recent
آخر المقالات

٣ - كتاب العلم.

 

١ - بَاب: فَضْلِ الْعِلْمِ.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ /المجادلة: ١١/. وَقَوْلِهِ عز وجل: ﴿وقل رب زدني علما﴾ /طه: ١١٤/.


٢ - باب: مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ.

٥٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ (ح). وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ في جلس يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟. فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يسمع. حتى إذ قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: (أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ). قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: (فإذا ضعيت الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ). قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: (إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ الساعة).
[٦١٣١].


(فمضى) استمر. (قضى) انتهى منه. (أراه) أظنه قال هذا. قال في الفتح: والشك من محمد بن فليح - أحد رجال السند - ورواه الحسن بن سفيان وغيره، عن عثمان بن أبي شيبة، عن يونس بن محمد، عن فليح ولفظه (أين السائل) ولم يشك. (وسد) أسند. (غير أهله) من ليس كفأ له.

٣ - بَاب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ.

٦٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ ﷺ في سفرة سفرناها، فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ - وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: (وَيْلٌ للأعقاب من النار). مرتين أو ثلاثا.
[٩٦ - ١٦١].


أخرجه مسلم في الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما، رقم: ٢٤١.
(تخلف) تأخر خلفنا. (أرهقتنا) أعجلتنا لضيق الوقت. (نمسح) نغسل غسلا خفيفا كأنه مسح. (ويل) عذاب وهلاك.

٤ - باب: قول المحدث حدثنا أو أخبرنا وَأَنْبَأَنَا.
وَقَالَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ. وَقَالَ شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ كَلِمَةً. وَقَالَ حُذَيْفَةُ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ. وَقَالَ أَنَسٌ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ عز وجل.

٦١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال:
قال رسول الله ﷺ: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ). فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ الله: ووقع فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (هي النخلة).
[٦٢، ٧٢، ١٣١، ٢٠٩٥، ٤٤٢١، ٥١٢٩، ٥١٣٣، ٥٧٧١، ٥٧٩٢].


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: مثل المؤمن مثل النخلة، رقم: ٢٨١١.
(مثل المسلم) من حيث كثرة النفع واستمرار الخير. (فوقع الناس) ذهبت أفكارهم وجالت. (البوادي) جمع بادية وهي خلاف الحاضرة من المدن. (فاستحييت) أي أن أقول هي النخلة، توقيرا لمن هم أكبر مني في المجلس.

٥ - بَاب: طَرْحِ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ.

٦٢ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ: حَدَّثَنَا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر،
عن النبي ﷺ قال: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ). قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ الله: فوقع فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (هِيَ النخلة). [ر: ٦١].

٦ - بَاب: مَا جَاءَ فِي الْعِلْمِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ /طه: ١١٤/.
الْقِرَاءَةُ وَالْعَرْضُ عَلَى الْمُحَدِّثِ، وَرَأَى الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ الْقِرَاءَةَ جَائِزَةً، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: آلله أمرك أن نصلي الصَّلَوَاتِ؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَ: فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُونَ: أَشْهَدَنَا فُلَانٌ، وَيُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ،

٣٥
وَيُقْرَأُ عَلَى الْمُقْرِئِ فَيَقُولُ الْقَارِئُ: أَقْرَأَنِي فُلَانٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ الحسن قال: لا بأس بالقراءة على العلم. وحدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: إِذَا قُرِئَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ: الْقِرَاءَةُ على العالم وقراءته سواء.


هذه الترجمة والآية بعدها لا توجدان في بعض النسخ وترجمة الباب ما بعد الآية.

٦٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ، هُوَ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ شَرِيكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ: أنه سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِك يَقُولُ:
بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ ﷺ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ المتكئ. فقال له الرجل: ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (قَدْ أَجَبْتُكَ). فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ. فَقَالَ: (سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ). فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَخُو بَنِي سَعْدِ بن بكر.
رواه موسى وعلي بن الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا.


(فأناخه في المسجد) أبركه في رحبة المسجد. (عقله) ثنى ركبته وشد حبلا على ساقه مع ذراعه. (متكئ) مستو على وطاء، وهو ما يجلس عليه. (بين ظهرانيهم) بينهم، وربما أدار بعضهم له ظهره، وهذا دليل تواضعه ﷺ. (ابن عبد المطلب) يا بن عبد المطلب. (قد أجبتك) سمعتك. (تجد) تغضب. (أنشدك) أسألك. (هذا الشهر) أي رمضان. (الصدقة) أي الزكاة. (رسول) مرسل. (أخو بني سعد) واحد منهم.

٧ - بَاب: مَا يُذْكَرُ فِي الْمُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العلم بالعلم إلى البلدان.
وقال أنس: نسخ عثمان المصاحف فبعث بها إلى الآفاق.
[ر: ٤٧٠٢].

٣٦
وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنُ سعيد ومالك ذَلِكَ جَائِزًا. وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي الْمُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ، حَيْثُ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ: (لَا تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا). فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ بأمر النبي ﷺ.


(المناولة) هي في اصطلاح المحدثين: أن يرفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه مثلا، ويقول هذا سماعي، وأجزت لك روايته عني. (جائزا) أي يحل محل السماع عندهم. (السرية) القطعة من الجيش. والمراد بها هنا سرية عبد الله بن جحش الأسدي رضي الله عنه، وكانت في رجب من السنة الثانية، قبل بدر الكبرى.

٦٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن أبي شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُمَزَّقُوا كل ممزق.
[٢٧٨١، ٤١٦٢، ٦٨٣٦].


(رجلا) هو عبد الله بن حذاقة السهمي. (يدفعه) يعطيه. (عظيم البحرين) أميرها. (كسرى) لقب ملك الفرس. (كل ممزق) غاية التمزيق ومنتهاه، وهو هنا: التفريق والتشتيت.

٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ كِتَابًا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ - فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يقرؤون كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ. فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: مَنْ قَالَ نقشه محمد رسول الله؟ قال: أنس.
[٢٧٨٠، ٥٥٣٤، ٥٥٣٧، ٦٧٤٣].


أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم خاتم الذهب على الرجال، رقم: ٢٠٩٢.
(مختوما) مطبوعا عليه بتوقيع المرسل. (نقشه) محفور عليه، والنقش في اللغة التلوين.

٨ - بَاب: مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا.

٦٦ - حدثنا إسماعيل قال: حدثني الك، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ:
أن رسول الله ﷺ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رسول الله ﷺ قال: (أَلَا

٣٧
أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فأعرض الله عنه). [٤٦٢].


أخرجه مسلم في السلام، باب: من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها، رقم: ٢١٧٦.
(نفر) عدة رجال من الثلاثة إلى العشرة. (فرجة) فراغا بين شيءين. (الحلقة) كل مستدير خالي الوسط. (فأوى إلى الله) انضم والتجأ. (فآواه الله) ضمه إلى رحمته. (فاستحيا) من المزاحمة فتركها. (فاستحيا الله منه) قبله ورحمه. (فأعرض) ترك مجلس النبي ﷺ من غير عذر. (فأعرض الله عنه) سخط عليه.

٩ - باب: قول النبي ﷺ: (رب مبلغ أوعى من سامع).
[ر: ١٦٥٤].


(أوعى) أحفظ وأكثر فهما.

٦٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ:
ذَكَرَ النَّبِيَّ ﷺ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ - أَوْ بِزِمَامِهِ - قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا. فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: (أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ). قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: (فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا). فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: (أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ). قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يبلغ من هو أوعى له منه).
[١٠٥، ١٦٥٤، ٣٠٢٥، ٤١٤٤، ٤٣٨٥، ٥٢٣٠، ٦٦٦٧، ٧٠٠٩].


(إنسان) قيل هو بلال، وقال في الفتح: لكن الصواب أنه هنا أبو بكرة. (بخطتمه أو بزامه) هما بمعنى واحد، وهو خيط تشد فيه حلقة تجعل في أنف البعير. (يوم النحر) أي اليوم الذي تنحر فيه الأضاحي، أي تذبح، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة. (حرام) يحرم عليكم المساس بها والاعتداء عليها. (كحرمة) كحرمة تعاطي المحظورات في هذا اليوم. (في بلدكم هذا) مكة وما حولها. (الشاهد) الحاضر. (أوعى له) أفهم للحديث المبلغ.

١٠ - بَاب: الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ.
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ﴾ /محمد: ١٩/. فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ.
(وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأنبياء، ورثوا العلم، من أخذه بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ).

٣٨
وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ /فاطر: ٢٨/. وَقَالَ: ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ﴾ /العنكبوت: ٤٣/. ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾ /الملك: ١٠/. وَقَالَ: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ /الزمر: ٩/.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ). [ر: ٧١] و(إنما الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ).
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا علي لأنفذتها.
وقال ابن عباس: ﴿كونوا ربانين﴾ /آل عمران: ٧٩/: حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ، وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بصغار العلم قبل كباره.


(حظ وافر) نصيب كامل. (سهل الله له ..) وفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة. والحديث أخرجه الترمذي في العلم، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: ٢٦٨٣. وانظر مسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، رقم: ٢٦٩٩.
(إنما يخشى ..) الذين يخافون الله عز وجل ويخشونه حق الخشية هم الذين عرفوا قدرته وسلطانه، وهم العلماء. (وما يعقلها ..) لا يعقل الأمثال المضروبة، والمذكورة في الآيات السابقة، إلا العلماء. (لو كنا ..) لو كنا نسمع سمع من يدرك ويفهم، أو نعقل عقل من يميز، ما كنا في عداد أصحاب النار. قال في الفتح: وهذه أوصاف أهل العلم، فالمعنى: لو كنا من أهل العلم لعلمنا ما يجب علينا، فعملنا به فنجونا. (إنما العلم ..) لا يحصل العلم إلا بالتعلم، قال في الفتح: هو حديث مرفوع أورده ابن أبي عاصم والطبراني من حديث معاوية رضي الله عنه بلفظ: (يا أيها الناس تعلموا، إنما العلم بالتعلم، والفقه بالتفقه، ومن يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ). إسناده حسن. (الصمصامة) السيف القاطع الذي لا ينثني. (أنفذ) أمضي وأبلغ. (تجيزوا علي) تكملوا قتلي. (ربانيين) جمع رباني: نسبة إلى الرب سبحانه وتعالى. (بصغار العلم) بمبادئه الأولية ومسائله الهامة والسهلة الواضحة.

١١ - بَاب: مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا.

٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن ابن مَسْعُودٍ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ علينا.
[٧٠، ٦٠٤٨].


(يتخولنا بالموعظة) يتعهدنا، مراعيا أوقات نشاطنا، ولا يفعل ذلك دائما. (كراهة السآمة) لا يحب أن يصيبنا الملل.

٦٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وبشروا ولا تنفروا).
[٥٧٧٤].


أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: في الأمر بالتسير وترك التنفير، رقم: ١٧٣٤.
(بشروا) من البشارة، وهي الإخبار بالخير. (ولا تنفروا) بذكر التخويف وأنواع الوعيد.

١٢ - بَاب: مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً.

٧٠ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جرير، عن نصور، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أخولكم بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يتخولنا بها، مخافة السآمة علينا.
[ر: ٦٨].


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: الاقتصاد في الموعظة، رقم: ٢٨٢١.

١٣ - بَاب: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدين.

٧١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يأتي أمر الله).
[٢٩٤٨، ٣٤٤٢، ٦٨٨٢، ٧٠٢٢].


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: النهي عن المسألة، رقم ١٠٣٧.
(يفقهه) يجعله فقيها، والفقه الفهم. (أنا قاسم) أقسم بينكم ما أمرت بتبلغيه من الوحي، ولا أخص به أحدا دون أحد. (والله يعطي) كل واحد منكم فهما، على قدر ما تعلقت به إرادته سبحانه. (قائمة على أمر الله) حافظة لدين الله الحق، وهو الإسلام، وعاملة به. (حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ) يوم القيامة.

١٤ - بَاب: الْفَهْمِ فِي الْعِلْمِ.

٧٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَقَالَ: (إن من الشجرة شَجَرَةً، مَثَلُهَا كَمَثَلِ الْمُسْلِمِ). فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (هِيَ النَّخْلَةُ).
[ر: ٦١].


(بجمار) جمع جمارة، وهي قلب النخلة وشحمتها. (فسكت) أي استحياء.

١٥ - بَاب: الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ.
وَقَالَ عُمَرُ: تفقهوا قبل أن تسودوا.


(تسودوا) تصبحوا سادة ورؤساء، لأنهم ربما استنكفوا عن الفقه والعلم عندئذ.

٧٣ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ:
قَالَ

٤٠
النَّبِيُّ ﷺ: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا ويعلمها).
[١٣٤٣، ٦٧٢٢، ٦٨٨٦].


أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، باب: من يقوم بالقرآن ويعلمه، رقم: ٨١٦.
(لا حسد) المراد حسد الغطبة، وهو أن يرى النعمة في غيره، فيتمناها لنفسه من غير أن تزول عن صاحبها، وهو جائز ومحمود. (فسلط على هلكته في الحق) تغلب على شح نفسه وأنفقه في وجوه الخير. (الحكمة) العلم الذي يمنع من الجهل ويزجر عن القبيح.

١٦ - بَاب: مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى ﷺ فِي الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ.
وقوله تعالى: ﴿هل أتبعك على أن تعلمني مما عملت منه رشدا﴾ /الكهف: ٦٦/.


(رشدا) صوابا أرشد به.

٧٤ - حدثني محمد بن عزيز الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول: (بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، جاءه رجل فقال: هل تعلم أحد أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلَى: عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سلتقاه، وَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ؟ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عز وجل في كتابه).
[٧٨، ١٢٢، ٢١٤٧، ٢٥٧٨، ٣١٠٤، ٣٢١٩، ٣٢٢٠، ٤٤٤٨ - ٤٤٥٠، ٦٢٩٥، ٧٠٤٠].


(تمارى) تجادل. (سأل موسى السبيل إلى لقيه) طلب من الله تعالى أن يدله على طريقة لقائه. (ملأ) جماعة. (بلى عبدنا خضر) أي بلى يوجد من هو أعلم منك وهو عبدنا خضر. (الحوت آية) علامة على مكان وجوده، والحوت السمكة الكبيرة. (يتبع أثر الحوت) ينتظر فقده. (فتاه) صاحبه الذي يخدمه ويتبعه. (اوينا) نزلنا والتجأنا. (نبغي) نطلب. (فارتدا على آثارهما قصصا) رجعا من الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر، أي يتبعانه. (شأنهما) خبرهما وما جرى بينهما. (الذي قص) أي ما ذكره في سورة الكهف.

١٧ - باب: قول النبي ﷺ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ).

٧٥ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وقال: (اللهم علمه الكتاب).
[١٤٣، ٣٥٤٦، ٦٨٤٢].


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، رقم: ٢٤٧٧.
(ضمني) أي إلى صدره. (علمه الكتاب) حفظه ألفاظه، وفهمه معانيه وأحكامه.

١٨ - بَاب: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ.

٧٦ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله بن عتبة، عن عبد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حمار أتان، وأنا يؤمئذ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ علي.
[٤٧١، ٨٢٣، ١٧٥٨، ٤١٥٠].


أخرجه مسلم في الصلاة، باب: سترة المصلي، رقم: ٥٠٤.
(أتان) أنثى الحمار. (ناهزت الاحتلام) قاربت البلوغ. (بين يدي) أمام. (أرسلت) أطلقت. (ترتع) تمشي مسرعة أو تأكل ما تشاء. (ذلك) مروي من قدام الصف.

٧٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ:
عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي، وَأَنَا ابْنُ خمس سنين، من دلو.
[١٨٦، ٥٩٩٣].


(عقلت) حفظت وعرفت. (مجة) مج الشراب رماه من فمه، والمجة اسم للمرة أو للمرمي. (دلو) هو الوعاء الذي يستقى به الماء من البئر.

١٩ - بَاب: الْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ.
وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ.

٧٨ - حدثنا أبو القاسم خالد بن خلي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ أُبَيٌّ: نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ:

٤٢
(بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فقال: هل تعلم أحد أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى مُوسَى: بَلَى: عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ، فإنك سلتقاه، فكان موسى ﷺ يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه).
[ر: ٧٤].

٢٠ - بَاب: فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ.

٧٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طائفة أخرى، إنما قبعان لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتِ الْمَاءَ، قَاعٌ يَعْلُوهُ الْمَاءُ، وَالصَّفْصَفُ الْمُسْتَوِي من الأرض.


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: بيان مثل ما بعث به النبي ﷺ من الهدى والعلم، رقم: ٢٢٨٢.
(الغيث) المطر الذي يأتي عند الاحتياج إليه. (نقية) طيبة. (الكلأ) نبات الأرض، رطبا كان أم يابسا. (العشب) النبات الرطب. (أجادب) جمع أجدب، وهي الأرض التي لا تشرب الماء ولا تنبت. (قيعان) جمع قاع، وهي الأرض المستوية الملساء. (فذلك) أي النوع الأول. (فقه) صار فقيها، بفهمه شرع الله عز وجل. (من لم يرفع بذلك رأسا) كناية عن شدة الكبر والأنفة عن العلم والتعلم. (قيلت الماء) شربته. (قاع، الصفصف) ما ذكر من معانيهما تفسير من البخاري رحمه الله تعالى بطريق الاستطراد، ومن عادته أن يفسر ما وقع في الحديث من الألفاظ الواردة في القرآن، وربما فسر غيرها بالمناسبة. والقاع الصفصف واردان في قوله تعالى: ﴿فيذرها قاعا صفصفا﴾ /طه: ١٠٦/.

٢١ - بَاب: رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ.

٨٠ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوراث، عن أبي التياح، عَنْ أَنَسٌ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزنا).


أخرجه مسلم في العلم، باب: رفع العلم وقبضه، رقم: ٢٦٧١.
(أشراط) علامات، جمع شرط. (يرفع العلم) يفقد، يموت حملته. (يشرب الخمر) يكثر شربه وينتشر. (يظهر الزنا) يفشو في المجتمعات، والزنا: هو الوطء من غير عقد الزواج المشروع.

٨١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
(مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لخمسين امرأة القيم الواحد).
[٤٩٣٣، ٥٢٥٥، ٦٤٢٣].


(لا يحدثكم أحد بعدي) قيل: قال هذا لأهل البصرة، وكان آخر من مات فيها من الصحابة، وقيل غير ذلك. (لخمسين امرأة القيم الواحد) وهو الذي يقوم بأمورهن، وذلك بسبب كثرة الفتن والحروب، التي يذهب فيها الكثير من الرجال.

٢٢ - بَاب: فَضْلِ الْعِلْمِ.

٨٢ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الريح يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ). قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ الله؟ قال: (العلم).
[٣٤٧٨، ٦٦٠٤، ٦٦٠٥، ٦٦٢٤، ٦٦٢٧].


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم: ٢٣٩١.
(بقدح) وعاء يشرب به. (الري) الشبع من الماء والشراب. (يخرج في أظفاري) كناية عن المبالغة في الارتواء. (فضلي) ما زاد عني من اللبن. (أولته) عبرته وفسرته.

٢٣ - بَاب: الْفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا.

٨٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَقَالَ: (اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ).

٤٤
فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: (ارْمِ وَلَا حَرَجَ). فَمَا سئل النبي ﷺ عن شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: (افْعَلْ ولا حرج).
[١٢٤، ١٦٤٩ - ١٦٥١، ٦٢٨٨].


أخرجه مسلم في الحج، باب: من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي، رقم: ١٣٠٦.
(فنحرت) ذبحت. (ولا حرج) ولا إثم.

٢٤ - بَاب: مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بِإِشَارَةِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ.

٨٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ، قَالَ: (وَلَا حَرَجَ). قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: (وَلَا حرج).
[١٦٣٤ - ١٦٣٦، ١٦٤٧، ١٦٤٨، ٦٢٨٩].


(فأومأ) فأشار.

٨٥ - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (يُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْهَرْجُ؟ فَقَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّه يُرِيدُ القتل.
[انظر: ٩٨٩].


(يقبض العلم) يذهب ويفقد بموت العلماء. (الفتن) جمع فتنة، وهي الإثم والضلال والكفر والفضيحة والعذاب، وهي أيضا الاختبار، والمراد هنا المعاني الأولى. (الهرج) الفتنة واختلاط الأمور وكثرة الشر، ومن ذلك القتل. انظر: ٨٠ - ٨١.

٨٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ:
أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ. فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قيام، فقلت: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل النَّبِيُّ ﷺ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: (مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي، حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ - مثل أو - قريب - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ - لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: هُوَ

٤٥
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ محمد، ثلاثا، فيقال: ثم صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ. أما الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يقولون شيئا فقلته).
[١٨٢، ٨٨٠، ١٠٠٥، ١٠٠٦، ١٠١٢، ١١٧٨، ٢٣٨٣، ٢٣٨٤، ٦٨٥٧، وانظر: ٧١٢].


(أخرجه مسلم في الكسوف، باب: ما عرض عَلَى النَّبِيُّ ﷺ فِي صَلَاةِ الكسوف، رقم: ٩٠٥.
(ما شأن الناس) ما الذي حصل لهم حتى قاموا مضطربين فزعين. (آية) أي هذه علامة على قدرة الله تعالى، يخوف بها عباده. (تجلاني الغشي) أصابني شيء من الإغماء. (تفتنون) تختبرون وتمتحنون. (المسيح الدجال) سمي مسيحا لأنع ممسوح العين، وقيل غير ذلك. والدجال: صيغة مبالغة من الدجل، وهو الكذب والتمويه وخلط الحق بالباطل. (قريب) هكذا في رواية بدون تنوين على نية الإضافة لفظا ومعنى، وفي رواية (قريبا) بالتنزين. (بالبينات) المعجزات الدالة على نبوته. (المرتاب) الشاك المتردد.

٢٥ - بَاب: تَحْرِيضِ النَّبِيِّ ﷺ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الْإِيمَانَ وَالْعِلْمَ، وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ: (ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم).
[ر: ٦٠٢].

٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قال: حدثنا شعبة عن أبي حمزة قَالَ:
كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا النبي ﷺ فقال: (من الْوَفْدُ أَوْ مَنِ الْقَوْمُ). قَالُوا: رَبِيعَةُ، فَقَالَ: (مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى). قَالُوا: إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ عز وجل وَحْدَهُ، قَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ). قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ). وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ. قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ: (النَّقِيرِ). وَرُبَّمَا قَالَ: (الْمُقَيَّرِ). قَالَ: (احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وراءكم).
[ر: ٥٣].


(أترجم) أعبر للناس ما أسمع منه. (شقة بعيدة) سفر بعيد.

٢٦ - بَاب: الرِّحْلَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ.

٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ:
أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إِلَى رسول الله ﷺ بالمدينة فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

٤٦
(كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ). فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زوجا غيره.
[١٩٤٧، ٢٤٩٧، ٢٥١٦، ٢٥١٧، ٤٨١٦].


(ابنة لأبي إهاب) واسمها غينة، وكنيتها أم يحيى، وأبو إهاب لا يعرف اسمه، وقيل إنه من الصحابة. (كيف وقد قيل) أي كيف تبقيها عندك، تباشرها وتفضي إليها، وقد قيل إنك أخوها. (زوجا) اسمه ظريب.

٢٧ - بَاب: التَّنَاوُبِ فِي الْعِلْمِ.

٨٩ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري (ح). قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عبيد الله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ، فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: (لَا). فقلت: الله أكبر.
[٢٣٣٦، ٤٦٢٩ - ٤٦٣١، ٤٨٩٥، ٤٩٢٠، ٥٥٠٥، ٦٨٢٩، ٦٨٣٥].


(جار لي) هو عتبان بن مالك رضي الله عنه، وقيل غيره. (عوالي المدينة) جمع عالية، وهي قرى قريبة منها من فوقها من جهة الشرق.

٢٨ - بَاب: الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ، إِذَا رَأَى ما يكره.

٩٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المريض والضعيف وذا الحاجة).
[٦٧٠، ٦٧٢، ٥٧٥٩، ٦٧٤٠].


(رجل) هو حزم بن أبي كعب، وقيل غيره. (لا أكاد أدرك الصلاة) أتأخر عن صلاة الجماعة أحيانا فلا أدركها. (مما يطول) بسبب تطويل. (فلان) هو معاذ بن جبل رضي الله عنه. (إنكم منفرون) تتلبسون بما ينفر أحيانا. (فليخفف) أي بحيث لا يطيل الصلاة.

٩١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ:

٤٧
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: (اعْرِفْ وِكَاءَهَا، أَوْ قَالَ وِعَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ). قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، أَوْ قَالَ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: (وما لك ولها، معها سقاءها وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ، فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا). قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: (لَكَ أو لأخيك أو للذئب).
[٢٢٤٣، ٢٢٩٥ - ٢٢٩٧، ٢٣٠٤، ٢٣٠٦، ٤٩٨٦، ٥٧٦١].


(رجل) هو عمير والد مالك. (اللقطة) اسم للشيء الملقوط، الذي يوجد في غير حرز ولا يعرف الواجد مالكه. (وكاءها) هو الخيط الذي يربط به الوعاء ويشد. (وعاءها) الظرف الموضوعة فيه. (عفاصها) الوعاء الذي يكون فيه النفقة، وقيل السدادة التي يسد فيها فم الوعاء. (عرفها) ناد عليها، مبينا بعض صفاتها. (ربها) مالكها. (فضالة الإبل) أي ما حكم التقاط الإبل الضالة. (وجنتاه) مثنى وجنة، وهي ما ارتفع من الخد. (سقاءها) جوفها الذي تشرب فيه الماء فيكفيها أياما. (حذاؤها) خفها الذي تمشي عليه وتضرب به من يفترسها. (فذرها) فدعها. (لك أو لأخيك أو للذئب) أي إما أن تأخذها، أو يلتقطها غيرك، أو يأكلها الذئب إن تركت.

٩٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أسامة، عن يزيد، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:
سئل النبي ﷺ عن أشياء كرهها، فلما أكبر عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: (سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ). قَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: (أَبُوكَ حذاقة). فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ). فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عز وجل. [٦٨٦١].


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: توقيره ﷺ وترك إمثار سؤاله، رقم: ٢٣٦٠.
(كرهها) كره السؤال عنها، لما قد يكون في الجواب عنها ما يسوء السائل، أو يكون السؤال سببا في تحريم أو وجوب وزيادة تكليف مما لا ضرورة فيه ولا حاجة إليه. (رجل) هو عبد الله بن حذاقة السهمي. (آخر) هو سعد بن سالم. (ما في وجهه) من أثر الغضب. (نتوب إلى الله عز وجل مما حصل منا وأغضبك.

٢٩ - بَاب: مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ أو المحدث.

٩٣ - حدثنا أبو اليمان قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ، فقام عبد الله بن حذاقة فقال: من أبي؟ فقال: (أبوك حذاقة). ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: (سَلُونِي). فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا، فسكت.
[٥١٥، ٦٨٦٤، وانظر: ٤٣٤٥].


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: توقيره ﷺ وترك إكثار سؤاله، رقم: ٢٣٥٩.
(فبرك) فجلس جاثيا. (فسكت) أي رسول الله ﷺ.

٣٠ - بَاب: مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ.
فقال: (ألا وقول الزور). [ر: ٢٥١١] فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (هَلْ بَلَّغْتُ). ثلاثا. [ر: ٤١٤١].


(فقال) أي النبي ﷺ. (الزور) الكذب والميل عن الحق.

٩٤ - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّهُ كَانَ إذا سَلَّمَ ثَلَاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا.

٩٥ - حدثنا عبده بن عبد الله: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا، حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا.
[٥٨٩٠].

٩٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ سافرناه، فأدركنا وقد أرهقتنا الصَّلَاةَ، صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ من النار) مرتين أو ثلاثا. [ر: ٦٠].

٣١ - بَاب: تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ.

٩٧ - أخبرنا محمد، هم ابْنُ سَلَامٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، ورجل كانت عنده أمة يطؤها، فأدبها فأحسن أدبها، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ).
ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ.
[٢٤٠٦، ٢٤٠٩، ٢٤١٣، ٢٨٤٩، ٣٢٦٢، ٤٧٩٥].


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس، رقم: ١٥٤.
(رجل من أهل الكتاب) التوراة أو الإنجيل، ذكرا كان أم أنثى. (مواليه) جمع مولى، وهو السيد المالك للعبد أو المعتق له. (أمة) مملوكة. (يطؤها) ممتكن من جماعها شرعا بملكه لها. (فأدبها) رباها ونشأها على التخلق ببالأخلاق الحميدة. (أعطيناكها) أي هذه الفتوى، والخطاب لرجل من أهل خراسان، سأله عمن يعتق أمته ثم يتزوجها. فتح الباري.

٣٢ - بَاب: عِظَةِ الْإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ.

٩٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:
أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَوْ قَالَ عَطَاءٌ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَظَنَّ أنه لم يسمع فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْقُرْطَ والخاتم، وبلال يأخذ في طرف ثوبه.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ، وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ.
[٨٢٥، ٩٢١، ٩٣٢، ٩٣٦، ٩٤٥، ١٣٦٤، ١٣٨١، ٤٦١٣، ٤٩٥١، ٥٥٤١، ٥٥٤٢، ٥٥٤٤، ٦٨٩٤].


أخرجه مسلم في أول العيدين، وفي باب: ترك الصلاة قبل العيد وبعدها، رقم: ٨٨٤.
(خرج) من بين صفوف الرجال إلى صفوف النساء. (لم يسمع) أي النساء، كما في رواية. (القرط) ما يعلق في شحمة الأذن لدى النساء. (يأخذ) ما يتصدق به.

٣٣ - بَاب: الْحِرْصِ عَلَى الْحَدِيثِ.

٩٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قال رسول الله ﷺ: (لَقَدْ ظَنَنْتُ - يَا أَبَا هُرَيْرَةَ - أَنْ لَا تسألني عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ).
[٦٢٠١].


(أسعد) أفعل من السعادة وهي خلاف الشقاوة، أو من السعد وهو اليمن والخير. (بشفاعتك) مشتقة من الشفع، وهو ضم الشيء إلى مثله، وأكثر ما تستعمل في انضمام من هو أعلى مرتبة إلى من هو أدنى، وشفاعته ﷺ توسله إلى الله تعالى أن يرحم العباد، في مواقف عدة من مواقف يوم القيامة. (ظننت) علمت. (خالصا) مخلصا، والإخلاص في الإيمان ترك الشرك، وفي الطاعة ترك الرياء.

٣٤ - بَاب: كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ.
وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فاكتبه، فإني خفنت دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ، وَلَا تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلْتُفْشُوا الْعِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لَا يَعْلَمُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لَا يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا.

٥٠
حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار: بذلك، يعنب حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، إِلَى قَوْلِهِ: ذهاب العلماء.


(دروس العلم) ذهابه وضياعه. (ولتفشوا) من الإفشاء، وهو الإشاعة. (لا يهلك) لا يضيع. (سرا) مكتوما.

١٠٠ - حدثنا إسماعيل بن أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا).
قَالَ الْفِرَبْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حدثنا جرير، عن هشام نحوه.
[٦٨٧٧].


أخرجه مسلم في العلم، باب: رفع العلم وقبضه، رقم: ٢٦٧٣.
(انتزاعا) محوا من صدور العلماء. (بقبض العلماء) بموتهم. (رؤوسا) جمع رأس، وفي رواية (رؤوساء) جمع رئيس، والمعنى واحد. (الفريري) هو أحد من سمع الصحيح عن البخاري ورواه عنه.

٣٥ - بَاب: هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ في العلم.

١٠١ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ: يحدث عن أبي سعيد الخدري:
قال النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: (مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ). فَقَالَتِ امرأة: واثنين؟ فقال: (واثنين).


أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: فضل من يموت له ولد فيحتسبه، رقم: ٢٦٣٣.
(غلبنا عليك الرجال) أفادوا منك أكثر منا، لملازمتهم لك وضعفنا عن مزاحتمهم. (يوما) تعلمنا فيه وتخصنا به. (من نفسك) من اختيارك، أو من أوقات فراغك. (تقدم) يموت لها في حياتها. (حجابا) حاجزا يحجبها.

١٠٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
(ثَلَاثَةً لم يبلغوا الحنث).
[١١٩٢، ٦٨٨٠، وانظر: ١١٩٣].


أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: فضل من يموت له ولد فيحتسبه، رقم: ٢٦٣٤.
(الحنث) الإثم، أي: ماتوا قبل أن يبلغوا، لأن الإثم إنما يكتب بعد البلوغ، وكأن السر فيه أن لا ينسب إليهم إذ ذاك عقوق، فيكون الحزن عليهم أشد. [فتح الباري].

٣٦ - باب: من سمع شيئا فراجعه حتى يعرفه.

١٠٣ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ملكية:
أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ: كَانَتْ لَا تَسْمَعُ شَيْئًا لَا تَعْرِفُهُ، إِلَّا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ). قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾. قَالَتْ: فَقَالَ: (إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ: مَنْ نوقش الحساب يهلك).
[٤٦٥٥، ٦١٧١، ٦١٧٢].


أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: إثبات الحساب، رقم: ٢٨٧٦.
(من حوسب) نوقش الحساب. (يسيرا) سهلا، والآية من سورة الانشقاق: ٨. (ذلك) أي الحساب اليسير. (العرض) عرض الناس على الميزان. (نوقش) استقصي معه الحساب.

٣٧ - بَاب: لِيُبَلِّغْ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

١٠٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ - وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أن يسفك فيها دما، ولا يعضد فيها شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ).
فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ ولا فارا بخربة.
[١٧٣٥، ٤٠٤٤].


أخرجه مسلم في الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، رقم: ١٣٥٤.
عمرو بن سعيد بن العاص، القرشي الأموي، يعرف بالأشدق، وكان واليا على المدينة أيام يزيد بن معاوية، قال في الفتح: ليست له صحبة، ولا كان من التابعين بإحسان. (يبعث البعوث) يرسل الجيوش، لقتال عبد الله بن الزبير، لأنه امتنع من مبايعة يزيد واعتصم بالحرم. (ووعاه) فهمه وحفظه. (يسفك) يريق. (يعضد) يقطع. (ترخص لقتال) احتج لجواز القتال فيها، وأنه رخصة عند الحاجة، بقتلاه ﷺ. (الشاهد) الحاضر. (لا يعيذ عاصيا) لا يحميه من العقوبة. (فارا بدم) قاتلا عمدا اتجأ إليه خوف القصاص. (فارا بجزية) سارقا احتمى به حتى لا يقام عليه الحد.

١٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: حدثنا حماد، عن أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ،
ذُكِرَ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ). وَكَانَ محمد يقول: صدق رسول اللهص، كان ذلك: (ألا هل بلغت). مرتين.
[ر: ٦٧].

٣٨ - بَاب: إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ.

١٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أخبرني منصور قال: سمعت ربعي بن جراش يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ من كذب علي فليلج النار).


أخرجه مسلم في المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ، رقم: ١.
(فليلج) فليدخل. وهذا الحديث قال عنه العلماء إنه متواتر، لكثرة طرقه كما سترى.

١٠٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ:
إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار).


(فلان وفلان) قال العيني: سمي منهما في رواية ابن ماجهعبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (فليتبوأ) أمر من التبوء، وهو اتخاذ المباءة من المنزل، والمعنى: ليتخذ لنفسه منزلا.

١٠٨ - حدثنا أبو معمر قال: حدثنا عبد الوراث، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ أَنَسٌ:
إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كذبا فليتبوأ مقعده من النار).


أخرجه مسلم في المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ، رقم ٢.
(ليمنعني أن أحدثكم) أي أخشى أن يجرني كثرة الحديث إلى الكذب. (تعمد) قصد.

١٠٩ - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (من يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النار).


(من يقل علي ما لم أقل) ينسب إلي قولا لم أقهل، بل يفتريه من عند نفسه.

١١٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي

٥٣
هريرة، عن النبي ﷺ قال: (تسموا باسمي ولا تكنوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي حقا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
[٥٨٤٤].


أخرجه مسلم في المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ، رقم: ٣.
(ولا تكنوا بكنيتي) وهي أبا القاسم، والكنية كل اسم علم يبدأ بأب أو أم. وذهب الحنفية إلى أن هذا منسوخ، وقال المالكية: هو خاص بحياته ﷺ، وحمله بعضهم على الكراهة، وقال الشافعية بالتحريم مطلقا. (فقد رآني) أي رؤيا حقيقية، وليست بأضغاث أحلام، ولا من تشبيه الشيطان.

٣٩ - بَاب: كِتَابَةِ الْعِلْمِ.

١١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عن سفيان، عن مطراف، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:
قُلْتُ لِعَلِيِّ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ، وَفَكَاكُ الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر.
[٢٨٨٢، ٦٥٠٧، ٦٥١٧].


(كتاب) شيء مكتوب من عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (الصحيفة) الورقة المكتوبة، وكانت معلقة بسيفه. (العقل) الدية. (فكاك الأسير) ما يخلص به من الأسر.

١١٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْقَتْلَ، أَوِ الْفِيلَ - شك أبو عبد الله - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ والمؤمنين، ألا، انها لَمْ تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلَا وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ). فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: (اكْتُبُوا لِأَبِي فُلَانٍ). فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِلَّا الْإِذْخِرَ إِلَّا الْإِذْخِرَ).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: يُقَالُ: يُقَادُ بِالْقَافِ، فَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ شَيْءٍ كَتَبَ لَهُ؟ قال:

٥٤
كتب له هذه الخطبة.
[٢٣٠٢، ٦٤٨٦].


أخرجه مسلم في الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، رقم: ١٣٥٥.
(خزاعة) اسم قبيلة، وبنو ليث قبيلة أيضا. (راحلته) المركب من الإبل. (حبس) منع. (الفيل) هو الحيوان المعروف، والمراد حبس أهله الذين أرادوا غزو مكة، كما ثبت في القرآن،. (لا يختلي) لا يقطع. (ساقطتها) ما سقط فيها من المتلكات المنقولة. (لمنشد) لمعرف على الدوام. (فهو) أي أهله ووليه. (يعقل) يعطي العقل وهو الدية. (يقاد) من القود، وهو قتل القاتل قصاصا. (رجل من أهل اليمن) هو أبو شاه. (رجل من قريش) هو العباس بن عبد المطلب. (الإذخر) نبت طيب الرائحة، معروف في أرض الحجاز.

١١٣ - حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مني، إلا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ.
تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

١١٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ ﷺ وجعه قال: (اتئوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بَعْدَهُ). قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ غلبه الوجع، وعندنا كناب اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ: (قُومُوا عَنِّي، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ). فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبين كتابه.
[٢٨٨٨، ٢٩٩٧، ٤١٦٨، ٤١٦٩، ٥٣٤٥، ٦٩٣٢].


(بكتاب) ما يكتب عليه. (كتابا) فيه بيان لمهمات الأحكام. (غلبه الوجع) أي اشتد عليه الألم، فلا داعي لأن نكلفه ما يشق عليه، والحال أن عندنا كتاب الله. (حسبنا) كافينا. (اللغط) الجلبة والصياح، واصوات مبهمة لا تفهم. (لا ينبغي) لا يليق. (الرزية) المصيبة. (ما حال) وهو اختلافهم ولغطهم.

٤٠ - بَاب: الْعِلْمِ وَالْعِظَةِ بِاللَّيْلِ.

١١٥ - حدثنا صدقة: أخبرنا ابن عبيينة، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَة، وَعَمْرٍو وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ ليلة فقال: (سبحان الله، ماذا أنزل الليلة مِنَ الْفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ في الآخرة).
[١٠٧٤، ٣٤٠٤، ٥٥٠٦، ٥٨٦٤، ٦٦٥٨].


(ماذا أنزل الليلة من الفتن) ما أكثر ما أعلم به الملائكة من الفتن المقدورة هذه الليلة. (وماذا فتح من الخزائن) ماذا قدر من الرحمة. (صواحبات الحجر) صواحبات: جمع صاحبة، والمراد زوجاته ﷺ، والحجر جمع حجرة، وهي مساكنهن.
قال في الفتح: أي ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة، ويعتمدن على كونهن أزواج النبي ﷺ. (كاسية في الدنيا) ظاهرها التقوى والصلاح، أو تلبي الثياب الرقيقة والتي لا تستر. (عارية يوم القيامة) أي معاقبة بفضيحة التعري، أو عارية من الحسنات.

٤١ - باب: السمر في العلم.


(السمر) الحديث في الليل قبل النوم.

١١٦ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عفير قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابن شهاب، عن سالم، وأبي بكر سليمان بن أَبِي حَثْمَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ:
صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ ﷺ الْعِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: (أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا، لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ على الأرض أحد).
[٥٣٩، ٥٧٦].


أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: قوله ﷺ: لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض ...، رقم: ٢٥٣٧.
(رأس مائة سنة) أي بعد مرور مائة سنة. (ممن هو على ظهر الأرض) أي تلك الليلة.

١١٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا الحكم قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: (نَامَ الْغُلَيِّمُ). أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة.
[١٣٨، ١٨١، ٦٦٥ - ٦٦٧، ٦٩٣، ٦٩٥، ٨٢١، ٩٤٧، ١١٤٠، ٤٢٩٣ - ٤٢٩٦، ٥٥٧٥، ٥٨٦١، ٥٧٥٩، ٧٠١٤].


(الغليم) تصغير غلام، والمراد ابن عباس. (ركعتين) هما سنة الفجر. (غطيطه أو خطيطه) هما بمعنى واحد، وهو صوت نفس النائم. وقيل الغطيط أشد من الخطيط. (إلى الصلاة) هي صلاة الفجر.

٤٢ - بَاب: حِفْظِ الْعِلْمِ.

١١٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ - إِلَى قوله - الرحيم﴾. إن إخواننا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ

٥٦
الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لَا يحفظون.
[١٩٤٢، ٢٢٢٣، ٦٩٢١].


(ولولا آيتان) أي تحذرانمن كتمان العلم. (يتلو) يقرأ الآيتين وتتمتهما: ﴿والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم﴾ /البقرة: ١٥٩ - ١٦٠/.
(الصفق) هو ضرب اليد على اليد، والمراد التجارة، وأطلق عليها لاعتيادهم فعله عند عقد البيع. (في أموالهم) مزارعهم. (بشبع بطنه) يقنع بما يسد جوعه. (يحضر) يشاهد من أحواله ﷺ.

١١٩ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إني أسمع منك حديث كَثِيرًا أَنْسَاهُ؟ قَالَ: (ابْسُطْ رِدَاءَكَ). فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (ضُمَّهُ) فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ بِهَذَا، أَوْ قال: غرف بيده فيه.
[٣٤٤٨].


(فغرف بيديه) قال في الفتح: لم يذكر المغروف منه، وكأنها إشارة محضة. قلت: وهذا معجزة له ﷺ، وكرامة لأبي هريرة رضي الله عنه.

١٢٠ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.


(وعاءين) نوعين من العلم، والوعاء في الأصل الظرف الذي يحفظ فيه الشيء. والمراد بالوعاء الذي نشره ما فيه أحكام الدين، وفي الوعاء الثاني أقوال، منها: أنه أخبار الفتن، والأحاديث التي تبين أسماء أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقيل غير ذلك. (بثثته) نشرته وأذعته. (قطع هذا البلعوم) هو مجرى الطعام، وكنى بذلك عن القتل.

٤٣ - بَاب: الْإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ.

١٢١ - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ جَرِيرٍ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ). فَقَالَ: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بعض).
[٤١٤٣، ٦٤٧٥، ٦٦٦٩].


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان معنى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لَا ترجعوا بعد كفارا، رقم: ٦٥.
(استنصت الناس) اطلب منهم أن يسكتوا ويستمعوا لما أقوله لهم. (كفارا) تفعلون مثل الكفار.

٤٤ - بَاب: مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ.

١٢٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ:
قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ،

٥٧
إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ؟ فَقَالَ: كذب عدو الله، حدثنا ابن أبي كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حوتا في مكتل، فإا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بن نون، وحمل حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وضعا رؤوسهما وناما، فانسل الحوت من المكتل فاتخذ سبيله فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا، بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ به، قال لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ؟ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أو قال تسجى بثويه، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ فقال: أنا موسى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رشدا؟ قال: إنك لن تسطيع مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى، إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ. قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الْخَضِرُ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى: مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْرِ، فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قال: ألم أقل لك إنك لن تسطيع مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ - فَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا - فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلَاهُ

٥٨
فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ قَالَ: أَلَمْ لك إنك لن تسطيع معي صبرا؟ - قال ابن عيينة: وهذا أؤكد - فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أهلها فأبوا أن يضفوهما، فوجد فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ، قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ). قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حتى يقص علينا من أمرهما). [ر: ٧٤].


أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل الخضر عليه السلام، رقم: ٢٣٨٠.
(نوف البكالي) هو تابعي من أهل دمشق، فاضل عالم، لا سيما بالإسرائيليات، وكان ابن امرأة كعب الأحبار، ويل غير ذلك. [فتح].
(كذب عدو الله) أي أخبر بما هو خلاف الواقع. ومراد ابن عباس رضي الله عنهما الزجر والتحذير، لا المعنى الحقيقي لهذه العبارة. (فعتب) لم يرض منه بذلك، وأصل العتب المؤاخذة. (بمجمع البحرين) ملتقى البحرين، وفي تسمية البحرين أقوال. (مكتل) وعاء يسع خمسة عشر صاعا. (فانسل) خرج برفق وخفة. (سربا) مسلكا يسلك فيه. (نصبا) تعبا. (مسا) أثرا، وفي رواية (شيئا). (مسجى) مغطى. (وأنى بأرضك السلام) كيف تسلم وأنت في أرض لا يعرف فيها السلام. (نول) أجر. (فعمد) قصد. (الأولى) المسألة الأولى. (زكية) طاهرة لم تذنب. (وهذا أوكد) أي قوله. (ألم أقل لك) لزيادة لك، فهذا أوكد في العتاب. (استطعما) طلبا طعاما. (ينقض) يكاد يسقط. (قال الخضر بيده) أشار بها. (من أمرهما) ممن الأعاجيب والغرائب].

٤٥ - بَاب: مَنْ سَأَلَ، وَهُوَ قَائِمٌ، عَالِمًا جَالِسًا.

١٢٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ، قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا، فَقَالَ: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل.
[٢٦٥٥، ٢٩٥٨، ٧٠٢٠].


أخرجه مسلم في الإمارة، باب: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، رقم: ١٩٠٤.
(غضبا) انتقاما حالة الغضب. (حمية) محاماة عن العشيرة. (كلمة الله) كلمة التوحيد ودعوة الإسلام. (العليا) العالية فوق كل ملة ومذهب.

٤٦ - بَاب: السُّؤَالِ وَالْفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ.

١٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَهُوَ يُسْأَلُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: (ارْمِ وَلَا حَرَجَ). قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ قَالَ: (انْحَرْ وَلَا حَرَجَ). فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أخر إى قال: (افعل ولا حرج). [ر: ٨٣].


(الجمرة) جمرة العقبة.

٤٧ - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العلم إلا قليلا﴾.

١٢٥ - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ،

٥٩
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَرِبِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ، لَا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ، فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ ربي وما أوتوا من العلم إلا قليلا﴾. قال الأعمش: هكذا في قراءتنا.
[٤٤٤٤، ٦٨٦٧، ٧٠١٨، ٧٠٢٤].


أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: سؤال اليهود النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الرُّوحِ، رقم: ٢٧٩٤.
(خرب المدينة) أماكن خربة منها، والخرب ضد العامر. (يتوكأ) يعتمد. (عسيب) عصا من جريد النخل. (تكرهونه) خشية أن يوحى إليه بشيء تكرهونه فيجبيكم به. (ما الروح) ما حقيقتها. (فقمت) حائلا بينه وبينهم. (انجلى) ذهب عنه ما يصيبه من حال الوحي. (من أمر ربي) مما استأثر الله تعالى بعلمه. (هكذا في قراءتنا) أي (أوتوا) وهي قراءة شاذة، والمتواترة (أوتيتم) /الإسراء: ٨٥/.

٤٨ - بَاب: مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الِاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أشد منه.


(ترك بعض الأخيار) ترك فعل الشيء المختار، أو ترك الإعلام به.

١٢٦ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ لي الزُّبَيْرِ:
كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا، فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ). فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
[١٥٠٦ - ١٥٠٩، ٣١٨٨، ٤٢١٤، ٦٨١٦].


(كانت عائشة تسر إليك) وهي خالته، والإسرار خلاف الإعلان. (في الكعبة) أي في شأنها. (حديث عهدهم) قريب زمن تركهم الكفر. (لنقضت) لهدمتتها وبنيتها ثانية.

٤٩ - بَاب: مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا.

١٢٧ - وَقَالَ عَلِيٌّ:
حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ، عَنْ أبي الطفيل، عن علي: بذلك.


(أن يكذب ..) أي: إذا حدث الناس بما يشتبه عليهم ولا يعرفونه، ربما كذبوا بما جاء عن الله تعالى أو عن رسوله ﷺ.

١٢٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ

٦٠
قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنَ مَالِكٍ: أَنّ النَّبِيَّ ﷺ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الراحل، قَالَ: (يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ). قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: (يَا مُعَاذُ). قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثَلَاثًا، قَالَ: (مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: (إِذًا يَتَّكِلُوا). وَأَخْبَرَ بها معاذ عند موته تأثما.
[انظر: ١٢٩، ٢٧٠١].


أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، رقم ٣٢.
(رديفه على الرحل) راكب خلفه لى الدابة، والرحل غالبا ما تقال للبعير، وقد تطلق على غيره أحيانا، كما هو الحال هنا إذا كان راكبا على حمار. [فتح الباري].
(لبيك) مثنى لب، ومعناه الإجابة، و(سعديك) مثنى سعد، وهو المساعدة، وثنيا على معنى التأكيد والتكثير، أي إجابة لك بعد إجابة، ومساعدة بعد مساعدة، والمعنى: أنا مقيم على طاعتك. (صدقا من قلبه) أي يشهد بلفظه ويصدق بقلبه. (يتكلوا) يعتمدوا على ما يتبادر من ظاهرة الاكتفاء به. فيتركوا العمل. (تأثما) خشية الوقوع في الإثم لكتمان العلم. قال في الفتح: وإخباره يدل على أن النهي عن التبشير كان على الكراهة لا التحريم].

١٢٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ:
ذُكِرَ لِي النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِمُعَاذِ: (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ). قَالَ: أَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: (لا، إني أخاف أن يتكلوا).
[انظر: ١٢٨].

٥٠ - بَاب: الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنهعن الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ.

١٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ). فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجهها، وقالت: يا رسول الله، وتحتلم المرأة؟ قال: (نعم، تربت يمينك، فيم يشبهها ولدها).
[٢٧٨، ٣١٥٠، ٥٧٤٠، ٥٧٧٠].


أخرجه مسلم في الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، رقم: ٣١٣.
(لا يستحيي من الحق) لا يمتنع من بيان الحق. (احتلمت) رأت في منامها أنها تجامع. (رأت الماء) رأت على ثوبها ماء إذا استيقظت. (وتحتلم المرأة؟) أي يخرج منها ماء كماء الرجل؟. (تربت يمينك) افتقرت ولصقت بالتراب، ويقال هذا مداعبة، لا على إرادة المعنى الظاهر. (فيم يشبهها ولدها) أي إذا لم يكن لها ماء فمن أين يأتي شبه الولد بها.

١٣١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر:
إن رسول الله ﷺ قَالَ: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ). فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هِيَ النَّخْلَةُ). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كذا وكذا.
[ر: ٦١].


(قلتها) أي قلت إنها النخلة، كرسول الله ﷺ. (كذا وكذا) أي من الأموال.

٥١ - باب: من استحيا غيره بالسؤال.

١٣٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُنْذِرٍ الْثَّوْرِيِّ، عَنْ محمد بن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيِّ قَالَ:
كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ فسأله، فقال: (فيه الوضوء).
[١٧٦، ٢٦٦].


أخرجه مسلم في الطهارة، باب: المذي، رقم: ٣٠٣.
(مذاء) كثير المذي، وهو ماء أبيض رقيق، يخرج غالبا عند ثوران الشهوة، وعند ملاعبة النساء والتقبيل. (فيه الوضوء) يوجب الوضوء لا الغسل لأنه في حكم البول.

٥٢ - بَاب: ذِكْرِ الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا فِي الْمَسْجِدِ.

١٣٣ - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الحليفة، ويهل أهل الشام من الحجفة، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ).
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ). وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[١٤٥٠، ١٤٥٣، ١٤٥٥، ٦٩١٢].


(نهل) نحرم بالحج، من الإهلال، وهو رفع الصوت. (ذا الحليفة) و(الحجفة) و(يلملم) أسماء لأماكن معروفة، هي مواقيت للإحرام لأهل البلاد المذكورة. (لم أفقه هذه) لم أفهم ولم أعرف هذه الأخيرة، أو لم أسمعها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

٥٣ - بَاب: مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ.

١٣٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: (لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكعبين).
[٣٥٩، ١٤٦٨، ١٧٤١، ١٧٤٥، ٥٤٥٨، ٥٤٦٦، ٥٤٦٨، ٥٤٦٩، ٥٥٠٩، ٥٥١٤].


(السراويل) لفظ معرب، يطلق على المفرد والجمع وقد يجمع على سراويلات، وهو ثوب ذو أكمام يلبس بدل الإزار. (البرنس) ثوب رأسه منه ملتزق به. (الورس) نبت أصفر تصبغ به الثياب. (الزعفران) نبت يصبغ به. (النعلين) مثنى نعل، وهو حذاء يقي القدم من الأرض ولا يسترها. (الخفين) مثنى خف، وهو حذاء يستر القدم.

 


google-playkhamsatmostaqltradent