بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
١ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
قَالَ: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ
الدَّائِمِ، الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ، حَتَّى يَرْجِعَ»
٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
قَالَ: «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ مِنْ
بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، ⦗٤٤٤⦘ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ. مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ»
٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ
وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ. فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي
طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ. وَلَوْ
أَنَّهَا قُطِعَتْ طِيَلَهَا ذَلِكَ، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ،
كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ. وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ
بِنَهَرٍ. فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ
لَهُ حَسَنَاتٍ. فَهِيَ لَهُ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا،
وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا فِي ظُهُورِهَا، فَهِيَ
لِذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ
الْإِسْلَامِ ⦗٤٤٥⦘ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ
وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ
الْحُمُرِ؟ فَقَالَ:»لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ
الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] "
٤ - وحَدَّثَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ
مَنْزِلًا؟ رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ، يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا بَعْدَهُ؟ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي
غُنَيْمَتِهِ. يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ اللَّهَ لَا
يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»
٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، ⦗٤٤٦⦘ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ»
٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، قَالَ كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ، يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنَ الرُّومِ وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّهُ مَهْمَا
يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ، يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُ
فَرَجًا. وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ. وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا
وَرَابِطُوا، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠]»
بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُسَافَرَ
بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
٧ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ
يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» قَالَ مَالِكٌ: «وَإِنَّمَا
ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ»
بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ
النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي الْغَزْوِ
٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الَّذِينَ
قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ». قَالَ:
فَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: بَرَّحَتْ بِنَا امْرَأَةُ ابْنِ أَبِي
الْحُقَيْقِ بِالصِّيَاحِ. فَأَرْفَعُ السَّيْفَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَذْكُرُ نَهْيَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَكُفُّ. وَلَوْلَا ذَلِكَ اسْتَرَحْنَا مِنْهَا
٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً
مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ. «وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»
١٠ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى
الشَّامِ. فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ أَمِيرَ
رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَاعِ. فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:
إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ «مَا أَنْتَ
بِنَازِلٍ، ⦗٤٤٨⦘ وَمَا أَنَا بِرَاكِبٍ. إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَّسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ. فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا
أَنَّهُمْ حَبَّسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ. وَسَتَجِدُ قَوْمًا فَحَصُوا عَنْ
أَوْسَاطِ رُءُوسِهِمْ مِنَ الشَّعَرِ. فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ
بِالسَّيْفِ». وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: «لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلَا
صَبِيًّا، وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلَا
تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، إِلَّا
لِمَأْكَلَةٍ. وَلَا تَحْرِقَنَّ نَحْلًا، وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ، وَلَا تَغْلُلْ
وَلَا تَجْبُنْ»
١١ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلٍ مِنْ
عُمَّالِهِ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا بَعَثَ
سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمُ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ. فِي سَبِيلِ اللَّهِ. تُقَاتِلُونَ
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ. لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا. وَلَا تُمَثِّلُوا،
وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَقُلْ ذَلِكَ لِجُيُوشِكَ وَسَرَايَاكَ إِنْ شَاءَ
اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوَفَاءِ
بِالْأَمَانِ
١٢ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ ⦗٤٤٩⦘ إِلَى عَامِلِ جَيْشٍ، كَانَ بَعَثَهُ: «إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْجَ. حَتَّى إِذَا أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ وَامْتَنَعَ. قَالَ رَجُلٌ: مَطْرَسْ (يَقُولُ: لَا تَخَفْ) فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ. وَإِنِّي. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا أَعْلَمُ مَكَانَ وَاحِدٍ فَعَلَ ذَلِكَ، إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ» قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: «لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ
الْعَمَلُ» وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْإِشَارَةِ بِالْأَمَانِ، أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ
الْكَلَامِ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ. وَإِنِّي أَرَى أَنْ يُتَقَدَّمَ إِلَى الْجُيُوشِ:
أَنْ لَا تَقْتُلُوا أَحَدًا أَشَارُوا إِلَيْهِ بِالْأَمَانِ. لِأَنَّ
الْإِشَارَةَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ»
وَإِنَّهُ بَلَغَنِي. أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا «خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ، إِلَّا سَلَّطَ
اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ»
بَابُ الْعَمَلِ فِيمَنْ أَعْطَى
شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
١٣ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَعْطَى
شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: «إِذَا بَلَغْتَ وَادِيَ
الْقُرَى فَشَأْنَكَ بِهِ»
١٤ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا
أُعْطِيَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فِي الْغَزْوِ، فَيَبْلُغُ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ،
فَهُوَ لَهُ» وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْغَزْوَ
فَتَجَهَّزَ. حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ، ⦗٤٥٠⦘ أَوْ أَحَدُهُمَا. فَقَالَ: «لَا يُكَابِرْهُمَا. وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إِلَى عَامٍ آخَرَ. فَأَمَّا الْجِهَازُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرْفَعَهُ، حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ. فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يَفْسُدَ، بَاعَهُ وَأَمْسَكَ
ثَمَنَهُ، حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يُصْلِحُهُ لِلْغَزْوِ. فَإِنْ كَانَ
مُوسِرًا يَجِدُ مِثْلَ جَهَازِهِ إِذَا خَرَجَ. فَلْيَصْنَعْ بِجَهَازِهِ مَا
شَاءَ»
بَابُ جَامِعِ النَّفْلِ فِي
الْغَزْوِ
١٥ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «بَعَثَ
سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ. فَغَنِمُوا إِبِلًا
كَثِيرَةً. فَكَانَ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا. أَوْ أَحَدَ عَشَرَ
بَعِيرًا. وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا»
١٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: «كَانَ
النَّاسُ فِي الْغَزْوِ، إِذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ، يَعْدِلُونَ الْبَعِيرَ
بِعَشْرِ شِيَاهٍ» ⦗٤٥١⦘ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ: إِنَّهُ «إِنْ كَانَ شَهِدَ الْقِتَالَ، وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَكَانَ حُرًّا، فَلَهُ سَهْمُهُ. وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَلَا سَهْمَ لَهُ. وَأَرَى أَنْ لَا يُقْسَمَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنَ الْأَحْرَارِ»
بَابُ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ
الْخُمُسُ
قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ وُجِدَ مِنَ
الْعَدُوِّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَزَعَمُوا
أَنَّهُمْ تُجَّارٌ وَأَنَّ الْبَحْرَ لَفِظَهُمْ. وَلَا يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ
تَصْدِيقَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ مَرَاكِبَهُمْ تَكَسَّرَتْ، أَوْ عَطِشُوا
فَنَزَلُوا بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُسْلِمِينَ: «أَرَى أَنَّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ.
يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ. وَلَا أَرَى لِمَنْ أَخَذَهُمْ فِيهِمْ خُمُسًا»
بَابُ
مَا
يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ
قَالَ مَالِكٍ: «لَا أَرَى بَأْسًا
أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ مِنْ طَعَامِهِمْ،
مَا وَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ» قَالَ
مَالِكٍ: «وَأَنَا أَرَى الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بِمَنْزِلَةِ
الطَّعَامِ. يَأْكُلُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ.
كَمَا يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ. وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى
يَحْضُرَ النَّاسُ ⦗٤٥٢⦘ الْمَقَاسِمَ، وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ، أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْجُيُوشِ. فَلَا أَرَى بَأْسًا بِمَا أُكِلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ،
عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ. وَلَا أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ
شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ» وَسُئِلَ مالكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ
الطَّعَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَزَوَّدُ، فَيَفْضُلُ
مِنْهُ شَيْءٌ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فَيَأْكُلَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ
يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ بِلَادَهُ فَيَنْتَفِعَ بِثَمَنهِ؟ قَالَ مَالِكٌ:
«إِنْ بَاعَهُ وَهُوَ فِي الْغَزْوِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي
غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِنْ بَلَغَ بِهِ بَلَدَهُ، فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ
يَأْكُلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ، إِذَا كَانَ يَسِيرًا تَافِهًا»
بَابُ مَا يُرَدُّ قَبْلَ أَنْ
يَقَعَ الْقَسْمُ مِمَّا أَصَابَ الْعَدُو
١٧ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ، «أَنَّ عَبْدًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبَقَ. وَأَنَّ
فَرَسًا لَهُ عَارَ. فَأَصَابَهُمَا الْمُشْرِكُونَ. ثُمَّ غَنِمَهُمَا
الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ
تُصِيبَهُمَا الْمَقَاسِمُ» قَالَ وسَمِعْتُ مَالكا يَقُولُ: فِيمَا يُصِيبُ
الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّهُ «إِنْ أُدْرِكَ قَبْلَ أَنْ
تَقَعَ فِيهِ الْمَقَاسِمُ، فَهُوَ رَدٌّ عَلَى أَهْلِهِ. وَأَمَّا مَا وَقَعَتْ
فِيهِ الْمَقَاسِمُ فَلَا يُرَدُّ عَلَى أَحَدٍ» وَسُئِلَ مَالِكٍ عَنْ رَجُلٍ
حَازَ الْمُشْرِكُونَ غُلَامَهُ، ثُمَّ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ. قَالَ مَالِكٌ:
«صَاحِبُهُ أَوْلَى ⦗٤٥٣⦘ بِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَلَا قِيمَةٍ، وَلَا غُرْمٍ، مَا لَمْ تُصِبْهُ الْمَقَاسِمُ، فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَقَاسِمُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ لِسَيِّدِهِ بِالثَّمَنِ، إِنْ شَاءَ» قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، حَازَهَا الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ. فَقُسِمَتْ فِي الْمَقَاسِمِ، ثُمَّ عَرَفَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْقَسْمِ: «إِنَّهَا لَا
تُسْتَرَقُّ. وَأَرَى أَنْ يَفْتَدِيَهَا الْإِمَامُ لِسَيِّدِهَا فَإِنْ لَمْ
يَفْعَلْ فَعَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يَفْتَدِيَهَا وَلَا يَدَعُهَا. وَلَا أَرَى
لِلَّذِي صَارَتْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهَا وَلَا يَسْتَحِلَّ فَرْجَهَا.
وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ. لِأَنَّ سَيِّدَهَا يُكَلَّفُ أَنْ
يَفْتَدِيَهَا، إِذَا جَرَحَتْ. فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ
يُسَلِّمَ أُمَّ وَلَدِهِ تُسْتَرَقُّ وَيُسْتَحَلُّ فَرْجُهَا» وَسُئِلَ مالكٌ
عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي الْمُفَادَاةِ، أَوْ فِي
التِّجَارَةِ، فَيَشْتَرِيَ الْحُرَّ أَوِ الْعَبْدَ، أَوْ يُوهَبَانِ لَهُ.
فَقَالَ: «أَمَّا الْحُرُّ، فَإِنَّ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، دَيْنٌ عَلَيْهِ. وَلَا
يُسْتَرَقُّ. وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ، فَهُوَ حُرٌّ. وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَعْطَى فِيهِ شَيْئًا مُكَافَأَةً فَهُوَ دَيْنٌ
عَلَى الْحُرِّ. بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتُرِيَ بِهِ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ
سَيِّدَهُ الْأَوَّلَ مُخَيَّرٌ فِيهِ. إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَدْفَعَ
إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَمَنَهُ، فَذَلِكَ لَهُ. وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ
يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ. وَإِنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فَسَيِّدُهُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ
بِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَعْطَى فِيهِ
شَيْئًا مُكَافَأَةً، فَيَكُونُ مَا أَعْطَى فِيهِ غُرْمًا عَلَى سَيِّدِهِ إِنْ
أَحَبَّ أَنْ يَفْتَدِيَهُ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّلَبِ فِي
النَّفَلِ
١٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي
مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ
قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ حُنَيْنٍ. فَلَمَّا الْتَقَيْنَا،
كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ. قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَاسْتَدَرْتُ لَهُ، حَتَّى
أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ.
فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً، وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ. ثُمَّ
أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ. فَأَرْسَلَنِي. قَالَ: فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ.
فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ
رَجَعُوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، لَهُ عَلَيْهِ
بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ». قَالَ فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟
ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ
فَلَهُ سَلَبُهُ»، قَالَ: فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ
جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟» قَالَ: فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَسَلَبُ ذَلِكَ
الْقَتِيلِ عِنْدِي. فَأَرْضِهِ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ: لَا هَاءَ اللَّهِ. إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ،
يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: ⦗٤٥٥⦘ «صَدَقَ. فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ»، فَأَعْطَانِيهِ فَبِعْتُ الدِّرْعَ.
فَاشْتَرَيْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ. فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ
تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ
١٩ - وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا
يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْأَنْفَالِ؟ فَقَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ: «الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ. وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ». قَالَ: ثُمَّ
عَادَ الرَّجُلُ لِمَسْأَلَتِهِ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ذَلِكَ أَيْضًا. ثُمَّ
قَالَ الرَّجُلُ: الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِيَ؟
قَالَ الْقَاسِمُ: فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ ثُمَّ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا؟ مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي
ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» قَالَ: وَسُئِلَ مالكٌ عَمَّنْ قَتَلَ قَتِيلًا
مِنَ الْعَدُوِّ، أَيَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ؟ قَالَ:
«لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ
مِنَ الْإِمَامِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ. وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ إِلَّا يَوْمَ
حُنَيْنٍ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي إِعْطَاءِ
النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ
٢٠ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ
النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفَلَ مِنَ الْخُمُسِ» قَالَ مَالِكٌ: «وَذَلِكَ أَحْسَنُ
مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ» وَسُئِلَ مالكٌ عَنِ النَّفَلِ، هَلْ يَكُونُ
فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ؟ قَالَ: «ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْاجْتِهَادِ مِنَ
الْإِمَامِ. وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مَوْقُوفٌ، إِلَّا
اجْتِهَادُ السُّلْطَانِ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَفَّلَ فِي
مَغَازِيهِ كُلِّهَا. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ نَفَّلَ فِي بَعْضِهَا يَوْمَ
حُنَيْنٍ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْاجْتِهَادِ مِنَ الْإِمَامِ، فِي
أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ»
بَابُ الْقَسْمِ لِلْخَيْلِ فِي
الْغَزْو
٢١ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ:
«لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ» قَالَ مَالِكٌ: «وَلَمْ أَزَلْ
أَسْمَعُ ذَلِكَ» وَسُئِلَ مالكٌ، عَنْ رَجُلٍ يَحْضُرُ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ،
فَهَلْ يُقْسَمُ لَهَا كُلِّهَا؟ فَقَالَ: «لَمْ أَسْمَعْ ⦗٤٥٧⦘ بِذَلِكَ. وَلَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ. الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ» قَالَ مَالِكٌ: «لَا أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ، لِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ فِي كِتَابِهِ ﴿وَالْخَيْلَ
وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ، لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨]، وَقَالَ عز وجل ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ
اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: ٦٠]. فَأَنَا أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ مِنَ
الْخَيْلِ إِذَا أَجَازَهَا الْوَالِي»
وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ
الْمُسَيِّبِ. وَسُئِلَ عَنِ الْبَرَاذِينَ هَلْ فِيهَا مِنْ صَدَقَةٍ؟ فَقَالَ:
«وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ؟»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُلُولِ
٢٢ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ، وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعِرَّانَةَ، سَأَلَهُ
النَّاسُ، حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ، فَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ
حَتَّى نَزَعَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «رُدُّوا عَلَيَّ
رِدَائِي. أَتَخَافُونَ أَنْ لَا أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ
عَلَيْكُمْ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ. لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ
سَمُرِ تِهَامَةَ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ. ثُمَّ لَا تَجِدُونِي
بَخِيلًا، وَلَا جَبَانًا، وَلَا كَذَّابًا»، ⦗٤٥٨⦘ فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: «أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ، وَنَارٌ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنَ الْأَرْضِ وَبَرَةً مِنْ بَعِيرٍ، أَوْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. وَلَا مِثْلُ هَذِهِ، إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ»
٢٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ زَيْدَ
بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَإِنَّهُمْ
ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ. فَزَعَمَ
زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ»، قَالَ: فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزِ
يَهُودَ، مَا تُسَاوِينَ دِرْهَمَيْنِ
٢٤ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ
الْكِنَانِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «أَتَى النَّاسَ فِي
قَبَائِلِهِمْ يَدْعُو لَهُمْ. وَأَنَّهُ تَرَكَ قَبِيلَةً ⦗٤٥٩⦘ مِنَ الْقَبَائِلِ». قَالَ، وَإِنَّ الْقَبِيلَةَ وَجَدُوا فِي بَرْدَعَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ عِقْدَ جَزْعٍ غُلُولًا. «فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ، كَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الْمَيِّتِ»
٢٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ
مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ
خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا، إِلَّا الْأَمْوَالَ: الثِّيَابَ
وَالْمَتَاعَ. قَالَ: فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ
غُلَامًا أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ. فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى
وَادِي الْقُرَى، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ
يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ. فَأَصَابَهُ
فَقَتَلَهُ. فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، «إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ
خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ
نَارًا»، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ
شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «شِرَاكٌ أَوْ
شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ»
٢٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّهُ قَالَ: «مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا أُلْقِيَ فِي
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ، وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا كَثُرَ
فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا قُطِعَ
عَنْهُمُ الرِّزْقُ. وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ
الدَّمُ. وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ
الْعَدُوَّ»
بَابُ الشُّهَدَاءِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ
٢٧ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ. لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ، فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا. فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا.
فَأُقْتَلُ» فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ ثَلَاثًا: «أَشْهَدُ بِاللَّهِ»
٢٨ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ: يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا
الْآخَرَ. كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ. يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَيُقْتَلُ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُقَاتِلُ فَيُسْتَشْهَدُ»
٢٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ. «لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا. اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ
الْمِسْكِ»
٣٠ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ
لَا تَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً. يُحَاجُّنِي
بِهَا عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
٣١ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ أَيُكَفِّرُ اللَّهُ
عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَعَمْ». فَلَمَّا أَدْبَرَ
الرَّجُلُ نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ لَهُ - فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَقَالَ
لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «نَعَمْ إِلَّا الدَّيْنَ، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ»
٣٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ
رَسُولَ ⦗٤٦٢⦘ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ «هَؤُلَاءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ؟ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا. وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَلَى وَلَكِنْ لَا أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي؟» فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ بَكَى. ثُمَّ قَالَ: أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ
٣٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسًا وَقَبْرٌ يُحْفَرُ
بِالْمَدِينَةِ، فَاطَّلَعَ رَجُلٌ فِي الْقَبْرِ، فَقَالَ: بِئْسَ مَضْجَعُ
الْمُؤْمِنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بِئْسَ مَا قُلْتَ»، فَقَالَ الرَّجُلُ:
إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّمَا أَرَدْتُ الْقَتْلَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا مِثْلَ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ. مَا عَلَى الْأَرْضِ بُقْعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي
بِهَا، مِنْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»، يَعْنِي الْمَدِينَةَ
بَابُ مَا تَكُونُ فِيهِ
الشَّهَادَةُ
٣٤ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَوَفَاةً بِبَلَدِ
رَسُولِكَ»
٣٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: «كَرَمُ الْمُؤْمِنِ
تَقْوَاهُ، وَدِينُهُ حَسَبُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ، وَالْجُرْأَةُ
وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ، فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ
أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّا لَا يَئُوبُ بِهِ إِلَى
رَحْلِهِ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ، وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ
نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ»
بَابُ الْعَمَلِ فِي غَسْلِ
الشَّهِيدِ
٣٦ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
«غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ شَهِيدًا يَرْحَمُهُ اللَّهُ»
٣٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: «الشُّهَدَاءُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُغَسَّلُونَ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ،
وَإِنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي قُتِلُوا فِيهَا» قَالَ مَالِكٌ:
"وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ، فَلَمْ يُدْرَكْ
حَتَّى مَاتَ. قَالَ: «وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ مِنْهُمْ فَعَاشَ مَا شَاءَ اللَّهُ
بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. كَمَا عُمِلَ بِعُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ»
بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الشَّيْءِ
يُجْعَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
٣٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَحْمِلُ فِي
الْعَامِ الْوَاحِدِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ بَعِيرٍ، يَحْمِلُ الرَّجُلَ إِلَى
الشَّامِ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَحْمِلُ الرَّجُلَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ عَلَى
بَعِيرٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ: احْمِلْنِي
وَسُحَيْمًا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «نَشَدْتُكَ اللَّهَ
أَسُحَيْمٌ زِقٌّ؟» قَالَ لَهُ: نَعَمْ
بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
٣٩ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ يَدْخُلُ عَلَى
أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، فَتُطْعِمُهُ. وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا
فَأَطْعَمَتْهُ. وَجَلَسَتْ تَفْلِي فِي رَأْسِهِ. فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
يَوْمًا. ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي
سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ. مُلُوكًا عَلَى
الْأَسِرَّةِ»، - أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ يَشُكُّ إِسْحَاقُ -
قَالَتْ ⦗٤٦٥⦘ فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا ثُمَّ وَضَعَ
رَأْسَهُ فَنَامَ. ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ لَهُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ قَالَ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ
غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ -» أَوْ مِثْلَ
الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ - كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى. قَالَتْ فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ: «أَنْتِ
مِنَ الْأَوَّلِينَ». قَالَ: فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ.
فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ. فَهَلَكَتْ
٤٠ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي،
لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَتَخَلَّفَ عَنْ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
وَلَكِنِّي لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ. وَلَا يَجِدُونَ مَا
يَتَحَمَّلُونَ عَلَيْهِ، فَيَخْرُجُونَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا
بَعْدِي، فَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ
أُحْيَا فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ»
٤١ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ، لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ: ⦗٤٦٦⦘ «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِآتِيَهُ بِخَبَرِكَ، قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْرَأْهُ مِنِّي السَّلَامَ. وَأَخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً. وَأَنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ
مَقَاتِلِي. وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، إِنْ
قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ
٤٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «رَغَّبَ فِي الْجِهَادِ، وَذَكَرَ
الْجَنَّةَ»، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَأْكُلُ تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ، فَقَالَ:
إِنِّي لَحَرِيصٌ عَلَى الدُّنْيَا إِنْ جَلَسْتُ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْهُنَّ،
فَرَمَى مَا فِي يَدِهِ، فَحَمَلَ بِسَيْفِهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
٤٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْغَزْوُ
غَزْوَانِ: فَغَزْوٌ تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ، وَيُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ،
وَيُطَاعُ فِيهِ ذُو الْأَمْرِ، وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ، ⦗٤٦٧⦘ فَذَلِكَ الْغَزْوُ خَيْرٌ كُلُّهُ. وَغَزْوٌ لَا تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ وَلَا يُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ، وَلَا يُطَاعُ فِيهِ ذُو الْأَمْرِ، وَلَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ، فَذَلِكَ الْغَزْوُ لَا يَرْجِعُ صَاحِبُهُ كَفَافًا»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَيْلِ
وَالْمُسَابَقَةِ بَيْنَهَا، وَالنَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ
٤٤ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
٤٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «سَابَقَ
بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا
ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ»، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ ⦗٤٦٨⦘ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا
٤٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: «لَيْسَ
بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ، إِذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ، فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ
السَّبَقَ، وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ»
٤٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رُئِيَ وَهُوَ يَمْسَحُ وَجْهَ
فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ. فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنِّي عُوتِبْتُ
اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ»
٤٨ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ
خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ، أَتَاهَا لَيْلًا. وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ
لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَخَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ
فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ، وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ⦗٤٦٩⦘ «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٧]»
٤٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ
مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ
دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ
بَابِ الرَّيَّانِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا
عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ. فَهَلْ يُدْعَى
أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ
تَكُونَ مِنْهُمْ»
بَابُ إِحْرَازِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ
أَهْلِ الذِّمَّةِ أَرْضَهُ
سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ إِمَامٍ قَبِلَ
الْجِزْيَةَ مِنْ قَوْمٍ فَكَانُوا يُعْطُونَهَا. أَرَأَيْتَ مَنْ أَسْلَمَ
مِنْهُمْ. أَتَكُونُ لَهُ أَرْضُهُ، أَوْ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَكُونُ
لَهُمْ مَالُهُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: «ذَلِكَ يَخْتَلِفُ. أَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ،
فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ. وَأَمَّا
أَهْلُ الْعَنْوَةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ
فَإِنَّ أَرْضَهُ وَمَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ قَدْ
غُلِبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ. وَصَارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا أَهْلُ
الصُّلْحِ فَإِنَّهُمْ قَدْ مَنَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ. حَتَّى
صَالَحُوا عَلَيْهَا. فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلَّا مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ»
بَابُ
الدَّفْنِ
فِي
قَبْرٍ
وَاحِدٍ
مِنْ ضَرُورَةٍ، وَإِنْفَاذِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه عِدَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٤٩ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ عَمْرَو
بْنَ الْجَمُوحِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّيْنِ ثُمَّ
السَّلَمِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا، وَكَانَ قَبْرُهُمَا
مِمَّا يَلِي السَّيْلَ، وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهُمَا مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ
يَوْمَ أُحُدٍ فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا، فَوُجِدَا لَمْ
يَتَغَيَّرَا، كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ
فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَدُفِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ. فَأُمِيطَتْ يَدُهُ
عَنْ جُرْحِهِ، ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ، وَكَانَ بَيْنَ
أُحُدٍ، وَبَيْنَ يَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً» ⦗٤٧١⦘ قَالَ مَالِكٌ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. مِنْ ضَرُورَةٍ. وَيُجْعَلَ الْأَكْبَرُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ»
٥٠ - حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى أَبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأْيٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي». فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ فَحَفَنَ لَهُ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ