recent
آخر المقالات

٥ - كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ

 

١ - (٥٢٠) حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. ح قال وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ«. وَفِي حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ»ثُمَّ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فصله. فإنه مسجد".



(أول) بضم اللام، وهي ضمة بناء، لقطعه عن الإضافة. مثل قبل وبعد. والتقدير أول كل شيء.

٢ - (٥٢٠) حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ. قَالَ:
كُنْتُ أَقْرَأُ، عَلَى أَبِي، الْقُرْآنَ فِي السُّدَّةِ. فَإِذَا قَرَأْتُ السَّجْدَةَ سَجَدَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ! أَتَسْجُدُ فِي الطَّرِيقِ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عن أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ «أَرْبَعُونَ عَامًا. ثُمَّ الأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ. فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ».


(السدة) واحدة السدد، وهي المواضع التي تطل حول المسجد، وليست منه، وليس للسدة حكم المسجد إذا كانت خارجة عنه. وقال الأبي في شرحه على مسلم: هي فناء الجامع.

٣ - (٥٢١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي. كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى

٣٧١
قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ. وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي. وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا. فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ. وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ. وَأُعْطِيتُ الشفاعة».

(٥٢١) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ. أَخْبَرَنَا جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

٤ - (٥٢٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ. وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا. وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ». وَذَكَرَ خَصْلَةً أخرى.

(٥٢٢) - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ. حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ؛ قَالَ: قال رسول الله ﷺ، بمثله.

٥ - (٥٢٣) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
"فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ. وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ. وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ. وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا. وَأُرْسِلْتُ إلى الخلق كافة. وختم بي النبيون.


(أعطيت جوامع الكلم) وفي رواية الأخرى: بعثت بجوامع الكلم. قال الهروي: يعني به القرآن. جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه، المعاني الكثيرة. وكلامه ﷺ كان بالجوامع، قليل اللفظ كثير المعاني.

٦ - (٥٢٣) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ. وَنُصِرْتُ

٣٧٢
بِالرُّعْبِ. وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيَّ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وأنتم تنتثلونها.


(بمفاتيح خزائن الأرض) أراد ما فتح على أمته من خزائن كسرى وقيصر. (تنتثلونها) أي تستخرجون ما فيها.

(٥٢٣) - وحَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أن أبا هريرة قال:
سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ مِثْلَ حَدِيثِ يونس.

(٥٢٣) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حميد. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِهِ.

٧ - (٥٢٣) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ﷺ أَنَّهُ قَالَ:
نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ عَلَى الْعَدُوِّ. وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ. وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ».

٨ - (٥٢٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ».

(١) بَاب ابْتِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﷺ
٩ - (٥٢٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. كلاهما عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ الضُّبَعِيِّ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ المدينة. فنزل في علو المدينة. فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ. فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ. قَالَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ. حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصلي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ. وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ. ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ. قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا. فَقَالَ «يَا بَنِي النَّجَّارِ! ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا: لَا. وَاللَّهِ! لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ: كَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَخِرَبٌ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. وَبِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ. وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ.

٣٧٤
قَالَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةً. وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً. قَالَ فَكَانُوا يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُمْ. وَهُمْ يَقُولُونَ:
اللَّهُمَّ! إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ * فَانْصُرْ الْأَنْصَارَ والمهاجرة


(علو) هم بضم العين وكسرها، لغتان مشهورتان، خلاف السفل. (ملأ بني النجار) هم أخواله، عليه الصلاة والسلام. ومعنى الملأ الأشراف. (متقلدين بسيوفهم) أي جاعلين نجاد سيوفهم على مناكبهم، خوفا من اليهود، وليروه ما أعدوه لنصرته، عليه الصلاة والسلام. (حتى ألقى بفناء أبي أيوب) أي طرح رحله بفناء أبي أيوب، أي بساحة داره. وأبو أيوب من أكابر الأنصار. اسمه خالد بن زيد. (مرابض الغنم) أي في مآويها، جمع مربض، وزان مجلس. قال أهل اللغة: هي مباركتها ومواضع مبيتها ووضعها أجسادها على الأرض. (أمر) قال النووي: ضبطناه، أمر، بفتح الهمزة والميم، وأمر بضم الهمزة وكسر الميم، وكلاهما صحيح. (ثامنوني بحائطكم هذا) في النهاية: أي قرروا معي ثمنه، وبيعونيه بالثمن. يقال: ثامنت الرجل في البيع أثامنه، إذا قاولته في ثمنه وساومته على بيعه واشترائه. (لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ) قَالَ النووي: هذا الحديث كذا هو مشهور في الصحيحين وغيرهما. وذكر محمد بن سعد في الطبقات عن الواقدي، أن النبي ﷺ اشتراه منهم بعشرة دنانير، دفعها عنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه. (وخرب) قال النووي: هكذا ضبطناه بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء. قال القاضي: رويناه هكذا. ورويناه بكسر الخاء وفتح الراء، وكلاهما صحيح. وهو ما تخرب من البناء. (عضادتيه) العضادة جانب الباب. (يرتجزون) أي ينشدون الأراجيز تنشيطا لنفوسهم، ليسهل عليهم العمل.

١٠ - (٥٢٤) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أنس؛ أن رسول الله ﷺ كَانَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، قَبْلَ أن يبنى المسجد.

(٥٢٤) - وحدثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بِمِثْلِهِ.

(٢) بَاب تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْقُدْسِ إِلَى الْكَعْبَةِ
١١ - (٥٢٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؛ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي البقرة: ﴿وحيثما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [٢/البقرة/ ١٤٤] فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ. فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَمَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الأَنْصَار وَهُمْ يُصَلُّونَ. فَحَدَّثَهُمْ. فَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ.


(المقدس) قال النووي: فيه لغتان مشهورتان: إحداهما فتح الميم وإسكان القاف، والثانية ضم الميم وفتح القاف (مع تشديد الدال مفتوحة ومكسورة كما في القاموس) ويقال فيه أيضا: إيلياء والباء. وأصل المقدس والتقديس من التطهير.

١٢ - (٥٢٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ. جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ. حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق؛ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ:
صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نحو بيت الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شهرا. ثم صرفنا نحو الكعبة.

١٣ - (٥٢٦) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ. وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبَلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ. فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكعبة.


(بقباء) موضع بقرب مدينة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، من جهة الجنوب نحو ميلين. يقصر ويمد. ويصرف ولا يصرف. قاله في المصباح. (فاستقبلوها) روي بكسر الباء وفتحها. والكسر أصح وأشهر، وهو الذي يقتضيه تمام الكلام بعده.

١٤ - (٥٢٦) حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر. وعن عبد الله ابن دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ. إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ. بِمِثْلِ حديث مالك.

١٥ - (٥٢٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عن أنس؛ أن رسول الله ﷺ كان يصلي نحو بيت الْمَقْدِسِ. فَنَزَلَتْ:
﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام﴾ [٢/البقرة/ الآية-١٤٤] فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ. وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً. فَنَادَى: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ. فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ.

(٣) بَاب النَّهْيِ عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَاتِّخَاذِ الصُّوَرِ فِيهَا، وَالنَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ
١٦ - (٥٢٨) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ، فِيهَا تَصَاوِيرُ، لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٣٧٦
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِنَّ أُولَئِكِ، إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكِ الصُّوَرَ. أُولَئِكِ شرار الخلق عند الله يوم القيامة».


(رأينها) أي رأتاها مع من معهما من المهاجرات إليها. (أولئك) إشارة إلى أهل الحبشة. والخطاب للمؤنث التي تلك الكنيسة.

١٧ - (٥٢٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عَائِشَةَ؛ أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا عند رسول الله ﷺ فِي مَرَضِهِ. فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ كَنِيسَةً. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.

١٨ - (٥٢٨) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
ذَكَرْنَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ. بِمِثْلِ حديثهم.

١٩ - (٥٢٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قَالَتْ: فَلَوْلَا ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ. غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شيبة: ولولا ذاك. لم يذكر: قالت.


(خشي) قال النووي: ضبطناه خشي، بضم الخاء وفتحها، وهما صحيحان.

٢٠ - (٥٣٠) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَمَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قال:
قال رسول الله ﷺ «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ. اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مساجد».

٢١ - (٥٣٠) وحَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».

٢٢ - (٥٣١) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى (قال حرملة: أخبرنا. وقال هارون: حدثنا ابن وهب) أخبرني يونس عن ابن شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَا:
لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ. فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ. فَقَالَ، وَهُوَ كَذَلِكَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا.


(نزل) قال النووي: هكذا ضبطناه نزل بضم النون وكسر الزاي: وفي أكثر الأصول نزلت بفتح الحروف الثلاثة وبتاء التأنيث الساكنة. أي لما حضرت المنية والوفاة. وأما الأول فمعناه نزل ملك الموت والملائكة الكرام. (طفق) يقال: طفق، بكسر الفاء وفتحها، أي جعل. والكسر أفصح وأشهر، وبه جاء القرآن. يقال: طفق يفعل كذا، كقولك أخذ يفعل كذا. ويستعمل في الإيجاب دون النفي. (خميصة) الخميصة: كساء له أعلام.

٢٣ - (٥٣٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ النَّجْرَانِيِّ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي جُنْدَبٌ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ، وَهُوَ يَقُولُ «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. ولو كنت متخذ مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ

٣٧٨
خَلِيلًا. أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ. أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا القبور مساجد. إني أنهاكم عن ذلك».


(أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خليل) معنى أبرأ، أي أمتنع من هذا وأنكره. والخليل هو المنقطع إليه. وقيل المختص بشيء دون غيره. قيل هو مشتق من الخلة (بفتح الخاء) وهي الحاجة. وقيل: من الخلة (بضم الخاء) وهي تخلل المودة في القلب.

(٤) بَاب فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا
٢٤ - (٥٣٣) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو؛ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قتادة حدثه؛ أنه سمع عبد اللَّهِ الْخَوْلَانِيَّ يَذْكُرُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ ﷺ:
إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ. وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى (قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ) بَنَى اللَّهُ لَهُ بيتا في الجنة». وقال ابْنُ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ «مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ».


(حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ ﷺ أي حين زاد فيه. فإنه كان مبنيا.

٢٥ - (٥٣٣) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى) قَالَا: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ؛ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرَادَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ. فَكَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ. فَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ. فَقَالَ: سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ».

(٥) بَاب النَّدْبِ إِلَى وَضْعِ الأَيْدِي عَلَى الرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ، وَنَسْخِ التَّطْبِيقِ
٢٦ - (٥٣٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، أَبُو كُرَيْبٍ. قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وَعَلْقَمَةَ. قَالَا:
أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ. فَقَالَ: أَصَلَّى هَؤُلَاءِ خَلْفَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا. قَالَ: فَقُومُوا فَصَلُّوا. فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. قَالَ وَذَهَبْنَا لِنَقُومَ خَلْفَهُ. فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا

٣٧٩
فَجَعَلَ أَحَدَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ. قَالَ فَلَمَّا رَكَعَ وَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا. قَالَ فَضَرَبَ أَيْدِيَنَا وَطَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ. ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ. قَالَ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: إِنَّهُ سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا. وَيَخْنُقُونَهَا إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى. فَإِذَا رأيتوهم قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا. وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً. وَإِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَصَلُّوا جَمِيعًا. وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ. وَإِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْرِشْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ. وَلْيَجْنَأْ. وَلْيُطَبِّقْ بَيْنَ كَفَّيْهِ. فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى اختلاف أصابع رسول الله ﷺ، فأراهم.


(يخنقونها) معناه يضيقون وقتها ويؤخرون أداءها. يقال: هم في خناق من كذا، أي في ضيق. والمختنق المضيق. (شرق الموتى) قال ابن الأعرابي: فيه معنيان: أحدهما أن الشمس في ذلك الوقت، وهو آخر النهار، إنما تبقى ساعة ثم تغيب. والثاني من قولهم: شرق الميت بريقه؛ إذا لم يبق بعده إلا يسيرا ثم يموت. (سبحة) السبحة هي النافلة. (وليجنأ) قال النووي: هكذا ضبطناه. وكذا هو في أصول بلادنا. ومعناه ينعطف. وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: روى وليجنأ، كما ذكرناه. وروى وليحن. قال: وهذا رواية أكثر شيوخنا، وكلاهما صحيح. ومعناه الانعطاف والانحناء في الركوع. قال: ورواه بعض شيوخنا بضم النون. وهو صحيح في المعنى أيضا. يقال: حنيت العود وحنوته، إذا عطفته. وأصل الركوع في اللغة الخضوع والذلة. وسمي الركوع الشرعي ركوعا لما فيه من صورة الذلة والخضوع والاستسلام. (وليطبق بين كفيه) التطبيق هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلها بين ركبتيه في الركوع. وهو خلاف السنة.

٢٧ - (٥٣٤) وحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح قَالَ: وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ. كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ؛ أنهما دخلا على عبد الله. بمعنى حديث أبي معاوية. وفي حديث ابن مسهر وجرير: فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله ﷺ، وهو راكع.

٢٨ - (٥٣٤) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ؛
أنهما دخلا على عبد الله. فقال: أَصَلَّى من خلفكم؟

٣٨٠
قالا: نَعَمْ. فَقَامَ بَيْنَهُمَا. وَجَعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ. ثُمَّ رَكَعْنَا. فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا. فَضَرَبَ أَيْدِيَنَا. ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ يَدَيْهِ. ثُمَّ جَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ. فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

٢٩ - (٥٣٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ (وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ) قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أبي يعفور، عن مصعب ابن سَعْدٍ. قَالَ:
صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي. قَالَ وَجَعَلْتُ يَدَيَّ بَيْنَ رُكْبَتَيَّ. فَقَالَ لِي أَبِي: اضْرِبْ بِكَفَّيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ. قَالَ ثُمَّ فَعَلْتُ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى. فَضَرَبَ يَدَيَّ وَقَالَ: إِنَّا نُهِينَا عَنْ هَذَا. وَأُمِرْنَا أَنْ نَضْرِبَ بِالأَكُفِّ على الركب.

(٥٣٥) - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. إلى قوله: فنهينا عنه. ولم يذكرا ما بعده.

٣٠ - (٥٣٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الزبير بن عدي، عن مصعب بن سَعْدٍ؛ قَالَ:
رَكَعْتُ فَقُلْتُ بِيَدَيَّ هَكَذَا (يَعْنِي طَبَّقَ بِهِمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ) فَقَالَ أَبِي: قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا. ثُمّ أُمِرْنَا بِالرُّكَبِ.

٣١ - (٥٣٥) حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الزبير بن عدي، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ قَالَ:
صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي. فَلَمَّا رَكَعْتُ شَبَّكْتُ أَصَابِعِي وَجَعَلْتُهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيَّ. فَضَرَبَ يَدَيَّ. فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا. ثُمَّ أُمِرْنَا أَنْ نَرْفَعَ إلى الركب.

(٦) بَاب جَوَازِ الإِقْعَاءِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ
٣٢ - (٥٣٦) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ (وتقاربا في اللفظ) قالا جميعا: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ

٣٨١
طَاوُسًا يَقُولُ: قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ. فَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ. فَقُلْنَا لَهُ:
إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلْ هِيَ سنة نبيك ﷺ.


(الإقعاء) إن الإقعاء نوعان. أحدهما أن يلصق ركبتيه بالأرض وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب. هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة. وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي. والنوع الثاني أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين. وهذا هو مراد ابن عباس بقوله: سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ﷺ.

(٧) بَاب تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسْخِ مَا كان من إباحة
٣٣ - (٥٣٧) حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ) قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ؛ قَالَ:
بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ. فَقُلْتُ: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أُمِّيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي. لَكِنِّي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي! مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ. فَوَاللَّهِ! مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي. قَالَ»إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ

٣٨٢
مِنْ كَلَامِ النَّاسِ. إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ«.
أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ. وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلَامِ. وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ. قَالَ»فَلَا تَأْتِهِمْ«قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ»ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ. فلا يصدنهم (قال ابن المصباح: فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ) قَالَ قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ. قَالَ «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ. فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ. فَاطَّلَعْتُ ذات يوم فإذا الذيب [الذئب؟؟] قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا. وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ. آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ. لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ «ائْتِنِي بِهَا» فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَقَالَ لَهَا «أَيْنَ اللَّهُ؟» قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ «مَنْ أَنَا؟» قَالَتْ: أَنْتَ رسول الله. قال «أعتقها. فإنها مؤمنة».


(فرماني القوم بأبصارهم) أي نظروا إلى حديدا كما يرمى بالسهم، زجرا بالبصر من غير كلام. (واثكل أمياه) بضم الثاء وإسكان الكاف، وبفتحهما جميعا، لغتان كالبخل والبخل. حكاهما الجوهري وغيره. وهو فقدان المرأة ولدها. وامرأة ثكلى وثاكل. وثكلته أمه. وأثكله الله تعالى أمه. أي وافقد أمي إياي فإني هلكت فـ «وا» كلمة تختص في النداء بالندبة. وثكل أمياه مندوب. ولكونه مضافا منصوب، وهو مضاف إلى أم المكسورة الميم لإضافة إلى ياء المتكلم الملحق بآخره الألف والهاء. وهذه الألف تلحق المندوب لأجل مد الصوت به إظهارا لشدة الحزن. والهاء التي بعدها هي هاء السكت ولا تكونان إلا في الآخر. (ما شأنكم) أي ما حالكم وأمركم. (رأيتهم) أي علمتهم. (يصمتونني) أي يسكتونني، غضبت وتغيرت. (كهرني) قالوا: القهر والكهر والنهر، متقاربة. أي ما قهرني ولا نهرني. (بجاهلية) قال العلماء: الجاهلية ما قبل ورود الشرع. سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم. (ذاك شيء يجدونه في صدورهم) قال العلماء: معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة. ولا عتب عليكم في ذلك. لكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم. (يخط) إشارة إلى علم الرمل. (قبل أحد والجوانية) الجوانية بقرب أحد. موضع في شمال المدينة. (آسف كما يأسفون) أي أغضب كما يغضبون. والأسف الحزن والغضب. (صككتها صكة) أي ضربتها بيدي مبسوطة.

(٥٣٧) - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير، بهذا الإسناد، ونحوه.

٣٤ - (٥٣٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأبو سعيد الأشج (وألفاظهم متقاربة) قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد اللَّهِ؛ قَالَ:
كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ. فَيَرُدُّ عَلَيْنَا. فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا. فَقَالَ «إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا».

(٥٣٨) - حَدَّثَنِي ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ. حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٣٥ - (٥٣٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ؛ قَالَ:
كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ. يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ. حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [٢/البقرة/ الآية-٢٣٨] فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.


(قانتين قال الراغب: القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع. وقال الزمخشري في الكشاف: أي ذاكرين لله في قيامكم. والقنوت أن تذكر الله قائما. وقال ابن فارس في المقاييس: وسمي السكوت، في الصلاة والإقبال عليها، قنوتا.

(٥٣٩) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَوَكِيعٌ. ح قَالَ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يُونُسَ. كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٣٦ - (٥٤٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بعثني لِحَاجَةٍ. ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ. (قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَأَشَارَ إِلَيَّ. فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ «إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي» وهو موجه حينئذ قبل المشرق.


(موجه أي موجه وجهه وراحلته.

٣٧ - (٥٤٠) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ:
أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ. فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى بَعِيرِهِ. فَكَلَّمْتُهُ. فَقَالَ لِي بِيَدِهِ هَكَذَا (وَأَوْمَأَ زُهَيْرٌ بِيَدِهِ) ثُمَّ كَلَّمْتُهُ فَقَالَ لِي هَكَذَا (فَأَوْمَأَ زُهَيْرٌ أَيْضًا بِيَدِهِ نَحْوَ الأَرْضِ) وَأَنَا أَسْمَعُهُ يَقْرَأُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ «مَا فَعَلْتَ فِي الَّذِي أَرْسَلْتُكَ لَهُ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أصلي».

٣٨٤
قال زهير:،أبو الزُّبَيْرِ جَالِسٌ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ بِيَدِهِ أَبُو الزُّبَيْرِ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ. فَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى غير الكعبة.

٣٨ - (٥٤٠) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ. فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ. فَرَجَعْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَوَجْهُهُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي».

(٥٤٠) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَاجَةٍ. بِمَعْنَى حَدِيثِ حَمَّاد.

(٨) بَابُ جَوَازِ لَعْنِ الشَّيْطَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَالتَّعَوُّذِ مِنْهُ، وَجَوَازِ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ فِي الصَّلَاةِ
٣٩ - (٥٤١) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هريرة يقول:
قال رسول الله ﷺ «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ. لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ. وَإِنَّ اللَّهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فذَعَتُّهُ. فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ. حَتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. أَجْمَعُونَ (أَوْ كُلُّكُمْ) ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ اغفر لي وهب لي مالكا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي. فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا».
وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بن زياد.


(إن عفريتا) العفريت العاتي المارد من الجن. (يفتك) الفتك هو الأخذ في غفلة وخديعة. (فَذَعَتُّهُ) أي خنقته.

(٥٤١) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (هُوَ ابن جعفر) ح قال وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة.

٣٨٥
حدثنا شَبَابَةُ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ قَوْلُهُ: فَذَعَتُّهُ. وَأَمَّا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: فذعته [ما الفرق؟؟ مراجعة الكتاب: لعله بالدال؟؟].


(فذعته) أي خنقته. (فدعته) أي دفعته دفعا شديدا. والدعت والدع: الدفع الشديد.

٤٠ - (٥٤٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني، عن أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ قَالَ:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ» ثُمَّ قَالَ «أَلْعَنُكَ بِلَعْنَة اللَّهِ» ثَلَاثًا. وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا. فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ. قَالَ «إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ، إِبْلِيسَ، جَاءَ بِشِهَابٍ مِنَ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي. فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ. فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ. وَاللَّهِ! لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».

(٩) بَاب جَوَازِ حَمْلِ الصِّبْيَانِ فِي الصَّلَاةِ
٤١ - (٥٤٣) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: حَدَّثَكَ عامر بن عبد الله بن الزبير عن عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بنت رسول الله ﷺ، ولأبي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا؟ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.

٤٢ - (٥٤٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنِ عَجْلَانَ. سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ؛ قَالَ:
رَأَيْتُ

٣٨٦
النَّبِيَّ ﷺ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى عَاتِقِهِ. فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا. وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا.

٤٣ - (٥٤٣) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ. ح قَالَ وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. أخبرني مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: رأيت رسول الله ﷺ يُصَلِّي لِلنَّاسِ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عُنُقِهِ. فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا.

(٥٤٣) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. جَمِيعًا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ. سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ:
بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ. خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ فِي تِلْكَ الصَّلَاة.

(١٠) بَاب جَوَازِ الْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ
٤٤ - (٥٤٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كلاهما عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ نَفَرًا جَاءُوا إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. قَدْ تَمَارَوْا فِي الْمِنْبَرِ. مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقَالَ:
أَمَا وَاللَّهِ! إِنِّي لَأَعْرِفُ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ. وَمَنْ عَمِلَهُ. وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ! فَحَدِّثْنَا. قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى امْرَأَةٍ (قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إنه ليسميها يَوْمَئِذٍ) «انْظُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ. يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا». فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَوُضِعَتْ هَذَا الْمَوْضِعَ. فَهِيَ مِنْ طَرْفَاءِ [؟؟] الْغَابَةِ.

٣٨٧
وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَيْهِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ. وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ. ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي. وَلِتَعَلَّموا صلاتي».

٤٥ - (٥٤٤) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد القارئ الْقُرَشِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ؛ أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ. ح قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ؛ قَالَ: أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلُوهُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ مِنْبَرُ النَّبِيِّ ﷺ؟ وَسَاقُوا الْحَدِيثَ. نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ.

(١١) بَاب كَرَاهَةِ الاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ
٤٦ - (٥٤٥) وَحَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى الْقَنْطَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة. حدثنا أبو خالد وأبو أُسَامَةَ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي ﷺ؛ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ:
نَهَى رَسُولُ الله ﷺ.


(مختصرا) المختصر هو الذي يصلي ويده على خاصرته. وقال الهروي: قيل: هو أن يأخذ بيده عصا ليتوكأ عليها، والصحيح الأول.

(١٢) بَاب كَرَاهَةِ مَسْحِ الْحَصَى وَتَسْوِيَةِ التُّرَابِ فِي الصلاة
٤٧ - (٥٤٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن مُعَيْقِيبٍ؛ قَالَ:
ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَسْحَ فِي الْمَسْجِدِ. يَعْنِي الْحَصَى قَالَ «إن كنت لا بد فاعلا، فواحدة».


(الحصى) جمع حصاة: الحجارة الصغار. قال النووي: اتفق العلماء على كراهة المسح، لأنه ينافي التواضع، ولأنه يشغل المصلي. (إن كنت لا بد فاعلا فواحدة) معناه لا تفعل. وإن فعلت فافعل واحدة لا تزد.

٤٨ - (٥٤٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُعَيْقِيبٍ؛ أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ ﷺ عَنِ المسح في الصلاة؟ فقال «واحدة».

(٥٤٦) - وحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الإسناد. وقال فيه: حدثني معيقيب. ح.

٤٩ - (٥٤٦) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ؛ أَنّ رسول الله ﷺ قال، فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ، قَالَ «إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا، فَوَاحِدَةً».

(١٣) بَاب النَّهْيِ عَنِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ، فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا
٥٠ - (٥٤٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قال: قرأت عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر؛ أن رسول الله ﷺ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ. فَحَكَّهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ. فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صلى».


(قبل وجهه) أي الجهة التي عظمها. (فإن الله قبل وجهه) أي إن قبلة الله مقابل وجهه، فلا يقابل هذه الجهة بالبزاق، لأن في إلقائه استخفافا لها، عادة.

٥١ - (٥٤٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. جميعا عن عُبَيْدِ اللَّهِ. ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ علية) عن أيوب. ح وحدثنا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ (يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ) ح وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حجاج بن محمد. قال: قال ابن جريج:
أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ؛ أَنَّهُ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ. إِلَّا الضَّحَّاكَ فَإِنَّ فِي حَدِيثِهِ: نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ. بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ.

٥٢ - (٥٤٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وعمرو الناقد. جميعا عن سفيان. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ. فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ. ثُمَّ نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ أَمَامَهُ. وَلَكِنْ يَبْزُقُ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى.

(٥٤٨) - حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ. ح قَالَ: وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَاهُ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى نُخَامَةً. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عيينة.

(٥٤٩) - وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ أَوْ مُخَاطًا أَوْ نُخَامَةً. فَحَكَّهُ.


(رأى بصاقا ... الخ) قال النووي: قال أهل اللغة: المخاط من الأنف. والبصاق والبزاق من الفم. والنخامة وهي النخاعة من الرأس أيضا ومن الصدر. ويقال: تنخم وتنخع.

٥٣ - (٥٥٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بن حرب. جميعا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَن الْقَاسِمِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ. فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ؟ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ. تَحْتَ قَدَمِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ الْقَاسِمُ، فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ.

(٥٥٠) - وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. كُلُّهُمْ عن القاسم بن

٣٩٠
مهران، عن أبي رافع، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ هُشَيْمٍ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَرُدُّ ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ.

٥٤ - (٥٥١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شعبة قال:
سمعت قتادة يحدث عن أنس بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ. فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ. وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تحت قدمه».

٥٥ - (٥٥٢) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (قال يحيى: أخبرنا. وقال قتيبة: حدثنا أبو عَوَانَةَ) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ. وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا».

٥٦ - (٥٥٢) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ:
سَأَلْتُ قَتَادَةَ عَنِ التَّفْلِ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «التَّفْلُ فِي المسجد خطيئة. وكفارتها دفنها».

٥٧ - (٥٥٣) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ وشيبان بن فروخ. قَالَا: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي. حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا. فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأذى يماط عن الطريق. ووجدت في مساوئ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ».

٥٨ - (٥٥٤) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَرَأَيْتُهُ تَنَخَّعَ. فَدَلَكَهَا بِنَعْلِهِ.

٥٩ - (٥٥٤) وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ

٣٩١
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ، فَتَنَخَّعَ فَدَلَكَهَا بِنَعْلِهِ الْيُسْرَى.

(١٤) بَاب جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ
٦٠ - (٥٥٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: نعم.

(٥٥٥) - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو مَسْلَمَةَ. قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا. بِمِثْلِهِ.

(١٥) بَاب كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ
٦١ - (٥٥٦) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (واللفظ لزهير) قالوا: حدثنا سفيان ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة؛ أن النبي ﷺ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ. وَقَالَ «شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ. فَاذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وائتوني بأنبجانية».

٦٢ - (٥٥٦) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصلي فِي خَمِيصَةٍ ذَاتِ أَعْلَامٍ. فَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ «اذْهَبُوا بِهَذِهِ
الْخَمِيصَةِ إلى أبي جهم بن حذيفة. وائتوني بأنبجانية. فإنها ألهتني آنفا في صلاتي».


(خميصة) كساء مربع من صوف. (بأنبجانية) قال القاضي عياض: رويناه بفتح الهمزة وكسرها، وبفتح الباء وكسرها أيضا، في غير مسلم. وبالوجهين ذكرها ثعلب. قال: ورويناه بتشديد الياء في آخره وبتخفيفها معا، في غير مسلم. قال ابن الأثير في النهاية: يقال: كساء أنبجاني منسوب إلى منبج، المدينة المعروفة. وهي مكسورة الباء ففتحت في النسب، وأبدلت الميم همزة. وقيل: إنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجان، وهو أشبه. وهو كساء يتخذ من الصوف وله خمل ولا علم له. وهي من أدون الثياب الغليظة.

٦٣ - (٥٥٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَتْ لَهُ خَمِيصَةٌ لَهَا عَلَمٌ. فَكَانَ يَتَشَاغَلُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ. فَأَعْطَاهَا أَبَا جَهْمٍ. وَأَخَذَ كِسَاءً له أنبجانيا.

(١٦) بَاب كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ فِي الْحَالِ، وَكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ الأَخْبَثَيْنِ
٦٤ - (٥٥٧) أَخْبَرَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ قَالَ:
«إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فابدؤوا بالعشاء».

(٥٥٧) - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
إِذَا قُرِّبَ العشاء وحضرت الصلاة، فابدؤوا به قبل أن تصلوا الْمَغْرِبِ. وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ».

٦٥ - (٥٥٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا ابن نمير وحفص وَوَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ.

٦٦ - (٥٥٩) حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح قَالَ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (واللفظ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة. فابدؤوا بِالْعَشَاءِ. وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ».

(٥٥٩) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق الْمُسَيَّبِيُّ. حَدَّثَنِي أَنَسٌ (يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح قَالَ:
وحَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَيُّوبَ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، بِنَحْوِهِ.

٦٧ - (٥٦٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيل) عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ؛ قَالَ: تَحَدَّثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدِيثًا. وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً. وَكَانَ لِأُمِّ وَلَدٍ. فَقَالَتْ له عائشة:
مالك لَا تَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ. هَذَا أَدَّبَتْهُ أُمُّهُ وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ. قَالَ فغضب القاسم وَأَضَبَّ عَلَيْهَا. فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَدْ أتي بها قام. قَالَتْ: أَيْنَ؟ قَالَ: أُصَلِّي. قَالَتْ: اجْلِسْ. قَالَ: إِنِّي أُصَلِّي. قَالَتْ: اجْلِسْ غُدَرُ! إِنِّي سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الأخبثان».


(لحانة) أي كثير اللحن في كلامه. (من أين أتيت) من أين دهيت. (وأضب) أي حقد. (اجلس غدر) قال أهل اللغة: الغدر ترك الوفاء. ويقال لمن غدر: غادر وغدر. وأكثر ما يستعمل في النداء بالشتم. وإنما قالت له: غدر، لأنه مأمور باحترامها، لأنها أم المؤمنين وعمته وأكبر منه وناصحة له ومؤدبة. فكان حقها أن يحتملها ولا يغضب عليها. (الأخبثان) هما البول والغائط.

(٥٦٠) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) أَخْبَرَنِي أَبُو حَزْرَةَ الْقَاصُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةَ الْقَاسِمِ.

(١٧) باب نهي من أكل ثوم أو بصلا أو كراثا أو نحوها
٦٨ - (٥٦١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ إن رسول الله ﷺ قَالَ، فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ (يَعْنِي الثُّومَ) فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ».
قَالَ زُهَيْرٌ: فِي غَزْوَةٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ خَيْبَرَ.

٦٩ - (٥٦١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. قَالَ:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسَاجِدَنَا. حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا» يَعْنِي الثُّومَ.

٧٠ - (٥٦٢) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل (يعني ابْنَ عُلَيَّةَ) عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ (وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ) قَالَ:
سُئِلَ أَنَسٌ عَنِ الثُّومِ؟ فقالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا. ولا يصلي معنا».


(ولا يصلي) بإثبات الياء، على الخبر الذي يراد به النهي.

٧١ - (٥٦٢) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد (قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق) أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ «من أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا. ولا يؤذينا بريح الثوم

٧٢ - (٥٦٣) وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ. فَغَلَبَتْنَا الْحَاجَةُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا. فَقَالَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُنْتِنَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا. فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى منه الإنس».

٧٣ - (٥٦٤) وحدثني أبو الطاهر وحرملة. قالا: أخبرنا ابن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ؛ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ (وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَزَعَمَ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا. وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ». وَإِنَّهُ أُتِيَ بِقِدْرٍ

٣٩٥
فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ. فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا. فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ. فَقَالَ «قَرِّبُوهَا» إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ. فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا، قَالَ «كُلْ. فَإِنِّي أناجي من لا تناجي».


(بقدر) هكذا هو في نسخ صحيح مسلم كلها، بقدر. ووقع في صحيح البخاري وسنن أبي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة: أتي ببدر. قال العلماء: هذا هو الصواب. وفسر الرواة وأهل اللغة والغريب البدر بالطبق. قالوا: سمي بدرا لاستدارته كاستدارة البدر. والبدر هو الطبق يتخذ من الخوص، وهو ورق النخل.

٧٤ - (٥٦٤) وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ:
«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ، الْبَقْلَةِ، الثُّومِ (وَقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ) فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا. فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدم».

٧٥ - (٥٦٤) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا محمد بن بَكْرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا جَمِيعًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ (يُرِيدُ الثُّومَ) فَلَا يَغْشَنَا فِي مَسْجِدِنَا» وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ.

٧٦ - (٥٦٥) وحدثني عمرو الناقد. حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ قَالَ:
لَمْ نَعْدُ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ. فَوَقَعْنَا، أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فِي تِلْكَ الْبَقْلَةِ. الثُّومِ. وَالنَّاسُ جِيَاعٌ. فَأَكَلْنَا مِنْهَا أَكْلًا شَدِيدًا. ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرِّيحَ. فَقَالَ:
«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ شَيْئًا فَلَا يَقْرَبَنَّا فِي الْمَسْجِدِ» فَقَالَ النَّاسُ: حُرِّمَتْ. حُرِّمَتْ. فَبَلَغَ ذَاكَ، النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لَيْسَ بِي تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ الله لي. ولكنها شجرة أكره ريحها».


(الخبيثة) قال أهل اللغة: الخبيث في كلام العرب: المكروه من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص.

٧٧ - (٥٦٦) حدثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنِ ابْنِ خَبَّابٍ، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله ﷺ مَرَّ عَلَى زَرَّاعَةِ بَصَلٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ. فَنَزَلَ نَاسٌ مِنْهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهُ. وَلَمْ يَأْكُلْ آخَرُونَ. فَرُحْنَا إِلَيْهِ. فَدَعَا الَّذِينَ لَمْ يَأْكُلُوا الْبَصَلَ. وَأَخَّرَ الآخَرِينَ حَتَّى ذهب ريحها.


(زراعة) الأرض المزروعة.

٧٨ - (٥٦٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ. وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ. قَالَ:
إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ. وَإِنِّي لَا أُرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي. وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ. وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، وَلَا خِلَافَتَهُ، وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ. فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ. فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ. الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَقْوَامًا يَطْعَنُونَ فِي هَذَا الأَمْرِ. أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسْلَامِ. فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ، الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ. ثُمَّ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِي مِنَ الْكَلَالَةِ. مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ. وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ. حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي. فَقَالَ «يَا عُمَرُ! أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟» وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ. يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ. وَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ عَلَيْهِمْ لِيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ، وَلِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ ﷺ، وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ، وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ. ثُمَّ إِنَّكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ! تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ. هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ. لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم، إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ، أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ. فَمَنْ أَكَلَهُمَا فليمتهما طبخا.


(وإن أقواما يأمرونني) معناه: إن أستخلف فحسن. لأنه اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي. يَعْنِي أَبَا بكر. وإن تركت الاستحلاف فحسن، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يستخلف. (فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة) معنى شورى يتشاورون فيه ويتفقون على واحد من هؤلاء الستة: عثمان وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وعبد الرحمن بن عوف. ولم يدخل سعيد بن زيد معهم، وإن كان من العشرة، لأنه من أقاربه. فتورع عن إدخاله، كما تورع عن إدخال ابنه عبد الله رضي الله عنهم. (ألا تكفيك آية الصيف) معناه الآية التي نزلت في الصيف. وهي قوله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، إلى آخرها. (فمن أكلهما فليمتهما طبخا) معناه من أراد أكلهما فليمت رائحتهما بالطبخ. وإماتة كل شيء كسر قوته وحدته.

(٥٦٧) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. ح قال: وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كلاهما عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ، مثله.

(١٨) بَاب النَّهْيِ عَنْ نَشْدِ الضَّالَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَقُولُهُ مَنْ سَمِعَ النَّاشِدَ
٧٩ - (٥٦٨) حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «من سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ. فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تبن لهذا».


(ينشد ضالة) يقال: نشدت الضالة إذا طلبتها. وأنشدتها إذا عرفتها. والضالة هي الضائعة من كل ما يقتني من الحيوان وغيره. يقال: ضل الشيء، إذا ضاع. قال ابن الأثير: الضالة فاعلة صارت من الصفات الغالبة. تقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع. وتجمع على ضوال. وقد تطلق الضالة على المعاني. ومنه الحديث «الحكمة ضالة المؤمن» أي لا يزال يتطلبها كما يتطلب الرجل ضالته.

(٥٦٨) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ. حَدَّثَنَا حَيْوَةُ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الأَسْوَدِ يَقُولُ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. يَقُولُ: بِمِثْلِهِ.

٨٠ - (٥٦٩) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ. فَقَالَ:
مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الأَحْمَرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لَا وَجَدْتَ. إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بنيت».


(إنما بنيت المساجد لما بنيت له) معناه لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير، ونحوها.

٨١ - (٥٦٩) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا صَلَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ:
مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الأَحْمَرِ؟

٣٩٨
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لَا وَجَدْتَ. إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بنيت له».


(من دعا إلى الجمل الأحمر) أي من وجد ضالتي، وهو الجمل الأحمر، فدعاني إليه.

(٥٦٩) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:
جَاءَ أعرابي بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةَ الْفَجْرِ. فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ. فذكر بمثل حديثهما. قال مسلم: هو شيبة بْنُ نَعَامَةَ، أَبُو نَعَامَةَ. رَوَى عَنْهُ مِسْعَرٌ وَهُشَيْمٌ وَجَرِيرٌ وَغَيْرُهُمْ، مِنْ الْكُوفِيِّينَ.

(١٩) بَاب السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ لَهُ
٨٢ - (٣٨٩) حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة؛ أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ. حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى. فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ».


(فلبس عليه) أي خلط عليه صلاته، وهوشها عليه، وشككه فيها.

(٣٨٩) - حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ). ح قال: وحدثنا قتيبة بن سعيد. كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٨٣ - (٣٨٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ. لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الأَذَانَ. فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ. فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ. فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ يَخْطُرُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ. يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا. لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ. حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ. وهو جالس».
. (إن) إن هنا نافية، بمعنى ما.

٨٤ - (٣٨٩) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخبرني عمرو عن عبدربه بن سعيد، عن عبد الرحمن بن الأعرج، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ إذا ثوب بالصلاة ولي [وَلَّى؟؟] وَلَهُ ضُرَاطٌ». فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَزَادَ«فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ. وَذَكَّرَهُ مِنْ حَاجَاتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يذكر».


(فهناه ومناه) الأول من التهنئة، خفف لأجل قرينه وهو من التمنية. أي فذكره المهانئ والأماني. قال ابن الأثير: المراد به ما يعرض للإنسان في صلاته من أحاديث النفس وتسويل الشيطان.

٨٥ - (٥٧٠) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأعرج، عن عبد الله بن بُحَيْنَةَ؛ قَالَ:
صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ. ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ. فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ. قَبْلَ التَّسْلِيمِ. ثُمَّ سَلَّمَ.


(ونظرنا تسليمه) أي انتظرناه.

٨٦ - (٥٧٠) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح قَالَ: وحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن بُحَيْنَةَ الأَسْدِيِّ، حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِب؛ أَنّ رسول الله ﷺ قام فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ. قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ معه. مكان ما نسي من الجلوس.


(حليف بني عبد المطلب) قال النووي: هكذا هو في نسخ صحيح البخاري ومسلم. والذي ذكره ابن سعد وغيره من أهل السير والتواريخ: حليف بني المطلب. وكان جده حالف المطلب بن عبد مناف. (وعليه جلوس) أي قام إلى الثالثة والحال أن عليه قعدة سها عنها.

٨٧ - (٥٧٠) وحدثنا أبو الربيع الزهراني. حدثنا حماد. حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَزْدِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ فِي الشَّفْعِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ فِي صَلَاتِهِ. فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يسلم. ثم سلم.


(مالك) الصواب في هذا أن ينون مالك ويكتب ابن بحينة بالألف. لأن عبد الله هو ابن مالك، وابن بحينة. فمالك أبوه وبحينة أمه. وهي زوجة مالك. فمالك أبو عبد الله، وبحينة أم عبد الله.

٨٨ - (٥٧١) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ. ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا، شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ. وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأربع، كانت ترغيما للشيطان».


(كانتا ترغيما للشيطان) أي إغاظة له وإذلالا. مأخوذ من الرغام وهو التراب. ومنه: أرغم الله أنفه. والمعنى أن الشيطان لبس عليه صلاته، وتعرض لإفسادها ونقصها، فجعل الله تعالى للمصلي طريقا إلى جبر صلاته وتدارك ما لبسه عليه، وإرغام الشيطان ورده خاسئا مبعدا عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم.

(٥٧١) - حدثني أحمد بْنِ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ. حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِي مَعْنَاهُ قَالَ «يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» كَمَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ.

٨٩ - (٥٧٢) وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرِ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن جرير. قال عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ؛ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (قال إِبْرَاهِيمُ: زَادَ أَوْ نَقَصَ) فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ «وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ فَثَنَى رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ. وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ. فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي. وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ. فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ. ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ».

٩٠ - (٥٧٢) حَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. كِلَاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بِشْرٍ «فَلْيَنْظُرْ أَحْرَى ذَلِكَ للصواب». وفي رواية وكيع «فليتحر الصواب».


(فليتحر الصواب) التحري هو القصد. ومنه قوله تعالى: تحروا رشدا. فمعنى الحديث: فليقصد الصواب فليعمل به.

(٥٧٢) - وحَدَّثَنَاه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وقَالَ مَنْصُورٌ: «فلينظر أحرى ذلك للصواب».

م (٥٧٢) حَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإسناد. وقال «فليتحر الصواب».

م (٥٧٢) حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وقال «فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب».

م (٥٧٢) وحدثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ «فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يرى أنه الصواب».

م (٥٧٢) وحدثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ مَنْصُورٍ، بِإِسْنَادِ هَؤُلَاءِ. وَقَالَ «فليتحر الصواب».

٩١ - (٥٧٢) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا. فلما سلم قيل له:
أريد فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ «وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

٩٢ - (٥٧٢) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة؛ أنه صلى بهم خمسا.

(٥٧٢) - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ؛ قَالَ:
صَلَّى بِنَا عَلْقَمَةُ الظُّهْرَ خَمْسًا. فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ الْقَوْمُ: يَا أَبَا شِبْلٍ! قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا. قَالَ: كَلَّا. مَا فَعَلْتُ. قَالُوا: بَلَى. قَالَ وَكُنْتُ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ. وَأَنَا غُلَامٌ. فَقُلْتُ: بَلَى. قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا.

٤٠٢
قَالَ لِي: وَأَنْتَ أَيْضًا، يَا أَعْوَرُ! تَقُولُ ذَاكَ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَمْسًا. فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ «لَا» قَالُوا: فَإِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَانْفَتَلَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» وَزَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ «فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين».


(توشوش) ضبطناه بالشين المعجمة. وقال القاضي: روي بالمعجمة وبالمهملة. وكلاهما صحيح. ومعناه تحركوا. ومنه وسواس الحلي، بالمهملة، وهو تحركه. ووسوسة الشيطان. قال أهل اللغة: الوشوشة، بالمعجمة، صوت في اختلاط. قال الأصمعي: ويقال: رجل وشواش، أي خفيف. (فانفتل) قال في الصحاح: فتله عن وجهه فانفتل، أي صرفه فانصرف. وهو قلب لفت. ولعل المراد هنا الانقلاب نحو القبلة، كما ينبئ عنه لفظ التحول، في الرواية الآتية.

٩٣ - (٥٧٢) وحدثناه عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ:
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَمْسًا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ «وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا. قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ. وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ». ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.

٩٤ - (٥٧٢) وحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ مسهر الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّهِ؛ قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَزَادَ أَوْ نَقَصَ (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَالْوَهْمُ مِنِّي) فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ. فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ. وَهُوَ جَالِسٌ». ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

٩٥ - (٥٧٢) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ.

٩٦ - (٥٧٢) وحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله؛ قال:
صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَإِمَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ. (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَايْمُ اللَّهِ! مَا جَاءَ ذَاكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِي) قَالَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ «لَا» قَالَ فَقُلْنَا لَهُ الَّذِي صَنَعَ. فَقَالَ «إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» قَالَ ثُمَّ سَجَدَ سجدتين.

٩٧ - (٥٧٣) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ. قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ. إِمَّا الظُّهْرَ وَإِمَّا الْعَصْرَ. فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إِلَيْهَا مُغْضَبًا. وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَهَابَا أَنْ يَتَكَلَّمَا. وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ. قُصِرَتِ الصَّلَاةُ. فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ يَمِينًا وَشِمَالًا. فَقَالَ «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» قَالُوا: صَدَقَ. لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ سَجَدَ. ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ. ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ. ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ.
قَالَ وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حصين أنه قال: وسلم.


(العشي) قال الأزهري: العشي عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها. (أتى جذعا) هكذا هو في الأصول: فاستند إليها. والجذع مذكر ولكنه أنثه على إرادة الخشبة. وكذا جاء في رواية البخاري وغيره: خشبة. (وخرج سرعان الناس قصرت الصلاة) يعني يقولون: قصرت الصلاة. والسرعان، بفتح السين والراء، هذا هو الصواب الذي قاله الجمهور من أهل الحديث واللغة. وكذا ضبطه المتقنون. والسرعان المسرعون إلى الخروج. وضبطه الأصلي في البخاري بضم السين وإسكان الراء. ويكون جمع سريع. كقفيز وقفزان. وكثيب وكثبان. (قصرت الصلاة) بضم القاف وكسر الصاد. وروي بفتح القاف وضم الصاد، وكلاهما صحيح. ولكن الأول أشهر وأصح. (ذو اليدين) لطول كان في يديه. وهو معنى قوله: بسيط اليدين.

٩٨ - (٥٧٣) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ. بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ.

٩٩ - (٥٧٣) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ. فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ. فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمْ نَسِيتَ؟ فقال رسول الله ﷺ «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟» فَقَالُوا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ. ثُمَّ سجد سجدتين. وهو جالس. بعد التسليم.


(كل ذلك لم يكن) فيه تأويلان: أحدهما قاله جماعة من أصحابنا في كتب المذهب: أن معناه لم يكن المجموع. فلا ينفي وجود أحدهما. والثاني، وهو الصواب، معناه لم يكن لا ذاك ولا ذا، في ظني. بل ظني أني أكملت الصلاة أربعا. ويدل على صحة هذا التأويل، وأنه لا يجوز غيره، أنه جاء في روايات البخاري في هذا الحديث: إن النبي ﷺ قال: «لم تقصر ولم أنسى» فنفى الأمرين.

(٥٧٣) - وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيل الْخَزَّازُ. حَدَّثَنَا عَلِيٌّ (وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ) حَدَّثَنَا يَحْيَى. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ سَلَّمَ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ وساق الحديث.

١٠٠ - (٥٧٣) وحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن موسى عن شيبان، عن يحيى بن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَلَاةَ الظُّهْرِ، سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ. فَقَامَ رَجُلٌ من بني سليم. واقتص الحديث.


(واقتص الحديث) أي رواه على وجهه.

١٠١ - (٥٧٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب. جميعا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عمران بن حصين؛ إن رسول الله ﷺ صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ.

٤٠٥
وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ. وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ. فَقَالَ «أَصَدَقَ هَذَا؟» قَالُوا: نَعَمْ. فَصَلَّى رَكْعَةً. ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ثم سلم.


(يجر رداءه) يعني لكثرة اشتغاله بشأن الصلاة، خرج يجر رداءه ولم يتمهل ليلبسه.

١٠٢ - (٥٧٤) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ، وَهُوَ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ؛ قَالَ:
سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، مِنَ الْعَصْرِ. ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ. فَقَامَ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ. فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَخَرَجَ مُغْضَبًا. فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ. ثُمَّ سَلَّمَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. ثُمَّ سلم.

(٢٠) بَاب سُجُودِ التِّلَاوَةِ
١٠٣ - (٥٧٥) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. كلهم عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ:
أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. فيقرأ سورة فيها سجدة. فيسجد. وتسجد مَعَهُ. حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جبهته.

١٠٤ - (٥٧٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
رُبَّمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنَ. فَيَمُرُّ بِالسَّجْدَةِ فَيَسْجُدُ بِنَا. حَتَّى ازْدَحَمْنَا عِنْدَهُ. حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا ليسجد فيه. في غيره صلاة.

١٠٥ - (٥٧٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ أَبِي إِسْحَاق. قَالَ:
سَمِعْتُ الأَسْوَدَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَرَأَ: وَالنَّجْمِ. فَسَجَدَ فِيهَا. وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ. غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا. قَالَ عَبْدُ الله: لقد رأيته، بعد، قتل كافرا.


(وسجد من كان معه) فمعناه من كان حاضرا قراءته من المسلمين والمشركين والجن والإنس، قاله ابن عباس وغيره حتى شاع إن أهل مكة أسلموا. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وكان سبب سجودهم، فيما قال ابن مسعود رضي الله عنه، أنها أول سجدة نزلت. قال القاضي رضي الله عنه: وأما ما يرويه الأخباريون والمفسرون: أن سبب ذلك ما جرى على لسان رسول الله ﷺ من الثناء على آلهة المشركين، في سورة النجم، فباطل. لا يصح فيه شيء. لا من جهة النقل ولا من جهة العقل. لأن مدح إله غير الله تعالى كفر. ولا يصح نسبة إلى رسول الله ﷺ. ولا أن الشيطان على لسانه، ولا يصح تسليط الشيطان على ذلك.

١٠٦ - (٥٧٧) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وابن حجر (قال يحيى ابن يحيى: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل، وهو ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ الإِمَامِ؟ فَقَالَ: لَا قِرَاءَةَ مَعَ الإِمَامِ فِي شَيْءٍ. وَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: وَالنَّجْمِ إذا هوى. فلم يسجد.


(وزعم) المراد بالزعم، هنا، القول المحقق.

١٠٧ - (٥٧٨) حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ لَهُمْ:
إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. فَسَجَدَ فِيهَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَجَدَ فِيهَا.

(٥٧٨) - وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ. كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ.

١٠٨ - (٥٧٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شبة وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.

١٠٩ - (٥٧٨) وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ،

٤٠٧
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَجَدَ رسول الله ﷺ في: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.

(٥٧٨) - وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ، مثله.

١١٠ - (٥٧٨) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ؛ قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ. فَقَرَأَ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. فَسَجَدَ فِيهَا. فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ فَقَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ ﷺ. فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الأعلى: فلا أزال أسجدها.


(العتمة) في المصباح: العتمة من الليل بعد غيبوبة الشفق إلى آخر الثلث الأول. وعتمة الليل ظلام أوله عند سقوط نور الشفق. وفي النهاية: قال الأزهري: أرباب النعم في البادية يريحون الإبل ثم ينيخونها في مراحل حتى يعتموا. أي يدخلوا في عتمة الليل، وهي ظلمته. وكانت الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة، تسمية بالوقت. فقال رسول الله ﷺ: «لا يغلبنكم الأعراب عن اسم صلاتكم العشاء. فإن اسمها في كتاب الله العشاء، وإنما يعتم بحلاب الإبل» ينهاهم عن الاقتداء بهم ويستحب لهم التمسك بالاسم الناطق به لسان الشريعة.

(٥٧٨) - حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ). ح قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ. كُلُّهُمْ عَنِ التَّيْمِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا: خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ ﷺ.

١١١ - (٥٧٨) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ؛ قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَسْجُدُ فِي: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. فَقُلْتُ: تَسْجُدُ فِيهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. رَأَيْتُ خَلِيلِي ﷺ يَسْجُدُ فِيهَا. فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.
قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ: النَّبِيَّ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ.

(٢١) بَاب صِفَةِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ، وَكَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ
١١٢ - (٥٧٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ (وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ. حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إذا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فخذيه وَسَاقِهِ. وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى. وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى. وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ.

١١٣ - (٥٧٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ. ح قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظ لَهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَن ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا قَعَدَ يَدْعُو، وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى. وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ. وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الوسطى. ويلقم كفه اليسرى ركبته.


(إذا قعد يدعو) أي يتشهد.

١١٤ - (٥٨٠) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد (قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق) أخبرنا معمر بن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي ﷺ، كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ، وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ، فَدَعَا بِهَا. وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى ركبته اليسرى، باسطها عليها.

١١٥ - (٥٨٠) وحدثنا عبد الله بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر؛ إن رسول الله ﷺ، كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التشهد وضع يده اليسرى على ركبتيه الْيُسْرَى. وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى. وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ. وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ.

١١٦ - (٥٨٠) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَاوِيِّ؛ أَنَّهُ قَالَ:
رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلَاةِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ

٤٠٩
نَهَانِي. فَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُ. فَقُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ، وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى. وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ. وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى.

(٥٨٠) - حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَاوِيِّ؛ قَالَ:
صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَزَادَ: قَالَ سُفْيَانُ: فَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ مُسْلِمٍ، ثُمَّ حَدَّثَنِيهِ مُسْلِمٌ.

(٢٢) بَاب السَّلَامِ لِلتَّحْلِيلِ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا، وَكَيْفِيَّتِهِ
١١٧ - (٥٨١) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ ومَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ؛ أَنَّ أَمِيرًا كَانَ بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَّى عَلِقَهَا؟
قَالَ الْحَكَمُ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّ رسول الله ﷺ كان يفعله.


(أنى علقها) أي من أين حصل على هذه السنة وظفر بها؟ فكأنه تعجب من معرفة ذلك الرجل بسنة التسليم.

١١٨ - (٥٨١) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ شُعْبَةُ (رَفَعَهُ مَرَّةً):
أَنَّ أَمِيرًا أَوْ رَجُلًا سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَّى عَلِقَهَا؟.

١١٩ - (٥٨٢) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا أبو عامر الْعَقَدِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:
كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وعن يساره. حتى أرى بياض خده.


(بياض خده) أي صفحة وجهه.

(٢٣) بَاب الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ
١٢٠ - (٥٨٣) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن عمرو. قال: أخبرني أَبُو مَعْبَدٍ (ثُمَّ أَنْكَرَهُ بَعْدُ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ:
كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالتَّكْبِيرِ.

١٢١ - (٥٨٣) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ:
مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ.
قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي مَعْبَدٍ فَأَنْكَرَهُ. وَقَالَ: لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهَذَا. قَالَ عَمْرٌو: وَقَدْ أَخْبَرَنِيهِ قَبْلَ ذَلِك.

١٢٢ - (٥٨٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. ح قَالَ: وحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ، كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ. وَأَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كنت أعلم، إذا انصرفوا، بذلك، إذا سمعه.

(٢٤) بَاب اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
١٢٣ - (٥٨٤) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (قَالَ هَارُونُ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ) أخبرني يونس ابن يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ. وَهِيَ تَقُولُ: هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ «إِنَّمَا تُفْتَنُ يَهُودُ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ

٤١١
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، بَعْدُ، يَسْتَعِيذُ مِنْ عذاب القبر.


(تفتنون) أي تمتحنون.

١٢٤ - (٥٨٥) وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ (قَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ) أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، بَعْدَ ذَلِكَ، يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.

١٢٥ - (٥٨٦) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كلاهما عَنْ جَرِيرٍ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ. فَقَالَتَا: إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ. قَالَتْ: فَكَذَّبْتُهُمَا. وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا. فَخَرَجَتَا. وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ عَجُوزَيْنِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ دَخَلَتَا عَلَيَّ. فَزَعَمَتَا أَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ. فَقَالَ «صَدَقَتَا. إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ». قَالَتْ: فَمَا رَأَيْتُهُ، بَعْدُ، فِي صَلَاةٍ، إلا يتعوذ من عذاب القبر.


(لم أنعم) أي لم تطلب نفسي أن أصدقهما. ومنه قولهم في التصديق: نعم.

١٢٦ - (٥٨٦) حدثنا هناد بن السري. حدثنا الأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَفِيهِ: قَالَتْ:
وَمَا صَلَّى صَلَاةً، بَعْدَ ذَلِكَ، إِلَّا سَمِعْتُهُ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.

(٢٥) باب ما يستعاذ منه في صلاة
١٢٧ - (٥٨٧) حدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ: حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب؛ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَعِيذُ، فِي صَلَاتِهِ، مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.


(فتنة الدجال) أي محنته. وأصل الفتنة الامتحان والاختبار. استعيرت لكشف ما يكره. والدجال، فعال، من الدجل. وهو التغطية. سمي به لأنه يغطي الحق بباطله.

١٢٨ - (٥٨٨) وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ. يَقُولُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ. وَمِنْ عَذَابِ القبر. ومن فتنة المحيا والممات. ومن شر فتنة المسيح الدجال».


(فتنة المحيا والممات) مفعل من الحياة والموت. وفتنة الحياة ما يعرض للمرء مدة حياته من الافتنان بالدنيا وشهواتها. وفتنة الممات ما يفتن به بعد الموت.

١٢٩ - (٥٨٩) حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاق. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ «اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات. وأعوذ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غرم، حدث فكذب. ووعد فأخلف».


(المأثم والمغرم) معناه من الإثم والغرم، وهو الدين. أي من الأمر الذي يوجب الإثم. (إذا غرم) أي لزمه دين، والمراد استدان، واتخذ ذلك دأبه وعادته.

١٣٠ - (٥٨٨) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ. فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ. وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ. وَمِنَ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ».
وحَدَّثَنِيهِ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ. ح قَالَ: وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ) جَمِيعًا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ» وَلَمْ يَذْكُرِ «الآخِرِ».

١٣١ - (٥٨٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى الله علي وَسَلَّمَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَعَذَابِ النَّارِ. وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ. وَشَرِّ المسيح الدجال».

١٣٢ - (٥٨٨) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
.قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «عُوذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. عُوذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. عُوذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. عُوذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ المحيا والممات.».

(٥٨٨) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ.
(٥٨٨٩ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ.

١٣٣ - (٥٨٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَعَذَابِ جَهَنَّمَ. وَفِتْنَةِ الدجال.

١٣٤ - (٥٩٠) وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أَنَسٍ (فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ. كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ. يَقُولُ «قُولُوا:
اللَّهُمَّ! إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ».
قَالَ مُسْلِم بْن الْحَجَّاج: بَلَغَنِي أَنَّ طَاوُسًا قَالَ لِابْنِهِ: أَدَعَوْتَ بِهَا فِي صَلَاتِكَ؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ: أَعِدْ صَلَاتَكَ. لِأَنَّ طَاوُسًا رَوَاهُ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ. أَوْ كَمَا قَالَ.

(٢٦) باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفة
١٣٥ - (٥٩١) حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ (اسْمُهُ شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ؛ قال:
كان رسول الله ﷺ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ، اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا. وَقَالَ «اللَّهُمَّ! أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ. تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ». قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلأَوْزَاعِيِّ: كَيْفَ الْاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ الله.


(أنت السلام ومنك السلام) السلام اسم من أسماء الله تعالى. على معنى أنه المالك المسلم العباد من المهالك. ومنك السلام أي ويرجى منك السلامة. (تباركت يا ذا الجلال والإكرام) أي تعاليت يا ذا العظمة والمكرمة.

١٣٦ - (٥٩٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ، إِذَا سَلَّمَ، لَمْ يَقْعُدْ. إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ «اللَّهُمَّ! أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ. تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ «يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ».

(٥٩٢) - وحَدَّثَنَاه ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ (يَعْنِي الأَحْمَرَ) عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ «يَا ذا الجلال والإكرام».

(٥٩٢) - وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. وَخَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. كِلَاهُمَا عَنِ عَائِشَةَ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ».

١٣٧ - (٥٩٣) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير عن مَنْصُورٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ؛ قَالَ:
كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ

٤١٥
إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَسَلَّمَ، قَالَ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ! لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ. وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ. وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الجد».

(٥٩٣) - وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ فِي رِوَايَتِهِمَا: قَالَ فَأَمْلَاهَا عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ. وَكَتَبْتُ بِهَا إلى معاوية.

(٥٩٣) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ؛ أَنَّ وَرَّادًا مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:
كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ (كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ لَهُ وَرَّادٌ) إِنِّي سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ، حِينَ سَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا. إِلَّا قَوْلَهُ «وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» فَإِنَّهُ لَمْ يذكر.

(٥٩٣) - وحدثنا حامد بن عمر البكراوي. حدثنا بشر (يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ). ح قَالَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي أَزْهَرُ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ؛ قَالَ:
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ.

١٣٨ - (٥٩٣) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. سَمِعَا وَرَّادًا كَاتِبَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يَقُولُ:
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول، إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ! لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ. وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ. وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».

١٣٩ - (٥٩٤) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ؛ قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، حِينَ يُسَلِّمُ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ

٤١٦
وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ. لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ. وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ». وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كل صلاة.


(يهلل بهن) أي يرفع صوته بتلك الكلمات.

١٤٠ - (٥٩٤) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، مَوْلًى لَهُمْ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يُهَلِّلُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: ثُمَّ يَقُولُ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ.

(٥٩٤) - وحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ. وَهُوَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، إِذَا سَلَّمَ، فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ أَوِ الصَّلَوَاتِ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.

١٤١ - (٥٩٤) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ؛ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ الْمَكِّيّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَقُولُ، فِي إِثْرِ الصَّلَاةِ إِذَا سَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَكَانَ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

١٤٢ - (٥٩٥) حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ. كِلَاهُمَا عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ (وَهَذَا حَدِيثُ قُتَيْبَةَ) أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالُوا:
ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى

٤١٧
وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. فَقَالَ «وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي. وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ. وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ. وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ؟ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ» قَالُوا: بَلَى: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً». قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالُوا: سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا. فَفَعَلُوا مِثْلَهُ. فقال رسول الله ﷺ «ذلك فضل الله يؤتيه مَنْ يَشَاءُ».
وَزَادَ غَيْرُ قُتَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ: قَالَ سُمَيٌّ: فَحَدَّثْتُ بَعْضَ أَهْلِي هَذَا الْحَدِيثَ. فَقَالَ: وَهِمْتَ. إِنَّمَا قَالَ «تُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُكَبِّرُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي صَالِحٍ فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ. فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. اللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ.
قَالَ ابْنُ عَجْلَانَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ. فَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.


(الدثور) واحدها دثر، وهو المال الكثير. (بالدرجات العلى) جمع العليا، تأنيث الأعلى. ككبرى وكبر. قيل: الباء للتعدية أي أذهبوها وأزالوها. وقيل: للمصاحبة، فيكون المعنى استصحبوها معهم ولم يتركوا لنا شيئا. (والنعيم المقيم) أي الدائم. وهو نعيم الآخرة وعيش الجنة. (يصلون كما نصلي) ما كافة تصحح دخول الجار على الفعل وتفيد تشبيه الجملة بالجملة. كقولك يكتب زيد كما يكتب عمرو. أو مصدرية كما في قوله تعالى: بما رحبت. أي صلاتهم مثل صلاتنا وصومهم مثل صومنا. (دبر) هو بضم الدال. هذا هو المشهور في اللغة. وقال أبو عمر المطرزي في كتابه اليواقيت: دبر كل شيء، بفتح الدال، آخر أوقاته، من الصلاة وغيرها. وقال: هذا هو المعروف في اللغة. وأما الجارحة فبالضم.

١٤٣ - (٥٩٥) وحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رسول الله ﷺ؛ أَنَّهُمْ قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ. إِلَّا أَنَّهُ أَدْرَجَ، فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَوْلَ أَبِي صَالِحٍ:
ثُمَّ رَجَعَ فُقَرَاءُ المهاجرين. إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: يَقُولُ سُهَيْلٌ: إِحْدَى عَشْرَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ. فَجَمِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ.

١٤٤ - (٥٩٦) وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعب بن عجرة، عن رسول الله ﷺ قال «مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ (أَوْ فَاعِلُهُنَّ) دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ. ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلَاثٌ وثلاثون تحميدة. وأربع وثلاثون تكبيرة».


(معقبات) قال الهروي: قال سمرة: معناه تسبيحات تفعل أعقاب الصلوات. وقال أبو الهيثم: سميت معقبات لأنها تفعل مرة بعد أخرى. وقوله تعالى: له معقبات من بين يديه ومن خلفه، أي ملائكة يعقب بعضهم بعضا. والمعقب، بكسر القاف، ما جاء عقب ما قبله. وهي مبتدأ. وجملة لا يخيب قائلهن الخ صفته. وقوله ثلاث وثلاثون خبره.

١٤٥ - (٥٩٦) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ. حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعب بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ قَالَ:
«مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ (أَوْ فَاعِلُهُنَّ) ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً. وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً. فِي دُبُرِ كُلِّ صلاة».

(٥٩٦) - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ عَنِ الحكم، بهذا الإسناد، مثله.

١٤٦ - (٥٩٧) حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيِّ (قَالَ مُسْلِم: أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ رسول الله ﷺ:
«من سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ. وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ. وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ. فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ. وَقَالَ، تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كانت مثل زبد البحر».


(وإن كانت مثل زبد البحر) أي في الكثرة والعظمة مثل زبد البحر، وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه وتموجه.

(٥٩٧) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بِمِثْلِهِ.

(٢٧) بَاب مَا يُقَالُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ وَالقِرَاءَةِ
١٤٧ - (٥٩٨) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ، سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ «أَقُولُ: اللَّهُمَّ! بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. اللَّهُمَّ! نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ. اللَّهُمَّ! اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد».


(هنية) هي تصغير هنة. أصلها هنوة. فلما صغرت صارت هنيوة. فاجتمعت واو وياء. وسبقت إحداهما بالسكون. فوجب قلب الواو ياء. فاجتمعت ياء أن. فأدغمت إحداهما في الأخرى فصارت هنية. أي قليلا من الزمان. (أرأيت) أي أخبرني. (كما باعدت) محل الكاف نصب على أنه صفة لموصوف محذوف. أي مباعدة مثل مباعدة ما بين المشرق والمغرب.

(٥٩٨) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ) كِلَاهُمَا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ.

١٤٨ - (٥٩٩) قَالَ مُسْلِم: وَحُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ ويونس المؤدب وغيرهما. قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ. حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ. قال:
سمت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ». وَلَمْ يَسْكُتْ.

١٤٩ - (٦٠٠) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ وَثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ. فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ.

٤٢٠
فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاتَهُ قَالَ: «أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ. فَقَالَ «أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا. فَقَالَ «لَقَدْ رَأَيْتُ اثني عشر ملكا يبتدرونها. أنهم يرفعها».


(وقد حفزه النفس) أي ضغطه لسرعته، ليدرك الصلاة. وفسر ابن الأثير الحفز بالحث والإعجال. (فأرم القوم) أي سكتوا.

١٥٠ - (٦٠١) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ. أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أبي الزبير، عن عون بن اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا. وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟» قَالَ رَجُلٌ مِنِ الْقَوْمِ: أَنَا. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «عَجِبْتُ لَهَا. فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ».
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ ذَلِكَ.

(٢٨) بَاب اسْتِحْبَابِ إِتْيَانِ الصَّلَاةِ بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ، وَالنَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِهَا سَعْيًا
١٥١ - (٦٠٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح قَالَ: وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ) عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ح قَالَ: وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) أَخْبَرَنَا ابْنُ وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب. قال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هريرة قال:
سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ. وَأْتُوهَا تَمْشُونَ. وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ. فما

٤٢١
أدركتم فصلوا. وما فاتكم فأتموا».


(تسعون) يقال: سعيت في كذا وإلى كذا، إذا ذهبت إليه وعملت فيه. ومنه قوله تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى. والمراد بقول الله تعالى: فاسعوا إلى ذكر الله، الذهاب. (وعليكم السكينة) قال العلماء: والحكمة في إتيانها بسكينة والنهى عن السعي، أن الذاهب إلى صلاة عامد في تحصيلها ومتوصل إليها. فينبغي أن يكون متأدبا بآدابها وعلى أكمل الأحوال.

١٥٢ - (٦٠٢) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ جَعْفَرٍ. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حدثنا إِسْمَاعِيل. أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
«إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ. وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ. فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا. وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ».

١٥٣ - (٦٠٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ. وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ. فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فأتموا».

١٥٤ - (٦٠٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ (يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ) عَنْ هِشَامٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَسْعَ إِلَيْهَا أَحَدُكُمْ. وَلَكِنْ لِيَمْشِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ. صَلِّ مَا أدركت واقض ما سبقك».


(إذا ثوب بالصلاة) معناه أقيمت. وسميت الإقامة تثويبا لأنها دعاء إلى الصلاة بعد الدعاء بالأذان. من قولهم: ثاب إذا رجع. (السكينة والوقار) قيل: هما بمعنى. وجمع بينهما تأكيدا. والظاهر أن بينهما فرقا. وأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث، ونحو ذلك. والوقار، في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت والإقبال على طريقه بغير التفات، ونحو ذلك. (واقض ما سبقك) المراد بالقضاء الفعل. لا القضاء المصطلح عليه عند الفقهاء. ومنه قوله تعالى: فقضاهن سبع سماوات، وقوله تعالى: فإذا قضيتم مناسككم، وقوله تعالى: فإذا قضيت الصلاة، ويقال: قضيت حق فلان. ومعنى الجميع، الفعل.

١٥٥ - (٦٠٣) حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ

٤٢٢
بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ؛ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ؛ قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَسَمِعَ جَلَبَةً. فَقَالَ «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ «فَلَا تَفْعَلُوا. إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ. فَمَا أدركتم فصلوا، وما سبقكم فأتموا».


(جلبة) أي أصواتا. لحركتهم وكلامهم واستعجالهم.

(٦٠٣) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

(٢٩) بَاب مَتَى يَقُومُ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ
١٥٦ - (٦٠٤) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي». وقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ «إِذَا أُقِيمَتْ أَوْ نُودِيَ».

(٦٠٤) - وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ. وَقَالَ إِسْحَاق:
أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ. كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَزَادَ إِسْحَاق فِي رِوَايَتِهِ حَدِيثَ مَعْمَرٍ وَشَيْبَانَ «حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ».

١٥٧ - (٦٠٥) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ. فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ. قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

٤٢٣
حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ، ذَكَرَ فَانْصَرَفَ. وَقَالَ لَنَا «مَكَانَكُمْ» فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا. وَقَدِ اغْتَسَلَ. يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً. فَكَبَّرَ فصلى بنا.


(ذكر) أي تذكر شيئا. وهو لزوم الاغتسال. (ينطف) بكسر الطاء وضمها لغتان مشهورتان. أي يقطر.

١٥٨ - (٦٠٥) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو (يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ) حَدَّثَنَا الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ. وَصَفَّ النَّاسُ صُفُوفَهُمْ. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَامَ مَقَامَهُ. فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ، أَنْ «مَكَانَكُمْ» فَخَرَجَ وَقَدِ اغْتَسَلَ وَرَأْسُهُ يَنْطُفُ الْمَاءَ. فَصَلَّى بِهِمْ.

١٥٩ - (٦٠٥) وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ. قَبْلَ أَنْ يَقُومَ النَّبِيُّ ﷺ مَقَامَهُ.

١٦٠ - (٦٠٦) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَالَ:
كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا دَحَضَتْ. فَلَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ ﷺ. فَإِذَا خَرَجَ أقام الصلاة حين يراه.


(إذا دحضت) أي زالت الشمس. فهو كقوله تعالى: حتى توارت.

(٣٠) بَاب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ
١٦١ - (٦٠٧) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة؛ أن النبي ﷺ قال:
«من أدرك ركعة من الصلاة فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ».

١٦٢ - (٦٠٧) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة؛ إن رسول الله ﷺ قَالَ:
«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الإِمَامِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ».

(٦٠٧) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ وَالأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَيُونُسَ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ «مَعَ الإِمَامِ». وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ «فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا».

١٦٣ - (٦٠٨) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنِ الأَعْرَجِ. حَدَّثُوهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ الله ﷺ قال:
«من أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ. وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أدرك العصر».

(٦٠٨) - وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

١٦٤ - (٦٠٩) وحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: قال رسول الله ﷺ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ وَهْبٍ (وَالسِّيَاقُ لِحَرْمَلَةَ) قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ سَجْدَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، أَوْ مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ، فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَالسَّجْدَةُ إِنَّمَا هِيَ الرَّكْعَةُ.

١٦٥ - (٦٠٨) وحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي هريرة؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ. وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمس فقد أدرك».

(٦٠٨) - وحَدَّثَنَاه عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ؛ قَالَ: سَمِعْتُ مَعْمَرًا، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

(٣١) بَاب أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
١٦٦ - (٦١٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْح. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شهاب؛ أن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا. فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ:
أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ. فَصَلَّى إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ. فَقَالَ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ «نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي. فَصَلَّيْتُ مَعَهُ. ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ. ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ. ثُمَّ صَلَّيْتُ معه». يحسب بأصابعه خمس صلوات.


(اعلم) أمر من العلم. أي كن حافظا ضابطا له. ولا تقله عن غفلة.

١٦٧ - (٦١٠) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا. فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. فَأَخْبَرَهُ؛ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا. وَهُوَ بِالْكُوفَةِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ. فَقَالَ:
مَا هَذَا؟ يَا مُغِيرَةُ! أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ صَلَّى. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ صَلَّى. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ صَلَّى. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ صَلَّى. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُ. فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ: انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ يَا عُرْوَةُ! أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقْتَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ.


(أمرت) روي بضم التاء وفتحها. وهما ظاهران.

١٦٨ - (٦١١) قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يصلي العصر والشمس في حجرتها. قبل أن تظهر.


(في حجرتها) كانت الحجرة ضيقة العرصة، قصيرة الجدار. بحيث يكون طول جدارها أقل من مساحة العرصة بشيء يسير. فإذا صار ظل الجدار مثله دخل وقت العصر وتكون الشمس، بعد، في أواخر العرصة لم يقع الفيء في الجدار الشرقي. (قبل أن تظهر) معناه قبل أن تخرج الشمس من الحجرة فينبسط الفيء فيها.

(٦١١) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ في حجرتي. لم يفيء الْفَيْءُ بَعْدُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَظْهَرِ الفيء بعد.

١٦٩ - (٦١١) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ كان يصلي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا. لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ في حجرتها.


(وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا. لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ فِي حجرتها) هذا الظهور غير ذلك الظهور. والمراد بظهور الشمس خروجها من الحجرة. وبظهور الفيء انبساطه في الحجرة. قال ابن حجر: وليس بين الروايتين اختلاف. لأن انبساط الفيء لا يكون إلا بعد خروج الشمس.

١٧٠ - (٦١١) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ وَاقِعَةٌ فِي حُجْرَتِي.

١٧١ - (٦١٢) حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ) حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«إِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنُ الشَّمْسِ الأَوَّلُ. ثُمَّ إِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ الْعَصْرُ. فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّفَقُ. فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إلى نصف الليل».

١٧٢ - (٦١٢) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، (وَاسْمَهْ يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ الأَزْدِيُّ وَيُقَالُ: الْمَرَاغِيُّ. وَالْمَرَاغ حَيٌّ مِنَ الأَزْدِ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ:
«وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ. وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ. وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. وَوَقْتُ الفجر ما لم تطلع الشمس».


(ثور الشفق) أي ثورانه وانتشاره.

(٦١٢) - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِهِمَا: قَالَ شُعْبَةُ: رَفَعَهُ مَرَّةً. وَلَمْ يَرْفَعْهُ مَرَّتَيْنِ.

١٧٣ - (٦١٢) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي أيوب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قال:
«وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ. وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ. مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ. وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ. فإنها تطلع بين قرني شيطان».


(بين قرني شيطان) قيل: المراد بقرنه أمته وشيعته. وقيل: قرنه جانب رأسه. وهذا ظاهر الحديث فهو أولى. ومعناه أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذا الوقت ليكون الساجدون للشمس من الكفار في هذا الوقت، كالساجدين له. وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط وتمكن من أن يلبسوا على المصلي صلاته. فكرهت الصلاة في هذا الوقت لهذا المعنى، كما كرهت في مأوى الشيطان.

١٧٤ - (٦١٢) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ طَهْمَانَ) عَنِ الْحَجَّاجِ (وَهُوَ ابْنُ حَجَّاجٍ) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ أَنَّهُ قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ؟ فَقَالَ «وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الأَوَّلُ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ. مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ.

٤٢٨
وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَيَسْقُطْ قَرْنُهَا الأَوَّلُ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ».

١٧٥ - (٦١٢) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ:
لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ براحة الجسم.


(حدثنا يحيى بن يحيى) قال الإمام النووي: جرت عادة الفضلاء بالسؤال عن إدخاله مسلم هذه الحكاية عن يحيى. مع أنه لا يذكر في كتابه إلا أحاديث النبي ﷺ محضة. مع أن هذه الحكاية لا تتعلق بأحاديث مواقيت الصلاة. فكيف أدخلها بينها؟ وحكى القاضي عياض رحمه الله تعالى، عن بعض الأئمة قال: سببه أن مسلما رحمه الله تعالى أعجبه حسن سياق هذه الطرق التي ذكرها لحديث عبد الله بن عمرو، وكثرة فوائدها وتلخيص مقاصدها، وما اشتملت عليه من الفوائد في الأحكام وغيرها. ولا نعلم أحدا شاركه فيها. فلما رأى ذلك أراد أن ينبه من رغب في تحصيل الرتبة التي ينال بها معرفة مثل هذا، فقال: طريقه أن يكثر اشتغاله وإتعابه جسمه في الاعتناء بتحصيل العلم. هذا شرح ما حكاه القاضي.

١٧٦ - (٦١٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. كلاهما عَنِ الأَزْرَقِ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سليمان بن بريدة، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ لَهُ
«صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ» (يَعْنِي الْيَوْمَيْنِ) فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ. وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ. فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ. فَأَبْرَدَ بِهَا. فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا. وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ. وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قبل أن يغيب الشفق. وصلى العشاء بعد ما ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ. وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا. ثُمَّ قَالَ
«أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ
" وقت صلاتكم بين ما رأيتم.


(أمره فأبرد بالظهر) أي أمره بالإبراد فأبرد بها. والإبراد هو الدخول في البرد. والباء. والباء للتعدية أي أدخلها فيه. (فأنعم أن يبرد بها) أي بالغ في الإبراد بها. (فأسفر بها) أي أدخلها في وقت إسفار الصبح، أي انكشافه وإضاءته.

١٧٧ - (٦١٣) وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِيُّ. حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ. فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ «اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلَاةَ» فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ بِغَلَسٍ. فَصَلَّى الصُّبْحَ. حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ. حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ. وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ. حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ حِينَ وَقَعَ الشَّفَقُ. ثُمَّ أَمَرَهُ، الْغَدَ، فَنَوَّرَ بِالصُّبْحِ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ فَأَبْرَدَ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ تُخَالِطْهَا صُفْرَةٌ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الشَّفَقُ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضِهِ (شَكَّ حَرَمِيٌّ). فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ «أَيْنَ السَّائِلُ؟ مَا بَيْنَ مَا رَأَيْتَ وقت».


(بغلس) أي في ظلام. قال ابن الأثير: الغلس ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح. (وجبت الشمس) أي غابت. كقولهم سقطت ووقعت. ذكره الراغب. وذكر ابن الأثير أن أصل الوجوب السقوط والوقوع. ومنه قوله تعالى: فإذا وجبت جنوبها. (فنور بالصبح) أي أسفر. من النور، وهو الإضاءة.

١٧٨ - (٦١٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أبي. حدثنا أبو بكر ب أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ؟
فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا. قَالَ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ. وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ. حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ. وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ. وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ. ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا. وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ. ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَمْسِ. ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا. وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ. ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ «الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ».

١٧٩ - (٦١٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بكر بن أبي موسى. سمعه منه عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ سَائِلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ. فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ؟ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
فَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ. فِي اليوم الثاني.

(٣٢) بَاب اسْتِحْبَابِ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِمَنْ يَمْضِي إِلَى جَمَاعَةٍ وَيَنَالُهُ الْحَرُّ فِي طَرِيقِهِ
١٨٠ - (٦١٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عن ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ. فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ من فيح جهنم».


(فأبردوا بالصلاة) قال ابن حجر: أي أخروها إلى أن يبرد الوقت. وفي الرواية الأخرى: أبردوا عن الصلاة. قال النووي: هو بمعنى أبردوا بالصلاة، وعن تطلق بمعنى الباء. كما يقال: رميت عن القوس، أي بها. (فإن شدة الحر من فيح جهنم) يعني أن شدة حر الشمس في الصيف كشدة حر جهنم. أي فيه مشقة مثله. فاحذروها. (فيح جهنم) أي سطوح حرها وانتشاره، وغليانها.

(٦١٥) - وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّهُمَا سمعا أبا هريرة يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بِمِثْلِهِ، سَوَاءً.

١٨١ - (٦١٥) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ وَعَمْرُو بْنُ سواد وأحمد بن عيسى (قال عمرو: أخبرنا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ) قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو؛ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَسَلْمَانَ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رسول الله ﷺ قال:
«إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الْحَارُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ. فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رسول الله ﷺ قال «أَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».

٤٣١
قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة، عن رسول الله ﷺ، بِنَحْوِ ذَلِكَ.

١٨٢ - (٦١٥) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ إن رسول الله ﷺ قَالَ:
«إِنَّ هَذَا الْحَرَّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ. فأبردوا بالصلاة».

١٨٣ - (٦١٥) حَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ؛ قَالَ:
هَذَا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَبْرِدُوا عَنِ الْحَرِّ فِي الصَّلَاةِ. فَإِنَّ شِدَّةَ الحر من فيح جهنم».


(أبردوا عن الحر في الصلاة) أي أخروها إلى البرد، واطلبوا البرد لها.

١٨٤ - (٦١٦) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ:
سَمِعْتُ مُهَاجِرًا أَبَا الْحَسَنِ يُحَدِّثُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالظُّهْرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «أَبْرِدْ أَبْرِدْ». أَوَ قَالَ «انْتَظِرِ انْتَظِرِ» وَقَالَ «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ. فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ».
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: حتى رأينا فيء التلول.


(فيء التلول) التلول جمع تل. وهو ما اجتمع على الأرض من رمل أو تراب أو نحوهما، كالروابي والفيء لا يكون إلا بعد الزوال. وأما الظل فيطلق على ما قبل الزوال وبعده. هذا قول أهل اللغة. ومعنى قوله: رأينا فيء التلول، أنه أخر تأخيرا كثيرا حتى صار للتلول فيء. والتلول منبطحة غير منتصبة. ولا يصير لها فيء، في العادة، إلا بعد زوال الشمس بكثير.

١٨٥ - (٦١٧) وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ) أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أبا هريرة يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا. فَقَالَتْ: يَا رَبِّ! أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ:

٤٣٢
نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ. فَهْوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ. وَأَشَدُّ مَا تجدون من الزمهرير».


(الزمهرير) شدة البرد.

١٨٦ - (٦١٧) وحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا مَعْنٌ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«إِذَا كَانَ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ. فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». وَذَكَرَ؛ «أَنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا. فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصيف».

١٨٧ - (٦١٧) وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ. قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ؛ قَالَ:
«قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ! أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا. فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسْ. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ. فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ. وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرٍّ أو حرور فمن نفس جهنم».


(أو حرور) شدة الحر.

(٣٣) بَاب اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ
١٨٨ - (٦١٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. كلاهما عَنْ يَحْيَى القطان وابن مهدي. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عن جابر بن سمرة. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ.


(دحضت الشمس) أي زالت.

١٨٩ - (٦١٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ خَبَّابٍ؛ قَالَ:
شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ. فَلَمْ يُشْكِنَا.


(الصلاة في الرمضاء) أي شكونا مشقة إقامة صلاة الظهر في أول وقتها، لأجل ما يصيب أقدامنا من الرمضاء، وهي الرمل الذي اشتدت حرارته. (فلم يشكنا) أي لم يزل شكوانا. فالهمزة للسلب.

١٩٠ - (٦١٩) وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَعَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ (قَالَ عَوْنٌ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ ابْنُ يُونُسَ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ خَبَّابٍ؛ قَالَ:
أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا. قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاق: أَفِي الظُّهْرِ؟ قَالَ: نعم. قلت: أفي تعجيلها؟ قال: نعم.


(حر الرمضاء) يعني ما يصيب أقدامهم من حر الشمس فيها، بتكبير الصلاة.

١٩١ - (٦٢٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ، بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ.

(٣٤) بَاب اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ بِالْعَصْرِ
١٩٢ - (٦٢١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن رمح. أخبرنا الليث عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رسول الله ﷺ:
كان يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي، فَيَأْتِي الْعَوَالِيَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.

٤٣٤
وَلَمْ يذكر قتيبة: فيأتي العوالي.


(والشمس مرتفعة حية) قال الخطابي: حياتها صفاء لونها قبل أن تصفر أو تتغير. وهو مثل قوله: بيضاء نقية. وقال هو أيضا وغيره: حياتها وجود حرها. (العوالي) عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها. وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها: السافلة. وبعد بعض العوالي من المدينة أربعة أميال، وأبعدها ثمانية أميال. وأقربها ميلان وبعضها ثلاثة أميال.

(٦٢١) - وحدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أنس؛ أن رسول الله ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، بِمِثْلِهِ، سَوَاءً.

١٩٣ - (٦٢١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ. ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى قُبَاءٍ. فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.

١٩٤ - (٦٢١) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ.


(إلى بني عمرو بن عوف) قال العلماء: منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة.

١٩٥ - (٦٢٢) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ. حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ. وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ. قَالَ:
فَصَلُّوا الْعَصْرَ. فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا. فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ. يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ. حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ. قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا. لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلا قليلا».


(فنقرها) المراد بالنقر سرعة الحركات كنقر الطائر.

١٩٦ - (٦٢٣) وحَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ؛ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ يَقُولُ: صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ. ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ. فَقُلْتُ: يَا عَمِّ! مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ؟ قَالَ: الْعَصْرُ. وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ.

١٩٧ - (٦٢٤) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى (وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ) (قال عمرو: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ) أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ أَنَّ مُوسَى بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيّ حَدَّثَهُ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ قَالَ:
صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَصْرَ. فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَنْحَرَ جَزُورًا لَنَا. وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَهَا. قَالَ «نَعَمْ» فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْنَا مَعَه. فَوَجَدْنَا الْجَزُورَ لَمْ تُنْحَرْ. فَنُحِرَتْ. ثُمَّ قُطِّعَتْ. ثُمَّ طُبِخَ مِنْهَا. ثُمَّ أَكَلْنَا. قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ.
وقَالَ الْمُرَادِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

١٩٨ - (٦٢٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ: كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ تُنْحَرُ الْجَزُورُ. فَتُقْسَمُ عَشَرَ قِسَمٍ. ثُمَّ تُطْبَخُ. فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا. قَبْلَ مغيب الشمس.

١٩٩ - (٦٢٥) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاق الدِّمَشْقِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
كُنَّا نَنْحَرُ الْجَزُورَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بَعْدَ الْعَصْرِ. وَلَمْ يَقُلْ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ.

(٣٥) بَاب التَّغْلِيظِ فِي تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ
٢٠٠ - (٦٢٦) وحَدَّثَنَا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ».


(وتر أهله وماله) روى بنصب اللامين ورفعهما. والنصب هو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور، على أنه مفعول ثان. ومن رفع فعلى ما لم يسم فاعله. ومعناه انتزع منه أهله وماله. وهذا تفسير مالك بن أنس. وأما على رواية النصب، فقال الخطابي وغيره: معناه نقص هو أهله وماله وسلبه، فبقي بلا أهل ولا مال. فليحذر من تفويتها كما يحذر من ذهاب أهله وماله. وقال أبو عمر بن عبد البر: معناه عند أهل اللغة والفقه أنه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترا. والوتر الجناية التي يطلب ثأرها. فيجتمع عليه غمان: غم المصيبة وغم مقاساة طلب الثأر.

(٦٢٦) - وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو الناقد. قالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ عَمْرٌو: يَبْلُغُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَفَعَهُ.

٢٠١ - (٦٢٦) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عن ابن شهاب، عن سالم بن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«مَنْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ».

٢٠٢ - (٦٢٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ؛ قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا. كَمَا حَبَسُونَا وَشَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى. حَتَّى غَابَتِ الشمس».

(٦٢٧) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

(٣٦) بَاب الدَّلِيلِ لِمَنْ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ
٢٠٣ - (٦٢٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جعفر. حدثنا شعبة. قال:
سمعت قتادة يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، يَوْمَ الأَحْزَابِ «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى آبَتِ الشَّمْسُ. مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَارًا. أَوْ بُيُوتَهُمْ أَوْ بُطُونَهُمْ» (شَكَّ شُعْبَةُ في البيوت والبطون).


(آبت الشمس) قال الحربي: معناه رجعت إلى مكانها بالليل. أي غربت. من قولهم: آب إذا رجع. وقال غيره: معناه سارت للغروب، والتأويب سير النهار.

(٦٢٧) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ:
بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ (وَلَمْ يَشُكَّ).

٢٠٤ - (٦٢٧) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ. ح وحَدَّثَنَاه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى، سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ:
قال رسول الله ﷺ، يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فُرْضَةٍ مِنْ فُرَضِ الْخَنْدَقِ «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى. حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ (أَوَ قال قبورهم وبطونهم) نارا».


(فرضة من فرض الخندق) هي المدخل من مداخله، والمنفذ إليه.

٢٠٥ - (٦٢٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عن مسلم ابن صُبَيْحٍ، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ عَلِيٍّ؛ قال:
قال رسول الله ﷺ، يَوْمَ الأَحْزَابِ «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ. مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا». ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.


(عن الصلاة الوسطى) أي الفضلى. (صلاة العصر) بدل أو عطف بيان.

٢٠٦ - (٦٢٨) وحَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ:
حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ. حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ اصْفَرَّتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ. مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» أَوَ قَالَ «حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا».

٢٠٧ - (٦٢٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لها مصفحا.

٤٣٨
وَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي: ﴿حَافِظُوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ [٢/البقرة/ الآية ٢٣٨]. فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا. فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ. وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٢٠٨ - (٦٣٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؛ قَالَ:
نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ﴾. فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ. فَنَزَلَتْ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوسطى﴾. فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقٍ لَهُ: هي إذن صَلَاةُ الْعَصْرِ. فَقَالَ الْبَرَاءُ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ. وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ مُسْلِم: وَرَوَاهُ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. قَالَ: قَرَأْنَاهَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ زَمَانًا. بِمِثْلِ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ.

٢٠٩ - (٦٣١) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَوْمَ الْخَنْدَقِ، جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ. وَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَاللَّهِ! مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَوَاللَّهِ! إِنْ صَلَّيْتُهَا» فَنَزَلْنَا إِلَى بُطْحَانَ. فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَتَوَضَّأْنَا. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المغرب.


(فوالله! إن صليتها) معناه ما صليتها. وإنما حلف النبي ﷺ تطيبا لقلب عمر رضي الله عنه. فإنه شق عليه تأخير العصر إلى قريب من المغرب. فأخبره النبي ﷺ أنه لم يصلها بعد. ليكون لعمر به أسوة، ولا يشق عليه ما جرى، وتطيب نفسه. (بطحان) هو بضم الباء وسكون الطاء، هكذا هو عند جميع المحدثين في رواياتهم وفي ضبطهم وتقييدهم. وقال أهل اللغة: هو بفتح الباء وكسر الطاء. ولم يجيزوا غير هذا. وهو واد بالمدينة.

(٦٣١) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فِي هَذَا الإسناد، بمثله.

(٣٧) بَاب فَضْلِ صَلَاتَيِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا
٢١٠ - (٦٣٢) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
«يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ. وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ. وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ. ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ. فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».


(يتعاقبون فيكم ملائكة) فيه دليل لمن قال من النحويين: يجوز إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم. وعليه حمل الأخفش ومن واقعه قول الله تعالى: وأسروا النجوى الذين ظلموا. وقال سيبويه وأكثر النحويين: لا يجوز إظهار الضمير مع تقدم الفعل. ويتأولون كل هذا. ويجعلون الاسم بعده بدلا من الضمير. ولا يرفعونه بالفعل. كأنه لما قيل: وأسروا النجوى، قيل: من هم؟ قيل: الذين ظلموا. وكذا يتعاقبون ونظائره. ومعنى يتعاقبون تأتي طائفة بعد طائفة. ومنه تعقب الجيوش. وهو أن يذهب إلى ثغر قوم، ويجيء آخرون.

(٦٣٢) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي ﷺ قَالَ:
«وَالْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ» بِمِثْلِ حَدِيثِ أبي الزناد.

٢١١ - (٦٣٣) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ. حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ. قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَقُولُ:
كُنَّا جلوس عند رسول الله ﷺ. إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ. لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ. فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ. ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وقبل غروبها﴾ [٢٠/طه/ الآية-١٣].


(لا تضامون) يجوز ضم التاء وفتحها. وهو بتشديد الميم من الضم. أي لا ينضم بعضكم إلى بعض ولا يقول: أرنيه. بل كل ينفرد برؤيته. وروي بتخفيف الميم من الضيم، وهو الظلم. يعني لا ينالكم ظلم بأن يرى بعضكم دون بعض، بل تستوون كلكم في رؤيته تعالى. (فإن استطعتم) جزاء هذا الشرط ساقط هنا. تقديره: فافعلوا.

٢١٢ - (٦٣٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ، بهذا الإسناد. وَقَالَ:
«أَمَا إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ» وَقَالَ: ثُمَّ قَرَأَ. وَلَمْ يَقُلْ: جَرِيرٌ.

٢١٣ - (٦٣٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ وَمِسْعَرٍ وَالْبَخْتَرِيِّ بْنِ الْمُخْتَارِ. سَمِعُوهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الرَّجُلُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي.

٢١٤ - (٦٣٤) وحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ بْنِ رؤيبة؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «لَا يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. فَقَالَ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنِ النبي ﷺ؟ قال: نعم. أَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ. لَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُهُ، بِالْمَكَانِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْهُ.

٢١٥ - (٦٣٥) وحَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «من صلى البردين دخل الجنة».


(من صلى البردين) أي من صلى صلاة الفجر والعصر. لأنهما في بردي النهار، أي طرفيه، حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر. وقال في الفائق: هما الغداة والعشي، لطيب الهواء وبرده فيهما.

(٦٣٥) - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ خِرَاشٍ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَنَسَبَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَا: ابْنُ أبي موسى.

(٣٨) بَاب بَيَانِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ
٢١٦ - (٦٣٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حاتم (وهو ابن علية) عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:
كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشمس وتوارت بالحجاب.


(إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب) اللفظان بمعنى. وأحدهما تفسير للآخر.

٢١٧ - (٦٣٧) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ. قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ:
كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نبله.


(وإنه ليبصر مواقع نبله) معناه أنه يبكر بها في أول وقتها بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف ويرمي أحدنا النبل عن قوسه، ويبصر موقعه، لبقاء الضوء.

(٦٣٧) - وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاق الدِّمَشْقِيُّ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ. حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ، بِنَحْوِهِ.

(٣٩) بَاب وَقْتِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا
٢١٨ - (٦٣٨) وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النبي ﷺ قَالَتْ:
أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ. وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ. فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ حِينَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ» وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلَامُ فِي النَّاسِ. زَادَ حَرْمَلَةُ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَذُكِرَ لِي أَنَّ رسول الله ﷺ قال «وَمَا كَانَ لَكُمْ

٤٤٢
أَنْ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الصَّلَاةِ» وَذَاكَ حين صاح عمر بن الخطاب.


(أعتم) أي أخرها حتى اشتدت عتمة الليل، وهي ظلمته. (نام النساء والصبيان) أي من ينتظر الصلاة منهم في المسجد. (أن تنزروا) أي لا تلحوا عليه.

(٦٣٨) - وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ: وَذُكِرَ لِي، وَمَا بَعْدَهُ.

٢١٩ - (٦٣٨) حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ (وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ) قَالُوا جَمِيعًا: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ:
أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: أَعْتَمَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ. حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ. وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى. فَقَالَ «إِنَّهُ لَوَقْتُهَا. لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «لَوْلَا أن يشق على أمتي».


(وحتى نام أهل المسجد) هذا محمول على نوم لا ينقض الوضوء. وهو نوم الجالس ممكنا مقعده.

٢٢٠ - (٦٣٩) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ. فَخَرَجَ إِلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ. فَلَا نَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. فَقَالَ حِينَ خَرَجَ «إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ. وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ» ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَلَّى.

٢٢١ - (٦٣٩) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبد الرزاق. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عمر؛ أن رسول الله ﷺ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا. حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ. ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا. ثُمَّ رَقَدْنَا. ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا. ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ قَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اللَّيْلَةَ، يَنْتَظِرُ الصلاة غيركم».

٢٢٢ - (٦٤٠) وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ؛ أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال:
أخر رسول الله صلى اللَّهِ ﷺ الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ. أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ. ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا. وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ». قَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ. وَرَفَعَ إصبعه اليسرى بالخنصر.


(وبيص خاتمه) أي بريقه ولمعانه. والخاتم بكسر التاء وفتحها. ويقال: خاتام وخيتام. أربع لغات. (بالخنصر) فيه محذوف تقديره: مشيرا بالخنصر. أي أن الخاتم كان في خنصر اليد اليسرى. وهذا الذي رفع إصبعه هو أنس رضي الله تعالى عنه.

٢٢٣ - (٦٤٠) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ. حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
نَظَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً. حَتَّى كَانَ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ. ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. فَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ، فِي يَدِهِ، من فضة.


(نظرنا) أي انتظرنا.

(٦٤٠) - وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ. حَدَّثَنَا عبيد الله بن عبد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا قُرَّةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بوجهه.

٢٢٤ - (٦٤١) وحَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى؛ قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي، الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ، نُزُولًا فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ. فَكَانَ يَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، كل ليلة، نفر منهم. قال أو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنا وأصحابي. وله الشُّغْلِ فِي أَمْرِهِ. حَتَّى

٤٤٤
أَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ. حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى بِهِمْ. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ «عَلَى رِسْلِكُمْ. أُعْلِمُكُمْ، وَأَبْشِرُوا، أَنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ، يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ، غَيْرُكُمْ» أَوَ قَالَ «مَا صَلَّى، هَذِهِ السَّاعَةَ، أَحَدٌ غَيْرُكُمْ» (لَا نَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ) قَالَ أَبُو مُوسَى: فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.


(نزولا في بقيع بطحان) نزولا منصوب على أنه خبر كان أي كنا نازلين في بقيع بطحان. والبقيع من الأرض المكان المتسع. قال ابن الأثير: ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها. وبطحان موضع بعينه، واد بالمدينة. (يتناوب) تفاعل من النوبة. وفاعله قوله: نفر. أي يأتيه كل ليلة عدة رجال مناوبين، غير مجتمعين. (إبهار الليل) انتصف. وبهرة كل شيء، وسطه. (على رسلكم) أمر بالرفق والتأني. أي تأنوا. وهي بكسر الراء وفتحها. لغتان. الكسر أفصح وأشهر.

٢٢٥ - (٦٤٢) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ:
أَيُّ حِينٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، الَّتِي يَقُولُهَا النَّاسُ الْعَتَمَةَ، إِمَامًا وَخِلْوًا؟ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَعْتَمَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ. قَالَ حَتَّى رَقَدَ نَاسٌ وَاسْتَيْقَظُوا. وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا. فَقَامَ عمر بن الخطاب فقال: الصلاة. فقال عطاء: قال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ. يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً. وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِقِّ رَأْسِهِ. قَالَ «لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا كَذَلِكَ». قَالَ فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ. ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ. ثُمَّ صَبَّهَا. يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ. حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ. ثُمَّ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لَا يُقَصِّرُ وَلَا يَبْطِشُ بِشَيْءٍ. إِلَّا كَذَلِكَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ ذُكِرَ لَكَ أَخَّرَهَا النَّبِيُّ ﷺ لَيْلَتَئِذٍ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ عَطَاءٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَهَا، إِمَامًا وَخِلْوًا، مُؤَخَّرَةً. كَمَا صَلَّاهَا النَّبِيُّ ﷺ لَيْلَتَئِذٍ. فَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ ذَلِكَ خِلْوًا أَوْ عَلَى النَّاسِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَأَنْتَ إِمَامُهُمْ. فصلها وسطا. لا معجلة ولا مؤخرة.


(وخلوا) أي منفردا. (ثم صبها) هكذا هو في أصول رواياتنا. قال القاضي: وضبطها بعضهم: قلبها. وفي البخاري: ضمها. قال: والأول هو الصواب. (لا يقصر ولا يبطش) لا يقصر، من التقصير، ومعناه لا يبطئ. وقال النووي: هكذا هو في صحيح مسلم وفي بعض نسخ البخاري. وفي بعضها: ولا يعصر، بالعين، وكله صحيح. ولا يبطش أي لا يستعجل.

٢٢٦ - (٦٤٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (قَالَ يَحْيَى: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا أبو الْأَحْوَصِ) عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ.

٢٢٧ - (٦٤٣) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ نَحْوًا مِنْ صَلَاتِكُمْ. وَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَتَمَةَ بَعْدَ صَلَاتِكُمْ شَيْئًا. وَكَانَ يُخِفُّ الصَّلَاةَ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كامل: يخفف.

٢٢٨ - (٦٤٤) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قال زهير: حدثنا سفيان بن عيينة عن أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يَقُولُ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ. أَلَا إِنَّهَا الْعِشَاءُ. وهم يعتمون بالإبل».


(وهم يعتمون بالإبل) أي يدخلون في العتمة، وهي ظلمة الليل. بالإبل أي بسبب الإبل وحلبها.

٢٢٩ - (٦٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ. فَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، الْعِشَاءُ. وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الإِبِلِ».


(بحلاب) الحلاب مصدر، مثل الحلب والاحتلاب. وهو استخراج ما في الضرع من اللبن.

(٤٠) بَاب اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ بِالصُّبْحِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهُوَ التَّغْلِيسُ. وَبَيَانِ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا
٢٣٠ - (٦٤٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وزهير بن حرب. كلهم عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزهري، عن عروة، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ

٤٤٦
كُنَّ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ. ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ. لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ.


(نساء المؤمنات) صورته صورة إضافة الشيء إلى نفسه. واختلف في تأويله وتقديره. فقيل: تقديره نساء الأنفس المؤمنات. وقيل: نساء الجماعات المؤمنات. وقيل: إن نساء هنا بمعنى الفاضلات. أي فاضلات المؤمنات. كما يقال: رجال القوم، أي فضلاؤهم ومقدموهم. (متلفعات) أي متجللات متلففات. (بمروطهن) أي بأكسيتهن. واحدها مرط، بكسر الميم.

٢٣١ - (٦٤٥) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ؛ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ:
لَقَدْ كَانَ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ الْفَجْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ. ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ وَمَا يُعْرَفْنَ. مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بالصلاة.


(مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بالصلاة) أي من أجل إقامتها في غلس. وهو ظلمة آخر الليل بعد طلوع الفجر.

٢٣٢ - (٦٤٥) وحدثنا نصر بن علي الجهضمي وإسحاق بن مُوسَى الأَنْصَارِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ:
إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ. فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ. مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ. وَقَالَ الأنصاري في روايته: متلففات.


(إن كان) إن هذه مخففة. فاللام في قوله: ليصلي الصبح، فارقة.

٢٣٣ - (٦٤٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ؛ قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصلي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ. وَالْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ. وَالْمَغْرِبَ، إِذَا وَجَبَتْ. وَالْعِشَاءَ، أَحْيَانًا يُؤَخِّرُهَا

٤٤٧
وَأَحْيَانًا يُعَجِّلُ. كَانَ إِذَا رَآهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ. وَإِذَا رَآهُمْ قد أبطأوا أَخَّرَ. وَالصُّبْحَ، كَانُوا أَوَ (قَالَ) كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يصليها بغلس.


(لما قدم) جواب لما محذوف. تقديره: كان يؤخر الصلوات عن أوقاتها. (فسألنا جابر بن عبد الله) أي عن أوقات الصلوات. (بالهاجرة) هي شدة الحر نصف النهار، عقب الزوال. قيل: سميت هاجرة، من الهجر. وهو الترك. لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر. ويقيلون. (وجبت) أي غابت الشمس. والوجوب السقوط. وحذف ذكر الشمس للعلم بها كقوله تعالى: حتى توارت بالحجاب.

٢٣٤ - (٦٤٦) وحَدَّثَنَاه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ. سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ:
كَانَ الْحَجَّاجُ يُؤَخِّرُ الصَّلَوَاتِ. فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ غُنْدَرٍ.

٢٣٥ - (٦٤٧) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُ أَبَا بَرْزَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ قُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ فَقَالَ: كَأَنَّمَا أَسْمَعُكَ السَّاعَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: كَانَ لَا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِهَا (قَالَ يَعْنِي الْعِشَاءَ) إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. وَلَا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا. قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ، بَعْدُ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: وَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ. وَالْعَصْرَ، يَذْهَبُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ. قَالَ: وَالْمَغْرِبَ، لَا أَدْرِي أَيَّ حِينٍ ذَكَرَ. قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُهُ، بَعْدُ، فَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ: وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعْرِفُ فَيَعْرِفُهُ. قَالَ: وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بالستين إلى المائة.

٢٣٦ - (٦٤٧) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. وَكَانَ لَا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا. قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: أو ثلث الليل.

٢٣٧ - (٦٤٧) وحدثناه أبو كريب. حدثنا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ أَبِي الْمِنْهَالِ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيَّ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. وَيَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. وَكَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْمِائَةِ إِلَى السِّتِّينَ. وَكَانَ يَنْصَرِفُ حِينَ يَعْرِفُ بَعْضُنَا وَجْهَ بَعْضٍ.

(٤١) بَاب كَرَاهِيَةِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَمَا يَفْعَلُهُ الْمَأْمُومُ إِذَا أَخَّرَهَا الإِمَامُ
٢٣٨ - (٦٤٨) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ الله ﷺ «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قَالَ قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ. فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ». وَلَمْ يَذْكُرْ خَلَفٌ: عَنْ وَقْتِهَا.


(أو يميتون الصلاة) معنى يميتون الصلاة، يؤخرون فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه.

٢٣٩ - (٦٤٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا أَبَا ذَرٍّ! إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ. فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً. وَإِلَّا كُنْتَ قد أحرزت صلاتك».


(أحرزت صلاتك) أي حصلتها وصنتها واحتطت لها.

٢٤٠ - (٦٤٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَالَ:
إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ. وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ. وَأَنْ أُصَلِّيَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. «فَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ. وإلا كانت لك نافلة».


(مجدع الأطراف) أي مقطع الأطراف. والجدع القطع. والمجدع أردأ العبيد لخسته وقلة قيمته ومنفعته، ونفرة الناس منه.

٢٤١ - (٦٤٨) وحدثني يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُدَيْلٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَضَرَبَ فَخِذِي «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قَالَ: قَالَ: مَا تَأْمُرُ؟

٤٤٩
قَالَ «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ. فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ، فصل».


(وضرب فخذي) أي للتنبيه وجمع الذهن على ما يقوله له.

٢٤٢ - (٦٤٨) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ؛ قَالَ:
أَخَّرَ ابْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ. فَجَاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ. فَأَلْقَيْتُ لَهُ كُرْسِيًّا. فَجَلَسَ عَلَيْهِ. فَذَكَرْتُ لَهُ صَنِيعَ ابْنِ زِيَادٍ. فَعَضَّ عَلَى شَفَتِهِ وَضَرَبَ فَخِذِي. وَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ كَمَا سَأَلْتَنِي. فَضَرَبَ فَخِذِي كَمَا ضَرَبْتُ فَخِذَكَ. وَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَمَا سَأَلْتَنِي. فَضَرَبَ فَخِذِي كَمَا ضَرَبْتُ فَخِذَكَ وَقَالَ «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ فَصَلِّ. وَلَا تَقُلْ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي».

٢٤٣ - (٦٤٨) وحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ قَالَ:
قَالَ «كَيْفَ أَنْتُمْ» أَوَ قَالَ «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا. فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. ثُمَّ إِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلِّ مَعَهُمْ. فَإِنَّهَا زِيَادَةُ خير».

٢٤٤ - (٦٤٨) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ) حَدَّثَنِي أَبِي عن مطر، عن أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ؛ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ: نُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَلْفَ أُمَرَاءَ، فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ. قَالَ فَضَرَبَ فَخِذِي ضَرْبَةً أَوْجَعَتْنِي. وَقَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ. فَضَرَبَ فَخِذِي. وَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ «صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً». قَالَ وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذُكِرَ لِي أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ ضَرَبَ فَخِذَ أَبِي ذر.

(٤٢) بَاب فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَبَيَانِ التَّشْدِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا
٢٤٥ - (٦٤٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قرأت على مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قال:
«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بخمسة وعشرين جزءا».

٢٤٦ - (٦٤٩) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«تَفْضُلُ صَلَاةٌ فِي الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» قَالَ «وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» قَالَ أَبُو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا﴾ [١٧/الإسراء/ الآية-٧٨].

(٦٤٩) - وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاق. حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول. بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ. إِلَّا أنه قال «بخمس وعشرين جزءا».

٢٤٧ - (٦٤٩) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا أَفْلَحُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ سَلْمَانَ الأَغَرِّ، عن أبي هريرة؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَعْدِلُ خمسا وعشرين من صلاة الفذ».


(الفذ) أي الفرد، بمعنى المنفرد الذي ترك الجماعة.

٢٤٨ - (٦٤٩) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ: قال ابن جريج:
أخبرني عمر بن عطاء بْنِ أَبِي الْخُوَارِ؛ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، إِذْ مَرَّ بِهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، خَتَنُ زَيْدِ بْنِ زَبَّانٍ، مَوْلَى الْجُهَنِيِّينَ. فَدَعَاهُ نَافِعٌ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «صَلَاةٌ مَعَ الإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ».


(ختن) الختن زوج بنت الرجل أو أخته، أو نحوها.

٢٤٩ - (٦٥٠) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله ﷺ قال:
«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وعشرين درجة».

٢٥٠ - (٦٥٠) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَ:
أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وعشرين».

(٦٥٠) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ «بِضْعًا وَعِشْرِينَ» وقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي روايته «سبعا وعشرين درجة».


(بضعا وعشرين) البضع بكسر الباء، وقيل بفتحها، وهو ما بين الثلاث إلى التسع. وقيل: ما بين الواحد إلى العشرة. وفي المصباح: إنه يستوي فيه المذكر والمؤنث. وستعمل أيضا من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر. لكن تثبت الهاء في البضع مع المذكر وتحذف مع المؤنث. ولا يستعمل فيما زاد على العشرين. وأجازه بعض المشايخ. فيقول: بضعة وعشرون رجلا وبضع وعشرون امرأة. وعلى هذا معنى البضع والبضعة في العدد، قطعة مبهمة غير محدودة.

(٦٥٠) - وحَدَّثَنَاه ابْنُ رَافِعٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن النبي ﷺ قال «بضعا وعشرين».

٢٥١ - (٦٥١) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ:
«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ. ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْهَا. فَآمُرَ بِهِمْ فَيُحَرِّقُوا عَلَيْهِمْ، بِحُزَمِ الْحَطَبِ، بُيُوتَهُمْ. وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا» يعني صلاة العشاء.


(أخالف إلى رجال) أي أذهب إليهم.

٢٥٢ - (٦٥١) حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة وَأَبُو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُمَا) قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو معاوية عن الأعمش، عن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما فيها

٤٥٢
لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ. ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ».

٢٥٣ - (٦٥١) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ؛ قَالَ:
هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يَسْتَعِدُّوا لِي بِحُزَمٍ مِنْ حَطَبٍ. ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ تُحَرَّقُ بُيُوتٌ عَلَى من فيها».

(٦٥١) - وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبي ﷺ، بنحوه.

٢٥٤ - (٦٥٢) وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ. سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ، لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ:
«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ. ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ، عَنِ الْجُمُعَةِ، بُيُوتَهُمْ».

(٤٣) بَاب يَجِبُ إِتْيَانُ الْمَسْجِدِ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ
٢٥٥ - (٦٥٣) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ. كلهم عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ. قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ. قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ أَعْمَى. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ. فَرَخَّصَ لَهُ. فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» فقال: نَعَمْ. قَالَ «فَأَجِبْ».

(٤٤) بَاب صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى
٢٥٦ - (٦٥٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنَ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ. أَوْ مَرِيضٌ. إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ. وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى. وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ.


(سنن الهدى) روى بضم السين وفتحها. وهما بمعنى متقارب. أي طرائق الهدى والصواب.

٢٥٧ - (٦٥٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ:
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ. فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ ﷺ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى. وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ. وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ. وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً. وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً. وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ، مَعْلُومُ النِّفَاقِ. وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصف.


(يهادى بين رجلين) أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه، يعتمد عليهما.

(٤٥) بَاب النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ
٢٥٨ - (٦٥٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ؛ قَالَ:
كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ.

٤٥٤
يَمْشِي. فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ.

٢٥٩ - (٦٥٥) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) عَنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَرَأَى رَجُلًا يَجْتَازُ الْمَسْجِدَ خَارِجًا، بَعْدَ الأَذَانِ، فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ.

(٤٦) بَاب فَضْلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ
٢٦٠ - (٦٥٦) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (وَهُوَ ابْنُ زياد) حدثنا عثمان ابن حَكِيمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ. قَالَ:
دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. فَقَعَدَ وَحْدَهُ. فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ. وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كله».

(٦٥٦) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٢٦١ - (٦٥٧) وحَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ؛ قَالَ:
سَمِعْتُ جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ. فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم».


(في ذمة الله) قيل: الذمة هنا الضمان. وقيل: هي الأمان.

٢٦٢ - (٦٥٧) وحَدَّثَنِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا الْقَسْرِيَّ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله.

٤٥٥
فلا يطلبنكم اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ. فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ. ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وجهه في نار جهنم».


(فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ) فإنه الضمير فيه للشأن. من يطلبه الضمير المستكن فيه لله، والبارز لمن من ذمته بشيء يدركه يعني من يطلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه والقيام بعهده، يدركه الله. إذ لا يفوت منه هارب. (يكبه على وجهه) يقال: كبه إذا صرعه. فأكب هو على وجهه. وهذا من النوادر. لأن ثلاثيه متعد ورباعيه لازم.

(٦٥٧) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ، عن النبي ﷺ، بهذا. وَلَمْ يَذْكُرْ «فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ».

(٤٧) بَاب الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ
٢٦٣ - (٣٣) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، مِنَ الأَنْصَارِ؛ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي. وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي. وَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ. وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ. فَأُصَلِّيَ لَهُمْ. وَدِدْتُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي مُصَلًّى. فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَأَفْعَلُ. إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ. فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَأَذِنْتُ لَهُ. فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ. ثُمَّ قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» قَالَ فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكَبَّرَ. فَقُمْنَا وَرَاءَهُ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ. قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ لَهُ. قَالَ فَثَابَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ حَوْلَنَا. حَتَّى اجْتَمَعَ فِي الْبَيْتِ

٤٥٦
رِجَالٌ ذَوُو عَدَدٍ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ. أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟» قَالَ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَإِنَّمَا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ لِلْمُنَافِقِينَ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ».
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ، وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ. فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ.


(خزير) ويقال: خزيرة. قال ابن قتيبة: الخزيرة لحم يقطع صغارا ثم يصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذر عليه دقيق. فإن لم يكن فيها لحم، فهي عصيدة. (فثاب رجال من أهل الدار) أي اجتمعوا. والمراد بالدار، هنا، المحلة. (لا تقل له ذلك) أي لا تقل في حقه ذلك. وقد جاءت اللام بمعنى في، في مواضع كثيرة نحو هذا. (سراتهم) أي ساداتهم.

٢٦٤ - (٣٣) وحدثنا محمد بن رافع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ رَبِيعٍ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ أَوِ الدُّخَيْشِنِ؟ وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَفَرًا، فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ. فَقَالَ: مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَا قُلْتَ. قَالَ فَحَلَفْتُ، إِنْ رَجَعْتُ إِلَى عِتْبَانَ، أَنْ أَسْأَلَهُ. قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ. وَهُوَ إِمَامُ قَوْمِهِ. فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ. فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ. فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى أَنَّ الأَمْرَ انْتَهَى إِلَيْهَا. فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَغْتَرَّ فَلَا يَغْتَرَّ.


(نرى) ضبطناه نرى بفتح النون وضمها.

٢٦٥ - (٣٣) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ. قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ. قَالَ:
إِنِّي لَأَعْقِلُ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ دَلْوٍ فِي دَارِنَا.

٤٥٧
قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثَنِي عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ بَصَرِي قَدْ سَاءَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ. وَحَبَسْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى جَشِيشَةٍ صَنَعْنَاهَا لَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ، مِنْ زيادة يونس ومعمر.


(مجة مجها) قال العلماء: المج طرح الماء من الفم بالتزريق. (جشيشة) هي أن تطحن الحنطة طحنا جليلا ثم تجعل في القدور، ويلقي عليها لحم أو تمر. وقد يقال لها: دشيشة.

(٤٨) بَاب جَوَازِ الْجَمَاعَةِ فِي النَّافِلَةِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى حَصِيرٍ وَخُمْرَةٍ وَثَوْبٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الطَّاهِرَاتِ
٢٦٦ - (٦٥٨) حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ. فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ:
«قُومُوا فَأُصَلِّيَ لَكُمْ» قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ. فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ. فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ. وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا. فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ركعتين. ثم انصرف.


(ما لبس) إن لبس كل شيء بحسبه. واللبس هنا معناه الافتراش. (واليتيم) اليتيم اسمه ضمير بن سعد الحميري. (والعجوز) هي أم أنس، أم سليم.

٢٦٧ - (٦٥٩) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ وَأَبُو الرَّبِيعِ. كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ. قَالَ شَيْبَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا. فَرُبَّمَا تَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا. فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ. ثُمَّ يُنْضَحُ. ثُمَّ يَؤُمُّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا. وَكَانَ بِسَاطُهُمْ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ.

٢٦٨ - (٦٦٠) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ:
دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْنَا. وَمَا هُوَ إِلَّا أَنَا وَأُمِّي وَأُمُّ حَرَامٍ خَالَتِي. فَقَالَ «قُومُوا فَلِأُصَلِّيَ بِكُمْ»

٤٥٨
(فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ) فَصَلَّى بِنَا. فَقَالَ رَجُلٌ لِثَابِتٍ: أَيْنَ جَعَلَ أَنَسًا مِنْهُ؟ قَالَ: جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ. ثُمَّ دَعَا لَنَا، أَهْلَ الْبَيْتِ، بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. فَقَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ! خُوَيْدِمُكَ. ادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيْرٍ. وَكَانَ فِي آخِرِ مَا دَعَا لِي بِهِ أَنْ قَالَ «اللَّهُمَّ! أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فيه».


(في غير وقت صلاة) أي في غير وقت فريضة.

٢٦٩ - (٦٦٠) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ. سَمِعَ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بن مالك؛ أن رسول الله ﷺ صَلَّى بِهِ وَبِأُمِّهِ أَوْ خَالَتِهِ. قَالَ: فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ خَلْفَنَا.

(٦٦٠) - وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ) قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

٢٧٠ - (٥١٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بن عبد الله. ح وحدثنا أبو بكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ. كِلَاهُمَا عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شداد. قال:
حدثني ميمونة زوج النبي ﷺ. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ. وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إذا سجد. وكان يصلي على خمرة.


(على خمرة) الخمرة هي السجادة الصغيرة.

٢٧١ - (٦٦١) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لَهُ) أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛ أَنَّهُ دخل علي رسول الله ﷺ. فَوَجَدَهُ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ.

(٤٩) بَاب فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ
٢٧٢ - (٦٤٩) حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو كريب: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
قَالَ رسول اللَّهِ ﷺ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ. لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ. لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ. فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ. وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ. حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ. فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ. وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ. يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ! ارْحَمْهُ. اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لَهُ. اللَّهُمَّ! تُبْ عَلَيْهِ. مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ. مَا لَمْ يُحْدِثْ فيه».


(صلاته في بيته وصلاته في سوقه) المراد صلاته في بيته وسوقه منفردا. (لا ينهزه إلا الصلاة) أي لا تنهضه وتقيمه. (خطوة) بالضم ما بين القدمين، وبالفتح المرة الواحدة.

(٦٤٩) - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ. قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ زَكَرِيَّاءَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ. كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِ مَعْنَاهُ.

٢٧٣ - (٦٤٩) وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن أيوب السختاني، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ. تَقُولُ: اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لَهُ. اللَّهُمَّ! ارْحَمْهُ. مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَأَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ».

٢٧٤ - (٦٤٩) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ. يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لَهُ. اللَّهُمَّ! ارْحَمْهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ» قُلْتُ: مَا يُحْدِثُ؟ قَالَ: يَفْسُو أَوْ يَضْرِطُ.

٢٧٥ - (٦٤٩) حدثنا يحيى بن يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قال:
«لا يزال أحدكم في صلاة مادامت الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ. لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ».

٢٧٦ - (٦٤٩) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ هُرْمُزَ، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
«أَحَدُكُمْ مَا قَعَدَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، فِي صَلَاةٍ، مَا لَمْ يُحْدِثْ. تَدْعُو لَهُ الْمَلَائِكَةُ: اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لَهُ. اللَّهُمَّ! ارحمه».

(٦٤٩) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي ﷺ، بِنَحْوِ هَذَا.

(٥٠) بَاب فَضْلِ كَثْرَةِ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ
٢٧٧ - (٦٦٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى؛ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «أن أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى، فَأَبْعَدُهُمْ. وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ «حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ فِي جَمَاعَةٍ».

٢٧٨ - (٦٦٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ، لَا أ'علم رَجُلًا أَبْعَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ. وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: أَوْ قُلْتُ لَهُ: لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ. قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي

٤٦١
إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ. وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كله».


(لا تخطئه) أي لا تفوته جماعة في صلاة.

(٦٦٣) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. كِلَاهُمَا عَنْ التَّيْمِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، بِنَحْوِهِ.

م (٦٦٣) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ فِي الْمَدِينَةِ. فَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ فَتَوَجَّعْنَا لَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ! لَوْ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ مِنَ الرَّمْضَاءِ وَيَقِيكَ مِنْ هَوَامِّ الأَرْضِ! قَالَ: أَمَ وَاللَّهِ! مَا أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي مُطَنَّبٌ بِبَيْتِ مُحَمَّدٍ ﷺ. قَالَ فَحَمَلْتُ بِهِ حِمْلًا حَتَّى أَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ. فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ فَدَعَاهُ. فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ يَرْجُو فِي أَثَرِهِ الأَجْرَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «إن لك ما احتسبت».

م (٦٦٣) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَزْهَرَ الْوَاسِطِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا أَبِي. كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الإسناد، نحوه.


(ما أحب أن بيتي ... الخ) أي ما أحب أنه مشدود بالأطناب، وهي الحبال، إلى بيت النبي ﷺ. بل أحب أن يكون بعيدا منه، لتكثير ثوابي وخطاي إليه. (فحملت به حملا) قال القاضي: معناه أنه عظم علي وثقل واستعظمته لبشاعة لفظه وهمني ذلك. وليس المراد الحمل على الظهر. (في أثره الأجر) أي في ممشاه.

٢٧٩ - (٦٦٤) وحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاق. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَتْ دِيَارُنَا نَائِيَةً عَنِ الْمَسْجِدِ. فَأَرَدْنَا أَنْ نَبِيعَ بُيُوتَنَا فَنَقْتَرِبَ مِنَ الْمَسْجِدِ. فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فقال «إِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ خَطْوَةٍ دَرَجَةً».

٢٨٠ - (٦٦٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ. قَالَ: حَدَّثَنِي الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ:
خَلَتِ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ. فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ لَهُمْ «إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ» قَالُوا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ. فَقَالَ «يَا بَنِي سَلِمَةَ! دِيَارَكُمْ. تُكْتَبْ آثاركم. دياركم. تكتب آثاركم».


(دياركم. تكتب آثاركم) معناه الزموا دياركم. فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد.

٢٨١ - (٦٦٥) حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. قَالَ:
سَمِعْتُ كَهْمَسًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ: أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ. قَالَ وَالْبِقَاعُ خَالِيَةٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ «يَا بَنِي سَلِمَةَ! دِيَارَكُمْ. تُكْتَبْ آثَارُكُمْ». فَقَالُوا: مَا كَانَ يَسُرُّنَا أَنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا.

(٥١) بَاب الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ تُمْحَى بِهِ الْخَطَايَا وَتُرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتُ
٢٨٢ - (٦٦٦) حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال:
قال رسول الله ﷺ «من تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى ترفع درجة».

٢٨٣ - (٦٦٧) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا بَكْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ) كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أبي هريرة؛ إن رسول الله ﷺ قَالَ. وَفِي حَدِيثِ بَكْرٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا

٤٦٣
بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ. هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟» قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ «فَذَلِكَ مَثَلُ الصلوات الخمس. يمحو الله بهن الخطايا».


(من درنه) الدرن: الوسخ.

٢٨٤ - (٦٦٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَن أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ) قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ. يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ».
قَالَ: قَالَ الحسن: وما يبقي ذلك من الدرن؟.


(غمر) الغمر هو الكثير. (على باب أحدكم) إشارة إلى سهولته وقرب تناوله.

٢٨٥ - (٦٦٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أخبرنا محمد بن مطرف عن زيد ابن أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبي ﷺ:
«مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ. أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا. كُلَّمَا غَدَا أو راح».


(نزلا) النزل ما يهيأ للضيف عند قدومه.

(٥٢) بَاب فَضْلِ الْجُلُوسِ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ
٢٨٦ - (٦٧٠) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدَّثَنَا سِمَاكٌ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. قَالَ:
قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رسول الله ﷺ؟ قال: نَعَمْ. كَثِيرًا. كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ. وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ. فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ.

٢٨٧ - (٦٧٠) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ. كِلَاهُمَا عَنْ سماك، عن جابر بن سمرة؛ أن النبي ﷺ:
كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حسنا.


(حسنا) أي طلوع حسنا، أي مرتفعة.

(٦٧٠) - وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ. ح قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. كِلَاهُمَا عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَقُولَا: حَسَنًا.

٢٨٨ - (٦٧١) وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَإِسْحَاق بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذُبَابٍ، فِي رِوَايَةِ هَارُونَ) (وَفِي حَدِيثِ الأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قَالَ:
«أَحَبُّ البِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا. وَأَبْغَضُ البِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا».

(٥٣) بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؟
٢٨٩ - (٦٧٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ. وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أقرؤهم».

(٦٧٢) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ) حَدَّثَنِي أَبِي. كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

(٦٧٢) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ. ح وحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عِيسَى. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. جَمِيعًا عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِهِ.

٢٩٠ - (٦٧٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي خَالِدٍ. قَالَ أبو بكر: حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ؛ قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ. فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً. فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ. فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً. فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً. فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا. وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ. وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» قَالَ الأَشَجُّ في روايته (مكان سلما) سنا.


(سلما) أي إسلاما. (ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه) معناه أن صاحب البيت والمجلس وإمام المجلس أحق من غيره. وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل منه. وصاحب المكان أحق. فإن شاء تقدم وإن شاء قدم من يريده. وإن كان ذلك الذي يقدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين. لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف يشاء. (تكرمته) قال العلماء: التكرمة الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويخص به.

(٦٧٣) - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ. ح وحَدَّثَنَا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان. كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

٢٩١ - (٦٧٣) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ رَجَاءٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ. قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً. فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً. فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا. وَلَا تَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ. وَلَا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ، فِي بَيْتِهِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ. أو بإذنه».

٢٩٢ - (٦٧٤) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل بن إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ؛ قَالَ:
أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ. فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً.

٤٦٦
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَحِيمًا رَقِيقًا. فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا. فَسَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا. فَأَخْبَرْنَاهُ. فَقَالَ «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ. فَأَقِيمُوا فِيهِمْ. وَعَلِّمُوهُمْ. وَمُرُوهُمْ. فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ. ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».


(شببة متقاربون) جمع شاب. ومعناه متقاربون في السن.

(٦٧٤) - وحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

م (٦٧٤) وحَدَّثَنَاه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ. قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي نَاسٍ. وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ. وَاقْتَصَّا جَمِيعًا الحديث. بنحو حديث ابن علية.

٢٩٣ - (٦٧٤) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ؛ قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي. فَلَمَّا أَرَدْنَا الإِقْفَالَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَنَا «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا. ثُمَّ أَقِيمَا وليؤمكما أكبركما».


(الإقفال) يقال فيه: قفل الجيش، إذا رجعوا. وأقفلهم الأمير، إذا أذن لهم في الرجوع. فكأنه قال: فلما أردنا أن يؤذن لنا في الرجوع.

(٦٧٤) - وحَدَّثَنَاه أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ (يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ) حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ: قَالَ الْحَذَّاءُ: وَكَانَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ.

(٥٤) بَاب اسْتِحْبَابِ الْقُنُوتِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ
٢٩٤ - (٦٧٥) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عن ابن شهاب. قال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَيُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ثُمَّ يَقُولُ، وَهُوَ قَائِمٌ «اللَّهُمَّ! أَنْجِ

٤٦٧
الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ. وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. اللَّهُمَّ! اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ. اللَّهُمَّ! الْعَنْ لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ. عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أُنْزِلَ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [٣/آل عمران/الآية ١٢٨].


(وطأتك) أي بأسك. (كسني يوسف) أي اجعلها سنين ذوات قحط وغلاء. والسنة، كما ذكره أهل اللغة، الجدب. يقال: أخذتهم السنة إذا أجدبوا وأقحطوا: قال ابن الأثير: وهي من الأسماء الغالبة. نحو الدابة، في الفرس. والمال في الإبل. وقد خصوها بقلب لامها تاء في: أسنتوا، إذا أجدبوا.

(٦٧٥) - وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى قَوْلِهِ:
«وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ» وَلَمْ يَذْكُرْ ما بعده.

٢٩٥ - (٦٧٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ:
قَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ، فِي صَلَاةٍ، شَهْرًا. إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ «اللَّهُمَّ! أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ. اللَّهُمَّ! نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ. اللَّهُمَّ! نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ. اللَّهُمَّ! نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. اللَّهُمَّ! اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهُمَّ! اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَرَكَ الدُّعَاءَ بَعْدُ. فَقُلْتُ: أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ. قَالَ فَقِيلَ: وَمَا تراهم قد قدموا؟.


(وما تراهم قد قدموا) معناه ماتوا.

(٦٧٥) - وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ إِذْ قَالَ:
«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ثُمَّ قَالَ:

٤٦٨
قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ «اللَّهُمَّ! نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ» ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الأَوْزَاعِيِّ. إِلَى قَوْلِهِ «كَسِنِي يُوسُفَ» وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.

٢٩٦ - (٦٧٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
وَاللَّهِ! لَأُقَرِّبَنَّ بِكُمْ صَلَاةَ رسول الله ﷺ. فكان أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ فِي الظُّهْرِ. وَالْعِشَاءِ الآخِرَةِ. وَصَلَاةِ الصُّبْحِ. وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ. وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ.

٢٩٧ - (٦٧٧) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ. ثَلَاثِينَ صَبَاحًا. يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَلِحْيَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ أَنَسٌ: أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ. أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا. أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا. فَرَضِيَ عَنَّا. ورضينا عنه.


(بئر معونة) في أرض بني سليم، فيما بين مكة والمدينة.

٢٩٨ - (٦٧٧) وحدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ. قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ:
هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ قَالَ: نعم. بعد الركوع يسيرا.

٢٩٩ - (٦٧٧) وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وأبو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى (وَاللَّفْظُ لِابْنِ مُعَاذٍ) حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ. فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ. يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ. وَيَقُولُ «عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

٣٠٠ - (٦٧٧) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا أَنَسُ

٤٦٩
بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا، بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ. يَدْعُو عَلَى بَنِي عُصَيَّةَ.

٣٠١ - (٦٧٧) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ:
سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُنُوتِ، قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ. قَالَ قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. فَقَالَ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أُنَاسٍ قَتَلُوا أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ. يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ.

٣٠٢ - (٦٧٧) حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن عَاصِمٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ:
مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَجَدَ عَلَى سَرِيَّةٍ مَا وَجَدَ عَلَى السَّبْعِينَ الَّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. كَانُوا يُدْعَوْنَ الْقُرَّاءَ. فمكث شهرا يدعو على قتلتهم.


(وَجَدَ عَلَى سَرِيَّةٍ مَا وَجَدَ عَلَى السَّبْعِينَ) أي ما حزن على سرية كحزنه عليهم. والسرية قطعة من الجيش.

(٦٧٧) - وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

٣٠٣ - (٦٧٧) وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا. يَلْعَنُ رِعْلًا وَذَكْوَانَ. وَعُصَيَّةَ عَصَوْا الله ورسوله.

(٦٧٧) - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أنس، عن النبي ﷺ، بنحوه.

٣٠٤ - (٦٧٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا. يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ. ثم تركه.


(على أحياء من أحياء العرب) أي على قبائل العرب. والحي القبيلة من العرب، والجمع أحياء.

٣٠٥ - (٦٧٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى. قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ والمغرب.

٣٠٦ - (٦٧٨) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن عمر بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ. قَالَ:
قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ.

٣٠٧ - (٦٧٩) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ الْمِصْرِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ الْغِفَارِيِّ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فِي صَلَاةٍ:
اللَّهُمَّ! الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ. وَعُصَيَّةَ عَصَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ.

٣٠٨ - (٦٧٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل. قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ (وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو) عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ خُفَافٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ خُفَافُ بْنُ إِيمَاءٍ:
رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ. وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. اللَّهُمَّ! الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ. وَالْعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ ثُمَّ وَقَعَ سَاجِدًا. قَالَ خُفَافٌ: فَجُعِلَتْ لَعْنَةُ الْكَفَرَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ.

(٦٧٩) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل. قَالَ: وَأَخْبَرَنِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الأَسْقَعِ، عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ، بِمِثْلِهِ. إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ:
فَجُعِلَتْ لَعْنَةُ الْكَفَرَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ.

(٥٥) بَاب قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ قَضَائِهَا
٣٠٩ - (٦٨٠) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنّ رَسُولَ الله ﷺ، حين قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ. سَارَ لَيْلَهُ. حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ. وَقَالَ لِبِلَالٍ:
«اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ» فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ. وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ. فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ. فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ. فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا. فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ «أَيْ بِلَالُ!» فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! يَا رَسُولَ اللَّهِ!) بِنَفْسِكَ. قَالَ «اقْتَادُوا» فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا. ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ. فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ "مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. فَإِنَّ اللَّهَ قال: ﴿أقم الصلاة لذكري﴾ [٢٠/طه/الآية-١٤]. قَالَ يُونُسُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا: لِلذِّكْرَى.


(قفل من غزوة خيبر) أي رجع. والقفول الرجوع. ويقال: غزوة وغزاة. (أدركه الكرى عرس) الكرى النعاس. وقيل: النوم. يقال منه: كرى، كرضى، يكرى كرى، فهو كر وامرأة كرية. والتعريس نزول المسافرين آخر الليل للنوم والاستراحة. هكذا قاله الخليل والجمهور. وقال أبو زيد: هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار. (اكلأ لنا الفجر) أي ارقبه واحفظه واحرسه. ومصدره الكلاء. (مواجه الفجر) أي مستقبله. (اقتادوا) أي قودوا رواحلكم لأنفسكم آخذين بمقاودها.

٣١٠ - (٦٨٠) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. كلاهما عَنْ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ. حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
عَرَّسْنَا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ. فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» قَالَ فَفَعَلْنَا. ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

٤٧٢
(وَقَالَ يَعْقُوبُ: ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ). ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الغداة.

٣١١ - (٦٨١) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ) حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فقال:
»إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ. وَتَأْتُونَ الْمَاءَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، غَدًا«. فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسِيرُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ. قَالَ: فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ. فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ. حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ. قَالَ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ. حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيْلَةً. هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْمَيْلَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ. حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ. فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ»مَنْ هَذَا«قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ. قَالَ»مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ «قُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ. قَالَ»حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ«ثُمَّ قَالَ»هَلْ تَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ؟ «ثُمَّ قَالَ»هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟ «قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ. ثُمَّ قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ. حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ. قَالَ فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الطَّرِيقِ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ. ثُمَّ قَالَ»احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا«. فَكَانَ أَوَّلَ من استيقظ رسول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ. قَالَ فَقُمْنَا فَزِعِينَ. ثُمَّ قَالَ»ارْكَبُوا«فَرَكِبْنَا. فَسِرْنَا. حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ. ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كانت معي فيها شئ

٤٧٣
من ماء. قال فتوضأنا مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ. قَالَ وَبَقِيَ فِيهَا شئ مِنْ مَاءٍ. ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ»احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ. فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ«ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَرَكِبْنَا مَعَهُ. قَالَ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ»أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ «ثُمَّ قال لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ. إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الأُخْرَى. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا. فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا» ثُمَّ قَالَ «مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟» قَالَ: ثُمَّ قَالَ «أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَكُمْ. لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ. وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بين أيديكم. فإن يطبعوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا».
قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الناس حين امتد النهار وحمي كل شئ. وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكْنَا. عَطِشْنَا. فَقَالَ «لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ» ثُمَّ قَالَ «أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي» قَالَ وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ. فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا. فَقَالَ

٤٧٤
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَحْسِنُوا الْمَلَأَ. كُلُّكُمْ سَيَرْوَى» قَالَ فَفَعَلُوا. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ. حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِي «اشْرَبْ» فَقُلْتُ: لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ «إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» قَالَ فَشَرِبْتُ. وَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَالَ فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً.
قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْجِدِ الجامع. إذا قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ. فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. قَالَ قُلْتُ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ. فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: حَدِّثْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ. قَالَ فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ. فَقَالَ عِمْرَانُ: لَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أحدا حفظه كما حفظته.


(لا يلوي على أحد) أي لا يعطف. (إبهار الليل) أي انتصف. (فنعس) النعاس مقدمة النوم. (فدعمته) أي أقمت ميله من النوم، وصرت تحته. كالدعامة للبناء فوقها. (تهور الليل) أي ذهب أكثره. مأخوذ من تهور البناء، وهو انهداده. (ينجفل) أي يسقط. (بما حفظت به نبيه) أي بسبب حفظك نبيه. (سبعة ركب) هو جمع راكب. كصاحب وصحب، ونظائره. (بميضأة) هي الإناء الذي يتوضأ به، كالركوة. (وضوءا دون وضوء) أي وضوءا خفيفا. (يهمس إلى بعض) أي يكلمه بصوت خفي. (أسوة) الأسوة كالقدوة والقدوة، هي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره. إن حسنا وإن قبيحا. وإن سارا وإن ضارا. ولهذا قال تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة. فوصفها بالحسنة. كذا قال الراغب. (ليس في النوم تفريط) أي تقصير في فوت الصلاة. لانعدام الاختيار من النائم. (مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا قَالَ ثُمَّ قَالَ ... الخ) قال النووي: معنى هذا الكلام أنه ﷺ لما صلى بهم الصبح، بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس. وانقطع النبي ﷺ وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم. قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمَّا أبو بكر وعمر فيقولان للناس: إن النبي ﷺ وراءكم. ولا تطيب نفسه أن يخلفكم وراءه ويتقدم بين أيديكم. فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يلحقكم. وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه. فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا، فإنهما على الصواب. (لا هلك عليكم) أي لا هلاك. (أطلقوا لي غمري) أي إيتوني به. والغمر القدح الصغير. (فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الميضأة تكابوا عليها) أي لم يتجاوز رؤيتهم الماء في الميضأة تكابهم، أي تزاحمهم عليها، مكبا بعضهم على بعض. (أحسنوا الملأ) الملأ الخلق والعشرة. يقال: ما أحسن ملأ فلان أي خلقه وعشرته. وما أحسن ملأ بني فلان أي عشرتهم وأخلاقهم. ذكره الجوهري وغيره. وأنشد الجوهري:
تنادوا يال بهثة إذ رأونا * فقلنا: أحسنى ملأ جهينا
(جامين رواء) أي مستريحين قد رووا من الماء. والرواء ضد العطاش جمع ريان وريا، مثل عطشان وعطشى. (في مسجد الجامع) هو من باب إضافة الموصوف إلى صفته. فعند الكوفيين يجوز ذلك بغير تقدير. وعند البصريين لا يجوز إلا بتقدير. ويتأولون ما جاء بهذا بحسب مواطنه. والتقدير هنا: مسجد المكان الجامع. وفي قول الله تعالى: وما كنت بجانب الغربي، أي المكان الغربي. وقوله تعالى: ولدار الآخرة، أي الحياة الآخرة. (حفظته) ضبطناه، حفظته بضم التاء وفتحها. وكلاهما حسن.

٣١٢ - (٦٨٢) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ. حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ الْعُطَارِدِيُّ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. قَالَ:
كُنْتُ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ فِي مَسِيرٍ لَهُ. فَأَدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا. حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسْنَا. فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا حَتَّى بَزَغَتِ الشَّمْسُ. قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ. وَكُنَّا لَا نُوقِظُ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ مِنْ مَنَامِهِ إِذَا نَامَ

٤٧٥
حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. ثُمَّ اسْتَيْقَظَ عُمَرُ. فَقَامَ عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ. فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ. حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ بَزَغَتْ قَالَ «ارْتَحِلُوا» فَسَارَ بِنَا. حَتَّى إِذَا ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ نَزَلَ فَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ. فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا فُلَانُ! مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟» قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ. فَصَلَّى. ثُمَّ عَجَّلَنِي، فِي رَكْبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، نَطْلُبُ الْمَاءَ. وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا. فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ. فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ قَالَتْ: أَيْهَاهْ. أَيْهَاهْ. لَا مَاءَ لَكُمْ. قُلْنَا: فَكَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟ قَالَتْ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا حَتَّى انْطَلَقْنَا بِهَا. فَاسْتَقْبَلْنَا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَتْنَا. وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا مُوتِمَةٌ. لها صبيان أيتام. فأمر بروايتها. فَأُنِيخَتْ. فَمَجَّ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ الْعُلْيَاوَيْنِ. ثُمَّ بَعَثَ بِرَاوِيَتِهَا. فَشَرِبْنَا. وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا عِطَاشٌ. حَتَّى رَوِينَا. وَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ. وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا. غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا. وَهِيَ تَكَادُ تَنْضَرِجُ مِنَ الْمَاءِ (يَعْنِي الْمَزَادَتَيْنِ) ثُمَّ قَالَ «هَاتُوا مَا كَانَ عِنْدَكُمْ»

٤٧٦
فَجَمَعْنَا لَهَا مِنْ كِسَرٍ وَتَمْرٍ. وَصَرَّ لَهَا صُرَّةً. فَقَالَ لَهَا «اذْهَبِي فَأَطْعِمِي هَذَا عِيَالَكِ. وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ» فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ: لَقَدْ لَقِيتُ أَسْحَرَ الْبَشَرِ. أَوْ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ كَمَا زَعَمَ. كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ذَيْتَ وَذَيْتَ. فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ. فأسلمت وأسلموا.


(فأدلجنا) الإدلاج هو سير الليل كله. أما الإدلاج فمعناه السير آخر الليل. هذا هو الأشهر في اللغة: وقيل: هما لغتان بمعنى. (بزغت الشمس) البزوغ هو أول طلوع الشمس. (سادلة) أي مرسلة، مدلية. (مزادتين) المزادة أكبر من القربة. والمزادتان حمل بعير. سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها. (أيهاه أيهاه) هكذا هو في الأصول. وهو بمعنى هيهات هيهات. ومعناه البعد عن المطلوب واليأس منه. كما قالت بعده: لا ماء لكم. أي ليس لكم ماء حاضر ولا قريب. (فلم نملكها من أمرها شيئا) أي لم نخلها وشأنها حتى تملك أمرها. (موتمة) أي ذات أيتام. توفي زوجها وترك أولادا صغارا. (براويتها) الراوية عند العرب هي الجمل الذي يحمل الماء. وأهل العرف قد يستعملونه في المزادة، استعارة. والأصل البعير. (فمج في العزلاوين العلياوين) المج زرق الماء بالفم. والعزلاء: بالمد، هو المثعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء. ويطلق أيضا على فمها الأعلى. وتثنيتها عزلاوان. والجمع العزالي بكسر اللام. (وغسلنا صاحبنا) يعني الجنب. أي أعطيناه ما يغتسل به. (تنضرج من الماء) أي تنشق. وروى تتضرج، وهو بمعناه. والأول هو المشهور. (كسر) جمع كسرة، وهي القطعة من الشيء المكسور. (وصر لها صرة) أي شد ما جمعه لها في لفافة. (لم نرزأ) أي لم ننقص من مائك شيئا. (ذيت وذيت) قال أهل اللغة: هو بمعنى كيت وكيت. وكذا وكذا. (الصرم) أبيات مجتمعة.

(٦٨٢) - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ الأَعْرَابِيُّ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ؛ قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ. فَسَرَيْنَا لَيْلَةً. حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قُبَيْلَ الصُّبْحِ، وَقَعْنَا تِلْكَ الْوَقْعَةَ الَّتِي لَا وَقْعَةَ عِنْدَ الْمُسَافِرِ أَحْلَى مِنْهَا. فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ سَلْمِ بْنِ زَرِيرٍ. وَزَادَ وَنَقَصَ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ. وَكَانَ أَجْوَفَ جَلِيدًا. فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ. حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لِشِدَّةِ صَوْتِهِ، بِالتَّكْبِيرِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا ضَيْرَ. ارتحلوا» واقتص الحديث.


(وكان أجوف جليدا) أي رفيع الصوت، يخرج صوته من جوفه. والجليد القوي. (لا ضير) أي لا ضرر عليكم في هذا النوم وتأخير الصلاة به. والضير والضر والضرر بمعنى.

٣١٣ - (٦٨٣) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ قَالَ:
كان رسول الله ﷺ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ، اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ. وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ، نَصَبَ ذِرَاعَهُ، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ.

٣١٤ - (٦٨٤) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنّ رَسُولَ الله ﷺ قال:
«من نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ».
قَالَ قَتَادَةُ: وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لذكري.

(٦٨٤) - وحَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وقتيبة بن سعيد. جميعا عن أبي عوانة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَلَمْ يَذْكُرْ «لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ».

٣١٥ - (٦٨٤) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا».

٣١٦ - (٦٨٤) وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. فَإِنَّ الله يقول: أقم الصلاة لذكري»

.

 


google-playkhamsatmostaqltradent