمَنَامِ.
٦٦٠٩ - حدثنا عبيد الله بن إسماعيل: حدثنا
أبو أسامة، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أُرِيتُكِ
فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ،
فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ:
إِنْ يكن هذا من عند الله يمضه).
[ر: ٣٦٨٢]
٢١ - بَاب: ثِيَابِ الْحَرِيرِ فِي
الْمَنَامِ.
٦٦١٠ - حدثنا محمد: أخبرنا أبو معاوية:
أخبرنا هشام، عن ابنه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أُرِيتُكِ
قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُ الْمَلَكَ يَحْمِلُكِ فِي
سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقُلْتُ لَهُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ فَإِذَا هِيَ أَنْتِ،
فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ، ثُمَّ أُرِيتُكِ
يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقُلْتُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ، فَإِذَا هِيَ
أَنْتِ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ الله يمضه).
[ر: ٣٦٨٢]
٢٢ - بَاب: الْمَفَاتِيحِ فِي الْيَدِ.
٦٦١١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عقيل، عن ابن شهاب: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قال:
سمعت رسول اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا
نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ:
وَبَلَغَنِي أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ: أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الْأُمُورَ
الْكَثِيرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ، فِي الْأَمْرِ
الواحد، والأمرين، أو نحو ذلك.
[ر: ٢٨١٥]
٢٣ - بَاب: التَّعْلِيقِ بِالْعُرْوَةِ
وَالْحَلْقَةِ.
٦٦١٢ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ (ح). وحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ:
حَدَّثَنَا مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا قَيْسُ
بْنُ عُبَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلام قال:
رأيت كأني في روضة، وسط الرَّوْضَةِ
عَمُودٌ، فِي أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارْقَهْ، قُلْتُ: لَا
أَسْتَطِيعُ، فَأَتَانِي وَصِيفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي فَرَقِيتُ، فَاسْتَمْسَكْتُ
بِالْعُرْوَةِ، فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُسْتَمْسِكٌ بِهَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى
النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: (تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ
الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، لَا
تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ).
[ر: ٣٦٠٢]
٢٤ - باب: عمود الفسطاط تحت وسادته.
(عمود الفسطاط ..) أي هذا باب من رأى عمود
الفسطاط تحت وسادته، والعمود ما ترفع عليه الخيمة من الخشب، أو ما ترفع عليه
البيوت من حجارة ونحوها. والفسطاط هو الخيمة الكبيرة. والوسادة المخدة. وهذا الباب
يوجد بدون حديث. ولعل البخاري رحمه الله تعالى ترجم له أولًا، ثم لم يجد فيه
حديثًا يوافق شرطه، فتركه هكذا.
٢٥ - بَاب: الْإِسْتَبْرَقِ وَدُخُولِ
الْجَنَّةِ فِي الْمَنَامِ.
٦٦١٣ - حَدَّثَنَا معلَّى بْنُ أَسَدٍ:
حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي
يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ، لَا أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ
إِلَّا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا
حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: (إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ
قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الله رجل صالح).
[ر: ٤٢٩]
(سرقة) قطعة. (أهوي) أشير. قال العيني: قد
يعبر الحرير في المنام بالشرف بالدين والعلم، لأن الحرير من أشرف ملابس الدنيا،
وكذلك العلم بالدين أشرف العلوم. ورؤية دخول الجنة في المنام تدل على دخولها في
اليقظة يوم القيامة، ويعبر أيضًا بالدخول في الإسلام الذي هو سبب لدخول الجنة.
٢٦ - بَاب: الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ.
٦٦١٤ - حدثنا عبد الله بن صبَّاح: حدثنا
معتمر: سَمِعْتُ عَوْفًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: أَنَّهُ سَمِعَ
أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا
اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ
سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ). وَمَا كَانَ مِنَ النُّبُوَّةِ
فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ، قَالَ: وَكَانَ
يُقَالُ: الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: حَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ،
وَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يقصَّه عَلَى
أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، قَالَ: وَكَانَ يُكْرَهُ الغُلَّ فِي النَّوْمِ،
وَكَانَ يُعْجِبُهُمُ الْقَيْدُ، وَيُقَالُ: الْقَيْدُ
⦗٢٥٧٥⦘
ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ.
وَرَوَى قَتَادَةُ، وَيُونُسُ،
وَهِشَامٌ، وَأَبُو هِلَالٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، وَأَدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّهُ فِي الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُ عَوْفٍ
أَبْيَنُ. وَقَالَ يُونُسُ: لَا أَحْسِبُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي
الْقَيْدِ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: لَا
تَكُونُ الْأَغْلَالُ إِلَّا فِي الأعناق.
[ر: ٦٥٨٧]
أخرجه مسلم في أوائل الرؤيا، رقم:
٢٢٦٣.
(اقترب
الزمان) انتهت مدته بدنو قيام الساعة. (لا تكاد تكذب) تقع غالبًا على الوجه
المرئي، لا تحتاج إلى التعبير فلا يدخلها الكذب. (قال محمد) هو ابن سيرين. (هذه)
أي المقالة، قال العيني: ووقع في شرح ابن بطال: وأنا أقول: هذه الأمة، يعني أن
رؤيا هذه الأمة صادق كلها، صالحها وفاجرها، ليكون صدق رؤياهم زجرًا لهم وحجة
عليهم، لدروس أعلام الدين وطموس آثاره بموت العلماء وظهور المنكر. (وكان يقال)
قيل: القائل هو أبو هريرة، وقيل: هو مرفوع إلى النبي ﷺ، كما هو ظاهر رواية مسلم.
وقيل: الحكمة من اختصاص ذلك بآخر الزمان: أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبًا،
فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت، فيكرم بالرؤيا الصادقة. (حديث النفس) هو ما
كان في اليقظة في خيال الشخص، فيرى ما يتعلق به عند المنام. (تخويف الشيطان) وهو
الحلم ورؤية ما يكره. (بشرى من الله) وهي المبشرات، وهي رؤيا المحبوبات. (وكان) أي
أبو هريرة رضي الله عنه أو النبي ﷺ. (الغل) الحديد الذي يجعل في العنق، وكرهه لأنه
من صفات أهل النار، وقد يفسر بأداة تؤذي أو بالكفر، وإذا انضم إليه القيد - وهو
الحديد الذي في اليدين - يدل على زيادة المكروه. وأما رؤية القيد وحده فإنه محمود.
(ثبات في الدين) يمنع الخطايا ويقيد عنها.
(أدرجه
بعضهم كله) أي جعل جميع الألفاظ المذكورة من لفظ: الرؤيا ثلاث .. إلى: في الدين،
من جملة الألفاظ المرفوعة في الحديث إلى النبي ﷺ، كما جاء في رواية مسلم. (أبين)
أظهر، حيث فصل المرفوع عن الموقوف. (لا تكون الأغلال ..) أي لا يقال لما في اليد
ونحوها غل.
٢٧ - بَاب: الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ فِي
الْمَنَامِ.
٦٦١٥ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهري، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ
بْنِ ثَابِتٍ،
عَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ، وَهِيَ
امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ، بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ: طَارَ لَنَا
عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي السُّكنى، حِينَ اقْتَرَعَتِ الْأَنْصَارُ عَلَى
سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، فَاشْتَكَى فمرَّضناه حَتَّى توفِّي، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ
فِي أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ
اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ
اللَّهُ، قَالَ: (وَمَا يُدْرِيكِ). قُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ، قَالَ: (أمَّا
هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ،
وَاللَّهِ مَا أَدْرِي - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا
بِكُمْ).
قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ:
فَوَاللَّهِ لَا أزكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ، قَالَتْ: وَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ فِي
النَّوْمِ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ،
فَقَالَ: (ذاكِ عمله يجري له).
[ر: ١١٨٦]
٢٨ - بَاب: نَزْعِ الْمَاءِ مِنَ
الْبِئْرِ حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ.
رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٤٦٤]
٦٦١٦ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا صَخْرُ
بْنُ جُوَيْرِيَةَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ
قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَا
أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ
أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ،
⦗٢٥٧٦⦘
وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، فَغَفَرَ
اللَّهُ لَهُ، ثم أخذها ابن الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ
فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يفري فريَّه، حتى ضرب
الناس بعطن).
[ر: ٣٤٣٤]
(ذنوبًا) الذنوب: الدلو الممتلئ. (غربًا)
الغرب: الدلو العظيمة المتخذة من جلود البقر، فإذا فتحت الراء فهو الماء الذي يسيل
بين البئر والحوض. (حتى ضرب الناس بعطن) العطن: ما يعد للشرب حول البئر من مبارك
الإبل، وضرب: أي ضربت الإبل بعطن، بركت، والعطن للإبل كالوطن للناس، لكن غلب على
بركها حول الحوض.
٢٩ - بَاب: نَزْعِ الذَّنُوبِ
وَالذَّنُوبَيْنِ مِنَ الْبِئْرِ بِضَعْفٍ.
٦٦١٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ:
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا موسى، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رُؤْيَا
النَّبِيِّ ﷺ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَ: (رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا،
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ،
وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ الخطاب، فاستحالت غربًا، فما رأيت في
النَّاسِ مَنْ يَفْرِي فريَّه، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بعطن).
[ر: ٣٤٣٤]
٦٦١٨ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ:
حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حدثني عقيل، عن ابن شهاب: أخبرني سعيد: أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ:
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، وَعَلَيْهَا دَلْوٌ،
فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ،
فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ
يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بن الخطاب، حتى
ضرب الناس بعطن).
[ر: ٣٤٦٤]
٣٠ - باب: الاستراحة في المنام.
٦٦١٩ - حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ همَّام: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَا
أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ أَنِّي عَلَى حَوْضٍ أَسْقِي النَّاسَ، فَأَتَانِي أَبُو
بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِي لِيُرِيحَنِي، فَنَزَعَ ذَنُوبَيْنِ وَفِي
نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَأَتَى ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ
مِنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ ينزع حتى تولَّى الناس، والحوض يتفجَّر).
[ر: ٣٤٦٤]
(تولى الناس) أعرض الناس وذهبوا مكتفين.
(يتفجر) يتدفق ويسيل.
٣١ - بَاب: الْقَصْرِ فِي الْمَنَامِ.
٦٦٢٠ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ:
حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المسيَّب: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
⦗٢٥٧٧⦘
(بَيْنَا
أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى
جَانِبِ قَصْرٍ، قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فولَّيت مُدْبِرًا). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْكَ، بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله، أغار؟
[ر: ٣٠٧٠]
٦٦٢١ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ:
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (دَخَلْتُ
الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟
فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَدْخُلَهُ يَا ابْنَ
الْخَطَّابِ، إِلَّا مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ). قال: وعليك أغار يا رسول
الله؟
[ر: ٣٤٧٦]
٣٢ - بَاب: الْوُضُوءِ فِي الْمَنَامِ.
٦٦٢٢ - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عن ابن شهاب: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ
المسيَّب: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ،
فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا
الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فولَّيت مُدْبِرًا).
فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَغَارُ.
[ر: ٣٠٧٠]
٣٣ - بَاب: الطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ فِي
الْمَنَامِ.
٦٦٢٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزُهري: أخبرني سالم بن عبد الله ابن عُمَرَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي
الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: (بَيْنَا أَنَا
نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ
الشَّعَرِ، بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ،
جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ
طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدجَّال، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ
شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ).
وَابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ بني
المصطلق من خزاعة.
[ر: ٣٢٥٦]
٣٤ - بَاب: إِذَا أَعْطَى فَضْلَهُ
غَيْرَهُ فِي النَّوْمِ.
٦٦٢٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي
⦗٢٥٧٨⦘
حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي
لَأَرَى الرِّيَّ يَجْرِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلَهُ عُمَرَ).
قَالُوا: فَمَا أوَّلته يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟ قَالَ: (العلم).
[ر: ٨٢]
٣٥ - بَاب: الْأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ
فِي الْمَنَامِ.
٦٦٢٥ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عفَّان بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ:
حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:
إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ما
شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا غُلَامٌ حَدِيثُ السِّنِّ، وَبَيْتِي الْمَسْجِدُ قَبْلَ
أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ
مَا يرى هؤلاء، فلما اضطجعت لَيْلَةٍ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ
فيَّ خَيْرًا فَأَرِنِي رُؤْيَا، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِي
مَلَكَانِ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ،
يُقْبِلَانِ بِي إِلَى جَهَنَّمَ، وأنا بينهما أدعو الله: اللهم أَعُوذُ بِكَ مِنْ
جَهَنَّمَ، ثُمَّ أُرَانِي لَقِيَنِي مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ،
فَقَالَ: لم ترع، نعم الرجل أنت، لو تُكْثِرُ الصَّلَاةَ. فَانْطَلَقُوا بِي
حَتَّى وَقَفُوا بِي عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا هِيَ مطويَّة كَطَيِّ
البئر، لها قرون كقرون الْبِئْرِ، بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ بِيَدِهِ
مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَرَى فِيهَا رِجَالًا معلَّقين بِالسَّلَاسِلِ، رؤوسهم
أَسْفَلَهُمْ، عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِي عَنْ
ذَاتِ الْيَمِينِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فقصَّتها حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ).
فقال نافع: لم يزل بعد ذلك يكثر الصلاة.
[ر: ٤٢٩]
(فيقول فيها) يعبرها. (مقمعة) عصا معوجة
الرأس. (لم ترع) من الروع، وهو الخوف. (شفير) حرف وجانب.
٣٦ - باب: الأخذ على اليمين في النوم.
٦٦٢٦ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بن يوسف: أخبرنا معمر، عن الزُهري، عن سَالِمٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا فِي
عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَنْ رَأَى
مَنَامًا قصَّه عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدكَ
خَيْرٌ فَأَرِنِي مَنَامًا يُعَبِّرُهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَنِمْتُ،
فَرَأَيْتُ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي، فَانْطَلَقَا بِي،
⦗٢٥٧٩⦘
فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ
لِي: لَنْ تُرَاعَ، إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ. فَانْطَلَقَا بِي إِلَى النَّارِ،
فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُ
بَعْضَهُمْ، فَأَخَذَا بِي ذَاتَ الْيَمِينِ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ
لِحَفْصَةَ فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ:
(إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنَ
اللَّيْلِ).
قَالَ الزُهري: وَكَانَ عَبْدُ
اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ من الليل.
[ر: ٤٢٩]
(يعبره) يؤوله ويفسره.
٣٧ - بَاب: الْقَدَحِ فِي النَّوْمِ.
٦٦٢٧ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ
أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ). قَالُوا: فَمَا أوَّلته يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟ قَالَ: (الْعِلْمَ).
[ر: ٨٢]
٣٨ - بَاب: إِذَا طَارَ الشَّيْءُ فِي
الْمَنَامِ.
٦٦٢٨ - حَدَّثَنِي سعيد بن محمد: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صالح، عن ابن عبيدة ابن
نَشِيطٍ قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي
ذَكَرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لِي:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ
ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا،
فأوَّلتهما كذَّابَين يَخْرُجَانِ). فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَحَدُهُمَا
الْعَنْسِيُّ الَّذِي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة.
[ر: ٣٤٢٤]
(عن ابن عبيدة بن نشيط) هو عبد الله بن عبيدة
بن نشيط الربذي، قتله الخوارج بقديد سنة ثلاثين ومائة، وليس له في البخاري سوى هذا
الحديث. (يخرجان) تظهر شوكتهما ودعواهما النبوة، ويحاربهما المسلمون بعده ﷺ.
٣٩ - بَاب: إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ.
٦٦٢٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي
بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى - أُرَاهُ -
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (رَأَيْتُ
فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فذهب
وهلي إلى أنها اليمامة أو الهجر، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ
فِيهَا بَقَرًا،
⦗٢٥٨٠⦘
وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ
الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وإذا الخير ما جاء الله به مِنَ الْخَيْرِ،
وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ به بعد يوم بدر).
[ر: ٣٤٢٥]
(والله خير) أي ثواب الله تعالى للمقبولين
خير لهم من بقائهم في الدنيا، أو صنع الله خير لكم. وقيل: الأولى أن يقال: إنه من
جملة الرؤيا، وأنها كلمة سمعها عند رؤياه البقر، بدليل تأويله لها بقوله ﷺ: (وإذا
الخير ما جاء به الله).
٤٠ - باب: النفخ في المنام.
٦٦٣٠ - حدثني إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْحَنْظَلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ
همَّام بْنِ منبِّه قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ). وَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خزائن الأرض، فوضع في يديَّ
سوارين مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عليَّ وأهمَّاني، فَأُوحِيَ إليَّ أَنِ
انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فأوَّلتهما الكذَّابَين اللذَين أنا
بينهما: صاحب صنعاء، وصاحب اليمامة).
[ر: ٨٣٦ - ٤١١٦]
٤١ - بَاب: إِذَا رَأَى أَنَّهُ أَخْرَجَ
الشَّيْءَ مِنْ كورة، فأسكنه موضعًا آخر.
(كورة) هي الناحية. وفي نسخة: (كوة) وهي
الثقب غير النافذ في الجدار. (فأسكنه) وضعه.
٦٦٣١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ،
عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عبد اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (رَأَيْتُ
كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ،
حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ - وَهِيَ الْجُحْفَةُ - فأوَّلت أَنَّ وَبَاءَ
الْمَدِينَةِ نقل إليها).
[٦٦٣٢
- ٦٦٣٣]
(ثائرة) شعر رأسها منتشر غير منتظم. (الجحفة)
اسم مكان هو ميقات أهل مصر، وقيل: هذا التفسير مدرج من قول موسى بن عقبة. (وباء)
مرض.
٤٢ - باب: المرأة السوداء.
٦٦٣٢ - حدثنا أبو بَكْرٍ المقدَّمي:
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنِي سَالِمُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما:
فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ ﷺ فِي
الْمَدِينَةِ: (رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ
الْمَدِينَةِ حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ، فتأوَّلتها أَنَّ وَبَاءَ
الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ). وَهِيَ الجحفة.
[ر: ٦٦٣١]
٤٣ - باب: المرأة الثائرة الرأس.
٦٦٣٣ - حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي
سُلَيْمَانُ، عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (رَأَيْتُ
امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى
قامت بمهيعة، فأوَّلت أن وباء المدينة ينقل إلى مهيعة). وهي الجحفة.
[ر: ٦٦٣١]
٤٤ - بَاب: إِذَا هزَّ سَيْفًا فِي
الْمَنَامِ.
٦٦٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عَنْ
جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى - أُرَاهُ - عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(رَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا
هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى،
فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ الله به من الفتح، واجتماع
المؤمنين).
[ر: ٣٤٢٥]
٤٥ - بَاب: مَنْ كَذَبَ فِي حُلُمِهِ.
٦٦٣٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ،
عن النبي ﷺ قال: (مَنْ تحلَّم
بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كلِّف أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ،
وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يفرُّون
مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صوَّر صُورَةً
عُذِّب، وكُلِّف أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ).
قَالَ سُفْيَانُ: وَصَلَهُ لَنا
أَيُّوبُ.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قَوْلَهُ: (مَنْ كَذَبَ فِي رُؤْيَاهُ).
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي
هَاشِمٍ الرُّمَّانيِّ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَوْلَهُ:
(مَنْ صوَّر صُورَةً، وَمَنْ تحلَّم، ومن استمع).
حدثنا إسحق: حدثنا خالد، عن أبي
خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
⦗٢٥٨٢⦘
(مَنِ
اسْتَمَعَ، وَمَنْ تحلَّم، وَمَنْ صوَّر). نَحْوَهُ.
تَابَعَهُ هِشَامٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله.
(تحلم بحلم) تكلف الحلم، أو ادعى أنه رأى
حلمًا. (كلف) يوم القيامة. وذلك التكليف نوع من العذاب. (يعقد) يوصل. (لن يفعل) لن
يقدر على ذلك، وهو كناية عن استمرار العذاب عليه. (كارهون) لا يريدون سماعه.
(الآنك)
الرصاص المذاب. (ينفخ فيها) الروح. (ليس بنافخ) ليس بقادر على النفخ. (قوله) يعني
موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما من قوله.
٦٦٣٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عمر:
إن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِنَّ مِنْ
أَفْرَى الْفِرَى أن يري عينه ما لم تر).
(أفرى الفرى) أشد الكذب وأكذب الكذبات،
والفرى جمع الفرية، وهي الكذبة الفادحة التي يتعجب منها. (يري عينه) يدعي أنه رأى
رؤيا وهو لم ير شيئًا.
٤٦ - بَاب: إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ،
فَلَا يُخْبِرْ بِهَا وَلَا يَذْكُرْهَا.
٦٦٣٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
سَلَمَةَ يَقُولُ:
لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا
فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ أرى
الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (الرُّؤْيَا
الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يحدِّث
بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ
مِنْ شرِّها، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلَاثًا، وَلَا يُحَدِّثْ
بِهَا أَحَدًا، فإنها لن تضرَّه).
[ر: ٣١١٨]
٦٦٣٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خبَّاب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ: (إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّهَا مِنَ
اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وليحدِّث بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ
ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ
شرِّها، وَلَا يذكرها لأحد، فإنها لن تضرَّه).
[ر: ٦٥٨٤]
٤٧ - بَاب: مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا
لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ.
٦٦٣٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:
أن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كَانَ يحدِّث:
أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظلَّة تَنْطُفُ السَّمْنَ
وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ
⦗٢٥٨٣⦘
يتكفَّفون مِنْهَا،
فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى
السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ
فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ
رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصل. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لتدعنِّي فَأَعْبُرَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(اعْبُرْهَا). قَالَ: أمَّا الظلَّة فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ
مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ، حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ،
فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ
الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ،
تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ
فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخر فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ
بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يوصَّل لَهُ فَيَعْلُو بِهِ،
فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا). قَالَ: فَوَاللَّهِ
لتحدِّثنِّي بالذي أخطأت، قال: (لا تقسم).
[ر: ٦٥٩٩]
أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: في تأويل
الرؤيا، رقم: ٢٢٦٩.
(ظلة)
سحابة لها ظل، وقيل: كل ما أظل من سقيفة ونحوها. (تنطف) تقطر وتسيل. (يتكففون)
يأخذون بأكفهم. (سبب) حبل.
٤٨ - باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح.
٦٦٤٠ - حدثنا مؤمَّل بْنُ هِشَامٍ، أَبُو
هِشَامٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ:
حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يعني -
مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: (هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ
رُؤْيَا). قَالَ: فيقصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يقصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ
ذَاتَ غَدَاةٍ: (إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا
ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ
مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ
عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه، فيتدهده
الحجر ها هنا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى
يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فيفعل به مثل ما فعل به
مرَّة الْأُولَى، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ قَالَ:
قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى
رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بكلُّوب مِنْ
حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شقَّي وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى
قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى
⦗٢٥٨٤⦘
قَفَاهُ - قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ
أَبُو رَجَاءٍ: فيشقُّ - قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ
فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ
ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ
عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مثل مل فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى، قَالَ: قُلْتُ:
سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ،
فانطلقنا، فأتينا على مثل التنُّور - قال: وأحسب أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا
فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فاطَّلعنا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ
وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ،
فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا
هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا،
فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ
الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ
النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ
السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ
عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ
يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ
فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لِي:
انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ
الْمَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مرآة، فإذا عِنْدَهُ نَارٌ
يحشُّها وَيَسْعَى حَوْلَهَا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالَا
لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ
مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ
الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ،
وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قطُّ، قَالَ:
قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ
انْطَلِقْ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ
أَرَ رَوْضَةً قطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ، قَالَ: قَالَا لِي: ارْقَ
فِيهَا، قَالَ: فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مبنيَّة
بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ
فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فتلقَّانا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ
مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ
رَاءٍ، قَالَ: قَالَا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، قَالَ:
وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ
⦗٢٥٨٥⦘
الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ،
فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ
السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: قَالَا لِي: هَذِهِ
جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا، فَإِذَا قَصْرٌ
مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ، قَالَ: قَالَا لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ:
قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالَا: أَمَّا
الْآنَ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ
مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَ: قَالَا لِي:
أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ
عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ
فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ
الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قفاه، ومنخره إلى قفاه،
وعينه إلى قفاه، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ
الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ
فِي مِثْلِ بِنَاءِ التنُّور، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا
الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النهر ويلقم الحجارة، فَإِنَّهُ
آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ
النَّارِ يحشُّها وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ،
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ ﷺ،
وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى
الْفِطْرَةِ). قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَأَوْلَادُ
الْمُشْرِكِينَ، وأما القوم الذين كانوا شطرًا منهم حسن وشطرًا منهم قبيح،
فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سيِّئًا، تجاوز الله عنهم).
[ر: ٨٠٩]
أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: رؤيا
النبي ﷺ، رقم: ٢٢٧٥.
(فيتدهده)
ينحط من علو إلى سفل، وفي رواية (فيتدأدأ) أي يتدحرج. (فيشرشر) يقطع. (فيشق) أي
بدل (فيشرشر). (ضوضوا) رفعوا أصواتهم مختلطة. (المرآة) المنظر. (معتمة) وفي نسخة
(معتمَّة) أي غطاها الخصب، أي كثيرة النبت. (لون الربيع) وفي نسخة (نور الربيع) أي
زهر الشجر في الربيع. (ارق) اصعد. (المحض) اللبن الخالص من الماء.
(فسما
بصري) نظر إلى فوق. (صعدًا) صاعدًا في ارتفاع كثير. (الربابة) السحابة، وقيل:
السحابة التي ركب بعضها بعضًا. (ذراني) اتركاني.
(فإنهم
الزناة) قال في الفتح: مناسبة العري لهم لاستحقاقهم أن يفضحوا، لأن عادتهم أن
يستتروا في الخلوة فعوقبوا بالهتك. والحكمة في إتيان العذاب لهم من تحتهم كون
جنايتهم من أعضائهم السفلى. (الفطرة) أصل الخلقة التي خلقه الله تعالى عليها، قبل
أن تغيره المجتمعات الآثمة والنفوس الشريرة، وهذه الفطرة هي الإيمان بالله تعالى
وتوحيده.