بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ
الْهِلَالِ لِلصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ
١ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ رَمَضَانَ،
فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى
تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»
٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
«الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا
تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»
٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ
زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا
تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ
ثَلَاثِينَ»
٤
- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ، «أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
بِعَشِيٍّ فَلَمْ يُفْطِرْ عُثْمَانُ حَتَّى أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ» قَالَ
يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِي الَّذِي يَرَى هِلَالَ رَمَضَانَ
وَحْدَهُ: «أَنَّهُ يَصُومُ. لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ يَعْلَمُ
أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ. قَالَ: وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ
وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ. لِأَنَّ النَّاسَ يَتَّهِمُونَ عَلَى أَنْ
يُفْطِرَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مَأْمُونًا، وَيَقُولُ أُولَئِكَ إِذَا ظَهَرَ
عَلَيْهِمْ: قَدْ رَأَيْنَا الْهِلَالَ. وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ نَهَارًا
فَلَا يُفْطِرْ. وَيُتِمُّ صِيَامَ يَوْمِهِ ذَلِكَ. فَإِنَّمَا هُوَ هِلَالُ
اللَّيْلَةِ الَّتِي تَأْتِي» قَالَ يَحْيَى: وسَمِعْتُ مَالكا يَقُولُ: «إِذَا
صَامَ النَّاسُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ،
فَجَاءَهُمْ ثَبَتٌ أَنَّ هِلَالَ رَمَضَانَ قَدْ رُئِيَ قَبْلَ أَنْ يَصُومُوا
بِيَوْمٍ، وَأَنَّ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ، فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. أَيَّةَ سَاعَةٍ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ. غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا
يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدِ، إِنْ ⦗٢٨٨⦘ كَانَ ذَلِكَ جَاءَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ»
بَابُ مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ
قَبْلَ الْفَجْرِ
٥ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا يَصُومُ إِلَّا مَنْ
أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ»، وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ ﷺ بِمِثْلِ ذَلِكَ
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ
الْفِطْرِ
٦ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي
حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»
٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْملَةَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»
٨ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا «يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حِينَ يَنْظُرَانِ
إِلَى اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ، قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَا، ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ
الصَّلَاةِ»، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ
بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الَّذِي
يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ
٩ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي
يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ
ﷺ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ، وَأَنَا أَسْمَعُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي
أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ. فَقَالَ ﷺ: «وَأَنَا أُصْبِحُ
جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ»، فَقَالَ لَهُ
الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا. قَدْ غَفَرَ اللَّهُ
لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
وَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ.
وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي»
١٠ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ ⦗٢٩٠⦘ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُمَا قَالَتَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، غَيْرِ احْتِلَامٍ فِي رَمَضَانَ. ثُمَّ يَصُومُ»
١١ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ
بْنِ هِشَامٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ
وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَنْ
أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ
عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ
عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فَلْتَسْأَلَنَّهُمَا عَنْ ذَلِكَ. فَذَهَبَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ. حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ. فَسَلَّمَ
عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. إِنَّا كُنَّا عِنْدَ
مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَنْ
أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ كَمَا
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ. يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا وَاللَّهِ. قَالَتْ:
عَائِشَةُ: فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ «يُصْبِحُ جُنُبًا
مِنْ جِمَاعٍ، غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ». قَالَ: ثُمَّ
خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ.
فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا
مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ. فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا.
فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ
دَابَّتِي، فَإِنَّهَا بِالْبَابِ، فَلْتَذْهَبَنَّ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ
بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ. فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ،
وَرَكِبْتُ مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ سَاعَةً. ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ
لَا عِلْمَ لِي بِذَاكَ. ⦗٢٩١⦘ إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ
١٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُمَا قَالَتَا: إِنْ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، غَيْرِ احْتِلَامٍ
ثُمَّ يَصُومُ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي
الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
١٣ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا قَبَّلَ
امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا
فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ. فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ
سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا. فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّ
سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ». فَرَجَعَتْ
فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ. فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا. وَقَالَ: لَسْنَا
مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، اللَّهُ يُحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا شَاءَ. ثُمَّ
رَجَعَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَوَجَدَتْ عِنْدَهَا رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ؟» فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ
سَلَمَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا أَخْبَرْتِيهَا أَنِّي أَفْعَلُ
ذَلِكَ»، فَقَالَتْ: قَدْ أَخْبَرْتُهَا، فَذَهَبَتْ إِلَى زَوْجِهَا
فَأَخْبَرَتْهُ. فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا، وَقَالَ: لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. اللَّهُ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ ﷺ ⦗٢٩٢⦘ مَا شَاءَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: وَاللَّهِ. «إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ
لِلَّهِ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ»
١٤ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي
الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَيُقَبِّلُ بَعْضَ
أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ». ثُمَّ ضَحِكَتْ
١٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَاتِكَةَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ
امْرَأَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَتْ «تُقَبِّلُ رَأْسَ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يَنْهَاهَا»
١٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ
طَلْحَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ
فَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا هُنَالِكَ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ صَائِمٌ. فَقَالَتْ لَهُ
عَائِشَةُ: «مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِكَ فَتُقَبِّلَهَا
وَتُلَاعِبَهَا؟» فَقَالَ: أُقَبِّلُهَا وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ»
١٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ
كَانَا «يُرَخِّصَانِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ
فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
١٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، كَانَتْ إِذَا ذَكَرَتْ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ»، تَقُولُ: «وَأَيُّكُمْ
أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»
قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ «لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ
لِلصَّائِمِ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ»
١٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ؟ «فَأَرْخَصَ فِيهَا لِلشَّيْخِ،
وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ»
٢٠ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ «يَنْهَى عَنِ الْقُبْلَةِ
وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي الصِّيَامِ فِي
السَّفَرِ
٢١ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ
بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ،
«خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ
الْكَدِيدَ. ثُمَّ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ». وَكَانُوا يَأْخُذُونَ
بِالْأَحْدَثِ، فَالْأَحْدَثِ، مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ
٢٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ
سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ " أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ،
وَقَالَ: تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ، وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي
حَدَّثَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالْعَرْجِ «يَصُبُّ الْمَاءَ
عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ». ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ
اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا
حِينَ صُمْتَ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْكَدِيدِ «دَعَا
بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ»
٢٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ «فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ،
وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ»
٢٤ - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو
الْأَسْلَمِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنِّي رَجُلٌ
أَصُومُ. أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنْ
شِئْتَ فَصُمْ. وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ»
٢٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ «لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ»
٢٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ «يُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ،
وَنُسَافِرُ مَعَهُ، فَيَصُومُ عُرْوَةُ وَنُفْطِرُ نَحْنُ فَلَا يَأْمُرُنَا
بِالصِّيَامِ»
بَابُ مَا يَفْعَلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ
سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ فِي رَمَضَانَ
٢٧ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ «إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ
فِي رَمَضَانَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ
دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ» قَالَ يَحْيَى، قَالَ مَالِكٌ: «مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ،
فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ، وَطَلَعَ لَهُ
الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ. دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ» قَالَ مَالِكٌ: «وَإِذَا
أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي رَمَضَانَ، فَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ بِأَرْضِهِ،
قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ» قَالَ مَالِكٌ: فِي
الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ، وَامْرَأَتُهُ مُفْطِرَةٌ،
حِينَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فِي رَمَضَانَ: «أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا
إِنْ شَاءَ»
بَابُ كَفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي
رَمَضَانَ
٢٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ «أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ،
أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، فَقَالَ: لَا أَجِدُ. فَأُتِيَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ»، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ. مَا أَحَدٌ أَحْوَجُ مِنِّي، فَضَحِكَ ⦗٢٩٧⦘ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «كُلْهُ»
٢٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَضْرِبُ نَحْرَهُ،
وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ، وَيَقُولُ: هَلَكَ الْأَبْعَدُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «وَمَا ذَاكَ؟» فَقَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي، وَأَنَا صَائِمٌ فِي
رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ
رَقَبَةً؟» فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً»،
قَالَ: لَا. قَالَ: «فَاجْلِسْ». فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَرَقِ تَمْرٍ.
فَقَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ»، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّي،
فَقَالَ: «كُلْهُ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَ مَا أَصَبْتَ» قَالَ مَالِكٌ قَالَ
عَطَاءٌ فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: كَمْ فِي ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ
التَّمْرِ؟ فَقَالَ: مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إِلَى عِشْرِينَ قَالَ
مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ
يَوْمًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَارًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ،
الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ
نَهَارًا فِي رَمَضَانَ. وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ». قَالَ
مَالِكٌ: «وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي حِجَامَةِ
الصَّائِمِ
٣٠ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ «يَحْتَجِمُ وَهُوَ
صَائِمٌ». قَالَ: «ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ بَعْدُ. فَكَانَ إِذَا صَامَ لَمْ
يَحْتَجِمْ حَتَّى يُفْطِرَ»
٣١ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
كَانَا «يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ»
٣٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ «يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ،
ثُمَّ لَا يُفْطِرُ»، قَالَ: «وَمَا رَأَيْتُهُ احْتَجَمَ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ
صَائِمٌ» قَالَ مَالِكٌ: «لَا تُكْرَهُ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ إِلَّا خَشْيَةً
مِنْ أَنْ يَضْعُفَ. وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تُكْرَهْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا
احْتَجَمَ فِي رَمَضَانَ. ثُمَّ سَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ. لَمْ أَرَ عَلَيْهِ
شَيْئًا. وَلَمْ آمُرْهُ بِالْقَضَاءِ، لِذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي احْتَجَمَ
فِيهِ. لِأَنَّ الْحِجَامَةَ إِنَّمَا تُكْرَهُ لِلصَّائِمِ لِمَوْضِعِ
التَّغْرِيرِ بِالصِّيَامِ. فَمَنِ احْتَجَمَ وَسَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ، حَتَّى
يُمْسِيَ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا. وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ
الْيَوْمِ»
بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
٣٣ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ
أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ،
«فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ، كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ. وَتُرِكَ يَوْمُ
عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»
٣٤ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ
مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ، وَهُوَ عَلَى
الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ
يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ
شَاءَ فَلْيُفْطِرْ»
٣٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ:
«أَنَّ غَدًا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ، وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا»
بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ
وَالْأَضْحَى وَالدَّهْرِ
٣٦ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ
الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى»
٣٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: «لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا
أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ
أَيَّامُ مِنًى، وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِيمَا بَلَغَنَا»،
قَالَ: «وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ»
بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ فِي
الصِّيَامِ
٣٨ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: «نَهَى
عَنِ الْوِصَالِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ فَقَالَ:
«إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى»
٣٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ»، قَالُوا:
فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ
إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي»
بَابُ صِيَامِ الَّذِي يَقْتُلُ
خَطَأً أَوْ يَتَظَاهَرُ
٤٠
- حَدَّثَنِي
يَحْيَى، وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: «أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيمَنْ وَجَبَ
عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فِي قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ تَظَاهُرٍ
فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ يَغْلِبُهُ وَيَقْطَعُ عَلَيْهِ صِيَامَهُ، أَنَّهُ إِنْ
صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ
ذَلِكَ، وَهُوَ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ مَضَى مِنْ صِيَامِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ
الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا الصِّيَامُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً. إِذَا حَاضَتْ
بَيْنَ ظَهْرَيْ صِيَامِهَا أَنَّهَا، إِذَا طَهُرَتْ، لَا تُؤَخِّرُ الصِّيَامَ.
وَهِيَ تَبْنِي عَلَى مَا قَدْ صَامَتْ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ وَجَبَ عَلَيْهِ
صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، أَنْ يُفْطِرَ إِلَّا
مِنْ عِلَّةٍ: مَرَضٍ أَوْ حَيْضَةٍ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ».
قَالَ مَالِكٍ: «وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ»
بَابُ مَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ فِي
صِيَامِهِ
٤١
- قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا
يَقُولُ: «الْأَمْرُ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْمَرِيضَ
إِذَا أَصَابَهُ الْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ مَعَهُ،
وَيُتْعِبُهُ، وَيَبْلُغُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ. وَكَذَلِكَ
الْمَرِيضُ الَّذِي اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ، وَبَلَغَ
مِنْهُ، وَمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِعُذْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ، وَمِنْ ذَلِكَ
مَا لَا تَبْلُغُ صِفَتُهُ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ، صَلَّى وَهُوَ جَالِسٌ.
وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ. وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ، فِي الْفِطْرِ
فِي السَّفَرِ. وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ مِنَ الْمَرِيضِ. قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] فَأَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ، فِي الْفِطْرِ
فِي السَّفَرِ. وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ مِنَ الْمَرِيضِ. فَهَذَا أَحَبُّ
مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
«
بَابُ النَّذْرِ فِي الصِّيَامِ،
وَالصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ
٤٢
- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ
نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ، هَلْ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ» لِيَبْدَأْ
بِالنَّذْرِ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّعَ». قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ
نَذْرٌ مِنْ رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ بَدَنَةٍ،
فَأَوْصَى ⦗٣٠٣⦘ بِأَنْ يُوَفَّى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَالْبَدَنَةَ فِي ثُلُثِهِ. وَهُوَ يُبَدَّى عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ
الْوَصَايَا إِلَّا مَا كَانَ مِثْلَهُ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَاجِبُ
عَلَيْهِ مِنَ النُّذُورِ وَغَيْرِهَا، كَهَيْئَةِ مَا يَتَطَوَّعُ بِهِ مِمَّا
لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَإِنَّمَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ خَاصَّةً. دُونَ
رَأْسِ مَالِهِ. لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ لَأَخَّرَ
الْمُتَوَفَّى مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا
حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَصَارَ الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ سَمَّى مِثْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ
الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَتَقَاضَاهَا مِنْهُ مُتَقَاضٍ. فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ
جَائِزًا لَهُ، أَخَّرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ. حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ
سَمَّاهَا. وَعَسَى أَنْ يُحِيطَ بِجَمِيعِ مَالِهِ. فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ»
٤٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسْأَلُ: هَلْ يَصُومُ أَحَدٌ
عَنْ أَحَدٍ أَوْ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ؟ فَيَقُولُ: «لَا يَصُومُ أَحَدٌ
عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ»
بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ
رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ
٤٤ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ،
وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ عُمَرُ: «الْخَطْبُ يَسِيرٌ
وَقَدِ اجْتَهَدْنَا» قَالَ مَالِكٌ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: «الْخَطْبُ يَسِيرٌ»
الْقَضَاءَ، فِيمَا نُرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَخِفَّةَ مَئُونَتِهِ
وَيَسَارَتِهِ. يَقُولُ نَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ "
٤٥ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «يَصُومُ قَضَاءَ
رَمَضَانَ مُتَتَابِعًا، مَنْ أَفْطَرَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فِي سَفَرٍ»
٤٦ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ اخْتَلَفَا
فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا: «يُفَرِّقُ بَيْنَهُ»، وَقَالَ
الْآخَرُ: «لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ». لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ: يُفَرِّقُ
بَيْنَهُ
٤٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنِ
اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ
فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ»
٤٨ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُسْأَلُ عَنْ
قَضَاءِ رَمَضَانَ. فَقَالَ سَعِيدٌ: «أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُفَرَّقَ قَضَاءُ
رَمَضَانَ، وَأَنْ يُوَاتَرَ» قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِيمَنْ
فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ «فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ. وَذَلِكَ مُجْزِئٌ
عَنْهُ. وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ يُتَابِعَهُ» قَالَ مَالِكٌ: «مَنْ أَكَلَ
أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ، سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ
وَاجِبٍ عَلَيْهِ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ»
٤٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ
مُجَاهِدٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ. فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ عَنْ
صِيَامِ أَيَّامِ الْكَفَّارَةِ أَمُتَتَابِعَاتٍ أَمْ يَقْطَعُهَا؟ قَالَ حُمَيْدٌ:
فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ. يَقْطَعُهَا إِنْ شَاءَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: «لَا
يَقْطَعُهَا فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
مُتَتَابِعَاتٍ» قَالَ مَالِكٌ: «وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ، مَا سَمَّى
اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، يُصَامُ مُتَتَابِعًا» وَسُئِلَ مَالِكٌ، عَنِ
الْمَرْأَةِ تُصْبِحُ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً مِنْ دَمٍ
عَبِيطٍ فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا. ثُمَّ تَنْتَظِرُ حَتَّى تُمْسِيَ أَنْ
تَرَى مِثْلَ ذَلِكَ. فَلَا تَرَى شَيْئًا. ثُمَّ تُصْبِحُ يَوْمًا آخَرَ
فَتَدْفَعُ دَفْعَةً أُخْرَى وَهِيَ دُونَ الْأُولَى. ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ
عَنْهَا قَبْلَ حَيْضَتِهَا بِأَيَّامٍ. فَسُئِلَ مَالِكٌ: كَيْفَ تَصْنَعُ فِي
صِيَامِهَا وَصَلَاتِهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: «ذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ.
فَإِذَا رَأَتْهُ فَلْتُفْطِرْ. وَلْتَقْضِ مَا أَفْطَرَتْ. فَإِذَا ذَهَبَ
عَنْهَا الدَّمُ فَلْتَغْتَسِلْ. وَتَصُومُ» وسُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ
يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ: هَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كُلِّهِ أَوْ يَجِبُ
عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَيْهِ
قَضَاءُ مَا مَضَى. وَإِنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ.
وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ»
بَابُ قَضَاءِ التَّطَوُّعِ
٥٠ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ ﷺ
أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا طَعَامٌ.
فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ عَائِشَةُ،
فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِي بِالْكَلَامِ - وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا - يَا
رَسُولَ اللَّهِ. إِنِّي أَصْبَحْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ
مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ إِلَيْنَا طَعَامٌ فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اقْضِيَا مَكَانَهُ يَوْمًا آخَرَ» قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ: «مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا فِي صِيَامِ
تَطَوُّعٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ. وَلْيُتِمَّ يَوْمَهُ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ
أَوْ شَرِبَ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ. وَلَا يُفْطِرْهُ. وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ
أَمْرٌ، يَقْطَعُ صِيَامَهُ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، قَضَاءٌ. إِذَا كَانَ إِنَّمَا
أَفْطَرَ مِنْ عُذْرٍ، غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِلْفِطْرِ. وَلَا أَرَى عَلَيْهِ
قَضَاءَ صَلَاةِ نَافِلَةٍ. إِذَا هُوَ قَطَعَهَا مِنْ حَدَثٍ لَا يَسْتَطِيعُ
حَبْسَهُ، مِمَّا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْوُضُوءِ» قَالَ مَالِكٌ: «وَلَا
يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ:
الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ الَّتِي يَتَطَوَّعُ بِهَا النَّاسُ. فَيَقْطَعَهُ حَتَّى يُتِمَّهُ
عَلَى سُنَّتِهِ: إِذَا كَبَّرَ لَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.
وَإِذَا صَامَ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمِهِ. وَإِذَا أَهَلَّ
لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ، وَإِذَا دَخَلَ فِي الطَّوَافِ لَمْ
يَقْطَعْهُ حَتَّى يُتِمَّ سُبُوعَهُ، ⦗٣٠٧⦘ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا
مِنْ هَذَا إِذَا دَخَلَ فِيهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ. إِلَّا مِنْ أَمْرٍ يَعْرِضُ
لَهُ مِمَّا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ. مِنَ الْأَسْقَامِ الَّتِي يُعْذَرُونَ بِهَا.
وَالْأُمُورِ الَّتِي يُعْذَرُونَ بِهَا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ
فِي كِتَابِهِ ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فَعَلَيْهِ إِتْمَامُ الصِّيَامِ. كَمَا قَالَ
اللَّهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَهَلَّ
بِالْحَجِّ تَطَوُّعًا وَقَدْ قَضَى الْفَرِيضَةَ. لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ
الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيهِ. وَيَرْجِعَ حَلَالًا مِنَ الطَّرِيقِ. وَكُلُّ
أَحَدٍ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ فَعَلَيْهِ إِتْمَامُهَا إِذَا دَخَلَ فِيهَا. كَمَا
يُتِمُّ الْفَرِيضَةَ. وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ»
بَابُ فِدْيَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي
رَمَضَانَ مِنْ عِلَّةٍ
٥١ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ «كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ
عَلَى الصِّيَامِ. فَكَانَ يَفْتَدِي» قَالَ مَالِكٌ: «وَلَا أَرَى ذَلِكَ
وَاجِبًا. وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ إِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَيْهِ.
فَمَنْ فَدَى فَإِنَّمَا يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ
ﷺ»
٥٢ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ،
إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصِّيَامُ؟ قَالَ:
«تُفْطِرُ، وَتُطْعِمُ، مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ
بِمُدِّ النَّبِيِّ ﷺ» قَالَ مَالِكٌ: «وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا
الْقَضَاءَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مَرَضًا مِنَ
الْأَمْرَاضِ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهَا»
٥٣ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ
كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى
صِيَامِهِ، حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ، فَإِنَّهُ يُطْعِمُ، مَكَانَ كُلِّ
يَوْمٍ، مِسْكِينًا، مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْقَضَاءُ»
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُ
ذَلِكَ
بَابُ جَامِعِ قَضَاءِ الصِّيَامِ
٥٤ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ
سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ: «إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ
الصِّيَامُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَصُومُهُ حَتَّى يَأْتِيَ
شَعْبَانُ»
بَابُ صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي
يُشَكُّ فِيهِ
٥٥
- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ " يَنْهَوْنَ أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ
الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ، إِذَا نَوَى بِهِ صِيَامَ رَمَضَانَ.
وَيَرَوْنَ أَنَّ عَلَى مَنْ صَامَهُ، عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ، ثُمَّ جَاءَ الثَّبَتُ
أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ. وَلَا يَرَوْنَ بِصِيَامِهِ
تَطَوُّعًا، بَأْسًا، قَالَ مالِكٌ: «وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا»
بَابُ
جَامِعِ
الصِّيَامِ
٥٦ - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى
نَقُولَ لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ
شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا
مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»
٥٧ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلَا
يَرْفُثْ. وَلَا يَجْهَلْ. فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ
إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ»
٥٨ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،» إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ
وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي. فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ
كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. إِلَّا
الصِّيَامَ فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ "
٥٩ - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ
عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
أَنَّهُ ⦗٣١١⦘ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»
٦٠
- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ أَنَّهُ
سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ «لَا يَكْرَهُونَ السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ.
فِي سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ لَا فِي أَوَّلِهِ وَلَا فِي آخِرِهِ،
وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا يَنْهَى
عَنْهُ» قَالَ يَحْيَى: وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ
بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ، «إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا. وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ
السَّلَفِ. وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ. وَيَخَافُونَ
بِدْعَتَهُ. وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ، أَهْلُ الْجَهَالَةِ
وَالْجَفَاءِ. لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ» وقَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ:
«لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ. وَمَنْ يُقْتَدَى
بِهِ. يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَصِيَامُهُ حَسَنٌ. وَقَدْ
رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأُرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ»