recent
آخر المقالات

٦٠ - كتاب الجهاد والسير

 

٢٦٣٧ - حدثنا يحيى بن صالح: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (من آمن بالله وبرسوله، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى الله أن يدخله الجنة، جاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ التي ولد فيها). فقالوا: يا رسول الله، أفلا نبشر الناس؟ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة - أراه - فوقه عرش الرحمن،
ومنه تفجر أنهار الجنة).
قال محمد بن فليح، عن أبيه: (وفوقه عرش الرحمن).
[٦٩٨٧]


(الفردوس) هو البستان الذي يجمع ما في البساتين كلها، من شجر وزهر ونبات. (أوسط الجنة) أفضلها وخيرها. (أراه) أظنه، وهذا من كلام يحيى بن صالح شيخ البخاري، أي أظنه قال: (فوقه ..) (تفجر) تنشق.

٢٦٣٨ - حدثنا موسى: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ،
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (رَأَيْتُ الليلة رجلين أتياني، فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وأفضل، لم أر قط أحسن منها، قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء).
[ر: ٨٠٩]

٥ - باب: الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم من الجنة.

٢٦٣٩ - حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب: حدثنا حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

١٠٢٩
رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (لغدوة فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدنيا وما فيها).
[٢٦٤٣]



أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله تعالى، رقم: ١٨٨٠. (لغدوة) زمن ما بين طلوع الشمس إلى الزوال. (روحة) زمن ما بين الزوال إلى الليل، والمعنى: قضاء مثل هذا الوقت في سبيل الله أكثر ثوابا من التصدق بالدنيا وما فيها، أو خير لمن فعل ذلك مما لو ملك الدنيا وما فيها.

٢٦٤٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (لقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب. وقال: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب).


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، رقم: ١٨٨٢. (لقاب قوس) قدر طولها، أو ما بين الوتر والقوس. والمعنى: فضل استعماله في سبيل الله تعالى، يجازى عليه منزلة في الجنة، وهي خير من الدنيا وما فيها.

٢٦٤١ - حدثنا قبيصة: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (الروحة والغداوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها).
[٢٧٣٥، ٣٠٧٨، ٦٠٥٢]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، رقم: ١٨٨١

٦ - باب: الحور العين. وصفتهن يحار فيها الطرف، شديدة سواد العين، شديدة بياض العين.
﴿وزوجناهم﴾ /الدخان: ٥٤/: أنكحناهم.

٢٦٤٢ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (ما من عبد يموت، له عند الله خير، يسره أن يرجع إلى الدنيا، وأن له الدنيا وما فيها، إلا الشهيد، لما يرى من فضل الشهادة، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل مرة أخرى).
[٢٦٦٢]


(له عند الله خير) ثواب مدخر على عمل صالح عمله في الدنيا.

٢٦٤٣ - قال: وسمعت أنس بن مالك، عن النبي ﷺ: (لروحة في سبيل الله، أو غدوة، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أحدكم من الجنة، أو موضع قيد - يعني

١٠٣٠
سوطه - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل النار لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها).
[ر: ٢٦٣٩]


(موضع قيد) مقدار قيد، وهو السوط المتخذ من الجلد الذي لم يدبغ. (ما بينهما) ما بين السماء والأرض. (ريحا) عطرا. (لنصيفها) خمارها، وهو ما يغطى به الرأس.

٧ - باب: تمني الشهادة.

٢٦٤٤ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا من المؤمنين، لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوددت أن أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أقتل).
[٢٨١٠، ٦٧٩٩، ٦٨٠٠، وانظر: ٣٦]


(لا تطيب نفوسهم) يسيئهم. (أن يتخلفوا عني) لا يخرجوا معي ويقعدوا خلافي في المدينة، لعدم توفر النفقة لديهم أو السلاح أو العتاد. (ما أحملهم عليه) من مركب وغيره. (سرية) قطعة من الجيش. (لوددت) أحببت ورغبت.

٢٦٤٥ - حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار: حدثنا إسماعيل بن علية، عن أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ فقال: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فأصيب، ثم أخذها
خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له، وقال ما يسرنا أنهم عندنا). قال أيوب: أو قال: (ما يسرهم أنهم عندنا). وعيناه تذرفان.
[ر: ١١٨٩]

٨ - باب: فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم.
وقول الله تعالى: ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله﴾ /النساء: ١٠٠/. وقع: وجب.


(يدركه الموت) في الطريق. (وقع) ثبت ثوابه.

٢٦٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنِي الليث: حدثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عن أنس بن مالك، عن خالته أم حرام بنت ملحان قال:
نام النبي ﷺ يوما قريبا مني، ثم استيقظ يبتسم، فقلت: ما أضحكك؟ قال: (أناس من أمتي عرضوا

١٠٣١
علي، يركبون هذا البحر الأخضر، كالملوك على الأسرة). قالت: فادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم نام الثانية، ففعل مثلها، فقالت مثل قولها، فأجابها مثلها، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: (أنت من الأولين). فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا، أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما انصرفوا من غزوهم قافلين فنزلوا الشأم، فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت.
[ر: ٢٦٣٦]


(قافلين) راجعين من غزوهم.

٩ - باب: من ينكب في سبيل الله.

٢٦٤٧ - حدثنا حفص بن عمر الحوضي: حدثنا همام، عن إسحاق، عن أنس رضي الله عنه قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ أقواما من بني سليم إلى بني عامر في سبعين، فلما قدموا: قال لهم خالي: أتقدمكم، فإن أمنوني حتى أبلغهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإلا كنتم مني قريبا، فتقدم فأمنوه، فبينما يحدثهم عن النبي ﷺ إذ أومؤوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه، فقال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم إلا رجلا أعرج صعد الجبل - قال همام: فأراه آخر معه - فأخبر جبريل عليه السلام النبي ﷺ: أنهم قد لقوا ربهم، فرضي عنهم وأرضاهم، فكنا نقرأ: أن بلغوا قومنا، أن لقينا ربنا، فرضي عنا وأرضانا. ثم نسخ بعد، فدعا عليهم أربعين صباحا، على رعل، وذكوان،
وبني لحيان، وبني عصية، الذين عصوا الله تعالى ورسوله ﷺ.
[٢٦٥٩، ٢٨٩٩، ٣٨٦٠ - ٣٨٦٥، ٣٨٦٨ - ٣٨٧٠، وانظر: ٩٥٧]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، رقم: ٧٦٦. (بني سليم) الصحيح أنهم مبعوث إليهم والمبعوثون هم رجال من الأنصار، كانوا يتعلمون القرآن ويأخذون العلم، ويكونون قوة للمسلمين إذا نزلت فيهم نازلة أو دعا داعي الجهاد، بعثهم رسول الله ﷺ إلى أهل نجد يدعونهم إلى الإسلام، فلما نزلوا بئر معونة قصدهم عامر بن الطفيل ومعه أحياء من بني سليم، وهم رعل وذكوان وبنو لحيان وعصية، فقتلوهم. (أومؤوا) أشاروا. (فأنفذه) أصابه بجراحة نفذت من جوفه إلى الجانب الآخر من بدنه. (فزت) ربحت. (نقرأ) أي نزل المذكور قرآنا في حقهم ثم نسخت تلاوته. (أربعين صباحا) في قنوت صلاة الفجر.

٢٦٤٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ

١٠٣٢
جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ:
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان في بعض المشاهد، وقد دميت إِصْبَعُهُ، فَقَالَ: (هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ، وفي سبيل الله ما لقيت).
[٥٧٩٤]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين، رقم: ١٧٩٦. (المشاهد) المغازي. (دميت) جرحت وظهر منها الدم.

١٠ - باب: من يجرح في سبيل الله عز وجل.

٢٦٤٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بيده، لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة، واللون لون الدم، والريح ريح المسك).
[ر: ٢٣٥]

١١ - باب: قول الله تعالى: ﴿هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين﴾ /التوبة: ٥٢/. والحرب سجال.


(تربصون بنا) تنتظرون أن يقع فينا. (الحسنيين) الظفر أو الشهادة.

٢٦٥٠ - حدثنا يحيى بن نكير: حدثنا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سفيان أخبره:
أن هرقل قال له: سألتك كيف كان قتالكم إياه، فزعمت أن الحرب سجال ودول، فكذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة.
[ر: ٧]


(دول) تتداولون الظفر، مرة يكون لكم ومرة يكون له. (تبتلى) تختبر. (العاقبة) آخر الأمر.

١٢ - باب: قول الله تعالى: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾ /الأحزاب: ٢٣/.


(قضى نحبه) أجله، فمات على الوفاء أو قتل في سبيل الله. (ينتظر) أجله، وهو على العهد. (تبديلا) في عهدهم وحالهم.

٢٦٥١ - حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي: حدثنا عبد الأعلى، عن حميد قال سألت أنسا. حدثنا عمرو بن زرارة: حدثنا زياد قال: حدثني حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان

١٠٣٣
يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين: ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى، أو نظن: أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾. إلى آخر الآية.
وقال: إن أخته، وهي تسمى الربيع، كسرت ثنية امرأة فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بالقصاص، فقال أنس: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا تكسر ثنيتها، فرضوا بالأرش وتركوا القصاص، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ على الله لأبره).
[٣٨٢٢، ٤٥٠٥، وانظر: ٢٥٥٦]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، رقم: ١٩٠٣. (انكشف المسلمون) انهزموا. (الجنة) أريد الجنة وهي مطلوبي. (أجد) أشم. (من دون أحد) عند أحد، ويحتمل أنه وجد ريحها حقيقة كرامة له، ويحتمل أنه أراد أن الجنة تكتسب في هذا الموضع فاشتاق لها. (بضعا) من الثلاث إلى تسع. (ببنانه) أصابعه، أو أطراف أصابعه. (بالقصاص) هو كسر سنها، مماثلة بين الجناية والعقوبة. (لأبره) لأبر قسمه، وحقق مراده.

٢٦٥٢ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: حدثني إسماعيل قال: حدثني أخي، عن سليمان - أراه - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شهاب، عن خارجة بن زيد: أن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:
نسخت الصحف في المصاحف، ففقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بها، فلم أجدها إلا مع خزيمة ابن ثابت الأنصاري، الذي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شهادته شهادة رجلين، وهو قوله: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾.
[٣٨٢٣، ٤٥٠٦، وانظر: ٤٤٠٢، ٤٧٠٢]


(الصحف) جمع صحيفة، وهي قطعة من ورق أو غيره، كتبت عليها بعض آيات القرآن أو سوره. (المصاحف) جمع مصحف، وهو الكراسة أو مجمع الصحف. (فقدت آية) أي لم أجدها مكتوبة في الصحف. (شهادة رجلين) أي قبلها بدل شهادة رجلين. قال العيني: وسبب كون شهادته بشهادتين أنه ﷺ كلم رجلا في شيء فأنكره، فقال خزيمة: أنا أشهد، فقال ﷺ: (أتشهد ولم تستشهد). فقال: نحن نصدقك على خبر السماء، فكيف بهذا؟ فأمضى شهادته وجعلها بشهادتين، وقال له: (لا تعد). وهذا من خصائصه رضي الله عنه.

١٣ - باب: عمل صالح قبل القتال.
وقال أبو الدرداء: إنما تقاتلون بأعمالكم.
وقوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص﴾ /الصف: ٢ - ٤/.


(إنما ..) أي تقاتلون وأنتم متلبسون بأعمالكم، فإن كانت صالحة كافأكم الله تعالى عليها بالنصر. (كبر) عظم. (مقتا) بغضا شديدا. (صفا) صافين أنفسهم. (مرصوص) ثابت من غير فرجة بين لبناته.

٢٦٥٣ - حدثنا محمد بن عبد الرحيم: حدثنا شبابة بن سوار الفزاري: حدثنا إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:
أَتَى النَّبِيُّ ﷺ رَجُلٌ مقنع بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل وأسلم؟ قال: (أسلم ثم قاتل). فأسلم ثم قاتل فقتل، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (عمل قليلا وأجر كثيرا).


(رجل) هو الأصرم: عمرو بن ثابت الأشهلي رضي الله عنه. (مقنع) وجهه مغطى.

١٤ - باب: من أتاه سهم غرب فقتله.

٢٦٥٤ - حدثنا محمد بن عبد الله: حدثنا حسين بن محمد أبو أحمد: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مالك:
أن أم الربيع بنت البراء، وهي أم حارثة بن سراقة، أَتَتِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا نبي الله، ألا تحدثني عن حارثة - وكان قتل يوم بدر، أصابه سهم غرب - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك، اجتهدت عليه في البكاء؟ قال: (يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى).
[٣٧٦١، ٦١٨٤، ٦١٩٩]


(تحدثني) تخبرني. (غرب) لا يدري من رمى به. (اجتهدت) بذلت وسعي وطاقتي. (أصاب) كان نصيبه. (الفردوس الأعلى) أفضل مكان في الجنة، والفرودس هو البستان الذي يجمع ما في البساتين من شجر وزهر ونبات.

١٥ - باب: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا.

٢٦٥٥ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن عمرو، عن أبي وائل، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل

١٠٣٥
يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله).
[ر: ١٢٣]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ..، رقم: ١٩٠٤. (رجل) قيل: هو لاحق بن ضميرة الباهلي رضي الله عنه. (للمغنم) أي من أجل الغنيمة. (للذكر) الشهرة بين الناس. (ليرى مكانه) مرتبته في الشجاعة.

١٦ - باب: من اغبرت قدماه في سبيل الله.
وقول الله تعالى: ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى قوله - إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ /التوبة: ١٢٠/.


وتتمة الآية: ﴿ومن حولهم الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح﴾. (يتخلفوا) يتركوا الخروج معه إلى الجهاد. (يرغبوا بأنفسهم) يصونوها عن الشدائد التي رضيها لنفسه. (ظمأ) عطش. (نصب) تعب. (مخمصة) جوع. (يطؤون موطئا) ينزلون منزلا. (يغيظ الكفار) يرهب عدوهم. (نيلا) ظفرا ونصرا، أو قتلا له أو أسرا أو غنيمة.

٢٦٥٦ - حدثنا إسحاق: أخبرنا محمد بن المبارك: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني يزيد بن أبي مريم: أخبرنا عباية بن رافع بن خديج قال:
أخبرني أبو عبس، هو عبد الرحمن بن جبر:
أن رسول الله ﷺ قال: (ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار).
[ر: ٨٦٥]

١٧ - باب: مسح الغبار عن الناس في السبيل.

٢٦٥٧ - حدثنا إبراهيم بن موسى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله:
ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه، فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس، فقال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين، فمر به النبي ﷺ ومسح عن رأسه الغبار، وقال: (ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، عمار يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار).
[ر: ٤٣٦]

١٨ - باب: الغسل بعد الحرب والدمار.

٢٦٥٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ لما رجع يوم الخندق، ووضع السلاح واغتسل، فأتاه

١٠٣٦
جبريل وقد عصب رأسه الغبار، فقال: وضعت السلاح، فوالله ما وضعته. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فأين). قال: ها هنا، وأومأ إلى بني قريظة. قالت: فخرج إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
[٣٨٩١]


(عصب رأسه الغبار) ركبه وعلق به كالعصابة. (فأين) أي فأين أخرج. (أومأ) أشار.

١٩ - باب: فضل قول الله تعالى:
﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين﴾ /آل عمران: ١٦٩ - ١٧١/.


(فضل ..) أي فضل من نزلت فيهم هذه الآية. (أمواتا) أي ليس حالهم كحال من يموت موتا عاديا. (أحياء) أرواحهم في حواصل طيور خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت. (يرزقون) يأكلون من ثمار الجنة. (فرحين) مسرورين. (آتاهم) أعطاهم. (فضله) رزقه. (يستبشرون) يفرحون ويرجون لهم الشهادة.

٢٦٥٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة، على رعل وذكوان، وعصية، عصت الله ورسوله.
قال أنس: أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه، ثم نسخ بعد: بلغوا قومنا، أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا ورضينا عنه.
[ر: ٢٦٤٧]


(أصحاب بئر معونة) الذين قتلوا يوم بئر معونة سنة أربع للهجرة، ومعونة موضع من جهة نجد. (غداة) صباحا، والمراد في صلاة الفجر، والغداة الضحوة.

٢٦٦٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يقول:
اصطبح ناس الخمر يوم أحد، ثم قتلوا شهداء، فقيل لسفيان: من آخر ذلك اليوم؟ قال: ليس هذا فيه.
[٣٨١٨، ٤٣٤٢]


(اصطبح) شربوا الخمر صبوحا، والصبوح الشرب بالغداة، وهو خلاف الغبوق فإنه شرب المساء. (ليس هذا فيه) أي ليس هذا اللفظ مرويا في الحديث.

٢٠ - باب: ظل الملائكة على الشهيد.

٢٦٦١ - حدثنا صدقة بن الفضل قال: أخبرنا ابن عيينة قال: سمعت محمد ابن المنكدر: أنه سمع جابرا يقول:
جيء بأبي إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ مثل به، ووضع بين يديه، فذهبت أكشف

١٠٣٧
عن وجهه، فنهاني قومي، فسمع صوت صائحة، فقيل: ابنة عمرو، أو أخت عمرو، فقال: (لم تبكي - أو: لا تبكي - ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها). قلت لصدقة: أفيه: (حتى رفع). قال: ربما قاله.
[ر: ١١٨٧]

٢١ - باب: تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا.

٢٦٦٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شعبة قال: سمعت قتادة قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (ما أحد يدخل الجنة، يحب أن يرجع إلى الدنيا، وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة).
[ر: ٢٦٤٢]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، رقم: ١٨٧٧. (ما على الأرض من شيء) الدنيا وما فيها. (لما يرى من الكرامة) لأجل ما يراه من فضل الشهادة.

٢٢ - باب: الجنة تحت بارقة السيوف.
وقال المغيرة بن شعبة: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا ﷺ، عَنْ رسالة ربنا: (من قتل منا صار إلى الجنة).
[ر: ٢٩٨٩]
وقال عمر للنبي ﷺ: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: (بلى).
[ر: ٣٠١١]


(بارقة السيوف) أي لمعانها، والمراد أن الجهاد طريق الجنة.

٢٦٦٣ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عقبة، عن سالم أبي النصر، مولى عمر بن عبيد الله، وكان كاتبه، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أوفى رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف).
تابعه الأويسي، عن ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.
[٢٦٧٨، ٢٨٠٤، ٢٨٦١، ٢٨٦٢، ٦٨١٠، وانظر: ٢٧٧٥]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، رقم: ١٧٤٢. (تحت ظلال السيوف) ظلال جمع ظل، وهو بمعنى بارقة السيوف، لأن السيوف لما كانت لها بارقة شعاع كان لها ظل تحتها، فإذا دنا الخصم من المقاتل فقتله، صار تحت ظل سيفه. والمعنى: أن الضرب بالسيوف في سبيل الله تعالى هو السبب الموصل إلى الجنة.

٢٣ - باب: من طلب الولد للجهاد.

٢٦٦٤ - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن هرمز قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة، أو تسع وتسعين، كلهن يأتي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إن شاء الله، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بشق رجل، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ).
[ر: ٣٢٤٢]

٢٤ - باب: الشجاعة في الحرب والجبن.

٢٦٦٥ - حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة، فكان النبي ﷺ سبقهم على فرس، وقال: (وجدناه بحرا).
[ر: ٢٤٨٤]

٢٦٦٦ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب: عن الزهري قال: أخبرني عمر ابن محمد بن جبير بن مطعم: أن محمد بن جبير قال: أخبرني جبير بن مطعم:
أنه بينما يسير هو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ومعه الناس، مقفله من حنين، فعلقه الناس يسألونه، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف النبي ﷺ فقال: (أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا، ولا كذوبا، ولا جبانا).
[٢٩٧٩]


(مقفله) مرجعه من حنين، سنة ثمان للهجرة، وحنين واد بين مكة والطائف. (فعلقه الناس) تعلقوا به. (اضطروه) ألجؤوه. (سمرة) شجرة طويلة، قليلة الظل، صغيرة الورق، قصيرة الشوك. (فخطفت رداءه) الظاهر أن رداءه علق بشوك الشجرة فزال عن بدنه ﷺ. (العضاه) كل شجر عظيم له شوك. (نعما) إبلا، وقيل: هي الإبل والبقر والغنم.

٢٥ - باب: ما يتعوذ من الجبن.

٢٦٦٧ - حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثا أبو عوانة: حدثنا عبد الملك بن عمير: سمعت عمرو بن ميمون الأودي قال:
كان سعد يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول: أن رسول الله ﷺ كان يتعوذ منهن دبر الصلاة: (اللَّهُمَّ إِنِّي

١٠٣٩
أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عذاب القبر). فحدثت به مصعبا فصدقه.
[٦٠٠٤، ٦٠٠٩، ٦٠١٣، ٦٠٢٧]


(سعد) هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه. (الكلمات) الجمل التي سيذكرها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (الغلمان) جمع غلام، وهو من كان عمره تسع سنوات فما دون. (منهن) أي من الأشياء المذكورة في هذه الكلمات. (دبر) عقب. (أرد) أعود. (أرذل العمر) حالة الهرم والضعف عن أداء الفرائض وخدمة النفس، وهو الخرف. (فتنة الدنيا) هي أن يستبدل ثواب الآخرة بما يتعجله في الدنيا من جاه أو مال. (فحدثت به مصعبا) قائل هذا عبد الملك بن عمير، ومصعب هو ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. (فصدقه) أخبر أنه صدق، ووافق عليه.

٢٦٦٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر).
[٤٤٣٠، ٦٠٠٦، ٦٠٠٨، ٦٠١٠]


أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: التعوذ من العجز والكسل وغيره، رقم: ٢٧٠٦. (الهرم) كبر السن الذي يؤدي إلى ضعف القوى والأعضاء. (فتنة المحيا والممات) الاشتغال بزخرف الدنيا عن الآخرة، وفتنة الممات سوء الخاتمة عند الموت.

٢٦ - باب: من حدث بمشاهده في الحرب.
قاله أبو عثمان، عن سعد. [ر: ٣٥١٧، ٤٠٧١]

٢٦٦٩ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يزيد قال:
صبحت طلحة بن عبيد الله، وسعدا، والمقداد بن الأسود، وعبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنهم، فما سمعت أحدا منهم يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إلا أني سمعت طلحة يحدث عن يوم أحد.
[٣٨٣٥]


(أحدا منهم) أي من هؤلاء الصحابة المذكورين، والمراد أنهم يقللون التحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خشية الزيادة أوالنقصان. (يحدث عن يوم أحد) عن مشاهده يوم غزوة أحد، ليقتدي الناس بثباته وفدائه لرسول الله ﷺ.

٢٧ - باب: وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية.
وقوله: ﴿انفروا خفافا أو ثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون

١٠٤٠
بالله﴾. الآية /التوبة: ٤١/ ٤٢/.
وقوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة - إلى قوله - على كل شيء قدير﴾ /التوبة: ٣٨، ٣٩/.
يذكر عن ابن عباس: ﴿انفروا ثبات﴾ /النساء: ٧١/: سرايا متفرقين. يقال: أحد الثبات ثبة.


(انفروا) اجرجوا للجهاد إذا دعيتم. (خفافا وثقالا) أغنياء وفقراء، وقيل غير ذلك، والمعنى: اخرجوا في جميع الأحوال، حسب طاقتكم وغاية جهدكم. (عرضًا) غنيمة ونحوها. (قاصدا سهلًا قريبا ومتوسطا. (الشقة) السفر وطول المسافة. (الآية) وتتمتها: ﴿لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون﴾. (يهلكون أنفسهم) يوقعونها في الهلاك بحلفهم الكاذب. (أثاقلتم) تباطأتم وتكاسلتم، وملتم إلى المقام وترك الجهاد. (من الآخرة) بدل الآخرة. (إلى قوله) وتتمتها: ﴿فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا﴾. (يستبدل قوما غيركم) ينصرون نبيه، ويقيمون دينه، ويصونون شريعته. (ثبات) جمع ثبة وهي الجماعة.

٢٦٧٠ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا سفيان قال: حدثني مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ قال يوم الفتح: (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا).
[ر: ١٥١٠]

٢٨ - باب: الكافر يقتل المسلم، ثم يسلم، فيسدد بعد ويقتل.

٢٦٧١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (يضحك الله إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة: يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل، فيستشهد).


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، رقم: ١٨٩٠، (يضحك الله) كناية عن الرضا والقبول وإجزال العطاء، وهو مثل ضربه لهذا الصنيع، الذي هو مكان التعجب عند البشر، أو: هو ضحك يليق به سبحانه وتعالى، وليس كضحك البشر. (يتوب الله على القاتل) بدخوله في الإسلام.

٢٦٧٢ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أخبرني عنبسة بن سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهو بخيبر بعد ما افتتحوها،

١٠٤١
فقلت: يا رسول الله، أسهم لي، فقال بعض بني سعيد بن العاص: لا تسهم له يا رسول الله، فقال أبو هريرة: هذا قاتل ابن قوقل، فقال ابن سعيد بن العاص: واعجبا لوبر، تدلى علينا من قدوم ضأن، ينعى علي قتل رجل مسلم، أكرمه الله على يدي، ولم يهني على يديه. قال: فلا أدري أسهم له أم لم يسهم له.
قال سفيان: وحدثنيه السعيدي، عن جده، عن أبي هريرة. قال أبو عبد الله: السعيدي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص.
[٣٩٩٦، ٣٩٩٧]


(أسهم لي) اجعل لي نصيبا في جملة المفتتحين. (بعض بني سعيد) هو أبان بن سعيد. (ابن قوقل) هو النعمان بن مالك بن ثعلبة، ولقب ثعلبة قوقل. (لوبر) دويبة غبراء على قدر السنور، من دواب الجبال، وقال ذلك له احتقارا وتصغيرا لشأنه. (تدلى علينا) انحدر ونزل من مكان عال. (قدوم الضأن) القادمين منها، وضأن اسم موضع. (ينعى علي) يعيب علي. (قتل رجل) أني قتلت رجلا. (أكرمه الله على يدي) صار شهيدا بواسطتي لأني لم أكن مسلما حينئذ. (قال سفيان) هو ابن عيينة أو غيره من الرواة.

٢٩ - باب: من اختار الغزو على الصوم.

٢٦٧٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
كان أبو طلحة لا يصوم عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ من أجل الغزو، فلما قبض النبي ﷺ لم أره مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى.


(لا يصوم) تطوعا، ليقوى على الجهاد، وقد كان فارس رسول الله ﷺ ورضي الله عنه.

٣٠ - باب: الشهادة سبع سوى القتل.

٢٦٧٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله).
[ر: ٦٢٤]


(المطعون) الذي مات بالطاعون أو غيره من الأوبئة. (المبطون الذي مات بسبب علة في بطنه. (الغرق) الذي غلبه الماء فمات. (صاحب الهدم) الذي انهدم عليه بناء فمات.

٢٦٧٥ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا عاصم، عن حفصة بنت سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (الطاعون شهادة لكل مسلم).
[٥٤٠٠]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: بيان الشهداء، رقم: ١٩١٦

٣١ - باب: قول الله تعالى:
﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين - إلى قوله - غفورا رحيما﴾ /النساء: ٩٥، ٩٦/.


(إلى قوله) وتتمتها: ﴿أجرا عظيما. درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما﴾. (القاعدون) عن الجهاد. (أولي الضرر) أصحاب الضرر من عمى أو مرض مزمن أو غيره. (درجة) منزلة. (الحسنى) المثوبة الحسنى وهي الجنة.

٢٦٧٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يقول:
لما نزلت: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين﴾. دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ زيدا، فجاء بكتف فكتبها، وشكا ابن أم مكتوم ضرارته، فنزلت: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر﴾.
[٤٣١٧، ٤٣١٨، ٤٧٠٤]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: سقوط فرض الجهاد عن المعذورين، رقم: ١٨٩٨. (زيدا) هو ابن ثابت الأنصاري. (بكتف) عظم عريض، كانوا يكتبون عليه لقلة الورق. (ضرارته) ذهاب بصره.

٢٦٧٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد الزهري قال: حدثني صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سهل بن سعد الساعدي أنه قال:
رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله ﷺ أملى عليه: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله﴾. قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان رجلا أعمى، فأنزل الله تبارك وتعالى عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ ترض فخذي، ثم سري عنه، فأنزل الله عز وجل: ﴿غير أولي الضرر﴾.
[٤٣١٦]


(يملها) يمليها، أي يقرؤها عليه ليكتبها. (ترض) من الرض وهو الدق والجرش. (سري عنه) كشف وأزيل ما يجده من ثقل الوحي.

٣٢ - باب: الصبر عند القتال.

٢٦٧٨ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ

١٠٤٣
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ: أن عبد الله بن أبي أوفى كتب، فقرأته:
أن رسول الله ﷺ قال: (إذا لقيتموهم فاصبروا).
[ر: ٢٦٦٣]

٣٣ - باب: التحريض على القتال.
وقوله تعالى: ﴿حرض المؤمنين على القتال﴾ /الأنفال: ٦٥/.


(حرض) من التحريض، وهو الحث على الشيء.

٢٦٧٩ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع، قال: (اللهم إن العيش عيش الآخره. فاغفر للأنصار والمهاجره). فقالوا مجيبين له:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بقينا أبدا
[٢٦٨٠، ٢٨٠١، ٣٥٨٤، ٣٥٨٥، ٣٨٧٣، ٣٨٧٤، ٦٠٥٠، ٦٧٧٥]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق، رقم: ١٨٠٥. (غداة) وقت الضحوة. (النصب) التعب. (العيش) المعتبر والباقي.

٣٤ - باب: حفر الخندق.

٢٦٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التراب على متونهم، ويقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الإسلام ما بقينا أبدا
والنبي يجيبهم، ويقول: (اللهم إنه لا خير إلا خير الآخره. فبارك في الأنصار والمهاجره).
[ر: ٢٦٧٩]


(متونهم) ظهورهم.

٢٦٨١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسحاق، سمعت الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ ينقل ويقول: (لولا أنت ما اهتدينا).

٢٦٨٢ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ

١٠٤٤
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يوم الأحزاب ينقل التراب، وقد وارى التراب بياض بطنه، وهو يقول: (لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صلينا، فأنزل السكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الألى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا).
[٢٨٧٠، ٣٨٧٨، ٣٨٨٠، ٦٢٤٦، ٦٨٠٩]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق، رقم: ١٨٠٣. (وارى) ستر وأخفى. (السكينة) الطمأنينة والأمن. (لاقينا) الكفار. (الألى) الذين. (بغوا) ظلموا وتعدوا. (فتنة) شركا. (أبينا) امتنعنا.

٣٥ - باب: من حبسه العذر عن الغزو.

٢٦٨٣ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا حميد: أن أنسا حدثهم قال:
رجعنا من غزوة تبوك مع النَّبِيِّ ﷺ.

٢٦٨٤ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابن زيد، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ كان في غزاة، فقال: (إن أقواما بالمدينة خلفنا، ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر).
وقال موسى: حدثنا حماد، عن حميد، عن موسى بن أنس، عن أبيه: قال النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ أَبُو عبد الله: الأول أصح.
[٤١٦١]


(شعبا) طريقا في الجبل. (معنا فيه) بقلوبهم ونيتهم، فهم معنا في الأجر والثواب. (حبسهم) منعهم من الخروج. (العذر) من مرض أو عدم نفقة أو غير ذلك. (الأول) السند الأول الذي فيه حميد عن أنس.

٣٦ - باب: فضل الصوم في سبيل الله.

٢٦٨٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني بن سعيد وسهيل بن أبي صالح: أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (من صام يوما في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا).


أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل الصيام في سبيل الله لمن لا يطيقه ..، رقم: ١١٥٣. (في سبيل الله) أي وهو في الجهاد، أو مخلصا لله تعالى فيه. (سبعين خريفا) مسافة سير سبعين سنة.

٣٧ - باب: فضل النفقة فسي سبيل الله.

٢٦٨٦ - حدثني سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله، دعاه خزنة الجنة، كل خزنة باب: أي فل هلم). قال أبو بكر: يا رسول الله، ذاك الذي لا توى عليه، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي لأرجو أن تكون منهم).
[٣٠٤٤]


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: من جمع الصدقة وأعمال البر، رقم: ١٠٢٧. (زوجين) شيءين من أي نوع ينفق. (أي فل) يا فلان. (هلم) تعال. (لا توى عليه) لا ضياع عليه ولا هلاك.

٢٦٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ: حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قام على المنبر، فقال: (إنما أخشى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بركات الأرض). ثم ذكر زهرة الدنيا، فبدأ بإحداهما وثنى بالأخرى، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشر؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، قلنا: يوحى إليه، وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير، ثم إنه مسح عن وجهه الرحضاء، فقال:
(أين السائل آنفا، أو خير هو - ثلاثا - إن الخير لا يأتي إلا بالخير، وإنه كل ما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم، إلا آكلة الخضر كلما أكلت، حتى امتلئت خاصرتاها، استقبلت الشمس، فثلطت وبالت ثم رتعت، وإن هذا المال خضرة حلوة، ونعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه فجعله في سبيل الله واليتامى والمساكين، ومن لم يأخذه بحقه فهو كالآكل الذي لا يشبع، ويكون عليه شهيدا يوم القيامة).
[ر: ٨٧٩]


(بركات الأرض) خيراتها. (زهرة الدنيا) متاعها وما فيها من نعم. (فبدأ بإحداهما) أي بدأ بذكر بركات الأرض. (ثنى بالأخرى) ذكر زهرة الدنيا بعد البركات. (أو يأتي الخير بالشر) أو تصير النعمة عقوبة. (كأن على رؤوسهم الطير) صار كل واحد منهم كمن على رأسه طائر يريد أخذه، فلا يتحرك كيلا يطير. (الرخصاء) العرق الذي سال منه عند نزول الوحي عليه. (أو خير هو) أي المال. (إن الخير) الحقيقي. (حبطا) هو انتفاخ في البطن من داء يصيب الآكل من كثرة الأكل. (يلم) يقرب أن يقتل. (آكلة الخضر) الدابة التي تأكل الخضر فقط. (فثطلت) ألقت بعرها رقيقا، أي مائعا.

٣٨ - باب: فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير.

٢٦٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا الحسين قال: حدثني يَحْيَى

١٠٤٦
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بسر بن سعيد قال: حدثني زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه:
أَنَّ رسول الله ﷺ قال: (من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا).


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل إعانة الغازي في سبيل الله ..، رقم: ١٨٩٥. (جهز غازيا) هيأ له ما يحتاجه في سفره وغزوه، والغزو الجهاد. (فقد غزا) كتب له أجر الغزو وإن لم يغز، لأنه ساعد عليه. (خلف غازيا) قام مقامه في قضاء حاجات أهله حال غيبته. (بخير) بإحسان وأمانة وإخلاص.

٢٦٨٩ - حدثنا موسى: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أنس رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ لم يكن يدخل بيتا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له، فقال: (إني أرحمها، قتل أخوها معي).


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أم سليم أم أنس ابن مالك ..، رقم: ٢٤٥٥. (لم يدخل بيتا) أي يكثر الدخول إليه، وكانت خالة أمه من الرضاع. (فقيل له) فسئل عن سبب كثرة دخوله. (أرحمها) أرق لها وأعطف عليها. (أخوها) حرام بن ملحان، قتل يوم بئر معونة. (معي) مع عسكري نصرة للدين.

٣٩ - باب: التحنط عند القتال.

٢٦٩٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خالد بن الحارث: حدثنا ابن عون، عن موسى بن أنس قال: وذكر يوم اليمامة قال:
أتى أنس ثابت بن قيس، وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنط، فقال: يا عم، ما يحبسك أن لا تجيء؟ قال: الآن يا ابن أخي، وجعل يتحنط، يعني من الحنوط، ثم جاء فجلس، فذكر في الحديث انكشافا من الناس، فقال: هكذا عن وجوهنا حتى نضارب القوم، ما هكذا كنا نفعل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بئس ما عودتم أقرانكم. رواه حماد، عن ثابت، عن أنس.


(حسر) كشف. (يتحنط) يستعمل الحنوط، وهو عطر مركب من أنواع الطيب، يطيب به الميت غالبا. (يحبسك) يؤخرك. (انكشافا) أي فذكر أنس في حديثه نوعا من الانهزام. (هكذا عن وجوهنا) افسحوا لنا. (نضارب القوم) نقاتلهم. (ما هكذا كنا نفعل) ما كان الصف ينصرف عن موضعه خلال القتال. (بئسما عودتم أقرانكم) نظراءكم في القوة، والمراد توبيخ المنهزمين على ما عودوا عليه نظراءهم من العدو أن يفروا من أمامهم، فيطمعوا فيهم.

٤٠ - باب: فضل الطليعة.

٢٦٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ

١٠٤٧
عَنْهُ قال:
قال النبي ﷺ: (من يأتني بخبر القوم). يوم الأحزاب، قال الزبير: أنا، ثم قال: (من يأتيني بخبر القوم). قال الزبير: أنا، فقال النبي ﷺ: (إن لكل نبي حواريا، وحواري الزبير).
[٢٦٩٢، ٢٨٣٥، ٣٥١٤، ٣٨٨٧، ٦٨٣٣]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير، رضي الله عنهما، رقم: ٢٤١٥. (القوم) المراد بنو قريظة من اليهود. (حواريا) خاصة من أصحابه، وخالصا من أنصاره.

٤١ - باب: هل يبعث الطليعة وحده.

٢٦٩٢ - حدثنا صدقة: أخبرنا ابن عيينة: حدثنا الْمُنْكَدِرِ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ الناس - قال صدقة: أظنه - يوم الخندق، فانتدب الزبير، ثم ندب الناس، فانتدب الزبير، فقال النبي ﷺ: (إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير بن العوام).
[ر: ٢٦٩١]

٤٢ - باب: سفر الاثنين.

٢٦٩٣ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مالك بن الحويرث قال:
انصرفت مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ، فقال لنا، أنا وصاحب لي: (أذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما).
[ر: ٦٠٢]

٤٣ - باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.

٢٦٩٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عن نافع، عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
[٣٤٤٤]
[أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم: ١٨٧١. (معقود) ملازم لها، كأنه مربوط فيها. (نواصيها) جمع ناصية وهي الشعر المسترسل على الجبهة. (الخير) العاجل وهو الربح والغنيمة، والآجل وهو الثواب عند الله عز وجل].

٢٦٩٥ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن حصين وابن أبي السفر، عن الشعبي، عن عروة بن الجعد،
عن النبي ﷺ قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
قال سليمان، عن شعبة، عن عروة بن أبي الجعد. تابعه مسدد، عن هشيم، عن حصين، عن الشعبي، عن عروة بن أبي الجعد.
[٢٦٩٧، ٢٩٥١]

٢٦٩٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أبي التياح، عن أنس ابن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (البركة في نواصي الخيل).
[٣٤٤٥]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم: ١٨٧٤. (البركة) الزيادة والنماء والخير.

٤٤ - باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر.
لقول النبي ﷺ: (الخل معقود في نواصيها الخير إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

٢٦٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ: حدثنا عروة البارقي:
أن النبي ﷺ قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم).
[ر: ٢٦٩٥]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم: ١٨٧٣. (الأجر) الثواب في الآخرة. (المغنم) الغنيمة في الدنيا.

٤٥ - باب: من احتبس فرسا.
لقوله تعالى: ﴿ومن رباط الخيل﴾ /الأنفال: ٦٠/.


(رباط الخيل) اقتناؤها وحبسها للغزو عليها في سبيل الله تعالى.

٢٦٩٨ - حدثنا علي بن حفص: حدثنا ابن المبارك: أخبرنا طلحة بن أبي سعيد قال: سمعت سعيدا المقبري يحدث: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (من احتبس فرسا في سبيل الله، إيمانا بالله، وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة).


(احتبس) هيأ وأعد. (في سبيل الله) بنية الجهاد. (إيمانا بالله) امتثالا لأمره. (تصديقا بوعده) الذي وعد به من الثواب على ذلك. (ريه) ما يرويه من الماء. (روثه) فضلاته. (في ميزانه) أي يوضع ثواب هذه الأشياء في كفة حسناته.

٤٦ - باب: اسم الفرس والحمار.

٢٦٩٩ - حدثنا محمد بن أبي بكر: حدثنا فضيل بن سليمان، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي قتادة، عن أبيه:
أنه خرج مع النبي ﷺ، فتخلف أبو قتادة مع بعض أصحابه، وهم محرمون وهو غير محرم، فرأوا حمارا وحشيا قبل أن يراه، فلما رأوه تركوه حتى رآه أبو قتادة، فركب فرسا له يقال له الجرادة، فسألهم أن يناولوه سوطه فأبوا، فتناوله فحمل

١٠٤٩
فعقره، ثم أكل فأكلوا، فقدموا، فلما أدركوه قال: (هل معكم منه شيء). قال: معنا رجله، فأخذها النبي ﷺ فأكلها.
[ر: ١٧٢٥]


(أدركوه) أي أدركوا النَّبِيِّ ﷺ.

٢٧٠٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: حدثنا معن بن عيسى: حدثنا أبي بن عباس ابن سهل، عن أبيه، عن جده قَالَ:
كَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ في حائطنا فرس يقال له اللحيف.
قال أبو عبد الله: وقال بعضهم: اللخيف.


(حائطنا) هو البستان من النخل إذا كان له جدار. (اللحيف) ومعناه طويل الذنب.

٢٧٠١ - حدثني إسحاق بن إبراهيم: سمع يحيى بن آدم: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عن معاذ رضي الله عنه قال:
كنت ردف النبي ﷺ على حمار يقال له عفير، فقال: (يا معاذ، هل تدري حق الله على عباده، وما حق العباد على الله). قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإن حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا). فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر به الناس؟ قال: (لا تبشرهم فيتكلوا).
[٥٦٢٢، ٥٩١٢، ٦١٣٥، ٦٩٣٨، وانظر: ١٢٨]


أخرج مسلم في الأيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، رقم: ٣٠. (ردف) راكبا خلفه. (عفير) من العفرة وهي حمرة يخالطها بياض. (من لا يشرك به شيئا) أي وقد عبده حق عبادته بالتزام أمره واجتناب نهيه. (فيتكلوا) فيعتمدوا على ذلك ولا يجتهدوا في الخير والطاعة.

٢٧٠٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حدثنا شعبة: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ ﷺ فرسا لنا يقال له مندوب، فقال: (ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبحرا).
[ر: ٢٤٨٤]

٤٧ - باب: ما يذكر من شؤم الفرس.

٢٧٠٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سالم ابن عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار).
[ر: ١٩٩٣]


(الشؤم) التشاؤم، والمعنى: إذا وجد التشاؤم فإنما يوجد في هذه الثلاثة. (الفرس) في جموحها ونفورها، أو عدم الغزو عليها. (المرأة) إذا كانت سليطة اللسان أو غير قانعة. (الدار) إذا كانت ضيقة، أو قريبة من جار سوء، أو بعيدة عن المسجد.

٢٧٠٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بن سعد الساعدي رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِي شيء: ففي المرأة، والفرس والمسكن).
[٤٨٠٧]


أخرجه مسلم في السلام، باب: الطيرة والفال ..، رقم: ٢٢٢٦. (إن كان ..) أي إن وجد الشؤم فإنما يوجد في هذه الأشياء.

٤٨ - باب: الخيل لثلاثة.
وقوله تعالى: ﴿والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون﴾ /النحل: ٨/.


(لتركبوها ..) أي خلقها للركوب وللزينة، أي تتزينون بالركوب عليها.

٢٧٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سبيل الله، فأطال فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شرفا أو شرفين، كانت أرواثها وآثارها حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له. ورجل ربطها فخرا ورئاء ونواء لأهل الإسلام فهي وزر على ذلك). وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ: (مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مثقال ذرة خيرا يرى. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾).
[ر: ٢٢٤٢]


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة، رقم: ٩٨٧.

٤٩ - باب: من ضرب دابة غيره في الغزو.

٢٧٠٦ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله الأنصاري فقلت له:
حدثني بما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قال: سافرت معه في بعض أسفاره، قال أبو عقيل: لا أدري غزوة أو عمرة، فلما أن أقبلنا، قال النبي ﷺ: (من أحب أن يتعجل إلى أهله فليعجل). قال جابر: فأقبلنا وأنا على جمل لي أرمك، ليس فيه شية، والناس خلفي، فبينا أنا كذلك، إذ قام علي، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: (يَا جابر،

١٠٥١
استمسك). فضربه بسوطه ضربة فوثب البعير مكانه، فقال: (أتبيع الجمل). قلت: نعم، فلما قدمنا المدينة ودخل النبي ﷺ المسجد في طوائف أصحابه، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ، فقلت له: هذا جملك، فخرج فجعل يطيف بالجمل ويقول: (الجمل جملنا). فبعث النبي ﷺ أواق من ذهب، فقال: (أعطوها جابرا). ثم قال: (استوفيت الثمن). قلت: نعم، قال: (الثمن والجمل لك).
[ر: ٤٣٢]


أرمك) يخالط حمرته سواد. (شية) لمعة من غير لونه. (قام علي) وقف من التعب. (استمسك) ثبت نفسك على ظهره. (أواق) جمع أوقية، وهي أربعون درهما.

٥٠ - باب: الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل.
وقال راشد بن سعد: كان السلف يستحبون الفحولة، لأنها أجرى وأجسر.


(الفحولة) جمع فحل وهو الذكر من الحيوان. (أجرى) أكثر جريا. (أجسر) أقدم على المسالك الوعرة.

٢٧٠٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا شعبة، عن قتادة: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
كان بالمدينة فزع، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ ﷺ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يقال له مندوب، فركبه، وقال: (ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبحرا).
[ر: ٢٤٨٤]

٥١ - باب: سهام الفرس.

٢٧٠٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما.
[٣٩٨٨]
وقال مالك: يسهم للخيل، والبراذين منها، لقوله: ﴿والخيل والبغال والحمير لتركبوها﴾ /النحل: ٨/.
ولا يسهم لأكثر من فرس.


(جعل) من الغنيمة. (سهمين) نصيبن. (البراذين) جمع برذون وهي الخيل غير العربية. (لقوله) تعالى في الآية: ﴿والخيل﴾ وهي عامة في كل أنواعها /النحل: ٨/. (ولا يسهم لأكثر ..) أي إذا حضر الوقعة وكان معه أكثر من فرس، لا يعطى إلا عن فرس واحد.

٥٢ - باب: من قاد دابة غيره في الحرب.

٢٧٠٩ - حدثنا قتيبة: حدثنا سهل بن يوسف، عن شعبة، عن أبي إسحاق:
قال رجل

١٠٥٢
للبراء بن عازب رضي الله عنهما: أفررتم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يوم حنين؟ قال: لكن رسول الله لم يفر، إن هوازن كانوا قوما رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم واستقبلونا بالسهام، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يفر، فلقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان آخذ بلجامها والنبي ﷺ يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب).
[٢٧١٩، ٢٧٧٢، ٢٨٧٧، ٤٠٦١ - ٤٠٦٣]


(هوازن) قبيلة كبيرة من العرب. (رماة) ماهرين في رماية النبل. (آخذ بلجامها) يكفها عن الإسراع، واللجام ما يوضع في فم الفرس للتمكن منها.

٥٣ - باب: الركاب والغرز للدابة.

٢٧١٠ - حدثي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أنه كان إذا أدخل رجله في الغرز، واستوت به ناقته قائمة، أهل من عند مسجد ذي الحليفة.
[ر: ١٤٤٣]


(الغرز) هو الركاب الذي لا يركب به الإبل إذا كان من جلد.

٥٤ - باب: ركوب الفرس العري.

٢٧١١ - حدثنا عمرو بن عون: حدثنا حماد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
استقبلهم النبي ﷺ على فرس عُرْيٍ، مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ.
[ر: ٢٤٨٤]


(عري) الفرس العري هو الذي لا سرج عليه، والسرج ما يوضع تحت الراكب.

٥٥ - باب: الفرس القطوف.

٢٧١٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن أهل المدينة فزعوا مرة، فركب النبي ﷺ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ كان يقطف، أو كان فيه قطاف، فلما رجع قال: (وجدنا فرسكم هذا بحرا). فكان بعد ذلك لا يجارى.
[ر: ٢٤٨٤]


(يقطف) من القطاف وهو البطء في السير مع تقارب الخطو. (لا يجارى) لا يطيق فرس الجري معه.

٥٦ - باب: السبق بين الخيل.

٢٧١٣ - حدثنا قبيضة: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
أجرى النبي ﷺ ما ضمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع، وأجرى

١٠٥٣
ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، قال ابن عمر: وكنت فيمن أجرى.
قال عبد الله: حدثنا سفيان قال: حدثني عبيد الله قال سفيان: بين الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، وبين ثنية إلى مسجد بني زريق ميل.
[ر: ٤١٠]


(عبد الله) هو ابن الوليد العدني.

٥٧ - باب: إضمار الخيل للسبق.

٢٧١٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ سابق بين الخيل التي لم تضمر، وكان أمدها مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عمر كان سابق بها.
قال أبو عبد الله: أمدا: غاية. ﴿فطال عليهم الأمد﴾ /الحديد: ١٦/.
[ر: ٤١٠]

٥٨ - باب: غاية السبق للخيل المضمرة.

٢٧١٥ - حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا معاوية: حدثنا أبو إسحاق، عن موسى ابن عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
سابق رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ الخيل التي قد أضمرت، فأرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع - فقلت لموسى: فكم كان بين ذلك؟ قال: ستة أميال أو سبعة - وسابق بين الخيل التي لم تضمر، فأرسلها من ثنية الوداع، وكان أمدها مسجد بني زريق - قلت: فكم بين ذلك؟ قال: ميل أو نحوه - وكان ابن عمر ممن سابق فيها.
[ر: ٤١٠]


(فقلت) القائل هو أبو إسحاق.

٥٩ - باب: ناقة النَّبِيِّ ﷺ.
قَالَ ابْنُ عمر: أردف النبي ﷺ أسامة على القصواء.
وقال المسور: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَا خلأت القصواء).
[ر: ٢٥٨١]


(القصواء) المقطوعة ربع الأذن. (خلأت) وقفت وبركت. انظر: ٢٥٤٥.

٢٧١٦ - حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا معاوية: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
كانت ناقة النبي ﷺ يقال لها العضباء.


(العضباء) لقب ناقة النبي ﷺ، وهي بمعنى القصواء، من العضب وهو القطع.

٢٧١٧ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حميد، عن أنس رضي الله

١٠٥٤
عنه قال:
كَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ نَاقَةٌ تسمى العضباء، لا تسبق، قال حميد: أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: (حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلى وضعه). طوله موسى، عن حماد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[٦١٣٦]


(قعود) ما صار يركب من الإبل. (فشق) صعب. (عرفه) عرف أثر ذلك في وجوههم. (وضعه) خفضه وأذله.

٦٠ - باب: بغلة النبي ﷺ البيضاء.
قاله أنس [ر: ٤٠٨٢]. وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ بغلة بيضاء.
[ر: ١٤١١]

٢٧١٨ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا سفيان قال: حدثني أبو إسحاق قال: سمعت عمرو بن الحارث قال:
مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضا تركها صدقة.
[ر: ٢٥٨٨]

٢٧١٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حدثني أبة إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه،
قَالَ له رجل: يا أبا عمارة وليتم يوم حنين؟ قال: لا والله ما ولى النبي ﷺ، ولكن ولى سرعان الناس، فلقيتهم هوازن بالنبل، والنبي ﷺ على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها، والنبي ﷺ يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب).
[ر: ٢٧٠٩]


(سرعان الناس) جمع سريع، والمراد أوائل الناس الذين واجهوا العدو

٦١ - باب: جهاد النساء.

٢٧٢٠ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن معاوية بن إسحاق، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين رضي الله عنها قالت:
استأذنت النبي ﷺ في الجهاد، فقال: (جهادكن الحج).
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن معاوية: بهذا.

٢٧٢١ - حدثنا قبيصة: حدثنا سفيان: عن معاوية بهذا. وعن حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ،

١٠٥٥
عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، عن النبي ﷺ: سأله نساؤه عن الجهاد، فقال: (نعم الجهاد الحج).
[ر: ١٤٤٨]

٦٢ - باب: غزو المرأة في البحر.

٢٧٢٢ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عمرو: حدثنا أبو إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على ابنة ملحان فاتكأ عندها، ثم ضحك، فقالت: لم تضحك يا رسول الله، فقال: (أناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله، مثلهم مثل الملوك على الأسرة). فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي منهم. قال: (اللهم اجعلها منهم). ثم عاد فضحك، فقالت له مثل، أو مم ذلك؟ فقال لها مثل ذلك، فقالت: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: (أَنْتِ من الأولين، ولست من الآخرين). قال: قال أنس: فتزوجت عبادة بن الصامت، فركبت البحر مع بنت قرظة، فلما قفلت، ركبت دابتها، فوقصت بها، فسقطت عنها فماتت.
[ر: ٢٦٣٦]


(بنت قرظة) قيل اسمها فاختة، وقيل كنود، امرأة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم. (فوقصت بها) رمت بها ودقت عنقها.

٦٣ - باب: حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه.

٢٧٢٣ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عن حديث عائشة، كل حدثني طائفة من الحديث، قالت:
كان النبي ﷺ إذا أرادأن يخرج أقرع بين نسائه، فأيتهن يخرج سهمها خرج بها النبي، فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ مَا أنزل الحجاب.
[ر: ٢٤٥٣]

٦٤ - باب: غزو النساء وقتالهن مع الرجال.

٢٧٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي ﷺ، قال: ولقد رأيت عائشة بنت

١٠٥٦
أبي بكر، وأم سليم، وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما، تنقزان القرب. وقال غيره: تنقلان القرب على متونهما، ثم تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانها في أفواه القوم.
[٢٧٤٦، ٣٦٠٠، ٣٨٣٧]


(لمشمرتان) من التشمير وهو رفع الإزار. (خدم) جمع خدمة وهي موضع الخلخال من الساق وهو ما فوق الكعبين. (سوقهما) جمع ساق. (تنقزان) من النقز وهو الوثب والإسراع في المشي. (القرب) أي تثبان وهما تحملان القرب. (متونهما) ظهورهما. (أفواه القوم) من الجرحى ومن فيهم رمق.

٦٥ - باب: حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو.

٢٧٢٥ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عن ابن شهاب: قال ثعلبة بن أبي مالك:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قسم مروطا بين نساء من نساء المدينة، فبقي مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين، أعط هذا ابنة رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي عندك، يريدون أم كلثوم بنت علي، فقال عمر: أم سليط أحق. وأم سليط من نساء الأنصار، ممن بايع رسول الله ﷺ. قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد.
قال أبو عبد الله: تزفر تخيط.
[٣٨٤٣]


(مروطا) جمع مرط وهو كساء من صوف أو حرير. (تزفر) تحمل، وقيل: تخرز وتخيط.

٦٦ - باب: مداوة النساء الجرحى في الغزو.

٢٧٢٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذكوان، عن الربيع بنت معوذ قالت:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ نسقي ونداوي الجرحى، ونرد القتلى
إلى المدينة.
[٢٧٢٧، ٥٣٥٥]

٦٧ - باب: رد النساء الجرحى والقتلى.

٢٧٢٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: عَنْ خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قالت:
كنا نغزو مع النبي ﷺ، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
[ر: ٢٧٢٦]

٦٨ - باب: نزع السهم من البدن.

٢٧٢٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قال:
رمي أبو عامر في ركبته، فانتهيت إليه، قال:

١٠٥٧
انزع هذا السهم، فنزعته، فنزا منه الماء، فدخلت على النبي ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغفر لعبيد أبي عامر).
[٤٠٦٨، ٦٠٢٠]


(فنزا منه الماء) خرج وجرى ولم ينقطع.

٦٩ - باب: الحراسة في الغزو في سبيل الله.

٢٧٢٩ - حدثنا إسماعيل بن خليل: أخبرنا علي بن مسهر: أخبرنا يحيى ابن سعيد: أخبرنا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:
كان النبي ﷺ سهر، فلما قدم المدينة، قال: (ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة). إذ سمعنا صوت سلاح، فقال: (من هذا). فقال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك، ونام النبي ﷺ.
[٦٨٠٤]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، رقم: ٢٤١٠. (سهر) أي كان يسهر الليل حذر أن يغتاله عدو.

٢٧٣٠ - حدثنا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالْقَطِيفَةِ، وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ).
لم يرفعه إسرائيل، عن أبي حصين.
وزادنا عمرو قال: أخبرنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبي ﷺ قال: (تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في

١٠٥٨
الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع).
قال أبو عبد الله: لم يرفعه إسرائيل، ومحمد بن جحادة، عن أبي حصين.
وقال: ﴿تعسا﴾ كأنه يقول: فأتعسهم الله. ﴿طوبى﴾ فعلى من كل شيء طيب، وهي ياء حولت إلى الواو، وهي من يطيب.
[٦٠٧١]


(تعس) سقط على وجهه، أو شقي وهلك. (عبد الدينار) مجاز عن الحرص عليه وتحمل الذلة من أجله، فمن بالغ في طلب شيء وانصرف عمله كله إليه صار كالعابد له. (القطيفة) دثار مخمل، والدثار ما يلبس فوق الشعار، والشعار ما لامس الجسد من الثياب. (الخميصة) كساء أسود مربع له خطوط. (أعطي) من المال. (رضي) عن الله تعالى وعمل العمل الصالح. (انتكس) انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة والخسران. (شيك) أصابته شوكة. (فلا انتقش) فلا قدر على إخراجها بالمنقاش ولا خرجت، والمراد: إذا أصيب بأقل أذى فلا وجد معينا على الخلاص منه. (طوبى) من الطيب، أي كانت له حياة طيبة وجزاء طيب. (بعنان) لجام. (أشعث) متفرق الشعر غير مسرح. (إن كان في الحراسة) جعل في مقدمة الجيش ليحرسه من العدو. (كان في الحراسة) قام بها راضيا. (الساقة) مؤخرة الجيش. (تعسا) اللفظ من /محمد: ٨/. (طوبى) اللفظ من /الرعد: ٢٩/. وقيل هو اسم للجنة.

٧٠ - باب: فضل الخدمة في الغزو.

٢٧٣١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يونس بن عبيد، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
صبحت جرير بن عبد الله، فكان يخدمني وهو أكبر من أنس، قال جرير: إني رأيت الأنصار يصنعون شيئا، لا أجد أحدا منهم إلا أكرمته.


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في حسن صحبة الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥١٣. (يصنعون شيئا) أي من خدمة رسول الله ﷺ كما ينبغي، وتعظيمهم له غاية ما يكون.

٢٧٣٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا محمد بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مولى المطلب بْنِ حَنْطَبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يقول:
خرجت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى خيبر أخدمه، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ راجعا وبدا لَهُ أُحُدٌ، قَالَ: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ). ثم أشار بيده إلى الْمَدِينَةِ، قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابتيها، كتحريم إبراهيم مكة، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا).
[٣١٨٧، ٣٨٥٥، ٣٨٥٦، ٥١٠٩، ٦٠٠٢، ٦٩٠٢، وانظر: ٣٦٤، ٢٠٢٣]


(أحرم) أجعلها حراما. (لابتيها) مثنى لابة وهي الأرض ذات الحجارة السوداء. (صاعنا ومدنا) مكاييل كانت معروفة، والمعنى: بارك لنا في الطعام الذي يكال بها.

٢٧٣٣ - حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع، عن إسماعيل بن زكرياء: حدثنا عاصم، عن مورق العجلي، عن أنس رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، أكثرنا ظلا الذي

١٠٥٩
يستظل بكسائه، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا، فقال النبي ﷺ: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر).


أخرجه مسلم في الصيام، باب: أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، رقم: ١١١٩. (أكثرنا ظلا ..) يريد أنه لم يكن لهم أخيبة يستظلون بها، لما كانوا عليه من القلة، فكان بعضهم يضع يده على رأسه يتقي بها الشمس ويستظل، وبعضهم يضع كساءه يستظل به، ولا يوجد ما هو فوق ذلك. (فلم يعملوا شيئا) لعجزهم. (الركاب) الإبل التي يسار عليها، أثاروها إلى الماء للسقي وغيره. (امتهنوا وعالجوا) خدموا الصائمين، فتناولوا السقي والطبخ، وهيؤوا العلف، وضربوا الأبنية والخيام. (بالأجر) أخذوا الأجر الكامل الأوفر، لتعدي نفعهم لغيرهم، بينما كان للصائمين أجر صيامهم وحده، لأن نفعهم كان قاصرا عليهم.

٧١ - باب: فضل من حمل متاع صاحبه في السفر.

٢٧٣٤ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (كُلُّ سلامى عليه صدقة، كل يوم، يعين الرجل في دابته، يحامله عليها، أو يرفع متاعه صدقة، والكلمة الطيبة، وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة).
[ر: ٢٥٦٠]


(يحامله) يساعده في الركوب والحمل. (متاعه) هو كل ما ينتفع به. (دل الطريق) الدلالة عليه لمن يحتاج إليه ولا يعرفه.

٧٢ - باب: فضل رباط يوم في سبيل الله.
وقول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اصبروا﴾ إلى آخر الآية /آل عمران: ٢٠٠/.


(آخر الآية) وتتمتها: ﴿وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون﴾. (اصبروا) على الطاعة والمصائب وعن المعاصي. (صابروا) كونوا أشد صبرا من أعدائكم. (رابطوا) من الرباط، وهو ملازمة المكان بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين، أي أقيموا على الجهاد. (تفلحون) تفوزون بالجنة وتنجون من النار.

٢٧٣٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة، خير من الدنيا وما عليها).
[ر: ٢٦٤١]

٧٣ - باب: من غزا بصبي للخدمة.

٢٧٣٦ - حدثنا قتيبة: حدثنا يعقوب، عن عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

١٠٦٠
أن النبي ﷺ قال لِأَبِي طَلْحَةَ: (الْتَمِسْ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حتى أخرج إلى خيبر). فخرج بي أبو طلحة مردفي، وأنا غلام راهقت الحلم، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرا يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وغلبة الرجال). ثم قدمنا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بها حتى بلغنا سد الصهباء حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ). فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى صَفِيَّةَ. ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا على ركبته حتى تركب، فسرنا حتى إذا أشرفنا على المدينة نظر إلى أحد، فقال: (هذا جبل يحبنا ونحبه). ثم نظر إلى المدينة فقال: (اللهم إني أحرم ما بين لابتيها بمثل ما حرم إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وصاعهم).
[ر: ٣٦٤]


(مردفي) مركبي خلفه. (راهقت الحلم) قاربت البلوغ. (الهم والحزن) يتقاربان في المعنى، إلا أن الحزن إنما يكون على أمر قد وقع، والهم من أمر متوقع. (ضلع الدين) ثقله. (غلبة الرجال) أن يغلب على أمره ولا يجد له ناصرا من الرجال، بل يغلبون عليه.

٧٤ - باب: ركوب البحر.

٢٧٣٧ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عن يحيى، عن محمد بن يحيى ابن حبان، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: حدثتني أم حرام:
أن النبي ﷺ قال يوما في بيتها، فاستيقظ وهو يضحك، قالت: يا رسول الله ما يضحكك، قال: (عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يجعلني منهم، فقال: (أنت معهم). ثم نام فاستيقظ وهو يضحك، فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثا، قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي منهم، فيقول: (أنت من الأولين). فتزوج بها عبادة بن الصامت، فخرج بها إلى الغزو، فلما رجعت قربت دابة لتركبها، فوقعت فاندقت عنقها.
[ر: ٢٦٣٦]


(قال يوما) من القيلولة وهي النوم وقت الظهيرة. (فاندقت عنقها) كسرت رقبتها.

٧٥ - باب: من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب.

٢٧٣٨ - وقال ابن عباس: أخبرني أبو سفيان:
قال لي قيصر: سألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فوعمت ضعفاءهم، وهم أتباع الرسل.
[ر: ٧]

٢٧٣٩ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا محمد بن طلحة، عن طلحة، عن مصعب بن سعد قال:
رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (هَلْ تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم).


(رأى) ظن. (فضلا) زيادة منزلة، بسبب شجاعته وغناه ونحو ذلك. (بضعفائكم) ببركتهم ودعائهم، لصفاء ضمائرهم وقلة تعلقهم بزخرف الدنيا، فيغلب عليهم الإخلاص في العبادة، ويستجاب دعاؤهم.

٢٧٤٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو: سمع جابرا، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (يأتي زمان يغزو فئام من الناس، فيقال: فيكم من صحب النبي ﷺ؟ فيقال: نعم، فيفتح عليه، ثم يأتي زمان، فيقال: فيكم من صحب أصحاب النبي ﷺ؟ فيقال: نعم، فيفتح، ثم يأتي زمان، فيقال: فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي ﷺ؟ فيقال: نعم، فيفتح).
[٣٣٩٩، ٣٤٤٩]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ..، رقم: ٢٥٣٢. (فئام) جماعة، ولا واحد له من لفظه. (فيفتح) عليكم ببركته.

٧٦ - باب: لا يقول فلان شهيد.

٢٧٤١ - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله).
[ر: ٢٦٣٥، ٢٦٤٩]


(يكلم) يجرح.

٢٧٤٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بن سعد الساعدي رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله ﷺ إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله ﷺ رجل، لا يدع لهم شاذة ولا فاذة، إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما

١٠٦٢
أجزأ فُلَانٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أما إنه من أهل النار). فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله ﷺ فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: (وما ذاك). قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عند ذلك: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة).
[٣٩٦٦، ٣٩٧٠، ٦١٢٨، ٦٢٣٣]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه. وفي القدر، باب: كيفية خلق الآدمي، رقم: ١١٢. (التقى) في غزوة خيبر. (رجل) اسمه قزمان. (شاذة ولا فاذة) ما صغر وما كبر، أي لا يدع لهم شيئا إلا أتى عليه، والشاذة في الأصل هي التي كانت في القوم ثم شذت منهم، والفاذة من لم يختلط معهم أصلا. (أنا صاحبه) ألازمه لأرى ما يجري له. (ذبابه) طرفه الذي يضرب به. (آنفا) في أول وقت مضى يقرب منا. (فأعظم الناس ذلك) استعظموه واستنكروه. (يبدو) يظهر.

٧٧ - باب: التحريض على الرمي.
وقول الله تعالى: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴾. /الأنفال: ٦٠/.


(قوة) من رمي وتدريب وآلات حرب. (رباط الخيل) حبسها وإعدادها للجهاد.

٢٧٤٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قال: سمعت سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:
مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي ﷺ: (ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع بني فلان). قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ما لكم لا ترمون). قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النبي ﷺ: (ارموا فأنا معكم كلكم).
[٣١٩٣، ٣٣١٦]


(ينتضلون) يتسابقون في الرمي. (فلان) ابن الأدرع، وقيل اسمه سلمة ابن ذكوان.

٢٧٤٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد: عن أبيه قال:
قال النبي ﷺ يوم بدر، حين صففنا لقريش وصفوا لنا: (إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل).
[٣٧٦٣]


(أكثبوكم) دنوا منكم وقاربوكم. (فعليكم بالنبل) فارموهم بها، وهي السهام العربية.

٧٨ - باب: اللهو بالحراب ونحوها.

٢٧٤٥ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
بينا الحبشة يلعبون عند النبي ﷺ بحرابهم دخل عمر، فأهوى إلى الحصى فحصبهم بها، فقال: (دعهم يا عمر). وزاد علي: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر: في المسجد.


أخرجه مسلم في صلاة العيدين، باب: الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، رقم: ٨٩٣. (بحرابهم) جمع حربة، وهي رمح ذو نصل عريض. (فحصبهم) رماهم.

٧٩ - باب: المجن ومن يتترس بترس صاحبه.

٢٧٤٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا الأوزاعي، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
كان أبو طلحة يتترس مع النبي ﷺ بترس واحد، وكان أبو طلحة حسن الرمي، فكان إذا رمى تشرف النبي ﷺ فينظر إلى موضع نبله.
[ر: ٢٧٢٤]


(تشرف) تطلع من فوق. (موضع نبله) مكان سقوطه.

٢٧٤٧ - حدثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حازم، عن سهل قال:
لما كسرت بيضة النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رَأْسِهِ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بالماء في المجن، وكانت فاطمة تغسله، فلما رأت الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً، عَمَدَتْ إِلَى حصير فأحرقتها، وألصقتها على جرحه، فرقأ الدم.
[ر: ٢٤٠]


(بيضة) خوذة. (رباعيته) السن التي بين الثنية والناب، والثنية إحدى السنين اللتين في مقدمة الفم. (يختلف) يأتي به مرة بعد أخرى. (المجن) الترس. (فرقأ) سكن عن الجري وانقطع.

٢٧٤٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك

١٠٦٤
بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي الله عنه قال:
كانت أموال بني النضير مما أفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله ﷺ خاصة، وكان ينفق على أهله نفقة سنته، ثم يجعلل ما بقي في السلاح والكراع، عدة في سبيل الله.
[٢٩٢٧، ٣٨٠٩، ٤٦٠٣، ٥٠٤٢، ٥٠٤٣، ٦٣٤٧، ٦٨٧٥]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: حكم الفيء، رقم: ١٧٥٧. (أفاء) من الفيء وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير قتال. (يوجف) من الإيجاف وهو الإسراع في السير. (ركاب) الإبل التي يسار عليها. (خاصة) اختص بها ولم يشاركه فيها أحد. (الكراع) الخيل. (عدة في سبيل الله) استعدادا للجهاد، والعدة كل ما يعد لحوادث الدهر من سلاح وغيره.

٢٧٤٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شداد، عن علي.
حدثنا قبيصة: حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم قال: حدثني عبد الله بن شداد قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول:
مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يفدي رجلا بعد سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (ارْمِ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي).
[٣٨٣٢، ٣٨٣٣، ٥٨٣٠]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، رقم: ٢٤١١. (بعد سَعْدِ) بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، أي بمثل ما فداه به. (فداك أبي وأمي) هذا القول لإظهار كامل البر والحمية، وليس المراد تقديم المخاطب على الوالدين واحترامهما والبر بهما.

٨٠ - باب: الدرق.

٢٧٥٠ - حدثنا إسماعيل قال: حدثني ابن وهب: قال عمرو: حدثني أبو الأسود، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ على الفراش وحول وجهه، فدخل أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فقال: (دعهما). فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وقالت: وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فإما سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وإما قال: (تشتهين تنظرين). فقالت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، ويقول: (دونكم بَنِي أَرْفِدَةَ). حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: (حَسْبُكِ). قلت: نعم، قال: فاذهبي). قال أحمد، عن ابن وهب: فلما غفل.
[ر: ٤٤٣]

٨١ - باب: الحمائل وتعليق السيف بالعنق.

٢٧٥١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أحسن الناس، وأشجع الناس، ولقد فرغ أهل المدينة ليلة، فخرجوا نحو الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ وقد استبرأ الخبر، وهو على فرس لأبي طلحة عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: (لم تراعوا، لم تراعوا). ثم قال: (وجدناه بحرا). أو قال: (إنه لبحر).
[ر: ٢٤٨٤]


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في شجاعة النبي ﷺ وتقدمه للحرب، رقم: ٢٣٠٧. (استبرأ الخبر) حققه وتبينه.

٨٢ - باب: حلية السيوف.

٢٧٥٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا الأوزاعي قال: سمعت سليمان بن حبيب قال: سمعت أبا أمامة يقول:
لقد فتح الفتوح قوم، ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد.


(قوم) المراد الصحابة رضي الله عنهم ومن كان معهم في الفتوح. (حلية سيوفهم) ما تزين به. (العلابي) الجلود غير المدبوغة. (الآنك) الرصاص، ولم يكن الصحابة يزينون سلاحهم بالذهب وغيره، لاستغنائهم بهيبة الإيمان عن هيبة المظاهر.

٨٣ - باب: من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة.

٢٧٥٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني سنان ابن أبي سنان الدؤلي وأبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أخبر:
أنه غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قبل نجد، فلما قفل رسول الله ﷺ قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله ﷺ وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله ﷺ تحت سمرة وعلق بها سيفه، ونمنا نومة، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: (إن هذا اختراط علي سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال: من

١٠٦٦
يمنعك مني؟ فقلت: الله ثلاثا). ولم يعاقبه وجلس.
[٢٧٥٦، ٣٨٩٨، ٣٩٠٥، ٣٩٠٦، ٣٩٠٨]


(قبل نجد) ناحيتها، وهي ما بين الحجاز إلى الشام، ومنها المدينة والطائف. (قفل) رجع. (القائلة) النوم وقت الظهيرة. (العضاه) شجر عظيم له شوك. (سمرة) شجرة. (أعرابي) هو غورث بن الحارث. (اخترط) سل. (صلتا) مصلتا، بارزا ومستويا.

٨٤ - باب: لبس البيضة.

٢٧٥٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سهل رضي الله عنه:
أنه سئل عن جرح النبي ﷺ يوم أحد، فقال: جرح وجه النبي ﷺ، وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وكانت فاطمة عليها السلام تغسل الدم وعلي يمسك، فلما رأت أن الدم لا يزيد إلا كثرة، أخذت حصيرا فأحرقته حتى صار رمادا، ثم ألزقته، فاستمسك الدم.
[ر: ٢٤٠]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، رقم: ١٧٩٠.

٨٥ - باب: من لم ير كسر السلاح عند الموت.

٢٧٥٥ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث قال:
مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ إلا سلاحه، وبغلة بيضاء، وأرضا جعلها صدقة.
[ر: ٢٥٨٨]

٨٦ - باب: تفرق الناس عن الإمام عند القائلة، والاستظلال بالشجر.

٢٧٥٦ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: حدثنا سنان بن أبي سنان وأبو سلمة: أن جابرا أخبره.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد: أخبرنا ابن شهاب، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أخبره:
أنه غَزَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، فنزل النبي ﷺ تحت شجرة فعلق بها سيفه، ثم نام، فاستيقظ وعنده رجل وهو لا يشعر بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إن هذا اخترط سيفي، فقال: من يمنعك؟ قلت: الله، فشام السيف، فها هو ذا جالس). ثم لم يعاقبه.
[ر: ٢٧٥٣]


(فشام السيف) جعله في غمده، ويستعمل بمعنى سل.

٨٧ - باب: ما قيل في الرماح.
ويذكر عن ابن عمر، عن النبي ﷺ: (جعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري).


أي جعل الله تعالى كسبي ومعاشي من الغنيمة، وهي لا تنال إلا بالجهاد، ومن خالف ما جئت به ناله الذل، بالأسر والرق، أو فرض الجزية عليه. وقيل (تحت ظل رمحي) لأن الخصم إذا قرب من المقاتل، فعلاه الآخر بالرمح، كان تحت ظله.

٢٧٥٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله، عن نافع، مولى أبي قتادة الأنصاري، عن أبي قتادة رضي الله عنه:
أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فرسه، فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي ﷺ وأبى بعض، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سألوه عن ذلك، قال: (إنما هي طعمة أطعمكموها الله).
وعن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة: في الحمار الوحشي، مثل حديث أبي النضر، قال: (هل معكم من لحمه شيء).
[ر: ١٧٢٥]


(شد على الحمار) حمل عليه وأسرع إليه. (طعمة ..) رزق منحكم الله تعالى إياه.

٨٨ - باب: ما قيل في درع النبي ﷺ والقميص في الحرب.
وقال النبي ﷺ: (أما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل الله). [ر: ١٣٩٩]

٢٧٥٨ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ وهو في قبة: (اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم). فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك، وهو في الدرع، فخرج وهو يقول: ﴿سيهزم الجمع ويولون

١٠٦٨
الدبر. بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر﴾. وقال وهيب: حدثنا خالد: يوم بدر.
[٣٧٣٧، ٤٥٩٤، ٤٥٩٦]


(قبة) بيت صغير من الخيام، وكل بناء مدور. (أنشدك) أسألك. (إن شئت) هلاك المؤمنين. (لم تعبد بعد اليوم) لأنه لا يبقى من يدعو إلى الله عز وجل، وتقوى شوكة الباطل. (حسبك) يكفيك. (ألححت) بالغت في الدعاء وأطلت فيه وداومت عليه. (سيهزم الجمع) سيفرق جمعهم ويتلاشى. (يولون الدبر) يديرون ظهورهم، أي يفرون منهزمين. (أدهى) أشد وأفظع، من الداهية وهي الأمر الشديد الذي لا يهتدى له. (أمر) أعظم بلية وأشد مرارة عليهم. /القمر: ٤٥، ٤٦/.

٢٧٥٩ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي، بثلاثين صاعا من شعير.
وقال يعلى: حدثنا الأعمش: درع من حديد. وقال معلى: حدثنا عبد الواحد: حدثنا الأعمش وقال: رهنه درعا من حديد.
[ر: ١٩٦٢]

٢٧٦٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (مثل البخيل والمتصدق مثل رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطُرَّتْ أيديهما إلى تراقيهما، فكلما هم المتصدق بصدقته اتسعت عليه حتى تعفي أثره، وكلما هم البخيل بالصدقة انقبضت كل حلقة إلى صاحبتها وتقلصت عليه، وانضمت يداه إلى تراقيه - فسمع النبي ﷺ يقول - فيجتهد أن يوسعها فلا تتسع).
[ر: ١٣٧٥]


(اضطرت) ألجأت. (تراقيهما) جمع ترقوة، وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. (تعفي) تمحو. (تقلصت) انزوت وانضمت. والمعنى: أن الكريم المتصدق تنبسط نفسه وترتاح إلى الصدقة، وأما البخيل فتضيق نفسه وتنقبض منها.

٨٩ - باب: الجبة في السفر والحرب.

٢٧٦١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى مسلم، هو ابن صبيح، عن مسروق قال: حدثني المغيرة ابن شعبة قال:
انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فلقيته بماء، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ، فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فأخرجهما من تحت فغسلهما ومسح برأسه، وعلى خفيه.
[ر: ١٨٠]

٩٠ - باب: الحرير في الحرب.

٢٧٦٢ - حدثنا أحمد بن المقدام: حدثنا خالد: حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أنسا حَدَّثَهُمْ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص من حرير، من حكة كانت بهما.


أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة، رقم: ٢٠٧٦. (رخص) من الرخصة وهي تشريع حكم تسهيلا واستثناء لعذر. (حكة) داء يكون بالجلد.

٢٧٦٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أن عبد الرحمن بن عوف والزبير: شكوا إلى النبي ﷺ يعني القمل - فأرخص لهما في الحرير، فرأيته عليهما في غزاة.

٢٧٦٤ - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى عن شعبة: أخبرني قتادة: أن أنسا حدثهم قَالَ:
رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في حرير.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سمعت قتادة، عن أنس: رخص، أو رخص لحكة بهما.
[٥٥٠١]

٩١ - باب: ما يذكر في السكين.

٢٧٦٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يأكل من كتف يحتز منها، ثم دعي إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ.
حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري، وزاد: فألقى السكين.
[ر: ٢٠٥]

٩٢ - باب: ما قيل في قتال الروم.

٢٧٦٦ - حدثني إسحاق بن يزيد الدمشقي: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: أن عمير بن الأسود العنسي حدثه: أنه أتى عبادة بن الصامت، وهو نازل في ساحة حمص، وهو في بناء له، ومعه أم حرام، قال عمير: فحدثتنا أم حرام:

١٠٧٠
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا). قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: (أنت فيهم). ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصرمغفور لهم). فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: (لا).
[ر: ٢٦٣٦]


(أوجبوا) لأنفسهم دخول الجنة بجهادهم في سبيل الله تعالى.

٩٣ - باب: قتال اليهود.

٢٧٦٧ - حدثنا إسحاق بن محمد الفروي: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله).
[٣٣٩٨]

٢٧٦٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عَنْ رَسُولِ الله ﷺ قال: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله).


أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم: ٢٩٢٢ (لا تقوم الساعة) المراد تأكيد أن هذا الأمر واقع لا محالة، وربما كان قريبا، وليس المراد أنه من علامات
قيام الساعة، والساعة القيامة وزلازلها.

٩٤ - باب: قتال الترك.

٢٧٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تغلب قال:
قال النبي ﷺ: (إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة).
[٣٣٩٧]


(أشراط الساعة) علامات قرب يوم القيامة. (ينتعلون نعال الشعر) يصنعون من الشعر نعالا، وقيل: معناه أن شعورهم طويلة إذا أسدلوها وصلت إلى أرجلهم كالنعال. (عراض الوجوه) وجوههم واسعة. (المجان) جمع مجن وهو الترس. (المطرقة) ألبست الأطرقة من الجلود، وهي الأغشية، جمع طراق، وهي جلدة تقدر على قدر الترس وتلصق عليها. شبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها، ونتوء وجناتها.

٢٧٧٠ - حدثنا سعيد بن محمد: حدثنا يعقوب: حدثنا أبي، عن صالح، عَنْ

١٠٧١
الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر).
[٢٧٧١، ٣٣٩٤ - ٣٣٩٦]


أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم: ٢٩١٢. (ذلف الأنوف) في أنوفهم فطس وقصر، مع استواء الأرنبة وغلظها.

٩٥ - باب: قتال الذين ينتعلون الشعر.

٢٧٧١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قال الزهري، عن سعيد ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما كأن وجوههم المجان المطرقة).
قال سفيان: وزاد فيه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رواية: (صغار الأعين، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة).
[ر: ٢٧٧٠]

٩٦ - باب: من صف أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته واستنصر.

٢٧٧٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أبو إسحاق قال: سمعت البراء وسأله رجل:
أكنتم فررتم يا أبا عمارة يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولي رسول الله ﷺ، ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس بسلاح، فأتوا قوما رماة، جمع هوازن وبني نصر، ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون، فأقبلوا هنالك إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ على بغلته البيضاء، وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل واستنصر، ثم قال: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب). ثم صف أصحابه.
[ر: ٢٧٠٩]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: في غزوة حنين، رقم: ١٧٧٦. (أخفاؤهم) جمع خف بمعنى الخفيف، وهم الذين ليس معهم ما يثقلهم من سلاح أو غيره. (حسرا) جمع حاسر وهو الذي لا درع له ولا مغفر، أو الذي لا سلاح معه. (يسقط لهم سهم) أي دون إصابة الهدف. (فرشقوهم) رمى الجميع سهامهم دفعة واحدة. (استنصر) طلب النصر من الله تعالى وتضرع له.

٩٧ - باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة.

٢٧٧٣ - حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى: حدثنا هشام، عن محمد، عن

١٠٧٢
عبيدة، عن علي رضي الله عنه قال:
لما كان يوم الأحزاب، قال رسول الله ﷺ: (ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس).
[٣٨٨٥، ٤٢٥٩، ٦٠٣٣]


أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: التغليظ في تفويت صلاة العصر، وباب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، رقم: ٦٢٧. (يوم الأحزاب) يوم غزوة الخندق الذي تجمعت فيه القبائل العربية على قتال المسلمين. (الوسطى) صلاة العصر.

٢٧٧٤ - حدثنا قبيضة: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يدعو في القنوت: (اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوليد بن الوليد، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ على مضر، اللهم سنين كسني يوسف).
[ر: ٩٦١]


(اشدد وطأتك) عقوبتك. (مضر) علم على قريش. (سنين) جمع سنة وهي القحط والغلاء. (كسني يوسف) بن يعقوب عليه السلام، من حيث القحط وقلة الأمطار، والمراد السنون المذكورة بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تحصنون﴾ /يوسف: ٤٨/. (شداد) مجدبات صعاب. (ما قدمتم لهن) ما ادخرتم في السنين المخصبات. (تحصنون) تحرزون وتخبئون للزراعة.

٢٧٧٥ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد: أنه سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يقول:
دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يوم الأحزاب على المشركين، فقال: (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم).
[٣٨٨٩، ٦٠٢٩، ٧٠٥١، وانظر: ٢٦٦٣]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، وباب: استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو، رقم: ١٧٤٢. (اهزم الأحزاب) اكسرهم وبدد شملهم، والأحزاب قريش وغطفان ومن ناصرهما. (زلزلهم) اجعلهم غير مستقرين، لا يثبتون عند اللقاء، بل تطيش عقولهم وترتعد أقدامهم.

٢٧٧٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جعفر بن عون: حدثنا سفيان، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي في ظل الكعبة، فقال أبو جهل وناس من قريش، ونحرت جزور بناحية مكة، فأرسلوا فجاؤوا من سلاها وطرحوه عليه، فجاءت فاطمة فألقته عنه، فقال: (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ،

١٠٧٣
اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عليك بقريش). لأبي جهل بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبي بن خلف، وعقبة بن أبي معيط. قال عبد الله: فلقد رأيتهم في قليب بدر قتلى. قال أبو إسحاق: ونسيت السابع. وقال يوسف بن إسحاق، عن أبي إسحاق: أمية بن خلف. وقال شعبة: أمية أو أبي. والصحيح أمية.
[ر: ٢٣٧]


(نحرت) ذبحت. (جزور) مفرد الإبل ذكرا أم أنثى، وقيل: هي الناقة التي تنحر. (سلاها) هو الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي.

٢٧٧٧ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أن اليهود دخلوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: السام عليك، فلعنتهم، فقال: (ما لك). قلت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: (فلم تسمعي ما قلت: وعليكم).
[٥٦٧٨، ٥٦٨٣، ٥٩٠١، ٦٠٣٢، ٦٠٣٨، ٦٥٢٨]


أخرجه مسلم في السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، رقم: ٢١٦٥. (السام) معناه الموت. (فلعنتهم) أي قالت عائشة: فلعنت هؤلاء اليهود بسبب قولهم. (ما لك) أي شيء حصل لك حتى لعنتهم.

٩٨ - باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب.

٢٧٧٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أخبره:
أن رسول الله ﷺ كتب إلى قيصر وقال: (فإن توليتم فإن عليك إثم الأريسيين).
[ر: ٧]

٩٩ - باب: الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم.

٢٧٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد: أن عبد الرحمن قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه، عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: يا رسول الله، إن دوسا عصت وأبت، فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، قال: (اللهم اهد دوسا وأت بهم).
[٤١٣١، ٦٠٣٤]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة ..، رقم: ٢٥٢٤. (دوس) قبيلة من قبائل اليمن. (فقيل) قال ذلك من حضر المجلس، لظنه أن رسول الله ﷺ سيدعو عليهم. (هلكت دوس) استحقت الهلاك إذا دعا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

١٠٠ - باب: دعوة اليهود والنصارى، وعلى ما يقاتلون عليه، وما كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى كسرى وقيصر، والدعوة قبل القتال.

٢٧٨٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قتادة قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لا يقرؤون كتابا إلا أن يمون مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، فكأني أنظر إلى بياضه في يده، ونقش فيه محمد رسول الله.
[ر: ٦٥]

٢٧٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ كتابه إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قرأه كسرى حرقه، فحسبت أن سعيد بن المسيب قال: فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ: (أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ ممزق).
[ر: ٤٦]

١٠١ - بَاب: دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ إلى الإسلام والنبوة، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله.
وقوله تعالى: ﴿ما كان لبشر أن يؤتيه الله﴾ إلى آخر الآية /آل عمران: ٧٩/.


(الآية) وتتمتها: ﴿الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباد لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون﴾. (الحكم) الفهم للشريعة. (ربانيين) علماء عاملين، نسبة إلى الرب جل وعلا.

٢٧٨٢ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة، عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّهُ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله ﷺ أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس، مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لما أبلاه الله، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله ﷺ، قال حين قرأه: التمسوا لي ها هنا أحدا من قومه، لأسألهم عَنْ

١٠٧٥
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان: أنه كان بالشأم في رجال من قريش قدموا تجارا، في المدة التي كانت بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبين كفار قريش، قال أبو سفيان: فوجدنا رسول قيصر ببعض الشأم، فانطلق بي وبأصحابي، حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس ملكه، وعليه التاج، وإذا حوله عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، قال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم إليه نسبا، قال: ما قرابة ما بينك وبينه؟ فقلت: هو ابن عمي، وليس في الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري، فقال قيصر: أدنوه، وأمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري عند كتفي، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إني سائل هذا الرجل عن الذي يزعم أنه نبي، فإن كذب فكذبوه، قال أبو سفيان: والله لولا الحياء يومئذ، من أن يأثر أصحابي عني الكذب، لكذبته حين سألني عنه، ولكني استحييت أن يأثروا الكذب عني فصدقته، ثم قال لترجمانه: قل له كيف نسب هذا الرجل فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فهل هذا القول أحد منكم قبله؟ قلت: لا، فقال: كنتم تتهمونه على الكذب قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أن ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم، قال:
فيزيدون أو يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، ونحن الآن منه في مدة نحن نخاف أن يغدر - قال أبو سفيان: ولم يمكني كلمة أن أدخل فيها شيئا أنتقصه به لا أخاف أن تؤثر عني غيرها - قال: فهل قاتلتموه أو قاتلكم؟ قلت: نعم، قال: فكيف كانت حربه وحربكم؟ قلت: كانت دولا وسجالا، يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى، قال فماذا يأمركم؟ قال: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وينهانا عما كان يعبد أباؤنا، ويأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة. فقال لترجمانه حين قلت ذلك له: قل له: إني سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه ذو نسب، وكذلك الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قال

١٠٧٦
أحد منكم هذا القول قبله، فزعمت أن لا، فقلت: لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله، قلت رجل يأتم بقول قد قيل قبله، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يقول ما قال، فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم ليدع الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ: هل كان من آبائه من ملك، فزعمت أن لا، فقلت لو كان من آبائه ملك، قلت يطلب ملك آبائه، وسألتك: أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم، فزعمت أن ضعفاؤهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك: هل يزيدون أو يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فكذلك الإيمان حين تخلط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وسألتك هل يغدر، فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون، وسألتك: هل قاتلتموه وقاتلكم، فزعمت أن قد فعل، وأن حربكم وحربه تكون دولا، ويدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى، وكذلك الرسل تبتلى وتكون لها العاقبة، وسألتك: بماذا يأمركم، فزعمت أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا به شيئا، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، قال: وهذه صفة النبي، قد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظن أنه منكم، وإن يك ما قلت حقا، فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجمشت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه.
قال أبو سفيان: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين، و: ﴿يا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾).
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أن قضى مقالته علت أصوات الذين من حوله من عظماء الروم، وكثر لغطهم، فلا أدري ما قالوا، وأمر بنا فأخرجنا، فلما أن خرجت مع أصحابي وخلوت بهم، قلت لهم: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، هذا ملك بني الأصفر يخافه، قال أبو سفيان: والله ما زلت ذليلا مستيقنا بأن أمره سيظهر، حتى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره.
[ر: ٧]


(كشف الله عنه جنود فارس) هزمهم ودفعهم عنه. (أبلاه) أعطاه من نعمه. (التمسوا) طلبوا.

٢٧٨٣ - حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: حدثا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:
سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ يوم خيبر: (لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه). فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى، فقال: (أين علي). فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه، فبرأ مكانه حتى كأنه لك يكن به شيء، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: (على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم).
[٢٨٤٧، ٣٤٩٨، ٣٩٧٣]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم: ٢٤٠٦. (الراية) العلم. (فقاموا يرجون) فقام كل من الصحابة راجيا أن تعطى الراية له. (لذلك) ليفتح على يديه. (على رسلك) اتئد في السير. (بساحتهم) الساحة المكان المتسع بين دور الحي ونحوه. (رجل) المراد: ما يعم الذكر والأنثى. (حمر النعم) الإبل الحمراء، وكانت أنفس الأموال عند العرب.

٢٧٨٤ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا غزا قوما لم يغر حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار بعد ما يصبح، فنزلنا خيبر ليلا.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حميد، عن أنس: أن النبي ﷺ كان إذا غزا بنا.

٢٧٨٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
إن النبي ﷺ خرج إلى خيبر، فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس. فقال النبي ﷺ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بساحة قوم فساء صباح المنذرين).
[ر: ٣٦٤]


(بمساحيهم) جمع مسحاة، آلة من آلات الزراعة. (مكاتلهم) جمع مكتل وهو وعاء مثل القفة.

٢٧٨٦ - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري: حدثنا سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا

١٠٧٨
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله).
رواه عمر وابن عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٢٥، ١٣٣٥]


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الأمر بقتال النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، رقم: ٢١.

١٠٢ - باب: من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس.

٢٧٨٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ عبد الله بن كعب رضي الله عنه، وكان قائد كعب من بنيه، قال: سمعت كعب بن مالك: حين تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يريد غزوة إلا ورى بغيرها.


(ورى بغيرها) سترها وكنى عنها، وأوهم أنه يريد غيرها، من الوراء لأنه ألقى البيان وراء ظهره.

٢٧٨٨ - وحدثني أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يونس، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعب بن مالك قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها، حتى كانت غزوة تبوك، فغزاها رسول الله ﷺ في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل غزو عدو كثير، فجلى للمسلمين أمرهم، ليتأهبوا أهبة عدوهم، وأخبرهم بوجهه الذي يريد.


(قلما) قل فعل ماض دخلت عليه ما، ومعناه: قليل. (مفازا) الموضع المهلك، سمي بذلك تفاؤلا بالفوز والسلامة. (فجلى) أظهره. (ليتأهبوا) ليستعدوا. (أهبة عدوهم) الاستعداد اللازم لملاقاة عدوهم. (بوجهه) بجهته التي يريد.

٢٧٨٩ - وعن يونس، عن الزهري قال: أخبرني عبد الرحمن بن كعب ابن مالك: أن كعب بن مالك رضي الله عنه كان يقول:
لقلما كان رسول الله ﷺ يخرج، إذا خرج في سفر، إلا يوم الخميس.

٢٧٩٠ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ: أخبرنا معمر، عن الزهري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خرج يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس.
[ر: ٢٦٠٦]

١٠٣ - باب: الخروج بعد الظهر.

٢٧٩١ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن

١٠٧٩
أنس رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ صلى بالمدينة الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وسمعتهم يصرخون بهما جميعا.
[ر: ١٠٣٩]

١٠٤ - باب: الخروج آخر الشهر.

٢٧٩٢ - وقال كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
انْطَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ المدينة لخمس بقين من ذي القعدة، وقدم مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ.
[ر: ١٤٧٠]


(خلون) مضين.

٢٧٩٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن: أنها سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لخمس ليال بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ لَمْ يكن معه هدي، إذا طاف بالبيت وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا والمروة، أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ عائشة: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: ما هذا؟ فقال: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أَزْوَاجِهِ.
قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ للقاسم بن محمد، فقال: أتتك والله بالحديث على وجهه.
[ر: ٢٩٠]

١٠٥ - باب: الخروج في رمضان.

٢٧٩٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: حدثني الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ.
قال سفيان: قال الزهري: أخبرني عبيد الله، عن ابن عباس: ساق الحديث.
[ر: ١٨٤٢]

١٠٦ - باب: التوديع.

٢٧٩٥ - وقال ابن وهب: أخبرني عمرو، عن بكير، عن سليمان بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في بعث، وقال لنا: (إن لقيتم فلانا وفلانا - لرجلين من قريش سماهما - فحرقوهما بالنار). قال: ثم أتيناه نودعه حين أردنا

١٠٨٠
الخروج، فقال: (إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن أخذتموهما فاقتلوهما).
[٢٨٥٣]


(بعث) جيش، وكان أميرهم حمزة بن عمرو الأسلمي. (فلانا وفلانا) هما هبار بن الأسود ورفيقه اللذان نخسا بعير زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عند هجرتها فخافت فأسقطت حملها ومرضت من ذلك.

١٠٧ - باب: السمع والطاعة الإمام.

٢٧٩٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وحدثني محمد ابن صباح: حدثنا إسماعيل بن زكرياء، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ).
[٦٧٢٥]


(حق) واجب للإمام على الرعية، طالما أنه إمام عدل.

١٠٨ - باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به.

٢٧٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: أَنَّ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ).
وبهذا الإسناد: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرا، وإن قال بغيره فإن عليه منه).
[٦٧١٨، وانظر: ٢٣٦]


(الآخرون) في الدنيا. (السابقون) في الآخرة. (الأمير) أمير السرية، أو ولاة الأمور مطلقا. (الإمام) الحاكم الأعلى القائم بشؤون الأمة. (جنة) سترة ووقاية، لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس من أذى بعضهم بعضا. (يقاتل من ورائه) يقاتل معه الكفار والبغاة وسائر أهل الفساد. (يتقى به) يحتمى به ويتقوى، وقيل: يرجع إليه في الرأي والتدبير. (بغيره) أمر بغير تقوى الله تعالى وعدله. (فإن عليه منه) فإن الوبال الحاصل منه عليه لا على المأمور.

١٠٩ - باب: البيعة في الحرب أن لا يفروا، وقال بعضهم: على الموت.
لقول الله تعالى: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ /الفتح: ١٨/.


(يبايعونك) يوم الحديبية، وتسمى بيعة الرضوان، لنزول القرآن بالرضى عمن بايعوا فيها.

٢٧٩٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نافع قال: قال ابن عمر

١٠٨١
رضي الله عنهما:
رجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله، فسألت نافعا: على أي شيء بايعهم، على الموت؟ قال: لا، بل بايعهم على الصبر.


(المقبل) الذي بعد عام صلح الحديبية. (فما اجتمع منا اثنان) ما وافق منا رجلان أنها هي التي بايعنا تحتها، بل خفي مكانها علينا. قال النووي: سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها، لما جرى تحتها من الخير ونزول الرضوان والسكينة وغير ذلك، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب والجهال إياها، وعبادتهم إياها، فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى. [شرح مسلم: الإمارة: باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش ..] (كانت رحمة من الله) أي كانت موضع رحمة الله تعالى ومحل رضوانه لنزول القرآن بذلك].

٢٧٩٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عمرو بن يحيى، عن عباد ابن تميم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قال:
لما كان زمن الحرة أتاه آت فقال له: إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت، فقال: لا أبايع على هذا أحدا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[٣٩٣٤]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، رقم: ١٨٦١. (زمن الحرة) وهي الواقعة التي كانت في المدينة زمن يزيد بن معاوية، والحرة كل أرض ذات حجارة سود، والمراد حرة شرقي المدينة. (ابن حنظلة) عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الذي يعرف أبوه بغسيل الملائكة.

٢٨٠٠ - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ:
بَايَعْتُ النَّبِيَّ ﷺ ثم عدلت إلى ظل الشجرة، فلما خف الناس قال: (يا ابن الأكوع ألا تبايع). قال: قلت: قد بايعت يا رسول الله، قال: (وأيضا). فبايعته الثانية. فقلت له: يا أبا مسلم، على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ على الموت.
[٣٩٣٦، ٦٧٨٠، ٦٧٨٢]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، رقم: ١٨٦٠. (خف الناس) قل الذين كانوا يبايعونه ﷺ. (أيضا) مرة أخرى.

٢٨٠١ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:
كانت الأنصار يوم الخندق تقول:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حيينا أبدا

١٠٨٢
فأجابهم النبي ﷺ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فأكرم الأنصار والمهاجره).
[ر: ٢٦٧٩]

٢٨٠٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فضيل، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن مجاشع رضي الله عنه قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ أنا وأخي فقلت: بايعنا على الهجرة، فقال: (مضت الهجرة لأهلها). فقلت: علام تبايعنا؟ قال: (على الإسلام والجهاد).
[٢٩١٣، ٤٠٥٤، ٤٠٥٥]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد، رقم: ١٨٦٣. (مضت الهجرة) ثبت حكمها وانتهى. (لأهلها) الذين هاجروا قبل الفتح.

١١٠ - باب: عزم الإمام على الناس فيما يطيقون.

٢٨٠٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه:
لقد أتاني اليوم رجل، فسألني عن أمر ما دريت ما أرد عليه، فقال: أرأيت رجلا مؤديا نشيطا، يخرج مع أمرائنا في المغازي، فيعزم علينا في أشياء لا نحصيها؟ فقلت له: والله ما أدري ما أقول لك، إلا أنا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فعسى أن لا يعزم علينا في أمر إلا مرة حتى نفعله، وإن أحدكم لن يزال بخير ما اتقى الله، وإذا شك في نفسه شيء سأل رجلا فشفاه منه، وأوشك أن لا تجدوه، والذي لا إله إلا هو، ما أذكر ما غبر من الدنيا إلا كالثغب، شرب صفوه وبقي كدره.


(مؤديا) ذا أداة للحرب كاملة، وقيل: معناه قويا متمكنا. (نشيطا) يخف ويسرع للأمر الذي يريد فعله. (فيعزم علينا) يشدد علينا، من العزم وهو الأمر الجازم الذي لا تردد فيه. (لا نحصيها) لا نطيقها. (شك في نفسه شيء) شكت نفسه في شيء وتردد فيه أجائز أم لا. (فشفاه منه) أزال مرض تردده عنه بإجابته له بالحق. (أوشك أن لا تجدوه) كاد أن لا تجدوا من يفتي بحق ويشفي القلوب من الشبه والشكوك. (غبر) مضي أو بقي، من الغبور وهو من الأضداد، يستعمل في المضي والبقاء. (كالثغب) الماء المستنقع في الموضع المنخفض. (صفوه) الماء الصافي منه. (كدره) المختلط منه.

١١١ - باب: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس.

٢٨٠٤ - حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ، قَالَ:

١٠٨٣
كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما فقرأته:
أن رسول الله ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس خطيبا قال: (أيها الناس، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال: اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأهزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم).
[ر: ٢٦٦٣]


(بعض أيامه) بغض غزواته. (لقي فيها) العدو والحرب. (مالت) زالت. (الأحزاب) قبائل الشرك.

١١٢ - باب: استئذان الرجل الإمام.
لقوله: ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنوك﴾. إلى آخر الآية /النور: ٦٢/.


(الآية) وتتمتها: ﴿أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم﴾. (أمر جامع) طاعة يجتمعون عليها، كصلاة الجمعة والعيدين والجهاد. (شأنهم) أمرهم وحاجتهم.

٢٨٠٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قال: فتلاحق بِيَ النَّبِيُّ ﷺ، وَأَنَا على ناضح لنا قد أعيا، فلا يكاد يسير، فقال لي: (ما لبعيرك). قال: قلت: عيي، قال: فتخلف رسول الله ﷺ فزجره ودعا له، فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير، فقال لي: (كيف ترى بعيرك). قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك، قال: (أفتبيعنيه). قال: فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره، قال: فقلت: نعم، قال: (فبعنيه). فبعته إياه عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ المدينة، قال: فقلت: يا رسول الله، إني عروس، فاستأذنته فأذن لي، فتقدمت الناس إلى المدينة حتى أتيت المدينة، فلقيني خالي، فسألني عن البعير، فأخبرته بما صنعت فيه، فلامني، قال: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قال لي حين استأذنته: (هل تزوجت بكرا أم ثيبا). فقلت: تزوجت ثيبا، فقال: (هلا تزوجت بكرا

١٠٨٤
تلاعبها وتلاعبك). قلت: يا رسول الله، توفي والدي، أو استشهد، ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج مثلهن فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيبا لتقوم عليهن وتؤدبهن، قال: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدينة، غدوت عليه بالبعير، فأعطاني ثمنه ورده علي.
قال المغيرة: هذا في قضائنا حسن لا نرى به بأسا.
[ر: ٤٣٢]


أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب تحية المسجد بركعتين، وباب: استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر، رقم: ٧١٥. (فتلاحق بي) لحقني. (ناضح) بعير يستقى عليه الماء. (أعيا) تعب. (فقار ظهره) خرزات عظام الظهر، أي: لي الركوب عليه. (عروس) حديث عهد بعرس، ويستوي فيه الذكر الأنثى. (هذا) أي البيع بمثل هذا الشرط. (قضائنا) حكمنا.

١١٣ - باب: من غزا وهو حديث عهد بعرسه.
فيه جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٢٨٠٥]

١١٤ - باب: من اختار الغزو بعد البناء.
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٢٩٥٦]


(البناء) أي الدخول بالزوجة، سمي بذلك لأنهم كانوا إذا أرادوا الدخول على الزوجة بنوا قبة لها، ودخلوا فيها.

١١٥ - باب: مبادرة الإمام عند الفزع.

٢٨٠٦ - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثني قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ: (مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا).
[ر: ٢٤٨٤]

١١٦ - باب: السرعة والركض في الفزع.

٢٨٠٧ - حدثنا الفضل بن سهل: حدثنا حسين بن محمد: حدثنا جرير بن حازم، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
فزع الناس، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فرسا لأبي طلحة بطيئا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال: «لم تراعوا، إنه لبحر). فما سبق بعد ذلك اليوم.
[ر: ٢٤٨٤]

١١٧ - باب: الجعائل والحملان في السبيل.
وقال مجاهد: قلت لابن عمر: الغزو، قال: إني أحب أن أعينك بطائفة من مالي،

١٠٨٥
قلت: أوسع الله علي، قال: إن غناك لك، وإني أحب أن يكون من مالي في هذا الوجه.
[ر: ٤٠٥٦]
وقال عمر: إن ناسا يأخذون من هذا المال ليجاهدوا، ثم لا يجاهدون، فمن فعله فنحن أحق بماله حتى نأخذ منه ما أخذ.
وقال طاوس ومجاهد: إذا دفع إليك شيء تخرج به في سبيل الله، فاصنع به ما شئت، وضعه عند أهلك.


(الجعائل) جمع جعيلة أو جعالة، والجعل الأجرة على الشيء فعلا وقولا. (الحملان) الحمل. (السبيل) سبيل الله تعالى وهو الجهاد. (الغزو) أي أريد الغزو. (بطائفة) قطعة وجزء. (الوجه) أي الجهاد. (فاصنع به ..) أي اصنع به ما تريد مما يتعلق بالجهاد، ومن متعلقاته الوضع عند الأهل.

٢٨٠٨ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان قال: سمعت مالك بن أنس سأل زيد ابن أسلم، فقال زيد: سمعت أبي يقول: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سبيل الله، فرأيته يباع، فسألت النبي ﷺ: آشتريه؟ فَقَالَ: (لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ).
[ر: ١٤١٩]

٢٨٠٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن عمر بن الخطاب حمل على فرس فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يبتاعه، فسأل رسول الله ﷺ فقال: (لا تبتعه، ولا تعد في صدقتك).
[ر: ١٤١٨]


أخرجه مسلم في الهبات، باب: كراهة شراء الإنسان ما تصدق به، رقم: ١٦٢١.

٢٨١٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: عَنْ يحيى بن سعيد الأنصاري قال: حدثني أبو صالح قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولكن لا أجد حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه، ويشق علي أن يتخلفوا عني، ولوددت أني قاتلت في سبيل الله فقتلت، ثم أحييت ثم قتلت، ثم أحييت).
[ر: ٢٦٤٤]


(حمولة) هي التي يحمل عليها.

١١٨ - باب: ما قيل في لواء النبي ﷺ.

٢٨١١ - حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثني الليث قال: أخبرني عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي:
أن قيس بن سعد الأنصاري رضي

١٠٨٦
الله عنه، وكان صاحب لواء رسول الله ﷺ، أراد الحج فرجل.


(صاحب لواء رسول الله) أي الذي يحمله، واللواء هو علم الجيش، وقيل هو علامة جماعة الأمير يدور معه حيث دار. (فرجل) من الترجيل وهو تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه.

٢٨١٢ - حدثنا قتيبة: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قال:
كان علي رضي الله عنه تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي خيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فخرج علي فلحق بالنبي ﷺ، فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لأعطين الراية - أو قال: ليأخذن - غدا رجلا يحبه الله ورسوله، أو قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه).فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله ﷺ، ففتح الله عليه.
[٣٤٩٩، ٣٩٧٢]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم: ٢٤٠٧. (رمد) داء يكون في العين. (فتحها) فتح خيبر. (الراية) ثوب يجعل في طرف الرمح ويخلى تصفقه الريح، ويتولاها صاحب الحرب. (وما نرجوه) ما كنا نتوقع قدومه في ذلك الوقت للرمد الذي فيه.

٢٨١٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نافع بن جبير قال: سمعت العباس يقول للزبير رضي الله عنهما:
ها هنا أمرك النبي ﷺ أن تركز الراية.
[٤٠٣٠]


(هاهنا) وأشار به إلى الحجون، وهو جبل في مكة. (تركز) تثبت بالأرض.

١١٩ - باب: الأجير.
وقال الحسن وابن سيرين: يقسم للأجير من المغنم. وأخذ عطية بن قيس فرسا على النصف، فبلغ سهم الفرس أربعمائة دينار، فأخذ مائتين، وأعطى صاحبه مائتين.


(يقسم للأجير) أي يعطى سهما من الغنيمة كغيره من المقاتلين. (على النصف) أي استأجرها على أن تكون أجرتها نصف سهمها من الغنيمة.

٢٨١٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حدثنا ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يعلى، عن أبيه رضي الله عنه قَالَ:
غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غزوة تبوك، فحملت على بكر، فهو أوثق أعمالي في نفسي، فاستأجرت أجيرا، فقاتل رجلا، فعض أحدهما

١٠٨٧
الآخر، فانتزع يده من فيه ونزع ثنيته، فأتى النبي ﷺ فأهدرها، فقال: (أيدفع يده إليك فتقضمها كما يقضم الفحل).
[ر: ٢١٤٦]


(فحملت على بكر) أعطيت رجلا بكرا ليركبه ويقاتل عليه، والبكر: الفتي من الإبل.

١٢٠ - باب: قول النبي ﷺ: (نصرت بالرعب مسيرة شهر).
وقوله جل وعز: ﴿سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله﴾ /آل عمران: ١٥١/. قاله جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٣٢٨]


(الرعب) الخوف. (بما أشركوا) بسبب إشراكهم.

٢٨١٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ في يدي).
قال أبو هريرة: وقد ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأنتم تنتثلوها.
[٦٥٩٧، ٦٦١١، ٦٨٤٥]


أخرجه مسلم في أوائل كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم: ٥٢٣. (بجوامع الكلم) بالكلمات الجوامع، والكلمة الجامعة هي الموجزة لفظا المتسعة معنى، وهذا يشمل القرآن والسنة، لأن كلا منهما يقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة. (بالرعب) بالخوف. (أتيت) جاءني بها جاء. (تنتثلونها) تستخرجونها من مواضعها.

٢٨١٦ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ هِرَقْلَ أرسل وهم بإيلياء، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فلما فرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب، فارتفعت الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ ملك بني الأصفر.
[ر: ٧]

١٢١ - باب: حمل الزاد في الغزو.
وقول الله تعالى: ﴿وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾ /البقرة: ١٩٧/.


(تزودوا) خذوا معكم من الزاد ما يبلغكم لسفركم. (التقوى) ما يتقى به سؤال الناس وحاجتهم، وقيل: لما حثهم على زاد الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة، وهو التقوى، وحثهم على استصحابها إليها.

٢٨١٧ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عن هشام قال: أخبرني أبي، وحدثتني أيضا فاطمة، عن أسماء رضي الله عنه قالت:
صنعت سفرة رسول الله ﷺ في

١٠٨٨
بيت أبي بكر، حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته، ولا لسقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي، قال: فشقيه باثنين فاربطيه: بواحد السقاء وبالآخر السفرة، ففعلت، فلذلك سميت: ذات النطاقين.
[٣٦٩٥، ٥٠٧٣]


(سفرة) طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير، فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به. (السقاء) وعاء من الجلد يوضع فيه الماء. (نطاقي) ما تشد به المرأة وسطها. (باثنين) بشقين.

٢٨١٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو قال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأضاحي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى المدينة.
[ر: ١٦٣٢]

٢٨١٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قال: سمعت يحيى قال: أخبرني بشير بن يسار: أن سويد بن النعمان رضي الله عنه أخبره:
أنه خرج مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَامَ خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء، وهي من خيبر، وهي أدنى خيبر فصلوا العصر، فدعا النبي ﷺ بالأطعمة، فلم يؤت النبي ﷺ إلا بسويق، فلكنا فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ فمضمض ومضمضنا وصلينا.
[ر: ٢٠٦]

٢٨٢٠ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ:
خَفَّتْ أَزْوَادُ الناس وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عمر عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ قال رسول الله ﷺ: (ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم). فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ الله).
[ر: ٢٣٥٢]

١٢٢ - باب: حمل الزاد على الرقاب.

٢٨٢١ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قال:
خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا، ففني زادنا، حتى كان الرجل منا يأكل في كل يوم تمرة، قال رجل: يا أبا عبد الله، وأين كانت التمرة تقع من الرجل؟ قال: لقد وجدنا فقدها حين فقدناها، حتى أتينا البحر، فإذا حوت قد

١٠٨٩
قذفه البحر، فأكلنا منه ثمانية عشر يوما ما أحببنا.
[ر: ٢٣٥١]

١٢٣ - باب: إرداف المرأة خلف أخيها.

٢٨٢٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: حدثنا عثمان بن الأسود: حدثنا ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قالت:
يا رسول الله، يرجع أصحابك بأجر حج وعمرة، ولم أزد على الحج؟ فقال لها: (اذهبي، وليردفك عبد الرحمن). فأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، فانتظرها رسول الله ﷺ بأعلى مكة حتى جاءت.

٢٨٢٣ - حدثني عبد الله: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قَالَ:
أَمَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ أن أردف عائشة، وأعمرها من التنعيم.
[ر: ١٦٩٢]

١٢٤ - باب: الارتداف في الغزو والحج.

٢٨٢٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
كنت رديف أبي طلحة، وإنهم ليصرخون بهما جميعا: الحج والعمرة.
[ر: ١٠٣٩]

١٢٥ - باب: الردف على الحمار.

٢٨٢٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، وأردف أسامة وراءه.
[٤٢٩٠، ٥٣٣٩، ٥٦١٩، ٥٨٥٤، ٥٨٩٩]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ وصبره على أذى المنافقين، رقم: ١٧٩٨. (إكاف) ما يشد على الحمار كالسرج على الفرس. (قطيفة) دثار مخمل، والدثار ما يلبس فوق ما يلامس البدن من الثياب. (أردف) أركب وراءه.

٢٨٢٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: قال يونس: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته، مردفا أسامة بن زيد، ومعه بلال، ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة، حتى أناخ في المسجد، فأمره أن يأتي بمفتاح البيت ففتح، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومعه أسامة وبلال وعثمان، فمكث

١٠٩٠
فيها نهارا طويلا، ثم خرج، فاستبق الناس، وكان عبد الله بن عمر أول من دخل، فوجد بلالا وراء الباب قائما، فسأله أين صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فأشار إلى المكان الذي صلى فيه. قال عبد الله: فنسيت أن أسأله كم صلى من سجدة.
[ر: ٣٨٨]


(الحجبة) هم الذين يقومون بحجابة الكعبة، أي يتولون حفظها، وفي أيديهم مفتاحها. (نهارا طويلا) أي زمنا طويلا من النهار.

١٢٦ - باب: من أخذ بالركاب ونحوه.

٢٨٢٧ - حدثني إسحاق: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قال رسول الله ﷺ: (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة).
[ر: ٢٥٦٠]


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم: ١٠٠٩. (يميط الأذى) يزيل ما يتأذى به الناس، من حجر أو قمامة وغير ذلك.

١٢٧ - باب: كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو.
وكذلك يروى عن محمد بن بشر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وتابعه ابن إسحاق، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وقد سافر النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فِي أرض العدو، وهم يعلمون القرآن.

٢٨٢٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار، رقم: ١٨٦٩. (بالقرآن) أي المكتوب في المصحف لا المحفوظ في الصدور. وهذا إذا خيف عليه أن يناله العدو لقلة الجيش المسلم ونحو ذلك، وإلا فلا مانع منه.

١٢٨ - باب: التكبير عند الحرب.

٢٨٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أيوب، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
صبح النبي ﷺ خيبر، وقد خرجوا بالمساحي على أعناقهم، فلما رأوه قالوا: هذا محمد والخميس، محمد والخميس فلجؤوا إلى الحصن، فرفع النَّبِيُّ ﷺ

١٠٩١
يَدَيْهِ وَقَالَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بساحة قوم فساء صباح المنذرين). وأصبنا حمرا فطبخناها، فنادى منادي النبي ﷺ: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فأكفئت القدور بما فيها.
تابعه علي، عن سفيان: رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَيْهِ.
[ر: ٣٦٤]


(حمرا) جمع حمار. (فأكفئت) قلبت وطرح ما فيها. (القدور) جمع قدر وهو كل إناء يطبخ فيه.

١٢٩ - باب: ما يكره من رفع الصوت في التكبير.

٢٨٣٠ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن عاصم، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فكنا إذا أشرفنا على واد، هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تدعون أصم ولا غائبا، إنه معكم إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جده).
[٣٩٦٨، ٦٠٢١، ٦٠٤٦، ٦٢٣٦، ٦٩٥٢]


أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم: ٢٧٠٤. (اربعوا) ارفقوا. (أصم) من لا يسمع. (تبارك) تقدس وتنزه وكثر خيره. (تعالى جده) تعاظم غناه وعلت عظمته.

١٣٠ - باب: التسبيح إذا هبط واديا.

٢٨٣١ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال:
كناإذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا.
[٢٨٣٢]

١٣١ - باب: التكبير إذا علا شرفا.

٢٨٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عدي، عن شعبة، عن حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قال:
كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا تصوبنا سبحنا.
[ر: ٢٨٣١]


(تصوبنا) انحدرنا، والتصوب النزول.

٢٨٣٣ - حدثنا عبد الله قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عن صالح ابن كيسان، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ النبي ﷺ إذا قفل

١٠٩٢
من الحج أو العمرة - ولا أعلمه إلا قال الغزو - يقول: كلما أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا، ثم قَالَ: (لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وهزم الأحزاب وحده).
قال صالح: فقلت له: ألم يقل عبد الله: إن شاء الله، قال: لا.
[ر: ١٧٠٣]


(قفل) رجع. (أوفى) أشرف أو علا. (ثنية) هي الطريق التي في الجبل، وقيل أعلى الجبل، وقيل غير ذلك. (فدفد) الأرض الغليظة ذات الحصى، وقيل: هو المكان المرتفع فيه صلابة.

١٣٢ - باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة.

٢٨٣٤ - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون: حدثنا العوام: حدثنا إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال:
سمعت أبا بردة، واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مرارا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا).


(يصوم) نفلا. (مثل ما كان يعمل) مثل ثواب عمله الذي كان يعمله.

١٣٣ - باب: السير وحده.

٢٨٣٥ - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عبد الله رضي الله عنهما يقول:
نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ لكل نبي حواريا، وحواري الزبير). قال سفيان: الحواري الناصر.
[ر: ٢٦٩١]

٢٨٣٦ - حدثنا أبو الوليد: حدثنا عاصم بن محمد قال: حدثني أَبِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أبيه، عن ابن عمر،
عن النبي ﷺ قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده).


(ما في الوحدة) الانفراد. (ما أعلم) من المخاطر.

١٣٤ - باب: السرعة في السير.
قال أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أن يتعجل معي فليتعجل).
[ر: ١٤١١]

٢٨٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هشام قال: أخبرني أبي قال:
سئل أسامة بن زيد رضي الله عنهما وكان يحيى يقول، وأنا أسمع، فسقط عني - عن مسير النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الوداع قال: فكان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص. والنص فوق العنق.
[ر: ١٥٨٣]

٢٨٣٨ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شدة وجع، فأسرع السير، حتى إذا كان بعد غروب الشفق، ثم نزل فصلى المغرب والعتمة يجمع بينهما، وقال: أني رأيت النبي ﷺ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَجَمَعَ بينهما.
[ر: ١٠٤١]


(الشفق) الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء. (العتمة) هي وقت ما بين غياب الشفق إلى آخر الثلث الأول من الليل، والمراد هنا صلاة العشاء.

٢٨٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قَالَ: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله).
[ر: ١٧١٠]

١٣٥ - باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع.

٢٨٤٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن نافع، عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما:
أن عمر بن الخطاب حمل على فرس فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يبتاعه، فسأل رسول الله ﷺ فقال: (لا تبتعه، ولا تعد في صدقتك).
[ر: ١٤١٨]

٢٨٤١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أبيه قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:
حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ الله، فابتاعه أو فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وظننت أنه بائعه بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ فقال:

١٠٩٤
(لا تشتره وإن بدرهم، فإن الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).
[ر: ١٤١٩]

١٣٦ - باب: الجهاد بإذن الأبوين.

٢٨٤٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أبي ثابت قال: سمعت أبا العباس الشاعر، وَكَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما يقول:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فاستأذنه في الجهاد، فقال: (أحي والداك). قال: نعم، قال: (ففيهما فجاهد).
[٥٦٢٧]


أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: بر الوالدين وأنهما أحق به، رقم: ٢٥٤٩. (رجل) هو جاهمة بن العباس بن مرداس. (ففيهما فجاهد) ابذل جهدك في إرضائهما وبرهما، فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل الله تعالى.

١٣٧ - باب: ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل.

٢٨٤٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عباد بن تميم: أن أبا بشير الأنصاري رضي الله عنه أخبره:
أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في بعض أسفاره، قال عبد الله: حسبت أنه قال: والناس في مبيتهم، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رسولا: (أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر - أو قلادة - إلا قطعت).


أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير، رقم: ٢١١٥. (قلادة) ما يعلق في العنق من جرس أو نعل أو غيره. (وتر) القوس، وكانوا يقلدونها ذلك من العين، فأمروا بقطعها، إيذانا بأنها لا ترد من قضاء الله تعالى شيئا. قال مالك: أرى ذلك من العين. أي أظن أن النهي مختص بمن فعل ذلك بسبب ضرر العين، وأما من فعله لغير ذلك من الزينة أو غيرها فلا بأس. [فتح]]

١٣٨ - باب: من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة، وكان له عذر، هل يؤذن له.

٢٨٤٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٌو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة وإلا معها مَحْرَمٍ). فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: (اذهب، فحج مع امرأتك).
[ر: ١٧٦٣]

١٣٩ - باب: الجاسوس.
وقول الله تعالى: ﴿لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾ /الممتحنة: ١/. التجسس:

١٠٩٥
التبحث.

٢٨٤٥ - حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو بن دينار، سمعته منه مرتين قال: أخبرني حسن بن محمد قال: أخبرني عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنا والزبير والمقداد بن الأسود، قال: (انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظعينة، ومعها كتاب فخذوه منها). فانطلقنا تعادى بنا خيلنا، حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأجرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله ﷺ فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يا حاطب ما هذا). قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت أمرأ ملصقا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة، يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفرا ولا ارتدادا، ولا رضا بالكفر بعد الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لقد صدقكم). قال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: (إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله أن يكون قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا ما شئتم فقد غفرت لكم). قال سفيان: وأي إسناد هذا.
[٢٩١٥، ٣٧٦٢، ٤٠٢٥، ٤٦٠٨، ٥٩٠٤، ٦٥٤٠]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، رقم: ٢٤٩٤. (روضة خاخ) موضع بين مكة والمدينة. (ظعينة) المرأة في الهودج، وقيل المرأة عامة، واسمها سارة، وقيل كنود. (تعادى بنا) تباعد وتجاري. (عقاصها) هو الشعر المضفور. (ملصقا) مضافا إليهم ولست منهم، وقيل معناه: حليفا، ولم يكن من نفس قريش وأقربائهم. (يدا) نعمة ومنة عليهم. (اطلع) نظر إليهم وعلم حالهم وما سيكون منهم. (وأي إسناد هذا) أراد تعظيم هذا الإسناد وبيان صحته وقوته، لأن رجاله هم العدول الثقات الحفاظ.

١٤٠ - باب: كسوة للأسارى.

٢٨٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال:
لما كان يوم بدر، أتي بالأسارى، وأتي بالعباس، ولم يكن

١٠٩٦
عليه ثوب، فنظر النبي ﷺ له قميصا، فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه، فكساه النبي ﷺ إياه، فلذلك نزع النبي ﷺ قميصه الذي ألبسه، قال ابن عيينة: كانت لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ يد، فأحب أن يكافئه.
[ر: ١٢١١]


(يقدر عليه) يجيء على مقداره. (ألبسه) لعبد الله بعد موته. (يد) نعمة.

١٤١ - باب: فضل من أسلم على يديه رجل.

٢٨٤٧ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد القاري، عن أبي حازم قال: أخبرني سهل رضي الله عنه، يعني ابن سَعْدٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يوم خيبر: (لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). فبات الناس ليلتهم: أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجونه، فقال: (أين علي). فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه، فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله رجلا بك، خير لك من أن يكون لك حمر النعم).
[ر: ٢٧٨٣]

١٤٢ - باب: الأسارى في السلاسل.

٢٨٤٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل).


(عجب الله) رضي عن ذلك وأثاب عليه. (في السلاسل) هو مجاز عن دخولهم في الإسلام مكرهين، ثم يحسن حالهم، فيكون ذلك سبب دخولهم الجنة.

١٤٣ - باب: فضل من أسلم من أهل الكتابين.

٢٨٤٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عيينة: حدثنا صالح بن حي أبو حسن قال: سمعت الشعبي يقول: حدثني أبو بردة: أنه سمع أباه،
عن النبي ﷺ قال: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: الرجل تكون له الأمة، فيعلمها فيحسن تعليمها، ويؤدبها فيحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها فله أجران، ومؤمن أهل الكتاب، الذي كان مؤمنا، ثم آمن

١٠٩٧
بالنبي ﷺ فله أجران، والعبد الذي يؤدي حق الله وينصح لسيده).
ثم قال الشعبي: وأعطيتكها بغير شيء وقد كان الرجل يرحل في أهون منها إلى المدينة.
[ر: ٩٧]

١٤٤ - باب: أهل الدار يبيتون، فيصاب الولدان والذراري.
﴿بياتا﴾ /الأعراف: ٤/: ليلا. ﴿لنبيتنه﴾ /النمل: ٤٩/: ليلا. ﴿بيت﴾ /النساء: ٨١/: ليلا.


(بياتا) الآية بتمامها: ﴿وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون﴾. (بأسنا) عذابنا ونقمتنا. (قائلون) من القيلولة وهي النوم وسط النهار. (لنبيتنه) والآية بتمامها: ﴿قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون﴾. (تقاسموا) احلفوا. (لنبيتنه) لنباغتنه بالإهلاك ليلا. (لوليه) الذي له حق المطالبة بدمه. (شهدنا) حضرنا. (بيت) والآية بتمامها: ﴿ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا﴾. (يقولون) أي المنافقون. (طاعة) أمرنا وحالنا طاعة لك. (بيت) دبروا في الخفاء أو الليل. (طائفة) جماعة، وهم رؤساؤهم. (يكتب) يحصي عليهم، ليحاسبهم على سوء فعلهم وقصدهم. (وكيلا) مفوضا إليه.

٢٨٥٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حدثنا الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاسٍ، عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنهم قال:
مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ ﷺ بالأبواء أو بودان، وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: (هم منهم). وسمعته يقول: (لا حمى إلا لله تعالى ولرسوله ﷺ).
وعن الزهري أنه سمع عبيد الله، عن ابن عباس: حدثنا الصعب في الذراري: كان عمرو يحدثنا، عن ابن شهاب، عن النبي ﷺ. فسمعناه من الزهري قال: أخبرني عبيد الله، عن ابن عباس، عن الصعب، قال: (هم منهم). ولم يقل كما قال عمرو: (هم من آبائهم).
[ر: ٢٢٤١]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، رقم: ١٧٤٥. (بالأبواء أو بودان) موضعان بين مكة والمدينة. (يبيتون) يغار عليهم في الليل، فلا يعرف رجل من امرأة. (فيصاب) بالقتل وغيره. (هم منهم) أي من المشركين، فلا حرج في
إصابتهم إذا كانوا مختلطين معهم، ولا يمكن الوصول إلى قتل الكبار إلا بقتلهم، وليس المراد قتلهم بطريق القصد إليهم.

١٤٥ - باب: قتل الصبيان في الحرب.

٢٨٥١ - حدثنا أحمد بن يونس: أخبرنا الليث، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه أخبره:
أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي ﷺ مقتولة، فأنكر رسول الله ﷺ قتل النساء والصبيان.
[٢٨٥٢]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، رقم: ١٧٤٤.

١٤٦ - باب: قتل النساء في الحرب.

٢٨٥٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله ﷺ، فنهى رسول الله ﷺ عن قتل النساء والصبيان.
[ر: ٢٨٥١]

١٤٧ - باب: لا يعذب بعذاب الله.

٢٨٥٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بكير، عن سليمان بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في بعث فقال: (إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حين أردنا الخروج: (إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما).
[ر: ٢٧٩٥]

٢٨٥٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أيوب، عن عكرمة:
أن عليا رضي الله عنه حرق قوما، فبلغ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أحرقهم، لأن النبي ﷺ قال: (لا تعذبوا بعذاب الله). ولقتلتهم، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (من بدل دينة فاقتلوه).
[٦٥٢٤]

١٤٨ - باب: ﴿فإما منا بعد وإما فداء﴾ /محمد: ٤/.
فيه حديث ثمامة. [ر: ٤٥٠].
وقوله عز وجل: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض - يعني: يغلب

١٠٩٩
في الأرض - تريدون عرض الدنيا﴾. الآية /الأنفال: ٦٧/.


(منا) تمنون على أسرى المشركين فتطلقونهم بدون عوض. (فداء) تطلقون سراحهم مقابل مال يدفعونه، أو أسرى من المسلمين يطلقونهم. (ما كان ..) وتمامها: ﴿والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم﴾. (يكون له أسرى) ويأخذ عنهم الفداء. (يثخن في الأرض) يكثر القتال في الكافرين. (عرض الدنيا) حطامها وهو المال وغيره.

١٤٩ - باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة.
فيه المسور، عن النبي ﷺ. [ر: ٢٥٨١].

١٥٠ - باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق.

٢٨٥٥ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أن رهطا من عكل، ثمانية، قدموا على النبي ﷺ، فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْغِنَا رسلا، قال: (ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود). فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها، حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وكفروا بعد إسلامهم، فأتى الصريخ النَّبِيَّ
ﷺ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فما ترجل النهار حتى أتي بهم، فقطه أيديهم وأرجلهم، ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها، وطرحهم بالحرة، يستسقون فما يسقون، حتى ماتوا.
قال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله ﷺ وسعوا في الأرض فسادا.
[ر: ٢٣١]


(ابغنا) أعنا، من الإبغاء، وهو الإعانة على الطلب. (رسلا) درا من اللبن. (الصريخ) الصوت الصارخ المستغيث. (الطلب) جمع طالب، وهم الذين خرجوا يطلبون هؤلاء الباغين ليمسكوا بهم. (ترجل) ارتفعت شمسه واشتد حره.

٢٨٥٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب وأبي سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (قرصت نملة نبيا من لأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح).
[٣١٤١]


أخرجه مسلم في السلام، باب: النهي عن قتل النمل، رقم: ٢٢٤١. (بقرية النمل) موضع اجتماعه. (أمة) الجيل من كل حي. (تسبح) تنزه وتقدس، قال الله تعالى: ﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا﴾ /الإسراء: ٤٤/. (تفقهون) تفهمون.

١٥١ - باب: حرق الدور والنخيل.

٢٨٥٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ بن أبي حازم قال: قال لي جرير:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألا تريحني من ذي الخلصة). وكان بيتا في خثعم يسمى كعبة اليمانية، قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، قال: وكنت لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه فِي صَدْرِي وَقَالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مهديا). فانطلق إليها فكسرها وحرقها، ثم بعث إلى رسول الله ﷺ يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق، ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف، أو أجرب. قال: فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات.
[٢٨٧١، ٢٩١١، ٣٦١١، ٤٠٩٧ - ٤٠٩٩، ٥٧٣٩، ٥٩٧٤]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، رقم: ٢٤٧٦. (تريحني) تريح قلبي وذهني من الضلال بسببه. (ذي الخلصة) بيت أصنام كانت تعبدها دوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم. (أحمس) قبيلة من العرب. (أجوف) مجوف، أي خال عن كل ما يكون في البطن، والمراد أنه فني بالكلية. (أجرب) أي مطلي بالقطران من الجرب، أي إنها اسودت من الإحراق.

٢٨٥٨ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قال:
حرق النبي ﷺ نخل بني النضير.
[ر: ٢٢٠١]

١٥٢ - باب: قتل النائم المشرك.

٢٨٥٩ - حدثنا علي بن مسلم: حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة قال: حدثني أبي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رهطا من الأنصار إلى أبي رافع ليقتلوه، فانطلق رجل منهم فدخل حصنهم، قال: فدخلت في مربط دواب لهم، قال: وأغلقوا باب الحصن، ثم إنهم فقدوا حمارا لهم، فخرجوا يطلبونه، فخرجت فيمن خرج، أريهم أنني أطلبه معهم، فوجدوا الحمار فدخلوا ودخلت،

١١٠١
وأغلقوا باب الحصن ليلا، فوضعوا المفاتيح في كوة حيث أراها، فلما ناموا أخذت المفاتيح، ففتحت باب الحصن، ثم دخلت عليه فقلت: يا أبا رافع، فأجابني، فتعمدت الصوت فضربته فصاح، فخرجت ثم جئت، ثم رجعت كأني مغيث، فقلت: يا أبا رافع، وغيرت صوتي، فقال: ما لك لأمك الويل، قلت: ما شأنك؟ قال: لا أدري من دخل علي فضربني، قال: فوضعت سيفي في بطنه، ثم تحاملت عليه حتى قرع العظم، ثم خرجت وأنا دهش، فأتيت سلما لهم لأنزل منه فوقعت، فوثئت رجلي، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما أنا ببارح حتى أسمع الناعية، فما برحت حتى سمعت نعايا أبي رافع تاجر أهل الحجاز، قال: فقمت وما بي قلبة، حتى أتينا النبي ﷺ فأخبرناه.


(رهطا) جماعة من الرجال ما بين الثلاثة إلى التسعة. (من الأنصار) وهم عبد الله بن عتيك، وعبد الله بن عتبة، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة، والأسود الخزاعي، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن عقبة، وكان معهم أسعد بن حرام حليف بني سوادة، رضي الله عنهم. (رجل) هو عبد الله بن عتيك. (كوة) ثقب في جدار البيت. (الويل) الهلاك. (تحاملت عليه) تكلفته على مشقة. (قرع العظم) أصابه، وأصل القرع الضرب. (دهش) متحير مدهوش. (فوثئت) من الوثء، وهو أن يصيب العظم صدع من غير بينونة. (ببارح) بذاهب. (الناعية) من النعي وهو الإخبار بالموت. (قلبة) علة.

٢٨٦٠ - حدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدم: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن أبيه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رهطا من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا، فقتله وهو نائم.
[٣٨١٢ - ٣٨١٤]

١٥٣ - باب: لا تمنوا لقاء العدو.

٢٨٦١ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يوسف اليربوعي: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن موسى بن عقبة قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بن عبيد الله كنت كَاتِبًا لَهُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بن أبي أوفى، حين خرج إلى الحرورية، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس فقال: (أيها الناس، لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتوهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال: اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم).

٢٨٦٢ - وقال موسى بن عقبة: حدثني سالم أبو النضر: كنت كاتبا لعمر بن عبيد الله، فأتاه كتاب عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (لا تمنوا لقاء العدو).
[ر: ٢٦٦٣]

٢٨٦٣ - وقال أبو عامر: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (لا تمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاصبروا).


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، رقم: ١٧٤١.

١٥٤ - باب: الحرب خدعة.

٢٨٦٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (هلك كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده، وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر بعده، ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله).
وسمى الحرب خدعة.


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الخداع في الحرب، رقم: ١٧٤٠. وفي الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم: ٢٩١٨. (هلك) مات. (كسرى) لقب ملك الفرس. (قيصر) لقب ملك الروم. (كنوزهما) جمع كنز وهو المال المدفون، والمال الذي يجمع ويدخر. (خدعة) المرة الواحدة من الخداع، معناه: استعمل الحيلة في الحرب ما أمكنك، فإذا أعيتك الحيل فقاتل، وقيل: معناه: أن من خدع فيها مرة واحدة عطب وهلك ولا عودة له.

٢٨٦٥ - حدثنا أبو بكر بن أصرم: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
سمى النبي ﷺ الحرب خدعة.
[٢٩٥٢، ٣٤٢٢، ٦٢٥٥]

٢٨٦٦ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الحرب خدعة).


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الخداع في الحرب، رقم: ١٧٣٩.

١٥٥ - باب: الكذب في الحرب.

٢٨٦٧ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو، بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ

١١٠٣
عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: (من لكعب بن الأشرف، فإنه آذى الله ورسوله). قال محمد بن سلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: (نعم). قال: فأتاه: فقال: إن هذا - يعني النبي ﷺ قد عنانا وسألنا الصدقة، قال: وأيضا، والله لتملنه، قال: فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه، حتى ننظر إلى ما يصير أمره، قال: فلم يزل يكلمه حتى استمكن منه فقتله.
[ر: ٢٣٧٥]


(عنانا) أتعبنا. (لتملنه) لتضجرن منه.

١٥٦ - باب: الفتك بأهل الحرب.

٢٨٦٨ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (من لكعب بن الأشرف). فقال: محمد ابن مسلمة: أتحب أن أقتله؟ قال: (نعم). قال: فأذن لي فأقول، قال: (قد فعلت).
[ر: ٢٣٧٥]

١٥٧ - باب: ما يجوز من الاحتيال والحذر، مع من تخشى معرته.


(معرته) شدته وما يكره منه من فساد.

٢٨٦٩ - قال الليث: حدثني عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قال:
انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهُ أبي بن كعب، قبل ابن صياد، فحدث به في نخل، فلما دخل عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النخل، طفق يتقي بجذوع النخل، وابن صياد في قطيفة له فيها رمرمة، فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فقالت: يا صاف هذا محمد، فوثب ابن صياد، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لو تركته بين).
[ر: ١٢٨٩]

١٥٨ - باب: الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق.
فيه سهل وأنس عن النبي ﷺ. [ر: ٢٦٧٩، ٣٥٨٦]
وفيه يزيد عن سلمة. [ر: ٣٩٦٠]

٢٨٧٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ الخندق، وهو ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وكان رجلا كثير الشعر، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة:

١١٠٤
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت أقدامنا إن لاقينا
إن الاعدا قد بغوا علينا ... إن أرادوا فتنة أبينا
يرفع بها صوته.
[ر: ٢٦٨١]

١٥٩ - باب: من لا يثبت على الخيل.

٢٨٧١ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قيس، عن جرير رضي الله عنه قَالَ:
مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وقال: (اللهم ثبته، واجعله هاديا ومهديا).
[ر: ٢٨٥٧]


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، رقم: ٢٤٧٥. (ما حجبني) ما منعني من دخول داره، أي كان يأذن كلما استأذن، وليس معناه أنه يدخل بدون استئذان، أو يرى أزواجه.

١٦٠ - باب: دواء الجرح بإحراق الحصير، وغسل المرأة عن أبيها الدم عن وجهه، وحمل الماء في الترس.

٢٨٧٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سعد الساعدي رضي الله عنه:
بأي شيء دووي جرح النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، كان يجيء بالماء في ترسه، وكانت - يعني فاطمة - تغسل الدم عن وجهه، وأخذ حصير فأحرق، ثم حشي به جرح رسول الله ﷺ.
[ر: ٢٤٠]

١٦١ - باب: ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه.
وقال الله تعالى: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ /الأنفال: ٤٦/.
قال قتادة: الريح الحرب.


(تفشلوا) من الفشل، وهو الفزع والجبن والضعف. (ريحكم) قوتكم.

٢٨٧٣ - حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ معاذا وأبا موسى إلى اليمن، قال: (يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا

١١٠٥
وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا ولا تختلفا).
[٤٠٨٦ - ٤٠٨٨، ٥٧٧٣، ٦٧٥١]


(يسرا) خذا بما فيه من التيسير. (ولا تعسرا) من التعسير وهو التشديد. (بشرا) من التبشير وهو إدخال السرور. (ولا تنفرا) من التنفير، أي لا تذكرا شيئا يهربون منه. (تطاوعا) تحابا وليطع كل منكما الآخر.

٢٨٧٤ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أبو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما يحدث قال:
جعل النبي ﷺ على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير فقال: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم). فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن. فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله ابن جبير: أنسيتم ما قال لَكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قَالُوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي ﷺ غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي ﷺ وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا. فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد، ثلاث مرات، فنهاهم النبي ﷺ أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة، ثلاث مرات، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب، ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه، فقال: كذبت والله يا عدو الله، إن الذين عددت أحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسؤوك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: اعل هبل، اعل هبل، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَلَا تجيبونه). قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال:

١١٠٦
(قولوا: الله أعلى وأجل). قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِلَّا تجيبونه). قال: قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: (قولوا الله مولانا ولا مولى لكم).
[٣٧٦٤، ٣٨١٧، ٣٨٤٠، ٤٢٨٥]


(الرجالة) جمع راجل، وهو الذي يقاتل على رجليه. (تخطفنا الطير) من الخطف وهو استلاب الشيء وأخذه بسرعة، معناه: إن قتلنا وأكلت لحومنا الطير فلا تتركوا أماكنكم، وقيل: هو مثل يراد به الهزيمة. (أوطأناهم) مشينا عليهم بعد أن وقعوا قتلى على الأرض. (النساء) نساء المشركين. (يشتددن) يعدون. (خلاخلهن) جمع خلخال وهو ما يوضع في الرجل من الحلي. (الغنيمة) الزموها وحوزوها. (أي قوم) يا قوم. (ظهر) غلب. (صرفت وجوههم) قلبت وحولت إلى الموضع الذي جاؤوا منه. (أخراهم) جماعتهم المتأخرة. (سجال) مرة لهؤلاء ومرة لهؤلاء. (مثلة) وهي قطع الأنوف وبقر البطون نحو ذلك .. (يرتجز) من الرجز وهو نوع من أوزان الشعر. (هبل) اسم صنم كان في الكعبة. (العزى) تأنيث الأعز، اسم صنم كان لقريش. (مولانا) ناصرنا.

١٦٢ - باب: إذا فزعوا بالليل.

٢٨٧٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله ﷺ أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة ليلة، سمعوا صوتا، قال: فتلقاهم النبي ﷺ على فرس لأبي طلحة عري، وهو متلقد سيفه، فقال: (لم تراعوا لم تراعوا). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وجدته بحرا). يعني الفرس.
[ر: ٢٤٨٤]

١٦٣ - باب: من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس.

٢٨٧٦ - حدثنا المكي بن إبراهيم: أخبرنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة أنه أخبره قال:
خرجت من المدينة ذاهبا نحو الغابة، حتى إذا كنت بثنية الغابة لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، قلت ويحك ما بك؟ قال: أخذت لقاح النبي ﷺ، قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة، فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها: يا صباحاه يا صباحاه، ثم اندفعت حتى ألقاهم وقد أخذوها، فجعلت أرميهم وأقول:
أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع.
فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت بها أسوقها، فلقيني النَّبِيُّ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رسول الله، إن القوم عطاش، وإني أعجلتهم أن يشربوا سقيهم، فابعث في أثرهم، فقال:

١١٠٧
(يا ابن الأكوع: ملكت فأسجح، إن القوم يقرون في قومهم).
[٣٩٥٨]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة ذي قرد وغيرها، رقم: ١٨٠٦. (الغابة) موضع من المدينة على طريق الشام، والغابة في الأصل الأشجار الكثيفة الملتفة. (بثنية) هي الطريق في الجبل أو بين الجبلين، وقيل المرتفع منه. (ويحك) كلمة ترحم، عكس ويل فهي كلمة عذاب. (لقاح) هي الإبل الحلوب، الواحدة لقوح. (غطفان وفزارة) قبيلتان من العرب، وكان على رأس المغيرين عيينة بن حصن الفزاري. (لابتيها) لابتي المدينة، واللابة الحرة، وهي أرض ذات حجارة سود. (يا صباحاه) كلمة يقولها المستغيث، وكأنه ينادي الناس مستغيثا بهم في وقت الصباح. (اندفعت) أسرعت في السير. (الرضع) جمع راضع، قيل: هو الذي رضع اللؤم من ثدي أمه وغذي به، والمعنى: اليوم يوم هلاك اللئام، وقيل غير ذلك. (ملكت) قدرت عليهم. (فأسجح) فارفق، من الإسجاح وهو حسن العفو. (يقرون) يضافون، والمعنى: أنهم وصلوا إلى قومهم وهم يضيفونهم ويساعدونهم، فلا فائدة في البعث في أثرهم.

١٦٤ - باب: من قال: خذها وأنا ابن فلان.
وقال سلمة: خذها وأنا ابن الأكوع.
[ر: ٢٨٧٦]

٢٨٧٧ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إسحاق قال: سأل رجل البراء رضي الله عنه فقال:
يا أبا عمارة، أوليتم يوم حنين؟ قال البراء، وأنا أسمع: أما رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يول يومئذ، كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته، فلما غشيه المشركون نزل، فجعل يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب). قال: فما رئي من الناس يومئذ أشد منه.
[ر: ٢٧٠٩]


(بعنان) وهو سير لجام الفرس. (غشيه المشركون) أحاطوا به.

١٦٥ - باب: إذا نزل العدو على حكم رجل.

٢٨٧٨ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة، هو ابن سهل بن حنيف، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال:
لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد، هو ابن معاذ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وكان قريبا منه، فجاء على حمار، فلما دنا قال رسول الله ﷺ: (قوموا إلى سيدكم). فجاء فجلس إلى رسول الله ﷺ، فقال له: (إن هؤلاء نزلوا على حكمتك). قال: فإني أحكم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية، قال: (لقد حكمت فيهم بحكم الملك).
[٣٥٩٣، ٣٨٩٥، ٥٩٠٧]


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز قتال من نقض العهد، رقم: ١٧٦٨. (نزلوا على حكمك) رضوا أن تحكم فيهم. (المقاتلة) البالغين الذين من شأنهم أن يقاتلوا. (تسبى الذرية) يؤخذ النساء والصبيان سبيا، فيجعلون أرقاء ويوزعون على الغانمين المسلمين. (بحكم الملك) بالحكم الذي يريده الله تعالى.

١٦٦ - باب: قتل الأسير، وقتل الصبر

٢٨٧٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ

١١٠٨
فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: (اقتلوه).
[ر: ١٧٤٩]

١٦٧ - باب: هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل.

٢٨٨٠ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بن جارية الثقفي، وهو حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هريرة: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عشرة رهط سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهداة، وهو بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب فاقتصوا آثارهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق، ولا نقتل منكم أحدا. قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن في هؤلاء لأسوة، يريد القتلى، فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرا، فأخبرني عبيد الله بن عياض: أن بنت الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا موسى يستحد بها فأعارته، فأخذ

١١٠٩
ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه، قالت: فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي، فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك. والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يويوما يأكل من قطف عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمر، وكانت تقول: إنه لرزق من الله رزقه خبيبا، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها، اللهم أحصهم عددا:
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ ممزع
فقتله ابن الحارث، فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا، فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ خبرهم وما أصيبوا. وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا.
[٣٧٦٧، ٣٨٥٨، ٦٩٦٧]


(رهط) جماعة من الرجال ما دون العشرة، وقيل ما دون الأربعين. (سرية) قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وهذه السرية تسمى سرية الرجيع، وكانت في صفر سنة أربع من الهجرة، والرجيع اسم لماء بين مكة وعسفان. (عينا) جاسوسا يستطلع أخبار العدو. (بالهدأة) اسم موضع. (فاقتصوا آثارهم) اتبعوها. (فدفد) موضع مرتفع أو مكان مشرف. (أعطونا بأيديكم) استسلموا لنا. (لكم العهد والميثاق) لكم منا الذمة أن لا نغدر بكم. (في سبعة) في جملة سبعة. (رجل آخر) هو عبد الله ابن طارق البلوي. (قسيهم) جمع قوس، وهو ما يرمى عنه بالنبل. (فابتاع) اشترى. (موسى) سكينا صغيرة من حديد. (يستحد) من الاستحداد وهو حلق شعر العانة، وهي ما ينبت حول الفرج. (فزعة) خوفة. (عرفها) رأى أثرها. (قطف) عنقود. (لموثق) لمربوط في الحديد. (ذروني) اتركوني. (الحل) خارج الحرم. (ما بي) صلاتي واستمهالي. (جزع) خوف وضجر، وهو ضد الصبر. (أحصهم عددا) استأصلهم بالهلاك ولا تبق منهم أحدا. (مصرعي) موتي وهلاكي. (أوصال) جمع وصل، وهو المفصل أو مجتمع العظام. (شلو) عضو، أو قطعة من اللحم. (ممزع) مقطع. (مثل الظلة) السحابة المظلة. (الدبر) ذكور النحل أو الزنابير، واحدة دبرة.

١٦٨ - باب: فكاك الأسير.
فيه عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

٢٨٨١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (فكوا العاني، يعني: الأسير، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض).
[٤٨٧٩، ٥٠٥٨، ٥٣٢٥، ٦٧٥٢]


(فكوا) خلصوا. (العاني) الأسير، وكل من وقع في ذل واستكانة وخضوع. (الجائع) من آدمي وغيره. (عودوا) من العيادة وهي زيارة المريض.

٢٨٨٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ: أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال:
قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ: الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
[ر: ١١١]


(فلق الحبة) شقها في الأرض حتى تنبت ثم تثمر. (برأ) خلق. (النسمة) النفس.

١٦٩ - باب: فداء المشركين.

٢٨٨٣ - حدثنا إسماعيل بن أبي أويس: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، ائذن فلنترك ابن أختنا عباس فدائه. فقال: (لا تدعون منها درهما).
[ر: ٢٤٠٠]


(لابن أختنا) فهم أخوال أبيه عبد المطلب. (فداءه) المال الذي يفتدي به نفسه من الأسر.

٢٨٨٤ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عن أنس قال:
أتى النبي ﷺ بمال من البحرين، فجاءه الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي، فَإِنِّي فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال: (خذ). فأعطاه في ثوبه.
[ر: ٤١١]

٢٨٨٥ - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه، وكان جاء في أسارى بدر، قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقرأ في المغرب بالطور.
[ر: ٧٣١]

١٧٠ - باب: الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان.

٢٨٨٦ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا أبو العميس، عن إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قال:
أتى النبي ﷺ عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل، فقال النبي ﷺ: (اطلبوه واقتلوه). فقتله فنفله سلبه.


انظر مسلم: الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم: ١٧٥٤. (عين) جاسوس. (انفتل) انصرف. (فقتله) أي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه. (فنفله) أعطاه، والنفل ما يشترطه الإمام لمن يقوم بعمل ذي خطر. (سلبه) هو كل ما يكون مع المقتول من مركب أو سلاح أو متاع.

١٧١ - باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون.

٢٨٨٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عن حصين، عن عمرو بن ميمون، عن عمر رضي الله عنه قال:
وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ ﷺ، أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم.
[ر: ١٣٢٨]

١٧٢ - باب: جوائز الوفد.
هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم.


يوجد في أكثر النسخ بعد ترجمة هذا الباب، وبدون أحاديث، باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم.

٢٨٨٨ - حدثنا قبيصة: حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال:
اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وجعه يوم الخميس، فقال: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا). فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله ﷺ؟ قال: (دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه). وأوصى عند موته بثلاث: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم). ونسيت الثالثة.
وقال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة بن عبد الرحمن، عن جزيرة العرب، فقال: مكة والمدينة واليمامة واليمن. وقال يعقوب: والعرج أول تهامة.
[ر: ١١٤]


أخرجه مسلم في الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، رقم: ١٦٣٧. (خضب) بلل ورطب. (الحصباء) الحصى الصغيرة. (هجر) أي يتكلم بما لا يعرف لشدة وجعه، وفي نسخة (أهجر) بهمزة استفهام أي أنكر بعض الحاضرين على من قال لا تكتبوا، وقال: لا تجعلوا كلامه ككلام من خلط وهذى. (أجيزوا الوفد) أعطوه جائزته، وهي العطية المستحقة، والوفد قوم يجتمعون ويردون البلاد، أو يقصدون الأمراء، لزيارة أو شأن. (الثالثة) التي أوصى بها، وقيل: هي القرآن، وقيل: تجهيز جيش أسامة بنت زيد رضي الله عنهما. (العرج) قرية على طريق مكة من المدينة.

١٧٣ - باب: التجمل للوفود.

٢٨٨٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ

١١١٢
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
وجد عمر حلى إستبرق تباع في السوق، فأتى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ الحلة، فتجمل بها للعيد وللوفود، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، أو: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ). فلبث ما شاء الله، ثم أرسل النبي ﷺ إليه بجبة ديباج، فأقبل بها عمر حتى أتى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فقال: يا رسول الله، قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ له، أو إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، ثم أرسلت إلي بهذه؟ فقال: (تبيعها، أو تصيب بها بعض حاجتك).
[ر: ٨٤٦]


(إستبرق) ما غلظ من الحرير. (ابتع) اشتر. (فتجمل) فتزين.

١٧٤ - كيف يعرض الإسلام على الصبي.

٢٨٩٠ - حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا هشام: أخبرنا معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أخبره:
أن عمر انطلق في رهط مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مع النبي ﷺ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الغلمان، عند أطم بني مغالة، وقد قارب يزمئذ ابن صياد يحتلم، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أتشهد أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ). فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَتَشْهَدُ أني رسول الله؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (آمنت بالله وَرَسُولَهُ) قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَاذَا تَرَى). قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وكاذب، قال النَّبِيُّ ﷺ: (خُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ). قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنِّي قَدْ خبأت لك خبيئا). قال ابن صياد: هو الدخ، قال النبي ﷺ: (اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ). قَالَ عُمَرُ: يَا رسول الله، ائذن لي فيه أضرب عنقه، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فلا خير لك في قتله).


(خبيئا) وفي رواية (خبأ) وفي ثالثة (خبأ) أي أخفيت لك شيئا فاحزره.

٢٨٩١ - قال ابن عمر:
انطلق النبي ﷺ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، يأتيان النخل، الذي فيه ابن صياد، حتى إذا دخل النخل، طفق النبي ﷺ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وهو يختل ابن صياد أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ في

١١١٣
قطيفة له فيها رمزة، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لابن صياد: أي صاف، وهو اسمه، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَوْ تركته بين).
[ر: ١٢٨٩]

٢٨٩٢ - وقال سالم: قال ابن عمر:
ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: (إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بأعور).
[ر: ٣١٥٩]

١٧٥ - باب: قول النبي ﷺ لليهود: (أسلموا تسلموا).
قاله المقبري عن أبي هريرة.
[ر: ٢٩٩٦]


(تسلموا) في الدنيا من القتل والجزية، وفي الآخرة من العقاب والخلود في النار.

١٧٦ - باب إذا أسلم قوم في دار الحرب، ولهم مال وأرضون، فهي لهم

٢٨٩٣ - حدثنا مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بن عفان، عن أسامة بن زيد قال:
قلت: يا رسول الله، أين تنزل غدا؟ في حجته، قال: (وهل ترك لنا عقيل منزلا). ثم قال: (نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة المحصب، حيث قاسمت قريش على الكفر). وذلك أن بني كنانة حالفت قريشا على بني هاشم: أن لا يبايعوهم ولا يؤووهم. قال الزهري: والخيف: الوادي.
[ر: ١٥١١]

٢٨٩٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه استعمل مولى له يدعى هنيا على الحمى، فقال: يا هني اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة، ورب الغنيمة، وإياي ونعم بن عوف ونعم بن عفان، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى

١١١٤
نخل وزرع، وإن رب الصريمة، ورب الغنيمة: إن تهلك ماشيتهما، يأتني ببنيه فيقول: يا أمير المؤمنين؟ أفتاركهم أنا لا أبا لك، فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم فقاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله، ما حميت عليهم من بلادهم شبرا.


(الحمى) موضعا يعينه الحاكم ويخصصه لرعي مواشي الزكاة وغيرها، مما يرجع ملكه إلى بيت مال المسلمين، ويمنع عامة الناس من الرعي فيه. (اضمم جناحك) هو كناية عن الرحمة والشفقة، والمعنى: كف يدك عن ظلم المسلمين. (أدخل) المرعى. (رب الصريمة) مصعر الصرمة، أي صاحب القطيعة القليلة من الإبل. (الغنيمة) مصغر الغنم، أي صاحب
الغنم القليلة. (وإياي ونعم) أحذرك تحذيرا بالغا أن تتركها تستوعب المرعى، فلا يبقى متسع لصاحب الصريمة والغنيمة. (لا أبا لك) هو في الأصل دعاء عليه، ولكن يراد باستعماله خلاف الحقيقة. (وايم الله) وعهد الله. (الكلأ) العشب. (الورق) الفضة. (المال الذي لا أحمل عليه) الإبل التي كان يحمل عليها ولا يجد ما يركبه من أجل الجهاد في سبيل الله تعالى.

١٧٧ - باب: كتابة الإمام للناس.

٢٨٩٥ - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس). فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل، فقلنا نخاف ونحن ألف وخمسمائة، فلقد رأيتنا ابتلينا، حتى إن الرجل ليصلي وحده وهو خائف.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ: فوجدناهم خمسمائة، قال أبو معاوية: ما بين ستمائة إلى سبعمائة.


أخرجه مسلم في الإيمان: باب: الاستسرار بالإيمان للخائف، رقم: ١٤٩. (فقلنا) كان هذا القول عند حفر الخندق. (ابتلينا) من الابتلاء وهو الاختبار والامتحان، ومراده ما أصاب المسلمين بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ من الفتن.

٢٨٩٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جريج، عن عمرو بن دينار، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كتبت في غزوة كذا وكذا، وامرأتي حاجة، قال: (ارجع، فحج مع امرأتك).
[ر: ١٧٦٣]

١٧٨ - باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر.

٢٨٩٧ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري (ح). وحدثني مَحْمُودُ بْنُ

١١١٥
غَيْلَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خيبر، فقال لرجل ممن يَدَّعِي الْإِسْلَامَ: (هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ). فَلَمَّا حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصبته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات، فقال النبي ﷺ: (إلى النار). قال: فكاد بعض النار أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي ﷺ بذلك فقال: (الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله). ثم أمر بلالا فنادى بالناس: (إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ).
[٣٩٦٧، ٦٢٣٢]


أخرجه مسلم في الإيمان: باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ..، رقم: ١١١. (شهدنا) حضرنا. (خيبر) أي فتحها. (يرتاب) يشك ويرتد عن دينه. (ليؤيد) ينصر ويحمي. (الفاجر) من الفجور وهو الانطلاق في المحرمات والمعاصي.

١٧٩ - باب: من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو.

٢٨٩٨ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عن أيوب، عن حميد ابن هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:
خطب رسول الله ﷺ فقال: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح عليه، وما يسرني، أو قال: ما يسرهم، أنهم عندنا). وقال: وإن عينيه لتذرفان.
[ر: ١١٨٩].

١٨٠ - باب: العون بالمدد.

٢٨٩٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عدي وسهل بن يوسف، عن سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان، فزعموا أنهم قد أسلموا، واستمدوه على قومهم، فأمدهم النبي ﷺ بسبعين من الأنصار، قال أنس: كنا نسميهم القراء، يحطبون بالنهار ويصلون بالليل، فانطلقوا بهم، حتى بلغوا

١١١٦
بئر معونة غدروا بهم وقتلوهم، فقنت شهرا يدعو على رعل وذكوان وبني لحيان.
قال قتادة: وحدثنا أنس: أنهم قرؤوا بهم قرآنا: ألا بلغوا عنا قومنا، بأنا قد لقينا ربنا، فرضي عنا وأرضانا. ثم رفع ذلك بعد.
[ر: ٢٦٤٧]


(استمدوه) طلبوا منه المدد. (فقنت) دعا في القيام. (رفع) نسخت تلاوته.

١٨١ - باب: من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثا.

٢٩٠٠ - حدثنا محمد بن عبد الرحيم: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك، عن أبي طلحة رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال.
تابعه معاذ، وعبد الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ، عن أبي طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[٣٧٥٧]


(ظهر) غلب. (بالعرصة) التي تكون لدى من غلب، وهي البقعة الواسعة بغير بناء.

١٨٢ - باب: من قسم الغنيمة في غزوه وسفره.
وقال رافع: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بذي الحليفة، فأصبنا غنما وإبلا، فعدل عشرة من الغنم ببعير.
[ر: ٢٣٥٦]

٢٩٠١ - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قتادة: أن أنسا أخبره قَالَ:
اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين.
[ر: ١٦٨٧]

١٨٣ - باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم.

٢٩٠٢ - قال ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قال:
ذهب فرس له فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون فرد عليه فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وأبق عبد له فلحق بالروم، فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي ﷺ.


(العدو) الكفار من أهل الحرب. (فظهر) غلب. (أبق) هرب.

٢٩٠٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نافع:
أن عبدا لابن عمر أبق فلحق بالروم فظهر عليه خالد بن الوليد فرده على عبد الله، وأن فرسا

١١١٧
لابن عمر عار فلحق بالروم، فظهر عليه فردوه على عبد الله.
قال أبو عبد الله: عار مشتق من العير، وهو حمار وحش، أي هرب.

٢٩٠٤ - حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ كَانَ على فرس يوم لقي المسلمون، وأمير المسلمين يومئذ خالد بن الوليد بعثه أبو بكر، فأخذه العدو، فلما هزم العدو رد خالد فرسه.

١٨٤ - باب: من تكلم بالفارسية والرطانة.
وقوله تعالى: ﴿واختلاف ألسنتكم وألوانكم﴾ /الروم: ٢٢/. ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه﴾ /إبراهيم: ٤/.


(الرطانة) هي كل كلام غير عربي، وتطلق على كل كلام لا يفهم. (ألسنتكم) لغاتكم. (بلسان) بلغة.

٢٩٠٥ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان: أخبرنا سعيد بن ميناء قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال:
قلت: يا رسول الله، ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعا من شعير، فتعال أنت ونفر، فصاح النبي ﷺ فقال: (يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم).
[٣٨٧٥، ٣٨٧٦]


(بهيمة) مصغر بهمة وهي ولد الضأن ذكرا أم أنثى. (نفر) جماعة من الرجال من ثلاثة إلى عشرة، وقيل إلى سبعة. (سورا) هو الطعام الذي يدعى إليه الناس. (فحي هلا بكم) فأقبلوا أهلا بكم.

٢٩٠٦ - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مع أبي وعلي وقميص أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (سَنَهْ سَنَهْ). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (دَعْهَا). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي). قَالَ عَبْدُ الله: فبقيت حتى ذكر.
[٣٦٦١، ٥٤٨٥، ٥٥٠٧، ٥٦٤٧]


(فزبرني) نهرني. (أبلي) من أبليت الثوب إذا جعلته عتيقا، وأخلقي بمعناه، والمعنى: عيشي وخرقي ثيابك وارقعيها، وهكذا. وفي نسخة (وأخلفي) من الخلف وهو العوض والبدل، أي: اكتسبي خلفه بعد بلائه. (فبقيت حتى ذكر) عاشت أم خالد حتى ذكر الراوي زمنا طويلا نسي طول مدته، ويروى (حتى ذكرت) أي صارت مذكورة عند الناس لخروجها عن العادة. وفي نسخة (دكن) من الدكنة وهي غبرة، أي اسود لونه من طول ما لبس.

٢٩٠٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه:
أن الحسن بن علي أخذ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فقال النبي ﷺ بالفارسية: (كخ كخ، أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة).
[ر: ١٤١٤]


(بالفارسية) أي هي كلمة فارسية في الأصل ولكنها عربت باستعمال العرب لها.

١٨٥ - باب: الغلول.
وقول الله تعالى: ﴿ومن يغلل يأت بما غل﴾ /آل عمران: ١٦١/.


(يغلل) من الغلول، وهو الأخذ من الغنيمة خفية قبل قسمتها، وكان من خان في شيء خفية فقد غل.

٢٩٠٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ قال: حدثني أبو زرعة قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَامَ فِينَا النَّبِيُّ ﷺ فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، قال: (لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، على رقبته فرس لها حمحمة، يقول: يا رسول الله أغثني، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قد أبلغتك، وعلى رقبته بعير لها رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، وعلى رقبته صامت فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، أو على رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد بلغتك).
وقال أيوب، عن أبي حيان: (فرس له حمحمة).
[ر: ١٣٣٧]


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: غلظ تحريم الغلول، رقم: ١٨٣١. (فذكر الغلول) تعرض لذكره وبيان حكمه. (عظم أمره) شدد في الانكار على فاعله. (لا ألفين) لا أجدن. (ثغاء) صوت الغنم. (حمحمة) صوت الفرس إذا طلب العلف. (لا أملك لك شيئا) من المغفرة، لأن الشفاعة أمرها إلى الله تعالى. (رغاء) صوت البعير. (صامت) الذهب والفضة ونحوهما. (رقاع) جمع رقعة وهي الخرقة. (تخفق) تتحرك.

١٨٦ - باب: القليل من الغلول.
ولم يذكر عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه حرق متاعه، وهذا أصح.


(ولم يذكر) أي ولم يذكر ابن عمرو رضي الله عنهما، في حديثه الآتي أن النبي ﷺ حرق متاع كركرة الذي وجدت عنده عباءة قد غلها، أي أخذها من الغنيمة قبل قسمتها.

٢٩٠٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عمرو، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن عمرو قال:
كان على ثقل النبي ﷺ رجل يقال له كركرة فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هو في النار). فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها.
قال أبو عبد الله: قال ابن سلام: كركرة، يعني بفتح الكاف، وهو مضبوط كذا.


(ثقل) العيال وما يثقل حمله من الأمتعة. (هو في النار) يعذب فيها يوم القيامة على قدر ذنبه، ثم يخرج منها إن كان مات على الإسلام.

١٨٧ - باب: ما يكرؤه من ذبح الإبل والغنم في المغانم.

٢٩١٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رفاعة، عن جده رافع قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بذي الحليفة، فأصاب الناس جوع، وأصبنا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغنم ببعير، فند منها بعير، وفي القوم خيل يسير، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ الله، فقال: (هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش، فما ند عليكم، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا). فَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو، أَوْ نَخَافُ أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ فَقَالَ: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظفر فمدى الحبشة).
[ر: ٢٣٥٦]

١٨٨ - باب: البشارة في الفتوح.

٢٩١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا إسماعيل قال: حدثني قيس قال: قال لي جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ألا تريحني من ذي الخلصة). وكان بيتا فيه خثعم، يسمى كعبة اليمانية، فانطلقت في خمسين ومائة من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، فأخبرت النبي ﷺ أني لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه فِي صَدْرِي فَقَالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مهديا). فانطلق إليها فكسرها وحرقها، فأرسل إلى النبي ﷺ يبشره، فقال رسول جرير: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب. فبارك على خيل

١١٢٠
أحمس ورجالها خمس مرات. قال مسدد: بيت في خثعم.
[ر: ٢٨٥٧]

١٨٩ - باب: ما يعطى البشير.
وأعطى كعب بن مالك ثوبين حين نشر بالتوبة.
[ر: ٤١٥٦]


(بالتوبة) أي بقبول توبته لأجل تخلفه عن غزوة تبوك.

١٩٠ - باب: لا هجرة بعد الفتح.

٢٩١٢ - حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شيبان، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: (لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا استنفرتم فانفروا).
[ر: ١٥١٠]

٢٩١٣ - حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا يزيد بن زريع، عن خالد، عن أبي عثمان النهدي، عن مجاشع بن مسعود قال:
جاء مجاشع بأخيه مجالد بن مسعود إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: هذا مجالد يبايعك على الهجرة، فقال: (لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإسلام).
[ر: ٢٨٠٢]

٢٩١٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قال عمرو وابن جريج: سمعت عطاء يقول:
ذهبت مع عبيد بن نمير إلى عائشة رضي الله عنها وهي مجاورة بثبير، فقالت لنا: انقطعت الهجرة منذ فتح اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ مكة.
[٣٦٨٧، ٤٠٥٨]


(مجاورة) نازلة. (بثبير) جبل في المزدلفة، على يسار الذاهب منها إلى منى. (انقطعت الهجرة) انتهى حكمها الذي كان قبل الفتح وهو الوجوب، والمراد الهجرة إلى المدينة.

١٩١ - باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله، وتجريدهن.

٢٩١٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ: حدثنا هشيم: أخبرنا حصين، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، وكان عثمانيا، فقال لابن عطية، وكان علويا:
إني لأعلم ما الذي جرأ صاحبك على الدماء، سمعته يقول: بعثني النبي ﷺ والزبير، فقال: (اتئو روضة كذا، وتجدون بها امرأة، أعطاها حاطب كتابا). فأتينا الروضة فقلنا: الكتاب،

١١٢١
قالت: لم يعطيني، فقلنا: لتخرجن أو لأجردنك، فأخرجت من حجزتها، فأرسل إلى حاطب، فقال: لا تعجل، والله ما كفرت ولا ازددت للإسلام إلا حبا، ولم يكن أحد من أصحابك إلا وله بمكة مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، ولم يكن لي أحد، فأحببت أن أتخذ عندهم يدا، فصدقه النبي ﷺ، قال عمر: دعني أضرب عنقه فإنه قد نافق، فقال: (ما يدريك، لعل الله اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتم). فهذا الذي جرأه.
[ر: ٢٨٤٥]


(حجزتها) الحجزة في الأصل معقد الإزار، وقد يراد بها المعقد مطلقا، ولعل هذا هو المراد هنا، لأنه مر في موطن آخر أنها أخرجته من عقاصها، وهي شعورها المضفورة. (فهذا الذي جرأه) أي قوله لأهل بدر: (اعملوا ما شئتم) هو الذي جرأ حاطبا على ما فعل.

١٩٢ - باب: استقبال الغزاة.

٢٩١٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا يزيد بن زريع وحميد بن الأسود، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة:
قال ابن الزبير لابن جعفر رضي الله عنهم: أتذكر إذ تلقينا رسول الله ﷺ أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم، فحملنا وتركك.


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٢٧. (ابن الزبير) هو عبد الله رضي الله عنهما. (ابن جعفر) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما. (وتركك) لأنه ليس من بني عبد المطلب، وقد حمل واحدا أمامه وواحدا خلفه.

٢٩١٧ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن الزهري قال: قال السائب بن يزيد رضي الله عنه:
ذهبنا نتلقى رسول الله ﷺ مع الصبيان إلى ثنية الوداع.
[٤١٦٤]


(نتلقى) نستقبله عند رجوعه من تبوك. (ثنية الوداع) التي من جهة تبوك في طريق الذاهب من المدينة إلى الشام، وكانوا إذا ودعوا مسافرا خرجوا معه إليها، والثنية الطريق في الجبل، وقيل: ما ارتفع من الأرض.

١٩٣ - باب: ما يقول إذا رجع من الغزو.
٢٩١٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نافع، عن عبد الله رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ كان إذا قفل كبر ثلاثا، قال: (آيبون إن شاء الله تائبون، عابدون حامدون، لربنا ساجدون، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وحده).
[ر: ١٧٠٣]

٢٩١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حدثني يحيى ابن أبي إسحاق، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مقفله من عسفان، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى راحلته، وقد أردف صفية بنت حيي، فعثرت ناقته فصرعا جميعا، فاقتحم أبو طلحة فقال: يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: (عليك المرأة). فقلب ثوبا على وجهه وأتاها فألقاه عليها، وأصلح لهما مركبهما فركبا، واكتنفنا رسول الله ﷺ، فلما أشرفنا على الْمَدِينَةَ، قَالَ: (آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ). فلم يزل يقول ذلك، حتى دخل المدينة.


(مقفله) مرجعه. (عسفان) موضع على مرحلتين من مكة. (فصرعا) وقعا. (فاقتحم) من قحم في الأمر إذا رمى نفسه من غير روية. (عليك المرأة) الزمها فأصلح شأنها. (اكتنفنا) أحطنا به. (آيبون) راجعون.

٢٩٢٠ - حدثنا علي: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أبي إسحاق، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَفِيَّةُ مُرْدِفُهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِيُّ ﷺ وَالْمَرْأَةُ، وَأَنَّ أبا طلحة - قال: أحسب قال - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جعلني الله فداءك، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: (لَا، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ). فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ، أَوْ قَالَ: أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ). فلم يزل يقولها، حتى دخل المدينة.
[٥٦٢٣، ٥٨٣١]


(فقصد قصدها) اتجه نحوها. (بظهر المدينة) بظاهرها مشرفين عليها.

١٩٤ - باب: الصلاة إذا قدم من سفر.

٢٩٢١ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عبد الله رضي الله عنهما قَالَ:
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سفر، فلما قدمنا المدينة، قال لي: (ادخل المسجد، فصل ركعتين).
[ر: ٤٣٢]

٢٩٢٢ - حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعب، عن أبيه وعمه عبيد الله بن كعب، عن كعب رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ضحى دخل المسجد، فصلى ركعتين قبل أن يجلس.
[ر: ٢٦٠٦]


(ضحى) وقت ارتفاع النهار. (يجلس) للناس عند قدومه ليسلموا عليه.

١٩٥ - باب: الطعام عند القدوم.
وكان ابن عمر يفطر لمن يغشاه.


(لمن يغشاه) لأجل من يقدم عليه وينزل ضيفا لديه.

٢٩٢٣ - حدثني محمد: أخبرنا وكيع، عن شعبة، عن مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ لما قدم المدينة، نحر جزورا أو بقرة.
زاد معاذ، عن شعبة، عن محارب: سمع جابر بن عبد الله: اشترى مني النبي ﷺ بعيرا بوقيتين، ودرهم أو درهمين، فلما قدم صرارا، أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها، فلما قدم المدينة، أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين، ووزن لي ثمن البعير.

٢٩٢٤ - حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن محارب بن دثار، عن جابر قال:
قدمت من سفر، فقال النبي ﷺ: (صل ركعتين). صرار موضع ناحية بالمدينة.
[ر: ٤٣٢]

 


google-playkhamsatmostaqltradent